الإمام الخامنئي دام ظله القائد المرجع


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-12

النسخة: 2014


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


الفهرس

 الفهرس

9

المقدمة

15

من الولادة إلى القيادة

17

ولادته ونسبه

18

طفولته

19

دراسته

23

تدريسه

24

النتاج العلمي والفكري

27

إهتمامه بالقرآن

30

إهتمامه باللغة العربية

32

زهده وتواضعه

40

حرصه على بيت المال

42

القائد المجاهد

45

جهاده ضد الشاه

52

تشكيل الخلاية السّرية

 

 

 

 

 

 

 

5


1

الفهرس

 

54

الاعتقال والسجن مجدداً

60

النفي إلى إيرانشهر

61

مجلس قيادة الثورة

63

مؤامرة المنافقين

66

بث أول مقال من الإذاعة الإسلاميّة

67

محاولة الإغتيال

71

صلاة الجمعة التاريخية

72

الإمام في جبهات القتال

77

مسؤولياته بعد إنتصار الثورة

81

القيادة و ولاية الأمر

82

بيان مجلس خبراء القيادة

85

شهادات علماء من أهل الخبرة بمرجعية الإمام القائد دام ظله

86

شهادة آية الله السيد جعفر الحسيني الكريمي بالأعلمية

88

شهادة آية الله الشيخ أحمد جنتي بالأعلمية

90

شهادة آية الله الشيخ محمد يزدي بالأعلمية

92

شهادة آية الله الشيخ محمد علي التسخيري بالأعلمية

94

شهادة آية الله الشيخ إبراهيم جناتي بالأعلمية

96

شهادة ثانية لآية الله الشيخ محمد إبراهيم جناتي

 

 

 

 

 

 

 

 

6


2

الفهرس

 

98

بيان جامعة المدرّسين

100

شهادة آية الله السيد عباس خاتم يزدي

102

شهادة آية الله السيد محمود الهاشمي

104

شهادة آية الله حسين راستي كاشاني

106

شهادة آية الله السيد محمد باقر الحكيم

108

شهادة أخرى لآية الله مرتضى بني فضل

110

شهادة آية الله الشيخ عباس محفوظي

112

شهادة آية الله السيد علي أكبر قرشي

114

شهادة آية الله أحمد صابري الهمداني

116

شهادة آية الله الشيخ رضا استادي

118

شهادة آية الله أسد الله إيماني

120

شهادة آية الله الشيخ عباس واعظ طبسي

122

شهادة آية الله إسماعيل فردوس بور

124

بيان جماعة العلماء المجاهدين

127

شهادة آية الله السيد جلال الدين الطاهري

128

شهادة آية الله مرتضى بني فضل

129

شهادة آية الله الشيخ محمد واعظ الخراساني

131

أصالة خط الإمام الخميني قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظلّه

133

خط الإمام الخميني

137

الإسلام المحمدي

 

 

 

 

 

 

 

 

7


3

الفهرس

 

140

جاذبية الإمام ودافعيته

144

الحسابات المعنوية والإلهية

146

مراعاة التقوة في جميع الأمور

147

التوجه إلى دور الشعب

148

عالمية الثورة الإسلاميّة

149

لا ينبغي الحكم على أساس الوضع الحالي

150

المدرسة السياسية للإمام

 

 

 

 

 

 

 

 

8


4

المقدمة

 المقدمة


الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله الطاهرين، وصحبه المنتجبين، وبعد.
يحتلّ موقع المرجعية الدينية عند المسلمين مكانةً عظمى وأساسية؛ كونه الموقع الديني الأعلى والأهم عندهم في عصر غيبة الإمام المعصوم عجل الله تعالى فرجه الشريف، ولأنّ للفقيه المتصدّي للمرجعية والإفتاء علاقة تأثير مباشرة في إدارة المجتمع، وتطوّره ورقيّه، وحسن الاستفادة من موارده، وذلك من خلال الفتاوى والأحكام الشرعية التي يستنبطها، وتشكّل المرجعيّة القانونية للمجتمع، والنظام الذي يحكم حياة الناس ويلتزمون به في حياتهم العملية والشخصية، ويعتمدون عليه في تدبير
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
9

5

المقدمة

 شؤونهم في الحياة الفردية و الاجتماعية.

 
وعلى هذا الأساس تشكّل المرجعية الدينية ولا سيّما عند الشيعة الإمامية أحد عناصر القوّة المرتبطة بواقع  
الناس ومستقبلهم.
ومن هنا، فإنَّه لا يجوز التعاطي مع مسألة المرجعيَّة ببساطة وسذاجة بل يجب التعاطي مع المسألة بكلِّ دقّة ووعي وإحساس بالمسؤوليَّة وبكلِّ حذر.
والمرجعيَّة، مع ذلك كلِّه، مسألة تعني دين الفرد وسلوكه الشخصيّ بينه وبين الله تعالى ومع باقي أفراد المجتمع، وكذلك تعني دنياه. لذا كان من المهمّ التأكيد على الموازين الشرعيَّة في اختيار المرجع للتقليد بقطع النظر عن الحماس والشعارات والميل النفسيّ أو حتّى المصلحة السياسيّة العليا، بمعزِلٍ عن الموازين الشرعيَّة. والموازين الشرعيَّة التقليديَّة مذكورة في الرسائل العمليَّة وزبدتها الاعتماد على البيِّنة الشرعيَّة، وهي شهادة أهل الخبرة من الفقهاء والفضلاء العارفين بأحوال الفقاهة، ويكفي في ذلك شهادة عالِمين عادلين على تفصيل يرجع من يشاء إليه في الرسالة العمليَّة.
فأيُّ تقليد لا يكون على أساس الموازين الشرعيَّة ليس تقليدًا شرعيًّا ولا يستطيع أيُّ نظام سياسيّ أو حركة إسلاميَّة أن تُشكِّل غطاءً شرعيًّا لِهكذا نوع من التقليد.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
10

6

المقدمة

 إنَّ كون المسألة تعني الفرد لا يعني بالضرورة أن يكون الاختيار فرديًّا بمعنى عدم التعاون والتشاور والتناصح بين المؤمنين في اختيار مرجعهم، بل يمكن القول: إنَّ موضوع اختيار المرجعيَّة من أبرز مصاديق قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾1، وبالأخصّ في هذا الوقت حيث أصبحنا أمام وضع جديد للمرجعيَّة لم تعد فيه موقعًا للإفتاء في مسائل الطهارة والنجاسة فقط، بل تواجه الأمّة اليوم مسائل كبيرة وتحدِّيات عظيمة تتطلّب الإفتاء في المسائل الماليَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة وغيرها.

والمرجعيَّة اليوم هي أكبر موقع ماليّ في هذه الأمّة، حيث يمكنها من خلال سياسة ماليَّة واضحة، أن تعالج الكثير من مشاكل الأمَّة على المستوى المعيشيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ.
من هنا، يقال في ظلّ الحريَّة الفرديَّة في اختيار المرجع: لا يجوز التفكير الفرديّ فقط وإنَّما يجب أن نفكّر بأنفسنا كأمة، حاضرًا ومستقبلًا، وهذا المستجدّ يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار، ولا يعني على الإطلاق تنازلًا عن أي شيء بسيط من الموازين الشرعيَّة بل إنَّ ذلك يتطلّب إضافات وقيودًا على الموازين الشرعيَّة.
وفي الكلام عن اختيار المرجع، لا بدَّ أن يُقال هنا وفي مجال طرح وردِّ الأسماء إنَّ خصوصية الموقع والهدف الغائي لطرح المرجعيَّة يتنافى بشدّة مع أيِّ حساسيَّة أو تعصُّب أو إساءة قد تلحق بالعلماء الآخرين الأجلاَّء أو بمن يطرحهم، وليكن الحوار والنقاش بالحكمة والموعظة الحسنة فلا يُطاعُ الله من حيث يُعصى، ولا يجوز من أجل أن نُركِّز مرجعيَّة نعتقد بها أن نُسيء إلى مرجعيات أو شخصيّات جليلة ومحترمة. هذا أصل يجب التعاطي معه ولا يجوز مخالفته بحال.
وعلى أساس ما تقدّم، ومن موقع الإرشاد والهداية وطرح الرؤية الأصلح بنظرنا، وليس من موقع الفرض والإلزام، ومن موقع حاجتنا المستمرة لمرجع نرجع إليه في مسائلنا الشرعيَّة وأمور التقليد، وطِبقًا للموازين 



1  سورة العصر، الآية 3.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
11
 

7

المقدمة

 الشرعيَّة، ثبت لدينا، وبالعديد من البيّنات الشرعيَّة والشهادات الحسّيَّة من عشرات الفقهاء والمدرّسين الأجلّاء في الحوزات العلميَّة في إيران الإسلام وخارجها، أنَّ الأصلح والأولى والأفضل والأكثر براءة للذمَّة والأقرب لمصلحة الأمَّة الإسلاميَّة وحفظها هو تقليد سماحة آية الله العظمى الإمام السيّد عليّ الخامنئيّ دام ظله.

وقد استفاضت الشهادات والبيِّنات من العلماء الأجلّاء من أنحاء العالم الإسلاميّ، ولا سِيَّما علماء الحوزات العلميَّة، وبالأخصّ حوزة قمّ المُقدّسة، وبشكل منقطع النظير فاق كلَّ توقّع.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
12

8

المقدمة

 وهنا نترك الكلام للشهادات الطيِّبة وكفى بها دليلًا بيّنًا على مرجعيَّة هذا السيِّد المعظَّم المشمول بالعناية الإلهيَّة وبالألطاف الخفيَّة لمحضر صاحب الأمر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء. فإلى شهادات عشرات العلماء الأعلام تبيّن بألسنة وعبارات مختلفة وروحٍ ونَفَسٍ واحد حقيقة واحدة يختصرها قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾1.

 

والحمد لله ربّ العالمين
مركز نون للتأليف والترجمة


 
 

1مقدّمة مقتطفة بتصرّف من كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد حسن نصر الله والّتي ألقاها خلال مجلس العزاء المركزيّ الّذي أقامه حزب الله بمناسبة رحيل آية الله العظمى الشيخ محمّد علي الأراكي صلى الله عليه وآله وسلم
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
13

9

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

  ولادته ونسبه

وُلد سماحة آية الله العظمى الحاج السيّد عليّ الحسينيّ الخامنئيّ (عام 1939م) في مدينة مشهد المقدَّسة في عائلة عُلمائيَّة محترمة.
والده هو آية الله الحاج السيّد جواد، من المجتهدين وعلماء مشهد المحترمين. كان يقيم الجماعة في "كوهرشاد" صباحًا وفي مسجد بازار مشهد ظهرًا ومساءً لسنوات طويلة. وكان من المبلِّغين المعروفين. توفّي في ذي القعدة 1406هـ عن عمر ناهز الثالثة والتسعين عامًا.
جدّه هو آية الله السيّد حسين الخامنئيّ من علماء "آذربيجان". كان يعيش في حيِّ خيابان بتبريز، ثمّ هاجر إلى النَّجف، وأقام هناك، واشتغل بالتدريس والبحث. وكان من أهل العلم والتقوى، وقضى عمره في الزهد والقناعة.
ووالدته هي كريمة حجَّة الإسلام السيّد هاشم نجف آبادي من علماء "مشهد" المعروفين. كانت امرأة عفيفة شريفة عالمة بالمسائل الدينيّة، ومتخلّقة بالأخلاق الإلهيَّة، وافتها المنيَّة في محرَّم من عام 1409هـ عن عمر ناهز الـ76 عامًا إثر إصابتها بنوبة قلبيَّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
17

10

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وأمَّا من الناحية الاجتماعيّة، فإنَّ سماحة الخامنئيّ متزوِّج وله ستَّة أبناء.

طفولته
قضى آية الله العظمى السيّد الخامنئيّ دام ظله فترة طفولته برعاية والده، الّذي كان شديد الحرص على تربية أبنائه وتعليمهم وعطوفًا ومحبّاً لهم في الوقت نفسه، وفي كنف أمّه الأكثر حنانًا وعطفًا. وعاش في عسرة وضيق شديدين، وكما يقول سماحته:
 
"لقد قضيت طفولتي في عسرة شديدة خصوصًا أنَّها كانت مقارنة لأيَّام الحرب. وعلى الرغم من أنَّ مشهد كانت خارجة عن حدود الحرب، وكان كلُّ شيء فيها أكثر وفورًا وأقلَّ سعرًا نسبةً إلى سائر مدن البلاد، إلاّ أنَّ وضعنا المادّيَّ كان بحيث إنّنا لم نكن نتمكّن من أكل خبز الحنطة، وكنّا عادة نأكل خبز الشعير، وأحيانًا خبز الشعير والحنطة معًا، ونادرًا ما كنّا نأكل خبز الحنطة. إنّني أتذكّر بعض ليالي طفولتي حيث لم يكن في البيت شيء نأكله للعشاء، فكانت والدتي تأخذ النقود الّتي كانت جدّتي تعطيها لي أو لأحد إخواني أو أخواتي أحيانًا وتشتري بها الحليب أو الزبيب لنأكله مع الخبز.
لقد كانت مساحة بيتنا الّذي وُلدت وقضيت حوالي خمس سنوات من عمري فيه بين 60 و70 مترًا في حيّ فقير بمشهد وفيه غرفة واحدة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
18

11

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وسردابٌ مُظلم وضيّق.

وعندما كان يحلّ علينا ضيف وبما أنَّ والدي كان عالمًا ومرجعًا لشؤون الناس، فكان دائم الضيوف كان علينا الذهاب إلى السرداب حتّى يذهب الضيف. وبعد فترة اشترى بعض المريدين لوالدي قطعة أرض بجوارنا وألحقوها ببيتنا، فاتّسع البيت إلى ثلاث غرف.
ولم يكن ملبسنا أفضل من ذلك، فقد كانت والدتي تخيط لنا من ملابس والدي القديمة شيئًا عجيبًا وغريبًا، كان لباسًا طويلًا يصل إلى أسفل الرُّكبة يحتوي على عدّة وصلات. طبعًا يجب أن يقال إنَّ والدي لم يكن يغيّر ملابسه بهذه السرعة، فعلى سبيل المثال بقي أحد ملابسه بلا تغيير لمدّة أربعين عامًا".


دراسته
التحق الإمام الخامنئيّ دام ظله ولم يتجاوز عمره خمس سنوات مع أخيه الأكبر السيّد محمّد بالكتاتيب لتعلّم القرآن. وبعد مدّة أُرسلا معًا إلى مدرسة ابتدائيَّة دينيَّة هي (دار التعليم الدينيّ).
وهذه المدارس قد تأسّست من قِبَل المؤمنين بعد عهد القمع الّذي أوجده "رضا خان"، وهدفها الاهتمام بتربية الطلبة دينيًّا أكثر من أيِّ شيء آخر.
ففي هذه المدرسة كانت تُدرّس إضافة إلى منهج المدارس الإبتدائيّة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
19

12

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 قراءة القرآن ودروسٌ في كتب (حلية المتَّقين، حساب السياق ونصاب الصبيان).

وبعد أن أكمل سماحته المرحلة الابتدائيّة في هذه المدرسة، التحق بالدراسة المسائيّة في المدرسة الحكوميّة وحصل على الشهادة المتوسّطة. ثمَّ أنهى دراسته الثانويَّة خلال سنتين، وحصل على الشهادة الثانويَّة.
 
 
وأمّا في مجال العلوم الدينيَّة، فقد تحدَّث سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله عن ذلك، حيث يقول:
 
"لقد كان والدي العامل الرئيسيّ في انتخابي طريق العلم النيّر والعلماء. ولقد شوّقني ورغّبني بذلك... فعندما شرعت بالدروس الدينيَّة، كان الفارق في العمر بيني وبين والدي شاسعًا (كان 45 سنة تمامًا). إضافة إلى ذلك فقد كانت لوالدي مكانة علميَّة بارزة، وكانت لديه إجازة اجتهاد، وتخرّج على يديه الكثير من طلبة العلوم الدينيَّة في مستويات عالية. لذا لم يكن من المناسب وهو في هذه المكانة العظيمة أن يدرّسني وأنا في المرحلة الأولى من دراستي، ولم تكن لديه الرغبة ولا الصبر على ذلك. لكن نظرًا لاهتمامه بتربيتنا، فقد درّسني وأخي الأكبر ومن بعدنا درّس أخانا الأصغر، فحقّه عظيم علينا في مجال التدريس والتربية وخصوصًا عليّ، لأنّه لو لم يكن موجودًا لما وُفِّقنا لتحصيل الفقه والأصول.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
20

13

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وقبل ذهابي إلى قمّ، حضَرت علاوة على دراستي عند والدي الدروس العامّة في مشهد. وفي العطلة الصيفيَّة كان والدي يضع لنا برنامجًا دراسيًّا ويباشر تدريسنا، ولهذا السبب لم يحصل توقُّف في دراستي خلافًا للّذين كانوا يدرسون في الحوزات العامّة والّتي كانت تعطّل في شهري محرّم وصفر وشهر رمضان المبارك وفي العطلة الصيفيَّة. فأنهيت دروس السطوح جميعها، وشرعت بالبحث الخارج وأنا في السادسة عشرة من عمري..

إنّ لدعم والدي النصيب الأوفر في تقدّمي الدراسيّ، فبلغت فترة دراستي منذ اللحظة الأولى لطلبي العلم حتّى شروعي في بحث الخارج خمس سنوات ونصفاً، أي أنَّني أنهيت السطوح في خمس سنوات ونصف.
في عام (1957م) تشرّفت بزيارة العتبات المقدّسة، وكان جوّ حوزة النجف يشدّني للبقاء في ذلك المركز العلميّ، لهذا وددت البقاء بالنجف، وبقيت فترة قصيرة، لكنَّ والدي رفض بقائي هناك، فرجعت إلى مشهد.
وتوجّهت في عام (1958م) إلى قمّ بإذن من والدي، وبقيت هناك حتّى عام (1964م). لكن اضطررت في عام (1964م) إلى العودة إلى مشهد لفقدان والدي بصره رغم المخالفة الشديدة لبعض أساتذتي الكبار في قمّ.
"وحضرت في مشهد درسًا آخر أيضًا وهو درس الفلسفة عند آية 







 
 
 
21

14

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 الله الميرزا جواد الطهراني. وكانت طريقته في التدريس كالتالي: كان يدرّس كتاب المنظومة، وينقل مطالب المرحوم الحاج ملّا هادي السبزواري ثمّ يفنّدها، فكان درسه في الحقيقة ردًّا على المنظومة، إلى أن قال لي أحد الأصدقاء الّذي درس الفلسفة في قمّ: إنّ هذا ليس بصحيح، وهو أن تحضر درس المنظومة عند الميرزا جواد وهو يردّ على المنظومة، لأنَّك بهذه الطريقة لا يمكنك تعلّم مفاهيم الحكمة، لذا يحسن أن تحضر عند من يعتقد بالحكمة. فقبلت كلامه، وحضرت عند الشيخ رضا ايسي في مشهد، وكان عالمًا وفاضلًا وحكيمًا معتقدًا بالحكمة كثيرًا، فشرعت في درس المنظومة عنده، فكان يدرّس هذه المباحث برؤية معتقدة بالحكمة تمامًا.

 
"ثمّ ذهبت إلى النجف، وحضرت دروس الآيات الحكيم والخوئي والشاهرودي والميرزا باقر الزنجاني والمرحوم ميرزا حسن اليزدي والسيّد يحيى اليزدي، وأيّ درس وُجد في أيّ مكان. لكن من بين كلِّ هذه الدروس، ارتحت كثيرًا لدرس آية الله الحكيم وذلك لأسلوبه السلس وآرائه الفقهيّة المُتقنة، ودرس آية الله ميرزا حسن البجنوردي الذي كان يدرّس في مسجد الطوسي، فارتحت لدرسه كثيرًا. وقرّرت البقاء في النجف. كتبت رسالة إلى والدي أطلب منه الموافقة على ذلك، لكنَّ والدي لم يوافق. لهذا رجعت إلى مشهد. وبعد فترة توجّهت إلى قمّ. وهناك قرّرت الاطّلاع على جميع الدروس حتّى أحضر الدرس






 
 
 
 
 
 
22

15

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 الذي يعجبني، فحضرت درس الإمام ومن بعده درس آية الله الحاج الشيخ مرتضى الحائري. ودرس آية الله العظمى البروجردي. ومع كلّ تلك الدروس كنت أُشارك في درس الأصول للإمام بصورة مستمرّة. واستفدت قليلًا في الفلسفة من بحوث الطباطبائي في الأسفار والشفاء".

وقد حصل سماحته على رتبة الاجتهاد على يد أستاذه آية الله العظمى الحائري عام 1974م، بعد حضوره البحث الخارج أكثر من خمسة عشر عامًا.
 
 
تدريسه
 
يواصل سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله حديثه فيقول:
 
 
"لقد شرَعت بالتدريس في الأيّام الأولى من دراستي الحوزويّة أي بعد إتمام المرحلة الابتدائيّة في المدرسة مباشرة. وبدأت بتدريس كتاب الأمثلة وصرف مير لإثنين من مشهد المسنّين. وحتّى عام (1958م) حيث كنت مقيمًا بمشهد، قمت بتدريس هذه الكتب (الصرف، النحو، المعاني، البيان، الأصول، والفقه).
"وفي قمّ أيضًا قمت بالتدريس إلى جانب دراستي. وبعد عودتي من قمّ إلى مشهد عام (1964م)، كان التدريس أحد برامجي الرئيسة والدائمة. وطوال هذه السنوات وحتّى عام (1977م)، قمت بتدريس
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
23

16

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 السطوح العليا والمكاسب والكفاية والتفسير والعقائد".

ومنذ ما يزيد عن العقدين يدرّس الإمام الخامنئي وبشكل منظم، درس البحث الخارج في الفقه والأصول والحديث في طهران.
 
 
النتاج العلمي والفكري
 
 
للإمام آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله العديد من النتاجات العلمية والفكرية وتتوزّع بين كتب وأبحاث من تأليف سماحته، وأخرى تقريرات مجموعة من الخطب والدروس، نذكر منها:
1. أجوبة الاستفتاءات.
2. الإيمان.
3. التوحيد.
4. النبوّة.
5. الإمامة.
6. الولاية.
7. بحث في الفكر الإسلاميّ.
8. دروس في معرفة الإسلام.
9. دروس في الفكر الإسلاميّ.
10. الفهم الصحيح للإسلام.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
24

17

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 11. دروس في العقائد.

12. تفسير القرآن.
13. القرآن والعترة.
14. دروس في القرآن.
15. المشروع العام للفكر الإسلاميّ في القرآن.
16. دروس في الحديث.
17. قبس من نهج البلاغة.
18. عنصر الجهاد في حياة الأئمّة عليهم السلام.
19. الهجرة.
20. معرفة الإمام عليّ عليه السلام.
21. آلام الإمام علي عليه السلام وآلامنا.
22. الحياة السياسيَّة للإمام الصادق عليه السلام.
23. الشخصية السياسيَّة للإمام الرضا عليه السلام.
24. كتاب الجهاد.
25. الحكومة في الإسلام.
26. دروس في الأخلاق.
27. من أعماق الصلاة.
28. بحث في الصبر.
29. خصائص الإنسان المسلم.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
25

18

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 30. سؤال وجواب (5 مجلدات)

31. أربعة كتب رجاليّة.
32. دور المسلمين في ثورة الهند.
33. الفنّ عند قائد الثورة.
34. بحث في الثأر.
35. جهاد الإمام السجاد عليه السلام.
36. بحث فقهيّ في الهدنة.
37. بحث فقهيّ في حكم الصابئة.
38. مناسك الحج.
39. الكلمات القصار.
40. الشيخ المفيد وهويّة التشيّع.
41. العودة إلى نهج البلاغة
 
والجدير ذكره أنَّ سماحة السيّد دام ظله يجيد عدّة لغات، ولديه إلمام واسع بالشعر والأدب، ولهذا فقد ترجم مبكّراً عدّة كتب من العربية إلى الفارسية منها:
 
1. ترجمة تفسير في ظلال القرآن لسيّد قطب.
2. ترجمة كتاب صلح الإمام الحسن عليه السلام.
3. ترجمة كتاب المستقبل لهذا الدين.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
26

19

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 4. ترجمة كتاب حكم ضد الحضارة الغربيّة.

إهتمامه بالقرآن
"على الرغم من أنّ الأساس في الحوزات العلميّة هو الفقاهة، إلّا أنّه يجب عدم الغفلة عن العلوم الأساسيّة الأخرى، وعلى سبيل المثال يجب أن لا يُغفل عن القرآن، وفهم القرآن والأنس به. يجب أن يكون القرآن جزءًا من دروس الحوزات. وعلى طلّابنا في الحوزات حفظ القرآن أو جزء منه على الأقل. فالكثير من مفاهيم الإسلام من القرآن".
 
 
"إنّني أشعر بأنّ من حفظ القرآن وأنس به كان أقرب إلى فهم المعارف الإسلاميّة ممّن لم يأنس به"..
 
 
مقطعان من خطابات آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله الموجّه إلى الحوزات يُبيِّنان مدى اهتمام سماحته بالقرآن الكريم.
بدأ اهتمام السيّد الخامنئيّ وأنسه بالقرآن منذ طفولته حيث التحق بالمدارس الدينيّة القديمة (الكتاتيب). بعدها قام بعقد جلسات قرآنيّة درّس فيها زملاءه قواعد القراءة الصحيحة وهو في الثانية عشرة من عمره الشريف. ولشدّة شغفه بالقرآن لم يشغله عنه دخول الساحة السياسيّة والجهاديّة ضدّ الشاه من أوسع أبوابها مع ما اكتنفها من جهاد وعمل وسفر وتشريد ومضايقة وإبعاد وسجن. فكلُّ ذلك لم يشغله عن القرآن الكريم، حيث بدأ درس التفسير لطلبة العلوم الدينيَّة وطلبة الجامعات والشباب، وكلّما أغلق النظام أو ضيّق على درس بدأه بنشاط أكبر في مكان آخر، كلُّ ذلك لإيمانه القلبيّ بأنَّ طريق الهداية والنجاة هو
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
27

20

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 بالتمسّك بالقرآن العظيم والعمل به.

وبعد تولّي سماحته قيادة الثورة، استطاع تحقيق آمال الإمام الراحل قدس سره القلبيّة، فحقّق ما لم يتسنَّ للإمام قدس سره إكمال تحقيقه لظروف الثورة وما أحاط بها من مؤامرّات استكباريّة عالميَّة خصوصًا الحرب المفروضة، فشهدت إيران الإسلام في عهده الميمون باللطف الإلهيّ واهتمامات القائد المبجّل نهضة قرآنيّة عظيمة ما شهد التاريخ الإسلاميّ مثلها مُنذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعهد عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فلا يكاد الإنسان يدخل بقعة مباركة أو مسجدًا أو مجلسًا، حتّى البيوت، إلّا وتشدّه ترانيم المقرئين تجويدًا وترتيلًا وحفظًا، ويُشاهد إقبالًا للشعب قلَّ نظيره على حفظ وتلاوة القرآن وخصوصًا الأطفال واليافعين، حيث بلغ عدد الّذين دخلوا المسابقة الدوليّة لحفظ وقراءة القرآن سنة 1414هـ. في مرحلتها الأولى (7) ملايين، وإنَّ هذا العدد سيتضاعف في سنة 1416هـ. ليصبح (12) مليونًا.
وبرز الكثير منهم في هذه المسابقات مثيرين إعجاب العالم وأساتذة القرآن خاصّة غير الإيرانيّين. وفي ذلك يقول الأستاذ الشيخ محمّد العربي القبّاني من سوريا "إنَّني رأيت أطفالًا يحفظون كلَّ القرآن أو الجزء الأعظم منه ويتلون القرآن تلاوة صحيحة جدًّا، والفضل في ذلك يعود إلى اللطف الإلهيّ بالشعب الإيرانيّ، وإلى اهتمامات وهمّة قائد الثورة الإسلاميّة سماحة آية الله الخامنئيّ، إذ إنَّه إنسان عاشق للقرآن ويهتمُّ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
28

21

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 كثيرًا بالنشاطات القرآنيّة حفظًا وقراءةً وتجويدًا".

نعم، إنّ سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله يتبّنى بصدق ومحبّة وإيمان عميق متجذّر خدمة القرآن الكريم. فهذه الأجواء القرآنيّة الّتي تعيشها إيران هي نتيجة يقين سماحته بأنَّ إكرام القرآن إعزازٌ للمسلمين، ليس في إيران الإسلام فحسب، بل في العالم العربيّ والإسلاميّ. فبالقرآن يُجمع شمل المسلمين وتتوحّد الأمّة وتكون شوكة في عيون أعدائها كما كان يتمنّى الإمام الراحل قدس سره في أوّل صيحة أطلقها وأول خطوة خطاها.
ومن المظاهر الّتي أشرقت إيران بها في عهد القائد الخامنئي دام ظله:
1. توسّع المسابقات القرآنيّة العالميّة السنويّة والّتي يحضر سماحته بعض جلساتها وختامها. وتكريمه الفائزين وغيرهم من المتميّزين إيرانيّين وغير إيرانيّين.
2. تأسيس دار (أسوة) لطباعة القرآن الكريم وترجمة معانيه في قمّ المقدّسة لتوزيع نسخ القرآن الكريم على مسلمي العالم، وبمعدّل 3 ملايين نسخة سنويًّا، منعًا لانتشار ترجمات غير صحيحة للقرآن الكريم.
3. افتتاح معاهد خاصّة لإعداد معلّمي القرآن في مختلف المدن الإيرانيّة.
4. تأسيس إذاعة القرآن الكريم عام 1983 باهتمام ومتابعة خاصّين من قبل سماحته.
5. إقامة مجالس خاصّة سنويًّا في شهر رمضان لتلاوة القرآن الكريم يدعى إليها أشهر القراء وأساتذة القرآن في إيران، ويوصيهم فيها بحفظ وقراءة القرآن الكريم
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
29

22

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 بتدبّر وإدراك لمعانيه مؤكّدًا على ضرورة إقامة المجالس القرآنيّة في المساجد ومختلف المراكز.

 
اهتمامه باللّغة العربيّة
 
"بما أنَّ لغة القرآن والعلوم والمعارف الإسلاميَّة هي العربيَّة، وأنّ الأدب الفارسيّ ممتزج بها بشكل كامل، لذا يجب تدريس هذه اللّغة بعد المرحلة الابتدائيّة حتّى نهاية المرحلة الثانويّة في جميع الصفوف والحقول الدراسيّة"1.
 
وأمّا حول اهتمام سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله بالعربيّة والأدب العربيّ، فلنستمع إلى كلمة الدكتور "محمّد علي آذرشب"، المستشار الثقافي لسماحته في ندوة إذاعة طهران العربيّة حول ملامح الأدب في زمن الصحوة الإسلاميّة:
يقول الدكتور آذرشب: "آية الله الخامنئيّ يعشق الأدب واللغة العربيّة، وإنّه وحتّى اليوم مع زحمة الأعمال الّتي تحيط به، يعقد جلسات بحث أسبوعيّة في الأدب والشعر العربيّ يتعرّض خلالها إلى القليل من الشعر القديم والكثير من الشعر الحديث، وخلالها سُمع مرارًا يقول: طالما تمنّيت أنّني ولدت في بلد عربيّ يمكّنني من الكلام باللّغة العربيّة. لقد



1 برنامج أخلاقي كان يُبث أسبوعيًا من تلفزيون الجمهورية الإسلامية.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
30

23

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 طالع موسوعات في الأدب العربيّ بأجمعها ووضع عليها هوامش وتعليقات، من ذلك كتاب الأغاني، فقد طالعه بأجمعه ووضع على حواشيه تعليقات وملاحظات هامّة؛ كما وضع فهرسًا كاملًا قبل أن تبادر دار الكتب إلى طباعة فهرس الأغاني. وحاول منذ سنٍّ مبكرة أن يقرأ لجبران خليل جبران ويترجم له ويقرأ ديوان الجواهري ويعلّق عليه. وحتّى في السجن لم يُفوِّت فرصة الارتباط بمن له ذوق بالأدب العربيّ، من ذلك أنّه التقى في سجن القلعة سنة 1963م بمجموعة من السجناء العرب الخوزستانيّين، فأنس بهم وأنسوا به وكان منهم المرحوم "السيّد باقر النزاري".          ويذكر سماحته دام ظله أنّه كان دائمًا يحاول أن يتكلّم مع هؤلاء العرب ويتحادث معهم. وكان يعلّم بعضهم قواعد اللّغة العربيّة ويتعلّم منهم المحادثة العربيّة، حتّى أنَّه حينما خرج من السجن عملوا له "هوسة": "يا سيّد جدّك ويّانه".

وأختم كلامي ببيتين سمعتهما منه دام ظله:
ثَقُلت زجاجات أتينك فُرَّغًا       حتّى إذا مُلِئت بطيبِ الراحِ
خفَّت وكادتَ أن تطيرَ بما حوتَ    إنَّ الجسومَ تخفُّ بالأرواحِ"
إلى هنا، ينتهي كلام الدكتور "آذرشب"، وقد أوضح فيه بشكل موجز علاقة سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله باللّغة العربيّة وآدابها1،



1 جريدة (رسالت) بتاريخ 4 رجب 1415هـ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
31

24

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وكيف لا يكون هكذا وهو القائل: "اللّغة العربيّة مفتاح كنوز المعارف الإسلاميّة".

 

زهده وتواضعه
 
إنّ الإنسان بحاجة إلى التأمّل في أعمال وأقوال الشخصيَّات العظيمة كالأنبياء والأولياء، والتعمّق في جوانب من حياتهم خصوصًا اليوميّة مع أهلهم ومعاونيهم وتلامذتهم لتكون مشعل هداية في حياته.
 
فحياة هؤلاء العظام زاخرة بالسجايا الأخلاقيَّة والسمات الوضَّاءة والسموّ الروحيّ، والّتي لا يتأتّى لكلِّ إنسان التعرُّف إليها؛ إلّا المقرّبين من تلامذتهم.
ومن بين هذه الشخصيّات وليُّ أمر المسلمين سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله، هذا الإنسان المتكامل الجوانب، الّذي تربّى على يد المعلّم العظيم الإمام الراحل قدس سره والّذي كان تجسيدًا للإسلام المحمّديّ الأصيل. فلو تأمّلنا أعماله وأقواله لأدركنا أنّها تكشف عن دافع عظيم ونيّة سامية، ولاتّضح لنا عظمة روحه وسموّ مقامه، واللذَين جعلا منه شخصًا ممتازًا كالإمام الراحل يمكنه تجسيد خصوصيّات وليّ الأمر في المجتمع بأسلوب عمله وتفكيره وأقواله.
فهو الزاهد الحقيقيّ الّذي نبذ الدنيا ولا يشعر بدافع يشدّه نحوها، فرغم امتلاكه الإمكانات اللازمة للوصول إليها، ورغم أنّ الدنيا قد فتحت
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
32

25

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 له ذراعيها وتوفّرت له الظروف المناسبة للوصول إلى كلِّ ما تشتهيه نفسه من معالم الرخاء والرفاهيّة، لكن لا يُلاحظ عليه أدنى تعلّق مهما صَغُر قدره بالأمور الدنيويَّة، وأيُّ انجذاب نحو المظاهر الماديَّة.

 

يقول حجَّة الإسلام والمسلمين السيّد علي أكبر الحسيني حول زهده وتقواه: "حسب معرفتي القريبة بالشخصيّة العظيمة لسماحة آية الله العظمى الخامنئيّ، فقد رأيته زاهدًا حقيقيًّا راغبًا في الآخرة، وإنَّ الزهد والبساطة يحكمان حياته الشخصيَّة إلى درجة لا يمكن للناس تقبّل وتصديق ذلك أحيانًا.
 
ففي أيّام تصدّيه لرئاسة الجمهوريّة، قلت لسماحته: إنّ المشرفين على برنامج (الأخلاق في الأسرة)1 يرغبون في إجراء مقابلة معكم ومع عائلتكم لعرضها للناس من على شاشة التلفزيون إن سمحتم بذلك. فتأمّل سماحته قليلًا ثمّ قال: لكن هناك مشكلة. فقلت له: وما هي؟ قال: "قد لا يصدّق الناس أنَّ حياتي الشخصيَّة بسيطة وعاديَّة لو عُرض عليهم فيلم عن ذلك"2.
ويقول محسن رفيق دوست رئيس مؤسسة معوّقي الثورة الإسلاميّة: "إنّه لم تكن في بيت سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ ثلّاجة فترة رئاسته للجمهوريَّة، فأحضرت له ثلّاجة. وبعد فترة تعطّلت هذه الثلّاجة،



1 برنامج أخلاقي كان يُبث أسبوعيًا من تلفزيون الجمهورية الإسلامية.
2 جريدة (رسالت) بتاريخ 4 رجب 1415هـ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
33

26

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 لكنَّ سماحته لم يُبيِّن إلى نهاية فترة رئاسته أنَّ الثلاجة قد تعطّلت وعاش كلّ هذه الفترة بدون ثلّاجة"1.

ويقول رفيق دوست أيضًا:
"ذهبت ذات مرّة إلى بيته، أيّام رئاسته للجمهوريَّة، فرأيت أطفاله يتناولون في الإفطار الجبن لكن بشهيّة كبيرة، فقال سماحته: لم يكن في البيت جبن منذ فترة؛ لأنّه لم يعلن عن بطاقة التموين الخاصّة بالجبن، أمّا الآن وبعد أن حصلنا على الجبن تلاحظ أنَّ الأطفال هكذا يتناولونه"2.
وقال أيضًا: "كان بيته مفروشًا ببُسُط حقيرة ممزّقة، فجمعناها في غيابه وقمنا ببيعها، وأضفنا عليها مبلغًا من أموالي الشخصيّة واشترينا سجّادًا جديدًا فرشنا به البيت، لكن عندما عاد سماحته إلى البيت، قال لي: ما هذا يا محسن؟ قلت: لقد بدّلنا البسط القديمة. قال سماحته: لقد أخطأتم بفعلكم هذا. اذهبوا وأعيدوا تلك البسط. فذهبنا وبعد عناء كبير عثرنا عليها وأعدناها إلى بيته"3.
رغم عظمته وجلالة قدره وعظم منصبه إلّا أنَّه كثير التواضع. ورغم كثرة مشاغله ومسؤوليّاته الجسيمة إلّا أنّه يعامل الجميع بلطف وسِعة صدر.



1 جريدة (رسالت) بتاريخ 4 رجب 1415هـ.
2 مجلة (باسدار اسلام) العدد 154.
3 (م. ن).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
34

27

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 يقول الأخ شوشتري أحد قادة حرس الثورة الإسلاميّة:

"عندما كنَّا نرافقه في الجبهة لزيارة بعض الوحدات، كان يعامل الجنديّ الّذي يحرس بوّابة المقر، بحيث كنّا نخجل من أسلوب تعاملنا، نحن القادة، مع الجنود، وكذا كان تعامله مع القادة حينما تعقد جلسة بحضوره، فمع أنَّه كان حازمًا في اتّخاذ القرارات، إلاّ أنَّ تعامله معنا كان عاملًا محفّزًا لقيامنا بأعمالنا أفضل من ذي قبل"1.
والأعظم من كلِّ ذلك هو عدم قبوله لمنصب المرجعيَّة والإفتاء لوجود أفراد مؤهّلين للتصدّي لهذا المنصب، ففي خطابه يوم مولد الإمام الجواد عليه السلام بتاريخ 10 رجب 1415هـ وبعد أن طُرح اسمه ضمن الأفراد المؤهّلين للمرجعيَّة، قال سماحته: "إنَّني أستثقل قبول حمل المرجعيَّة؛ لأنَّ السادة ولله الحمد موجودون ويمكنهم تحمّل المسؤوليّة".
 
وكذا انتخابه لرئاسة الجمهوريَّة في دورتين متتاليتين، وكذلك عندما انتُخب بعد رحيل الإمام قدس سره قائدًا للثورة الإسلاميَّة من قِبَل مجلس الخبراء.
وقد أشار الشيخ الهاشمي الرفسنجاني في خطبة صلاة الجمعة بتاريخ 26 رجب 1415هـ إلى هذا الصدد مُفَنِّدًا دعايات الأبواق الإستكباريّة حيث قال:
"إنَّ مقام المرجعيّة يختلف كثيرًا عن باقي المناصب، فالقائد كان



1 مجلة (باسدار اسلام)، العدد 154.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
35

28

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 عازفًا حتّى عن المناصب الدنيويَّة والعاديَّة، وأنتم تأخذون بشهادتي هذه لأنّي كنت أعرف القائد منذ كان شابًّا وحتّى يومنا هذا، وهي فترة تمتدّ إلى (40) عامًا مضت، فلم ألاحظ طوال هذه المدّة الطويلة أنَّه كان يتطلّع إلى الرئاسة أو الإدارة أو المناصب وكان عازفًا عنها، وكان ينتظر الشخص الأصلح لملء هذا الفراغ.

ففي أوائل الثورة كان الجميع يقولون بوجوب انضمام روّاد الثورة إلى مجلس الثورة. ونحن بعد الرجاء تمكّنّا من دعوة سماحة الخامنئيّ من مشهد حيث أشار الإمام بضمِّه إلى عضويَّة مجلس الثورة في بداية انتصارها.
وحينما كان الحديث يدور حول رئاسة الجمهوريَّة لا تعرفون كم تحمّلت من المشاقِّ حتى أقنعته بالموافقة وترشيح نفسه للرئاسة. وحينما انتهت دورة الرئاسة الأولى لم يقبل بكلامي لترشيح نفسه للدورة الثانية، بينما كنَّا نصرُّ عليه ونقول: إنَّ البلاد بحاجة إليك، وانتهى بنا الأمر إلى أن نتوسّل بالإمام، وقال له سماحة الإمام: عليك أن تقبل.... ولم تكن من عادة الإمام أن يشير لأحد ليتولّى هذا المركز أو ذاك. ثمّ كانت قضيّة القيادة. وحينما كنَّا نشعر بأنَّ الإمام سيرحل عنَّا، كانت أمامنا مشكلة جادّة، تتعلّق بكيفية معالجة قضيّة ولاية الفقيه أو فراغ القيادة. وعندما طرحنا على سماحة الخامنئيّ في جماران القضية كان يعارض ليس انتخابه قائدًا، وإنّما حتّى أن يكون عضوًا في مجلس القيادة. وبذلنا جهودًا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
36

29

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 ونحن مجموعة حتى أقنعناه بقبول عضوية مجلس القيادة على الأقلّ.

وفي هذا الشأن، لديَّ الكثير لأقوله وليس أوانه الآن. وقد تحدّثت معه كثيرًا، فمنذ اليوم الأوّل الّذي تدهورت فيه صحة المغفور له الآراكي وحتّى وفاته، لم أشاهد من قائد الثورة أيَّة مبادرة تنمّ عن رغبته في تولّي منصب المرجعيّة.
فليس في قلب هذا الرجل غير طاعة الله والخدمة، وتأدية الفريضة الإلهيّة"1.
نعم، لولا المسؤوليَّة الشرعيَّة وعدم وجود من يتحمّل ذلك لَما قبِل سماحته هذه المسؤوليَّات، وذلك لشدّة تواضعه. وفي ذلك يقول سماحته:
"عندما أصرّ الأخوة الأصدقاء على أن أرشِّح نفسي لرئاسة الجمهوريَّة؛ يشهد الله تعالى أنَّني رفضت ذلك من أعماق قلبي واعتذرت بشدّة عن ذلك، وامتنعت، حتّى قالوا لي: إنَّك إذا لم تقبل فسيحدث ما هو مضر وسيئ (وذكروا أشياء كثيرة). أحد الإخوة الأعزاء الذي تعرفونه جميعًا وتحبّونه قال لي: أفرض أنَّك متّ فكيف تقف بين يدي الله بتركك لهذه المسؤوليَّة والمهمَّة الإلهيَّة؟ لقد هزَّني هذا الكلام وشعرت بالخوف، وقبلت هذا الأمر في سبيل الله تعالى.
عندما كنّا في مجلس قيادة الثورة كنّا نُمَنّي أنفسنا مرارًا بأنّ مرحلة الثورة ستنتهي قريبًا، وتتشكّل الدولة ومجلس الشورى ومجلس


 

1 جريدة (كيهان العربي) بتاريخ 18 رجب 1415هـ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
37

30

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 القيادة، فنرتاح ونرجع إلى التدريس مجدّدًا حيث البحث وتفسير القرآن ونهج البلاغة. لقد وعدت الشباب حينها بأنّني إن شاء الله، بعد عدّة أشهر وعندما ينتهي عمل مجلس القيادة، سأبدأ معهم بدروس حول نهج البلاغة.

لقد كان مطلبنا هذه الأعمال، ولكنَّ الضرورات هي الّتي أجبرتنا على حمل المسؤوليَّة. لقد أرادت الثورة ذلك منَّا ونحن لبّينا.
إذا قيل للخامنئيّ إنَّ وجودك في مكان تنظيم الأحذية في الحسينيّة الفلانيّة أكثر فائدة من رئاسة الجمهوريّة، فسأذهب إلى هذا العمل مباشرة. فاعلموا جيّدًا أنّني لو وجدت عملًا أعمل فيه بمجهوليَّة تامّة (لا أحد يعرفني) ويكون وجودي فيه أكثر فائدة للإسلام من المسؤوليّة الّتي أتحمّلها الآن، فإنَّني والله لن أتردّد لحظة واحدة. إنَّني إذا أدركت ذلك سأقوم بهذا العمل فورًا.
بعد رحيل الإمام قدس سره وفي اليوم الذي اجتمع فيه مجلس الخبراء، كنت عضوًا في ذلك المجلس، وعندها طُرح اسمي للبحث والتداول، واتفقوا على انتخاب هذا الموجود القليل الضعيف لهذا المنصب الخطير، فاعترضت بقوّة دون أيَّة مجاملة. والله وحده يعلم ماذا كان يحصل في قلبي في تلك اللحظات. لقد وقفت حينها، وقلت لهم: أيُّها السادة تريّثوا. أعطوني فرصة. وكلّ هذا موجود قد سُجّل بالصوت والصورة. وبدأت أستدلّ على عدم انتخابي لهذا المقام. ومهما أصررت
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
38

31

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 عليهم لم يقبلوا. بل بدأوا بتفنيد استدلالاتي. لقد كنت قاطعًا في عدم قبولي، ولكنَّني بعد ذلك رأيت أنَّه لا مناص. فقد تعيّن الأمر عليّ، أي أنَّني إن لم أتقبّل هذا الحمل فسيبقى على الأرض. ولو وُجد شخص آخر هناك، أو كنت أعرف من يمكنه حمله ويرضى به الآخرون، فإنَّني باليقين لم أكن لأقبل أن أحمله على عاتقي. ثم قلت: ربَّنا عليك توكَّلنا، وقد أعانني الله إلى يومنا هذا.

ومن قبل حصل الشيء نفسه، لقد تمّ انتخابي لرئاسة الجمهوريّة مرّتين، وفي الدورتين لم أكن أريد، ففي انتخابات الدورة الأولى كنت خارجًا لتوّي من المستشفى 1، لكنَّ الزملاء قالوا:
إن لم تقبل، فإنَّ الحمل سيبقى مطروحًا على الأرض، ولا أحد ينهض به.
فاضطررت لقبول ذلك. وأمَّا في الدورة الثانية، فقد قال الإمام لي: إنَّ الأمر متعيّن عليك، وكنت قد ذهبت إليه قائلًا: سيّدي لا أريد، ولا أودّ أن أدخل إلى هذا الميدان مجدّدًا، وعندها أجابني بأنَّ الأمر متعيّن عليك، أي أنَّ الواجب ليس كفائيًّا، بل هو عينيّ... فإنّ كان عينيًّا لا أرفض حمله أبدًا".
بعد رحيل المرجع الكبير حضرة آية الله العظمى الآراكي رحمه الله قامت جامعة المدرسين في الحوزة العلميّة بقم المقدسة بنشر لائحة تضمنت



1 بعد تعرّض سماحته لمحاولة الاغتيال الآثمة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
39

32

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 أسماء سبعة أشخاص واجدين لشرائط المرجعيّة، وكان اسم الإمام الخامنئي ضمن اللائحة، ومما قاله الإمام الخامنئي بعد اطلاعه على الأمر:

"لقد قام السادة بإعداد لائحة وذكروا اسم هذا القليل فيها، ولكن لو سألوني لقلت لهم: لا تفعلوا ذلك، فقد فعلوا كلّ هذا بدون اطّلاعي. وقد علمت بذلك بعد أن نشروا هذا البيان، وإلّا لَما سمحت لهم بذلك، حتّى أنَّني اتصلت بالتلفزيون وقلت لهم: إذا كان السادة غير راضين، أرجو عندما تذيعوا هذا البيان أن لا تذكروا اسمي، فقالوا: لا يمكن ذلك لأنَّه يعدّ تحريفًا، فالسادة قد جلسوا عدّة ساعات ولم يروا ذلك صحيحًا، ولهذا أذاعوا البيان على هذا الشكل".


حرصه على بيت المال
 
 
إنَّ سماحة الإمام الخامنئيّ ورغم حكومته الشرعيَّة على الشعب وعلى الدولة ممّا يتيح له ذلك حريَّة كبيرة في اتّخاذ القرارات، لكنَّه لم يحاول استغلالها للوصول إلى مكاسب ماديَّة وأهداف شخصيَّة. ونكتفي هنا بعرض نموذجين من فترة رئاسته للجمهوريَّة:
 
 
1-النموذج الأول:
يقول الأخ شوشتري: جاء السيّد (الخامنئيّ) إلى مقرّ عمليّات (والفجر). حسنًا، إنَّ مجيء رئيس الجمهوريّة إلى مقرٍّ ما مفرح ويُعتبر توفيقًا في الوقت نفسه، ولهذا أراد الإخوة في المقرّ إبداء فرحهم، فذهبوا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
40

33

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 لإحضار طعام الغداء، وكنّا في الخيمة الّتي أُعدّت للسيّد (الخامنئيّ)، ستّة أشخاص...

أحضروا طعام الغداء زائدًا عن المعتاد، فقال السيّد (الخامنئيّ): "حسنًا يا فلان، بما أنَّكم تجاهدون وتعملون وتبذلون جهودًا، فأبدانكم تحتاج إلى طاقة، ولا أقول لكم لماذا تتناولون هذا الطعام؟ لكن هل أنّ العناصر الّتي تحت إمرتكم تتناول مثل هذا الطعام أيضًا؟ فسكت الجميع".
 
 
ثمّ قال السيّد (الخامنئيّ): "طبعًا سأتناول معكم الآن لتعلموا أنّني أرغب في أن تعتنوا بأنفسكم، لكن اعلموا أنَّ لكلِّ شيء مكانًا، فيقال الآن بما أنّ رئيس الجمهوريّة قد حضر إلى هنا فأعدّوا له كلَّ ذلك، اذهبوا وأحضروا لي الغداء الذي يتناوله الجنود ليعلموا أنَّني رئيس الجمهوريّة أتناول مثلما يتناولون ولا فرق بيني وبينهم، وإلاّ فسوف يكون حضوري هنا فخريًّا". ثمّ أوصانا بالاهتمام ببيت المال1.
 
 
2-النموذج الثاني:
أيضًا نقلًا عن الأخ شوشتري، يقول: عندما كنَّا برفقته مع أحد حرّاسه لزيارة (الفرقة 21)، أوصانا السيّد منذ البداية بإحضار سيّارتين فقط، لكن عندما خرجنا من الأهواز، شاهدنا عشر سيّارات أخرى تتبعنا دون



1 مجلة (باسدار اسلام) العدد 154.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
41

34

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 أن نعلم، فواصلنا مسيرنا، لكن فوجئنا حينما قال السيّد (الخامنئيّ) للسائق: "توقّف، ثمّ التفت إليّ وقال: اذهب وأمرِ السيّارة الثانية وما بعدها بالعودة إلى الأهواز، أو إذا أرادوا المجيء فليذهبوا وحدهم، ولا مبرّر لأن يتبعونا. ثم قال: أيُّها السيّد انتبه جيّدًا، عندما تتحرّك هذه القافلة وأنا فيها، فستكون حجَّة للآخرين ليعدّوا لأنفسهم مثل هذه التشريفات، فمسؤول عاديّ مثلي يكفي أن يحرسه اثنان بسيّارة أو سيّارتين فقط، وسوف نلتقي بهم هناك إن أرادوا المجيء، وإلّا فلماذا يأتون؟".

وهكذا نزلت من السيّارة، وقلت لهم إنَّ السيّد (الخامنئيّ) يأمركم بالرجوع من حيث أتيتم.
 
 
القائد المجاهد
 
عاش سماحة آية الله العظمى السيّد عليّ الخامنئيّ دام ظله طوال حياته المباركة إمامًا مجاهدًا بالقلم والبيان أو بالسلاح، خصوصًا حينما بدأ الإمام الراحل العظيم قدس سره ثورته الإسلاميَّة الكبرى عام (1962م)، فلم يتوان هذا المجاهد الشجاع لحظة واحدة في السعي والجهاد. وقضى ثلاث سنوات من عمره ما بين العامين (1963 1978) في سجون الشاه وقريب عام في المنفى. وإليك جوانب من حياته الجهاديّة نقلًا عن سماحته:
 
 
"أمَّا حول دخولي ساحة الجهاد والمعترك السياسيّ، فبين عام 1952
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
42

35

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 و 1953 سمعت أنّ المرحوم نوّاب صفوي قد جاء إلى مشهد، وكان شيء خفي يجذبني له، وكنت أودُّ رؤيته كثيرًا. إلى أن أُخبرنا أنَّ نوّاب ينوي المجيء إلى مدرسة سليمان خان والّتي كنت أحد طلاّبها. ويُعتبر يوم مجيء نوّاب إلى مدرسة سليمان خان من الأيّام الّتي لا تُنسى في حياتي.

 

فعندما دخل نوّاب صفوي المدرسة مع بعض أعضاء منظّمة (فدائيّو الإسلام) الّذين كانوا واضعين قبعات خاصّة على رؤوسهم، بدأ بإلقاء خطاب قويّ وهو قائم. وكان مضمون خطابه هو إحياء الإسلام وإقامة حكومة إسلاميّة، وشنّ هجومًا عنيفًا في خطابه على الشاه والإنكليز، واتّهم مسؤولي البلاد بالكذب وقال: إنَّ هؤلاء المسؤولين ليسوا بمسلمين.
 
إنَّني كنت أسمع بأذنيّ هاتين هذه الأقوال من لسان المرحوم نوّاب، فوقع كلامه على قلبي، وتمنّيت أنْ ألازمه دومًا. وأُعلن هناك أنّ نوّاب يتحرّك غدًا من المهديَّة باتّجاه مدرسة نوّاب. وفي اليوم الثاني تحرّك في حشد من المهديَّة باتّجاه المدرسة المذكورة آنفًا، وفي الطريق كان يخاطب الناس بصوت عال ويردّد: أخي المسلم الغيور، يجب أن يحكم الإسلام. إلى أن دخل المدرسة، وهناك ألقى خطابًا مفصّلًا ومثيرًا. وبعد انتهاء الخطاب اقتُرح عليه إقامة صلاة الجماعة، فوافق على ذلك. وصلّينا الجماعة بإمامته، ثمّ غادر مشهد، ولم نعلم عنه شيئًا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
43

36

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 بعد ذلك اليوم إلى أن بلغنا نبأ استشهاده، فغضبنا لذلك كثيرًا وبدأنا نردّد شعارات ونشتم الشاه. والنقطة الملفتة للنظر هي أنّ المرحوم آية الله الحاج الشيخ هاشم القزويني كان العالم الوحيد في مشهد نظرًا إلى طهارة سريرته وهمّته العالية الّذي أبدى ردّة فعل تجاه استشهاد المرحوم نوّاب ورفاقه، وانتقد في درسه نظام الشاه بشدّة وأبدى تأثُّره وحزنه على استشهادهم، وقال: إنّ بلادنا وصلت بها الحالة إلى درجة بحيث يُقتل فيها ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا لشيء سوى قوله الحقّ.


فكان نوّاب أوّل من أوقد شرارة نهضة إسلاميّة في نفسي ذاك الزمان. ولا يخالجني شكّ أنَّ نوّاب هو أوّل من أوقد هذه الشعلة في نفوسنا، ولهذا أصبح تقليد المرحوم نوّاب سببًا لبدء أوّل تحرّك جهاديّ عام (1955 أو 1956م). وكان تحرّكنا الجهاديّ بهذه الصورة وهي حينما بُعث شخص باسم (فرح) محافظًا لمدينة مشهد، وكان هذا الشخص لا يحترم أيًّا من المظاهر والضوابط الإسلاميّة، ومن جملتها أنّه كان من المقرّر رسميًّا أن تعطَّل السينما في مشهد شهرَيْ محرّم وصفر، ففي البداية أُعلن عن تعطيل السينما إلى اليوم الرابع عشر من محرّم، لكن بعد أن ارتفعت أصوات الاحتجاج، مدّدها إلى العشرين من محرم، لهذا السبب عقدنا جلسة وكنّا عدّة أفراد وكتبنا إعلانًا حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأرسلناه عن طريق البريد إلى أماكن متعدّدة".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
44

37

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 جهاده ضد الشاه


لقد نهضت الحوزة العلميّة بقمّ وثار مركز العلم والتقوى والجهاد سنة (1962م) بنداء من إمام الأمّة قدس سره ضدّ الشاه. فكان العلماء والطلبة يوصلون نداءات وتوجيهات الإمام وسائر المراجع إلى أقصى مناطق إيران بكلِّ إخلاص وشجاعة، وكانت إعلاناتهم تطبع وتوزّع بمساندة جميع القوى الشعبيَّة المؤمنة، وانتقلت هذه الثورة إلى سائر الحوزات العلميَّة والمجاميع الدينيَّة وأهمّها حوزة مشهد العظيمة والصامدة.

وكان لسماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله دور بنّاء وعظيم في هذا المجال. فإلى جانب نشاطاته في قمّ، وثّق علاقاته بالعلماء والطلبة في مشهد، وسعى مستعينًا بنشاط سائر علماء خراسان في تجهيز طلبة العلوم الدينيّة بصورة أفضل، فكانت نشاطاته مؤثّرة ومبهرة للعين؛ بحيث إنّه بُعث سنة (1963م) من قِبَل الإمام إلى مشهد لإيصال ثلاثة نداءات مصيريّة حول شهر محرّم الّذي وقعت فيه انتفاضة 15 خرداد، النداء الأوّل كان موجّهًا إلى العلماء والخطباء ورؤساء الهيئات الدينيّة حول التهجّم على إسرائيل وقضيَّة الفيضيَّة، والنداءان الثاني والثالث كانا إلى المرحوم آية الله العظمى الميلاني رحمه الله وأحد علماء مشهد حول بدء الكفاح العلنيّ في السابع من محرّم.

وقد تمّ إنجاز هذه المسؤوليّة بالصورة المطلوبة، وأدّت هذه النداءات الثلاثة إلى تقوية الجهاد في محافظة خراسان.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
45

38

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وكان سماحته أثناء سفره ينقل إلى أبناء الشعب في المدن الّتي يمرُّ بها في طريقه ومن على المنبر جوانب من هذه النداءات، فاستطاع بعمله هذا نثر بذور الثورة في كلِّ مكان. ثمّ قرّر سماحته مع جمع من زملائه الملتزمين السفر إلى مختلف مدن المحافظة والبدء من اليوم السابع من محرّم تلك السنة حسب البرنامج الّذي أعدّه الإمام بشرح القضايا الراهنة والأوضاع السياسيَّة والاجتماعيَّة وفاجعة الفيضيَّة والخطط السرّيَّة للنظام؛ لأنَّ الأرضيَّة كانت مهيَّأة لثورة جماهيريَّة ضدّ نظام الطاغوت، وذلك بعد قضيَّة مجالس المدن والمحافظات وقضايا الاستفتاء الشعبيّ المزوّر للنظام ومحاربته للإسلام والعلماء وارتكابه فاجعة المدرسة الفيضيَّة وكذا الحداد العامّ في نوروز سنة (1963م).


استفاد الإمام الراحل والعلماء من محرّم تلك السنة على أفضل صورة، ووضعت البرامج لتبيين الأمور بشكل مجمل من الأوّل إلى السادس من محرّم، ثمّ البدء في اليوم السابع ببيان المطالب الرئيسيَّة والحقائق بكل صراحة للشعب ليكشف عن وجه الشاه من تحت غطاء الإصلاحات.

وكان نصيب سماحة الإمام الخامنئيّ دام ظله مدينة بيرجند الّتي كانت مركز قوّة للنظام وكانت تدعى إقطاعة أسد الله علم (رئيس الوزراء آنذاك).

ارتقى آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله المنبر في بيرجند من اليوم الثالث من المحرّم، وأشعل فتيل الثورة وذلك ببيان القضيَّة لأبناء الشعب.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
46

39

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وفي السابع من المحرّم حيث شارك جمع غفير في المجلس بدأ ببيان مثير وجذّاب لفاجعة الفيضيَّة، فبكى الناس كثيرًا.

يقول سماحته عن تلك الأيّام:
"في ذلك اليوم أطال الخطيب الأوّل بيانه وتأخّر عن النزول عن المنبر، فلم يبق لي غير نصف ساعة، وعندما بدأت الموضوع كنت أرتعب من شدّة التأثّر رغم أنَّي لم أخف مطلقًا، وكانت أحوال الناس تؤثِّر بي أيضًا. كان الناس يبكون بصورة عجيبة، وعندما نزلت عن المنبر أحاطوا بي كي لا أعتقل".
فكان لهذا المنبر صدًى عظيم في المدينة. وفي صباح اليوم التالي حضر جمع عفير في مجلس آخر أقيم في منزل أحد الأشخاص، وهناك أيضًا طرحتُ قضايا الساحة.
يُضيف قائلًا:
"كان في بيرجند عالم شهير اسمه تهامي، قال لي ذلك اليوم: مع أنَّني الأكثر اطّلاعًا على الأمور في هذه المدينة، لكنّي لم أكن أعلم بهذه القضايا، لولاك لما صدّقت هذه القضايا، وإنّني لم أبك في أيّ الحوادث بهذه الصورة".

وانقلبت الأوضاع في مدينة بيرجند في هذين اليومين بشدَّة. وأصبح الناس على استعداد تامٍّ. وفي صباح التاسع من محرّم، ارتقى سماحته المنبر وألقى خطابًا حماسيًّا أقلق السلطات بشدّة حيث أسرعت إلى
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
47

40

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 اعتقاله، رغم أنّ العلماء لا يُعتقلون عادة في يومي التاسع والعاشر من محرّم. وحُجز سماحته يومين في بيرجند ثم نُقل إلى مشهد وسُلّم للسافاك. وكان لهذا الاعتقال الأثر الكبير في يقظة الناس.

وقد كانت لهذه النشاطات والنداءات أكبر الآثار بحيث احتلّت مشهد في محرّم تلك السنة المكانة الثانية بعد طهران في زعزعة أركان النظام، ولهذا فقد تعامل النظام مع سماحته بعنف ووحشيّة لم يسبق أن عومل العلماء بها من قبل، أي أنّه سُلِّم في البداية للسافاك، ثم نُقل إلى سجن خرب في القلعة ليُحرم حتّى من الوسائل الأوليَّة في السجن، وهدّدوه بحلق لحيته بالموس، ثمّ غيّروا رأيهم فقصّروها بماكينة حلاقة.

يقول سماحته حول هذا الموضوع:
"بعد هذا الفعل (تقصير لحيتي) وعندما ذهبت لأغسل وجهي، جاءني ملازم متكبّر مغرور وبدأ بالاستهزاء والقهقهة وقال: أرأيت كيف حلقنا لحيتك؟ قلت له بسكينة: بل لم يكن سيّئًا، فإنّني لم أرَ ذقني من فترة طويلة".
 
وأجبروا سماحته على العمل في المعسكر. أعطوه عربة لنقل الآجر ومعولًا ومسحاة لحفر الأرض وتسطيحها، وقطع الأعشاب بيديه. وأمثال هذه الأعمال، الّتي لم يسبق أن عومل بها السجناء العلماء من قبل، وإن دلّت على شيء، فإنَّما تدلّ على مدى غضب السلطات على هذا العالم الشجاع المجاهد.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
48

41

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 واستمرّت فترة الاعتقال هذه عشرة أيّام، يقول سماحته حول هذه الفترة:

"لم يكن السجن سيّئًا، كان تجربة جديدة وعالمًا آخر مع السافاك، ومع التحقيقات والعذابات والأوقات المريرة والإهانات الشديدة، وخلاصة القول مع آلام الكفاح".
 
وبعد إطلاق سراحه، اجتمع بزملائه من جديد ليتمّ تقييم الأحداث والنشاطات السابقة، فقرّروا أن يذهبوا إلى مختلف مدن البلاد مرّة أخرى لفضح جرائم النظام وتوسيع رقعة الثورة. يقول سماحته:
"عقدنا جلسة وقرّرنا مع الزملاء هذه المرّة ضمن برنامج ومخطّط دقيق أن يذهب كلّ واحد منّا إلى نقطة من البلاد ليكشف الحقائق للشعب. كانت المراقبة شديدة وأجهزة النظام على استعداد لقمع الشعب بشدّة. وقد أدّت جرائم النظام إلى تراجع بعضهم وإن كانت قد دعت البعض الآخر إلى مقاومة أكثر وجهادٍ أكبر".
 
 
في مثل هذه الأوضاع، كانت صرخة العلماء هي الصرخة الوحيدة الّتي تدعو أبناء الشعب إلى المقاومة والجهاد، وكما يقول سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله:

"لقد وُجدَ طلبة الإمام الخمينيّ في جميع المدن والقرى الصغيرة والنائية وفي أيّ مكان يرزح تحت وطأة ظلم الشاه وأياديه وتحت سيطرة أصحاب المال والنفوذ المتسلّطين على أموال وأعراض
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
49

42

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وعقيدة وإيمان أبناء الشعب، وكشفوا الحقائق للشعب دون أدنى خوف ووجل من الاعتقال والتعذيب".


لقد كانت هذه الأسفار والتحرّكات الجماعيَّة، خصوصًا بعد انتفاضة 15 خرداد وبعد اعتقال الإمام الراحل قدس سره، قيّمة جدًّا. واتّسعت هذه التحرّكات لتشمل أكثر المدن وبعض القرى بصورة أرعبت النظام، ولهذا كانت ردّة فعل النظام بالمقابل عنيفة جدًّا.
 
وقد صادف شهر رمضان (1963م) شهر بهمن وذكرى مرور عام على الاستفتاء الشعبيّ المزوّر. وكان الإمام رحمه الله محاصرًا فلم يُمكَّن من وضع برنامج لشهر رمضان. لكن رغم غياب الإمام إلاّ أنّ المراجع العلماء وبالخصوص طلبة الإمام المقرّبين والمؤمنين قد تمكّنوا من مواصلة العمل وإبقاء مشعل الجهاد وضّاء. وانتشر طلبة وفضلاء الحوزة فترةَ شهر رمضان في أنحاء البلاد وبدأوا بتوعية الشعب وفضح النظام.
 
وبدأ سماحة آية الله العظمى وزملاؤه نشاطهم وتحركّهم. يقول سماحته حول هذه القضية:
 
"عندما تحرّكنا من قمّ في باص كنَّا ثلاثين طالبًا للعلم. وكانت مستويات الطلبة الجالسين في الباص متفاوتة، فكانوا ينزلون من الباص الواحد تلو الآخر في الطريق، وكنت آخر من يجب عليه النزول في كرمان".
 
 
وفي كرمان شرع سماحته بإلقا الخطب والاجتماع بالعلماء والطلبة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
50

43

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 والمجاهدين والتباحث معهم لمدّة ثلاثة أيّام، ثمّ توجّه بالسيّارة إلى زاهدان. وهناك ارتقى المنبر في المسجد الجامع، فلقي استقبالًا حارًّا من الناس.


وفي السادس من بهمن بدت خطاباته أكثر صراحة، إلى أن بلغ اليوم الخامس عشر من شهر رمضان، ذكرى مولد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، فألقى كلمة قويّة ومثيرة بحيث لم يرَ السافاك بُدًّا من اعتقاله ليلة السادس عشرمن شهر رمضان ونقله بالطائرة إلى طهران، فاحتُجز ليلة في معسكر "سلطنت آباد"، ثم سُلّم في اليوم التالي لسجن "قزل قلعة" المشهور حيث يمارَس فيه أبشع أنواع التعذيب. فقضى شهرين بين سجن انفراديّ وإهانات شديدة وتهديد بالقتل والتعذيب البشع وسائر المصاعب. ومع ذلك، كان أوّل عمل أقدم عليه هذا العالم المجاهد الشجاع بعد إطلاق سراحه هو الذهاب لمقابلة الإمام قدس سره في منزله الواقع في منطقة "القيطريّة" والذي كان في الحقيقة سجنًا محترمًا، وأفلح في مقابلة الإمام قدس سره برفقة الشهيد السيّد مصطفى الخمينيّ، وبقي ساعة بمحضر الإمام قدس سره، وعلى حدّ قوله:

"لقد أذهب الإمام قدس سره التعب عن جسمي. وبكيت من شدّة شوقي لرؤية الإمام، فلاطفني الإمام كثيرًا، وقلت لسماحته: لم نستفد من شهر رمضان بالصورة المطلوبة نظرًا لغيابك، لذا يجب علينا التفكير في محرّم القادم من الآن".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
51

44

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 تشكيل الخلايا السريّة

ومن أجل ذلك عقد سماحة الإمام الخمينيّ قدس سره مع عدد من العلماء المجاهدين السائرين على خطّ الإمام قدس سره كآية الله المشكيني، وآية الله القدّوسي، والمرحوم آية الله ربّاني الأملشي، والمرحوم آية الله رباني الشيرازي، والشيخ الهاشمي الرفسنجاني، وآية الله مصباح اليزدي، وآية الله الآذري القمي وآية الله أميني النجف آبادي وغيرهم، جلسة في قمّ ناقشوا خلالها قضية تشكيل خلايا سرّيّة منظّمة. وكان الهدف منها أن تكون مقدّمة لوضع الخطط وتنظيم نشاطات الحوزة العلميّة بقمّ وكذا للسير على نهج الإمام قدس سره، فبدأت هذه الخلايا بمباشرة عملها في سرِّيّة تامَّة بعد أن وُضع ميثاقها وشروط عضويتها، وانتُخب آية الله مصباح اليزدي سكرتيرًا للجلسات، فكان عليه كتابة محضر الجلسات وكذا الميثاق وسائر المطالب بخطّ يشبه كتابة الأدعية في الكتب القديمة، بحيث لا يمكن لأحد غيره قراءتها، ولو وقعت في أيدي السافاك تصوّروا أنّها من الأدعية والطلاسم القديمة.
 
ولكن سنة (1965م) كُشفت هذه الخلايا، وذلك بعد اعتقال آية الله الآذري القمّي، فعثر السافاك على الميثاق في منزله، وتمّ تعذيبه، واعتُقل بعضهم وفرّ الآخرون ومنهم آية الله العظمى الخامنئيّ والشيخ الهاشمي الرفسنجاني وآية الله مصباح إلى طهران، واختفى الإمام الخامنئيّ عن عيون السافاك لمدّة سنة تقريبًا، حيث بقي مع الشيخ الهاشمي في منزل واحد.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
52

45

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وكان دام ظله قد غادر مشهد من قبل؛ بسبب ترجمته لكتاب "المستقبل لهذا الدين"، وذلك لما تضمّنه هذا الكتاب وبالخصوص المقدّمة والحواشي الّتي أقلقت السافاك وأغضبته كثيرًا، فصودر الكتاب واعتُقل اثنان من مسؤولي المطبعة. لكنَّ الكتاب طُبع ووزّع عن طريق آخر ممّا جعل السافاك يغضب أكثر، ويصرّ على مطاردة سماحته واعتقاله خصوصًا بعد كشف خلايا التنظيم في قمّ.

 

واعتُقل الشهيد آية الله القدّوسي في تلك الأيّام. ولكن أطلق سراحه بعد التحقيق معه، فاستطاع أن يعرف أثناء التحقيق أنّ السافاك قد كشف قضيّة الخلايا، لهذا أخبر بعد إطلاق سراحه الشيخ الهاشمي بالقضية، فعُقدت جلسة رُباعيّة بين السيّد الخامنئيّ والهاشمي والقدوسي وأميني النجف آبادي، في منزل الشهيد باهنر، تمَّ فيها مناقشة القضايا، وقرّروا أن لا يظهر أحد منهم في الملأ العامّ، وأن يأخذوا حذرهم، ولا يذهب سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله إلى مشهد في هذه الظروف.
 
 
وفي أواخر عام 1966م خفَّت حدّة القضيّة بإطلاق سراح عدد من المعتقلين، ولهذا سافر سماحته إلى مشهد للزيارة. وطبيعيّ أنَّ السفر لم ينحصر في الزيارة فقط، بل كان عليه القيام بوظائف أخرى، لذا عندما علم السافاك بمعاودته النشاط من جديد اعتقله في أوائل عام 1967م مرّة أخرى بذريعة كتاب "المستقبل لهذا الدين". لكنَّه وبتأييد من الله تمكّن من خداع السافاك والصمود أمام الضغوط والتعذيب. ولم يتمكّن السافاك من الحصول على أيّة معلومات منه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
53

46

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 الاعتقال والسجن مجدداً

 

عام 1970م بدأ سماحة القائد الترويج لخطِّ الإمام الخميني ومرجعيَّته وإعلان الوفاء لقائد الثورة الإسلاميّة، وذلك بعد أن رأى الأجواء مناسبة لذلك، فاعتُقل مرّة أخرى، وكان لهذا الاعتقال صدًى واسع في أوساط طلبة العلوم الدينيّة بمشهد وتأثير في الحوزة، ما ساعد على تنمية وترسيخ الأفكار الثوريّة في نفوس الطلّاب، لأنَّ الأعوام ما بين 1968 و 1971م كانت أعوام البناء الثقافيّ الثوريّ السلميّ. وكان المجاهدون في هذه الأعوام يتعرّفون إلى الإسلام الثوريّ، وطبيعيّ أن يزداد التفاف الناس خصوصًا الشباب حول العلماء المجاهدين. فاستغلّ العلماء بدورهم هذه الفرصة المتاحة لهم عارضين العلوم والمعارف الإسلاميّة الأصيلة عليهم سواء بالتبليغ على المنابر أو بالدروس الخاصّة أو بجلسات البحث والنقاش الحرّ، أو بنشر الكتب والكرّاسات الضروريّة. ويطلق سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ على هذه الفترة اسم "أعوام النشاطات السرّيّة".
 
وكان سماحته منهمكًا بتربية الكوادر وتنظيم العناصر الموثوقة والارتباط بالجماعات النشطة والمجاهدة، ولتسهيل هذا العمل، قَبِلَ التدريس وإمامة الجماعة أيضًا.
 
وشرع بتدريس التفسير في مسجد "صدّيقيها" المعروف بمسجد الأتراك الواقع في بازار مشهد، واضطرّ بعد فترة إلى نقل الدرس إلى مدرسة ميرزا جعفر نظرًا لكثرة الحضور وضيق المسجد. وكان يشارك
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
54

47

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 في درس التفسير طلبة العلوم الدينيّة وجمع من المؤمنين والمطّلعين على المسائل الدينيّة في مشهد. ولكنَّ الدرس قد توقَّف مؤقتًا إثر اعتقاله عام (1970م). واستمرّت فترة الاعتقال هذه المرة أربعة أشهر وعدّة أيّام.

عاود سماحة الإمام الخامنئيّ دام ظله نشاطه بعد إطلاق سراحه مرّة أخرى، ومن جملة نشاطاته إلقاء محاضرات في ليلتي التاسع والعاشر من محرّم في الجمعيّة الإسلاميّة للمهندسين بطهران حول حديث "من رأى سلطانًا جائرًا..."، فكانت لهذه المحاضرات الثوريّة والحماسيّة آثارها على نفوس الناس. إثر ذلك اتّصلت به الجماعات السرّيّة ومنها منظّمة "مجاهدو الشعب".
 
أمّا حول ارتباطه بهذه الجماعات المسلّحة، ففي عام (1971م) وبعد الانفجار الّذي وقع في أعمدة الكهرباء أثناء الاحتفالات بمرور 2500 عام على النظام الملكيّ، أُعتقل سماحته وعُرّض لأشدِّ أنواع التعذيب، وسُجن في زنزانة مظلمة رطبة، لكن رغم كلّ التعذيب الّذي تعرض له إلاّ أنّ السافاك واجه مقاومة بطوليّة وأسطوريّة من هذا العالم الشجاع الأبيِّ، ولم يتمكّن من الحصول على شيء منه، فاضطر إلى إطلاق سراحه بعد خمسين يومًا ونيّف من احتجازه.
 
وعاود نشاطه هذه المرّة أيضًا. وأُضيف مسجد الإمام الحسن عليه السلام والّذي كان آنذاك مسجدًا صغيرًا إلى قواعد الثورة، حيث بدأ سماحته بإلحاح جمع من الزملاء بتدريس تفسير القرآن وإقامة الجماعة هناك.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
55

48

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وبهذا العمل جمع سماحته بين العمل السريِّ والمحدود، والعمل العلنيّ والمباشر مع الجماهير عن طريق المسجد.

وبعد فترة طُلب من سماحته أن يؤمّ الجماعة في مسجد (كرامت) بالقرب من حديقة نادري بمشهد والّذي يعتبر من النقاط المزدحمة والحسّاسة في المدينة. ونظرًا إلى كثرة الحضور والازدحام الجماهيريّ الكبير، فقد عُطّل المسجد من قِبَل السافاك فترة من الزمن.
 
وقد أثارت هذه النشاطات إعجاب الكثيرين، وبالخصوص الشهيدين المطهّري وباهنر، حيث أبديا في سفرهما إلى مشهد فرحتهما وتقديرهما لهذه البرامج.
 
وكان المرحوم الشهيد آية الله الطالقاني يصرّح ويقول: "إنَّ السيّد الخامنئيّ هو أمل المستقبل، فعندما تذهبون إلى مشهد، فاذهبوا للقائه حتمًا".
 
وهذه النشاطات جعلت السافاك يضعه تحت الرقابة الخاصّة. فإمّا أن يتمَّ إحضاره للتحقيق، أو يُحَاصر منزله ويُمنع الناس من التردّد عليه، أو تُعطّل دروسه بالقوّة واحدًا تلو الآخر، إلى أن أُعتقل عام 1973م ونُقل إلى طهران وحُبس في سجون السافاك المخيفة أي في لجنة مكافحة التخريب، واستمرّت هذه الفترة من السجن حدود شهرين، قضاها بين الزنزانات الانفراديّة أو المكوّنة من اثنين أو ثلاثة مع التعذيب الشديد.
 
ويقول الشهيد رجائي حول هذا الموضوع: "في تلك السنة الّتي قضيتها
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
56

49

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 في قبضة لجنة مكافحة التخريب عام 1974م والّتي كانت جهنَّم حقيقيّة كان يُسمع في سجن هذه اللجنة الصياح والأنين من الصباح إلى الليل وبالعكس، فكانت مصداقًا للآية: ﴿ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾. فالذين كانوا هناك لم يكونوا أمواتًا ولا أحياءً، لأنَّهم كانوا يُضربون حتّى الموت، ثمّ يداوون بعض الشيء حتّى تتحسّن صحّتهم تقريبًا، ثمّ يُعيدونهم إلى التعذيب مرّة أخرى. وكانوا يُعذّبون الأشخاص في لجنة مكافحة التخريب بشتّى أنواع التعذيب.

 
كنت في الزنزانة رقم "18"، وكان السيّد الخامنئيّ في الزنزانة رقم "20"، وكنّا نتبادل الأخبار بطريقة خاصّة تعلّمناها في السجن تشبه طريقة إرسال الأخبار بواسطة الشيفرة. فكنت أعطي الأخبار لنزيل الزنزانة المجاورة (رقم 19)، فيعطيها بدوره للسيّد الخامنئيّ وهكذا. وأتذكّر جيّدًا أنَّ الجلاّدين قد حلقوا لحية السيّد عليّ الخامنئيّ عنوةً وصفعوه على وجهه لكسر شوكته ولكنَّه كان مقاومًا وصامدًا، يضع قميصه على رأسه بشكل عمامة، ويظهر بذلك المظهر أمام الآخرين. لقد قابلته ذات مرّة في المرافق الصحّيّة وهو فرح ومسرور".
 
وعلى الرغم من كلِّ الضغوط والتعذيب، إلّا أنَّ جهاز السافاك الرهيب لم يستطع معرفة أسرار تلميذ الإمام قدس سره ولم يتمكّن من الحصول على أيِّ دليلٍ ولو صغير ضدّه، لإتمام ملف المحاكمة وإصدار الحكم ضدّه. لذا وبعد تغيّر سياسة أسيادهم الأميركان ووصول جيمي كارتر إلى سدّة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
57

50

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 الحكم عام (1975م)، اضطرّ السافاك إلى إطلاق سراحه. فعاد إلى مشهد واستمر في جهاده الشديد ضد نظام الشاه وأجهزته.

وكانت المسؤوليّات في هذه المرّة أكبر من السابق، فقد فشل تمامًا الكفاح المسلّح بالأسلوب الّذي تبنّته منظّمة "مجاهدو الشعب"، رغم تحذير الإمام عام (1970م) لمبعوث هذه المنظّمة إليه، ووقعت انشقاقات في هذه المنظّمة وظهرت الأفكار الانحرافيّة والالتقاطيّة.
 
وقد أخذ الغرور والعنجهيّة النظام إثر توجيهه ضربات إلى الفدائيّين والشيوعيّين، وأصبحت أكثر القوى المجاهدة في حيرة من أمرها، وأخذها الشعور بالشكّ وعدم الثقة بالجماعات الجهاديّة، وأصيب آخرون باليأس والخمول، وانفصلت القوى الجهاديَّة عن عناصر منظّمة (مجاهدو الشعب) في السجن، فأصبحت وظيفة قادة الجهاد في هذه الأجواء المليئة بالإرهاب والرعب والخيانة والالتقاط واليأس والخمول والشكّ والحيرة، صعبة وحسّاسة جدًّا.
 
فوجوب توعية الجماهير بمجريات الأحداث بالصورة الّتي لا يستغلّها النظام لصالحه، وإرشاد الناس وتشجيعهم، كانا أمرَين عظيمَين يتطلّبان الكثير من المهارة والحذاقة، وقد تمّ بفضل الله والقيادة الحكيمة للإمام العزيز قدس سره ووعي ودقّة أصحاب الإمام ومن جملتهم سماحة آية الله العظمى السيّد الخامنئيّ، إدارة هذه البرهة الحسّاسة على أحسن وجه ممكن، أي أنَّه تمّ من جهة تنظيم وانتخاب القوى الإسلاميّة الأصيلة، كما
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
58

51

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 تمّ إعداد قوة أقوى بكثير من قبل لمواصلة الجهاد ضدّ الشاه، وذلك بعد أن تمَّ نبذ الأفكار الالتقاطيّة، ومن جهة أخرى، تمّ بيان الهدف الرئيس من الجهاد للمجاهدين وهو إسقاط النظام دون أيّة مواجهة مع "مجاهدو الشعب"، وبدلًا من صرف قواهم لمواجهة هذه العناصر، صُرفت في مواجهة العدوّ الرئيس أي نظام الشاه، ومن جهة ثالثة، تمَّ بيان الأفكار الانحرافيّة والالتقاطيّة للمنظّمة بكلّ مهارة ودقّة دون أن يستغلّها النظام لصالحه. وعندما أفاق النظام من غفلته، كان كلُّ شيء قد انتهى، وبلغ الجهاد ذروته في العامين (1977 1978م). وببلوغ الكفاح ذروته وفضح انحرافات منظّمة "مجاهدو الشعب" وشعور العلماء وكذا الشعب بلزوم إيجاد خلايا إسلاميّة منظّمة يترأسها العلماء والمتضلّعون في الفقه والسياسة بدلًا من الأفراد العادييِّن أو السياسيِّين فقط، تمّ إيجاد النواة الأولى لخلايا إسلاميَّة منظّمة بقيادة الإمام وإشراف العلماء الثوريِّين في مشهد.

يقول سماحته حول هذه القضيّة: "عقدنا جلسة في عام 1977م مع اثنين من الإخوة وهما المرحوم آية الله ربّاني الأملشي والشيخ الموحدي الكرماني. دار الحديث فيها حول أسباب عدم وجود خلايا منظّمة للمجاهدين خصوصًا بين صفوف العلماء، الّذين كانوا يشكّلون النسبة العليا من المجاهدين. فاقتُرح إيجاد خلايا منظّمة، وقد قيل في تلك الجلسة إنه لو كان السيّد البهشتي معنا في الخلايا، كانت النتائج أفضل".








 
 
 
 
59

52

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 ومن حسن الصدفة أنّ الشهيد بهشتي والشهيد باهنر كانا بمشهد في تلك الفترة. ولهذا عُقدت جلسة بمشاركتهما، ووُضع الحجر الأساس لرابطة العلماء المجاهدين في البلاد. وتعتبر الركائز الأولى للحزب الجمهوريّ الإسلاميّ.

وبُعث خبر هذه الرابطة إلى العلماء في السجون ومن جملتهم الشيخ هاشمي رفسنجاني. وبدورهم أيّد العلماء هذه الفكرة. وعاد الشهيد المطهّري في تلك السنة من النجف حاملًا معه رسالة من الإمام الخميني قدس سره يدعو المجاهدين من ذوي السوابق الجهاديّة إلى الاجتماع. وقد أدّت هذه الارتباطات والاتّصالات إلى تنظيم وخروج المسيرات المليونيّة عامي (1977 1978). وكان دور سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ في تشكيل هذه الرابطة ملفتًا للنظر. يُذكَر أنَّ السافاك لم يسمح لسماحته بالخروج من البلاد لمدّة عشر سنوات من عام 1965م.
 

النفي إلى إيرانشهر
 
في خِضمِّ هذه النشاطات وبلوغ الثورة الإسلاميّة ذروتها عام (1977م)، اعتقل سماحة الإمام الخامنئيّ. وبعد احتجازه أيّامًا، حُكم عليه بالنفي إلى إيرانشهر لمدّة ثلاث سنوات، فنُفي إلى هناك. لكنَّ النفي والمناخ الحارّ لهذه المدينة لم يحطّان من عزيمة رمز الجهاد، بل إنّه استغلّ هذه الفرصة المتاحة له، وسعى إلى توحيد صفوف المجاهدين هناك، وكذا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
60

53

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 توحيد صفوف الشيعة والسنّة، فحقّق نجاحات باهرة في هذا المجال.

وكان له دور بارز في التفاف الناس حول الإمام والعلماء والثورة.
 
وطالت فترة النفي حتّى سنة (1978م)، وبلغت الثورة ذروتها هذا العام فخرجت الأوضاع عن سيطرة النظام، لهذا عاد سماحة آية الله الخامنئيّ إلى مشهد وزاول نشاطه مستمرًّا في جهاده أكثر من ذي قبل.
 
مجلس قيادة الثورة
من المسلّم به أنَّ مجلس قيادة الثورة يعتبر من أهمِّ الأركان التي كان لها دور رئيس في انتصار الثورة وإدارتها بعد منصب القيادة، يقول الشهيد بهشتي حول هذا الأمر:
 
"لقد كانت النواة الأولى لمجلس القيادة الّذي صادق عليه الإمام متكوّنة من الشيخ الهاشمي الرفسنجاني والشيخ المطهّري وأنا والسيّد الموسويّ الأردبيلي والدكتور باهنر، فكانت تتكوّن منّا نحن الخمسة".
 
ويقول الشيخ الرفسنجاني:
 
"لقد عيّن الإمام وهو في باريس ستّة أشخاص ليجتمعوا ويديروا الحكومة القادمة... فكنت أحدهم، والشهيد المطهّري الّذي كان يحمل تلك الرسالة، والشهيد البهشتي، والسيّد الموسويّ الأردبيلي وباهنر، ثمّ التحق بنا السيّد علي الخامنئيّ الّذي كان في مشهد آنذاك".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
61

54

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 ويقول سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ حول هذا الموضوع:

"كنت في مشهد منهمكًا بإدارة شؤون هذه المدينة مع الإخوة الّذين كان لهم دور في أحداث مشهد العظيمة، فاتّصل الشهيد المطهّري بي عدّة مرّات تلفونيًّا سواء بصورة مباشرة أو بالواسطة لأذهب إلى طهران. وكنت أتصوّر أنَّه لأجل الأعمال العاديّة الّتي نقوم بها، حيث كانت لدينا نشاطات مشتركة سواء علميَّة أو عقائديَّة أو سياسيَّة، يطلب منّي الذهاب إلى طهران، ولم أكن أتصوّر أنّه لأجل مجلس قيادة الثورة، فكنت أقول: سوف آتي، لكن لكثرة أعمالي في مشهد وثقل مسؤوليّتي كُنت أؤجّل سفري في كلّ مرة، إلى أن أخبروني من باريس أنَّ الإمام يأمرني بالذهاب إلى طهران، فشعرت بأنّ هناك أمرًا يجب الذهاب من أجله إلى طهران، خصوصًا بعد أن اتّصل بي المطهّري وأبلغني الرسالة بغضب، وسألني: لماذا لا أذهب إلى طهران وماذا أنتظر؟
وفي طهران قيل لي إنَّه يجب أن أشارك في جلسة تُعقد في منزل الشهيد المطهّري، واجتمع أعضاء مجلس الثورة، حيث لم أكن أعلم بذلك حتّى ذلك الوقت".
وبمقتضى المصلحة، فقد انضمّ إلى المجلس في ما بعد أعضاء جدد، كان بعضهم ذا ميول واتّجاهات سياسيَّة أخرى. وقد كُشِفَ النقاب عن وجوههم بالتدريج. لكنَّ هؤلاء الإخوة كانوا الأساس والأركان للثورة والحرّاس لمبادئها وأهدافها. وقد تحمّلوا لأجل الثورة ومصالح الأمّة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
62

55

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 الإسلاميّة مصاعب العمل مع الليبراليِّين ومع شخص كبني صدر، واستطاعوا بجهودهم ومقاومتهم ومساعيهم المشتركة تنظيم الأمور وحراسة مبادئ وقيم الثورة.

مؤامرة المنافقين
ومن بين كل تلك الحوادث وقعت حادثة بالغة الأهميَّة وهي مؤامرة المنافقين الّتي تمَّ إحباطها بهمّة ومساعي هذا العالم الشجاع والمضحّي سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ، وإليكم الحادثة بالتفصيل:
في الأيّام الأخيرة من حياة النظام الطاغوتي، بدأت العناصر الشيوعيَّة بانتهاز الفرصة وتنظيم عناصرها لتحويل الثورة الإسلاميَّة إلى ثورة ديمقراطيَّة شعبيّة حسب تعبيرهم. وانتخبوا مصانع جنرال موتورز على الطريق العامّ المؤدّي إلى كرج كأفضل مكان لتنفيذ مخطّطهم، لأنَّه إضافة إلى بعدها عن طهران الّتي كانت مركزًا للإسلامييِّن والمؤمنين، يمكنهم هناك من جمع وتنظيم العناصر الشيوعيّة والعناصر المناوئة للثورة بعيدًا عن الأنظار، ثمّ يقومون بهجوم خاطف على طهران واحتلال المراكز الحسّاسة فيها، حيث يُقيمون حكومة شيوعيَّة حسب تصورّهم.
إنَّ مثل هذه المؤامرّات كانت لا يُجنى من ورائها شيء، لكن بما أنَّها كانت في الأيّام الحسّاسة أي من 19 إلى 22 بهمن، كان بإمكانها أن تكون أفضل دعم للنظام البائد وتؤخّر نجاح وانتصار الشعب وتعطي الاستكبار
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
63

56

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 فرصة أخرى لتمرير خططه.

واستطاعت هذه العناصر حشد خمسمائة من الجامعييِّن والموظّفين وآخرين ذوي ميول شيوعيّة هناك، بإلقاء خطابات مثيرة ونشر إعلانات في نشراتهم الخاصّة ودعوة القوى الديمقراطيَّة والشعبيَّة حسب تعبيرهم للانضمام إلى هذا التحرّك الثوريّ.
 
وعندما بلغ النبأ وحدة الإعلام في مكتب الإمام الخميني قدس سره، بعث سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ جمعًا من العلماء ومعهم الشهيد ديالمه (من شهداء 7 تير) إلى هناك، لكنَّهم لم يستطيعوا عمل شيء، فتوجّه سماحته بنفسه مرّتين إلى هناك، وفي المرّة الثانية تحرّك ظهرًا بسيارته حتّى وصل إلى المصنع، وألقى خطابًا قصيرًا ثمّ عاد.
 
 
لكن في اليوم العشرين من بهمن بلغت القضيَّة مرحلة خطيرة، حيث اجتمع خمسمائة من العناصر الشيوعيّة ومعهم ثمانمائة من العمّال وبدأوا بتجهيز أنفسهم بصورة كاملة. وخيف أن يتسلّحوا ويشعلوا حربًا أهليّة في المراحل النهائيّة من الجهاد ضدّ الشاه، لهذا جاء الشهيد ديالمه إلى وحدة الإعلام في مكتب الإمام الخميني قدس سره قلقًا وقال: "إنّ الوضع خطير، لذا يجب تدبّر الأمر، ويجب أن يذهب من هو أهل إلى هناك". فتحمّل سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ هذه المسؤوليّة وتوجّه سريعًا إلى المصنع. وأُرسلت مجموعة من شباب "حزب الله" من مدرسة رفاه إلى هناك لدعمه. وعندما وصل سماحته إلى المصنع
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
64

57

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 عصرًا وقف على المنصّة بكلّ جرأة، حيث ألقى كلمة وبدأ بالردّ على الأسئلة، واستطاع بذلك إدانة الشيوعيّين بشدّة. ولهذا قاموا بترديد الأناشيد الشيوعيّة بصورة جماعيّة ورفع أيديهم فوق رؤوسهم والتصفيق، ليخلّصوا أنفسهم من هذه المشكلة. لكنَّ سماحته لم يترك المنصَّة واستمرّ في خطابه.

ولما رأى الشيوعيّون أنَّ الأوضاع ليست في صالحهم، قطعوا التيّار الكهربائيّ لكي لا يصل صوت سماحته إلى أسماع العمّال فيدركوا الحقائق. لكنّ سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ سلّم مكبّر الصوت لأحد زملائه ورفع صوته في الظلام ونادى مخاطبًا العمّال: لا تقلقوا، وتوجّهوا إلى كلامي، فلا شيء هناك. ثمّ بدأ بالتنقُّل بين الطاولات، يقف عند كلّ طاولة ويبدأ بترديد الشعارات وبالتكلّم وتوعية العمّال وإثارتهم ضدّ الشيوعيّين، ثمّ قال: "على أيَّة حال، سوف نصلّي صلاة الجماعة". فبدأ الشيوعيّون بمجادلته. سأله طالب جامعيّ سؤالًا، لبس بدلة العمّال باسم أحد العمّال، فقال له سماحته: "أرني بطاقتك" فانكشفت القضيّة، وفضح سماحته عددًا آخر بنفس الكيفيّة. ثمّ فكّر في فصل العمّال الّذين كان أكثرهم من المسلمين ومن ذوي العقائد الدينيّة عن الشيوعيّين، وأفضل طريقة لذلك هي صلاة الجماعة، فأعلن أنّ على كلّ مسلم مصلّ أن يكون في ساحة المصنع للصلاة جماعة. وفي النهاية أقيمت صلاة الجماعة بإمامته في الساعة (8:30)
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
65

58

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 مساءً ساعتان بعد المغرب تقريبًا في ساحة المصنع، وحضر العمّال للصلاة وبقي الشيوعيّون في صالة المصنع، فكان لصوته البليغ والشجيّ الأثر الكبير في نفوس العمّال. ثمّ استغلّ سماحته هذه الفرصة فدعا العمّال إلى المسجد. فذهب الجميع إلى هناك. وشكّلوا تجمّعًا بمساعدة شباب "حزب الله" الّذين قدموا من مدرسة رفاه، وثاروا ضدَّ الشيوعيّين بإرشاد وتوجيه من سماحته. وفي اليوم التالي، تمّ طرد الشيوعيّين من المصنع، وبذلك أحبطت مؤامرة كبرى كادت تشعل حربًا أهليّة في لحظات الانتصار، وذلك بذكاء وتضحية الإمام الخامنئيّ دام ظله.

والملاحظة المهمَّة في هذه الحادثة: هي أنَّ سماحته بقي واقفًا في تلك الليلة على قدميه لمدّة سبع ساعات وهو يخطب ويتكلّم، وواصل نشاطه إلى الصباح، حتّى تمكّن من دفع هذا الخطر.
 
بثّ أوّل مقال من الإذاعة الإسلاميّة
إنَّ من الأعمال الحسنة الّتي أقدمت عليها وحدة الإعلام في مكتب الإمام هي إصدار نشرة باسم "الإمام" وذلك بمناسبة ذكرى إقامة الإمام قدس سره بطهران. وقد كتب سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ عدّة مقالات في هذه النشرة. والشيء الجميل هو أنّه بعد سقوط الإذاعة بأيدي الشعب في 22 بهمن، كان المقال الّذي كتبه سماحته بقلمه تحت عنوان "بعد الانتصار الأوّل" هو أوّل مقال إسلاميّ يُقرأ في الإذاعة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
66

59

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 محاولة الإغتيال

تعرّض سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله بتاريخ 27/6/1981م لمحاولة اغتيال نفّذها المنافقون، وذلك أثناء إلقائه خطابًا في مسجد "أبو ذرٍّ" جنوبيَّ طهران.
وقد أُصيب سماحته نتيجة المحاولة عدّة إصابات نقل على إثرها إلى المستشفى، ولكن أبى الله إلاّ أن يُتمّ نوره، وحفظ وجوده المبارك لخدمة الإسلام والمسلمين، فعاد سريعًا لمزاولة نشاطه والقيام بوظيفته بعد أن تماثل للشفاء. يقول سماحته حول هذه الحادثة:
 
"أنا من تلك اللحظة (لحظة إصابته) أحسست بأنّ الله يريدني لمهمَّة كبيرة. وقد أعددت نفسي لها. وبطبيعة الحال في ذلك اليوم لم أكن لأحدس ما هي هذه المهمَّة؟ ولكنّي أيقنت أنّ عليّ الاستعداد لتحمّل ثقل كبير في سبيل الله ومن أجل الثورة، وفي خدمتكم أنتم أيّها الناس".
 
وعلى إثر محاولة الاغتيال، أبرق إليه الإمام الخمينيّ قدس سره كلمة جاء فيها:
"والآن وبعد أن قام أعداء الثورة بالاعتداء عليكم، وأنتم من ذريّة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ومن آل بيت الحسين بن عليّ عليهما السلام، ولم تقترف ذنبًا سوى خدمة الإسلام والوطن الإسلاميّ، ولم ينتقموا منك إلّا لأنَّك جنديّ مستبسل في جبهة الحرب، ومعلِّم في المحراب وخطيب
 
 
 
 
 
 
 
 
 
67

60

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 مُفوَّه في صلاة الجمعة والجماعة ومرشد مخلص في ميادين الثورة، فإنَّهم برهنوا على مستوى تفكيرهم السياسيّ ومدى دعمهم للشعب ومخالفتهم للظالمين1.

لقد جرح هؤلاء، باعتدائهم عليك، مشاعر الملايين من المؤمنين في شتّى أنحاء العالم.
إنّ هؤلاء المحرومين من الرؤية السياسيَّة، إلى درجة أقدموا فيها على هذه الجريمة بعد خطابكم في مجلس الشورى وفي صلاة الجمعة وفي الجماهير الشعبيَّة مباشرة، واعتدوا على شخص كانت دعوته إلى تحقيق الصلاح والسداد تدوّي في آذان مسلمي العالم، إنّ هؤلاء وبعملهم اللاإنسانيّ هذا، وبدلًا من أن يستفزّوا ويرعبوا الشعب، زادوا من عزم المسلمين وجعلوا صفوفهم أكثر تراصًّا. ألم يحن الوقت - بوقوع هذه الأعمال الوحشيّة والجرائم الحمقاء - كي يتخلّص شبابنا الأعزَّاء المخدوعون من أفخاخ خيانة هؤلاء، ويمنع الآباء والأمهات شبّانهم الأعزّاء من أن يصبحوا قرابين لأهواء الجُناة، ويحذّروا أبناءهم من المشاركة في جرائمهم؟ ألا يعلمون أنّ القيام بهذه الجرائم سيجرّ أبناءهم إلى الضياع والانحطاط وسيخسرون أبناءهم باتِّباعهم شرذمة من الفسدة الجناة؟
إنَّنا نفخر عند ساحة الباري تعالى ووليّه بقيَّة الله (أرواحنا فداه)



1 أسلوب استنكاري، أي عن مدى أذيّتهم للشعب وإطاعتهم للظالمين.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
68

61

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 بجنود لنا في الجبهة وخلفها يقضون الليل في محراب العبادة والنهار بالجهاد في سبيله. إنَّني أهنِّئك أيّها الخامنئيّ العزيز على خدمتك لهذا الشعب المظلوم في جبهات الحرب بملابس القتال وخلف الجبهة بالزيِّ العلمائيّ، وأسأل الله أن يعطيك السلامة لتمضي في خدمة الإسلام والمسلمين".

وقد أبرق سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله من جانبه جوابًا إلى الإمام قدس سره هذا نصّه:
"سيّدي ومقتداي سماحة آية الله العظمى الإمام الخمينيّ قدس سره روحي لك الفداء.
سلام الله وسلام عباده الصالحين عليك.
مرّة أخرى يشملني الله سبحانه وتعالى برحمته الواسعة، فأجدُ نفسي مغمورة بالألطاف الربّانية الخفيّة والعلنيّة. أسأل الله العليّ القدير أن يوفّقني لحمده وشكره على ألطافه ونعمائه ما دمتُ حيًّا، كما أنّي مؤمن بأنّ لدعائكم ومناجاتكم الأثر الأكبر في نجاتي من كيد المنافقين والظالمين. حفظكم الله ذخرًا وملاذًا للإسلام والمسلمين، آمين ربّ العالمين.
لقد أعدّ المؤمنون أنفسهم للشهادة في سبيل الله باذلين أرواحهم ومتاعهم اليسير، فالمؤمنون منه وإليه. ذلك نهج تعلّمه المؤمنون في مدرستكم وذاك كأس شربوه من معين كوثركم.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
69

62

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 لقد علّمتنا أيُّها الإمام أن نعزَّ الإسلام ونغذّيه بمهجنا حتّى يتحقّق ويثمر وتثمر معه شجرة النبيّ وآله الأطهار، وحتّى يختلط زلال الكوثر بدماء الشهداء والصدّيقين، فلا نبالي بالمصائب والويلات في هذا السبيل، وكلّ ما نخشاه أن نُحرَم فلا نُوَفّق إلى الحياة الأبديّة ونعيمها الأزليّ.
 
 
نشكر الله ونحمده بشمول آل يزيد وعُبيد الله بلعنة الله وملائكته في الآخرة وبالخزي والعار في الدنيا، في حين يحتلّ الحسين عليه السلام وآله الطيبون وأصحابه قلب التاريخ البشريّ وصميم الإنسانيّة.
 
ولي وطيد الأمل أن يستفيد المارقة والقاسطة والناكثة المعاصرون في إيراننا العزيز من التاريخ، فيعودوا إلى الإسلام ويتفيّئوا بظلاله ويتعاونوا في بعث الإسلام من جديد وجني ثماره الطيّبة.
 
وأنا الذي أعتبر نفسي جُنديًّا بسيطًا من جُند الله بل وقطرة في بحر حزب الله الهائج مستعدٌّ لأقارع الأعداء والمنافقين إلى آخر قطرة من دمي، وسأجعل من: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾1 شعارًا بل أنشودة أنشدها في كلّ يوم، بل وفي كلّ لحظة.
 
وختامًا، أسأل الله تعالى دوام الصحّة والسلام لشخصكم الكريم، فيطيل عمركم الشريف ويجعلكم ذخرًا للثورة الإسلاميّة في إيران، وملاذًا لكلّ المسلمين والمستضعفين في العالم، آمين ربّ العالمين".

ابنكم السيّد عليّ الخامنئيّ



1 سورة الأنعام، الآية 162.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
70

63

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 صلاة الجمعة التاريخيّة

تُعتَبر خطابات سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ في صلاة الجمعة بطهران، دائرة معارف إسلاميَّة وسياسيَّة بحقّ... نظرًا لما تحويه من معارف إسلاميَّة وتحليلات سياسيَّة وإرشادات ونصائح اجتماعيّة وأخلاقيّة. لكنَّ المهم من بين كلِّ تلك الخطابات الخطبة الاستثنائيَّة والملحمة التاريخيَّة التي لا تُنسى أبدًا، حيث وقع انفجار بين صفوف المصلّين هزّ مركز صلاة الجمعة، سقط بسببه العشرات بين قتيل وجريح، وفي الوقت نفسه كانت طائرات الاستكبار تهدّد بقصف موقع صلاة الجمعة حيث كانت قد قصفت طهران صبيحة ذلك اليوم. المضادّات الجويَّة تحدث ضوضاء وضجّة كبيرتين. لكن وبالرّغم من كُلِّ ذلك تمكّن خطيب الجمعة سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ بعناية تامّة من الله وبقدرته المعنويَّة وسكينته القلبيَّة من تهدئة الأوضاع والاستمرار في خطبته بكلّ قوّة وصلابة وبقيت الصفوف منظّمة والمصلّون في أماكنهم، ثمّ أدّى سماحته الصلاة بطمأنينة وخشوع خاصَّين، أثار إعجاب الأعداء فضلًا عن الأصدقاء.
 
وقد أشار الإمام الراحل قدس سره في بيانه بمناسبة رأس السنة الهجريّة الشمسيّة إلى ذلك الحادث، حيث قال:
 
"إنّي لا أنسى قضية يوم الجمعة كيف مضت بعظمة ونورانيَّة وصمود وبتلك الطمأنينة، رغم أصوات المدافع المضادّة للطائرات
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
71

64

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وذلك الضجيج. إنّني كُنت ألاحظ وأنظر وبالأخصّ إلى الناس لأرى ما يحدث بينهم، فلم أر حتّى شخصًا واحدًا قد تزلزل، وفي الوقت نفسه كان إمام الجمعة يخطب بذلك الصوت الجهوريّ والناس يستمعون إليه بتلك الكيفيّة وهم يهتفون: إنّنا مستعدّون للشهادة".

 

الإمام في جبهات القتال
 
مع بدء العدوان البعثيّ الغادر على دولة الإسلام الفتيّة بتحريك القوى الاستكباريّة، واحتلاله جزءًا من الأراضي الإسلاميّة، شعر هذا العالم المجاهد بالخطر الّذي يحدق بهذه الدولة وبالمسؤوليّة الشرعيّة في الدفاع عن بيضة الإسلام، فتوجّه إلى جبهات الحرب رغم مسؤوليَّاته الجسام ومشاغله المتعدّدة. وكان من العلماء الأوائل بل من أوائل المتطوّعين الّذين التحقوا بركب الجهاد. وكان أوّل عالم دين يلبس الزِّيَّ العسكري في الجبهات، يقول سماحته:

"... سلّمونا البدلة العسكريّة. وكانت هذه المرّة الأولى الّتي ألبس فيها الزِّيَّ العسكريّ. ولعلّه لم يلبس أيُّ عالم دين حتّى ذلك الحين الزيّ العسكريّ في الجبهات، بل كان طلبة العلوم الدينيّة يتردّدون على مدينة "خرمشهر" ويوجدون في الجبهات بالزِّيَّ العلمائيّ بعد أشهر من هذه القضيّة"1.



1 كتاب (المقابلات) ص 114.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
72

65

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وكان لسماحته الدور البارز في عدم سقوط مدينة الأهواز بأيدي البعثيّين أوائل الحرب، يقول الشيخ "الرفسنجاني" عن تلك الأيّام:

 
"... ولولا ذهاب السيّد الخامنئيّ والشهيد شمران إلى الأهواز وأمرهما بحفر خندق في أطراف المدينة، ولولا مقاومة المجموعات الصغيرة من قوّات الحرس، لسقطت مدينة الأهواز أيضًا"1.
 
إذًا فقد ذهب سماحته في الأشهر الأولى من الحرب إلى الجبهات، وشارك في العديد من العمليّات غير المنظّمة، كما شارك في إحدى العمليّات العظيمة في منطقة الأهواز حيث تلقى العدوّ في تلك العمليّة ضربات مهلكة من قوات الإسلام.
 
ويذكر الإمام الخامنئيّ بعضًا من الحوادث الّتي جرت معه في الجبهات، وهي تدلّ على نوعيَّة المشاركة الكبرى:
 
"من أعزِّ الذكريات وأحلاها، ذكرى فتح مدينة سوسنكرد، والّتي لا أنساها أبدًا. فذلك اليوم كان عظيمًا ومليئًا بالحوادث عندما اقتحم الأخوة تلك المدينة وسيطروا عليها. ولقد كانت إلى ذلك الوقت من الموارد القليلة الّتي يجتمع فيها الجيش والحرس والقوى الشعبيّة وتحت قيادة مركزيَّة في الأهواز حيث كنت، وكان المرحوم الشهيد "شمران" عضوًا فعَّالًا فيها. لقد عملنا معًا وكانت ذكرى جميلة جدًّا".


 

1 مجلة (باسدار اسلام) العدد 6.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
73

66

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وإحدى الذكريات الجميلة جدًّا الّتي مرّت معنا (في الجبهات) يوم تقدّّمت القوّات العراقيّة وعبرت مدينة "سوسنكرد" واقتربت من الحميديّة للسيطرة على المعسكر الموجود هناك والّذي لم يكن يبعد عن البلدة سوى بضعة كيلومترات.

وكان قائد المعسكر ضابطًا كبيرًا قد ذاق الجنود منه أيّامًا مرّة فصرخ في وجوه الجميع قائلًا: "لماذا تقفون هكذا؟! أتنتظرون العراقيّين حتّى يأتوا ويقطعوا رؤوسكم؟!"، وذلك بدلًا من تشجيعهم وحثّهم على الصمود والمقاومة. فبدأوا ينسحبون من الممرّ الخلفيّ للمعسكر واحدًا واحدًا. تلك الليلة كانت عجيبة، حيث كنّا جالسين عندما جاؤوا بخبر عبور الدبابات العراقية لبلدة الحميديّة باتجاهنا على الأوتوستراد الّذي يؤدّي إلى الأهواز. لقد هبّ جميع الإخوة وانطلقوا نحوهم. وكانوا مجموعات من الحرس والقوى الشعبيّة والقوّات التابعة للمحافظة. ولقد بذل المحافظ ومن معه مجهودًا عظيمًا للوصول إلى تلك المنطقة. وكان من فضل الله تعالى علينا أنَّ السماء أمطرت في تلك الليلة إلى درجة حوّلت الأرض اليابسة إلى مستنقعات غرقت فيها الدبّابات العراقيّة، ما أدّى إلى فرار الضبّاط والجنود منها لينجوا بأنفسهم من الغرق، وعندها بدأ الأخوة بتدمير الدبابات واحدة تلو الأخرى بقاذفات "الآربي جي". وفي الاتّصال الهاتفيّ الّذي أجريته مع "طهران" ذكرت لهم أنّ عدد الدبابات كان يبلغ التسعين. وكان الأخ الشيخ "هاشمي" في الخطّ المقابل حيث أصرّ علينا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
74

67

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 أن نستولي على الدبابات ونأخذها. وقلت له إنَّ الأمر ليس متيسّرًا ولا نقدر عليه. فالعراقيّون لم يستطيعوا تحريك الدبّابات. ولأنّنا لم نكن قادرين على المحافظة على الدبّابات فقد اضطررنا إلى إحراقها بالكامل. وفي البداية كما ذكرت بدأ الإخوة بضربها بقذائف "الآربي جي". ولكنّهم بعدها استكثروا ذلك فاكتفوا برمي القنابل في داخلها. وأنت اليوم إذا مررت من تلك المنطقة يمكنك أن تشاهد بوضوح حطام وبقايا الدبّابات المحترقة".

لكن بعد تولّيه رئاسة الجمهوريّة، لم تتسنّ له الفرصة للمشاركة في جبهات الحرب بصورة مستمرّة، يقول سماحته:
 
"بعد تسلّمي لمنصب رئاسة الجمهوريّة لم تتسنّ لي الفرصة، وللأسف، للحضور المستمر في الجبهات سوى مرّة أو مرّتين وبصورة مؤقّتة وقصيرة"1.
 
لكن رغم كلِّ ذلك، كان سماحته ينتقل بين الحين والآخر داخل الجبهات لتعزيز معنويَّات المقاتلين الأبطال وحلِّ مشاكلهم المعنويَّة والمادّيّة والعسكريّة. كما أنّه عمل على تنسيق عمل القوّات المسلّحة خلال عمله كعضو في مجلس الدفاع الأعلى.



1 كتاب (المقابلات) ص19.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
75

68

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 وقد هنَّأه الإمام الراحل قدس سره على وجوده في جبهات القتال في البرقيّة الّتي بعثها إليه إثر تعرضه لمحاولة الاغتيال، حيث قال قدس سره:

"... وما نقموا منك إلّا أنّك جنديّ مستبسل في جبهة الحرب ومعلّم في المحراب. وإنَّني أهنّئك أيُّها الخامنئيّ العزيز على خدمتك لهذا الشعب المظلوم في جبهات الحرب بملابس القتال وخلف الجبهة بالزِّيِّ العلمائيّ...".
 
هذه النشاطات في مجال العلم والتدريس والجهاد وخدمة الناس كلّها جعلت من سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ محورًا للجهاد في مشهد بالتدريج. يُتّصل به من جميع مناطق إيران، وهو بدوره كان على ارتباط بسائر المناطق. لذا كان السافاك يُبدي حساسيّة شديدة تجاهه، فعُطّل درسه في التفسير عدّة مرّات. لكنَّ سماحته كان يشرع في مكان آخر، وبشكل آخر، ما يضطرّ السافاك من جديد إلى منعه مرّة أخرى. فكان لهذه النشاطات الأثر الكبير على نفوس الشعب وفضح الجهاز المتجبّر. وكان يُحَاصر منزله أحيانًا، وإن كان منزله مُراقبًا في أغلب الأوقات لمعرفة المتردّدين عليه، ولا يُسمح لأحد بأن يلتقي به.
 
لذا ذاع صيته في الفضل والكمال والشجاعة في أقصى مناطق إيران، وكثُرت عليه الدعوات من أكثر المدن في إيران كأصفهان وكرمان يزد وغيرهما، إلى جانب طهران لإلقاء الخطابات والمحاضرات في مجالس أهلها، فما كان من سماحته إلاّ أن استفاد من هذه الفرصة لتبيين أفكار
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
76

69

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 الإسلام الثوريّة وبيان الحقائق وقضايا الساعة ولزوم الجهاد والثورة.

وما زالت محاضراته في الجمعيّات الإسلاميّة ولدى الطلبة الجامعييِّن والهيئات الدينيِّة النشطة، كهيئة أنصار الحسين عليه السلام بطهران، باقية في الأذهان، ومن جملتها محاضرات شهر رمضان بمدرسة الشيخ عبد الحسين في بازار طهران عام 1969م تحت عنوان "شروط وأركان الثورة".
 
وكان الرأي السائد آنذاك، هو أنَّ تشديد الجهاد المسلّح مفيد وذو تأثير كبير. وكان يُطلق على جهاد العلماء حتّى تلك الفترة عنوان "نهضة العلماء"، دون ذكر مصطلح الثورة. لكنَّ سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله تحدّث في هذه المحاضرات في عشرين يومًا ونيّف عن الثورة بكلّ صراحة.

مسؤوليّاته بعد انتصار الثورة
 
1. مهمّة إلى محافظة سيستان وبلوشستان:
أُرسل سماحته في فروردين (1979م) من قِبَل الإمام قدس سره في مهمَّة إلى محافظة سيستان وبلوشستان لمتابعة ومعالجة الأوضاع هناك. وتمكَّن من تقديم خدمات قيّمة لأهالي تلك المحافظة المحرومة.
 
2. وكيل وزارة الدفاع:
عُيّن سماحته عضوًا في مجلس الدفاع ممثّلًا لمجلس قيادة الثورة عام 1979م، ثم عُيّن في العام نفسه وكيلًا لوزارة الدفاع. وقد أدّى خدمات
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
77

70

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 جليلة في المسؤوليَّات الّتي أوكلت إليه، ومنها ما نسمعه على لسانه:

"لقد وصلت الحكومة المؤقّتة إلى هذه النتيجة وهي أنَّه لا فائدة من مقارعة أميركا الدولة الغنيّة والمقتدرة والتي لا تتدخّل في شؤوننا. هكذا كان تفكير الحكومة المؤقّتة. ومن نتائج هذا التفكير بقاء مجموعة من الأمريكيّين في القوّة الجويّة لفترة طويلة دون أن نعلم ذلك. بعدها كانت إحدى القضايا الّتي طرحت في مجلس الدفاع الأعلى، حيث كنت عضوًا فيه ومهدي بازركان رئيسًا، هي اقتراح للأميركيّين المستقرّين في القوّة الجويّة يقضي بتبديل اسم مكتب المستشاريّة العسكريّة من اليوم فصاعدًا، واعتبار العاملين ليسوا مستشارين عسكريّين، ويجب اختيار تسمية جديدة للمكتب، واقترحوا أربعة أسماء...".
 
غضب سماحة آية الله الخامنئيّ دام ظله لهذا الموضوع غضبًا شديدًا. فما استطاعت الحكومة المؤقّتة تمرير خطّتها في إبقاء الأميركيّين مع تغيير صفتهم فقط.
 
 
3. قيادة حرس الثورة:
 
في 1/2/1979م أصبح سماحة السيد قائدًا لحرس الثورة الإسلاميَّة، إثر وقوع بعض الخلافات بين صفوف الحرس لم يتمكّن أحد من حلّها، فاستطاع سماحته بعد تسلّمه المسؤوليّة من حلّ المشاكل.
وفي عام (1980م) أصبح ممثّلًا للإمام الخمينيّ قدس سره في مجلس الدفاع الأعلى.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
78

71

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 4. إمام جمعة طهران:

بعد رحيل آية الله الطالقاني عام (1980م)، أصدر الإمام الخمينيّ قدس سره حكمًا عيَّن بموجبه سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ إمامًا لجمعة طهران، وجاء في جانب من بيان الإمام قدس سره:
 
"نظرًا لماضيكم المشرّف وأهليَّتكم علمًا وعملًا، فقد تقرّر تعيين سماحتكم إمامًا لصلاة الجمعة في طهران".
 
5. عضويّة مجلس الشورى الإسلاميّ:
مع بدء أوّل انتخابات لمجلس الشورى الإسلاميّ، رُشّح سماحته عن مدينة طهران من قبل الائتلاف الكبير المكوّن من رابطة العلماء المجاهدين في طهران وحزب الجمهوريَّة الإسلاميَّة ومنظّمة مجاهدي الثورة الإسلاميَّة، وبعض الجمعيَّات والمنظَّمات والجماعات الإسلاميَّة الأخرى، واستطاع دخول المجلس بإحراز الأكثريّة الساحقة للأصوات (1،400،000 صوت).
وفي عام (1980م) انتخب ممثّلًا للإمام الخمينيّ قدس سره في مجلس الدفاع الأعلى.
 
6. رئاسة الجمهوريّة:
بعد استشهاد الشهيدين رجائي وباهنر، رُشّح سماحته من قِبَل العلماء وسائر المؤسّسات الثوريَّة لرئاسة الجمهوريَّة، وانتُخب في 5/10/1981م ثالث رئيس للجمهوريَّة الإسلاميَّة بعد حصوله على أكثرية ساحقة من
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
79

72

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 الأصوات، وتسلّم رئاسة الجمهوريَّة في وقت كانت ظروف البلاد فيه حسّاسة وخطيرة، فاستشهاد 72 من النخبة المؤمنة، واستشهاد رجائي وباهنر في انفجار مقرّ رئاسة الوزراء، والانفجارات والاغتيالات المتوالية والآثار السّيئة الّتي تركتها رئاسة بني صدر للجمهورية، والمشكلات الناجمة عن احتلال جزء من الوطن الإسلامي من قبل البعثيِّين والحصار الاقتصادي، اجتمعت كلّها فخلقت ظروفًا صعبة ومعقّدة.

لكن تمَّ بعون الله وبالقيادة الحكيمة للإمام الراحل رحمه الله والجهود المخلصة للمسؤولين وفي مقدّمتهم رئيس الجمهوريّة سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ وعزيمة وتضحية أبناء الشعب التغلّب على الكثير من المشاكل، فخرجت البلاد بعد ثماني سنوات من رئاسة سماحته للجمهوريّة مرفوعة الرأس ومقتدرة وثابتة.
يُذكر أنَّ سماحة الإمام الخامنئيّ قد شغل المناصب التالية أيضًا:
ـ رئاسة مجلس تشخيص مصلحة النظام.
ـ رئاسة مجلس الثورة الثقافيَّة.
ـ رئاسة مؤتمر أئمّة الجمعة والجماعات.
ـ الأمانة العامّة لحزب الجمهوريَّة الإسلاميَّة( قبل تجميده).
ـ كما شغل منصب النائب الأوّل لرئيس مجلس الخبراء ومجلس إعادة النظر في الدستور.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
80

73

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 القيادة وولاية الأمر

أكّد سماحة الإمام الخميني قدس سره مرارًا على أهليَّة سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ للقيادة. وفي ذلك ينقل حجَّة الإسلام والمسلمين الشيخ الهاشمي الرفسنجاني:
"خلال اجتماعنا مع سماحة الإمام قدس سره وبحضور رؤساء القوى الثلاث والسيّد رئيس الوزراء والحاج السيّد أحمد، تمّت مناقشة هذا الموضوع، وهو أنّه إذا وقعت هذه القضيّة (وفاة الإمام)، فسوف نواجه مشكلة دستوريّة، لأنَّه لا يمكن أن يطرأ فراغ في القيادة، فقال الإمام: "سوف لن يطرأ فراغ في القيادة، وعندكم القائد". فقيل: ومن هو؟ قال الإمام بحضور آية الله الخامنئيّ: إنه السيّد الخامنئيّ.
وقد ذهبت يومًا بصورة خاصّة إلى الإمام قدس سره، وكانت لي بعض الجرأة لأطرح القضايا كما هي، فتحدّثت معه حول خلافة القائد والمشاكل الّتي قد تطرأ، فردّ الإمام بكلّ صراحة: "إنَّكم لن تواجهوا طريقًا مسدودًا، ومثل هذا الشخص (آية الله الخامنئيّ) بين ظهرانيكم، فلماذا تجهلون ذلك؟".
ويقول السيّد أحمد الخميني قدس سره: "عندما سافرآية الله العظمى الخامنئيّ إلى كوريا، كان الإمام يتابع وقائع الزيارة من على شاشة التلفزيون، وقد أثار اهتمامه كثيرًا ذلك الاستقبال الذي أقامه الشعب الكوري وأحاديث ومباحثات السيّد الخامنئيّ دام ظله في تلك الزيارة وقال:
"حقًّا إنّه جدير بالقيادة".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
81

74

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 ويبدو أنَّ خطاب الإمام قدس سره لسماحة آية الله العظمى الخامنئيّ الذي يقول فيه: "إنّني أضطرب جدًّا عندما تسافر حتّى تعود، فلا تُكثر من السفر" هو من الإلهام الإلهيّ والغيبيّ.


وبرحيل الإمام الخمينيّ العظيم قدس سره في الساعة (10:20) من مساء يوم السبت 3 حزيران 1989م، عقد مجلس الخبراء في صباح اليوم التالي جلسة طارئة بحضور جميع الأعضاء، ولم تمض عشرون ساعة على الجلسة حتّى تمّت مبايعة آية الله العظمى الخامنئيّ دام ظله وليًّا لأمر المسلمين وقائدًا للثورة الإسلاميّة بـ(60) صوتًا مؤيِّدًا من مجموع (74) خبيرًا حضروا الاجتماع.

بيان مجلس خبراء القيادة

وقد أصدر مجلس الخبراء في ختام اجتماعه الطارئ بيانًا تاريخيًّا مهمًَّا هذا نصُّه:


بسم الله الرّحمن الرّحيم


"بعد تقديم مجلس الخبراء التعازي برحيل إمام الأمَّة وقائد الجمهوريَّة الإسلاميَّة في إيران ومؤسِّسها، ومع الإدراك العميق لمسؤوليَّته التاريخيَّة، بالنظر للموقع الرفيع والحسَّاس لمنصب القيادة في نظام الجمهوريَّة الإسلاميَّة في إيران، ومع الاهتمام البالغ الّذي أولاه سماحة إمام الأمَّة ومؤسّس الجمهوريَّة الإسلاميَّة في إيران (رضوان الله تعالى عليه) في نداءاته وبياناته المتكرّرة، وخاصة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
82

75

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 أوامره وإرشاداته بشأن القيادة، وبالنظر للأسس المتعلّقة بالدستور، ومع الإحساس الكامل بمؤامرّات الخنَّاسين وأعداء الإسلام في الداخل والخارج تجاه مستقبل النظام الإسلاميّ المقدّس، ومن أجل الاستعداد اللازم لمواجهة أيَّة حادثة، وبالنظر للظروف الداخليّة والخارجيّة، وباستلهام المضامين الربَّانيَّة الرفيعة لوصيّة سماحة إمام الأمّة الإلهيَّة السياسيَّة المهمَّة جدًّا، فإنَّه (أي: مجلس الخبراء) انتخب في اجتماعه الطارئ، المنعقد بتاريخ (14/3/86هـ.ش) سماحة آية الله السيّد عليّ الخامنئيّ لقيادة نظام الجمهوريَّة الإسلاميَّة في إيران بأكثريَّة أربعة أخماس الأعضاء الحاضرين، 60 صوتًا مؤيّدًا من 74 عضوًا حاضرًا".


يقول آية الله بني فضل عضو مجلس الخبراء وأحد كبار علماء قمّ، إنَّ الأربعة عشر خبيرًا الّذين لم يُصوِّتوا لصالح آية الله العظمى الخامنئيّ، لم يكن لديهم أدنى تحفّظ على قيادته، بل كانوا يعتقدون بأرجحيّة القيادة الجماعيّة والّتي يكون آية الله العظمى الخامنئيّ على رأسها.

واستطاع سماحته خلال الأعوام الماضية من قيادته الحكيمة تسيير دفّة الثورة والسير بها على نهج الإمام الراحل قدس سره وعلى خطّه الإسلاميّ الأصيل؛ لأنَّه ابن الإمام البارّ وتلميذه وأحد أقرب أصحابه، ولأنّه هو القائل: "إنَّ الخطوط الرئيسة للثورة هي تلك الّتي رسمها الإمام، أمّا الأعداء السُّذّج الطامعون ذوو القلوب العمياء والذين ظنّوا أنَّه برحيل الإمام يبدأ عصر جديد بمعالم جديدة متميّزة عن عصر الإمام
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
83

76

مـــــــــــن الـــــــــــــــولادة إلــــــــــــــى القــــيــــادة

 الخمينيّ قدس سره فهم مخطئون.


إنّ الإمام الخمينيّ حقيقة حيَّة دائمًا، اسمه لواء هذه الثورة، وطريقه طريق هذه الثورة وأهدافه أهداف هذه الثورة".



 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
84

77

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله السيّد جعفر الحسيني الكريمي بالأعلميّة 1

 
بسم الله الرّحمن الرّحيم‏
 
بعد السلام عليكم أيُّها الأخوة الكرام أيّدكم الله تعالى والدعاء لكم بخير الدنيا والآخرة.
أمَّا ما سألتم من أعلميَّة السيِّد القائد وليِّ أمر المسلمين آية الله العظمى السيّد الخامنئيّ دام ظله فأقول إنِّي طيلة سنين أجالس السيِّد القائد، وأشترك في جلسة شورى الإفتاء في محضر جنابه مع حضور عدّة من الفقهاء العظام المعروفين (دامت إفاضاتهم) فرأيت السيِّد القائد دام ظله أدقّ نظرًا وأسرع انتقالًا وأقوى استنباطًا للفروع من الأصول من غيره من المراجع العظام (حفظهم الله تعالى). فإن كان ذلك هو الميزان في الأعلميَّة كما هو كذلك، فهذا الميزان قد لمسته من مباحثات السيّد القائد دام ظله. ومن هنا أعترف وأشهد بأنَّه أعلم أقرانه المعاصرين، نَفعنا الله تعالى وإيَّاكم بزعامته وإفاضاته وإرشاداته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.
 
السيّد جعفر الحسيني الكريمي
26/11/1419هـ



1 عضو جامعة المدرّسين وأحد أساتذة البحث الخارج في قمّ المقدسة وعضو مجلس شورى الإفتاء في مكتب الإمام الخامنئيّ. حضر أبحاث السيّد الخوئي قدس سره مدّة 24 عامًا وأبحاث الإمام الخميني قدس سره 14 عامًا.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
86

78

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

87


79

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله الشيخ أحمد جنّتي بالأعلميّة 1

 
باسمه تعالى‏
 
ملاك الأعلميّة عندي أن يكون الفقيه أقدر على استنباط الأحكام من مصادرها وأدلّتها الشرعيَّة مع ملاحظة الزمان والمكان والمقتضيات. وأنا لا أعرف في المرشّحين للمرجعيَّة اليوم أقوى وأقدر من السيِّد القائد دام ظله. أضف إلى ذلك أنَّ المسألة اليوم مسألة الإسلام والكفر لا مسألة الأحكام الفرعيّة فحسب، فليتّق الله امرؤ ولينظر في عواقب الأمور ومكائد الشياطين وعدائهم للإسلام وعزمهم على هدم أركانه وتحطيم المسلمين الأصيلين المحمديِّين، والله من ورائهم محيط، ربَّنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.
 
أحمد جنّتي
6/رجب/1414هـ



1 رئيس مجلس صيانة الدستور في الجمهورية الإسلاميّة. إمام جمعة طهران المؤقّت.عضو مجلس الخبراء، و عضو جامعة المدرّسين.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
88

80

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

89


81

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله الشيخ محمد يزدي بالأعلميّة 1

 
بسم الله الرّحمن الرّحيم‏
 
في ظلِّ الخلاف الحاصل بين الفقهاء العظام في معنى الأعلميَّة وكيفيَّة إحرازها فإنِّي أعتقد أنَّ آية الله الخامنئيّ دام ظله هو الأعلم والأقوى من حيث المجموع بالنسبة إلى العلوم والأمور اللازمة في التقليد والقيام بأعباء مرجعيَّة الأمَّة الإسلاميَّة.
وعليه، يمكنكم تقليده في كلِّ المسائل الّتي هي مورد الحاجة كما كنت قد كتبت ذلك سابقًا.
 
محمد يزدي
18/12/77هـ.ش‏



1 عضو مجلس صيانة الدستور في الجمهورية الإسلاميّة وعضو مجلس الخبراء ورئيس السلطة القضائيّة السابق.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
90

82

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

91


83

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله الشيخ محمّد علي التسخيري بالأعلميّة 1

 
باسمه تعالى‏
 
سماحة آية الله التسخيري، ما رأي سماحتكم حول تقليد قائد الثورة الإسلاميّة وليّ أمر المسلمين السيِّد عليّ الخامنئيّ دام ظله ؟
 
بسم الله الرّحمن الرّحيم‏
والصلاة والسلام على محمّد سيِّد النبييِّن وآله الطاهرين المعصومين، وبعد، فقد طلب مني بعض إخواني المؤمنين أن أُبدي رأيي بصراحة في مسألة تقليد سيِّدي الكريم وقائد المؤمنين ووليِّ أمر المسلمين سماحة آية الله العظمى السيّد عليّ الخامنئيّ دام ظله على رؤوس المسلمين. وإنِّي بعد معرفتي بعلمه العزيز ورأيه السديد في مختلف مجالات الشريعة الإسلاميَّة، ونظراته في الفرد والمجتمع، أشهد بأعلميَّته وبذلك يتعيَّن عندي تقليده، حفظه الله تعالى، والله على هذا شهيد.
أسأل الله جلَّ وعلا أن يوفّقه لإعلاء شأن الرسالة وقيادة هذه الأمّة لِما فيه علاؤها وسؤددها وتحقيق الأهداف الّتي رسمها الإمام الخمينيّ الراحل قدس سره والله وليّ التوفيق
محمّد علي التسخيري
6/ذو الحجة/1418هـ مكة المكرمة. 



1 رئيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
92

84

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

93


85

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله الشيخ محمّد إبراهيم جنّاتي بالأعلميّة 1

باسمه تعالى‏
 
لقد ظهرت هذه الحقيقة في المباحث الفقهيَّة والتحقيقيَّة حول المرجعيَّة أنَّه يجب أن يتحرّك أمر المرجعيَّة صوب العمل المنظّم بحيث إنَّه إذا تصدى فقيه للمرجعيَّة، وجب عليه التحرّك على أساس هيكليّة خاصّة ليأتي المرجع من بعده ويتحرّك في عمله على نفس الأساس، وأن يتمّ الاستفادة الحسنة من المصادر والجهاز المرجعيّ في أبعاده المادّيّة والمعنويّة، السياسيَّة والاجتماعيَّة في عمل مؤسسيّ منظّم، لا أن تفقد هذه الدخائر بالتشتّت والفرقة. وفي رأيي فإنَّ من لوازم العمل المنظّم للمرجعيَّة هو الوحدة بين المرجعيَّة والقيادة في شخص القائد. فيجب السعي في هذا المجال وإيجاد تحوّل في ثقافة واعتقاد الناس حول المرجعيَّة لأنَّه بانتصار الثورة الإسلاميَّة، أصبح الحكم للنظام الإسلاميّ لا للرسالة العمليَّة، وإنَّ هذا العصر يختلف عن الأعصار السابقة والمرجع بحاجة إلى الاطّلاع على مسائل الحكومة، لأنَّه يجب على الفقيه الجامع للشرائط إدراك متطلبات المجتمع والعالم. وفي الوقت الراهن فإنَّ هذا الأمر لم يتحقّق في أحد سوى قائد الثورة الإسلامية، فهو فقيه عادل بصير مدير مدبّر وعالم بزمانه و... لذا وجب اليوم طرح الأصلح



1 مجتهد بإجازة السيّد محمود الشاهرودي، وعضو مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، ومن مدرّسي البحث الخارج في قم المقدسة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
94

86

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 لا الأعلم. ولو سلم أنَّ الأعلميَّة شرط في المرجعيَّة يجب ملاحظة الأعلم من حيث المجموع، لأنّ من شروط التصدّي للمرجعيَّة الاطّلاع والبصيرة بزمانه. ويجب أن يتمتّع المرجع بقوّة الإدراك للتحوّلات والعلاقات الخارجيَّة والداخليَّة. وفي رأيي فإنَّ الأصلح والأعلم من حيث المجموع هو سماحة آية الله الخامنئيّ (مدّ ظلّه العالي).

محمّد إبراهيم جنّاتي
26/جمادي الثانية/1415هـ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
95

87

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة ثانية لآية الله الشيخ إبراهيم جنّاتي

باسمه تعالى‏

من المسلّم أنَّ الأعلمية شرط في المرجعيَّة والأعلم يجب أن يلاحظ من حيث المجموع، لأنَّ من الشروط هو المعرفة والتبصُّر بأمور الزمان. ويجب أن تتوفّر في المرجع القدرة على إدراك المتغيِّرات والعلاقات الخارجيَّة والداخليَّة. فبنظري الأصلح والأعلم من حيث المجموع هو حضرة آية الله الخامنئيّ (مدّ ظلّه العالي).

محمّد إبراهيم جنّاتي
9/9/73هـ.ش.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
96

88

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

97


89

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 بيان جامعة المدرّسين‏


بعد رحيل المرجع الأعلى بقيَّة السلف الصالح آية الله العظمى الشيخ الأراكي (رضوان الله عليه) اجتمع أعضاء جامعة مدرّسي الحوزة العلميّة في حوزة قمّ المقدّسة وصدر عنهم بيان جاء فيه:
 
بسم الله الرحمن الرحيم‏
موضوع المرجعيّة من أعظم المسائل التي لا يمكن أن تنفكَّ وتنفصل عن مصالح المسلمين واستقلالهم وعظمتهم ولا أن تناقش ويقرّر أمرها بدون الالتفات إلى دسائس ومؤامرات الكفر والاستكبار ضدّ الإسلام.
لذا، فإنَّ جامعة المدرِّسين لحوزة قمّ العلميَّة وفي جلسات متعدّدة بحثت وتبادلت وجهات النظر حول هذا الموضوع إلى أن توصّلت بتاريخ 11/9/73هـ.ش إلى أنّ حضرة الآيات السادة المذكورة أسماؤهم واجدون لشرائط المرجعيَّة، والتقليد لأيٍّ منهم جائز والله العالم:
1 آية الله الحاج الشيخ محمّد فاضل لنكراني.
2 آية الله الحاج الشيخ محمّد تقي بهجت.
3 آية الله الحاج السيّد عليّ الخامنئيّ (قائد الثورة الإسلاميّة).
4 آية الله الحاج الشيخ حسين وحيد الخراساني.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
98

90

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 5 آية الله الحاج الشيخ جواد تبريزي.

6 آية الله الحاج السيّد موسى زنجاني.
7 آية الله الحاج الشيخ ناصر مكارم شيرازي.
دامت بركاتهم
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
99

91

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله السيّد عباس خاتم يزدي‏ 1

بسم الله الرّحمن الرّحيم‏
 
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف أنبيائه نقول مستعينًا بالله العليّ القدير، إجابة لطلب إخواننا المؤمنين أعزَّهم الله تعالى، إنَّه بعد العناية بأهميَّة مقام النيابة عن صاحب الأمر الإمام الحجَّة (صلوات الله عليه وعلى آبائه المعصومين) لا سيّما في الوقت الراهن العصيب، ومع الالتفات إلى ما يعتبر شرعًا في نيل هذا المنصب الإلهيّ الخطير من الشرائط الخاصّة الهامّة، ونظرًا لما أحرزناه وانكشف لدينا من توفّر المؤهّلات الشرعيّة للمرجعيّة والتقليد في شخص زعيم الأمّة قائد الثورة الإسلاميّة العلامة المجاهد الفقيه المتضلع آية الله السيّد عليّ الحسينيّ الخامنئيّ (دامت بركاته المتتالية)، نرى أنَّ تقليد المعظّم له (أدام الله ظلّه الوارف) لا إشكال فيه ومجزئ ومبرئ للذمّة إن شاء الله.
 
السيّد عبّاس خاتم يزدي‏
حررناه بتاريخ 27 جمادي الثانية 1415هـ



1 عضو جامعة المدرّسين. عضو مكتب استفتاء الإمام (رضوان الله عليه) والسيّد القائد حاليًّا.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
100

92

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

101


93

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله السيّد محمود الهاشمي‏1

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم‏
فيما يتعلّق بسؤالكم حول مرجعيَّة سيِّدنا القائد وليِّ أمر المسلمين آية الله السيّد على الخامنئيّ (حفظه الله تعالى وأدام ظلاله على رؤوس الأمّة) فقد أشرنا بذلك في برقيَّتنا السابقة إلى سماحته عند وفاة المرجع الكبير المرحوم آية الله العظمى السيِّد الكلبيكاني قدس سره وأكّدنا فيها المبرّرات الّتي تدلّل على صلاح ذلك للإسلام والمسلمين وأنَّ فيه جمعًا للشمل وتعزيزًا لراية الحقّ والهدى وقصمًا لكيد الأعداء والكافرين. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يمدَّ في عمره الشريف وأن يمتع الأمَّة الإسلاميَّة بقيادته الرشيدة ومرجعيَّته الصالحة حتّى ظهور بقيَّة الله الأعظم إمام زماننا (أرواحنا فداه)... والسلام عليكم وعلى جميع المؤمنين وعباد الله الصالحين ورحمة الله وبركاته.
محمود الهاشمي
27/جمادي الثانية/1415هـ



1 رئيس السلطة القضائيّة سابقاً عضو تشخيص مصلحة النظام في الجمهوريّة الإسلاميّة وتلميذ الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
102

94

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

 

103


95

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله حسين راستي كاشاني‏1

 

باسمه تعالى‏
بعد الحمد والصلاة وتقديم التعزية إلى محضر حضرة بقيّة الله الأعظم إمام الزمان (أرواحنا فداه) وإلى المقام المعظّم للقائد دام ظله أعرض كجواب عن السؤال المذكور أنَّ وجوب الاتّباع والإطاعة لوليِّ أمر المسلمين حضرة آية الله الخامنئيّ في الأحكام المتعلّقة بالجامعة الإسلاميَّة (الفقه الحكومتي) ليس خافيًا على أحد، وأمَّا في الأحكام الفرديّة (وإن كان سماحته في بيان التعزية قد قال إنّ في حوزة قمّ المقدسة مجتهدين جامعين لشرائط التقليد ولكن) في الوقت الراهن حيث إنَّ تشخيص الأعلم ولو احتمالًا متعذّر أو متعسّر فإنَّ تقليد السيّد المعظّم الحافظ والحارس لمصالح الإسلام والمسلمين مجزى‏ء ومبرى‏ء للذمّة بل الأولى بالالتفات إلى مؤامرات أعداء الإسلام وخوف التفرقة في صفوف المؤمنين.
يجب على المسلمين المحافظة على الوحدة الّتي تعتبر عطيّة إلهيَّة وأن يُبقوا دائمًا نصب أعينهم مضمون كلام الله المتعال والآيتين الشريفتين:
 
1 ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾.
 
2 ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾. 



1 عضو جامعة المدرسين، عضو مكتب استفتاء الإمام الخميني (رضوان الله عليه) ومكتب السيّد القائد حاليًّا، عضو مجلس الخبراء.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
104

96

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 وبذلك تتحقّق عزّة وعظمة واستقلال الإسلام والمسلمين في جميع الجهات ولله الحمد.

حسين راستي كاشاني
27/جمادي الثانية/1415هـ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
105

97

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله الشهيد السيّد محمّد باقر الحكيم‏ 1

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم‏
إنِّي في الوقت الّذي أبادلكم التعزية بفقد هذا العالم الربّاني، أسأله تعالى أن يسدّ هذه الثغرة والثلمة بالسادة العظام من الكبار الأعلام وفي مقدّمتهم سيِّدي آية الله العظمى السيّد الخامنئيّ. ولا شك أنَّ سماحته بما يتمتّع به من صفات معنويّة عالية من العلم والتقوى والخبرة والوعي والفهم الدقيق للأوضاع السياسيَّة والاجتماعيّة والشجاعة والقدرة على تشخيص المصالح الإسلاميّة والموضوعات الشرعيَّة، كذلك الموقع القياديّ المتميِّز في النهضة الإسلاميَّة يصلح لمنصب القيادة والمرجعيَّة الدينيَّة العامّة لعموم المسلمين والمؤمنين بشكل خاصّ بل يتعيّن الرجوع إليه في الأمور الدينيّة ذات الصلة بالأمور الاجتماعيَّة والسياسيَّة العامة.
وإنَّ الالتفاف حول قيادته ومرجعيَّته الدينيَّة فيه مصلحة كبيرة للإسلام والأمّة الإسلاميَّة. أسأله تعالى لكم ولجميع الأخوة الأفاضل التوفيق والتسديد وللمسلمين والمؤمنين النصر والعزّة والكرامة.
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏
محمد باقر الحكيم
17/جمادي الثانية/1415هـ



1 رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلاميّة في العراق. نجل المرجع الكبير المرحوم السيّد محسن الحكيم (رض).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
106

98

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

 

107


99

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة أخرى لآية الله مرتضى بني فضل‏

 

باسمه تعالى شأنه العزيز
 
بعد السلام والتسليم، ورفع التعزية إلى سماحة بقيّه الله الأعظم أرواحنا فداه بمصابنا بالمرجع الأعلى آية الله العظمى الأراكي قدس سره فليُعلم أنَّ جمعًا كثيرًا من خبراء العلماء في كلِّ إيران، وبالخصوص في الحوزة العلميّة بقمّ، وكانوا يبلغون سبعين ونيّفًا لقد أحرزوا يوم وفاة الإمام الخمينيّ قدس سره أنَّ آية الله الخامنئيّ دام ظله صالح لأن يستفتي المؤمنون منه مسائلهم في أبواب مختلفة من الفقه الإسلاميّ بجميع أبعاده. ولذا أرى أنَّ سماحته أولى لأن يكون مرجع المسلمين في زماننا كما أنَّه قائدهم المعظَّم وفيه تقوية للإسلام وعزُّ للمسلمين، ورغم أنف أعداء الإسلام. اللهمَّ انصر الإسلام والمسلمين في جميع العالم، والسلام عليكم والرحمة.


مرتضى بني فضل
26/جمادي الثانية/1415هـ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
108

100

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

109


101

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله الشيخ عبّاس محفوظي 1‏

 

باسمه تعالى‏
بالأخذ بعين الاعتبار الشروط الّتي ينبغي تحقّقها في الفقيه أعتبر تقليد المجاهد حضرة آية الله الخامنئيّ جائزًا.
عبّاس محفوظي‏
 



1 عضو مجلس الخبرا، وأستاذ في الحوزة العلمية، قم المقدسة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
110

102

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

111


103

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله السيّد علي أكبر قرشي‏ 1

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم
وصلّى الله على رسوله وأهل بيته الطاهرين
إنَّني أرى أنَّ مرجعيَّة وجواز تقليد سماحة القائد المعظَّم حضرة آية الله الخامنئيّ (مدّ ظلّه العالي) أمر مُسَلَّم.
 
 
سيد علي أكبر قرشي
27/جمادي الثانية/1415هـ 



1 عضو مجلس الخبراء، وأستاذ في الحوزة العلمية، قم المقدسة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
112

104

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

113


105

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله أحمد صابري الهمداني 1

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم‏
 
بعد شهادة جمع من العلماء العظام وفضلاء الحوزة العلمية والآيات العظام بفقاهة القائد المعظَّم آية الله الخامنئيّ دام ظله واجتهاده وقدرته الكاملة على استنباط الأحكام الشرعيَّة لا أرى بأسًا ولا إشكالًا في تقليده، بل أرى ذلك أنسب وأصلح مع التوجّه والالتفات إلى المصاعب الموجودة بين المسلمين والمصائب المؤلمة الجارية فيهم، لأنَّه حفظه الله وأطال عمره فقيه عالم ورع بصير يليق ويستحقّ أن يكون مرجعًا دينيًّا كما كان ويكون زعيمًا وقائدًا سياسيًّا.
أحمد صابري الهمداني
بتاريخ 27/جمادي الثانية/1415هـ



1 من المجتهدين المعروفين في حوزة قمّ المقدّسة. مقرّر أبحاث المقدّس السيّد الكلبايكاني قدس سره. حضر عنده أكثر من ثلاثين سنة. حضر أبحاث السيّد البروجردي أكثر من عشر سنوات، وحضر دروس الإمام الخمينيّ ثلاث سنوات.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
114

106

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

 

115


107

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله الشيخ رضا استادي‏ 1

 

باسمه تعالى‏
 
بعد التوجّه لمصلحة العالم الإسلاميّ والتشيّع وبعد الالتفات لوجوب حماية وحفظ النظام الإسلاميّ المبارك، أعرف آية الله الحاج السيّد عليّ الخامنئيّ قائد الثورة الإسلاميّة دامت بركاته، باعتباره أحد المجتهدين الجامعين لشرائط المرجعيَّة الّذين نستطيع أن نعرفهم للمرجعيّة والتقليد.
 
رضا استادي
جمادي الثانية/1415هـ



1 عضو جامعة المدرّسين ومن الأساتذة المعروفين في حوزة قمّ المقدّسة، وهو إمام الجمعة في مدينة قم المقدسة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
116

108

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

117


109

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله أسد الله إيماني‏ 1

 

باسمه تعالى‏
بعد تقديم التعزية برحلة شيخ الفقهاء والمجتهدين حضرة آية الله العظمى الأراكي لمحضر حضرة بقيّة الله أرواحنا فداه ولمقام القائد المعظّم ولعموم الشيعة في الجواب عن السؤال أقول إنَّه وبالالتفات إلى آراء الأساتذة المحترمين في حوزة قمّ العلميّة والكثير من العلماء في البلاد والقائلة بصحّة تقليد عموم المؤمنين والشيعة لحضرة آية الله العظمى الخامنئيّ (دامت بركاته) في المسائل الشرعيّة، ورأي مجلس الخبراء في جلسته الأولى القائل بأهليّة السيّد المعظّم لإدارة أمور المسلمين والإفتاء في المسائل الحكومتيّة (والّتي هي من أهم مسائل الحياة الفرديّة والاجتماعيّة) فإنَّ رجوع عموم الشيعة والمؤمنين إلى السيِّد المعظَّم في أخذ الفتاوى الشرعيّة سيكون صحيحًا ومبرئًا للذّمة إن شاء الله.
 
أسد الله إيماني
13/9/73هـ.ش.‏



1 عضو مجلس الخبراء، وممثّل القائد في محافظة فارس، وإمام الجمعة في مدينة شيراز.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
118

110

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

119


111

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله الشيخ عبّاس واعظ طبسي‏

 

باسمه تعالى‏
 
برأيي، وبالالتفات إلى الأثر المهمّ للمرجعيَّة في تأمين مصالح الأمّة والمجتمع الإسلاميّ والمكانة الخاصّة لها، وبالالتفات إلى مقدراتها السياسيَّة والتبليغيَّة والمادّيّة ومواجهتها لخبث القوى المتسلّطة والمستكبرة، ومع ملاحظة جميع المعايير والأصول العلميّة والفنّيّة، فإنَّ تقليد حضرة آية الله الخامنئيّ مجزئ ومبرئ للذّمة وأقوى للنظام والحكومة الإسلاميّة، والسلام على جميع إخواننا المؤمنين.
 
عبّاس واعظ طبسي‏
29/جمادي الثانية/1415هـ 17/9/73.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
120

112

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

121


113

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله إسماعيل فردوسي بور 1
 
 
باسمه تعالى‏
 
بسم الله وله الحمد والصلاة على محمد وآله.
بالالتفات إلى رأي المدرّسين المحترمين في حوزة قمّ العلميّة وبيان جماعة العلماء المجاهدين في طهران (أيّدهم الله) وجمع كثير من علماء البلاد، ومع اختيار مجلس الخبراء المحترم لسماحة آية الله العظمى الحاج السيّد عليّ الخامنئيّ دام ظله لمركز قيادة الثورة الإسلاميّة وخليفة للإمام الراحل قدس سره، التقليد لسماحة آية الله العظمى الخامنئيّ في كلِّ المسائل لا إشكال فيه ومبرى‏ء للذمّة.
أسأل الله أن يطيل في العمر المبارك للسيِّد العظيم حتّى ظهور حضرة الإمام المهديّ روحي له الفداء.
إسماعيل فردوسي بور



1 عضو مجلس الخبراء.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
122

114

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

 

 

 

 

123


115

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 بيان جماعة العلماء المجاهدين‏

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم‏
 
بعد رحلة المرجع الأعلى آية الله العظمى الشيخ الأراكي (رضوان الله عليه) اجتمعت الشورى المركزيَّة لجماعة العلماء المجاهدين في طهران وصدر عنها بيان هامّ ومطوّل نذكر مقطعًا هامًا منه:
بالالتفات إلى المطالب المذكورة، فإنَّ جماعة العلماء المجاهدين في طهران وضمن الاحترام والإكرام لجميع الشخصيَّات العلميَّة والفقهيَّة، لا سيِّما مدرّسي وعلماء حوزة قمّ المقدّسة، وضمن تقديم التعزية بوفاة الفقيه الربّاني حضرة آية الله العظمى الحاج الشيخ محمّد علي الأراكي (رضوان الله عليه)... وطلب الدرجات العالية للمراجع الكبار الّذين تحمَّلوا المسؤوليَّة العظيمة للمرجعيَّة لا سيّما حضرة الإمام الخمينيّ قدس سره، ومع الدعاء بطول العمر والسلامة للقائد العظيم الشأن للثورة الّذي يحمل وبكلِّ قوَّة راية الإمامة والولاية المباركة، فإنَّنا نعلن أسماء الآيات العظام والفقهاء الكبار، الّذي يعتبر تقليدهم جائزًا والعمل بفتاويهم صحيح ومبرئ للذمّة. وقد ذكر البيان أسماء ثلاثة آيات وعلى رأسهم اسم سماحة آية الله العظمى وليّ أمر المسلمين السيّد الخامنئيّ مدّ ظلّه العالي على رؤوس المسلمين.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
124

116

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 برقيَّة سماحة آية الله السيّد محمود الهاشمي الّتي أرسلها إلى آية الله العظمى الإمام الخامنئيّ يعزّيه فيها بوفاة آية الله العظمى السيّد الكلبيكاني قدس سره ‏.

بسم الله الرّحمن الرّحيم
 
سماحة قائد الثورة الإسلاميّة آية الله الخامنئيّ دامت بركاته‏
أتقدّم بالتعازي إلى الوجود الشريف والمقدّس لإمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف وإليكم باعتباركم نائبه بالحقّ وإلى الشعب الإيرانيّ عامّة وإلى الحوزات العلميَّة وجميع المسلمين في العالم بمناسبة المصاب الجلل والفاجعة برحيل مرجع العالم الإسلاميّ العظيم سماحة آية الله العظمى الكلبايكاني قدس سره الّذي كان بحقّ أسوة في التقوى والفضيلة والعلم والجهاد وخدمة الإسلام والثورة الإسلاميّة، حيث قضى عمره الشريف والمبارك إلى جانب إمام الأمّة قدس سره في هذا الطريق، وسار على نهج ذلك الرجل العظيم في التاريخ.
إنَّ وفاة هؤلاء الأكابر والأعاظم، مشاعل درب الهداية ونجوم صراط الولاية المضيئة، وإن كان خطبًا جللًا ومصابًا عظيمًا وثلمة في الإسلام لا يسدّها سوى طلوع نجم آخر، لكن حيث إنَّ لطف ربِّ العالمين ورحمته والعناية الخاصّة لأهل بيت العصمة والطهارة والإمدادات الغيبيّة لبقيّة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
125

117

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 الله الأعظم (أرواحنا فداه) شاملة هذه الأمّة دائمًا وأبدًا، فإنَّ سلسلة مراجع التقليد للشيعة ستظلّ مستمرّة وباقية. وكلّما أفل أو غاب نجم طلع نجم آخر يسدّ الفراغ ويحمل لواء الفقاهة والمرجعيَّة الخفّاق على عاتقه بمزيد من الاستقامة والثبات ومضاعفة في تحمّل عب‏ء المسؤوليّة.

واليوم، فإنَّ عيون الأمل للمسلمين الملتزمين في العالم الإسلاميّ وأهل الخبرة المخلصين والمدافعين عن الأهداف السامية والنبيلة للثورة الإسلامية والودائع الّتي خلّفها الإمام الخمينيّ العظيم رائدة الثورة الإسلاميّة في الزمن المعاصر، متطلّعة إليكم باعتباركم نجم يلمع في طليعة هذه السلسلة المباركة، وتعدّ اللحظات منتظرة تصدّي سماحتكم لشؤون المرجعيّة وإدارة الحوزات العلميّة راجية من محضركم الشريف مل‏ء الفراغ الحاصل في هذا الشأن مستلهمًا العزم والإرادة من معين الولاية لتقرّ عيون المؤمنين بذلك وتطمئنّ قلوبهم.
 
أسأل الله تعالى لسيّدنا المعظّم طول العمر ودوام التوفيق.
 
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏
السيّد محمود الهاشمي
19/9/1372 هـ.ش‏
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
126

118

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله السيّد جلال الدين الطاهري 1

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم‏
 
الآن، ولله الحمد والمنّة، فإنَّ جمعًا من الخبراء وزبدة المتخصّصين في الحوزة العلميّة بقمّ من جماعة المدرّسين المحترمين قد توصّلوا إلى نتيجة في موضوع المرجعيّة الشيعيّة الخطير، وحملوا على أكتافهم الحمل الشرعيّ لتعيين تكليف عامة الناس فعرّفوا عددًا من رجال العلم والتحقيق ومشاهير الإرشاد والتدريس بعنوان فقهاء يجوز تقليدهم. إنَّني مع تقديري لجهود هؤلاء العظام، أعتقد أنّه إن كان لا يوجد بين الذين ذكرت أسماؤهم للمرجعيّة من يتعيّن أو يحتمّل أن يكون الأعلم، فالأولى والأصلح هو أن تتصدّى الشخصيّة الممتازة والبارزة لقيادة الثورة سماحة آية الله الحاج السيّد عليّ الخامنئيّ (دامت بركاته) للمسؤوليّتين نظرًا لمصالح الإسلام الساميَة والظروف الّتي تحكم البلاد والثورة الإسلاميّة والمصالح الناتجة عن وحدة القيادة السياسيَّة والمرجعيَّة الدينيَّة.
نسأل الله المنّان المتعال أن يعزّ الإسلام والمسلمين ويسدّد ويحفظ ذلك العظيم.
والسلام عليكم وعلى جميع إخواننا المؤمنين.
السيّد جلال الدين الطاهري
29 جمادي الثانية 1415هـ



1 إمام الجمعة السابق لمدينة اصفهان.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
127

119

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله مرتضى بني فضل‏ 1

 

باسمه تعالى‏
 
عندما اجتمعنا في مجلس الخبراء أكثر من سبعين مجتهدًا، انتُخب سماحة السيّد القائد عليّ الخامنئيّ دام ظله وعلى أساس الدستور الذي ينصّ على أنَّ القائد لا بد أن يكون قادرًا على الاستنباط في كثير من أبواب الفقه. ومن المعلوم أنّ معظم أبواب الفقه هي في مسائل الحكومة والمجتمع، ولعلها أكثر من 80 في المائة من مجموع مسائل الفقه. فمن المؤكد أنَّ سماحة السيّد القائد هو الأعلم في هذه المسائل، وعليه فإنِّي أعتقد أنَّ السيِّد القائد المعظّم هو الأعلم بعد الشيخ الأراكي.
مرتضى بني فضل



1 هذا الكلام ورد على لسان سماحة الشيخ بني فضل بعد وفاة المرحوم المقدّس الكلبايكاني رحمه الله وهو مضبوط ومسجل بالصوت والصورة، وهو أستاذ في مدينة قم المقدّسة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
128

120

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 شهادة آية الله الشيخ محمّد واعظ الخراساني 1

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم‏
 
حضرة أصحاب الفضيلة والسماحة علماء البقاع متّع الله المسلمين بطول بقائكم.
السلام عليكم ورحمة الله وبعد:
سألتم عن تقليد سيِّدنا آية الله العظمى الخامنئيّ وليِّ أمر المسلمين في هذا العصر الّذي أحاطت بكم وبالمسلمين عامّة (فيه) أخطار كبيرة، تهدّد كيان الإسلام والأمّة الإسلاميَّة من قبل الاستكبار العالميّ والصهاينة، الّذين يهتمّون بتمزيق المسلمين وتفريق كلمتهم وتشتيت قواهم لا وفّقهم الله.
والجواب: إنَّ الإمام الخامنئيّ يشارك غيره في الفقه والتقوى وكلّ ما يشترط في المُقلَّد. لكنَّه اجتمعت فيه شروط تفضّله بل تعيّنه من بين الفقهاء حفظ الله الجميع وهي جهاده الدائم في سبيل الإسلام وصموده أمام الأعداء وفهمه السليم والمستقيم للكتاب والسنّة وبصيرته في حلّ المشاكل الفقهيّة من أقرب الطرق، وفي إدارة أمور المسلمين بأسهل السبل واهتمامه البالغ بتعزيز المسلمين وأتباع أهل البيت عليهم السلام.



1 الأمين العامّ للمجمّع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة، مدرّس في الحوزة العلميّة، قم المقدّسة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
129

121

شهــــادات علمــــــاء مـــــن أهــــــل الــخــبرة بمرجعية الإمام الخامنئي دام ظله

 أضف إلى ذلك كلّه أنَّه فقيه مبسوط اليد، نافذ الكلمة، قائد الأمّة والقادر على جمع كلمتهم. أخذ الله بأيدينا وسدّد خطانا.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏
محمّد واعظ الخراساني‏
30 جمادي الثانية 1415
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
130

122

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 يعتبر خط الإمام الخامنئي دام ظله امتداداً حقيقاً لخط الإمام

الخميني قدس سره في كل الأصعدة والمجالات. فالإمام الخميني رسم مساراً متيناً ومتكاملاً من أجل بناء دولة وأمّة إسلامية متحضّرة تنافس كل الدول والأمم الأخرى من دون أي شعور بالنقص أو الضعف. وقد حذا الإمام الخامنئي حذو إمامه حذو النعل بالنعل ومشى على خطا روح الله مكملاً ما بدأه بإخلاص ومصابرة، حتى وصلت إيران اليوم والأمّة الإسلامية إلى ما وصلت إليه.
وفيما يلي نقرأ ما خطّته كلمات الإمام الخامنئي حول فكر الإمام الخميني ونهجه، لنكون على بيّنة من أمرنا وعلى يقين أنّ هذه المسيرة ليست مسيرة أشخاص، بل هي مسيرة إلهية، حمل لواءها رجال إلهيون بكل ما للكلمة من معنى.
 
 
خطّ الإمام الخميني
الإمام بدون خطّ الإمام هو ليس ذلك الإمام الذي ضحّى الشعب الإيراني ببركة أنفاسه وهدايته، وجعل أرواحه على أكفّه، وأرسل أبناءه إلى أتون الموت، ولم يبخل بنفسه وماله وأوجد أعظم حركة في القرن المعاصر في هذه المنطقة من العالم. فالإمام بدون خطّ الإمام هو إمام
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
133

123

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 فاقد للهوية. وسلب الهوية عن الإمام لا يخدم الإمام. فمباني الإمام كانت واضحة. هذه المباني إذا لم يُرد الإنسان أن يجامل تنعكس في كلمات الإمام وخطبه ورسائله وخصوصاً في وصيته التي هي اختصار لجميع تلك المواقف.

فهذه المباني الفكرية هي ذلك الشيء الذي أوجد ذلك التحرّك العظيم والمؤثّر ضدّ نهب الغرب والإحتكارات الأمريكية في العالم. فهل تتصوّرون أنّ رؤساء أمريكا المتعاقبين، عندما يسافرون إلى أيّة دولة من دول آسيا والشرق الأوسط، أو حتى بعض الدول الأوروبية، ويتظاهر الناس ضدّهم ويطلقون الشعارات عليهم، أنّ هذا الأمر كان دائماً على هذا المنوال؟ كلا، إنّها حركة الإمام، وما كشفه الإمام، ومواقفه التي أخزت الإستكبار وفضحت الصهيونية وأحيت روح المقاومة في الشعوب، خصوصاً في المجتمعات الإسلامية.
إنّه لمن الاعوجاح الفكري أن نُنكر مواقف الإمام. وهذا الاعوجاج، وللأسف، يقوم به البعض ممّن كانوا في زمن ما مروّجين لأفكار الإمام، أو كانوا من أتباع الإمام. واليوم، فإنّ الطرق إذا انحرفت لأيّ سبب كان، فإنّ الأهداف تضيع، والبعض يتراجعون؛ وبعد أن كانوا لسنوات متمادية يتحدّثون لصالح الإمام، ومن أجل هذه الأهداف، ويتحرّكون على أساسها، أصبحوا ضدّ هذه الأهداف وهذه المباني ويتحدّثون ضدّها.
04/06/2010
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
134

124

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 ترك الإمام بكلامه وسلوكه هداية مستمرّة لأمّته، أي لنا نحن الناس. يد الإمام وأصابع تأشيره. ترشدنا في كافّة منعطفات الحياة؛ ومن أقوى وأفضل مواريث الإمام هي وصيّته التي من المناسب للجماهير والمسؤولين والشباب إعادة قراءتها والتدبُّر فيها من حين لآخر.

كنّا قد أعلنّا من بعد رحيل الإمام أنّنا سنواصل السير على نهجه، ولم يكن الباعث على مثل هذا القرار هو التقليد، وإنّما انطلاقاً من وعي وتجربة؛ لأنّ نهج الإمام هو النهج الأمثل لإنقاذ هذا البلد، سواء في بداية الثورة أو في عهد الإمام القائد أو في الوقت الحاضر.
04/05/1999 
الخطر الكبير على بلادنا هو الانفصال عن الشعب، والانفصال عن القيم الإسلامية، والانفصال عن الخطّ المبارك للإمام الخميني. هذه أخطار على بلادنا. فإذا تمّ الحفاظ على هذه الهيكلية المتينة التي أوجدتها الثورة، فسوف يمكن ترميم الكثير من المشكلات، هنا وهناك، على مرّ الزمان. لا تسمحوا بتحطّم هذه الهيكلية المتينة، فإذا تحطّمت لن يعود بالإمكان معالجة أي جرح، ولن يمكن ترميم أيّة زاوية خربة. الهيكلية المتينة للنظام الإسلامي، والتي علّمنا الإمام إياها، يجب أن تُصان وتُحفظ.
04/06/2009 
الإسلام هو الذي يؤكّد على حقوق الشعب، وأهمّية رأي الجماهير، وتأثيرها في الحضور والجهاد؛ ولهذا فقد اتّخذ الإمام العظيم من الإسلام والجماهير محوراً لعمله ونشاطه واعتبر أنّ عظمة الإسلام هي
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
135

 


125

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 عظمة الجماهير، وأن اقتداره هو اقتدارها، وأنّ هزيمة الإسلام هي في ذاتها هزيمة الجماهير. لقد كان أهم إنجاز حقّقه الإمام العظيم على مستوى العالم الإسلامي هو أن أحيى الأبعاد السياسية والاجتماعية للإسلام... لقد أحيى الإمام العناصر المنسيّة للإسلام، ورفع شعار العدالة الإسلامية، وجاهر بمخالفة الإسلام للعنصرية والتفرقة بين الطبقات واستحواذ النبلاء والإقطاعيين... إنّ الإسلام يعارض الفساد والظلم والتفرقة. لقد جاء الإسلام من أجل تحقيق الرفاهية للناس جنباً إلى جنب الروحية والمعنوية. وقد ظلّ الإمام يؤكّد ذلك مراراً وتكراراً منذ بداية النهضة وحتى قيام الحكومة الإسلامية؛ وأثبت للعالم الإسلامي كيف يمكن للفقه الإسلامي (أي قوانين إدارة الحياة)، والفلسفة الإسلامية (أي الفكر الصحيح والعميق والاستدلالي). والعرفان الإسلامي (أي الزهد والانقطاع إلى الله والتحرّر من الأهواء النفسانية)، أن تسفر عن معجزة كبرى إذا أُنزلت إلى معترك الحياة العامّة. لقد برهن الإمام عملياً على أنّ الإسلام السياسي هو الإسلام المعنوي... إنّ الإسلام الأصيل الذي طرحه الإمام هو ذلك الإسلام الذي يرفض التحجّر والخرافات والانبهار بالمدارس الأجنبية والالتقاطية. ولقد ظلّ فصل الدين عن السياسة هو المسعى الذي عمل أعداء الإسلام على تحقيقه، وما زال هو هاجسهم الكبير منذ بداية النضال من أجل إقامة النظام الإسلامي وحتى يومنا هذا. أي أنّه ينبغي على كلّ من

 

 

 

 

 

136


126

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 يريد أن يكون مسلماً أن ينأى بنفسه عن الحياة وينعزل في ركن مظلم، وألا يُعير اهتماماً لما يقوم به الأعداء والمعتدون والمحتلون، إنّ هذا الهدف ما زال محور نشاطاتهم حتى الآن، ولكنّ الإمام طرح أمام العالم الإسلامي ما يناقض كلّ تلك الأفكار، فانتشرت مبادئه في كافّة البقاع الإسلامية، وحيثما قلّبنا البصر في جميع بلدان العالم الإسلامي، سنجد أنّ الإسلام الحيّ في نظر النخبة والشباب والأكاديميين والمفكّرين والعلماء الأحرار، هو ذلك الإسلام الذي يستطيع حماية أمّته، والحفاظ عليها من كيد المستكبرين والمتسلّطين والطامعين والمعتدين، وألا يدع للأعداء التدخُّل والتسلّط والسيطرة على الشعوب، فهذا هو الإسلام المطلوب، وهذا هو الإسلام المحمدي الأصيل.

04/05/2003 
إنّ لخط الإمام أصول. وإن أهم ما يمكن أن يقال بشأن خط الإمام وطريقه هو عدّة نقاط أعرضها لكم. وأقول للشباب؛ اذهبوا واقرأوا وصية الإمام، هذا الإمام الذي هزّ العالم، هذا الإمام يتجلّى في هذه الوصية، وفي هذه الآثار والأقوال.
 
الإسلام المحمّدي
أوّل وأساس النقاط في مباني الإمام وآرائه هي قضية الإسلام المحمّدي الأصيل؛ أي الإسلام المخالف للظلم، إسلام العدالة، الإسلام المجاهد، الإسلام المدافع عن المحرومين، الإسلام المدافع
 
 
 
 
 
 
 
 
 
137

127

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 عن حقوق الحفاة والمستضعفين والبائسين. وفي مقابل هذا الإسلام أطلق الإمام مصطلح الإسلام الأمريكي في ثقافتنا السياسية. الإسلام الأمريكي هو إسلام المجاملة والمداهنة، الإسلام الذي لا يكترث للظلم وأمام تراكم الثروة والتكاثر، الإسلام الذي لا يبالي أمام الاعتداء على حقوق المظلومين، الإسلام الذي يساعد الظالمين، الإسلام الذي يُعين الأقوياء، الإسلام الذي ينسجم مع كلّ هذه الأمور. هذا الإسلام سمّاه الإمام الإسلام الأمريكي. فقضيّة الإسلام الأصيل كانت قضيّةً دائمة عند إمامنا العظيم؛ ولم تكن مختصّة بمرحلة الجمهورية الإسلامية؛ غاية الأمر أنّ تحقّق هذا الإسلام الأصيل لا يمكن أن يكون إلا بحاكمية الإسلام، وتشكيل النظام الإسلامي. فلو لم يُبنَ النظام السياسي للبلد على أسس الشريعة الإسلامية والفكر الإسلامي، فلا يمكن أن يواجه الإسلام الظالمين في العالم وفي المجتمع مواجهة حقيقية وواقعية. لهذا عدّ الإمام الحفاظ على الجمهورية الإسلامية والدفاع عنها أوجب الواجبات. أوجب الواجبات لا من الواجبات. فأوجب الواجبات صيانة الجمهورية الإسلامية والحفاظ عليها؛ لأنّ صيانة الإسلام بالمعنى الحقيقي للكلمة ترتبط بصيانة النظام السياسي الإسلامي. وبدون النظام السياسي لا يكون ممكناً.


كان الإمام يعتبر الجمهورية الإسلامية مظهر حاكمية الإسلام. ومن أجل ذلك مضى الإمام في الجمهورية الإسلامية، وبذل كل ذلك السعي
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
138

128

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 على هذا الطريق وأقام، بتلك الشدّة والحدّة والاقتدار، أساس الجمهورية الإسلامية. لم يكن الإمام وراء القدرة الذاتية؛ لم يكن الإمام بصدد أن يصل إلى القدرة. فقضيّة الإمام كانت قضية الإسلام؛ وبهذا أقام أساس الجمهورية الإسلامية. وهكذا قدّم الإمام هذا النموذج الجديد إلى العالم؛ أي نمط الجمهورية الإسلامية.


وأكثر القضايا الرئيسة في الجمهورية الإسلامية هي مواجهة السلطة الظالمة والساعية للهيمنة في العالم، والتي تظهر نفسها بأشكال مختلفة. فالحكومة الدكتاتورية والمهيمنة، لا تنحصر بحكومة الملوك؛ فهذه أحد أنواع الحكومات الدكتاتورية. ففي ذلك الزمان، كان هناك دكتاتوريات يسارية، وهي دكتاتورية الحزب الواحد في الدول؛ فكل ما كانوا يريدون أن يفعلوه كانوا يفعلونه مع كل أفراد الشعب؛ ولم يكن هناك من يُساءَل أمام الشعب وكانت الشعوب في الواقع بقبضة أقلية معدودة، أسيرة لأقليّة معدودة، وهذا كان أحد أنواع الدكتاتوريات. والنوع الآخر من الدكتاتوريات، هو دكتاتورية الرأسماليين، التي تتجلّى في الأنظمة التي هي في الظاهر شعبية كالأنظمة الليبرالية الديمقراطية. فهذا أيضاً يُعدّ نوعاً من الدكتاتورية، غاية الأمر أنّه دكتاتورية محنّكة وغير مباشرة؛ فهي في الواقع دكتاتورية الرأسماليين وأصحاب الثروات الكبرى.

وهكذا أوجد الإمام الجمهورية الإسلامية مقابل هؤلاء الطواغيت
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
139

129

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 البشريّين؛ وجعل الإسلام - حيث يوجد في قلبه هذا الاعتماد على الشعب وآرائه وإرادته - معياراً أساسياً لهذا النظام لذا فإنّ الجمهورية الإسلامية هي جمهورية؛ أي تعتمد على أراء الشعب؛ وأيضاً إسلامية أي تعتمد على الشريعة الإلهية. وهو نموذج جديد؛ فهذا أحد الشواخص الأساسية في خط الإمام. فكل من يفكّر بخلاف هذا فيما يتعلّق بحاكمية نظام الجمهورية الإسلامية إنّما يخالف فكر الإمام؛ ولا ينبغي أن يدّعي أنّه يتّبع الإمام؛ في حين أنّه يحمل هذا الفكر؛ كلا، فإنّ فكر الإمام هو هذا. وهذا أبرز خط من الخطوط الفكرية للإمام.


جاذبية الإمام ودافعيته

والشاخص الآخر في برنامج الإمام وخطّه وطريقه المستقيم هو ما يتعلّق بقضية جاذبية الإمام ودافعيّته. فللعظماء ميدان وسيعٌ من الجاذبية والدافعية. الكلّ لهم جاذبة ودافعة. فأنتم بتصرّفكم تجذبون شخصاً إليكم وتؤلمون شخصاً آخر؛ هذه هي الجاذبة والدافعة. أمّا العظماء فإنّ جاذبيّتهم تؤدّي إلى إيجاد شريحة واسعة. وكذلك دافعيّتهم توجد شريحة واسعة. وجاذبة الإمام ودافعيّته أمرٌ مشهودٌ ملفت. إنّ ما شكّل المبنى والمعيار لجاذبية الإمام ودافعيّته هو الإسلام؛ تماماً كما يدعو الإمام السّجاد سلام الله عليه ربّه في الصحيفة السجادية... وتكراراً ذكرنا أنّ أدعية الإمام السجاد هي في الواقع من أعظم نفائس
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
140

130

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 المعارف الإسلامية. ففي هذه الأدعية يوجد معارف لا يمكن للإنسان أن يجدها في الروايات والآثار الروائية؛ وقد ذُكرت في الأدعية بالصراحة ففي الدعاء الرابع والأربعين من الصحيفة السجادية وهو دعاء الدخول في شهر رمضان، وكان الإمام السجّاد يقرأه فإنّ الإمام عليه السلام يطلب من الله أشياء في شهر رمضان ومن هذه الأشياء التي يطلبها: "وأن نسالم من عادانا"، ثم بعد ذلك مباشرة يقول:"حاشا من عُودِيَ فيك ولك، فإنّه العدوّ الذي لا نواليه، والحزب الذي لا نصافيه".

وهكذا كان الإمام؛ فإنّه لم يكن يعادي أحداً معاداة شخصيّة. ولو وُجدت بعض المكدّرات الشخصية، فإنّ الإمام كان يضعها تحت قدميه؛ لكن العداء من أجل الإسلام كان أمراً جدّياً جداً عند الإمام. نفس هذا الإمام الذي فتح ذراعيه في بداية النهضة قبل 48 سنة لجماهير الشعب بأنواعهم وشرائحهم الفكرية المختلفة، وحضَنَ الجميع من أيّة قومية كانوا أو جماعة أو مذهب، هو نفس الإمام الذي في بداية الثورة قد طرد جماعات من حوله. فقد طرد الشيوعيين علناً، فذلك اليوم - بالنسبة للكثيرين منّا الذين كانوا فاعلين في بداية الثورة - كان عمل الإمام عجيباً. ففي بدايات الثورة، اتّخذ الإمام مواقف ضدّ الشيوعيين بصراحة وعزلهم عن نفسه. وقد كان الإمام حازماً وقاطعاً مقابل أتباع المنهج الليبرالي، وعشّاق الأنظمة الغربية والثقافة الغربية؛ وقد أبعدهم الإمام وفصلهم عن نفسه؛ فلم يجاملهم أبداً. وقد طرد من حوله الرجعيّين
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
141

131

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 أولئك الذين لم يكونوا مستعدّين لقبول الحقائق الإلهية، والروح القرآنية للأحكام الإسلامية، وتقبّل ذلك التغيير العظيم. وقد أدان الإمام هؤلاء الرجعيّين، وبعبارات شديدة وقاسية، مرّات عديدة، وأبعدهم عن نفسه.

فلم يتروّ الإمام في التبرّي من أولئك الذين لم يكونوا ضمن دائرته الفكرية ومبانيه الإسلامية؛ في حين أنّه لم يكن يُعاديهم معاداة شخصية.
فانظروا إلى وصية الإمام؛ فهو في نفس هذه الوصية يُخاطب أولئك الشيوعيّين الذين ارتكبوا الجرائم في الداخل وهربوا إلى الخارج. فتأمّلوا في لهجة الإمام، إنه يقول لهم تعالوا إلى بلدكم وتقبّلوا الجزاء الذي سيفرضه القانون والعدالة عليكم، وتقبّلوا العقاب. أي تعالوا تحمّلوا الإعدام أو السجن أو غيرها من العقوبات من أجل أن تنجوا أنفسكم من العذاب والنقمة الإلهية وهو يخاطبهم بإشفاق. فيقول: إذا لم يكن لكم هذه الشهامة للمجيء وقبول المجازاة، فعلى الأقل وأنتم هناك، غيّروا طريقكم وتوبوا ولا تعادوا شعب إيران والنظام الإسلامي والحركة الإسلامية؛ فلا تكونوا عملاء للظالمين والمقتدرين.
لم يكن للإمام أي شجار شخصي؛ ولكنّه ضمن حدود الدِّين كان يُعمِل جاذبيته ودافعيته بقاطعية تامّة. ومثل هذا الأمر كان أحد الشواخص الأساس في حياته ومدرسته. التولّي والتبرّي في الميدان السياسي ينبغي أن يكون تابعاً للفكر والمباني الإسلامية والدينية؛ وهنا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
142

132

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 يجب على الإنسان أن يجعل هذا الأمر ملاكاً ومعياراً، وينظر ماذا يريد الله سبحانه وتعالى منه.

وبهذا النهج الذي اتّبعه الإمام، وتجلّى في كلماته وأفعاله، فلا يصحّ أن يعدّ الإنسان نفسه في خط الإمام وتابعاً للإمام، ولكنّه في نفس الوقت يجعل نفسه في نفس الجبهة مع أولئك الذين رفعوا راية المعارضة الصريحة للإمام والإسلام. لا يصحّ أن نقبل أن أمريكا، وانكلترا، والسي آي إي، والموساد وطلّاب السلطة، والمنافقين، الذين يتّفقون ويأتلفون حول محور واحد، ويجتمعون حوله، ثمّ يدّعي ذلك المحور أنّه من خطّ الإمام! فهذا لا يصح ولا يمكن قبوله.
لا يصح الائتلاف مع أيٍّ كان. فعلينا أن ننظر إلى أعداء الإمام بالأمس ما هي مواقفهم تجاهنا، فإذا رأينا أنّ مواقفنا هي بحيث تجعل أمريكا المستكبرة والصهيونية الغاصبة، وعملاء القوى المختلفة المخالفين والمعادين للإمام والإسلام والثورة، يعظّموننا ويحترموننا فعلينا أن نشكّ في موقفنا؛ وعلينا أن نعلم أنّنا لا نسير على الطريق الصحيح والمستقيم. فهذا معيارٌ وملاك. وقد اعتمد الإمام على هذا الأمر مراراً. كان الإمام يقول ويوجد هذا الأمر في كتاباته وفي الوثائق القطعية لكلماته أنّهم لو مدحونا فعلينا أن نعلم أننا خوَنة. فهذا أمرٌ مهم جداً.
يأتي أشخاص ويتحرّكون في الخطّ المقابل للإمام، ويتّخذون مثل تلك المواقف حول قضيّة القدس، ويوم القدس، ويرتكبون تلك الفضيحة في
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
143

133

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 يوم عاشوراء، ثم بعدها نظهر التأييد لأولئك الذين يخالفون بصراحة أساس مبنى الإمام وحركة الإمام، ونجعل أنفسنا إلى جانبهم ونمدحهم أو نسكت مقابلهم؛ في حين أنّنا نقول أنّنا أتباع الإمام! هذا غير ممكن، ولا يمكن قبوله. والشعب فهم هذا الأمر جيّداً. فالشعب يرى ذلك ويعلمه ويعرفه ويفهمه.

الحسابات المعنوية والإلهية
وشاخصٌ آخر في سيرة الإمام وخطّه، والذي يُعدّ مهمّاً جداً، هو قضية الحسابات المعنوية والإلهية. فالإمام كان يضع الحسابات المعنوية في المقام الأول، عند اتّخاذه للقرارات وفي تدابيره. فماذا يعني هذا؟ إنّ هذا يعني أنّ على الإنسان عندما يريد أن يقوم بأيّ عمل، أن يجعل هدفه بالدرجة الأولى كسب رضا الله؛ لا الحصول على النّصر، أو الوصول إلى القدرة، أو تحصيل الوجاهة عند زيد وعمرو. فالهدف الأوّل هو رضا الله. هذا واحدٌ. ثم بعدها الاطمئنان والثّقة بالوعد الإلهي. فعندما يكون هدف الإنسان رضا الله فإنّه يثق ويطمئن لوعد الله، وهناك لن يكون لليأس من معنى، ولا للخوف أو الغفلة أو الغرور كذلك.
لم يُبتلَ الإمام حينما كان وحيداً بالخوف أو اليأس؛ وكذلك عندما كان كلّ شعب إيران يهتف بنداء واحد باسمه، بل الشعوب الأخرى التي كانت تعشقه وتظهر ذلك، فإنّه لم يغتر. عندما وقعت خرمشهر أسيرة بيد المعتدين العراقيين، لم ييأس الإمام؛ وكذلك عندما تحرّرت خرمشهر على يد المجاهدين الشجعان والمضحّين، لم يغترّ الإمام؛ بل قال إنّ الله هو الذي حرّر خرمشهر؛
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
144

134

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 أي نحن ليس لنا من الأمر شيء. ففي جميع الحوادث المختلفة في فترة زعامته، كان الإمام على هذا المنوال. فعندما كان وحيداً لم يستوحش؛ وعندما صارت القدرة والغلبة بيده لم يغترّ؛ ولم يغفل. فهذا هو الاعتماد على الله. فعندما يكون رضا الله فإنّ القضية تكون كذلك.

فيجب الثّقة بوعد الله. فالله تعالى في سورة ﴿ ِنَّا فَتَحْنَا ﴾1، يقول: ﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ﴾ 2، فمن خصائص المنافقين والمشركين هي سوء ظنّهم بالله، وعدم قبولهم وتصديقهم لوعد الله. فعندما يقول الله:
﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ 3، فإنّ المؤمن يتقبّل هذا بكلّ وجوده؛ أما المنافق فإنّه لا يقبل. يقول الله تعالى: ﴿عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ﴾4. فهذا هو حال من يُسيء الظنّ بالله.



1 سورة الفتح، الآية 1.
2 سورة الفتح، الآية 6.
3 سورة الحج، الآية 40.
4 سورة الفتح، الآية 6.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
145

135

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 كان الإمام واثقاً بوعد الله. فنحن نجاهد في سبيل الله، ونمضي لله ونبذل كلّ جهدنا في الميدان؛ والنتيجة تتحقّق، والله يُعطي النتيجة التي وعد بها. فنحن نعمل من أجل التكليف؛ ولكنّ الله تعالى سيُعطي أفضل نتيجةٍ على هذا العمل بالتكليف. فهذه إحدى خصائص سيرة الإمام وخطّه. إنّ طريق الثورة وصراطها المستقيم هو هذا.

مراعاة التقوى في جميع الأمور
وإحدى الأمور الموجودة في هذا المجال، هو رعاية الإمام للتقوى بشكل مدهش وفي جميع الأمور. فالتقوى في المسائل الشخصية شيءٌ، وفي القضايا الاجتماعية والسياسية والعامة شيءٌ آخر وصعبٌ جداً ومهمةٌ للغاية، ومؤثّرة بشكل فائق. فماذا نقول لأصدقائنا ولأعدائنا؟ هنا تكون التقوى مؤثّرة. فمن الممكن أن نكون معارضين لأحدٍ أو معادين له فكيف نحكم بشأنه؟ فلو حكمتم بشأن ذلك الذي تخالفونه وتعادونه بغير ما هو الواقع فإنّ هذا يُعدّ تعدّياً عن جادّة التقوى. وها هنا أُكرِّر الآية الشريفة التي ذكرتها في البداية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾1، القول السديد هو الثابت والصحيح؛ فهكذا ينبغي أن نتكلّم. أريد أن أقول لشبابنا الأعزّاء، شبابنا المؤمنين والثوريين وعشّاق الإمام، الذين يتحدّثون ويكتبون ويعملون، أن يلتفتوا بشكل كامل. فلا



1 سورة الأحزاب، الآية 70.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
146

136

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 ينبغي أن تجرّنا مخالفتنا لأحد، أن نتعدّى ونتجاوز عن جادّة الحقّ فيما يتعلّق به فنظلمه؛ كلا، لا ينبغي أن نظلم أي أحد. وبشأن زيد الذي لا تقبلونه يمكن الكلام بطريقتين: إما أن يكون كلامنا مطابقاً للحقّ تماماً، وإمّا أن يكون فيه شيءٌ من الظلم. والثاني هو السيّء، ويجب اجتنابه. فلا تقولوا إلا الحقّ والصدق والذي يمكنكم أن تظهروه في محكمة العدل الإلهي لا أكثر. فهذه من الخطوط الأساس لحركة الإمام وخطّه، والتي ينبغي أن نحفظها في ذاكرتنا.

التوجّه إلى دور الشعب
ومن الخطوط الأساس لخطّ الإمام: دور الشعب؛ سواء في الانتخابات، حيث قام الإمام في الواقع بحركة عظيمة في هذا المجال، أو في غير الانتخابات في القضايا الاجتماعية المختلفة. فلا يوجد في أيّ ثورة في عصر الثورات حيث إنّ النصف الأوّل من القرن العشرين كان عصر الثورات المختلفة؛ وقد اندلعت في الشرق والغرب ثورات متعدّدة وبأشكال مختلفة أية سابقة يجري فيها بعد شهرين من انتصار الثورة استفتاءٌ عام من أجل اختيار أسلوب الحكومة والنظام؛ ولكن هذا ما حدث في إيران بهمّة الإمام. ولم يكن قد مرّ على الثورة أكثر من سنة حتى كان الدستور قد دُوّن وصُوّب. ففي الأشهر الأولى التي لم يكن قد دُوّن الدستور وأُنجز، بل حصل فيه تأخيرٌ، أتذكّر أنّ الإمام قد استدعانا فذهبنا إلى
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
147

137

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 قم كان في ذلك الوقت لا يزال في قم وفي ظروف صعبة، قال لنا: إنّ عليكم أن تدوّنوا الدستور في وقت أسرع. وحينها جرت انتخابات مجلس الخبراء، وانتخب الشعب مجلس الخبراء من أجل تدوين الدستور؛ وبعد أن دُوّن الدستور وجُعل في معرض الرأي العام، جرى الاستفتاء، واختار الشعب الدستور. ومن بعدها جرت انتخابات رئاسة الجمهورية ومجلس الشورى ولم تتعطّل الانتخابات في أحلك مراحل الحرب وأشدّها، حينما كانت طهران تتعرّض للقصف؛ وإلى يومنا هذا لم توخّر الانتخابات في إيران يوماً واحداً، فأيّة ديمقراطية تجدونها في العالم؟ ليس في الثورات وليس في أيّة ديمقراطية يجري مثل هذا الأمر بهذه الدقّة وفي الوقت المحدّد حيث يُقبِل الناس على صناديق الاقتراع. هذا هو خطّ الإمام.

وفي غير قضية الانتخابات، كان الشعب مورد اهتمام الإمام كثيراً، وقد أشار الإمام إلى دوره بشكل واضح، وأحياناً مصرّحاً، فذات مرّة قال: لو أنّ المسؤولين الذين يجب أن يُنجزوا هذا الأمر لم ينجزوه، فإنّ الشعب بنفسه سوف يأتي ويُنجزه.
 
عالمية الثورة الإسلامية
ونقطة أخرى من النقاط الواضحة لخطّ الإمام هي عالمية النهضة. فالإمام كان يعتبر النهضة عالمية ويعدّ الثورة لجميع الشعوب الإسلامية، بل ولغير الإسلامية. ولم يكن الإمام يأنف من ذكر هذا الأمر. وهو مغاير
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
148

138

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 للتدخّل في شؤون الدول، الأمر الذي لا نفعله. وهو غير تصدير الثورة على الطريقة الاستعمارية الماضية، التي لا نقوم بها، ولسنا من أهلها؛ بل إنّ معناه أن تنتشر الرائحة الطيّبة لهذه الظاهرة الرحمانية في كلّ العالم، فتعرف الشعوب ما هو دورها، وتكتشف الشعوب الإسلامية هويّتها وموقعيّتها. وكنموذج لهذه الرؤية العالمية، موقف الإمام في القضية الفلسطينية. فالإمام قال بصراحة: إنّ إسرائيل غدّة سرطانية. حسناً، ماذا نفعل مع الغدّة السرطانية؟ أيوجد علاج لها غير القطع؟ لم يجامل الإمام هنا أحداً.

لا ينبغي الحكم على أساس الوضع الحالي
نقطةٌ أساس أخرى في مورد خطّ الإمام ونهجه، هي أنّ الإمام قال مراراً: إنّ حكمنا فيما يتعلّق بالأشخاص ينبغي أن يكون بمعيار حالهم في الزمن الحاضر، فماضي الأشخاص لا يُلتفت إليه. فالماضي يكون عندما لا يُعلم الوضع الحاضر. عندها يتمسّك أحدنا بالماضي ويقول: حسناً، هكذا كان في السابق، ولا بدّ أن يكون الآن كذلك. أمّا إذا كان الوضع الحالي للأشخاص مخالفاً لذلك الماضي، فعندها لن يكون للماضي أيّة فاعلية.
البعض كانوا مع الإمام عندما جاء في الطائرة من باريس إلى إيران، ولكنّهم أُعدموا في زمن الإمام بسبب خيانتهم! والبعض كان لهم روابط
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
149
 

139

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 مع الإمام في الزمن الذي كان الإمام في النجف، وفيما بعد عندما كان في باريس، وكانوا مورد عناية الإمام في بداية الثورة؛ ولكنّهم فيما بعد، وبسبب سلوكهم ومواقفهم، استوجبوا الطرد من الإمام، فأبعدهم. فالميزان هو الوضع الذي أكون عليه اليوم. فلو لا سمح الله أدّت النفس الأمّارة والشيطان إلى حرفي عن الصراط، فسوف يكون حكمي شيئاً آخر. وهذا هو مبنى النظام الإسلامي، وهكذا كان الإمام يعمل.

04/06/2010 
 

المدرسة السياسية للإمام
 
ليس أمام أعداء الثورة سوى أن يعادوا فلسفة الإمام ومدرسته وشخصيته التي ما تزال حيّة قائمة حتى يستطيعوا كما يتوهّمون أن يفرضوا على هذا الشعب التراجع والاستسلام. لقد استطاع الإمام الكبير بمدرسته السياسية، أن يُحرِّر هذا البلد من سيطرة الاستبداد القديمة. بمدرسته السياسية، استطاع الإمام الكبير قطع أيادي الناهبين عن هذا البلد، الناهبين الذين صيّروا من إيران، بالتعاون مع الدكتاتوريين، بيتاً آمناً لهم؛ أولئك كانوا يأملون أن يُبقوا إيران بلداً منتجاً للمواد الخام، ومخزناً للنفط لا ينفد. أريد أن أركّز الحديث على المدرسة السياسية للإمام والتي لا يمكن أن تنفصل عن شخصيته الجذّابة.
 
سرّ نجاح الإمام يكمن في المدرسة التي قدّمها واستطاع عرضها بنحو
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
150

140

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 متجسّد وعلى شكل نظام سياسي أمام أنظار العالم. ثورتنا الإسلامية العظيمة انتصرت طبعاً على يد الجماهير، وقد أظهر الشعب الإيراني عمق قدراته وإمكاناته الهائلة، بيد أنّ هذا الشعب ما كان بوسعه القيام بمثل هذا الإنجاز الكبير من دون الإمام ومدرسته السياسية.


إن المدرسة السياسية للإمام تفتح ميداناً تتّسع مدياته إلى ما هو أكثر من تأسيس النظام الإسلامي. المدرسة السياسية التي أطلقها الإمام وجاهد من أجلها وجسّدها عياناً، لديها أفكار جديدة للإنسانية والعالم، فهي تقترح سبيلاً جديداً. في هذه المدرسة أشياء لا شكّ أنّ البشرية ظامئة إليها، لذلك فهي لا تبلى. الذين يحاولون طرح إمامنا الكبير كشخصية تعود إلى التاريخ والماضي لن ينجحوا في مسعاهم هذا. الإمام حيّ في مدرسته السياسية، وطالما بقيت هذه المدرسة السياسية حيّة. بقي حضور الإمام ووجوده بين الأمة الإسلامية، بل بين البشرية كلّها، مصدر تأثيرات كبيرة خالدة.

لمدرسة الإمام السياسية خصوصيّاتها ومميّزاتها. أودّ اليوم أن أعرض جملة من الخطوط المميّزة لهذه المدرسة.

من هذه الخطوط امتزاج المعنوية بالسياسة: ليست النزعة المعنوية منفصلة عن السياسة في المدرسة السياسية للإمام؛ السياسة والعرفان، السياسة والأخلاق. الإمام، وهو التجسيد الملموس لمدرسته السياسية، جمع بين السياسة والمعنوية وسار في هذا الدرب. حتى في كفاحه
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
151

141

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 السياسي كانت معنويّته المركز الرئيس لسلوكه وأفعاله. جميع سلوكيات الإمام وجميع مواقفه كانت تدور حول محور الله والمعنوية. لقد كان الإمام مؤمناً بالإرادة التشريعية للخالق، وواثقاً بإرادته التكوينية، وكان يعلم أنّ من يسير في طريق تطبيق الشريعة الإلهية، ستقف قوانين الخلقة وسننها عوناً له. كان يعتقد: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾1. اعتبر الإمام قوانين الشريعة أرضيّة لتحرّكه، وعدّها علامات المرور في حركته. لقد كانت حركة الإمام من أجل سعادة البلاد والشعب وعلى أساس هُدى الشريعة الإسلامية، لذلك كان "التكليف الإلهي" عند الإمام مفتاح السعادة الذي يوصله إلى الأهداف السامية الكبرى، القول المعروف عن الإمام، والذي نعرفه جميعاً، حيث قال: "نحن نعمل من أجل التكليف لا من أجل النصر". ليس معناه عدم رغبته في النصر. لا ريب أنّ النصر كان أمل الإمام في كلّ أهدافه الكبرى. الانتصار من أنعم الله، وقد كان الإمام يرغب في النصر لا أنّه لم يكن يُحبّ النصر أو يرغب فيه بيد أنّ ما كان يحضّه على التحرّك صوب تلك الأهداف هو التكليف، والعمل بالواجب الإلهي، والتحرّك في سبيل الله. ولأنّ هذا هو دافعه، لم يكن يخشى شيئاً، ولم يكن يشك ويتردّد، ولم يكن ييأس، ولم يكن ليصاب بالغرور، ولم يكن يتزلزل أو يتعب. هذه هي سمات العمل بالتكليف والعمل لله. الذي يعمل من أجل أداء التكليف، لا يعتريه التردّد




1 سورة الفتح، الآية 4.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
152

142

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 والتزلزل، ولا يُمنى بالخوف والتعب، ولا يرجع عن الطريق، ولا تتدخّل المصالح الشخصية في تحديد طريقه واتّجاهه.

الذي يجمع بين السياسة والعرفان، ويضع المعنويات في موضع واحد مع الحركة السياسية ضمن مسيرة حياته، لن يبقى للخوف من الموت معنى عنده، ولا للخوف من عدم الانتصار. هذا بالضبط على الضدّ من السياسة الغربية البالية المنقرضة التي يسمّونها، كذباً سياسة حديثة، أي فصل الدِّين عن السياسة، وفصل الدولة عن المعنوية، قامت الحضارة الغربية على أساس محاربة المعنوية وإقصائها. هذا الخطأ الكبير ارتكبه الذين بدأوا الحضارة والحركة العلمية والصناعية في أوروبا. لذلك، كلّما تقدّمت هذه الحضارة المادية البعيدة عن الروح المعنوية أكثر، ازداد انحرافها. إنّها تجعلهم يعيشون المرارة هم وسائر البشرية بثمارها المسمومة، وهو ما فعلته إلى اليوم.
...الأفكار الجديدة التي قدّمتها مدرسة إمامنا الجليل السياسية للعالم، هو أن تتصاحب السياسة والمعنوية والسلطة والأخلاق، وأن تراعى الأصول الأخلاقية في كافة أركان ومحطّات البرمجة للسلطة السياسية. هذه هي الخصيصة الأولى من الخصائص الرئيسة لمدرسة الإمام السياسية.
الخصيصة الثانية هي الإيمان الراسخ والصادق بدور الجماهير: الإيمان بالكرامة الإنسانية وبالدور الحاسم لإرادة الإنسان. الهوية
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
153

143

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 الإنسانية في مدرسة الإمام السياسية لها قيمتها وكرامتها، ولها أيضاً قدرتها وكفاءتها.

والنتيجة التي تترتّب على الاعتبار والكرامة هي أن يكون لأصوات الجماهير دور رئيس في إدارة مصير الإنسانية والمجتمع. من هنا كانت حكومة الشعب في مدرسة إمامنا الجليل السياسية المستقاة من كيان الإسلام حكومة شعبية للرأي العام. يختار الناس الطريق بآرائهم وإرادتهم ورغبتهم وإيمانهم ويختارون مسؤوليّتهم أيضاً. لذلك بعد أقلّ من شهرين على انتصار الثورة عرض الإمام أساس النظام المنبثق عن الثورة على أصوات الشعب. قارِنوا هذا بما يفعله الانقلابيون العسكريّون في العالم، والسلوك الذي انتهجته الحكومات الشيوعية. والسلوك الذي تمارسه أمريكا اليوم. بعد خمسة عشر شهراً من الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق، لا تزال أمريكا اليوم تمنع شعب هذا البلد أن يقول ماذا يريد ومَن يريد لحكومته. بالأمس تحدّث ممثّل الأمم المتحدة فقال: "لأنّ للأمريكيين تواجدهم العسكري في العراق، ينبغي مراعاة رأي الحاكم الأمريكي في انتخاب عناصر الدولة!"، هذه هي ديقراطيتهم. اسم الديمقراطية لمجرّد الخداع.
... وفي البلد الذي لم يعرف طوال قرون متمادية - باستثناء لحظات عابرة - معنى آراء الجماهير وإرادتهم، ولم تقع أعيننا طوال عمرنا على صندوق اقتراع واحد! ولم يعر أحدٌ قيمةً لأصوات الشعب الإيراني،
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
154

144

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 وقد بلغ الدكتاتوريون خلال كلّ فترات حكمهم ذروة اللامبالاة بالشعب، جاءنا الإمام والثورة والنظام الإسلامي بحكومة الشعب.

الخصيصة الثالثة من خصائص مدرسة الإمام السياسية نظرتها الدولية والعالمية: الإنسانية كلها هي التي كان يعنيها الإمام في كلامه وأفكاره السياسية، وليس الشعب الإيراني وحده. لقد أصغى شعب إيران لهذه الرسالة بروحه، ووقف إلى جانبها، وكافح من أجلها، واستطاع أن يكتسب عزّته واستقلاله. على أنّ مخاطبي هذه الرسالة هم الإنسانية كلّها. مدرسة الإمام السياسية، تروم هذا الخير والاستقلال والعزّة والإيمان لكل الأمّة الإسلامية ولجميع البشرية. هذه رسالة على عاتق الإنسان المسلم. طبعاً. الفارق بين الإمام وبين الذين يعتبرون أنفسهم أصحاب رسالة عالمية، هو أنّ مدرسة الإمام السياسية لا تريد فرض الاعتقاد بأفكارها وطريقها على شعب بالمدافع والدّبابات والأسلحة والتعذيب. الأمريكيون أيضاً يقولون إنّ لنا رسالة هي نشر حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم، هل طريق نشر الديمقراطية هو استخدام القنبلة الذرية في هيروشيما؟!... المدرسة السياسية الإسلامية تترك فكرتها الصحيحة وحديثها الجديد في فضاءات الذهن الإنساني بعد تبيينه وإيضاحه فيتضوّع في كل مكان كنسائم الربيع وأريج الورود. أصحاب الشامّة السليمة سيشعرون به وينتفعون منه وقد انتفعوا منه اليوم في العديد من بلدان الدنيا. الفلسطينيون يقولون إننا استلهمنا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
155

145

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 حياتنا الثانية ويقظتنا من رسالة الإمام، واللبنانيون يقولون إنّنا تعلّمنا الانتصار على جيش الكيان الصهيوني وطرد الصهاينة من مدرسة الإمام، والمسلمون في كل نقطة من العالم الشباب المسلم، المستنيرون المسلمون، والنخب المسلمة يعدّون فتوحاتهم الفكرية، في الميادين السياسية، وليدة وصنيعة المدرسة الفكرية للإمام. قطاعات الأمّة الإسلامية تستشعر العزّة باسم الإسلام. هذه هي النظرة الدولية لقضايا الإنسانية في مدرسة الإمام، وهي لا تختصّ بالعالم الإسلامي. لذا كانت قضية فلسطين بالنسبة لنا قضية أساس، ومصائب الأمّة الإسلامية مؤلمة بالنسبة لنا. ما يحدث في العالم الإسلامي يعد قضايا أساس بالنسبة لشعب إيران، والذين يعشقون ويأنسون باسم الإمام الكبير وذكراه لا يمكنهم أن يمرّوا على هذه القضايا مرور الكرام. ولهذا، يعتزم العالم الاستكباري اقتراف أعظم الجرائم ضدّ الشعوب المسلمة، فإذا كانت بقية الشعوب المسلمة لا ترى ولا تعي ولا تتّخذ قراراً، وحتى لا تعترض، فإنّ الشعب الإيراني يرى ويعي ويعترض ويتّخذ مواقفه ولا يبقى غير مكترث لقضايا العالم الإسلامي.

الخصيصة المهمّة الأخرى لمدرسة إمامنا الجليل السياسية هي حراسة القيم: التي أوضح مظهرها إمامنا الكبير في تبيينه لأطروحة ولاية الفقيه. فمنذ مطلع الثورة الإسلامية وانتصار هذه الثورة وتشكيل النظام الإسلامي، حاول الكثيرون الإشاعة بأنّ فكرة ولاية الفقيه غير
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
156

146

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 صائبة. وسيّئة، ومخالفة للواقع. فكانت هناك تصوّرات مناقضة للواقع وكاذبة، ومطاليب وتطلّعات لا تتطابق مع هيكلية النظام السياسي الإسلامي، والفكر السياسي لإمامنا الكبير. حين تسمعون الإعلاميين الجانحين إلى الأعداء يُذيعون هذه الأفكار. اعلموا أنّ هذا ليس بالظاهرة الجديدة، فقد كانت هناك منذ البداية هذه التيّارات وهؤلاء المتدرّبون وهذه الدعايات من الآخرين. يحاول البعض تصوير ولاية الفقيه بمعنى الحكومة الفردية المطلقة، وهذا كذبٌ. ولاية الفقيه هي محطّة هندسة النظام، وصيانة خطّه واتّجاهه والحيلولة دون انحرافه يميناً أو شمالاً. هذه هو مفهوم ولاية الفقيه، ومعناها الأكثر جذريةً ومحوريةً. وبالتالي، فإنّ ولاية الفقيه ليست حالة رمزية وتشريفية محضة مهمّتها تقديم النصائح، كما أراد ذلك البعض في بدايات الثورة وأشاعه، ولا هي صاحبة دور في السلطة التنفيذية على أركان الدولة، إذ للبلاد مسؤولوها التنفيذيّون والقضائيّون والتشريعيّون، وعلى الجميع النهوض بمهمّاتهم حسب مسؤولياتهم، وأن يتحمّلوا مسؤولياتهم هذه... إنّ ضوابط القيادة وولاية الفقيه، حسب المدرسة السياسية لإمامنا العظيم، هي ضوابط دينية، وليست كضوابط البلدان الرأسمالية التي تتلخّص في التبعية لهذا التيار القوي والغني أو ذاك... الضوابط في المدرسة السياسية الإسلامية ليست هذه. الضوابط هنا ضوابط معنوية. الضابطة هنا عبارة عن العلم والتقوى والدراية. العلم يفرز الوعي، والتقوى تورث

 

 

 

 

 

 

 

157


147

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 الشجاعة، والدراية تضمن مصالح البلاد والأمّة. هذه هي الضوابط الرئيسة طبقاً لمدرسة الإسلام السياسية. إذا سُلبت من المسؤول إحدى هذه الضوابط وافتقدها، ستسقط عنه الأهلية، حتى لو وقف كافّة الشعب في البلاج إلى جانبه. لأصوات الجماهير تأثيرها، ولكن ضمن إطار هذه الضابطة. الذي يتولّى دور القيادة وولاية الفقيه، إذا سُلبت منه ضابطة العلم أو التقوى أو الدراية، تسقط عنه الصلاحية، حتى لو أرادته الجماهير وهتفت باسمه، فلن يكون بوسعه مواصلة هذه المسؤولية، من ناحية أخرى، مَن تتوفّر فيه هذه الضوابط ويُنتخب بأصوات الجماهير المتحقّقة عن طريق مجلس الخبراء أي أنّه متّصل بأصوات الشعب وإرادته ليس بمقدوره القول: أنا لدي هذه الضوابط، إذن يجب على الناس أن يقبلوا منّي. ليس لدينا "يجب". الناس هم الذين ينتخبون. حقّ الانتخاب من حقوق الجمهور. انظروا كيف اجتمعت الضوابط الدينية وإرادة الشعب، بكلّ مرونة وجمال، في أكثر النقاط حساسيّة، حيث توجد إدارة النظام. هذا ما جاء به الإمام. من البديهي أن لا يروق هذا الدور لأعداء الإمام الخميني، وأعداء مدرسته السياسية. لذلك شنّوا عليه كلّ هجماتهم، وعلى رأسهم، أولئك الذين مُنِعت أيديهم ببركة الإمام الكبير ومدرسته السياسية، من نهب المصادر المادّية والمعنوية لهذه البلاد. هؤلاء هم الطليعة، وثمّة من يتحرّكون وراءهم.

 

 

 

 

 

 

158


148

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 النقطة الأخيرة: التي سأذكرها كسمة أخرى لمدرسة الإمام السياسية هي قضية العدالة الاجتماعية. العدالة الاجتماعية من أهم وأوّل الخطوط في المدرسة السياسية لإمامنا الجليل. العدالة الاجتماعية وردم الهوّة الطبقية، يجب أن تُلاحظ وتُعدّ هدفاً في كافّة البرامج الحكومية من تقنين وتنفيذ وقضاء. أن نقول يجب أن نجعل البلاد ثرية. أي نرفع من مستوى الناتج الإجمالي الوطني ثمّ تتكدّس الثروات في جانب لصالح فئة معيّنة، وتبقى مجاميع كبيرة من الناس خالية الوفاض، فهذا لا ينسجم مع المدرسة السياسية للإمام. ردم الفجوة الاقتصادية بين الجماهير، وتبديد التمييز في الانتفاع من شتّى المصادر الوطنية بين طبقات الناس، يُمثّل أهم وأصعب مسؤولياتنا. جميع المخطّطين، والمشرّعين، والمنفّذين، وكافّة العاملين في الأجهزة والمؤسّسات المختلفة، يتعيّن أن يلتفتوا إلى هذه النقطة، ويعدّوها من أهم مميّزات تحرّكهم.

لقد أسّست هذه المدرسة النظام الإسلامي. ومضى على ذلك خمس وعشرون سنة. وقد شُنّت، طوال هذه الخمس وعشرين سنة، الكثير الكثير من الهجمات على بلادنا وشعبنا وهذه المدرسة السياسية، إلّا أنّ شعبنا تقدّم يوماً بعد يوم.
 
03/06/2004
 
 
 
 
 
 
 
 
 
159

149

أصالة خطّ الإمام الــــخــمــيــنــي قدس سره في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 أنا الذي أعتبر نفسي جُنديًّا بسيطًا من جُند الله بل وقطرة في بحر حزب الله الهائج مستعدٌّ لأقارع الأعداء والمنافقين إلى آخر قطرة من دمي، وسأجعل من: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ شعارًا بل أنشودة أنشدها في كلّ يوم، بل وفي كلّ لحظة.

الإمام الخامنئي دام ظله
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
160

150
الإمام الخامنئي دام ظله القائد المرجع