سراج الطريق


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-06

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


الدرس الأول: فطرة السلوك إلى اللّه

الدرس الأول

فطرة السلوك الى الله
 
 
 
يقول تعالى:
 
﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ سورة الانشقاق، الاية/6    
 
فطرة السلوك إلى الله
 
في الحديث الشريف: "إن روح المؤمن أشد اتصالاً باللّه من اتصال شعاع الشمس بالشمس".
 
تصرح الايات الكثيرة كالتي صدّرنا بها الدرس على أن الإنسان مطلوب منه في هذه الحياة أن يسلك الطريق والسبيل الموصل إلى اللّه أو كما يعبر إمامنا الخميني رحمه الله على الإنسان أن يبدأ ويسعى في حركة الهجرة من بئر الدنيا إلى اللّه فيقول: "... هناك أشخاص تحركوا وخرجوا من هذه البئر وهاجروا ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ﴾1، أحد الاحتمالات هو أن هذه الهجرة هي من النفس إلى اللّه و"البيت" هنا
 
 
 

1- سورة النساء، الاية 100.
 
 
 
 
 
5

1

الدرس الأول: فطرة السلوك إلى اللّه

 هو نفس الإنسان، فهناك طائفة خرجوا وهاجروا عن هذا البيت الظلماني: "مهاجراً إلى اللّه ورسوله" إلى أن وصلوا إلى منزل أدركه الموت وصلوا مرتبة لم يعد لهم فيها شي‏ء من أنفسهم موت مطلق وعندها "وقع أجرهم على اللّه" فهنا أجر اخر ما هو الجنة ولا اشكال النعيم الأخرى هنا "اللّه" فقط"1.

 
فالمطلوب من الإنسان أن يهاجر إلى اللّه ولكن هذه الهجرة وهذا السفر له خطة وموازين حتى لا نكون من "الذين ضل سعيهم في الحياة الدني" وحتى لا نتبع السبل فتفرق بنا عن سبيله ونحن إضافة إلى ذلك نحتاج إلى دليل فالسلوك إلى اللّه صحيح أنه أمر فطري.
 
كما يقول الإمام الخميني رحمه الله: "لا يخفى على كل ذي وجدان أن الإنسان بفطرته الأصيلة وجبلته الذاتية بعشق الكمال التام المطلق ويتوجه قلبه شطر الجميل على الإطلاق والكامل من جميع الوجوه وهذا من فطرة اللّه التي فطر الناس عليها وبهذا الحب للكمال تتوفر إرادة الملك والملكوت وتتحقق أسباب وصول عشاق الجمال المطلق إلى معشوقهم غير أن كل امرى‏ء يرى الكمال في شي‏ء ما حسب ماله ومقامه فيتوجه قلبه إليه فأهل الاخرة يرون الكمال في مقامات الاخرة ودرجاتها فقلوبهم متوجهة إليها وأهل اللّه يرون الكمال في جمال الحق، والجمال في اله سبحانه يقولون: ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا﴾.
 
لكن لما كان الكثيرون يضلون أو يضللون فيتوهم الإنسان ما ليس
 
 
 
 

1- الإمام الخميني تفسير اية البسملة ص43 و44.
 
 
 
 
 
6

2

الدرس الأول: فطرة السلوك إلى اللّه

 بطريق موحل إلى الهدف طريقاً وما ليس بدليل دليلاً وما ليس بوسيلة وسيلة فيتبع التوهمات والمشعوذين ومدعي القداسة وقد حذر تعالى من ذلك "ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله".


سنتحدث عن موازين عملية السلوك دون ترتيبها بحسب الأولويات:

1- التمسك بظاهر الشريعة:

قد يتوهم بعض الناس أنهم إذا قطعوا شوطاً ما في عالم السير والسلوك إلى اللّه عزّ وجلّ وأصلحوا شيئاً من قلوبهم أنهم انتهوا من مرحلة تهذيب الظاهر وعليه فإنهم لا يعودون مكلفين بما يكلف به الناس عادة ثم ينجرفون خلف هذه الدسائس والمكائد الشيطانية ويبتدعون طرقاً وأساليب أو يزين لهم من يظنونهم أهل السلوك هذه البدع والأباطيل وكم تكون خسارتهم عظيمة عندما يكتشفون بعد طول عذاب ومشقة أنهم واهمون... وأن الذي ظنوه سبيل اللّه لم يكن سوى سبيل الشيطان.

ولذا فإن على السالك أن يحذر من هذه الأفكار وهذه الأعمال وعليه أن يضبط سلوكه على وفق الشريعة الغراء ولا يحيد عنها فكل عمل يعرض عليه أن يبحث عن مشروعيته ولا يغالي في تقدير نفسه وتقديس مدعي القداسة وبالتالي فإن كل طريقة لا توافق الشريعة في ظاهرها وأحكامها بادعاء الوصول إلى الأسرار والاستغناء عن الوظائف العبادية من خلال الإكتفاء بمقام الباطن كما كان يفعله بعض أهل التصوف على مر العصور حتى في زمن الأئمة عليهم السلام فالبدء يكون من ظاهر الشريعة يقول الإمام الخميني رحمه الله: "إن طي أي طريق في
 
 
 
 
 
7

3

الدرس الأول: فطرة السلوك إلى اللّه

  المعارف الإلهية لا يمكن إلا بالبدء بظاهر الشريعة، وما لم يتأدب الإنسان باداب الشريعة الحقة لا يحصل له شي‏ء من حقيقة الأخلاق الحسنة كما لا يمكن أن يتجلى في قلبه نور المعرفة وتنكشف له العلوم الباطنية وأسرار الشريعة"1.

 
ولكن كما يحتاج الإنسان في ابتداء سيره وسلوكه إلى التمسك بظاهر الشريعة والسير على ضوئها كذلك فهو يحتاج وينبغي له عدم مخالفتها طيلة سيره وسلوكه يقول الإمام الخميني رحمه الله: "... وبعد انكشاف الحقيقة وظهور أنوار المعارف في قلبه سيستمر أيضاً في تأدبه بالاداب الشرعية الظاهرية"2.
 
بل إن سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وهو الإنسان الذي مثّل في حياته أكمل نموذج للسالكين إلى اللّه وال البيت جميعاً لم يدعوا يوماً أنهم غير مكلفين بظاهر الشريعة بل كانوا يوبخون من يدعي غير ذلك وهل هناك أفضل من خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وعترته الذين مع ذلك لم يكن التأدب بظاهر الشريعة موضوعاً عنهم، ولذا يرد الإمام الصادق عليه السلام على من ظن أن الذي يعرف ال محمد يسقط التكليف عنه قائلاً: "والله ما أنصفونا أن نكون أخذنا بالعمل ووضع عنهم".
 
وعن ذلك يقول الإمام الخميني رحمه الله: "والإنسان الشرعي هو الذي ينظم سلوكه وفق ما يتطلبه الشرع، وأن يكون ظاهره كظاهر الرسول الأكرم صلى اللّه عليه واله وسلم وأن يقتدي بالنبي العظيم صلى اللّه عليه واله وسلم ويتأسى به في جميع حركاته وسكناته"3.
 
 
 

1- الأربعون حديثاً، ص25.
2- نفس المصدر.
3- نفس المصدر.
 
 
 
 
 
8

4

الدرس الأول: فطرة السلوك إلى اللّه

 2 السلوك حركة دائمة إلى اللّه:


السلوك إلى اللّه نهايته بحسب غاية السالك ولكن المدة غير محدودة لأن المقامات المترتبة عليه أولاً غير محدودة سواء كان المطلوب هو الاخرة "ولدينا مزيد" أن المطلوب هو اللّه ولأن الإنسان طالما أنه في ظرف الدنيا فهو في خطر حتى ينظر فيما يختم له.

فعن الإمام الرضا عليه السلام عن ابائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "الدنيا كلها جهل إلا العلم والعلم كله حجة إلا ما عمل به والعمل كله رياء إلا ما كان مخلصاً والإخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له".

ولذا فإن السلوك إلى اللّه عملية وحركة دائمية طالما أن الإنسان موجود في دار الدنيا وفي ذلك يقول الإمام الخميني رحمه الله: "إن أولياء اللّه لم يخلدوا إلى الراحة أبداً وكانوا دائمي الخوف من هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر".

ولعله لذلك سمي هذا السفر بالجهاد الأكبر فهو كبير بمخاطره وكبير بمعاناته وكبير باثاره وأجره.
 
 
 
 
 
9

5

الدرس الثاني:المعرفة أول السلوك

الدرس الثاني

المعرفة أول السلوك
 
 
 
عن الإمام السجاد عليه السلام:
 
"بك عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك ولولا أنت لم أدرِ ما أنت... معرفتي يا مولاي دليلي عليك وحبّي شفيعي إليك". دعاء أبي حمزة الثمالي     
 
1- ما هو دور المعرفة في السير والسلوك؟
 
مما لا خلاف فيه إن المعرفة هي الدعامة الأولى لبناء الإيمان والسلوك وهي نقطة الابتداء التي ينطلق منها الإنسان في سفره إلى اللَّه تعالى وأول الدين كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التصديق به توحيده وكمال توحيده الإخلاص له ونفي الصفات عنه"1 والواقع أنها روح السلوك التي يجب بقاؤها واستمرارها معه في طيّ المنازل وقطع المراحل إلى أن يبلغ المنتهى ويصل إلى قمة التوحيد فيرى أن لا وجود لغيره تعالى وإنما الوجود الحقيقي هو لا غيره.
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج4، ص247.
 
 
 
 
 
10

6

الدرس الثاني:المعرفة أول السلوك

 فإن الإنسان إذا فقد المعرفة فقد التصديق وإذا فقد التصديق فقد التوحيد وإذا فقد التوحيد فقد الاخلاص لأن الاخلاص إنما يكون للَّه الواحد الذي لا شريك له وإذا فقد الاخلاص كان كل شي‏ء منه هباء، تنقلب عبادته جسداً بلا روح لا تكتب لها الحياة لأن الاخلاص روح العباة وحينئذٍ لا يكون سالكاً ولا مجاهداً لأن الأصل أنه يريد قمة التوحيد لكنه ضلّ الطريق إليها والسبب الرئيس عدم المعرفة لأنه دخل بجهل فلا بد أن يخرج كذلك كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "من عرف دينه من كتاب اللَّه زالت الجبال قبل أن يزول ومن دخل في أمرٍ بجهلٍ خرج منه بجهل"1، وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "يا كميل ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة"2.

 
2- ما هو دور السير والسلوك في المعرفة؟
 
إن هناك تأثيراً متبادلاً بين كليهما يؤثر السلوك في المعرفة من جهة ازديادها ونموّها بيد أن المداومة على الأعمال كفيلة بجلاء المعارف وانكشاف الكثير من مكنوناتها ويبرز ذلك في عامل الثبات، إلا أن الأمر يفترق بين المعرفة العقلية والمعرفة القلبية فإن الثانية توأم للعمل والالتزام والتقوى بينما الأولى يمكن أن تكون مع التقوى ويمكن بدونها بل مع الكفر كما في قوله سبحانه: "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم"3، فيمكن أن يصدق العقل باللَّه عزّ وجلّ ويعمل الإنسان خلاف ما يعلم ولكن لا يمكن ذلك في المعرفة القلبية التي تحدّث عنها
 
 
 

1- البحار، ج23، ص103.
2- تحف العقول، ص119.
3- سورة النحل، اية 14.
 
 
 
 
 
11

7

الدرس الثاني:المعرفة أول السلوك

 مولانا الصادق عليه السلام: "لا معرفة إلا بالعمل، فمن عرف دلته معرفته على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له"1.

 
وفيما ورد عن الباقر عليه السلام: "لا يقبل عمل إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بعمل"2.
 
ومما جاء عن تأثير العمل والسلوك في المعرفة والعلم ما عن النبيصلى الله عليه وآله: "من عمل بما علم ورّثه اللَّه علم ما لم يعلم"3 فإن من الواضح أن العمل الذي يؤدي إلى هذا الإرث العظيم هو ما كان صادراً عن معرفة منذ البداية.
 
3- ما هي المعرفة المطلوبة؟
 
هناك قسمان للمعرفة ضروريان الأول يمثل طريقاً والثاني يمثل غاية فأما الطريق معرفة النفس وأما الغاية معرفة اللَّه تعالى، فقد روي أنه دخل رجل على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال يا رسول اللَّه كيف الطريق إلى معرفة الحق؟ فقال صلى الله عليه وآله: "معرفة النفس"4 وعنه صلى الله عليه وآله أيضاً: "من عرف نفسه فقد عرف ربّه"5 وهذه المعرفة الأحرى بها أن تسمى بمعرفة اللَّه باللَّه، إذ أن الإنسان إذا اشتغل باية نفسه وخلابها عن غيرها انقطع إلى ربه من كل شي‏ء وعقب ذلك معرفة ربه معرفة بلا توسيط وسط، وعلماً بلا تسبيب سبب وهذا معنى دعاء السجادعليه السلام: "بك عرفتك وأنت دللتني ليك ودعوتني إليك ولولا أنت لم أدرِ ما أنت"6.
 
 
 

1- أمالي الصدوق، ص422.
2- تحف العقول، ص215.
3- غرر الحكم، ص15.
4- البحار، ج70، ص72.
5- البحار، ج2، ص32.
6- دعاء أبي حمزة الثمالي.
 
 
 
 
 
 
12

8

الدرس الثاني:المعرفة أول السلوك

 وهو المراد بقوله عليه السلام: "تعرف نفسك به، ولا تعرف نفسك بنفسك من نفسك وتعلم أن ما فيه له وبه"1.

 
والحاصل أن معرفة النفس مقدمة على بقية المعارف كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "معرفة النفس أنفع المعارف"2.
 
فكل من يدعي معرفة اللَّه تعالى لا بد أن ينظر إلى نفسه أولاً وبالذات فإن قد تجاوز مرحلة من المعرفة النفسية فهو صادق وإن لم يتجاوزها فما عرف اللَّه حق المعرفة.
 
فالواجب أن يشتغل الإنسان بالنظر إلى ايات نفسه وشاهد فقرها إلى ربها، وحاجتها في جميع أطوار وجودها ليجد أمراً عجيباً وهو أنها متعلقة بالعظمة والكبرياء ومتصلة في وجودها وحياتها وعلمها وقدرتها وسمعها وبصرها وإرادتها وسائر صفاتها وأفعالها بما لا يتناهى بهاءً وسناءً وجمالاً وجلالاً وكمالاً من الوجود والحياة والعلم والقدرة وغيرها من كل كمال قال تعالى: "وفي الأرض ايات للموقنين وفي أنفسهم أفلا يبصرون"3. وأما نسيان النفس فهو أمر عظيم للغاية حيث يكون الإنسان متخبطاً في الضلال والجهالات يقول سبحانه: "ولا تكونوا كالذين نسوا اللَّه فأنساهم أنفسهم"4.
 
4- ما هو الطريق لمعرفة النفس؟
 
إن من الطبيعي جداً ورود هذا السؤال طالما أن معرفة الخالق سبحانه متوقفة على معرفة النفس فكيف تتم معرفتها؟
 
 
 
 

1- تحف العقول، ص242.
2- حديث 51، عن الغرر والدرر.
3- الذاريات، اية 21.
4- الحشر، اية 19.
 
 
 
 
 
 
13

9

الدرس الثاني:المعرفة أول السلوك

 إن الطريق لذلك على قسمين:

 
الأول: الإعراض عن نشأة المادة.
 
الثاني: الانقطاع التام للحق سبحانه وتعالى.
 
والأول بدوره يحتاج إلى مقدمتين هما: الاخلاص واليقين، كما أن الأول هو مقدمة للثاني بمعنى أنه لا يتحقق الانقطاع إلا بعد تحقق الإعراض عن نشأة الدنيا، وبالإمكان الاطلاع على ذلك تفصيلاً عبر مراجعة كتاب "الأربعون حديثاً للإمام الخميني رحمهم الله".
 
 
5- هل هناك معرفة لأزمة في السلوك غير معرفة النفس؟
 
الصحيح إن هناك جملة من المعارف لا يمكن التخلي عنها في هذا السفر الرباني إضافة إلى معرفة النفس التي هي باب معرفة اللَّه تعالى وهي:
 
أ- معرفة الكون:
 
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "ولو فكّروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة لرجعوا إلى الطريق وخافوا عذاب الحريق ولكن القلوب عليلة والبصائر مدخولة ألا ينظرون إلى صغير ما خلق؟ كيف أحكم خلقه.. انظروا إلى النملة في صغر جثتها ولطافة هيئتها لا تكاد تنال بلحظ البصر ولا بمستدرك الفكر"15..
 
ب- معرفة النبي صلى الله عليه وآله.
 
 
 

1- نهج البلاغة، الخطبة رقم 185.
 
 
 
 
 
 
14

10

الدرس الثاني:المعرفة أول السلوك

 ج- معرفة الإمام عليه السلام:

 
في الحديث: "لا يكون العبد مؤمناً حتى يعرف اللَّه ورسوله والأئمة كلّهم وإمام زمانه ويردّ إليه ويسلّم له"1..
 
د- معرفة القران:
 
فمن وصايا الإمام الخميني رحمهم الله لولده: "تعرّف إلى القران كتاب المعرفة العظيم.. واعلم أننا لو أنفقنا أعمارنا بتمامها في سجدة شكر واحدة على أن القران كتابنا لما وفيّنا هذه النعمة حقها من الشكر"2 وهناك معارف أخرى يأتي ذكرها فيما بعد إن شاء اللَّه تعالى. 
 
خلاصة الدرس:
 
أ- المعرفة أساس السير والسلوك والدعامة الأولى للشرع المبين.
 
ب- بين السلوك والمعرفة تأثير متبادل وميراث للجلاء والشهود.
 
ج- معرفة النفس هي الطريق إلى معرفة اللَّه وهي أنفع المعارف.
 
د- إن الانقطاع التام للَّه سبحانه هو السبيل إلى معرفة النفس.
 
هـ- لا يمكن الاستغناء عن معرفة الكون والنبي صلى الله عليه وآله والإمام عليه السلام والقران وأحكام الإسلام في كل المراحل والمنازل حتى كعبة المقصود.
 
 
 

1- الكافي، ج1، ص180.
2- تجليات رحمانية، ص18.
 
 
 
 
 
 
15

11

الدرس الثالث:السلوك والعزلة

 الدرس الثالث

السلوك والعزلة
 
 
 
 
عن الإمام السجاد عليه السلام:

"اللهم ألحقني بصالح من مضى واجعلني من صالح من بقي وخذ بي سبيل الصالحين وأعني على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم وأختم عملي بأحسنه".

1- ما هو سبيل الصالحين؟ الخلوة والاعتزال أم الحياة والنضال؟

يوجد انطباع سائد لدى الكثيرين أن أهل القلوب والسالكين لا يختلطون مع الناس وإنما يعتكفون في بيوتهم أو يعتزلون شؤون الحياة الدنيا ويتفرغون للقيام بوظائفهم العبادية ومناسكهم التي تستغرق المساحة الكبرى من حياتهم والوقت الأكبر من أعمارهم، والحقيقة مع الاعتراف بأن هذا ديدن البعض منهم.

إن هذا المنهج لا يتفق مع الشريعة جسداً وروحاً ولا شكلاً ومضموناً من منطلق أن اللَّه تعالى لم يخلق الخلق ليعيش كل واحد منفرداً وعازفاً في صومعة أو زاوية خربة وإنما كما جاء في التنزيل المبارك:
 
 
 
 
 
 
16

12

الدرس الثالث:السلوك والعزلة

 ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾1 لذلك لا يمكن حصر الرسالة الدينية في الحياة الفردية وإنما هي رسالة وقانون يحكم كل تفاصيل العالم ويفرض التزامات في شتى جوانب الحياة من اجتماع واقتصاد وسياسة وغير ذلك كما ورد: "من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم"2 وهو معنى خلافة الإنسان في الأرض، وسوف يسأل الإنسان يوم القيامة عن أي تقصير في أي ميدان من هذه الميادين، ويكفي شاهداً لبطلان منهج العزوف والاعتزال وعدم الخوض في سياسة العباد والبلاد، إن الذي كان عليه أرباب السلوك وأئمته بدءً من النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام هو على خلافه حيث كانوا يتصدون لسائر شؤون الحياة المطلوبة ويخوضون المعارك ويعمرون ما أمروا بإعماره وما من جدال إنهم القدوة والأسوة للسالكين.

 
2- هل يعني التحذير من اتخاذ الاعتزال مسلكاً المنع من الاختلاء باللَّه تعالى؟
 
لا يعني ذلك على الاطلاق حيث يوجد فرق بين أن يقضي الإنسان تمام عمره معتزلاً مبتعداً عن الحياة اليومية وبين أن يمارس دوره في المجتمع وإلى جنبه يخصص جزءاً من وقته للإختلاء بخالقه سبحانه في اناء الليل أو أطراف النهار فيلزم نفسه بالبقاء في مصلاه بين الطلوعين أو الغروبين أو في الأسحار لأداء نافلة الليل: ﴿إِنَّ نَاشِئَة
 
 
 

1- سورة الحجرات، اية 13.
2- الكافي، ج2، ص163.
 
 
 
 
 
17

13

الدرس الثالث:السلوك والعزلة

 اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾1 حيث تدل الاية الكريمة على أن النهار هو للتواصل والتفاعل سواء في العلاقات أو التجارات أو الصناعات وغير ذلك مما به السبح في المجتمع ويهدف ذلك إلى عملية تنظيم إلهي في توزيع الأوقات والإرشاد إلى الأنسب بحسب موضوعاتها الدنيوية والأخروية وكذلك موازنة الأعمال بالأهداف كما في الحديث: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لاخرتك كأنك تموت غداً"2 وكذلك الاستواء على عدم الانقطاع والهجران لأحد العالمين الأول والاخر قال عز من قائل: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾3.

 
فالموقف الذي يمكن الانتهاء إليه أن ترك الدنيا بكل ما فيها وهجران ميدان الحياة هو أمر مرفوض وكذلك الركون إليها وإغفال جانب الاختلاء باللَّه والعمل على تهذيب النفس بالتفلت من برنامج الإسلام التربوي هو ممنوع أيضاً، فالصواب هو المتابعة في الاتجاهين معاً لأن كليهما مما لا يسوغ الاستغناء عنه يقول النبي صلى الله عليه وآله: "فإن العمل لا يتقبّل مع الهجران"4.
 
3- هل تبرّر المدرسة السلوكية الصحيحة في الإسلام المجاهدات المؤدية إلى إلجاء الاخرين أو قهرهم؟
 
إن ذلك مما لا يمكن الموافقة عليه لأنه يدخل في دائرة المخالفات المردوع عنها ليس في الفقه الأكبر فحسب بل في الأصغر كذلك ولأجل
 
 
 

1- سورة المزمل، ايات 7-6.
2- الحبار، ج44، ص139.
3- سورة القصص، الاية 77.
4- مكارم الأخلاق، ص554.
 
 
 
 
 
 
18

14

الدرس الثالث:السلوك والعزلة

  أن تكون الصورة واضحة نعطي مثالاً: كما لو قرّر السالك القاطن في بلد شديد البرودة عدم استعمال وسائل التدفئة مع قدرته على ذلك بغية مجاهدة نفسه وعدم إعطائها سؤلها في أن تنعم بالدف‏ء في الشتاء القارس فحكم على عائلته وأولاده بأن يتحملوا هذا العناء حيث يعيش الجميع في غرفة واحدة.إن هذا يعتبر خروجاً وليس سلوكاً لأنه مصادرة لإرادة الاخرين وإجبار لهم على ما يكرهون ويندرج تحت الإيذاء المحرم، وفي التاريخ نماذج كثيرة من أولئك وقد ابتلي أمير المؤمنين عليه السلام ببعضها كعاصم بن زياد وغيره ففي الرواية: قال له العلاء: "يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد قال: وما له؟ قال: لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا قال: عليّ به فلما جاء قال: يا عُدَيّ نفسه لقد استهام بك الخبيث، أما رحمت أهلك وولدك، أترى اللَّه أحلّ لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها؟! أأنت أهون على اللَّه من ذلك!

 
قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك.
 
قال عليه السلام: "ويحك إني لست كأنت إن اللَّه تعالى فرض على أئمة العدل أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس كي لا يتبيّغ بالفقير فقره"1 ومن ذلك أن امرأة شكت زوجها إلى النبي صلى الله عليه وآله لأنه يجاهد نفسه بعدم مقاربتها فيمنعها حقّها فقال صلى الله عليه وآله: "لم يرسلني اللَّه بالرهبانية ولكن بعثني بالحنفية السمحة أصوم وأصلي وألمس أهلي، فمن أحب فطرتي فليستنّ بسنتي ومن سنتي النكاح"2.
 
 
 

1- البحار، ج70، ص121.
2- الوسائل، ج20، ص106.
 
 
 
 
 
 
19

15

الدرس الثالث:السلوك والعزلة

 4- هل أن البرنامج السلوكي خاص بمجموعة من الناس أو عام يمكن لكافة شرائح المجتمع الالتزام به؟

 
إن منهج الإسلام في تربية الإنسان ليس وقفاً على أي فئة من البشر وإنما يعتبر من تعاليمه السامية وخطوطه العامة التي أرسل بها النبي صلى الله عليه وآله كافةً "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق فيكم"1 فإن جادة السلوك مفتوحة أمام الجميع لكن مع مراعاة أسسها ولوازم السير عليها والزاد الذي يجب حمله وسلاح المعرفة.
 
لذلك من الخطأ بمكان نفي القابلية لهذا الأمر وإنما من خلال المجاهدة والمثابرة تتكشف الغائبات عن المرء ويزداد نموه ويسرع في تقدمه كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾2.
 
خلاصة الدرس:
 
أ- ليس الاعتزال هو السبيل إلى اللَّه وإنما العمل في خطين متوازيين أحدهما الانخراط في المجتمع والاهتمام بأمور المسلمين والثاني الاهتمام بتهذيب النفس بالاختلاء باللَّه تعالى.
 
ب- لا يعد سلوكاً صحيحاً ما كان قائماً أو مقارناً لانتهاك حقوق الاخرين وإن كان عن طريق الإلجاء أو الاضطرار بل إن حقوق الأفراد أو المجتمعات لا بد من تأديتها ضمن البرنامج الخاص وإلا كان خروجاً عن الشرع المبين.
 
ج- السلوك وظيفة عامة وليس وقفاً على طائفة معينة من الناس.
 
 
 

1- مستدرك الوسائل، ج11، ص187.
2- سورة العنكبوت، الاية 69.
 
 
 
 
 
20

16

الدرس الرابع: الولاية والسلوك

 الدرس الرابع

الولاية والسلوك‏
 
 
 
 
عن الإمام السجاد عليه السلام:
 
"اللهم إنك أيّدت دينك في كل أوان بإمام أقمته علماً لعبادك ومناراً في بلادك بعد أن وصلت حبله بحبلك وجعلته الذريعة إلى رضوانك وافترضت طاعته وحذّرت معصيته وأمرت بامتثال أوامره والإنتهاء عند نهيه".
 
1- ما هو موقع الولاية في السير والسلوك؟
 
إن الولاية هي قلب السلوك النابض ابتداءً واستمراراً وانتهاءً ومن الأسس التي ما نودي بشي‏ء مثلما نودي بها وعلى قطبها يدور قبول الأعمال وبها يصل الأبدال إلى رياض القدس وبالاستقامة عليها نطق الكتاب الكريم كما جاء عن مولانا الباقر عليه السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا﴾1 قال: يعني: لو
 
 
 

1- سورة الجن، اية 16.
 
 
 
 
 
21

17

الدرس الرابع: الولاية والسلوك

  استقاموا على ولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام والأوصياء من ولده وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم "لأسقيناهم ماء غدق" يقول: "لأشربنا قلوبهم الإيمان"1.

 
فلما كانت معرفة اللّه الغاية القصوى من السلوك ولا يمكن بلوغها دون معرفة الولي حتى ورد في ذلك أنها نفسها كما روي أنه خرج سيد الشهداء عليه السلام على أصحابه فقال: "أيها الناس إن اللَّه عزّ وجلّ ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه فإن عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه"، فقال له رجل: يا بن رسول اللَّه بأبي أنت وأمي فما معرفة اللَّه قال عليه السلام: "معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته"2 يتضح أن السالك دونها ضال وإن بلغ من المجاهدات ما بلغ حيث يقول الباقر عليه السلام: "كل من دان اللَّه بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له فسعيه غير مقبول وهو ضال متحيّر واللَّه شانى‏ء لأعماله"3.وفي الزيارة الجامعة:(من والاكم فقد والى اللَّه ومن عاداكم فقد عادى اللَّه.. أنتم الصراط الأقوم).
 
2- هل يمكن السالك عدم طاعة الولي الفقيه؟
 
إن ذلك غير ممكن بحال من الأحوال ضرورة أن الولاية هي قلب السلوك وروحه وقد أعطيت للفقيه الجامع للشرائط المتصدي لقيادة الأمة في زمن الغيبة فكل ما تقدم في الجواب الأول هو جارٍ هنا حيث 
 
 
 

1- تفسير كنز الدقائق، ج13، ص481.
2- بحار الأنوار ج23، ص83.
3- م. ن، ص88.
 
 
 
 
 
22

18

الدرس الرابع: الولاية والسلوك

 لا يمكن ايجاد مبرر للخروج عن حريم طاعته وإنما ذلك هو تمرّد ولجوء إلى الذات وليس تسليماً للحق سبحانه بل استخفاف بحكمه الصريح ويكون الرادّ على حكم الولي راداً على حكم الأئمة وراداً على حكم النبي صلى الله عليه وآله وبالتالي على اللَّه تعالى وهذا هو حدّ الكفر كما جاء عن الصادق عليه السلام: "فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم اللَّه وعلينا ردّ، والراد علينا راد على اللَّه وهو على حد الشرك باللَّه"1.

 
3- هل يحتاج السالك إلى أستاذ أو يكفيه العلم؟
 
هناك رأيان:
 
أ- الأول: أن الأستاذ هو العلم والمعلم واسطة فلا حاجة إلى مرافقته ومراقبته وإنما يكفي العمل بالمعلومات كما ورد: "من عمل بما علم ورّثه اللَّه علم ما لا يعلم"2 ويمكن تأييد هذا الرأي بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾3 4.
 
ب- الثاني: لا بد من أستاذ وهو ما يراه الشهيد مطهري حيث يقول: "وبالتأكيد ينبغي للسالك أن يعبر هذه المنازل والمراحل تحت إشراف ومراقبة إنسان كامل وناضج قد قطع هذا الطريق واطلع على رسومه ومعالمه فإذا لم تصاحبه وتلازمه عناية الإنسان الكامل وهمته أثناء السفر فسوف تحيط به مخاطر الضلالة ويعبّر العرفاء عن
 
 
 

1- الوسائل، ج18، ص99 الكافي، ج1، ص412.
2- البحار، ج89، ص172.
3- العنكبوت، اية 99.
4- هذا رأي العارف الكبير الشيخ بهجت، كما في مجلة بقية اللَّه، العدد 127، ص32.
 
 
 
 
 
23

19

الدرس الرابع: الولاية والسلوك

 الإنسان الكامل الذي يلزم أن يرافق المسافر المبتدى‏ء أحياناً بطائر القدس وأحياناً بالخضر"1.ويؤيّده ما روي عن مولانا الباقر عليه السلام: "يا أبا حمزة يخرج أحدكم فراسخ فيطلب لنفسه دليلاً، وأنت بطريق السماء أجهل منك بطرق الأرض، فاطلب لنفسك دليل"2.

 
ج- والصحيح أن الإنسان لا بد له من قدوة وهو ليس إلا الولي العام الذي أمرنا أهل البيت عليهم السلام بالرجوع إليه والأخذ منه في زمن الغيبة مضافاً إلى ما جاء عموماً: "هلك من ليس له حكيم يرشده"3، فالمرشد ضرورة لا غنى عنها وإلا السبيل هو الضلال "ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله".
 
ومما يشهد له ما عن النبي صلى الله عليه وآله: "إن أئمتكم قادتكم إلى اللَّه فانظروا بمن تقتدون في دينكم وصلاتكم"4.
 
وفي زمن غيبة المعصوم عليه السلام إن الذين أوكلت إليهم مهمة حراسة الشريعة والأخذ بأيدي أيتام آل محمد هم المراجع وعلى رأسهم الولي الفقيه فلا تستقيم أمور الدنيا ولا تستقيم أمور الدين إلا بالولي الفقيه الذي يمثل في زمن الغيبة ربان السفينة التي يلجأ إليها ضعفاء المسلمين.
 
ومما يؤكد هذا المنهج ما ورد على لسان أمير الؤمنين عليه السلام في الحديث عن الإنسان الكامل أنه: "كشاف عثرات، مفتاح مبهمات، دفاع معضلات، دليل فلوات... فهو من معادن دينه وأوتاد أرضه قد ألزم نفسه
 
 
 

1- العرفان، ص14.
2- الكافي، ج1، ص184.
3- البحار، ج75، ص159.
4- البحار، ج88، ص99.
 
 
 
 
 
24

20

الدرس الرابع: الولاية والسلوك

  العدل فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه، يصف الحق ويعمل به لا يدع للخير غاية إلا أمّها ولا فطنة إلا قصدها قد أمكن الكتاب من زمامه فهو قائده وإمامه يحل حيث حل ثقله وينزل حيث كان منزله"1.

 
فعن الإمام الرضا عليه السلام: "لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج اللّه والمنقذين لضعفاء عباد اللّه من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دين اللّه ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها أولئك هم الأفضلون عند اللّه عزّ وجلّ"2.
 
فالحاصل أن تجاهل الاقتداء بالولي المرشد في سائر أمور الدين وشؤون المسلمين لا يتفق أبداً مع طبيعة الإنقياد والخضوع للأمر الإلهي ويكون مبعداً عن ساحة القرب إليه تعالى وإن اشتغل الإنسان بفنون الأذكار والدعوات لأنه لم يسلك الطريق التي كان عليه سلوكها.
 
خلاصة الدرس:
 
أ- الولاية بقسميها أصالة ووكالة هي روح السلوك وقلبه النابض.
 
ب- إن طاعة الولي هي فوق البرامج السلوكية الخاصة وتعتبر ميزاناً لها.
 
ج- لا يصح السلوك دون اتخاذ القدوة.
 
 
 

1- نهج البلاغة، الخطبة 87.
2- بحار الأنوار، ج2، ص6.
 
 
 
 
 
25

21

الفهرس

 

الدرس الأول: فطرة السلوك إلى اللّه

5

1-التمسك بظاهر الشريعة

7

2-السلوك حركة دائمة إلى اللّه

9

الدرس الثاني:المعرفة أول السلوك

10

1-ما هو دور المعرفة في السير والسلوك؟

10

2-ما هو دور السير والسلوك في المعرفة؟

11

3-ما هي المعرفة المطلوبة؟

12

4-ما هو الطريق لمعرفة النفس؟

13

الأول: الإعراض عن نشأة المادة

14

الثاني: الانقطاع التام للحق سبحانه وتعالى

14

5-هل هناك معرفة لازمة في السلوك غير معرفة النفس؟

14

أ-معرفة الكون

14

ب-معرفة النبي صلى الله عليه وآله

14

ج-معرفة الإمام عليه السلام

15

د-معرفة القرآن

15

خلاصة الدرس

15

 

 

 

 

26


22

الفهرس

 

الدرس الثالث:السلوك والعزلة

16

1-ما هو سبيل الصالحين؟ الخلوة والاعتزال أم الحياة والنضال؟

16

2-هل يعنى التحذير من اتخاذ الاعتزال مسلكاً المنع من الاختلاء بالله تعالى؟

17

3-هل تبرر المدرسة السلوكية الصحيحة في الإسلام المجاهدات المؤدية إلى إلجاء الآخرين أو قهرهم؟

18

4-هل أن البرنامج السلوكي خاص بمجموعة من الناس أو عام يمكن لكافة شرائح المجتمع الالتزام به؟

20

خلاصة الدرس

20

الدرس الرابع:الولاية والسلوك

21

1-ما هو موقع الولاية في السير والسلوك؟

21

2-هل يمكن السالك عدم طاعة الولي الفقيه؟

22

3-هل يحتاج السالك إلى أستاذ أو يكفيه العلم؟

23

خلاصة الدرس

25

 

 

 

 

27


23
سراج الطريق