آداب السوق والطريق


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-08

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


مقدمة

 المقدمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة التامة الكاملة على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

للأماكن العامة المشتركة بين الناس في الإسلام أحكام وآداب وعلى الإنسان المؤمن مراعاتها وعدم التعدي بمخالفتها، وليس لأحد حق الانفراد والاستئثار بها دون غيره، ولا تعتبر ملكا شخصيا لأحد ما ليعود أمرها إليه بحيث يحتكرها، ويتصرف بها كيفما يشاء كالطريق والسوق، فهي لكل الناس على السواء، فما هي تلك الآداب التي رسمها الإسلام لتلك الأماكن ودعانا للسير عليها؟

وسنتحدث في هذا الكتيب عن الآداب التي وردت عن أهل بيت العصمة والطهارة لكل من السوق والطريق، عسى أن يوفقنا الله للتأدب بسيرة أوليائه إنه سميع مجيب.
 
 
جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
 
 
 
 
 
 
 
 
5
 

1

آداب الطريق‏

 عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "دخل عبد الجنة بغصن من شوك كان على طريق المسلمين فأماطه عنه"

 

 

 

 

 

 

9


2

آداب الطريق‏

 تمهيد


إن للطرقات التي يسير عليها الإنسان آداباً كثيرة اهتم الإسلام ببيانها وحثّ على الإلتزام بها في العديد من النصوص الشرعية، لاعتبارات عديدة..

فالذي يراعي آداب الطريق هو في الحقيقة يبتعد عن الأنانية وحب الذات ليعيش في رحاب حب المجتمع كله وإرادة الخير لكل عابر يعبر الطريق، وهو في نفس الوقت يقدم صورة جميلة عن المجتمع الذي يعيش فيه..

فالذي يدخل في مجتمع ما، فإن أول ما يراه هو الشارع بنظافته وترتيبه وسلوك العابرين فيه، فإن ذلك كله سيكشف له عن طبيعة هذا المجتمع وحضارة أهله، من هنا نفهم تأكيد الإسلام على كل هذه المفردات التفصيلية، فإن الطرق هي النافذة التي ينظر المراقبون منها إلى مظاهر حياة المسلمين العامة ويأخذون من خلالها انطباعا عن طريقة عيشهم، ويستكشفون منها ثقافتهم إذ التصرفات التي تصدر من الشخص إنما تنم عن ثقافته التي يحملها...

فما هي تلك الآداب التي أكد الإسلام على رعايتها؟

هناك العديد من الآداب التي وردت، نذكر جملة منها:

 1-المحافظة على نظافة الطريق‏

لقد اهتم الإسلام بالنظافة اهتماماً بالغا وجعل من الآداب الإسلامية الحفاظ على النظافة في سائر ما 
 
 
 
 
 
 
 
11

3

آداب الطريق‏

 يرتبط بالحياة التي يعيشها الإنسان المؤمن، سواء بما يتعلق بنفسه، أو فيما يتعلق بلباسه، أو بيته وطريقه.

 
ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "بئس العبد القاذورة"1.
 
وفي الحديث عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "هلك المتقذرون"2.
 
والهلاك كما يكون على المستوى المادي حيث يجلب الأمراض والحياة الرديئة، فإنه كذلك يؤثر على الجانب المعنوي للإنسان.
 
روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة"3.
 
فالنظافة لا تنحصر آثارها بالجانب المادي بل تتعدى ذلك وتصبح سبباً من اسباب الحب الإلهي.
 
وقد روي عن الإمام الرضا عليه السلام: "من أخلاق الأنبياء التنظف"4.
 
وهذه الرواية تدل على أمرين: فهي تشير إلى أن النظافة كانت على الدوام منهجاً ينتهجه الأنبياء "عليهم السلام" وسيرة عرفهم الناس بها، وتشير كذلك إلى أن النظافة هي مفردة من المفردات الأخلاقية، فالنظافة تعدت الظاهر لتصل إلى الباطن في آثارها.
 
 

1- ميزان الحكمة، ح 20317. 
2- ميزان الحكمة، ح 20318. 
3- ميزان الحكمة، ح 20314. 
4- ميزان الحكمة، ح 20330. 
 
 
 
 
 
 
 
 
12

4

آداب الطريق‏

 فأيها المؤمن العزيز، إن كنت تسير على نهج الأنبياء وترغب بمكارم الأخلاق فاعلم بأن النظافة والحفاظ عليها هي نهج الأنبياء ومفردة من مفردات الأخلاق فالتزم بها.

 
2-إفساح الطريق‏
إن الطريق في الأساس وضعت للاستفادة منها في المرور، وهي حق عام للمارّة جميعاً لا تخص شخصاً دون الآخر، وتضييق الطريق عليهم هو سلب لحقهم هذا، لذلك ينبغي إفساح الطريق أمامهم فلا يقف في الطريق بشكل يضيقها.
 
وعن أمير المؤمنين في وصيته للإمام الحسن "عليهما السلام": "إياك والجلوس في الطرقات"1.
 
ومع ازدحام السيارات أصبحنا كثيراً ما نبتلى بمسائل الطريق وتضييقها على الناس، خصوصاً في المدن المزدحمة فعليك أن تحذر وتتجنب وضع سيارتك في مكان مزدحم فيضيق الطريق على الناس! ولا تحترم 
 
 
 

1- الأمالي للشيخ المفيد، ص‏222.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
13

5

آداب الطريق‏

 حقهم بالمرور بحرية، وحاول أن لا تفتح حديثاً عبر نافذة سيارتك مع شخص آخر وقد توقفت في منتصف الشارع، وحاول كذلك أن لا تنزل بضاعة تخصك على الرصيف الذي أعد لسلوك المارة... وغيرها من العوائق الكثيرة التي تضيق الطريق وتزاحم المارّة، وقد أمرنا بإزالتها.

 
وكذلك لا تضع ما يعيق حركة المرور، بل من اللازم رفع أي شي‏ء يؤدي إلى أذية المارة وتعثرهم، وقد أعد الله (عز وجل) لمن يتحلى بهذا الأدب ويسهل عبور المارة أجرا عظيما كما جاء في الأحاديث الشريفة.
 
فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:
"دخل عبد الجنة بغصن من شوك كان على طريق المسلمين فأماطه1 عنه"2
 
وفي حديث آخر عنه "صلى الله عليه وآله: "إن على كل مسلم في كل يوم صدقه".
 
قيل من يطيق ذلك؟ قال عليه السلام: "إماطتك الأذى عن الطريق صدقة"3.
 
بل أمرنا أن نصلح الطريق، وإصلاحها جزاؤه رفع العذاب كما جاء في بعض الأحاديث الشريفة.
 
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
 
 
 

1- أماطه: أي رفعه.
2-الخصال، ج‏1، ص‏32، ح 111.
3- مستدرك الوسائل، ج‏2، ص‏402، باب 19، الحديث 6.
 
 
 
 
 
 
 
 
14

6

آداب الطريق‏

 "مرَّ عيسى بن مريم عليه السلام بقبرٍ يعذب صاحبه ثم مر به من قابل فإذا هو ليس يعذب فقال يا رب مررت بهذا القبر عام أول وهو يعذب ومررت به العام وليس يعذب؟ فأوحى الله جل جلاله إليه: يا روح الله قد أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا وآوى يتيما فغفرت له بما عمل ابنه"1.

 
فلاحظ قيمة هذا العمل الذي تعدت بركته الابن لتصل إلى الأب المتوفي وكانت سبباً في رفع الذاب عنه!
 
ومن خلال ما تقدم نعرف أن المؤمن يحمل هم الناس حتى الحجر من طريقهم والزجاج من طريق صغارهم...
 
3-اجتناب ما ينافي المروءة
 
هناك أمور لا تتناسب مع الشخصية المتزنة عرفا، والله تعالى يريد للمؤمن أن يكون متزنا في سلوكه واجتماعياته، ومن هنا أكد الشرع المقدس على جملة أمور ينبغي على المؤمن وضعها في محلها واجتنابها في الأماكن العامة سيما في الطرقات، حيث يعتبر فعلها في الطرقات منافياً للاتزان.
 
من هذه الأمور:
 
- تناول الطعام: حيث ورد كراهيته في الشارع.
 
 

1- أمالي الشيخ الصدوق، ص‏512، المجلس 77، حديث 8.
 
 
 
 
 
 
 
 
15

7

آداب الطريق‏

 فعن الإمام الكاظم لما سئل عن السفلة، قال عليه السلام: "الذي يأكل في الأسواق".

 
= مضغ اللبان (العلك): لما فيه من استخفاف.
 
ففي الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام:
".. والخذف بالحصى ومضغ الكندر في المجالس وعلى ظهر الطريق من عمل قوم لوط"1
 
- القهقهة والضحك بصوت عالٍ: وقد وصفها أهل البيت "عليهم السلام" أنها من عمل الشيطان.
 
ففي الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام: "القهقهة من الشيطان"2.
 
وإنما ينبغي تركها حفظا لماء الوجه وبهاء المؤمن.
 
ففي الحديث الآخر عنه عليه السلام: "كثرة الضحك تذهب بماء الوجه"3.
 
4-خدمة المسافرين‏
 
لقد أكد الإسلام على خدمة الناس وقضاء حوائج المؤمنين، والإنسان في السفر تكثر حاجاته المادية والمعنوية، نتيجة الإرهاق الجسدي الذي يعانيه في السفر والإرهاق المعنوي الذي قد يتعرض له خصوصاً مع وجود صحبة غير ملائمة في السفر، لذا يعتبر السفر من
 
 
 

1- من لا يحضره الفقيه،، ج‏1، ص‏260.
2- الكافي، ج‏2، ص‏664.
3- الكافي، ج‏2، ص‏664.
 
 
 
 
 
 
 
 
16

8

آداب الطريق‏

  الحالات الاستثنائية التي يحتاج فيها الإنسان ليد تأخذ بيده وتمسح عناء الطريق عن جبينه، من هنا نجد الروايات تلفت أنظارنا نحو هؤلاء الناس وتحثنا على إعانتهم بما يمكن قربة لله تعالى سيما في الأسفار الطويلة وقد رتب الله سبحانه وتعالى على هذا العمل أجرا عظيما فوق ما يتصوره الإنسان.


فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
"من بنى على ظهر طريق مأوى عابر سبيل بعثه الله يوم القيامة على نجيب من در وجوهر ووجهه يضي‏ء لأهل الجمع نورا حتى يزاحم إبراهيم الخليل في قبته، فيقول أهل الجمع: هذا ملك من الملائكة لم نر مثله قط، ودخل في شفاعته من أهل الجنة أربعون ألف ألف رجل، ومن حفر بئرا للماء حتى استنبط ماءها فبذلها للمسلمين كان له كأجر من توضأ منها وصلى وكان له بعدد كل شعرة لمن شرب منها من إنسان أو بهيمة أو سبع أو طير عتق ألف رقبة وورد حوض القدس يوم القيامة ودخل في شفاعته عدد النجوم".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
17

9

آداب الطريق‏

 فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما حوض القدس؟

 
قال صلى الله عليه وآله وسلم: "حوضي حوضي ثلاثاً"1.
 
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم:
"من حفر بئرا أو حوضا في صحراء صلّت عليه ملائكة السماء، وكان له بكل من شرب منه من إنسان أو طير أو بهيمة ألف ألف حسنة متقبلة وألف رقبة من ولد إسماعيل وألف بدنة وكان حقا على الله أن يسكنه حظيرة القدس"2.
 
 
 

1- مرآة الكمال ج‏2، ص‏348 347.
2- مستدرك الوسائل، ج‏2، ص‏402، باب 20، حديث 1.
 
 
 
 
 
 
 
 
18

10

آداب السير

 قال اللّه تعالى: ﴿َلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾

 

 

 

 

 

 

21


11

آداب السير

 من الأمور التي أولاها التشريع عناية خاصة مسألة كيفية السير على الطرقات، حيث يمكن للمشي أن يعكس أبعاد المرء الأخلاقيّة وأوضاعه النفسيّة ويبيّن ملامح شخصيته، حيث إن ما يضمره الإنسان تكشفه هذه السلوكيات البسيطة التي يظهر بعضها في طريقة سيره، لذلك قد اهتم الإسلام برفع الشوائب عن هذه المسلكية فحدد للسير آدابا كي يلتزم المسلم بها.

وهذه الآداب هي:

1 -التواضع في المشي‏

نهى الله سبحانه وتعالى عن المشي الذي يظهر الإنسان من خلاله التكبر والارتفاع على الآخرين والاستعلاء عليهم حيث نهى سبحانه وتعالى في كتابه الكريم عن مشية الاختيال وأن يصعّر الإنسان خدّه للنّاس.

فقال عزّ من قائل: ﴿َلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾1

وتصعير الخد: أن يدير الإنسان وجهه للذي يحدثه بحيث يشعره بعدم الاكتراث به وبحديثه، والاختيال في المشي أن يرفع المرء كتفيه أثناء السير متظاهراً بالقوة ويشمخ برأسه موحياً بالوجاهة والتميّز عن الآخرين.
 
 
 
 

1- سورة لقمان، الآية/18.
 
 
 
 
 
 
 
23

12

آداب السير

 وقد وصف الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من يمشي الخيلاء بالمجنون.

 
ففي الحديث الشريف عنه صلى الله عليه وآله وسلم:
"إنّ المجنون المتبختر في مشيته، الناظر في عطفيه، المحرك جنبيه بمنكبيه، فذلك المجنون"1.
 
حتى أن الأرض تلعن من يمشي عليها بهذه الطريقة.
 
ففي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"من مشى على الأرض اختيالا لعنته الأرض ومن تحتها ومن فوقها"2.
 
فعلى الإنسان أن يكون على طبيعته حال كونه ماشياً في الطرقات فإن التواضع في المسير من شيم المتّقين فعن أمير المؤمنين عليه السلام يصف المتّقين:
"وملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع"3.
 
2 -التمهل في السير
 
مما حثت عليه روايات المعصومين عليه السلام أن يتمهّل الإنسان في سيره ويتحلى بالوقار والسكينة، ويترك ما من شأنه الذهاب ببهائه، ولا سيما ترك الركض والهرولة إلا عند الضرورة الداعية إليهما.
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج‏76، ص‏57.
2- ثواب الأعمال وأمالي الصدوق، نقلاً عن تفسير نور الثقلين.
3- نهج البلاغة، الخطبة 184، المعروفة بخطبة المتقين.
 
 
 
 
 
 
 
24

13

آداب السير

 فعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "سرعة المشي يذهب ببهاء المؤمن"1

 
حتى أنّ رسول الله وأهل بيته كانوا يمشون بطريقة وقورة وعندما نطالع الروايات التي تتحدث عن صفاتهم‏"عليهم السلام" نجدها تتحدث عن مشيتهم الوقورة هذه.
 
ففي وصف الإمام زين العابدين‏ عليه السلام : "أنّه إذا مشى لا يجاوز يده فخذه ولا يخطر بيديه وعليه السكينة والخشوع"2
 
3 -عدم المدافعة
 
والمدافعة قد تحصل من الرجال للنساء وبالعكس وكلا الأمرين لا يسوغ فعلى المرأة أن تحترز عن ملاقاة الرجال والرجل كذلك اجتنابا لما يمكن أن يحصل منه التدافع سيما في الطرقات الضيقة أو المزدحمة.
 
ففي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام قال:
"قال أمير المؤمنين عليه السلام : يا أهل العراق نبئت 
 
 

1- ميزان الحكمة،، ج‏7، ص‏2908.
2- المصدر السابق.
 
 
 
 
 
 
 
25

14

آداب السير

 أن نسائكم يدافعن الرجال في الطريق ألا تستحون"1.

 
وفي حديث آخر:
"أما تستحون ولا تغارون نساؤكم يخرجن إلى الأسواق ويزاحمن العلوج 2..."3.
 
أين تسير المرأة؟
 
إن الإسلام أراد بكل تشريعاته أن يصون المرأة من التعرض للإساءة من الآخرين، ولذا قد خصص لها أدبا للسير في الطرقات وهو أن لا تمشي في منتصف الطريق بل تمشي على الحياد كي لا تصطدم بالرجال وتتحاشى السفهاء منهم.
 
فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:
"ليس للنساء من سروات الطريق شي‏ء ولكنها تمشي من جانب الحائط والطريق"4
 
وعن أبي الحسن عليه السلام :
"لا ينبغي للمرأة أن تمشي في وسط الطريق ولكنها تمشي إلى جانب الحائط"5.
 
 

1- وسائل الشيعة، ج‏2، ص‏235.
2- الكافي، ج‏5، ص‏537.
3- الرجل الشديد الغليظ، وقيل: هو كل ذي لحية، والجمع أعلاج وعلوج... واستعلج الرجل: خرجت لحيته وغلظ واشتد وعبل بدنه، لسان العرب، ج‏2، ص‏326.
4- الكافي، ج‏5، ص‏518.
5-من لا يحضره الفقيه، ج‏3، ص‏561.
 
 
 
 
 
 
 
26

15

آداب السوق

 عن أمير المؤمنين الامام علي عليه السلام:


"أيها التجار، قدوموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين، وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الكذب، وتجافوا عن الظلم، وأنصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا، وأوفوا الكيل والميزان، ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين"  
 
 
 
 
 
 
 
 
 
29

16

آداب السوق

 مقدمة: 

 

إن تنظيم أمور الناس في معاشهم يتطلب صياغة قانون تراعى فيه جميع الجوانب والحيثيات والتفاصيل، وهذا الأمر ليس في مقدور القوانين الوضعية أن تهتم بكل جوانبه فهي إن حققت شيئا فهو لا يخلو من النقص والظلم في كثير من الموارد، وينقصه أمر آخر وهو عدم اهتمامه بالشأن الفردي ولا ينظر لعلاقات الناس الأخلاقية لينظمها بخلاف الشريعة ونظامها فهي بالإضافة لما تنظمه من صيغ العلاقات العامة تحوي الكثير من الآداب التي محلها نفس الإنسان حيث تربيه على تركيز دعائم الأخلاق في نفسه لينعكس ذلك مرونة وصلاحا ولياقة حين يحتك مع الآخرين، ومسألة السوق مسألة على قدر كبير من الأهمية حيث أن السوق هو:

أولاً: مركز المدينة وموضع ثقلها الاقتصادي.

وثانياً: أنه أحد الأمكنة التي يتلاقى بها الناس وطبيعة هذا التلاقي الذي يتضمن بطبيعة الحال تعاطيا مباشراً مع الآخر، والذي قد يسبب بدون أن يكون هنالك أي نظام أو مناعة داخلية الكثير من المشاكل التي تنعكس سلبيا على علاقات أفراد المجتمع الواحد وفك الارتباط الأخوي الذي يسعى الإسلام من خلال أكثر تنظيماته للحفاظ عليه ليكون المجتمع كتلة واحدة متلاحمة فيما بينها.
 
 
 
 
 
 
 
31

17

آداب السوق

 وسنحاول في هذه الصفحات أن نلقي بعض الضوء على ما جاءت به الشريعة الإسلامية المتكاملة من تعاليم وآداب يمكن للمرء أن يلتزم بها في الأسواق ونسأل الله أن يعيننا على طاعته في كل أمورنا إنه سميع مجيب.

 
السوق عز المؤمن
حتى يكون الأمر ممدوحاً لا بد وأن يحوي مرتبة لا بأس بها من الكمال، وللسوق الممدوح صفات لا بد وأن تتوفر فيه حتى يصير كما عبرت الرواية عزاً لمن يعمل فيه كما يروي المعلى بن خنيس أن الإمام الصادق "عليه السلام" رآه متأخراً عن السوق.
 
فقال له "عليه السلام": "اغد إلى عزك"1.
 
فكيف يكون السوق عزاً للمؤمن؟
 
عندما يكون العمل لأجل هدف مشروع ونبيل وخالياً من المكر والنوايا السيئة كأن يعمل الإنسان لأجل أن يكسب لقمة لعياله فينفق ويوسع عليهم في النفقة ولا يبغي الإنسان خداع المشترين بغية الكسب السريع بل يصر على الكسب الحلال بعرق الجبين متقرباً لله (عز وجل) بما يفعله، يكون عمله لله (عز وجل)، بل يكون مثالا لنقاء 
 
 

1- من لا يحضره الفقيه، ج‏3، ص‏192.
 
 
 
 
 
 
 
32

18

آداب السوق

 السريرة وصفاء النفس، هذا الشخص الذي هكذا ديدنه وهذه نيته هو الشخص الذي يكون العمل في السوق عزاً له ويكون مصداقاً لقول الإمام الصادق "عليه السلام":

"الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله".
 
سوق الشياطين‏
 
مقابل هذه الروايات التي تصف السوق بأنه عز المؤمن نجد روايات أخرى تتحدث عن السوق بشكل آخر حيث تعتبره مرتعاً لإبليس.
 
فقد ورد عن الإمام الباقر "عليه السلام":
"شر بقاع الأرض الأسواق، وهو ميدان إبليس، يغدو برايته، ويرفع كرسيه، ويبث ذريته...".
ما السبب في ذلك؟
يتابع الإمام "عليه السلام":
"... فبين مطفف في قفيز، أو طائش في ميزان، أو سارق في ذراع، أو كاذب في سلعته الخ..."1
 
ولك أن تتخيل كيف يكون سوق بهذه الصفات فليس من العجب أن يكون مملكة لإبليس حيث تفعل كل هذه المعاصي التي تتعلق بحقوق الناس والتي لا يغفرها الله (عز وجل) بمجرد التوبة بل تحتاج إلى مسامحة من سرق ماله أو غشه في سلعة اشتراها.
 
 
 

1- الكافي، ج‏5، ص‏88.
2- ميزان الحكمة،، الحديث 9042.
 
 
 
 
 
 
 
33

19

آداب السوق

 موعظة أمير المؤمنين (عليه السلام) لأهل السوق‏

 
ولأجل أن لا تصل الأمور لهذا المستوى المتدني من الأخلاق في التعاطي بين المؤمنين كان حرص أمير المؤمنين "عليه السلام" على أن يعظ أهل الأسواق كما هو دأبه بأن يحافظ على كل شؤون المجتمع.
 
فقد كان "عليه السلام" ينزل إلى السوق حاملاً الدرة وهي نوع من السياط ليضرب بها كل من يغش المسلمين ويحاول سرقتهم1، ثم كان يقف بين التجار واعظاً:
"أيها التجار، قدموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين، وتزينوا بالحلم، وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الكذب، وتجافوا عن الظلم، وأنصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا، وأوفوا الكيل والميزان، ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين"2
 
وفي رواية أخرى عنه "عليه السلام" أنه دخل السوق فوجد الناس يبيعون ويشترون فبكى بكاءً شديداً ثم قال "عليه السلام": 
"يا عبيد الدنيا وعمال أهلها، إذا كنتم بالنهار تحلفون، وبالليل في فراشكم تنامون، وفي خلال ذلك عن الآخرة تغفلون،فمتى تجهزون الزاد وتفكرون في المعاد؟".
 
 
 

1- الكافي، ج‏5، ص‏151.
2- الكافي، ج‏5، ص‏151.
 
 
 
 
 
 
 
 
34

20

آداب السوق

 فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إنه لا بد لنا من المعاش، فكيف نصنع؟

فقال أمير المؤمنين "عليه السلام":
"إن طلب المعاش من حلِّه لا يشغل عن عمل الآخرة فإن قلت لا بد من الاحتكار لم تكن معذوراً"1.
 
فهكذا يعلمنا أمير المؤمنين "عليه السلام" أن تكون أعمالنا لله (عز وجل) وأنفسنا غير متعلقة بالأسباب.
 
وهكذا يريد أمير المؤمنين "عليه السلام" أن يكون السوق في حكومته الإسلامية وفي سائر بلاد المسلمين أن يأمن فيه من يدخله من مكر الماكرين ولنعم ما أدب به أمير المؤمنين‏ "عليه السلام" شيعته.
 
آداب المشتري‏
 
هناك نوعان من الناس ممن يقصد السوق:
 
الأول: من يقصده لحاجة له فيه كأن يقصده لشراء احتياجاته أو رؤية أحدهم فيه.
والثاني: من يقصده لأجل العمل كأن يكون له حانوت فيه أو عربة يبيع عليها، ولكل من هذين القسمين آداب خاصة سوف نتعرض لها وسيكون الكلام أولاً عن آداب من قصد السوق لحاجة له فيه:
 
 
 

1- ميزان الحكمة،، الحديث 9046.
 
 
 
 
 
 
35

21

آداب السوق

 1- الثقة بسوق المسلمين‏

 
على الإنسان المسلم أن يثق بسوق المسلمين فلا يسأل عن كل شاردة وواردة أهي حلال أم حرام؟، وعن كل لحم هل هو ذكي أم لا؟، بل عليه أن يعطي ثقته بسوقهم بانياً في كل شك على حلية ما أخذ منها وقد وردت الروايات الكثيرة مؤكدة على هذا المعنى.
 
فقد سأل أحدهم الإمام الصادق "عليه السلام" قائلاً: الخفاف عندنا في السوق نشتريها فما ترى في الصلاة فيها؟
 
فقال له "عليه السلام":
"صل فيها حتى يقال لك إنها ميتة بعينها"1.
 
وعن الإمام أبي الحسن "عليه السلام" لما سأله أحدهم قائلاً: أعترض السوق فأشتري خفاً لا أدري أهو ذكي أم لا.
 
قال له "عليه السلام":
"صل فيه...".
 
فقال له السائل: إني أضيق من هذا.
 
فقال له الإمام "عليه السلام":
"أترغب عما كان أبو الحسن "عليه السلام" يفعله"2.
 
فعندما قال السائل للإمام "عليه السلام": إني أضيق من ذلك.
كان يعني أن نفسيته لا تكون مرتاحة إلا بالتأكد من حقيقة انه مذكى.
 
 

1- الكافي، ج‏3، ص‏403.
2- الكافي، ج‏3، ص‏404.
 
 
 
 
 
 
 
 
36

22

آداب السوق

 فأجابه الإمام بالجواب القاطع:

"أن لا يجب عليك السؤال".
 
ولعل في هذه الرواية علاجاً للمصاب بالوسوسة في أموره.
وعلى كل حال فالثقة بسوق المسلمين تسهيل على المكلف ومسألة تبعث الطمأنينة في نفس المؤمن من أن مصدر رزقه هو مصدر أمين وموثوق به.
 
2- من تُعامل في السوق؟
 
بما أن السوق هو مجمع لكل الوافدين للبيع فيه، فمن الطبيعي أن تتعدد أخلاقهم، وتتباين طباعهم، فينبغي للداخل إلى السوق للشراء أن يلتفت لمن يتعامل معه حتى لا يبتلى بالغشاش أو المطفف أو السارق.
 
فقد ورد في الحديث الشريف عن صادق أهل البيت "عليهم السلام" أنه قال:
"لا تخالطوا ولا تعاملوا إلا من نشأ في الخير"1.
 
فهذه الرواية تعلمنا أن لا يدفعنا الاستعجال وضيق
 
 
 

1- الكافي، ج‏5، ص‏159.
 
 
 
 
 
 
 
 
37

23

آداب السوق

  الوقت إلى أن نشتري من أي بائع بل من البائع الذي نعرف من سيرته الإستقامة وحينئذ لا نتعرض لما ذكرناه من الأمور كالسرقة أو الغش أو الاحتيال أو الاستغلال.

 
3- ذكر الله في السوق‏
 
وردت العديد من الروايات بخصوص مستحبات وأذكار يذكرها المرء في السوق وعند الشراء والنظر للبضاعة وسنعرضها تباعاً.
 
أ- الذكر عند دخول السوق:
 
فقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق "عليه السلام" أنه قال:
"إذا دخلت السوق فقل: لا إله إلا الله عدد ما ينطقون، سبحان الله عدد ما يسومون، تبارك الله أحسن الخالقين (ثلاث مرات)، سبحان الله عدد ما يبغون، سبحان الله عدد ما ينطقون، سبحان الله عدد ما يسومون تبارك الله رب العالمين"1
 
وعن الإمام الباقر "عليه السلام":
"من دخل السوق فنظر إلى حلوها، ومرها، وحامضها، فليقل اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد صلى الله عليه و آله و سلم عبده ورسوله، اللهم 
 
 

1- الأصول الستة عشر، ص‏114.
 
 
 
 
 
 
 
38

24

آداب السوق

 إني أسألك من فضلك وأستجير بك من الظلم والغرم والمأثم"1.

 
وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق "عليه السلام":
"من قال في السوق: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد صلى الله عليه و آله و سلم عبده ورسوله كتب الله له ألف ألف حسنة"2.
 
ب- الذكر عند الشراء:
 
في الرواية عن أحدهما أي الإمام الباقر أو الإمام الصادق "عليهما السلام":
"إذا اشتريت متاعاً، فكبر الله ثلاثا ثم قل: اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من خيرك فاجعل لي فيه خيرا، اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من فضلك فاجعل لي فيه فضلا، اللهم إني اشتريته التمس فيه من رزقك فاجعل لي فيه رزقاً"3.
 
وفي رواية أن الإمام الرضا "عليه السلام":
"كان يكتب على المتاع بركة لنا"4.
 
4- تحديد ما تشتريه‏
 
لقد ذكرت الروايات الصادرة عن الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" وأهل بيته "عليهم السلام" مسألة مهمة وهي أن لا يشتري الإنسان
 
 
 

1- المحاسن ج‏1، ص‏40.
2- المحاسن ج‏1، ص‏40.
3- من لا يحضره الفقيه، ج‏3، ص‏200.
4- من لا يحضره الفقيه، ج‏3، ص‏201.
 
 
 
 
 
 
39

25

آداب السوق

  السلعة بدون كيل كأن يقول له: بعني ما في هذا الكيس، أي مقدار بلغ بل اللازم أن يعرف مقداره.

 
فعن رسول الله "صلى الله عليه وآله":
"كيلوا طعامكم، فإن البركة في الطعام المكيل"1
 
البائع في السوق‏
 
للعمل في السوق حسنات كثيرة لأن العمل فيه يعد تجارة والتجارة مستحبة، وإن السوق هو ملاذ الفقراء عند شح المعيشة، وقلة فرص العمل.
 
وقد أمر أئمتنا "عليهم السلام" بعض شيعتهم عند ضيقهم أن يعملوا في الأسواق بما يرضي الله (عز وجل).
 
في الرواية أن أحدهم قال للإمام الصادق "عليه السلام": إنه كان في يدي شي‏ء تفرق وضقت ضيقاً شديداً.
 
فسأله الإمام "عليه السلام": ألك حانوت في السوق؟
فقال له: نعم.
فقال "عليه السلام":
"إذا رجعت إلى الكوفة فاقعد في حانوتك.."2
 
 

1- ميزان الحكمة، الحديث 2051.
2- الكافي، ج‏3، ص‏474.
 
 
 
 
 
 
 
40

26

آداب السوق

 ولذا ورد النهي لمن يملك تجارة أو حانوتا أن يتركه أو يدع التجارة.

 

 
ففي الرواية عن الإمام الصادق "عليه السلام": قلت له "عليه السلام": إني هممت أن أدع السوق وفي يدي شي‏ء.
 
قال "عليه السلام":
"إذاً يسقط رأيك ولا يستعان بك على شي‏ء"1.
 
فالسوق هو مكان الإحتكاك مع الناس والتعرف على آرائهم وتوجيهاتهم للإستفادة من تجاربهم فهو في الحقيقة مدرسة عملية.
 
مكان البيع في السوق‏
 
كثيرا ما نرى البائعين قد اختلفوا على مكان البيع وكلّ يدّعي أنّ المكان مكانه وأنّه كان يبيع فيه قبل النزاع أو يكون أحدهم قد تعوّد على وضع عربته في مكان مدّة ثم يأتي ليجد بائعاً آخر قد وضع عربته في مكانه، فيختلفان على الأحقيّة وكل يدعيها ويتهم الآخر باحتلالها.
 
ولو راجعنا روايات أهل البيت "عليهم السلام" لوجدنا أنها تتحدث بأن من سبق إلى المكان فهو الأحقّ به.
 
فعن أمير المؤمنين "عليه السلام":
"سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل"2.
 
 
 

1- الكافي، ج‏5، ص‏149.
2- الكافي، ج‏3، ص‏662.
 
 
 
 
 
 
 
41

27

آداب السوق

 آداب البائع‏

 
سنستعرض فيما يلي بعض الآداب التي لا بد للعامل في السوق أن يتحلى بها.
 
وقد وردت في روايات أهل بيت العصمة والطهارة"عليهم السلام" والآداب هي:
 
1- الدعاء في السوق:
 
هناك بعض الأدعية التي ورد استحباب ذكرها في السوق خصوصا للبائع ومن هذه الأدعية.
 
أ- عند الخروج إلى السوق:
 
في الحديث عن الإمام الصادق "عليه السلام":
"فإذا أردت أن تخرج إلى سوقك فصل ركعتين أو أربع ركعات ثم قل في دبر صلاتك: توجهت بلا حول مني ولا قوة، ولكن بحولك وقوتك، أبرأ إليك من الحول والقوة إلا بك، فأنت حولي ومنك قوتي، اللهم فارزقني من فضلك الواسع رزقا كثيرا طيبا وأنا خافض  في عافيتك فإنه لا يملكها أحد غيرك"1
 
ب- عند دخول السوق:
 
ففي الرواية عن الإمام الباقر "عليه السلام":
"ما من رجل مؤمن يروح أو يغدو إلى مجلسه أو سوقه فيقول حين يضع رجله في السوق:
 
 

1- الكافي، ج‏3، ص‏474.

 
 
 
 
 
 
42

 


28

آداب السوق

  (اللهم إني أسألك من خيرها وخير أهلها) إلا وكّل الله عزّ وجلّ به من يحفظه ويحفظ عليه حتى يرجع إلى منزله، فيقول له: قد أجرت من شرها وشر أهلها يومك هذا بإذن الله (عز وجل)، وقد رزقت خيرها وخير أهلها في يومك هذا...".

 
ج- عند الجلوس في المتجر:
 
عن الإمام الباقر "عليه السلام":
"...فإذا جلس مجلسه قال حين يجلس: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد صلى الله عليه و آله و سلم عبده ورسوله، اللهم إني أسألك من فضلك حلالا طيبا وأعوذ بك من أن أَظلم أو أُظلم، وأعوذ بك من صفقة خاسرة، ويمين كاذبة، فإذا قال ذلك قال له الملك الموكل به: أبشر فما في سوقك اليوم أحد أوفر منك حظاً، قد تعجّلت الحسنات ومحيت عنك السيئات وسيأتيك ما قسم الله لك موفّّراً حلالاً، طيّباً، مباركاً فيه"1.
 
2- الوضوح في البيع والشراء:
 
حتى لا يقع المرء في معصية الله (عز وجل) بغشه للمؤمنين أو يتعرض البائع للإحتيال من المشترين ينبغي
 
 
 

1- الكافي، ج‏5، ص‏155.
 
 
 
 
 
 
 
 
43

29

آداب السوق

  أن تكون الأمور واضحة أثناء البيع من السلعة والثمن وجودة البضاعة وهكذا...

 
لذا وردت بعض الروايات التي تنهى عن تصرفات معينة قد توقع المشتري في الغبن، كأن يبيع الإنسان بضاعته في الظِلّ‏ِ أو العتمة.
 
فعن الإمام الكاظم "عليه السلام":
 "يا هشام إن البيع في الظِلّ‏ِ غش وإن الغش لا يحلّ"1.
 
وكذلك تنهى البائع الذي لا يحسن البيع عن الجلوس للبيع في الأسواق.
 
ففي الحديث عن أمير المؤمنين "عليه السلام":
"لا يقعدن في السوق إلا من يعقل البيع والشراء"2
 
3- أن لا تلهيه التجارة عن الصلاة:
 
لقد مر بنا ونحن نستعرض الآداب العامة للسوق أن أمير المؤمنين قد بكى على أهل السوق المنشغلين بالدنيا والناسين للآخرة، ولذا فعلى المنشغل بالعمل في السوق أن لا ينسى وقت الصلاة إذا حانت، بل يترك ما في يديه
 
 
 

1- الكافي، الجزء الخامس ص‏161.
2- الكافي، ج‏5، ص‏154.
 
 
 
 
 
 
 
44

30

آداب السوق

 من العمل ليلبّي نداء الله (حيّ على الصلاة) والحذر كل الحذر من تسويفات الشيطان بأنّ الوقت واسع وسأصلّي بعد قليل عند تفرّق الزبائن فإنّ ذلك من أساليبه الخادعة حتى ينسيك نداء الله، أو يحرمك فضيلة الصلاة في وقتها.

 
وقد ورد في الرواية الشريفة أنّ أحدهم قال للإمام الرضا "عليه السلام": أكون في السوق فأعرف الوقت ويضيق عليّ أن أدخل فأصلي.
 
قال "عليه السلام":
"إن الشيطان يقارن الشمس في ثلاثة أحوال: إذا ذرت، وإذا كبدت، وإذا غربت، فصل بعد الزوال فإنّ الشيطان يريد أن يوقعك على حد يقطع بك دونه"1.
 
4- عدم الحلف على السلعة:
 
قال الله تعالى:  ﴿وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ..﴾2.
لا شك في أن الحلف الكاذب محرم شرعاً ومن غير المحتمل أن يقوم الإنسان المؤمن بمثل هذه الأعمال المحرمة والقبيحة، لكن 
 
 
 

1-الكافي، ج‏3، ص‏290.
2- سورة البقرة، الآية/224.
 
 
 
 
 
 
45

31

آداب السوق

 ماذا عن الحلف الصادق؟ هل يستطيع الإنسان أن يحلف في الأمور التجارية إذا كان صادقاً في كلامه؟ 

 
لقد نهانا القرآن الكريم عن الحلف حتى لو كنا صادقين، وقد أكد الأئمة "عليهم السلام" على كراهته.
 
فقد ورد عن أمير المؤمنين‏ "عليه السلام":
"يا معاشر التجار اجتنبوا خمسة أشياء: حمد البايع وذم المشتري واليمين على البيع وكتمان العيب والربا، يصح لكم الحلال ويخلصوا بذلك من الحرام"1
 
وعن أمير المؤمنين "عليه السلام":
"إياكم والحلف، فإنه ينفق السلعة ويمحق البركة"2
 
وعن رسول الله "صلى الله عليه وآله":
"أربع من كنّ فيه طاب مكسبه إذا اشترى لم يعب، وإذا باع لم يحمد، ولا يدلّّس، وفيما بين ذلك لا يحلف"3.
 
 
 

1- وسائل الشيعة، ج‏12، ص‏284، طبعة دار إحياء التراث العربي (20 مجلدا). 
2- الكافي، ج‏5، ص‏162.
3- ميزان الحكمة، الحديث 2038
 
 
 
 
 
 
 
46

32

الفهرس

 الفهرس

مقدمة

5

آداب الطريق‏

7

تمهيد

11

1  المحافظة على نظافة الطريق‏

11

2  إفساح الطريق‏

13

3  اجتناب ما ينفي المروءة

15

4  خدمة المسافرين‏

16

آداب السير

19

1  التواضع في المشي‏

23

2  التمهل في السير

24

3  عدم المدافعة

25

أين تسير المرأة؟

26

آداب السّوق‏

27

مقدّمة

31

السّوق عز المؤمن‏

32

سوق الشياطين‏

33

 

 

 

 

 

47


33

الفهرس

 

موعظة أمير المؤمنين  "عليه السلام" لأهل السوق‏

34

آداب المشتري‏

35

1  الثقة بسوق المسلمين‏

36

2  من تعامل في السوق؟

37

3  ذكر الله في السوق‏

38

4  تحديد ما تشتريه‏

39

البائع في السوق‏

40

مكان البيع في السوق‏

41

آداب البائع‏

42

1  الدعاء في السوق‏

42

2  الوضوح في البيع والشراء

43

3  أن لا تلهيه التجارة عن الصلاة

44

4  عدم الحلف على السلعة

45

 

 

 

 

 

 

 

 

48


34
آداب السوق والطريق