المقدمة
المقدمة
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
لازالت المرأة محور البحث والكلام في كثير من الجوانب، حتى لم يبقَ موضوع متعلق بالمرأة إلا أثيرت حوله الكثير من علامات الاستفهام، واختلف الناس فيه وتطرفوا إلى أقصى طرفي الافراط والتفريط، ومن هذه الأمور التي أثيرت حولها أو قد تثار علامات الاستفهام، موضوع تعليم المرأة، فهل العلم مفيد للمرأة أم أنه مختص بالرجال فقط وحكر عليهم؟ وموضوع العمل، هل للمرأة أن تدخل ميادين العمل أم أنها ساحة محرمة عليها؟ وموضوع الجهاد، هل لها دور فيه أم أنها ساحة الرجال...
فلننهل من الماء الإسلامي العذب الزلال الذي جادت به توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله، شربة تغني الفكر والعقل وتصوّب السير، وتصحح هذه المفاهيم المطروحة، أو التي قد تطرح.
وأي ماء أعذب من مشرعة من نهل من مدرسة أهل البيت عليهم السلام وحمل لواء التمهيد لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف. فلنقرأ بقلوبنا وعقولنا توجيهاته دام ظله في هذه الموضوعات الثلاث حول المرأة.
هيئة التأليف والنشر
مركز الإمام الخميني قدس سره
5
1
الفصل الأول: العلم
الفصل الأول
العلم
- هل العلم حكر على الرجال؟
- الهدف من تعليم المرأة
- أولويات التعلم
- الالتزام بالموازين عند التعلم
7
2
الفصل الأول: العلم
هل العلم حكر على الرجال؟
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"البعض يظن أن الفتيات يجب أن لا يدرسن، إنه خطأ واشتباه.".
لطالما اهتم الاسلام بالعلم والتعلم واعتبر العلم حياة الدين و...
تُرى هل الدين مختص بالرجال دون النساء حتى تحرم النساء من حياته، فتمنع من العلم والتعلم؟...
لا شك أن الدين هو للنساء كما هو للرجال: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون َ﴾،﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا... َ﴾، فإن كان العلم هو أمر مطلوب بنفسه وهو هدف وكمال، فلا شك أن النساء لهن سهمهن في الكمال ومن حقهن أن يحصلن على مثل هذا الهدف، وإن كان مطلوباً ليساعد الإنسان على تأدية دوره على هذه الأرض، وليميز بين العمل الصالح وغيره، وليختار الطريق الأسلم والأسلوب الأصح، فذلك كله لا يختص بالرجال بل هو ضروري وهام للنساء بنفس مقدار أهميته عند الرجال، لذلك لم يكن العلم في يوم من الأيام حكراً على فئة دون أخرى في الإسلام، لا في أدبياته ولا في سيرته على امتداد العصور، فالقران الكريم رغم كثرة الايات التي تحث فيه على العلم والتفكر والتدبر، لم يميز في اية واحدة بين الرجل والمرأة في ذلك. وكذلك في السيرة نجد سهم النساء في العلم ارتفع عالياً وحلق في سماء المجد مع ظهور الإسلام، حتى كان لقب العالمة من أسماء سيدة النساء وقدوة المسلمات فاطمة الزهراء عليها السلام ...
9
3
الفصل الأول: العلم
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"وفي هذا المجال التقدم العلمي ليس هناك أيُّ فرق بين المرأة والرجل".
وبعد ذلك كله من الطبيعي أن يطلق القائد دام ظله صرخته المستنكرة ليقول:
"فمن يقول إن الرجل يمكنه أن يدرس والمرأة لا يمكنها ذلك؟".
في ظل الإسلام تعلمت المرأة
رغم كل محاولات إعلام العدو على امتداد الأزمنة لتشويه صورة الإسلام الناصعة وإشاعتهم فكرة أن الإسلام يضطهد المرأة ويمنعها من التعلم...
إلا أن نظرة واحدة إلى تاريخ وحاضر المرأة في ظل الإسلام سيقلب ذلك كله ويدحضه، فالإسلام كان على الدوام ولا يزال يأخذ بيد المرأة ويرفعها في المجتمع داعماً حضورها لا سيما في ساحات العلم والتعلم، وهذا ما أكدته التجربة الإسلامية في العصر الحاضر أيضاً، ويشير الإمام الخامنئي دام ظله إلى ذلك بقوله:
"النوع الأول هو تمجيد ومديح وشكر لحضور المرأة في الثورة، وفي الأعمال بعد الثورة، وفي أساس النهضة. فلولا حضورهنّ في ساحة المواجهة هذه لما انتصرت هذه النهضة أساساً. أو ما أراه اليوم في التقرير من إحصاءات أعلنها المسؤولون من ازدياد عدد النساء في الجامعة".
10
4
الفصل الأول: العلم
ويقول أيضاً دام ظله:
"وفي المجالات العلمية أيضاً، فها أنتنِّ مصداق لهذا الحضور ونموذج عنه، وهناك من أمثالكنّ في مختلف المجالات".
علمها من أهداف الإسلام
إن ظاهرة ظهور العلماء من النساء في ظل الإسلام على الدوام، ليست من قبيل الصدفة، ولا هي وليدة أمر طارئ لأسباب عارضة، بل الأجواء الإسلامية بما رسم الله تعالى لها من أهداف تفرض ذلك كله، وتوصل المجتمع وخصوصاً النساء إليه، يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"فالإسلام يريد أن يبلغ الرشد الفكري والعلمي والاجتماعي والسياسي وأهم من ذلك كله رشد الروح والفضيلة عند المرأة، أن يبلغ حدّه الأعلى، وأن يكون لوجودها كعضو في المجتمع وفي الأسرة البشرية أعلى الفوائد والثمار. وكل تعاليم الإسلام تسعى إلى ذلك".
العلم تكليف للنساء
إن تعليم المرأة في الإسلام ليس مجرد أمر مقبول، بل هو أمر مطلوب ومرغوب فيه، وينبغي المسارعة إليه، والسير بخطوات متقدمة وثابتة فيه، ووجود مثل هذه الحالة هو من علامات سلامة المجتمع البشري وسيره بالاتجاه الصحيح، يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إنّنا نعتقد أنِّ النساء في كلِّ مجتمعٍ بشري سالمٍ قادرات
10
5
الفصل الأول: العلم
وعليهنِّ أن يجدن الفرصة لبذل الجهد والتسابق في مجال التقدّم العلمي".
وهذا ما يجب أن يقتنع به النساء قبل أي شخص في المجتمع ليبادرن إلى العلم والتعلم، يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"لا بد أن تكون هناك قناعة وإدراك بين النساء أنفسهنّ لضرورة التوجه نحو اكتساب المعرفة والعلم والمطالعة والوعي والمعلومات والمعارف، وأن يولين ذلك الأهمية".
الهدف من تعليم المرأة
لماذا تتعلم المرأة
هناك عدة أسباب يذكرها الإمام الخامنئي دام ظله تجعل من تعلم المرأة أمراً ضرورياً لا بد منه، ومن هذه الاسباب:
1-اكتساب المعرفة:
إن اكتساب المعرفة أمر مطلوب بنفسه، فالعلم كمال ووجوده ضروري لكل إنسان يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إني أؤكد لكنّ أيتها النسوة المسلمات والمؤمنات اللواتي اجتمعتنّ اليوم هنا: من كانت منكنّ تدرس فلتدرس بجدّ، لكن الدراسة ليست مقدمة للعمل فقط، ليست من أجل العمل وكسب المال.
إنِّ دراسة النساء أمر مهم جداً بهدف اكتساب المعرفة، ومهمة من أجل رفع مستوى الرشد الفكري. أما العمل فإنّه يأتي في الدرجة الثانية".
12
6
الفصل الأول: العلم
2- مقدمة العمل:
صحيح أن المرأة ليست مكلفة بشكل مباشر بتأمين لقمة العيش للعائلة، ولكن هذا لا يعني أن نمنعها من العمل، ولا يعني أن العمل غير مفيد وغير ضروري بالنسبة للمرأة وهو ما سنتعرض له في الفصل التالي إن شاء الله تعالى ، والعلم مقدمة ضرورية للعمل، وقد وردت الإشارة إلى ذلك في كلمة الإمام الخامنئي دام ظله السابقة.
3- رشد المجتمع:
المرأة هي نصف المجتمع على أقل تقدير وعندما تتعلم المرأة فهذا يعني أننا رفعنا نصف المجتمع من ظلمات الجهل إلى نور العلم، وهذا أمر لا يستهان به على مستوى رشد المجتمعات، وبذلك ستتضاعف طاقات المجتمع المتعلمة بشكل يسهل الاستفادة من المعلمين، ويؤمن أعداداً كافية لمهمة التعليم.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إن المجتمع الذي تدرس فيه النساء والرجال، فإن عدد المتعلمين فيه يكون ضعف عدد المتعلمين في المجتمع الذي لا يدرس فيه إلا ذكوره. وعندما تدرّس النساء في المجتمع، فإن عدد المعلمين سيتضاعف عما هو عليه عندما يكون الرجال وحدهم معلمون".
ويقول دام ظله:
"على فرض أن لدينا بين الخمسين مليون إنسان في مجتمعنا، لدينا مثلاً ثلاثين أو خمسة وثلاثين مليون إنسان في عمر يناسب تقديم الثمار لهذا البلد، فمن
13
7
الفصل الأول: العلم
الطبيعي أن نصف هذا العدد هو من النساء، فهل من المعقول أن نغفل بسهولة عن كل هذه الطاقات الكامنة؟ وهل يعقل أن نتغاضى عن هذه الخزانة الإلهية المتمثلة بوجودهنِّ؟ لا بد أن يكون بينهنّ العالمات".
4-حل لكل المشاكل:
إن الكثير من مشاكل المجتمع وخصوصاً مشاكل المرأة فيه ناتجة عن عدم العلم أو قلته، فلو علمنا النساء بالشكل الصحيح والسليم، فإن الكثير من هذه المشاكل سنتهي.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"ادفعن النساء للدراسة، شجّعن الفتيات على الدراسات العليا، أمّنَّ وسهلن وسائل دخول الفتيات إلى المراكز العليا من خلال الطرق القانونية. إذا حصل ذلك فستحل كل الأمور برأيي".
5- جوهر الإنسان:
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إن الجوهر الإنساني عزيز لدى المرأة والرجل، وعندما يتعلّمان العلم والحكمة، فإنهما يسعيان إلى إبراز وجلاء ذلك الجوهر أكثر فأكثر. فإذا كانت هناك امرأة ما قد بلغت مستوى عالياً من العلم، لكنها غفلت عن جوهرها الإنساني، ولم تعتني به، وقللت من احترامه، فما هي قيمتها حينئذٍ؟ إن الجوهر الإنساني يجب أن ينمو لدى المرأة والرجل، وهي مسألة ذات قيمة".
14
8
الفصل الأول: العلم
أولويات التعلم
لا شك أن العلم له أبوابه الواسعة جداً وساحاته المترامية، فهل تعليم المرأة يعم كل هذه الساحات أم الأفضل توجيهها نحو ساحة معينة، وما هي تلك الساحات؟
1- تعليم القراءة والكتابة:
في البداية لا بد من الالتفات إلى ضرورة تعليم المرأة القراءة والكتابة فهذا الباب الاساسي الذي من خلاله تستطيع أن تطور نفسها علمياً وتتقدم في مراتب العلم.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إن من جملة الأمور الأساسية جداً تعليم النساء القراءة والكتابة، ومن جملة الأعمال المهمة جداً دفع النساء للمطالعة. جدن أساليب مبتكرة لجعل النساء يمارسن المطالعة داخل بيوتهنِّ. للأسف إن نساءنا لا يأنسن كثيراً بالمطالعة، الاف الكتب تصدر في الأسواق وتنفذ دون أن يطّلعن عليها. هذه الكتب تمثل المعارف البشرية، وهي توقد الأذهان لفهم أفضل وفكر أحسن وابتكار أكثر، وتجعلها في موقع أفضل وأسلم".
ويقول أيضاًً دام ظله:
"عليهم أن يسمحوا لبناتهم بالدراسة والمطالعة وقراءة الكتب، وأن يطّلعن على المعارف الدينية والإنسانية، لتقوى أذهانهنِّ وعقولهنِّ وتنشط.
إنه أمر ضروري جداً".
15
9
الفصل الأول: العلم
2- أساليب التصرف في العائلة:
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"ومن جملة الأمور الأخرى الهامة جداً تعليمهنِّ الأساليب الصحيحة للعمل والتصرّف داخل البيت، أي كيفية التعامل مع الزوج والأبناء، فهناك نساء جيدات، يمتلكن الصبر والعفو والأخلاق، لكنهنِّ يجهلن الأساليب الصحيحة للتصرف مع الزوج أو الأولاد. علّموهنِّ الأساليب العلمية والأمور التي تطوّرت من خلال التجربة البشرية يوماً بعد يوم، حتى بلغت مراحل جيدة. ومنكنِّ من خاضت تجارب جيدة، عليكنّ أن تجدن الأساليب المناسبة لإرشاد السيدات إلى هذه المسائل".
3- تعلم الطب:
من الأمور التي اهتم القائد بها وركز عليها، موضوع الطب وتعلم النساء هذا الجانب لسد الفراغات فيه.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"وأشير هنا إلى ضرورة تخصص النساء في كافة الفروع والتخصّصات الطبية، وعدم الاكتفاء بالطب النسائي، فما دمنا نعتقد بضرورة وجود فاصلة في العلاقة والارتباط الاجتماعي بين المرأة والرجل، ونؤكد على رفض الاختلاط الحر بين المرأة والرجل، ونعتقد بالحجاب بمعناه الواقعي والكامل؛ لذلك لا يمكننا إهمال المسألة الطبية. أي أنه يلزمنا وجود نساء طبيبات
16
10
الفصل الأول: العلم
بنفس النسبة الموجودة من الأطباء الرجال، حتى تتمكن المرأة من مراجعة الطبيبة في أي اختصاص أرادت، ولا داعي للمساس بتلك الفاصلة. بل علينا أن نرتب الأمر لتتمكن المرأة من مراجعة الطبيبة دون أي إشكال، الطبيبة المرأة وليس الطبيب الرجل.
بعض النسوة يعتقدن أن على المرأة أن تدرس التخصصات النسائية فقط، وأن يبقى تخصصهنّ محصوراً بأمراض الحمل والولادة، لكن الأمر ليس كذلك، على النساء أن يدرسن جميع أنواع وأقسام الفروع التخصصية مثل: القلب والأمراض الداخلية والأعصاب وغير ذلك، إن ذلك فريضة عليهنِّ، وهو تكليف على النساء أكثر من الرجال حالياً. فرغم حاجة مجتمعنا لدراسة الفروع المختلفة للعلوم من أجل بناء المجتمع".
إذن فتعلم الفروع الطبية هو فريضة وتكليف على النساء أكثر مما هو على الرجال، حتى ترتفع حاجة النساء لمراجعة الطبيب الرجل، فوجود الطبيبات بأعداد كافية وفي جميع فروع الطب يخدم أهداف الإسلام بلا شك.
4- مختلف الفروع العلمية:
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"اسعين إلى تشجيع الجامعيات وقمن بإعدادهنّ في مختلف الفروع العلمية. فإن هذا العمل سيحقق أهداف الثورة والبلاد، والناس بحاجة لخدماتكنّ، كما إنهم بحاجة لأسلوب ولطريقة تعهدكنِّ والتزامكنِّ بالدين".
17
11
الفصل الأول: العلم
ويقول دام ظله:
"إن العلم أمر عزيز جداً، وإني أؤيد أن تتعلم النساء في مجتمعنا جميع الفروع العلمية. في اللقاء السابق قبل عام أو عامين أكدت على أولوية الفروع الطبية، ذلك لأن الطب ضرورة نقدية وفورية لنا، لكن على النساء أن يقبلن على جميع الفروع والاختصاصات، ويستثمرن طاقاتهنِّ".
5- نظرة الإسلام للمرأة ودورها المطلوب:
يقول دام ظله:
"على المرأة نفسها أن تعرف قبل غيرها شأنها الإسلامي وتدافع عنه. عليها أن تعرف ما هو حكم اللّه والقران والإسلام حول قضاياها، وما يُراد منها، وتفرضه عليها مسؤوليتها. وعليها أن تؤمن بما قال الإسلام وأراد، وأن تدافع عن ذلك. لأنها إن لم تفعل ذلك فإن الذين لا يلتزمون بأي مبدأ سيسمحون لأنفسهم بظلم المرأة. كما هو الحال اليوم في العالم الغربي حيث يلحق الرجل الغربي أفدح الظلم بالمرأة تحت ظل الأنظمة المادية لتلك الديار، ورغم كل الشعارات التي يطلقونها حول المرأة. حيث الأب يظلم ابنته، والأخ أخته، والزوج زوجته، وحيث تؤكد الإحصاءات التي ينشرونها أن أكبر ظلم وتعرّض وتعدٍ يلحق بالنساء والزوجات والأخوات بل وحتى البنات يرتكبه الرجال الذين يعيشون في الأنظمة الغربية. أي أنه عندما يكون النظام غير محكوم للقيم المعنوية، ولا
18
12
الفصل الأول: العلم
تعمر قلوب أهله باللّه؛ فإن الرجل يجد الطريق أمامه مفتوحاً ليظلم المرأة ويعتدي عليها، معتمداً بذلك على قدرته الجسدية.
إن الذي يمنع ذلك أمران:
الأول: الخوف من اللّه واحترام القانون وعمران القلب بالإيمان وما إلى ذلك.
والثاني: أن تكون المرأة مطلعة جيداً على حقها الإنسان والإلهي، وأن تدافع عنه، وأن تجد نفسها بالمعنى الحقيقي للكلمة".
6- كل مفيد ترغب به النساء:
يقول دام ظله:
"على الفتيات أن يدرسن الفروع المفيدة لهنِّ والتي يرغبنها".
"لقد قلت عدة مرات أن جزءاً مهماً من هذا الأمر يقع على عاتق واضعي القوانين، لكنِّ الجزء المهم الاخر يقع على عاتق النساء أنفسهنّ.
أولاً من خلال الدراسة واكتساب المعارف الدينية والعلمية وعدم الاكتفاء بالدراسة الرسمية فقط، وقراءة الكتب والأنس بها.
ومن خلال الإطلاع على الحقوق التي ضمنها الإسلام للمرأة المسلمة، وحقوق المرأة داخل أسرتها.
فإذا سرنا في هذا الطريق الذي أشار إليه الإسلام،
19
13
الفصل الأول: العلم
فسيختفي الظلم الذي لحق بالمرأة طوال التاريخ في سائر المجتمعات، ومن بينها مجتمعاتنا الإسلامية مع الأسف".
"إن كان في هذه المحافظة أو في بعض المحافظات الأخرى هناك اباء يجبرون بناتهم الصغار على الزواج، ويزوجونهنِّ دون رضاهنِّ، فإن فعلهم ذاك يؤدي إلى إضعاف المرأة، ويعدّ حركة مخالفة لحقوق المرأة، وعلى القانون أن يواجه ذلك.
وعلى وعي النساء ورشدهنِّ ومعرفتهنِّ ونباهتهنِّ أن تقف بوجه هذا النوع من التعدّي، فقد جعل الإسلام تلك الطرق أمام المرأة. وإلاّ فإنِّ ما يقوله أو يكتبه بعض الكتّاب المأخوذون والمخدوعون بالفكر الغربي لن يحلِّ أي عقدة من مشاكل نساء المجتمع، ولا يقدم لهنِّ أية خدمة أو معونة".
الالتزام بالموازين عند التعلم
إن العلم أمر شريف، فعلينا أن نحفظه ولا ندنسه بما هو غير مناسب، خصوصاً في مراحل التعلم التي تحتاج إلى ضوابط والتزام.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إن على نساء إيران، وخاصة اللواتي استطعن أن يدرسن العلوم المختلفة في إطار الإسلام وأحكامه، وأهم من ذلك أنهنّ فعلن ذلك وهنِّ ملتزمات بالحجاب، عليهنِّ أن
20
14
الفصل الأول: العلم
يفهمن النساء والفتيات والجامعيات في العالم أن العلم لا يعني التهتك، وليس من شروط طلب العلم التهتك في الموازين الأخلاقية وفي المعاشرة بين المرأة والرجل؛ بل يمكن تحصيل العلم مع الالتزام الكامل بهذه الموازين، والوصول إلى درجات ومستويات عالية. وإن وجودكنِّ يمكنه أن يشكل نموذجاً من ذلك النداء العالمي للإسلام".
ويقول دام ظله:
"وعلينا نحن أن نثبت أن الإسلام قادر على فعل ذلك كله، قادر على نشر العلم، وأن يكون تعلم المرأة للعلم مقروناً بالالتزام".
جامعة خاصة بالنساء
إن الالتفات إلى الضوابط الشرعية أمر مهم جداً في الساحات العلمية، والحد من الاختلاط يساعد على ذلك ايضاً، من هنا كانت فكرة إنشاء جامعة خاصة بالنساء، وقد بارك الإمام الخامنئي دام ظله هذه الفكرة.
يقول دام ظله:
"بلغني أن هناك نية وحديث لإيجاد جامعة خاصة بالنساء إن شاء اللّه، أي أن يكون الأستاذ فيها والمدير والطلاب، بل وحتى الجهاز الإداري من النساء، خاصة في الجامعات الطبية. إنها فكرة جيدة جداً. إني أنظر للأمر من بعيد، دون أن أتابع جوانب القضية بشكل مفصّل،
21
15
الفصل الأول: العلم
لعدم وجود فرصة لذلك، لكنّي أرى بشكل إجمالي أن هذا الأمر جيد جداً، ويتناسب بشكل كامل مع الأهداف العامة والقيمة لحركة المرأة في مجتمعنا. أسأل اللّه أن يوفقكنِّ ويؤيدكنِّ في ذلك".
المتعلمات فخرنا
المرأة المتعلمة ليس عنصراً شاذاً في المجتمع بل هي فخر للنساء بل للمسلمين عموماً، يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"أننا نفخر بوجود سيّدات من أمثالكنّ، ذلك لأن أية دعاية وإدعاء إذا اقترب من مرحلة العمل والتحقق؛ فسيجد قيمته الواقعية".
إن وجود امرأة متعلمة ملتزمة بالموازين الشرعية هو فخر وقدوة ونموذج يؤكد أهداف الإسلام.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"وإننا نفتخر بوجود النسوة اللاتي حافظن على الموازين الإسلامية، وبلغن مع ذلك قمة الاستعداد البشري من الناحية العلمية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية".
22
16
الفصل الثاني: العمل
الفصل الثاني
العمل
- هل العمل حق محصور بالرجل؟
- هل ينافي عمل المرأة دورها في الأسرة؟
- ما هي ساحات عمل المرأة؟
- مشكلة الاختلاط
- التخطيط لعمل المرأة
23
17
الفصل الثاني: العمل
هل العمل حق محصور بالرجل؟
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إنّنا نعتقد أنِّ النساء في كلِّ مجتمعٍ بشري سالمٍ قادرات وعليهنِّ أن يجدن الفرصة لبذل الجهد والتسابق في مجال التقدّم العلمي والاجتماعي والبناء والإدارة في هذا العالم في حدود سهمهنّ. وفي هذا المجال ليس هناك أيُّ فرق بين المرأة والرجل".
هل العمل هو مجرد وسيلة لكسب المال ولقمة العيش، أم أنه طريق من طرق خدمة المجتمع وتفعيل الطاقات الكامنة في الإنسان؟
إن لم يكن للعمل قيمة سوى تأمين لقمة العيش لنفسه وعائلته، فمن المعروف أن الرجل هو من يتحمل مسؤولية تأمين لقمة عيش العائلة، وبالتالي فهو المكلف بالعمل والمشقة لتأمين ذلك، ومن هذا المنطلق يلاحظ البعض صلة وثيقة بين العمل والرجل حتى يكاد يخصص العمل به ويمنع المرأة من العمل، فهي غير مكلفة بذلك إلا في ظروف استثنائية... ولكن علينا هنا أن نميز بين الواجب وبين الحق، فالحق أمر ثابت للإنسان يستطيع أن يقوم به أو أن يتخلى عنه بينما الواجب هو أمر ثابت عليه ومطالب به وعليه أن يؤديه، صحيح أن العمل من واجبات الرجل لتأمين لقمة عيش العائلة وهو غير واجب على المرأة من هذه الزاوية، ولكن هذا لا يعني سلبها حقها واختيارها في ذلك.
هذا كله إذا لم نر في العمل إلا مجرد تأمين لقمة العيش. وأما إن التفتنا إلى أن العمل ضروري لتفعيل الطاقات وخدمة المجتمع قبل أن يكون وسيلة من وسائل تأمين لقمة العيش، فلا فرق في هذا بين
25
18
الفصل الثاني: العمل
الرجل والمرأة، فكلاهما يستطيع أن يخدم المجتمع ضمن الحدود والقدرات التي أولاه الله تعالى اياها.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إذاً في الساحة الثانية أي ساحة النشاطات الاجتماعية والسياسية والعلمية وباقي النشاطات المتنوعة يحق للمرأة المسلمة كما يحق للرجل المسلم أن تقوم حسب مقتضى الزمان بملء الفراغ المحسوس وأداء المهام الملقاة على عاتقها".
ويقول أيضاً دام ظله:
"لذلك ليس هناك أي تفاوت بين المرأة والرجل في مجالات الإعداد والاقتصاد والتخطيط والتفكير ووضع الدراسات لشؤون البلد والمدينة والقرية والجماعة والشؤون الشخصية للأسرة. فالكل مسؤول وعلى الكل أن يؤدي المسؤولية".
ويقول أيضاً دام ظله:
"الساحة الثانية هي ساحة النشاطات الاجتماعية التي تشمل النشاط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بمعناه الخاص والعلمي والدراسة والتدريس والكدح في سبيل اللّه والجهاد وجميع ساحات الحياة الاجتماعية.
في هذه الساحة أيضاً لا يوجد تفاوت بين الرجل والمرأة في مزاولة النشاطات المختلفة في شتى المجالات في نظر الإسلام.
26
19
الفصل الثاني: العمل
فمن يقول إن الرجل يمكنه أن يدرس والمرأة لا يمكنها ذلك، والرجل يمكنه أن يدرّس والمرأة لا يمكنها ذلك، والرجل يمكنه أن يمارس نشاطاً اقتصادياً والمرأة لا يمكنها ذلك، والرجل يمكنه أن يمارس العمل السياسي والمرأة لا يمكنها ذلك؛ فإنه لا يبين المنطق الإسلامي، وكلامه مخالف لكلام الإسلام.
فإن رأي الإسلام هو أن للرجل والمرأة أن يمارسا جميع النشاطات المتعلقة بالمجتمع البشري ونشاطات الحياة، وهما في ذلك سواسية".
وهناك الكثير من الأدلة الشرعية التي تؤكد ذلك، وقد أشار الإمام الخامنئي دام ظله إلى بعض هذه الأدلة في كلماته حيث قال:
"فالساحة مشرّعة أمام الرجال والنساء في المجتمع الإسلامي.
والشاهد على ذلك جميع الاثار الإسلامية الموجودة في هذه المجالات، وجميع التكاليف الإسلامية التي تجعل المرأة والرجل متساويين في مسؤولياتهما الاجتماعية.
فإن الحديث القائل: "من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم" لا يختصّ بالرجال، بل على النساء أيضاً أن يدركن مسؤولياتهنِّ تجاه أمور المسلمين والمجتمع الإسلامي وأمور العالم الإسلامي وكل ما يجري في العالم، وأن يبدين اهتماماً بذلك، لأنه واجب إسلامي".
27
20
الفصل الثاني: العمل
هل المطلوب التساوي في العدد؟
قد يفهم البعض حق المرأة في العمل خطأً و يتحدث عن المساواة بين الرجل والمرأة ويفترض أن ذلك يتحقق من خلال التساوي في عدد العاملين من النساء والرجال، ويدعو النساء إلى العمل حتى يصل عدد العاملين منهن إلى عدد العاملين من الرجال، لقد رفض الإمام الخامنئي دام ظله هذه الفكرة واعتبر أنها ساذجة فالمنصب له علاقة بالكفاءة بعيداً عن موضوع الجنس والرجل والمرأة.
يقول دام ظله:
"إني مسرور جداً لرؤيتي الأخوات النواب وقد شكّلن بحمد الله كتلة كيفية وكميّة مهمة في مجلس الشورى الإسلامي. ولا أعني بذلك مثلاً أن يكون من بين مائتين وسبعين نائباً، أن يكون هناك مائة وكذا نائب من النساء، كلا ليس المطلوب أن تحدد أعداد المسؤوليات التي تتولاها النساء وأعداد ما يتولاّه الرجال.
بالمناسبة فإني أرى الاهتمام بذلك أمراً سلبياً، أن نظنِّ أن عدد النساء يجب أن يساوي عدد الرجال في كل ساحة ومجال! فذلك فكر ابتدائي وبسيط وطفولي. إني لا أقول أنني مسرور من هذا المجال، بل إني مسرور لشعوري أن هناك حركة جدية وحقيقية تجري لحسن الحظ من أجل إعادة الاعتبار لشخصية المرأة".
ففي الوقت الذي يظهر فيه سروره بسبب وجود عاملات من النساء، مما يعني أن مجرد كونها امرأة لم يمنعها من احتلال المناصب
28
21
الفصل الثاني: العمل
اللائقة بها، في نفس الوقت رفض موضوع التساوي في العدد الذي قد يلزم من افتراضه الظلم وعدم ملاحظة الكفاءة، فالمطلوب هو رفع المانع عن عمل المرأة التي تليق بهذا العمل، وليس المطلوب اعطاؤها المنصب لمجرد اكمال عدد النساء العاملات.
ما فائدة عمل المرأة؟
إن النساء يشكلن على الأقل نصف المجتمع من جهة العدد، ونصف المجتمع هذا بحاجة للكثير من الخدمات التي يؤمنها العاملون، فلو لم تتواجد المرأة العاملة ستضطر المرأة إلى اللجوء إلى العامل الرجل لتأمين هذه الخدمات، وهذا سيلزم منه الاختلاط بشكل ينافي الأهداف الإسلامية، ونذكر كمثال على ذلك الطب، فإذا مرضت المرأة ستحتاج لطبيب يعالجها، ومن المفترض أن يتواجد طبيب من النساء يمكن إن ترجع إليها المرأة المريضة وإلا اضطرت للرجوع إلى الطبيب الرجل، يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"فما دمنا نعتقد بضرورة وجود فاصلة في العلاقة والارتباط الاجتماعي بين المرأة والرجل، ونؤكد على رفض الاختلاط الحر بين المرأة والرجل، ونعتقد بالحجاب بمعناه الواقعي والكامل؛ لذلك لا يمكننا إهمال المسألة الطبية.
أي أنه يلزمنا وجود نساء طبيبات بنفس النسبة الموجودة من الأطباء الرجال، حتى تتمكن المرأة من مراجعة الطبيبة في أي اختصاص أرادت، ولا داعي للمساس
29
22
الفصل الثاني: العمل
بتلك الفاصلة. بل علينا أن نرتب الأمر لتتمكن المرأة من مراجعة الطبيبة دون أي إشكال، الطبيبة المرأة وليس الطبيب الرجل".
ويقول أيضاً دام ظله:
"لأن إمكانية عمل المرأة أقل من نسبة النساء في مجتمعنا، فينقصنا طبيبات، وهذه المسألة وجدت حلّها في الإسلام، وعلى المجتمع أن يتقدم في هذا المجال".
هل ينافي عمل المرأة دورها في الأسرة؟
لا شك أن دور المرأة في الأسرة اساسي، وهو مقدم على دورها خارج الأسرة، فالأسرة هي نواة المجتمع والمرأة الأم هي نواة الأسرة، وهذا يعطي أولوية لدور المرأة في الأسرة، ولكن هل تعني هذه الأولوية إلغاء أي دور لها خارج الأسرة؟ يجيب الأمام الخامنئي دام ظله عن هذا الأمر في كلماته حيث يقول دام ظله:
"البعض يعيش الإفراط والبعض الاخر يعيش التفريط، فالبعض يقول بما أن النشاط الاجتماعي لا يسمح لي بالاهتمام بالبيت والزوج والأولاد، لذا عليِّ ترك النشاط الاجتماعي.
والبعض تقول بما أن البيت والزوج والأولاد لا يسمحون لي بمزاولة النشاط الاجتماعي، إذاً عليِّ أن أتخلى عن الزوج والأولاد. وكلا النظرتين خطأ، فلا يجوز ترك هذا لذاك، ولا ذاك لهذا".
30
23
الفصل الثاني: العمل
ويقول أيضاً دام ظله:
"أن يربّين في أحضانهنِّ بشراً دون عقد، وإنساناً صحيحاً وسالماً، تلك هي أهم قيمة لعمل المرأة، وهو لا يتنافى مع العمل العلمي والعملي، وهو أحب عمل لدى النساء".
فالمطلوب إذاً هو التوازن وعدم جعل موضوع الأسرة ذريعة لإلغاء أي دور محتمل للمرأة في المجتمع.
منع المرأة عن العمل ظلم
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إذا كانت المرأة تمتلك طاقات علمية مثلاً، أو قدرة على الاختراعات والاكتشافات، أو كانت مؤهلة لأداء نشاط سياسي أو عمل اجتماعي، ولم يسمح لها أن تستغلّ طاقتها تلك، وأن تنمّي قدراتها تلك, فذلك ظلم".
إذا كانت المرأة تمتلك المؤهلات اللازمة والطاقة الكافية للقيام بعمل ما، فيتم منها من ذلك العمل لمجرد أنها امرأة فلا شك بأن ذلك ظلم وتعاطٍ غير مناسب مع إنسان استخلف على الأرض ليفعّل طاقاته ويبدع ويكون خلاقاً، أليس من حق المرأة المؤهلة أن تصرف طاقاتها في طاعة الله تعالى المتمثلة بخدمة المجتمع والاستفادة الإيجابية مما أودعها الله تعالى، نعم إنه لمن الظلم أن تمنع المرأة من ذلك لمجرد أنها امرأة، وهذا الأمر يسري على الأعمال الاساسية والمهمة أيضاً، فلا يقتصر عمل المرأة على الأعمال الصغيرة والتفصيلية هنا او هناك، فيمكنها أن تتولى مسؤوليات كبيرة واساسية ما دامت مؤهلة لذلك.
31
24
الفصل الثاني: العمل
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"نعم إطرحن هذا السؤال وهو: لماذا لا تتولى النساء مسؤوليات ومديريات أساسية؟ فهو سؤال مقبول. فحيث تمتلك المرأة مؤهلات جيدة يمكنها ذلك، لا أن يأخذكنّ التعصّب وتقلن يجب أن تتولى المرأة المنصب الفلاني، نعم في الأماكن التي لا يمنع الإسلام منها لابأس، فهناك أماكن قد يمنع الإسلام منها، وفي غيرها لا ضير من تولّي المستويات العليا.
عندما يريدون اختيار الأصلح لتولي هذه الأمور يجب أن ينظر إلى النساء إلى جانب الرجال، ويرون من هو الأصلح منهم دون أي تعصّب".
عدم العمل ليس مشكلة
هل قيمة المرأة في عملها خارج البيت فقط؟ و هل المرأة التي لا تعمل لديها نقص او مشكلة؟ كلا، فصحيح أن العمل جائز للمرأة ولكن قيمتها المعنوية ودورها في الحياة لا يتوقف على ذلك، وبالتالي فعدم عمل المرأة خارج البيت ليس امراً شاذاً ولا هو مشكلة ينقص من دورها وقيمتها، يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"طبعاً قد يكون العمل أيضاً أمراً لا محيص عنه للنساء أحياناً، وقد يكون لازماً لبعضهنِّ.
على أيّ حال إنّ عمل المرأة أمر جائز، لكنِّ الإسلام لا يعتبره من لوازم قيمة المرأة".
32
25
الفصل الثاني: العمل
ما هي ساحات عمل المرأة؟
لا شك أن للمرأة خصوصيتها التي تميزها عن الرجل، هذه الخصوصية قد تتدخل عملياً لتحكم توجه المرأة وأولوياتها في انتخاب العمل المناسب، من هنا يمكن أن نطرح هذا السؤال: ما هي الأعمال التي تنسجم أكثر مع خصوصية المرأة؟
يمكن الالفات إلى بعض الأمور التي لا تنافي خصوصية المرأة ضمن العناوين التالية مستعرضين كلمات الإمام الخامنئي دام ظله:
1- شتى الفروع اللازمة:
"اسعين إلى تشجيع الجامعيات وقمن بإعدادهنّ في مختلف الفروع العلمية. فإن هذا العمل سيحقق أهداف الثورة والبلاد، والناس بحاجة لخدماتكنّ".
"وأشير هنا إلى ضرورة تخصص النساء في كافة الفروع والتخصّصات الطبية".
"يحق للمرأة المسلمة كما يحق للرجل المسلم أن تقوم حسب مقتضى الزمان بملء الفراغ المحسوس".
2- السياسة:
"وأن تزيد من حضورها في مجال:
القضايا الإجتماعية والسياسية والصمود والصبر والمقاومة والحضور السياسي والإرادة السياسية والإدراك والوعي السياسي ومعرفة بلدها ومعرفة مستقبلها ومعرفة الأهداف الوطنية والكبرى والأهداف الإسلامية للدول والشعوب الإسلامية، ومعرفة مؤامرات الأعداء،
33
26
الفصل الثاني: العمل
ومعرفة العدو وأساليبه. عليها أن تقدم في ذلك يوماً بعد يوم".
"أما الإسلام فكان قبلهم بكثير قد أثبت للمرأة حق البيعة والتملك والتواجد في الساحات الأساسية السياسية والإجتماعية: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّه" فكانت النساء تأتي لتبايع النبي صلى الله عليه وآله ولم يرفض النبي ذلك ويقول ليأتي الرجال فقط للبيعة، ولم يأخذ برأي الرجال فقط، ولم يجبر النساء على ما قرره الرجال، بل قال للنساء البيعة أيضاً، لهنِّ إبداء رأيهن بقبول حكومتي هذه، والمشاركة في قبول هذا النظام الإجتماعي والسياسي".
"وفي الساحات السياسية أيضاً، رأينا وما زلنا نرى سيدات يمتلكن القدرة على التحليل وخطيبات، ومستعدّات لتولّي المسؤولية في النظام الإسلامي. طبعاً إن هذا الأمر يشهد اتّساعاً، ويجب أن يتطوّر".
"أولسنا نقول أنها أي الزهراء عليها السلام كانت تذهب إلى المسجد رغم ضعفها، لتحقّ الحقّ؟ إذن علينا أن نسعى لإحقاق الحق في جميع الحالات، علينا أن لا نخاف من أحد أيضاً. أَوَلسنا نقول أنها وقفت وحيدة في مواجهة مجتمع ذلك الزمان؟
علينا أن نقف في مواجهة عالم الظلم والاستكبار، ونواجهه دون خوف على رغم قلة عددنا".
34
27
الفصل الثاني: العمل
3- العمل الاداري والاجتماعي والبناء:
"إني أرى أن أهمية هذا العمل الذي تقوم به السيدات اليوم لا يقلّ أهميّة عن المشاغل الأخرى التي يقمن بها في البلاد، بل إن أهميته أكبر من معظم تلك المشاغل. نعم إطرحن هذا السؤال وهو: لماذا لا تتولى النساء مسؤوليات ومديريات أساسية؟ فهو سؤال مقبول".
"وإذا كانت المرأة تمتلك طاقات علمية مثلاً، أو قدرة على الاختراعات والاكتشافات، أو كانت مؤهلة لأداء نشاط سياسي أو عمل اجتماعي، ولم يسمح لها أن تستغلّ طاقتها تلك، وأن تنمّي قدراتها تلك؛ فذلك ظلم".
"واليوم أيضاً إذا لم تمارس المرأة المسلمة حضورها في الساحة، فستبقى ساحة البناء ناقصة وستتعطل مسيرة البناء".
ما هو العمل الأنسب للمرأة؟
من الأفضل للمرأة إذا أرادت أن تعمل أن تنتخب العمل الذي يتلاءم مع خصوصياتها البدنية والمعنوية فلا تختار الأعمال التي تتلاءم مع قسوة القلب وقد خلقها الله بعواطف جياشة، كذلك لا تنتخب الأعمال التي تحتاج إلى قوة وعضلات.
من هنا يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إن أهم عمل تقوم به المرأة هو ذلك العمل الذي ينسجم ويتناسب مع خلقتها النسوية، ويتلاءم مع أحاسيسها
35
28
الفصل الثاني: العمل
وعواطفها التي أودعها الله في وجودها. إن من المهم محاكاة العواطف الجيّاشة والتفاعل مع المحبّة التي أودعها الله تعالى في وجود المرأة كله".
ويعطي سماحته دام ظله بعض النماذج والأمثلة العملية على ذلك قائلاً:
"لنفترض أن بعض النساء قد يشكين من عدم تولي المرأة من قيادة الشاحنات مثلاً، ومن أمثال ذلك، تلك الأمور ليست هامة، وليس لها القيمة التي تجعل الإنسان يكافح لتحقيقها.
أذكر أني حللت ضيفاً على أحد الطلاب الجامعيين في الهند، أردنا أن نستريح بعد الظهر، فسمعنا صوتاً يأتي من الشباك لاصطدام شيء، نظرت من الشباك فرأيت داخل ساحة من خمسماية متر تقريباً سيدة في العقد الخامس من عمرها، تحمل مطرقة في يدها، وتحطّم الأحجار التي تملأ الساحة تلك، كانت امرأة بدينة سوداء، وترتدي الملابس التقليدية، حيث يدعن عادة جزءاً من بدنهن ظاهراً، وجدتها رغم تعاستها تلك لم تنس أن تدعَ ذلك القسم من جسدها مكشوفاً، محافظة بذلك على زينتها تلك.
فسألته: لماذا تتولّى تلك المرأة هذا العمل؟
قال: إنها عاملة.
سألته: كم تتقاضى من الأجر يومياً؟
قال: 4 أو 5 روبيات يومياً.
36
29
الفصل الثاني: العمل
أي ما يعادل 10 تومان يوميً بدل 12/14 ساعة عمل تحطيم أحجار، وكان ذلك عام 1980م بعد انتصار الثورة.
اعتقد إنه لمن بواعث الفخر أننا لا نجد في الأجواء الإسلامية من يكلّف المرأة بمثل تلك الأعمال الشاقة. نعم لدينا نساء يعملن في مزارعهنّ، إنهنِّ يعملن في الشمال لحسابهنّ، لكنهنِّ لا يعلمن كأجيرات للاخرين! فهل من المعقول أن يخوض الإنسان نضالاً مريراً من أجل أن تصل المرأة إلى القيام بمثل تلك المهام الشاقة؟! ليست تلك الأمور بذات بال".
وعلى النساء أن لا يتصورن أن تصنيف الأعمال إلى ما يناسب و ما لا يناسب خصوصياتهن هو انتقاص بهن، فكما أن للمرأة خصوصيات كذلك للرجل، وكما أن على المرأة أن تنتخب العمل الأسلم والأنسب لخصوصياتهن فكذلك على الرجل أن ينتخب ما يتناسب مع خصوصياته.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"هناك بعض الأعمال التي لا تناسب المرأة، ولا تتلاءم مع تركيبها الجسدي. كما أن هناك بعض الأعمال التي لا تناسب الرجل، ولا تتلاءم مع وضعه الأخلاقي والجسدي. لكن لا علاقة لذلك بقدرة المرأة على التواجد في ساحة النشاطات الاجتماعية أو عدم قدرتها. فإن تقسيم الأعمال يتم حسب الإمكانات والرغبة واقتضاء كل عمل".
.37
30
الفصل الثاني: العمل
متى يصبح العمل مضراً؟
قد يتحول العمل إلى مرض مضر، ويحول من نعمة تفعيل طاقات المجتمع إلى نقمة دفن معنويات وأخلاق وروحية المجتمع.
فعلى المرأة العاملة أن تتوازن في عملها، فلا تستغرق كل وقتها في العمل بشكل لا يبقى معه وقت للاهتمام بالجانب الأخلاقي والمعرفي من حياتها.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"وإذا كانت الظروف بشكل يسلب المرأة قدرتها على الاهتمام بأخلاقها ودينها ومعرفتها بسبب كثرة عملها وضغط المشاغل المتنوعة, فذلك ظلم".
مشكلة الاختلاط
إن من أهم المشاكل المطروحة في موضوع عمل المرأة هي مشكلة الاختلاط، فعمل المرأة في مؤسسة ما يعني أنها ستقع في الاختلاط مع الأفراد العاملين معها في هذه المؤسسة من الرجال.
فهل يعني هذا أن نمنع المرأة من العمل لوقوعها بالاختلاط بشكل من الأشكال بسببه؟
علينا أن نعرف أن ليس كل اختلاط محرم، فما دمنا نحافظ على الحدود الشرعية التي أرادها الله تعالى بين الرجل والمرأة فلا مشكلة في الاختلاط.
يقول الامام الخامنئي دام ظله:
"نعم لقد وضع الإسلام حدوداً لهذه النشاطات، لكن تلك
38
31
الفصل الثاني: العمل
الحدود لا علاقة لها بالمرأة والسماح لها بالنشاط، بل إنها متعلقة بمسألة الاختلاط بين المرأة والرجل حيث يبدي الإسلام حساسية تجاهها.
فالإسلام يعتقد أن على الرجل والمرأة أن يحافظا على حدٍّ بينهما في كل مكان، في الشارع والدائرة والمتجر. لقد عيّن حجاباً وحدّاً بين المرأة والرجل المسلمين.
فإنِّ اختلاط المرأة والرجل ليس كاختلاط الرجال مع بعضهم واختلاط النساء مع بعضهنّ، وعليهم أن يراعوا تلك الحدود. على الرجل مراعاة ذلك، وعلى المرأة أيضاً مراعاة ذلك.
وإذا روعيت حساسية الإسلام هذه حول العلاقة ونوع الاختلاط بين الرجل والمرأة، عندها ستتمكن النساء من مزاولة جميع الأعمال التي يمارسها الرجال في المجالات الاجتماعية، إن كنِّ يمتلكن القدرة الجسدية لأدائها، وكانت لديهنِّ الرغبة نحوها، وأتيحت لهنِّ الفرصة المناسبة".
والخطورة تنشأ من عدم الالتزام بالحدود الشرعية، كالتبرج وترك الحجاب..
"على نساء إيران العالمات والواعيات أن يكملن طريقهنّ الواضح هذا، وأن يخطين فيه خطوات ثابتة وراسخة.
وعلى الجيل الثوري والنساء المؤمنات أن يجتنبن ما يفعله السطحيّون والغافلون، وأن يحذرن من العودة إلى
39
32
الفصل الثاني: العمل
الاستهلاك والتجمّل الخاوي والميول غير الثورية، والعيش الجاهلي بالاختلاط غير المحمود".
والنتيجة أن ليس كل اختلاط محرم وغير محمود، بل الموضوع بيدنا نحن المكلفين، يمكننا أن نجعل من الاختلاط مرتعاً للشيطان ومادة خطيرة للفساد فنحول العمل من ساحة طاعة وجهاد إلى ساحة فساد وانحراف، ويمكننا أن نلتزم بالضوابط الشرعية التي حلت مشكلة الاختلاط وعطلت اثارها السلبية.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"افترضن أن امرأة قد تقلّدت منصباً حكومياً كبيراً، طبعاً لا أذكر اسم المنصب، لأن خصوصيات أيّ منصب قد لا تكون واضحة جداً ودقيقة، ولا داعي لأن يضع الإنسان اصبعه على منصب خاص، وكان ذلك المنصب مهماً جداً، ويراجعه رجال كثيرون، فلا إشكال في ذلك، ولا مانع من تولّي امرأة لذلك المنصب، فيمكن للمرأة أن تستقبل في منصبها الاف الرجال والمراجعين وبشكل حكيم، وأن تقضي لهم ما يتوقعونه من ذلك المنصب من مطالب مشروعة ومحقّة. لا مانع من ذلك".
يجب الالتزام بالعفة
لقد أكد الإمام الخامنئي دام ظله على التزام المرأة بالعفة خصوصاً في ساحة العمل وركز على ذلك في العديد من خطاباته ولقاءاته مع الأخوات العاملات، فكل الفرص متاحة أمام المرأة بشرط التزامها بالعفاف.
40
33
الفصل الثاني: العمل
يقول دام ظله في بعض لقاءاته معهن:
"فمثلاً إذا أرادت فتاة أن تدرس الطب أو أن تمارس نشاطاً اقتصادياً، أو أن تعمل في اختصاص علمي، أو أن تدرّس في الجامعة، أو أن تدخل في أعمال سياسية، أو أن تصبح صحافية؛ فإن الفرص متاحة لها. لكن شرط أن تلتزم العفّة والعفاف".
ويقول كذلك:
"ونشاط النساء في المجالات الاجتماعية هو نشاط مباح ومقبول ومطلوب ومجاز، ولهنِّ مزاولته شرط المحافظة على الحدود الإسلامية".
وهذا ما قامت عليه سيرة المسلمين من القديم، فقد كان للمرأة حضور في جميع الساحات على الدوام.
"وقد شاركت أخوات بعض الأئمة أو زوجات النبي في الساحات العلمية والثقافية والسياسية والجهادية والثورية والعسكرية.
التفتن لعدم وجود أي مانع من الحضور في أيّ من تلك الساحات، لكن هناك حجاب، التزمن به، ثم ادخلن تلك الساحة".
نساء عاملات قدوة
إن النموذج الذي قدمه الاسلام للمرأة العاملة الملتزمة هو نموذج نفخر به، ونقدمه للمجتمعات الإنسانية كنموذج متقدم لتفعيل
41
34
الفصل الثاني: العمل
طاقات المرأة بالشكل الصحيح وفي أجواء ومحيط مناسب يليق بكرامة المرأة.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"في جملة واحدة عليِّ أن أقول أننا نحن الذين نتحدث اليوم باسم الإسلام، ونعتبر أن رسالة الإسلام هي الرسالة الفضلى، أننا نفخر بوجود سيّدات من أمثالكنّ، ذلك لأن أية دعاية وإدعاء إذا اقترب من مرحلة العمل والتحقق؛ فسيجد قيمته الواقعية".
ويقول كذلك:
"وإننا نفتخر بوجود النسوة اللاتي حافظن على الموازين الإسلامية، وبلغن مع ذلك قمة الاستعداد البشري من الناحية العلمية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية".
ولدينا نماذج معاصرة من النساء اللاتي يقتدى بهن، فقد استطاعت المرأة المعاصرة أن تقدم نموذجاً مشرقاً للمرأة العاملة المؤثرة بالمجتمع والتاريخ، حيث لم يمنعها حجابها وعفتها من العمل بالشكل السليم، بل على العكس، الالتزام هو الذي دفعها وفعّل طاقاتها الكامنة بالشكل الصحيح وبالأسلوب المثمر، ومن تلك النماذج السيدة الجليلة بنت الهدى، الذي يتحدث عنها الإمام الخامنئي دام ظله بكثير من الاحترام والاجلال، حيث يقول:
"ففي عصرنا هذا كان لدينا إمرأة شابة شجاعة عالمة مفكرة فنانة اسمها بنت الهدى، أخت الشهيد الصدر، وقد استطاعت أن تؤثر في التاريخ، استطاعت أن تؤدي
42
35
الفصل الثاني: العمل
دوراً في العراق المظلوم، طبعاً لقد نالت الشهادة أيضاً. فعظمة إمرأة مثل بنت الهدى لا تقل عن عظمة أىِّ من الرجال الشجعان والعظماء. لقد كانت حركتها حركة نسوية، وكانت حركة أخيها حركة رجولية، لكن حركتيهما شكلتا حركة تكاملية تحكي عظمة الشخصية وتلألأ الجوهر والذات لذينك الإنسانين، لا بد من تربية نساء على هذا النسق".
التخطيط لعمل المرأة
إن التخطيط لعمل ما يستطيع أن يؤمن المستلزمات ويتنبأ بالمشاكل ليضع لها حلولاً مناسبة قبل وقوعها. ولا شك أن عمل المرأة يحتاج للتخطيط والمتابعة لرفع المشكلات المتوقعة خصوصاً في المجتمعات التي عاشت بين حالتي الافراط والتفريط في عمل المرأة، فذهب قوم إلى منع المرأة من الخروج من بيتها مطلقاً، وذهب اخرون إلى خروجها من دون ضوابط وحدود، إن مجتمع كهذا يحتاج للكثير من البرامج والخطط حتى يضع عمل المرأة على السكة الصحيحة والإيجابية والمثمرة، وهذه مهمة تقع على عاتق النساء قبل الرجال، فعليهن أن يخططن لذلك ويرصدن مواطن العقد للتعاطي معها بالشكل الصحيح وحلها.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إن هممكنِّ في هذه الخطط يجب أن تصبّ حقيقة على حلّ مشاكل عمل المرأة، وهكذا هي عادة، لذلك انظرن أين
43
36
الفصل الثاني: العمل
هي العقد الأساسية في هذا المجال. إن أحد أهم العقد ستجدونها في الأسرة، إذهبن لترين ما يجري داخل الأسر، إنكنِّ تعلمنَ ذلك وترينه. انظرن ما هي أسباب وجود المشاكل داخل الأسرة، حددن جذورها، وارسمن خططاً طويلة الأمد لاجتثاث تلك المشاكل".
44
37
الفصل الثالث: الجهاد
الفصل الثالث
الجهاد
- هل للمرأة دور في الجهاد؟
- كيف تؤدي دورها؟
- خلف الجبهات
- علاج الجرحى
- هل يمكن للمرأة أن تكون مقاتلة؟
45
38
الفصل الثالث: الجهاد
هل للمرأة دور في الجهاد؟
إن الجهاد هو حالة اجتماعية عامة يعيشها المجتمع بكل شرائحه ويقوم كل فرد في المجتمع بدوره الجهادي ضمن ساحته وامكاناته الخاصة، فالرجل الذي يحمل سلاحاً وينطلق ويواجه العدو ويطلق النار عليه، هو في الحقيقة وليد بيئة صنعتها له أم وواكبته أخت وأمنت احتياجاته أخرى وطببته إذا جرح ثالثة ورافقته دعوات مخلصة اللهم انصر الإسلام والمسلمين.
فالمرأة شريكة الرجل في جهاده، وحضورها المتميز هو الذي سهل مقدمات النصر.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله :
"تمجيد ومديح وشكر لحضور المرأة في الثورة، وفي الأعمال بعد الثورة، وفي أساس النهضة.
فلولا حضورهنّ في ساحة المواجهة هذه لما انتصرت هذه النهضة أساساً".
وقد أثبتت التجارب المعاصرة أهمية دور المرأة وفعاليتها في الجهاد حتى صار لها دور خطير وأساسي في ميادينه.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إن دور النساء في الثورة كان دوراً أساسياً، وخلال الحرب كان دورهن مصيرياً، وسيكون دورهنِّ في المستقبل أيضاً مصيرياً إن شاء اللّه. شرط أن نرعى نحن الجوانب المعنوية لدى النساء، فهنِّ اللواتي يؤمِّنّ المستقبل ويضمنّه. أسأل اللّه أن يؤيدكنّ".
47
39
الفصل الثالث: الجهاد
شرط تأديتها الدور
لقد ذكر الإمام الخامنئي دام ظله في كلمته السابقة شرطاً أساسياً في فعالية المرأة ولعبها للدور الإيجابي في الجهاد، وهذا الشرط كما عبر عنه القائد دام ظله هو:
"... شرط أن نرعى نحن الجوانب المعنوية لدى النساء".
فالجانب المعنوي هو أساس في حركة المرأة وخصوصاً الحركة الجهادية، وبدون تأمين الجانب المعنوي سيتحول دور المرأة من الإيجاب إلى السلب ومن أسباب النصر إلى اسباب الضعف والوهن والفشل، لذلك علينا أن نهتم بشكل أساسي بموضوع الجانب المعنوي من شخصية المرأة.
كيف تؤدي دورها؟
ما هو دور المرأة في الجهاد؟ نعني بدورها الجهادي أن تقوم بحمل السلاح واقتحام المواقع والتلال؟ أم أن لها دوراً جهادياً اخر يمكنها أن تقوم به؟ هناك أدوار كثيرة تقوم بها المرأة في ساحة الجهاد، يشير الإمام الخامنئي دام ظله إلى بعض هذه الأدوار:
أ- تأثيرها كأم:
إن الأم هي التي تؤمّن البيئة المناسبة لولدها ليتحول إلى رجل واع يحمل هموم أمته ويدافع عنها ويسير في ركب المجاهدين والشهداء، هي التي ترضعه العزة وتلقمه العنفوان وتفتح عينيه على الكرامة وترسله إلى المسجد وتشجعه على قراءة القران الكريم و التوجه بالدعاء، وباختصار هي المدرسة التي تخرج الشهداء.
48
40
الفصل الثالث: الجهاد
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"خلال مرحلتي الثورة والحرب المفروضة حوّلت الأمهات أبنائهنِّ إلى جند مضحّين وشجعان في سبيل الإسلام والمسلمين".
"وفي مرحلة الثورة وبعد انتصار الثورة الإسلامية كانت هناك نساء عظيمات، تلك النسوة اللاتي ربين الشهداء".
"وخلال الحرب المفروضة لولا وجود أمثال أم الشهداء الثلاثة هذه وأمهات الشهداء وزوجاتهم، ولولا إيمانهنّ وصبرهنِّ وصمودهنّ ومعرفتهنّ ووضوح رؤيتهنّ أمام خسائر الحرب وتضحيات الشبان والرجال, لما انتصرنا في الحرب. وإني لأفخر بلقاءاتي وحديثي مع الالاف منهنّ عن قرب، والتعرف على خصوصياتهنّ.
لو فقدت أمهات الشهداء وزوجات الشهداء صبرهنِّ، لخبا شوق الجهاد في سبيل الله وعشق الشهادة في قلوب الرجال، وما هاج وثار، وما عبقت رائحة الجهاد والشهادة في مجتمعنا".
ب تأثيرها كزوجة:
لا يتوقف تأثير المرأة عند الأم فقط بل ينتقل إلى الزوجة أيضاً فالزوجة قادرة على التأثير على زوجها بشكل كبير جداً وهذا ما أثبته التاريخ والتجارب.
وركب أبي عبد الله الحسين عليه السلام فيه الكثير من النماذج التاريخية التي تؤكد ذلك، وتجربة إيران الإسلام أيضاً فيها الكثير من النماذج
49
41
الفصل الثالث: الجهاد
الناصعة التي يمكن ملاحظتها والتي ينقلها الإمام الخامنئي دام ظله في بعض كلماته:
"وحوّلت الزوجات أزواجهنِّ إلى مقاومين أشدّاء خلال مرحلتي الثورة والحرب المفروضة. نعم هذا هو دور المرأة وتأثيرها على ابنها وزوجها، وهذا هو الدور الذي يمكن للمرأة أن تؤديه داخل أسرتها، وهو من أهم الأدوار، وهو برأيي أهم من سائر أعمال المرأة. فتربية الأبناء، ودعم الأزواج روحياً ليتمكنوا من اقتحام الساحات الكبرى هو من أهم أعمال المرأة".
"تلك النسوة اللاتي استطعن أن يجعلن من أزواجهنِّ أو أبنائهنِّ أفراداً مضحّين يدافعون عن البلد والثورة، يدافعون عن وجود الشعب وكرامته، إنهنِّ نساء عظيمات. لقد استطعن أن يؤدين عملاً عظيماً، وقد شاهدت بنفسي العديد منهنِّ".
إن قدرتها على التأثير هذه تجعلها هي المؤثر الأكبر في موضوع الجهاد حتى أنها قادرة على قلب الموازين لو أرادت وقامت بدورها بالشكل الصحيح، وهذا يعطيها دوراً أكبر من دور الرجل.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إنِّ قيمة المرأة هي أن تجعل جو الحياة جنّة ومدرسة وجواً امناً ومنطلقاً للعروج نحو المعارف المعنوية والمنازل المعنوية لها ولزوجها ولأبنائها. وعندما يستدعي الواجب يمكنها أن تؤثّر في مصير البلاد، وتلعب دوراً في تحديد
50
42
الفصل الثالث: الجهاد
مصير المجتمع. وعندها سيكون دور المرأة كما قلنا سابقاً أكثر من خمسين بالمائة، وهو دور غير كميّ، بل إنّه دور كيفي. تؤدي المرأة دورها، وتدفع معها أولادها وزوجها نحو الطريق المطلوب. وعليه فإن دور المرأة مضاعف".
"خلال مرحلة المواجهة مع نظام الطاغوت في إيران، كان هناك رجال كثيرون يخوضون ساحة الصراع، لكن نساءهم لم تدعهم يكملوا المواجهة، لأنهنِّ لم يطقن صعوبات المواجهة، ولم يكن لديهنِّ إيثار.
وهناك من كانوا على العكس من ذلك، حيث كانت النساء يشجعن أزواجهنِّ على المواجهة، ويقدّمن لهم العون، ويشكِّلن بذلك الرافد والداعم الروحي لهم.
ففي عامي 1979/1978م عندما كانت الشوارع والأزقة مملوءة بالناس، كان للنساء دور مهم في تعبئة أزواجهنِّ وأبنائهنِّ وتوجيههم نحو ساحة الصراع والمواجهة والتظاهر".
خلف الجبهات
إن القيام بادوار خلف الجبهات لدعم تلك الجبهات هو في الحقيقة عمل جهادي، وهو في كثير من أجزائه وتفاصيله يقع على عاتق المرأة.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"إننا نشكر الله أن المرأة الإيرانية والمسلمة قد أبدت كامل قدرتها في هذا المجال. نعم إن نساء إيران الشجاعات
51
43
الفصل الثالث: الجهاد
الواعيات المقاومات الصابرات قد أثبتن حضورهنِّ الفعّال خلال مرحلة الثورة وخلال مرحلة الحرب وفي جميع الساحات، من خلال نشاطهنِّ خلف الجبهات".
علاج الجرحى
من الأدوار البارزة للمرأة في ساحات المواجهة هو دور التمريض وعلاج الجرحى، فإن عمل المرأة هذا أشبه بالصدقة الجارية، فهي تشارك كل مجاهد برصاصته التي يطلقها بعد أن داوت جراحه وأعادته إلى الميدان ليتابع مسيرته، وهذا الدور كانت تقوم به النساء في صدر الإسلام وواكب مسيرة وسيرة المسلمين على الدوام.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"في صدر الإسلام كانت المرأة تتولى مهمة معالجة جرحى الحرب في ساحة المعركة، بل كانت تلبس النقاب وتبارز بالسيف خلال الحروب الشديدة".
هل يمكن للمرأة أن تكون مقاتلة؟
الجهاد في الأساس واجب على الرجال فقط باستثناء بعض الأمور الخاصة بالدفاع... الواجب على الجميع فهو ينسجم مع طبيعة الرجل الجسدية والمعنوية أكثر من المرأة، ولكن هذا لا يعني تحريم الجهاد المباشر وحمل السلاح على المرأة بل يمكنهن أن يقمن بذلك.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:
"وكانت هناك نسوة بارزات أخرى في صدر الإسلام، كنّ
52
44
الفصل الثالث: الجهاد
حاضرات في شتى الميادين، حتى في ساحة الحرب، وقد شارك بعضهنّ في القتال أيضاً، ممن كنِّ يمتلكن قوة جسدية، فضربن بالسيف، رغم أن الإسلام لم يوجب ذلك على النساء، وأراحهنِّ منه، لأنه لا يتلاءم مع طبيعتهنّ الجسدية ولا ينسجم مع عواطفهنّ".
53
45