إطلالة على النظام العام


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-08

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


مقدمة

 المقدمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 لقد خلق الله سبحانه وتعالى الكون كلّه فأحسن وأتقن كل شيء خلقه، بنظام دقيق الصنع بديع الخلق، ﴿ما تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُت، واستخلف الإنسان في هذه الأرض، وفضّله على الملائكة، وكانت الحكمة في هذا العالم وهذا الإنسان أن يبتني على التزاحم في المصالح والمفاسد، فلذلك أنزل لهذا الإنسان شريعة سمحاء يصل من خلالها لكماله المنشود، ويحقق أهدافه السامية، فلا يمكن للإنسان أن يصل إلى كماله من دون مراعاة الشريعة، ومَن ابتعد عنها، لا يمكن أن يحقّق أهدافه من دون وضع قانون ونظام يسير المجتمع على أساسه، فلا بدّ للمجتمع من نظام يسير على ضوئه، إسلاميّاً كان أو غير إسلامي، كي لا تسود المجتمع حياة الغاب، حيث كلٌّ يسعى لتحقيق مصالحه، والابتعاد عن مفاسده ومضارّه، وسوف تبقى البشريّة تضع وتطبّق أنظمتها، وتجد فيها مَن يتهرّب من النظام والقانون، 
 
 
 
 
 
 
5

1

مقدمة

 حتى تقتنع بضرورة نظام مطلّع على عالم الغيب، يحيط بالزمان والمكان، ويعرف نوايا الإنسان، ويكون إشرافه عليه إشرافاً مطلعاً على الأفئدة والنوايا، وهو النظام الإسلامي المنشود في عصر صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، ذلك النظام الذي تملأ فيه الأرض قسطاً وعدلاً، على أمل أن يجعل الله ذلك قريباً، ويجعلنا حقّاً من العاملين للتمهيد لهذا النظام، فنكون من أنصاره وأعوانه عجل الله تعالى فرجه الشريف.


وكخطوة أولى في سبيل هذا الهدف، عملنا على وضع كتاب صغير بين يدي أهلنا وأحبائنا، نتعرض فيه لأهميّة النظام في حياة الإنسان، وتفصيل الأمر بين الدول الإسلامية وغيرها، وكيف يتعامل المسلمون في دول تحمل نظاماً غير إسلامي، وألحقنا ذلك بفتاوى سماحة وليّ أمر المسلمين السيّد علي الخامنئي دام ظله، على أمل أن نكون أوّل الملتزمين بحكم الله سبحانه والداعين إليه، عسى أن ننال بذلك نظرة من صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، فنكون محلّ عنايته ورعايته ورضاه.
 
 
 
مركز نون لتأليف والترجمة
 
 
 
 
 
 
 
 
6

2

الفصل الأول: الإسلام والنظام

 النظام يحكم الكون


النظام، والدّقة، الإتقان والحكمة، العظمة والقوّة، هذه كلّها من صفات الخالق التي نراها بيّنةً في هذا الكون يقول تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ﴾1، كذلك الإنسان عندما خلقه الله سبحانه وتعالى، سواءً في البعد البدنيّ والجسديّ، أم فيما يتعلّق بالروح الإنسانيّة، فقد خلقهما على أساس نظامٍ دقيقٍ جدّاً يقول سبحانه وتعالى: ﴿صُنْعَ الله الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾2.

لقد عرف الأطباء اليوم والعلماء الكثير من الأمور عن بدن الإنسان وأعضائه، وعن وظائفه ومشاكله وقوانينه، ولكن مازالت الروح الإنسانيّة مجهولة بدرجةٍ عاليةٍ وكبيرة جدّاً لديهم. فهذه الروح وهذا الجسد

 

1- الملك:3- 4.
2- النمل:88.
 
 
 
 
 
9

3

الفصل الأول: الإسلام والنظام

 وبالتالي هذه القوى الجسديّة والنفسّية والروحيّة، كلّها خاضعة لنظام وقوانين أودعها الله سبحانه وتعالى فيها، وعندما يختلّ النظام البيولوجيّ لدى الإنسان يؤدّي ذلك إلى انتكاسات صحيّة، أو ارتباكات في أداء الأعضاء لوظائفها، وهذا الخلل قد يؤدّي بالتالي إلى المرض، أو الشلل أو الموت.


النظام التكوينيّ والنظام التشريعيّ

إنّ كلّ ما هو خارج إرادة وقدرة وفعل الإنسان يسير ضمن نظام تكوينيّ قهريّ، وهو خاضع لسنن صارمة وقوانين حاسمة وقاطعة، وضعها الله سبحانه وتعالى في هذا الوجود وفي هذا الكون، يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾1.

وقد تُرك هامش لاختيار الإنسان وإرادته وعمله، فالله سبحانه وتعالى لديه أمران توّجه بهما إلى الإنسان:

1- طلب منه أن يعتمد النظام في حياته، وأن ينظّم أموره وشؤونه، وأن لا يكون عشوائيّاً، وأن يكون منظّماً مرتّباً.
2- وضع الله سبحانه وتعالى لحياة الإنسان نظاماً، وهذا النظام هو الدين أو الشريعة، ويُصطلح عليه

 
 

1- الفرقان:2.
 
 
 
 
 
 
10

4

الفصل الأول: الإسلام والنظام

 في الأدبيّات المعاصرة بالقوانين. 


وهذه القوانين وضعها الله سبحانه وتعالى للإنسان لأجل أن ينظّم كلّ حياته على أساسها. لكن يبقى هناك فارق بين ما أودعه الله في هذا الوجود والكون وفينا كأشخاص، وبين نظام الحياة الذي شرّعه لنا الله، وهو أنّ النظام الأوّل يقهرنا ويحكمنا، ونحن خاضعون لسننه وقوانينه، وهو خارج إرادتنا واختيارنا.

أمّا النظام الثاني وهو النظام التشريعيّ، فقد ترك الله سبحانه وتعالى بمشيئته وحكمته الأمر لمشيئتنا واختيارنا، بأن نُطيع أو نُخالف، أن نلتزم أو نعصي.

وهذا هو الفرق بين النّظامين التكوينيّ والتشريعيّ: فالأوّل خارج عن إرادتنا واختيارنا، ولا نقدر أن نؤثّر فيه، فحركة الشمس وحركة الأرض حول نفسها والمنظومات الشمسيّة والنجوم كلّ ذلك خاضع لقوانين لا نقدر أن نغيّر فيها شيئاً.

أمّا بالنسبة للقضايا التشريعيّة، فالله سبحانه وتعالى تركها لنا ليختبرنا، وليبتلينا من جهة، ولأنّه أراد أن نصل إلى سعادتنا أو شقائنا، إلى كمالنا أو ضياعنا بإرادتنا، ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "الدنيا حلوة خضرة وإنّ الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الله"1.

 
 

1- بحار الأنوار، ج72، ص353.
 
 
 
 
 
 
 
 
11

5

الفصل الأول: الإسلام والنظام

 وقد هيّأ لنا كلّ الإمكانات وكلّ السبل. فقد أراد لنا في هذه الدائرة - التي هي دائرة اختياريّة - أن ننظّم أمورنا. وكلّ الأديان الإلهيّة والشرائع الإلهيّة أكّدت على لزوم ووجوب نظم الأمر والتنظيم.


الشريعة الإسلاميـّة نظام للحياة

إنّ النظام في المجتمع الإنسانيّ يأخذ أشكالاً متعدّدة، فالمدرسة منظّمة حيث إنّه فيها المدير، وفيها الناظر، وهي خاضعة لتنظيمٍ إداريّ معيّن. كذلك الوزارات، والجمّعية، والجامعة، والمستشفى، والمركز الصحيّ، والمصنع، والبنك، كلّ هذه الأمور تخضع لتنظيم، والجيش هو تنظيم ولكنّه تنظيم عسكريّ والحزب هو أحد أشكال التنظيم وهكذا. وقد أكّدت الأديان الإلهيّة والشرائع الإلهيّة وخصوصاً الإسلام منها، على أن يكون هناك تنظيم في حياة الناس، والشريعة الإسلاميّة إذا أخذناها كمثل، نجد أنّ روح التنظيم سارية في كلّ أمور الشريعة. 

فالعبادة مثلاً، كالصلاة التي هي نظام كامل، وتتألّف من أجزاء وشروط وأركان وعدد ركعات وحركات محدّدة، وهي أيضاً ترتبط بالزمان، بالليل والنهار، بالفجر وطلوع الشمس وزوالها، وبمغيب الشمس ومنتصف الليل. الصوم أيضاً نظام كامل وهو يرتبط بالزمان. والحجّ
 
 
 
 
 
 
 
12

6

الفصل الأول: الإسلام والنظام

 نظام كامل وتنظيم كامل يرتبط بالزمان، بحيث تصبح حركة الإنسان والكون واحدة، فالإنسان معني بتتابع الليل والنهار والشمس والقمر، وبداية ونهاية الشهر لأنّه متّصل بعبادته.


نظام الحياة الاجتماعيـّة

عندما نأتي للحياة الاجتماعيّة من نظام العائلة، ونظام الأسرة ونظام الجوار، وكلّ هذا من الأمور التي نظّمها الإسلام، نظام الأحوال الشخصيّة، والبيع والشراء والتجارة والمضاربة والمزارعة، وصولاً إلى القتال وإلى القضاء، والحدود وإلى التعزيرات كلّها أنظمة وقوانين دقيقة وواضحة ومحدّدة، لذلك نجد في أيّ جانب من جوانب الإسلام - في بُعده العباديّ وفي بعده المعاملاتيّ وفي بُعده الأخلاقيّ - روحَ وحقيقةَ التنظيم حاضرة وبقوّة.

نظم الأمر

إنّ أهمّ دقائق ولحظات في حياة أي إنسان هي لحظاته الأخيرة. لأنّها تكون غالية جدّاً بالنسبة له. ففي اللحظات الأخيرة من حياة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، جمع إليه الحسن والحسين وبقيّة أولاده وأهله عليهم السلام، وقال لهم في ما قال في الوصيّة: "أُوصيكما وجميع وُلدي وأهلي ومن بلغه كتابي، أُوصيكما بتقوى

 
 
 
 
 
 
13
 

7

الفصل الأول: الإسلام والنظام

  الله، ونظم أمركم، وصلاح ذات بينكم، فإنّي سمعت جدّكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة والصيام"1، إذاً فموضوع نظم الأمر كان أمراً مفصليّاً وجوهريّاً إلى حدّ أن تقدّم وصيّة عليّ عليه السلام للحسنين وأهل بيته وولده وجميع من بلغه كتابه، وقد بلغنا كتابه، فهو يُوصينا نحن أيضاً.


ومعنى تقوى الله اجتناب معصية الله، اجتناب الحرام، والقيام بالواجبات.

ومعنى نظم الأمر أن تكون أمورنا كلّها منظّمة مرتّبة.

أمّا صلاح ذات البين فهو أن لا نتنازع أو نتخاصم أن نتعاون وأن نتماسك، أن نكون سويّاً كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففي معركة بدر كان يقف ويُنظّم الصفوف، كذلك في صلاة الجماعة. فقد ورد في بعض الروايات أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يقف بالمسجد في المدينة ويُنظّم الصفوف، حتّى في بعض الروايات أنّه كان يُرتب الناس حتّى يكون الكتف على الكتف.
وقبل ألف وأربعمائة وثلاثين سنة تقريباً نظّم الإسلام الناس حين وقوفهم لصلاة الجماعة، حتّى لو اجتمع مليون شخص نظّمهم بحيث يقفوا بانتظام ولا يحتاجون

 
 

1- نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام ، ج3، ص76.
 
 
 
 
 
 
14

8

الفصل الأول: الإسلام والنظام

 إلى من يُتعب نفسه بإدارتهم. كذلك في موسم الحجّ حيث الطواف حول الكعبة، وإن كان الموضوع يأخذ شكلاً دائريّاً، ولكنّهم مع تواجد مئات الآلاف نراهم لوحدهم يقفون وينتظمون ويصطفّون في منظرٍ مدهشٍ من التنظيم والهندسة والجمال، هذا كلّه من عمل الإسلام.


النظام ضرورة إنسانيـّة

لقد أكّد الإسلام أنّ أيّ شعب أو مجتمع، يعيش في مكان ما في ظروف مشتركة ومعيّنة لا بدّ له من نظام أو حكومة. وفي أدبيّات ذلك الزمان الماضي كانوا يقولون إنّه لا بدّ له من إمارة، "لا بدّ للناس من أميرٍ برٍّ أو فاجر". وبمعزل عن هذه الحكومة هل هي حكومة عادلة أو ظالمة. لا بدّ لأيّ مجتمع بشريّ في أيّ بلد كان. من حكومة وحاكم ونظام وقانون يحكم حياة هذه الجماعة البشريّة.

وتعبير الحديث: "لا بدّ للناس من أمير برٍّ أو فاجر"1، لا يعني إعطاء الشرعيَّة لحكومة الفاجر، إنّما يوصِّف الحاجة الطبيعيّة للجماعة البشريّة.

وعليه فإنّ بين الفوضى والنظام لا بدّ من اختيار نظام، وبين الفوضى والأمير لا بدّ من اختيار أمير برّ

 
 

1- نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام ، ج1، ص91.
 
 
 
 
 
 
 
15

9

الفصل الأول: الإسلام والنظام

  أو فاجر، نعم، لو اتيح لنا الخيار بين أمير برّ وبين أمير فاجر فلا بدّ من اختيار أمير برّ بلا ريب. هذا ما قصده الحديث وأكّد عليه الإسلام بقوّة، لكن أيضاً جاء الإسلام وقال إنّ النظام والقانون الذي يصلح للناس والذي يستطيع أن يُنظّم شؤونهم الخاصّة والعامّة، والذي يُمكن أن يحقّق لهم العدالة والكمال والأمن والاستقرار هو النظام الإلهيّ والقانون الإلهيّ، والدولة التي تحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى، يقول عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ﴾1.


 

1- آل عمران:19.
 
 
 
 
 
 
 
 
16

10

الفصل الثاني: المسلمون وأنواع الحكومات

 النظام في الدولة الإسلاميـّة


بعد ما ثُبِّت المبدأ بالدرجة الأولى جاء الإسلام ليقول بالدرجة الثانية إنّ النظام، والقانون، والشريعة، والسلطة التي تستطيع أن تحقّق الآمال والأهداف التي يُريدها الله للناس، إنَّما هي الحكومة - أو الدولة - التي تحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى. وهذا ما حصل مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنوّرة عندما أقام دولة إسلاميّة، ثمّ اتسعت إلى مكّة وإلى شبه الجزيرة العربيّة. 
لقد حكم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بدولة القانون، وليس بما ينسجم مع هواه ومشاعره وعواطفه.

في أيّامنا هذه يوجد كما يقال ديمقراطيّات عريقة في العالم، ومن هذه الديمقراطيّات مثلاً بريطانيا، لكنّ بريطانيا ومن أجل مصالح إسرائيل مستعدّة أن تغيّر نظامها القضائيّ. والولايات المتّحدة الأميركيّة أيضاً تدَّعي أنّها حاملة شعار الحرّيات في العالم والديمقراطيّة وحقّ التعبير عن الرأي، ومع ذلك لا يجد

 
 
 
 
 
 
 
19

11

الفصل الثاني: المسلمون وأنواع الحكومات

 الكونغرس الأميركيّ حرجاً من أن يأخذ قراراً ليُعاقب أصحاب الأقمار الصناعيّة التي تؤجِّر لبعض الفضائيّات العربيّة، لأنّ هذه الفضائيّات العربيّة تقول الحقيقة لشعوبها، حقيقة الاحتلال، والعدوان، حقيقة المشروع الأميركيّ، إنّهم يلعبون بالقانون ويبدّلون فيه على هواهم وأمزجتهم.


أمّا القانون الإلهيّ فهو وحيٌ يوحى، ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾1، حتى لا يدخل إليه هوى ولا مزاج.

فإذا وجد المسلمون في بلد نظامه إسلاميّ عندها سيعيشون في ظل دولة إسلاميّة شرعيّة، يحضرون فيها ويتعاونون معها ويلتزمون بأنظمتها وقوانينها وأحكامها وإجراءاتها إلى آخره، فلا يعانون حينها مشكلةَ الإنضواء تحت حكم غير إسلامي.

النظام في الدولة غير الإسلاميـّة

أمّا إذا كان المسلمون تحت حكم غير إسلامي فيمكن فرض ثلاثة أنواع من الدول: 

أ - بعض هذه البلدان بلدان إسلاميّة بالكامل، شعبها شعب مسلم، قد يكون هناك أقليّات دينيّة من غير المسلمين، لكنّ الطابع العامّ لهذا البلد هو إسلاميّ،

 
 

1- النجم:3- 4.
 
 
 
 
 
 
 
20

12

الفصل الثاني: المسلمون وأنواع الحكومات

 وبالتالي يُمكن أن تقوم فيه دولة إسلاميّة. 

ب - في بلد آخر قد يكون الطابع العامّ للبلد هو لغير المسلمين، والمسلمون فيه أقليّة أو جالية كما هو الحال في أميركا، وفرنسا وألمانيا وروسيا والبرازيل وغيرها...
ج - في بلد ثالث يكون هناك تواجد مختلط بين المسلمين والمسيحيّين وغيرهم، واتجاهات مختلفة وفيه خصوصيّة نتيجة التعدديّة والتنوّع، ولكن غير متاح فيه إقامة دولة إسلاميّة، وبالتالي تقوم فيه دولة غير إسلاميّة.

كيف يتصرّف المسلمون في هكذا دولة ؟

سواء في النوع الأوّل أم الثاني أم الثالث، حيث تكون الدولة موجودة والحكومة موجودة والأنظمة موجودة والقوانين موجودة إلّا أنّ القوانين والأنظمة غير إسلاميّة، قد تكون هذه الدولة مؤمنة بالله وتحترم قانون الأحوال الشخصيّة وتحترم الأديان والطوائف، وقد تكون الدولة ملحدة، تُنكر وجود الله في دستورها، لكن على المستوى القانونيّ هي تحكم بما تراه مناسباً، وهذه القوانين التي تضعها أحياناً قد تكون متطابقة مع الأحكام الإسلاميّة وأحياناً قد لا تكون متطابقة، وقد تكون متعارضة مع الأحكام الإسلاميّة. هذا من ابتلاءات العصر في الزمن الحاضر.

 
 
 
 
 
21

13

الفصل الثاني: المسلمون وأنواع الحكومات

 نحن كمسلمين إذا كنّا مهتمّين بحكم الإسلام والحكم الشرعيّ، وإذا كنّا معنيّين كمسلمين بتكليفنا الشرعيّ، وبموقف الإسلام وبأنّ ما نقوم به من عمل أو ترك، من انسجام وتعاون أو رفض وتمرّد، يجب أن يكون منسجماً مع الموقف الإسلاميّ، وبطبيعة الحال لدينا أسئلة تحتاج إلى إجابات، وبالفعل هذا من أهمّ التحدّيات المطروحة أمام الأحزاب الإسلاميّة، والحركات الإسلاميّة، والمسلمين في العالم العربيّ الإسلاميّ وحيث يتواجدون في كلّ أنحاء العالم.


أسئلة مهمـّة

أولاً: هل على المسلمين أن يشاركوا في الحكم في هكذا نظام سياسيّ أو لا؟ سواء كانت مشاركة على مستوى المجلس النيابيّ أي الدخول في الانتخابات النيابيّة، أم مشاركة في الحكومة بحيث يكون لهم كحركة إسلاميّة وزراء في حكومة أو بلد يحكمه نظام غير إسلاميّ؟

ثانياً: هل يجوز أن يشارك المسلمون بالوظائف والإدارات أم لا يجوز لهم ذلك؟ فالموظف أو المدير هو تنفيذيّ إجرائيّ، ولا يُعتبر أنّ له مشاركة سياسيّة، يعني أنّ المدراء العامّين، هم موظفون تحت أمر السلطة السياسيّة، فهذا عنوان آخر اسمه المشاركة في الإدارات والوظائف المختلفة لهذه الدولة.

 
 
 
 
 
 
22

14

الفصل الثاني: المسلمون وأنواع الحكومات

 ثالثاً: إنّ هذه الدولة تضع قوانين، سواء أكان القانون قد وضعته حكومة دولة عسكريّة حاكمة للبلد، أم مجلس نيابيّ منتخب. يوجد قوانين تنطبق على هذا البلد في مختلف الشؤون، تبدأ من التجارة، وقانون الدفاع، وقانون التربية والتعليم، وقانون الأمن، وقانون الجمارك، وقانون السير وقانون البناء الخ....


فالمسلم الذي يعيش في بلد تحكمه دولة غير إسلاميّة، كيف يتصرّف مع هذه القوانين المرعيّة الإجراء في إطار هذا البلد؟

المرجع في الشبهات 

إنّ من نِعم الله سبحانه وتعالى على المسلمين، والتي يجب ذكرها وشكرها، هو وجود ــ في كلّ عصر وفي كلّ جيل - عدد من الفقهاء الكبار، مراجع الدين أو مراجع التقليد الكبار، وهم رجال أمضوا حياتهم وشبابهم في البحث العلميّ والاجتهاد والجدّ، وطلب العلم لسنوات طويلة، حتّى أصبح لديهم القدرة العلميّة القوّية التي تمكّنهم من اكتشاف أو استنباط أو استخراج الموقف الشرعيّ الإسلاميّ من الكتاب والسنّة، ومن الأدلّة الشرعيّة المعتمدة. 

إذاً، لمعرفة موقف الإسلام لا يستطيع المرء أن يذهب إلى مثقف مسلم ليسأل موقف الإسلام بمسألة

 
 
 
 
 
 
23

15

الفصل الثاني: المسلمون وأنواع الحكومات

 حسّاسة وجديدة، وتحتاج إلى بحث تخصّصيّ علميّ حقيقيّ. وإلّا يمكن أن يسمع مئة رأي ليس له علاقة بالإسلام، ففي الطبّ مثلاً يرجع الناس للأطباء، وفي الهندسة يرجعون للمهندسين، كذلك في الفقه طبعاً لا بدّ من مراجعة علماء الفقه المتخصّصين، ورد عن مولانا الصادق عليه السلام أنّه قال: "فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه"1، فمن واجب الإنسان الحريص على دينه وآخرته، على سلوكه الإيمانيّ والدينيّ والشرعيّ أن يعرف عمّن يأخذ معالم دينه، أي عن أهل الاختصاص، الفقهاء، الأمناء على حلال الله وحرامه، وليس الفقيه الجبان، أو الفقيه المتهوّر، أو الفقيه الذي يصوغ الفتوى على ضوء رغبات السلاطين أو هداياهم. بل عن الفقيه الذي يبحث عن الحقّ في الأدلّة الشرعيّة، هؤلاء هم الفقهاء العدول الأتقياء الأمناء.


الحمد لله أنّ هؤلاء الفقهاء موجودون في كلّ جيل، وفي كلّ زمان وفي كلّ عصر، ويُمكن الرجوع إليهم والسؤال منهم.

التعاطي مع القوانين

في نوعٍ من هذه القوانين - الذي سيرد الحديث عنه

 
 

1- الوسائل، ج 18، باب 10 من أبواب صفات القاضي، ح 20.
 
 
 
 
 
 
24

16

الفصل الثاني: المسلمون وأنواع الحكومات

 - الإسلام قدّم رؤية واقعيّة متقدّمة جدّاً لم تُعالجها الأيديولوجيّات الأخرى.


الإسلام يعتبر أنّ الهدف والهمّ الحقيقيّ هو أنّ الناس، في أيّ مجتمع كان، يلزمهم حكومة ونظام لأجل حفظ مصالحهم، وأمنهم واستقرارهم، الإسلام يُريد للناس أن يتطوّروا، أن يحلّوا مشاكلهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة، أن لا يتنازعوا وأن لا يتقاتلوا، يُريد لهم أن ينظّموا حياتهم على أكمل وجه، هذا ما يُريده الإسلام يقول تعالى: ﴿وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾1

إذا توفّر هذا الأمر في دولة إسلاميّة فهذا عظيم، لكن في ظلّ عدم وجود دولة إسلاميّة، حيث يوجد قوانين لدى هذه الدولة غير الإسلاميّة، قوانين ترعى مصالح الناس وتنظّم شؤونهم الحياتيّة، وتؤّمن هذا الهدف بشكلٍ أو بآخر، هنا لا يعتبر الإسلام هذه القوانين غير محترمة، ولا يجب مراعاتها، لأنّ نتيجة هذا الأمر ستكون الفوضى، وهذا يُصبح خلاف الهدف الذي يُريده الإسلام.

إنّ الإسلام - بحسب اجتهاد الفقهاء والمراجع الكبار - قدّم فهماً ورؤيةً وتحدّث عن شيءٍ اسمه حفظ النظام العامّ، والمصالح العامّة للناس وللمجتمع، وعدم جواز

 

1- القصص:77.
 
 
 
 
 
 
 
25

17

الفصل الثاني: المسلمون وأنواع الحكومات

 الإخلال بالحياة العامّة والنظام العامّ والقوانين العامّة، التي ترعى شؤون الناس وحياتهم ومصالحهم.


وقد ترجم الفقهاء هذه الفكرة العامّة عبر فتاوى لهم، من خلال مخاطبة المؤمنين والمتديّنين الذين يراجعون هؤلاء المراجع ويسألونهم هل يجوز كذا وهل يجوز كذا... وإذا بالجواب هو: كلا، لا يجوز مخالفة النظام العامّ.

القوانين والأنظمة التي ترعى مصالح الناس، وحياتهم وشؤونهم وتُنظّمها وتُحافظ عليها وتُطورها، الموقف العامّ منها هو الاحترام والتعاون والتجاوب، ويصل الأمر في بعض الحالات في الفتوى بوجوب التزام هذا القانون، وبحرمة مخالفته.

هذا يدلّ على تطوّر وعلى فهمٍ راق، والإسلام الذي يستجيب لكلّ أسئلتنا وشؤوننا إلى قيام الساعة، يجمع بين الأصالة والثبات، وبين المرونة التي تراعي مقتضيات الزمان والمكان والظروف والأوضاع المختلفة.

 
 
 
 
 
 
26

18

الفصل الثالث: المسلمون وتطبيق النظام العام

 كيف نحافظ على النظام العامّ؟


أمّا في التفاصيل كأمثلة عن ما سلف ذكره لا بدّ من متابعة مجموعة عناوين:

أولاً: قانون السير.
ثانياً: الكهرباء والماء.
ثالثاً: البناء، موضوع البناء على الأرصفة ومواصفات البناء بالتنظيم المدنيّ.
رابعاً: الموظفّون في إدارات الدولة.
خامساً: التهريب وقانون الجمارك.

وهذا الكلام لا يخصّ لبنان فقط، وعندما يأتي الجواب يأتي لكلّ البلدان، لأنّه منطلق من نفس المبنى والحيثيّة.

أولاً: قانون السير

العناوين التي مرّت خلاصة أسئلة مرسلة إلى

 
 
 
 
 
 
 
 
29

19

الفصل الثالث: المسلمون وتطبيق النظام العام

  المراجع الأحياء، لأنّه من الإيجابيّات العظيمة التي عند الشيعة الإماميّة هو وجوب تقليد الفقيه الأعلم الحي، مع العلم أنّه على رأي بعض الفقهاء يجوز البقاء على تقليد الميّت إذا كان أعلم، لكن أهميّة الأعلم الحي أنّه مواكب للعصر، ويقدر أن يجيب على المسائل المستحدثة. وفيما يلي فتاوى صادرة عنهم وأسئلة وجِّهت لهم. وفي أكثر الحالات هناك إجماع أو شبه إجماع عليها. فيما يُمكن أن يحصل اختلاف في بعض التفاصيل الصغيرة بين المراجع الكبار الموجودين حاليّاً.


فيما يتعلق بقانون السير سُئل المراجع عن إشارات الطريق الأخضر والبرتقالي والأحمر.

- هل يجب الالتزام بالإشارات؟

- فجاء الجواب: بنعم، يجب الالتزام بقانون السير وبالإشارات، حتّى ولو أنّ هذا القانون أقرّه مجلس نيابيّ، أو حكومة في دولة غير إسلاميّة.
- ثم يُسأل المرجع هل يجوز مخالفة قانون السير، ومخالفة الإشارات إذا لم يكن ثمّة أحد يمرّ على الطريق؟

فيأتي الجواب: لا يجوز بل يجب الالتزام بقانون إشارات السير. هذا هو الحكم الشرعيّ.
 

 
 
 
 
 
30

20

الفصل الثالث: المسلمون وتطبيق النظام العام

 - من الأسئلة التي أجاب عليها الفقهاء بعدم الجواز أيضاً، قانون تجاوز السرعة المعيّنة على الطريق، حتّى ولو كانت خالية أمام السائق.


كذلك هناك نماذج أخرى من الأسئلة التي تقع ضمن العنوان العامّ الذي يقوله الفقهاء، وهو أنّه هذا نظام عامّ له علاقة بالناس وبمصالح الناس وبحياتهم. فإذا المرء قاطع النظام لن يتأذّى الحكام غير الشرعيّين بل، الناس والشخص نفسه سوف يتأذّى بحادث السير نتيجة مخالفة القانون، وفي النهاية سوف يلحق الضرر بالناس، وأعصاب الناس، وبمصالحهم وبأشغالهم. هنا يقول الفقهاء وبكلّ وضوح: لا يجوز مخالفة قوانين السير.

 
 
 
 
 
31

21

الفصل الثالث: المسلمون وتطبيق النظام العام

 ثانياً: الماء والكهرباء


الماء والكهرباء من الابتلاءات الشائعة بين الناس.

يُسأل المرجع أنّه في حال كانت الدولة غير إسلاميّة فهل يجوز أخذ الكهرباء من دون مقابل يدفع للدولة؟ أو أن تعلّق الناس على كابل أو شريط الكهرباء من دون رخصة؟

أجاب الفقهاء على هذا النوع من الأسئلة بأنّه: لا يجوز أن تُؤخذ الكهرباء إلّا من خلال الاشتراك، ومن خلال الترخيص القانونيّ، وبغير ذلك لا يجوز أخذ الكهرباء. هذه أحكام الله تعالى 
لمن أراد أن يُطيع الله.

كذلك بالنسبة للماء لا بدّ من الخضوع للأنظمة والقوانين، خاصّة وأنّ هذا الموضوع يُتابَع وتقوم وزارة الطاقة بتسويات معيّنة مع الناس، من خلال إعطاء رخص لعيارات الماء وساعات الكهرباء حتّى لو كان في البناء مشكلة قانونيّة. 

كذلك أكّد المراجع على ضرورة دفع ضرائب الماء والكهرباء، فمن يستفيد من كهرباء الدولة ومائها يجب عليه أن يدفع المفترض قانوناً من المال.

هذا هو الدين. الدين والشريعة التي يعرفها الفقهاء الكبار المتخصّصون الدارسون الباحثون، أهل الاجتهاد

 
 
 
 
 
32

22

الفصل الثالث: المسلمون وتطبيق النظام العام

 والعلم والفقه هذه فتاواهم وهذه أجوبتهم. 


أيضاً في موضوع المصالح وكما في قوانين السير في النهاية عندما تخالف الناس قوانين الماء والكهرباء من هو المتضرّر؟ هل الحاكم غير الشرعيّ هو المتضرّر؟... أم الدولة غير 
الإسلاميّة؟.... أم الناس؟ طبعاً الناس سوف تتضرّر عندما يحترق (الترنس) وتتعطّل الكهرباء أسبوع أو أسبوعين وهناك مرضى صغار أو كبار سوف يتأثرون من هذه الأضرار، فمن 
الطبيعي جدّاً أن تكون فتاوى الفقهاء على هذا النحو فإنّ سرقة الكهرباء فيه إضرار بالناس، وسوف يؤثّر على مصانع الإنتاج وإنتاجيّة شركة الكهرباء حتّى ولو كانت فاسدة، بالتالي مَن 
المتضرّر غير الناس؟.

 
 
 
 
33

23

الفصل الثالث: المسلمون وتطبيق النظام العام

 ثالثاً: البناء


إنّ الطرقات العامّة والأرصفة العامّة هي للناس كافة، ويجب شرعاً مراعاة القوانين بالتعاطي مع مسائل البناء. وعادةً القوانين في هذا المجال هي قوانين صالحة، ومجرَّبة ومعتمدة في كلّ أنحاء العالم.

مثلاً من مشاكل موضوع البناء: فتح الأوتوستراد، فالدولة تخطّط وتستملك لبنائه ولكن عندما يتأخّر التنفيذ يأتي الناس ويبنون في هذه الاستملاكات، ما يؤدّي إلى تعطيل التنفيذ، مع العلم أنّ وجود الأوتوستراد يُعطي حياة مختلفة. 

ورد عن أبي عبد الله عليه السلام انّه قال: "من أضرّ بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن"1.

وفتاوى الفقهاء في موضوع المخالفة في مسائل البناء واضحة في عدم جواز مخالفة القوانين لما تتسببه من إضرار.

رابعاً: خدمة الموظّفين

يُسأل الفقيه، إذا غاب فلان الموظّف لسبب من الأسباب، وخالف بذلك النظام، فهل يجوز له أن يأخذ الراتب؟ يأتي الجواب من الفقيه: لا يجوز أخذ الراتب على دوام لم يحضره. ويُصبح أخذ المال حرام. حتّى ولو

 

1- الوسائل، ج 9، ص 179.
 
 
 
 
 
 
34

24

الفصل الثالث: المسلمون وتطبيق النظام العام

 من دولة غير إسلاميّة. 


كذلك يقول الفقهاء: لا يجوز للموظف، الأستاذ الخ... أن يسجّل تواجده على دوام لم يحضره.

فهذا يُسبب الضرر بالناس وبعمل الناس وبمصالحهم. الرؤساء والحكّام والملوك والأمراء لن يذهبوا إلى الإدارات ويقفوا في الصف وينتظروا. 

أضف إلى ذلك أنّه بموضوع الوظائف يقول الفقهاء: إنّه يُوجد اتفاق بين الشخص وبين الوزارة، وهذا الاتفاق مُلزِم له، والمسلمون عند عقودهم وشروطهم وعهودهم.

 
 
 
 
 
 
35

25

الفصل الثالث: المسلمون وتطبيق النظام العام

 خامساً: التهريب والجمارك


كثير من الناس يتعاطون التهريب، والحجّة أنّ هذه الدولة غير إسلاميّة، والقوانين غير إسلاميّة، فما المشكلة من التهريب؟ تجيب الشريعة والمراجع بأنّه: لا يجوز، لأنّ هذا يخّل بالنظام 
العامّ ويخّل بالحياة العامّة.

إنّ من أهمّ المسائل التي تحمي الإنتاج الزراعيّ والصناعيّ هي قوانين الجمارك. هذا إذا كانت الدولة تأخذ قراراً لتحمي القطاعين الزراعيّ والصناعيّ.

والضرائب التي تضعها الدولة، وقانون الجمارك وقانون الاستيراد يحمي البلد، أمّا التهريب فهو من أهمّ عوامل ضرب القطاعات الإنتاجيّة، لأنّ التهريب يؤمّن البضاعة بسعر أرخص من السعر الوطنيّ، ممّا يتسبّب بالضرر بالمنتوج الزراعيّ للبلد، ويضرّ بالمزارع ويذهب بفرص العمل.

وجواب الفقهاء في هذه المسألة واضح أيضاً بعدم الجواز.

هذه القوانين يجب أن تُحترم، أمّا إذا كان هناك من مخالفة صريحة للدين وللإسلام وللشريعة فذلك بحث آخر يعني لا يجوز. 

بشكل عامّ هذا النوع من القوانين لا تحمل مخالفات

 
 
 
 
 
 
36

26

الفصل الثالث: المسلمون وتطبيق النظام العام

 شرعيّة لا في لبنان ولا في غيره إلّا نادراً.


وفي الختام لا بدّ من القول أنّ مصالح الناس والمجتمع ومصلحة الجميع هي في احترام هذا النوع من القوانين، أمّا بالنسبة للمتديّنين فلا بدّ من الالتفات إلى ضرورة ووجوب الابتعاد عن كلّ ما هو حرام، حتّى لا يكون استعمال الماء والكهرباء وما إلى ذلك حرام. ولا بدّ من القيام بتسويات لكلّ أمور حياتنا حتّى تكون كلها في الحلال.

 
 
 
 
 
37

27

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 حرصاً على الفائدة العامـّة وتكميلاً للبحث ولسهولة رجوع القارئ الكريم لفتوى القائد في مسائل النظام العام، قام مركز نون باستخلاص الأسئلة والأجوبة المتعلّقة بالنظام من استفتاءات السيـّد علي الخامنئي، ووضعها في فصل مستقل من هذا الكتاب


 
 
 
 
 
 
 
40

28

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 أسئلة عامّة


س: ما هو حكم أموال الدولة الإسلاميّّة أو غير الإسلاميّّة ممّا تكون تحت يد الدولة والحكومة أو تحت أيدي المعامل والمصانع والشركات والمؤسّسات التابعة لها؟ وهل هي من الأموال المجهولة المالك أم أنّها تعتبر ملكاً للدولة؟
ج: أموال الدولة ولو كانت غير إسلاميّّة تعتبر شرعاً ملكاً للدولة، ويتعامل معها معاملة الملك المعلوم مالكه ويتوقّف جواز التصرّف فيها على إذن المسؤول الذي بيده أمر التصرّف في هذه الأموال1

س: هل تجب رعاية حقوق الدولة في الأملاك العامّة وحقوق الملاك في الأملاك الخاصّة في بلاد الكفر؟ وهل تجوز الاستفادة من الإمكانيّات الموجودة في المراكز التعليميّة في غير الموارد التي تجيزها المقرّرات

 

1- استفتاءات السيّد عليّ الخامنائيّ ، س 877.
 
 
 
 
 
 
 
 
41

29

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 القانونيّة لتلك المراكز؟

ج: لا فرق في وجوب مراعاة احترام مال الغير وفي حرمة التصرّف فيه بغير إذنه بين أملاك الأشخاص وبين أموال الدولة مسلمة كانت أو غير مسلمة، ولا بين أنّ يكون ذلك في بلاد الكفر أو في البلاد الإسلاميّّة، ولا بين كون المالك مسلماً أو كافراً، وبشكل عامً تكون الاستفادة والتصرًف غير الجائز شرعاً في أموال وأملاك الغير غصباً وحراماً وموجباً للضمان1.

س: لو تنافى حكم الشريعة مع القانون كما في تملك الدولة والمؤسّسات الحكوميّة لأراضي الناس العامرة مع عدم رضا المالكين بذلك، فما هو حكم هذا الشراء والتملّك؟ 
ج: جواز استملاك الدولة لأملاك الغير وفقاً للقوانين والمقرّرات الخاصّة واستناداً إلى مشروع قانون شراء واستملاك الأراضي التي تحتاج إليها الدولة والبلديّة من أجل تنفيذ المشاريع العامّة، لا يتنافى مع احترام الملكية الفردية

 
 

1- الاستفتاءات، س 878.
 
 
 
 
 
 
42

30

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 أو الحقوق الشرعية والقانونيّة للمالك1.


س: هل يجوز إهمال مقرّرات الشركات الأجنبيّة لمن يعمل فيها أو يتعامل معها لا سيّما فيما إذا كان ذلك ممّا يسبّب سوء الظن بالإسلام والمسلمين؟
ج: يجب على كلّ مكلف مراعاة حقوق الآخرين وإن كانت ممّا تتعلّق بغير المسلمين2

س: توفيّ زوجي تاركاً في حسابه المصرفي مبلغاً من المال، وقد سدّ البنك حسابه المصرفي هذا بعد الاطلاع على وفاته، ومن جانب آخر أعلنت البلديّة ضرائب على محلّه التجاري مقابل رخصة البناء وغيرها، وإنّها ستبادر إلى إغلاق المحلّ المذكور في حالة عدم دفع تلك الضرائب إليها، والحال أنّ أولادنا كلّهم صغار ونحن غير قادرين على دفع الضرائب المذكورة، فهل يجب علينا دفع تلك الرسوم والضرائب؟

 
 

1- الاستفتاءات، س 897.
2- الاستفتاءات، س 905.
 
 
 
 
 
 
43

31

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 ج:رسوم البلديّة والضرائب الرسميّة يجب أن تدفع وفقاً لمقرّرات الدولة، فإن كانت هذه الضرائب والرسوم على الميّت فيجب أن تدفع من أصل التركة قبل إخراج الثلث وتقسيم الميراث، وإن كانت متعلّقة بالورّاث فيجب أن تدفع من أموالهم1.


س: هل يجوز لصاحب الشركة التهرّب من الضرائب في الدول التي نظامها غير إسلامي بأن يزيد من قيمة الفواتير في كشوفات الضرائب لتقليل هذه الضرائب؟
ج:لا يجوز التهرّب منها، بل كلّ من يستفيد من الدولة ومؤسّساتها مقابل شيء يجب عليه دفعه إليها. والله العالم2.

 
 
 

1- الاستفتاءات،س 910.
2- مقتطفات من استفتاءات الإمام الخامنئي، إعداد مكتب الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان، العبادات والمعاملات (1)، ط2، 1429هـ- 2008م، ص42- 43.
 
 
 
 
 
 
 
44

32

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 الكهرباء


س: اشتهر فيما بين أهل منطقتنا إنّ الدولة التي ليست إسلاميّّة وتحاول توجيه الأذى إلى شعبها المسلم ولا سيّما إذا كانت تفرّق بين أتباع أهل البيت عليهم السلام وبين غيرهم في التعامل معهم لا يجب دفع أجور الماء والكهرباء إليها، فهل يجوز لنا الامتناع من تسديد فاتورة الماء والكهرباء إلى هذه الدولة؟
ج:لا يجوز ذلك بل يجب على كلّ من استفاد من الماء والكهرباء من مشروع المياه والكهرباء الحكومي دفع أجورها إلى الدولة وإن كانت غير إسلاميّّة1

س: شخص استأجر محلّاً ليعمله مطعماً وهو بحاجة ماسّة إلى الكهرباء، وشركة الكهرباء الحكوميّة ترفض أن تمدّه بالتيّار الكهربائيّ لأنّ المحلّ من الإجارات القديمة وهذه لا تُعطى التيّار، وقد دفع هذا الشخص مبلغاً من المال كان يملكه لتجهيز المطعم.

 
 

1- الاستفتاءات، س 909.
 
 
 
 
 
 
45

33

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 هل يجوز له أنّ يستفيد من الكهرباء بطريقة غير قانونيّة لأنّ الشركة ترفض إمداده بالتيّار؟ وعلى فرض عدم الجواز فإنّه سيضطر إلى ترك المحلّ وهذا سيوقعه في خسارة ماليّة كبيرة تشكّل له حرجاً بل ضرراً؟

ج:لا يجوز إذا كان على خلاف المقرّرات الخاصّة للشركة المذكورة والله العالم1

س: من المعلوم عندنا أنّ فتوى السيّد القائد بالنسبة إلى الاستفادة من الماء والكهرباء بطريقة غير قانونيّة لا يجوز لأنّه لا يجوّز مخالفة القانون والنظام، ولكن يتردّد بين بعض العلماء أنّ سماحة السيّد يجوِّز ذلك لكنّهم لا يشيعونه، وبعض المؤمنين عندنا يستندون إلى هذا الكلام لتبرير مخالفتهم، أرجو من جنابكم أنّ تتفضّلوا علينا بالجواب الحاسم في هذه المسألة ولكم الأجر والثواب.
ج:لا يجوز استعمال كلّ من الماء والكهرباء بطريقة غير قانونيّة والنسبة المذكورة ليست صحيحة. والله العالم2
 


1- مقتطفات من استفتاءات الإمام الخامنئي، إعداد مكتب الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان، العبادات والمعاملات (1)، ط2، 1429هـ- 2008م، ص44.
2- ن. م، ص43.
 
 
 
 
 
 
46

34

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 الميـــــــــــــــاه


س: اشتهر فيما بين أهل منطقتنا أنّ الدولة التي ليست إسلاميّّة وتحاول توجيه الأذى إلى شعبها المسلم ولا سيّما إذا كانت تفرّق بين أتباع أهل البيت عليهم السلام وبين غيرهم في التعامل معهم لا يجب دفع أجور الماء والكهرباء إليها، فهل يجوز لنا الامتناع من تسديد فاتورة الماء والكهرباء إلى هذه الدولة؟
ج: لا يجوز ذلك بل يجب على كلّ من استفاد من الماء والكهرباء من مشروع المياه والكهرباء الحكومي دفع أجورها إلى الدولة وإن كانت غير إسلاميّّة1

س: من المعلوم عندنا أنّ فتوى السيّد القائد بالنسبة إلى الاستفادة من الماء والكهرباء بطريقة غير قانونيّة لا يجوز لأنّه  لا يجوّز مخالفة القانون والنظام، ولكن يتردّد بين بعض العلماء أنّ سماحة السيّد يجوِّز ذلك لكنّهم

 
 

1- استفتاءات السيد علي الخامنئي، س 909.
 
 
 
 
 
 
47

35

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 لا يشيعونه، وبعض المؤمنين عندنا يستندون إلى هذا الكلام لتبرير مخالفتهم، أرجو من جنابكم أنّ تتفضّلوا علينا بالجواب الحاسم في هذه المسألة ولكم الأجر والثواب.

ج: لا يجوز استعمال كلّ من الماء والكهرباء بطريقة غير قانونيّة والنسبة المذكورة ليست صحيحة. والله العالم1

س: قررت شركة المياه – عندنا – أنّه لا يحقّ لأيّ ساكن في بناء أن يحصل على عيار ماء إلّا في حالتين:
أن يتقدّم كلّ واحد من سكان البناء بطلب عيار خاصّ به.
أو أن يتقدّم هو لوحده بطلب عيار لكن بشرط أن يجري التمديدات الخاصّة به من وضع خزّانات ومدّ قساطل ونحو ذلك.
وبعض السكان غير قادرين على تأمين الشرط المذكور بسبب الضيق المادي، وفي نفس الوقت البناء غير مسكون بتمامه ليتقدّم الجميع بطلب الماء، وهذا البعض لا مسكن له غير هذا 
البناء، فهل يجوز له أن يحصِّل الماء

 
 

1- مقتطفات من استفتاءات الإمام الخامنئي، إعداد مكتب الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان، العبادات والمعاملات (1)، ط2، 1429هـ- 2008م، ص44.
 
 
 
 
 
 
 
48

36

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 بسبب الاضطرار بطريقة غير قانونيّة مؤقّتاً؟

ج: لا يجوز، ومجرّد ما ذكر لا يبرّر التصرّف المذكور. والله العالم.

س: المعروف من فتوى السيّد القائد  أنّه لا يجوز التصرّف في مياه الدولة بما يخالف قانون تلك الشركة كفتح العيار أو تركيب الشفّاط مثلاً.
1- ولكن هناك بعض الناس يخالفون فيفتحون عياراتهم بتغطية غير قانونيّة من بعض موظّفي شركة المياه ممّا يشكّل ضرراً على الناس الآخرين بحيث يتسبّبون بعدم وصول المياه إليهم. 
فهل يجوز للمتضرّر أن يفتح العيار ويأخذ بمقدار حاجته ثمّ يقفله وإلّا فسيبقى بلا ماء؟
2- وهل يجوز رفع شكوى على المخالف لدى الدولة علماً أنّها دولة ظالمة وقد يؤدّي ذلك إلى تغريم المخالف أو حبسه؟
1ج:  و2 – لا يجوز له بسبب ذلك التصرّف في مال الشركة إذا كان مخالفاً لمقرّراتهم وبلا إذنهم، وينبغي للمتضرّر أن يرفع المشكلة

 
 
 
 
 
49

37

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 طريق المسالمة، إلّا إذا توقّف استيفاء حقّه على الترافع لدى الدولة فلا يبعد جوازه سيّما إذا كان في تركه حرج عليه. والله أعلم1


س: من المعلوم عندنا أنّ فتوى السيّد القائد بالنسبة إلى الاستفادة من الماء والكهرباء بطريقة غير قانونيّة لا يجوز لأنّه  لا يجوّز مخالفة القانون والنظام، ولكن يتردّد بين بعض العلماء أنّ سماحة السيّد يجوِّز ذلك لكنّهم لا يشيعونه، وبعض المؤمنين عندنا يستندون إلى هذا الكلام لتبرير مخالفتهم، أرجو من جنابكم أن تتفضلوا علينا بالجواب الحاسم في هذه المسألة ولكم الأجر والثواب.
ج: لا يجوز استعمال كلّ من الماء والكهرباء بطريقة غير قانونيّة والنسبة المذكورة ليست صحيحة. والله العالم2

إذا كان لا يجوز مخالفة مقررات شركة المياه في أخذ المياه لكن ما يحصل أنّ بعض الناس يضعون شفّاطاً لشفط المياه بحيث يمنعون

 
 

1- مقتطفات، م.س، ص43- 44.
2- الاستفتاء، مرّ سابقاً ص45- 46.
 
 
 
 
 
 
50

38

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 من وصوله إلى الآخرين، فهل يجوز لمن لا يصله الماء أن يضع شفّاطاً لأخذ حاجته من الماء حينئذ علماً أنّ الشركة تمنع من وضع هذا الشفّاط؟

ج: لا يجوز، ومجرّد ما ذكر لا يكون مسوّغاً لارتكاب ذلك. والله العالم1.

 
 

1- مقتطفات من استفتاءات الإمام الخامنئي، إعداد مكتب الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان، العبادات والمعاملات (1)، ط2، 1429هـ- 2008م، ص 43.
 
 
 
 
 
 
 
51
 

39

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 الإدارات


س: ما هو حكم القيام بأعمال مخالفة بنظر الموظّف للقانون فيما كان المسؤول المباشر يدّعي عدم الإشكال فيها ويطلب انجازها؟ 
ج: ليس لأحد إهمال القوانين والمقرّرات السائدة على دوائر الدولة والعمل على خلافها، وليس لمسؤول أن يطلب من موظف إنجاز ما يخالف القانون، ولا أثر لوجهة نظر المسؤول في ذلك1.

س: إذا كان الطبيب يأخذ أجرة معيّنة كثلاثين ألف ليرة ولكن يأخذ من بعض المرضى مثلاً عشرين ألفاً ويسامحهم بالعشرة آلاف المتبقية ويكتب على ورقة الضمان المبلغ كاملاً أيّ ثلاثين ألفاً، ما حكم هذه العمليّة؟ وهل يحقّ للمريض أن يقبض تمام المبلغ من الضمان وهو أزيد ممّا دفعه للطبيب؟

 
 

1- استفتاء السيد علي الخامنئي, س 901.
 
 
 
 
 
 
 
53

40

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 ج: لا يجوز كتابة خلاف الواقع، وعلى كلٍّ أخذ الضمان تابع للمقرّرات المتّبعة في مؤسّسة الضمان. والله العالم1


س: هل يجب احترام قانون الجمارك في الدولة الظالمة بحيث لا يجوز إدخال شيء بالتهريب، ودون دفع ما يطلبه قانون الجمارك؟
ج: لا يجوز مخالفة القوانين المتعلّقة بالنظام العامّ. والله العالم2.

 
 

1- مقتطفات، م.س. ص45.
2- مقتطفات، المعاملات2، ص21.

 
 
 
 
 
54

41

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 الأنــظــمـــة


س: لو خالف شخصٌ القانون العامّ للدولة غير الإسلاميّّة كسرقة الكهرباء أو إطلاق النار في الهواء وإزعاج الناس وأذيّتهم، فهل يجوز إرشاد الأجهزة المختصّة إليه لاعتقاله وربما سجنه أو تغريمه؟
ج: لا يجوز ذلك، نعم يجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر مع توفّر شروطهما ومراعاة مراتبهما. والله العالم1.

 
 
 

1- مقتطفات، م.س. ص43.
 
 
 
 
 
55

 


42

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 نظام السير


س: كنت قد أرسلت إليكم سؤالاً عن حكم مخالفة النظام العامّ الذي تقرُّه الدولة من قبيل أنظمة السير والقوانين التي تسمح لها بالتصرّف في أموال الناس وممتلكاتهم عند مخالفتهم للقانون وكان جوابكم خاصّاً بنظام الجمهوريّة الإسلاميّّة، فهل يُفهم منه جواز المخالفة في نظام غير إسلاميّ؟
ج: لا تجوز مخالفة النظام العامّ ممّا يؤدّي إلى الفساد أو الهرج والمرج، أو إذا ترتّب عليه مفسدة أخرى. والله العالم1

س: ما هو حكم إهمال العمل بقوانين ومقرّرات السير والمرور وسائر قوانين الدولة عموماً؟ وهل تعتبر موارد الإهمال موردا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
ج: لا يجوز لأحد إهمال العمل بقوانين ومقررات

 
 

1- مقتطفات من استفتاءات الامام الخامنئي، م.س، ص44.
 
 
 
 
 
 
57

43

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 وتعليمات الدولة الإسلاميّّة التي تمّ وضعها مباشرة من قبل مجلس الشورى الإسلاميّ وتمّ تصديقها من قبل مجلس صيانة الدستور، أو كانت ممّا تمّ وضعها استنادا إلى إجازة قانونيّة من الجهات المختصّة، وفي حالة وقوع المخالفة من أحد في هذا الخصوص يحقّ للآخرين التذكير والإرشاد والنهي عن المنكر1


س: أنشأت الحكومة عندنا مراكز لمعاينة السيّارات لمعرفة مدى مطابقة حال السيّارة مع المواصفات القانونيّة المطلوبة، ويوقفون السيّارة لمجرّد أنّها بلا حزام أمان أو فيها الإنارة غير جيّدة مثلاً وأمثال ذلك، وكما هو معلوم – عندنا – وبسبب الفساد الذي يدبّ في مؤسّساتنا الحكوميّة يقوم أغلب الموظّفين بتمرير السيّارات غير المطابقة للمواصفات القانونيّة مقابل مقدار من المال يأخذونه من صاحب السيارة. هناك بعض المؤمنين يشتغلون في تلك المراكز وليس لهم عمل سواه يعتاشون منه، فهل يجوز لهم تمرير السيّارات التي لا تكون المواصفات المفقودة

 
 
 

1- استفتاءات السيد الخامنئي، م.س، س903.
 
 
 
 
 
 
 
58
 

 


44

الفصل الرابع: فتاوى القائد في النظام العام

 فيها مضرّة عرفاً كزجاجة الضوء المكسورة مثلاً، ويدفع لهم صاحب السيّارة عن طيب نفس دون طلب منهم ولا اشتراط، علماً أنّ الحالة العامّة في المراكز كذلك مع علم من الإدارة ولا تمنع من ذلك؟

ج: لا يجوز ذلك. والله العالم1

س: تفرض الحكومة عندنا قوانين تعتبرها منظّمة لحركة الناس وفي الصالح العامّ مثل فرز نمر تُعرف بالنمر العموميّة توضع على سيّارات الأجرة التي تعمل على نقل الناس من مكان إلى آخر، أو تمنع من تركيب محرّكات للسيّارات تعمل على المازوت بحجّة المحافظة على البيئة والصحّة العامّة.
فيقوم بعض المواطنين بمخالفة هذه الأنظمة كأن يضعون على سيّاراتهم نمراً عموميّة مزوّرة، أو يركِّبون محرّكات مازوت للعمل تهرّباً من الكلفة الزائدة لمحرّكات البنزين، فهل يجوز لهم هذا العمل؟
ج: لا تجوز المخالفة إذا كان ممّا تؤدّي للإخلال بالنظام العامّ. والله العالم2.

 
 

1- مقتطفات، المعاملات2، ص 21- 22.
2- مقتطفات، المعاملات2، ص 20- 21.
 
 
 
 
 
 
59

45
إطلالة على النظام العام