البحث العلمي – قواعده ومناهجه

لا يخفى على من تتبّع النصوص الدينية أهمّية المعرفة والعلم في هدفيّة خلق الله عزّ وجلّ للإنسان، والمعرفة لا تتولّد بطريقة ذاتية عند الإنسان، وإنّما يكتسبها وينتجها بالأدوات والقوى التي وهبها الله تعالى له، وقد حثّت الرؤية الإسلامية الإنسانَ بألسنة مختلفة، كما يظهر من مدلولات العديد من الآيات القرآنية، على التعلّم والتفكّر والتدبّر والتأمّل والنظر والتعقّل...،


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2016-11

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق


المقدّمة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

والصلاة والسلام على سيّد المرسلين محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين.

 

وبعد فإنّ التعديلات التي طرأت على آراء وفتاوى سماحة الإمام الخامنئي (مدّ ظلّه العالي) في باب صلاة المسافر اقتضت وضعها بين يدي المكلّفين في هذا الكتيب الذي أعدّ للغرض المذكور وفق فتاوى سماحته الجديدة في هذا المجال، ومن الله التوفيق وعليه الاتكّال.

مدير المكتب

 الشيخ محمد توفيق المقداد


1

صلاة المسافر

مسألة 1- يجب حال السفر قصر الصلاة الرباعيّة بإسقاط الركعتين الأخيرتين منها.

 

مسألة 2- يختصّ وجوب القصر بالصلوات الرباعيّة، وهي الظهر والعصر والعشاء، وأمّا الصبح والمغرب فلا قصر فيهما.

 

شروط صلاة المسافر

مسألة 3- شروط التقصير للمسافر ثمانية:

الأوّل: أن يكون السفر بمقدار المسافة الشرعيّة، وهي ثمانية فراسخ (41 كيلومتراً) امتدادّية ذهاباً وإياباً، أو ملفّقة من الذهاب والإياب بشرط أن لا يكون الذهاب أقلّ من أربعة فراسخ، وكان الإياب بمفرده ثمانية فراسخ أو أزيد يقصّر في الإياب، أمّا في الذهاب فالأحوط الجمع بين القصر والتمام.

 

س- هل يكفي في تحديد المسافة الشرعيّة الاستناد إلى ما

8


2

صلاة المسافر

يراه عرف تلك المنطقة ولو على نحو المسامحة، أم يجب على المكلّف أن يحسب المسافة بنفسه بدقّة؟

 

ج- يجب أن يحسبها بنحو يحصل معه الاطمئنان.

 

الثاني: قصد قطع المسافة من حين الخروج، فإن لم يقصد قطع الثمانية فراسخ أو قصد ما دون المسافة، وبعد الوصول إلى المقصد قصد مكاناً آخر دون المسافة الشرعيّة أيضاً، يتمّ حتّى لو كان المجموع من المنزل إلى المقصد الثاني مسافة أو أزيد.

 

الثالث: استمرار قصد المسافة، فلو عدل عنه قبل بلوغ الأربعة فراسخ أو تردّد أتمّ، وصحّ ما صلاّه قصراً قبل العدول.

 

الرابع: أن لا يكون ناوياً قطع السفر قبل بلوغ المسافة بإقامة عشرة أيّام أو أزيد، أو بالمرور على وطنه كذلك.

 

الخامس: أن يكون السفر سائغاً، فلو كان سفره معصية لم يقصّر، سواء كان السفر بنفسه معصية، كالفرار من الزحف، أم لغايته كالسفر لقطع الطريق.

 

السادس: أم لا يكون ممّن بيته معه، كبعض أهل البوادي الذي يدورون في البراري، وينزلون في محلّ الماء والعشب والكلأ، ولم يتّخذوا مقرّا معيّناً.

 

السابع: أن لا يتّخذ السفر عملاً له، كالمكاري والسائق والملاّح ونحوهم. ويلحق به من شغله في السفر.

9


3

صلاة المسافر

س- الموظّفون الذين يصطحبون عائلاتهم معهم عادة في أسفارهم الشغليّة، هل صلاة العائلة – أيضاً - تتبع الموظّف وتكون تماماً؟

 

ج- لا يتبعونه.

 

الثامن: الوصول إلى حدّ الترخّص، وهو المكان الذي يخفى فيه أذان البلد، بحيث لا يسمع.

 

مسألة 4- من كان ذهابه أقلّ من أربعة فراسخ، ولم يكن طريق عودته بمقدار المسافة الشرعيّة يتمّ.

 

مسألة 5- إذا خرج من بلده قاصداً مكاناً معيّناً، وأخذ يتجوّل في ذلك المكان، لا يحسب التجوال في المقصد من المسافة التي قطعها من بلده.

 

مسألة 6- مبدأ حساب آخر البلد. وتحديد آخر البلد موكول إلى العرف، فإذا لم تكن المعامل والضواحي المتناثرة تعدّ جزءاً من البلد بنظر العرف، تحسب المسافة من آخر البيوت.

 

مسألة 7- إذا كان المسافر إلى بلد ما يقصد نقطة محدّدة بحيث يعتبر المرور من البلد طريقاً للوصول إلى تلك النقطة, تحسب المسافة إلى تلك النقطة، أمّا لو كان مقصده نفس البلد، أو كان له مقصد محدّد، ولكن لديه أيضاً عمل في البلد، بحيث

10


4

صلاة المسافر

يعدّ وصوله إلى البلد وصولاً إلى المقصد، فيكون الملاك بداية البلد.

 

مسألة 8- من قطع ثلاثة فراسخ وهو من أوّل الأمر عازم على الخروج عن مساره الأصلي مسافة فرسخ واحد لإنجاز عمل معّين، ثمّ يرجع إليه لمتابعة سفره، لا يجري عليه حكم المسافر. ولا يمكنه إكمال المسافة الشرعيّة بضمّ المسافة التي قطعها في المسار الفرعي إلى مسافة المسار الأصلي.

 

مسألة 9- من سافر من محلّ سكنه إلى مكان آخر دون المسافة الشرعيّة ولم يكن عند خروجه من المنزل قاصداً المسافة، ولكن بعد ذلك ذهب عدّة مرات من ذلك المكان إلى أماكن أخرى دون المسافة الشرعيّة أيضاً، لا يجري عليه حكم المسافر حتّى لو كان المجموع أزيد من ثمانية فراسخ.

 

مسألة 10- إذا كان ابتداء سفره مباحاً، وفي الأثناء قصد بمتابعة الطريق وإكمال السفر ارتكاب المعصية، يتمّ ن حين قصد الاستمرار في الطريق لأجل المعصية، ولو صلّى بعد ذلك قصراً يعيدها تماماً.

 

مسألة 11- إذا كان ابتداء سفره معصية فعدل إلى المباح في الأثناء، فإن كان الباقي مسافة امتداديّة (ثمانية فراسخ) أو ملفّقة من أربعة فراسخ ذهاباً وأربعة أو أزيد إياباً قصّر.

 

11


5

صلاة المسافر

مسألة 12- إذا علم أنّه في سفره سيرتكب المعصية، فما لم يكن السفر بقصد ترك الواجب أو فعل المعصية يجب عليه القصر كسائر المسافرين.

 

مسألة 13- إذا علم أنّه سيبتلى في السفر بترك بعض واجبات الصلاة، فالأحوط وجوباً الاجتناب عن ذلك السفر، إلاّ إذا استلزم الضرر أو المشقّة.

 

مسألة 14- من شروط قصر الصلاة في السفر أن لا يكون السفر لأجل العمل وأن لا يكون السفر نفسه عملاً، وإلاّ فيجب إتمام الصلاة ويصحّ الصوم.

 

مسألة 15- لا فرق بين المسألة السابقة بين كون العمل بقصد كسب المال وعدمه.

 

مسألة 16- يشترط للإتمام في الصلاة وصحّة الصوم أن يعدّ السفر شغلاً أو مقدّمة للشغل عرفاً، سواء تحقق ذلك بأسفار متعدّدة أو بسفر واحد طويل، من قبيل من يقطع مسيراً بحرياً طويلاً من أجل عمله.

 

مسألة 17- ليصدق عرفاً على السفر أنّه شغلي، يعتبر فيه ثلاثة أمور:

ألف) قصد إنشاء السفر الشغلي.

12


6

صلاة المسافر

ب) الشروع بالسفر الشغلي.

 

ج) قصد الاستمرار والمداومة على السفر الشغلي.

 

مسألة 18- في موارد الشكّ بصدق عنوان الحرفة والعمل على السفر يجب التقصير في الصلاة ولا يصحّ الصوم.

 

مسألة 19- إذا كان السفر لتحصيل العلم جزءاً من الحرفة والعمل، من قبيل الدورات التدريبية التي تقوم بها الدوائر للموظّفين وتلزمهم بالسفر للمشاركة فيها؛ يكون السفر شغلّياً.

 

مسألة 20- سفر الطالب الجامعي بقصد تحصيل العلم ليختار في المستقبل عملاً له ليس بحكم السفر الشغلي، ولكن بالنظر إلى فتاوى جمع من الفقهاء بإتمام الصلاة، فالأحوط وجوباً في هكذا أسفار الجمع بين القصر والتمام في الصلاة، وبين الصوم في الوقت والقضاء لاحقاً.

 

مسألة 21- سفر طلاّب العلوم الدينيّة أو طلاّب الكلّية الحربيّة وأمثالهم للدراسة، والذي من خلاله يدخلون في سلك وحرفة محدّدة يعتبر سفراً شغليّاً، وتترتّب عليه أحكام السفر الشغلي بالنسبة للصلاة والصوم.

 

مسألة 22- من يشتغل بشغل يقتضي السفر مرّة واحدة في السنة لمدة أسبوعين أو شهر مثلاً، كأصحاب حملات الحجّ، إذا

 

13


7

صلاة المسافر

 كان قاصداً الاستمرار بهذا العمل كلّ عام، يصلّي تماماً حتّى في السفر الأول.

 

مسألة 23- في الفرض المذكور في المسألة السابقة، إذا لم يكن قاصداً الاستمرار فلا تترتب عليه أحكام السفر الشغلي.

 

مسألة 24- من كان يسافر لأجل العمل في فصل من السنة، إذا كان يريد الاستمرار في العمل المذكور كلّ سنة، أو يريد الاشتغال بهذا العمل بالنحو المتعارف وباستمرار مدّة طويلة، كثلاثة أشهر على الأقّل، ويقتصر في تعطيله على أيّام التعطيل المتعارفة، كأيّام التعطيلات والعزاء ونحو ذلك، يكون سفره بحكم السفر الشغلي، ويصلّي تماماً حتّى في السفر الأوّل.

 

س- من ابتدأ حديثاً بعمل يستلزم القيام بأسفار شغلّية متعدّدة، هل يصلّي تماماً في السفر الشغلي الأوّل، أم يجب أن يقوم بعدّة أسفار شغليّة ثمّ يتمّ في صلاته بعدها؟

 

ج- عندما يصبح السفر من مقتضيات عمله عرفاً يصلّي تماماً ولو من السفر الأوّل.

 

مسألة 25- من كان عمله التردّد إلى خارج البلد دون المسافة الشرعيّة، كبعض سائقي سيّارات الأجرة، إذا اتّفق أن سافر لنفس العمل مسافة شرعيّة لا يترتّب عليه حكم السفر الشغلي، فيقصّر إلاّ إذا كان بانياّ على الاستمرار بالسفر لأجل ذلك العمل أزيد

14


8

صلاة المسافر

من المسافة الشرعيّة مدّة طويلة، فيرتّب - حينئذٍ - أحكام السفر الشغلي من السفر الأوّل ويصلّي تماماً.

 

مسألة 26- من كان عمله السفر أو في السفر يتمّ ويصوم، فإن فصل بين أسفاره الشغليّة بالبقاء في مكان واحد عشرة أيّام، سواء كانت منويّة أم لا، يقصّر في السفر الأوّل بعدها.

 

مسألة 27- إذا فصل بين أسفاره الشغليّة بالبقاء في مكان واحد عشرة أيّام (سواء كان في الوطن أم في غيره)، ثمّ أنشأ سفراً غير شغلي، من قبيل السفر للزيارة ونحو ذلك، فإذا لم يقم في مكان واحد عشرة أيّام على الأقلّ، يصلّي في السفر الشغلي الأوّل بعده تماماً، ولكن مع ذلك لا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام.

 

مسألة 28- إذا كان الذهاب والإياب يعدّان بنظر العرف سفراً واحداً، كما لو سافر المعلّم من وطنه إلى بلد آخر للتدريس ثمّ عاد إلى المبدأ عصر نفس اليوم أو في اليوم التالي، ففي هذه الصورة يعتبر الذهاب والإياب سفراً أوّلاً. أما لو لم يكونا بنظر العرف سفراً واحداً، من قبيل السائق الذي ينقل المسافرين أو البضائع إلى مقصد ما ثمّ يسافر منه إلى مقصد آخر لنقل بضائع أو مسافرين آخرين ويرجع بعد ذلك إلى وطنه؛ ففي هذه الصورة ينتهي السفر الأوّل بالوصول إلى المقصد.

15


9

صلاة المسافر

مسألة 29- في السفر الشغلي الذي يجب فيه التمام ويصحّ الصوم، لا يختلف الحكم سواء اختلف المسار أو وسيلة السفر أو نوع العمل عن السفر السابق أم لا.

 

مسألة 30- من لم يكن عمله السفر ولا في السفر يقصّر في سفره حتّى لو تعدّد، سواء قصد الأسفار المتعدّدة من أوّل الأمر أم طرأت لاحقاً.

 

مسألة 31- من كان عمله السفر أو في السفر يتمّ في سفره الشغلي حتّى لو كان الدعلي للسفر غير الشغل، من قبيل سائق الحافلة الذي ينقل المسافرين إلى مشهد في حال كون الداعي لسفره الزيارة.

 

مسألة 32- من سافر بقصد العمل، وأثناء سفره أو بعده قام أيضاً بأعمال خاصّة، من قبيل زيارة الأقارب والأصدقاء، وقد يبقى أيضاً في بعض الأحيان ليلة أو أزيد، لا يتغيّر حكم سفره الشغلي في هذه المدّة ويصلّي تماماً.

 

مسألة 33- من كان عمله السفر أو في السفر، إذا رجع فور الانتهاء من سفره الشغلي يتمّ في طريق العودة. أما لو بقي عدّة أيّام (أقلّ من عشرة أيّام) لغير العمل، كالزيارة أو النزهة، ثمّ رجع، فالأحوط وجوبا الجمع بين القصر والتمام في طريق العودة.

 

16


10

صلاة المسافر

س – الموظّف الذي يترك مهمته أثناء العمل لأمر شخصي ويرجع، فما حكم صلاته في سفر العودة؟

 

ج – يصلّي قصراً في السفر المذكور.

 

مسألة 34- من كان عمله السفر أو في السفر، إذا سافر لغير العمل يقصّر حتّى لو كان سفره إلى محلّ عمله.

 

مسألة 35- في الفرض المذكور في المسألة السابقة، إذا أنشأ سفراً غير شغلي إلى محلّ العمل، ثمّ قصد البقاء هناك لأجل العمل، يحتاط في مدّة بقائه لمزاولة عمله بالجمع بين القصر والتمام، وإن لا يبعد الحكم بالتمام. أمّا بعد ذلك، أي محلّ العمل وفي الإياب، فيتمّ.

 

مسألة 36- من كان عمله السفر أو في السفر، إذا أنشأ سفراً غير شغلي يقصّر، ولكن إذا أنشأ من ذلك المكان سفرا إلى محلّ العمل وبداعي العمل فإنّه يتمّ في الإياب.

 

س- لو ذهب الموظّف الذي يتردّد لأجل عمله في سفر غير شغلي، فإذا كان طريق رجوعه من هذا السفر إلى محلّ العمل وكان هدفه من الرجوع شغليّاً أيضاً. هل يعتبر سفراً شغليّاً أم غير شغلي؟

 

ج- يعتبر سفراً شغلياً يتمّ فيه ويصحّ صومه أيضاً.

 

مسألة 37– لو تعطّلت سيّارة من شغله السياقة أثناء سفره

17


11

صلاة المسافر

الشغلي، وسافر – مثلاً - إلى مكان آخر مسافة شرعيّة لإصلاحها أو لشراء قطع الغيار يعتبر سفره شغليّاً ويتمّ فيه.

 

مسألة 38- في الفرض المذكور في المسألة السابقة، إذا تعطلّت سيّارته قبل التلبّس بالسفر الشغلي، وسافر إلى مكان آخر مسافة شرعيّة لإصلاحها أو- على سبيل المثال- لشراء قطع الغيار، فإنّه يقصّر حينئذٍ.

 

مسألة 39- من كان عمله في السفر، إذا انتهى عمله نهائيّاً، أو انصرف نهائيّاً عن الاستمرار فيه، فالأحوط وجوباً في طريق العودة من السفر الأخير الجمع بين القسر والتمام. أمّا من شغله السفر، فإنّه يقصّر في طريق العودة في الفرض المذكور، ولكن لا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام.

 

مسألة 40- إذا كان التبليغ والإرشاد أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعدّ عرفاً شغلاً وعملاً لشخص ما، فإنّه يجري عليه في سفره لمزاولة العمل حكم المسافر لأجل شغله وعمله. ولو سافر لأمر غير الإرشاد والتبليغ يقصّر كسائر المسافرين.

 

حدّ الترخّص

مسألة 41- المناط في حدّ الترخّص خفاء أذان آخر البلد من الجهة التي يخرج منها المسافر أو يدخل.

 

18


12

صلاة المسافر

مسألة 42- إذا وصل إلى مكان يسمع صوتاً لا يمكن تشخيص كونه أذاناً، فالأحوط وجوباً أن يجمع، أو ينتظر حتىّ يصل إلى حدّ الترخّص.

 

مسألة 43- ما دام المسافر ضمن حدود الوطن وحدّ الترخّص لا يجري عليه حكم المسافر ويبقى على التمام.

 

مسألة 44- ما دام المسافر ضمن نطاق حدّ ترخّص المحلّ الذي قصد فيه إقامة العشرة، فالأحوط وجوباً أن يجمع بين القصر والتمام أو ينتظر الوصول إلى حدّ الترخّص في حال الخروج، وإلى محل الإقامة في حال القدوم. وكذلك من بقي متردّداً في مكان واحد ثلاثين يوماً، فإنّه يجمع على الأحوط وجوباً في حال الخروج، أو ينتظر الوصول إلى حدّ الترخّص.

 

قواطع السفر

مسألة 45- ينقطع السفر ويجب التمام لعدّة أمور:

1) الوصول إلى الوطن الأم.

2) العزم على الإقامة عشرة أيّام.

3) البقاء في مكان واحد ثلاثين يوماً متردّداً.

 

الأوّل: الوصول إلى الوطن

 

19

 


13

صلاة المسافر

مسألة 46- الوطن على قسمين:

1- الوطن الأصلي: وهو المكان الذي نشأ فيه الإنسان في بداية حياته وترعرع وكبر (أي مرحلة الطفولة والمراهقة).

 

2-الوطن الاتّخاذي (المستجدّ): وهو المكان الذي يختاره المكلّف لسكنه دائماً أو لمدّة طويلة كأربعين أو خمسين سنة.

 

مسألة 47- المكان الذي ينوي العيش فيه مدّة لا تقلّ عن سنة أو سنتين بحيث لا يعدّ فيه مسافراً يفكون بحكم الوطن، فيصلّي فيه تماماً ويصحّ صومه.

 

مسألة 48- مجرّد التولّد في بلد لا يعني صيرورته وطنا أصليّاً، بل يجب أن يبقى فيه مدّة وينشأ ويترعرع فيه. وعلى سبيل المثال: من ولد في مكان، ولم ينشأ ويترعرع فيه لا يكون وطنا أصليّاً له، بل وطنه الأصلي هو المكان الذي نقل إليه بعد الولادة ونشأ وترعرع فيه.

 

س- ما هو المعيار في الوطن الأصلي؟ هل يكفي مجرّد الولادة في مكان ما أو كونه وطن الوالدين، أم يشترط النشأة والترعرع فيه؟

 

ج- مجرّد الولادة أو كونه وطن الوالدين ليس كافياً ولا لازماً, بل المناط والميزان لصدق الوطن الأصلي أن ينشأ الإنسان ويترعرع في مكان ما ويكبر فيه (أي مرحلة الطفولة والمراهقة).

 

20


14

صلاة المسافر

س- من يولد في مقرّ مؤقّت لوالديه وليس وطناً لهما، كم سنة يجب أن يبقى هناك ليعدّ ذلك المكان وطناً أصليّاً له؟

 

ج- هذا الأمر عرفي، ويجب في تشخيصه الاستفسار من العرف. بالطبع هناك موارد يقينيّة من الطرفين، فلو بقي مثلاً خمسة عشر أو عشرين عاماً يصدق الوطن يقيناً، ولو بقي عامين لا يصدق. والموارد التي لا تعلم بعد الرجوع إلى العرف، مقتضى القاعدة في محل الولادة الاحتياط، وفي غير محل الولادة يجري استصحاب عدم الوطنيّة.

 

مسألة 49- يشترط في الوطن الاتّخاذي (المستجدّ) ثلاثة أمور:

1) العزم على السكن فيه دائماً، أو لعدّة أشهر في كلّ سنة على الدوام.

2) يجب أن يكون قصد التوطّن في قرية أو مدينة خاصّة ومحدّدة، فلا يمكن اتّخاذ دولة بكاملها وطناً.

 

3- تهيئة وسائل التوطّن، فلو قام بإعداد ما يحتاجه الإنسان للتوطّن في مكان معيّن، من قبيل تهيئة المنزل والشروع بالتكسّب والعمل، يصدق الوطن ولو لم يمضِ عليه زمن، وإلاّ فيجب أن يبقى مدّة ليصدق معها أنّ ذلك المكان صار وطنه.

 

س1: ما هو المعيار في الوطن الاتخاذي؟ وهل يشترط فيه قصد الإقامة الدائمة؟

 

21


15

صلاة المسافر

ج- حتّى يعد مكان ما وطناً للإنسان، يجب أن يختار ذلك المكان للإقامة (بشكل دائم أو من دون تحديد مدّة) ويعيش فيه. بالطبع إذا كان يقصد العيش فيه مدّة محدّدة، من قبيل عشر سنوات أو خمسة عشر سنة، فالصدق العرفي للوطن ليس معلوماً في هذه الصورة، إلّا إذا كان يريد البقاء مدّة طويلة جدّاً كأربعين أو خمسين سنة، ففي تلك الصورة يعدّ وطنه.

 

س2: هل مجرّد النيّة تكفي لترتيب أحكام الوطن في المكان الذي قصد البقاء فيه دائماً، أم يجب أن يبقى في ذلك المكان مدّة معيّنة في أول الأمر لتجري عليه أحكام الوطن؟

 

ج- لا تكفي مجرّد النيّة لصدق الوطن، بل يجب أيضاً التلبّس بلوازم الوطنيّة، فعلى سبيل المثال لو قام بأعمال يقوم بها الإنسان عادة للتوطّن في مكان معيّن (مثل توفير المنزل وإحداث تكسّب وعمل) يصدق الوطن حتّى لو لم يبقى مدّة زمنيّة معيّنة، وإذا لم يوفّر احتياجات التوطّن يجب أن يبقى مدّة ليصدق الوطن له.

 

س3: من عزم على العيش في مكان دائماً أو لسنوات متمادية ثلاثة أو أربعة شهور في السنة، هل يعدّ ذلك المكان وطناً له؟

 

ج- إذا نوى التوطّن في ذلك المكان ووفّر وسائل العيش، من قبيل المنزل ونحو ذلك، يكون وطنه الثاني.

 

22


16

صلاة المسافر

س4: هل يجب أن يصدق الوطن ليصلّي تماماً ويصحّ صومه، أم مجرّد أن لا يعدّ مسافراً  كافٍ؟

 

ج- في المكان الذي لا يصدق عليه أنّه مسافر يصلّي تماماً.

 

س5: من أراد العيش مدّة في مدينة، كم سنة يجب أن يبقى لكي لا يصدق عليه أنّه مسافر؟

 

ج- هذه المسألة عرفيّة، وعلى الظاهر يكفي سنة أو سنتين.

 

مسألة 50- امتلاك المنزل وغيره ليس شرطاً في الوطن المستجدّ.

 

مسألة 51- يمكن أن يكون للإنسان وطنان أصلّيان، فأهل البوادي الذين يتنقّلون بين المراتع الصيفيّة والشتويّة ويقضون في كلّ منهما جزءاً من السنة، ويتّخذون كلا المكانين وطناً لهم، ويجري عليهم حكم الوطن فيهما. وإذا كانت المسافة الفاصلة بينهما بمقدار المسافة الشرعيّة فحكمهم في الطريق حكم سائر المسافرين.

 

مسألة 52- يمكن أن يكون للإنسان وطنان مسجدّان، أمّا الأزيد فمنوط بالصدق العرفي.

مسألة 53- ما لم يعرض الإنسان عن وطنه يبقى على وطنيّته

 

23


17

صلاة المسافر

ويصلّي فيه فيه تماماً. أمّا لو أعرض عنه فيخرج عن حكم الوطن، إلّا إذا عاد إليه مجدّداً، وأقام فيه بقصد العيش الدائم ولو لجزء من السنة.

 

مسألة 54– يتحقّق الإعراض بالخروج من الوطن مع العزم على عدم العودة إليه، ويتحقّق أيضاً بحصول العلم أو الاطمئنان بعدم إمكان العودة.

 

مسألة 55- مجرد الزوجيّة لا توجب التبعيّة القهريّة، فقد لا تكون المرأة تابعة لزوجها في اختيار الوطن والإعراض عنه، ولا يصبح المكان وطنّا تترتّب فيه أحكام الوطنيّة على المرأة أيضاً لمجرّد كونه وطناً لزوجها.

 

مسألة 56- لا يتحقق الإعراض عن الوطن الأصلي من المرأة لمجرّد زواجها وانتقالها للعيش في بيت زوجها في بلد آخر، فالمرأة التي تزوّجت رجلاً من بلد أخر تصلّي تماماً في بيت أبيها ما لم يتحقق منها الإعراض عن وطنها الأصلي.

 

مسألة 57- إذا كانت المرأة تابعة لإرادة زوجها في اختيار الوطن والإعراض عنه، يكفيها قصد زوجها، ويصبح البلد الذي يأخذها الزوج إليه بقصد التوطّن والعيش الدائم فيه وطناً لها أيضاً. وإعراض الزوج عن وطنهما المشترك بالخروج منه والذهاب إلى مكان آخر، يعدّ إعراضاً لها أيضاً عن ذلك الوطن.

24


18

صلاة المسافر

مسألة 58- إذا لم يكن الأولاد مستقلّين في الإرادة والتعيّش، وكانوا بحسب طبيعتهم وارتكازهم تابعين لإرادة أبيهم، فإنّهم يتبعون أباهم في الإعراض عن الوطن السابق واتّخاذ الوطن الجديد الذي يصطحبهم إليه للعيش الدائم. وبناء لذلك، من هاجر بالتبعيّة لأبيه من وطنه إلى بلد آخر، وقصد الأب عدم العودة إليه للعيش فيه يخرج ذلك البلد عن حكم الوطن، ويصبح وطن الأب الجديد وطناً له.

 

مسألة 59- الأولاد المستقلّون في الإرادة والتعيّش لا يتبعون والديهم في أحكام الوطن.

 

الثاني: قصد الإقامة عشرة أيام

مسألة 60- إذا عزم المسافر على الإقامة عشرة أيام  متوالية في مكان واحد، أو علم ببقائه المدّة المذكورة فيه وإن لم يكن باختياره، يصلّي تماماً. أمّا لو قصد الإقامة أقلّ من عشرة أياّم فحكمه حكم سائر المسافرين.

 

مسألة 61- من علم أنّه لن يبقى في مكان واحد عشرة أيّام فلا معنى لقصد الإقامة بالنسبة إليه، ولا أثر له، وعلى سبيل المثال: لو سافر شخص لزيارة حرم الإمام الرضا عليه السلام وكان يعلم أنّه لن

 

25


19

صلاة المسافر

يبقى عشرة أياّم هناك، ولكنّه قصد إقامة عشرة أيّام ليصلّي تماماً، يجب عليه القصر.

 

مسألة 62- إذا قصد البقاء إلى آخر الشهر، وكان في الواقع عشرة أيّام، يكفي القصد المذكور في الإقامة حتّى لو كان معتقدا أنّه أقلّ.

 

مسألة 63- يجب أن يكون قصد الإقامة في مكان واحد(مدينة أو قرية أو...)، ولا يمكن قصد الإقامة في مكانين في آنٍ معاً، فمن يبلّغ في مكانين، إذا كانا بحسب العرف مكانين مختلفين يقصد الإقامة في أحدهما. ولا تصحّ نيّة الإقامة في كلا المكانين بحيث يبقى في أحدهما عدّة أيّام ويبقى في الآخر عدّة أيام أخرى ليصبح المجموع عشرة أيّام، بل يجب عليه القصر في كلا المكانين.

 

مسألة 64- المسافر الذي يريد الإقامة في أحد أحياء المدينة، يمكنه الخروج إلى سائر أحيائها حتّى لو كانت المسافة بينها وبين الحيّ الذي قصد الإقامة فيه بمقدار المسافة الشرعيّة، ولا يضرّ ذلك بقصد الإقامة ولا بحكمها.

 

مسألة 65- المسافر الذي يريد الإقامة في مكان عشرة أيّام على الأقلّ، إذا قصد من أوّل الأمر الخروج خلال العشرة أيّام إلى ما يتعلّق بمحلّ الإقامة من المزارع والبساتين ونحوها، لا يضرّ بقصد الإقامة، ويصلّي تماماً. وكذلك إذا قصد الخروج من محلّ الإقامة

 

26


20

صلاة المسافر

إلى ما دون المسافة الشرعية بمقدار لا يضرّ بصدق إقامة العشرة أيّام - كما لو أراد الخروج والعودة في هذه العشرة أيّام ثلاثة مرّات لمدّة خمس ساعات تقريباً في كلّ مرة - فإنّ قصد الخروج لا يضرّ بقصد الإقامة في هذه الصورة أيضاً، ويصلّي تماماً.

 

مسألة 66- إذا كان من نيّة المسافر عند قصد الإقامة الخروج خلال العشرة أيّام - ولو لمرّة واحدة ولعدة دقائق فقط - إلى الأربعة فراسخ أو أزيد، لا تتحقّق الإقامة ويجب عليه القصر.

 

مسألة 67- إذا قصد المسافر الإقامة عشرة أيّام ثمّ عدل عن قصده أو تردّد، فإن كان قصد صلّى فريضة رباعيّة (الظهر أو العصر أو العشاء) فقد تحقّقت الإقامة، ولا أثر لعدوله عنها أو تردّده بعد ذلك، ويبقى على التمام ما لم ينشئ سفراً جديداً، وإلاّ رجع إلى القصر.

 

مسألة 68- إذا فاتته - بعد قصد الإقامة - صلاة رباعيّة كالظهر أو العصر فقضاها تماما ثمّ عدل عن الإقامة يرجع إلى القصر.

 

مسألة 69- يتحقّق حكم الإقامة بأمرين: 1- قصد الإقامة والإتيان بصلاة رباعيّة. 2- قصد الإقامة والبقاء عشرة أيّام متوالية في مكان واحد وإن لم يصل فيه، كالمرأة الحائض.

 

مسألة 70- بعد استقرار الإقامة، لا بأس بالخروج إلى ما دون المسافة الشرعيّة - ولو مراراً ولمدّة طويلة - ويبقى على التمام.

 

27


21

صلاة المسافر

أما لو خرج بمقدار مسافة شرعيّة فحكمه حكم سائر المسافرين، وينقطع حكم إقامته السابقة. وبعد الرجوع ينوي الإقامة مجدّداً.

 

مسألة 71- كلّ ما تقدّم بشان تبعيّة الزوجة والأولاد في الوطن يجري أيضاً في قصد الإقامة.

 

مسالة 72- إذا توقّف المسافر في مكان بعد قطع مسافة شرعيّة (ثمانية فراسخ) ولم يعلم أنه سيبقى عشرة أيّام أو أقل، يجب عليه القصر إلى ثلاثين يوماً، وبعدها يجب عليه التمام ما دام في ذلك المكان حتّى لو أراد الخروج في نفس ذلك اليوم.

 

البلاد الكبيرة

مسألة 73- لا فرق في أحكام المسافر وقصد التوطّن والإقامة بين البلدان الكبار الخارقة (المدن الكبرى) وسائر المدن المتعارفة. فلو قصد التوطّن في مدينة كبرى وبقي فيها مدّة من دون تحديد محلّة معيّنة يجري حكم الوطن على المدينة كلّها. وكذلك بالنسبة لقصد إقامة العشرة، فلو نوى الإقامة في هكذا مدينة؛ يجب عليه التمام في كلّ أحيائها، سواء قصد الإقامة في محلّة معيّنة أم لا.

 

أحكام صلاة المسافر

مسألة 74- إذا صلّى المسافر العالم بالحكم والموضوع

 

28


22

صلاة المسافر

(الذي يعلم أنّه مسافر، وأنّه يجب عليه القصر) تماماً عامداً بطلت صلاته، وأعادها في الوقت وخارجه. أمّا لو كان ناسياً أنّ حكم المسافر القصر فأتمّ، فإن تذكّر في الوقت أعاد، وإن تذكّر بعد خروج الوقت فلا يجب عليه القضاء.

 

مسألة 75- من كان جاهلاً أنّ حكم المسافر القصر فصلّى تماماً صحّت صلاته.

 

مسألة 76- من كان يعلم بوجوب القصر على المسافر، ولكن يجهل بعض الخصوصيّات، من قبيل أنّه يجب القصر إذا كان السفر ثمانية فراسخ، فإذا صلّى تماماً يجب على الأحوط أن يعيد في الوقت ويقضي خارجه.

 

مسألة 77- إذا قصّر من وظيفته التمام بطلت صلاته مطلقاً.

 

29


23
البحث العلمي – قواعده ومناهجه