خصـال الإخوان


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-06

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


الدرس الأول: الأخوة في الإسلام

الدرس الأول

الأخوة في الإسلام
 
 
 
 
يقول تعالى:

 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ( الحجرات:10).

أ- أهمية الأخوة

لقد حثّ‏َ الإسلام العزيز على العلاقات الإنسانية القائمة على أسس الخير والصلاح والتي يكون عنصر الربط فيها نابعاً من الروح السامية والقلب السليم والعقيدة الصحيحة. لما في تلك العلاقات من تأثير متبادل بين الأطراف وخصوصاً الأخوّة في الله تعالى التي تترك بصماتها في الحياة الداخلية والخارجية للإنسان بعيداً عن حدود الإتصال بالنسب فقط كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "ربّ‏َ أخٍ لك لم تلده أمك؟" والذي يلفت الانتباه هو الموقع المتقدم الذي حظيت به الأخوة في أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم واله عليهم السلام بعد القران الكريم، فقد ورد
 
 
 
 
 
5

1

الدرس الأول: الأخوة في الإسلام

 عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام مثل أخٍ يستفيده في الله"1.

 
فقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فائدة الأخوة في الله تعالى بعد فائدة الإسلام مباشرة كما هو واضح من الحديث المتقدم وجعل النظر إلى وجه الأخ عبادة كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "النظر إلى الأخ تودّه في الله عز وجل عبادة"2. وانه: "من استفاد أخاً في الله عز وجل استفاد بيتاً في الجنة" كما عن الرضا عليه السلام.3
 
ومن جانب اخر فإن المؤمن هو دليل أخيه المؤمن وعينه كما ورد عن الصادق عليه السلام: "المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه، ولا يعده عدة فيخلفه"4.
 
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن المؤمن ليسكن إلى المؤمن كما يسكن الظمان إلى الماء"5.
 
 
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إستكثروا من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة"6.
 
ونحن نقف أمام هذه المضامين العالية للأخوة والتي هي صريحة في أنها حاجة بل ضرورة في كلا العالمين الدنيوي والأخروي، تعرض لنا جملة من التساؤلات لا بد من العثور على أجوبتها الشافية، من قبيل ما هي حدود الأخوة في الإسلام؟ ومن نؤاخي؟ وعلى أيّ أساسٍ يتمّ اختيارنا؟ ومن هم أصدقاء السوء؟ ومن هم أخوان الصدق؟ وما
 
 
 

1- تنبيه الخواطر، ج‏2، ص‏179.
2- بحار الأنوار، ج‏74، ص‏279، ح‏1.
3- ثواب الأعمال، ج‏1، ص‏182، ح‏1.
4- الكافي، ج‏2، ص‏166، ح‏3.
5- النوادر للراوندي، ص‏8.
6- كنز العمال، 26442.
 
 
 
 
 
6

2

الدرس الأول: الأخوة في الإسلام

 هي الحقوق المتوجبة علينا والاداب التي ينبغي التحلي بها مع الأخوان؟ لنتعرف على العوامل الإيجابية التي تؤدي إلى توطيد العلاقة وتعزيزها فنتبعها، وعلى العوامل السلبية التي تنتهي إلى القطيعة والعداوة فنجتنبها.

 
لذا سنحاول جاهدين أن نجيب عن ذلك في الدروس المقبلة إن شاء الله تعالى.
 
 
ربما يكون للوهلة الأولى معنى الأخوة واضحاً ويعتبر من أصعب الصعوبات توضيح الواضحات ولكن الأمر ليس كذلك حينما تنظر إلى طائفة من الأحاديث المباركة التي رسمت أبعاد المعنى وأسس المبنى وعمق الارتباط بين الاسم والمسمى في حدود حثّت الشريعة الغراء على المحافظة عليها وحذّرت من تجاوزها كالنزاهة عن الخيانة وغيرها ويكفي شاهداً لهذا المعنى الرفيع ما ورد في سبب تسمية الأخوان والأصدقاء كما في الحديث عن الصادق عليه السلام: "إنما سمّوا إخواناً لنزاهتهم عن الخيانة وسمّوا أصدقاء لأنهم تصادقوا حقوق المودّة"1.
 
فلذلك يكون الانحراف عن هذه الجادة نقضاً لعهد الأخوة وخروجاً على مكانتها وابطالاً لمعناها.
 
 
 

1- البحار، ج‏71، ص‏180.
 
 
 
 
 
 
7

3

الدرس الأول: الأخوة في الإسلام

 ج- أقسام الأخوة

 
1- الأخوّة النّسبية: وهي العلقة بين إنسانين من خلال اشتراكهما في أب أو أم أو فيهما تولّداً، ولها اثار شرعية عديدة كالإرث وحرمة التزويج وغير ذلك.
 
2- الأخوّة الرضاعية: وهي عبارة عن الربط القائم بين إنسانين من خلال الإرتضاع من امرأة واحدة ولها آثار شرعية أيضاً كحرمة التزويج وغيرها ولكنها أضيق من النسبية لأن الأخوين من الرضاعة لا يتوارثان.
 
3- الأخوّة الدينية: وهي عبارة عن الاشتراك بين شخصين في الدين والإيمان كما في قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ1.

 

 
وعن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: "فإنهم (لناس) صنفان: إما أخٍ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق"2، بمعنى أن الذي يوجد الشراكة بين الإخوان هو الإيمان الذي بمنزلة الأب النَّسَبي تشبيهاً له به وإن تباعدت أوطانهم وتغايرت ألوانهم واختلفت لغاتهم.
 
د- ميزان الأخوة
 
أكدت الأحاديث الشريفة أن الأساس والميزان الذي ينبغي قيام الأخوة عليه لا بد أن يكون إلهيّاً وان من كانت أخوته في غير ذات الله تعالى فهي عداوة كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الناس أخوان فمن كانت أخوته في غير ذات الله فهي عداوة وذلك قوله عز وجل: ﴿الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ3

 

 
 
 

1- الحجرات:10.
2- البحار، ج‏33، ص‏600.
3- كنز الفوائد، ص‏34.

 
 
 
 
 
8

4

الدرس الأول: الأخوة في الإسلام

 ولذلك لا يجدر بنا أن نُواخي على أساس مصالحنا الدنيوية ومكاسبنا التجارية، وليس غريباً أن ينتهي الأمر بالفراق أو القطيعة حينما تنقضي المصالح وتكون الصحبة مشؤمة ونبوء بالحرمان.

 
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "من اخى في الله غنم، ومن اخى في الدنيا حُرِم"1.
 
وعنه "كل مودة مبنية على غير ذات الله ضلال والاعتماد عليها محال"2.
 
وعنه أيضاً: "من لم تكن مودته في الله فاحذره، فإن مودته لئيمة وصحبته مشؤمة"3.
 
 
 
هـ- اختيار الأخ
 
كيف أختار أخاً لي؟ وما هي الخطوة الأولى التي ينبغي اتباعها؟
 
هنا نطرق باب أمير المؤمنين عليه السلام لنأخذ الجواب حيث يقول: "قدّم الإختبار في اتخاذ الإخوان، فإن الإختبار معيار يفرّق بين الأخيار والأشرار"4.
 
ويقول عليه السلام أيضاً: "قدّم الإختبار وأجد الاستظهار في اختيار الإخوان وإلا ألجأك الإضطرار إلى مقارنة الأشرار"5.
 
إذن الإختبار ثم الإختيار وذلك حتى لا يدخل الإنسان في علاقة مشينة ولا يضع ثقته حيث لا يجب أن توضع، فيأتمن الاخر على
 
 
 

1- غرر الحكم، ح‏77740.
2- المصدر نفسه ح 6915.
3- المصدر نفسه. ح 8978.
4- ميزان الحكمة، ح‏283.
5- المصدر نفسه. ح‏284
 
 
 
 
 
9

5

الدرس الأول: الأخوة في الإسلام

  أسراره ويطلعه على شؤونه بالرغم من عدم وضوح حقيقته لديه، وبهذا يقع في مقارنة الأشرار لأنه لم يقم العلاقة على نور ومشى في الظلام، وهنا نسأل ما هي عناصر الاختبار الذي هو الخطوة الأولى؟

 
وهي التي سيأتي بيانها في السلسلة الاتية ونقدِّم لها الحديث عن مولانا الصادق عليه السلام: "اختبروا أخوانكم بخصلتين فإن كانتا فيهم وإلا فاعزب ثم اعزب ثم اعزب محافظة على الصلوات في مواقيتها، والبرّ بالأخوان في العسر واليسر"1.
 
 
والحمد لله رب العالمين
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح‏286.
 
 
 
 
 
 
10

6

الدرس الثاني: أصناف الإخوان‏

 الدرس الثاني

أصناف الإخوان‏
 
 
 

عن الإمام الكاظم عليه السلام:

"إجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعاتٍ: ساعة لمناجاة الله، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان والثقاتِ الذين يعرّفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن، وساعة تخلون فيها للّذاتكم في غير مُحرّم..."( تحف العقول، 302).

إن هذا الحديث يأمرنا بأن نجعل قسماً خاصاً من أوقاتنا لمعاشرة الإخوان وكذلك يتولى التعريف بهم من خلال ركيزتين مهمتين:

الأولى: أن يتولى الأخ سبيلاً بنّاءً في إصلاح الاخر من خلال مكاشفته بعيوبه، ومعاونته على إصلاحها.

والثانية: ان يكون مخلصاً لأخيه في باطنه وسريرته بمعنى أن لا يغشّه فيظهر له خلاف ما يضمره، ولذلك كان لا بد من معرفة أقسام الإخوان ومن ينبغي معاشرته ومن لا ينبغي.
 
 
 
 
 
11

7

الدرس الثاني: أصناف الإخوان‏

 1- التقسيم الأول

 
إخوان الثقة وإخوان المكاشرة.
 
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الإخوان صنفان: إخوان الثقة وإخوان المكاشرة، فأما إخوان الثقة فهم كالكفّ والجناح والأهل والمال، وإذا كنت من أخيك على ثقةٍ فأبذل له مالك ويدك، وصافِ من صافاه وعادِ من عاداه واكتم سرّه، وأعنه، وأظهر منه الحسن، واعلم أيها السائل أنهم أقلّ من الكبريت الأحمر وأما إخوان المكاشرة، فإنك تصيب منهم لذّتك ولا تقطعنّ ذلك منهم، ولا تطلبنّ ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل ما بذلوا لك من طلاقة الوجه، وحلاوة اللسان"1.
 
لقد بيّن عليه السلام في هذا التصنيف مرحلتين من العلاقة الأخوية يمكن أن نطلق على المرحلة المعبَّر عنها بـ (إخوان الثقة) العلاقة العميقة في أبعادها الرسالية والتي تعود إلى أعماق كلا الطرفين بما هما عليه من فطرة إلهية ووحدة في المنطلق والهدف، وصدق في الموقف بحيث أن الثقة بالاخر هي التي سبّبت البذل له وما سواه من الأمور المذكورة في الحديث من الحقوق المجعولة له.
 
وأما المرحلة الأخرى المعبّر عنها بـ (إخوان المكاشرة) ويمكن وصفها بالعلاقة السطحية التي لا تتعدى الظاهر والمقابلة بمعنى أنها مقتصرة على دلالات الوجه  واللسان دون البناء على ما وراء ذلك، فلذا لا يمكن التعويل على ما تنطوي عليه وتبقى شكلاً لا مضموناً ومظهراً يتعامل معه بحدوده لا أكثر.
 
 
 

1- بحار الأنوار: ج‏74، ص‏281، ح‏2.
 
 
 
 
 
 
12

8

الدرس الثاني: أصناف الإخوان‏

 2- التقسيم الثاني

 
عن الإمام الصادق عليه السلام: "الإخوان ثلاثة: فواحد كالغذاء الذي يحتاج إليه كل وقت فهو العاقل، والثاني في معنى الداء وهو الأحمق، والثالث في معنى الدواء فهو اللبيب1.
 
أما الأول: فإنه يمثّل حاجة دائمة ومستمرة في الحياة الفكرية والدينية لأخيه كما الطعام والشراب بالنسبة للبدن ولذلك قال ‏عليه السلام: "يحتاج إليه كل وقت".
 
وأما الثاني: أي الأحمق فهو من فسد عقله فبات مصدراً للإنحراف عن الطريق القويم والكل في غنىً عنه ومأمور بالإحتراز منه.
 
وأما الثالث: أي اللبيب الذي اعتبره عليه السلام ضرورة في دوام العافية الاجتماعية ودواءً عند حلول المشاكل أو الوقوع في الأزمات فهو الأهم الذي يحفظه ويصونه.
 
3- التقسيم الثالث
 
الإخوان ثلاثة:
 
أ- مواسِ‏ٍ بنفسه.
 
ب- مواسٍ بماله.
 
ج- صاحب الغاية.
 
من الواضح أن من معالم الصدق في الإخاء المواساة بالنفس أو
 
 
 

1- تحف العقول، 323.
 
 
 
 
 
 
13

9

الدرس الثاني: أصناف الإخوان‏

 المال ولا شك أن المواسي من إخوان الثقة، وأن صاحب الغاية التي متى تحققت فارق أخاه، من إخوان المكاشرة، فلا فرق بين التقسيم الأول والثالث سوى الاجمال والتفصيل الذي ورد في رواية عنه عليه السلام: "الإخوان ثلاثة: مواسٍ بنفسه، واخر مواسٍ بماله، وهما الصادقان في الإخاء. واخر يأخذ منك البلغة ويريدك لبعض اللذة فلا تعدّه من أهل الثقة"1.

 
 
4- التقسيم الرابع
 
عن الإمام الحسين عليه السلام: "الإخوان ثلاثة: 
أ- فأخ لك وله.
ب- وأخ لك.
ج- وأخ عليك.
د- وأخ لا لك ولا له2.
 
والان بعد معرفة هذه التقسيمات لا بد من التعرّف على من لا ينبغي مؤاخاتهم ولا معاشرتهم لكي لا نقع في بناء علاقة نهى الإسلام العزيز عنها وهذا ما سيأتي في الدرس المقبل إن شاء الله تعالى.
 
 
 

1- تحف العقول، 324
2- نفس المصدر. 247.
 
 
 
 
 
 
14

10

الدرس الثالث: أصدقاء السّوء

الدرس الثالث

أصدقاء السّوء
 
 
 
 
س- من هم الذين لا ينبغي معاشرتهم؟
ج- إن الذين لا ينبغي أن نعاشرهم كما ورد في أحاديث أهل البيت‏ عليهم السلام هم:
 
 
1- الأحمق الكذّاب
 
فقد جاء في الحديث عنه عليه السلام: "إيّاك وصحبة الأحمق الكذّاب، فإنه يريد نفعك فيضرّك، ويقرّب منك البعيد، ويبعّد منك القريب، إن ائتمنته خانك، وان ائتمنك أهانك، وإن حدّثك كذّبك، وإن حدّثته كذّبك وأنت منه بمنزلة السراب الذي يحسبه الظمان ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً"1.
 
إن هذه الأخطار الأخلاقية والعواقب السيئة التي عدّدها الحديث من قبيل الإضرار والخيانة والإهانة والتكذيب هي كافية للردع عن معاشرته ومعرفة أن مصير العلاقة معه هو الفشل لأنها تكون هدّامة 
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح‏10280.
 
 
 
 
 
15

11

الدرس الثالث: أصدقاء السّوء

 لا بنّاءة ومؤدية إلى الانحطاط لا إلى الإرتقاء من خلال الاثار الملموسة لهذا النوع الفتّاك بل القاتل من الناحية المعنوية إضافة إلى المادية.

 
 
2- صاحب الغاية الدنيوية
 
والمراد به الذي يصحبك ليستفيد منك مالاً أو جاهاً أو غير ذلك من الأطماع التي لا تجعل تلك الصحبة قائمة على أساس التقوى وليس فيها الصدق والإخلاص. وهو  الذي سرعان ما يتخلى عن تلك العلاقة حينما يصل إلى هدفه منك.
 
فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "إحذر أن تواخي من أرادك لطمعٍ أو خوفٍ أو ميلٍ أو للأكل والشرب، واطلب مواخاة الاتقياء، ولو في ظلمات الأرض، وإن أفنيت عمرك في طلبهم"1.
 
وقد صوّر أحد الشعراء ذلك حينما قال:
 
إذا قلّ‏َ مالي فما خِلّ‏ٌ يصادقني‏         وفي الزيادة كلّ الناس خِلاّني‏
 
كم من عدوٍّ لأجل المال صادقني‏      وكم صديقٍ لفقد المالِ عاداني‏
 
وقال اخر:
 
المرء في زمن الإقبال كالشَّجَره‏     والناس من حولها ما دامت الثَّمَره‏
 
حتى إذا راح عنها حملها انصرفوا   وخلّفوها تعاني الحرّ والغَبَره‏
 
 

1- ميزان الحكمة، ح‏230.1
 
 
 
 
 
16

12

الدرس الثالث: أصدقاء السّوء

3- الضَّال المُضلّ

 

 
يقول تعالى ﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا, لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا1.

 

 
4- الفاجر
 
فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا تصحب الفاجر فيعلّمك من فجوره".
 
ثمّ‏َ قال عليه السلام: "أمرني والدي بثلاث ونهاني عن ثلاث، فكان فيما قال لي: يا بنيّ‏َ من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يتّهم، ومن لا يملك لسانه يندم"2.
 
5- البخيل
فإنه قد جاء عنهم عليهم السلام التحذير من صحبته وربما كان لأجل أن المرء يأخذ من أخلاق أصحابه ويتأثر بهم كما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"3.
 
وعن الصادق عليه السلام: "وإيّاك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه"4.
 
6- الفاسق
فقد ورد عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنه قال لولده الباقر عليه السلام:
 
 
 

1- الفرقان:28-29.
2- الخصال، ج‏1 ص‏80.
3- البحار، ج‏71، ص‏192، ح‏12.
4- المصدر نفسه. ج‏71، ص‏196، ح‏29.
 
 
 
 
 
17

13

الدرس الثالث: أصدقاء السّوء

 "يا بنيّ انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق..." إلى أن قال عليه السلام: "وإيّاك ومصاحبة الفاسق فإنه بايعك بأكلة أو أقلّ من ذلك"1.

 
7- القاطع لرحمه
 
وذلك لما روي عنهم عليهم السلام: "وإيّاك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله عزّ وجل في ثلاثة مواضع: قال الله عزّ وجل: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ... وقال عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ2 ".. الحديث.

 

 
8- الكافر
 
عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يواخينّ‏َ كافراً"3.
 
9- الشرّير
 
قال الجواد عليه السلام: "إيّاك ومصاحبة الشرّير فإنه كالسيف المسلول يحسن منظره ويقبح أثره"4.
 
 
 

1- بحار الأنور، ج‏71، ص‏196، ح‏29.
2-الرعد:25.
3- بحار الأنوار، ج‏71، ص‏197، ح‏31.
4- المصدر نفسه. ح‏34.
 
 
 
 
 
18

14

الدرس الثالث: أصدقاء السّوء

 10- صاحب اللهو

 
عن الإمام علي عليه السلام: "إيّاك وصحبة من ألهاك وأغراك فإنه يخذلك ويوبقك"1.
 
11- الجبان
 
عن الباقر عليه السلام: "لا تصادق ولا تواخِ أربعة: الأحمق والبخيل والجبان والكذاب..." إلى أن يقول عليه السلام: "وأما الجبان فإنه يهرب عنك وعن والديه.."2.
 
12- ناشر 3.
 
في الحديث عن علي عليه السلام: "لا تواخِ من يستر مناقبك وينشر مثالبك"4.
 
13- رهين المداراة
 
وهو الذي لا يمكن استمرار الصداقة معه على قواعدها السليمة دون الخضوع إلى كثير من التكلّف والتجمّل وذلك ما يكون مع الأشخاص الذين هم سريعو الغضب والانفعال وإذا ما غضبوا هم لا يغفرون.
 
قال أمير المؤمنين عليه السلام: "ليس لك بأخٍ من احتجت إلى مداراته"5.
 
14- مجهول الموارد والمصادر
 
يقول الحسن‏ عليه السلام: "لا تواخ أحداً حتى تعرف موارده ومصادره، فإذا
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح‏10276.
2- مصادقة الأخوان، ص‏80، ح‏3.
3- المثالب: العيوب.
4- ميزان الحكمة، ح‏235.
5- المصدر نفسه. ح‏231.
 
 
 
 
 
19

15

الدرس الثالث: أصدقاء السّوء

 استنبطت الخبرة ورضيت العشرة فاخه على إقالة العثرة والمواساة في العُسرة"1.

 
15- الزاهد بأخيه
 
ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا ترغبَّن فيمن زهد فيك ولا تزهدنّ فيمن رغب فيك"2
 
16- صاحب البدعة
 
جاء عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم، فتصيروا عند الناس كواحدٍ منهم قال رسول الله‏ صلى الله عليه وآله وسلم: المرء على دين خليله وقرينه"3
 
17- النمّام - 18- الخائن - 19- الظلوم.
 
قال الإمام الصادق عليه السلام: "إحذر من الناس ثلاثة: الخائن والظلوم والنمّام لأن من خان لك خانك، ومن ظلم لك سيظلمك، ومن نمّ‏َ إليك سينمّ‏ُ عليك"4.
 
20- متتبع العيوب
 
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إيّاك ومعاشرة متتّبعي عيوب الناس، فإنه لم يسلم مصاحبهم منهم"5.
 
 

1- ميزان الحكمة، ح‏229.
2- المصدر نفسه. ح‏227.
3- الكافي، ج‏2، ص‏375.
4- ميزان الحكمة، ح‏10262.
5- ميزان الحكمة، ح‏10265.
 
 
 
 
 
 
20

16

الدرس الرابع: إخوان الصدق‏

الدرس الرابع

إخوان الصدق‏
 
 
 
س- من هم الإخوان الذين ينبغي معاشرتهم ومجالستهم؟
 
ج- لعلّه من خلال ما مرّ بنا في الدرس السابق أصبح واضحاً من هو الأخ حقاً وكيف يجب أن ترسم معالم الأخوة في الإسلام بما يتفق مع تعاليمه الكبرى وخطوطه العامة التي لا يجدر بالإنسان المؤمن الحياد عنها، وهنا سوف نتكلم عن الأوصاف الحميدة التي إن توفّرت في فردٍ بشكل جامعٍ، لم يكن بالإمكان الاستغناء عنه ولا الزهد فيه، فقد ورد في الحديث انه كالغذاء يحتاج إليه كل وقت 1فمن هو أفضل الإخوان وخيّرهم.
 
أ- خير الأخوان
 
1- المحبّ في الله تعالى:
 
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "خير الإخوان من كانت في الله مودّته"2.
 
وعنه‏ عليه السلام: "خير الإخوان من لم تكن على الدنيا أخوّته"3.
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح‏220.
2- المصدر السابق. ح‏264.
3- المصدر السابق. ح‏265.
 
 
 
 
 
21

17

الدرس الرابع: إخوان الصدق‏

 2- المواسي لك

 
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "خير إخوانك من واساك وخير منه من كفاك وإذا إحتاج إليك أعفاك"1.
 
وفي حديث اخر: "خير أخوانك من واساك بخيره وخير منه من أغناك عن غيره"2.
 
3- الداعي إلى الله تعالى
 
والمراد منه من كانت دعوته بالعمل إضافة إلى القول كما عبّرت عن ذلك النصوص الشريفة حيث ورد عن أمير المؤمنين‏ عليه السلام: "خير إخوانك من دعاك إلى صدق المقال بصدق مقاله، وندبك إلى أفضل الأعمال بحسن أعماله"3 و"خير إخوانك من سارع إلى الخير وجذبك إليه وأمرك بالبرّ وأعانك عليه"4.
 
 
4- المعين على الطاعة
 
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "المعين على الطاعة خير الأصحاب"5.
 
وعنه أيضاً: "إذا أراد الله بعبدٍ خيراً جعل له وزيراً صالحاً إن نسي ذكّره، وإن ذكر أعانه"6.
 
وفيما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل من أفضل الأصحاب: "من إذا ذكرت أعانك وإذا نسيت ذكّرك"7.
 
حيث تكون الوظيفة الأولى في حالة الذكر بأن الله تعالى حاضر وناظر وهي المعاونة "وتعانوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح‏2624.
2- المصدر السابق. ح‏2634.
3- المصدر السابق. ح‏2685.
4- المصدر السابق. ح‏2674.
5- المصدر السابق. ح‏13301.
6- المصدر السابق. ح‏10333. 
7- المصدر السابق. ح‏10330.
 
 
 
 
 
22

18

الدرس الرابع: إخوان الصدق‏

 والعدوان" وتكون الوظيفة الثانية في حالة النسيان والغفلة هي التذكير والتوعية اتجاه المسؤولية الإلهية الملقاة على عاتقه.

 
ب- خير الجلساء
 
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما سئل أي الجلساء خير؟ فقال: "من ذكّركم بالله رؤيته وزادكم في علمكم منطقه. وذكرَّكم بالاخرة عمله"1.
 
يعني أن الأمور المذكورة تساهم مساهمة حقيقية في بناء الشخصية الإيمانية ومصدرها الخير الذي هو عليه في الحال والمنطق والعمل حيث تكون الثمرة من هذه المجالسة مكسباً معنوياً سواء في ذكر الله أو زيادة العلم أو تذكر الاخرة، وليس غريباً أن المؤمن إذا فقد أخاه وجليسه الذي يمتاز بهذه المواصفات أن لا يحب البقاء بعده  وهذا دليل أنه من الخيرة والصفوة ويشعر أن الذي فقده هو بعضه كما يقول أحد الشعراء:
 
ومن محن الدنيا بقاؤك بعد مَنْ‏        إذا رحلوا أبقوك دون مشابهِ‏
 
فوجهٌ إذا ما غاب تبكيه ساعةً         ووجهٌ تملّ العمر عند غيابهِ‏
 
وتدفن فيه بالثرى إن دفنتهُ‏            وجودك إن المرء بعض صِحابهِ‏
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج‏71، ص‏186.
 
 
 
 
 
23

19

الدرس الرابع: إخوان الصدق‏

 ج- إخوان الصدق

 
وهم الذين ينبغي معاشرتهم، يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "وعليك بإخوان الصدق فأكثر من اكتسابهم، فإنّهم عدّة عند الرخاء وجنّة عند البلاء"1.
 
وعن الإمام الحسن عليه السلام في وصيته لجنادة في مرضه الذي توفي فيه: "إصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة أعانك، وإن قلت صدّق قولك، وإن صلت شدّ حولك، وإن مددت يدك بفضلٍ مدّها، وإن بدت عنك ثلمة سدَّها، وإن رأى منك حسنةً عدّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتّ عنه ابتداك وان  نزلت احدى الملمات به ساءك"2.
 
د- مصاحبة العلماء
 
لقد أكدّت الروايات المباركة على مصاحبتهم ومجالستهم لأنهم قادة الركب الربانيّ الذين يأخذون بيد المرء إلى العالم العلوي ويصلون به إلى حيث أراد الله سبحانه من خلال بثّ معارفهم وممارسة دورهم في الهداية والتربية والدفاع عن مبادى‏ء الدين وصيانة الشريعة من أن تدخلها البدع والانحرافات ومما ورد في ذلك:
 
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "عجبت لمن يرغب في التكثر من الأصحاب كيف لا يصحب العلماء الألبّاء الأتقياء الذين يغتنم فضائلهم وتهديه علومهم وتزينه صحبتهم"3.
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج‏71، ص‏187.
2- ميزان الحكمة ح‏10243.
3- المصدر السابق. ح‏10248.
 
 
 
 
 
24

20

الدرس الرابع: إخوان الصدق‏

 وعنه عليه السلام أيضاً: "جالس العلماء يزدد علمك ويحسن أدبك"1.

 
وما في وصية لقمان لابنه: "يا بنيّ جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله عز وجل يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء"2
 
وعليه يكون في مقابل ذلك ترك مجالستهم موجباً للخذلان من الله تعالى، لأن الابتعاد عنهم معناه الابتعاد عن المدرسة الإلهية التي أمر المولى سبحانه بالتربي في كنفها وتحت ظلالها، وهذا ما جاء صريحاً في دعاء الإمام السجّاد عليه السلام: "أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني".
 
هـ- مصاحبة الحكماء
 
وهناك روايات أكدّت أيضاً على مصاحبة الحكماء ومجالسة الحلماء لما في هذين الصنفين من الناس من مواصفات عالية تترك اثارها في الجنبة العلمية وكذلك العملية بما يساعد الإنسان عبر العلاقة بهم في طريقه إلى الكمال.
 
فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "صاحب الحكماء وجالس الحلماء وأعرض عن الدنيا تسكن جنة المأوى"3
 
وفي رواية أخرى: "أكثر الصلاح والصواب في صحبة أولي النهى والصواب"4.
 
 
 

1- المصدر السابق. ج‏1، ص‏55.
2- المصدر السابق. ج‏1، ص‏402.
3- المصدر السابق. ح‏10245.
4- المصدر السابق. ح‏10244.
 
 
 
 
 
25

21

الدرس الرابع: إخوان الصدق‏

 و- مخالطة كرام الناس

 
حيث ذكرت جملة من الروايات انها موجبة للسعادة ومبعدة للشقاوة.
 
ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أسعد الناس من خالط كرام الناس"1.
 
والحمد لله رب العالمين
 
 
 

1- المصدر السابق. ح‏10251.
 
 
 
 
 
26

22

الفهرس

 

الدرس الأول:الأخوة في الإسلام‏

5

أ - أهمية الأخوة

5

ب- معنى الأخوة

7

ج- أقسام الأخوة

8

1- الأخوة النسبية

8

2- الأخوة الرضاعية

8

3- الأخوة الدينية

8

د - ميزان الأخوة

8

هـ- اختيار الأخ‏

9

الدرس الثاني: أصناف الإخوان‏

11

1- التقسيم الأول‏

12

2 - التقسيم الثاني‏

13

3- التقسيم الثالث‏

13

4-  التقسيم الرابع‏

14

الدرس الثالث:أصدقاء السّوء

15

1 - الأحمق الكذّاب‏

15

2 - صاحب الغاية الدنيوية

16

3 - الضَّال المُضلّ‏

17

4 - الفاجر

17

5 - البخيل‏

17

6 - الفاسق‏

17

7 - القاطع لرحمه‏

18

8 - الكافر

18

 

 

 

27


23

الفهرس

 

9 - الشرّير

18

10 - صاحب اللهو

19

11 - الجبان‏

19

12 - ناشر المثالب‏

19

13 - رهين المداراة

19

14 - مجهول الموارد والمصادر

19

15 - الزاهد بأخيه‏

20

16 - صاحب البدعة

20

17 - النمّام‏

20

18 - الخائن‏

20

19 - الظلوم‏

20

20 - متتبع العيوب‏

20

الدرس الرابع:إخوان الصدق‏

21

أ - خير الأخوان‏

21

1 - المحبّ في الله تعالى‏

21

2 - المواسي لك‏

22

3- الداعي إلى الله تعالى‏

22

4 - المعين على الطاعة

22

ب - خير الجلساء

23

ج - إخوان الصدق‏

24

د - مصاحبة العلماء

24

هـ - مصاحبة الحكماء

25

و - مخالطة كرام الناس‏

26

الفهرس‏

27

 

 

 

 

28


24
خصـال الإخوان