المقدمة
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، صاحب الشريعة السمحاء، والناطق عن وحي السماء، وعلى آل بيته الهداة، معدن العلم والسادة الولاة، ولا سيّما محيي معالم الدين، بقيّة اللّه في الأرضين عجل الله تعالى فرجه الشريف.
لا شكّ في أنّ التفقُّه في الدين من أهم الوظائف الدينية التي لا بدَّ للمكلَّف من الاشتغال بتحصيلها، بغيةَ إفراغ ذمته تجاه خالقه وبارئه، بعد أن علم أنّه سبحانه لم يخلقه سُدىً، وأنّ عليه القيام برسوم العبودية وأداء حقّ الربوبية.
ومن هنا، أكّدت الآيات والروايات على ضرورة السعي بهذا الاتجاه:
فقد قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾[1].
وعن الإمام أبي عبد اللّه عليه السلام قال: "إذا أراد اللّه بعبد خيراً فقّهه في الدين"[2].
وعن المفضل بن عمر قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: "عليكم بالتفقُّه في دين اللّه ولا تكونوا أعراباً، فإنه من لم يتفقُّه في دين اللّه لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة، ولم يزكِّ له عملاً"[3].
وعن الإمام أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ رجلاً قال له: جعلت فداك، رجلٌ عرف هذا الأمر، لزم بيته ولم يتعرّف إلى أحد من إخوانه؟ قال: فقال عليه السلام: "كيف يتفقَّه هذا في دينه؟!"[4].
[1] سورة التوبة، الآية 122.
[2] الكليني، الكافي، ج 1، ص 32.
[3] المصدر نفسه، ص 31.
[4] المصدر نفسه.
9
1
المقدمة
وعن إسحاق عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "ليت السياط على رؤوس أصحابي حتّى يتفقّهوا في الحلال والحرام"[1].
وعن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه وأبو جعفر عليهما السلام: "لو أُتيتُ بشابٍّ من شباب الشيعة لا يتفقّه لأدّبته"[2].
إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة الواردة في هذا المجال.
ومن هنا أفتى الفقهاء بوجوب تعلّم الأحكام الشرعية التي تقع محل ابتلاء الإنسان، واستحباب تعلّم ما سواها من أمور قد لا تقع تحت ابتلائه فعلاً، غير أنه قد يُبتلى بها يوماً من الأيّام.
وإنّ من نعم اللّه تعالى وبركاته على هذه الأمة في ظل غيبة الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف، أنه لم يُخلِ ساحتها من وجود فقهاء كبار وعلماء أبرار تصدوا للقيام بتعليم الناس أمور دينهم وشؤون حياتهم، ومن بين هؤلاء الفقهاء العظام في زماننا ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي دام ظله، الذي أخذ على عاتقه الإجابة عن تساؤلات الناس وإرشادهم في ما يحتاجون إليه من مسائل فقهية في أبواب مختلفة.
وحيث كانت الحاجة تستدعي التذكير بهذه الأحكام وعرضها وتبيانها بشكل مستمر، فقد خصصت مجلة بقية اللّه منذ تأسيسها باباً فقهياً لعرض المسائل الفقهية وتوضيحها وشرحها تحت عنوان "الأحكام المنتخبة من فقه الوليّ"، فاجتمع من تلك المقالات عددٌ كبيرٌ من المسائل في مختلف الأمور الابتلائيّة.
وقد ارتأينا أن نقوم بنشر بعض منها في كتاب خاص ليعمّ نفعها ويسهل تناولها في مكان واحد، بعد أن نشرت متفرقة في أعداد المجلة، فكانت فكرة هذا الكتاب الذي أسميناه بـ "الأحكام المنتخبة من فقه الوليّ".
[1] البرقي، المحاسن، ج 1، ص 229.
[2] المصدر نفسه، ص 228.
10
2
المقدمة
عملنا في هذا الكتاب:
وقد عملنا في هذا الكتاب على الشكل الآتي:
• جمعنا المقالات التي كتبها للمجلّة سماحة الشيخ علي معروف حجازي حفظه الله، والتي نشرت في أعداد متفرقة على مدى سنين عدّة.
• رتّبنا المقالات ضمن عناوين فقهيّة في قسمَي: العبادات والمعاملات والأحوال الشخصيّة.
• قمنا بحذف المتكرِّر من المسائل وتبديل المتغيِّر منها.
• قام كلٌّ من سماحة الشيخ علي حجازي وسماحة الشيخ إسماعيل الحريري بمراجعة الكتاب كاملاً.
ختاماً، تشكر مجلّة "بقيّة الله" كلّ من عمل في هذا الكتاب، ولا سيَّما مكتب الوكيل الشرعي في لبنان بشخص مديره العام سماحة الشيخ محمّد توفيق المقداد حفظه الله، على اهتمامهم وتعاونهم، سائلين المولى عزّ وجلّ أن يحفظ قائدنا الإمام الخامنئي دام ظله ويديم ظلّه على رؤوس المسلمين ويوفِّق الجميع لما فيه رضى مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.
رئيس التحرير
3
العبادات
من أحكام التقليد
• تعريف المكلّف
المكلّف هو البالغ العاقل القادر. ويتحقّق البلوغ في الذكر بإحدى علامات ثلاث، متى ما تحقّقت إحداها يصير الإنسان بالغاً.
• تعريف التقليد
التقليد هو العمل اعتماداً على فتوى مجتهد معيّن، وذلك بأن يأتي المكلّف بأعماله من العبادات والمعاملات طبقاً لفتاويه. وأمّا التعلّم فهو طريق إلى التقليد، وليس هو التقليد، بل التقليد هو العمل طبقاً لآراء المجتهد المعيّن.
15
4
العبادات
• وجوب التقليد
يجب على كلّ مكلّف لم يصل إلى مرتبة الاجتهاد أن يكون مقلِّداً أو محتاطاً في جميع أعماله، من عبادات ومعاملات، حتّى في المستحبّات والمكروهات والمباحات.
• تعريف الاحتياط
المقصود من الاحتياط في الموارد التي يجب فيها الاحتياط: هو مراعاة كلّ الاحتمالات الفقهيّة للمسألة، بمعنى الإتيان بعمل جامع لجميع ما يحتمل دخله في صحّة العمل في الواقع، بنحو يطمئنّ المحتاط معه بأنّه قد عمل بوظيفته الواقعيّة المطلوبة منه.
• صعوبة الاحتياط
إنّ العمل بالاحتياط موقوف على أمرين:
- الأول: معرفة موارده
- الثاني: العلم بكيفية الإحتياط
ولا يعرف موارده وكيفيّته إلّا القليل، بالإضافة إلى أنّ العمل به يحتاج -غالباً - إلى صرف الأزيد من الوقت والجهد، فالأولى والأفضل تقليد المجتهد الجامع للشروط.
• شروط مرجع التقليد
يشترط في مرجع التقليد تسعة أمور:
- الأوّل: البلوغ.
- الثاني: العقل.
- الثالث: الذكورة.
- الرابع: أن لا يكون متولِّداً من الزنا.
16
5
العبادات
- الخامس: الإيمان، بمعنى أن يكون اثني عشريّاً.
- السادس: الحياة، فلا يجوز تقليد الميّت ابتداءً على الأحوط وجوباً.
- السابع: الاجتهاد.
وهو في اللغة: بذل واستفراغ الوسع في تحقيق أمرٍ من الأمور مستلزم للكلفة والمشقّة.
وهو في الاصطلاح الفقهيّ: بذل الوسع واستفراغ الجهد لاستنباط الأحكام الشرعيّة من المدارك المقرّرة في علم الفقه.
- الثامن: العدالة. وهي عبارة عن حالة نفسية باعثة على ملازمة التقوى المانعة من ترك الواجبات أو فعل المحرمات الشرعية.
ونظراً إلى حسّاسيّة وأهمّيّة منصب المرجعيّة، يشترط على الأحوط وجوباً - مضافاً إلى العدالة - في مرجع التقليد التسلّط على النفس الطاغية، وعدم الحرص والانكباب على الدنيا، فلا يكون حريصاً على تحصيلها جاهاً ومالاً.
وفي الحديث عن الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام أنّه قال: "من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه"[1].
أ- العادل
العادل هو من بلغ درجة من التقوى تمنعه من ارتكاب الحرام عمداً.
ب- زوال العدالة
تزول صفة العدالة بارتكاب إحدى الكبائر، أو الإصرار على بعض الصغائر، وتزول بارتكاب الصغائر دون إصرار على الأحوط وجوباً.
ج- طرق ثبوت العدالة
[1] وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 27، ص 132.
17
6
العبادات
- التاسع: الأعلميّة، أي أن يكون المرجع في التقليد هو الأعلم من بقيّة المجتهدين على الأحوط وجوباً. فمع الإمكان يجب تقليد الأعلم على الأحوط وجوباً إذا كانت فتاويه مخالفة لفتاوى باقي المجتهدين. ولا يجوز تقليد غير الأعلم إذا أفتى بجواز تقليد غير الأعلم، فلا بدّ في هذه المسألة من الرجوع إلى الأعلم على الأحوط وجوباً.
والأعلم هو من يكون أقدر من بقيّة المجتهدين على معرفة حكم اللّه تعالى، وأقدر على استنباط التكاليف الإلهية من أدلّتها، ويكون أقدر على معرفة أوضاع زمانه، بالمقدار الذي له مدخليّة في تشخيص موضوعات الأحكام الشرعيّة، وإبداء الرأي الفقهي المقتضي لتبيين التكاليف الشرعيّة، التي لها دخل في الاجتهاد أيضاً.
• طرق ثبوت الاجتهاد والأعلميّة
تثبت الأعلميّة والاجتهاد بأحد الطرق الآتية:
- الأوّل: الاختبار، بشرط أن يكون المكلّف من أهل الخبرة والفضل والعلم، فإذا كان كذلك يمكنه أن يختبر المرجع بنفسه ليتأكّد أو يطمئنّ باجتهاده أو أعلميّته.
18
7
العبادات
- الثاني: الشياع المفيد للعلم أو الاطمئنان.
- الثالث: شهادة عدلين من أهل الخبرة.
• البقاء على تقليد الميّت
- إذا مات مرجع التقليد، فلا يجوز للمكلّف البقاء على تقليده بدون الرجوع إلى الحيّ. والأحوط وجوباً الرجوع إلى الأعلم من الأحياء.
- كلّ مسألة تمّ تقليد الحيّ فيها لا يجوز الرجوع فيها إلى الميّت.
• اختلاف الميّت والحيّ في الفتوى
إذا عمل المقلّد عملاً على طبق فتوى من يقلّده، فمات ذلك المجتهد، فقلّد المجتهد الحيّ، وكان يفتي ببطلان ذلك العمل، يجوز للمكلَّف المقلِّد أن يبني على صحّة الأعمال السابقة، ولا يجب عليه إعادتها. وأمّا الأعمال المستقبليّة اللّاحقة فيجب أن تكون بمقتضى فتوى المجتهد الثاني.
19
8
العبادات
• التصدّي للمرجعيّة
لا يشترط في صحّة التقليد أن يكون المجتهد الجامع للشروط متصدّياً للمرجعيّة، فيجوز تقليده حتّى مع عدم تصدّيه لذلك.
• الرسالة العمليّة
لا يشترط في صحّة تقليد المجتهد الجامع للشروط أن تكون لديه رسالة عمليّة، المهمّ أن يكون جامعاً للشروط التسعة السابقة.
• تعلّم المسائل الشرعيّة
يجب على المكلّف تعلّم المسائل الواجبة والمحرّمة إذا كان لا يعرفها، وكانت في معرض ابتلائه وتكليفه. ولو أدّى عدم تعلّم المسائل الشرعيّة إلى ترك واجب أو فعل حرام كان المكلّف عاصياً.
20
9
العبادات
• تساوي المجتهدَين في العلم
إذا كان المجتهدان متساويَين في العلم، يتخيّر المكلّف غير المجتهد في الرجوع إلى أيّ واحدٍ منهما، كما ويجوز التبعيض بينهما في المسائل، بأن يأخذ بعضها من أحد المجتهدَين، وبعضها من الآخر، لكن إذا عمل على فتوى أحدهما في موردٍ ما فلا يجوز على الأحوط العدول في هذه المسألة إلى الآخر ما دام مساوياً للأوّل في العلم.
21
10
العبادات
من أحكام ولاية الفقيه
• الولاية المطلقة للفقيه
المراد بالولاية المطلقة للفقيه الجامع للشروط هو أنّ الدين الإسلاميّ الحنيف - الذي هو خاتم الأديان السماويّة، والباقي إلى يوم القيامة - هو دين الحكم وإدارة شؤون المجتمع، فلا بدّ من أن يكون للمجتمع الإسلاميّ بكلّ طبقاته -في زمان غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف - وليُّ أمر وحاكمُ شرع وقائدٌ، ليحفظ الأمّة من أعداء الإسلام والمسلمين، وليحفظ نظامهم، وليقيم العدل فيهم، وليمنع تعدّي القويّ على الضعيف، وليؤمّن وسائل التقدّم والتطوّر الثقافيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، والازدهار لهم.
وهذا الأمر في مقام تنفيذه عمليّاً قد يتعارض مع رغبات وأطماع ومنافع وحريّات بعض الأشخاص. ويجب على حاكم المسلمين حين قيامه بمهامّ القيادة على ضوء الفقه الإسلاميّ اتّخاذ الإجراءات اللازمة عند تشخيص الحاجة إلى ذلك. ولا بدّ من أن تكون إرادته وصلاحيّته في ما يرجع إلى المصالح العامّة للإسلام والمسلمين حاكمة، أي أنّها مقدّمة على إرادة وصلاحيّات عامّة الناس عند التعارض، فهي المُتَّبَعة وعليها العمل.
• الولاية للفقيه حكم شرعيّ
ولاية الفقيه حكم شرعيّ تعبّديّ، يؤيّده العقل أيضاً. وهناك طريق عقلائيّ لتعيين مصداقه.
23
11
العبادات
• طاعة الوليّ الفقيه
يجب على كلّ مسلم إطاعة الأوامر الولائيّة والأحكام الحكوميّة الصادرة عن الوليّ الفقيه، والتسليم لأمره ونهيه. وهذا الحكم شامل للفقهاء العظام أيضاً (أعلى اللّه مقامهم)، فكيف بمقلّديهم؟
ولا يجوز لأحد أن يخالف من يتصدّى لأمور الولاية بدعوى كونه أجدر منه، هذا إذا كان المتصدّي لأمر الولاية فعلاً قد أخذ بأزمّتها من الطرق القانونيّة المعهودة لذلك.
• الأحكام الولائيّة
الأحكام الولائيّة والتعيينات الصادرة من قبل وليّ أمر المسلمين إذا لم تكن حين صدورها مؤقّتة بأجلٍ محدود فهي باقية مستمرّة ونافذة، إلّا أن يرى وليّ الأمر الجديد المصلحة في نقضها فينقضها.
• وسائل الإعلام
يجب أن تكون إدارة الوسائل الإعلاميّة تحت أمر وإشراف وليّ أمر المسلمين، ويجب أن توظّف في خدمة الإسلام والمسلمين وفي نشر المعارف الإلهيّة القيّمة، كما يجب أن تستخدم للتقدّم الفكريّ للمجتمع الإسلاميّ وحلّ مشكلاته العامّة، وأن يستفاد منها في توحيد صفوف المسلمين وبثّ روح الأخوّة بينهم، وأمثال هذه الموارد.
• ممثّل الوليّ
لا تجوز مخالفة الأوامر والقرارات الصادرة من ممثّل الوليّ الفقيه إذا كانت قراراته الإلزاميّة هذه ضمن نطاق صلاحيّاته المخوّلة إليه من قبل الوليّ الفقيه.
• الولاية التكوينيّة
ليس للوليّ الفقيه ولاية تكوينيّة، وهذه الولاية مختصّة بالمعصومين عليهم السلام.
• اختلاف الرأي بين الوليّ ومرجع التقليد
يجب إطاعة واتّباع رأي وليّ أمر المسلمين في موارد اختلاف نظره ورأيه مع نظر
24
12
العبادات
ورأي مرجع التقليد فيما إذا كان هذا الاختلاف مرتبطاً بالأمور العامّة لإدارة المجتمع الإسلاميّ وبالقضايا العامّة للمسلمين، من قبيل الدفاع عن الإسلام والمسلمين ضدّ الطغاة والمهاجمين. وأمّا إذا كان الاختلاف في المسائل الفرديّة المحضة فكلّ مكلّف يجب عليه اتّباع فتوى مرجع تقليده فيها.
• عدم الإيمان بولاية الفقيه
عدم الاعتقاد بولاية الفقيه المطلقة - اجتهاداً أو تقليداً - في زمان غيبة الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف لا يوجب الخروج عن الإسلام. ومن أوصله الاستدلال إلى عدم القول بها فهو معذور، ولكن لا يجوز له بثّ التفرقة والخلاف بين المسلمين.
• الانطلاق من الشريعة الإسلاميّة
ولاية الفقيه خاضعة للشريعة الإسلاميّة المقدّسة.
25
13
العبادات
من أحكام الوضوء
• أجزاء الوضوء
الوضوء غسلتان ومسحتان، فيجب غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والقدمين.
• النيّة
يشترط أن يكون المحرِّك نحو الوضوء هو قصد امتثال أمر اللّه تعالى، أو قصد القربة. والتلفّظ بالنيّة ليس واجباً ولا مستحبّاً، بل يكفي أن يكون باعثه ومحرّكه نحو الوضوء هو قصد الامتثال أو القربة، بحيث لو سئل عن شغله يقول: أتوضّأ.
والبعض يسأل: لو نسيت النيّة وتوضّأت، فهل يصحّ وضوئي أم يبطل؟
والجواب: إنّ النسيان عادة يتعلّق بالتلّفظ، وهذا لا يضرّ بصحّة الوضوء ما دام القصد والدافع موجودَين.
• الإخلاص
يشترط الإخلاص في النيّة، والإخلاص: هو أن يكون قصد القربة أو الامتثال مجرّداً عن جميع الشوائب، ولا تريد أن يحمدك عليه أحد إلّا اللّه تعالى، فالنيّة بهذا القصد تسمّى إخلاصاً.
ولو ضمّ إلى النيّة ما ينافي الإخلاص بطل الوضوء، خصوصاً في الرياء.
27
14
العبادات
• غسل الوجه
يجب غسل الوجه، وهو الجزء الواجب الأوّل في الوضوء.
والمراد بالوجه ما بين قصاص الشعر[1] وطرف الذقن طولاً، وما دارت عليه الإبهام والوسطى من متناسب الأعضاء عرضاً. ويجب غسل شيء ممّا خرج عن الحدّ المذكور، مقدّمةً لتحصيل اليقين بغسل تمام ما اشتمل عليه الحدّ.
[1] قصاص الشعر: هو حيث تنتهي نبتته من مقدّمه (منبت الشعر).
28
15
العبادات
• غسل اليد اليمنى
يجب غسل اليد اليمنى، وهو الجزء الثاني الواجب في الوضوء.
والمراد باليد ما يكون من المرفق[1] إلى أطراف الأصابع، مع زيادة شيء فوق المرفق للمقدّمة العلميّة.
[1] المرفق: إمّا بكسر الميم وتسكين الراء وفتح الفاء، أو بفتح الميم وتسكين الراء وكسر الفاء، وهو موصل الذراع في العَضُد.
30
16
العبادات
• غسل اليد اليسرى
يجب غسل اليد اليسرى، وهو واجب بعد غسل اليد اليمنى. وتحديدها كما في اليد اليمنى، ولو قُدّمت اليسرى على اليمنى يبطل الوضوء مع العمد والجهل والنسيان.
• كيفيّة غسل اليد اليسرى
إنّ ما ذكر في غسل اليد اليمنى يجري في اليسرى، باستثناء أمرين:
- الأوّل: الأفضل أن تغسل اليسرى باليد اليمنى، مع كونه غير واجب.
- الثاني: يكفي غسل اليد اليسرى مرّة واحدة، ويجوز مرّة ثانية، وأمّا الثالثة فهي غير مشروعة، ولو تحقّقت الثالثة يبطل الوضوء.
• شبك الكفّين
لو غسل وجهه ويديه ثمّ شبك كفّيه إحداهما بالأخرى، ثمّ مسح رأسه وقدميه، أو شبك كفّيه بعد مسح الرأس ثمّ مسح قدميه، فلا يضرّ بصحّة الوضوء، فيكون الوضوء صحيحاً.
• مسح الرأس
يجب مسح شيء من مقدّم الرأس، ويكفي مسمّى المسح طولاً وعرضاً، فيكفي بإصبع واحدة بأيّ طول يصدق عليه عنوان المسح، والأفضل أن يكون المسح بعرض ثلاث أصابع مضمومة.
• المسح على الشعر
لا يجب أن يكون المسح على البشرة، فيجوز على الشعر النابت على المقدّم. نعم، لو نبت الشعر على مقدّم الرأس ولكنّه طال بحيث خرج عن حدود المقدّم (كما لو وصل الشعر إلى الجبهة مثلاً) فلا يجوز المسح على ما خرج عن حدّ المقدّم، ولا
31
17
العبادات
يجوز على الشعر المستعار. نعم، إذا كان الشعر مزروعاً ولا يمكن نزعه، أو كان نزعه مستلزماً للضرر أو المشقّة، ولم يمكن إيصال الرطوبة إلى بشرة الرأس مع وجود هذا الشعر، يكفي المسح على الشعر المستعار، ويصحّ الوضوء، ولا حاجة إلى التيمّم.
• كيفيّة المسح على الرأس
الأحوط وجوباً أن يكون المسح على الرأس باليد اليمنى، ويجوز أن يكون المسح عليه من الأعلى إلى الأسفل، ويجوز من الأسفل إلى الأعلى.
• مسح القدمين
يجب مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى مفصل الساق، وأمّا عرضاً فيكفي بإصبع واحدة.
32
18
العبادات
• جفاف الرأس والقدمين
يشترط أن يكون الرأس والقدمان حال المسح في حالة جفاف، نعم لا يضرّ أن تكون على الرأس أو القدمين رطوبة غير سارية.
• عدم تحريك الرأس والقدمين
يشترط في أثناء المسح على الرأس والقدمين أن تكون اليد هي الماسحة، فلو تحرّك الرأس أو القدمان مع بقاء اليد جامدة لا يصحّ الوضوء. نعم، الحركة اليسيرة للرأس أو القدمين لا تضرّ.
• المسح بماء الوضوء
يجب أن يكون المسح على الرأس والقدمين ببلل الوضوء، فلو أضاف ماءً جديداً بطل الوضوء، مثلاً: لو كانت الحنفيّة مبلّلة، فلا يجوز إقفالها باليد التي يريد المسح بها، حتّى لا يختلط بلل اليد ببلل الحنفيّة. نعم، يجوز فتحها أو إقفالها أثناء غسل الوجه، واليد اليمنى، وقبل الانتهاء من غسل اليسرى، وأمّا بعد الانتهاء من اليسرى لا يجوز إدخال البلل الجديد.
• المسح على الحائل
لا يجوز المسح على القناع أو الجورب وما شابه ذلك من الحائل. نعم، يجوز المسح على القناع والجورب ونحوهما في حال الضرورة، من تقيّة أو برد، أو نحو ذلك ممّا يخاف بسببه من رفع الحائل.
33
19
العبادات
من أحكام الجبيرة
• تعريف الجبيرة
الجبيرة هي ما يوضع على العضو المكسور أو المجروح أو المقروح ونحو ذلك، وهي كالألواح والخرق والضمادات والدواء ونحوها.
35
20
العبادات
• مسح العضو المكشوف
إذا كان الجرح أو الكسر على الرأس أو القدمين فيجب المسح عليه مع الإمكان وعدم الضرر، وأمّا إذا كان المسح عليه فيه ضرر فيجب التيمّم، والأحوط وجوباً ضمّ الوضوء إلى التيمّم بعد وضع خرقة طاهرة على الجرح أو الكسر والمسح عليها.
37
21
العبادات
• الحاجب
إذا كان على بعض أعضائه حاجب يمنع من وصول الماء، فإن أمكن إزالته وجب ذلك، وإن لم يمكن إزالته فيجب وضوء الجبيرة، ولا يجب التيمّم.
38
22
العبادات
• المسح على الرأس والقدمين
إذا لم يتمكّن من المسح بإحدى يديه يمسح بالأخرى رأسه وقدميه. وإذا عجز عن المسح بيديه فيستنيب من يمسح عنه، وإن لم يمكن فيسقط المسح في هذه الحالة.
39
23
العبادات
من أحكام الشهيد
• مَن له حكم الشهيد
- الأول أن يكون جهاده مع الإمام المعصوم. أو نائبه الخاص, أو نائبه العام (أي الولي الفيه).
- لو أصيب أثناء الحرب, ولكن خرجت روحه خارج أرض المعركة حال اشتعال الحرب, صورتان:
1- أن تخرج روحه قبل أن يدركه أحد من المسلمين حيّاً فله حكم الشهيد.
2- أن يدركه أحد من المسلمين وبه رمق قبل خروج روحه, فلا يترتب عليه حكم الشهيد.
41
24
العبادات
3- المجاهد الذي يعمل على أجهزة الاتّصالات، أو في الإعلام الحربيّ إذا قتل في أرض المعركة حين اشتعال الحرب فله حكم الشهيد.
4- العامل في مجال التبليغ إذا صدق على عمله أنّه جزء من القتال، وأنّه جزء من القوى العاملة في الجبهة فله حكم الشهيد إذا قُتل هناك.
5- الأشخاص الذين يوجدون في ساحة الحرب وأرض المعركة من أجل إيصال المساعدات والمؤن، أو من أجل تصليح خطوط الاتّصالات، أو يقومون بالإنشاءات، وما شابه ذلك من أعمال تدخل في نطاق القوى العاملة في الجبهة، فهؤلاء إذا قُتلوا هناك لهم حكم الشهيد.
6- المجاهدون الذين يعملون بعيدين عن الخطوط الأماميّة للجبهة، إذا قتلوا نتيجة القصف ونحوه من العدوّ، فإن كان عملهم في تلك الأماكن يعدّ جزءاً من القوى العاملة في المعركة -كمن يعمل على المدفعيّة أو المضادّات الجويّة ونحو ذلك- فلهم حكم الشهيد.
7- إذا كان المجاهد في مكان مخصّص للاستراحة، فقُتل نتيجة القصف ونحوه من العدوّ، فإن كان ذلك المكان جزءاً من أرض المعركة وساحة الحرب فله حكم الشهيد.
8- المجاهد الذي يُصاب بجرح أثناء المعارك في أرض المعركة، ثم يُنقل إلى المشفى ونحوه، ومات أثناء الطريق أو في المشفى، فإن كانت الطريق أو المشفى داخلَين في أرض المعركة وساحة الحرب فله حكم الشهيد. وإلا فليس له حكم الشهيد، ولكن له أجر الشهيد إن شاء اللّه تعالى.
9- المجاهد الذي يقتل نتيجة انفجار السلاح أو القذيفة في أثناء استقدامها في الحرب له حكم الشهيد.
• تجهيز الشهيد
1- من له حكم الشهيد لا يجوز تغسيله وتحنيطه وتكفينه، بل يجب الصلاة عليه، ودفنه في ثيابه التي استشهد فيها، فلا يجوز نزع ثيابه عنه. نعم،
42
25
العبادات
يجوز نزع ما لا يصدق عليه عنوان الثياب، كالحذاء والحزام والعمامة وغطاء الرأس الواقي.
2- إذا كان الشهيد عارياً فيجب تكفينه، ولكن لا يجوز تغسيله ولا تحنيطه.
3- من يجري حكم الشهيد عليه لا يفرّق فيه بين أن يدفن في أرض المعركة أو في مكان آخر.
• مسّ الشهيد
الشهيد كالمغسَّل فبدنه طاهر، فلا يجب الغسل بمسّ بدنه ولا يوجب تنجيس الملاقي له مع الرطوبة.
• من ليس له حكم الشهيد
1- إذا قتل الشخص خارج أرض المعركة وساحة الحرب، نظير من يقتل اغتيالاً من قبل العدوّ أو عملائه، أو قتل نتيجة انفجار لغم زرعه العدوّ خارج أرض المعركة وساحة الحرب، أو كان اللغم مزروعاً في أرض المعركة ولكنّه انفجر فيه بعد انتهاء المعارك والحرب، أو أصيب أثناء المعارك والاشتباكات في أرض المعركة، ولكنّه قتل خارج ساحة الحرب وأرض المعركة، ولم يكن عمله هناك جزءاً من القوى العاملة في المعركة، فلا يترتّب عليه حكم الشهيد، بل له أجر الشهيد وثوابه إن شاء اللّه تعالى.
2- إذا قُتل الشخص خطأً في ساحة الحرب وأرض المعركة، فلا يجري عليه حكم الشهيد، فيجب تغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه، كما يجب الغسل (غُسل مسّ الميت) بمسِّه، لو تمّ مسّه بعد برده وقبل تغسيله.
3- المجاهد الذي يُقتل خارج المعركة وساحة الحرب أو في ساحة الحرب وأرض المعركة نتيجة حادث سير أو وقع من الجبل أو غرق في الماء ونحو ذلك، فهذا لا يلحقه حكم الشهيد، فيجب تغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه. نعم، له أجر الشهيد إن شاء اللّه تعالى.
43
26
العبادات
من أحكام المقابر
• أقسام المقابر
المقابر ثلاثة أقسام:
- الأول: أن تكون وقفاً لدفن الأموات فقط.
- الثاني: أن تكون من المرافق العامّة للبلد.
- الثالث: أن تكون ملكاً خاصّاً.
• الموقوفة للدفن
إذا كانت المقبرة موقوفة للدفن، فلا يجوز أيّ تصرّف فيها غير الدفن، بل لا يجوز جعل القبور ممرّاً للمشاة، بحيث تصير طريقاً لذلك.
• المرافق العامّة للبلد
إذا كانت المقبرة من المرافق العامّة للبلد، لاستفادة الأهالي منها في الدفن وفي المناسبات، فلا يجوز إنشاء التأسيسات فيها، من قبيل إحداث بناءٍ ونحوه، على تفصيلٍ يأتي.
• الممنوعات
إذا كانت المقبرة موقوفة للدفن أو من المرافق العامّة للبلد فلها أحكام عديدة، منها:
- الأول: لا يجوز فيها بناء المساجد والحسينيّات ونحو ذلك.
45
27
العبادات
- الثاني: لا يجوز فيها بناء المغتسل ومصلّى للأموات ونحو ذلك.
- الثالث: لا يجوز تبديلها إلى ملعب رياضيّ.
- الرابع: لا يجوز لأحد أن يقتطع فيها حريماً حول قبر ميّته، ويُمنع المؤمنون من دفن أمواتهم فيها.
- الخامس: لا يجوز غرسها بالأشجار إذا كان ذلك يستلزم منع الآخرين من دفن الأموات فيها، أو كان ذلك يستلزم تبديلها.
- السادس: لا يجوز بناء المدارس والمعاهد والحوزات والنوادي ونحو ذلك فيها.
- السابع: لا يجوز حجز جزء منها لشخص، إذا كان ذلك يستلزم منع الآخرين عن التصرّف فيها لدفن الأموات.
- الثامن: لا يجوز بيعها ولا شراؤها ولا إجارتها، فلا يجوز أخذ ثمن الأرض التي يدفن الأموات فيها.
• نبش القبور وهدمها
يجوز هدم ونبش القبور المندرسة، والتي تحوّلت جثثها إلى تراب، ولا يجوز هدمها ونبشها إذا لم تندرس، كما ولا يجوز كشف الجثث التي لم تتحوّل بعد إلى تراب.
46
28
العبادات
• بناء النُصُب التذكاريّة
لا يجوز بناء النُصُب التذكاريّة في المقابر الموقوفة للدفن، إذا كانت تمنع عن دفن الأموات فيها، كما لا يجوز ذلك في المرافق العامّة للبلد مع المزاحمة لانتفاع الناس فيها بالدفن أو في المناسبات.
47
29
العبادات
من أحكام القراءة في الصلاة
• القراءة في الفرائض
يجب في الركعتين الأولى والثانية من كلّ فريضة قراءة الفاتحة، وبعدها سورة كاملة على الأحوط وجوباً. ولا تُغني قراءة آيات من القرآن الكريم عن قراءة سورة كاملة على الأحوط وجوباً.
• القراءة في النوافل
يشترط في صحّة النوافل قراءة "الفاتحة"، ولا تجب السورة. نعم، توجد نوافل وردت في كيفيّتها سور خاصّة أو آيات خاصّة، فيشترط في صحّة تلك النوافل قراءة السور الخاصّة والآيات الخاصّة، إذا كانت شرطاً في صحّتها. ويوجد نوافل لا يشترط في صحّتها أيّ سورة، فتصحّ بدون السورة، ولكن يستحبّ لها بعض السور لأجل كمال النافلة، وليس لصحّـتها، فيجوز تركها إذا أراد.
• الترتيب في القراءة
يجب قراءة السورة بعد "الفاتحة"، فلو قدّمها على "الفاتحة" عمداً تبطل الصلاة. وأمّا لو قدّمها سهواً، فإن تذكّرها قبل الركوع يجب عليه إعادة السورة بعد "الفاتحة". وإن تذكّر بعد الركوع يكمل صلاته ولا شيء عليه.
49
30
العبادات
• السور الطوال
يجوز قراءة السور الطوال في الصلاة إذا كان الوقت واسعاً لها. وأمّا إذا كان الوقت سيفوت بقراءتها فلا يجوز ذلك.
• سور العزائم
لا يجوز في الفريضة قراءة أيّ سورة من سور العزائم، وهي: العلق، والنجم، وألم التنزيل (السجدة)، وحم التنزيل (فصّلت).
• البسملة
البسملة جزء من سورة "الفاتحة" فقط، ولم يثبت أنّها جزءٌ من باقي السور، ولكن يجب قراءتها مع كلّ سورة ما عدا سورة التوبة (براءة)، كما لا يجب تعيين السورة عند قراءة البسملة، فيجوز أن يقرأ البسملة قبل اختيار السورة، وبعد قراءتها يختار سورة ويقرأها مكتفياً بالبسملة السابقة للاختيار.
• العدول من السورة
يجوز العدول في حال الاختيار من سورة إلى غيرها إلّا في موردين لا يجوز العدول فيهما:
- إذا بلغ إلى نصف السورة فلا يجوز العدول ما دام لم ينس باقي السور وإلا فيجوز العدول.
- لا يجوز العدول من سورة التوحيد ومن سورة الكافرون, حتى لو لم يصل إلى النصف. نعم, يجزو العدول منهما إلى سورة الجمعة والمنافقون في ظهر صلاة الجمعة والمنافقون في ظهر يوم الجمعة وفي صلاة الجمعة إذا كان دخوله في التوحيد والكافرون نسياناً, ولم يكن قد بلغ النصف فيهما, وإلا فلا يجوز.
50
31
العبادات
• أربع سور هي سورتان
"الفيل" و"قريش" سورة واحدة، وكذلك "الضحى" و"الانشراح" سورة واحدة، فلا تجزي واحدة منهما، بل لا بدّ من الجمع بينهما في قراءة الصلاة مع كون "الفيل" أوّلاً ثمّ "قريش"، مع قراءة البسملة الواقعة بينهما، وكذا "الضحى" أوّلاً ثمّ "الانشراح"، مع البسملة بينهما.
• القراءة الصحيحة
يجب أن تكون القراءة صحيحة، فلو أخلّ عامداً بحرف أو حركة أو شدّة أو نحو ذلك بطلت صلاته. ومن لا يحسن القراءة فيجب عليه تعلّمها، بطريقة تتناسب
51
32
العبادات
مع ما ضبطه علماء اللغة العربيّة. ومن يعجز عن التعلّم يكون معذوراً. ولو اكتشف بطلان قراءته بسبب جهله تصحّ صلاته ولا يجب عليه شيء.
• القراءة في القلب
لا يصدُق على القراءة القلبيّة في الصلاة دون التلفّظ بها عنوان القراءة، ولا يجزي في الصلاة إلّا التلفّظ بها بحيث يصدق عليها القراءة.
• الإشارة
الأخرس يقرأ بالإشارة وتصحّ صلاته.
52
33
العبادات
• الاستقرار
يجب الاستقرار حال القراءة والذكر، فلو أراد حالهما التقدّم أو التأخّر أو الانحناء لغرض ما، فيجب ترك القراءة أو الذكر حال الحركة، وعندما يستقرّ يتابع. ولا يضرّ مثل تحريك اليد أو أصابع الرجلين، والترك أولى.
53
34
العبادات
من أحكام السجود
• كيفيّة السجود
1- يجب في كلّ ركعة من كلّ فريضة سجدتَان، وهما معاً ركن.
2- يجب في السجود - مع الإمكان - الانحناء، ووضع المساجد السبعة على الأرض.
55
35
العبادات
• ذكر السجود
يجب الذكر في السجود، ويجزي مطلق الذكر، والأحوط وجوباً أن يأتي بذكر اللّه تعالى من قوله: "سبحان اللّه" أو "اللّه أكبر"، أو "الحمد لله"، أو "لا إله إلّا اللّه" كلّ واحدة ثلاث مرّات. والأحوط استحباباً اختيار: "سبحان ربّي الأعلى وبحمده"، والأحوط استحباباً تكرارها ثلاث مرّات.
• الطمأنينة
يجب الطمأنينة أثناء الذكر، فَمَنْ تَرَكَها عمداً بَطَلَتْ صلاتُه، وأمّا سهواً فلا تبطل. ويجوز السجود على التربة المحتوية على عدَّاد لعدِّ السجدات إذا كانت ممّا يصحّ السجود عليه، وكانت تستقرّ وتثبت بعد وضع الجبهة والضغط عليها.
56
36
العبادات
• وضع المساجد حال الذكر
يجب كون المساجد السبعة في محالِّها حال الذكر، ويجوز تغيير محالّ ما عدا الجبهة حال عدم الاشتغال بالذكر، فعند التحريك يوقف الذكر، وعندما يستقرّ يكمل البقيّة.
• الجلسة بين السجدتَين
يجب رفع الرأس من السجدة الأولى، والجلوس مطمئنّاً معتدلاً، ثمَّ يؤدّي السجدة الثانية.
• الجلسة بعد السجدتَين
الأحوط وجوباً الجلوس مطمئنّاً بعد رفع الرأس من السجدة الثانية قبل أن يقوم.
• مساواة وضع الجبهة للموقف
يجب مساواة موضع الجبهة مع الموقف (الركبتان والإبهامان على الأحوط وجوباً)، فلا يصحّ أن يكون أحدهما أعلى من الآخر أزيد من أربع أصابع مضمومة.
• العاجز عن السجود
العاجز عن وضع المساجد على الأرض (كالمُقْعَد) فإن كان بمقدوره وضع التربة على يد الكرسيّ أو على شيء آخر (كالطاولة ونحوها) والسجود عليها فيفعل ذلك وصلاته صحيحة، وإن لم يمكن ذلك يومئ للسجود برأسه، وإن لم يمكن فبالعينَين، وإن لم يمكن فبالإشارة للسجود، والأحوط وجوباً رفع السجدة إلى الجبهة باليد.
• ما يصحّ السجود عليه
يجب وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه. ويعتبر -مع الاختيار- أن يكون أرضاً أو نباتاً أو قرطاساً. وهذه العناوين الثلاثة من المرتبة الأولى، فيجوز السجود على أيّ منها مع الاختيار.
57
37
العبادات
• السجود على الأرض
• السجود على النبات
1- يصحّ السجود على النبات -مع الاختيار- بشرط أن لا يكون من الملبوس والمأكول، فلا يصحّ السجود على المخبوز والمطبوخ، والحبوب المعتاد أكلها من الحنطة والشعير ونحوهما، ولا على الفواكه، والبقول المأكولة ولو قبل وصولها إلى زمان الأكل. نعم، يجوز السجود على قشورها بعد انفصالها عنها، إلّا في مثل قشر التفاح والخيار ممّا هو مأكول.
2- يجوز السجود على الحنظل (شجر مُرّ) والتبن والتتن (أوراق التبغ)، وقشور الموز والرمّان والجوز بعد انفصالها.
3- لا يجوز السجود على القطن والكتّان، ويجوز على خشبهما.
• السجود على القرطاس
يصحّ السجود على القرطاس المأخوذ من غير الكتان والقطن مع الاختيار، سواء أكان من الورق أم المحارم.
58
38
العبادات
• المراتب الأخرى في ما يصحّ السجود عليه
لو لم يتمكّن من السجود على ما يصحّ السجود عليه من المرتبة الأولى يسجد على ثوب القطن والكتّان، ومع فقده يسجد على ثوبه من غير القطن والكتّان، ومع فقده يسجد على ظهر كفّه، وإن لم يتمكّن فعلى المعادن.
• السجود الخاطئ
إذا وُضِعت الجبهة على ما لا يصحّ السجود عليه وجب تحريكها حتّى تصل إلى ما يصحّ السجود عليه دون رفعها عن الأرض. وإذا كان المصلّي يرفع جبهته عن الأرض لأجل أن يسجد على التربة،
59
39
العبادات
من أحكام كثير الشكّ
• تعريف كثرة الشكّ
1- يعود تحديد كثرة الشكّ إلى العرف. وتتحقّق فيما إذا لم تخلُ ثلاث صلوات متوالية من الشكّ، أو كان الشكّ في صلاة واحدة ثلاث مرات. ولا يشترط وحدة المورد المشكوك، بل يصدق كثرة الشكّ حتى مع اختلاف الموارد.
2- يعتبر في صدق كثرة الشكّ أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض من خوف أو غضب أو همّ، ونحو ذلك ممّا يوجب اغتشاش الحواس.
• الوسواسيّ
الوسواسيّ هو من تفاقمت عنده كثرة الشكّ، فتصل إلى حالة الوسوسة، وهي تعبير عن حساسيّة نفسيّة شديدة في أمرٍكالنجاسة مثلاً.
• حكم كثير الشكّ
1- إذا شكّ كثير الشكّ في ركعات الصلاة أو أفعالها أو أقوالها أو شروطها، فوظيفته أن يبني على وقوع ما شكّ فيه، مثلاً: إذا شكّ في أنّه ركع أم لا، فيبني على أنّه ركع، وإذا شكّ في أنّه أتى بالركعة الثانية أو لا، فيبني على وقوع الركعة الثانية، وهكذا.
61
40
العبادات
2- إذا كان البناء على وقوع المشكوك موجباً لفساد الصلاة فيبني على عدم الوقوع، مثلاً: إذا شكّ في أنّه في الركعة الثالثة في الصبح أم لا فيبني على عدم وقوع الركعة الثالثة.
3- لا يجوز لكثير الشكّ الاعتناء بشكّه. نعم، يُستثنى من ذلك مسألة واحدة، وهي فيما لو شكّ في الإتيان بالصلاة وعدمه، وكان وقت الصلاة باقياً فيجب عليه الإتيان بالصلاة المشكوكة، حتّى لو كان كثير الشكّ، إلّا إذا كان وسواسياً فلا يعتني بشكّه.
62
41
العبادات
من أحكام سجود السهو
• موارد وجوب سجود السهو
يُطلب سجود السهو على نحو الوجوب أو الاحتياط الوجوبيّ في ستّة موارد، ولا يجب في غيرها، وهي:
- الأوّل: تجب سجدتَا السهو إذا تكلّم في الصلاة سهواً. ولا يجب سجود السهو عند قراءة كلمة من أذكار الصلاة أو من الآيات القرآنيّة أو من أدعية القنوت سهواً أو اشتباهاً. وإذا تكلّم ساهياً ثمّ انتبه للصلاة فأكمل صلاته، ولكنّه عاد للسهو فتكلّم من جديد فيجب سجود السهو مرّتين.
- لو تكلّم عمداً أو سهواً بطريقة مُحيت فيها صورة الصلاة تبطل صلاته.
- الثاني: إذا نسي سجدة واحدة وتذكّرها في ركوع الركعة اللاحقة وما بعده، أو بعد خروجه من الصلاة وإتيانه بالمنافي، فيجب قضاء السجدة التي نسيها ثمّ يجب بعدها سجدتَا السهو.
- الثالث: إذا سلّم في غير موضعه، كما إذا اعتقد أنّه في الركعة الأخيرة فسلّم، ثمّ اكتشف أنّ الركعة لم تكن الأخيرة، فالأحوط وجوباً الإتيان بسجدتَيّ السهو.
- والمقصود بالسلام هو جملة: "السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين"، أو جملة: "السلام عليكم" مع إضافة "ورحمة اللّه وبركاته" أو بدونها. وأمّا جملة: "السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته" فزيادتها سهواً لا توجب سجدتَيّ السهو.
65
42
العبادات
- الرابع: إذا نسي التشهّد وتذكَّرَه في ركوع الركعة اللاحقة وما بعده، أو بعد خروجه من الصلاة فالأحوط وجوباً أن يقضي التشهّد، ثمّ يسجد سجدتَين للسهو على الأحوط وجوباً.
- الخامس: تجب سجدتَا السهو فيما لو شكّ المصلّي بين الركعة الرابعة والخامسة بعد رفع الرأس من السجدة الثانية، فيبني على الرابعة، ويكمل الصلاة ثمّ يأتي بسجدتَيّ السهو.
- السادس: إذا شكّ بين الركعة الخامسة والسادسة حال القيام، فيهدم قيامه، ويبني أنّه في الرابعة فيتشهّد ويسلّم، ثمّ يأتي بسجدتَيّ السهو وجوباً.
66
43
العبادات
• المبادرة
تجب المبادرة إلى سجود السهو بعد الصلاة. ولو تعمّد التأخير يأثم، ولكن تصحّ صلاته، ولا تسقط الفوريّة. ولو نسيه يسجد فوراً حينما يتذكّر، ولو أخّر يأثم، ويجب المبادرة بعد ذلك.
67
44
العبادات
من أحكام صلاة القضاء
• مَن لا يجب عليهم القضاء
لا يجب قضاء الصلاة اليوميّة على من فاتته في ستّة موارد:
- الأوّل: لا يجب قضاء ما فات الكافر الأصليّ، الذي وُلد من أبوَين كافرَين، وعندما بلغ أعلن كفره، فلم يكن يصلّي، وقد أعلن إسلامه في ما بعد، فلا يجب عليه قضاء ما فاته حال كفره.
- الثاني: لا يجب القضاء على المغمى عليه طوال وقت الصلاة، ولم يكن الإغماء بفعله. وأمّا لو كان الإغماء باختياره (كما لو سلّم نفسه لإجراء جراحة يعلم أنّ الأطباء سيخدّرونه قبلها)، فيجب على الأحوط وجوباً عليه بعد الاستيقاظ أن يقضي ما فاته أثناء تخديره.
- الثالث: إذا كان الإنسان مجنوناً، فلا تجب عليه الصلاة حال جنونه، فإذا أفاق من جنونه فلا يجب عليه قضاء الصلاة التي فاتته حال جنونه.
- الرابع: إذا بلغ الصبيّ فلا يجب عليه قضاء الصلاة التي فاتته قبل بلوغه.
- الخامس: لا تجب الصلاة على الحائض والنفساء أثناء الحيض والنفاس، فلا يجب عليهما قضاء ما فاتهما من الصلاة أثناء الحيض والنفاس. نعم، لو لم يكن الحيض والنفاس مستوعبَين لتمام الوقت فيجب القضاء، مثلاً: لو جاءها الحيض أو النفاس بعد مضيّ وقت من دخول وقت الصلاة بما يكفي لتصلّي فرضاً ولكنّها لم تصلِّ، ثمّ فاجأها الحيض أو النفاس فيجب قضاء ذلك الفرض.
69
45
العبادات
- السادس: إذا لم يكن المسلم إماميّاً ثمّ استبصر، فإن كان قد أتى بالصلاة على وفق مذهبه فلا يجب القضاء، ويبدأ بالصلاة على حسب المذهب الحقّ من حين استبصاره.
• زوال العذر في أثناء الوقت
لو بلغ الصبيّ أو أفاق المجنون أو المغمى عليه أو طهرت الحائض والنفساء أو أسلم الكافر وكان وقت الصلاة لا يزال باقياً فيجب أداء الصلاة حتّى لو لم يدركوا إلّا ركعة واحدة مع الطهارة ولو بالتيمُّم، ومع ترك الأداء فيجب عليهم القضاء. وإن لم يدركوا ولو مقدار ركعة واحدة مع الطهارة فلا يجب عليهم الأداء ولا القضاء.
70
46
العبادات
• عدم وجوب الفوريّة
لا تجب الفوريّة في القضاء، بل هو موسّع ما دام العمر. نعم، إذا كان التأخير يُعدّ تهاوناً فلا يجوز.
72
47
العبادات
من أحكام صلاة الاستئجار
• جواز القضاء عن الميّت
يجوز الاستئجار للنيابة عن الأموات في قضاء الصلوات كسائر العبادات، كما ويجوز النيابة عنهم تبرّعاً.
• النيّة
ينوي النائب بفعله النيابة والبدليّة عن الميّت، ولا يشترط التلفّظ. وتفرغ ذمّة الميّت بذلك.
• تعيين الميّت
يجب على النائب تعيين الميّت المنوب عنه في النيّة، وتكفي النيّة الإجماليّة، كأن يقول النائب: "أصلّي كذا عن صاحب الوصيّة، أو عن صاحب المال".
75
48
العبادات
• مال الوصيّة
يجب على الوصيّ إخراج الأجرة من ثُلث التَّركة، فإذا كفى الثُلُث كان به، وإذا لم يكفِ الثُلُث فلا يجوز إخراج المال من الثُلثين الباقيَين إلّا إذا أجاز الورثة فيما لو كانوا بالغين عاقلين راشدين، وغير محجور عليهم، ولا يجوز الإخراج من حصّة غيرهم.
• من لا تركة له
إذا أوصى بالصلاة، ولم يكن له مال، فلا يجب على الوصيّ المباشرة، ولا الاستئجار من ماله. نعم، إذا كان له ولد ذكر أكبر (الأكبر حين وفاة الأب) فيجب عليه إمّا القضاء عنه، أو الاستئجار من ماله هو.
• معرفة الأجير بالصلاة
يشترط في الأجير أن يكون عارفاً بأجزاء الصلاة، وشروطها، ومنافياتها، وأحكام الشكّ والسهو التي يمكن الابتلاء بها، وغيرها.
76
49
العبادات
• عدالة الأجير
لا يُشترط أن يكون الأجير عادلاً، ولكن يُشترط أن يكون أميناً، بحيث يحصل الاطمئنان بإتيانه للصلاة على الوجه الصحيح.
• بلوغ الأجير
لا يشترط البلوغ في الأجير، بل يكفي أن يكون مميِّزاً يميّز بين الحسن والقبح.
• استئجار ذوي الأعذار
لا يجوز استئجار ذوي الأعذار، كالعاجز عن القيام مع وجود غيره. ولو لم يكن الأجير عاجزاً ولكن عَرض له العجز فيجب عليه أن ينتظر زمان رفْع العجز، فإنْ لم يمكن تنفسخ الإجارة. والأحوط وجوباً عدم استئجار ذي الجبيرة، ومن وظيفته التيمّم.
• تقليد الأجير
يعمل الأجير بحسب تقليده حتّى لو كان مخالفاً لتقليد الميّت.
• لا فرق بين المرأة والرجل
يجوز استئجار كلّ من الرجل والمرأة، سواء أكان عن الرجل أم المرأة، وفي الجهر والإخفات والسّتر وشروط اللباس يُراعى حال النائب، لا حال المنوب عنه الميّت.
• نقل الإجارة إلى الغير
لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل بدون إذن من المستأجر، إلّا إذا أخذ المال وتقبَّل العمل من دون أن يؤاجر نفسه له فيجوز حينئذٍ أن يستأجر غيره لهذا العمل. والأحوط وجوباً أن لا يستأجره بأقلّ من الأجرة المجعولة، إلّا إذا أتى ببعض العمل وإن قلّ.
77
50
العبادات
• الإتيان بالمستحبّات
إذا لم يعيّن الوصيّ أو المستأجر كيفيّة العمل من جهة الإتيان بالمستحبّات، ولم يتحقّق انصراف إلى كيفيّة محدّدة، فيجب الإتيان بالمستحبّات المتعارفة، كالقنوت، وتكبيرة الركوع، ونحو ذلك.
• الصلاة عن الحيّ
كلّ مكلّف يجب عليه - شرعاً - ما دام حيّاً أن يؤدّي صلاته الواجبة بنفسه بأيّ نحو ممكن، ولا يجزيه صلاة النائب عنه، بلا فرق بين أن تكون بأجرة أو بدون أجرة.
78
51
العبادات
من أحكام الـسـفـر
وسنعرض جملةً من أحكام صلاة المسافر، الذي ارتبط سفره بعمله، فكان سفره "شغليّاً":
• مَنْ عمله السفر أو في السفر
يشترط لقَصْر الصلاة في السفر أن لا يكون السفر عملاً ولا مقدّمةً للعمل.
أمّا مَنْ عمله السفر كالسائق والملّاح، أو عمله في السفر كالتاجر الذي يدور في تجارته، ومَنْ السفر مقدِّمة لعمله كالموظّف وصاحب المهنة ونحوهما، فمن أجل الصدق العرفي لعنوان السفر الشغليّ لا بد من تحقُّق ثلاثة أمور:
1- قصد إنشاء السفر الشغلي.
2- الشروع في السفر الشغلي.
3- قصد الإستمرار والمداومة على السفر الشغلي.
79
52
العبادات
• صدق العمل عرفاً
1- يشترط في ترتُّب حكم التمام أن يكون لديه عمل، ويشترط في صدق العمل وتحقّقه أن يصدق عليه أنّه شغل لشاغله عرفاً. فما يصدُق عليه عرفاً أنّه عمل فالسفر إليه "سفرٌ شغليّ"، وإنْ لم يصدق عليه أنّه عمل عرفاً، فلا يكون السفر إليه "سفراً شغليّاً"، فلو طلب المسؤول الأعلى من الموظّف السفر لأجل أن يأتي له بغرض خاصّ لا يكون داخلاً في عمله، ولا يكون السفر إليه "سفراً شغليّاً"، فلا يُتمّ الصلاة هناك، بل يجب عليه التقصير.
2- هناك صور لا بد من بيان حكمها من حيث صدق السفر الشغلي وعدمه، وهي:
أ- إذا كان يسافر شهراً واحداً للعمل، ولسنة واحدة، فلا يصدق السفر الشغليّ حينئذٍ.
ب- إذا كان يسافر شهرين للعمل، ولسنة واحدة، فلا يصدق السفر الشغليّ حينئذٍ.
ج- إذا كان يسافر يوميّاً إلى عمله لمدّة طويلة كثلاثة أشهر فصاعداً، ولسنة واحدة، باستثناء أيّام العطل المتعارفة لدى الشاغلين، فيتحقّق السفر الشغليّ، ويصلّي تماماً ابتداءً من السفر الأوّل.
د- إذا كان عازماً على السفر للعمل ولو لشهرٍ واحد، لكن لسنوات، فإنّه يُتمّ في هذا الشهر من كلّ سنة.
3- من تلبَّس بالعمل الشغليّ بالشروط المذكورة يُتمّ من حين صيرورة السفر من مقتضيات عمله ولو كان هو السفر الأوّل.
4- يشترط في صدق تكرار السفر للعمل أن يكون السفر ذا مسافة شرعيّة[1]، فلو سافر سفراً شغليّاً لكن دون المسافة لا يُحسب هذا السفر سفراً شغليّاً، ولا يترتّب عليه أيّ أثر من هذه الجهة.
[1] أن يقطع المسافر (41 كلم) خارج حدود بلدته، أقلّها (20.5 كلم) ذهاباً ومثلها إياباً.
80
53
العبادات
• المسافة الشرعيّة وكيفيّة حسابها
1- المسافة الشرعيّة هي أن يقطع المسافر 41 كلم امتداديّة أو تلفيقيّة.
والامتداديّة: تعني أن يكون الذهاب وحده 41 كلم، أو الإياب وحده 41 كلم.
والتلفيقيّة: هي الذهاب مع الإياب، بأن يكون الذهاب 20.5 كلم على الأقلّ ويكون المجموع 41 كلم فصاعداً، مع القصد واستمرار القصد.
2- مبدأ حساب المسافة آخر بيوت البلد الذي يسافر منه، وينتهي بالوصول إلى المقصد، فإذا كان مقصده نفس البلد فينتهي عند الوصول إلى أوّل بيوت بلد المقصد، وإذا كان مقصده نقطة خاصّة فيه، فالمسافة إليها.
3- بين الوطنين أو بين الوطن ومكان الإقامة عشرة أيّام فصاعداً يُشترط أن تكون المسافة امتداديّة، ولا يكفي التلفيقيّة.
82
54
العبادات
• حدّ الترخُّص
يشترط في ترتّب حكم السفر وصول المسافر إلى محلّ الترخّص. ويكفي في تعيينه عدم سماع أذان البلد من الجهة التي خرج منها أو عند سماع الأذان عندما يدخل إليها أثناء الرجوع.
ويعتبر في الأذان أن يكون بصوت رجل متوسّط الصوت بدون مكبِّرات للصوت.
والمقصود بعدم السماع هو عدم التمييز بين فصول الأذان، فضلاً عن عدم التمييز بين كونه أذاناً أو غيره.
• السفر الشغليّ إلى المسافة الشرعيّة
1- يشترط في صدق عنوان السفر الشغليّ أن يكون السفر ذا مسافة شرعيّة، ولا يضرّ أن يكون بعض أسفاره إلى ما دون المسافة الشرعيّة، ولكنّها لا تُحسَب من السفر الشغليّ.
2- إذا كان مكان عمله لا يبعد عن محلّ سكنه بمقدار المسافة الشرعيّة، ولكنّه أنشأ سفراً شغليّاً إلى بلد آخر ذا مسافة شرعيّة كان هو السفر الشغليّ الأوّل، ويقصر فيه إلّا أن يكون عازماً على تكرار السفر للعمل مدّة معتدّاً بها عرفاً كالثلاثة أشهر -مثلاً- فيُتمّ من السفر الأوّل حينئذٍ.
3- إذا لم يكن بين محلّ سكنه ومحلّ عمله مسافة شرعيّة، فإنّه يصلّي فيهما تماماً.
4- إذا كان محلّ عمله نفس محلّ سكنه، ثمّ عرض له السفر الشغليّ إلى المسافة الشرعيّة كان حكمه حكم من شرع في السفر الشغليّ جديداً، فيُتمّ من السفر الأوّل ما لم يفصل بين هذه الأسفار بالبقاء عشرة أيّام في مكان واحد، إذا كان يصدق عليه عرفاً أنه يكرّر السفر لأجل العمل، كما بيّنّا آنفاً.
83
55
العبادات
• لوازم العمل
1- لوازم العمل تكون في حُكم نفس العمل عرفاً، فالسفر إلى ما يتعلّق بالعمل يُصلّي فيه تماماً، كما يُصلّي تماماً في السفر للعمل.
2- المراد من لوازم العمل هو كلّ ما يصدق عليه عرفاً أنّه من مستلزمات أو متطلّبات أو مقدّمات العمل التي يتوقّف عليها العمل، أو الأمور التي يُشترط عليه القيام بها حين اشتغاله بالعمل، كالدورات والتدريبات ونحو ذلك.
3- إذا كان لديه عمل في مكان ما فطُلب منه السفر إلى بلد آخر للتدرّب، كان سفره إليه بحكم السفر الشغليّ فيما إذا كان ذلك من لوازم عمله.
4- إذا طُلب من المجاهد السفر لأجل تعلّم لغة مثلاً، أو لحضور الدروس العسكريّة أو غيرها، فالسفر إلى ما ذُكر حكمه نفس حكم السفر الشغليّ.
5- إذا أصيبت سيّارة السائق أثناء عمله في الطريق، أو في المقصد الذي سافر إليه بعطل، فسافر لشراء قطع غيار لأجل إصلاحها، فهذا السفر يعدّ من لوازم العمل فيصلي فيه تماماً ويصوم.
6- الذين يخدمون في الجيش ويسافرون من محلّ سكنهم إلى محلّ خدمتهم مسافة شرعيّة يُعدّ سفرهم هذا سفراً شغليّاً في ما بعد أيّام التعلّم والتدرّب والتمرّن. وأما في فترة التعلّم والتدرّب فيحتاط، إلا في سفر طلاب العلوم الدينية أو طلاب الكليّة الحربيّة من أجل دراستهم كما سيأتي.
7- إذا وقّع المجاهد على العقد من أجل العمل الجهاديّ، وكانت هناك شروط في ضمن العقد تقتضي منه أن يعمل أيّ عمل يُطلب منه، أو أن يسافر إلى أيّ مكان للعمل فيه، فإذا كان العمل الذي وقّع عليه العقد يقتضي السفر الشرعيّ فحكم السفر إليه حكم السفر الشغليّ. ولا فرق في ذلك بين العمل في محور واحد أو محاور متعدّدة، كما لا فرق بين كثرة التردّد في بعض المحاور وقلّته.
84
56
العبادات
8- إذا سافر المجاهد إلى بلد آخر للتدرّب، فإذا كان التدرّب من وظائفه المفروضة عليه من ناحية مسؤولي الجهاد يُحسب من السفر الشغلي.
9- إذا سافر الموظّف أو المعلّم أو المجاهد إلى مكان آخر من أجل التعلّم أو التدرُّب أو عمل آخر، يعتبر من لوازم عمله، فسفره لأجل عمله المذكور مصداق للسفر الشغليّ. وأمّا إذا سافر لذلك قبل تلبّسه بالعمل فعلاً فالأحوط وجوباً الجمع بين القصر والتمام في المدّة المذكورة. وسيأتي حكم طالب العلم وطالب الكلّيّة الحربيّة.
10- الشخص الذي يتعاقد مع شركة أو غيرها لتوظيفه لديها بعد إتمامه مراحل دراسته، بحيث يكون اشتغاله بالدراسة على حساب الشركة، وبطلب منها، ففي هذه الحالة يكون سفره للدراسة بحكم السفر الشغليّ.
11- السفر من أجل حفل التكريم أو ما شابه ذلك لا يلحقه حكم السفر الشغليّ، حتى لو كان عمله في السفر، أو كان السفر مقدّمة لعمله، فإنّ السفر للتكريم ليس جزءاً من العمل. فمن كان يتكرّر منه السفر في عمله فإنّه يُتمّ في سفره الشغليّ، ولكن لو أخذه المسؤولون سفراً لغير العمل، كما لو أخذوه لزيارة مقامات دينيّة أو سياحيّة، فإنّه يقصّر في هذا السفر، لأنّ التكريم ليس من لوازم العمل. وكذا السفر لزيارة الأماكن المقدّسة وغيرها، حتّى وإن كان ذلك بطلب من المسؤول، أو بإلزامٍ من الجهة التي يعمل لديها. نعم، من كان معهم ممّن وظيفتهم رعاية الإخوة ومتابعة شؤونهم الإداريّة مثلاً، فيكون سفرهم للعمل فيُتمّون مع اجتماع سائر الشروط.
12- لو سافر المجاهد من أجل إصلاح سيّارة العمل مثلاً، ولم يُعَدّ سفره هذا بنظر العرف سفراً شغليّاً له، فحكمه فيه حكم سائر المسافرين، وهكذا لو سافر من أجل تسلُّم راتبه الشهريّ، أو متابعة بعض أموره التنظيميّة أو الإداريّة المتعلّقة بعمله، أو من أجل العلاج والمداواة.
85
57
العبادات
• غاية السفر
1- لو كان سفره لأجل العمل ولأجل أمر خاصّ معاً، على نحو الاشتراك أو التداخل أو الضميمة أو التبعيّة، فإنّ هذا السفر يُحسب سفراً شغليّاً، فالمهمّ أن يكون العمل من ضمن أهداف سفره هذا ولو بالتبع.
2- لو سافر إلى مكان العمل لأجل أمر خاص غير العمل يقصر في صلاته، ثمّ لو بدا له البقاء هناك لأجل العمل، فإنه يُتمّ حينئذٍ.
3- لو سافر لأجل العمل، وأثناء العمل أو بعد إتمامه اشتغل بأعمال خاصّة، من قبيل زيارة الأقارب يبقى على التمام، سواء أكان في نفس بلد العمل أم خارجها دون المسافة الشرعيّة، أمّا إذا خرج من بلد العمل إلى مسافة شرعيّة لأجل أمره الخاص يقصّر في ذلك المكان.
4- مجرّد المرور بمكان العمل إذا لم يكن لأجل العمل لا يوجب الإتمام، بل لا بدّ من أن يكون منشأ السفر هو قصد العمل.
5- لو سافر إلى مكان عمله فوجده مغلقاً مثلاً، ولم يمارس أيّ عمل فيه فعاد إلى بيته، عُدّ هذا السفر سفراً شغليّاً أيضاً.
6- لو سافر من أجل البحث عن عمل قصّر في صلاته.
• حكم الطريق
1- حكم الطريق له نفس حكم العمل في التمام في صلاته في الذهاب والإياب.
2- لو خرج أثناء ذهابه إلى العمل من جادّة الطريق الرئيس إلى طريق فرعيّ لأجل أمرٍ شخصيّ، فإن بلغت مسافة الطريق الفرعيّ المسافة الشرعيّة يقصر فيها، فإذا عاد إلى الجادّة الرئيسة رجع إلى التمام، وإن لم تكن المسافة شرعيّة فيبقى على التمام.
3- إذا كان الذهاب والإياب في نظر العرف سفراً واحداً، من قبيل المعلّم الذي يذهب من وطنه إلى مدينة أخرى للتدريس فيها، ثمّ يعود إلى وطنه في العصر أو في اليوم التالي، ففي هذه الصورة يكون الذهاب والإياب سفراً واحداً،
86
58
العبادات
وأمّا إذا لم يكونا سفراً واحداً بنظر العرف، من قبيل السائق الذي يسافر لنقل المسافرين إلى مكانٍ ما، ومنه يسافر إلى مكان آخر لنقل مسافرين آخرين، ثمّ يعود إلى وطنه، ففي هذه الحالة تكون أسفاراً متعدّدة.
• حكم الرجوع
1- حكم الطريق أثناء العودة إلى منزله ملحق بالسفر الراجع منه في الحكم، فإنْ كان راجعاً من السفر الموجب للقصر يقصر في الإياب أيضاً، وإن كان راجعاً من السفر الموجب للتمام أتمّ في الإياب أيضاً.
2- الراجع من عمله إلى منزله لأجل مهمّة أخرى متعلّقة بالعمل أيضاً، يُحسب هذا الرجوع سفراً مستقلّاً فيما إذا كان مسافة شرعيّة امتداديّة.
• الخروج من مكان العمل لأمر خاص
لو كان في محلّ عمله يصلّي تماماً، ثمّ خرج منه لأجل أمر خاصّ مع نيّة العودة إلى مكان العمل لأجل العمل، فهنا ثلاث صور:
- الأول: أن يكون مجموع الذهاب والإياب أقل من المسافة الشرعية, فحكمه البقاء على التمام.
- الثانية: أن يكون مجموع الذهاب والإياب مسافة شرعية تلفيقية, فيقصر في الذهاب والإياب إذا لم يقصد الرجوع إلى مكان العمل من أجل العمل, وأما إذا كان قاصداً الرجوع منه إلى مكان العمل لأجل العمل.
- الثالثة: أن يكون كل من الذهاب والإياب على حدة مسافة شرعية, فيقصر في الذهاب وفي المقصد, ويتم في الإياب وفي محل العمل.
87
59
العبادات
• السفر للتبليغ
من سافر للتبليغ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن كان هذا النحو ممّا يُعَدُّ شغلاً وعملاً له عرفاً، فيجب عليه التمام في صلاته من السفر الأوّل إن لم ينوِ الإقامة.
• حكم الزوّار
من يسافر كثيراً من أجل زيارة المراقد الشريفة، أو لهدف سياحيّ، وما شاكل ذلك فإنّه يقصّر إذا لم ينوِ الإقامة.
89
60
العبادات
من أحكام صلاة الجماعة
• شروط إمام الجماعة
شروط إمام الجماعة سبعة، وهي:
- الأوّل: البلوغ.
يشترط أن يكون الإمام بالغاً، فلا تصحّ إمامة غير البالغ وإن كان المأموم غير بالغ.
- الثاني: العقل.
لا تصحّ الإمامة ولا تصحّ الصلاة - أيضاً - من المجنون، حتّى وإن طرأ الجنون على الإمام في أثناء الصلاة فإنّها تبطل.
- الثالث: العدالة.
يشترط أن يكون إمام الجماعة عادلاً في نظر المأمومين.
1- تعريف العدالة
العدالة هي حالة نفسيّة راسخة، تبعث على ملازمة التقوى المانعة من ترك الواجبات أو فعل المحرّمات الشرعيّة.
وكلّ من امتلك العدالة يُسمّى عادلاً.
91
61
العبادات
2- ثبوت العدالة
يكفي لإثبات العدالة حسن الظاهر، بحيث لو سُئل أحد عنه لقال: لم أرَ منه إلّا خيراً.
3- انكشاف فسق الإمام
لو اعتقد المكلّف عدالة الإمام، فصلّى خلفه مأموماً، ثمّ اكتشف المأموم بعد ذلك أنّ الإمام كان فاسقاً، صحّ ما صلّاه المأموم خلف هذا الإمام، ويصلّي خلف العادل في ما بعد.
- الرابع: طهارة المولد
يشترط في إمام الجماعة أن يكون طاهر المولد، فلا تصحّ الجماعة خلف ابن الزنا.
وتصحّ الجماعة خلف من وُلد بوطء الشبهة.
- الخامس: الإيمان
يشترط في إمام الجماعة أن يكون مؤمناً اثني عشريّاً. نعم، في حالة اقتضاء الوحدة الإسلاميّة الصلاة خلف غير الاثني عشريّ تصحّ الصلاة خلفه، ولا يجب إعادتها، وكذا لا يصح السجود على غير ما يصح السجود عليه إلا إذا اقتضت ضرورة التقية ذلك، ولكن لا يجوز التكتّف معهم، إلّا عند الضرورة فقط.
- السادس: صحّة القراءة
لا يصحّ الاقتداء بشخص إذا لم تكن قراءته صحيحة حتّى لو كان معذوراً. ولو كانت قراءة الإمام غير صحيحة بنظر المأموم فلا يجوز الاقتداء به، كما لا يجوز للمأموم الذي يُحسن التلفّظ الصحيح أن يقتدي بإمام لا يُحسن ذلك. ولو اعتقد المأموم صحّة قراءة الإمام وفي أثناء الصلاة قرأ الإمام كلمة خطأ أو أنقص كلمة -مثلاً- فينبّهه، فإن لم يتدارك الإمام ذلك وجب الانفراد على المأموم.
- السابع: الذكورة
لا تصحّ إمامة المرأة في صلاة الجماعة إذا كان فيها ذكر، وتجوز إمامتها في صلاة الجماعة للنساء خاصّة.
92
62
العبادات
• إمامة الناقص
إذا كانت يد الإمام أو رجله مقطوعة بالكامل أو مشلولة، فالأحوط وجوباً عدم الاقتداء به. وأمّا إذا كانت إبهام رجله - فقط - مقطوعة فإمامته صحيحة.
• رضى إمام الجماعة
رضى إمام الجماعة ليس شرطاً في صحّة الاقتداء به. وعليه، فاقتداء الآخرين بالشخص الذي لا يكون راضياً بذلك صحيح.
• المأموم الواحد
إذا صلّى خلف الإمام مأموم واحد، لا يجب على المأموم الوقوف إلى يمين الإمام، بل يجوز له أن يصلّي إلى يساره أو خلفه، نعم الوقوف إلى يمينه مستحبّ.
93
63
العبادات
من أحكام الصوم
• شروط وجوب الصوم
يجب الصوم من طلوع الفجر الصادق حتّى غروب الشمس. ويُعرف الغروب بزوال الحمرة المشرقيّة. ويشترط في وجوب الصوم سبعة شروط مجتمعة، بحيث لو اختلّ منها شرط أو أكثر سقط وجوب الصوم. وهذه الشروط هي:
- الأوّل: البلوغ، فلا يجب الصوم على غير البالغ. ويُعرف بلوغ الذكر بنبات الشعر الخشن على العانة، أو الاحتلام. فإن لم تحصل العلامتان فيُعرف البلوغ بإكمال 15 سنة قمريّة[1].
يجب على الفتيات اللواتي بلغن بإحدى علامات البلوغ ومنها إكمال تسع سنوات قمريّة الصوم في شهر رمضان، ولا يجوز تركه لمجرّد بعض الأعذار (كالنحافة). نعم، إذا كان الصوم مضرّاً بهنّ أو كان في تحمّله مشقّة كبيرة جاز لهنّ الإفطار حينئذٍ، ثمّ يقضين ما فاتهنّ بعد ذلك.
- الثاني: العقل.
- الثالث: القدرة، فلا يجب الصوم على العاجز غير القادر على الصوم، بل يجب عليه الإفطار في هذه الحالة، ثمّ يقضيه لاحقاً إذا زال عذره.
وإذا كان المكلّف في بلد ساعات النهار فيه كثيرة ولم يقدر على تحمّل الصوم طوال هذه الساعات يجب عليه الإفطار، ويقضيه لاحقاً.
[1] السنة القمريّة تقلّ عن السنة الشمسيّة بعشرة أيّام و21 ساعة تقريباً.
95
64
العبادات
- الرابع: عدم الإغماء.
1- إذا نوى الصوم في الليل ثمّ أغمي عليه، ولكنّه أفاق من إغمائه في النهار يتمّ صومه (مع الإمكان) وهو صحيح.
2- إذا أغمي عليه في الليل بدون تعمّد قبل نيّة الصوم واستمرّ إغماؤه طوال النهار فيسقط عنه وجوب الصوم ولا يجب القضاء. وأمّا لو أفاق في النهار فلا يصحّ منه الصوم ويجب عليه القضاء، وكذا لو كان الإغماء بفعله متعمّداً (كما في تناول البنج لإجراء جراحة) فيجب القضاء.
- الخامس: عدم السفر الموجب للقصر.
1- إذا سافر الصائم من بلده أو من بلد كان يصوم فيه (كالمقيم عشرة أيّام مع قصد) قبل الزوال بطل صومه، ولا يجوز له الإفطار قبل الوصول إلى حدّ الترخّص.
2- إذا سافر بعد الزوال وجب البقاء على الصوم.
3- إذا رجع المسافر إلى وطنه أو إلى بلد قصد فيه الإقامة عشرة أيّام فصور ثلاث:
- إذا وصل بعد الزوال فلا يمكنه أن ينوي الصوم, ولا يجب الإمساك ويجب الصوم.
- إذا وصل قبل الزوال وكان قد تناول المفطر قبل حدّ الترخص بطل صومه, ولا يجب الإمساك ووجب القضاء.
- إذا وصل قبل الزوال ولم يكن قد تناول المفطر ينوي ويصوم, ولا يجب القضاء.
4- يجوز السفر في شهر رمضان بعذر وبدون عذر، ولكن على كراهة قبل مضيّ 23 يوماً منه، إلّا إذا كان العمل راجحاً شرعاً أو واجباً.
5- إذا صام في السفر جهلاً بأصل الحكم (بأن لم يسمع عن الإفطار للمسافر أبداً) ولم يعلم إلّا بعد انقضاء النهار صحّ صومه، ولا يجب قضاؤه.
96
65
العبادات
- السادس: عدم الحيض والنفاس في تمام النهار، فلو حصل الحيض أو النفاس، ولو في جزء من النهار، بطل الصوم، ويجب قضاؤه.
- السابع: عدم الضرر، فلا يجب الصوم إذا كان يسبّب الضرر أو الحرج، بل لا يجوز، فمن كان مريضاً يضرّه الصوم لا يجب عليه الصوم. ولو برئ المريض أثناء النهار لا يجب صوم ذلك اليوم، سواء أكان البرُء بعد الزوال أم قبله.
1- لا يجوز ترك الصوم لمجرّد النحافة، إلّا إذا كانت بدرجة يكون الصوم معها شاقّاً بشكل كبير، أو إذا تسبّب بالضرر فهنا يجوز الإفطار، بل يجب، مع وجوب القضاء.
97
66
العبادات
• المرض والضرر
1- إذا كان الصوم يسبّب المرض الذي لا يمكن تحمّله عادة، أو الضرر المعتنى به أو الذي يوجب الحرج والمشقّة الشديدة التي لا تتحمّل عادةً، وكذا لو كان المرض سوف يشتدّ أو يتضاعف أو يتأخّر شفاؤه فيما لو صام، فلا يجب الصوم عليه، ولا يصحّ منه، بل يجب عليه الإفطار ثمّ يقضيه لاحقاً إذا شفي من مرضه قبل حلول شهر رمضان القادم، فإذا لم يُشفَ يسقط عنه وجوب القضاء، وتجب عليه فدية إطعام مسكين واحد، وهي ثلاثة أرباع الكيلوغرام من الطعام كالخبز والطحين، عن كلّ يوم مرّة واحدة.
2- المعيار في تحديد وتشخيص كون الصوم يسبّب المرض أو الضرر هو تشخيص المكلّف نفسه، إمّا من خلال تجربته الخاصّة، أو من خلال قول الطبيب الحاذق الأمين الذي يُطمأنّ إلى قوله، أو من سبب آخر يوجب الاطمئنان بحصول المرض أو الضرر من الصوم.
3- إذا راجع الشخص الطبيب المختصّ فمنَعَه من الصوم، فإذا كان الطبيب أميناً وحاذقاً، وأفاد قوله الاطمئنان لدى المكلّف بأنّ الصوم يوجب له المرض أو الضرر أو يسبّب له خوف ذلك، فيجوز له الإفطار، بل يجب عليه ذلك، وإن لم يُفد قول الطبيب ذلك، فلا يجوز له الإفطار.
4- إذا اعتقد المكلّف بعدم المرض والضرر (بحسب ما مرّ في المسألة السابقة) فصام، ثمّ في أثناء الصوم حصل الضرر أو المرض يجب عليه الإفطار، ولا يصحّ منه الاستمرار بالصوم.
5- إذا اعتقد المكلّف بالمرض أو الضرر من الصوم (بحسب ما مرّ) فأفطر، ثمّ تبيّن لاحقاً عدم الضرر، فيجب عليه القضاء دون الكفّارة، ولا إثم عليه في إفطاره في هذه الحالة، لكونه معذوراً فيه شرعاً.
6- مجرّد الشعور والإحساس بالتعب أو الجوع أو الضعف لا يُجوِّز الإفطار،
100
67
العبادات
ولكن إذا كان ذلك بنحو يوجب المشقّة الشديدة أو الحرج، أو خاف حصول المرض أو الضرر منه، فيجب - حينئذٍ - الإفطار.
7- إذا كان المكلّف سليماً معافىً ويعمل في النهار من أجل معاشه ونفقته هو وعياله، ولكنّه إذا صام وهو يعمل سوف لن يتمكّن من إكمال الصوم بسبب المشقّة والتعب الشديدين، فهنا يجب عليه الصوم إلّا إذا صار إكمال الصوم حرجيّاً عليه مع العمل وذا مشقّة لا تحتمل عادةً، ولا بديل عنده لكي يعمل، فيفطر ويقضيه لاحقاً بدون الكفّارة.
8- إذا كان الشخص يسافر سفراً لا يوجب الإفطار (كمن عمله السفر أو في السفر)، ولكن كان استمراره صائماً يؤدّي إلى الإضرار به ضرراً معتنىً به، فيجوز له الإفطار وعليه قضاؤه بدون كفّارة.
9- سحب الدم لا يُبطل الصوم، ولكن يكره للصائم إخراج الدم المضعّف، بحجامة أو غيرها.
10- إذا كانت الوقاية من مرض الكلية تستلزم تناول الماء أو غيره من السوائل في نهار الصوم، فلا يجب الصوم.
• نيّة الصوم
1- الصوم من العبادات، فلا يصحّ دون نيّة. والنيّة عبارة عن القصد والعزم على الإمساك عن المفطرات قربةً لله تعالى. ولا يشترط فيها التلفّظ ولا الإخطار في القلب، بل يكفي هذا العزم.
2- تكفي في شهر رمضان نيّة واحدة للشهر كلّه من أوّله، كما يجوز أن ينوي الصوم كلّ يوم لوحده أيضاً، ولكن لو نوى نيّة واحدة للشهر كلّه فيجب أن تكون مستدامة، فلو قطعها بإفطار يوم أو أكثر فيجب تجديدها.
3- وقت النيّة في شهر رمضان من الفجر الصادق، وإذا تحقَّقت معرفة الفجر بدقّة فلا حاجة إلى الاحتياط، بل يُمسك قبل الفجر الصادق بثوان، من باب تحصيل اليقين بدخول الفجر مع النيّة، ولكنّ الناس في الكثير
101
68
العبادات
من المناطق لا يعرفون بداية طلوع الفجر بدقّة فيلجأون إلى الاحتياط. وتجوز النيّة من الليل.
4- لا تصحّ نيّة صوم غير شهر رمضان في شهر رمضان.
5- يصحّ الصوم من النائم حتّى وإن استغرق نومه تمام النهار، وذلك فيما إذا نوى الصوم من الليل.
• الخلل في معرفة الفجر
1- إذا لم يتيقّن المكلّف من طلوع الفجر، فتناول المفطر بدون مراعاة ولا حجّة، ثمّ اكتشف أنّ الفجر كان طالعاً أثناء تناول المفطر، يجب عليه الإمساك ثمّ القضاء، ولا تجب الكفّارة. هذا في شهر رمضان، وأمّا في غيره فيبطل الصوم.
2- إذا راعى المكلّف مسألة الفجر، وتيقّن ببقاء الليل فتناول المفطر، ثمّ اكتشف أنّ الفجر كان طالعاً أثناء تناول المفطر يصحّ صومه، ولا يجب عليه القضاء. وفي غير شهر رمضان يبطل الصوم.
• الخلل في معرفة دخول الليل
إذا لم يتيقّن الصائم من دخول الليل فلا يجوز له تناول المفطر.
• اختلاف الأفق
لو أنّ صائماً أفطر عند الغروب في بلد ثمّ سافر إلى بلد آخر لم تغرب فيه الشمس صحّ صومه بعدما كان قد أفطر عند الغروب في بلده قبل ذلك.
• الترخيص في الإفطار
المرخّص لهم في الإفطار أربع طوائف، وهم:
- الأولى: الشيخ والشيخة إذا تعذّر (استحال) أو تعسّر (شقّ) عليهما الصوم. ومع التعذّر لا شيء عليهما، ومع التعسّر يكفّران عن كل يوم بثلاثة أرباع الكيلو من الطعام لمسكين والأحوط القضاء لو تمكّنا منه لاحقاً.
- الثانية: ذو العطاش إذا تعذّر أو تعسّر عليه الصوم،
102
69
العبادات
ومع التعذّر لا شيء عليه، ومع التعسّر يكفّر عن كلّ يوم ثلاثة أرباع الكيلو من الطعام لمسكين. (وذو العطاش هو من به داء العطش لا يصبر معه على العطش) والأحوط القضاء لو تمكّن منه لاحقاً.
- الثالثة: الحامل التي يضرّ الصوم بها أو بجنينها، فإنّها تفطر ثمّ تقضي لاحقاً. فإن كان الخوف على جنينها تكفّر عن كلّ يوم بثلاثة أرباع الكيلو لمسكين، وإن كان الخوف عليها فالقضاء دون الكفّارة.
- الرابعة: المرضع التي يضرّ الصوم بها أو برضيعها، فإنّها تفطر ثمّ تقضي لاحقاً، وتجب الكفّارة إذا كان الخوف على جنينها فقط.
• المفطرات
المفطرات عشرة، وهي:
- الأوّل والثاني: تعمّد الأكل والشرب، من غير فرق بين المتعارف (كالخبز والماء) وغير المتعارف (كالتراب)، كما لا فرق بين القليل والكثير.
1- إذا أكل أو شرب وكان ناسياً أنّه صائم صحّ صومه، بلا فرق بين الصوم الواجب والمستحبّ.
103
70
العبادات
2- مجرّد خروج الدم من الفم لا يبطل الصوم، ولكن يجب الاجتناب عن بلعه إلا إذا استهلك في ريقه الفم.
3- إذا كان في فم الصائم بقايا طعام بين الأسنان فثلاث صور:
- إذا لم يكن على علم بها وقد سبقت إلى الجوف فصومه صحيح ولا شيء عليه.
- إن كان يعلم بها ولم يعلم بأنها سوف تنزل إلى الجوف, فسبقته إلى الجوف, ولم يكن نزولها إلى الجوف عن التفات منه إليه, ولا عن عمد فلا شيء عليه, وصومه صحيح.
- إذا كان عن عمد فصومه باطل, فإن كان في شهر رمضان فيجب الإمساك باقي النهار, ثم يقضيه مع كفارة كبيرة.
4- إذا أخرج الصائم لسانه ثمّ أدخله، فلا يضرّ ذلك بصحّة الصوم.
5- إذا أدخل الصائم إلى فمه طعاماً أو شراباً، ثمّ بصقه ولم يبتلع منه شيئاً، فلا يضرّ بصحّة صومه، حتّى لو أحسَّ بالطعم في فمه.
6- يجوز للصائم ذوق المرق، ومضغ الطعام للطفل أو للعصفور، بشرط عدم تعمّد ابتلاع شيء، كما يجوز تنظيف الأسنان بالمسواك أو الفرشاة والمعجون ونحو ذلك، حتّى وإن أحسّ بطعمٍ في حلقه ما لم يتعمّد ابتلاع شيء منه، كما ويجوز بلع الريق الموجود داخل الفم. نعم، إذا خرج الريق (اللعاب) إلى خارج الشفتين ولو عبر خيط أو خاتم أو فرشاة أسنان فلا يجوز إرجاعه مُجدّداً وابتلاعه عمداً. ويجب تنظيف الأسنان قبل الفجر إن علم بوجود بقايا طعام وعلم أنّها ستنزل إلى الجوف، كما ويجوز مصّ الخاتم أو الحصى، ومضغ العلك الخالي عن أيّ مادّة قابلة للبلع. ويجوز قلع الضرس أو السنّ حتّى لو خرج منه الدم مع عدم
104
71
العبادات
الابتلاع. ويجوز المضمضة بما له طعم كالجلّاب مع بصقه وعدم ابتلاعه، حتّى لو شعر بطعم الجلّاب أو غيره.
7- إذا تمضمض الصائم للوضوء للصلاة الواجبة فسبقه الماء إلى جوفه بدون قصد لا يبطل صومه. وفي غير ذلك فالأحوط وجوباً القضاء. وأمّا لو كان يتمضمض للعبث فسبقه الماء إلى جوفه، فإن كان ناسياً للصوم يصحّ صومه، وإن كان متذكّراً له، فيكمل صومه ويقضيه بدون كفّارة.
- الثالث: تعمّد الجماع.
- الرابع: تعمّد الاستمناء.
- الخامس: تعمّد الكذب على اللَّه، أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أو أحد الأئمّة عليهم السلام، على الأحوط وجوباً في الأخير كما إنَّ الأحوط وجوباً إلحاق سائر الأنبياء والأوصياء والسيدة الزهراء عليهم السلام بهم. والكذب هو أن يُنسب حديث إلى أحدٍ ممّن ذُكر والصائم يعلم أنّ المنسوب إليه لم يقله.
وأمّا مع عدم تعمّد الكذب فلا يبطل الصوم، كمن قال حديثاً يعتقد أنّه من اللّه تعالى أو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو غيرهما، ثمّ اكتشف أنّه كذب فلا يبطل الصوم.
- السادس: الأحوط وجوباً أن يجتنب الصائم عن وصول الغبار الغليظ إلى جوفه (مثل غبار الكنس، أو غبار التراب)، ومع عدم وصوله إلى الجوف، لا يضرّ بالصوم، كما ولا يضرّ بالصوم تنشّق الغبار غير الغليظ، ولا إيصال الدخان الغليظ أو البخار الغليظ.
1- الأحوط وجوباً الاجتناب عن تدخين السجائر ونحوها أثناء الصوم.
2- إذا حصل التدخين في غرفة قبل الإمساك، وانتشر دخان النرجيلة وغيرها في الغرفة، وعندما حلَّ الإمساك كان في الغرفة رائحة دخان، فلا يضرّ ذلك بصحّة الصوم، بلا فرق في ذلك بين الدخان المطيَّب وغيره.
- السابع: الأحوط وجوباً اجتناب رمس الرأس بتمامه في الماء دفعة واحدة.
1- لو رمس نصف رأسه -مثلاً- في الماء، ثمّ أخرجه، ثمّ رمس النصف الآخر، لم يبطل صومه.
105
72
العبادات
2- لو نسي أنّه صائم فرمس رأسه في الماء، لا يبطل صومه. وحينما يتذكّر، عليه أن يخرجه فوراً على الأحوط وجوباً.
3- لا يضرّ رمس الرأس في الماء مع وجود مثل زجاجة الغطّاس، التي تغطّي الرأس أو بعضه، وأما إذا كان اللباس لاصقاً في الرأس، فالأحوط وجوباً اجتناب رمس الرأس في الماء.
4- لا تضرّ بالصوم إراقة الماء على الرأس من الإناء أو رشّاش الماء ونحوهما.
- الثامن: تعمّد البقاء على الجنابة أو الحيض أو النفاس إلى طلوع الفجر.
1- إذا أجنب المكلّف في الليل، يجب عليه الغسل قبل طلوع الفجر لأجل صوم شهر رمضان أو قضائه، فلو تعمّد ترك الغسل إلى أن طلع الفجر، بطل صومه. ويجوز البقاء على حدث الجنابة إلى الفجر في غير صوم شهر رمضان وقضائه.
2- إذا احتلم (أجنب وهو نائم) ثمّ استيقظ بعد الفجر، صحّ الصوم في شهر رمضان، ولا يصحّ في القضاء.
3- إذا نسي غسل الجنابة في صوم شهر رمضان إلى أن طلع الفجر، بطل صومه، وهكذا في القضاء على الأحوط وجوباً.
4- إذا احتلم الصائم أثناء النهار، لا يبطل صومه في كلّ أنواع الصوم.
5- إذا لم يستطع المجنب أن يغتسل قبل الفجر، وجب عليه التيمّم قبل طلوع الفجر، ولا يجب عليه البقاء مستيقظاً إلى طلوع الفجر.
6- إذا حصلت الجنابة في الليل، وكان الجنب يعلم أنّه لو عاد إلى النوم فلن يستيقظ قبل الفجر للغسل، فلا يجوز له النوم قبل أن يغتسل، فلو نام ولم يغتسل قبل الفجر، بطل صومه. وأمّا إذا كان يحتمل الاستيقاظ قبل الفجر، فيجوز له النوم إذا كان ناوياً للغسل قبل الفجر، فإذا نام ولم يستيقظ إلى أن طلع الفجر، صحّ صومه، ولكن إذا استيقظ ثمّ نام مرّة ثانية ولم يستيقظ قبل الفجر، يجب عليه الإمساك ثمّ القضاء، ولا كفّارة عليه.
106
73
العبادات
7- إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس قبل الفجر، وجب عليها الغسل قبل الفجر في صيام شهر رمضان وقضائه.
- التاسع: تعمّد الاحتقان بالمائع، فهو مبطل للصوم. وأمّا الاحتقان بالجامد (كالتحميلة)، فهو جائز لا يبطل الصوم.
بعض الأشخاص يعانون من إمساك حادّ، ولا سبيل إلى إخراج الغائط إلّا من خلال إدخال الماء في الأمعاء عبر الدبر، فهو مبطل للصوم، لأنّه من الاحتقان بالمائع، فيجب قضاء الصوم، وإن لم يكن مضطرّاً إليه وجبت الكفّارة أيضاً.
- العاشر: تعمّد القيء. وأمّا لو تقيّأ من دون اختياره، يصحّ صومه ولا يبطل، ولو نسي أنّه صائم فتعمّد القيء، لا يبطل صومه.
- إذا تجشّأ الصائم فخرج الطعام إلى فمه، وجب عليه بصقه إلى الخارج، ولا يجوز بلعه. وأمّا لو دخل إلى جوفه بدون اختياره، فلا يبطل الصوم.
• القطرة
1- القطرة في الفم أو الأنف تُبْطل الصوم إذا دخل الدواء جوفه وابتلعه عمداً.
2- القطرة في الأذن أو العين لا تبطل الصوم، إلّا إذا وصل الدواء من العين إلى فضاء الفم وابتلعه عمداً.
107
74
العبادات
• طسّاسة الربو
إذا كانت من أجل فتح مجرى التنفّس فلا بأس ولا تفطر.
• بعض المسكّنات
الأحوط وجوباً أن يتجنّب الصائم استعمال المواد المسكِّنة التي تستنشق عن طريق الأنف أو التي توضع تحت اللسان.
108
75
العبادات
قضاء صوم شهر رمضان المبارك
• تارك الصوم
1- كلّ مكلّف ترك الصوم في شهر رمضان المبارك بدون عذر، بل لعذر -أيضاً- إلّا ما استُثني وجب عليه القضاء.
2- كلّ مكلّف تناول المفطر عمداً مع عدم نسيان الصوم وجب عليه القضاء.
• الكافر والصبيّ والمجنون
1- إذا أسلم الكافر لا يجب عليه أن يقضي ما فاته من الصوم حال كفره.
2- إذا بلغ الصبيّ لا يجب عليه قضاء ما فاته من الصيام حال صباه.
3- إذا أفاق المجنون من جنونه لا يجب عليه قضاء ما فاته من الصيام حال جنونه.
• الحائض والنفساء
لا يجوز للحائض والنفساء الصوم في شهر رمضان المبارك، وعندما تطهر من الحيض والنفاس يجب عليها قضاء ما فاتها من الصيام أثناء الحيض والنفاس.
• المريض
1- إذا أفطر المكلّف لمرض يجب عليه القضاء إذا حصل الشفاء قبل شهر رمضان التالي، ولا يجب دفع الكفّارة أو الفدية لو حصل القضاء.
2- إذا أفطر المكلّف لمرض، واستمرّ المرض إلى شهر رمضان التالي يسقط
109
76
العبادات
وجوب القضاء، ويكفي دفع الفدية، وهي إطعام مسكين ثلاثة أرباع الكيلوغرام من الطعام عن كلّ يوم، فلو شفي المريض بعد شهر رمضان التالي لا يجب عليه القضاء.
• السفر
من أفطر بسبب السفر، أو بسبب آخر غير المرض، واستمرّ العذر كلّ السنة، بحيث دخل شهر رمضان آخر ولم يكن العذر قد ارتفع (كمن كان مسافراً للسياحة في تمام السنة) يجب عليه القضاء في ما بعد (عندما يزول عذره)، ولا يجب عليه دفع الكفّارة.
• التهاون
لا يجوز على الأحوط تأخير القضاء إلى شهر رمضان القادم وعليه فمن أخّر القضاء تهاوناً إلى ما بعد شهر رمضان التالي يجب القضاء في السنوات التالية، كما ويجب دفع كفّارة تأخير القضاء. والكفّارة هي إطعام مسكين ثلاثة أرباع الكيلوغرام من الطعام عن كلّ يوم. وهذه الكفّارة تُدفع مرّة واحدة فقط.
• وقت القضاء
1- الأحوط وجوباً أن يكون القضاء قبل شهر رمضان التالي.
2- إذا أخّر القضاء عن شهر رمضان التالي يصير وقت القضاء موسَّعاً، أي لا يجب المسارعة إلى القضاء قبل شهر رمضان الثالث، بل يصير وجوب القضاء موسّعاً ما دام العمر باقياً، ولكن لا يجوز الإهمال.
• الشكّ في عدد الأيّام
من لم يتذكّر عدد الأيّام الفائتة والتي يجب قضاؤها جاز له الاقتصار على قضاء القدر المتيقّن (وهو الأقلّ)، مثلاً: لو تردّد بين كون الفائت عشرة أيّام أو عشرين يوماً، جاز للمتردّد أن يكتفي بقضاء عشرة أيّام فقط.
110
77
العبادات
• الشكّ في القضاء
1- من شكّ في أنّه قضى ما فاته من الصوم يبني على أنّه لم يقضِ، فيجب القضاء.
2- من شكّ في عدد الأيّام التي قُضيت يبني على الأقلّ، مثلاً: لو شكّ في أنّه قضى خمسة أيّام أو سبعة، يبني على أنّه قضى خمسة أيّام فقط.
111
78
العبادات
كفّارة الإفطار العمديّ والفدية
• كفّارة الإفطار العمديّ في شهر رمضان المبارك
1- الإفطار العمديّ بدون عذر
يجب على المكلّف في نهار شهر رمضان المبارك الإمساك عن المفطرات. ولو تعمّد المكلَّف تناول المفطر بدون أيّ عذر، مع علمه بأنّه مفطر وأنّ تناوله حرام، وجب عليه قضاء هذا اليوم في يوم آخر، كما وتجب عليه الكفّارة، وهي التي تسمّى "الكفّارة الكبيرة". والكفّارة واجبة، سواء أكان المكلّف عالماً بوجوبها أم لا.
2- الإفطار مع احتمال عدم الوجوب
إذا لم يكن المكلّف متأكّداً من عدم وجوب الصوم عليه، بل كان يحتمل عدم الوجوب لعذرٍ ما، في هذه الحالة لا يجوز له الاعتماد على الاحتمال، بل يجب عليه الاستعلام، فلو أفطر في هذه الحالة قبل الاستعلام، ثمّ انكشف له في ما بعد أنّ الصوم كان واجباً عليه، يجب عليه القضاء والكفّارة الكبيرة. أمّا لو كان إفطاره بسبب خوف الضرر من الصوم، ولم يكن خوفه ناشئاً من الوسوسة وما شاكل، فلا تجب عليه الكفّارة، بل يجب عليه القضاء فقط.
3- تناول المفطر المحلَّل جهلاً
إذا ارتكب الصائم مفطّراً، ولكنّه كان يجهل بمفطريّته وكان ما ارتكبه حلالاً في نفسه بغضّ النظر عن الصوم، كما لو رمس رأسه في الماء مع جهله بأنّ رمس الرأس يبطل الصوم، وجب عليه قضاء الصوم، ولا تجب عليه الكفّارة.
113
79
العبادات
4- تناول المفطر المحرَّم جهلاً
إذا ارتكب الصائم مفطّراً، وكان يجهل بمفطريّته، إلّا أنّ ما ارتكبه كان حراماً في نفسه، كما لو مارس العادة السرّيّة، وهو يعلم أنّها حرام، ولكنّه لم يعلم بأنّها مفطرة، وجب عليه القضاء، والأحوط وجوباً الكفّارة أيضاً.
5- بلع البلغم
إذا خرج البلغم من الصدر إلى الفم لا يجوز بلعه عمداً على الأحوط وجوباً، فلو بلعه مع علمه بأنّه مفطر يجب عليه القضاء على الأحوط وجوباً، كما وتجب عليه الكفّارة الكبيرة على الأحوط وجوباً.
6- الإفطار عند الاضطرار
إذا كان المكلّف صائماً، واضطرّ إلى إبطال صومه، كمن اضطرّ إلى التقيُّؤ لدفع الضرر، وجب عليه الإمساك باقي النهار، ثمّ يجب قضاؤه، ولا تجب الكفّارة عليه.
7- الإفطار قبل الغروب
لا يجوز للصائم أن يفطر قبل الغروب. وإذا شكّ في الغروب لا يجوز تناول المفطر. نعم، لو أخبره شخص عدلٌ بأنّ الليل قد دخل فتناول المفطر، ثمّ تبيّن أنّ الليل لم يكن قد دخل، وجب عليه القضاء دون الكفّارة. وأمّا لو أخبره شخص غير ثقة بدخول الليل، فتناول المفطر، ثمّ تبيّن أنّ الليل لم يكن قد دخل، وجب عليه القضاء، ووجبت عليه الكفّارة الكبيرة، لأنّه لا يجوز تناول المفطر اعتماداً على خبر شخص لا يجوز التعويل على إخباره.
• مقدار الكفّارة
1- كفّارة الإفطار العمديّ في شهر رمضان المبارك مخيّرة بين أمور ثلاثة، يجوز للمفطر اختيار ما شاء منها، سواء أكان الإفطار على حلال أم على حرام، وهذه الأمور هي:
أ- عتق رقبة.
ب- صوم شهرين متتابعين.
114
80
العبادات
ج- إطعام ستّين مسكيناً.
وبما أنّ عتق الرقبة في العصر الحاضر غير متيسّر، يتخيّر المكلّف المفطر بين إطعام ستّين مسكيناً أو صيام شهرين متتابعين.
2- إذا لم يتمكّن من هذه الكفّارات، فلم يقدر على الإطعام ولا على الصوم، يجب عليه التصدّق على الفقير بما يطيق، والأحوط الاستغفار أيضاً، وإذا لم يتمكّن من التصدّق أصلاً فيكفيه الاستغفار، بأن يقول بقلبه ولسانه: "أستغفر اللّه"، ونحوها، فلو استغفر ثمّ تمكّن بعد ذلك من الكفّارة (الإطعام أو الصيام) فلا يجب أداء الكفّارة، والأحوط استحباباً أداؤها، إلّا أنّه غير واجب.
• كيفيّة أداء الكفّارة
1- إذا اختار المكلّف كفّارة صيام شهرين، يكفيه أن يصوم شهراً هلاليّاً من أوّله إلى آخره، ثمّ يصوم يوماً من الشهر التالي بشكل متوالٍ ومتتابع، ثمّ يجوز له أن يفرّق باقي الأيّام (29 يوماً) على الأسابيع أو الأشهر التالية، ولا يجب عليه التتابع فيها. وإذا لم يبدأ صوم الكفّارة في أوّل الشهر، يجب عليه أن يصوم واحداً وثلاثين يوماً بشكل متتابع، ثمّ يفرّق الأيّام الباقية إن شاء.
2- إذا طرأ عذر شرعيّ أثناء صوم الكفّارة قبل مضيّ الشهر واليوم، فلا يضرّ ذلك بالتتابع، بل يكمل الصيام عند انتهاء العذر.
3- إذا أفطر أثناء صوم الكفّارة قبل مضيّ الشهر واليوم بدون عذر شرعيّ، وجب إعادة صوم الكفّارة من الأوّل.
4- إذا اختار كفّارة إطعام ستّين مسكيناً، فالإطعام له صورتان:
- الأولى: أن يشبع الستّين بالطعام الجاهز.
- الثانية: أن يعطي كلّ واحد منهم ثلاثة أرباع الكيلوغرام من الطعام، كالقمح، أو الطحين، أو الخبز، أو الأرز، وما شاكل ذلك من الموادّ الغذائيّة. ولا يكفي
115
81
العبادات
مثل السكّر والملح... ولا يكفي توزيع نفس الكّميّة على أقلّ من ستّين، بل لا بدّ من إطعام ستّين مسكيناً عن الكفّارة الواحدة. نعم، لو كان عليه كفّارة يومين -مثلاً- جاز له إعطاء المسكين كيلوغراماً ونصفاً عن اليومين.
5- لا فرق في المسكين بين الرجل والمرأة، ولا بين الكبير والصغير.
• تكرّر المفطر في اليوم الواحد
إذا ارتكب الصائم المفطر في يوم واحد عدّة مرّات، ففي المسألة صورتان:
- الأولى: إذا كرّر الجماع أو الاستمناء فالأحوط وجوباً تكرار الكفّارة بعدد المرّات.
- الثانية: إذا ارتكب غير الجماع والاستمناء فعليه كفّارة واحدة فقط.
• تأخير الكفّارة
1- من وجبت عليه الكفّارة لا يجب عليه أداؤها فوراً، ويجوز التأخير. نعم، إذا كان التأخير تهاوناً فلا يجوز. إذاً، يجوز الإمهال ولا يجوز الإهمال.
2- إذا أخّر الكفّارة لسنين عديدة، فلا يجب شيء زائد عليها.
• الفدية
1- موارد الفدية
أ- الشيخ والشيخة
الشيخ والشيخة (كبير السنّ) إذا تعذّر واستحال عليهما الصوم يفطران، ولا يجب عليهما القضاء ولا الفدية. وأمّا إذا كان الصوم شاقّاً عليهما دون استحالة يفطران، ويجب عليهما الفدية.
ب- ذو العطاش
وهو الشخص المصاب بداء العطش إذا شقّ عليه الصوم يفطر، وتجب عليه الفدية.
وأمّا إذا استحال الصوم عليه، فلا شيء عليه، لا قضاء ولا فدية.
116
82
العبادات
ج- المرأة الحامل
المرأة الحامل إذا كان الصوم يضرّ بجنينها تفطر، ويجب عليها قضاء الصوم، كما ويجب عليها الفدية. وأمّا إذا كان الصوم يضرّها هي تفطر، ويجب عليها القضاء، ولكن لا تجب عليها الفدية.
د- المرأة المرضعة
إذا كانت المرضعة قليلة الحليب، بحيث يضرّ الصوم برضيعها لجهة عدم كفاية الإرضاع، تفطر، ويجب القضاء عليها، كما ويجب عليها الفدية. وأمّا إذا كان خوف الضرر عليها هي، فتفطر، ويجب القضاء عليها، ولكن لا تجب الفدية.
هـ- المريض
قد مرَّ حكم المريض الذي استمرّ به المرض إلى شهر رمضان اللّاحق في وجوب الفدية عليه دون الكفّارة.
2- مقدار الفدية
مقدار الفدية هو إطعام مسكين واحد مقدار ثلاثة أرباع الكيلوغرام من الطعام عن كلّ يوم، ويجوز إعطاء مسكين واحد فدية عدّة أيّام.
• متفرِّقات
1- دعوة الصائم إلى الإفطار
يستحبّ للمؤمن الصائم صياماً مستحبّاً (لنفسه أو تبرّعاً عن الغير) أن يفطر إذا دعاه مؤمن للطعام، وهذا الحكم يختصّ بالصوم المستحبّ، ولا يشمل صوم القضاء عن النفس أو عن الغير (تبرُّعاً أو بالأجرة)، ولا يشمل صوم النذر.
2- الصوم المستحبّ
أ- يجوز الإفطار في أيّ وقت من النهار في الصوم المستحبّ، بعذر وبدون عذر.
ب- يصحّ الصوم المستحبّ ممّن ليس عليه صوم قضاء. ونيّة الصوم المستحبّ
117
83
العبادات
ليس لها وقت خاصّ، فيجوز أن ينوي الصوم ولو قبل الغروب بقليل إن لم يكن قد تناول المفطر.
3- أيّام فضيلة الصوم
الأيام التي فيها فضيلة الصوم كثيرة، ولكنّ الأيّام التي تمتاز بفضيلة الصيام في كلّ السنة أربعة، وهي:
• يوم مولد النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلمفي 17 ربيع الأوّل.
• يوم دحو الأرض في 25 من ذي القعدة.
• يوم المبعث النبويّ الشريف في 27 رجب.
• يوم عيد الغدير في 18 ذو الحجّة.
118
84
العبادات
خُمسُ ما يفضل من المؤونة
• مقدمة
إنّ حصول المكلّف على المال يأتي من طريقين: الأوّل: التكسّب. الثاني: غير التكسّب، كالهبات والهدايا ونحوها. وكلّ ما يحصّله عن طريق التكسّب هو ما يتعلّق به الخمس، وأمّا الثاني فلا يجب فيه الخمس. وعند الشروع في التكسُّب لمن شغله التكسّب يكون تاريخه هو رأس السنة الخمسيّة وبحصول وتسلُّم الفائدة لمثل العمال والموظفين، فيكون نفس التاريخ من كلّ عام (شمسيّ أو قمريّ) هو رأس سنته الخمسيّة، ولكن ما يجب تخميسه هو الفاضل عن مؤونة سنته له ولعياله، وأمّا ما يصرفه في المؤونة قبل حلول رأس السنة الخمسيّة فلا يجب فيه الخمس، كما إنّه لا يجب الخمس في ما قبضه من غير طريق الاكتساب كما تقدّم. والعين الواحدة تخمّس عند المكلّف الواحد مرّة واحدة ما دامت معه. وأمّا التفريق بين التكسّب وغيره ففي التفصيل الآتي:
• أنواع التكسّب
المقصود من مال الاكتساب الذي يجب الخمس فيه بعد إخراج المؤونة هو ما يكون من التجارات والزراعات والصناعات والإجارات وأرباح الوظائف وسائر الأعمال، ويكون - أيضاً - في حيازة المباحات (وهو وضع اليد بقصد التملك على أشياء لا يملكها أحد)، كوضع اليد على الحشائش غير المملوكة لأحد بقصد أن
119
85
العبادات
يطعمها لحيواناته - مثلاً - بعد تملّكها. كلّ ذلك ونحوه يدخل في أنواع التكسّب، ويجب الخمس في ما فضل منه بعد المؤونة عند رأس السنة الخمسيّة.
• أنواع غير التكسّب
لا يجب الخمس في ما لا يدخل في مسمّى التكسّب حتّى لو مضى عليه سنة أو أكثر. نعم، لو وظّف هذه الأموال في تجارة أو صناعة أو إجارة أو زراعة أو غير ذلك من أنواع التكسّب، فإن حصّل منها أرباحاً، يجب عليه أن يخمّس ما يفضل من الأرباح عند رأس سنته الخمسيّة، وأمّا أصل المال فلا يجب الخمس فيه، لأنّه من غير الاكتساب. وأنواع هذه الأموال كثيرة، منها:
- الأوّل: الإرث
لا يجب الخمس في ما ملكه المكلّف بالإرث، سواء أكان الإرث من قريب معروف يتوقّع الإرث منه، أم كان من قريب مجهول أو بعيد لا يتوقَّع الإرث منه، وسواء أكان قليلاً أو كثيراً، حتّى لو مضت عليه سنوات كثيرة.
- الثاني: المهر
لا يجب على الزوجة أن تخمّس ما قبضته من المهر، سواء أكان من المعجّل أو المؤجّل، بلا فرق بين النقد والمتاع.
- الثالث: الهبة والهديّة
1- لا يجب على المكلّف أن يخمّس ما قبضه بالهبة أو الهديّة، حتّى لو كان كبيراً خطيراً. هذا بالنسبة إلى المُهدى إليه، وأمّا المهدي، فيجب عليه تخميس الهدية التي يريد إهداءها إذا كانت خطيرة، أي خارجة عن شأنيته العرفية.
2- الشقّة السكنيّة أو جهاز العرس أو المؤونة أو غير ذلك ممّا يهديه الأب لابنه أو ابنته فيه أمران:
120
86
العبادات
- الأوّل: لا يجب على الابن والبنت إخراج خمسه.
- الثاني: لا يجب على الأب إخراج خمسه إذا كان الإهداء قبل رأس سنته الخمسيّة، وكان لائقاً بحاله عرفاً.
3- لا يجب الخمس في ما تهديه مؤسسة الشهيد إلى عوائل الشهداء الأعزّاء، كما ولا يجب الخمس في ما تهديه لجنة الإمداد، وما شاكل ذلك من جمعيّات ولجان ومؤسّسات خيريّة ونحو ذلك.
4- إهداء المال من الزوج لزوجته فيه صورتان:
- إذا كان الإهداء صورياً وبقصد الفرار من الخمس, فيجب الخمس وهكذا كل هبة صورية شكليّة.
- إذا لم يكن صوريّاً وللفرار من الخمس فلا يجب فيه الخمس, حتى وإن كان الزوج يعلم أن زوجته سوف تدَخر هذا المال لإنفاقه في حاجيّات منوعة, وذلك فيما إذا كان الإهداء لائقاً بحاله وشأنه عرفاً, ومتناسباً من مثله.
5- لا يجب الخمس في العيديّة التي تُعطى للموظّفين.
6- إذا باع المكلّف الهبة والهديّة، فلا يجب الخمس في ثمنها.
- الرابع: الجائزة
لا يجب الخمس في الجوائز التي تُعطى من مؤسسات أو أفراد.
- الخامس: الحقوق الشرعيّة
لا يجب الخمس في ما يُعطى من الحقوق الشرعيّة (كالخمس والزكاة)، وكذا لا يجب الخمس في ما يُعطى من صدقات.
- السادس: مال الضمان
لا يجب الخمس في المال الذي تدفعه شركات الضمان للمضمون بعنوان المساعدة المرضيّة.
121
87
العبادات
- السابع: المساعدات الدراسيّة
لا يجب الخمس في المنح والمساعدات الدراسيّة.
• معنى المؤونة
المقصود من المؤونة التي لا يجب الخمس فيها هي ما ينفقه الإنسان على نفسه وعياله، وهي نفقات ومصاريف سنويّة من قبيل نفقات الأكل والشرب واللباس والسكن والأثاث والنقل والكتب والطبابة والأسفار المتعارفة، وما ينفقه في جوائزه، ونذوراته وكفّاراته وصدقاته وضيافاته، وما يحتاج إليه في تزويج أولاده، وما يصرفه عند موت بعض عياله، وغير ذلك ممَّا لا يُعَدُّ سفهاً أو سرفاً. وكذا التوسعة المتعارفة من مثله تعدّ من المؤونة ولا يجب فيها الخمس. نعم، ما يصرفه في الحرام (كشراء آلة قمار) يجب فيه الخمس.
• المؤونة الفعليّة
ما لا يجب الخمس فيه من المؤونة هو المؤونة الفعليّة، توضيح ذلك: لو كان المكلّف بحاجة إلى مؤونةٍ ما، ولكنّه قتّر على نفسه، فصرف أقل من حاجته بحيث بقي معه شيء زائد من المال وجب تخميسه، فالمدار في المؤونة التي لا يجب تخميسها ما أنفقه بالفعل، وليس المدار ما يحتاج إليه ولو لم يصرفه، باستثناء ما سيأتي تحت عنوان "الادخّار والتوفير". ولو وجب عليه في أثناء السنة صرف المال في شيء (كالحجّ أو أداء كفّارة ونحو ذلك) ولم يصرف (عصياناً أو نسياناً ونحوهما) وجب خمس هذا المال.
• من أفراد المؤونة
1- الذهب الذي يشتريه الرجل لزوجته إذا كان بالمقدار المتعارف ومناسباً لشأنه فلا يجب الخمس فيه إذا اشتراه قبل رأس السنة الخمسيّة، لأنّه يحسب من المؤونة المستثناة.
2- إذا بنى المكلّف بيتاً ليسكن فيه أولاده أو بعضهم في المستقبل، وكان من
122
88
العبادات
مؤونته المناسبة لشأنه العرفيّ فلا يجب الخمس فيه إذا بذل المال قبل حلول رأس السنة الخمسيّة. وأمّا إذا لم يكن محتاجاً إليه، ولم يكن أولاده محتاجين إليه أو لم يكن مناسباً لشأنه العرفي وجب فيه الخمس.
3- ما ينفقه المكلّف في الأمور الخيريّة كمساعدة المدارس ومنكوبي الحرب أو السيول، ونحو ذلك تحسب من مؤونة السنة ولا يجب الخمس فيها إذا دفعها قبل حلول رأس سنة الخمس.
4- إذا كان ينفق المال لأجل بناء بيت لسكناه أو أرض لأجل البيت وقد احتاج الأمر إلى سنوات، ففي المسألة صورتان:
- الأولى: إذا كان المال الذي أنفقه قد مرّ عليه رأس السنة الخمسيّة وجب الخمس فيه.
- الثانية: إذا أنفقه قبل رأس السنة لم يجب الخمس فيه حتّى لو تأخر استعمالها لأكثر من سنة.
5- إذا كان يشتري الكتب للدراسة أو للمطالعة، وكان يحتاج إليها لسنة الدفع أو لما بعدها، فلا يجب الخمس فيها حتّى لو تأخّر الاستعمال لها، إذا كان محتاجاً إلى شرائها قبل عام الحاجة، وكان شراؤها مناسباً لشأنه العرفي اللّائق به.
6- إذا احتاج إلى أثاث منزليّ وكان بحسب شأنه العرفيّ اللّائق به لم يجب فيه الخمس، حتّى وإن لم يستعمله في عام الشراء.
• شراء السيّارة
إذا كانت السيّارة لأجل الأمور المرتبطة بعمله وكسبه وجب الخمس فيها، وإذا كانت لحوائجه المعيشيّة، وكانت من الحوائج المناسبة لشأنه العرفيّ فلا يجب فيها الخمس، إذا اشتراها بمال لم يمرّ عليه رأس السنة الخمسيّة.
123
89
العبادات
• الادّخار والتوفير
إذا ادّخر المكلّف بعض أرباحه لأجل شراء بيت للسكن، أو أثاث البيت، أو سيّارة للحوائج المعيشيّة، أو لأجل الزواج وما شاكل ذلك، وقد مرّ رأس السنة الخمسيّة عليه، وجب تخميسه. نعم، لو كان الادّخار لأجل تهيئة لوازم المعيشة الضروريّة أو مصاريفها اللّازمة، وتوقف شراؤها بحسب وضعه المالي على ادّخارها جاز صرف هذا المال خلال أيّام قليلة من رأس السنة بحسب حاله وحاجته، وما بقي بعد ذلك وجب الخمس فيه.
• الأقساط
أقساط دين بناء المسكن والسيّارة التي يحتاج إليها للمعيشة وما شاكل ذلك، إن دفعت من الأرباح قبل رأس السنة الخمسيّة فلا يجب الخمس فيها، وإذا لم تؤدَّ وبقيت الأرباح لديه وجب فيها الخمس عند حلول رأس السنة الخمسيّة.
• الديون
1- الديون التي يستحقّها على الآخرين، أو الأجرة التي يستحقّها على عمله ولم يستوفها بعد، فيها صورتان:
2- إذا اقترض شخص مبلغاً من المال، وعند حلول رأس السنة الخمسيّة كان المبلغ أو بعضه موجوداً معه، فإن لم يكن قد أدّى شيئاً من أقساط هذا
124
90