أحكام الإعتكاف


 

المقدمة
الفصل الأول : تعّرف على الإعتكاف

الفصل الثاني : شروط الإعتكاف

الفصل الثالث : محرّمات الإعتكاف

الفصل الرابع : إعادة الإعتكاف - حالات فساد الإعتكاف

الفصل الخامس : كفّارة إفساد الإعتكاف

الفصل السادس : مسائل في الإعتكاف

 


 





المقدمة

 

  بسم الله الرحمن الرحيم‏
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين‏
 

وبعد،
 

للاعتكاف دور رائد في بناء الذات الإنسانية والاتصال بالخالق سبحانه وتعالى حيث ينقطع فيه الإنسان عن كل ما حوله مخلصاً في توجهه إلى كعبة مقصوده ومنتهى أمله ليجّسد العبودية  الصادقة اتجاه الربوبية المطلقة مع جوع الصيام حيث أقرب ما يكون العبد من الرب عزَّ وجلّ‏َ.

ولهذه العبادة العظيمة أحكام وتفصيلات تعرض للمكلّف وقد قمنا بإيضاحها معتمدين على كتاب (تحرير الوسيلة) للإمام الخميني المقدّس فجاءت مطابقة لرأيه الشريف، سهلة  يسيرة، سلسة البيان كما أردناها وما التوفيق إلا من عند اللَّه تعالى.

  وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 

جمعية المعارف الإسلامية الثقافية 


 




 

الفصل الأول : تعرّف على الإعتكاف

 بسم اللّه الرحمن الرحيم‏

 

«وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي للطائفين والعاكفين والركّع السجود» [1].

صدق اللّه العلي العظيم‏

فضل الاعتكاف:

أكدت أحاديث أهل البيت عليهم السلام على فضل الاعتكاف وخصوصاً ما جاء عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وهذه نبدة منها:

1 - قال رسول اللّه صلى الله عليع وآله: «اعتكاف العشر الأواخر من شهر رمضان يعدل حجتين وعمرتين»[2].

2 - وفي الحديث: «اعتكاف شهر رمضان يعدل حجتين وعمرتين»[3].

3 - ومما جاء في اعتكافه صلى الله عليه وآله: أنه قام أول ليلة من العشر الأواخر من شهر رمضان، فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال: «أيّها الناس قد كفاكم اللّه عدوّكم من الجن والإنس ووعدكم الإجابة، فقال: «ادعوني أستجب لكم» ألا وقد وكّل اللّه تعالى بكل شيطان مريد، سبعة أملاك، فليس بمحلول حتى ينقضي شهركم هذا. ألا وأبواب السماء مفتّحة من أول ليلة منه إلى آخر ليلة منه. ألا والدعاء فيه مقبول»، ثم شمَّر صلى الله عليه وآلهوشدَّ مئزقدس سرهم، وبرز من بيته واعتكفهن، وأحيا الليل كلّه وكان يغتسل كل ليلة بين العشاءين[4].

4 - عن الصادق عليه السلام أنه قال: «إعتكف رسول اللّه صلى الله عليه وآلهالعشر الأوائل من شهر رمضان لسنة، ثم اعتكف في السنة الثانية العشر الوسطى ثم اعتكف في السنة الثالثة العشر الأواخر»[5].

5 - عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «كان رسول اللّه صلى الله عليه وآلهإذا دخل العشر الأواخر، ضربت له قبّة شعر، وشدّ المئزر»[6]   .

6 - وفي فقه الرضا عليه السلام: «كانت بدر في رمضان، فلم يعتكف النبي صلى الله عليه وآلهفلما كان من قابل، اعتكف عشرين يوماً من رمضان، عشرة لعامهِ وعشرة قضاء لما فاته صلى الله عليع وآله»[7].

ما هو الاعتكاف؟

لنتعرف على معنى الاعتكاف بوضوح نستعرض ما يلي:

الاعتكاف في الشريعة [8]

هو المكث أو اللبث في المسجد بقصد التعبد فيه للّه وحده عز وجل وهو مشروع كما دل على ذلك القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والإجماع وهو عبادة محدودة تؤدّى بين حين وآخر، لتحقيق نقلة إلى رحاب اللّه سبحانه. يعمّق فيها الإنسان صلته بربه ويتزود بما تتيح له العبادة من زاد ليرجع إلى حياته الاعتيادية وعمله اليومي وقلبه أشد ثباتاً وأقوى فاعلية وتأثيراً فينعكس هذا الاتصال نجاحاً في مجالات عيشه وشؤونه.

وأساس الاعتكاف يتمثل في المكث ثلاثة أيام في المسجد وله شروط والتزامات سوف نستعرضها تباعاً في هذا الكتاب مسلّطين الضوء على شتّى الجوانب المرتبطة به بغية الاطّلاع على جميع أحكامه التي قد يبتلى بها الإنسان وتحرزاً من الوقوع في الأخطاء التي تقع نتيجة عدم معرفتها أو الظن بأنها لا تفسد الاعتكاف أو يسوغ له القيام بها.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن المسائل المطروحة في هذا الكتاب هي على طبق رأي الإمام الخميني(قدس سره)المقدّس كما جاءت في رسالته العملية (تحرير الوسيلة) مع تصرّف منّا في صياغتها بشكل يسهل تناولها وفهمها دون الرجوع إلى مدرّس لبيانها وإيضاحها بحيث جعلناها عبارة عن أسئلة وأجوبتها بلغة سهلة.

الاعتكاف واجب أو مستحب؟

الاعتكاف مستحب بأصل الشرع وهو ما تبرّع به الإنسان تقرباً إلى اللّه تعالى دون ملزم له، ويصبح واجباً إذا تعلق به نذر أو عهد أو يمين أو إجارة.

1 - أما وجوب الاعتكاف بالنذر فصورته كالتالي: كأن يقول: «إن رزقت ولداً فللّه عليّ أن اعتكف» أو «إن وفقت لزيارة بيت اللّه الحرام في هذه السنة فللّه عليّ أن اعتكف» فإذا حصل ما علّق عليه الاعتكاف في النذر صار واجباً [9].

2 - وأما وجوبه باليمين كما لو قال: «واللّه لأعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك» أو ما شاكل ذلك مراعياً ما يعتبر في اليمين من الصيغة وسائر الشروط [10].

3 - وأما وجوبه بالعهد كما لو قال: «عاهدت اللّه أن أعتكف» أو «عليّ عهد اللّه أن اعتكف إن شفيت من مرضي» [11].

4 - وأما وجوبه بالإجارة كما لو استأجقدس سرهم إنسان بمبلغ معيّن من المال كي يعتكف نيابة عن أبيه الميت.

ما هو أفضل وقت للاعتكاف؟

يصح الاعتكاف في كل وقت يصح فيه الصوم وأفضله شهر رمضان المبارك وأفضله العشر الأواخر منه كما جاء في السُّنة المباركة لرسول اللّه (ص) [12].

هل يجوز قطع الاعتكاف المستحب؟

يجوز قطع الاعتكاف المستحب ومغادرة المسجد بحيث يعود الإنسان إلى حالته الاعتيادية في اليومين الأولين من الاعتكاف وأما إذا مضى نهاران على المعتكف فإنه يجب عليه أن يكمل اعتكافه في الثالث ولا يجوز له القطع في هذه الحالة. فاليوم الثالث واجب وإن كان أصل الاعتكاف مستحباً.

بل يجب الثالث لكل يومين على الأقوى فلو اعتكف ثلاثة أيام ثم زاد بثلاثة أخرى وجب اليوم السادس من الثلاثة الثانية إضافة إلى وجوب اليوم الثالث من الثلاثة الأولى، وكذلك يجب الثالث من الثلاثة الثالثة أي اليوم التاسع على الأحوط.

هل يجوز قطع الاعتكاف الواجب؟

لا يجوز قطع الاعتكاف الواجب إذا كان قد وجب بنذر أو يمين أو نحوهما في تلك الأيام بالذات، كما لو نذر أن يعتكف في الأيام الثلاثة الاخيرة من شهر رجب لعام 1424هـ  وهو ما يسمى بالمنذور المعيّن وأما لو كان النذر مطلقاً غير معيّن كما لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام دون تحديدها بزمن خاص بل قال: « للّه عليّ أن اعتكف ثلاثة أيام » دون أن يذكر أنها من رجب أو شعبان أو رمضان من هذه السنة أو في العشر الأوائل أو الأواسط أو الأواخر من الشهر مثلاً فحينئذ حكم الاعتكاف الواجب بالنذر وشبهه كالاعتكاف المستحب في عدم جواز قطعه في اليوم الثالث وجوزاه في اليومين الأولين ويجري فيه التفصيل المتقدم في الاعتكاف المستحب تماماً.

خلاصة الفصل الأول

الاعتكاف شرعاً: اللبث في المسجد بقصد التعبد للّه تعالى.

الاعتكاف‏

1.     واجب

·        بالنذر

·        باليمين

·        بالعهد

·        بالاجارة

2.     مستحب (فهو مستحب بأصل الشرع)

قطع الاعتكاف

1.     الاعتكاف المستحب

·        قبل مضي يومين (جائز)

·        بعد مضي يومين (غير جائز)

2.     الاعتكاف الواجب

·        الواجب المعين: لا يجوز قطعه مطلقاً (أي قبل مضي يومين أو بعده)

·        الواجب غير المعين (حكمه حكم الاعتكاف المستحب المتقدم)

 



 

الفصل الثاني : شروط الإعتكاف

شروط الاعتكاف

 ما هي شروط الاعتكاف التي لا يصح بدونها؟ يشترط في صحة الاعتكاف أمور لا بد لنا من بيانها وهي :

الشرط الأول- العقـل:

 لا يصح الاعتكاف من المجنون من غير فرق بين الذي استولى عليه الجنون في كل أيام حياته أو الذي تمرّ عليه أيام يرتفع فيها جنونه ويعود إلى حالته الطبيعية فإنه في حالة الجنون لا يصح منه الاعتكاف وأما في حالة ارتفاع الجنون فإن اعتكافه صحيح ولا إشكال فيه والضابط في هذا الشرط أن كل حالة كان الإنسان فيها فاقداً لعقله كالسكران أو الغائب عن الوعي جراء أخذه للبنج المستعمل في إجراء العلميات الجراحية أو ما شاكله فإنه لا يصح منه الاعتكاف طالما هو في هذه الحالة فإذا أفاق من سكره أو بنجه عاد حكمه كسائر المكلفين فيصح منه الابتداء باعتكاف واجد لبقية الشروط التي ستأتي معنا.

الشرط الثاني - النيّـة :

والمراد بها قصد الاعتكاف باعتباره عبادة مقربة إلى اللّه ( تعالى ) مع الإخلاص له سبحانه ولا يشترط فيها التفصيل والتطويل بذكر وجه الوجوب كأن يقول أعتكف الاعتكاف الذي وجـب عليّ بنذر كـذا في الوقت الفلاني ابتداء من الساعة الفلانية وانتهاءً بالأمد المعين وهكذا.

نعم يشترط استمرار النية إضافة إلى وجودها في بداية الاعتكاف، فلا يصح منه أن يقطع النية كسائر العبادات مثل الصلاة والصوم وغيرهما.

ولكن هل أن النية في الاعتكاف هي كنية الصوم التي يمكن أن تتخذ في الليل فينوي الإنسان في الليل أن يصوم نهار غد وينام ويصبح من نومه صائماً ويصح صومه على الرغم من أن الفجر طلع عليه وهو نائم فهل يصح مثل ذلك في الاعتكاف بأن يذهب إلى المسجد ليلاً وينوي أن يبدأ الاعتكاف من بداية نهار غد وينام ويصبح معتكفاً؟

 الجواب:

 إن صحة الاعتكاف بهذه الصورة غير واضحة، فالأجدر بالمكلف في حالة من هذا القبيل أن يتخذ إحدى طريقتين:

 الأولى: أن يستيقظ عند طلوع الفجر وينوي لكي تقترن النية بطلوع الفجر.

الثانية: أن ينوي الابتداء بالاعتكاف فعلاً في نصف الليل أو أوله والمهم على أي حال أن تتواجد النية عند بداية الاعتكاف.

والمهم في النية:

 أن ينوي الاعتكاف في المسجد قربة للّه تعالى وليس من الضروري أن يقصد باعتكافه التوفر على مزيد من الدعاء والصلاة والأذكار والتسبيحات وإن كان هذا أفضل وأكمل، غير أن الاعتكاف بذاته عبادة يصح أن يقصد ويتقرب به إلى اللّه تعالى فإن انضم إليه التفرغ للعبادة والقيام والدعاء كان نوراً على نور .

الشرط الثالث- الصـوم :

يعتبر الصيام في الأيام الثلاثة للاعتكاف، ويتضح من هذا الشرط أن من لا يصح منه الصوم لا يصح منه الاعتكاف لأنه اعتكاف دون صوم، فالمريض والمسافر لا يتأتى لهما أن يعتكفا، إذ لا يصح منهما الصيام.

أجل يمكن للمسافر أن يتوصل إلى ذلك بأن ينذر أن يصوم في سفره وحينئذ يسوغ له أن يعتكف ويصوم.

أ - وهنا سؤال يخطر بالبال، هل يشترط أن يكون الصوم للاعتكاف بنفسه أو يكفي أن يصوم لأمر آخر غير الاعتكاف كقضاء شهر رمضان أو صيام الكفارة أو مطلق الصيام المستحب بدون قصد خصوص الاعتكاف ويكون ذلك كافياً في صحة الاعتكاف؟

الجواب:

 نعم يمكن للمعتكف أن ينوي بالصيام أي صيام مشروع بالنسبة إليه، فيصح له أن يصوم قضاء شهر رمضان أو صيام الكفارة، أما يصح له أن يصوم صياماً مستحباً إذا توفرت له الشروط التي يصح معها الصيام المستحب ومن تلك الشروط أن لا يكون عليه صيام واجب، فمن كان عليه قضاء شهر رمضان وأراد أن يعتكف في غيره كرجب وشعبان فعليه أن ينوي بصيامه الصيام الواجب ولا يسوغ له نية الصيام المستحب أي عليه أن يصوم قضاءً.

وكما يجب أن يكون المعتكف ممن يصح منه الصوم كذلك يجب أن تكون أيام الاعتكاف مما يصح فيها الصوم فلا يصح الاعتكاف في عيد الفطر أو عيد الأضحى مثلاً إذ لا يسوغ الصيام فيهما.وهنا يصبح واضحاً لنا أن كل ما يفسد الصوم فهو يفسد الاعتكاف ويبطله لأن الصوم شرط في صحة الاعتكاف والمشروط يبطل ببطلان شرطه فإذا كان الصوم باطلاً كان الاعتكاف باطلاً.

ب- عرفنا أن الصوم إذا كان لغير الاعتكاف فهو كافٍ في صحته ولكن نسأل هل إذا كان الصوم عن غير المعتكف كالذي يصوم بالأجرة نيابة عن غيره فصومه ليس عن نفسه هل يصح اعتكافه عن نفسه مع كون صومه الذي يشترط في اعتكافه عن غيره من الناس؟ الجواب:

 لا يضرّ في صحة اعتكافه عن نفسه كون صومه عن غيره سواء كان واجباً كالصوم الإجاري أو مستحباً كالصوم التبرعي عن أحد أرحامه أو إخوانه المؤمنين دون ملزم شرعي له.

ج- إذا نذر الإنسان أن يعتكف فهل يصح الوفاء بالاعتكاف النذري في شهر رمضان المبارك؟

 الجواب:

يصح ذلك ولا إشكال فيه بشرط عدم انصراف النذر إلى غير شهر رمضان أما لو انصرف نذر الاعتكاف إلى كونه في غير شهر رمضان فالوفاء به في شهر رمضان لا يصح ولا يكون وفاء بالنذر بل يجب الإتيان به في غير شهر رمضان لأنه انصرف إليه.

د- إذا استأجر إنسان أحد المؤمنين ليعتكف عن أحد أمواته فهل يجزيه الإتيان بالاعتكاف الإجاري في شهر رمضان المبارك أو لا؟.

الجواب:

 حكمه ما تقدم في المساألة السابقة من دوران الأمر في الصحة وعدمها مدار الانصراف وعدم الانصراف فإذا انصرف الاعتكاف الإجاري إلى غير شهر رمضان لم يصح في شهر رمضان وإلا صح دون إشكال.

 الشرط الرابع- العـدد :

لا يصح الاعتكاف يوماً واحداً أو يومين فيشترط أن لا يكون أقل من ثلاثة أيام بلياليها المتوسطة وأما الأزيد فلا بأس به ولا ضائر فيه فإنه يسوغ أن ينوي الاعتكاف من بداية ليلة الجمعة إلى نهاية نهار الأحد أو إلى صباح الاثنين فيكون اعتكافه مكوّناً من ثلاثة نهارات وأربع ليالي أو إلى غروب الاثنين أو أكثر من ذلك.

لكن هناك أمراً لا بد من مراعاته في زيادة الاعتكاف عن الثلاثة وهو وجوب اليوم الثالث لكل يومين يسبقانه فإذا اعتكف خمسة أيام وجب السادس وإذا اعتكف ثمانية أيام وجب التاسع على الأحوط وهكذا.

وأما إذا سألت ما المراد من اليوم؟

فالجواب:

 أن المراد من اليوم ما كان من طلوع الفجر إلى زوال الحمرة المشرقية، فلو اعتكف من طلوع الفجر، إلى غروب اليوم الثالث كفى ولا يشترط إدخال الليلة الأولى ولا الرابعة وإن كان ذلك جائزاً كما أوضحنا قبل قليل.وقد تسأل هل يكفي ثلاثة أيام تلفيقية في الاعتكاف أي أنه لا يبدأ كل يوم من فجره وينتهي بغروبه بل يبدأ من زوال الشمس وينتهي بزوالها في اليوم التالي أو ما شاكل ذلك؟

والجواب:

إنه في كفاية التلفيق في عدد الأيام الثلاثة الاعتكافية تأمل وإشكال وهو أن يشرع من زوال يوم الأحد بالاعتكاف إلى زوال يوم الأربعاء مثلاً.

الشرط الخامس - المسـجد:

 يشترط أن يكون الاعتكاف في مسجد يجتمع فيه الناس ويعتبر مسجداً جامعاً ورئيسياً في البلد وأما المسجد الصغير الجانبي كمسجد قبيلة أو عائلة أو سوق أو مدرسة خاصة فلا يجوز الاعتكاف فيه.ويمكن تقسيم مكان الاعتكاف إلى ثلاثة أقسام تبعاً للمشروعية وعدمها:

 أحد المساجد الأربعة :  المسجد الحرام ومسجد النبي (ص) ومسجد الكوفة ومسجد البصرة.فإنه في هذه المساجد الاعتكاف مشروع وصحيح ويؤتى به بنية كونه مطلوباً.

 المساجد الجامعة غير المساجد الأربعة المتقدمة كمسجد البلدة أو المدينة فالاعتكاف فيها مشروع لكن بشرط أن يؤتى به رجاء أن يكون مطلوباً أي لاحتمال مطلوبيته.

المساجد غير الجامعة كمسجد السوق أو المدرسة أو القبيلة فالاعتكاف غير مشروع فيها ولا جائز.

أ - ويمكن أن يتولد لدينا سؤال في ظلّ هذا الشرط أنه هل يصح الابتداء بالاعتكاف في مسجد ثم إكماله في مسجد آخر أو لا بد من كون محل الاعتكاف واحداً فلا يسوغ الاعتكاف المقسّم بين مسجدين؟

 الجواب:

 يجب أن يكون المسجد المقصود ممارسة الاعتكاف فيه محدداً وواحداً فلا يجوز الاعتكاف في مسجدين على نحو يمكث في هذا يوماً وفي ذاك يوماً أو يومين، وعليه فإذا اعتكف في مسجد وتعذر البقاء للاتمام والإكمال بطل الاعتكاف من الأساس ولا يجوز توزيعه بين مسجدين وإن تقاربا أو تجاورا إلا أن يعدا مسجداً واحداً فالنتيجة أنه يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد.

ب- هل يعتبر سطح المسجد أو السرداب منه بحيث يجوز للإنسان أن يعتكف فيهما ولا يعد الكون على السطح خروجاً من المسجد أو النزول إلى سردابه كذلك؟

الجواب:

 سطوح المساجد وسراديبها ومحاريبها من المساجد والمسجد يشمل كل طوابقه ويجوز للمعتكف التنقل في كل تلك الأجزاء منه وحكمها حكم المسجد ما لم يعلم خروجها عن المسجدية كما لو أخبر الواقف بأنه وقف الطابق الأول مسجداً لكنه لم يوقف الطابق الثاني فحينئذ لا يجوز الانتقال إلى الطابق الثاني في صورة العلم بعدم كونه من أجزاء المسجد طالما كان الإنسان معتكفاً.

وأما الإضافات التي تطرأ على المساجد كالمستودعات والدهاليز وبعض الملحقات الخارجة عنها فهي ليست من المساجد ما لم يعلم دخولها وجعلها منها وكذلك بقعتا مسلم ابن عقيل (ع) وهاني رضوان اللّه عليه فإن الظاهر أنهما خارجتان عن مسجد الكوفة.

ج- لنفترض أن الواحد منّا عيّن جهة من المسجد لاعتكافه كأن نوى الاعتكاف في الزاوية الشرقية للمسجد الواقعة قرب خزانة المصاحف الشريفة أو الزاوية الغربية مثلاً فهل يجب الاعتكاف في ذلك المحل المعيّن ولا يصح الاعتكاف في باقي أجزاء المساجد وأرجائه أو لا يجوز له التنقل بينها؟.

الجواب:

 لو خصّ المكلّف بنيّته زاوية خاصة من المسجد فنوى الاعتكاف في تلك الزاوية الشرقية بالذات مثلاً فلا أثر لهذا القصد ويجوز له أن يمكث ويتنقل في كل أجزاء ذلك المسجد ويكون قصده لغواً حتى فيما لو عيّن السطح دون الأسفل أو العكس بل التعيين مما يورث الإشكال في الصحة في بعض الفروض.

 الشرط السادس- الإذن:

 لا يصح الاعتكاف بدون الحصول على إذن من يعتبر إذنه في جواز الاعتكاف كالموظف في مؤسسة ما أو العامل في بعض الشركات الذي لا يحق له تعطيل العمل المتوجب عليه إنجازه وترك الوظيفة الموكلة إليه وراءه لأجل أن يعتكف طالما كان صاحب المؤسسة يملك الانتفاع بوقته الذي يريد صرفه في الاعتكاف ضمن عقد التوظيف القائم بينهما وعليه الوفاء به وأما لو لم يملك صاحب المؤسسة منفعة العامل وقت الاعتكاف بأن كان الاعتكاف في أيام تعطيل الموظف عن العمل فإذنه غير معتبر، وكذلك يعتبر إذن الوالدين بالنسبة إلى ولدهما إذا كان الاعتكاف موجباً لإيذائهما شفقة عليه وأما إذا لم يكن موجباً للإيذاء فلا يعتبر إذنهما وإن كان أحوط استحباباً، وكذلك يشترط في صحة اعتكاف الزوجة إذن زوجها إذا كان الاعتكاف منافياً لحقه على إشكال ولكن لا يترك الاحتياط.

 الشرط السابع- عدم الخروج من المسجد:

 أي لا يخرج المعتكف من مسجده إلا لضرورة شرعية أوعقلية أو عرفية [13]  فالواجب استدامة اللبث في المسجد فلو خرج عمداً واختياراً لغير الأسباب المبيحة لخروجه بطل اعتكافه ولو كان جاهلاً بأن الخروج من المسجد موجب لبطلان الاعتكاف.

أ - وهنا نسأل هل يبطل اعتكافه إذا خرج من المسجد لنسيانه بأنه معتكف واعتقاده بأنه دخل لأداء الصلاة وأراد العودة إلى بيته؟ الجواب:

 في هذه الحالة لا يبطل اعتكافه.

ب - ونسأل أيضاً هل يبطل اعتكافه لو أكرهه إنسان وأجبره على الخروج من المسجد بأن هدّده بالقتل أو كبّل يديه وأخرجه دون إرادته؟

الجواب:

 لا يبطل اعتكافه في هذه الصورة ويتمّه بالشكل الطبيعي كأن لم يكن شيء.

متى يجوز خروج المعتكف من المسجد؟

هناك حالات تبيح للمعتكف أن يخرج من المسجد وسوف نتعرف عليها معاً وهي:

إذا كان هناك ضرورة عادية كقضاء الحاجة من بول أو غائط أو للاغتسال من الجنابة ونحو ذلك.

إذا كانت لديه شهادة لا بد له من الإدلاء بها في محضر القضاء ليحق الحق ويدفع الباطل فحينئذ يجوز له الخروج لإقامة الشهادة وقد يجب في بعض الحالات.

 إذا كان هناك مريض تربطه به علاقة حميمة بحيث تعدّ زيارته له من الضرورات العرفية، أو أراد معالجته.

إذا خرج لتشييع الجنازة أو تجهيزها أو الصلاة عليها.

إذا أراد وداع المؤمن المسافر أو استقباله فيما لو كان قادماً.

إذا أكره على الخروج من المسجد بالقوة.

ويمكن أن نلخّص ما تقدم بإيضاح ضابطة عامة لجواز خروج المعتكف من المسجد ألا وهي:

 عبارة عن كل ما يلزم الخروج إليه عقلاً أو شرعاً أو عادة من الأمور الواجبة أو الراجحة سواء كانت متعلقة بأمور الدنيا أو الآخرة، ونسأل هل يشترط في تجويز الخروج أن يكون هناك ضرر بتركه؟.

الجواب:

 كلا لا يشترط ذلك حيث لم يتوقف جواز الخروج على ترتب الضرر بتركه بل هو جائز وإن لم يكن ضرر بالبقاء في المسجد وعدم الخروج ولذلك أي ضرر يترتب عليه إذا لم يخرج لتشييع الجنازة؟!

 ومع ذلك يجوز له الخروج لا لأجل دفع الضرر بل لاستجلاب الثواب والأجر.

ما هي الأمور التي يبنغي مراعاتها أثناء خروج المعتكف من المسجد؟ إذا توفرت الأمور المبيحة للمعتكف أن يخرج من المسجد عليه أن يراعي أثناء خروجه ما يلي:

 أولاً :  أن يقتصر في ابتعاده عن المسجد على قدر الحاجة التي سوّغت له الخروج فإن كانت حاجته تنقضي بابتعاده مئة متر فلا يجوز له الابتعاد أكثر كما لو خرج لعيادة مريض يبعد منزله المسافة المذكورة فلا يسوغ له تخطيها لسبب لا يبيح له الخروج كالنزهة في حديقة البلدة أو لعب كرة القدم أو رؤية سيارة يريد شراءها أو لمجرد الاستطلاع والتعرّف على شوارع المنطقة.

ثانياً: أن لا يجلس تحت الظلال في الخارج حيث لا يجوز له ذلك كالاستراحة تحت مظلّة الدكان والأحوط عدم الجلوس مطلقاً إلا مع الضرورة الداعية إلى ذلك والأحوط استحباباً عدم المشي تحت الظلال بل يراعي في مشيه كونه تحت السماء.

ثالثاً: أن لا يطول وقت الخروج فترة مؤدية إلى انمحاء صورة الاعتكاف وإلا إذا طالت الفترة بحيث انمحت صورة الاعتكاف بطل.

رابعاً: عدم المكث خارج المسجد زيادة عن قدر الحاجة بعد انقضائها.

الشرط الثامن- ترك محّرمات الاعتكاف :

على المعتكف أن يترك كل ما يجب عليه اجتنابه مما يأتي بيانه تحت عنوان محرّمات الاعتكاف كالجماع والتجارة وغير ذلك فإذا مارس شيئاً من تلك الأمور بطل اعتكافه ؟ لا شك بالبطلان في الجماع والتقبيل أو الملامسة بشهوة ، وأما في غيرها من المحرمات ففي البطلان إشكال ، فلا بد من الاحتياط.

 خلاصة الفصل الثاني:

شروط الاعتكاف      

العقل:" فلا يصح من المجنون ومطلق فاقد العقل كالسكران ونحوه...)

النية: " قصد الاعتكاف باعتباره عبادة مقربة إلى اللّه مع الإخلاص)

 الصوم: ( فلا اعتكاف دون صوم )

العدد: ( أقله ثلاثة أيام(

المساجد: المساجد الأربعة (بنية كونه مطلوباً )

          المسجد الجامع ( رجاء المطلوبية )

          المسجد غير الجامع ( غير جائز )

الإذن : ( أي الحصول على إذن من يعتبر إذنه )

عدم الخروج: )أي استدامة اللبث في المسجد )

 ترك محرمات الاعتكاف: ( كالجماع، و...) 

 مسوغات خروج المعتكف من المسجد

الاغتسال من الجنابة

قضاء الحاجة (كالبول، و...)

 الإدلاء بالشهادة

زيارة المريض أو معالجته

 تشييع الجنازة أو تجهيزها

إذا أكره على الخروج استقبال المسافر أو توديعه

على المعتكف مراعاة عدة أمور أثناء خروجه من المسجد منها:

الاقتصار في الابتعاد عن المسجد على قدر الحاجة

عدم الجلوس تحت الظلال في الخارج عدم الإطالة في الخروج إلى حد محو صورة الاعتكاف

عدم المكث خارج المسجد بعد انقضاء الحاجة

 



 

الفصل الثالث : محرّمات الإعتكاف

 محرّمات الاعتكاف 

إذا اعتكف الإنسان حرمت عليه بعض الأمور ويجب عليه الالتزام بالاجتناب عنها، فما هي تلك المحرّمات؟ سوف نتعرف عليها معاً في هذه الفقرة وهي:

1 - مباشرة النساء:

 والمقصود من ذلك ليس مجرد العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة بالاتصال الجنسي، أوالجماع بل يضاف إليه سائر الاستمتاعات في هـذا المجـال من التقبيـل أو اللمس بشــهوة فـإن ذلـك كلـه حــرام ومبطل للاعتكاف قال اللّه تعالى: ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد...) [14].

ولا فرق في هذا الحكم بين الرجل والمرأة، فسواء كان الرجل المعتكف والمرأة غير معتكفة، أو كانت هي معتكفة وهو غير معتكف، أو كان كلاهما معتكفين.

2- الاستمناء على الأحوط:

 ويراد به إنزال المني باليد أو بأية وسيلة أخرى وهو على قسمين:

أ - ما يكون حراماً مطلقاً وبغض النظر عن الاعتكاف لأنه محرم بالأصل وهو ما يمارسه الإنسان مستقلاً بنفسه عن الزوجة.

ب - ما يكون حلالاً لاشتراك الزوجة فيه ومعاونتها عليه كما لو كان بيدها أو نظر الرجل إليها فاستمنى.

وفي كلتا الصورتين يحرم ما دام المكلّف معتكفاً وليس القسم الثاني مستثنى من الحرمة على الأحوط .

3 - شمّ الطيب:

 ويعني ذلك كل مادة لها رائحة طيبة وتتخذ للشم والتطيب كالعطورات المعروفة والمتداولة مثل عطر الورد والمسك والعنبر وما شاكلها.

وقد تسأل هل يدخل في ضمن هذا المحرّم ما لو شمّ المعتكف الأزهار والرياحين مباشرة قبل أن يصنع منها العطر ويعبّأ في الزجاجة أو لا بأس في ذلك؟.

والجواب:

 نعم يحرم عليه التلذذ برائحة الرياحين والورود كالياسمين والزنبق وكل نبات له رائحة طيبة وليست الحرمة مختصة بالعطر المصنوع فقط.

وقد يخطر بالبال سؤال وهو هل إذا كان المعتكف فاقداً لحاسة الشمّ تبقى حرمة شمّ الطيب والتلذذ بالرياحين ثابتة في حقه أو لا يكون ذلك حراماً بالنسبة إليه؟

 والجواب:

 فاقد حاسّة الشم لا يحرم عليه ذلك بل هو خارج عن هذا الأمر.

4 – التجارة :

 المحرّم الرابع من محرّمات الاعتكاف التجارة بالبيع والشراء والإجارة وغيرها من شتى أنواعها ولا يدخل في ذلك ما يمارسه الإنسان من أعمال نافعة في حياته كالخياطة والطبخ والحياكة والأعمال المنزلية من كنس وتنظيف وغسل للثياب والأواني.

أ - لكن لنفرض أن المعتكف - والعياذ باللّه تعالى - عصى وتاجر حال اعتكافه فإنه من المعلوم أن اعتكافه يبطل فهل أن تجارته تكون باطلة وغير نافذة المفعول بحيث أن السيارة التي يبيعها وهو معتكف لا تصبح ملكاً للمشتري وثمنها لا يصبح ملكاً له - للبائع - أو أن التجارة تكون صحيحة ونافذة بالرغم من كونها محرّمة لأنها حالة الاعتكاف؟

 الجواب:

 أن التجارة صحيحة ونافذة المفعول والبيع والشراء صحيحان وينتقل المبيع إلى المشتري والثمن إلى البائع دون إشكال.وإن كان الاعتكاف يبطل بهذه العملية.

ب - هل توجد حالة لا يحرم معها البيع والشراء على المعتكف؟

 الجواب:

 نعم هناك حالة يحلّ للمعتكف معها أن يبيع ويشتري ولا يكون ذلك مفسداً لاعتكافه حينما يكون بحاجة ماسّة ومضطراً للتجارة لأجل أن يأكل ويشرب بحيث توقف ذلك عليها فلا تكون محرّمة حينذاك بشرط عدم إمكان التوكيل في البيع والشراء أو الحصول على ما دعت الحاجة إليه من طعام وشراب عن طريق غير البيع لكونه متعذراً وإلا لا إشكال في ذلك.

5 -  الجدال على أمر ديني أو دنيوي:

 والمراد هنا ليس مطلق الجدال بل المحرّم هو خصوص المماراة التي تعني المجادلة والمنازعة في قضية ما لإثبات وجهة نظر معينة فيها حباً بالظهور والفوز على الأقران أي لأجل أن يغلب أصحابه في الأمر المتنازع عليه بينهم ويظهر فضيلته وقدراته العلمية والحوارية  أمامهم وهذا لا يفرّق فيه  بين كون وجهة نظره صحيحة أو فاسدة طالما كانت النية مجرد الاعتراض على الآخر لإظهار أنه أعلم منه وليس لدفع الباطل أو إحقاق الحق وأما إذا كان الأمر لأجل ردّ الخصم عن الخطأ، فلا بأس .

 أ - وهل يوجد فرق بين كون القضية المطروحة للجدال قضية دينية أو قضية دنيوية؟

الجواب:

 لا فرق بين القضيتين طالما كان المقصود هو المماراة وغلبة الآخر فإن ذلك حرام.

ويتلخص أن الجدال على قسمين أحدهما: لتصحيح خطأ الآخرين وهو ليس محرماً على المعتكف والآخر: لأجل التغلب على الآخرين وإظهار القدرات العلمية أمامهم وهو من محرّمات الاعتكاف.

ب- وقد تتساءل هل ما تقدم من محرّمات الاعتكاف مختص بالنهار ولا يشمل الليل بمعنى أن المعتكف في الليل يكون قد أفطر فهل يجوز له مقاربة زوجته أو أنه لا فرق بين الليل والنهار بالنسبة إليه حيث تكون مباشرة الزوجة وسائر المحرمات الباقية حراماً عليه حتى في الليل؟

الجواب:

 لا فرق في المحرمات المذكورة على المعتكف بين الليل والنهار فلا يجوز له مباشرة النساء في الليل وهو مفطر كما لا يجوز وهو صائم في النهار طالما كان معتكفاً وكذلك حرمة التجارة وشم الطيب والجدال والاستمناء وسائر المحرمات.

 خلاصة الفصل الثالث:

محرمات الاعتكاف

مباشرة النساء

بالجماع

باللمس بشهوة

التقبيل بشهوة

الاستمناء على الأحوط

شمّ الطيب:( أي كــل مـــادة لها رائحــة طيبـة وكذلك التلذذ بشمّ الرياحين)

التجارة:( كالبيع والشراء، والإجارة ونحوها )

الجدال

أمر ديني

أمر دنيوي    

 



 

الفصل الرابع  : إعادة الإعتكاف - حالات فساد الإعتكاف

إعادة الاعتكاف

 سوف نتعرف في هذه الفقرة على الحكم الشرعي في صورة ما لو فسد الاعتكاف لأي سبب من الأسباب المؤدية إلى بطلانه ومتى يجب القضاء ومتى لا يجب وماذا يترتب على من أفسد اعتكافه وما يتبع ذلك من تفاصيل؟ والذي ينبغي إيضاحه أن لكل حالة من حالات إفساد الاعتكاف موقفاً فقهياً قد يختلف عن غيره في الحالة الأخرى فالأنفع تقسيم الجواب بحسب الحالات وهي كالتالي؟ 

الحالة الأولى:

 أن يكون اعتكافه مستحباً عند البدء وقد فسد قبل مضي نهارين منه كما لو ابتدأ بالاعتكاف المستحب يوم الاثنين فخرج من المسجد يوم الثلاثاء دون مسوّغ شرعي وبقي مدة انمحت معها صورة الاعتكاف فإنه يبطل اعتكافه في هذه الحالة وهنا لا تجب عليه الإعادة طالما لم يمضِ عليه يومان في اعتكافه.

الحالة الثانية:

 أن يكون اعتكافه مستحباً عند البدء ولكنه فسد بعد مضي يومين فلو اعتكف يوم الاثنين وأفسد اعتكافه يوم الأربعاء وجبت عليه إعادة الاعتكاف.ولا تجب الإعادة الفورية بل يجوز له تأخيرها.

الحالة الثالثة:

 أن يبدأ اعتكافه في وقت لا يشرع فيه الاعتكاف أو في مكان لا يصح فيه كذلك كما لو اعتكف يوم العيد الذي يحرم الصيام فيه ( ولا اعتكاف دون صيام ) أو قبل العيد بيوم أو يومين، أو اعتكف في الحسينية أو الجامعة أو الحوزة أو مطلق مكان غير المسجد ثم تفطن إلى ذلك بأن اعتكافه ليس في الوقت المشروع ولا في المكان الصحيح، انصرف عن اعتكافه ولا إعادة عليه.

الحالة الرابعة:

 أن يكون المكلّف قد نذر الاعتكاف واعتكف وفاءً بنذره كمن نذر أن يعتكف الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر رمضان لهذا العام ثم أفسد اعتكافه مع كونه نذراً محدّداً ومعيّناً فإنه تجب عليه الإعادة في هذه الحالة وتسمى قضاء لأنها تقع بعد انتهاء الأمد المحدّد في النذر ولكن السؤال الذي قد يطرأ هل يجب القضاء فوراً أو يجوز له تأخير قضاء الاعتكاف؟

 الجواب:

 أن القضاء لا يجب على الفور وإن كان أحوط استحباباً. 

الحالة الخامسة:

 أن يكون المكلّف قد نذر الاعتكاف ولكن لم يحدّده ولم يعيّنه بأيام خاصة كما في الحالة الرابعة بل نذر أن يعتكف ثلاثة أيام دون تحديد كونها من رجب أو شعبان أو غيرهما ثم بدأ الاعتكاف وفاءً بالنذر غير المعيّن.وأفسد اعتكافه بالأثناء بأي سبب من الأسباب المتقدمة فماذا يجب عليه؟.

الجواب:

 تجب عليه إعادة الاعتكاف عملاً بالنذر ووفاءً له في وقته ولا تسمى حينها قضاء كما في الحالة السابقة.

الحالة السادسة:

 أن يبدأ اعتكافه الواجب أو المستحب الذي شرط لنفسه الرجوع فيه إن عرض عارض كقدوم ولده من السفر مثلاً ثم بعد ذلك يفسده لتحقق ما شرطه بحيث يأتي ولده فيرجع المكلف عن اعتكافه سواء كان واجباً أو مستحباً فإنه في هذه الصورة لا تجب الإعادة، ولا القضاء ولا الكفارة.

 





 

الفصل الخامس  : كفّارة إفساد الإعتكاف

كفّارة إفساد الاعتكاف

 تعرّفنا من خلال ما تقدم معنا على الحالات التي تجب إعادة الاعتكاف أو قضاؤه فيها وكذلك على الحالات التي لا تجب معها الإعادة ولا القضاء لكن لم نتحدث فيما سبق عن الكفارة.

فما هي كفارة إفساد الاعتكاف؟

ومتى تجب الكفارة؟

هذا ما نوضحه فيما يلي:

ما هي الكفارة ؟

والجواب سوف يأتي بعد هذا التمهيد الذي نشرح من خلاله معنى الكفارة بشكل عام وماذا يراد منها :

لمادة كفر ( ك ف ر) في اللغة العديد من المعاني منها الإنكار والجحود والمحو والتغطية والمراد هنا بالكفارة ما يؤدى بدلاً عن نقص أو ذنب تماماً كالعقوبة أو الأرش ( أي ما يجبر النقص )وهذه العقوبة أو هذا الأرش مقدّر تبعاً لنوع النقص والذنب في نظر الشارع الأقدس وقد تكون العقوبة مالية كإطعام عدد معين من المساكين أو كسوتهم وقد تكون نفسية كالصيام والكف بعض الوقت عن الطيبات.

وكل كفارة تعتبر عبادة ويجب أن يؤتى بها بنية القربة ولا تصح إلا من المسلم.

وكما يجب في الكفارة أن يقصد المكلف بها التكفير عن ذنبه الذي كان سبباً في وجوب تلك الكفارة عليه، فإذا اجتمعت عليه كفارات متعددة وجب أن يعين كل واحدة منها عند أدائها.

وكفارة إفساد الاعتكاف بالجماع هي كفارة من أفطر يوماً متعمداً من شهر رمضان بأن يختار القيام بأحد أمور ثلاثة:

- عتق رقبة مؤمنة ( أي مسلمة )

- أو صيام شهرين متتالين.

- أو إطعام ستين مسكيناً.

فأي واحد من هذه الأمور أتى به كفاه وكان تكفيراً عن ذنبه وتسمى هذه الكفارة من أجل ذلك بالكفارة المخيّرة لأن المكلّف فيها بالخيار بين ثلاثة أشياء وكل كفارة من هذا القبيل يطلق عليها اسم الكفارة المخيّرة.

هذه هي الكفارة الواجبة والأحوط استحباباً أن يكفّر كفّارة مرتبة بحيث يعتق رقبة فإن لم يتيسر يصوم شهرين فإن لم يتيسر يطعم ستين مسكيناً وسميت مرتبة لأن الاختيار لم يترك للمكلف بل عيّن له نوع الكفارة على سبيل الترتيب.

فالحاصل أن الواجب هو الكفارة المخيّرة لكن يستحب الترتيب فيها .

متى تجب الكفارة؟

تجب الكفارة إذا كان إفساد الاعتكاف بالجماع ولا تجب لو أفسد اعتكافه بسائر المحرّمات الباقية كشمّ الطيب والتجارة والجدال ولا بد من التفصيل حيث توجد صور في إفساد الاعتكاف الموجب للكفارة وغير الموجب لها.

الصورة الأولى: ( وجوب كفارة واحدة)

 أن يعتكف الإنسان اعتكافاً واجباً بنذر أو غيره ثم يجامع زوجته ليلاً وقد أفطر من صيامه، فإنه تجب عليه كفارة واحدة.

الصورة الثانية: ( وجوب كفارة واحدة على الأحوط )

 أن يعتكف اعتكافاً مستحباً ويجامع زوجته ليلاً قبل تركه الإعتكاف.

الصورة الثالثة: ( عدم وجوب الكفارة)

 أن يعتكف اعتكافاً مستحباً ويجامع زوجته ليلاً بعد تركه للاعتكاف فإنه في هذه الصورة الأقوى عدم وجوب الكفارة.

الصورة الرابعة:( استحباب الكفارة)

 أن يفسد اعتكافه الواجب بغير الجماع بل بالتجارة وما شاكلها من سائر المحرّمات التي تقدمت فالكفارة مستحبة في هذه الحالة.

الصورة الخامسة: (وجوب كفّارتين)

 أن يفسد اعتكافه الواجب بالجماع ويكون ذلك في نهار شهر رمضان فإنه في هذه الصورة تجب عليه كفّارتان:

 الأولى: على أساس أنه تحدّى بذلك اعتكافه.

والثانية: كفارة إفطار صيام شهر رمضان.

هذا في صورة ما لم تكن زوجته صائمة أيضاً وإلا سيأتي تفصيل تلك الحالة.

الصورة السادسة: (وجوب كفارتين أيضاً)

أن يفسد اعتكافه الواجب بالجماع ولا يكون ذلك في نهار شهر رمضان بل في قضائه بعد زوال الشمس (بعد صلاة الظهر ) بحيث أنه كان صائماً يقضي ما فاته من شهر رمضان ثم زالت الشمس وحان وقت صلاة الظهر فصلّى وبعد ذلك جامع زوجته ولم تكن زوجته صائمة فإنه في هذا الفرض تجب عليه كفّارتان:

 الأولى : لإفساده اعتكافه بالجماع.

الثانية: لإفطاره عمداً في قضاء شهر رمضان بعد الزوال. 

الصورة السابعة: (وجوب كفارة واحدة)

أن يفسد اعتكافه الواجب بالجماع أثناء قضاء شهر رمضان لكن قبل الزوال ( قبل وقت صلاة الظهر) فعليه كفارة واحدة لإفساد اعتكافه فقط.

الصورة الثامنة):وجوب ثلاث كفّارات(

أن يفسد اعتكافه في نهار شهر رمضان بالجماع مع كون الاعتكاف واجباً وزوجته صائمة ولم تطاوعه على ذلك بل أكرهها عليه ولم يكن برضاها فحينئذ تجب ثلاث كفّارات الأولى لإفساد الاعتكاف، والثانية للإفطار العمدي في شهر رمضان والثالثة عن زوجته.

 الصورة التاسعة) :استحباب كفارة رابعة إضافة إلى وجوب الثلاث(

وهي نفس الصورة الثامنة لكن مع كون الزوجة معتكفة إضافة إلى كونها صائمة وقد أكرهها الزوج على الجماع في نهار شهر رمضان فإنه تجب عليه الكفّارات الثلاثة المتقدمة والأحوط استحباباً كفارة رابعة عن زوجته لاعتكافها.

الصورة العاشرة: (وجوب أربع كفّارات: اثنتان على الزوج واثنتان على الزوجة)

 أن يكون الزوج معتكفاً اعتكافاً واجباً في نهار شهر رمضان وتكون زوجته كذلك معتكفة اعتكافاً واجباً في نهار شهر رمضان ثم يفسد الرجل اعتكافه بجماعها وهي راضية ومطاوعة له فإنه تجب عليه كفارتان وكذلك يجب على زوجته كفارتان.

 الصورة الحادية عشر:(وجوب كفارتين: إحداهما على الزوج والأخرى على الزوجة)

وهي نفس الصورة العاشرة لكن مع كون ذلك في ليل شهر رمضان وليس في نهاره فحينئذ تسقط كفارة الإفطار العمدي عن كلا الزوجين وتبقى كفارة إفساد الاعتكاف واجبة بحيث تجب على الزوج كفارة ويجب على الزوجة كفارة أخرى.
 

خلاصة الفصل الخامس: إفساد الاعتكاف ــ بالجماع وله صور

1- ( الاعتكاف الواجب ليلاً ) / حكمه: وجوب كفارة واحدة.

2- ( الاعتكاف المستحب ليلاً قبل رفع اليد عنه). / حكمه: وجوب كفارة واحدة على الأحوط.

3- (الاعتكاف المستحب ليلاً بعد رفع اليد عنه). / حكمه: عدم الكفارة.

4-(الاعتكاف الواجب في نهار شهر رمضان). / حكمه: وجوب كفارتين.

5-(الاعتكاف الواجب في قضاء شهر رمضان بعد الزوال(. / حكمه: وجوب كفارتين.

6- ( الاعتكاف الواجب في قضاء شهر رمضان قبل الزوال). / حكمه: وجوب كفارة واحدة.

7- (الاعتكاف الواجب في نهار شهر رمضان وزوجته صائمة قد أكرهها على الجماع). / حكمه: ثلاث كفارات.

8- نفس الصورة (7) بالإضافة إلى اعتكاف الزوجة. / حكمه: استحباب كفارة رابعة بالإضافة إلى وجوب الثلاث.

9-( أن يكون كلا الزوجين صائمين ومعتكفين اعتكافاً واجباً، في نهار شهر رمضان وقد طاوعت الزوجة زوجها على الجماع). / حكمه: أربع كفارات اثنتان على الزوج واثنتان على الزوجة

10- ( نفس الصورة (9) مع كون الجماع في ليل شهر رمضان. / حكمه: وجوب كفارتين إحداهما على الزوج والأخرى على الزوجة. 

بغير الجماع ــــ    حكمه: استحباب الكفارة ( كالتجارة وشمّ الطيب والجدال، و...)

 





 

الفصل السادس  : مسائل في الإعتكاف

 مسائل في الاعتكاف

 س1: هل يصح الاعتكاف من الصبي الذي لم يبلغ الحلم أم أن البلوغ شرط في صحة الاعتكاف كما العقل والصيام وغيرهما من الشرائط؟

ج 1: يصح الاعتكاف من الصبي المميّز على الأقوى ولا يشترط في صحة الاعتكاف أن يكون بالغاً.

س2: هل يجوز العدول من اعتكاف إلى آخر كما لو كان عليه اعتكافان واجبان أحدهما بالنذر والآخر بالإجارة فبدأ بالاعتكاف النذري هل يجوز له الانتقال إلى الاعتكاف الإجاري قبل إتمام الاعتكاف النذري أو لا؟

ج2:  لا يجوز له ذلك وإن كان الاعتكافان النذري والإجاري متحدين في الوجوب بل الواجب إتمام الاعتكاف الأول ثم الابتداء بالاعتكاف الثاني.

س3: هل يجوز العدول من اعتكاف واجب إلى اعتكاف مستحب أو بالعكس من اعتكاف مستحب إلى آخر واجب أو لا؟

ج 3: لا يجوز ذلك في الصورتين من غير فرق.

س4: هل إذا كان الاعتكافان مستحبين يجوز العدول من أحدهما إلى الآخر؟

ج4: لا يجوز ذلك ولا خصوصية لكونهما مستحبين بل حكمهما حكم سائر فروض المسألة.

س5: إذا اعتكف نيابة عن زيد هل يجوز له العدول إلى الاعتكاف نيابة عن شخص آخر كعمرو؟

ج5: لا يجوز العدول في الاعتكاف عن نيابة شخص إلى نيابة شخص آخر.

س6:إذا ابتدأ المكلف الاعتكاف عن نفسه فهل يجوز له الانتقال إلى اعتكاف آخر عن غيره كأحد أخوته الشهداء؟ وكذلك إذا ابتدأ الاعتكاف نيابة عن غيره فهل يجوز له الانتقال إلى الاعتكاف عن نفسه قبل إتمام الاعتكاف الأول؟

 ج 6: لا يجوز ذلك في الصورتين ولا فرق في عدم جواز العدول من اعتكاف إلى آخر بين كونه في البداية عن نفسه أو عن غيره.

س7: هل يصح أن يعتكف الإنسان ثلاثة أيام منفصلة كأن ينوي اعتكاف يوم الأحد والثلاثاء والخميس دون الاثنين والأربعاء؟

ج7:  لا يصح ذلك بل يشترط أن تكون الأيام الثلاثة متوالية.

س8: لو نذر اعتكاف يومين فقط هل يبطل نذره أو يصح ويجب عليه الإتيان بيوم ثالث؟

ج8:  صح نذره ووجب ضمّ اليوم الثالث إلى اليومين المنذورين.

س9: لو نذر اعتكاف يوم واحد مقيّداً له بعدم الزيادة على نحو أن يكون الإتيان باليومين الباقيين منافياً فهل يصح نذره وهل يجب عليه الوفاء بالاعتكاف يوماً واحداً لا غير؟

ج9:  لا ينعقد نذره ولا يجب عليه الوفاء مع تقييده له بعدم الزيادة وإلا لو لم يقيّده بعدم الزيادة صح نذر اليوم الواحد ووجب ضم يومين له أثناء الوفاء بالنذر لأنه لا اعتكاف دون ثلاثة أيام.

س10: إذا احتلم المعتكف في المسجد هل يجوز له البقاء فيه أو يجب عليه الخروج منه؟

 ج 10: لو أجنب في المسجد وجب عليه الخروج للاغتسال من الجنابة ولو ترك الخروج بطل اعتكافه من جهة حرمة لبثه في المسجد وهو جنب.

س11: لو تدافع شخصان في المسجد إلى أحد الأماكن فيه وكانا معتكفين بغية الحصول على ذلك المكان فدفع المتأخر من سبقه وأخد محلّه فهل يؤدي ذلك إلى بطلان اعتكافه أو لا؟.

ج 11: لا يبطل اعتكافه وإن كان أخذ محل الآخر أو التدافع إلى المكان والمزاحمة عليه ليس من الأخلاق الإسلامية.

س12: هل الجلوس على الفراش المغصوب مبطل للاعتكاف؟

ج 12: كلا ليس مبطلاً للاعتكاف وإن كان بنفسه في صورة العلم حراماً.

س13: هل يجوز للمعتكف أن يشترط حين نية الاعتكاف الرجوع عن اعتكافه ولو في اليوم الثالث منه إذا عرض له عارض ما كفرصة ينتظرها لأجل السفر إلى بلد معين أو لقدوم عزيز له من سفره أو غير ذلك؟

ج13:  نعم يجوز للمعتكف ذلك وما هو ممنوع عليه أن يشترط الرجوع دون عروض عارض بحيث يقول لي الرجوع متى ما شئت ودون أي سبب، فذلك محل إشكال بل منع.

س14: هل يشترط في العارض أن يكون من الضرورات التي تبيح المحظورات كالحاجة إلى الدواء أو الطبيب أو يكفي أن يكون الأمر العارض من الأعذار العرفية العادية كقدوم الزوج أو الزوجة من السفر؟

ج14: لا يشترط في العارض الذي يجوز للمعتكف اشتراطه حين نية الاعتكاف أن يكون من الضرورات التي تبيح المحظورات بل يكفي كونه من الأعذار العرفية والعادية.

س15: هل يصح للناذر أن يشترط الرجوع عن اعتكافه لو عرضه عارض في نذره بأن يقول: للّه عليّ أن اعتكف بشرط أن يكون لي الرجوع عن الاعتكاف إذا جاء أخي من بيروت وكنت معتكفاً؟

ج 15: نعم يصح ذلك ويجوز له أن يرجع عن اعتكافه إذا قدم أخوه من بيروت مثلاً فيترك اعتكافه ولا يكون بذلك آثماً ولا حنث نذره.ولا يجب عليه القضاء ولكن لا يترك الاحتياط بذكر الشرط حال الشروع في الاعتكاف.

س16: هل يسقط الشرط الذي يشترطه الناذر في اعتكافه حين النية بإسقاطه بعدها فلو قال: للّه عليّ أن اعتكف بشرط أن يكون لي الرجوع عن اعتكافي إذا عادت زوجتي إلى بيتي فهل يسقط الشرط لو قال بعدها أسقطت ما اشترطه لنفسي بعد أن انعقدت النية عليه أو لا؟

ج 16: الظاهر عدم سقوط الشرط بإسقاطه بعد أن انعقدت نية الاعتكاف كذلك بل يبقى الشرط ثابتاً له ويحق له متى ما قدمت زوجته وعادت إلى بيته أن يرجع عن اعتكافه ويعود إلى البيت تاركاً المسجد.

 





ختام

 ولما كان أفضل الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وليالي القدر وأكثر ما يعتكف المؤمنون فيها فإنه ينبغي للمعتكف قراءة الأدعية والقيام بالأعمال المستحبة الواردة في هذه الأيام الشريفة، باعتبارها داخلة في برنامجه العبادي الذي عكف في مسجده متوجهاً إلى الخالق سبحانه ومنقطعاً إليه يرجو بذلك القرب والنجاة من النار والفوز بالجنة.

فالمأمول أن يكون وقته عامراً بتلاوة القرآن والمناجاة والتسبيح والتهجد وإدامة الخضوع للّه تعالى وليس في تمضية أيام الاعتكاف كيفما كان.

وقد فصّل الشيخ عباس القمي (رض) في كتابه مفاتيح الجنان المستحبات المأثورة عن أهل بيت العصمة (ع) في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك فلتراجع هناك ولتغتنم الفرصة بالتزوّد منها :

( وتزوّدوا فإن خير الزاد التقوى...) .

والحمد للَّه رب العالمين  

 





هامش

[1] سورة البقرة، الآية/125.

[2] مستدرك الوسائل، ج‏7، ص‏559، الحديث الثاني

[3] م.ن. الحديث الأوّل.

[4] م.ن. الحديث الثالث.

[5] م.ن. الحديث الرابع.

[6] م.ن. الحديث الخامس.

[7] مستدرك الوسائل، ج‏7، ص‏560، الحديث السادس.

[8] الاعتكاف في اللغة: يقال: عكفتُ الشي‏ء وأعكفه أي حبسته ومنه الاعتكاف وهو افتعال لأنه حبس النفس عن التصرفات العادية وعكفته عن حاجته أي منعتُهُ.   

 والاعتكاف والعكوف: الإقامة على الشي‏ء وبالمكان ولزومهما.

[9] راجع تحرير الوسيلة، ج‏2، ص 116، القول في النذر.

[10] راجع تحرير الوسيلة، ج‏2، ص 112، القول في اليمين.

[11] م.ن، ص‏124، القول في العهد.

[12] الوسائل باب 1، من أبواب الاعتكاف، حديث‏1، وحديث 4.

[13]  سيأتي بيانها في فقرة ( متى يجوز خروج المعتكف من المسجد ؟) 

[14]   سورة البقرة، الآية/ 187.