الحرب الناعمة – معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-10

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للدراسات الثقافيَّة


الفهرس

 الفهرس

5

مقدمة

11

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

12

تمهيد

16

أولاً: لائحة أرشيفية لخطابات الإمام الخامنئي حول الحرب الناعمة

18

ثانياً: الحرب الناعمة في خطابات  الإمام الخامنئي دام ظله 

25

ثالثاً: خطابات الإمام الخامنئي في الحرب الناعمة إمتداد لمنهجه ورؤيته الشاملة

33

رابعاً: إستراتيجية سماحة الإمام الخامنئي لمواجهة الحرب الناعمة

35

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

34

المحور الأول: الاقتناع والإيمان بأصل وجود الحرب الناعمة وديمومته

40

المحور الثاني: الفهم الصحيح والتفصيلي لآليات عمل الحرب الناعمة

46

المحور الثالث: الوحدة والإنسجام ضروة لافشال مخططات الحرب الناعمة

51

المحور الرابع: البصيرة والتشخيص الدقيق للقضايا والأحداث

55

المحور الخامس: الحسم والحضور في الساحة ومواصلة التقدم

58

المحور السادس: معرفة أهداف الحرب الناعمة وإحباطه


 

 

 

 

 

5


1

الفهرس

 

62

المحور السابع: الرصد المبكر لحركة العدو وسد مواطن الضعف في جبهتن

65

المحورالثامن: تطوير كفاءة الإعلام الإسلامي وصناعة النموذج البديل

63

المحور التاسع: الأساتذة والطلاب هم قادة وضباط مواجهة الحرب الناعمة

75

المحور العاشر: هندسة وأسلمة وعصرنة التعليم الجامعي والحــوزوي

80

حادي عشر: الجهاد الاقتصادي والاقتصاد المقاوم لمواجهة الحرب الناعمة

83

ثاني عشر: دراسة نقاط التشابه بين أساليب الحرب الناعمة ومكر الشيطان

86

ثالث عشر: نمط الحياة الإسلامي في مواجهة نمط الحياة الأميركي

 

 

 

 

 

6


2

المقدمة

 مقدّمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
لم يكن مصطلح الحرب الناعمة مألوفا في الأذهان، على الأقل على المستوى الجماهيري في منطقتنا إلى أن جرى تداوله على نطاق واسع بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية (عام 2009) وخاصة من قبل الإمام الخامنئي دام ظله, وقد راجت سابقا مصطلحات كثيرة للدلالة على الاسلوب الذي تؤثر فيه دولة على فكر ورأي دولة أو شعب آخر معادٍ لها, نذكر منها: (حرب الأعصاب, الحرب الباردة, حرب الإرادات, حرب المعنويات, الحرب السياسية، الدعاية, حرب الكلمات والمعتقدات, حرب الإيديولوجيات, غسيل المخ والدماغ، الحرب بلا قتال, الغزو الثقافي والفكري) ولكن يبقى ان مصطلح الحرب الناعمة هو الذي اصبح يحمل دلالة واقعية وحقيقية على الاستراتيجيات التي تحملها بعض الدول والمجموعات لتشويه الفكر الاسلامي وللقضاء عليه.

ولا بد في مقدمة هذا الكتاب من التنويه بفضل سماحة الإمام الخامنئي دام ظله في تسليط الضوء على هذه المقولة، حيث يعـد من أكثر الشخصيات الإسلامية والعالمية استخداماً لمصطلح "الحرب الناعمة" خلال الأعوام الخمسة الأخيرة (2009 - 2014) مؤكداً أصل وقوعها واستمراريتها، ومبيناً سماتها وخصائصها وأدواتها، ومحذراً من الوقوع في شراكها، ومنبهاً من أفخاخها، ودالاً وهادياً على سبل مواجهتها
 
 
 
 
 
 
7

3

المقدمة

 ومقاومتها، بما لا يقل عن عشرين خطاباً على الأقل في عشرين مناسبة، منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 حزيران عام 2009 مروراً بخطابه في مقر وزارة الاستخبارات الإيرانية عام 2011،  وصولاً الى لقائه شباب التعبئة والعاملين في مشروع الصالحين نهاية عام 2012  ومؤخراً خلال القائه خطاباً في ملتقى الجهاد الأكبر الذي انعقد في مدينة مشهد في الثاني عشر من شهر شباط لعام 2014، ما دل على محورية الموضوع في خطابات الإمام القائد دام ظله. وسبق لسماحة السيد القائد أن كان من أكثر من استخدموا مصطلح الغزو الثقافي خلال المرحلة الماضية تبعاً لمعطيات تلك الآونة (1991 - 2009). 

 
  وفي سياق خطاباته حدد وشخّص سماحته "الحرب الناعمة" كمصدر تهديد رئيسي للنظام الإسلامي في إيران، وللصحوة الإسلامية ومحور المقاومة في المنطقة، معتبراً أن هذه الحرب أصبحت الأمل الأخير للأعداء لمواجهة نمو وتقدم النظام الإسلامي في إيران والصحوة الإسلامية والمقاومة في المنطقة، ومؤكداً بعبارة ذهبية "أن هذه الحرب ستستمر حتى يصل العدو الى اليأس ويصل مستوى أمله بالفوز إلى درجة قريبة من الصفر"1.
 
 واليوم أصبحت الحرب الناعمة الخيار المفضل للولايات المتحدة والحلف الأطلسي وبعض النخبة الصهيونية، لأنه لم يعد بالمقدور شن الحروب



1 خطاب لسماحة القائد أمام حشود من الشباب والطلاب بتاريخ 26/10/2010
 
 
 
 
 
 
8

4

المقدمة

 العسكرية بعد  سلسلة من الهزائم والتراجعات الجيوسياسية والعسكرية على امتداد الشرق الأوسط من أفغانستان وصولاً إلى لبنان، ومما نجم عنها من إفلاس مالي وتأزم إقتصادي، مقابل صعود الصين وروسيا ومحور المقاومة وعلى رأسه إيران، سيما أن خيار الحرب الناعمة في ميزان الحسابات أقل كلفة وأكثر فعالية من الحروب العسكرية.


منهج الإمام الخامنئي دام ظله
لمواجهة الحرب الناعمة

 
 
 
 
 
 
9

5

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 أولاً: لائحة أرشيفية لخطابات الإمام الخامنئي حول الحرب الناعمة

 

تحدث الإمام الخامنئي عن الحرب الناعمة في عشرين خطاباً على الأقل: 
1ـ بتاريخ 14/5/2009 لدى استقباله عوائل شهداء كردستان. 
2ـ بتاريخ 26/8/2009 أثناء لقائه حشداً من طلبة الجامعات.
3ـ بتاريخ 30/8/2009 خلال لقائه أساتذة الجامعات وأعضاء الهيئات التعليمية ورؤساء مراكز الأبحاث.
4ـ بتاريخ 5/9/2009 أثناء لقائه جمعاً من الأدباء والفنانين والشعراء.
5ـ بتاريخ 24/9/ 2009 أثناء استقباله رئيس وأعضاء مجلس خبراء القيادة. 
6ـ بتاريخ 3/7/2010 أثناء لقاء مسؤولي الإذاعة والتلفزيون. 
8ـ بتاريخ 11/7/2010 لدى استقباله مسؤولي ومساعدي مكاتب ممثليات الإمام الخامنئي في الجامعات.
 
 
 
 
 
 
 
 
13

6

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 9ـ بتاريخ 24/10/2010 لدى استقباله حشوداً من قوات التعبئة. 

10ـ بتاريخ 26/10/2010 لدى استقباله حشوداً من الشباب الإيراني. 
11ـ بتاريخ 29/12/2010 لدى استقباله أهالي محافظة كيلان. 
12ـ بتاريخ 8/2/2011 لدى استقباله قادة ومنتسبي سلاح الدفاع الجوي. 
13ـ بتاريخ 3/3/2011 لدى زيارته لوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية. 
14ـ بتاريخ 22/6/2011 لدى توجيهه كلمة في مراكز الأبحاث العلمية. 
15ـ بتاريخ 12/10/2011 أثناء لقاء اهالي كرمنشاه. 
16ـ بتاريخ 21/12/2011 لقاء شباب التعبئة العاملين بمشروع الصالحين. 
17ـ بتاريخ 4/8/2012 خلال لقاء طلبة الجامعات والتنظيمات الطلابية.
18ـ بتاريخ 12/8/2012 خلال لقاء مدرسي وأساتذة الجامعات الإيرانية. 
19ـ بتاريخ 14/11/2012 لقائه حشود الشباب وطلبة المدارس في خراسان.
 
 
 
 
 
 
 
14

7

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 20ـ بتاريخ 12/2/2014 خلال لقاء ممثلي ملتقى الجهاد الأكبر الذي عقده اتحاد الجمعيات الإسلامية في مشهد.

21ـ بتاريخ 7/7/2014 خطاب الإمام الخامنئي لدى استقلاله مسؤولي الدولة بمناسبة شهر رمضان المبارك.
 
 
 
 
 
 
 
 
15

8

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 ثانياً: الحرب الناعمة في خطابات الإمام الخامنئي دام ظله 

جاءت نصوص وكلمات الإمام الخامنئي بصيغ وسياقات ومناسبات مختلفة، لكنها تصب بمجموعها في خدمة منهج واحد يقوم على تأكيد وجود الحرب الناعمة وبيان سبل مواجهتها وكشف وفضح أساليبها وتكتيكاتها وبيان نقاط قوتها وضعفها، وبالمقابل تقوية وتعزيز ودعم جاذبية نظام الجمهورية الإسلامية وبيان نقاط قوته ومنعته ودعم برامجه وقدراته لمواجهة هذا التحدي المعقد.
 
وقد حاولنا ترتيب هذه الخطابات وترمـــــيم أجزائها وفق التسلسل الموضوعي، لدوعٍ منهجية تتصل برسم الصورة الكبرى والمشهد العام الذي يرمي إليه الإمام الخامنئي، أكثر من التوقف عند النص الحرفي والبرمجة الزمنية والمناسبة الخاصة لكل خطاب. وفي هذا الضوء، قال الإمام الخامنئي دام ظله1
1- أيها الجامعيون سأذكر لكم جملة فيما يتعلق بقضية الحرب الناعمة، لقد ذكرنا - في خطبة سابقة - أن الشباب هم ضباط الحرب الناعمة، وعقيدتي هي - دون أية مجاملة - انكم أيها الجامعيون في هذا الميدان من الضباط، ولستم جنوداً من الصفر. أنتم من الشباب، وميدان جهادكم هو ميدان الحرب الناعمة، إننا اليوم لسنا لحسن الحظ في حرب عسكرية،



1 الخطابات منقولة عن موقع مكتب سماحة الإمام الخامنئي دام ظله على الانترنت www.Leader.ir.
 
 
 
 
 
 
 
16

9

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 ولو جاء وقتها فأن من يكون في الخطوط الأمامية متقدماً على غيره هم الشباب، وما هو مطروح الآن هو الحرب الناعمة، وليس اليوم فقط، ولكن منذ ثلاثين سنة، ففي الحرب الناعمة ما ينبغي الالتفات اليه هو ان هدف العدو في الحرب الناعمة وفي الحرب النفسية، حيث إن الحرب النفسية من فروع الحرب الناعمة، هو أن يّبّدل حسابات الخصم.

 
ليست الحرب الناعمة كالحرب العسكرية، ففي الحرب العسكرية يكون هدف العدو أن يأتي لإبادة وتدمير مواقع الطرف المقابل، أو البلد الذي يهاجمه أو أن يحتل أرضه. وفي الحرب الإقتصادية يكون الهدف هو القضاء على البنى الاقتصادية التحتية، وفي الحرب الناعمة لا يكون الهدف مثل هذه الأمور.
 
تكون هذه الاشياء أحياناً وسيلة من أجل تحقيق هدف الحرب الناعمة. في الحرب الناعمة يكون الهدف هو الشيء الموجود في قلوبكم وفي أذهانكم وفي عقولكم أي إرادتكم، أي أن العدو يريد تبديل إرادتكم. تغيير الحسابات هو ما يريده العدو1
 
2- وفي مقابل هدف العدو تغير وتبديل حساباتنا، فإن على ضباط الحرب الناعمة أن يقاوموا، فكيف يكون ذلك؟:



1  كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقائه الجامعيين بتاريخ 6/8/2012 مجلة مشكاة النور عدد 56 شهري آب – ايلول 2012 ص 37 - 38
 
 
 
 
 
 
 
17

10

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 3- أولاً: ارفعوا من مستوى معارفكم، اعزائي لا تجعلوا سقف معارفكم المواقع السياسية والاستطلاعات على شبكات الانترنت، وأوراق الجرائد. فليس هذا هو سقف معارفتكم. المقصود رفع مستوى المعارف والدراسات الفكرية والدينية الإسلامية. 


ثانياً: رعاية الإنصاف في النقد. النقد المبني على الأمور الواقعية والنظرة الفاحصة، وأيضاً النقد الذي لا يؤدي الى فقدان الأمل. لأنه لا تقدم من دون الأمل. 

4- ان مواجهة الحرب الناعمة تتطلب بصيرة عمار ابن ياسر واستقامة وثبات مالك الأشتر. 

5- نظراً لهزيمة الإستكبار في المواجهة الصعبة مع النظام الإسلامي في المرحلة الأولى من عمر الثورة، فإن العدو وضع الآن الحرب الناعمة على جدول أعماله. والأولوية الرئيسة اليوم هي مواجهة الحرب الناعمة. 

6- إن الشعب الإيراني الذي أبدى حضوره وشجاعته وبسالته وتضحياته خلال السنوات الثمانية في الحرب المفروضة من قبل النظام العراقي وداعميه قد أبدى خلال الأشهر الثمانية التي تلت الانتخابات الرئاسية لعام 2009ـ بعناية الله مهارة وهمة وبصيرة عالية يضرب بها المثل في مواجهته للحرب الناعمة. 

7- إن العدو في مواجهته للنظام الاسلامي يشن حرباً نفسية باسم الحرب 
 
 
 
 
 
 
 
 
18

11

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 الناعمة والهدف الرئيس منها تحويل نقاط القوة والفرص إلى نقاط ضعف وتهديدات. 


8- الحرب الناعمة عبارة عن تضليل الشعب - الرأي العام - بشعارات ظاهرها حق، لكن محتواها باطل وفاسد. 

9- ان العدو يشن غارات ثقافية على جبهتنا لإستبدال ثقافة وقيم الشعب.
 
10- على النخب والخواص أن لا يتجاهلوا مدى سرور الأعداء من بعض القضايا والأحداث. 

11- ونظراً للتقدم الذي حققه النظام وزيادة إنجازاته فان مؤامرات ومخططات المعارضين أيضاً اصبحت أكثر تعقيداً وتستدعي معرفة مختلفة الابعاد والجوانب من أجل تحقيق الغلبة. 

12- إن العدو يحاول المـس ببوادر الأمل وتحويلها إلى حالات إحباط ويأس والإيحاء بأن الطريق مسدود وتضخيم الأمور بهدف سلب حيوية المجتمع الإسلامي. 

13- إن من نقاط القوة وبوادر الأمل للنظام الإسلامي - وهي كثيرة - وجود بنية تحتية قوية وطاقات وموارد لتحقيق قفزة علمية وتجربة 30 عاماً للنظام ووجود جيل شاب وناشط ومثقف وخطط التطوير والتنمية المستقبلية الموضوعة لعشرين عاماً قادمة. 
 
 
 
 
 
 
19
 

12

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 14- ينبغي لوسائل الإعلام والنشطاء والسياسيين والمسؤولين الابتعاد عن الخلافات الهامشية غير المبدئية، لأن الأولوية في البلاد اليوم هي لمواجهة الحرب الناعمة التي يشنها العدو التي تستهدف بث الفرقة والتشاؤم بين أبناء الشعب، ومن أهم سبل مواجهة هذا الهجوم هو حفظ وتقوية البصيرة والروح التعبوية والمعنوية والأمل في المستقبل، وهذا لا يعني إنكار وجود المشاكل والأزمات، ولا يلغي واجب الإصلاح. 


15- من الواجبات لمواجهة الحرب الناعمة الشجاعة في الفهم إلى جانب الشجاعة في العمل، لأن الإنفعال أو الخوف يؤديان إلى الخلل في الفهم الصحيح للمواضيع والأحداث. 

16- إن مثيري الفتنة ارتكبوا الأخطاء لأنهم أعطو وبثوا الأمل في نفوس الأعداء. 

17- إن أحد أهم المخططات الرئيسة للأعداء تقوم على قلب حقائق البلاد وتغيير حسابات المسؤولين والشعب. 

18- إن مؤشر تشخيص الحق لا يعتمد على الأشخاص بل على البصيرة لتمييز الحق من الباطل لأن الكثير من الشخصيات المعروفة تخطىء. 

19- لا بد لمواجهة الحرب الناعمة من المحافظة على الحماس الثوري والحضور في الساحة. ويجب على النخب والخواص التحلي بالوعي والبصيرة والشجاعة والعمل والوحدة. 
 
 
 
 
 
 
20

13

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 20- إن معارضي نظام الجمهورية الإسلامية - في الداخل والخارج- يهاجمون معتقدات وعزائم وأركان وأسس إيران باستخدام مختلف وسائل الإعلام والاتصال. 


21- إن العدو يستهدف بث الفرقة بين قادة البلاد وهي إحدى أهم أهداف الحرب الناعمة. 

22- أحدى الاستثمارات الكبيرة التي يضعها العدو هى حرف أذهان الشعب وهذا ما أفشله الشعب بحضوره الجماهيري الواسع في المناسبات. 

23- وينبغي على الجميع الإلتفات كي لا تكون كلماتهم وخطبهم وتصريحاتهم تكملة لخطط الأعداء وأهداف معارضي النظام، حيث أن تركيز العدو على الأزمات والمشاكل ينبغي أن يعزز البصيرة لدى القيادات لمنع العدو من تحقيق أهدافه، ولا ينبغي التغافل عنها وإنكارها. 

24- إن الفهم الصحيح لنظام الجمهورية الإسلامية هو أحد الضروريات لحفظ النظام.

25- ينبغي الحفاظ على منظومة الولاية كلها وعدم تجزئتها، فالشريعة والمعنويات والتعقل والعدالة والتضامن والحزم هي منظومة واحدة، فالإسلام يحتوي على هذه العناصر المتلاحمة، وكل انحراف عن هذه المنظومة يندرج في إطار الإسلام غير الأصيل أو الإسلام الأميركي كما سماه الإمام الخميني قدس سره. 
 
 
 
 
 
 
 
21

14

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 26- إن مؤامرة الحرب الناعمة فشلت وإن رصاصات العدو التي أطلقت على النظام الإسلامي عادت واستدارت وارتدّت إلى صدره بفضل الله تعالى. 


27- ان محاولات مثيري الفتنة بث الإنفعال والقلق والخوف في أوساط الناس وخاصة النخب والخواص تستهدف عزلهم عن الساحة، في حين ينبغي لهؤلاء تنوير الناس وتنبيههم، لأن صمت النخب وانسحابهم يساعد أهداف العدو في بعض الأحيان. 

28- العدو يستفيد في حربه الناعمة من مختلف وسائل الإعلام والاتصال والمواقع الثقافية لبث الشائعات والأكاذيب والاستفادة من بعض الذرائع. 

29- إن العدو يحاول إدخال عناصره المغرضة والخائنة والمدربة في هذه الأجواء المشحونة والعكرة للقيام بالأعمال التخريبية، لكنهم لم يصلوا إلى أهدافهم بفضل بصيرة الشعب.
 
30- إن مواجهة هذه الهجمة تستلزم الحضور الواعي في الساحات والحذر المقترن بالحنكة والتدبير، وإن هذا الحضور يستجلب العون الإلهي. 

31- إن التبليغ الصحيح للإسلام بكل أبعاده وتجلياته يعتبر عنصراً هاماً جداً للتوعية في زمن الفتن في ظل الحرب الناعمة. 

32- لا ينبغي الركون إلى وسائل الإعلام الأجنبية لفهم مجريات الأحداث، بل الصحيح هو مخالفة ما تأتي به هذه الإذاعات وفقا لمقولة
 
 
 
 
 
 
22

15

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 الإمام الخميني قدس سره إنّ "قمة الرشد والنضوج الفكري هي في مخالفة الإذاعات الأجنبية المعادية". 


33- يعلم العدو إن الجمهورية الإسلامية إذا أرادت تحقيق هذف حققته، لذلك يحاول عن طريق خلق اختلالات في نظام الحسابات لدى المسؤولين الإيرانيين ان يعمل على أن لا يجعل المسؤولين الإيرانيين ضمن أهدافهم أهدافاً متعارضة مع المصالح الامريكية، وهذه هي الحرب الناعمة التي جرى الحديث عنها منذ سنين.
 
 
 
 
 
 
 
23

16

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 ثالثاً: خطابات الإمام الخامنئي في الحرب الناعمة إمتداد لمنهجه ورؤيته الشاملة

 

إن مراجعة خطابات الإمام الخامنئي خاصة بعد توليه مقاليد الولاية والقيادة على أثر وفاة الإمام الخميني قدس سره وبعد سقوط الإتحاد السوفياتي سنة 1991ولغاية سنة 2009 تاريخ حصول الإنتخابات الرئاسية الإيرانية التي جرت في الثاني عشر من شهر حزيران تكشف لنا عن مجموعة من الملاحظات وتحدد لنا دوافع إطلاق سماحته لمصطلح الحرب الناعمة على الصراع الدائر.

كما أن الغشاوة وسوء البصيرة التي غطت وطمست أعين البعض هو ما حمل سماحته على التركيز المكثف على أهمية معرفة أبعاد هذه الحرب، وربما لأنها لم تكن واضحة ومرئية بالصورة التي قد يرصدها البعض، وقد عبر سماحته عن الأمر بقوله "حتى لو أن البعض لم يرها فالحرب الناعمة حرب حقيقية قائمة في عالمنا المعاصر" وقد ظهر لنا من خلال تحليل هذه الخطابات وما تلاها المعطيات الآتية: 
1ـ لدى التدقيق في خطابات سماحته على مدى 18 عاماً 1991 – 2009 لم نعثر على أية كلمة أو عبارة فيها حديث او استعمال لمصطلح الحرب الناعمة، وقد لاحظنا أن هذا المصطلح ظهر لأول مرة في خطاب لسماحته بتاريخ 14/5/2009 قبل الإنتخابات الإيرانية بشهر تقريباً خلال إستقباله عوائل شهداء كردستان، وهذا ما دل على حصول تطور 
 
 
 
 
 
 
 
24

17

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 أدى إلى هذا الإنتقال في توصيف عمليات الحرب النفسية والدعاية التي يشنها الإستكبار ضد النظام الإسلامي وتسميتها بالحرب الناعمة.


2ـ رواج كتاب القوة الناعمة Soft Power سنة 2005 وانتشاره بعد ترجمته لعدة لغات عالمية، ومنها اللغتان الفارسية والعربية، هذا الكتاب الذي ذاع صيته، صنفه جوزيف ناي Joseph Nye أحد أركان الإدارة الأميركية (تراجع السيرة الخاصة بصاحب النظرية في الباب الأول )، ومن المؤكد أن سماحته المعروف بسعة اطلاعه على أهم وآخـر الأفكار الصادرة في العالم، وخاصة ما يصدر عن رأس الإستكبار العالمي، اطلع على الكتاب، كونه وثيقة تكشف أنماط تفكير وتخطيط الإدارة الأميركية اتجاه العالم وخاصة إيران.

3ـ صدور العديد من الأبحاث والدراسات والمقالات الصحفية والتصريحات السياسية لمسؤولين أميركيين رسميين تتحدث عن القوة الناعمة، والبعض استخدم الحرب الناعمة. 

4ـ اقتناع سماحة الإمام الخامنئي بأن مؤشرات الحرب العسكرية على إيران وصلت إلى الطريق المسدود، ما يعني حتمية لجوء العدو إلى شكل جديد من الحروب. 

5ـ تؤكد بعض الدراسات ان سماحة الإمام الخامنئي أمضى خلال عقد التسعينات فترة طويلة في دراسة تجربة الحرب الباردة وأسباب سقوط الإتحاد السوفياتي ودول الكتلة الشرقية، وتوصل إلى خلاصات حول 
 
 
 
 
 
 
 
 
25

18

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 فرص الغرب بتجربتها مع إيران1، ولعل حديث الإمام الخامنئي في أكثر من مناسبة، ومنذ أكثر من عقد من الزمن، تحديداً منذ العام 2000 بعد انتخاب الرئيس السابق محمد خاتمي - عن تجربة سقوط الإتحاد السوفياتي، وقوله بأن الغرب سيحاول تقليد سيناريو اسقاط الإتحاد السوفياتي في حالة إيران عام 1999، وحديثه في خطبة مفصلة عن الفوارق الهائلة بين إيران بلد النظام الديني الإسلامي وبين الإتحاد السوفياتي بلد النظام الشيوعي الإلحادي، والفرق بين الشعب الإيراني والشعب السوفياتي والفرق بين القيادة الإيرانية والقيادة السوفياتية2 ما يؤكد هذا المنحى، وهذا ما دل على قدرته القيادية المبكرة على إستشراف الأحداث والتنبأ بسيناريوهاتها، ودل على عدم مفجأته بالحرب الناعمة، وهو ما أكده صراحة في خطاب له قائلاً "لم تفاجئنا الفتنة، ولكن تفاجئنا بتحرك بعض الأشخاص".

 
 والدليل الأخص هو خطاب سماحة الإمام الخامنئي في عام 2008 أي قبل سنة على موعد الإنتخابات الرئاسية التي جرت في حزيران 2009 محذراً من "فتنة يحضر لها الأعداء اثناء الإنتخابات الرئاسية". 



1 دراسة تحت عنوان "في فهم الإمام الخامنئي - رؤية قائد الثورة الاسلامية الايرانية" للباحث الأميركي من أصل إيراني كريم سجاد بور. نشر عام 2008 ص21 موقع معهد كارنيغي www.carnegieendowment.org
2 خطاب التحديات والإصلاحات بتاريخ 10 تموز 2000
 
 
 
 
 
 
 
26

19

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 6- لخّص سماحة الإمام الخامنئي في خطابه أمام السلك الدبلوماسي الإيراني تجربة سقوط الإتحاد السوفياتي وفصّل سيناريو الإنقلاب، وكأنه كان يريد وضع القادة الإيرانيين أمام مشهد مرجح ان يحدث في المستقبل، وهو ما دل على ادراكه وتصوره المسبق لكيفية حصول السيناريو في إيران، فقال سماحته حرفياً.


"صفقوا لغورباتشوف لسنوات على أساس انه رجل الإصلاح والشفافية، وكالوا له المدائح وشجعوه واعتبروه رجل العام، ونحن لم يثبت لدينا انه كان عميلاً للغرب كما يزعم البعض، بل نعتقد انه شخص انطلت عليه الخديعة، وهذا ما اعترف به لاحقاً في كتابه - البيريسترويكا الثورة الثانية - ومن ثم اخترعوا الى جانبه شخصية موالية لهم هي بوريس يالتسين الذي كان يتناغم في حركته ومواقفه السياسية مع مواقف أميركا والغرب مستغلاً ضعف شخصية وحنكة غورباتشوف، وأصبح يتصرف كأنه الزعيم الفعلي وصاحب المشروع الاصلاحي، هذا طبعاً الى جانب ضخ الأموال ودعايات وسائل وأجهزة الإعلام التي شاركت في هذا الانقلاب، حيث كان هذا هو مشروع أميركا الناجح في الإتحاد السوفياتي، أي انهم استطاعوا عن طريق خطة ذكية تماماً، وبإنفاق بعض الأموال، وتجنيد بعض العناصر، وباستخدام وسائل الإعلام أن يسقطوا
 
 
 
 
 
 
 
 
27

20

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 قوة كبرى ويقضوا عليها نهائياً في خلال جهود استمرت ثلاث او أربع سنوات، وتكللت بالثمار المرجوة خلال ستة أو سبعة أشهر" .


7ـ حديث سماحة الإمام الخامنئي منذ سنة 2000 عن الحرب النفسية والدعاية قد تكرر في عشرات الخطب، وقد أحصينا ورود هذا المصطلح بما لا يقل عن 100 مرة في خطاباته، وأحياناً كان سماحة الإمام الخامنئي يستعمل مصطلحات مشابهة مثل "الحرب الإعلامية" و"الحرب الثقافية" و"الحرب المخملية" و"حرب الأفكار" حيث أن هذه المصطلحات والمسميات كانت رائجة في الأوساط العالمية أنذاك. 

8ـ حديث سماحة الإمام الخامنئي عن الحرب الناعمة يقع في إطار رؤيته الشاملة للصراع الحضاري والإستراتيجي مع الغرب الإستكباري، وهو ليس وليد اللحظة الراهنة، فالنظرة والرؤية الإستراتيجية للمشروع الغربي الاميركي واضحة وثابتة لديه، يكفي أن نتأمل في خطاب لسماحته ألقاه سنة 2000 يقول فيه حرفياً.

"إن المشروع الأمريكي والغربي أيا كان الإسم لم يكن مشروعاً عسكرياً، بل كان إعلاميا بالدرجة الأولى، وتم تنفيذه أساساً عن طريق اللافتات 
 
 
 
 
 
 
 
 
28

21

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 واليافطات والصحف والأفلام وسواها، ومن يدقق في هذا الموضوع سيلاحظ أن خمسين أو ستين في المائة من المشروع قد نفذ عبر وسائل الإعلام والأساليب الثقافية"1.

 
وبالتالي لا يعد أمراً جوهرياً بنظر الإمام الخامنئي المسميات والمصطلحات وتسويق المنتجات الجديدة (حرب ناعمة /غزو ثقافي/ حرب باردة/ حرب نفسية...الخ)، المهم جوهر المشروع لا الإسماء والمصطلحات. 
 
9ـ في الشكل وجدنا من خلال دراسة خطابات الإمام الخامنئي حول الحرب الناعمة أنها تتميز من حيث الأسلوب والنمط الخطابي والمنهج الأدبي بتركيبة فكرية وبلاغية عميقة ومتينة ومتماسكة وموحدة، بحيث اتسمت بمستوى رفيع من التسلسل والترابط المنهجي والفكري والعلمي، مع قدرة فائقة على تفكيك ونقد هذه الاطروحة وهذا المشروع بصورة مضادة في ظل الالتزام بعناصر الأصالة والدقة العلمية والشمولية في عمل منظومي واحد، بحيث أن كل خطبة تدعم ما يليها، وتكمل ما سبقها، مع أن الخطابات تنتمي زمنياً لفترات متباعدة، وهذا ما ساهم في تحقيق نجاح فكري واسلوبي باهر لأنماط الخطابات القيادية لسماحته جعلت منها خطابات ذات طابع رؤيوي تاريخي يكون لها ما بعدها، مع تميزها بقدرة خطابية واضحة سهلة الفهم والاستيعاب من قبل النخب والجماهير على السواء.



1 المصدر السابق، ص 93.
 
 
 
 
 
 
 
29

22

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 10ـ يلاحظ من خلال قراءة خطابات سماحة الإمام الخامنئي وتحليل بنيتها ومضمونها وجود عملية تواصل وترابط تاريخي ومنهجي وفق خط زمني مستقيم ومتطابق مع خط الرؤية، بحيث أننا لو درسنا خطاباً لسماحته مؤرخا بعد انتصار الثورة سنة 1979 وخطابا مؤرخاً بعد سنة 1991 بعد سقوط الإتحاد السوفياتي، وخطاباً مؤرخاً بعد العام 2001 أي بعد أحداث 11 أيلول، وخطاباً مؤرخاً بعد سنة 2003 أي بعد غزو العراق وافغانستان، وخطاباً مؤرخاً بعد حرب تموز 2006، وخطاباً مؤرخاً بعد العدوان على غزة عام 2009، وخطاباً مؤرخاً في العام الحالي 2011 أي بعد انطلاق ما يسمى بالثورات العربية، سنجد على طول هذا الشريط الوثائقي ثباتاً وتماسكاً نوعياً لافتاً في الرؤية والموقف والتحليل والنظرة وإستشراف المستقبل لدى سماحته، لم تهزه ولم تثن من عزيمته وعنفوانه غبار الحروب والأحداث والمفاصل التاريخية، وهذا يدل على وجود خط رؤية واحد يتميز بالثبات والتماسك الكامل، وهو ما يكشف عن منهج ورؤية ويكشف بالضرورة عن قائد ثوري وتاريخي إستثنائي وليس عن قائد أو زعيم مرحلي يتحدث وفق أنماط الخطابة السياسية المألوفة في عالم القادة والزعماء.


لقد دفع هذا الواقع أحد الباحثين في معهد كارنيغي للأبحاث والدراسات للإعتراف بأن الإمام الخامنئي أعزه المولى "قائد حازم له نظرة الى العالم تتسم بالثبات والتماسك، ونصح الادارة الاميركية باليأس من تغيير 
 
 
 
 
 
 
 
 
30

23

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 وتبديل سياسات وشعارات النظام الإسلامي في ايران في ظل وجود هذا القائد لانه ليس من النوع الذي يقبل بأي تنازل او مساومة على الأصول والثوابت "1.

 
هذا الثبات، وهذه الإستقامة، هي القضية التي شرحها وفصلها سماحة الإمام الخامنئي في خطبة أمام حشد من الأساتذة والطلاب الجامعيين تحت عنوان "الثورات بين الثبات والتحول"2.
 
حيث تحدث عن تاريخية انحراف الثورات العالمية عن شعاراتها ومواقفها كالثورات الفرنسية والاميركية والروسية تحت ضغط الصراعات بين الأجيال والأطراف والمجموعات المتنازعة على السلطة وبين قادة هذه الثورات أنفسهم، ومباشرة بعد سنوات قليلة على إنهائها وإنجازها لمهمة اسقاط النظم السابقة، في حين أن الثورة الاسلامية في إيران لم تنحرف قيد انملة عن شعاراتها ومواقفها بالرغم من توالي الأحداث وصعوبة ومشقة الطريق، ولم تسقط هذه الثورة تحت ضغط المصالح الحزبية والشخصية.



1 دراسة للباحث الاميركي الإيراني الأصل كريم سجاد بور تحت عنوان "في فهم الامام الخامنئي- رؤية قائد الثورة الإسلامية الإيرانية "ص. 5 وص 31 منشورة في موقع معهد كارنيغي www.carnegieendowment.org
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي أمام حشد من الطلبة الجامعيين في جامعة طهران بتاريخ 10/8/2011

 
 
 
 
 
 
 
31

24

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 ومع أن القاصي والداني يعلم أن لسماحته الإمام الخامنئي دام ظله الدور المركزي في هذا الثبات وهذه الإستقامة، لكن تواضع وسمو أخلاقه جعلته ينسب الثبات والإستقامة إلى الثورة، لا إلى نفسه الشريفة. 

 

 

 

 

32


25

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 رابعاً: إستراتيجية سماحة الإمام الخامنئي لمواجهة الحرب الناعمة

 

يمكن على ضوء تحليل وفرز وتصنيف خطابات الإمام الخامنئي التي تحدث فيها عن الحرب الناعمة، والخطابات ذات الصلة بالحرب النفسية والثقافية والإعلامية إستخلاص 13 عنواناً ومحوراً تشكل بمجموعها الرؤية الإستراتيجية التي شيدها سماحته لمواجهة الحرب الناعمة. كما تصلح أيضاً كعنوان عام لرؤية ومنهج سماحته في مواجهة الحرب النفسية والثقافية والفكرية والإعلامية، نظراً للترابط الوثيق بين هذه المفردات والعناوين في خطابات سماحته وفق الأساس المنهجي الذي بيناه سابقاً.

سنحاول في هذه الدراسة دعم كل خطاب بما تيسر من تصريحات ومستندات ووثائق أميركية وغربية، وهي تثبت تطابق خطابات الإمام الخامنئي مع مسار الأحداث وفق هذه المعطيات والوثائق. 

ويمكن إجمال محاور ومواضيع خطابات الإمام الخامنئي وفق العناوين الآتية:
1ـ أصل الإقتناع والإيمان الحقيقي بوقوع الحرب الناعمة وديمومتها. 
2ـ الفهم الصحيح لطبيعة الحرب الناعمة وآليات عملها.
3ـ الوحدة والانسجام بين القيادة نفسها، وبين القيادة والشعب. 
4ـ البصيرة في تشخيص القضايا والأحداث.
 
 
 
 
 
 
33

26

منهج الإمام الخامنئي دام ظله لمواجهة الحرب الناعمة

 5ـ الحضور في الساحة ومواصلة تطوير البرامج والحسم في المواقف.

6ـ معرفة أهداف الحرب الناعمة وإحباطها. 
7ـ رصد مواقف وحركة العدو وسد مواطن الضعف في جبهتنا.
8ـ تطوير الإعلام الإسلامي وصناعة النموذج البديل للنموذج الأميركي. 
9ـ دور أساتذة وطلاب الجامعات كقادة وضباط في مواجهة الحرب الناعمة. 
10ـ هندسة وتأصيل وعصرنة مناهج العلوم الجامعية والحوزوية. 
11ـ الجهاد الاقتصادي بأبعاده الثلاثة التنمية والعدالة وترشيد الإستهلاك. 
12ـ الإيمان أن الشيطان أول من استعمل أسلوب الحرب الناعمة. 
13ـ نمط الحياة وأسلوب العيش الإسلامي لمواجهة الحرب الناعمة. 
 
 
 
 
 
 
 
34

27

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 المحور الأول: الاقتناع والإيمان بأصل وجود الحرب الناعمة وديمومتها

 

لا بد في البداية من الاقتناع الحقيقي والصحيح بأصل وجود وقيام الحرب الناعمة ضد النظام الإسلامي في إيران، وبمواجهة الصحوة الإسلامية في المنطقة، ولا بد من الإقتناع بديمومتها في المدى المنظور أيضاً.

كما ينبغي الفهم العميق لطبيعة الحرب الناعمة وآليات واستراتيجيات وتكتيكات عملها. ويتبين من خلال تحليل مضمون خطابات سماحته تركيزه على هذه النقطة المفصلية والمحورية.

فالحرب الناعمة منظومة متكاملة، وما لم يقتنع ويلتفت صانع القرار الإسلامي وكل متصدٍ للمسؤولية إلى أصل وجود هذه الحرب الناعمة وإلى ديموتها واستمراريتها، وآليات عملها وبرامجها، لن يستطيع اكتشاف وتلمس مخططات العدو، ولن يستطيع معرفة وتحديد الأدوار المطلوبة من الأشخاص والمؤسسات والدول والمنظمات ووسائل الإعلام المعادية في الداخل الإيراني وفي الخارج، وبالتالي لن يستطيع تمييز ومعرفة مدى خدمة تحركاته وخطواته لأهداف العدو، وسيبقى أعمى البصيرة عاجزاً عن الرؤية يتخبط بدون سبيل واضح.
 
 
 
 
 
 
 
 
37

28

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 لأن هدف العدو إيجاد الخلل في حسابات مسؤولي النظام وأن يعمل العدو على أن لا يجعل المسؤولين الإيرانيين ضمن أهدافهم أهدافاً متعارضة مع المصالح الامريكية1.

 
تحدث الإمام الخامنئي عن نقطتين وسمتين مترابطتين في هذا المضمار "الحرب الناعمة حرب معقدة " و"الحرب الناعمة حرب سرّية تعتمد على الخداع" فهاتان الصفتان من أهم صفات وميزات الحرب الناعمة.
 
قال سماحته مشيراً الى سمة التعقيد في هذه الحرب "إن مؤامرات ومخططات المعارضين أصبحت أكثر تعقيداً وتستدعي معرفة مختلفة الأبعاد والجوانب"2.
 
وأضاف في مجال متطابق "لو كان بامكان الأميركيين والبريطانيين والصهاينة إنزال عناصرهم الى الشوارع بغية تحقيق مآربهم لفعلوا ذلك حتماً ولكنهم يعرفون أن ذلك يلحق الضرر بهم ولذلك خاضوا الحرب السياسية والإعلامية لكي يتمكنوا من حرف أذهان الرأي العام على الصعيدين الداخلي والخارجي"3.
 
وفي خطبة ثانية قال سماحته مؤكداً على الجانب المعقد لهذه الحرب "العدو ومن خلال مخطط معقد أعده بمساعدة خبراء محليين كان يستهدف



1 خطاب للقائد خلال لقائه مسإرلي الدولة بتاريخ 7/7/2014.       
2 خطبة لسماحته اثناء استقبال اعضاء مجلس خبراء القيادة بتاريخ 24/9/2009
3 خطاب للإمام الخامنئي بتاريخ 22/3/2010
 
 
 
 
 
 
 
38

29

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 إيجاد بلبلة واضطرابات في مدينة قم المقدسة - بما لها من رمزية دينية وسياسية - بهدف تحويلها من مركز وقاعدة للثورة والنظام الإسلامي إلى بؤرة مناهضة للثورة والنظام"1.

 
وقال مشيراً إلى خاصية السرية والمكر "الحرب الناعمة حرب حقيقية في عالمنا المعاصر، رغم أن بعض الأشخاص ربما لا يرونها"2 لأن العدو تارة يظهر بلباس الذئاب وتارة بلباس الثعالب وتارة بمظهر عدائي عدواني وتارة بمظهر مخادع3. وقال في خطبة ثالثة: "الحرب الناعمة مثال على الحرب الخفية"4.
 
وفي خطبة أخرى قال سماحته "يتعين تشخيص الحقيقة في هذه الأجواء الملبدة أولاً وإضفاء حالة من البصيرة على البيئة المحيطة ثانياً "5.
 
وأضاف في إشارة ذات مغزى إلى أن "الشباب الجامعيين هم ضباط الحرب الناعمة امام مؤامرات الغرب المعقدة"6.
 
ويتطابق هذا الكلام مع نصوص نظرية القوة الناعمة، فهذا جوزيف ناي بنفسه يتحدث عن التعقيد والسرية فنراه يقول "إن القوة الناعمة 



1 خطبة لسماحته أمام الطلبة بتاريخ 26/10/2010.
2 خطبة لسماحته أثناء احتفال ولادة الإمام الحسن ع بتاريخ 5/9/2009
3 خطاب للإمام الخامنئي بتاريخ 22/3/2010
4 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي لدى استقباله قوات التعبئة بتاريخ 24/10/2010
5 خطاب لسماحة االإمام الخامنئي أمام حشود الطلبة بتاريخ 26/10/2010
6 خطاب لسماحته أمام الطلبة بتاريخ 26/10/2010
 
 
 
 
 
 
 
39

30

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 هي أكثر من القدرة على الإقناع أو الاستمالة. هي القدرة على الجذب بدون أن تظهر هذه الجاذبية للعيان بصورة ملموسة. وينبغي على الحكومة الأمريكية أن تستعمل كل الوسائل بما فيها الإمكانات الخاصة غير الحكومية كي لا تظهر في خلفية الصورة"1

 
ونصح جيمس غلسمان أحد أركان الإدارة الأميركية بإسناد الحرب الناعمة على إيران إلى أطراف ثالثة لأجل التمويه والخداع.
 
إذاً، الحرب الناعمة ليست من المقولات المشخصة البديهية كي يراها ويؤمن بها المراقب بسرعة لمجرد تصورها أو الحديث عنها، بل هي من النوع الذي يحتاج إلى الرصد والمتابعة الدقيقة والحثيثة لحركة العدو كي تتضح وتتشخص أمامه المخططات، وإلا لو كانت هذه الحرب من النوع الكلاسيكي التقليدي لأصبحت حرباً عسكرية حسية وصلبة يراها ويشعر بها الجميع بسهولة ووضوح تام. ومن هنا خطورة الحرب الناعمة، حيث لا يتفق الجميع في خضم المعركة على تشخيص مخططات وأهداف العدو وتحديد بوصلة المعركة "فالعدو ينتظر غفلة الناس والمسؤولين لينفذ مخططاته"2.
 
من هنا أهمية الإيمان بأصل وجود هذه الحرب وأنها بدأت فعلاً، وأنها ستستمر إلى أمد بعيد حتى يحسم أحد الطرفين فوزه ونصره على الطرف



1 القوة الناعمة. مصدر سابق ص 27 وص 169.
2 خطاب لسماحتة الإمام الخامنئي بتاريخ 29/5/2011
 
 
 
 
 
 
 
 
40

31

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 الآخر. وحسب تعبير الإمام الخامنئي دام ظله "حتى يصل العدو إلى اليأس وتصبح أحلامه بالفوز وإلحاق الضرر بإيران بمستوى يعادل الصفر"1.

 
وقد دأب قادة الحرس الثوري الإسلامي وقادة القوات المسلحة الإيرانية على التحذير من الحرب الناعمة وتأكيد مبدأ ديمومتها في المرحلة المنظورة، فقال العميد مسعود جزائري مساعد الشؤون الثقافية والإعلام الدفاعي في قيادة الأركان العامة للقوات المسلحة.
 
"علينا القبول بأن الحرب الناعمة مستمرة وعلينا معرفة هذه الحرب جيداً، لأن التناقض موجود ماهوياًً وجذرياً بين نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وبين نظم الهيمنة الدولية وهذه الحرب ستتواصل لحين يؤسس النظام الاسلامي معايير قوته في ذاته وتصل انظمة الهيمنة الى الأضمحلال والأفول، وينبغي الإهتمام بمعرفة هذه الحرب وهي مسألة ضرورية ومن الأولويات للنخب والشباب، ومعرفة هذه الحرب تتحقق عبر ثلاثة أساليب هي الرصد والمطالعة والتحرك والمطالبة"2.



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي امام حشود من الشباب والطلاب بتاريخ 26/10/2010
2 تصريح للعميد مسعود جزائري. وكالة تابناك الايرانية، في 3 كانون الاول 2011 www.tabnak.ir.

 
 
 
 
 
41

32

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وقد كشفت الأحداث التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في إيران وجود الحرب الناعمة وأن التخريب الذي حصل كان معداً ومخططاً له وجرى ترتيبه منذ سنوات للوصول به إلى هذه الغاية.

 
وهذا ما دفع سماحة الإمام الخامنئي لأن يطلق عليها "الخطة العشرية" أي إن الخطة حضر وأعد لها منذ عشر سنوات على الأقل1 وهي ليست وليدة اللحظة والساعة كما يقال.
 
وهذا ما أكدته وكشفته المعطيات التي أقر بها بعض المشاركين في صناعة أحداث الفتنة، وقد أعتراف بعضهم بعقد لقاءات مع ممثلين عن مؤسسات أمريكية تابعة لرجل الأعمال اليهودي "جورج سوروس" ولقاءات مع مؤسسات إعلامية بريطانية خاصة قناة BBC الفارسية للتنسيق مسبقاً حول فبركة أخبار كاذبة عن "عمليات تزوير واسعة في حال خسر المرشح الإصلاحي" وهذه الخطوات تم تدبيرها قبل حلول موعد الإنتخابات2



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي في ذكرى وفاة الامام الخميني قدس سره بتاريخ 4/6/2011
2 يراجع حول هذه النقطة ما نشرته مواقع القنوات الايرانية، ومقالة محمد صادق الحسيني تحت عنوان "انهيار خطة سوروس لفتح طهران" بتاريخ 27/8/2009 المنشورة على موقع www.kasion.org 
 
 
 
 
 
 
 
42
 

33

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 المحور الثاني: الفهم الصحيح والتفصيلي لآليات عمل الحرب الناعمة

 

قال سماحته "نظراً للتقدم الذي حققه النظام وزيادة إنجازاته فإن مؤامرات ومخططات المعارضين أيضاً أصبحت أكثر تعقيداً وتستدعي معرفة متعددة الأبعاد والجوانب من أجل تحقيق الغلبة"1
 
وكما شرحنا سابقا في الباب الثاني الخاص بالتطبيقات، تحتاج الحرب الناعمة إلى تخطيط وتحضيرات وتدريبات، والى دعم وتمويل وتوجيه، وهي ليست مجرد دعايات أو تحركات ثقافية عفوية. 
 
ولهذا نلاحظ أن سماحة الإمام الخامنئي قد ركز كثيراً على أهمية المعرفة الدقيقة بآليات عمل هذه الحرب واستراتيجياتها وتكتيكاتها لأن المعرفة تحدد اجراءات الرد المناسب للتعامل مع الموقف أملاً في تحقيق النصر وهزيمة العدو وإدخال اليأس إلى قلبه.....قال سماحته.
 
"إن معرفة مخططات الأعداء والكشف عنها واتخاذ القرارات الصحيحة في الزمان المقتضي في مواجهة تحركات ومخططات الأعداء هو ما نعني به اليقظة والتدبير"2.



1 خطبة لسماحته اثناء استقبال اعضاء مجلس خبراء القيادة بتاريخ 24/9/2009
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي بتاريخ 22/3/2010
 
 
 
 
 
 
43
 

34

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وهذا ما أكده أيضاً الجنرال يحيى رحيم صفوي مستشار قائد الثورة الإسلامية والقائد السابق للحرس الثوري "الحرب الناعمة حرب أعمق من الحروب الكلاسيكية لأنها تجري على مستوى الفكر وتهدف إلى تنصّل الرأي العام من هويته وذاته بطريقة تدريجية وهي تعتمد على تلقين بعض الناس يومياً داخل الدولة المعادية - المستهدف نظامها - شعارات ودعايات وتصاميم جاهزة"1.

 
وهنا أهمية التعمق بدراسة الآليات التفصيلية الجزئية لهذه الحرب وعدم الإكتفاء بالعناوين والمفاهيم الكلية، لأن الحرب الناعمة حرب تنتج أثارها على المدى الزمني البعيد وهي حرب نخبوية بطيبعتها، أي تحتاج الى التخصص والدراسة والبحث وهي ليست أمر بسيطاً أو سهلاً، ومن هنا إطلاق الإمام الخامنئي صفة التعقيد عليها.
 
وقد تحدث سماحته عن آليات كثيرة لهذه الحرب، فمثلاً آلية التلقين اليومي بهدف إسقاط ثقة الناس بالنظام "فلو جئنا الى شخص عادي وصحيح الجسم وقلنا له يومياً أنك مريض وصحتك متدهورة وما شابه فانه بعد 100 مرة سيمرض فعلاً حتى ولو أنه لم يكن في الواقع بحالة مرضية"...




1 تصريح للجنرال يحيى رحيم صفوي، منشور في وكالة الطاهرة للأنباء. www.altahera.net
 
 
 
 
 
 
 
44

35

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 كما تحدث الإمام الخامنئي في عدة خطابات عن آلية مستحدثة جديدة يعتمدها العدو فقال "إن الهدف المركزي للحرب الناعمة هو تحويل نقاط القوة والفرص إلى نقاط ضعف وتهديدات، وقلب حقائق البلاد"1 من خلال تضخيم المشاكل الإقتصادية والتقنية والسياسية في إيران والإيحاء بأن النظام الإسلامي على وشك السقوط وأن المشاكل والأزمات تعصف به من كل جانب وأن الشعب الإيراني محبط ومقموع وجائع وغيرها من الأكاذيب وبالمقابل يجري التعتيم الكامل على الإنجازات والإبداعات والإنتاجات التي تقوم بها الجمهورية الإسلامية.

 
وفي الواقع لو درسنا هذه الحقائق وقاربناها وفق الموازين الصحيحة والمحايدة لوجدنا أن هناك عملية تحويل وقلب للحقائق 100% والعدو لديه كل الإمكانات والأساليب وهو قادر على أداء هذه المهمة بصورة فائقة من خلال أمرين: 
 
1ـ خبرة في العمليات والأساليب الدعائية والإعلامية المبتكرة التي تتخفى خلف معايير الشفافية والمصداقية والمهنية وعشرات الشعارات الفارغة من المحتوى الأخلاقي والمزدوجة والزائفة التي ترتكز على ثالوث الإعلام الغربي وهي (الإكتساح والفورية - التجزئة - تأطير وتغليف القضايا والأحداث وترويج المصطلحات الخاصة)، وهي أساليب يعرفها أهل المهنة والإختصاص ولكنها تنطلي على الجمهور 



1 خطبة لسماحة الإمام الخامنئي خلال لقائه اعضاء مجلس خبراء القيادة 25/9/2009
 
 
 
 
 
 
 
45

36

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 والرأي العام، ومن حسن الحظ أن هناك باحثين منصفين تحدثوا عنها بإسهاب كالمفكر هيربرت شيللر صاحب كتاب المتلاعبون بالعقول1 وفيليب تيلور صاحب كتاب قصف العقول2 "وكل ذلك على قاعدة المثل الأميركي الرائج" "ان الكذبة تقطع نصف العالم قبل أن تنهض الحقيقة من سباتها وتتحضر وتستعد للظهور3" وهو في الواقع مثل يجسد عصارة الفكر والمنهج الإعلامي السائد في الغرب. 

 
2ـ السيطرة على الأغلبية الساحقة من مصادر ووسائل الإعلام بما يفوق 90% من الإعلام الدولي والعالمي والإقليمي وكالات الأنباء والقنوات التلفزيونية والصحف العالمية والأفلام ومواقع الإنترنت ودور النشر الكبرى بحيث أن أي خبر مهما كان ضخماً وعظيماً ولكنه حدث في إيران كتخصيب اليورانيوم أو صناعة أي سلاح جديد يتم تحويله بطريقة إعلامية إلى تهديد للأمن والسلم العالمي والأقليمي بدل أن يكون نقطة قوة وفرصة لإثبات تطور القدرات العلمية والتقنية لإيران ومصدر إرتياح للجيران.



1 المتلاعبون بالعقول. هربرت شيللر. مجلة عالم المعرفة.
2 كتاب قصف العقول من العصور القديمة الى العصر النووي. فيليب تيلور. مجلة عالم المعرفة.
3 افكار وجدت لتبقى. شيب هيث ودان هيث. الدار العربية للعلوم ناشرون، 2008 ترجمة شادي يونس، المثل على صفحة التعريف بالكتاب.
 
 
 
 
 
 
 
46

37

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وبالمقابل يتم تحويل أي خلاف في الرأي أو أي خطأ يصدر عن أي مسؤول أو جهة إيرانية الى قضية ضخمة يتم تناولها إعلاميا على مدى شهر كامل.


وهناك عشرات الآليات والبرامج في الحرب الناعمة منها القديم الذي مستعملاً سابقاً في الحروب النفسية كآليات بث الإشاعات وبث الخلافات والفرقة الطائفية والقومية ومنها المستحدث كتأسيس وتحريك الشبكات الإفتراضية وتمويلها وتدريبها على أساليب التواصل الإلكتروني والإعلامي الآمن على شبكات الإنترنت بعيداً عن أعين الرقابة الأمنية، وآلية إختيار اللون الموحد للمعارضة للإيحاء بالقوة في مواجهة النظام ولإبراز التمايز، هذه الآلية التي اعتمدت من قبل مجموعة من المعارضات على الطريقة الأمريكية كتجربة المعارضة الأوكرانية التي اعتمدت اللون البرتقالي، كما اعتمدتها قوى  آذار في لبنان، واعتمدتها المعارضة الإيرانية عندما اختارت اللون الأخضر، فأصبحت تعرف بـ"الثورة الخضراء".

وفي الواقع كان هذا فخاً وقعت به المعارضة الإيرانية والتيار الإصلاحي، لأن الهدف كان إستفزاز المشاعر وتعميق حدة الإستقطاب لأجل شق الصف وإحداث الإضطرابات والصدامات في الشوارع تمهيداً لإسقاط 
 
 
 
 
 
 
 
 
47

38

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 هيبة النظام وإسالة الدماء "لإنتاج رموز وشهداء للحرية في مجتمع ديني يقدس الدماء والشهداء"1  كما عبر مايكل آيزنشتات حرفياً. 

 
وقد أكد على خطورة معرفة الطرف المستهدف بمخططات وآليات هذه الحرب صاحب نظرية القوة الناعمة جوزيف ناي نفسه عندما حذر من أن "ملاحظة النفاق والإزدواجية والفجوات في الخطاب والسياسات والتصرفات الأمريكية يسبب التآكل والفشل في كل إجراءات وسياسات القوة الناعمة"2.
 
كما دعت دراسة راند للأبحاث الدفاعية إلى توخي الحذر وعدم كشف حقيقة الإتصالات وحقيقة الآليات والبرامج المعتمدة مع القوى والشخصيات والجهات التي تتلقى الدعم والتدريب والتوجيه الأميركي لأن ذلك سيعرض الخطة الأميركية للخطر وسيضر بمصالح هذه الأطراف المتعاونة مع المشروع الأميركي والغربي ويفشل المخططات المقررة"3



1 مقالة حول "دور القوة الناعمة في الحرب النفسية ضد إيران" لمايكل آيزنشتات. مصدر سابق.
2 القوة الناعمة. جوزيف ناي. مصدر سابق. ص 92.
3 دراسة معهد راند حول إنشاء شبكات إسلامية معتدلة منشورة على عدة مواقع منها صفحات موقع www.islamonline.net
 
 
 
 
 
 
 
 
48
 

 


39

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 المحور الثالث: الوحدة والإنسجام ضروة لافشال مخططات الحرب الناعمة

 

يجب الإيمان بأن الوحدة والانسجام بين أركان القيادة وبين القيادة والشعب وبين المذاهب والتيارات الاسلامية من أهم عوامل القوة لمواجهة الحرب الناعمة. وينبغي عدم إعطاء أي ذريعة قد يستغلها العدو سواء عبر الخلافات الهامشية أو عبر سوء الأداء أو سوء التصريحات من قبل نخبة النظام أو القادة والمسؤولين في الجهة المستهدفة.
 
فأحد أهم أهداف ومخططات الحرب الناعمة تفكيك قوة الخصم وضرب موارده الناعمة. ويأتي هدف تفكيك القيادة وتغيير أولويات وسياسات النظام الإسلامي في إيران على رأس أهداف الحرب الناعمة.
 
كما أن ضرب موقع وزعامة وصورة وشرعية قائد الثورة والولي الفقيه الإمام الخامنئي دام ظله من أهم الأولويات الأمريكية والغربية والصهيونية على الإطلاق1 بالنظر إلى معرفتهم الدقيقة بأهمية قائد الثورة ومواصفاته القيادية الرفيعة ودوره في حفظ كامل منظومة القيادة في إيران



1 يراجع: للتوسع دراسة للباحث مايكل آيزنشتات المتخصص بالشؤون الإيرانية والخليجية، منشورة في عدة مواقع منها www.annabaa.org. 
 
 
 
 
 
 
 
49

40

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وتأثيره في الرأي العام على امتداد العالم الإسلامي1. ومن ثم فإن تفكيك اللحمة والثقة بين القيادة والشعب، وضرب التيارات الدينية والسياسية التي تشكل روافد للنظام يأتي في هذا الإطار...

 
كما تقع مخططات إشعال وتسعير الحرب الطائفية والمذهبية في إيران وفي المنطقة على نفس خارطة الأهداف.
 
ولهذا يندر أن نسمع خطبة لسماحة الإمام الخامنئي أعزه المولى من دون أن يشدد على أهمية وأد أي خلاف بين السنة والشيعة، وقد دعم سماحته مبادرات كثيرة منها اللقاء السنوي الذي يجمعه مع الشخصيات الإسلامية المشاركة في مؤتمرات التقريب، وتعزيز المسابقات القرآنية الدولية التي يشارك فيها أبناء المذاهب الإسلامية كافة والتي يعتبرها الإمام الخامنئي من المباردات الهامة في ترسيخ الوحدة الإسلامية2 والفتوى الشهيرة والتاريخية التي أصدرها بتحريم أي إساءة للصحابة أو لأي رمز من رموز أهل السنة وغيرها.
 
وفي نفس الإطار تأتي الخلافات والصراعات داخل التيار والنظام الواحد..



1 يُراجع دراسة معهد راند للابحاث حول الولي الفقيه في النظام الاسلامي في ايران والسيناريوهات البديلة والعوامل التي تساهم في تشكيل مؤسسة ولاية الفقيه. نشرها موقع الجزيرة للدراسات بعنوان "المرشد المقبل لايران "www.aljazeera.net. تجدر الإشارة الى ان مؤسسة راند افتتحت فرعاً جديداً لها في دولة قطر !!
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي خلال لقائه المشاركين في المسابقات الدولة القرآنية بتاريخ 5/7/2011
 
 
 
 
 
 
50

41

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وقد يسأل سائل: ما الذي تستفيده هذه القوى الكبرى من هذه الصراعات وما علاقتها بها؟ ولقائل أن يزعم أنه يجب علينا أن لا نرمي بمشاكلنا وأزماتنا على الخارج وينبغي عدم الاستناد الى نظريات المؤامرة.

 
والجواب يتضح لنا متى عرفنا حجم الطاقات الفكرية والسياسية والتنظيمية والإعلامية الهائلة التي تستنزف وتصرف من رصيد وقوة الأمة في المعارك الداخلية والصراعات والتنافسات غير المشروعة على مواقع النفوذ والسلطة، ويتكشف ذلك متى عرفنا حجم الأموال والجهود الأجنبية المبذولة التي تضخ لإحداث هذا الشقاق وهذه الصراعات، لأن من يدرس وثائق وأرشيف أجهزة الاستخبارات يعرف قدر تعويلها على هذه الإستراتيجيات، ويقتنع ولو متأخراً أنها ليست قضية مؤامرات وقصص من نسج الخيال، بل هي في صلب عمل ووظائف وتخطيط أجهزة الاستخبارات الأجنبية وخاصة1 CIA ..
 
فالصراعات تؤثر على الأداء العام في المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية، وتؤدي إلى تعطيل الكثير من الطاقات والمشاريع وإلى سوء في إنتاجية وفعالية المؤسسات، وإلى أخطاء وانحرافات كبرى في الأداء.



1 يراجع للتوسع التفصيلي كتاب "إرث من الرماد "للصحافي الاميركي تيم واينر الذي صدر حديثاً سنة 2010 وأرخ لتاريخ CIA ليتضح له حجم الخطط الموضوعة في هذا الاتجاه. 
 
 
 
 
 
 
 
51
 

42

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 من هنا وجه سماحته عناية الجميع إلى التوجيه والتكليف الشرعي المناسب.

 

 
"ينبغي لوسائل الإعلام والنشطاء والسياسيين والمسؤولين الإبتعاد عن الخلافات الهامشية غير المبدئية، لأن الأولوية في البلاد اليوم هي لمواجهة الحرب الناعمة التي يشنها العدو والتي تستهدف بث الفرقة والتشاؤم بين أبناء الشعب، ومن أهم سبل مواجهة هذا الهجوم هو حفظ وتقوية البصيرة والروح التعبوية والمعنوية والأمل في المستقبل. وهذا لا يعني إنكار وجود المشاكل والأزمات، ولا يلغي ضرورة القيام بواجب الإصلاح والمعالجة"1.
 
وأضاف سماحته "البلد يتقدم بالاتحاد ولا يتقدم بالتفرقة والانقسامات. وكما تلاحظون فإن شيئاً بسيطاً يحدث بين المسؤولين وإذا بالإذاعات الأجنبية تحلل وتضج وتفرح، والحال أن أساس القضية ليس بالأمر المهم، ولنفترض أن هناك اختلافاً في الأذواق والآراء والتصورات بين مسؤولين اثنين أو بين مجموعتين من المسوؤلين فهل ينبغي أن يؤثر هذا على سير العمل بالمشاريع"2



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي لدى استقباله أعضاء مجلس خبراء القيادة بتاريخ 24/9/2009
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي بتاريخ 23/4/2008.
 
 
 
 
 
 
 
52

43

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وأكد في خطاب آخر على أهمية إخفاء مظاهر الخلاف والضعف لو وجدت "لا ينبغي أن نظهر أمام العدو بمظهر الضعف لأنه ينتظر ذلك. حتى لو كانت هناك نقاط ضعف فيجب التستر عليها أمام الأعداء فما بالنا إذا لم يكن هناك نقاط ضعف أصلاً "1. وهذا لا يلغي القيام بواجب التبيّين أي إبانة الخطأ والتصحيح بصورة مناسبة وبدون التشهير الذي يستفيد منه العدو"2.

 
وفي معرض تقدير حجم الأضرار المترتبة على هذه الخلافات أشار سماحته إلى حجم الامكانيات المادية والمعنوية التي بددت في خضم الصراعات والانقسامات الداخلية والذاتية في إيران، قال سماحته "لولا تهاون بعض الناس في منتصف الطريق لشهدت البلاد تطوراً أكثر في المجالات المادية والمعنوية"3...
 
وسنبرز نصاً يطابق ويؤكد ما ذهب إليه سماحة الإمام الخامنئي، قال صاحب كتاب القوة الناعمة جوزيف ناي "لقد سدد قادة الاتحاد السوفياتي أهم وأقسى الضربات بحق نظامهم جراء سوء أدائهم، وقد أسدوا للسياسة الأميركية خدمات لا تقدر بثمن"4



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي بتاريخ 17/2/2007
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي خلال لقائه قادة الحرس الثوري بتاريخ 4/7/2011
3 لقاء لسماحة الإمام الخامنئي مع رؤساء اتحادات الطلبة الإيرانيين في الخارج بتاريخ كانون الأول 2010.
4 القوة الناعمة. مصدر سابق. ص. 83
 
 
 
 
 
 
 
53

44

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 المحور الرابع: البصيرة والتشخيص الدقيق للقضايا والأحداث

ينبغي أخذ الموقف الحاسم تجاه القضايا والأحداث وعدم الوقوع في تشويشات العدو المانعة للرؤية الصحيحة، لأن خلق الشك والريبة والتردد وسوء التشخيص من أهم وظائف وغايات الحرب الناعمة المرتكزة على زعزعة الإيمان والثقة بالأفكار والمواقف والشخصيات والرموز، وإرباك الخصم في صراعات وإنشغالات جانبية تؤدي إلى تخريب منظومة العلاقات بين أركانه، وتعطل الطاقات والبرامج وتوقف أي تحرك بمواجهة العدو، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى مستوى من التشتت والتآكل والإنهيار والسقوط التدريجي.

وكما شرحنا في الباب الأول فإن خلط الأوراق وإثارة الأحداث من وظائف الحرب الناعمة، أي أنها تخلط الحق بالباطل وترفع شعارات إصلاحية وعقلانية وتصل الى قيام العدو بإدعاء مد يد التعاون، وهذا ما يضيع البوصلة الصحيحة للأحداث والقضايا لدى بعض من لم يستوعب الدرس بعد ولم يفهم أن لعبة الحرب الناعمة والسياسات الدولية في عالم تكنولوجيا الإتصال والإعلام وعصر الانفجار المعلوماتي أصبحت تقوم على معادلة الإقناع الإعلامي وهو غير الإقناع البرهاني والشرعي "فالمنتصر والقوي هو من تفوز روايته للأحداث بصرف النظر
 
 
 
 
 
 
 
54

45

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 عن حقيقة الأحداث"1 أي الطرف الأقدر على إقناع العالم بمصداقية روايته وتوصيفه للأحداث والوقائع بصرف النظر عن الحقائق والمعايير الأخلاقية. ويمكن أن نضرب من باب المثال حجم التضليل والخداع الذي واكب أحداث سوريا? وهذا كله من طرق وأساليب الحرب الناعمة.

 
ومن هنا نفهم إشارة الإمام الخامنئي، قال سماحته "في الأحداث المثيرة يصعب معرفة ملابسات هذه الأحداث وتحديد المهاجم من المدافع والصديق من العدو" لأن الحرب الناعمة بنظر الإمام الخامنئي "عبارة عن تضليل الشعب - الرأي العام - بشعارات ظاهرها حق ولكن محتواها باطل".
 
وقد أكد سماحة الإمام الخامنئي على أهمية البصيرة في مواجهة هذا الموقف وكرر ذكر هذه العبارة عشرات المرات في خطاباته وكلماته، وشرح لمضمون هذه البصيرة بأنها "بمثابة سراج يضيء الطريق في جنح الليل وبوصلة تقود الى المسار الصحيح للتحرك باتجاه الهدف في صحاري الحيرة" وقال في مجال آخر "ينبغي علينا أن نفتح أعيننا وألا نمر على الأحداث مرور الكرام كي نحقق البصيرة في ضوء التأمل والتدبر والتقييم الصحيح للأحداث والقضايا2".



1 القوة الناعمة، المصدر السابق. ص. 81
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي أمام حشد من الطلاب والشباب في مدينة قم بتاريخ 26/10/2010
 
 
 
 
 
 
 
55

46

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وأضاف سماحته إن "البصيرة هي الشرط اللازم والأساسي للنجاح في كل شيء للتوصل الى تحقيق الاهداف، لأن الحياة في ظل النظرة التوحيدية تعني بذل الجهود بصورة متواصلة وهادفة ومدروسة ووفق هذه النظرة تحظى كل حركة بمعنى ومغزى، كما أن كل حركة أو سعي يقابله الأجر والمكافأة الإلهية ولا مجال ولا مكان في ظل هذه النظرة التوحيدية للخيبة والصدمة والاكتئاب"1.

 
وأكد سماحته في مجال ميزان تقييم الشخصيات العامة في النظام على "ان مؤشر تشخيص الحق لا يعتمد على الأشخاص بل على البصيرة لتمييز الحق من الباطل لأن الكثير من الشخصيات المعروفة تخطىء".
 
ومن هنا وجدنا سماحته يتساءل في خضم معركة وفتنة الانتخابات الرئاسية العام 2009: هل سرور العدو أمام حصول هذه الفتنة من قبيل الصدفة? ألا ينبغي أن يلاحظ هؤلاء مدى فرح العدو وسروره من تصرفاتهم وأخطائهم2 وفي خطبة ثانية قال "إن القائمين على هذه الفتنة سواء علم قادتها أم لا...فان تحركاتهم بعثت الأمل في نفوس الاعداء"3.



1 المصدر نفسه / الخطبة السابقة.
2 المصدر نفسه / الخطبة السابقة.
3 خطبة لسماحة الإمام الخامنئي في حشد من الطلبة بتاريخ 26/8/2009
 
 
 
 
 
 
 
 
56

47

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وينبغي على القادة والعلماء والمسؤولين الإنتباه إلى أن رصد مجريات الأمور يجب أن يتم عبر المصادر والطرق الشرعية، وأن يكون رصداً يقظاً ومتبصراً يستهدف تمحيص الأخبار وتشخيص الوقائع توخياً لمعرفة الحكم الصحيح على الأشخاص والأفكار وأخذ المواقف على ضوء المعايير والموازين الإسلامية، ولا ينبغي التأثر والأخذ بأخبار وتحليلات وسائل الإعلام المعادية، بل ينبغي إجراء قاعدة الإتهام وسوء الظن بأخبار وتحليلات وتصريحات وسائل إعلام العدو، بل ينبغي ترتيب الأثر المعاكس لها دائماً.

 
وقد أكد سماحته مجدداً على هذه المعادلة خلال لقائه قادة ومنتسبي الحرس الثوري وأعتبرها بمثابة مبدأ ينبغي مراعاته وتلمسه "ألا يرى الذين يثيرون القضايا والخلافات سرور وسائل الإعلام الأجنبية وتحليلاتهم؟ إن سرور العدو مؤشر على أن هذه القضية تشكل نقطة ضعف ينبغي وأدها"1.
 
ولسماحة الإمام الخامنئي أعزه المولى توصيات ثابتة وتاريخية في هذا المضمار "لا تجعلوا قول تلك الصحيفة أو وكالة الأنباء أو المحطة التلفزيونية معياراً لمواقفكم، فمتى لمستم أشتداداً في ضراوة الهجوم الذي تشنه الصحف ووسائل الإعلام وإثارة الأجواء وما شابه ضد



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي بذكرى ولادة الامام الحسين × خلال لقاءه قادة الحرس الثوري بتاريخ 4/7/2011
 
 
 
 
 
 
 
57
 

48

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 أي أمر يخص النظام أو الحكومة أو الشعب أو الشخصية الفلانية فينبغي التأكد حينها أن هناك مكمن قوة وحصناً منيعاً أجبرهم على تشديد حملاتهم"1.

 
وأخيراً يجب الأخذ بما يؤكد عليه سماحة الإمام الخامنئي دائماً وهو بمثابة شعار وخط وأصل ثابت رسمه الإمام الخميني قدس سره وهو "أن غاية النضوج الفكري والسياسي يقوم على مخالفة أخبار وتحليلات وسائل الإعلام الأجنبية المعادية"2



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي في حضور أعضاء السلك الدبوامسي الايراني في 16 جمادي الاول من العام 1421 الموافق للعام 2001
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي في جمع من كبار مسوؤلي النظام الاسلامي في 7 ربيع الثاني 1421 هجرية الموافق للعام 2001 ميلادية
 
 
 
 
 
 
 
 
58

 


49

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 المحور الخامس: الحسم والحضور في الساحة ومواصلة التقدم

 

قال سماحته "إن مناهضي النظام في هذه الحرب الناعمة يهاجمون معتقدات وعزائم وأسس البلد والنظام باستخدام أنواع الأدوات الإعلامية والاتصالية بحيث إن مواجهة ذلك تستدعي الحضور الواعي والحذر في الساحة والمصحوب بالتدبير والحنكة إذ إن مثل هذا الحضور بالطبع سيجلب العون الإلهي"1.
 
حيث يجب تفعيل الحضور في الساحات والمشاركة في الفعاليات السياسية والدينية والعسكرية والتدريبية والعلمية "ومواصلة العمل على تقديم الصورة المشرقة للنظام الإسلامي وتلبية الإحتياجات المادية والمعنوية المتوازنة التي تحقق كرامة الشعب، ومواصلة تطوير جاذبية البرامج والخطط والمناهج وفق رؤية إبداعية إجتهادية منفتحة تلتزم الموازين والمعايير الإسلامية"2 والعمل بجدية وثبات لأجل التقدم في المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية وضرب بوادر اليأس والإحباط التي يشيعها العدو.



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي في حضور أعضاء مجلس خبراء القيادة بتاريخ 24/9/2009
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي لمناسبة ذكرى وفاة الإمام الخميني قدس سره بتاريخ 4/6/2007
 
 
 
 
 
 
 
 
59

50

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 والحضور في الساحة من القضايا التي يركز عليها الإمام الخامنئي كثيراً لأن العدو يستهدف من خلال حملات بث التشاؤم والشك والانفعال والتوتر تعطيل لأهداف والبرامج والمؤسسات الإسلامية وعزل التيار المخلص وإشغاله بترتيب أوراقه والدفاع عن نفسه بدل التفرغ لقيادة الساحة لأن "العدو يسعى لإستبعاد هذا التيار المخلص للثورة وإدخال عناصره المدربة والخائنة والمضللة إلى الساحة في ظل هذه الاجواء "1.

 
وقد أكد سماحة الإمام الخامنئي على ضرورة التحرك الحاسم وأخذ المواقف الحاسمة، لأن إنسحاب العلماء وأهل الخبرة والمسؤولين وسكوتهم قد يساعد العدو في مخططاته، قال سماحة الإمام الخامنئي "على النخب والخواص أن ينتبهوا كثيراً لأن صمتهم وانسحابهم في بعض الاحيان يساعد الفتنة"2.


 

1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي خلال استقباله حشد من قوات التعبئة بتاريخ 24/10/2010
2 الخطاب نفسه .
 
 
 
 
 
 
60

51

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وأوصى سماحة الإمام الخامنئي بوجوب اتباع بعض التوجيهات والشروط منها "عدم الخلط بين المتورط المعادي والغافل". فيجب التدقيق والفرز بين نوع غافل التبست عليه الحقائق، وغفل عن المخططات، وهؤلاء يجب كسبهم وتوعيتهم، وبين معادٍ ومتآمر وخائن تعمد حرف الحقائق عن قصد لأن قلبه توجه لغير الله وأصبح يفتقر إلى العزيمة وهو على علم ودراية بسوء عمله1.

 
كما يجب عدم التورط بأي أعمال خاطئة وغير مفيدة2 وعلى ضوء حسم المواقف وبيان الحقائق للناس تفرز الساحة نوعين من الفئات "فئة المخلصين وفئة المناهضين" بصورة واضحة لا لبس فيها وعندها تنفذ الإجراءات القانونية والعقابية المناسبة. 



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي خلال لقاء حشد من الطلبة الجامعيين بتاريخ 26/8/2009
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي خلال لقائه قادة قوات الحرس الثوري بتاريخ 4/7/2011
 
 
 
 
 
 
 
61

52

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 المحور السادس: معرفة أهداف الحرب الناعمة وإحباطها

 

إن معرفة أهداف الحرب الناعمة وتحديدها وكشفها من العوامل المهمة لإحباطها، لأن معرفة أصل وسبب المشكلة والتعرف على جذورها الحقيقية والحديث عنها بأمانة ومصداقية تعد مدخلاً أساسياً للعلاج والشفاء، بل ان مجرد المعرفة لوحدها تنتج مفاعيلها حتى قبل تناول الدواء وأخذ الإجراء، وهذا شبيه الى حد كبير بطريقة العلاج المعتمدة في علم النفس العيادي، وقد حدد سماحة الإمام الخامنئي هذه الأهداف وكشف عنها في عشرات المناسبات، وهي وفق ما أجمله خلال لقائه مع أعضاء مجلس خبراء القيادة: 
أ- بث الفرقة وخرق الانسجام وإثارة وتحريك الخلافات والسياسية والطائفية. 

ب- بث الشك والتشاؤم والإحباط واليأس في نفوس الشعب والمسؤولين. 

ت- قلب حقائق البلاد وتحويلها من إنجازات ونقاط قوة إلى أزمات ونقاط ضعف. 

ث- وقف عجلة تقدم البلاد علميا وتقنيا واقتصاديا وعسكريا وسياسيا. 

ج- إدخال العناصر المخربة والخائنة إلى الساحة لافتعال المشاكل والتخريب. 
 
 
 
 
 
 
 
62

53

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 ح- استبدال قادة النظام وشعاراته وسياساته بما يناسب شروط العدو.

 
وقد سبق لسماحة الإمام الخامنئي أن حدد أهداف الحرب النفسية والدعائية ضد النظام الإسلامي في إيران في خطبة له تعود للعام 2007 1 وهي تنسجم بالإجمال مع نفس أهداف الحرب الناعمة مع فروقات: 
 
أهداف الحرب النفسية والدعاية كما حددها الإمام الخامنئي: 
أ- إرعاب واستنزاف وإتعاب المسؤولين والنخبة. 
 
ب- إضعاف الإرادة الوطنية وإثارة مشاعر القلق والشك حول المستقبل. 
 
ت- تلقين الناس المتواصل أموراً غير واقعية من أجل تغيير إدراكهم للوقائع. 
 
ث- إضعاف الثقة بالنفس لدى الجمهور.
 
ج- إضعاف التلاحم بين الشعب والمسؤولين. 
 
ح- إثارة الخلافات القومية والطائفية والسياسية والحزبية.
 
خ- قلب حقائق البلاد.



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي أمام عشرات الآلاف في الحرم الرضوي المطهر بتاريخ 21/3/2007
 
 
 
 
 
 
 
63

54

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وقد حدد سماحة الإمام الخامنئي الوظيفة الشرعية في هذا المحور بثلاثة قضايا: 

 

1ـ ينبغي توعية وتثقيف الناس وكشف هذه الأهداف أمامهم: لأن الحرب الناعمة أكثر ما تستهدف سواد الناس من الشباب والطلاب والنساء والفئات القليلة التجربة والحنكة، المعبر عنهم بلغة الإعلام بالجمهور والرأي العام، بهدف حرف أذهانهم وبلبلة نفوسهم، وكلما إرتفع مقدار الوعي والثقافة والإيمان والمناعة الأخلاقية لدى هؤلاء الناس كلما فشلت مخططات الاعداء، وهذا منظر الحرب الناعمة جوزيف ناي يعترف بوقوف "المصافي الثقافية" لدى الجمهور الآخر عائقا أمام تمدد القوة الناعمة الأمريكية ويوصي "الإدارة الأميركية بوجوب تأسيس جهاز يتكفل بتقديم التقارير الإسبوعية عن ردود فعل العالم الاسلامي على الرسائل الأميركية لتفادي الاخطاء وتجنب ايصال الرسائل الى الأماكن غير المجدية، والى الفهم العميق للطريقة التي تبدو فيها السياسات الامريكية من الجانب الآخر ودراسة الكيفية المناسية لتجنب المرور بالمصافي والموانع الثقافية التي يمتلكها الجمهور الآخر"1.
 
وهذا لا يعني ان الحرب الناعمة لا تستهدف النخب ولكنها تصبح أصعب وأعقد بكثير كلما كان الجمهور واعياً ومثقفاً ومحصناً...ولكن



1 القوة الناعمة. مصدر سابق.. ص. 208
 
 
 
 
 
 
 
64

55

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 الأحداث كشفت أن الناس البسطاء، ونتيجة اصفاء أذهانهم وبعدهم عن المصالح الذاتية هم أكثر التفاتاً والتقاطاً لمؤشرات ومخططات العدو من بعض النخب والخواص، وهو ما أشار إليه سماحة الإمام الخامنئي أعزه المولى في أكثر من مناسبة. 


2ـ يجب العمل بصورة عكسية لأهداف العدو: أي أخذ البرامج والإجراءات والتدابير بصورة معاكسة. فإذا كان هدف العدو بث التشاؤم فينبغي بث الأمل والتفاؤل بالمستقبل، وإذا كان هدف العدو تمزيق اللحمة الوطنية فيجب أخذ الإجراءات الكفيلة بتعزيز هذه الوحدة، وإذا كان العدو يستهدف إثبات فشل النظام الإسلامي إقتصادياً وتقنياً وعلمياً وسياسياً فينبغي مواصلة التقدم مع عرض وتأكيد هذه الإنجازات ونقاط القوة وترويجها عبر وسائل الإعلام. 

3ـ يجب مراعاة المصالح العليا في أخذ المواقف والتحركات والتدابير: على المسؤولين التحرك وأخذ التدبير المقتضي بعد دراسة المصالح العليا، فقد تقتضي المصلحة كتم بعض الأمور لفترة، وقد تقتضي المصلحة إجراء المصالحة مع هذا الطرف أو غض النظر عن هفوة تلك الشخصية العامة، وكل هذا ليس لحسابات داخل منظومة الموازين الشرعية، بل لأن العدو يتربض الدوائر وينتظر تفجر الصراعات ويرسم خططه على ضوئها.

يبقى أن نشير إلى أننا لاحظنا تقارباً كبيراً بين أهداف الحرب النفسية والحرب الناعمة كما صاغها الإمام الخامنئي أعزه المولى، حتى انه قرن
 
 
 
 
 
 
 
65

56

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 الحرب النفسية بالحرب الناعمة عندما قال "إن العدو يشن حرباً نفسية بإسم الحرب الناعمة" أي أنه شخص هذا الفارق في اللباس والشكل والأسلوب الذي تكتسيه الحرب الناعمة وهو لباس وأسلوب ناعم ومخادع جداً كما بينا. 

 

 

 

 

66


57

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 المحور السابع: الرصد المبكر لحركة العدو وسد مواطن الضعف في جبهتنا

 

إن الرصد المبكر لمواقف وإشارات العدو وتحركاته ضروري لأجل تشخيص توجهاتنا وتحركاتنا كي لا تقع أي خطوة وأي تصريح وأي عمل نقوم به في خدمة أهداف العدو من حيث لا نحتسب. لأن العدو يحدد خطواته وتحركاته على ضوء تحركاتنا ومواقفنا، وعلى ضوء رصده لنقاط الضعف والثغرات في جبهتنا، وهذا ما يستدعي الإنتباه، وفي هذا المجال قال سماحة الإمام الخامنئي "على الجميع وخاصة الخواص الإنتباه كي لا تكون تصريحاتهم وإجراءاتهم تكملة لخطط وأهداف أعداء النظام"1.
 
ولنأخذ نموذجاً من خطابات سماحة الإمام الخامنئي حول الرصد المبكر والمتبصر، فقد تحدث سماحته في سنة 2008 أي قبل سنة ونصف من أحداث الإنتخابات الرئاسية التي وقعت في حزيران 2009 عن ضرورة التمعن والتفحص في كلام الرئيس الأميركي في شهر كانون الثاني من سنة 2008 عن تأييده لفئة وتيار في إيران. وقد طالب حينها سماحة



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي خلال لقاء أعضاء مجلس خبراء القيادة بتاريخ 25/9/2009
 
 
 
 
 
 
 
 
67

58

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 الإمام الخامنئي زعماء هذا التيار بضرورة "التأمل جيداً في هذه الإشارة والتفكير في سبب إبداء هذا التأييد"1.

 
ولو أن زعماء هذا التيار انتبهوا وتيقظوا وتبصروا واتخذوا الموقف الصلب والقوي لما كان تجرأ العدو وأصبح يذكرهم بالإسم كما قال سماحة الإمام الخامنئي، وربما لما كانت وقعت أحداث فتنة العام 2009، التي كادت أن تطيح بالنظام الإسلامي وتسببت بإراقة "ماء وجه النظام" كما عبر بمرارة سماحة الإمام الخامنئي.
 
كما أن سماحته طالب هؤلاء قبل وقوع الاحداث أيضاً وأبلغهم ضرورة التحلي باليقظة والحذر "لقد وجهت رسائل خصوصية لهؤلاء خلال الساعات الأولى مفادها أنكم على عتبة القيام ببعض الأمور ولكن الآخرين سيستغلونها ولن تتمكنوا من إحتوائها وحدث ما توقعنا، في حين ينبغي على الذين يدخلون المعترك السياسي أن يدققوا في حركاتهم وأن يتكهنوا بالتغييرات المستقبلية التي ستطرأ على الساحة كلاعبي الشطرنج المحترفين"2.
 
إذاً الرصد الواعي يقتضي أمرين: الأمر الأول أن يكون الرصد شاملاً لكل الساحة ولكل المؤشرات والمتغييرات، وأن يتم التكهن والإستشراف 



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي بتاريخ 9/1/2008.
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي أثناء لقائه مع النخب العلمية بتاريخ 30/10/2009.
 
 
 
 
 
 
 
68

59

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 لفرص وسيناريوهات واحتمالات قيام العدو واللاعبين الدوليين بتوظيف أي خطوة أو ثغرة في تحركاتنا ومواقفنا، الأمر الثاني أن يتم ذلك في وقت مبكر بما يسبق تحرك العدو ويقطع عليه طريق الإستفادة...وليس بعد فوات الأوان.


فالرصد الواعي لتصرفات وتصريحات أركان الإدارة الأمريكية يعطي بعض الإشارات، كما أن رصد الخطاب السياسي لأجهزة الإعلام والصحافة الأمريكية وتلك الدائرة في فلكها يعطي مؤشرات تكشف مبكراً عن النوايا والمخططات، تماماً كما فعل حزب الله في مواجهة الحرب الناعمة التي شنت عليه عندما أفشل بفضل القيادة الواعية والحكيمة والمتبصرة لسماحة السيد حسن نصر الله أعزه المولى مخططات المحكمة الدولية وتمكن من التقاط المؤشرات والإشارات بصورة مبكرة، وبفضل مجموعة من الخطابات والمؤتمرات الصحفية لسماحة السيد نصر الله حفظه الله إستطاع حزب الله أن يفشل هذه المخططات ويحكم سد الثغرات في جبهته. 
 
 
 
 
 
 
 
69

60

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 المحورالثامن: تطوير كفاءة الإعلام الإسلامي وصناعة النموذج البديل

 

أكد سماحة الإمام الخامنئي في عشرات الخطب والمناسبات على أهمية الإعلام الإسلامي في تبليغ الإسلام، معتبراً أن التبليغ هو أحد وظائف النظام الإسلامي ومسؤولية ملقاة على عاتق العلماء والمثقفين والمؤسسات الإعلامية والإتصالية الإسلامية، داعياً الى ضرورة تقديم وإبتكار وصناعة النموذج الإسلامي للحياة الطيبة والعيش الكريم المتوازن بين الماديات والمعنويات كبديل عن نموذج التحلل والإستهلاك والإباحية العقائدية والعملية الذي تروجه أميركا والغرب، ومحذراً من البقاء في موقع الخطاب التنظيري والتكتيكي والدفاعي.
 
وأطروحة الإمام الخامنئي في الإعلام مزدوجة الأبعاد، تبدأ من إدراك الفرص، ومعرفة التهديدات، ولهذا نجد سماحته يشدد من جهة على خطورة دور وسائل الإتصال والإعلام لدرجة القول "إن وسائل الإعلام لا تقل خطورة عن القنبلة الذرية لناحية قدرتها التدميرية"1.
 
حيث أصبح الإنسان في هذا العصر الرقمي مستهلكاً للمنتجات الإعلامية والإتصالية بصورة سيئة لا يمكن تخيل تداعياتها، يكفي أن نشير الى أن 



1 راجع كلمة الإمام الخامنئي، "ملتقى استراتجية وسائل الاعلام الداخلية لمواجهة الحرب الناعمة". www: ibna.ir/pre
 
 
 
 
 
 
70

61

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 متوسط مشاهدة وسماع الفرد للتلفزيون والإذاعة والإنترنت وأجهزة الإتصال والمعلومات هو بمعدل 5 ساعات يومياً، في حين أن متوسط ومعدل ما يتلقاه من التعليم والتوجيه والتثقيف والقراءة لا يتجاوز 3 ساعات يومياً أو 800 ساعة سنوياً، هذا مع الأخذ بعين الإعتبار طللاب المدارس والجامعات، وإلا فإن النسبة تتراجع إلى أقل من نصف ساعة للفرد يومياً في حال حذفنا نسبة الطلاب والمتعلمين1 والخطورة تكمن أن هذه الأجهزة الإعلامية والإتصالية تقدم للفرد أنساقاً ودورات معرفية وثقافية وإخبارية وتربوية تتسم بـ3 خصائص وسمات هي "التشتت / التشوش / اللايقين" كما عبر أحد أهم خبراء الإتصال والمعلومات للدلالة على خطورة هذه الثقافة2 في حين وصل تفاخر أحد الباحثين الليبراليين بهذه الثقافة الإتصالية بأن نسب اليها الفضل في بناء "الفرد الرقمي الثوري" المتمرد على كل الأيديولوجيات الثقافية والدينية والسياسية والذي تمكن من أسقاط طغمة الديكتاتوريات العربية3 مع أن هذه الطغمة كانت محمية من أميركا نفسها زعيمة الثقافة الليبرالية التي يتفاخر بها.




1 مقالة بعنوان "التربية والاعلام. مواجهة مرشحة للتزايد" للدكتورة نهوند القادري عيسى / اذاعات عربية / المجلة الدورية الصادرة عن اتحاد اذاعات الدول العربية عدد 2005.  
2 العقل العربي ومجتمع المعرفة. د. نبيل علي. مجلة عالم المعرفة. 2009.
3 يراجع كتاب ثورات القوة الناعمة في العالم العربي.علي حرب، الدار العربية للعلوم ناشرون.
 
 
 
 
 
 
71

62

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وبصرف النظر عن التقييم الأخلاقي والفكري لهذه الأجهزة والوسائل فإنها بلا شك أصبحت تتحكم بالفرد بصورة فائقة، ومن يتحكم بهذه الأجهزة يستطيع أن يوجه عقول وميول وأفكار وإتجاهات الناس، ولهذا قال سماحته "ان وسائل الإعلام الخبرية إنما تعبر عن الميول والسياسات والنوايا العدائية لزعماء السياسة في العالم وهي تركز على ترويج ثقافة التحلل والإباحية العقائدية والعملية وسلب المعتقدات والأعراف ومواطن الإرتكاز التي تخلق العزيمة والإصرار لدى المرء في حركته بإتجاه هدفه المرسوم، وتتركه ضالاً معوجاً"1.

 
والتفصيل الذي ذكره الإمام الخامنئي يتطابق تماماً مع ما أشار إليه منظر القوة الناعمة عندما قال في كلمة خطيرة تعكس هذه الإستراتيجية "إن مصانع هوليود وبغض النظر عن فسادها وعدم نظافتها فهي أكثر ترويجاً للرموز البصرية للقوة الأميركية الناعمة من جامعة عريقة كجامعة هارفرد، ذلك أن الإمتاع الشعبي للأفلام الأميركية - الجنس والعنف والابتذال - كثيراً ما يحتوي على صور ورسائل لا شعورية عن الفردية وحرية الخيار للمستهلك وقيم أخرى لها رسائل سياسية مهمة ومؤثرة. وهذه السلبيات - العنف والجنس والابتذال - هي ما يأتي بالناس إلى شباك التذاكر ودور السينما لحضور ومشاهدة الأفلام الأميركية وهي ما



1 دور وسائل الاعلام في الصراع السياسي والثقافي. الشيخ علي ضاهر. دار الهادي. ص 60 - 77
 
 
 
 
 
 
72

 


63

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 يسرق انتباه المشاهدين نحو القنوات والبرامج التلفزيونية الأمريكية"1 وهذا ما كشفته تسريبات موقع ويكيليكس لجهة إنشاء جهات أميركية مواقع إنترنت إباحية مدبلجة إلى اللغة الفارسية بهدف إفساد الشباب الإيراني2.

 
ومن جهة ثانية يعتبر سماحة الإمام الخامنئي أن الإعلام يوفر فرص كثيرة يمكن استثمارها وإغتنامها لتبليغ الرسالة الإسلامية والقيم الإسلامية، ولمواجهة الغزو الثقافي وأمواج الحرب الناعمة3.
 
وقد أكد سماحته بأن المسؤولية تقع على وسائل الإعلام الإسلامية والإعلاميين والفنانين الإسلاميين للعمل على رفع كفاءة وجاذبية الفن والإعلام الإسلامي الأصيل كي يضاهي ما تقدمه وسائل الإعلام الإمريكية والغربية، وموجهاً نحو تقديم نموذج إسلامي للحياة الطيبة المتوازنة معنوياً ومادياً بمواجهة نموذج الإستهلاك والإباحية الذي تقدمه أميركا والذي يروج عبر المسلسلات التلفزيونية والإنتــرنت، كما أوجب العمل على تأسيس وتصميم نماذج وإستراتيجيات إعلامية، وأن لا يبقى العمل بعقلية رد الفعل والتكتيك، أي عقلية الدفاع ورفع الظلم فحسب كما عبر سماحته4.



1 القوة الناعمة. مصدر سابق.81 و 82
2 مقالة تحت عنوان "مواقع اباحية امريكية باللغة الفارسية لدعم الثورة المخملية" للكاتب سمير فؤاد، منشورة على موقع صحيفة الوطن الكويتية www.alwatan.kuwait.tt
3 لقاء لسماحة الإمام الخامنئي مدراء وموظفي الإذاعة والتلفزيون بتاريخ 3/7/2010
4 دور وسائل الاعلام في الصراع السياسي والثقافي. مصدر سابق. ص 78.
 
 
 
 
 
 
 
73

64

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 ومن هذه الإستراتيجيات الإعلامية "ضرب أهداف وخطط العدو وتثبيت أسس الإرتكاز المعنوي والنفسي لدى الناس والحفاظ على الكيان الفكري والهوية الإسلامية" ولسماحته أطروحة مفصلة وكاملة حول دور الفن الثوري والفن الديني والإعلام الثوري والإعلام الديني في التصدي لمخططات العدو..

 
ولسماحته توجيهات دقيقة لمديري التلفزيونات والإذاعات الإسلامية يشخص بها دور الإذاعة والتلفزيون بأنها يجب:
"أن تتحول إلى جامعات لنشر الدين والعلم والأخلاق والفضائل والوعي وأسلوب العيش الأفضل، وتقديم الجديد في مجال العلم والسياسة والأفكار بلغة بليغة ومفهومة، حتى يستطيع الجميع سواء من عامة الناس، أم من أصحاب العقول المفكرة، الإرتواء من هذا المعين الفياض كل حسب استعدادته وقابلياته".
 
كما أوصى سماحة الإمام الخامنئي بأن يكون المسار العام لبرامج الإذاعة والتلفزيون مصمماً بمجموعه لمواجهة الحرب الناعمة والحرب الثقافية، وليس في مجال نشرات الأخبار والبرامج السياسية فحسب، وقد حدد بشكل عام البرامج اليومية وبالأخص البرامج الثقافية وبرامج التسلية، لأن العدو يركز على برامج الترفيه والتسلية لجذب الناس نحو قيمه وأفكاره وشعاراته"1.



1 المصدر السابق. ص 159
 
 
 
 
 
 
74

65

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وموضوع التسلية في وسائل الاعلام من النقاط الفائقة الأهمية، لأن العدو يستهدف من خلال أسلوب عرض المسلسلات وبرامج التسلية صناعة جيل يفكر ويعيش وفق نمط الثقافة الأمريكية، وهذا الأمر لم يعد من قبيل التحليل او نظريات المؤامرة بعد الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس عن عشرات اللقاءات والإجتماعات التنسيقية السرية التي عقدت لهذه الغاية بين مسؤولين أمريكيين وسعوديين للإتفاق على برامج ومسلسلات أميركية خاصة وفق ما تم تفصيله في الباب الثاني من الكتاب1.

 
وفي مجال مرتبط يجب الإلتفات إلى خطورة الغزو الإعلامي الذي تمكن من إختراق مجتمعنا العربي والإسلامي عبر شبكات الإنترنت، وقد جاء في دراسة لمجلة الإكسبرس الفرنسية أن النسبة الكبرى المقدرة 90% من المتصفحين والمستهلكين البالغ عددهم حوالي 75 مليون مستخدم لشبكة الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية هم من الشباب والأطفال والمراهقين من الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و34 عاما2.



1 تقرير بعنوان "الدراما الاميركية وتغيير المجتمع السعودي" منشور على موقع قناة الجزيرة على الانترنت www.aljazeera.net
2 تحقيق بعنوان "جيل الانترنت العربي وكسر تابو السلطة السياسية" منشور في جريدة السفير بتاريخ 9/2/2001 العدد 11810
 
 
 
 
 
 
75

66

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وحتى ألعاب فيدو الأطفال والمراهقين playstation أصبحت تصمم لترويج موجهات تربوية وأخلاقية وفكرية خطيرة على الأطفال والأجيال القادمة1.

 
وقد كشفت دراسة لمؤسسة الفكر العربي حول التصفح العربي على الانترنت2 أن هناك 42000 موقع وصفحة الكترونية عربية على شبكة الإنترنت حسب إحصاءات الإتحاد الدولي للاتصالات أغلبيتها مواقع ترفيهية وسياحية وشعرية ونسائية وغنائية وسينمائية ومدونات شخصية، وأن من بين 320 مليون عملية بحث تجري شهرياً ويقوم بها المتصفحون العرب على شبكة الإنترنت وخاصة على محركات البحث العالمــــية Google وYahoo وغيرها يذهب أكثر من 60% منها نحو عناوين وموضوعات سطحية وترفيهية وفنية وغنائية وسينمائية..؟..
 
هذا بالنسبة الى المواقع التي يمكن حصرها، أما بالنسبة الى المواقع الاجنبية والمواقع الغير أخلاقية والإباحية والجنسية، فيتعذر إحصاؤها حتى من قبل القائمين على شبكة الانترنت أنفسهم؟ مع اننا لم نأخذ بالحسبان آلاف غرف الدردشة المليئة باللغو وهدر الوقت والإبتعاد عن سبيل



1 بحث منشور بعنوان "ولت ديزني وصناعة العقول – قوة ناعمة أشد فتكا "www.quran-radio.com/
2 التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية. اصدار مؤسسة الفكر العربي. طبعة اولى 2010 ص. 199.
 
 
 
 
 
 
76

67

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 الله، فضلاً عن خطورة الشبكات الإجتماعية facebook وtwitter ذات الأبعاد المؤثرة تربوياً وثقافياً ونفسياً إذا ما تركت بدون ضوابط وقيود تحفظ الشباب من شرورها، وسنحصد جيلاً أمريكياً بعيداً كل البعد عن قيم الإسلام والعلم والأخلاق إذا ما تركت أجالينا تحت سلطانها وسحرها بدون الرعاية والتوجيه.

 
وإذا دققنا في كلام جوزيف ناي حول "دور الإنترنت في ترويج القيم والثقافة الشعبية الأميركية وبناء الروابط والشبكات الشبابية" ودعوته الحكومة الأمريكية لصرف الميزانيات على هذا العنوان نعرف خطورة الإنترنت في مخططات الحرب الناعمة1.
 
وهذا يتطابق مع ما عرضناه في وثيقة سابقة لمشروع أعده جارد كوهين مدير قسم التخطيط السياسي في الخارجية الأميركية وبحكم منصبه السابق في إدارة قسم الأفكار في موقع محرك البحث العالميGoogle idea تمكن عبر تحليل المعطيات الواردة عبر شكبة الإنترنت العالمية من قراءة ومشاهدة حجم التحول الهائل الذي طرأ على نوعية وأنماط تفكير أبناء الجيل العربي والإسلامي في بلدان الشرق الأوسط وذلك بفضل إنتشار أدوات الإتصال والإعلام السهلة والرخصية بين أيديهم، وتوصل إلى أن هذا الجيل بات يختلف عن الجيل السابق "لأنه انفتح على العالم ويريد 




1 القوة الناعمة. مصدر سابق. ص 166
 
 
 
 
 
 
 
77

68

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 التحرر السياسي والسلام والعيش المشترك"1 وقد عبر عن مشروعه في كتابه أطفال الجهاد Children of jihad وحث الإدارة الأميركية على رصد الميزانيات لدعم التواصل مع جيل الإنترنت وتأسيس المنظمات الشبابية الموالية لأميركا. 




1 مقالة تحت عنوان "الدبلوماسية الرقمية في خدمة السياسة الأميركية" للكاتب زكريا سحنونئن منشورة في موقع التجديد www.attajdid.info ومقالة بعنوان "نيو ميديا / سلاح في خدمة أميركا وإسرائيل "لخضر عواركة نشرها موقع قناة الجزيرة للدراسات 2009
 
 
 
 
 
 
 
 
78

69

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 المحور التاسع: الأساتذة والطلاب هم قادة وضباط مواجهة الحرب الناعمة

حدد سماحة الإمام الخامنئي مسؤولية ودور كل من أساتذة الجامعات والطلبة بأنه أساسي وجسيم، وقال إن أساتذة الجامعات هم قادة جبهات الحرب الناعمة، في حين يشكل الطلبة ضباط الميدان في هذه المواجهة..
 
وقال إن أساتذة الجامعات من خلال "اشرافهم الكامل على القضايا العامة ومعرفة العدو يتعين عليهم كشف أهدافه ومخططاته ووضع خطط شاملة والتحرك وفقاً لها، وإن الأستاذ الذي يتمكن من تأدية هذا الدور جدير بالنظام الإسلامي" وأضاف "يجب على الأساتذة زيادة القدرة التحليلية للطلاب وإيجاد أجواء مفعمة بالأمل والنشاط العلمي وتأسيس كراسي الفكر والبحث الحر" وتابع يقول. "ينبغي التحرك عكس خطط العدو الذي يحاول إثارة أجواء اليأس والإحباط والخمول واللامبالاة"1.
 
وفي مجال تحديد دور ومسؤولية الطلاب والشباب قال "إن الطلبة الجامعيين الأعزاء هم الضباط الشباب لإيران والجمهورية الإسلامية في جبهة المواجهة مع الحرب الناعمة والتيار الشيطاني" وأضاف "إن



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي لدى استقاله اساتذة ومدراء الجامعات بتاريخ 30/8/2009
 
 
 
 
 
 
 
79

70

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 المؤامرات تنتهي عندما تصل إيران بهمة شبابها الطلاب من النواحي العلمية والاقتصادية والأمنية إلى النقطة التي يكون فيها إلحاق الأذى بها قريبا من الصفر. وينبغي للجامعات إنتاج العلم والنهضة البرمجية، لأني أعتبر أن التفوق العلمي أحد أركان الأمن على المدى الطويل للبلاد".

 
كما حذر سماحته الطلبة الجامعيين من مخططات العدو الرامية إلى احداث الخلل في العمل العلمي والبحثي والدراسي للجامعات عن طريق زج الطلاب في القضايا السياسية والهامشية والصغيرة، معتبرا انه يجب تعزيز النظرة التفاؤلية المفعمة بالأمل بالمستقبل والحكمة في التصرف والابتعاد عن الإفراط والتفريط في التعامل مع الأمور من شأنه ان يؤدي إلى تعزيز مناعة الشعب الإيراني أمام الحرب الناعمة"1.
 
كما أوصى سماحته الطلاب والأحداث والشباب والأساتذة بضرورة ترويج ثقافة مطالعة الكتب، وإنتاج الكتب، وثقافة زيارة المكتبات العامة، وحسن عرض الكتب المفيدة خاصة لأبناء الجيل الجديد نظراً لدورها في ترسيخ وبناء الوعي الأصيل، لأنه كلما تقدمنا أزدادت الحاجة الى الكتاب "ومن يتصور أنه بظهور وسائل الإتصال سيعزل الكتاب فإنه مخطئ"2.



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي في حشد من الطلاب بتاريخ 26/8/2009
2خطاب لسماحة الإمام الخامنئي عند لقاء مسؤولي وأمناء المكتبات بتاريخ 20/7/2011
 
 
 
 
 
 
 
80

71

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 ويوصي سماحة الإمام الخامنئي الشباب والطلاب والإساتذة أشد الإيصاء بضرورة الإهتمام بالكتاب الأقدس وهو القرآن وبالثقافة القرآنية لأن "حياة الأمم والشعوب إنما تكون في ظل التعرف على المعارف القرآنية والعمل بمقتضى هذه المعارف، وان ضعفنا نحن الأمة الإسلامية وتخلفنا وضلالاتنا واضطراباتنا في القضايا الأخلاقية والحياتية ناجم عن البعد عن القرآن"1




1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي خلال استقباله قراء وحفظة وأساتذة القرآن بتاريخ 2/8/2011
 
 
 
 
 
 
 
 
81

72

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 المحور العاشر: هندسة وأسلمة وعصرنة التعليم الجامعي والحــوزوي 

 

لسماحة الإمام الخامنئي في هذا المحور رؤية كاملة في هذا المجال، ويندر أن نستمع لخطاب لسماحته لا يكرر فيه أهمية الجامعات والتقدم العلمي والتقني في مواجهة الحرب الناعمة لجبهة الاستكبار، بل وصل الأمر بان يعتبر التقدم العلمي والتقني "أحد أركان الأمن القومي على المدى البعيد".
 
وللفائدة اقتطفنا بعض التوجيهات من خطاب ألقاه خلال استقباله حشداً من مدراء وأساتذة الجامعات، قال سماحته "على المجلس الأعلى للثورة الثقافية إعداد الخارطة التنفيذية للهندسة الثقافية في البلاد وينبغي التسريع فيها، وعلى الحكومة إعادة تعريف الصلة القائمة بين الجامعات والمراكز الصناعية. ويجب على الجامعات رصد اعتمادات لمراكز البحث والاهتمام بالباحثين والمبدعين مادياً ومعنوياً. ويجب إيجاد التوازن في توزيع الاختصاصات حسب حاجات قطاعات البلاد الدقيقة. وينبغي على الدوام إعادة النظر في المناهج الجامعية بما يحقق أعلى درجات التقدم والنهوض العلمي والتقني"1.



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي لدى استقاله أساتذة ومدراء الجامعات بتاريخ 30/8/2009
 
 
 
 
 
 
 
82

73

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وبالفعل صدر في إيران عن المجلس الأعلي للثورة الثقافية وثيقة شاملة وهامة تحت عنوان "أسلمة الجامعات" وهي وثيقة مفصلة، تم نشرها1 عام 2014 وجاء في الإستراتيجية رقم 20 من هذه الوثيقة ثمانية إجراءات وفق الآتي:

1ـ تبيان الأبعاد المتعددة للحرب الناعمة ومكونات القوة الناعمة للجمهورية الإسلامية في محيط الجامعات. 
 
2ـ التعرف والاستفادة من الأساليب والفنون المختلفة لمواجهة الحرب الناعمة وتبيان ذلك في الجامعات والاستفادة الفعالة لأدوات الفن في تعزيز القوة الناعمة. 
 
3ـ وضع البرامج المتنوعة لتعزيز ايمان الجامعيين لمواجهة تهديدات الحرب الناعمة المشنة من قبل العدو. 
 
4ـ رصد التيارات الفكرية - الثقافية وتحديد المواقع المؤثرة في الحرب الناعمة. 
 
5ـ دعم الجامعيين في مجال إنتاج ونشر النصوص المواجهة للحرب الناعمة وخاصة في العالم الإفتراضي (الإنترنت). 



1 وثيقة أسلمة الجامعات" ترجمة ونشر مركز الابحاث والدراسات التربوية، بيروت.
 
 
 
 
 
 
 
83

 


74

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 6ـ بناء العالم الإفتراضي في المحيط الجامعي وإدارته بناء للنظام الشامل للدفاع السلبي. 

 
7ـ ترسيخ النظام الشامل للدفاع السلبي والاستفادة من أصوله وضوابطه في مختلف المستويات الجامعية. 
 
8ـ تنظيم وتبيان دور ومهام الأساتذة والطلاب بصفتهم قادة وضباط الحرب الناعمة.
 
وفي مجال أسلمة العلوم الإنسانية والإجتماعية يرى سماحته "إن الكثير من العلوم الإنسانية قد بني على أسس فلسفية ومباني فكرية نابعة من النزعات المادية التي تنبذ التعاليم الإلهية والإسلامية، ولذلك فان تعليمها للجيل الجديد سيؤدي إلى إنكار التعاليم الإلهية والإسلامية والتشكيك في المبادئ الدينية والعقائدية، وينبغي لمراكز صنع القرار بما فيها الحكومة ومجلس الشورى الإسلامي والمجلس الأعلى للثورة الثقافية التركيز على هذه المسألة"1.
 
وملف الجامعات والعلوم الانسانية قضية مركزية في موضوع الحرب الناعمة كما بينا في القسم الثاني التطبيقي من الكتاب، لأن العدو من



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي لدى استقاله أساتذة ومدراء الجامعات بتاريخ 30/8/2009
 
 
 
 
 
 
 
84

75

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 خلال ترويج نظرياته وطروحاته وتغليفها بطابع العلوم الإنسانية والإجتماعية وإعطائها الصفة الإنسانية والعلمية المحايدة فكرياً ينفذ إلى عقول الشباب والطلاب ويجتذبهم بعيداً عن الفكر الإسلامي.

 
فعندما تكون قواعد ومباني التفكير ومناهج ومصادر التفكير غير إسلامية تكون النتيجة المنطقية أن يتخرج لدينا جيل كامل لا يعرف من الإسلام إلا الرسم والإسم، من دون أن يعني هذا الإنغلاق على مصادر المعرفة الأجنبية، فهذه دعوى لا يقولها أي عاقل في هذا العصر، ولكن المطلوب هو الإجتهاد في العلوم الإنسانية وعدم التقليد كما عبر سماحة الإمام الخامنئي1.
 
والمطلوب وفق رؤية الإمام الخامنئي هو التدقيق والتنقيح والتأصيل في أسس ومباني هذه العلوم والمعارف الوافدة ونقدها على ضوء المعايير والموازين الفلسفية والفكرية الإسلامية، وهذا ما أشار إليه سماحة الإمام الخامنئي عندما دعا إلى تأسيس كراسي الفكر والبحث الحر في أجواء ناضجة وأطر سليمة، لأن العدو يستغل الثغرات في مناهج التعليم من أجل تمرير المناهج والأفكار الغربية. وبنيغي أيضاً اجتذاب الشباب والطلاب نحو الجامعات الوطنية والمحلية والإسلامية. 
 
وينبغي الإلتفات إلى الطلاب العائدين والمتخرجين من الجامعات الغربية بما يضمن إعادة توجيههم إسلامياً.



1 خطاب لسماحته خلال لقاء مجموعة من الجامعيين بتاريخ 10/8/2011 
 
 
 
 
 
 
 
85

76

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وفي مقلب آخر دعا سماحة الإمام الخامنئي إلى تفعيل عمل الحوزات ووسائل جذبها للشباب والطلبة واستكمال مشاريع إصلاحها وفق خطين: خط إصلاح مناهج وطرق وأساليب التدريس والتعليم، وخط تطوير المحتوى من خلال تعديل المواد والمقررات الدراسية والجمع بين الأصالة والمعاصرة وإضافة علوم جديدة1.

 
ولا داعي للتأكيد على مقدار تعويل أميركا والغرب على كسب جيل الشباب وطلاب الجامعات في ايران، فجوزيف ناي منظر الحرب الناعمة كرر كلمة "الشباب والفتيان في إيران" عدة مرات في كتابه "القوة الناعمة" وخصص ابواباً عدة للحديث عن تأثير أسلوب التبادل الجامعي والعلمي والثقافي على تفكيك قيم الخصم وخص فئة الطلاب والشباب الوافدين الى أميركا للدراسة، فهؤلاء لهم دور كبير في إحداث التغيير المنشود في بنى التفكير السياسية والتأسيس للمستقبل، لأن هؤلاء "سيعودون الى بلادهم ومعهم الودائع والنوايا الحسنة عن القيم والسلوكيات الأمريكية، والأهم أنهم عندما يصلون الى المراكز الحساسة سيخدمون السياسات الأمريكية بقوة وسيصبحون بمثابة سفراء لأميركا"2



1 يمكن للتوسع مراجعة كتاب "مشاريع التجديد والاصلاح في الحوزة العلمية.خطاب الامام الخامنئي نموذجاً" من اعداد نجف علي ميرزائي. اصدار مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي. 2009 ص. 9.
2 جوزيف ناي. مصدر سابق. ص 11 - 15
 
 
 
 
 
 
 
86

77

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 حادي عشر: الجهاد الاقتصادي والاقتصاد المقاوم لمواجهة الحرب الناعمة

 

ليس من قبيل الصدفة أن يرفع سماحة الإمام الخامنئي شعار العام 2011 تحت عنوان "الجهاد الاقتصادي". فقد أوضح السبب بقوله "جبهة الاستكبار ترمي إلى إركاع الشعب الإيراني المقاوم والنظام الإسلامي عبر الاقتصاد. ويجب التعرف إلى الأهداف والأدوات وسلاح العدو وضرورة التصدي عبر الجهاد الاقتصادي"1.
 
وكلام سماحة الإمام الخامنئي ليس من قبيل الكلام الخطابي السياسي، فالعدو يجهد بكل الوسائل الإعلامية لإثبات فشل المشروع الاقتصادي للنظام الإسلامي بهدف إبعاد الشعب عنه. فقد جاء في الوثيقة التي عرضناها سابقاً تحت عنوان "حل القوة الناعمة ضد إيران" التي نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" وكتبها كل من جيمس غلامسان ومايكل دوران وهما من أركان الإدارة الأمريكية نصائح لتصميم حملة دعائية بهدف إقناع الشعب الايراني "بأن المشاكل الاقتصادية والمعيشية مرتبطة بسياسات النظام الخاطئة في دعم الإرهاب والبرنامج النووي"...
 
كما أوصى مايكل أيزنشتات بضرورة شن حملة مركزة لربط "علل الاقتصاد الإيراني بشعارات الثورة والنظام".. مع أن هذا في الواقع 



1 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي لدى استقباله وفد الفعاليات الاقتصادية والمصرفية والصناعية بتاريخ 18/8/2011

 
 
 
 
 
 
 
87

78

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 يعتبر قمة الخداع والظلم، ذلك أن أمريكا نفسها هي من يضرب الحصار ويشدد العقوبات على إيران منذ ثلاثين سنة. وللأسف فهناك من قد يشكك بهذه الحقيقة تحت وطأة الضائقة المعيشية والضغوطات وقد يصدق هذه الحملات الزائفة.

 
وفي وثيقة دراسة مؤسسة راند للأبحاث الدفاعية التابعة للبنتاغون تحت عنوان "بناء شبكات إسلامية معتدلة" نصائح بكسب ود طبقة الشباب ورجال الأعمال المسلمين عن طريق توفير فرص العمل لهم، وهذا ما يضمن إبعادهم عن الأنظمة والحركات الإسلامية وتحويلهم عنها1.
 
كما أن جوزيف ناي منظر القوة الناعمة ركز كثيراً على قضية الإقتصاد كقوة جذب ناعمة. ففي فصل الموارد ومصادر القوة الناعمة الأمريكية اعتبر أن المؤسسات والشركات التجارية والمهاجرين ورجال الأعمال الأجانب العاملين في السوق الأميركي وقطاع الأعمال والشركات الاقتصادية العابرة للقارات والرموز والعلامات التجارية مثل كوكا كولا وماكدونالدز وغيرها تأتي على رأس الموارد والمصادر التي تعزز القوة الناعمة الأمريكية.
 
وبناء عليه فتركيز الإمام الخامنئي على هذه القضية حيوي ويقع ضمن رؤيته الثاقبة لمواجهة الحرب الناعمة، قال سماحته "إن إحدى الحيل



1 دراسة تحت عنوان "بناء شبكات إسلامية معتدلة" اصدرتها مؤسسة راند للأبحاث الدفاعية التابعة للبنتاغون، مصدر سابق.

 
 
 
 
 
88

79

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 في الحرب النفسية التي يشنها الأعداء في ظل الظروف الراهنة تتمثل في سلب الأمل من الناس وخاصة الشباب. ولهذا يجب تحقيق المزيد من الإنجازات واستغلال الطاقات الهائلة وكشفها للناس". ووجه سماحته إلى ضرورة الوصول اإلى التفوق في هذا المجال "يجب تحقيق آفاق وثيقة التنمية العشرينية وعلينا تقديم نموذج أكثر نجاحاً في الاقتصاد للعالم ونيل إيران مراتب متقدمة في هذه المجالات"1.

 
ويأتي هذا الإهتمام بصورة غير عرضية، فقد رفع سماحته شعارات مرتبطة بالجهاد الاقتصادي كشعار "التنمية والعدالة" وشعار "ترشيد الاستهلاك" وشدد دائماً على أنه يجب العمل وفق قاعدتين جوهريتين: إحدى هاتين القاعدتين تتمثل بزيادة الثروة الوطنية لأن البلدان الإسلامية يجب أن تكون غنية لا فقيرة وعليها أن تستغل ثرواتها في سبيل أهدافها السامية على الصعيد الدولي، أما القاعدة الثانية فهي عدالة التوزيع ومكافحة الحرمان داخل المجتمع الإسلامي، كما وجه نداء إلى المفكرين الإقتصاديين المسلمين والملتزمين بالإسلام لإيلاء هاتين القاعدتين ما تستحقان من الإهتمام2.



1 خطاب سماحة الإمام الخامنئي في لقاء الفعاليات الاقتصادية. مصدر سابق.
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي حول تعديل المادة 44 المتعلقة بملكية الشعب للمؤسسات بتاريخ 19/2/2007
 
 
 
 
 
 
89

80

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 ثاني عشر: دراسة نقاط التشابه بين أساليب الحرب الناعمة ومكر الشيطان

 

لعل الأكثر لفتاً للأنظار في خطابات سماحة الإمام الخامنئي هو الإستفادة من منظومة النصوص والمعتقدات القرآنية في تصوير الحرب الناعمة وتشبيهها بالظاهرة الشيطانية مستعملاً الآية القرآنية  ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾1 ومشبهاً التيار الذي يوظف الحرب الناعمة بالتيار الشيطاني المعتمد على القوة والتزوير والمال ووسائل الإعلام2 وهنا يحضرنا الوصف التاريخي الذي أطلقه الإمام الخميني قدس سره مشبهاً أمريكا بالشيطان الأكبر.
 
وقد شرح آية الله الشيخ مصباح اليزدي تشابه الحرب الناعمة مع مكائد الشيطان بأسلوب فيه إتقان وتفصيل3 واصفاً فكرة الحرب الناعمة بأنها فكرة قديمة قدم الوجود البشري لكن أساليبها وأشكالها تطورت وتبدلت وتجددت. فالشيطان هو أول من ابتكر وأسس فكرة الحرب الناعمة مستفيداً من أسلوب النصح والإحسان إلى أن أوقع نبي الله آدم وحواء في الفخ ودفعهما نحو مخالفة الأوامر الإلهية.



1 نداء سماحة الإمام الخامنئي الى حجاج بيت الله الحرام 1430 هج الموافق 2010
2 خطاب لسماحة الإمام الخامنئي خلال لقاء حشد من الطلبة الجامعيين بتاريخ 26/8/2009
3 خطبة لسماحة آية الله الشيخ مصباح اليزدي حفظ المولى قال فيها "الشيطان هو أول من استعمل الحرب الناعمة" منشورة على موقع وكالة رسا الإيرانية للانباء..
 
 
 
 
 
 
 
90

81

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 واضاف الشيخ اليزدي ان هدف الحرب الناعمة هو التسلط الفكري على الناس وليس فقط الإستعمار والهيمنة على الشعوب، وأضاف إن أساس هذه الحرب هو الحسد والإنتقام والكبر والإستعلاء، وقال إن روح الحرب الناعمة تقوم على "تحريف الأفكار وكسب الأذهان" وتبدأ بتمهيد الأرضية عبر كسب ثقة الناس ومن ثم طرح وتلقين الناس القضايا والشعارات المناسبة لمشاريعهم وأفكارهم.


وقد اعتبر آية الله الشيخ اليزدي أن الرد على هذه الحرب يقوم بحملة تعتمد نفس الطرق ولكن بصورة مضادة، أي كسب ثقة الناس بهدف تصويب الأفكار.

ومن المفيد التدقيق واعادة قراءة جملة من النصوص القرآنية التي تتحدث عن التزيين والمس والإغواء الشيطاني وبحث مدى تشابهها اللافت في المحتوى مع المسميات والتعابير والتكتيكات الجديدة من قبيل برمجة الوعي وغسل الأدمغة وحملات التواصل الإسترتيجي حسب التقنيات الجديدة التي تستخدمها الأجهزة الفكرية والإعلامية والإستخباراتية الأمريكية والغربية والصهيونية. 

كذلك ينبغي التأمل والمقارنة بين فعل الترصد الشيطاني "لأقعدن لهم صراطك المستقيم" والنزغ والوسوسة والربط على القلوب وما يخوف به أولياءه وأتباعه وأعمال الإضلال والصد عن السبيل وغيرها من المكائد الشيطانية مع منظومة الحرب النفسية والدعاية وأساليب وتكتيكات
 
 
 
 
 
 
 
91

82

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 الحرب الناعمة والحملات التي تشنها وسائل اتصال واعلام دول الإستكبار.

 
وهل يبقى هناك فرق بين أسلوب الشيطان في تفريق الناس ﴿أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء﴾ ومشاركة الشيطان للإنسان ﴿وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا﴾ الاسراء/64 والتناغم بين الشيطان والإنسان ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ وبين أساليب أميركا الناعمة في التناغم والتقاطع والمشاركة ومد جسور التواصل مع المضللين والمخدوعين بمشروعها تحت شعارات الإنفتاح والإصلاح والديمقراطية والحداثة والإقتصاد الحر. 
 
 
 
 
 
 
 
 
92

83

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 ثالث عشر: نمط الحياة الإسلامي في مواجهة نمط الحياة الأميركي 

 

كثيراً ما يركز الإمام الخامنئي على مفهوم نمط الحياة والعيش في خطاباته، وفي إحدى الخطب خصص هذا المفهوم وبين دوره في الحضارة الإسلامية، وحذر من خطورة تسلل نمط العيش الأميركي والغربي، وذلك خلال لقائه حشوداً من الشباب و طلبة المدارس والجامعات في محافظة خراسان الشمالية ونظراً للأهميته الإستثنائية للخطاب، سننشر تقريراً ملخصاً للخطاب وفق صياغه موقع سماحة الإمام الخامنئي1: "لو أخذنا التقدم الشامل بمعنى بناء الحضارة الإسلامية الحديثة، لكان لهذه الحضارة جانبان أحدهما ذرائعي، والثاني حقيقي أساسي، و أسلوب الحياة يشكل الجانب الحقيقي من الحضارة الإسلامية".
 
وأكد الإمام الخامنئى على ضرورة "تحقق كلا الجانببن من الحضارة الإسلامية الحدبثة"، مردفاً: الجانب الذرائعي أو الأداتي من هذه الحضارة يتمثل في الأشياء التي تعدّ مظاهر التقدم في الحياة العصرية من قبيل العلوم والاختراعات والاقتصاد والسياسة والمكانة الدولية وما شاكل.



1 خطاب الإمام الخامنئي في جموع وحشود الشباب وطلبة المدارس من أهالي خراسان بتاريخ 14/11/2012 
 
 
 
 
 
 
 
93

84

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 ولفت سماحته يقول: لقد كان لنا في هذا الجانب تقدماً جيداً، و لكن ينبغي التنبّه إلى أن هذا التقدم وسائل و أدوات للوصول إلى الجانب الحقيقي والمعنوي من الحضارة الإسلامية، ألا وهو أسلوب أو نمط الحياة. 


وفي معرض شرحه لمفهوم أسلوب و ثقافة الحياة، أشار الإمام الخامنئي إلى قضاي من قبيل العائلة و الزواج و نوع السكن و نوع الملبس و نموذج الاستهلاك ونمط التسلية و العمل والكسب والسلوكيا ت الفردية والاجتماعية في البيئات المختلفة، مضيفاً: الواقع أن أسلوب الحياة يعود إلى كل الأمور التي تشكل متن الحياة البشرية و أصلها.

وألمح سماحته إلى الاهتمام العميق الذي يوليه الإسلام لمفهوم أسلوب الحياة وثقافتها موضحاً مصطلح "عقل المعاش" في المعارف الإسلامية يترادف في مفهومه الجامع مع أسلوب الحياة و ثقافتها، وثمة في القرآن الكريم الكثير من الآيات حول هذا الموضوع.

وشدّد الإمام الخامنئي على ضرورة تشخيص الآفات في مجال عدم التقدم اللازم في جانب أسلوب الحياة وثقافتها ومعرفة علل ذلك، ودعا المفكرين في الحوزات والجامعات، والنخب السيا سية والفكرية, والمؤسسات ذات العلاقة بالثقافة والتعليم وكذلك الشباب قائلاً: علينا جميعاً أن نشعر في هذا الخصوص بالقلق ونبذل جهوداً حقيقية لمعرفة الآفات وحلولها ونبحث عن سبل العلاج.
 
 
 
 
 
 
 
94

85

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وأبدي سماحته ثقته قائلاً "لو ظهر خطاب خاص بمجال معرفة الآفات والحلول بخصوص أسلوب الحياة وثقافتها، فبالنظر لمواهب الشباب ونشاطهم سوف يبهر تألق الشعب الإيراني في هذا الميدان أيضاً أنظار العالم بلا ريب".


وتابع قائد الثورة الإسلامية حديثه بتشخيصات محددة للآفات، طارحاً العديد من الأسئلة: لماذا تبدو ثقافة العمل الجماعي في إيران ضعيفة؟ لماذا لا تراعي الحقوق المتقابلة في العلاقات الاجتماعية؟ لماذا نسبة الطلاق كبيرة في بعض المناطق? لماذا لا يراعي الإنضباط اللازم في ثقافة قيادة السيارات? ما هي إلزامات السكن في البنايا ت العالية وهل تجري مراعاتها؟ ما هو نموذج التسلية السليمة؟ هل نحن صادقون دوماً مع بعضنا في معاشراتنا اليومية؟ كم يشيع الكذب في المجتمع؟ ما هو سبب بعض حالات الصخب والعنف وعدم التحمّل في العلاقات الاجتماعية؟ كم يبدو تصميم الملابس وعمارة المدن عقلانياً ومنطقياً؟ هل تراعي حقوق الأفراد في وسائل الإعلام والأنترنت؟ ما هو سبب ظهور المرض الخطير المتمثل بالتهرّب من القانون لدي بعض الأفراد والقطاعات؟ ما هي درجة الضمير المهني والإنضباط الإجتماعي عندنا؟ ما هو حال الجودة في المنتجات الداخلية؟ لماذا تبقي بعض الآراء والأفكار الجيدة في مستوي الكلام والأحلام؟ كم هي ساعات العمل المفيدة في الأجهزة والمؤسسات المختلفة؟ ماذا نفعل حتي نستأصل
 
 
 
 
 
 
95

86

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 جذور الربا؟ هل تراعي الحقوق المتقابلة للزوجة والزوج والأبناء في العائلة بنحو كامل؟ لماذا تحوّلت نزعة الإستهلاك إلى فخر لدي البعض؟ وماذا نفعل حتي تحافظ المرأة على كرامتها وعزتها العائلية وتستطيع في الوقت ذاته النهوض بواجباتها الاجتماعية؟


وبعد أن طرح الإمام الخامنئي هذه الأسئلة علي شكل لائحة أضاف قائلاً: ثمة العشرات من الأسئلة والمسائل الأساسية الأخري كلها مرتبطة بأسلوب الحياة و ثقافتها، وبسبب أهمية هذه المسائل في حياة الإنسان يمكن تقييم الحضارة في ضوء تقدمها على صعيد أسلوب الحياة وثقافتها.

وبعد أن شرح سماحته الأهمية العينية لأسلوب الحياة وثقافتها، تطرّق للمباني المفيدة لهذا البحث من وجهة نظر الإسلام، فقال مؤكداً: يري الإسلام "التعقل، والأخلاق، والحقوق" الأرصدة الأصلية للثقافة الصحيحة، ونحن أيضاً نخوض بشكل جاد في هذه المقولات، وإلا لن يتحقق التقدم الإسلامي ولن تتكوّن الحضارة الإسلامية.

وأضاف سماحته في معرض حديثه عن كيفية تكوين أسلوب الحياة ونمطها: ثقافة الحياة تتأثر بتصوراتنا وتفسيرنا للحياة، وأي هدف نرسمه للحياة يستتبع معه أسلوباً خاصاً من الحياة.
 
 
 
 
 
 
96

87

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 وأوضح سماحته أن تحقيق الهدف الأصلي المرسوم في أيةمدرسة أو مذهب أو نظرية سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية بحاجة إلى الإيمان والاعتقاد بذلك الهدف، مردفاً: من دون الاعتقاد الجاد والسعي لا يتحقق أي هدف.


وفي هذا الإطار أشار سماحته إلى مغالطة يطرحها بعض أشباه الفلاسفة الغربيين ومقلديهم الداخليين.

وأضاف الإمام الخامنئي: يقول هؤلاء الأفراد إن المجتمع لا يمكن إدارته بالإيديولوجي والمذهب، لكن كل تجارب بناء الحضارات تدلّ على أن المذهب يهدي ويوجّه ويدير التحركات الاجتماعية العظيمة، ومن دون التوفر علي مذهب وإيديولوجيا, ومن دون الإيمان والسعي وتسديد التكاليف اللازمة لا يمكن لأية حضارة أن تتحقق.

وتابع الإمام الخامنئي: بعض البلدان طبعاً تقلد الحضارة الغربية, وقد تصل إلى بعض التقدم الصوري، لكن الأضرار الجمّة واللامتناهية لذلة التقليد تصيبهم بآفات جادة ومهمة، وتستأصل جذورهم، وإذا هبّت العواصف فلن تجدهم قادرين علي الصمود والاستقامة.

ولفت الإمام الخامنئي: خلافاً لهذه البلدان المقلدة، فإن الشعوب التي اختارت مدرسة التوحيد في مقابل الحضارة الغربية تحقق التقدم الحقيقي
.
 
 
 
 
 
 
97

88

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 الشامل، و تبني أيضاً حضارة عميقة ومتجذرة تنتشر أفكارها وثقافتها في العالم.


وانتقد الإمام الخامنئي الذين يتحرّكون في البيئات شبه المثقفة ويخوّفون الشعب الإيراني من الشعارات المذهبية الإيديولوجية موضحاً: هؤلاء يريدون نقل خوفهم وأوهامهم إلى الناس، لذلك يقولون على الدوام إن الشعارات المذهبية والإيديولوجية تبعث على المتاعب والحظر الاقتصادي والتهديدات.

وأضاف سماحته قائلاً: لو نظرنا بحسن نيّة لهذه الأقوال وجب القول إن أصحابها غير مطلعين على التاريخ.

ولفت الإمام الخامنئي: في موضوع أسلوب الحياة وثقافتها، يلبّي الإسلام العزيز كل احتيا جات البشر، وعلى المفكرين في الحوزات والجامعات فضلاً عن مساعيهم الفقهية والحقوقية, إنجاز أعمال مكثفة وجيدة في مجال الأخلاق الإسلامية والعقل والسلوك العملي في الإسلام، لتكون ثمرة هذه المساعي أساساً للبرمجة وتعليم الأجيال.

وتابع الإمام الخامنئي موضوعه المهم بالتأكيد على نقطة أساسية أخري: الإجتناب التام لتقليد أسلوب ونمط الحياة في الحضارة الغربية.
 
 
 
 
 
 
 
98

89

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 ولفت سماحته قائلاً: نحن طبعاً لا نقصد مقارعة الغرب و الصراع معه، ولكن نؤكد انطلاقاً من دراسات وبحوث على أن تقليد الغرب لا يصل بأي شعب من الشعوب إلى أية غاية.


واعتماداً على التجارب المتكررة طوال القرون الأخيرة، أوضح قائد الثورة الإسلامية: ثقافة الغرب ثقافة مهاجمة أساساً، وفي أي بلد تنتشر، ولأي سبب من الأسباب انتشرت، تقضي تدريجياً على ثقافة ذلك الشعب وهويته.

وأشار سماحته إلى تحوّل معصية المثلية الجنسية في الغرب إلى شيء عادي، وانهيار العوائل، والأزمات والمشكلات العميقة الأخري في البلدان الغربية والبلدان التي تقلد الثقافة الغربية مضيفاً: قشور الثقافة الغربية تقدم ظاهري، لكن باطنها عبارة عن أسلوب حيا ة مادي شهواني باعث على المعاصي قاتل للهوية مناهض للنزعة المعنوية.

وألمح سماحته إلى تقليد الثقافة الغربية في بعض مظاهر الحياة في البلاد مضيفاً: ينبغي بناء الثقافة اللازمة و العمل تدريجيا ً على إصلاح هذه الأمور.

وأشار الإمام الخامنئي في جانب آخر من حديثه إلى الاستغلال الواسع الذي يمارسه الغرب لأدوات الفن و خصوصاً الفنون المسرحية 
 
 
 
 
 
 
99

90

معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله

 والسينمائية مردفاً: يستخدم الساسة الغربيون هذا الأسلوب ليصنعوا الأذواق ويروّجوا لأسلوب الحياة الغربية في المجتمعات الأخرى.


وارتكز الإمام الخامنئي على البحوث المجراة مضيفاً: إنهم يجترحون مشاريع مرسومة، ويستعينون بعلماء الاجتماع والنفس والمؤرخين ليدرسوا نقاط ضعف الشعوب، وخصوصاً الشعوب الإسلامية، وليتعرفوا على سبل التسلط عليها، فيطلبون من المنتجين و المخرجين إنتاج أفلام خاصة، وفي هذا الخصوص على جميع المسؤولين وأبناء الشعب أن يحذروا ويصونوا ثقافتهم الأصيلة و ثقافة بلادهم.

وأشار الإمام الخامنئي إلى نقطة أخرى مشدداً على ضرورة تحاشي السطحية والتحجّر وكذلك العلمانية في وقت واحد مردفاً: بعض الآراء لها ظاهر ديني، لكنها تستبطن فصل الدين عن الحياة.

وأكد الإمام الخامنئي في ختام كلمته لحشود الشباب من خراسان الشمالية: للثورة الإسلامية قدرات وإمكانيات وطاقات متراكمة بمستطاعها رفع كل العقبات عن الدرب، وإقامة الحضارة الإسلامية الممتازة المتسامية المميزة العظيمة أمام أنظار كل العالم.
 
 
 
 
 
 
 
100

91

خاتمة

 خاتمة


الحرب الناعمة شكل جديد من أشكال الحروب تخاض ضد أمتنا. وهي نمط حروب الحاضر والمستقبل، وقد تطول حتى يحسم أحد طرفي الصراع معركته ضد الآخر. فالمشاريع والمخططات الدولية الكبرى التي تريد فرض وجودها وسيطرتها على أمتنا لن تنتهي حتى يسود حكم الإسلام المحمدي الأصيل، وتصبح يده هي العليا.

ولن يحدث هذا الأمر إلا بعد مواجهه تهديدات المشروع الأميركي الغربي الصهيوني وأدواته العربية والاسلامية في منطقتنا، مواجهة قائمة على فهم هذا المشروع وآليات عمله الصلبة والناعمة، والتعرف على استراتيجياته وتكتيكاته، وتفكيك أدواته وتقنياته الثقافية والفكرية والسياسية الإعلامية ومجابهتها بهمة وكفاءة ويقظة وبصيرة، والبراعة في استنزاف طاقات العدو ومقاومتها، وتقديم النموذج الإسلامي الرائد الشامل لشتى الفروع والميادين الثقافية والعلمية والإقتصادية والتربوية والإعلامية، تمثله وتقوده اليوم بحق إيران الإسلام بقيادة سماحة الإمام الخامنئي المفدى.

وهذا يحتاج إلى رؤية بعيدة وجهود جبارة وصبر استراتيجي طويل المدى، لا يلين ولا يكل، وإلى إصلاح الذات في أمتنا الغارقة في سبات عميق جراء موجات الحرب الناعمة الأمريكية والغربية والصهيونية، ويحتاج
 
 
 
 
 
 
101

92

خاتمة

 أيضاً إلى تظافر جهود كل المذاهب والتيارات والشخصيات الإسلامية على امتداد العالم في إطار مشروع إسلامي عالمي.


لقد اكتشفنا مع خطابات سماحة الإمام الخامنئي أعزه المولى خداع وزيف الحرب الناعمة بمنتهى الإبداع والاقتدار.

وشاهدنا لوحات بلاغية وأدبية وفنية رفيعة للغاية، دلت على نظرة ومعرفة ودراية ثاقبة وشاملة وعميقة وأُفق مشرف على المجريات والأحداث العالمية والإقليمية والمحلية. وهذا يفرض على الطلاب السائرين على خط الولاية أن يدرسوا كل كلمة قالها سماحة الإمام الخامنئي، ففيها شفاءً للصدور، وحياة للقلوب المشوشة، وبصائر تنير الطرق الحالكة، ويقظة للعقول والنفوس الغفلة. ولا عذر ولا براءة لأي أحد من المسؤولين أو المؤمنين من الوقوع في الخطأ والضلال بعد هذا البيان، وواضح البرهان الذي تشرف وقام به سماحته..ومد الله بعمره الشريف ونفعنا بصالح ولايته.
 
 
 
 
 
 
 
102

93

خاتمة

 مصادر ومراجع الكتاب


- خطابات الإمام الخامنئي اعزه المولى منقولة من موقع مكتبه الرسمي www.leader.ir 

- جوزيف ناي، القوة الناعمة, مكتبة العبيكان 2007 

- تيم واينر، إرث من الرماد تاريخ CIA, شركة المطبوعات للنشر والتوزيع 2010

- فيليب تيلور، قصف العقول. الدعاية للحرب منذ العالم القديم حتى العصر النووي، مجلة عالم المعرفة. 

- هيربرت شيللر، المتلاعبون بالعقول.. مجلة عالم المعرفة

- دور وسائل الاعلام في الصراع السياسي والثقافي. الشيخ علي ضاهر. دار الهادي.

- التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية. اصدار مؤسسة الفكر العربي. ط 2010

- مجلة اذاعات عربية، صادرة عن اتحاد اذاعات الدول العربية، أعداد 2002 / 2005

- موقع مركز دراسات قناة الجزيرة على الانترنت www.aljazeera.net

- موقع وكالة تابناك الايرانية على الانترنت www.tabnak.ir.

- موقع اسلام اون لاين على الاننرنت www.islamonline.net

- جريدة السفير اللبنانية. 

- كريم سجاد بور, فهم الإمام الخامنئي - "رؤية قائد الثورة الاسلامية الايرانية", نشر عام 2008,موقع معهد كارنيغي
 www.carnegieendowment.org
 
 
 
 
 
 
 
103

94

خاتمة

 - محمد صادق الحسيني, "انهيار خطة سوروس لفتح طهران", 27/8/2009  المنشورة على موقع www.kasion.org


- وكالة الطاهرة للأنباء. www.altahera.net

- شيب هيث ودان هيث, افكار وجدت لتبقى, الدار العربية للعلوم ناشرون، 2008 ترجمة شادي يونس.

- مايكل آيزنشتات, مقال "دور القوة الناعمة في الحرب النفسية ضد إيران",  منشور على موقع: www.annbaa.org/nbnews/2010/07/092.htm.

- علي حرب،  ثورات القوة الناعمة في العالم العربي, الدار العربية للعلوم ناشرون, 2011. 
- ولت ديزني وصناعة العقول - قوة ناعمة أشد فتكا /  www.quran-radio.com

- زكريا سحنونئن, "الدبلوماسية الرقمية في خدمة السياسة الأميركية", منشورة في موقع التجديد www.attajdid.info

- وثيقة أسلمة الجامعات، ترجمة ونشر مركز الابحاث والدراسات التربوية, بيروت.

- نجف علي ميرزائي،  "مشاريع التجديد والاصلاح في الحوزة العلمية.خطاب الامام الخامنئي نموذجاً", اصدار مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي,  2009. 

- "بناء شبكات إسلامية معتدلة"،  اصدار  مؤسسة راند للأبحاث الدفاعية التابعة للبنتاغون.
 
 
 
 
 
 
 
104

95
الحرب الناعمة – معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله