وِصَال

وصية الشهيد قاسم سليماني


الناشر:

تاريخ الإصدار: 2020-01

النسخة:


الكاتب

مركز المعارف للترجمة


أشهد بأصول الدين

أشهد أنّ لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّدًا رسولَ الله، وأشهد أنّ أمير المؤمنين عليًّا بنَ أبي طالب وأولادَه الاثني عشر أئمّتَنا المعصومين حججُ الله.

أشهد بأنّ القيامة حقّ، والقرآن حقّ، والجنّة والنار حقّ، والحساب حقّ، والمعاد حقّ، والعدل حقّ، والإمامة حقّ، والنبوّة حقّ.

 

3


1

إلهي، أشكرك على نعمك

إلهي، أشكرك على نعمك

إلهي، أحمدك أنْ نقلتني من صلبٍ إلى صلب، ومن قرنٍ إلى قرن، وخلقتني، ومنحتني الوجود في زمن تمكّنتُ فيه من إدراك [معرفة] أحد أبرز أوليائك المقرّبين والمقترنين بأوليائك المعصومين، عبدك الصّالح الخمينيّ الكبير العظيم، لأصبح جنديًّا في ركابه. إنْ لم أوفّق لصحبة رسولك الأعظم محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله)، ولم يكن لي نصيبٌ من إدراك زمن مظلوميّة عليّ بن أبي طالب وأبنائه المعصومين والمظلومين (عليهم السلام) [والدفاع عنهم]، فقد جعلتني في المسار نفسه، الذي لأجله بذلوا أرواحهم، التي هي روح العالم والخلقة (الخلق).

اللهمّ، إنّي أشكرك على أن جعلتني بعد عبدك الصالح الخمينيّ الحبيب، سائرًا على درب عبد صالح آخر من عبادك الصالحين، مظلوميّتُه تفوق صلاحَه، رجلٌ هو حكيم الإسلام والتشيّع وإيران وعالم الإسلام السياسيّ اليوم، الخامنئيّ العزيز، روحي لروحه الفداء!

إلهي، لك الشكر على أن جمعتني بأفضل عبادك، وتكرّمت عليّ بتقبيل وجوههم الجنائنيّة (وجوههم السماويّة)،

 

4


2

إلهي، أشكرك على نعمك

واستنشاق عطرهم الإلهيّ، ألا وإنّهم المجاهدون والمستشهدون في هذا السبيل.

إلهي، أيّها القادر العزيز، والرّحمن الرزّاق، أمرّغ جبهتي شكرًا واستحياءً على أعتابك، أن جعلتني أسير على درب فاطمة الزكيّة وأبنائها في مذهب التشيّع، عطرِ الإسلام الحقيقيّ، ووفّقتني إلى ذرف الدّموع على أبناء علي بن أبي طالب وفاطمة الزكيّة (عليهما السلام). أيّ نعمة عظيمة هذه التي هي أرفع نعمك وأثمنها، وهي نعمة تحمل النور والمعنويّة، وقلقٌ يحمل في طيّاته أرفع درجات السّكينة والطّمأنينة، وحُزنٌ يختزن الهدوء والرّوحانيّة.

إلهي، أشكرك على أن رزقتني والدَين فقيرَين، إلّا أنّهما كانا متديّنَين، وعاشقَين لأهل البيت، وسائرَين دائمًا على درب الطّهر والنّقاء. أتضرّع إليك أن تسكنهما جنّتك مع أوليائك، وترزقني لقاءهما في الآخرة!

 

5


3

إلهي، كلّي أمل بعفوك

إلهي، كلّي أمل بعفوك

يا الله، الحبيب، والخالق، الحكيم، الواحد، الأحد، أنا خالي الوفاض، وحقيبة سفري فارغة، لقد جئتك من دون زاد، وكلّي أمل أن ترزقَني عفوَك وكرمَك. لم أتزوّد، فما حاجة الفقير إلى الزّاد في حضرة الكريم؟!

فمتاعي مُترَعٌ بالأمل بفضلك وكرمك، وقد جئتُكَ بعينين مغمضتين، ثروتهما إلى جانب كلّ ما حملتاه من الوزر هي ذلك الذّخر العظيم المتمثّل بجوهرة الدّموع المسكوبة على الحسين بن فاطمة (عليهما السلام)، جوهرة ذرف الدّموع على [مصائب] أهل البيت )عليهم السلام)؛ جوهرة ذرف الدّموع عند الدفاع عن المستضعفين والأيتام، والدّفاع عن المظلومين المحاصرين في قبضة الظّالمين.

 

7


4

يداي خاويتان

يداي خاويتان

إلهي، يداي خاويتان، فلا شيء فيهما تقدّمانه، ولا طاقة لهما على الدّفاع، لكنّني ادّخرت في يديّ شيئًا، وأملي معقودٌ على هذا الشّيء (عليه)؛ لقد كانتا دائمًا ممدودتين إليك، حين كنت أرفعهما [تضرّعًا] إليك، وعندما كنت أضعهما لأجلك على الأرض، وعلى ركبتيّ (تأهّبًا للنهوض في سبيلك)، وعندما حملت السّلاح بيدي دفاعًا عن دينك، هذه هي ثروة يديّ، وأملي بأن تكون قد تقبّلتها.

 

9

 


5

قدماي ترتعشان

قدماي ترتعشان

إلهي، قدماي مترنّحتان، لا رمق فيهما، لا جرأة لهما على عبور الصّراط الذي يمرّ فوق جهنّم؛ فقدماي ترتعشان حتّى على الجسر العاديّ، فالويل لي! وصراطك أرفع من الشّعرة وأحدّ من السّيف، لكنّ بصيص أملٍ يُبشّرني أنّ بإمكاني أن لا أتزعزع، وقد أنجو. لقد جلتُ بهاتين القدمين في حرمكَ، وطفتُ حول بيتكَ، وركضت حافيًا في حرم أوليائك، وبين الحرمين، بين حرمَي حسينِكَ وعبّاسِك، كما أنّني ثنيتُ هاتين الرجلين في المتاريس لمدّة طويلة، وركضت، وقفزت، وزحفتُ، وبكيتُ، وضحكتُ وأضحكتُ، وبكيتُ وأبكيتُ، ووقعتُ ونهضتُ لأجل الدّفاع عن دينك. أرجو أن تصفح عنّي لأجل تلك القفزات، وذلك الزّحف، وبحرمة تلك الأحرام.

إلهي، رأسي، وعقلي، وشفتاي، وحاسّة شمّي، وأذناي، وقلبي، وأعضائي وجوارحي كلّها، يحدوها هذا الرّجاء. يا أرحم الرّاحمين، اقبلني، اقبلني طاهرًا، اقبلني بحيث أكون أهلًا للقائك.

لا أرغب إلّا في لقياك؛ فجوارك جنّتي، يا الله!

 

11

 


6

قدماي ترتعشان

إلهي، أيّها الحبيب، لقد تخلّفت لسنوات عن القافلة، وقد كنتُ دومًا أدفع الآخرين إليها، لكنّي بقيتُ متخلّفًا عنها، وأنت تعلم أنّي لم أستطع أبدًا نسيانَهم، فذكراهم وأسماؤهم تتجلّى دائمًا، ليس في ذهني وحده، بل لوعةً ودموعًا في قلبي وفي عينيّ.

 

12

 


7

إلهي، لقد تخلّفت عن قافلة رفاقي

إلهي، لقد تخلّفت عن قافلة رفاقي

يا حبيبي، جسمي يوشك أن يعتلّ ويمرض، كيف يُمكن أن لا تقبل من وقف على بابك أربعين سنة؟! يا خالقي، يا محبوبي، يا معشوقي الذي لطالما طلبتُ منه أن يغمرَ وجودي بعشقه، أحرقني وأمتني بفراقك.

يا حبيبي، لقد تهتُ في الفلوات لاضطرابي وفضيحتي، لتخلّفي عن هذه القافلة، وأنا أتنقّل من هذه المدينة إلى تلك المدينة، ومن هذه الصّحراء إلى تلك الصّحراء، في الصّيف والشّتاء، بدافع أملٍ يحدوني. أيّها الحبيب والكريم، لقد عقدتُ الأملَ على كرمك، وأنتَ تعلم أنّي أحبّك، وتعلم جيّدًا أني لا أريد سواكَ؛ فنوّلني وصالك.

إلهي، الرعب يغمر كلّ وجودي. أنا عاجزٌ عن لجم نفسي؛ فلا تفضحني. أقسم عليك بحرمة أولئك الذين أوجبت حرمتهم على ذاتك، ألحقني بالقافلة التي سارت إليك قبل تخطّي حدّ يُعرّض حرمتهم للانتهاك.

يا معبودي، ويا عشقي ومعشوقي، أحبّك! لقد شعرتُ بوجودك مرّات عديدة، ولا أقدر على الانفصال عنك. يكفي هذا القدر، يكفي. اقبلني، لكن على نحوٍ أكون فيه لائقًا بالاتّصال بك.

 

13

 


8

إلى إخوتي وأخواتي المجاهدين

إلى إخوتي وأخواتي المجاهدين

إخوتي وأخواتي المجاهدين في هذا العالم، يا من أعرتم اللهَ جماجمَكم، وحملتم الأرواحَ على الأكفّ، ووفدتم إلى سوق العشق بائعين، انتبهوا! إنّ الجمهوريّة الإسلاميّة هي قطب الإسلام والتشيّع. مقرّ الحسين بن علي، اليوم، هو إيران. فلتعلموا أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة هي الحرم، وبقاء سائر الأحرام رهن ببقاء هذا الحرم. إذا قضى العدوّ على هذا الحرم، فلن يبقى هنالك من حرم، لا الحرم الإبراهيميّ، ولا الحرم المحمّديّ.

إخوتي وأخواتي، العالم الإسلاميّ بحاجة دائمًا إلى قائد، قائد متّصل بالمعصوم، ومنصَّب بصورة شرعيّة وفقهيّة. تعلمون جيّدًا أنّ أنزه عالم دين، هزّ أركان العالم وأحيا الإسلام؛ أعني إمامنا الخمينيّ العظيم الجليل، جعل ولاية الفقيه الوصفة الوحيدة المنقذة لهذه الأمّة؛ لذلك عليكم -أنتم الشّيعة الذين تعتقدون بها اعتقادًا دينيًّا، وأنتم السنّة الذين تعتقدون بها اعتقادًا عقليًّا- أن لا تتخلّوا عن خيمة الولاية، وأن تتمسّكوا بها من أجل إنقاذ الإسلام، بعيدًا من أيّ نوع من أنواع الخلاف. الخيمة هذه هي خيمة رسول الله (صلّى الله عليه وآله). أساس العداء للجمهوريّة الإسلاميّة هدفه إحراق هذه الخيمة وتدميرها؛ فلتطوفوا حولها.

 

14

 


9

إلى أخوتي وأخواتي الإيرانيّين

والله، والله، والله، لو أصاب هذه الخيمة أيّ مكروه، فلن يبقى لا بيت الله الحرام، ولا المدينة المنوّرة، ولا حرم رسول الله، ولا النّجف، ولا كربلاء، ولا الكاظمان، ولا سامراء، ولا مشهد، وسوف يلحق الضّرر بالقرآن!

 

 

15


10

إلى أخوتي وأخواتي الإيرانيّين

إلى أخوتي وأخواتي الإيرانيّين

إخواني وأخواتي الإيرانيّين الأعزّاء، أيّها الشّعب الشّامخ [الشريف] والمُشرّف، الذي ترخص روحي وأرواح أمثالي آلاف المرّات لكم، كما أنّكم قدّمتم مئات آلاف الأرواح فداءً لإيران وللإسلام، فحافظوا على المبادئ. المبادئ تعني الوليَّ الفقيه، ولا سيّما هذا الحكيم، المظلوم، الورعِ في التّديّن، والفقه، والعرفان والمعرفة؛ فَلْتجعلوا الخامنئيَّ العزيز عزيزَ أرواحكم، وَلْتنظروا إلى حرمته كحرمة المقدّسات.

أيّها الإخوة والأخوات، أيّها الآباء والأمّهات، يا أعزّائي، الجمهوريّة الإسلاميّة تطوي اليومَ أكثر مراحلها فخارًا. فَلْتعلموا أنّ نظرة العدوّ إليكم ليست مهمّة. أيّ نظرة كانت للعدوّ تجاه نبيّكم؟ وكيف عومل رسولُ الله وأبناؤه؟ وأيّ تُهمٍ وُجّهت إليهم؟ وكيف عُومل أبناؤه الأزكياء؟ لا يؤدّيَنّ ذمُّ العدوّ وشماتتُه وضغوطُه إلى تفرّقكم.

 

17

 


11

إلى أخوتي وأخواتي الإيرانيّين

اعلموا -وأنتم تعلمون- أنّ أهمّ إنجازٍ مميّز للإمام الخمينيّ العزيز، أنّه جعل -في بادئ الأمر- الإسلامَ القاعدة الأساس لإيران، ومن ثمّ جعل إيران في خدمة الإسلام. لو لم يكن الإسلام، ولو لم تكن تلك الروح الإسلاميّة سائدةً لدى هذا الشّعب، لنهش صدّام هذا البلد كذّئب مفترس، ولقامت أمريكا بالأمر نفسه ككلبٍ مسعور، لكنّ ميزة الإمام الخمينيّ أنّه جعل الإسلام ركيزة ورصيدًا، وجعل عاشوراء، ومحرّم، وصفر، والأيّام الفاطميّة سندًا لهذا الشّعب. لقد أشعل الثورات داخل هذه الثّورة؛ ولهذا جعل الآلاف من الفدائيين في كلّ مرحلة من أرواحهم دروعًا تحميكم وتحمي الشعب الإيرانيّ وتراب الأراضي الإيرانيّة (وتراب ايران)، والإسلام، وجعلوا أعتى القوى المادّيّة ترضخ ذليلة أمامهم. أعزّائي، إيّاكم أن تختلفوا في المبادئ!

الشهداء محور عزّتنا وكرامتنا جميعًا؛ وهذا الأمر لا ينحصر بيومنا هذا فقط، بل إنّ هؤلاء اتّصلوا منذ الأزل

 

18

 


12

إلى أخوتي وأخواتي الإيرانيّين

ببحار الله -جلّ وعلا- الشاسعة. فَلْتنظروا إليهم بأعينكم وقلوبكم وألسنتكم، بإكبار وإجلال، كما هم حقًّا. عرّفوا أبناءكم أسماءَهم وصورَهم، وانظروا إلى أبناء الشهداء الذين هم أيتامكم جميعًا بعين الأدب والاحترام. فَلْتنظروا بعين الاحترام إلى زوجات الشهداء وآبائهم وأمّهاتهم، وكما تعاملون أبناءكم بالصّفح والتغاضي، عاملوا هؤلاء بعناية واهتمام خاصَّين في غياب آبائهم وأمّهاتهم وأزواجهم وأبنائهم.

عليكم باحترام قوّاتكم المسلّحة التي يقودها الوليّ الفقيه اليوم؛ وذلك من أجل الدفاع عن أنفسكم، ومذهبكم، وعن الإسلام والبلاد. وعلى القوات المسلّحة أن تدافع عن الشّعب والأعراض والأرض، كدفاعها عن منازلها، وأن تعامل الشعب بأدب واحترام، وأن تكون بالنسبة إلى الشعب -كما قال أمير المؤمنين ومولى المتّقين- مصدرَ عزّة، وقلعةً، وملجأً للمستضعفين والناس، وزينةً للبلاد.

 

 

19


13

إلى أهالي كرمان الأعزّاء

أوجّه كلمة إلى أهل كرمان الأعزّاء، الأهالي الأحبّة، الذين قدّموا خلال الأعوام الثمانية من الدفاع المقدّس أسمى التضحيات، وقدّموا للإسلام قادة ومجاهدين رفيعي المنزلة. أنا خجِلٌ منهم دائمًا. لقد وثقوا بي لثمانية أعوام من أجل الإسلام، وأرسلوا أبناءهم إلى ساحات الوغى والمعارك الضارية مثل عمليات: "كربلاء 5"، و"الفجر 8"، و"طريق القدس"، و"الفتح المبين"، و"بيت المقدس"، وغيرها، وأسّسوا فرقة كبيرة قيّمة، أسموها «ثار الله»، محبّةً بالإمام المظلوم الحسين بن عليّ (عليهما السلام) ، ولطالما كانت هذه الفرقة كالسّيف الصّارم، أدخلت الفرح والسّرور على قلوب أهلنا والمسلمين جميعًا مرّات عديدة، ومسحت عن وجوههم الحزن والآلام.

أعزّائي، لقد رحلت عنكم اليوم حسب ما اقتضته المقادير الإلهيّة. أنا أحبّكم أكثر من أبي وأمي وأبنائي وإخوتي وأخواتي؛ لأنّي قضيت معكم أوقاتًا أكثر منهم. وعلى الرغم من أنّي كنت فلذة كبدهم، وكانوا هم قطعة من وجودي، إلّا أنّهم ارتضَوا أن أنذر وجودي لأجل وجودكم، ولأجل الشعب الإيرانيّ.

 

22


14

إلى أهالي كرمان الأعزّاء

أتمنّى أن تبقى كرمان دائمًا، وحتّى النهاية، مع الولاية. هذه الولاية هي ولاية عليّ بن أبي طالب، وخيمتها خيمة الحسين بن فاطمة؛ فطوفوا حولها. إنّني أخاطبكم جميعًا. تعلمون أنّني كنت أهتمّ، وأنا حيّ، بالإنسانيّة والعواطف والفطرة، أكثر من الأطياف السياسيّة. وهذا خطابي لكم جميعًا، حيث إنّكم تُعِدّونَني فردًا منكم، وأخًا لكم، وواحدًا من أبنائكم.

أوصيكم بأن لا تتركوا الإسلام وحيدًا في هذه البرهة من الزمن، وهو متجلٍّ في الثورة الإسلاميّة والجمهوريّة الإسلاميّة. الدفاع عن الإسلام يحتاج ذكاءً واهتمامًا خاصَّين. وأينما طُرِحَت في القضايا السياسيّة نقاشات حول الإسلام، والجمهوريّة الإسلاميّة، والمقدّسات وولاية الفقيه، [فلتعلموا] أنّ هذه هي صبغة الله؛ فَلْتقدّموا صبغةَ الله على أيّ صبغة أخرى.

 

23


15

إلى عوائلَ الشهداء

إلى عوائلَ الشهداء

أولادي، أبنائي وبناتي، يا أبناء الشهداء، يا آباء وأمّهات الشهداء، أيّتها الأنوار المشعّة في بلادنا، يا إخوان الشهداء وأخواتهم وزوجاتهم الوفيّات المتديّنات، الصوت الذي كنت أسمعه يوميًّا في هذا العالم وأستأنس به، فيغمرني بالسّكينة كصوت القرآن، وكنتُ أعدّه أعظم سند معنويّ لنفسي، هو صوت أبناء الشّهداء، الذي كنتُ آنس ببعضهم يوميًّا، وصوت آباء الشّهداء وأمّهاتهم الذين كنت أشعرُ في وجودهم بوجود والدي ووالدتي!

أعزّائي، فَلْتدركوا قيمة أنفسكم ما دمتم روّاد هذه الأمّة. اجعلوا شهيدكم يتجلّى في ذواتكم، بحيث يشعر كلّ من يراكم -أهلَ الشهيد وأولادَه- بوجود الشهيد في أنفسكم، ويشعر بالروحانيّة نفسها والصلابة والخصائص كافّة.

ألتمس منكم العفو وبراءة الذمّة. لقد عجزتُ عن أداء حقّ الكثيرين منكم، ولم أفِّ أيضًا حقَّ أبنائكم الشهداء؛ فاستغفر الله، وأطلب العفو منكم!

أحبُّ أن يحمل أبناء الشهداء جثماني، علّ الله -عزّ وجلّ- يشملني بلطفه ببركة ملامسة أيديهم الطاهرة لجسدي.

 

 

25


16

إلى السياسيّين في البلاد

 

إلى السياسيّين في البلاد

أرغب في مخاطبة السياسيّين في البلاد بملاحظة مقتضبة، سواء كانوا من الذين يطلقون على أنفسهم اسم الإصلاحيّين، أو من الذين يسمّون أنفسهم بالأصوليّين. ما كنت أتألّم لأجله دائمًا هو أنّنا في كلا الفريقين، بشكلٍ عامّ، ننسى الله والقرآن والقِيَم، بل نضحّي بهذه الأمور كلّها. أعزّائي، مهما تنافستم وتجادلتم، فَلْتعلموا أنّه عندما تؤدّي تصرّفاتكم وتصريحاتكم أو مناظراتكم إلى إضعاف الدين والثورة على نحوٍ ما، فسوف تكونون من المغضوب عليهم من نبيّ الإسلام العظيم (صلّى الله عليه وآله) وشهداء هذا النهج؛ ميّزوا الحدود [التي يجب أن تقفوا عندها]. إذا كنتم ترغبون في أن تكونوا معًا، فشرط ذلك هو الاتّفاق الصّريح على المبادئ. المبادئ ليست مطوّلة ولا معقّدة. الأصول هي بضعة عناصر مهمّة:

1. أوّل هذه الأصول هو الاعتقاد العمليّ بولاية الفقيه؛

 

27


17

إلى السياسيّين في البلاد

أي أن تنصتوا لنصائحه [الوليّ الفقيه]، وتطبّقوا من أعماق القلب توصياته وملاحظاته، بوصفه طبيبًا حقيقيًّا من الناحيتين الشرعيّة والعلميّة. إنّ الشّرط الأساسيّ لكلّ من يسعى في الجمهوريّة الإسلاميّة لاستلام مسؤوليّة معيّنة أن يكون لديه اعتقاد حقيقيّ وعمليّ بولاية الفقيه. أنا لا أقصد بالولاية الولاية التنّوريّة [أي من دون أيّ قيد أو شرط]، ولا الولاية القانونيّة؛ فلا تحلّ أيٌّ من هاتين مشكلة الوحدة. الولاية القانونيّة خاصّة بعامّة النّاس من مسلمين وغير مسلمين، إلّا أنّ الولاية العمليّة خاصّة بالمسؤولين الذين يريدون حمل أعباء البلد الجسيمة على عواتقهم [فعليكم الالتزام بالولاية العمليّة، بالإضافة إلى الولاية القانونيّة]، خصوصًا وأنّ هذا البلد بلدٌ إسلاميّ، قدّم كلّ هؤلاء الشهداء.

2. الإيمان الحقيقيّ بالجمهوريّة الإسلاميّة وقاعدتها الأساسيّة، من الأخلاق والقيم وصولًا إلى المسؤوليّات، سواء المسؤوليّة تجاه الشعب أو المسؤوليّة تجاه الإسلام.

3. توظيف الأشخاص النزيهين المؤمنين، الذين يخدمون الشعب، لا أولئك الذين إنِ استلموا منصبًا في إحدى القرى

 

28

 


18

إلى السياسيّين في البلاد

[النائية] يجدِّدون ذكريات الإقطاعيّين السابقين.

4. [توظيف] الذين يجعلون التصدّي للفساد والابتعاد عنه وعن البهارج مسلكًا ومنهجًا لهم.

5. [توظيف] الذين يَرَون احترام النّاس وخدمتهم، خلال مدّة حكمهم وتولّيهم لأيّ مسؤوليّة، نوعًا من أنواع العبادة، وأن يعدّوا أنفسهم خدمًا حقيقيّين، يرتقون بالقيم، لا أن يطمسوها بحججٍ واهية.

المسؤولونَ آباءُ المجتمع، وعليهم أن يهتموّا بمسؤولياتهم في ما يخصّ تربية المجتمع والسهر عليه، لا أن يقوموا بسبب عدم اكتراثهم، ولأجل بعض العواطف واستقطاب بعض الأصوات العاطفيّة العابرة، بدعم الأخلاق التي تروّج للطلاق والفساد في المجتمع، وينتج عنها انهيار العوائل (تفكّك الأسر). الحكومات هي العامل الرئيس في تماسك العائلة، وتشكّل من ناحية أخرى عاملًا مهمًّا من عوامل تلاشيها (تفكّكها). عندما يتمّ العمل بالمبادئ، فسوف يكون الجميع حينها على خطى القائد والثورة والجمهوريّة الإسلاميّة، وسوف تنتج عن ذلك منافسة سليمة، ترتكز على هذه المبادئ من أجل اختيار الأصلح.

 

29

 


19

إلى إخواني في الحرس الثوريّ والجيش

إلى إخواني في الحرس الثوريّ والجيش

أخاطب إخواني الأعزّاء في الحرس الثوريّ والمنتسبين إلى الجيش من الحرس.

اجعلوا الشجاعة والقدرة على إدارة الأزمات معيار تحمّل المسؤوليّة عند اختيار القادة. من الطبيعيّ أن لا أشير إلى الولاية؛ لأنّها ليست أمرًا فرعيًّا بالنسبة إلى القوات المسلّحة، بل هي أساس بقائها، وهي شرط لا يقبل الخلل.

والنّقطة الأخرى هي معرفة العدوّ في الوقت المناسب، والإحاطة بأهدافه وسياساته، واتّخاذ القرارات الملائمة، والتصرّف المناسب. كلُّ واحد من هذه الأمور، إن نُفِّذ في غير وقته، فسيؤثّر تأثيرًا عميقًا في انتصاركم.

 

31


20

إلى العلماء والمراجع العظام

إلى العلماء والمراجع العظام

لديّ كلمة مقتضبة من جنديّ قضى أربعين عامًا في الميدان، أتوجّه بها إلى العلماء الكبار والمراجع الأجلّاء، الذين ينشرون النّور في المجتمع ويمحقون الظّلمات، ولا سيّما مراجع التّقليد العظام.

لقد رأى جنديّكم، من برج المراقبة، أنّه لو تضرّر هذا النّظام، فسوف يزول الدّين وما بذلتم لأجل قيمه ومبادئه الغالي والنّفيس في الحوزات العلميّة. هذا العصر يختلف عن العصور كلّها، فلن يبقى من الإسلام شيء إذا أحكموا سيطرتهم هذه المرّة. النّهج الصّحيح يتمثّل في دعم الثّورة، والجمهوريّة الإسلاميّة، وولاية الفقيه، من دون أيّ تحفّظ [أو محاباة ومراعاة الآخر]. يجب أن لا يتمكّن الآخرون، خلال هذه الأحداث، من أن يوقعوكم في الشّك والتردّد، يا من يتجلّى فيكم أمل الإسلام.

جميعكم كنتم تكنّون الحبّ للإمام الخمينيّ، وتعتقدون بمساره. نهج الإمام الخمينيّ هو مواجهة أمريكا والدفاع عن الجمهوريّة الإسلاميّة والمسلمين الذين

 

33

 


21

إلى العلماء والمراجع العظام

يتعرّضون لظلم الاستكبار في ظلّ راية الوليّ الفقيه. لقد كنت أرى بعقلي المتواضع كيف أنّ بعض الخنّاسين حاولوا -وما زالوا- بكلماتهم وتقمّصهم مواقف الحقّ أن يدفعوا المراجع والعلماء المؤثِّرين في المجتمع إلى التزام الصّمت والوقوع في الشكّ والتردّد. الحقّ واضح، الجمهوريّة الإسلاميّة والمبادئ وولاية الفقيه تراث الإمام الخمينيّ (ره)، وينبغي أن يحظى بدعم حقيقيّ. إنّني أرى سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ وحيدًا، وفي منتهى المظلوميّة! هو بحاجة إلى دعمكم ومساعدتكم، وعليكم -أيّها الأجلّاء والعظام- أن توجّهوا المجتمع لدعمه عبر خطبكم ولقاءاتكم وتأييدكم. فإذا نال هذه الثورة أيّ سوء، فلن تكون النتيجةُ عودةَ زمن الشّاه الملعون وحسب، بل سيعمل الاستكبار على ترويج الإلحاد والانحراف العميق الذي لا عودة عنه.

 

34

 


22

إلى العلماء والمراجع العظام

أُقبِّل أياديَكم المباركة، وأعتذر من هذا الكلام، فقد كنت أودّ أن أذكر ذلك خلال تشرّفي بلقاءاتكم المباشرة، لكنّ التوفيق لم يحالفني.

جنديّكم ومُقبِّل أياديكم.

 

35


23

أطلب العفو من الجميع

أطلب العفو من الجميع

أطلب العفو والمسامحة من جيراني وأصدقائي وزملائي. أطلب العفو والصفح من مجاهدي فرقة ثار الله، ومن فيلق القدس العظيم الذي هو شوكة في عين العدوّ، وعائق يسدّ الطريق أمامه، ولا سيّما أولئك الذين ساعدوني بأخوّة.

لا أستطيع أن لا أذكر اسم حسين بورجعفري، الذي كان يساعدني بنوايا طيّبة وأخويّة، ويعينني كابنٍ له، وكنت أحبّه كما أحبّ إخوتي. أعتذر من عائلته وجميع إخواني المقاتلين والمجاهدين الذين أتعبتُهم وأجهدتُهم.

 

36


24

أطلب العفو من الجميع

وبالطبع، فإنّ جميع الإخوة في فيلق القدس شملوني بمحبّتهم الأخويّة وساعدوني، وكذلك صديقي العزيز اللواء قاآني الذي تحمّلني بصبر وأناة.

 

37

 


25

الشهيد قاسم سليماني في كلام السيّد حسن نصر الله(حفظه الله)

الشهيد قاسم سليماني في كلام السيّد حسن نصر الله(حفظه الله)

الحاج قاسم لم يكن يُمثّل شخصه ولا يُمثّل عائلته، وإنّما كان يُمثّل هذه الثورة وهذا النظام المبارك وهذه القيادة المباركة والحكيمة، وكان خير رسولٍ وخير ممثّلٍ وخير حاملٍ لرايتها إلى شعوبنا وإلى دولنا وإلى حركات المقاومة في منطقتنا.

 

وصلت العلاقة مع إخواننا في المقاومة في لبنان إلى درجة يُحبّهم ويُحبّونه، يأنسون به ويأنس بهم، يشتاقون إليه ويشتاق إليهم، وهو كان بحقّ يفرح لفرحنا ويحزن لحزننا.

 

عندما أتحدّث عن القائد الإسلاميّ الجهاديّ العسكريّ، الجنرال الكبير: التواضع، الحبّ، التراحم، الأخوّة، الحضور في الميدان في الخطوط الأماميّة عند السواتر الترابيّة، الاستعداد للشهادة، هذا هو النموذج.

 

38

 


26

الشهيد قاسم سليماني في كلام الإمام الخامنئي (دام ظله)

الشهيد قاسم سليماني في كلام الإمام الخامنئي (دام ظله)

.. أيّ قياديّ آخر كان بمقدوره ووسعه القيام بالأعمال التي قام بها، يصل الشهيد سليمانيّ بالمروحيّة إلى منطقة يحاصرها الأعداء من الأطراف كلّها، وهناك داخل حصار العدوّ الكامل شباب صالحون في تلك المنطقة باقون وحدهم وليس لهم قائد، فما إن تقع أعينهم على الحاج قاسم سليمانيّ حتّى تنبعث الروح فيهم، وترتفع معنويّاتهم، وتزداد محفّزاتهم، فيكسرون الحصار، ويفرّ العدوّ، ويختفي ويهرب. من الذي يستطيع فعل هذه الأشياء؟

 

لقد أحبط الحاجّ قاسم كافّة المخطّطات التي كانت تُدبَّر بأموالٍ وقدراتٍ وتأثيرٍ سياسيٍّ وتنظيميٍّ أمريكيٍّ واسع، وأفشلها... الشهيد سليماني ومعه رفاقه الأعزّاء، كالشهيد أبو مهدي المهندس، ذلك الرجل المؤمن والشجاع وصاحب الهيئة النورانيّة والإلهيّة، استطاعوا إنجاز هذه الأعمال العظيمة.

 

39


27
وِصَال