علامات المؤمن

هي مواعظ مستقاة بعناوينها ومضامينها، من أحاديث شريفة عن النبيّ محمّد وآله الأطهار ،


الناشر:

تاريخ الإصدار: 2021-05

النسخة:


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


المقدّمة

المقدّمة


الحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

هي مواعظ مستقاة بعناوينها ومضامينها، من أحاديث شريفة عن النبيّ محمّد-  وآله الأطهار( ، تُظهر لنا صفات المؤمنين وعلاماتهم، لتكون بوصلةً يسلك نحو وُجهتها من رام القرب والوصول إلى الباري -سبحانه-، مستنّاً بسنن خير خلق الله محمّد-  وأهل بيت الأطهار( ، وليكون بذلك كلّه خير داعٍ إلى اتّباع دين الحقّ ومذهبه، ومصدر إلهام لأقرانه في أن يحذو حذوه نحو الكمال.

اثنتا عشرة موعظة في «علامات المؤمن»، تتضمّن العديد من الآيات القرآنيّة المباركة، والأحاديث الشريفة، والعبارات اللّطيفة، تأخذ بالقارئ إلى مكامن قوّته وضعفه، فيشكر الله على ما كان عليه من الحسن مداوماً، وليحذر ممّا كان فيه مقصّراً، سائلين المولى -سبحانه وتعالى- أن يثبّتنا على دينه ويلهمنا حسن النظر في ما يصلح أمور ديننا ودنيانا.

 

والحمد لله ربّ العالمين

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

 

5


1

الموعظة الأولى: أداء الفرائض

الموعظة الأولى
أداء الفرائض

 

هدف الموعظة

بيان أهمّيّة الفرائض كإعلان ولاء وعبوديّة وتسليم لله.

 

محاور الموعظة

فضل أداء الفرائض

الفرائض امتحان

أداء الفرائض يحتاج إلى صبر

أداء الفريضة تطهير

 

تصدير الموعظة

عن الرسول الأكرم-  في وصيّته لأمير المؤمنين% : «مَنْ أَتَى اللَّهَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ»([1]).

 


([1]) المجلسيّ، العلّامة محمّد باقر بن محمّد تقي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، مؤسسة الوفاء، لبنان - بيروت، 1403هـ - 1983م، ط2، ج74، ص45.

 

7


2

الموعظة الأولى: أداء الفرائض

فضل أداء الفرائض

تنقسم الأحكام الإسلاميّة الواردة في التشريع الإسلاميّ إلى أقسام خمسة؛ الوجوب والاستحباب والحرمة والكراهة والإباحة. وقد وضع الله -سبحانه- هذه الأحكام لصلاح حياة الإنسان، الدنيا والآخرة.

وليست المستحبّات والنوافل إلّا طريقاً من طرق الوصول إلى الله -سبحانه- لضمان ارتقاء الإنسان في مدارج الكمال، وممّا ورد في فضلها عن الإمام الصادق% : «نزل جبرئيل على النبيّ- ، فقال: يا محمّد، ما تقرّب إليّ عبدي المؤمن بمثل أداء الفرائض، وإنّه ليتنفّل لي حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها»([1]).

 إلّا أنّها لا تقع بأهمّيّة الفرائض التي وُضعت أساساً من أسس علاقة الإنسان بربّه، فهي مع فضلها وعظمتها إلّا أنّها تأتي متأخّرة عن الفرائض، فعن أمير المؤمنين% : «لا قُرْبَةَ بِالنَّوَافِلِ إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِضِ«([2]).

لذلك، نجد في وصايا المعصومين(  العديد من التوصيات والإرشادات في التزام أداء الفرائض وعدم تضييعها.

عن أمير المؤمنين% : «إِنَّ اللَّه افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وحَدَّ لَكُمْ حُدُوداً فَلَا تَعْتَدُوهَا، ونَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا»([3]).

 


([1]) الطبرسيّ، الميرزا حسين النوريّ، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت( لإحياء التراث، لبنان - بيروت، 1408هـ - 1987م، ط1، ج3، ص58.

([2]) الرضيّ، السيّد أبو الحسن محمّد بن الحسن الموسوي، نهج البلاغة (خطب الإمام عليّ%)، تحقيق وتصحيح صبحي الصالح، لا.ن، لبنان - بيروت، 1387هـ - 1967م، ط1، ص475.

([3]) المصدر نفسه، ص487.

 

8


3

الموعظة الأولى: أداء الفرائض

التي ينبغي للعبد أن يقدّمها في سبيل امتثال أوامر الله، عن أمير المؤمنين% : «جرّب نفسك في طاعة الله بالصبر على أداء الفرائض، والدؤوب في إقامة النوافل»([1]).

 

أداء الفريضة تطهير

ونلاحظ أنّ أداء الفرائض إنّما هو طريقُ مغفرةِ الذنوب وتطهيرِ النفس من أدرانها وآثامها، وفي الوقت عينه مجلبة للحسنات:

ففي الصلاة، قال -تعالى-: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾([2]).

وفي الزكاة، قال -سبحانه-: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾([3]).

وفي الصوم، عن الإمام الباقر% : «قال رسول الله-  لجابر بن عبد الله: يا جابر، هذا شهر رمضان، من صام نهاره وقام ورداً من ليله، وعفّ بطنه وفرجه وكفّ لسانه، خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر، فقال جابر: يا رسول الله، ما أحسن هذا الحديث! فقال رسول الله- : يا جابر، وما أشدّ هذه الشروط!»([4]).

 


([1]) اللّيثيّ الواسطيّ، الشيخ كافي الدين أبو الحسن عليّ بن محمّد، عيون الحكم والمواعظ، تحقيق الشيخ حسين الحسينيّ البيرجنديّ، دار الحديث، إيران - قم، 1418هـ، ط1، ص221.

([2]) سورة هود، الآية 114.

([3]) سورة التوبة، الآية 103.

([4]) الكلينيّ، الشيخ محمّد بن يعقوب بن إسحاق، الكافي، تحقيق وتصحيح عليّ أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلاميّة، إيران - طهران، 1363ش، ط5، ج4، ص87.

 

10


4

الموعظة الثانية: التفكّر

الموعظة الثانية
التفكّر

 

 

هدف الموعظة

تعرّف عظمةِ التفكّر وضرورته في جعل العبادة مبنيّة على المعرفة واليقين.

 

محاور الموعظة

فضل التفكّر

التفكّر في صنع الله والأمم السالفة

ما يُورِث الفكر السليم

 

تصدير الموعظة

﴿الَّذِينَ يَذكُرُونَ اللّهَ قيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِم وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ رَبَّنَا مَا خَلَقتَ هَذا بَاطِلاً سُبحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾([1]).


 


([1]) سورة آل عمران، الآية 191.

 

11


5

الموعظة الثانية: التفكّر

فضل التفكّر

إنّ للتفكّر فضلاّ عظيماً، جعله في مصافّ العبادات التي يتقرّب بها العبد إلى ربّه، بل قد يكون خيراً منها؛ ذلك أنّه يشدّ من رابطة الإنسان المعرفيّة بالله -سبحانه-، وتجعل عبادته إيّاه عبادة مبنيّة على المعرفة واليقين، بعيدة عن التقليد والشبهات، فمن تفكّر في الله وخلقه، وعايش في ذهنه عظمة الله وبديع صنعه، فإنّه بذلك يصبح أشدّ يقيناً وتسليماً، بأنّ من يعبده إنّما هو أهلٌ للعبادة.

بخلاف من يعمد في التزامه بدين الله، ويقوم بما عليه من فرائض وعبادات، من دون أيّ تأمّل وتفكّر، فهو في الواقع ليس إلّا مقلّداً لما هم عليه قومه وأهل مجتمعه، ولا يعرف من الإسلام إلّا رسمه.

 

التفكّر في صنع الله والأمم السالفة

حثّت آيات القرآن الكريم وروايات النبيّ-  وأهل بيته الأطهار(  على التفكّر بشقّين أساسيّين؛ التفكّر بصنع الله -تعالى- وعظمة قدرته وخلقه، والتفكّر في الأمم السالفة والماضية.

 

1. في صنع الله

عن أمير المؤمنين% : «لا عبادة كالتفكّر في صنعة الله -عزّ وجلّ-»([1])

وعنه% : «التفكّر في آلاء الله، نِعْمَ العبادة»([2]).

وعنه%  أيضاً: «التفكّر في ملكوت السماوات والأرض، عبادة المخلصين»([3]).

وعن الإمام الصادق% : «ليست العبادة كثرة الصلاة والصوم، وإنّما العبادة التفكّر في أمر الله -عزّ وجلّ-»([4]).

2. في الأمم السالفة

يؤدّي إلى أخذ العبر والدروس، قال -سبحانه-:

 


([1]) العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج68، ص224.

([2]) اللّيثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص29.

([3]) المصدر نفسه، ص53.

([4]) العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج68، ص325.

 

12


6

الموعظة الثانية: التفكّر

﴿أَوَ لَمْ يَسيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ أَثارُوا الْأَرْضَ وَ عَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏﴾([1]).

وعن أمير المؤمنين في وصيّته لابنه الحسن' : «أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي وإِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ، وفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ، وسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ»([2]).

 

ما يُورِث الفكر السليم

ثمّة أمور تُسهِم في صفاء الفكر والذهن، لا بدّ من التنبّه لها والعمل عليها، منها التقليل من الأكل، عن أمير المؤمنين% : «من قلّ أكله، صفا فكره»([3]).

وعنه% : «كيف تصفو فكرة من يستديم الشبع»([4]).

وفي مقابل ذلك، ثمّة ما يشوّش الفكر ويحرفه عن الحقّ، حتّى يوقع صاحبه في ما لا ينبغي، ومن ذلك كثرة التفكّر في الملذّات، عن أمير المؤمنين% : «من كثر فكره في اللّذّات، غلبت عليه»([5]).

 


([1]) سورة الروم، الآية 9.

([2]) السيد الرضيّ، نهج البلاغة (خطب الإمام عليّ%)، تحقيق صبحي الصالح، مصدر سابق، ص393.

([3]) اللّيثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص456.

([4]) المصدر نفسه، ص384.

([5]) اللّيثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص457.

 

13


7

الموعظة الثانية: التفكّر

الموعظة الثالثة
الذِكر

 

هدف الموعظة

إظهار دور الذِكر في تقوية علاقة الإنسان بربّه.

 

محاور الموعظة

الذكر من طرق الوصول

حقيقة الذكر

ثمرات الذكر

 

تصدير الموعظة

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾([1]).

 


 


([1]) سورة الأحزاب، الآية 41.

 

14


8

الموعظة الثانية: التفكّر

الذكر من طرق الوصول

إنّ الذكر من أهمّ الطرق التي تصل العبد بربّه، بل هو طريق ملازم له في حالاته وتحرّكاته كلّها، لا ينبغي أن يغفل عنه قيد أنملة، فهو -سبحانه- يحيط الإنسانَ بقوّته وقدرته وجوده وكرمه، وبيده ملكوت السماوات والأرض، ما يجعل الإنسان دوماً في حالة افتقار ولجوء إليه.

 

عن الإمام الصادق%  في رسالة له: «فأكثروا ذكر الله ما استطعتم في كلّ ساعة من ساعات اللّيل والنهار، فإنّ الله أمر بكثرة الذكر له، والله ذاكر لمن ذكره من المؤمنين، واعلموا أنّ الله لم يذكره أحد من عباده المؤمنين إلّا ذكره بخير»([1]).

 

حقيقة الذكر

هل الذكر مجرّد لفظ على اللّسان، أم هو أشمل من ذلك؟

في الواقع، إنّ المقصود بالذكر ليس ما يتلفّظ به اللّسان من أذكار وأوراد فحسب، إنّما هو أوسع دائرة من ذلك، إذ يشمل ما يدور في خلد الإنسان، في قلبه وعقله، سواء أكان في حالات السكون، أم في الحالات التي لا بدّ منه أن يتّخذ عندها موقفاً، كأن يعرض عليه الحرام، فهو عند ذلك ينبغي أن يذكر الله في قلبه، وأنّه حاضر وشاهد عليه لا يخفى عنه شيء ولا يغفل عن شيء.

 

عن أمير المؤمنين% : «يا عليّ، ثلاثٌ لا تطيقها هذه الأمّة: المواساة للأخ في ماله، وإنصاف الناس من نفسه، وذكر الله على كلّ حال، وليس هو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاَّ الله والله أكبر، ولكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف الله -عزَّ وجلَّ‏- عنده، وتركه»([2]).

 

فالذكر ما حرّك القلب وأثّر فيه، وحقّق رادعاً

 


([1]) سورة الأحزاب، الآية 41.

([2]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج8، ص7.

 

15


9

الموعظة الثانية: التفكّر

داخليّاً للإنسان.

 

ثمرات الذكر

ثمّة ثمرات عديدة للذكر والمداومة عليه، منها:

1. الالتزام بطاعة الله: إنّ ذكر الله والشعور دوماً بوجوده -سبحانه- يدفع الإنسان إلى الالتزام بما أمر به الله -سبحانه-، عن الإمام الصادق% : «من كان ذاكراً لله على الحقيقة فهو مطيع، ومن كان غافلاً عنه فهو عاصٍ»([1]).

 

2. الخضوع والخشوع: إنّ الشعور بوجود الله يردع العبد عن ارتكاب المحرّمات، ويجعله في حالة خشوع وخشية منه -سبحانه-، عن الإمام الصادق% : «ومعرفتك بذكره لك، يورثك الخضوع والاستحياء والانكسار»([2]).

 

3. السكينة والطمأنينة: إنّ من أعظم ثمرات الذكر الدائم، أنّ الذاكر لله يعيش حالة من السكينة والاطمئنان الداخليّ؛ ذلك أنّه يرتبط بقلبه وكيانه بقوّة من بيده ملكوت السماوات والأرض، وهذا ما يجعله في هذه الحال من الاطمئنان والراحة النفسيّة، قال -سبحانه-: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾([3])، وقال -عزّ وجلّ-: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ﴾([4]).

 

4. ذكر الله لعبده: إذا ذكر العبد ربَّه، فإنَّ الله -تعالى- يذكره: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم﴾([5])، ومعنى ذكر الله لعبده أنَّه يصبح محلّاً لعنايته ورعايته ولطفه، عن الرسول الأكرم- : «قال الله -تعالى-:

 


([1]) العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج90، ص158.

([2]) المصدر نفسه.

([3]) سورة طه، الآية 124.

([4]) سورة الرعد، الآية 28.

([5]) سورة البقرة، الآية 152.

 

16


10

الموعظة الثالثة: الذِكر

إذا علمتُ أنَّ الغالب على عبدي الاشتغال بي، نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي، فإذا كان عبدي كذلك فأراد أن يسهو حلتُ بينه وبين أن يسهو، أولئك أوليائي حقّاً، أولئك الأبطال حقّاً، أولئك الذين إذا أردت أن أُهلِك الأرض عقوبةً، زويتها عنهم من أجل أولئك الأبطال»([1]).

5. محبّة الله لعبده: عن الإمام الصادق% : «من أكثرَ ذكر الله، أحبّه الله»([2]).

 


([1]) العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج90، ص162.

([2]) المصدر نفسه، ج72، ص122.

 

17


11

الموعظة الرابعة: الصلابة والثبات

الموعظة الرابعة
الصلابة والثبات

 

هدف الموعظة

معرفة دور الثبات عند الشدائد في النجاة من الحزن والهمّ والضيق.

 

محاور الموعظة

الدنيا دار بلاء

الشدائد والبلاء امتحان

مفهوم الثبات عند الشدائد

 

تصدير الموعظة

﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾([1]).


 


([1]) سورة البقرة، الآيات 155-157.

 

19


12

الموعظة الرابعة: الصلابة والثبات

الدنيا دار بلاء

ليست الحياة الدنيا دار راحة وسعادة تامّة ونهائيّة، إنّما هي دار حُفّت بالمكاره والمشقّات، وخُلِق الإنسان فيها وحياته محفوفة بذلك، كما تشير الآية الكريمة إلى ذلك: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾([1])؛ أي في تعب ومشقّة.

 

الشدائد والبلاء امتحان

إنّ البلاءات التي يُصاب بها الإنسان في الحياة الدنيا، إنّما هي امتحان واختبار، مضافاً إلى مناشئ أخرى يقدّرها الله بحكمته -سبحانه-، إلّا أنّ الأصل في البلاءات أنّها تكون امتحاناً، يميز فيها الخبيث من الطيّب، وتُصقَل فيها روح الإنسان ليثبت على الحقّ ودين الله، ولا يتزلزل عند النوازل والحوادث.

ثمّة العديد من الشواهد في القرآن الكريم والسنّة المطهّرة تشير إلى هذا المعنى، منها:

قوله -تعالى-: ﴿ما كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾.([2])

وقوله -عزّ وجلّ-: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾([3]).

ومن الأحاديث الواردة في هذا الشأن، ما ورد في أنّ النبيّ الأكرم-  سُئِل عن أشدّ الناس بلاءً في الدنيا، من هم؟ فقال: «النبيّون، ثمّ الأمثل فالأمثل، ويُبتلى المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله، فمن صحّ إيمانه وحسُن عمله اشتدّ

 


([1]) سورة البلد، الآية 4.

([2]) سورة آل عمران، الآية 179.

([3]) سورة البقرة، الآية 214.

 

20


13

الموعظة الرابعة: الصلابة والثبات

بلاؤه، ومن سخف إيمانه وضعف عمله قلّ بلاؤه»([1]).

وعن الإمام الصادق% : «إنّ أشدّ الناس بلاءً الأنبياء، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الأمثل فالأمثل»([2]).

 

مفهوم الثبات عند الشدائد

قال الله -تعالى-: ﴿يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾([3]).

إنّ القول الثابت في هذه الآية المباركة، هو الثبات على الإيمان، وعدم اهتزاز قلب المرء في مثل المواقف الشديدة والفتن الخطيرة، وإنّ الذين آمنوا بالغيب وآمنوا بحكم الله وقسمته، يعلمون أنّه لا لغو ولا عبث في كلّ ما يصدر عنه -سبحانه-.

وأمثال هؤلاء، قد وعدهم الله -تعالى-، بأنّه لا يصيبهم الحزن والاضطراب، قال -عزّ وجلّ-: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾([4])؛ ذلك كلّه لأنّهم ثابتون بالقول الثابت.

فالله -سبحانه- يدعم المؤمن به والموقن بقدرته، بالطاقة المعنويّة، والتي يستطيع من خلالها أن يتخطّى الأزمات والبلاءات كلّها التي قد يصاب بها، قال -سبحانه-: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾([5]).

وفي مقابل ذلك، ثمّة من يتزلزل ويصيبه اليأس والإحباط، كما أشار الله إلى ذلك في قوله: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾([6])، وقوله -سبحانه-: ﴿وَإِنْ مَسَّهُ

 


([1]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص252.

([2]) المصدر نفسه، ج2، ص252.

([3]) سورة إبراهيم، الآية 27.

([4]) سورة يونس، الآية 62.

([5]) سورة آل عمران، الآية 139.

([6]) سورة هود، الآية 9.

 

21


14

الموعظة الرابعة: الصلابة والثبات

الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ﴾([1]).

 


([1]) سورة فصّلت، الآية 49.

 

22


15

الموعظة الخامسة: التزام الحقّ في الغضب والرضا

الموعظة الخامسة
التزام الحقّ في الغضب والرضا

 

هدف الموعظة

إدراك أهمّيّة التزام الحقّ في الغضب والرضا.

 

محاور الموعظة

الدنيا دار امتحان

مكامن الامتحان

 

تصدير الموعظة

عن أبي حمزة، قال: سمعتُ فاطمة بنت الحسين&  تقول: قال رسول الله- : «ثلاث خصال من كُنّ فيه استكمل خصال الإيمان: إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، وإذا غضب لم يخرجه الغضب من الحقّ، وإذا قدر لم يتعاطَ ما ليس له»([1]).


 


([1]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص239.

 

23


16

الموعظة الخامسة: التزام الحقّ في الغضب والرضا

الدنيا دار امتحان

إنّ هذه الدنيا دار فتنة وامتحان، يُفتتن فيها الإنسان، ليقع في امتحان كبير، يثبت عنده من شحن قلبه بالإيمان والمعرفة، ولم تغرّه الحياة الدنيا بزبارجها ومتاعها، ولا يحزن عند فواته شيء منها، وهو دوماً ينظر إلى حكم الله فيلزمه ولا يتعدّاه، ليكون مصداقاً لقوله -تعالى-: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾([1]).

 

مكامن الامتحان

ثمّة العديد من أشكال الامتحانات التي تواجه الإنسان في هذه الحياة، وفي جميعها ينبغي أن يكون ثابتاً لا يتزلزل ولا ينجرف، إلّا أنّ حالتين اثنتين قد تكونا أساس كلّ ما يواجه المرء في هذه الدنيا، هما حالة الغضب، وحالة الرضا.

1. في الغضب

الغضب مدعاة لتزلزل النفس وخروجها عن طورها، وما إن تخرج فإنّها تصبح في حالة تهوّر وضياع، حتّى يصبح سكون فورتها هدفاً أساسيّاً لها، وهنا يقع المرء في امتحان الاختيار الدقيق، لأيٍّ من سبل تسكين النفس يلجأ، ليجد أمامه طريقين؛ الطريق الأوّل طريق متحرّر من القيود والأحكام، ولا اعتبار فيه لأيّ من المبادئ، والطريق الثاني هو ما تحفظ فيه أحكام الله وحدوده ومبادئ الإنسانيّة.

أمّا المُغضب الذي لا ينظر إلى أحكام الله وحدوده، وقد تفلّت من كلّ القيود، فإنّه يلجأ إلى ما فيه تعدّ لكلّ ذلك، حتّى يرتكب الحرام والقبيح من دون أيّ رادع له عن ذلك، كأن يقتل النفس المحترمة، ويعتدي على أملاك الآخرين، أو أنّه لا يتملّك لسانه، فيقع فيهم بالشتم والسبّ وقدح الأعراض...

والأسوأ من ذلك كلّه، حين يكون الغضب بغير حقّ،

 


([1]) سورة النساء، الآية 65.

 

24


17

الموعظة الخامسة: التزام الحقّ في الغضب والرضا

فإنّ سوء ما يرتكبه يصبح أكثر قبحاً وسوءاً.

 

2. في الرضا

أمّا الرّضا، فقد يكون أيضاً مدعاة لخروج النفس عن طورها، إذ يصل الأمر ببعض الناس إلى أن يصابوا بالبطر والتكبّر والعجب، وكلّ ذلك أمراض توقع صاحبها في الخروج عن حدود الله -سبحانه-، كمن يلجأ إلى ارتكاب الفواحش، وشرب الخمر، وريادة أماكن الرّذيلة والمجون، أو كأن يتسلّط على الآخرين، ولا يعير حفظاً واحتراماً لكرامات الناس وعزّتهم.

هنا، يأتي دور الإيمان والمعرفة، فمن تحلّى بذلك، فإنّه يلتزم حدود الله -سبحانه- مهما دفعته نفسه الأمّارة بالسوء إلى ارتكاب ما لا ينبغي، ومهما اشتدّ الغضب في قلبه ومهما عاش حياة الرغد والرضا والرفاهية والسلطة.

وقد ورد العديد من أحاديث النبيّ الأكرم-  وأهل بيته الأطهار( ، وهي تحذّر من وقوع الإنسان في مثل ذلك، وأن يحفظ فورة غضبه، ويملك جموحَ نفسه عند رضاها.

عن الإمام الصادق، عن أبيه، عن جدّه( ، قال: «مرّ رسول الله-  بقوم يرفعون حجراً، فقال: ما هذا؟ قالوا: نعرف بذلك أشدّنا وأقوانا، فقال- : ألا أخبركم بأشدّكم وأقواكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أشدّكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحقّ، وإذا قدر لم يتعاطَ ما ليس له بحقّ»([1]).

 


([1]) الصدوق، الشيخ محمّد بن عليّ بن بابويه، معاني الأخبار، تصحيح وتعليق عليّ أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة، إيران - قم، 1379هـ - 1338 ش، لا.ط، ص366.

 

25


18

الموعظة السادسة: البشر وانشراح الصدر

الموعظة السادسة
البشر وانشراح الصدر

 

هدف الموعظة

تعرّف أهمّيّةِ البشر وسعة الصدر في تحقيق الإلفة بين الناس.

 

محاور الموعظة

من أسرار بشر وجه المؤمن

ضوابط المزاح

التبسّم في وجه الآخر

 

تصدير الموعظة

عن الرسول الأكرم- : «يا بني عبد المطّلب، إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه، وحُسن البشر»([1]).


 


([1]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص103.

 

26


19

الموعظة السادسة: البشر وانشراح الصدر

من أسرار بشر وجه المؤمن

إنّ من أبرز الصفات التي يتحلّى بها المؤمن هو أن يكون رحب الصدر، بشرَ الوجه، يألف الناس ويألفونه، ولا يضع حواجز تمنع التواصل الطيّب والمبنيّ على حبّ الله -سبحانه- بينه وبينهم.

 

إنّ سرّ اتّصاف المؤمن بذلك، يرجع على إلى أمرين أساسيين:

الأوّل: إنّه يتحلّى بالرّحمة والمحبّة والرأفة، وينظر إلى من حوله بعين الأخوّة، يُسعده ما يسعدهم، ويحزنه ما يحزنهم، حتّى يرى نفسه معهم كالجسد الواحد، ومن ذلك تنشأ مظاهر الحبّ في ملامح وجهه وأفعاله، ليكون بشرَ الوجه، مرحاً، لا يقطّب جبينه، ولا تظهر عليه علامات الحزن والبؤس.

الثاني: توكّله على الله، فالتوكّل على الله يزرع الاطمئنان في نفس الإنسان ويجعلها أكثر سكوناً، حتّى في أحلك الظروف التي قد يُصاب بها الإنسان. من هنا نجد الأحاديث الواردة عن المعصومين( ، تشير إلى أنّ حزن المؤمن إنّما يكون في قلبه، وبشره في وجهه([1])، فهو يخزن حزنه بينه وبين الله؛ ذلك أنّه لا يرى مقتدراً لتفريج همّه وكشف غمّه في الوجود سواه -سبحانه-.

 

وقد ورد في ذلك ما يؤكّد لنا أهمّيّة هذه الصفة في الإنسان المؤمن، وهي تعدّها من علامات المؤمن، منها ما عن الرسول الأكرم- : «المؤمن دَعِب لَعِب، والمنافق قَطِب غَضِب»([2]).

 

وعن أمير المؤمنين% : «الْمُؤْمِنُ بِشْرُه فِي وَجْهِه وحُزْنُه فِي قَلْبِه، أَوْسَعُ شَيْءٍ صَدْراً وأَذَلُّ شَيْءٍ نَفْساً،

 


([1]) انظر: العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج75، ص73.

([2]) المصدر نفسه، ج74، ص153. (الدعِب: اللّاعب والممازح، والقطِب: العبوس).

 

27


20

الموعظة السادسة: البشر وانشراح الصدر

يَكْرَه الرِّفْعَةَ ويَشْنَأُ السُّمْعَةَ، طَوِيلٌ غَمُّه، بَعِيدٌ هَمُّه، كَثِيرٌ صَمْتُه، مَشْغُولٌ وَقْتُه، شَكُورٌ، صَبُورٌ، مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِه، ضَنِينٌ بِخَلَّتِه، سَهْلُ الْخَلِيقَةِ، لَيِّنُ الْعَرِيكَةِ، نَفْسُه أَصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ، وهُوَ أَذَلُّ مِنَ الْعَبْدِ»([1])، وعن الإمام الصادق% : «ما من مؤمن إلّا وفيه دعابة»، قلتُ: ما الدعابة؟ قال: «المزاح»([2]).

 

ضوابط المزاح

إنّ لمزاح المؤمن، مع أهمّيته وضرورته، ضوابط لا بدّ من مراعاتها، وإلّا فإنّ ما كان منشوداً من خلاله في الأصل، يصبح سوءاً ومضرّة، ومن تلك الضوابط:

1. ألّا يخرج بمزاحه عن حدود الله.

2. ألّا يخرج عن مروءته التي تفقده هيبته ووقاره، وقد ورد في ذلك أنّ الرسول الأكرم-  كان يمازح أصحابه وأهل بيته( ، ويحبّ إدخال السرور على الجميع، ولكن لا يقول إلّا حقّاً، ولا يخرج عن طوره، ولا يخلّ بوقاره وهيبته.

3. ألّا يكثر من مزاحه ولو كان حقّاً، وإلّا يذهب ذلك بماء وجهه، كما عن الإمام الصادق% : «إنّ الرسول-  قال: كثرة المزاح يذهب بماء الوجه، وكثرة الضحك يمحو الإيمان»([3]).

 

التبسّم في وجه الآخر

إنّ من أبرز الأمور التي تُعَدّ أساساً في نسج العلاقات بين الناس وتوطيدها، سواء أكانت علاقات اجتماعيّة أم اقتصاديّة أم سياسيّة... هي أن يلقى المرءُ الآخرين بوجه مستبشر، ترتسم البسمة على وجهه، بل أصبح المعنيّون بالتنمية

 


([1]) السيد الرضيّ، نهج البلاغة (خطب الإمام عليّ%)، تحقيق صبحي الصالح، مصدر سابق، ص533.

([2]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص663.

([3]) العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج69، ص259.

 

28


21

الموعظة السادسة: البشر وانشراح الصدر

البشريّة يرَونه من لوازم نسج هذه العلاقات، وإلّا فإنّ المرء يبوء بالفشل في حياته، مهما كان مبدعاً وعالماً ومجتهداً في ما هو عليه، من علم أو عمل.

 

وإنّنا نجد الحثّ الشديد في أحاديث أهل بيت العصمة(  على ضرورة التبسّم، وقد سلكوا ذلك في سيرتهم مع الناس.

 

عن الإمام الباقر% : «أتى رسولَ الله-  رجلٌ، فقال: يا رسول الله، أوصني، فكان في ما أوصاه أن قال: اِلْقَ أخاك بوجهٍ منبسط»([1]).

 

وعنه- : «ثلاث يصفين ودّ المرء لأخيه المسلم: يلقاه بالبشر إذا لقيه، ويوسّع له في المجلس إذا جلس إليه، ويدعوه بأحبّ الأسماء إليه»([2]).

 

كما بيّن أجر ذلك عند الله -سبحانه-، فعنه- : «تبسّمك في وجه أخيك صدقة»([3]).

 


([1]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص103.

([2]) المصدر نفسه، ج2، ص643.

([3]) المتّقي الهنديّ، علاء الدين عليّ المتقيّ بن حسام الدين، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، مؤسسة الرسالة، لبنان - بيروت، 1409هـ - 1989م، لا.ط، ج6، ص410.

 

29


22

الموعظة السابعة: الصدق والأمانة

الموعظة السابعة
الصدق والأمانة

 

هدف الموعظة

بيان دور الصدق والأمانة في صياغة شخصيّة المؤمن وبناء علاقات اجتماعيّة سليمة.

 

محاور الموعظة

الصدق والأمانة ضرورة اجتماعيّة

الصدق والأمانة علامة المؤمن

أشكال الصدق

أشكال الأمانة

 

تصدير الموعظة

﴿اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصّادقينَ﴾([1]).


 


([1]) سورة التوبة، الآية 119.

 

31


23

الموعظة السابعة: الصدق والأمانة

الصدق والأمانة ضرورة اجتماعيّة

قد يكون ثمّة تفاوت بين خُلق وآخر في مدى مؤثّريّته في الحياة الاجتماعيّة، وعلاقات الناس في ما بينهم، علاوة على ارتباطها بأحكام الله -سبحانه-، وآثارها الروحيّة والمعنويّة على الإنسان.

إلّا أنّ الصدق والأمانة يأتيان على رأس تلك الأخلاق، ليكونا طريقين أساسيّين لإرساء الأمن الاجتماعيّ العامّ في المجتمع البشريّ.

فالصدق، وهو مطابقة القول للواقع، يزرع الثقة بين الناس، وتُبنى على أساسه العهود والمواثيق، وكذلك الأمانة، وهي متفرّعة عن الصدق؛ ذلك أنّ الصدق مطابقة قوليّة للواقع، والأمانة صدق عمليّ، يحفظ المرء من خلالها ما أؤتمن عليه، ويؤدّيه على أكمل وجه.

 

الصدق والأمانة علامة المؤمن

لقد قرنت الأحاديث الواردة عن النبيّ الأكرم-  والأئمّة الأطهار(  الإيمان بالصدق والأمانة، حتّى عُدّ ذلك من علامات المؤمن. وذلك إن دلّ على شيء، إنّما يدلّ على قوّاميّة الصدق والإيمان في كمال الإنسان وأخلاقه الحسنة، فمن دونهما لا يمكن أن يتّصف المؤمن بحسن الخلق البتّة، مهما كان مؤدّياً للفرائض وملتزماً بأحكام الله -سبحانه-.

 

فالإيمان، طبقاً لأحاديث الأطهار( ، لا يُقاس بالصلاة مع عظمتها ورفعة شأنها فحسب، بل أيضاً بصدق اللّسان وأداء الأمانة. 

 

عن الرسول الأكرم- : «تقبّلوا إليّ بست خصال أتقبّل لكم بالجنّة: إذا حدّثتم فلا تكذبوا، وإذا وعدتم فلا تخلفوا، وإذا ائتمنتم فلا تخونوا، وغضّوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم، وكفّوا أيديكم 

 

32


24

الموعظة السابعة: الصدق والأمانة

وألسنتكم»([1]).

 

وعن الإمام الصادق% : «لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإنّ ذلك شيء قد اعتاده، فلو تركه استوحش لذلك، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته»([2]).

 

عن أبي حمزة الثماليّ، قال: سمعتُ سيّد الساجدين عليّ بن الحسين'  يقول لشيعته: «عليكم بأداء الأمانة، فوالذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً، لو أنّ قاتل أبي الحسين بن عليّ بن أبي طالب(  ائتمنني على السيف الذي قتله به، لأدّيته إليه»([3]).

 

أشكال الصدق

للصدق أشكال عدّة، منها:

1. الصدق مع الله: قال -تعالى-: ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ﴾([4]).

2. الصدق في النيّات: قال الله -تعالى-: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾([5]).

3. الصدق في الأقوال: عن النبيّ الأكرم- : «ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً، أَوْ لِيَسْكُتْ»([6]).

4. الصدق في العزم: قال -سبحانه-: ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾([7]).

 

أشكال الأمانة

إنّ دائرة الأمانة أوسع ممّا يُتصوَّر، فغالباً ما

 


([1]) العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج66، ص372.

([2]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص105.

([3]) الصدوق، الشيخ محمّد بن عليّ بن بابويه، الأمالي، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة، مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، إيران - قم، 1417هـ، ط1، ص319.

([4]) سورة محمّد، الآية 21.

([5]) سورة البيّنة، الآية 5.

([6]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص667.

([7]) سورة الأحزاب، الآية 23.

 

33


25

الموعظة السابعة: الصدق والأمانة

يحصر الناس الأمانة في ما يتعلّق بالأمور المادّيّة المتبادلة بينهم، إلّا أنّ حقيقة الأمانة أوسع من ذلك، إذ تشمل كلّ ما ألقي على عاتقه وعهده وأصبح ملزماً به، كالصلاة التي فرضها الله -سبحانه وتعالى-، والفرائض والواجبات كلّها، فهي جميعاً تُعَدّ أمانة بيد الإنسان المكلّف، وهذا ما تشير إليه بعض الآيات المباركة، كقوله -تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾([1]).

 

ومن أشكال الأمانات:

1. الصلاة: عن أمير المؤمنين% : «حضر وقت أمانة عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها»([2]).

 

2. الأولاد: فهم أمانة بين أيدي آبائهم وأمّهاتهم، من حيث التربية والرعاية والتوجيه، وقد أمر الله -تعالى-بوقايتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، كما تشير إلى ذلك الآية المباركة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾([3]).

 

3. الزوجة والأرحام: يقول -تعالى-: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾([4]). فإنّ تقوى الله فيهم، تكون من خلال حفظهم وعدم تعدّي حدود الله فيهم.

 

4. السرّ: فمن أُسِرّ إليه أمرٌ، فهو أمانة بين يديه لا ينبغي له إفشاؤه، وإلّا كان خيانة، كما عن الرسول الأكرم-  أنّه قال لأبي ذرّ: «يا أبا

 


([1]) سورة المؤمنون، الآية 8.

([2]) العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج57، ص 281.

([3]) سورة التحريم، الآية 6.

([4]) سورة النساء، الآية 1.

 

34


26

الموعظة السابعة: الصدق والأمانة

ذرّ، المجالس بالأمانة، وإفشاء سرّ أخيك خيانة»([1]).

 

 


([1]) العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج74، ص89.

 

35


27

الموعظة الثامنة: الحياء

الموعظة الثامنة
الحياء

 

 

هدف الموعظة

إيضاح مفهوم الحياء الممدوح ومصاديقه، وبيان ملازمته للإيمان.

 

محاور الموعظة

معنى الحياء

الحياء والإيمان مقرونان

الحياء زينة

أيّ حياء ممدوح؟

ممّن نستحي؟

 

تصدير الموعظة

عن الإمام الصادق% : «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار»([1]).


 


([1]) الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت(، إيران - قم، 1414هـ، ط2، ج16، ص36.

 

36


28

الموعظة الثامنة: الحياء

معنى الحياء

الحياء «ملكة للنفس توجب انقباضها عن القبيح وانزجارها عن خلاف الآداب خوفاً من اللّوم»([1]).

ليس الحياء مجرّد ملامح خارجيّة تظهر على وجه الإنسان وجوارحه، إنّما هي تنبع من القلب، خشية أن ينال المرء اللّوم ممّن هو شاهد عليه، فالمؤمن الذي يشعر بوجود الله دوماً، إنّما يتفكّر في لوم الله مباشرة، فيخشاه ويستحي منه ولو كان وحيداً، وهنا مكمن فرقٍ بين من يكون حييّاً فقط من الناس، ومن كان حييّاً من الله؛ فالأوّل قد يقع في المعاصي، وتنزلق نفسه في الخلوات، أمّا المؤمن فيبقى ثابتاً في حيائه؛ ذلك أنّه يشعر بوجود الباري -سبحانه- دوماً.

 

الحياء والإيمان مقرونان

الحياء والإيمان مقرونان، لأنّ المؤمن يشعر بالحياء من الله، من أن يقترف ذنباً، بل من أن يفكّر في ذنب، وهذا ما يجعل ملكة الحياء متجذّرة فيه، حتّى يصبح علامة الإيمان؛ أمّا من ابتعد في فكره وقلبه عن الله، فقد يصبح أكثر جرأة على اقتراف المعاصي والذنوب، بل ربّما يفعلها ولا يشعر بأدنى ندم أو خجل، عن الرسول الأكرم- : «الحياء والإيمان في قرنٍ واحدٍ، فإذا سُلب أحدهما تبعه الآخر»([2]).

 

الحياء زينة

عن الرسول الأكرم- : «الحياء زينة، والتقوى كرم، وخير المركب الصبر، وانتظار الفرج من الله -عزّ وجلّ- عبادة»([3]).

 


([1]) العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج71، ص329.

([2]) المصدر نفسه، ج68، ص335.

([3]) السيوطيّ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان - بيروت، 1401هـ - 1981م، ط1، ج1، ص596.

 

37


29

الموعظة الثامنة: الحياء

وعنه أيضاً- : «ما كان الفحش في شيءٍ قطّ إلّا شانه، ولا كان الحياء في شيءٍ قطّ إلّا زانه»([1]).

 

أيّ حياء ممدوح؟

ورد بعض الأحاديث التي تفرّق بين حياء وآخر، فتارةً يكون الحياء ممدوحاً، وأخرى مذموماً؛ فأمّا الممدوح فهو ما صدر عن العقل، أي الناتج عن تعقّل المرء وحكمته ونظره الثاقب، أمّا إذا كان الحياء غير موضوعيّ، فهو حياء غير ممدوح، وقد قسّم الرسول الأكرم-  الحياء إلى قسمين إذ قال: «الحياء حياءان؛ حياءُ عقلٍ وحياءُ حمق، فحياء العقل هو العلم، وحياء الحمق هو الجهل»([2]).

وفي مقابل ذلك، ورد ما يؤكّد أنّ عدم الحياء إنّما ينتج عن قساوة القلب ونفاقه، كما عن الصيقل، قال: كنت عند أبي عبد الله%  جالساً، فبعث غلاماً له أعجميّاً في حاجةٍ إلى رجل، فانطلق ثمّ رجع. فجعل أبو عبد الله%  يستفهمه الجواب، وجعل الغلام لا يفهمه مراراً، قال: فلمّا رأيتُه لا يتعبّر لسانه ولا يفهمه، ظننتُ أنّ أبا عبد الله%  سيغضب عليه. قال: وأحدَّ أبو عبد الله النظرَ إليه، ثمّ قال% : «أمَا واللهِ، لئن كنتَ عييَّ اللّسان، فما أنت بعييِّ القلب»، ثمّ قال% : «إنّ الحياء والعيّ من الإيمان، والفحش والبذاء والسلاطة من النفاق»([3]).

 

ممّن نستحي؟

1. من الله: قيل للنبيّ: أوصني، فقال- : «استحيِ

 


([1]) المفيد، الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان، الأمالي، تحقيق حسين الأستاد ولي، عليّ أكبر الغفاري، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان - بيروت، 1414هـ - 1993م، ط2، ص167.

([2]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص106.

([3]) العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج68، ص289.

 

38


30

الموعظة الثامنة: الحياء

من الله كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك»([1]).

2. من المعصوم: عن الإمام الباقر% : «إنّ أعمال العباد تُعرض على نبيّكم كلّ عشيّة خميس؛ فليستحْيِ أحدكم أن يعرض على نبيّه العمل القبيح»([2]).

3. من الملائكة: عن الرسول الأكرم- : «ليستحِ أحدُكم من مَلَكيه اللّذين معه، كما يستحْي من رَجُلَين صالحين من جيرانه، وهما معه باللّيل والنهار»([3]).

4. من الناس: عن الرسول الأكرم- : «من لا يستحْي من الناس، لا يستحْي من الله -تعالى-»([4]).

5. من النفس: عن أمير المؤمنين% : «من تمام المروّة، أن تستحيي من نفسك»([5]).

 

 


([1]) العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج68، ص336.

([2]) الصفّار، محمّد بن الحسن بن فروخ، بصائر الدرجات، تصحيح الحاج ميرزا حسن كوچه باغي، منشورات الأعلمي، إيران - طهران، 1404هـ - 1362ش، لا.ط، ص446.

([3]) المتّقي الهنديّ، كنز العمّال، مصدر سابق، ج3، ص118.

([4]) المصدر نفسه، ج3، ص122.

([5]) اللّيثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص472.

 

39


31

الموعظة التاسعة: الرأفة

الموعظة التاسعة
الرأفة

 

 

هدف الموعظة

تعرّف معنى الرأفة كمفهوم ووسيلة عمليّة لاستجلاب الرحمة الإلهيّة.

 

محاور الموعظة

السعي نحو الكمال

ندعو الله أن يرأف بنا، ونحن؟

الرأفة علامة الإيمان

 

تصدير الموعظة

عن الرسول الأكرم- : «وأمّا علامة المؤمن، فإنّه يرأف ويفهم ويستحي»([1]).


 


([1]) الحرّاني، الشيخ ابن شعبة، تحف العقول عن آل الرسول-، تصحيح وتعليق عليّ أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة، إيران - قم، 1404هـ - 1363ش، ط2، ص20.

 

40


32

الموعظة التاسعة: الرأفة

السعي نحو الكمال

يسعى المرء لأن يتحلّى بالكمال، ويبذل قصارى جهده في سبيل الارتقاء في أخلاقه وخصاله، حتّى تتقوّم شخصيّته بالصفات النبيلة والجليلة وتسري في أفعاله وأعماله، وهكذا دأب كلّ إنسان عاقل يروم الوصول إلى مدارج الكمال والوصال مع الباري -سبحانه وتعالى-.

 

ولطالما كانت بعض صفات الله، هي المثل الأعلى التي يسعى المؤمنون للتخلّق بها، ومن ذلك صفة الرأفة والرحمة.

 

فالله -سبحانه وتعالى- اتّصف بأنّه رؤوف رحيم، يرحم ويرأف بعباده العصاة، مهما أسرفوا على أنفسهم، ومع ذلك فإنّه وعدهم بالرأفة والرحمة والمغفرة، إذ قال: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾([1]).

 

ندعو الله أن يرأف بنا، ونحن؟

إنّ أكثر الأدعية التي تجري على ألسنة عباد الله، إنّما يطلبون فيها الرأفة منه -سبحانه-، هذا وقد ورد عن النبيّ الأكرم- : «من لا يَرحم، لا يُرحم»([2])، وهذا يعني أنّ من يرحم الناس، فله أن يرحمه الله -سبحانه-، أمّا من لا يرحم فإنّه ليس أهلاً لنيل رحمة الله ورأفته. 

وبالتالي، على كلّ إنسان أن يسأل نفسه: هل أنت ترأف بالناس وترحمهم، كما أنّك تطلب من الله ذلك؟ وكيف تطلب من الله ما لا تقوم به أنت مع نظرائك في الخلق وإخوانك في الدين؟!

 

الرأفة علامة الإيمان

من هنا، فإنّ من صفات المؤمن وعلاماته أنّه يرأف بغيره، بمن هم دونه في القدرة والقوّة

 


([1]) سورة الزمر، الآية 35.

([2]) العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج43، ص295.

 

41


33

الموعظة العاشرة: معونة الناس وخدمتهم

الموعظة العاشرة
معونة الناس وخدمتهم

 

هدف الموعظة

الحثّ على خدمة الناس، وبيان منزلتها من سائر الأعمال.

 

محاور الموعظة

مكانة خدمة الناس

ثواب خدمة الناس في الآخرة

منزلة خدمة الناس من سائر الأعمال

خدمة الناس في سيرة الأئمّة الأطهار

 

تصدير الموعظة

عن الرسول الأكرم- : «الخلق كلّهم عيال الله، فأحبّهم إلى الله -عزَّ وجلَّ- أنفعهم لعياله»([1]).

 


([1]) الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج16، ص345.

 

44


34

الموعظة العاشرة: معونة الناس وخدمتهم

مكانة خدمة الناس

اتّخذت خدمة الناس مكانة عظمى في أحاديث النبيّ-  وآله الأطهار( ، حتّى عُدّت من أفضل الأعمال التي يقوم بها المرء في حياته، بل أحبّها إلى الله -سبحانه-.

وفي ذلك دلالة على أنّ الإسلامَ دينٌ يحبّ الوئام بين الناس، ويدعو له بكلّ الأساليب التي تحفظ أواصر العلاقة الطيّبة بينهم، وكذلك التي تحفظ كرامة الإنسان، وألّا يعيش حياة القهر والحرمان. ومن هذا المنطلق، دعا الإسلام الناس ليكونوا كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء.

وتأتي خدمة الناس على رأس تلك الأعمال التي ينبغي على الإنسان الحرص عليها، والتي عُدّت رحمة من الله -سبحانه- كما عن الإمام الصادق% : «أيّما مؤمنٍ أتاه أخوه في حاجة، فإنّما ذلك رحمة ساقها الله إليه، وسبّبها له، فإن قضى حاجته كان قد قبِل الرحمة لقبولها، وإن ردّه عن حاجته، وهو يقدر على قضائها، فإنّما ردّ عن نفسه الرحمة التي ساقها الله إليه، وسبّبها له، وذخرت الرحمة إلى يوم القيامة...»([1]).

بل إنّ رفعة خدمة الناس جعلتها كخدمة الله -سبحانه-، كما عن الرسول الأكرم- : «من قضى حاجة لأخيه، فكأنّما خدم الله عمره»([2]).

 

ثواب خدمة الناس في الآخرة

1. شفاعة النبيّ- : عن الرسول الأكرم- : «من قضى حاجة لأخيه، كنتُ واقفاً عند ميزانه، فإنْ

 


([1]) الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال، ص248.

([2]) الفيض الكاشانيّ، المولى محمّد محسن، المحجّة البيضاء في تهذيب الإحياء، تحقيق عليّ أكبر الغفاري، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، إيران - قم، لا.ت، ط2، ج3، ص404.

 

45


35

الموعظة العاشرة: معونة الناس وخدمتهم

رجح، وإلّا شفعتُ له»([1]).

2. الأمن يوم القيامة: عن الإمام الصادق% : «إنّ لله عباداً من خلقه، يفزع العباد إليهم في حوائجهم، أولئك هم الآمنون يوم القيامة»([2]).

3. الثبات: عن الإمام الباقر% : «من مشى في حاجةٍ لأخيه المسلم حتّى يتمّها، أثبت الله قدميه يوم تزلّ الأقدام»([3]).

4. الزحزحة عن النار: عن الإمام الصادق% : «من سعى لأخيه المؤمن في حاجة من حوائج الدنيا، قضى الله -عزَّ وجلَّ- له بها سبعين حاجة من حوائج الآخرة، أيسرها أن يزحزحه عن النار»([4]).

 

منزلة خدمة الناس من سائر الأعمال

عن الإمام الصادق% : «والذي بعث بالحقّ محمّداً بشيراً ونذيراً، لَقَضاءُ حاجةِ امرئٍ مسلم، وتنفيس كربته، أفضل من حجّة وطواف، وحجّة وطواف»، حتّى عدّ عشرة، ثمّ خلّى يده وقال: «اتقوا الله، ولا تملّوا من الخير، ولا تكسلوا»([5]).

 

خدمة الناس في سيرة الأئمّة الأطهار(

لم يكن المعصومون(  ليرشدوننا إلى شيء بالقول، من دون أن يقوموا به أنفسهم، فقد دأب النبيّ-  وأهل بيته الأطهار(  على خدمة الناس وقضاء حوائجهم، ومن ذلك ما ورد في الإمام زين العابدين%  على لسان الإمام الباقر% : «كان عليّ بن الحسين'  يخرج في اللّيلة الظلماء، فيحمل الجراب على ظهره، وفيه الصرر من الدنانير والدراهم، وربّما حمل على ظهره

 


 x([1]) الشيخ النوريّ، مستدرك الوسائل، مصدر سابق، ج12، ص405.

([2]) المصدر نفسه.

([3]) المصدر نفسه، ج12، ص409.

([4]) المصدر نفسه.

([5]) المصدر نفسه، ج12، ص411.

 

46


36

الموعظة العاشرة: معونة الناس وخدمتهم

الطعام أو الحطب، حتّى يأتي باباً باباً، فيقرعه، ثمّ يناول من يخرج إليه، وكان يغطّي وجهه إذا ناول فقيراً لئلّا يعرفه، فلمّا توفّي فقدوا ذلك، فعلموا أنّه كان عليّ بن الحسين، ولقد خرج ذات يوم وعليه مطرف خزّ، فتعرّض له سائل، فتعلّق بالمطرف، فمضى وتركه»([1]).


 


([1]) الشيخ الصدوق، الخصال، ص517.

 

47


37

الموعظة الحادية عشرة: الإلفة والمداراة

الموعظة الحادية عشرة
الإلفة والمداراة

 

 

هدف الموعظة

بيان مصاديق المداراة وكونها من الإيمان.

 

محاور الموعظة

الإلفة والمداراة علامتا إيمان

عدم التكلّف من الإلفة

من مصاديق مداراة الناس

 

تصدير الموعظة

عن الرسول الأكرم- : «مداراة الناس نصف الإيمان، والرفق بهم نصف العيش»([1]).


 


([1]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص117.

 

48


38

الموعظة الحادية عشرة: الإلفة والمداراة

الإلفة والمداراة علامتا إيمان

إنّ من أبرز الصفات التي ينبغي أن يتميّز بها المؤمن في حياته الاجتماعيّة، والتي تُعَدّ أساساً من أسس الارتباط بالله -سبحانه- الإلفة مع الناس ومداراتهم، إذ ثمّة العديد من الأمور والأفعال التي تدور في فلك الحياة الاجتماعيّة، وكيفيّة التعامل والعلاقة مع عباد الله -تعالى-، وهي في الوقت عينه تُعَدّ مصدراً من مصدر القربى منه -سبحانه-، كحسن الجوار وخدمة الناس...

 

وقد ورد في ذلك ما يجعل الإلفة والمداراة من علامات الإيمان، وبهما يتحلّى المؤمن الحقّ، ليكون داعياً فيهما إلى الله، محبّباً بين الناس، يألفهم ويألفونه، ويتغاضى عن هفواتهم، ويتغافل عمّا صدر منهم من جهل وضعف وقلّة حيلة، عن أمير المؤمنين% : «المؤمن مألوف، ولا خير في من لا يألَف ولا يُؤلَف»([1]).

 

عدم التكلّف من الإلفة

إنّ إلزام الآخر بالتكلّف في المعاملة من أقبح ما يتّصف به المرء في حياته وعلاقاته الاجتماعيّة، وقد قال أمير المؤمنين%  في من يكون على هذه الصفة: «شرّ الإخوان من تُكلِّف له»([2])، سواء أكان هذا التكلّف في الأمور المعنويّة أم في الأمور المادّيّة.

 

والتكلّف في الواقع هو مجلبة للبغض وعدم المحبّة، ومدعاة للنفور والمجافاة.

 

وقد يكون المتكلَّف له أشدّ الناس مصداقاً لمن لا يستطيع اتّخاذ الإخوان، لاشتماله على هذه الصفة الذميمة، وعن أمير المؤمنين% : «أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الإِخْوَانِ، وأَعْجَزُ مِنْه مَنْ ضَيَّعَ

 


([1]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص102.

([2]) السيد الرضيّ، نهج البلاغة (خطب الإمام عليّ%)، تحقيق صبحي الصالح، مصدر سابق، ص560.

 

49


39

الموعظة الحادية عشرة: الإلفة والمداراة

مَنْ ظَفِرَ بِه مِنْهُمْ»([1]).

 

من مصاديق مداراة الناس

ثمّة العديد من التصرّفات التي تندرج تحت المداراة، منها:

1. الكلام اللّيّن: ذلك أنّه طريق أمثل لإيصال كلمة الحقّ، كما ذكر الله -تعالى- في كتابه، وأمره النبيَّ موسى وأخاه هارون'  كيف ينبغي أن يكون خطابهما مع فرعون، مع كلّ عتوّه وجبروته، إذ قال: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾([2]).

2. الكلام مع الناس على قدر عقولهم: فالناس ليسوا في درجة واحدة من القدرة على إدراك حقائق الأمور، إذ ثمّة تفاوت في مؤهّلاتهم الفكريّة والعقليّة، فلا ينبغي توجيه خطاب واحد من دون مراعاة ذلك التفاوت، وهذا ما كان يتنبّه إليه الأنبياء والمرسلون( ، ما جعلهم أقرب إلى الناس وأنفذ في الوصول إلى قلوبهم وعقولهم، عن الرسول الأكرم- : «إنّا معاشر الأنبياء، أُمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم»([3])، وعن أمير المؤمنين% : «أحسن الكلام ما زانه حُسنُ النظام، وفَهِمَه الخاصّ والعامّ»([4]).

3. مراعاة ظروف الناس: وذلك بعدم تكليفهم ما لا يطيقون، وأيضاً بعدم إظهار الغنى ومظاهر الترف والرفاهية في بيئة يعيش أهلها حالاً من الضيق الاقتصاديّ، فمراعاة هذه الظروف هي أيضاً

 


([1]) السيد الرضيّ، نهج البلاغة (خطب الإمام عليّ%)، تحقيق صبحي الصالح، مصدر سابق، ص470.

([2]) سورة طه، الآية 44.

([3]) الفيض الكاشانيّ، المولى محمّد محسن، الوافي، تحقيق ضياء الدين الحسينيّ الأصفهانيّ، مكتبة الامام أمير المؤمنين عليّ % العامّة، إيران - أصفهان، 1406هـ، ط1، ج1، ص107.

([4]) اللّيثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص124.

 

50


40

الموعظة الحادية عشرة: الإلفة والمداراة

من أشكال المداراة التي لا بدّ من الالتزام بها.

 

4. المعاملة بالحسنى: وهي أن نعامل الآخرين كما نحبّ أن يعاملونا، وهذا ما نقرأه في وصيّة أمير المؤمنين%  لابنه محمّد بن الحنفيّة: «وأحسِنْ إلى جميع الناس كما تحبّ أن يُحسَن إليك، وارْضَ لهم بما ترضاه لنفسك... واعلمْ أنّ رأس العقل بعد الإيمان بالله -عزَّ وجلّ- مداراةُ الناس، ولا خير في من لا يعاشر بالمعروف مَن لا بدّ مِن معاشرته حتّى يجعلَ اللهُ إلى الخلاص منه سبيلاً، فإنّي وجدتُ جميعَ ما يتعايش به الناسُ وبه يتعاشرون ملءَ مكيالٍ، ثلثاه استحسان وثلثه تغافل»([1]).

 

5. العفو والصفح: وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك، فقال -تعالى-: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾([2]).

 


([1]) الفيض الكاشانيّ، الوافي، مصدر سابق، ج26، ص236.

([2]) سورة النور، الآية 22.

 

51


41

الموعظة الثانية عشرة: حسن الجوار

الموعظة الثانية عشرة
حسن الجوار

 

هدف الموعظة

الحثّ على حسن الجوار، وتعرّف أبرز مصاديقه.

 

محاور الموعظة

حسن الجوار علامة الإيمان

كيف نحسن إلى الجار؟

 

تصدير الموعظة

﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا﴾([1]).


 


([1]) سورة النساء، الآية 36.

 

52


42

الموعظة الثانية عشرة: حسن الجوار

حسن الجوار علامة الإيمان

ليس الإيمان مجرّد شعائر يعمد إليها المتديّن، ليكون بذلك قد فعل ما عليه، إنّما هو تفاعل مع كلّ ما يحبّه الله ويرضاه، سواء أكان له طابع فرديّ، كالصلاة والصيام وما شاكل، أم له طابع اجتماعيّ وجماعيّ، كصلة الرحم وخدمة الناس وغير ذلك.

فإنّ كلّ ما يصبّ في رضا الله -سبحانه- وهو محبّب لديه، إنّما يكون أمراً أساسيّاً في حياة المؤمن، وبه تتقوّم حركته وأفعاله، ومن ذلك حسن الجوار.

وقد ورد ما يدلّ على أنّ حسن الجوار من علامات المؤمن في العديد من الروايات، منها:

ورد أنّ رسول الله-  أتاه رجل من الأنصار، فقال: إنّي اشتريت داراً من بني فلان، وإنّ أقرب جيراني منّي جواراً من لا أرجو خيره ولا آمن شره، فأمر رسول الله-  عليّاً وسلمان وأبا ذر... أن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم بأنّه: «لا إيمان لمن لم يأمن جارُه بوائقَه»، فنادوا بها ثلاثاً([1]).

وعن الإمام الصادق% : «المؤمن من آمن جاره بوائقه»، قلتُ: ما بوائقه؟ قال: «ظلمه وغشمه»([2]).

 

كيف نحسن إلى الجار؟

إنَّ حسن الجوار يتحقّق بعناوين عدّة، منها:

1. كفّ الأذى

عن ابن مسعود أنّه أتى إلى السيّدة الزهراء& ، وسألها: هل ترك رسول الله عندك شيئاً تطرفينيه، فجاءت&  بجريدة كُتب فيها: «ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه، ومن كان يؤمن بالله

 


([1]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص666.

([2]) المصدر نفسه، ص668.

 

53


43

الموعظة الثانية عشرة: حسن الجوار

واليوم الآخر فلا يؤذي جاره»([1]).

 

ومن الأذى التعدّي باللّسان، فقد ورد أنّ بعضهم قال للرسول الأكرم- : فلانة تصوم النهار وتقوم اللّيل وتتصدَّق، وتؤذي جارَها بلسانها، قال- : «لا خير فيها، هي من أهل النار»([2]).

 

2. الصبر على الأذى

إنّ حسن الجوار لا ينحصر في فعل الحسن، إنّما أيضاً في الصبر على ما يصدر من الجار من أذى، عن الإمام الكاظم% : «ليس حسن الجوار كفّ الأذى، ولكن حسن الجوار صبرك على الأذى»([3]).

 

3. تفقّد الجار

عن أمير المؤمنين% : «من حسن الجوار تفقّد الجار»([4]).

 


([1]) البروجرديّ، ، السيّد حسين الطباطبائيّ، جامع أحاديث الشيعة، المطبعة العلميّة، إيران - قم، 1399هـ، لا.ط، ج13، ص431.

([2]) الشيخ النوريّ، مستدرك الوسائل، مصدر سابق، ج8، ص423.

([3]) الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص667.

([4]) ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول، مصدر سابق، ص85.

 

54


44
علامات المؤمن