الناجون من الهلاك


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-11

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


المقدمة

  المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الانسان ما لا يعلم، والصلاة على رسوله الاكرم، واله الكرام وسلَّم.
 
أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز أن هدف خلق الانسان هو العبادة، فقال عز وجل ﴿مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.
 
وعبادة الله تعالى لا تتحقق من ذات الانسان كما يريد ويشاء، بل لا بد أن تكون على الطريق التي حدَّدها المولى عزَّ وعلا فالسير عليها يوصل الى النجاة، والاعراض عنها يؤدي الى الهلاك. فكيف نتعرَّف على هذه الطريق؟
 
هنا يأتي دور العلم الذي يمثل مصباح النور الهادي في طريق النجاة الذي يجعل الناجين من الهلاك هم العلماء فقط وهذا ما يؤكده الحديث المعروف "الناس كلّهم هلكى إلا العالمون". ولأهمية العلم هذه اهتمّ‏َ علماؤنا بالكتابة عن العلم قيمةً واداباً.
 
 
 
 
 
 
 
 
5

1

المقدمة

 ولعلّ‏َ كتاب "منية المريد" للشهيد الثاني قدس سره من أهمّ الكتب في هذا المضمار ومنه استقينا ثلاثين أدباً لطالب العلم في هذا الكتيِّب.


لنضعه بين يدي القراء الأعزَّاء لعله يكون شعلة صغيرة تضي‏ء درب العبودية.

والحمد لله رب العالمين‏
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
6

2

الدرس الأول: حقيقة العلم

 إن العلم هو مفهوم كباقي المفاهيم التي لها ظاهر يتوجه إليه الناس ويلتمسونه من خلاله، وله باطن يعبّر عن حقيقته، ويلامس خلفية وجوده.



العلم في ظاهره:

أما الظاهر فهو ما أشارت إليه الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام حيث قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله ما العلم؟ 

فقال: الإنصات. قال: ثم مه يا رسول الله؟ قال: الاستماع. قال: ثم مه؟ قال: الحفظ. قال: ثم مه يا رسول الله؟ قال: العمل به. قال: ثم مه يا رسول الله؟ قال: نشره". 

هذا هو العلم بحسب ظاهره، كيف يحصل عليه الإنسان وكيف يتعامل معه.


العلم في باطنه: 

للعلم بعد آخر هو بعد الباطن الذي يكشف عن الحقيقة والخلفية، ففي حديث عن الصادق عليه السلام: "ليس العلم بالتعلم، إنما هو نور يقع

 
 
 
 
 
 
 
7

3

الدرس الأول: حقيقة العلم

 في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه، فإن أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية، واطلب العلم باستعماله، واستفهم الله يفهمك". 


وقد أشار الإمام الخميني قدس سره إلى هذا البعد الباطني للعلم في كلماته حيث يقول: "العلم الحقيقي هو ذلك العلم الذي يكون نوراً للهداية الملكوتية والصراط المستقيم والتقرب لدار الكرامة" (الكلمات القصار ص‏942).


العلم في لوحته الكاملة 

روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "قال أمير المؤمنين‏عليه السلام: يا طالب العلم إن العلم ذو فضائل كثيرة، فرأسه التواضع، وعينه البراءة من الحسد، وأذنه الفهم، ولسانه الصدق، وحفظه الفحص، وقلبه حسن النية، وعقله معرفة الأسباب والأمور، ويده الرحمة، ورجله زيارة العلماء، وهمته السلامة، وحكمته الورع، ومستقره النجاة، وقائده العافية، ومركبه الوفاء، وسلاحه لين الكلمة، وسيفه الرضا، وقوسه المداراة، وجيشه محاورة، العلماء، وماله الأدب، وذخيرته اجتناب الذنوب، ورداؤه المعروف، ومأواه الموادعة، ودليله الهدى، ورفيقه محبة الأخيار".

 
 
 
 
 
 
 
 
8

4

الدرس الثاني: فضل العلم

 فضل العلم في القرآن الكريم‏


يكفي العلم جلالة وفخرا أن الله سبحانه قد جعله السبب الكلي لخلق هذا العالم العلوي والسفلي، قال الله تعالى في محكم الكتاب: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ الطلاق‏:21.

وجعل سبحانه العلم أعلى شرف، وأول منة امتن بها على ابن ادم بعد خلقه وإبرازه من ظلمة العدم إلى ضياء الوجود، فقال سبحانه في أول سورة أنزلها على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم﴾ العلق:1. فتأمل كيف افتتح كتابه الكريم بنعمة الإيجاد، ثم أردفها بنعمة العلم، فلو كان ثمة منة أو توجد نعمة بعد نعمة الإيجاد هي أعلى من العلم لما خصه الله تعالى بذلك، وصدّر به نور الهداية.

وقد ذكر الرازي في تفسيره (ج‏186/2) في وجه التناسب بين الاية المذكورة في صدر هذه السورة التي قد اشتمل بعضها على خلق

 
 
 
 
 
 
9

5

الدرس الثاني: فضل العلم

 الإنسان من علق، وفي بعضها تعليمه ما لم يعلم، ليحصل النظم البديع في ترتيب آياته: إنه تعالى ذكر أول حال الإنسان، وهو كونه علقة، مع أنها أخس الأشياء، وآخرَ حالِه، فصرتَ في آخرِ حالك في هذه الدرجة التي هي الغاية في الشرف، وهذا، إنما يتم لو كان العلم أشرف المراتب، إذ لو كان غيره أشرف لكان ذكر ذلك الشي‏ء في هذا المقام أولى، وحصر سبحانه الخشية في العلماء، فقال: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾، وهذه الاية فيها وجوه من الدلائل على فضل العلم: 


منها: دلالتها على أن العلماء هم أهل الجنة، وذلك لان العلماء من أهل الخشية، ومن كان من أهل الخشية كان من أهل الجنة فالعلماء من أهل الجنة، فبيان أن العلماء من أهل الخشية

قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾.

وبيان أن أهل الخشية من أهل الجنة قوله تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ إلى قوله تعالى ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾.

وقرن سبحانه أولي العلم بنفسه وملائكته، فقال: ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْم﴾ ال عمران‏:18.

وزاد في إكرامهم على ذلك مع الاقتران المذكور، بقوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ال عمران‏:7.

وبقوله تعالى: ﴿قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَاب﴾ الرعد:43.

وقال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ المجادلة:11.

 
 
 
 
 
 
 
10

6

الدرس الثاني: فضل العلم

 وقال تعالى مخاطبا لنبيه آمرا له مع ما آتاه من العلم والحكمة: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾، فهذه نبذة من فضائله التي نبه الله عليها في كتابه الكريم.



خصائص العلماء في القران الكريم:

لقد خص الله سبحانه في كتابه العلماء بعدة مناقب:

الأولى: الإيمان ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِه﴾ ال عمران‏:7.

الثانية: التوحيد ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْم﴾ ال عمران‏:18.

الثالثة: البكاء والحزن ﴿ِإِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِه﴾ إلى قوله ﴿وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ﴾ الإسراء:107-109.

الرابعة: الخشوع ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ﴾ إلى قوله ﴿وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًاً﴾ الإسراء:107-109.

الخامسة: الخشية ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ فاطر:35. 

السادسة: وضوح الرؤية ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ العنكبوت:49.

وقال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ العنكبوت:‏43.


فضل طلب العلم في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

للعلم فضله الخاص في الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى افترض

 
 
 
 
 
 
 
 
11
 

 


7

الدرس الثاني: فضل العلم

 طلبه على كل مسلم، فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم".



ومن الروايات التي تدل على فضل طلب العلم:

1- من طلب علما فأدركه كتب الله له كفلين من الأجر، ومن طلب علما فلم يدركه كتب الله له كفلا من الأجر

2- من أحب أن ينظر إلى عتقاء الله من النار فلينظر إلى المتعلمين، فوالذي نفسي بيده ما من متعلم يختلف إلى باب العالم إلا كتب الله له بكل قدم عبادة سنة، وبنى الله له بكل قدم مدينة في الجنة، ويمشي على الأرض وهي تستغفر له، ويمسي ويصبح مغفوراً له، وشهدت الملائكة أنهم عتقاء الله من النار.

3- من طلب علم، فهو كالصائم نهاره القائم ليله، وإن باباً من العلم يتعلمه الرجل خير له من أن يكون أبو قبيس (جبل معروف بمكة) ذهباً فأنفقه في سبيل الله.

4- من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيي به الإسلام كان بينه وبين الأنبياء درجة واحدة في الجنة.

5- من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع. سنن الترمذي ج‏29/5، كتاب العلم، الباب‏2، الحديث 2647.

6- من خرج يطلب بابا من العلم ليرد به باطلا إلا حق، وضالا إلى هدى كان عمله كعبادة أربعين عاماً. أمالي الطوسي ج‏231/2.

7- إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع. إحياء علوم الدين ج‏8/1.

8- اطلبوا العلم ولو بالصين. إحياء علوم الدين ج‏8/1.

9- طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم في مظانه

 
 
 
 
 
 
 
 
12

8

الدرس الثاني: فضل العلم

 واقتبسوه من أهله، فإن تعلمه لله تعالى حسنة، وطلبه عبادة، والمذاكرة به تسبيح، والعلم به جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة إلى الله تعالى، لأنه معالم الحلال والحرام ومنار سبيل الجنة، والمؤنس في الوحشة، والصاحب في الغربة والوحدة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة تقتبس اثارهم ويقتدى بفعالهم، وينتهى إلى ارائهم، ترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم، وفي صلواتها تبارك عليهم. ويستغفر لهم كل رطب ويابس حتى حيتان البحر وهوامه وسماع البر وأنعامه. إن العلم حياة القلوب من الجهل، وضياء الأبصار من الظلمة، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ بالعبد منازل الأخيار، ومجالس الأبرار، والدرجات العلا في الاخرة والأولى. الذكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، به يطاع الرب ويعبد، وبه توصل الأرحام، ويعرف الحلال والحرام، والعلم إمام، والعمل تابعه، يلهمه الله السعداء، ويحرمه الأشقياء، فطوبى لمن لم يحرمه الله من حظه. أمالي الطوسي ج‏103-102/2.



فضل العلماء

وورد في الروايات عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث كثيرة في فضل العلماء منها:

1- فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في حجرها، وحتى الحوت في

 
 
 
 
 
 
 
 
13

9

الدرس الثاني: فضل العلم

 الماء ليصلون على معلم الناس الخير. سنن الترمذي ج‏50/5، كتاب العلم، الباب 19، الحديث 2685.


2- رحم الله خلفائي: فقيل: يا رسول الله ! ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد الله. جامع بيان العلم وفضله ج‏55/1.

3- إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينقع به، أو ولد صالح يدعو له. 

4- خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة تجري يبلغه أجرها، وعلم يعمل به من بعده. سنن ابن ماجة ج‏88/1.

5- إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء. يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست أو شك أن تضل الهداة. وقوله‏ صلى الله عليه وآله وسلم: العالم والمتعلم شريكان في الأجر، ولا خير في سائر الناس. سنن ابن ماجة ج‏83/1.


الخير كله في دائرة العلم 

وبيّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما ورد عنه أن النجاة لا تكون إلا لمن هو في دائرة العلم وإلا فالمصير الهلاك، فعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "اغد عالماً أو متعلماً أو مستمعاً أو محباً، ولا تكن الخامس فتهلك". كنز العمال ج‏143/10.


فضل العلم في كلام الأئمة عليهم السلام 

عن أمير المؤمنين عليه السلام: "كفى بالعلم شرفا أن يدعيه من لا يحسنه

 
 
 
 
 
 
 
 
14

10

الدرس الثاني: فضل العلم

 ويفرح به إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذما أن يبرأ منه من هو فيه" معجم الأدباء ج‏66/1. 


وعنه عليه السلام أيضاً أنه قال لكميل بن زياد: "يا كميل! العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم حاكم، والمال محكوم عليه، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق" نهج البلاغة، ص‏496.

وعنه عليه السلام أيضاً: "العلم أفضل من المال بسبعة: 

الأول: أنه ميراث الأنبياء، والمال ميراث الفراعنة.
الثاني: العلم لا ينقص بالنفقة، والمال ينقص بها. 
الثالث: يحتاج المال إلى الحافظ، والعلم يحفظ صاحبه. 
الرابع: العلم يدخل في الكفن ويبقى المال. 
الخامس: المال يحصل للمؤمن والكافر، والعلم لا يحصل إلا للمؤمن.
السادس: جميع الناس يحتاجون إلى العالم في أمر دينهم، ولا يحتاجون إلى صاحب المال. 
السابع: العلم يقوي الرجل على المرور على الصراط والمال يمنعه" تفسير الرازي ج‏183-182/2، والظاهر أن هذا الحديث لم يرو عن طريق الخاصة. 

وعن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام: "لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج، إن الله تعالى أوحى إلى دانيال: أن أمقت عبادي إليّ‏َ الجاهل المستخف بحق أهل العلم التارك للاقتداء بهم، وأن أحب عبيدي

 
 
 
 
 
 
 
15

11

الدرس الثاني: فضل العلم

 إلي التقي الطالب للثواب الجزيل، اللازم للعلماء، التابع للحلماء القابل عن الحكماء" الكافي ج‏35/1. 


وعن الإمام الصادق عليه السلام: "لوددت أن أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا" الكافي ج‏31/1.


فضل التعليم‏

وينسب إلى الإمام العسكري عليه السلام في تفسير بعض السور القرانية كقوله الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ﴾ إلى قوله ﴿وَالْيَتَامَى﴾ البقرة:82.

قال الإمام العسكري عليه السلام: "وأما قوله عز وجل ﴿وَالْيَتَامَى﴾ فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: حث الله تعالى على بر اليتامى لانقطاعهم عن آبائهم، فمن صانهم صانه الله، ومن أكرمهم أكرمه الله، ومن مسح يده برأس يتيم رفقاً به جعل الله تعالى له في الجنة بكل شعرة مرت تحت يده قصرا أوسع من الدنيا بما فيها، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون".

وقال الإمام العسكري عليه السلام: "وأشد من يتم هذا اليتيم يتيم انقطع عن إمامه، لا يقدر على الوصول إليه، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا، فهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا، كان معنا في الرفيق الأعلى. حدثني بذلك أبي عن أبيه عن آبائهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم".

 
 
 
 
 
 
 
16

12

الدرس الثاني: فضل العلم

 العلم النافع 


عن الإمام الكاظم عليه السلام قال: "دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسجد، فإذا جماعة قد أطافوا برجل، فقال: ما هذا؟ فقيل: علامة، فقال: وما العلامة؟ فقالوا: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها، وأيام الجاهلية والأشعار العربية، قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ذاك علم لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادله، أو سنة قائمة، وما خلاهن فهو فضل" الكافي ج‏32/1، كتاب فضل العلم، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء.


فضل العلم في دليل العقل‏

وأما دليل العقل على فضل العلم فنذكر منه هذا الدليل: إن المعقولات تنقسم إلى موجودة ومعدومة. والعقول السليمة تشهد بأن الموجود أشرف من المعدوم، بل لا شرف للمعدوم أصلا. ثم الموجود ينقسم إلى جماد ونام، والنامي أشرف من الجماد. ثم النامي ينقسم إلى حساس وغيره، والحساس أشرف من غيره. ثم الحساس ينقسم إلى عاقل وغير عاقل، ولا شك أن العاقل أشرف من غيره. ثم العاقل ينقسم إلى عالم وجاهل، ولا شبهة في أن العالم أشرف من الجاهل. فتبين بذلك أن العالم أشرف المعقولات والموجودات وهذا أمر يلحق بالواضحات.

 
 
 
 
 
 
 
 
17

13

الدرس الثالث: غاية العلم

 إعلم أن العلم بمنزلة الشجرة، والعمل بمنزلة الثمرة، والغرض من الشجرة المثمرة ليس إلا ثمرتها، أما شجرتها بدون الاستعمال، فلا يتعلق بها غرض أصلا، فإن الانتفاع بها في أي وجه كان ضرب من الثمرة بهذا المعنى. وإنما كان الغرض الذاتي من العلم مطلقا العمل، لان العلوم كلها ترجع إلى أمرين: علم معاملة، وعلم معرفة. فعلم المعاملة هو معرفة الحلال والحرام ونظائرهما من الأحكام، ومعرفة أخلاق النفس المذمومة والمحمودة، وكيفية علاجها والفرار منها. وعلم المعرفة كالعلم بالله تعالى وصفاته وأسمائه. وما عداهما من العلوم إما آلات لهذه العلوم أو يراد بها عمل من الأعمال في الجملة، كما لا يخفى على من تتبعها. وظاهر أن علوم المعاملة لا تراد إلا للعمل، بل لولا الحاجة إليه لم يكن لها قيمة.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
18
 

14

الدرس الرابع: آداب طلب العلم

 لطلب العلم آداب عامة نذكر منها:



1- إخلاص النية في طلب العلم:

أول ما يجب على طالب العلم إخلاص النية لله تعالى في طلبه وبذله، فإن مدار الأعمال على النيات، وبسببها يكون العمل تارة خزفة لا قيمة لها، وتارة جوهرة لا يعلم قيمتها لعظم قدرها، وتارة وبالاً على صاحبه، مكتوباً في ديوان السيئات وإن كان بصورة الواجبات. 

فيجب على طالب العلم أن يقصد بعمله وجه الله تعالى وامتثال أمره، وإصلاح نفسه، وإرشاد عباده إلى معالم دينه، ولا يقصد بذلك غرض الدنيا من تحصيل مال أو جاه أو شهرة أو تميز عن الأشباه أو المفاخرة للأقران أو الترفع على الأخوان، ونحو ذلك من الأغراض الفاسدة التي تثمر الخذلان من الله تعالى وتوجب المقت، وتفوت الدار الاخرة والثواب الدائم، فيصير من الأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

وقد كثرت أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الأدب نعرض منها: 

1- "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته

 
 
 
 
 
 
 
 
19

15

الدرس الرابع: آداب طلب العلم

 إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه". 


2- وقال صلى الله عليه وآله وسلم مخبراً عن جبرائيل عن الله عز وجل أنه قال: "الإخلاص سر من أسراري، استودعته قلب من أحببت من عبادي". 

3- "من تعلم علما لغير الله وأراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار".

4- "من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار".

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "من تعلم علما من علم الاخرة ليريد به عرضا من عرض الدنيا لم يجد ريح الجنة". السرائر/491، قسم المستطرفات.


مكائد الشيطان وأهمية الإخلاص‏

إن درجة الإخلاص عظيمة المقدار كثيرة الأخطار دقيقة المعنى صعبة المرتقى، يحتاج طالبها إلى نظر دقيق، وفكر صحيح، ومجاهدة تامة. وكيف لا يكون كذلك، وهو مدار القبول، وعليه يترتب الثواب، وبه تظهر ثمرة عبادة العابد، وتعب العالم، وجد المجاهد. ولو فكر الإنسان في نفسه، وفتش عن حقيقة عمله لوجد الإخلاص فيه قليلا، وشوائب الفساد إليه متوجهة، والقواطع عليه متراكمة، سيما المتصف بالعلم وطالبه، وربما يلبس عليهم الشيطان ويقول لهم: غرضكم نشر دين الله، والنضال عن الشرع الذي شرعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولكن يظهر قصده على حقيقته إذا ظهر زميل له أكثر علما منه وأحسن حالا،

 
 
 
 
 
 
 
 
20

16

الدرس الرابع: آداب طلب العلم

 3- عدم السؤال مراءاً:


أن لا يسأل أحدا تعنتا وتعجيزا، بل سؤال متعلم لله أو معلم له سبحانه وتعالى منبه على الخير، قاصد للإرشاد أو الاسترشاد، فهناك تظهر زبدة التعليم والتعلم وتثمر شجرته، فأما إذا قصد مجرد المراء والجدل، وأحب ظهور الغلبة فإن ذلك يثمر في النفس صفات رديئة وسجية خبيثة، ويستوجب المقت من الله تعالى.

إن السؤال تعنتاً ومراءاً يعتبر باباً يوصل إلى العديد من المعاصي: كإيذاء المخاطب وتجهيله والطعن فيه، والثناء على النفس والتزكية لها، وهذه كلها ذنوب مؤكدة، وعيوب منهي عنها. قال صلى الله عليه وآله وسلم: "من ترك المراء وهو محق بني له بيت في أعلى الجنة ومن ترك المراء وهو مبطل بني له بيت في ربض الجنة" إحياء علوم الدين ج‏158/2.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء وإن كان محقاً" إحياء علوم الدين ج‏100/3.

ما معنى المراء؟

إن حقيقة المراء الطعن والإعتراض على كلام الغير وإظهار ضعفه، لغير غرض ديني أمر الله به، فتجده يعترض على كل كلام يسمعه ويهزء به ويضعفه، وترك المراء يحصل بترك الإنكار والاعتراض على كل ما يسمعه، فعليه أن يقف ويتأمل في الكلام، فإن كان حقاً وجب التصديق به بالقلب وإظهار صدقه حيث يطلب منه ذلك، وإن كان باطلاً فعليه أيضاً أن يتركه ولا يتسرع إلى الاعتراض إلا إن كان متعلقاً بأمور الدين واكتملت فيه شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 
 
 
 
 
 
 
 
22

17

الدرس الرابع: آداب طلب العلم

 الطعن في كلام الغير


قد يقع الانسان في المراء والطعن دون أن يلتفت إلى ذلك بسبب غفلته وعدم معرفته بتفاصيل المراء والطعن وجهاته التي قد يكون بعضها خافياً عليه فالطعن في الكلام يمكن أن يكون في جهات ثلاث:

1- في لفظه بإظهار خلل فيه من جهة النحو أو اللغة أو جهة النظم والترتيب بسبب قصور المعرفة أو طغيان اللسان.
2- في المعنى بأن يقول: ليس كما تقول، وقد أخطأت فيه لكذا وكذا.
3- في قصده مثل أن يقول: هذا الكلام حق ولكن ليس قصدك منه الحق، وما يجري مجراه.

علامة المراء

قد يتعلم الإنسان كل هذه الأمور ويعرفها نظرياً، ولكن هناك مرحلة ثانية قد تكون أصعب من المرحلة الأولى وتتلخص في الإجابة عن السؤال التالي:

كيف نميز بين الطعن الصحيح الذي هو لله تعالى والطعن الفاسد الذي هو من المراء؟

إن التمييز بينهما عملياً صعب على الإنسان الذي تعود على تبرئة نفسه الأمارة بالسوء ورفض إدانتها، ولكن مع ذلك هناك علامات يمكن للانسان أن يميز حقيقة عمله من خلالها:

فعلامة فساد مقصد المتكلم تتحقق بكراهة ظهور الحق على غير يده ليتبين فضله ومعرفته للمسألة، والباعث عليه الترفع بإظهار الفضل والتهجم على الغير بإظهار نقصه، وهما (إظهار فضل النفس

 
 
 
 
 
 
 
23

18

الدرس الرابع: آداب طلب العلم

 وتنقيص الاخر) شهوتان رديئتان للنفس: أما إظهار الفضل فهو تزكية للنفس، وهو من مقتضى ما في النفس من طغيانِ دعوى العلو والكبرياء، وقد نهى الله تعالى عنه في محكم كتابه، فقال سبحانه: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾ وأما تنقيص الاخر فهو مقتضى طبع السبعية، فإنه يقتضي أن يمزق غيره ويصدمه ويؤذيه، وهي صفة مهلكة.


4- عدم التكبر عن طلب العلم:

أن لا يستنكف (يتكبر) من التعلم والاستفادة ممن هو دونه في منصب أو سن أو شهرة أو دين أو في علم اخر، بل يستفيد ممن يمكن الاستفادة منه، ولا يمنعه ارتفاع منصبه وشهرته من استفادة ما لا يعرفه، فتخسر صفقته ويقل علمه ويستحق المقت من الله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق" بحار الأنوار ج 99/2 الحديث 58، وأنشد بعضهم في ذلك:

وليس العمى طول السؤال وإنما تمام العمى طول السكوت على الجهل 

ومن هذا الباب أن يترك السؤال استحياء، ومن هنا قيل: من استحيا من المسألة لم يستحِ الجهل منه. وقال أبو عبد الله عليه السلام: "إنما يهلك الناس، لأنهم لا يسألون" الكافي ج‏40/1، كتاب فضل العلم، باب سؤال العالم وتذاكره. وعنه عليه السلام: "إن هذا العلم عليه قفل، ومفتاحه المسألة" الكافي ج‏40/1، كتاب فضل العلم، باب سؤال العالم وتذاكره.

 
 
 
 
 
 
 
 
24

19

الدرس الرابع: آداب طلب العلم

 5- الإنقياد للحق والرجوع إليه:


من أهم الآداب الانقياد للحق بالرجوع عند الهفوة، ولو ظهر على يد من هو أصغر منه، فإن الإنقياد إلى الحق واجب شرعاً، وهو من بركة العلم، والإصرار على ترك الحق تكبر مبغوض عند الله تعالى، يستوجب البعد عن الله والطرد من رحمته، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من كبر".


6- أن لا يحضر مجلس الدرس إلا متطهراً:

من الحدث والخبث متنظفاً متطيباً في بدنه وثوبه، لابساً أحسنَ ثيابِه، قاصداً بذلك تعظيمَ العلم وترويحَ الحاضرين من الجلساء والملائكة، سيما إن كان في مسجد. وجميع ما ورد من الترغيب في ذلك لعامة الناس، فهو في حق العالم والمتعلم اكد وأولى.


7- تحسين النية وتطهير القلب من الأدناس:

أن يحسن نيته، ويطهر قلبه من الأدناس، ليصلح لقبول العلم وحفظه وقال سهل بن عبد الله هو أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس التستري: "حرام على قلب أن يدخله النور، وفيه شئ مما يكرهه الله عز وجل". تذكرة السامع/76، وقال علي بن خُشرم: "شكوت إلى وكيع بن الجراح بن مليح قلة الحفظ، فقال: استعن على الحفظ بقلة الذنوب".

وقد نظم بعضهم ذلك في بيتين فقال:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي         فأرشدني إلى ترك المعاصي‏
وقال اعلم بأن العلمَ فضلٌ             وفضلُ اللهِ لا يؤتاه عاصي‏

 
 
 
 
 
 
 
25

20

الدرس الرابع: آداب طلب العلم

 8- إغتنام التحصيل في الفراغ والنشاط:


أن يغتنم التحصيل في الفراغ، ما دام الله تعالى قد من عليه بهذه اللحظات من الفراغ، ويغتنم النشاط وحالة الشباب وقوة البدن قبل أن يصاب بالضعف والوهن، ويغتنم نباهة الخاطر وسلامة الحواس وقلة الشواغل الفكرية قبل أن يصاب ذهنه بالبلادة وحواسه بالخمول، وقبل ارتفاع المنزلة والإتسام بالفضل والعلم، فإنه أعظم صاد عن درك الكمال، بل سبب تام في النقصان والاختلال. إن هذه النعم الإلهية هي أمانة أودعنا الله إياها لنستفيد منها ونصرفها في محلها، و عن ابن عباس رضي الله عنه: "ما أوتي عالم علما إلا وهو شاب". وقد نبه الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّاً﴾ مريم‏:12. فغالباً ما يكون التحصيل في هذه الأعمار، ومن كبر لا ينبغي له أن يحجم عن الطلب، فإن الفضل واسع والكرم وافر والجود فائض، وأبواب الرحمة والهبات مفتحة، فإذا كان المحل قابلا تمت النعمة وحصل المطلوب، قال الله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ﴾ البقرة:282.


9- قطع العوائق الشاغلة عن طلب العلم:

هناك عوائق في هذه الدنيا قد تمنع الإنسان من الإنصراف إلى العلم، وحتى من يوفق إلى العلم قد يبقى ذهنه مشغولاً ومتعلقاً بأمور كثيرة تشغله عن الإستفادة الحقيقة ومن تحصيل العلم، فعلى الإنسان أن يقطع ما يقدر عليه من العوائق الشاغلة، والعلائق المانعة عن تمام الطلب وكمال الاجتهاد، وعليه أن يكون مجداً في التحصيل، ويرضى

 
 
 
 
 
 
 
26

21

الدرس الرابع: آداب طلب العلم

 بما تيسر من القوت وإن كان يسيرا، وبما يستر مثله من اللباس وإن كان خَلِقا بالياً، ولا يتطلب أو يتوقع الكثير عن طلب العلم، فبالصبر على ضيق العيش تنال سعة العلم، ويحقق القلب آماله والعقل نصيبه، ليتفجر عنه ينابيع الحكمة والكمال. قال بعض السلف: "لا يطلب أحد هذا العلم بعز النفس فيفلح، ولكن من طلبه بذل النفس وضيق العيش وخدمة العلماء أفلح"، وقال الخليل بن أحمد: "العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك". 


10- ترك عشرة من يشغله عن طلب العلم:

إن الصديق والخليل هو نعمة إلهية، يساعد صديقه وخليله على الدنيا وعوارضها، ويعينه على اخرته، إذا كان صديقاً وخليلاً صالحاً، ولكن قد يبتلى المؤمن بصديق بعيد عن العلم منصرف عن التعلم، فعلى المتعلم ترك العشرة مع من يشغله عن مطلوبه، فإن تركها من أهم ما ينبغي لطالب العلم، وأعظم آفات العشرة ضياع العمر بغير فائدة. والذي ينبغي لطالب العلم، أن لا يخالط إلا لمن يفيده أو يستفيد منه، فإن احتاج إلى صاحب، فليختر الصاحب الصالح الدين التقي الذكي، الذي إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإن احتاج واساه، وإن ضجر صبره، فيستفيد من خلقه ملكة صالحة فإن لم يوفق لمثل ذلك، فالوحدة أفضل من قرين السوء.

 
 
 
 
 
 
 
 
27

22

الدرس الخامس: آداب المتعلم مع معلمه

 آداب المتعلم مع معلمه



1- النظر في من يأخذ عنه العلم:

ليختر المتعلم من كملت أهليته من المعلمين، وظهرت ديانته، وتحققت معرفته، وعرفت عفته، واشتهرت صيانته وسيادته، وظهرت مروته، وحسن تعليمه، وجاد تفهيمه، ولا يغتر الطالب بمن زاد علمه مع نقص في ورعه أو دينه أو خلقه، فإن ضرره في خلق المتعلم ودينه أصعب من الجهل الذي يطلب زواله، وأشد ضررا، وعن جماعة من السلف: هذا العلم دِين، فانظروا عمن تأخذون دينكم.

وليحذر ممن أخذ علمه من بطون الكتب وطالعها لوحده من دون دراستها عند العلماء، خوفا من وقوعه في الغلط والتحريف والفهم الخاطئ. قال بعض السلف: من تفقه من بطون الكتب ضيع الأحكام. وإذا استقرأت أحوال السابقين والمعاصرين لم تجد النفع غالبا إلا إذا كان للشيخ من التقوى والنصح والشفقة للطلبة نصيب وافر، وكذلك إذا قرأت المصنفات وجدت الانتفاع بتصنيف الأتقى أوفر، والفلاح بالاشتغال به أكثر.

 
 
 
 
 
 
28

23

الدرس الخامس: آداب المتعلم مع معلمه

 2- الإعتقاد أن المعلم الأب الحقيقي والوالد الروحاني:


أن يعتقد أن شيخه أبوه الحقيقي ووالده الروحاني، وهو أعظم من الوالد الجسماني، فيبالغ بعد الأدب في حقه في رعاية حق أبوته ووفاء حق تربيته، وقد سئل الإسكندر عليه السلام: "ما بالك توقر معلمك أكثر من والدك؟ فقال: لأن المعلم سبب لحياتي الباقية، ووالدي لحياتي الفانية" أخلاق ناصري/271.

وقد روي أن السيد الرضي الموسوي قدس الله روحه وقد كان عظيم النفس عالي الهمة أبي الطبع لا يقبل لأحد منة، قال له بعض مشايخه يوماً: بلغني أن دارك ضيقة لا تليق بحالك، ولي دار واسعة صالحة لك، قد وهبتها لك فانتقل إليها. فأبى الشريف الرضي، فأعاد عليه الكلام، فقال: يا شيخ أنا لم أقبل بر أبي قط، فكيف من غيره؟ فقال له الشيخ: إن حقي عليك أعظم من حق أبيك، لأني أبوك الروحاني، وهو أبوك الجسماني. فقال السيد رحمه الله: قد قبلت الدار.

ومن هنا نَظَم بعض الفضلاء:

آباء أجسادنا هم سبب         لأن جعلنا عرائض التلف‏
من عَلَّم الناس كان خير أب   ذاك أبو الروح لا أبو النطف


3- إحترام المعلم والتواضع له:

أن ينظر إلى استاذه بعين الإحترام والإجلال والإكرام، ويتغاضى صفحا عن عيوبه ونواقصه، فإن ذلك يجعله أكثر قدرة على الانتفاع به، وترسيخ ما يسمعه منه في ذهنه.

 
 
 
 
 
 
 
 
29

24

الدرس الخامس: آداب المتعلم مع معلمه

 ولقد كان بعض السلف إذا ذهب إلى شيخه تصدق بشي‏ء، وقال: اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب ببركة علمه مني. وقال آخر: كنت أصفح الورقة بين يدي شيخي صفحا رفيقا، هيبة له لئلا يسمع وقعها. وقال آخر: والله ما أجترأت أن أشرب الماء وشيخي ينظر إلي، هيبة له. وقال حمدان الأصفهاني: كنت عند شريك بن عبد الله (النخعي الكوفي المتوفى سنة 177ه)، فأتاه بعض أولاد الخليفة المهدي (محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي العباسي، من خلفاء الدولة العباسية، مات سنة 169ه)، فاستند إبن الخليفة إلى الحائط وسأله عن حديث، فلم يلتفت إليه وأقبل علينا، ثم عاد، فعاد شريك لمثل ذلك، فقال: أتستخف بأولاد الخلفاء؟ قال: لا، ولكن العلم أجل عند الله من أن أضيعه. فجثا على ركبتيه، فقال شريك: هكذا يطلب العلم.



4- عدم الإنكار على المعلم وتبجيله في الخطاب:

أن يتواضع له زيادة على ما أمر به من التواضع للعلماء وغيرهم، ويتواضع للعلم، فإنه لا ينال العلم إلا من تواضع له، ولا يظن أن التواضع ذل بل هو في مثل هذه الأمور رفعة، وتعظيم حرمته مثوبة، وخدمته شرف.

وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والوقار، وتواضعوا لمن تعلمون منه".

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "من علم أحدا مسألة ملك رقه. قيل: أيبيعه ويشتريه؟ قال: بل يأمره وينهاه".

 
 
 
 
 
 
 
 
30

25

الدرس الخامس: آداب المتعلم مع معلمه

 5- تعظيم المعلم وشكره:


أن يبجله في خطابه وجوابه، في غيبته وحضوره، ولا يخاطبه بتاء الخطاب وكافه، ولا يناديه من بعد، بل يقول: "يا سيدي" و"يا أستاذ" وما أشبه ذلك، ويخاطبه بصيغ الجمع تعظيما نحو "ما تقولون في كذا" و"ما رأيكم في كذا" و"قلتم رضي الله عنكم" أو "تقبل الله منكم" أو "رحمكم الله". ولا يسميه في غيبته باسمه إلا مقرونا بما يشعر بتعظيمه، كقوله: قال الشيخ، أو الأستاذ، أو شيخنا...


6- الإجتهاد في السبق للحضور في مجلس الدرس:

أن يجتهد على أن يسبق بالحضور إلى المجلس قبل حضور الشيخ، ولو انتظره على باب داره ليخرج ويمشي معه إلى المجلس، فهو أولى مع إمكانه. ويحذر عن أن يتأخر في الحضور عن حضور الشيخ، فيدع الشيخ في انتظاره، فإن فاعلَ ذلك من غير ضرورة أكيدة معرضٌ نفسه للمقت والذم.


7- الدخول إلى مجلس الدرس بإذنه:

أن لا يدخل على الشيخ في غير المجلس العام بغير إذنه، سواء كان الشيخ وحده أم معه غيره، فإن استأذن بحيث يعلم الشيخ ولم يأذن، انصرف ولا يكرر الإستئذان، وإن شك في علم الشيخ به كرره ثلاثا، ولا يزيد في الإستئذان عليها، أو ثلاث طرقات بالباب أو بالحلقة، وإن أذن وكانوا جماعة تقدم أفضلهم فأسنهم بالدخول والسلام عليه، ثم يسلم عليه الأفضل فالأفضل.

 
 
 
 
 
 
 
31

26

الدرس الخامس: آداب المتعلم مع معلمه

 8- الإصغاء إلى الشيخ والنظر إليه عند تكلمه:


أن يصغي إلى الشيخ ناظرا إليه، ويقبل بجميع حواسه عليه، متعقلا لقوله: بحيث لا يحوجه إلى إعادة الكلام، ولا يلتفت من غير ضرورة وينظر إلى يمينه أو شماله أو فوقه أو أمامه لغير حاجة، ولا سيما عند بحثه معه أو كلامه له، فلا ينبغي أن ينظر إلا إليه، ولا يضطرب لضجة يسمعها، ولا يلتفت إليها سيما عند بحثه.

وعليه أن يراعي الأدب في حركاته والأنسب في تصرفاته، فلا يومي بيده إلى وجه الشيخ أو صدره، ولا يمس بها شيئا من بدنه أو ثيابه، ولا يعبث بيديه أو رجليه، أو غيرهما من أعضائه، ولا يضع يده على لحيته أو فمه أو يعبث بها في أنفه، ولا يفتح فاه، ولا يقرع سنه، ولا يضرب الأرض براحته، أو يخط عليها بأصابعه، ولا يشبك بيديه ولا يعبث بأزراره، ولا يفرقع أصابعه، بل يلزم سكون بدنه، ولا يكثر التنحنح من غير حاجة، ولا يبصق ولا يمتخط، ولا يتنخع ما أمكنه، ولا يلفظ النخامة من فيه بل يأخذها منه بمنديل أو نحو ذلك، ولا يتجشأ، ولا يتمطى، ولا يكثر التثاؤب، وإذا اضطر تثاءب بعد ستر فاه، وإذا عطس حفظ صوته جهده، وستر وجهه بمنديل ونحوه، وكل ذلك مما يقتضيه الذوق السليم.


9- عدم رفع الصوت عنده:

أن لا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة، ولا يكثر كلامه بغير ضرورة، ولا يحكي أموراً مضحكة، أو يتلفظ بما فيه بذاءة، أو يتضمن سوء مخاطبة أو سوء أدب، بل ولا يتكلم بما لم يسأله. وإذا أراد الكلام

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
32

27

الدرس الخامس: آداب المتعلم مع معلمه

 فليستأذن أولا، ولا يضحك لغير عجب، بل ولا لعجب إذا لم يضحك الشيخ أولاً، فإن غلبه الضحك تبسم تبسما بغير صوت البتة. وليحذر كل الحذر من أن يغتاب أحدا في مجلسه، أو يقع بالنميمة، أو يوقع بينه وبين أحد بنقل ما يسوؤه عنه، كأن يستنقص به أو يتكلم عنه بسوء.



10- عدم الأخذ على هفوات المعلم:

فإذا سبق لسان الشيخ إلى تحريف كلمة أو شرحها بشكل غير صحيح ومستغرب، فلا يضحك ولا يستهزئ، ولا يعيدها كأنه يعلق بها عليه، ولا يغمز غيره ولا يشير إليه، بل ولا يتوقف عند ما صدر منه، ولا يُدخِله قلبه ولا يصغي إليه سمعه، ولا يحكيه لأحد، فإن اللسان سباق، والإنسان غير معصوم، وفاعل شئ مما ذكر مع شيخه معرض نفسه للحرمان والبلاء والخسران، مستحق للزجر والتأديب والهجر والتأنيب، مع ما يستوجبه من مقت الله سبحانه له وملائكته وأنبيائه وخاصته.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
33

28

الدرس السادس: آداب المتعلم في درسه

 هناك آداب خاصة بطريقة المطالعة والدرس والقراءة، يجب أن نلتفت إليها ونراعيها عند الدرس أيضاً وتتلخص بما يلي:



1- مراعاة قدراته الذهنية:

أن يقتصر من المطالعة على ما يحتمله فهمه، وينساق إليه ذهنه، ولا ينافي طبعه، فلا يشتغل بالكتب العقلية التي تعرض خلافات معقدة، قبل أن يجهز ذهنه لمثل هذه الأمور، ويصح فهمه، ويستقر رأيه على الحق، فيكون قادراً على استيعاب الجواب وفهمه.

وليحذر من الإشتغال بما يبدد الفكر، ويحير العقل من الكتب الكثيرة والتصانيف المتفرقة، فإنه يضيع زمانه ويشتت ذهنه. وليعط الكتاب الذي يقرؤه كليته، حتى يتقنه، ولا يشغل نفسه بغيره، حذرا من الوقوع في الخبط والانتقال بين الكتب المؤدي إلى التضييع وعدم الفلاح.


2- حفظ الدرس:

أن يعتني بحفظ درسه حفظا محكما، ثم يكرره بعد حفظه تكرارا

 
 
 
 
 
 
 
 
 
34

29

الدرس السادس: آداب المتعلم في درسه

 جيدا، ثم يراجعه ويستذكره في أوقات يقررها ويواظب عليها، ليرسخ رسوخا متأكدا.



3- مراعاة الأهم:

أن يرتب الأهم فالأهم في الحفظ الصحيح والمطالعة ويتقنها، وبعدها فليتأمل بمحفوظاته ويديم الفكر فيها، ويعتني بما يحصل فيها من الفوائد، ويذاكر بها زملاءه.


4- تنظيم الوقت:

أن يقسم أوقات ليله ونهاره على ما يحصّله من العلم، ويغتنم ما بقي من عمره، وأفضل الأوقات للحفظ الأسحار، وللبحث الأبكار، وللكتابة وسط النهار، وللمطالعة والمذاكرة الليل وما يبقى له من النهار.

ومما قالوه ودلت عليه التجربة أن حفظ الليل أنفع من حفظ النهار، ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع، والمكان البعيد أفضل من الأماكن الممتلئة بالملهيات كالأصوات والخضرة والنبات والأنهار الجاريات، وقوارع الطرق التي تكثر فيها الحركات، لأنها تمنع من خلو القلب. 
 

5- الإبكار في الدروس:

أن يبكر بدرسه، فقد ورد في الخبر: بورك لأمتي في بكورها. وفي خبر آخر: اغدوا في طلب العلم، فإني سألت ربي أن يبارك لأمتي في بكورها.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
35

30

الدرس السادس: آداب المتعلم في درسه

 6- تقييد العلم بالكتابة:


روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "قَيِّدوا العلم. وقيل: وما تقييدُه؟ قال: كتابته".

وروي أن رجلا من الأنصار كان يجلس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيسمع منه الحديث، فيعجبه ولا يحفظه، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "استعن بيمينك، وأومأ بيده أي خط".


7- مذاكرة الدرس وتكراره:

ينبغي أن يذاكر من يرافقه في حلقة الدرس بما وقع فيه من الفوائد والضوابط والقواعد وغير ذلك، ويعيدوا كلام الشيخ فيما بينهم، فإن في المذاكرة نفعا عظيما أهم من نفع الحفظ. وينبغي الإسراع بها بعد القيام من المجلس قبل تفرق أذهانهم، وتشتت خواطرهم، وشذوذ بعض ما سمعوه عن أفهامهم، ثم يتذاكرونه في بعض الأوقات فلا شئ يتخرج به الطالب في العلم مثل المذاكرة. فإن لم يجد الطالب من يذاكره ذاكر نفسه بنفسه، وكرر معنى ما سمعه ولفظه على قلبه، ليعلق ذلك بخاطره، فإن تكرار المعنى على القلب كتكرار اللفظ على الغير، وقل أن يفلح من اعتمد واقتصر على الفكر والتعقل بحضور الدرس فقط، ثم يتركه ويقوم ولا يراجعه ويذاكره.


8- تحديد وقت المذاكرة:

أن تكون المذاكرة المذكورة في غير مجلس الشيخ، أو فيه بعد انصرافه بحيث لا يسمع لهم صوتا.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
36

31

الدرس السادس: آداب المتعلم في درسه

 9- مساعدة إخوانه في الدرس:

قد يهتدي بعض الطلاب لمسألة ويفهمونها قبل غيرهم من زملائهم، فعليه إذا علم شيئاً من العلوم والكمال أن يرشد رفقته ويرغبهم في الاجتماع والتذاكر والدرس، ويسهل عليهم الأمور ولا يهوّل عليهم أو يخيفهم من الدرس، ويرغبهم بالدرس فيذكر لهم ما استفاده من الفوائد والقواعد.

فبإرشادهم يبارك الله له في علمه ويستنير قلبه، وتترسخ المسائل عنده مع ما فيه من جزيل ثواب الله تعالى وجميل نظره وعطفه، ومن بخل عليهم بشي‏ء من ذلك كان بضد ما ذكر، ولم يثبت علمه وإن ثبت لم يثمر، ولم يبارك الله له فيه.


10- أن لا يحسد إخوانه:

على طالب العلم أن لا يحسد أحدا من إخوانه الطلاب ولا يحتقره، ولا يفتخر عليه ولا يعجب بأنه أفهم من غيره وسابق لهم، فقد كان مثلهم ثم منّ الله تعالى عليه، فليحمد الله تعالى على ذلك ويستزيده منه بدوام الشكر، فإذا امتثل ذلك وتكاملت أهليته واشتهرت فضيلته ارتقى إلى ما بعده من المراتب.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
37

32

الدرس السابع: إستفتاءات القائد في التعليم والتعلم وآدابهما

 وجوب تعلم مسائل الإبتلاء: 


يأثم المكلف فيما لو أدى عدم تعلّمه لمسائل الإبتلاء إلى ترك الواجب أو بفعل الحرام، الإمام الخامنئي دام ظله، أجوبة الإستفتاءات الطبعة الثانية ج‏2، مسألة 229.


طرق تحصيل اليقين بأصول الدين: 

يحصل اليقين غالباً بالبراهين والأدلة العقلية، غاية الأمر أنّ البرهان والدليل يختلفان حسب اختلاف مراتب إدراك المكلّفين، ولو فُرض أنّ اليقين حصل لشخص من طريق اخر فإنّ ذلك يكفي على أي حال، المصدر نفسه، مسألة 231.


حكم الكسل وإضاعة الوقت:

في تضييع الوقت بالبطالة إشكال، وإذا كان الطالب يستفيد من المزايا المخصصة للطلبة فإنّ عليه أن يتابع المنهج الدراسي الخاص بهم، وإلاّ فلا يجوز له الإستفادة من تلك المزايا من الراتب والمنحة وغيرها، المصدر نفسه، مسألة 232.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
38

33

الدرس السابع: إستفتاءات القائد في التعليم والتعلم وآدابهما

 العلاقة بين المعلم والمتعلم:


ليس للطالب المقابلة والإجابة بما لا يليق بمقام الأستاذ والمعلّم فيما إذا أخطأ المعلم مع الطالب، بل يجب عليه حفظ حرمة المعلّم والمحافظة على النظام في الصف، المصدر نفسه، مسألة 245.

تجب على المعلّم رعاية حرمة الطالب أمام زملائه، ومراعاة آداب التعليم الإسلامية، المصدر نفسه، مسألة 245.


المراكز التعليمية المختلطة: 

لا مانع من دخول المراكز التعليمية المختلطة للتعليم والتعلّم، ولكن يجب على النساء والبنات حفظ الحجاب، وعلى الرجال الإمتناع عن النظر إلى ما لا يجوز لهم النظر إليه، وعن الإختلاط الموجب لخوف الفتنة والفساد، المصدر نفسه، مسألة 238.


التخصّصات العلمية:

كل التخصّصات العلمية المفيدة والتي يحتاجها المسلمون، مما ينبغي أن يهتم بها العلماء والأساتذة والطلبة الجامعيون ليستغنوا بذلك عن الأجانب، لا سيما عن المُعادين للإسلام والمسلمين، المصدر نفسه، مسألة 241.

 
 
 
 
 
 
 
 
39

34

الدرس السابع: إستفتاءات القائد في التعليم والتعلم وآدابهما

 دراسة الفلسفة:


لا مانع من دراسة وتعلّم الفلسفة لمَن يطمئن من نفسه بأنها لا تسبّب له تزلزلاً في معتقداته الدينية، بل هو واجب في بعض الموارد، المصدر نفسه، مسألة 235.

دراسة الطب‏

دراسة الطب بهدف التأهيل لتقديم الخدمات الصحية للأمة الإسلامية وعلاج المرضى وإنقاذ أرواحهم لها أهمية كبرى أيضاً، المصدر نفسه، مسألة 244.

العقائد الفاسدة

إذا لم يكن في تدريس بعض العقائد الفاسدة خوف على العقائد الدينية للدارسين، ولم يكن في الدراسة ترويج للباطل، فلا مانع منه، المصدر نفسه، مسألة 234.

كتب الضلال 

لا يجوز بيع وشراء وحفظ كتب الضلال، إلاّ من أجل الرد عليها، بشرط أن يكون قادراً علمياً على ذلك، المصدر نفسه، مسألة 236.

مسألة: في جواز الإطّلاع على كتب الضلال وكتب الديانات الأخرى، لغرض التعرّف على دينهم وعقائدهم للمعرفة وزيادة الإطّلاع إشكال، المصدر نفسه، مسألة 242.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
40

35

الدرس السابع: إستفتاءات القائد في التعليم والتعلم وآدابهما

 القصص الخيالية 


لا بأس في تعليم وحكاية القصص الخيالية عن حياة الحيوانات والناس، فيما إذا كانت هناك فائدة مترتبة على ذلك بشرط أن تكون خالية عن الكذب، المصدر نفسه، مسألة 237.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
41

36

الدرس الثامن: تتمة الكتاب

 تتمّة الكتاب


اعلم وفقك الله تعالى أني قد أوضحت لك السبيل، وعلمتك كيفية المسير، وبينت لك كمال الاداب، وحثثتك على دخول هذا الباب، فعليك بالجد والتشمير، واغتنام أيام عمرك القصير، في اقتناء الفضائل النفسانية، والحصول على الملكات العلمية، فإنها سبب لسعادتك المؤبدة، وموجبة لكمال النعمة المخلدة، فإنها من كمالات نفسك الإنسانية، وهي باقية أبدا لا تعدم كما تحقق في العلوم الحكمية، ودلت عليه الايات القرانية والأخبار النبوية، فتقصيرك في تحصيل الكمال في أيام هذه المهلة القليلة موجب لدوام حسرتك الطويلة. واعتبر في نفسك الان إن كنت ذا بصيرة أنك لا ترضى بالقصور عن أبناء نوعك من بلدك أو محلتك، وتتألم بزيادة علمهم على علمك وارتفاع شأنهم على شأنك، مع أنك وهُم في دار خسيسة، وعيشة دنيئة زائلة عما قليل، ولا يكاد يطلع على نقصك من الخارجين عنك إلا القليل، فكيف ترضى لنفسك إن كنت عاقلا بأن تكون غداً في دار البقاء عند اجتماع جميع العوالم من الأنبياء والمرسلين، والشهداء، والصالحين، والعلماء الراسخين، والملائكة المقربين، ومنازلهم في تلك الدار على قدر كمالاتهم التي حصولها في هذه الدار الفانية، والمدة

 
 
 
 
 
 
 
 
 
42

37

الدرس الثامن: تتمة الكتاب

 الزائلة في موقف صف النعال، وأنت الان قادر على درك الكمال، ما هذا إلا قصور في العقل أو سبات. نعوذ بالله من سنة الغفلة وسوء الزلة.


وهذا كله على تقدير سلامتك في تلك الدار من عظيم الأخطار وعذاب النار، وأنى لك بالأمان من ذلك؟! وقد عرفت أن أكثر هذه العلوم واجب إما على الأعيان أو الكفاية، وأن الواجب الكفائي إذا لم يقم به من فيه كفاية يأثم الجميع بتركه، ويصير حكمه في ذلك كالواجب العيني.

واعتبر أيضاً أن امتيازك عن سائر جنسك من الحيوانات ليس إلا بهذه القوة العاقلة، التي قد خصك الله بها من بينها، المميزة بين الخطأ والصواب، الموجبة لتحصيل العلوم النافعة لك في هذه الدار وفي دار الماب، فقعودك عن استعمالها فيما خلقت له، ومشاركتك سائر الحيوانات مثل الديدان والخنافس فإنها تأكل وتشرب وتجمع القوت وتتوالد مع أنك قادر على أن تصير من جملة الملائكة المقربين بل أعظم من الملائكة باستعمال قوتك في العلم والعمل، قعودك عين الخسران المبين.

فتنبهوا معشر إخواني وأحبائي أيقظنا الله وإياكم من غفلتكم واغتنموا أيام مهلتكم، وتلافوا تفريطكم، قبل زوال الإمكان وفوت الأوان والحصول في حَيِّزِ كان، فيالها حسرة لا يتدارك فارطها، وندامة تخلد محنتها ! 

نبهنا الله وإياكم من مراقد الطبيعة، وجعل ما بقي من أيام هذه المهلة مصروفا على علوم الشريعة، وأحلنا جميعا في دار كرامته بمنازلها الرفيعة. إنه أكرم الأكرمين وأجود الأجودين.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
43
 

38

الفهرس

  الفهرس

 

مقدمة

5

حقيقة العلم‏

7

العلم في ظاهره‏

7

العلم في باطنه‏

7

العلم في لوحته الكاملة

8

فضل العلم‏

9

فضل العلم في القرآن الكريم

9

خصائص العلماء في القرآن الكريم

11

فضل طلب العلم في كلام النبي صلى الله عليه و آله وسلم

11

فضل العلماء

13

الخير كله في دائرة العلم‏

14

فضل العلم في كلام الأئمة عليهم السلام

14

فضل التعليم‏

16

العلم النافع‏

17

فضل العلم في دليل العقل‏

17

غاية العلم‏

18

آداب طلب العلم

19

1- إخلاص النية في طلب العلم‏

19

 

 

 

 

 

 

 

 

44


39

الفهرس

 

مكائد الشيطان وأهمية الإخلاص‏

20

2-  الاجتهاد في طلب العلم‏

21

3- عدم السؤال مراءاً

22

ما معنى المراء؟

22

الطعن في كلام الغير

23

علامة المراء

23

4-  عدم التكبر عن طلب العلم‏

24

5-  الإنقياد للحق والرجوع إليه‏

25

6- أن لا يحضر مجلس الدرس إلا متطهرا

25

7- تحسين النية وتطهير القلب من الأدناس‏

25

 8- إغتنام التحصيل في الفراغ والنشاط

26

9- قطع العوائق الشاغلة عن طلب العلم‏

26

10- ترك عشرة من يشغله عن طلب العلم‏

27

آداب المتعلم مع معلمه‏

28

1-النظر فيمن يأخذ عنه العلم‏

28

2-الاعتقاد أن المعلم الأب الحقيقي والوالد الروحاني‏

29

3- احترام المعلم والتواضع له‏

29

4-عدم الإنكار على المعلم وتبجيله في الخطاب‏

30

5- تعظيم المعلم وشكره‏

31

6- الاجتهاد في السبق للحضور في مجلس الدرس‏

31

7 -الدخول إلى مجلس الدرس بإذنه‏

31

8 -الإصغاء إلى الشيخ والنظر إليه عند تكلمه‏

32

9 - عدم رفع الصوت عنده‏

32

10- عدم الأخذ على هفوات المعلم‏

33

 

 

 

 

 

 

 

 

45


40

الفهرس

 

آداب المتعلم في درسه‏

34

1-مراعاة قدراته الذهنية

34

2-  حفظ الدرس‏

34

3- مراعاة الأهم‏

35

4-  تنظيم الوقت‏

35

5-  الإبكار في الدروس‏

35

6-  تقييد العلم بالكتابة

36

7-  مذاكرة الدرس وتكراره‏

36

8-  تحديد وقت المذاكرة

36

9-  مساعدة إخوانه في الدرس‏

37

10- أن لا يحسد إخوانه‏

37

استفتاءات القائد في التعليم والتعلّم وآدابهما

38

وجوب تعلم مسائل الابتلاء

38

طرق تحصيل اليقين بأصول الدين‏

38

حكم الكسل وإضاعة الوقت‏

38

العلاقة بين المعلم والمتعلم‏

39

المراكز التعليمية المختلطة

39

التخصصات العلمية

39

دراسة الفلسفة

40

دراسة الطب

40

العقائد الفاسدة

40

كتب الضلال‏

40

القصص الخيالية

41

تتمة الكتاب‏

42

الفهرس‏

44

 

 

 

 

 

 

 

46


41
الناجون من الهلاك