صفات الشيعة ومصادقة الإخوان


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-08

النسخة: 1


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


المقدمة

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمّد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين.

الشيعة لغةً هم: الأتباع والأنصار والأعوان، وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم في قوله: ﴿وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ﴾1، أي ان من شيعة نوح ابراهيم فهو على منهاجه وسنته في التوحيد والعدل واتباع الحق.

وقد اطلق هذا اللفظ على أتباع أئمة أهل البيت عليهم السلام والسائرين على نهجهم وهديهم حتى صار خاصاً بهم.
وقد ورد هذا الاسم في الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله، فأقبل علي عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "والذي نفسي بيده ان هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة".

وعندما نزلت ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّة﴾ قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: "هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين".

والتشيع ليس شيئا آخر غير الإسلام، إن من وضع جذور التشيع في الإسلام هو النبي الأعظم نفسه صلى الله عليه وآله، ونحن نفتخر أننا أتباع مذهب مؤسسة رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر من الله على حد تعبير الامام الخميني الراحل رضوان الله عليه.

ولكن من المعلوم أن التشيع تبلور بصيغته النهائية كمذهب مستقل في عهد الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام حيث سنحت الفرصة لهذا الإمام العظيم عليه السلام أن يبث وينشر علوم رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام في مختلف مجالات المعرفة، وان يحدد المعالم الفكرية والفقهية والأخلاقية والسلوكية وغيرها لهذا المذهب الإسلامي الأصيل.

وقد حدد الأئمة عليهم السلام في عشرات النصوص والمواصفات التي ينبغي أن يكون عليها شيعتهم وأتباعهم من خلال احاديثهم وتوجيهاتهم ووصاياهم لأصحابهم، واعتبروا أنه لا يكفي في من ينتمي إلى خط أهل البيت عليهم السلام أن يرتبط بهم عاطفياً من دون أن يكون معهم على المستوى العملي فيتأدب بأدبهم وأخلاقهم ويعمل بعملهم وسنتهم، فهم لا يعتبرون الرجل تابعاً وشيعة لهم إلا إذا كان مطيعاً لله، مجانباً لهواه، آخذاً بتعاليمهم وارشاداتهم، ولا يعتبرون حبهم وولاءهم منجاة إذا اقترن بالعمل الصالح وبالصدق والأمانة والورع والتقوى، وهم يريدون من أتباعهم أن يكونوا دعاة للحق وأدلاَّء على الخير والصلاح والرشاد، ويرون أن الدعوة بالعمل والسلوك القويم أبلغ من الدعوة باللسان"كونوا دعاة للناس بالخير بغير السنتكم ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع"2.

وقد ورد في محاورة أبي جعفر الباقر عليه السلام مع جابر الجعفي أنه قال: "يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلاَّ من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلاّ بالتواضع، والتخشع، والأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم والصلاة، والبر بالوالدين، والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والايتام وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الألسن عن الناس إلاّ من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء.

فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عزّ وجلّ أتقاهم وأعملهم بطاعته.
يا جابر، والله ما نتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة، وما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة، من كان لله مطيعاً فهو لنا ولي، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو، وما تنال ولايتنا إلاَّ بالعمل الورع"
3.

من هنا نعرف أن التشيع في نظر أهل البيت عليهم السلام يمثل برنامج حياة متكامل، كما يمثل الشخصية الإسلامية التي إذا عاشت في المجتمع كانت خيراً وبركة عليه وعلى الناس فيه.

وعلى خط آخر نجد أن من جملة اهتمامات أئمة أهل البيت عليهم السلام هو تهذيب المسلمين وتربيتهم تربية اجتماعية صالحة، فكانوا يعلمون الناس آداب السلوك والعلاقات فيما بينهم، ويعرفونهم ما لهم وما عليهم، ويحددون لهم قواعد وحقوق الأخوة والصداقة والصحبة وآداب المعاشرة، وأصول الخلق الاسلامي الذي ينبغي أن يحكم علاقاتهم الاجتماعية والأخوية.

والكتابان اللذان بين يديك أخي القارئ وهما "صفات الشيعة" و"مصادقة الاخوان" عبارة عن مجموعة من قيم وتوجيهات أهل البيت عليهم السلام التي حددت مواصفات المسلم الشيعي وخصائص الشيعة وحقيقة الأخوَّة والصداقة وحقوقها وآدابها.

فالكتاب الأول: "صفات الشيعة" اشتمل على واحد وسبعين حديثاً مروياً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام في مواصفات المسلم الشيعي وما ينبغي أن تكون عليه شخصيته وصورته وأخلاقه وتصرفاته وسلوكه وعلاقاته في المجتمع.

والكتاب الثاني: "مصادقة الاخوان" اشتمل على مائة وواحد وعشرين حديثاً مروياً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته في حقيقة الأخوّة والصداقة وصنوف الاخوان والأصدقاء وحقوقهم والضوابط التي ينبغي أن تحكم علاقاتهم فيما بينهم.

والكتابان من تأليف الشيخ الجليل كبير المحدثين ابو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المعروف بـ"الشيخ الصدوق" وهما من أهم الكتب التي صنفت في هذه المواضع وأدقها وأضبطها، ونحن إذ نضعهما في حلة جديدة في متناول القرَّاء الأعزاء نسأل الله سبحانه أن ينفع بهما المجاهدين الصادقين من أتباع أهل البيت عليهم السلام والسائرين على خطهم خط الولاية وأن يتقبل منَّا هذا العمل ويجعله ذخيرة لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاَّ من أتى الله بقلب سليم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



1-الصافات: 83
2-البينة: 7
3-أصول الكافي.



1

حياة الشيخ الصدوق قدس سره

هو الشيخ الجليل رئيس المحدثين أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن باويه الصدوق القمي رحمه الله، ولد في مدينة قم المشرفة حدود سنة 306هـ بدعاء الإمام محمّد بن الحسن الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف، ولم يَر في القميين من يضاهيه في سمو مكانته ورفيع منزلته وعلو مقامه، ويقال ان والد الصدوق الذي عاش في عصر الغيبة الصغرى، كتب للإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف يسأله أن يدعو الله بأن يرزقه ولداً, فكتب الحجة عجل الله فرجه الشريف له: "قد دعونا الله لك بذلك وسترزق ولدين ذكرين خيرين" فاستجاب الله دعاء الامام، ورزق والد الصدوق بالشيخ الصدوق وبأخيه ابي عبد الله الحسين بن بابويه.

نشأ الشيخ الصدوق قدس سره في بيت من بيوت العلم والمعرفة والفضيلة، فقد كان ابوه من العلماء الكبار، وقد كان وجه الشيعة في عصره، وفقيههم ومرموقاً لدى عامة أهل قم، واليه كانوا يرجعون في الأحكام الشرعية برغم كثرة العلماء في مدينة قم آنذاك.


  11



2

حياة الشيخ الصدوق قدس سره

هو أدرك الشيخ قدس سره من أيام أبيه أكثر من عشرين سنة اقتبس خلالها من اخلاقه وآدابه ومعارفه علوماً ما سما به على أقرانه، ولم يكتف بذلك فطاف في البلدان مسافراً يبحث عن العلم والمعرفة في الحواضر العلمية حتى صار وجه الطائفة في عصره.

تخرَّج على يديه علماء كثيرون يعدون من مفاخر علماء الاسلام منهم زعيم الطائفة الشيخ المفيد قدس سره، ومنهم نقيب الطالبيين علم الهدى الشريف المرتضى.

ألَّف الشيخ قدس سره أكثر من ثلاثمائة مصنف في شتى العلوم منها: كتاب من لا يحضره الفقيه، وهو أحد الكتب الأربعة المعروفة عند الشيعة، وكتاب الاعتقادات، والتوحيد، وعلل الشرائع، وكمال الدين وتمام النعمة، والخصال، والآمال، وثواب الأعمال وعقاب الأعمال، ومعاني الأخبار، وصفات الشيعة، ومصادقة الاخوان وكتب أخرى في الفقه والحديث والتفسير والعقائد والطب وغيره.
توفي في بلدة الري جنوبي طهران سنة 381 هـ ودفن فيها بالقرب من قبر السيد عبد العظيم الحسني، وقبره اليوم أحد المراقد المقصود للزائرين من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وفي باحته قبور كثير من العلماء وأهل الفضل والايمان.

  12


3

صفات الشيعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلاته على محمّد وآله الطاهرين.


قال جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه مؤلف هذا الكتاب رحمة الله عليه:
1- قال حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار الكوفي، عن أبيه عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن زيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قال: الصادق عليه السلام "شيعتنا أهل الورع والاجتهاد، وأهل الوفاء والأمانة، وأهل الزهد والعبادة، أصحاب إحدى وخمسين ركعه في اليوم والليلّة، القائمون باللّيل، الصّائمون بالنهار، يزكّون أموالهم، ويحجّون البيت، ويجتنبون كلّ محرم".

2-حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: "شيعتنا المسلّمون لأمرنا، الآخذون بقولنا،

  13


4

صفات الشيعة

المخالفون لأعدائنا، فمن يكن كذلك فليس منّا".

3-حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد الله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام أنه قال: "لا دين لمن لا تقيّة له ولا إيمان لمن لا ورع له".

4
- حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رحمة الله عليه، قال: حدّثني عمي محمّد أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن سمر قال: قال الصادق عليه السلام: "كذب من زعم أنّه من شيعتنا وهو متمسك بعروة غيرنا".

5- أبي رحمه الله، قال: حدّثني عبد الله بن جعفر، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: "من عادى شيعتنا فقد عادانا، ومن والاهم فقد والانا، لأنّهم منّا، خُلقوا من طينتنا، من أحبّهم فهو منّا، ومن أبغضهم فليس منّا.

شيعتنا ينظرون بنور الله، ويتقلّبون في رحمة الله، ويفوزون بكرامة الله، ما من أحد من شيعتنا يمرض إلاّ مرضنا لمرضه، ولا اغتم إلاّ اغتممنا لغمّه، ولا يفرح إلاّ فرحنا لفرحه، ولا يغيب عنّا

 14


5

صفات الشيعة

أحد من شيعتنا أين كان في شرق الأرض أو غربها، ومن ترك من شيعتنا دَيناً فهو علينا، ومن ترك منهم مالاً فهو لورثته، شيعتنا الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويحجّون البيت الحرام، ويصومون شهر رمضان، ويوالون أهل البيت، ويتبرّؤون من أعدائهم، (من أعدائنا - خ ل) أُولئك أهل الايمان والتّقى، وأهل الورع والتقوى، ومن ردّ عليهم فقد ردّ على الله، ومن طعن عليهم فقد طعن على الله، لأنّهم عباد الله حقاً، وأولياؤه صدقاً، والله إنّ أحدهم ليشفع في مثل ربيعة ومضر فيشفّعه الله تعالى فيهم لكرامته الله عزّ وجل".

6
- حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد بن عمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "من لا اله إلاَّ الله مخلصاً دخل الجنّة، وإخلاصه بها أن يحجبه (أن يحجزه خ ل) لا اله إلاَّ الله عمّا حرّم الله تعالى".

7- حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد والحسن بن علي الكوفي وإبراهيم بن هاشم، كلّهم عن الحسين بن يوسف، عن سليمان بن عمرو، عن مهاجر بن الحسين، عن زيد بن أرقم، عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
"من

  15


6

صفات الشيعة

 لا اله إلا الله مخلصاً دخل الجنّة وإخلاصه بها أن يحجزه لا اله إلاّ الله عمّا حرّم الله".

8- حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله، قال حدّثنا محمّد بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن علي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيده الحذاء قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
"لمّا فتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة قام الصفا فقال: يا بني هاشم يا بني عبد المطلب إنّي رسول الله إليكم وإنّي شفيق عليكم، لا تقولوا إنّ محمّداً منا، فوالله ما أوليائي منكم ولا من غيركم إلاّ المتقون، ألا فلا أعرفكم تأتوني يوم القيامة تحملون الدنيا على رقابكم ويأتي الناس يحملون الآخرة، ألا وإنّي قد أعذرت فيما بيني وبينكم وفيما بين الله عزّ وجل وبينكم، وإنّ لي عملي ولكم عملكم".

9-حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:
"مجالسة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، ومجالسة الأخيار تلحق الأشرار بالأخيار، ومجالسة الفجّار للأبرار تلحق الفجّار بالأبرار، فمن اشتبه عليكم أمره ولم تعرفوا دينه فانظروا إلى

  16


7

صفات الشيعة

خلطائه، فإن كانوا أهل دين الله فهو على دين الله، وإن كانوا على غير دين الله فلا حظّ له في دين الله، إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤاخين كافراً، ولا يخالطن فاجراً، ومن آخى كافراً أو خالط فاجراً كان كافراً فاجراً".

10-حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، ابن فضّال قال سمعت الرضا عليه السلام يقول:
"من واصل لنا قاطعا، أو قطع لنا واصلاً، أو مدح لنا عائباً، أو أكرم لنا مخالفاً فليس منّا ولسنا منه".

11- حدّثنا محمّد بن موسى المتوكل، قال: حدّثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال عن الرضا عليه السلام أنّه قال:
"من والى أعداء الله فقد عادى أولياء الله، ومن عادى أولياء الله فقد عادى الله تبارك وتعالى، وحقٌ على الله عز وجلّ أن يدخله في نار جهنم".

12- حدّثني محمّد بن موسى المتوكّل رحمه الله، عن أحمد بن عبد الله-رفعه-، عن أبي عبد الله عليه السلام يقول:
"والله ما شيعة عليّ صلوات الله عليه إلاّ من عفّ بطنه وفرجه، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه".

13- أبى رحمه الله، قال: حدّثني محمّد بن أحمد، عن علي بن الصلت، عن محمّد بن عجلان قال: كنت مع أبي

  17


8

صفات الشيعة

عبد الله عليه السلام فدخل رجل فسلّم، فسأله: كيف من خلّفت من إخوانك؟، فأحسن الثناء وزكّى وأطرى، فقال له: "كيف عيادة أغنيائهم لفقرائهم؟ قال قليلة، قال: كيف مواصلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟ فقال: إنك تذكر أخلاقاً ما هي فيمن عندنا، قال: فكيف يزعم هؤلاء أنهم لنا شيعة؟؟".

14- حدّثنا محمّد بن موسى المتوكّل، عن الحسن بن علي الخزّاز، قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: "إنّ ممن يتّخذ مودّتنا أهل البيت لمن هو أشد لعنة على شيعتنا من الدّجّال، فقلت له: يا بن رسول الله بماذا؟ قال: بموالاة أعدائنا ومعاداة أوليائنا، إنّه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل، واشتبه الأمر فلم يعرف مؤمن من منافق".

15- حدّثنا أبي رحمه الله، عن العلاء بن الفضيل، عن الصادق عليه السلام قال: "مَن أحبَّ كافراً فقد أبغض الله، ومَن أبغض كافراً فقد أحبّ الله، ثم قال عليه السلام: صديق عدوّ الله، عدوّ الله".

16- حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله، قال: حدّثني غير واحد من أصحابنا، عن جعفر بن محمّد عليه السلام قال: "من جالس أهل الرّيب فهو مريب".

17- حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه، قال: حدّثني عمّي، عن المعلّى بن خنيس، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:

  18


9

صفات الشيعة

"ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت، لأنّك لا تجد أحداً يقول أنا أبغض محمّداً وآل محمّد، ولكنّ الناصب من نصب لكم، وهو يعلم أنّكم تتوالونا وتتبرؤون من أعدائنا، وقال عليه السلام: من أشبع عدوّاً لنا فقد قتل وليّاً لنا".

18- أبي رحمه الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعاً، عن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إن شيعة عليّ صلوات الله عليه كانوا خمص البطون، ذبل الشفاه، وأهل رأفة، وعلم، وحلم، يعرفون بالرهبانيّة، فأعينوا على ما أنتم عليه، بالورع والاجتهاد".

19-حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال: حدّثني محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: " يا أبا المقدام إنّما شيعة علي صلوات الله عليه الشاحبون، الناحلون، الذابلون، ذابلة شفاههم من القيام، خميصة بطونهم، مصفرّة ألوانهم، متغيّرة وجوههم، إذا جنّهم الليل اتّخذوا الأرض فراشاً، واستقبلوها بجباههم، باكية عيونهم، كثيرة دموعهم، صلاتهم كثيرة، ودعاؤهم كثير، تلاوتهم كتاب الله، يفرحون الناس وهم يحزنون".

  19


10

صفات الشيعة


20- أبي رحمه الله، قال: حدّثني محمّد بن أحمد بن علي ابن الصلت، عن أحمد بن محمّد، عن السّندي بن محمّد، قال: قوم تبع أمير المؤمنين عليه السلام فالتفت إليهم قال: "ما أنتم عليه؟ قالوا: شيعتك يا أمير المؤمنين، قال: مالي لا أرى عليكم سيماء الشيعة؟ قالوا: وما سيماء الشيعة؟! قال: صفر الوجوه السهر، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء عليهم غبرة الخاشعين".

21- حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله قال: حدّثني علي بن الحسين السعد آبادي، عن المفضّل، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: "إنما شيعة جعفر من عفّ بطنه وفرجه، واشتدّ جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت أولئك فأولئك، شيعة جعفر".

22- أبي رحمه الله قال: حدّثني علي بن الحسين السعد آبادي، عن جابر الجعفي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: "يا جابر يكتفي من اتّخذ التشيّع يقول بحبّنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلاَّ من اتّقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلاَّ بالتواضع، والتخشّع، وأداء الأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبرّ بالوالدين، والتعهد للجيران من الفقراء، وأهل المسكنة، والغارمين، والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ

  20


11

صفات الشيعة

الألسن عن الناس إلاّ من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء".

قال جابر: يا بن رسول الله ما نعرف أحداً بهذه الصفة، فقال لي: "يا جابر لا تذهبنّ بك المذاهب، حسب الرجل أن يقول أُحبّ عليّاً صلوات الله عليه وأتولاّه، فلو قال إنّي أحبّ رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله خير من عليّ، ثمّ لا يتّبع سيرته ولا يعمل بسنّته ما نفعه حبّه إيّاه شيئاً، فاتّقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحبّ العباد إلى الله وأكرمهم أتقاهم له وأعملهم بطاعته، يا جابر ما يتقرّب العبد إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة، ما معنا براءة من النار، ولا على الله لأحد منكم حجّة، من كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، ولا تنال ولايتنا إلاّ بالعمل والورع".

23-حدّثني محمّد بن الحسن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدّثني محمّد بن الحسن الصفار، عن ظريف بن ناصح رفعه إلى محمّد بن علي عليه السلام قال: "إنما شيعة علي عليه السلام المتباذلون في ولايتنا، المتحابّون في مودّتنا، المتزاورون لإحياء أمرنا، إن غضبوا لم يظلموا، وإن رضوا لم يسرفوا، بركة لمن جاوروا، وسلم لمن خالطوا".

24- أبي رحمه الله قال: حدّثني سعد بن عبد الله قال: حدّثني محمّد بن عيسى، عن عمرو ابن أبي المقدام، عن أبيه،

  21
 


12

صفات الشيعة

 قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام إنّه قال: "شيعة علي عليه السلام الشاحبون، الناحلون، الذابلون، ذبلة شفاههم، خميصة بطونهم، متغيّرة ألوانهم".

25- وبهذا الاسناد قال: قال أبو جعفر عليه السلام لجابر: "يا جابر إنّما شيعة علي عليه السلام من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، لا يمدح لنا قالياً، ولا يواصل لنا مبغضاً، ولا يجالس لنا عائباً، شيعة علي عليه السلام من لا يهرّ هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل الناس وإن مات جوعاً، أولئك الخفيفة عيشتهم، المنتقلة ديارهم، إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا يُعادوا، وإن ماتوا لم يشهدوا، في قبورهم يتزاورون، قلت: وأين أطلب هؤلاء؟ قال: في أطراف الأرض بين الأسواق، وهو قول الله تعالى عزّ وجل: ?أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ?".

  22


13

صفات الشيعة

26-حدّثني محمّد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه، عن المفضّل بن قيس، أبى عبد الله عليه السلام، قال: "كم شيعتنا بالكوفة؟ قال: قلت: خمسون ألفاً، قال: فما زال يقول حتى قال: أترجو أن يكونوا عشرين، ثم قال عليه السلام: والله لوددت أن يكون بالكوفة خمسة وعشرون رجلاً يعرفون أمرنا الذي نحن عليه، ولا يقولون علينا إلاّ بالحقّ".

27-حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رحمه الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال له أبو جعفر الدّوانيقي بالحيرة أيام أبي العباس: يا أبا عبد الله ما بال الرجل من شيعتكم يستخرج ما في جوفه في مجلس واحد حتى يعرف مذهبه؟ فقال عليه السلام: "ذلك بحلاوة الايمان في صدورهم من حلاوته يبدونه تبدياً".

28-أبي رحمه الله، قال: حدّثني أحمد بن إدريس، قال: حدّثني محمّد بن أحمد، عن ابن أبي عمير، يرفعه إلى أحدهم عليه السلام أنّه قال: "بعضكم أكثر صلاة من بعض، وبعضكم أكثر حجّاً من بعض، وبعضكم أكثر صدقة من بعض، وبعضكم أكثر صياماً من بعض وأفضلكم أفضل معرفة".

29-حدّثني محمّد بن موسى المتوكّل رحمه الله قال: حدّثني محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثني المفضّل بن زياد العبدي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إنّا أهل بيت صادقون، همّكم معالم دينكم، وهمّ عدوكم بكم، وأشرب قلوبهم لكم بغضاً، يحرّفون ما يسمعون منكم كلّه، ويجعلون لكم أنداداً، ثمّ يرمونكم به بهتاناً، فحسبهم بذلك عند الله معصية".

30-حدّثني أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن يحيى بن سدير قال: قال أبو

  23


14

صفات الشيعة

 عبد الله عليه السلام: "إذا كان يوم القيامة دعى الخلايق بأُمهاتهم ما خلانا وشيعتنا فإنّا لا سفاح بيننا".

31- حدّثني الحسن بن أحمد، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن عبد الله بن خالد الكناني، قال: استقبلني أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام وقد علّقت سمكة بيدي، قال: "اقذفها إنّي لأكره للرجل (السرى خ) أن يحمل الشيء الدنى بنفسه، ثم قال عليه السلام إنكم قوم أعداؤكم كثير، يا معشر الشيعة، إنّكم قوم عاداكم الخلق فتزيّنوا لهم ما قدرتهم عليه".

32-حدّثني محمّد بن علي ماجيلويه، قال حدّثني عمّي محمّد بن أبي قاسم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن شيعتهم، فقال: "شيعتنا من قدم ما استحسن، وأمسك ما استقبح، وأظهر الجميل وسارع بالأمر الجليل رغبة إلى رحمة الجليل فذاك منّا وإلينا ومعنا حيث ما كنّا".

33-حدّثني محمّد بن موسى المتوكّل رحمه الله، قال: حدّثني عبد الله بن جعفر الحميري، عن الأصبغ بن نباتة قال: خرج عليّ عليه السلام ذات يوم ونحن مجتمعون، فقال: "من أنتم وما اجتماعكم؟ فقلنا: قوم من شيعتك يا أمير المؤمنين؟ فقال: مالي لا أرى سيماء الشيعة عليكم؟ فقلنا: وما سيماء الشيعة؟

  24


15

صفات الشيعة

 فقال عليه السلام: صفر الوجوه من صلاه اللّيل، عمش العيون من مخافة الله، ذبل الشفاه من الصيام، عليهم غبرة الخاشعين".

34-أبي رحمه الله، قال: حدّثني سعد بن عبد الله-رفعه-، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت جعلت فداك صف لي شيعتك، قال عليه السلام: "شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يطرح كَلّه غيره، ولا يسأل غير إخوانه، ولو مات جوعاً، شيعتنا من لا يهرّ هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب، شيعتنا الخفيفة عيشهم، المنتقلة ديارهم، شيعتنا الذين في أموالهم حقّ معلوم، ويتوانسون، وعند الموت لا يجزعون، وفي قبورهم يتزاورون، قال: قلت: جعلت فداك فأين أطلبهم؟ قال: في أطراف الأرض وبين الأسواق، كما قال الله عزّ وجلّ في كتابه: ?أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ?".

35-حدّثني محمّد بن الحسن، قال: حدّثنا علي بن حسان الواسطي، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليه السلام قال: قام رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يقال له همّام - وكان عابداً- فقال له: يا أمير المؤمنين صِف لي المتّقين حتى كأنّي أنظر إليهم، فتثاقل أمير المؤمنين صلوات الله عليه في جوابه ثمّ قال عليه السلام: "ويحك يا همّام اتّق وأحسن، فإنّ الله مع الّذين اتّقوا والذين هم محسنون".

  25


16

صفات الشيعة

فقال همام: يا أمير المؤمنين أسألك بالذي أكرمك وبما خصّك به، وحباك، وفضّلك بما أنالك، وأعطاك، لما وصفتهم لي، فقام أمير المؤمنين صلوات الله عليه قائماً على قدميه فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ وآله وسلّم، ثم قال عليه السلام:"أمّا بعد فإنّ الله عزّ وجلّ خلق الخلق حيث خلقهم، غنيّاً عن طاعتهم، آمناً من معصيتهم، لأنّه لا تضرّه معصية من عصاه منهم، ولا تنفعه طاعة من أطاعه، وقسم بينهم معائشهم، ووضعهم من الدنيا مواضعهم، وإنّما أهبط الله آدم وحوّاء من الجنّة عقوبة لما صنعا حيث نهاهما فخالفاه، وأمرهما فعصياه.

فالمتّقون فيها أهل الفضائل، منطقهم الصواب، وملبَسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، خضعوا لله بالطاعة فبهتوا غاضّين أبصارهم عمّا حرّم الله عليهم، واقفين أسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء، كالذي نزلت بهم في الرخاء، رضاً منهم عن الله بالقضاء، ولولا الآجل الّذي كتب الله عليهم لم تستقرّ أرواحهم في أجسادهم طرفة عين، شوقاً إلى الثواب، وخوفاً من العقاب.

عظم الخالق في أنفسهم، وصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنّة كمن قد رآها فهم فيها منعّمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة،


  26


17

صفات الشيعة

وأجسادهم نحيفة، وحوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، ومؤنتهم من عظيمة.

صبروا أياماً قليلة قصاراً أعقبتهم راحة طويلة، بتجارة مربحة، يسّرها لهم ربّ كريم، أرادتهم الدنيا ولم يُريدوها، وطلبتهم فأعجزوها.
أمّا اللّيل فصافّون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن يرتّلونه ترتيلاً، يحزنون به أنفسهم، ويستبشرون به وتهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم، ووجع كلوم جوانحهم، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها بمسامع قلوبهم وأبصارهم، فاقشعرّت منها جلودهم، ووجلت منها قلوبهم، وظنّوا أنّ صهيل جهنّم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم، وإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً، وتطلّعت أنفسهم إليها شوقاً، فظنّوا أنّها نصب أعينهم، جاثين على أوساطهم يمجّدون جباراً عظيماً، مفترشين جباههم وأكفّهم وأطراف أقدامهم وركبهم، تجرى دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم.

وأمّا النهار فحلماء علماء، بررة أتقياء، قد براهم الخوف (بري القداح - خ ل) فهم أمثال القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، أو يقول قد خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم، إذا فكّروا في عظمة الله وشدّة سلطانه مع ما يخالطهم من


  27


18

صفات الشيعة

ذكر الموت وأهوال القيامة، فزَّع ذلك قلوبهم وجاشت حلومهم، وذهلت قلوبهم (عقولهم - خ ل)، وإذا استفاقوا بادروا إلى الله بالأعمال الزكية.

لا يرضون لله أعمالهم بالقليل، ولا يستكثرون له الجزيل، فهم لأنفسهم متّهمون، ومن أعمالهم مشفقون، إن زكّي أحدهم خاف ممّا يقولون، وقال انا أعلم بنفسي من غيري، وربّي أعلم بنفسي منّي، اللّهمّ لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيراً ممّا يظنّون، واغفر لي ما لا يعلمون، فإنّك علاّم الغيوب، وستّار العيوب.

ومن علامة أحدهم أنّك ترى له قوّة في دين، وحزماً في لين، وإيماناً في يقين، وحرصاً على العلم، وكيساً في رفق، وشفقة في نفقة، وقصداً في غناء، وخشوعاً في عبادة، وتجمّلاً في فاقة، وصبراً في شدّة، ورحمة للجهود، واعطاء في حق، ورفقاً في كسب، وطلباً للحلال، ونشاطاً في الهدى، وتحرّجاً عن الطمع، وبرّا في استقامة، وإغماضاً عند شهوة.

لا يغرّه ثناء من جهله، ولا يدع احصاء ما قد عمله، مستبطئاً لنفسه في العمل، يعمل الأعمال الصالحة، وهو على وجل، يمسى وهمّه الشكر، ويصبح وشغله الذكر، يبيت حذراً، ويصبح فرحاً، حذراً لما حذر من الغفلة، وفرحاً لما أصاب من الفضل والرحمة،


  28


19

صفات الشيعة

 إن استصعب عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما إليه ضرّه، وفرحه فيما يخلد ويطول، وقرّة عينه فيما لا يزول، ورغبته فيما يبقى، وزهادته فيما يفنى.

يمزج الحلم بالعلم، ويمزج العلم بالعقل، تراه بعيداً كسله، دائماً نشاطه قريباً أمله، قليلاً زلله، متوقّعاً أجله، خاشعاً قلبه، ذاكراً ربه، خائفاً ذنبه، قانعاً نفسه، متغيّباً جهله، سهلاً أمره، حريزاً دينه، ميّتة شهوته، كاظماً غيظه، صافياً خلقه، آمناً منه جاره، ضعيفاً كبره، ميّتاً ضرّه، كثيراً ذكره، محكماً أمره.

لا يحدث بما يؤتمن عليه الأصدقاء، ولا يكتم شهادته للأعداء، ولا يعمل شيئاً من الحق رياءاً، ولا يتركه حياءاً، الخير منه مأمول، والشرّ منه مأمون، إن كان في الغافلين كتب من الذاكرين، وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين.

يعفو عمّن ظلمه، ويعطى من حرمه، ويصل من قطعه، لا يعزب حلمه، ولا يعجل فما يريبه، ويصفح عمّا قد تبين بعيد (بعد خ ل) جهله، ليّناً قوله، غائباً مكره (منكره خ ل)، قريباً معروفه، صادقاً قوله، حسناً فعله، مقبلاً خيره، مدبراً شرّه، فهو في الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض ولا يأثم على من لا يحب، لا يدّعي ما ليس له، ولا يجحد حقاً هو عليه، يعترف بالحق أن يشهد عليه، ولا


  29


20

صفات الشيعة

 يضيع ما استحفظ (لا ينسى ما ذكره خ) ولا ينابز بالألقاب، ولا يبغي على حد، ولا يهمّ بالحسد، ولا يضرّ بالجار، ولا يشمت بالمصائب، سريع إلى الصلوات، مؤدّ للأمانات، بطيء عن المنكرات، يأمر بالمعروف، وينهى المنكر، لا يدخل في الأمور بجهل، ولا يخرج من الحقّ بعجز.

إن صمت لم يغمّه صمته، وإن نطق لم يقل خطأ، وان ضحك لم يعد صوته سمعه، قانعاً بالذي قدّر له، ولا يجمع به الغيظ، ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشحّ، ولا يطمع فيما ليس له، يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ينصت ليعجب به، ولا يتكلّم ليفخر على من سواه، ان بُغي عليه صبر، حتى يكون الله هو الذي ينتقم له.

نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من شرّه، بعد من تباعد عنه بغض ونزاهة، ودنو من دنا منه لين ورحمة، فليس تباعده بكبر ولا عظمة، ولا دنوّه بخديعة ولا خلابة، بل يقتدى بمن كان قبله من أهل الخير، وهو إمام لمن خلقه أهل البرّ.

(قال): فصعق همّام صعقة كانت نفسه فيها، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما والله لقد كنت أخافها عليه، وأمر به فجُهّز وصلّى عليه، وقال: هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها.

  30


21

صفات الشيعة

 فقال قائل: فما بالك أنت يا أمير المؤمنين؟! قال عليه السلام: "ويلك إنّ لكلًّ أجلاً لن يعدوه، وسبباً لا يجاوزه، فمهلاً لا تعد فانّما نفث لسانك الشيطان".

36-أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن صفوان بن مهران، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: "إنّما المؤمن الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حقّ، والذي إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل، والذي إذا قدر لم يأخذ أكثر من ماله".

37-أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن علي بن عبد العزيز، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: "يا علي بن عبد العزيز لا يغرنّك بكاؤهم فإن التقوى في القلب".

38- حدّثنا محمّد بن موسى المتوكّل رحمه الله، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "أوصيكم عباد الله بتقوى الله ولا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلّوا، إنّ الله عزّ وجل يقول في كتابه: ﴿قُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ ثم قال:عودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، واشهدوا ولهم عليهم، وصلّوا معهم في مساجدهم، واقضوا حقوقهم، (ثمّ قال): أي شيء أشدّ على قوم يزعمون أنّهم يأتمون بقوم ويأخذون بقولهم، فيأمرونهم وينهونهم، ولا يقبلون منهم، ويذيعون حديثهم عند عدوّهم، فيأتي عدوّهم إلينا فيقولون لنا أنّ قوماً يقولون ويروون كذا وكذا فنقول

  31


22

صفات الشيعة

 نحن نتبرّأ ممن يقول هذا فتقع عليهم البراءة".

39-حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، عن أبي الخطّاب عن عبد الله بن زياد، قال: سلّمنا على أبي عبد الله عليه السلام بمنى، ثمّ قلت: يا بن رسول الله إنّا قوم مجتازون لسنا نطيق هذا المجلس منك كلّما أردناه، فأوصِنا قال عليه السلام: "عليكم بتقوى الله وصدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الصحبة لمن صحبكم وافشاء السلام واطعام الطعام صلّوا في مساجدهم وعودوا مرضاهم واتبعوا جنائزهم فإنّ أبي حدّثني أن شيعتنا أهل البيت كانوا خيار من كانوا منهم، إن كان فقيه كان، منهم وإن كان مؤذّن كان منهم، وإن كان امام كان منهم، وإن كان صاحب أمانة منهم، وإن كان صاحب وديعة كان منهم، وكذلك كونوا، حبّبونا إلى الناس، ولا تُبغضونا إليهم".

40- أبي رحمه الله، قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:" كان علي بن الحسين عليه السلام قاعداً في بيته إذ قرع قوم عليهم الباب: "يا جاريه انظري من بالباب؟ فقالوا: قوم من شيعتك، فوثب عجلان كاد ان يقع فلمّا فتح الباب ونظر إليهم رجع وقال: كذبوا فأين السمت في الوجوه أين أثر العبادة، أين سيماء السجود إنّما شيعتنا يعرفون بعبادتهم وشعثهم،

  32


23

صفات الشيعة

قد قرحت العبادة منهم الآناف، ودثرت الجباه والمساجد، خمص البطون، ذبل الشفاه، قد هجبت العبادة وجوههم، وأخلق سهر الليالي وقطع الهواجر جثثهم، المسبّحون إذا سكت الناس، والمصلون إذا نام الناس، والمحزونون إذا فرح الناس، يعرفون بالزهد، كلامهم الرحمة، وتشاغلهم بالجنّة".

41-علي بن أحمد بن عبد الله، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه عن عمرو بن شمر، عن عبد الله قال: قال الصادق عليه السلام: "`".

42- أبي رحمه الله، قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق عليه السلام أنّه قيل له: ما بال المؤمن أحدّ شيء، قال عليه السلام:لأنّ عزّ القرآن في قلبه، ومحض الإيمان في قلبه، وهو يعبد الله عزّ وجلّ، مطيع لله، ولرسوله صلى الله عليه وآله مصدق (قيل) فما بال المؤمن قد يكون أشحّ شيء؟ (قال): لأنّه يكسب الرزق من حلّه ومطلب الحلال عزيز فلا يحبّ أن يفارقه لشدّة ما يعلم من عسر مطلبه وإن سخت نفسه لم يضعه إلاّ في موضعه (قيل) ما علامات المؤمن؟ (قال) عليه السلام: أربعة: نومه كنوم الغرقى، وأكله كأكل المرضى، وبكاؤه كبكاء الثكلى،

  33


24

صفات الشيعة

 وقعوده كقعود المواثب (قيل له) فما بال المؤمن قد يكون انكح شيء؟ قال عليه السلام: لحفظه فرجه عن فروج ما لا يحلّ له ولكي تميل به شهوته هكذا ولا هكذا، وإذا ظفر بالحلال اكتفى به واستغنى به عن غيره وقال صلوات الله عليه: إنّ في المؤمن ثلاث خصال لم تجتمع إلاَّ فيه، علمه بالله عزّ وجلّ، وعلمه بمن يحبّ، وعلمه بمن يبغض (وقال عليه السلام): إنّ قوة المؤمن في قلبه، ألا ترون أنّكم تجدونه ضعيف البدن نحيف الجسم، وهو يقوم الليل ويصوم النهار، وقال عليه السلام: المؤمن في دينه أشدّ من الجبال الراسية وذلك لأنّ الجبل قد ينحت والمؤمن لا يقدر أحد أن ينحت من دينه شيئاً وذلك لضنّه بدينه وشحّه عليه.

43- وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: "ألا أنبّئكم لِمَ سمّي المؤمن مؤمناً لائتمان الناس إيّاه على أنفسهم وأموالهم، ألا أنبّئكم من المسلم، المسلم من سلم الناس من يده ولسانه، ألا أنبّئكم بالمهاجر، من هجر السيّئات وما حرّم عزّ وجلّ".


44-وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من ساءته سيّئة وسرّته حسنة فهو مؤمن".

45-أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن حباب الواسطي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذلّه".

  34


25

صفات الشيعة

46-وبهذا الاسناد، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: "البرص شبه اللّعنة لا يكون فينا ولا في ذرّيتنا ولا في شيعتنا".

47-وبهذا الاسناد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن حصين بن عمر، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: "إنّ المؤمن أشدّ زبر الحديد إنّ الحديد إذا أُدخل النار تغيّر وإنّ المؤمن لو قتل ثمّ نشر ثمّ قتل لم يتغيّر قلبه".

48-حدّثنا الحسن بن أحمد رحمه الله، عن المفضّل، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: "إنّ الله تبارك وتعالى خلق المؤمنين من أصل واحد لا يدخل فيهم داخل ولا يخرج منهم خارج، مثلهم والله مثل الرأس في الجسد ومثل الأصابع في الكف، فمن رأيتم يخالف ذلك فاشهدوا عليه بتاتاً إنّه منافق".

49-حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رحمه الله، عن محمّد بن سليمان الديلمي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "الشتاء ربيع المؤمن، يطول فيه ليله فيستعين به على قيامه".

50-وبهذا الاسناد، عن محمّد بن أحمد عن معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: "إنّ الله لم يؤمن المؤمن من بلايا الدنيا ولكن آمنه من العمى في الآخرة ومن الشقاء يعنى عمى البصر".

  35


26

صفات الشيعة

51-وبهذا الاسناد، عن محمّد بن أحمد، عن سعيد بن غزوان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: "المؤمن لا يكون محارفاً (مجازفاً خ ل) ".

52- وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمّد، عن الصالح بن هيثم (ميثم ظ)، عن أبى عبد الله عليه السلام، قال: "ثلاث من كنّ فيه استكمل خصال الإيمان، من صبر على الظلم فكظم غيظه واحتسب وعفا كان ممّن يدخله الله الجنّة ويشفع في مثل ربيعه ومضر".

53-وبهذا الاسناد عن محمّد بن أحمد، عن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "لن تكونوا مؤمنين حتى تكونوا مؤتمنين وحتى تعدّوا نغمة الرخاء مصيبة وذلك إن الصبر على البلاء أفضل من العافية عند الرخاء".

54-وبهذا الاسناد، عن محمّد بن أحمد، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صف لي المؤمن قال عليه السلام: "قوّة في دين، وحزم في لين، وإيمان في يقين، وحرص في فقه، ونشاط في هدى، وبرّ في استقامة، وعلم حلم وشكر في رفق، وسخاء في حق، وقصد في غنى، وتجمل في فاقه، وعفو في قدرة وطاعة في نصيحة، وورع في رغبة، وحرص في جهاد، وصلاة في شغل، وصبر في شدّة.

وفي الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور،

  36


27

صفات الشيعة

ولا يغتاب ولا يتكبّر، ولا يقسع الرحم، وليس بواهن، ولا فظّ ولا غليظ، ولا يسبقه بطره، ولا تفضحه بطنه، ولا يغلبه فرجه، ولا يحسد الناس، ولا يقتر ولا يبذر، ولا يسرف، ينصر المظلوم، ويرحم المساكين.

نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، لا يرغب في الدنيا ولا يفزع من مهائل الناس، للناس همٌّ قد أقبلوا عليه، وله همٌّ قد شغله، لا يُرى في حلمه نقص، ولا في رأيه وهن، ولا في دينه ضياع، يرشد من استشاره، ويساعد من ساعده، ويكيع عن الباطل والخنا والجهل، فهذه صفة المؤمن".


55-وبهذا الاسناد، عن محمّد بن أحمد، عن أبي العلاء، عن أبي عبد عليه السلام قال: "إنّ المؤمن من يخافه كلّ شيء، وذلك أنّه عزيز في دين الله، ولا يخاف من شيء، وهو علامة كلّ مؤمن".

56-وبهذا الاسناد، عن محمّد بن أحمد، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: "إنّ المؤمن يخشع له كلّ شيء (ثمّ قال عليه السلام): "إذا كان مخلصاً، أخاف الله منه كلّ شيء حتى هو أمّ الأرض وسباعها وطير السماء".

57-أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثنا أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّ سُئل عن أهل السماء هل يرون أهل

  37


28

صفات الشيعة

 الأرض قال عليه السلام: "لا يرون إلاّ المؤمنين لأنّ المؤمن من نور كنور الكواكب (قيل) فهم يرون أهل الأرض قال عليه السلام: لا يرون نوره حيث ما توجه (ثمّ قال عليه السلام): لكلّ مؤمن خمس ساعات القيامة يشفع فيها".

58-أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن الحارثي، عن زياد القندي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "كفى المؤمن من الله نصرةً أن يرى عدوّه يعمل بمعاصي الله".

59-أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن الحارثي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "لا يؤمن رجل فيه الشحّ والحسد والجبن، ولا يكون المؤمن جباناً ولا شحيحاً ولا حريصاً".

60-حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: "المؤمن أصدق على نفسه من سبعين مؤمناً عليه".

61-أبي رحمه الله، عن محمّد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد، عن الحارث بن الدلهاث مولى الرضا عليه السلام قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: "لا يكون المؤمن مؤمناً حتى تكون فيه ثلاث خصال سُنّة من ربّه، وسنّة من رسول نبيّه، وسنّه من وليّه،

  38


29

صفات الشيعة

فالسنّة من ربّه كتمان سرّه، قال عزّ وجلّ ?عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ? وأمّا السُّنَّة من نبيّه فمداراة الناس، فإنّ الله عزّ وجل أمر نبيّه بمداراة الناس فقال: ?خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ? وأمّا السُّنَّة من وليّه فالصبر على البأساء والضّراء فإنّ عزّ وجلّ يقول: ?وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء?".

62- أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن علي الناسخ، عن عبد الله بن موسى بن جعفر عليه السلام، قال: سألته عن الملكين يعلمان الذنب، إذا أراد العبد أن يفعله أو بالحسنة قال: فقال عليه السلام: "أفريحٌ الكنيفِ والطّيب عندك واحدة؟ قال: قلت: لا، قال عليه السلام: "العبد إذا همّ بالحسنة خرج نَفَسه طيّب الريح، فقال: صاحب اليمين لصاحب الشمال قف فانّه قد همّ بالحسنة فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه، وريقه مداده، فيثبتها له، وإذا همّ بالسيئة, خرج نَفَسه منتنُ الريح فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين قف فإنه قد همَّ بالسيئة فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه، وريقه مداده فيثبتها عليه".

63-حدّثني محمّد بن صالح، عن أبي العباس الدينوري،

  39


30

صفات الشيعة

عن محمّد ابن الحنفية قال: لما قدم أمير المؤمنين عليه السلام البصرة بعد قتال أهل الجمل دعاه الأحنف. قيس واتخذ له طعاما فبعث إليه صلوات الله عليه والى أصحابه فأقبل ثم قال: "يا أحنف ادع لي أصحابي"، فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم شنان بوالي، فقال الأحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين ما هذا الذي نزل بهم، أمن قلّة الطعام، أو من هول الحرب؟

فقال صلوات الله عليه: لا يا أحنف إن الله سبحانه أحب أقواماً تنسَكوا له في دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم من يوم القيامة، من قبل أن يشاهدوها، فحملوا أنفسهم على مجهودها وكانوا إذا ذكروا صباح يوم العرض على الله سبحانه توهّموا خروج عنق يخرج من النار يحشر الخلائق إلى ربهم تبارك وتعالى وكتاب يبدو فيه على رؤوس الاشهاد فضايح ذنوبهم، فكادت أنفسهم تسيل سيلانا أو تطير قلوبهم بأجنحة الخوف طيراناَ، وتفارقهم عقولهم إذا غلت بهم مراجل المجرّد إلى الله سبحانه غلياناً.

فكانوا يحنّون حنين الواله في دجى الظلم, وكانوا يفجعون من خوف ما أوقفوا عليه أنفسهم، فمضوا ذبل الأجسام, حزينة قلوبهم, كالحة وجوههم، ذابلة شفاههم, خامصة بطونهم, تراهم سكارى سُمّار وحشة الليل، متخشعون كأنّهم شنان بوالي، قد أخلصوا لله أعمالهم سراً وعلانية، فلم تأمن من فزعه قلوبهم، بل


  40


31

صفات الشيعة

كانوا كمن حرسوا قباب خراجهم فلو رأيتهم في ليلتهم، وقد نامت العيون، وهدأت الأصوات، وسكنت الحركات، من الطير في الوكور وقد نهنههم هول يوم القيامة والوعيد كما قال سبحانه: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ﴾ فاستيقظوا إليها فزعين، وقاموا إلى صلاتهم معولين, باكين تارة وأخرى مسبّحين يبكون في محاريبهم، ويرنّون، يصطفّون ليلة مظلمة بهماء يبكون.

فلو رأيتهم يا أحنف في ليلتهم قياماً على أطرافهم منحنية ظهورهم، يتلون أجزاء القرآن لصلاتهم، قد اشتدت أعوالهم ونحيبهم وزفيرهم, إذا زفروا خلت النار قد اخذت منهم إلى حلاقيمهم، وإذا أعولوا حسبت السلاسل قد صفّدت في أعناقهم, فلو رأيتهم في نهارهم إذاً لرأيت قوما يمشون على الأرض هوناً، ويقولون للناس حسناً ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ قد قيَدوا اقدامهم من التهمات, وأبكمواألسنتهم ان يتكلّموا في أعراض الناس, وسجموا اسماعهم أن يلجّها خوض خائض، وكحلوا أبصارهم بغضّ البصر عن المعاصي وانتحوا دار السلام من دخلها كان آمناً من الريب والأحزان.

فلعلك يا أحنف شغلك نظرك في وجه واحدة تبدي الأسقام

  41


32

صفات الشيعة

 بغاضرة وجهها, ودار قد أشغلت بنقش رواقها وستور قد علقتها، والريح والآجام موكلة بثمرها, وليست دارك هذه دار البقاء فأحمتك الدار التي خلقها الله سبحانه من لؤلؤة بيضاء، فشقق فيها أنهارها، وغرس فيها أشجار ها، وظلل عليها بالنضج من ثمارها وكبسها بالعواتق من حورها ثم أسكنها أولياءه وأهل طاعته.

فلو رأيتهم يا أحنف وقد قدموا على زيادات ربهم سبحانه، فإذا ضربت جنائبهم، صوتت رواحلهم بأصوات لم يسمع السامعون بأحسن منها, وأظلتهم غمامة فأمطرت عليهم المسك والرادن، وصهلت خيولها بين أغراس تلك الجنان, وتخللت بهم نوقهم بين كثب الزعفران، ويتطأ من تحت اقدامهم اللؤلؤ والمرجان, واستقبلتهم قهارمتها بمنابر الريحان، وهاجت لهم ريح من قبل العرش فنثرت عليهم الياسمين والأقحوان, وذهبوا إلى بابها فيفتح لهم الباب رضوان, ثم سجدوا لله في فناء الجنان, فقال لهم الجبار: ارفعوا رؤوسكم فاني قد رفعت عنكم مؤنة العبادة وأسكنتكم جنة الرضوان.

فان فاتك يا أحنف ما ذكرت لك في صدر كلامي لتتركنّ في سرابيل القطران، ولتطوفن بينها وبين حميم آن, ولتسقين شراباً حارّ الغليان، في انضاجه، فكم يومئذ في النار من صلب محطوم،


  42


33

صفات الشيعة

 ووجه مهشوم, ومشوه مضروب على الخرطوم، قد اكلت الجامعة كفه, والتحم الطوق بعنقه.

"فلو رأيتهم يا أحنف ينحدرون في أوديتها ويصعدون جبالها, وقد أُلبسوا المقطّعات من القطران, وأُقرنوا مع فجّارها وشياطينها، فإذا استغاثوا بأسوأ أخذ من حريق شدّت عليهم عقاربها وحيّاتها، ولو رأيت منادياً ينادي وهو يقول: يا أهل الجنّة ونعيمها ويا أهل حليّها وحللها، خلّدوا فلا موت، فعندها ينقطع رجاؤهم وتنغلق الأبواب، وتنقطع بهم الأسباب، فكم يومئذٍ من شيخ ينادي: وا شيبتاه! وكم من شباب ينادي وا شباباه, وكم من امرأة تنادى: وا فضيحتاه، هتكت عنهم الستور, فكم يومئذ من مغموس, بين أطباقها محبوس, يا لك غمسة ألبستك بعد لباس الكتّان, والماء المبرّد على الجدران, وأكل الطعام ألواناً بعد ألوان, لباساً لم يدع لك شعراً ناعماً كنت مطعمه بيّضه, ولا عينا كنت تبصر بها إلى حبيب الا فقأها, هذا ما أعدّ الله للمجرمين وذلك ما أعد الله للمتقين".


64-حدّثنا الحسن بن الوليد رحمه الله, قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار, قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن مسلم وغيره، عن أبي جعفر محمّد بن الباقر عليه السلام قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن خيار العباد, قال: "الذين

  43


34

صفات الشيعة

 أحسنوا استبشروا, وإذا أساؤا استغفروا, وإذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا, وإذا غضبوا غفروا".

65-حدّثنا محمّد بن القاسم الاستر آبادي رحمه الله، قال: حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد وعلي بن محمّد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لبعض أصحابه ذات يوم: "يا عبد الله حبب في الله, وأبغض في الله, ووالِ في الله وعاد في الله, فإنك لا تنال ولايته الا بذلك, ولا يجد رجل طعم الايمان وان كثرت صلاته وصيامه ـ حتى يكون كذلك وقد صارت مواخاة الناس في يومكم هذا أكثرها في الدنيا, عليها يتوادّون وعليها يتباغضون، وذلك لا يغنى عنهم من الله شيئا, فقال له عليه السلام: كيف لي أن أعلم أنّي قد واليت وعاديت في الله عز وجل، ومن ولى الله عز وجل حتى أو إليه، ومن عدوه أعاديه؟ فأشار له رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام فقال: أترى هذا؟ فقال: بلى، فقال صلى الله عليه وآله: وليّ هذا وليّ الله، فواله، وعدو هذا عدو الله, فعاده, ووال وليّ هذا ولو أنه قاتل أبيك وولدك، وعاد عدوّ هذا ولو أنّه أبوك وولدك".

66-حدّثنا الحسن بن أحمد بن إدريس رحمه الله، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير

  44


35

صفات الشيعة

 المؤمنين عليه السلام: إن لأهل الدين علامات يعرفن بها: صدق الحديث, وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد, وصلة الرحم, ورحمة الضعفاء, وقلة المؤاتاة للنساء, وبذل المعروف, وحسن الخلق، وسعة الخلق, واتباع العلم, وما يقرّب إلى الله عز وجل, طوبى لهم وحسن مآب.

وطوبى شجرة في الجنّة أصلها في دار النبي صلى الله عليه وآله، وليس مؤمن الا وفي داره غصن منها، لا يخطر على قلبه شهوة شيء إلّا أتاه ذلك الغصن به، ولو أن راكباَ مجدّاً سار في ظلها مائة عام لم يخرج منها, ولو صار في أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرماً، ألا في هذا فارغبوا.

إن المؤمن نفسه منه في شغل والناس منه في راحة، إذا جنّه الليل افترش وجهه، وسجد لله عزّ وجلّ بمكارم بدنه, يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته، ألا هكذا فكونوا.


67-حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إن الله تبارك وتعالى خص رسول الله صلى الله عليه وآله بمكارم الأخلاق، فامتحنوا أنفسكم، فان كانت فيكم فاحمدوا الله عزّ وجلّ وارغبوا إليه في الزيادة منها, فذكرها عشرة: اليقين, والقناعة، والصبر،

  45


36

صفات الشيعة

والشكر, والحلم, وحسن الخلق, والسخاء, والغيرة والشجاعة, والمروة".

68-حدّثنا علي بن أحمد بن عمران رضي الله عنه، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى، قال: دخلت على سيدي علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق عليه السلام فلما أبصرني قال لي: "مرحبا بك يا أبا القاسم أنت ولينا حقّاً" قال:فقلت: يا بن رسول الله إنّى أُريد ان اعرض عليك ديني فإن كان مرضيّاً أثبت عليه حتى ألقي الله عز وجل.

فقال: هات يا أبا القاسم, فقلت: إني أقول: إن الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله خارج من الحدّين حدّ التعطيل وحدّ الابطال وحد التشبيه, وإنّه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر, بل هو مجسّم الأجسام، ومصوّر الصور, وخالق الاعراض والجواهر, وربّ كلّ شئ, ومالكه وجاعله ومحدثه, وانه حكيم لا يفعل القبيح ولا يخلّ بالواجب, وأنّ محمّداً عبده ورسوله خاتم النبيين، فلا نبي بعده إلى يوم القيامة، وانّ شريعته خاتمة الشرائع، لا شريعة بعدها إلى يوم القيامة
.

وأقول: إن الامام والخليفة ووالى الامر بعده أمير المؤمنين علي بن طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ علي بن الحسين، ثمّ محمّد بن علي، ثمّ جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن

  46


37

صفات الشيعة

 جعفر، ثمّ علي بن موسى، ثمّ محمّد بن علي، ثمّ أنت يا مولاي فقال عليه السلام: ومن بعدى, الحسن ابني وكيف الناس بالخلف من بعده؟

قال: فقلت: وكيف ذلك يا مولاي؟ قال عليه السلام: لأنه لا يرى شخصه، ويحل ذكره باسمه، حتى بخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً، قال: فقلت: أقررت.

وأقول: إنّ وليّهم وليّ الله وعدوهم عدو الله، وطاعتهم طاعة الله, ومعصيتهم معصية الله، وأقول: إنّ المعراج حقّ، والمساءلة في القبر حقّ، وأن الجنّة حقّ, والنار حقّ, والصراط حقّ والميزان حقّ وإنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وإن الله يبعث من في القبور.

وأقول: إن الفرائض الواجبة بعد الولاية، الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، وحقوق الوالدين.

فقلت: هذا ديني، ومذهبي، وعقيدتي، ويقيني، قد أخبرتك به, فقال علي بن محمّد عليه السلام: "يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده فأثبت عليه ثبّتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة".

69-حدّثنا أحمد بن الحسن القطان رحمه الله، قال:حدّثنا محمّد بن عمارة، عن أبيه قال: قال: الصادق جعفر بن

  47


38

صفات الشيعة

محمّد عليه السلام: "ليس من شيعتنا من أنكر أربعة أشياء: المعراج، والمساءلة في القبر، وخلق الجنّة والنار، والشفاعة".

70-حدّثنا محمّد بن إسحاق الطالقاني رحمه الله، قال: حدّثنا علي بن الحسن بن علي فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال: "من كذب بالمعراج فقد كذب رسول الله صلى الله عليه وآله".

71-حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطار النيسابوري رضي الله عنه, قال: حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، قال: قال على موسى الرضا عليه السلام: "من أقر بتوحيد الله، ونفى التشبيه عنه، ونزّهه عمّا لا يليق به, وأقر بأن له الحول، والقوة، والإرادة، والمشيئة، والخلق، والأمر، والقضاء والقدر، وأنّ أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين, وشهد أنّ محمّدا رسول الله صلى الله عليه وآله وأنّ عليا والأئمة بعده حجج الله، ووالى أولياءهم وعادى أعداءهم، واجتنب الكبائر, وأقر بالرجعة، والمتعتين، وآمن بالمعراج، والمساءلة في القبر، والحوض، والشفاعة، وخلق الجنّة والنار، والصراط والميزان، والبعث والنشور، والجزاء والحساب، فهو مؤمن حقّاً, وهو من شيعتنا أهل البيت".

والحمد لله رب العالمين

  48


39

مصادقة الاخوان

بسم الله الرحمن الرحيم

"وبه ثقتي"

أصناف الاخوان

1- حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي جعفر الثاني عليه السلام؛ قال: قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجل بالبصرة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الاخوان، فقال: "الاخوان صنفان إخوان الثّقة، و إخوان المكاشَرَةِ".

فأمَّا إخوان الثقةِ فهم كالكفّ و الجناح و الأهل و المال، و إذا كُنتَ من أخيك على ثِقةٍ فابذل لهُ مالك ويَدَك وصافِ مَن صافاهُ، وعاد مَن عاداهُ واكتم سرّهُ وأعِنهُ وأظهر منهُ الحسن؛ واعلم أيّها السائل أنّهم أقلُّ من الكبريت الأحمر.

و أمّا إخوان المكاشَرَةِ فإنّك تصيبُ منهم لذّتك ولا تقطعنّ ذلك

 51


40

مصادقة الاخوان

 منهم، ولا تطلبنّ ما وراءَ ذلك من ضميرهم؛ وابذل ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان.

حدود الآخرة
1-عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الصداقة محدودة، فمن لم يكن فيه تلك الحدود فلا تنسبه إلى كمالٍ (أولها): أن يكون سريرته وعلانيته واحدةً. (والثانية): أن يريك زينك زينه و شينك شينه. (والثالثة): لا يغيّره مالٌ ولا ولدٌ. (والرابعة): أن لا يمسك شيئاً ممّا تصل إليه مقدرته. (والخامسة) لا يسلمك عن النّكبات.

الشفقة على الاخوان
1- قال أبو عبد الله عليه السلام: إن لله في خلقه نيّة، وأحبّها إليه أصلبها، وأرقّها على اخوانه، وأصفاها من الذّنوب.

اتخاذ الاخوان
1-عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يدخل الجنّة رجل ليس لهُ فرطٌ؛ قيل: يا رسول الله و لكلّنا فرط؟! قال: نعم، إنّ من فرط الرجل أخاه في الله.

اجتماع الإخوان في محادثتهم
1-عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: تجلسون وتحدّثون؟ قال: قلت: نعم، جُعلت فداك، قال: تلك المجالس أحبها،

 52


41

مصادقة الاخوان

 فأحيوا أمرنا يا فضيل، فرحم الله من أحيا أمرنا يا فضيل؛ من ذكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثلُ جناح الذباب غفر الله ذنوبه و لو كانت أكثر من زبد البحر.

2- علي بن إبراهيم عن أبيه، عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن مسكان، عن ميسر عن أبي جعفر (الثاني) عليه السلام قال لي: أتخلون و تحدّثون و تقولون ما شئتم؟ فقلت إي و الله لَنخلو ونتحدّث ونقول ما شئنا؛ فقال: أما والله لوددت أنّي معكم في بعض تلك المواطن؛ أما و الله إنّي لأُحب ريحكم و أرواحكم، و إنّكم على دين الله و دين ملائكته، فأعينونا بورع و اجتهاد.

3 - وعن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: رحم الله عبداً أحيا ذكرنا، قلت ما إحياء ذكركم؟ قال: التّلاقي والتّذاكر عند أهل الثبات.

4- علي بن إبراهيم عن النوفلي عن السّكوني عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السلام أن علياً عليه السلام كان يقول: إنّ لقي الإخوان مغنمٌ جسيم.

5- عن فضيل بن يسار قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام أتتجالسون؟ قلت: نعم؛ قال: واهاً لتلك المجالس.

6- عن خيثمة، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام لأودّعه، وأنا أريد الشّخوص، فقال: أبلغ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم؛ و أوصهم أن يعود غنيّهم على فقيرهم، و قويّهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيّهم جنازة ميّتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم،

 53


42

مصادقة الاخوان

 فإن في لقاء بعضهم بعضا حياةً لأمرنا؛ ثم قال: رحم الله عبداً أحيا أمرنا، يا خيثمة، إنَّا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلّا بالعملِ، وإنّ أشدّ الناس حسرةً يوم القيامة رجلٌ وصف عدلاً ثم خالف إلى غيره.

7- عن السكوني عن أبي جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ثلاثةٌ راحة المؤمن: التهجّد آخر الليّل، و لقاء الاخوان، و الإفطار من الصيام.

8- عن شعيب العقرقوفي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام، يقول لأصحابه وأنا حاضر: اتقوا الله وكونوا إخواناً بررةً متحابّين في الله، متواصلين متراحمين، تزاوروا و تلاقوا وتذاكروا أمرنا وأحيوه.

مواساة الاخوان بعضهم لبعض
1-عن علي بن عقبة عن الوصافي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: يا أبا إسماعيل، أرأيت فيما قبلكم إذا كان الرجل ليس له رداءٌ و عند بعض إخوانه فضل رداءٍ يطرح عليه حتى يصيب رداءً؟ قال: قلت: لا؛ قال: فإذا كان ليس عنده إزار يوصل إليه بعض إخوانه بفضل إزار حتّى يصيب إزاراً؟ قلت: لا؛ فضرب بيده على فخذه ثم قال: ما هؤلاء بإخوة.

 54


43

مصادقة الاخوان

2- عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اختبر شيعتنا في خصلتين، فإن كانتا فيهم، و إلاَّ فاعزب ثم اعزب؛ قلت: ما هما؟ قال: المحافظة على الصلوات في مواقيتهن، و المواساة للإخوان و إن كان الشي‏ء قليلاً.

3- عن إسحاق بن عمّار، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فذكر مواساة الرجل لإخوانه، و ما يجب لهم عليه، فدخلني من ذلك أمرٌ عظيم عرف ذلك في وجهي، فقال: إنما ذلك إذا قام القائم، وجب عليهم أن يجهّزوا إخوانهم و أن يقوّوهم.

4- و عنه، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن خلاد السندي رفعه، قال: ابطأ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: ما أبطأ بك؟ فقال: العري يا رسول الله؟ فقال: أما كان لك جارٌ له ثوبان، فيعيرك أحدهما، فقال: بلى يا رسول الله، فقال: ما هذا لك بأخ.

5- و عنه عن أبيه إبراهيم عن محمّد بن أبي عمير، عن الفضل بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:انظروا ما أصبت فعد به على إخوانك؛ فإن الله يقول: ﴿إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ﴾.

قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة لا تطيقها هذه الأمة: المواساة للأخ في ماله، وإنصاف الناس من نفسه، وذكر الله تعالى على كلّ حالٍ، وليس هو سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلاَّ الله، و الله أكبر، فقط؛ و لكن إذا ورد على ما يحرم خاف الله.

 55


44

مصادقة الاخوان

6- عنه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: درهم أعطيه أخي المسلم أحبّ إليَّ من أن أتصدّق بمائة، وأكلة يأكلها أخي المسلم أحبّ إليَّ من عتق رقبةٍ.

7- عن أبي جعفر محمّد بن علي عليه السلام قال: اجتمعوا وتذاكروا، تحفّ بكم الملائكة، رحم الله من أحيا أمرنا.

حقوق الاخوان بعضهم على بعض
1- سعد بن عبد الله، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد بن زكريّا المؤمن، عن داود بن حفص، قال: كنّا عند أبي عبد الله عليه السلام إذا عطس فهبنا أن نشمّته، فقال: ألا شمتّم؟ إنّ من حقّ المؤمن على أخيه أربع خصالٍ: إذا عطس أن يشمّته، وإذا دعا أن يجيبه، وإذا مرض أن يعوده، وإذا توفي أن يشيع جنازته.

2- عن أبان بن تغلب، قال: كنت أطوف مع أبي عبد الله عليه السلام فعرض لي رجل من أصحابنا، قد سألني الذهاب معه في حاجة، فأشار إليّ أن أدع أبا عبد الله عليه السلام وأذهب إليه، فبينما أنا أطوف إذ أشار إليّ أيضاً، فرآه أبو عبد الله عليه السلام،فقال: يا أبان إياّك يريد هذا؟ قلت: نعم، قال: ومن هو؟ قلت: رجلٌ من أصحابنا، قال: هو مثل ما أنت عليه؟ قلت: نعم، قال: فاذهب إليه فاقطع الطّواف؛ قلت: وإن كان طواف الفريضة؟ قال: نعم، فذهبت معه، ثمّ دخلت عليه بعد، فسألته، قلت: فأخبرني عن

 56


45

مصادقة الاخوان

حق المؤمن على المؤمن، قال: يا أبان دعه لا تريده، قلت: جعلت فداك، فلم أزل أردّ عليه. قال: يا أبان تقاسمه شطر مالك، ثم نظر فرأى ما دخلني، قال: يا أبان أما تعلم أن الله قد ذكر المؤثرين على أنفسهم؟ قلت: بلى جعلت فداك، قال: إذا أنت قاسمته فلم تأثره بعد تؤثرهُ إذا أنت أعطيته من النّصف الآخر.

3- عن ابن أعين، قال: كتب بعض أصحابنا يسألون أبا عبد الله عليه السلام عن أشياء وأمرني أن أسأله عن حقّ المسلم على أخيه، فسألته، فلم يجبني، فلما جئت لأودّعه، قلت سألتكم فلم تجبني، قال: إني أخاف أن تكفروا إن من أشدّ ما افترض الله على خلقه ثلاث خصال: إنصاف المؤمن من نفسه حتى لا يرضى لأخيه من نفسه إلاَّ ما يرضى لنفسه، ومواساة الأخ في المال، وذكر الله على كل حال ليس سبحان الله، والحمد لله و لا إله إلاَّ الله، ولكن عند ما حرم الله عليه فيدعه.

4- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له ما حق المسلم على المسلم؟ قال: له سبع حقوق واجبات ما منها حق إلا هو واجب عليه حقاً، إن ضيع منها شيئا خرج من ولاء الله و طاعته ولم يكن لله فيه نصيب، قلت له: جعلت فداك وما هي؟ قال يا معلّى: إنّي عليك شفيق أخاف أن تضيع و لا تحفظه وتعلم و لا تعمل، قلت له: لا قوة إلا بالله.

 57


46

مصادقة الاخوان

 قال: أيسر حقّ منها أن تحبّ له ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك. والحقّ الثاني: تجتنب سخطه وتتبع رضاه وتطيع أمره. والحقّ الثالث: أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك. والحقّ الرابع: أن تكون عينه ودليله ومرآته وقميصه. والحقّ الخامس: لا تشبع ويجوع، ولا تروى و يظمأ، و لا تلبس ويعرى. والحقّ السادس: أن لا تكون لك امرأة و ليس لأخيك امرأة، ويكون لك خادم وليس لأخيك خادم، وأن تبعث خادمك فيغسّل ثيابه ويصنع طعامه ويمهّد فراشه. والحقّ السابع: أن تبر قسمه وتجيب دعوته، وتعود مريضه وتشهد جنازته وإذا علمت أن له حاجةً فبادره إلى قضائها لا تلجئه إلى أن يسألكها، ولكن بادره مبادرةً، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايتك.

5- ابن أبي عمير، عن مرازم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ما أقبح بالرّجل أن يعرف أخوه حقّه ولا يعرف حق أخيه.

الأخ مرآة أخيه
1-عن حفص بن غياث النّخعي، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: المؤمن مرآة أخيه يميط عنه الأذى.

إطعام الإخوان

1-عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليه السلام قال: قال

 58


47

مصادقة الاخوان

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أطعم مؤمناً من جوع، أطعمه الله من ثمار الجنّة، ومن سقاه من ظمأ، سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كساه ثوباً، لم يزل في ضمان الله ما دام على ذلك المؤمن من ذلك الثوب هدبة أو سلك؛ والله لقضاء حاجة المؤمن أفضل من صيام شهر واعتكافه.

2- عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن من أحب الأعمال إلى الله عز وجل إدخال السرور على المؤمن وإشباع جوعته وتنفيس كربته وقضاء دينه.

3- عن أبي جعفر عليه السلام قال: لأكلة أطعمها أخاً لي في الله عزّ وجلّ أحبّ إليَّ من أن أشبع عشرة مساكين، ولأن أعطي أخاً لي في الله عزّ وجلّ عشرة دراهم أحبّ إليّ من أن أعطي مائة درهم للمساكين.

4- وعن أبي حمزة، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ثلاثة من أفضل الأعمال: شبعة جوعة المسلم، وتنفيس كربته، وتكسو عورته.

5- و عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه الله من ثلاث جنان في ملكوت السماء و الفردوس و جنّة عدن غرسها ربّنا بيده.

 59


48

مصادقة الاخوان

6- عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لأن أطعم رجلاً من المسلمين أحبّ إليَّ من أن أُطعم أُفقاً من الناس، فقلت: وما الأفق؟ قال: مائة ألف أو يزيدون.

7- و عنه، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ذكر أصحابنا الإخوان فقلت: ما أتغدى ولا أتعشّى إلاَّ و معي اثنان أو ثلاثة أو أقل أو أكثر؛ فقال أبو عبد الله عليه السلام: فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم، فقلت: جعلت فداك، كيف وأنا أطعمهم طعامي وأنفق عليهم مالي، و يخدمهم خدمي وأهلي؟ قال: إنهم إذا دخلوا عليك دخلوا عليك برزق كثير، و إذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك.

تلقيم الاخوان
1-عن داود الرقي عن رئاب امرأته، قالت: اتخذت خبيصاً فأدخلته على أبي عبد الله عليه السلام وهو يأكل، فوضعت الخبيص بين يديه وكان يلقّم أصحابه، فسمعته يقول: من لقّم مؤمناً لقمة حلاوة صرف الله عنه مرارة يوم القيامة.

منفعة الإخوان
1-عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري، عن جعفر بن إبراهيم، عن جعفر بن محمّد عليه السلام قال: سمعته يقول: أكثروا من الأصدقاء في الدنيا، فإنهم ينفعون في الدنيا والآخرة؛ أما الدنيا فحوائج

 60


49

مصادقة الاخوان

 يقومون بها، وأما الآخرة فإنّ أهل جهنم قالوا ﴿فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيم﴾.

استفادة الإخوان
1-عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: استكثروا من الإخوانّ فإنّ لكل مؤمنٍ دعوة مستجابةً، وقال: استكثروا من الإخوان فإنّ لكلّ مؤمن شفاعةً؛ وقال: أكثروا من مؤاخاة المؤمنين فإنّ لهم عند الله يداً يكافيهم بها يوم القيامة.

2- محمّد بن يزيد قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: من استفاد أخاً في الله فقد استفاد بيتاً في الجنّة.

المؤمن أخو المؤمن
1-عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: المسلم لا يظلمه ولا يخذله.

2- و عنه، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئاً منه وجد ألم ذلك في سائر جسده وأرواحهما من روح واحدة، وأن روح المؤمن لأشدّ اتّصالاً بروح الله من اتّصال شعاع الشّمس بها، ودليله، لا يحزنه ولا يظلمه ولا يغتابه ولا يعده عدةً فيخلفه.

 61


50

مصادقة الاخوان

إفادة الإخوان بعضهم بعضاً
1-عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: المؤمنون خدم بعضهم لبعض، قلت: وكيف يكون خدماً بعضهم لبعض؟ قال: يفيد بعضهم بعضاً.. الحديث.

هجر الإخوان
1- عن داود بن كثير، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال أبي، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أيما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان إلاَّ كانا خارجين من الإسلام، ولم يكن بينهما ولاية فأيّهما سبق إلى كلام أخيه كان السابق إلى الجنّة يوم الحساب.

استيحاش الإخوان بعضهم من بعض
عن يونس بن عبد الرحمن، عن كليب بن معاوية، قال: سمعته يقول: ما ينبغي للمؤمن أن يستوحش إلى أخيه فمن دونه، المؤمن عزيزٌ في دينه.

محبة الإخوان
1-عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قد يكون حبّ في الله ورسوله، وحبّ في الدنيا، فما كان في الله ورسوله فثوابه على الله وما كان في الدنيا فليس بشي‏ء.

 62


51

مصادقة الاخوان

2- وقال أبو جعفر عليه السلام: لو أنّ رجلاً أحبّ رجلاً في الله لأثابه الله على حبّه، و إن كان المحبوب في علم الله من أهل النّار، ولو أنّ رجلاً أبغض رجلاً لله لأثابه على بغضه إيّاه وإن كان المبغض في علم الله من أهل الجنّة.

3- و عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إذا أردت أن تعلم أنّ فيك خيراً فانظر إلى قلبك، فإن كان يحبّ أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته ففيك خيرٌ و الله يحبك؛ و إن كان يبغض أهل طاعة الله ويحبّ أهل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك، و المرء مع من أحب.

4- عن عبد الله بن القسم الجعفري قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: حب الأبرار للأبرار ثواب للأبرار، وحبّ الأبرار للأبرار فضيلة للأبرار، وحبّ الفجّار للأبرار زين للأبرار، وبغض الأبرار للفجّار خزي للفجار.

5- عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال له: يا حمران إن لله عموداً من زبرجد أعلاه معقود بالعرش، وأسفله في تخوم الأرضين السابعة، عليه سبعون ألف قصر، على كل قصر سبعون ألف مقصورة، في كل مقصورة سبعون ألف حوراء، قد أعدّ الله ذلك للمتحابين في الله والمبغضين في الله.

 63


52

مصادقة الاخوان

ثواب التبسّم في وجوه الإخوان
1- قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: من خرج في حاجة و مسح وجهه بماء الورد لم يرهق وجهه قتر و لا ذلة، ومن شرب من سؤر أخيه المؤمن يريد بذلك التواضع أدخله الله الجنّة البتة، ومن تبسم في وجه أخيه المؤمن كتب الله له حسنة، و من كتب الله له حسنة لم يعذبه.

2- عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام قال: تبسم الرجل في وجه أخيه حسنة، و صرفه القذى عنه حسنة، و ما عبد الله بشي‏ء أحب إليه من إدخال السرور على المؤمن.

3- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أخذ عن وجه أخيه المؤمن قذاة كتب الله له عشر حسنات، ومن تبسم في وجه أخيه كانت له حسنة.

باب ثواب قضاء حوائج الإخوان
1-عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من ذهب مع أخيه في حاجة قضاها أو لم يقضها، كان كمن عبد الله.

2- عن المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: يا مفضل اسمع ما أقول لك، و اعلم أنّه الحقّ و اتّبعه، و أخبر به عليّة إخوانك، قلت: و ما عليه إخواني؟ قال: الراغبون في قضاء حوائج

 64


53

مصادقة الاخوان

إخوانهم، قال: ثم قال: ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة، قضى الله له يوم القيامة مائة ألف حاجة، من ذلك أوله الجنّة له، و من ذلك أن يدخل له قرابته و معارفه و إخوانه الجنّة بعد أن لا يكونوا نصاباً، فكان مفضّل إذا سأل الحاجة أخا من إخوانه، فقال له: أ ما تشتهي أن تكون من عليه الإخوان.


3 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قضاء حاجة المؤمن خير من عتق ألف رقبة و خير من حملان ألف فرس في سبيل الله.

4- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من قضى لمسلم حاجة كتب الله له عشر حسنات، و محا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وأظله الله في ظل يوم لا ظل إلا ظله.

5- عن جعفر بن محمّد عليه السلام، عن أبيه عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى: المؤمنون إخوة، يقضي بعضهم حوائج بعض، وأقضي حوائجهم يوم القيامة.

6- عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: يؤتى بعبدٍ يوم القيامة ليست له حسنة، فيقال له: اذكر تذكر، هل لك من حسنة؟ قال: فيذكر فيقول يا رب ما لي من حسنة إلا أن فلانا عبدك المؤمن مر بي فطلب ماءً يتوضأ به ليصلي فأعطيته، قال فيدعى بذلك العبد المؤمن فيذكر ذلك فيقول: نعم يا ربّ مررت به فطلبت منه فأعطاني

 65


54

مصادقة الاخوان

 فتوضّأت فصلّيت لك فيقول الربّ تبارك و تعالى: قد غفرت لك، أدخلوا عبدي الجنّة.
7- عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن لله عبادا يحكمهم في جنّته، قيل: يا رسول الله و من هؤلاء الذين يحكمهم الله في جنته؟ قال: من قضى لمؤمن حاجة بينه و بينه.

النهي عن سؤال الإخوان الحوائج

عن يونس رفعه قال: قال، أبو عبد الله عليه السلام: لا تسألوا إخوانكم الحوائج فيمنعوكم فتغضبون وتكفرون.

باب زيارة الإخوان
1-عن بكر بن محمّد الأزدي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما زار مسلم أخاه في الله عزّ و جلّ إلا ناداه الله عزّ و جلّ: أيها الزّائر طبت، و طابت لك الجنّة.

2- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ثلاثة من خالصة الله عز و جل يوم القيامة: رجل زار أخاه في الله عز وجل فهو زوّار الله عز و جل على الله أن يكرم زواره، ويعطيه ما سأل؛ و رجل دخل المسجد فصلى ثم عقب فيه انتظارا الصلاة الأخرى فهو ضيف الله عزّ و جلّ، وحقّ على الله أن يكرم ضيفه، و الحاجّ و المعتمر، فهما وفد الله عز و جل، وحق على الله جل ذكره أن يكرم وفده.

 66


55

مصادقة الاخوان

3- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: التواصل بين الإخوان في الحضر التزاور، و التواصل بينهم في السفر التكاتب.

4- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زار أخاه لله لا غير التماس موعد الله، و تنجز ما عند الله وكل الله به سبعين ألف ملك ينادونه إلا طبت و طاب لك الجنّة.

5- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زار أخاه بظهر المصر نادى منادٍ من السماء: ألا إن فلان بن فلان من زوار الله، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما زار المسلم أخاه المسلم في الله إلا ناداه الله عز و جل: أيها الزائر طبت و طابت لك الجنّة.

6- عن معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: زر أخاك في الله، فإنما منزلة أخيك منزلة يديك تدور هذه عن هذه و هذه عن هذه.

7 - عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من زار أخاه في الله جاء يوم القيامة يخطر بين قباطيّ من نور لا يمرّ بشي‏ء إلّا أضاء له حتى يقف بين يدي الله تع فيقول له عز و جل: مرحباً، فإذا قال له مرحباً أجزل له العطية.

8- عن أبي جعفر، عن أبيه عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

 67


56

مصادقة الاخوان

 سر سنين بر والديك، سر سنة صل رحمك، سر ميلا عد مريضاً، سر ميلين شيّع جنازة، سر ثلاثة أميال أجب دعوة، سر أربعة أميال زر أخا في الله، سر خمسة أميال انصر مظلوماً، سر ستة أميالٍ أغث ملهوفا، وعليك بالاستغفار.

العناية بالإخوان
عن أبي عمران الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أحقّ من ذكرت من إخوانك من لا ينساك، وأحق من عنيت به من نفعه لك و ضرره على عدوّك، و أحق من صبرت عليه من لا بدّ لك منه.

مصافحة الإخوان

1-عن إسحاق بن عمار. عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن الله عز و جل لا يقدر أحدا قدره، وكذلك لا يقدر قدر نبيّه، وكذلك لا يقدر قدر المؤمن إنّه ليلقى أخاه فيصافحه فينظر الله عزّ وجل إليهما و الذّنوب تحاطّ عن وجوههما حتّى يفترقا كما تحط الريح الشديدة الورق عن الشجر.

2- عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا لقي أحدكم أخاه فليصافحه و ليسلم عليه، فإن الله أكرم بذلك الملائكة فاصنعوا بصنع الملائكة.
 

 68


57

مصادقة الاخوان

باب إدخال السرور على المؤمن
1-عن خلف بن حمّاد يرفع الحديث إلى أحدهما عليهما السلام، قال: لا يرى أحدكم إذ أدخل السرور على أخيه أنّه أدخله عليه فقط، بل والله علينا، بل والله على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

2- عن عبد الله بن الوليد الوصافي، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول فيما ناجاه الله به عبده موسى، قال: إن لي عبادا أبيحهم جنتي، وأحكمهم فيها، قال: يا رب ومن هم هؤلاء الذين تبيحهم جنتك، وتحكمهم فيها؟ قال: من أدخل على مؤمنٍ سروراً.

3- عن جعفر بن محمّد عليه السلام عن علي بن الحسين عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أحبّ الأعمال إلى الله تعالى إدخال السرور على المؤمن.

4- عن جميل و غيره عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعناه يقول: إن من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى إدخال السرور على المؤمن.

5- لوط بن إسحاق، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من عبد يدخل على أهل بيتٍ سروراً إلا خلق الله من ذلك السرور خلقا يجيئه يوم القيامة كلّما

 69


58

مصادقة الاخوان

 مرت شديدة يقول يا ولي الله لا تخف، فيقول: من أنت فلو أن الدنيا كانت لي ما رأيتها لك شيئاً؟! فيقول: أنا السرور الذي أدخلته على آل فلان.

6- عن صفوان بن مهران الجمال، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن ممّا يحبّ الله من الأعمال إدخال السرور على المؤمن.

7 - عن الربيع بن صبيح رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من لقي أخاه بما يسره ليسره سره الله يوم يلقاه، ومن لقي أخاه بما يسوءه ليسوءه أساءه و بعده يوم القيامة.

8- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أدخل على أخيه سرورا أوصل ذلك و الله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أوصل سروراً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصله إلى الله، ومن أوصل والله إلى الله حكمه الله و الله يوم القيامة في الجنّة.

9- عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سر مؤمناً فقد سرني ومن سرني فقد سر الله.

البخل على الإخوان
عن الرضا عليه السلام أنه قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: إني

 70


59

مصادقة الاخوان

لأستحي من ربي أن أرى الأخ من إخواني فأسال الله له الجنّة و أبخل عليه بالدينار و الدرهم، فإذا كان يوم القيامة قيل لي: لو كانت الجنّة لك لكنت بها أبخل و أبخل و أبخل.

الشكوى إلى الإخوان
عن الحسن بن راشد، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا حسن إذا نزلت بك نازلة فلا تشكها إلى أحد من أهل الخلاف، فإنك إن فعلت ذلك شكوت ربك، ولكن اذكرها لبعض إخوانك، فإنك لن تعدم خصلة من أربع: أما تقوية بمالٍ و أما معونة بجاهٍ، و أمّا مشورة برأيٍ، و أمّا دعوة مستجابة، يا حسن إذا سألت مؤمناً حاجة فهيّء له المعاذير قبل أن يعذر، فإن اعتذر فاقبل عذره، وإن ظننت أنّ الأمور على خلاف ما قال؛ وإذا سألت منافقاً حاجةً فلا تقبل عذره وإن عرفت عذره.

باب ثواب من فرّح أخاه
عن أبي عبد الله عليه السلام: من فرّح مسلما خلق الله من ذلك الفرح صورة حسنة تقيه آفات الدنيا و أهوال الآخرة تكون معه في الكفن و الحشر و النشر حتى توقفه بين يدي الله، فيقول له: من أنت؟ فو الله لو أعطيتك الدنيا لما كانت عوضا لما قمت لي به، فيقول: أنا الفرح الذي أدخلته على أخيك في دار الدنيا.

 71


60

مصادقة الاخوان

لقاء الإخوان بما يسوءهم
عن الربيع بن صبيح رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: من لقي أخاه بما يسوءه ليسوءه أساءه بعد ما يلقاه.

بر الإخوان

1-عن درست الواسطي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنّ المؤمن إذا مات أدخل معه في قبره ستّ مثال فأبهاهنّ صورة و أحسنّهن وجهاً و أطيبهنّ ريحاً، و أهيأهنّ هيئة عند رأسه، فإن أتى منكر و نكير من قبل يديه منعت التي بين يديه، وإن أتى من خلفه منعت التي من خلفه، و إن أتى عن يمينه منعت التي عن يمينه، و إن أتى من يساره منعت التي عن يساره، و إن أتى من عند رجليه منعت التي عند رجليه، و إن أتى من عند رأسه منعت التي عند رأسه، قال: فيقول لهنّ اّلتي هي أحسنهنّ صورة و أطيبهنّ ريحاً، وأهيأهنّ هيئة من أنتنّ، جزاكنّ الله عني خيراً، قال: فتقول التي بين يديه: أنا الصلاة، و تقول التي من خلفه: أنا الزّكاة، وتقول التي عن يمينه: أنا الصيام، وتقول التي عن يساره: أنا الحج، وتقول عند رجليه: أنا برّه بإخوانه المؤمنين، فيقلن لها: من أنت؟ فأنت أحسننا صورة و أطيبنا ريحاً و أهيأنا هيئة فتقول أنا الولاية لمحمّد و آل محمّد.

 72


61

مصادقة الاخوان

2- عن جميل بن درّاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن مما خصّ الله به المؤمن أن يعرفه برّ إخوانه، و إن قلّ، فليس البرّ بالكثرة، وذلك أن الله يقول في كتابه: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ﴾ ثم قال ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ومن عرّفه الله ذلك فقد أحبّه الله، ومن أحبه الله أوفاه أجره يوم القيامة، بغير حساب، ثم قال: يا جميل اروِ هذا الحديث لإخوانك فإن فيه ترغيباً للبّر.

السعي في حوائج الإخوان
1- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مشي المسلم في حاجة أخيه المسلم خير من سبعين طوافاً بالبيت.

2- عن أبي جعفر عليه السلام قال: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: أنّ من عبادي لمن يتقرّب بالحسنة، فأحكمه في الجنّة، فقال موسى: يا رب ما تلك الحسنة؟ قال: يمشي في حاجة أخيه المؤمن قضيت أو لم تقض.

3- عن أبي عبيدة الحذّاء قال: قال أبو جعفر عليه السلام من مشى في حاجة أخيه المسلم أظلّه الله بخمسة وسبعين ألف ملك ولم يرفع قدماً إلا و كتب الله بها حسنةً، و حطّ عنه بها سيّئة، ورفع له بها درجة، فإذا فرغ من حاجته كتب الله له عزّ و جل بها أجر حاجّ و معتمر.

 73


62

مصادقة الاخوان

4- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من سعى في حاجة أخيه المسلم طلب وجه الله كتب الله له ألف ألف حسنة يغفر فيها لأقاربه وجيرانه ومعارفه وإخوانه ومن صنع إليه معروفاً في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قيل له ادخل النّار فمن وجدته فيها صنع إليك معروفاً في الدنيا فأخرجه بإذن الله إلاّ أن يكون ناصباً.

5- عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من سعى في حاجة أخيه المسلم فاجتهد فيها فأجرى الله قضاها على يديه، كتب الله له حجّة و عمرةً و اعتكاف شهرين في المسجد الحرام و صيامهما، فإن اجتهد فلم يجر الله قضاها على يديه كتب الله له حجّة و عمرة.

6- عن أبي علي الحرّاني، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من ذهب مع أخيه في حاجة قضاها أو لم يقضها، كان كمن عبد الله عمره، فقال له رجل: أخرج مع أخي في حاجةِ و أقطع الطواف؟ فقال: نعم.

7- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال مشى الرجلٌ في حاجة أخيه المسلم يكتب له عشر حسناتٍ و يمحى عنه عشر سيّئات، ويرفع له عشر درجات وقال ولا أعلمه إلا قال: ويعدل عشر رقاب، وأفضل من اعتكافٍ في المسجد الحرام.

8 - عن معمر بن خلاّد، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول:

 74


63

مصادقة الاخوان

 إنّ لله عبادًا في الأرض يسعون في حوائج النّاس هم الآمنون يوم القيامة و من أدخل على مؤمن سروراً فرّج الله قلبه يوم القيامة.

9- علي بن الحكم عن أصحابه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من مشى مع قوم في حاجةٍ فلم يناصحهم، فقد خان الله و رسوله.

10- عن صفوان الجمال، قال: كنت جالساً مع أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من مكّة يقال له ميمون، فشكا إليه تعذّر الكراى عليه، فقال لي: قم فأعن أخاك، فقمت معه، فيسّر الله كراه، فرجعت إلى مجلسي، فقال أبو عبد الله: ما صنعت حاجة أخيك؟ فقلت: قضاها الله تعالى بأبي و أمي أنت، فقال: أما إنّك إن تعن أخاك المسلم أحبّ إليّ من طواف أسبوع بالبيت مبتدئاً، ثم قال: إن رجلاً أتى الحسن بن علي عليه السلام فقال له: بأبي أنت و أمّي، أعنّي على قضاء حاجتي، فانتقل و قام معه فمرّ على الحسين عليه السلام و هو قائم يصلّي فقال: أين كنت عن أبي عبد الله تستعينه على حاجتك؟ قال: قد فعلت بأبي أنت و أمي فذكر أنّه معتكف، فقال: أما إنّه لو أعانك كان خيراً له من اعتكافه شهراً.

11- و عنه، عن أحمد بن محمّد، عن معمّر بن خلاّد، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: إنّ لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج النّاس، هم الآمنون يوم القيامة.

12- عن محمّد بن عجلان، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام،

 75


64

مصادقة الاخوان

يقول: قال الله عزّ و جلّ خلقي عيالي، فأحبّهم إليّ أعناهم بأمورهم، و أقومهم بشأنهم، و أسعاهم في حوائجهم.

13 - عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إذا مشى الرجل في حاجة أخيه المسلم فقضاها كان كعدل حجّة و عمرة، فإن مشى فيها فلم تقض كانت كعدل عمرة.

ثواب إقالة الأخ أخاً له

عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: أيّما مسلم أقال مسلماً ندامة في بيع، أقاله الله عثرته يوم القيامة.

اختبار الإخوان
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: لا تسمّ الرجل صديقاً و سمّه معرفة حتّى تخبره بثلاث خصالٍ: حتّى تغضبه فتنظر غضبه يخرجه من حقّ إلى باطلٍ و تسافر معه، و تخبره بالدينار و الدرهم.

الثقة بالإخوان
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من كان الرهن عنده أوثق من أخيه فالله منه بري‏ء.

صدق الإخاء
عن السّكونيّ عن أبي جعفر، عن أبيه عليه السلام قال: قال

 76


65

مصادقة الاخوان

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أحبّ أحدكم أخاه المسلم فليسأله عن اسمه و اسم أبيه و قبيلته و عشيرته؛ فإنّه من حقّ الواجب و صدق الإخاء أن يسأله عن ذلك، و إلاّ فهي معرفة حمقاء.

السعي في حوائج الإخوان بغير نية
1-عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابنا، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من مشى مع قوم في حاجةٍ فلم يناصحهم فقد خان الله و رسوله.

2- عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من سعى في حاجة أخيه بغير نيّة فهو لا يبالي قضيت أم لم تقض فقد تبّوأ مقعده من النار.
استدلال الإخوان.

عن منصور الصّيقل و المعلّى بن خنيس، قالا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى: إنّي لحربٌ لمن استذلّ عبدي المؤمن، و إنّي أسرع إلى نصرة أوليائي، فما تردّدت في شي‏ء أنا فاعله كتردّدي في موت عبدي المؤمن، إنّي لأحبّ لقاءه و هو يكره الموت فأصرفه عنه، و إنّه ليدعوني فأجيبه، و إنّه ليسألني فأعطيه، و لو لم يكن في الدنيا إلاّ واحد من عبيدي مؤمن لاستغنيت به عن جميع خلقي و لجعلت له من إيمانه أنساً لا يستوحش إلى أحد.

 77


66

مصادقة الاخوان

من دهن أخاه
عن أبي عبد الله عليه السلام: من دهّن مسلماً كتب الله له بكلّ شعرة نوراً يوم القيامة.

حب الإخوان
عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من حبّ الرجل دينه حبّه لإخوانه.

الوقيعة في الإخوان
1-عن أسباط بن محمّد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: أخبركم بالّذي هو شرّ من الزّنا؟ وقع الرّجل في عرض أخيه.
 
2- عن الرضا عليه السلام قال: إنّ الرجل ليصدق على أخيه، فيناله من صدقه عنت، فيكون كذّاباً عند الله، و إنّ الرجل ليكذب على أخيه يريد به نفعه فيكون عند الله صادقاً.

الدعاء للإخوان
1-عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أربعة لا تردّ لهم دعوة، الإمام العادل لرعيّته، و الأخ لأخيه بظهر الغيب يوكّل به ملك يقول: و لك مثل ما دعوت لأخيك، و الوالد لولده،

 78


67

مصادقة الاخوان

و المظلوم، يقول الربّ تبارك و تعالى: و عزّتي و جلالي لأنتصرنّ لك و لو بعد حين.

2- عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ثلاثة تحت ظلّ عرش الله يوم القيامة، رجل أحب لأخيه ما يحبّ لنفسه، و رجل بلغه أمر فلم يتقدم و لم يتأخّر، حتى يعلم أن ذلك الأمر لله فيه رضاءً أو سخطاً، و رجل لم يعب الناس بأمرٍ حتّى يتبيّن أن ذلك العيب ليس فيه، فإنه كلّ ما أصلح من نفسه عيباً بداْ منه آخر.

ملاطفة الإخوان
1-عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما في أمّتي عبدٌ ألطف أخاً له في الله بشي‏ء من لطف إلاّ أخدمه الله من خدم الجنّةٌ.

2- عن أبي عبد الله عليه السلام، و حدّثني علي بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي جعفر، عن أبيه عليه السلام قال: من قال لأخيه مرحباً كتب الله له مرحباً إلى يوم القيامة.

كسوة الإخوان
1-عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من كسا أخاه كسوةً أو صيفه كان حقاً على الله أن يكسوه من ثياب الجنّة، و أن يهوّن عليه من سكرات الموت، و أن يوسّع عليه في قبره، و أن يلقى الملائكة إذا

 79


68

مصادقة الاخوان

 خرج من قبره بالبشرى و هو قول الله تع في كتابه تلقّاهم الملائكة ﴿أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالجنّة الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾، و من أكرم أخاه يريد بذلك الأخلاق الحسنة، كتب الله له من كسوة الجنّة عدد ما في الدنيا من أولها إلى آخرها، و لم يشبه من أهل الرئاء و أشبه من أهل الكرم. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أشار على أخيه المسلم لعنته الملائكة حتى يشمه عنه يعني يكمده.

من يجب اجتناب مؤاخاته
1-عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: ينبغي للمسلم أن يجتنب مؤاخاه الكذّاب، إنه يكذب حتّى يجي‏ء بالصدق فما يصدق.

2- عن الفضل بن أبي قرة، عن جعفر عن أبيه عليه السلام، قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول على منبر الكوفة: يا معشر المسلمين ليؤاخي المسلم المسلم، و لا يؤاخين الفاجر و لا الأحمق و لا الكذّاب، فإنّ الفاجر يزيّن لك فعله، و يحثّك أنّك تأتي مثله، و لا يعينك على أمر دينك و لا دنياك، فمدخله عليك و مخرجه من عندك شين عليك و أمّا الأحمق فإنه لا يطيع مرشداً و لا يستطيع صرف السوء عنك، و ربمّا أراد أن ينفعك فيضرّك، بعده خير من قربه و سكوته خير من منطقه و موته خير من حياته. و أمّا الكذّاب فإنه لا ينفعك وجه عبس سبّب لك العداوة و يثبت لك السّخائم

 80


69

مصادقة الاخوان

 في الصدور و يفشي سرّك و ينقل حديثك، و ينقل أحاديث الناس بعضهم إلى بعض.

3- عن سدير الصيرفيّ، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا تصادق و لا تؤاخ أربعةً: الأحمق، و البخيل، و الجبان، و الكذّاب، أما الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرّك، و أمّا البخيل فإنّه يأخذ منك و لا يعطيك، و أما الجبان فإنّه يهرب عنك و عن والديه، و أمّا الكذّاب فإنّه يصدق و لا يصدق.

4- نوادر علي بن إبراهيم عن أبيه، عن الحجال، عمن رواه، عن أبي عبد الله عليه السلام: أنه ذكر عنده رجل، فعيب، فقال له: من لك بأخيك كلّه و أي الرجال المهذّب.

5- عن جعفر الأحمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أي شي‏ء معاشك؟ قال: قلت: لي غلامان و جملاً، فقال: اشتر بذلك من إخوانك، فإنّهم إن لم ينفعوك لم يضرّوك.

6 - عن عبد الله بن سنان قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: لا تثقنّ بأخيك كلّ الثقة، فإنّ سرعة الاسترسال لن تستقال.

7- عن أيوب بن منصور الصيقل، عن أبي عبد الله عليه السلام: ما بالكم يعادي بعضكم بعضاً؟ إذا بلغ أحدكم عن أخيه شي‏ء لا يعجبه فليقله و ليسأله فإن قال لم أفعله صدّقه، و إن قال قد فعلت استتابه.

 81


70

مصادقة الاخوان

8- عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا بلغك عن أخيك شي‏ء فقال: لم أقله فاقبل منه، فإنّ ذلك توبة له.

9- و عنه، عن الحسن بن علي رفع الحديث إلى أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا بلغك عن أخيك شي‏ء، و شهد أربعون أنّهم سمعوه منه، فقال لم أقل فاقبل منه.

10- عن علي بن عقبة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: لا تبذل لأخيك من نفسك ما ضرره عليك أكثر من منفعته له.

11- عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: يأتي على النّاس زمان ليس فيه شي‏ء أعزّ من أخ أنيس أو كسب درهم من حلال.

تم ّكتاب مصادقة الاخوان للشيخ الأجلّ الأفقه الصدوق، رئيس المحدّثين أبى جعفر محمّد بن على بن الحسين بن بابويه القمي رحمهم الله تعالى.

 82


71
صفات الشيعة ومصادقة الإخوان