معجم كربلاء


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2016-03

النسخة: 0


الكاتب

معهد سيد الشهداء

هو مؤسسة ثقافية متخصصة تعنى بشؤون النهضة الحسينية ونشرها، وإعداد قدرات خطباء المنبر الحسيني وتنميتها، معتمدة على كفاءات علمائية وخبرات فنية وإدارية... المرتكزة على الأسس الصحيحة المستقاة من ينبوع الإسلام المحمدي الأصيل.


المقدمة

 المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم


والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّد الأنبياء والمرسلين محمّد وعترته أهل بيته الطيّبين الطاهرين.


عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً".1
 
تختصر هذه الرواية قصّة الإمام الحسين عليه السلام ونهضته لتبيّن أنّها نهضة كُتِبَ لها البقاء والدوام والخلود, فكثيرة هي الثورات التي لم يكتب لها البقاء ولم يبق لها ذكر إلّا في مطاوي الكتب وذاكرة التاريخ.
 
ولعلّ أهمّ ما يمكن الإشارة إليه كسبب لبقاء وخلود هذه النهضة هو عدّة أمور:


أوّلاً: شخصيّة الإمام الحسين عليه السلام الاستثنائيّة, حيث امتاز هذا الإمام العظيم - كبقيّة أئمّة أهل البيت عليهم السلام- بصفات ومؤهّلات لا توجد في بقيّة أفراد هذه الأمّة, ما جعله امتداداً لخطّ النبوّة دون سواه, كيف؟ وقد قال فيه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "حسين منّي وأنا من حسين2", وفيما قاله الإمام الحسين عليه السلام للوليد بن عتبة: "أيّها الأمير إنّا أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة, بنا فتح الله وبنا ختم الله.."3.



1- النوريّ المحدّث الشيخ حسين: مستدرك الوسائل ج 10 ص 312.
2- ابن قولويه: كامل الزيارات ص 117.
3- ابن طاووس: اللهوف في قتلى الطفوف ص 17.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
5

1

المقدمة

 ثانياً: إنّ ما اجتمع له من أهل بيت وأنصار وأصحاب كانوا أيضاً استثنائيّين, وهذا ما جاء في وصفهم على لسان الإمام الحسين عليه السلام نفسه: "فإنّي لا أعلم أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي, فجزاكم الله عنّي جميعاً خيراً"1.


وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً فيما قاله فيهم حين مرّ بكربلاء: "..ومصارع عشّاق شهداء، لا يسبقهم من كان قبلهم, ولا يلحقهم من بعدهم"2.


وثالثاً: الشعارات الخالدة التي تظهر الدوافع والأهداف لهذه النهضة والتي لا ترتبط بظرفٍ خاصّ ولا بحالة خاصّة, وإنّما تنصبّ على حركة المجتمع وإصلاحه وهدايته نحو السعادة الحقيقيّة, ويمكن أن نلاحظ ذلك بوضوح إذا نظرنا إلى كلمات الإمام الحسين عليه السلام, أمثال قوله:
"إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي صلى الله عليه وآله وسلم أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي عليّ ابن أبي طالب عليه السلام فمن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ.."3.
 
وقوله عليه السلام: "ألّلهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان، ولا التماساً من فضول الحطام، ولكن لنري المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك.."4.
 
وقوله عليه السلام: "ألا إنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلّة يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون.."5, إلى غير ذلك من نصوص وكلمات.


ورابعاً: ما أفرزته هذه الثورة والنهضة من تصنيف على مستوى النتائج, فقد وضعت حركة الإمام عليه السلام هذه الأمّة أمام امتحانٍ عظيم, اختصره عليه السلام بسطرين 
 
 
 

1- الطبريّ: تاريخ الطبريّ ج 4 ص 317.
2- المجلسيّ: بحار الأنوار ج 41 ص 295.
3- المجلسيّ: بحار الأنوار ج 44 ص 330.
4- المجلسيّ: بحار الأنوار ج 97 ص 80, ويروى ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً, وكلّهم نور واحد.
5- الأمين السيّد محسن: لواعج الأشجان ص 131.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
6

2

المقدمة

 لما فصل متوجّهاً إلى العراق ودعا بقرطاس وكتب فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن عليّ إلى بني هاشم، أمّا بعد، فإنّه من لحق بي استشهد، ومن تخلّف عنّي لم يبلغ الفتح والسلام"1، ففاز بنصرته فريق وتخلّف آخرون..

 

 
ومن هنا كان من الضروري التعرّف على الشخصيّات والوجوه التي ضمّها كلا المعسكرين، لتكون درساً للأمّة في مسيرتها، وعبرة لها في اتخاذ المواقف المختلفة التي تميّز بين الحقّ والباطل.
 
هذا الكتاب:
ومن هنا جاءت فكرة تعريب هذا الكتاب من اللغة الفارسيّة، لمؤلّفه الفاضل المتتبّع "محمّد باقر بور أميني"، حيث احتوى على تراجم للشخصيّات والوجوه التي لها علاقة بكلا المعسكرين من قريب أو بعيد، مستعرضاً أهمّ ما يذكر حولهم دون أن يكون بصدد استقصاء كلّ شيء عنهم، ممّا جعله- بحقّ- معجماً لكربلاء، فجاء الكتاب صغيراً في حجمه غنيّاً في مضمونه، فللّه درّه وعلى الله سبحانه وتعالى أجره.
 
واحتوى الكتاب على خمسة فصول:
الفصل الأوّل: بعنوان "سيّد الشهداء"، استعرض فيه سيرة سيّد الشهداء عليه السلام باختصار من الولادة وحتّى الشهادة، وضمّنه بيان المنازل والأماكن التي مرَّ فيها ركب الحسين من مكّة إلى كربلاء وما جرى فيها من أحداث.
 
الفصل الثاني: بعنوان "السابقون" استعرض فيه على الترتيب ذكر: الهاشميّين والصحابة والشباب والأطفال والفتيان والنساء والبنات والسفراء والأسرى والجرحى والموالي وختاماً أصحاب وأنصار الحسين عليه السلام.
 
الفصل الثالث: بعنوان "الملتحقون" استعرض فيه ترجمة الذين التحقوا بالإمام عليه السلام في الطريق أو في كربلاء ونالوا درجة الشهادة.
 
الفصل الرابع: بعنوان "المتخلّفون"، وهم من تخلّف عن الإمام عليه السلام في كربلاء أو قبلها.
 
 
 
 

1- الطبريّ ابن رستم: دلائل الإمامة ص 188.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
7

3

المقدمة

 الفصل الخامس: بعنوان "الظالمون" وهم أعداء الحسين عليه السلام ومن شاركوا في قتله وظلمه وظلم أهل بيته عليهم السلام وأنصاره أو كان له دور في ذلك.


عملنا في الكتاب:
- حاولنا قدر الإمكان تعريب النصّ دون التصرّف بالمضمون إلّا بمقدار الضرورة.

- حافظنا على ترتيب الكتاب بنفس ترتيب المصنّف له، والذي اعتمد فيه على العناوين، فربما تكرّرت بعض الأسماء في عدّة من هذه العناوين ولكن تمّت ترجمة الشخص تحت عنوان واحدٍ منها، وأرجعت إليه بقيّة المواضع، مثال ذلك: الحسن بن الحسن المثنّى، حيث تمّت ترجمته ضمن بني هاشم، ثمّ أورد مرّة أخرى ذكر الاسم فقط ضمن عنوان الجرحى تارة والأسرى تارة أخرى. فليلاحظ.

- النصوص التي قام بترجمتها المصنّف من المصادر العربيّة، قمنا بالرجوع إلى نفس تلك المصادر واستخرجنا منها النصّ بالعربيّة.

- قمنا بتغيير اسم الكتاب الذي كان بالفارسيّة "چهره ها در حماسه كربلا" والذي يعني وجوه وسمات من ملحمة كربلاء، واستبدلناه بـ: "معجم كربلاء (لمحة عن الشخصيّات والأحداث والأماكن)" كون هذا الأخير أقرب إلى مضمون الكتاب وأكثر مناسبة مع اللغة العربيّة.

- تمّ حذف بعض الفقرات من النّص - وهي قليلة - وذلك لعدم انسجامها مع السياسات المعتمدة في المعهد.
وفي الختام فإنّنا نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه وأن يثيب العاملين فيه والقارئين له أجراً عظيماً ويرزق الجميع شفاعة محمّد وأهل بيته الطيّبين الطاهرين، إنّه سميع مجيب.

معهد سيّد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسينيّ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
8

4

المقدمة

 مقدّمة المؤلّف

وَوُجُوهٍ كَالمَصَابِيحِ            فَمِنْ قَمَرٍ غَابَ وَمِنْ نَجْمٍ هَوَى
لَيْسَ هَذَا لِرَسُولِ اللهِ يَا       أُمَّةَ الطُّغْيَانِ وَالبَغْيِ جَزَى1
 
تمثّل واقعة كربلاء ثورة كشفت العديد من وجوه الشخصيّات في امتحان إلهيّ عسير.
 
لقد قام الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام من أجل إحياء الأمّة الإسلاميّة وإرشادها إلى طريق الخير والصلاح، ولم يكن هذا السعي لأجل "منافسة في سلطان" أو "التماس شيءٍ من فضول الحطام" بل كان هدفه "إعلاء راية دين الله" و"الإصلاح في البلاد" و"ليأمن المظلومون من عباد الله" وتعمل الأمّة بما وجب عليها من الفرائض والسنن.

ولقد كانت هذه الثورة امتحاناً شاملاً: للعامّة والخاصّة؛ للصغار والكبار، للنساء والرجال، للعرب والعجم. وقد توجّه سيّد الشهداء عليه السلام بالخطاب فيها إلى النخب السياسيّة وعوام الأمّة فلبّى "السابقون" نداء هذه النهضة، والتحق بهم آخرون "المهتدون" في هذا المسير الأحمر القاني. وأمّا الأكثريّة فكانت في صفّ الظالمين الذين نعتهم الإمام الحسين عليه السلام بأنّهم: "طواغيت الأمّة وشذّاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ونفثة الشيطان وعصبة الآثام ومحرّفي الكتاب ومطفئي السنن"2
 
 
 

1- من قصيدة للشريف الرضيّ.
2- الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج2، ص6. 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
9

5

المقدمة

 ومضافاً إلى هؤلاء فإنّ طائفة رابعة بردّها لدعوة الإمام عليه السلام رأت أنّ تكليفها مراقبة اصطفاف جبهة الحقّ في مقابل جبهة الباطل ويمكننا تسمية هؤلاء بـ"الخاسرون" لثورة كربلاء الخالدة.

 
(شعر)
سَوْفَ يَأتِي مِنْ العَالَمِ نِدَاءَانِ مُتَضَادَّانِ          فَلِأَيٍّ مِنْهُمَا أَنْتَ مُسْتَعِدُّ
نِدَاءٌ لِنُشُورِ الأَتْقِياءِ                               وَنِدَاءٌ لِغُرورِ الأَشْقِيَاءِ 
وَآخَرُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَ الأَخْيَارِ                  لا جَرَمَ أَنْ سَيَكُونُ مَعَ الفُجَّارِ
وَمَا دُمْتَ لَنْ تَعْرِفَ الظَّلَامِ                      فَاسْعَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ لِتَتَهَيَّأَ للْإِمَامْ1
 
من حكاية طلوع الوجوه وأفولها تتداعى في الأذهان، غصص السقوط وقصص وقائع التاريخ وأحداثه، وفي كلّ ثورة ونهضة هناك "متخلّف عن الطريق" وآخر "ملتحق به".


وجمال التاريخ وروعته أن تبقى أنت خالداً في صفّ أصحاب اليمين.
 
(شعر)
العِبْرَةُ فِي تِلْكِ القِصَّةِ          فَيَا نَفْسُ اعْتَبِرِي بِهَا2
محمّد باقر پور أميني
ذو الحجّة 1424هـ.ق
بهمن 1382هـ.ش
 
 
 

1- الشعر بالفارسيّة:
از جهان دو بانگ مي آيد بضد               تا كدامين را تو باشى مستعد
آن يكى بانگش نُشور اتقيا                  وآن يكى بانگش فريب اشقيا
آن يكى چون نيست با اختيار يار           لا جرم شد پهلوى فجّار جار
گر تو نشناشى كسى را از ظلام          بنكر او را كُوش سازيدست امام
2- عبرت است آن قصّه                     اى جان مر تو را
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
10

6

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 السنون الأولى



ولد الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام في الثالث من شعبان للسنة الرابعة من الهجرة في المدينة المنوّرة1.
وقد اختار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لحفيده الثاني2 اسم "حسين"3، وهو اسم من أسماء أهل الجنّة لم يكن معروفاً حتّى ذلك الحين بين أعراب الجاهليّة.
 
وعندما جاء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لرؤيته أخذه في أحضانه فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى. ثمّ أخذ ينظر إليه ويبكي وعندما سئل عن سبب بكائه أجاب قائلاً: "تقتله الفئة الباغية من بعدي، لا أنالهم الله شفاعتي"4.
 
وقد اقترنت السنوات السبع الأولى من حياة الإمام الحسين عليه السلام مع السنوات الأخيرة من حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يتعهّد أمر حفيده في البيت والشارع والمسجد وعلى المنبر، مظهراً للناس شعاعاً من أشعة علاقته تجاه الحسين عليه السلام، يقول يعلى بن مرّة أنّه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى طعامٍ دُعوا إليه فإذا حسينٌ مع الصبيان يلعب في السكّة (الطريق)، قال: فتقدّم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أمام القوم وبسط يديه
 
 



1- ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج2، ص231؛ المزّي، تهذيب الكمال، ج6، ص398.
2- "الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنّة لم يكونا في الجاهليّة" (ابن حجر، الصواعق المحرقة، ص190؛ السيوطيّ، تاريخ الخلفاء، ص73).
3- روي أنّ جبرائيل هبط على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "يا محمّد، العليّ الأعلى يقرئك السلام ويقول: عليّ منك كهارون من موسى، سمِّ ابنك هذا باسم ابن هارون، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: وما اسم ابن هارون؟ قال: "شبير". قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: لساني عربيّ، قال جبرائيل عليه السلام: سمّه "الحسين"". (الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج2، ص25). 
4- الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ج1، ص377.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
13

7

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

  فجعل الغلام يفرّ هنا وههنا، ويضاحكه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حتّى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى تحت قفاه، ثمّ قنّع رأسه فوضع فاه على فيه فقبّله وقال: "حسين منّي وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسيناً"1.

 
لقد كان النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على علم بشهادة الحسين عليه السلام على يد أمّته وقد أخبر بذلك بعض أصحابه، ومن جملة ذلك ما قاله النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يوماً لزينب بنت جحش: "أتاني جبرائيل فأخبرني أنّ أمّتي ستقتل ابني هذا -يعني الحسين- وأتاني بتربة من تربته حمراء"2.
 
إنّ الحسين عليه السلام هو خامس أصحاب الكساء، حيث إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جمعه مع أبيه الإمام عليّ عليه السلام وأمّه فاطمة عليها السلام وأخيه الحسن عليه السلام تحت الكساء، وقد سمّاهم بأنّهم "أهل بيتي" وطلب من الله أن "يذهب عنهم الرجس ويطهّرهم تطهيراً"3.
 
ومن بعد ذلك نزلت آية التطهير في شأن الحسين وبقيّة أهل البيت عليهم السلام حيث يقول تعالى:
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾4 وفي السنة الحادية عشرة للهجرة جلس الحسين عليه السلام وهو في السابعة من عمره الشريف في عزاء جدّه العزيز صلى الله عليه وآله وسلم، وفي نفس تلك السنة أيضاً وبعد مدّة قصيرة جدّاً لم يلبث الحسين عليه السلام أن فجع بأمّه الزهراء عليها السلام فكان شاهداً على شهادتها وهي في ريعان شبابها.


في عهد أبيه
تابع الإمام الحسين عليه السلام حياته وحيداً يرقب إقصاء أبيه ومظلوميّته في فترة ليس فيها لعليّ عليه السلام أيّ ناصرٍ ومعين ومدافع عنه سوى أقربائه وأهل بيته وقد وصفهم قائلاً: "فنظرت فإذا ليس لي رافدٌ ولا ذابٌّ ولا مساعد إلّا أهل بيتي، فضننت بهم عن المنيّة"5.
 
 
 

1- صحيح ابن حبّان، ج15، ص428؛ سنن ابن ماجة، ج1، ص62؛ المتّقي الهنديّ، كنز العمّال، ج6، ص233.
2- كنز العمّال، ج6، ص223.
3- ابن عديم، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من كتاب بغية الطلب، ص63؛ الطحاويّ، مشكل الآثار، ج1، ص334.
4- سورة الأحزاب، الآية: 33.
5- نهج البلاغة، الخطبة 217.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
14

8

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 وعندما جلس الإمام عليّ عليه السلام على مسند الخلافة وبايعه الناس تكلّم الحسين إليهم في المسجد وقال فيما قال:

"معاشر الناس، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: إنّ عليّاً مدينة هدى، فمن دخلها نجى، ومن تخلّف عنها هلك"1.
 
ومنذ الأيّام الأولى لخلافة أمير المؤمنين عليه السلام نكث البعض بالبيعة وقسط آخرون فثاروا عليه، وخرجت عن الدين طائفة ثالثة أفسدت فيه، فنهض الإمام عليّ عليه السلام لحرب الناكثين والقاسطين والمارقين، وشارك الإمام الحسين مع أخيه الإمام الحسن عليهما السلام إلى جانب أبيهم عليه السلام في حروب الجمل وصفّين والنهروان2.
 
وسعى الإمام الحسين عليه السلام جاهداً حين الخروج إلى صفّين باستنهاض أهل الكوفة3 ودعوتهم للالتحاق بجيش أمير المؤمنين عليه السلام فقال لهم بعد أن اعتبرهم الأحبّة الكرماء: "ألا إنّ الحرب شرّها ذريع وطعمها فظيع، وهي جرع مستحساة فمن أخذ لها أهبتها واستعدّ لها عدّتها ولم يألم كلومها فذاك صاحبها، ومن عاجلها قبل أوان فرصتها واستبصار سعيه فيها فذاك كمن لا ينفع قومه وأن يهلك نفسه، نسأل الله بقوّته أن يدعمكم بالفئة"4.
 
وفي أثناء المسير إلى صفّين وعندما وصل الجيش إلى أرض كربلاء وقف أمير المؤمنين عليه السلام على شطّ الفرات فتغيّر لون وجهه المبارك وبكى وتأوّه وقال لولده الحسين عليه السلام: "اصبر يا أبا عبد الله فلقد لقي أبوك منهم (آل أبي سفيان) مثل الذي تلقى من بعدي"5.
 
وكان الحسين عليه السلام في صفّين إلى جانب أخيه الحسن عليه السلام على الميمنة قائداً 
 
 
 

1- الشيخ الصدوق، الأمالي، ص280.
2- موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام، ص136.
3- محمّد باقر المجلسيّ، بحار الأنوار، ج32، ص405.
4- محمّد باقر المجلسيّ، بحار الأنوار، ج32، ص405.
5- الفتوح، ص505.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
15

9

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 للخيّالة من الجيش1.

 
وعندما ضُرب أمير المؤمنين عليه السلام كان الحسين عليه السلام في المدائن ووصله الخبر2 عبر رسالة من الإمام الحسن عليه السلام فحضر شهادة أبيه عليه السلام.
 
مع وحدة أخيه
وبعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام بيومين بايع أربعون ألفاً الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، ولم تكد تمضي سبعة أشهر على خلافته حتّى واجه مسلسلاً من جفاء أهل الودّ ظاهراً وفتنِ الناكثين للبيعة من "أشباه الرجال"3 كما وصفهم أمير المؤمنين عليه السلام، وكذلك أساليب معاوية العدائيّة.


وفي هذه الفترة وقف الحسين إلى جانب وحدة أخيه حامياً ومسانداً ومؤازراً له في حربه ضدّ معاوية.
إلّا أنّ الإمام الحسن عليه السلام ومع مواجهته لضعف الجيش وخوفه وجبنه وركونه إلى الدنيا وخيانة قوّاده وانسحاب البعض أفواجاً أفواجاً من ذوي الشأن وغيرهم اضطرّ في نهاية المطاف مُكرهاً للقبول بالصلح وتسليم الخلافة إلى معاوية. 

وها هو يقول لأخيه الإمام الحسين موضحاً السبب في ذلك: "... بأيّ معين وناصرٍ أقاتل عدوّي، وبأي عضدٍ ومغمومٍ أطالب بحقّي، ألا ترى ما فعلت هذه الجماعة مع أبينا المعظّم، وما يصنعون اليوم معي، فأيّ اعتمادٍ يعتمد على هذه الطائفة وأيّ أملٍ يعقد عليهم؟"4
 
ونهض الإمام الحسين عليه السلام بعد زمن الصلح والذي يمكن تسميته بزمن الغربة والوحدة في حماية أخيه والدفاع عنه بعدما واجه الإمام الحسن عليه السلام أيّاماً عصيبة ممتزجة بشماتة الأصحاب ولومهم5 مع عداوة معاوية وآل أميّة وقد تعرّض سلام الله 
 
 
 

1- الفتوح، ص534.
2- الكلينيّ، الكافي، ج3، ص220.
3- نهج البلاغة، الخطبة 27.
4- الفتوح، ص764.
5- وينقل المؤرّخون أنّ بعض الوجوه في الكوفة والمدينة كانوا يذكرون الحسن عليه السلام بأنّه مُذلّ العرب ومذلّ المؤمنين، (الإمامة والسياسة، ج1، ص14، ابن مسكويه، تجارب الأمم، ج1، ص388).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
16

10

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 عليه للكثير من حملات الافتراء والتشويه1.

 
والجدير بالذكر أنّ أهمّ أهداف معاوية كانت رفع منزلة صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من جهة والقضاء والحدّ من منزلة ومكانة وفضائل أهل البيت عليهم السلام من جهة أخرى، وفي هذا المجال كان شغله الشاغل وهمّه الدائم معاداة الإمام عليّ عليه السلام فأوعز إلى عمّاله بذلك وممّا قاله للمغيرة الذي عيّنه والياً على الكوفة سنة 41هـ:
ولست تاركاً إيصاءك بخصلة لا تتحمّ عن شتم عليّ وذمّه والترحّم على عثمان والاستغفار له، والعيب على أصحاب عليّ والاقصاء لهم وترك الاستماع منهم2.
 
وفي هذه الفترة أيضاً كان مروان بن الحكم والياً على المدينة من قبل معاوية وقد بالغ في التعرّض لعليّ عليه السلام والجرأة عليه إلى أقصى الحدود ولأيّ سبب كان، ولم يرتدع عن ذلك بل وتعرّض في إحدى المرّات وفي حضور أبنائه المعصومين عليهم السلام لمقام أهل البيت ومنزلتهم3.
 
ومن ثمّ وفي نهاية هذا المقطع من حياة الإمام الحسين عليه السلام عاين الشهادة المظلومة لأخيه الإمام الحسن عليه السلام فقال مؤبّناً له بعد أن وضعه في لحده:
فَلَيْسَ حَرِيباً مَنْ أُصِيبَ بِمَالِهِ          وَلَكِنْ مَنْ وَارَى أَخَاهُ حَرِيبُ4


العقد الأوّل لإمامة الحسين عليه السلام
بعد استشهاد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام انتقل منصب الإمامة الإلهيّ إلى الإمام الحسين عليه السلام، وفي عقد الإمامة الأوّل له كانت الخلافة بيد معاوية الذي فرح وسرّ عندما بلغه خبر استشهاد الإمام الحسن عليه السلام وسجد لله شكراًعلى ذلك.
 
وسعى معاوية إلى تثبيت سلطة الأمويّين وإبعاد وإقصاء أهل البيت عليهم السلام حتّى أنّه 
 
 
 

1- موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام، ص207.
2- محمّد بن جرير الطبريّ، تاريخ الأمم والملوك، ج4، ص187.
3- ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام، ص145.
4- بحار الأنوار، ج44، ص160.
5- محسن الأمين العامليّ، أعيان الشيعة، ج1، ص576.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
17

11

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 قسّم فدكاً بين مروان بن الحكم وعمرو بن عثمان وابنه يزيد1.

وفي هذه المدّة من خلافة معاوية قام بتصفية وقتل أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام بسبب ولائهم له عليه السلام، وهيّأ الأرضيّة اللازمة لإعلان يزيد وليّاً للعهد من بعده.
 
ومن طرفٍ آخر فقد كان الحسين عليه السلام وفيّاً2 للعهد والصلح الذي أمضاه أخوه الإمام الحسن عليه السلام فأعلن عدم إمكان القيام في وجه معاوية وأنّ ذلك خلاف المصلحة3، ولذا فقد قال لبعض مواليه من شيعة الكوفة عندما دعوه إلى القيام والثورة: "وليكن كلّ رجلٍ منكم حلساً من أحلاس بيته ما دام معاوية حيّاً، فإنّها بيعة كنت والله لها كارهاً، فإن هلك معاوية نظرنا ونظرتم ورأينا ورأيتم"4.


إنّ موقف الإمام هذا لا يعني السكوت على أفعال معاوية القبيحة، ولذا يمكن النظر إلى دور الإمام الفعّال والمؤثّر في هذه المدّة من خلال هذه الأمور:


أ ـ الدفاع عن أمير المؤمنين عليه السلام:
لقد سعى معاوية من خلال لعنه للإمام عليّ عليه السلام إلى أن: "يربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير ولا يذكر له ذاكرٌ فضلاً"5.
 
وفي مقابل هذا الفكر الباطل سعى الإمام الحسين عليه السلام إلى تبيين المنزلة الإلهيّة الرفيعة لأمير المؤمنين عليه السلام فقال يوماً في محضر معاوية:


"أنا ابن ماء السماء وعروق الثرى، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالحسب الثاقب والشرف الفائق والقديم السابق، أنا ابن من رضاه رضى الرحمن وسخطه سخط الرحمن"، ثمّ ردّ وجهه للخصم (معاوية) فقال له: "هل لك أبٌ كأبي أو قديم كقديمي، فإن قلت لا، تُغلب، وإن قلت نعم، تكذب"30.
 
في سنة 59 للهجرة وقبل موت معاوية بسنة قام الحسين عليه السلام، وقبل التوجّه إلى

 
 
 

1- مرآة العقول، ج1، ص167.
2- البلاذريّ، أنساب الأشراف، ج3، ص151.
3- هذا ما لا يكون ولا يصلح.
4- أنساب الأشراف، ج3، ص151.
5- ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج4، ص57.
6- نور الله التستريّ، إحقاق الحقّ، ج11، ص595.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
18

12

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 الحجّ بدعوة بني هاشم والموالين والأتباع والوجهاء وكلّ من قدم إلى الحجّ للاجتماع فاجتمع إليه في منى أكثر من سبعمائة رجلٍ وفيهم مائتا رجلٍ من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقام فيهم خطيباً1 ومنتقداً لمعاوية الساعي إلى تثبيت السلطة في بني أميّة قائلاً لهم: "أمّا بعد، فإنّ هذا الطاغية - يعني معاوية - قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتم وشهدتم"، فدعا الحاضرين إلى إذاعة ونشر أحقيّة الحاكميّة الدينيّة المتمحورة في شخص أمير المؤمنين عليه السلام، وناشد بالله الصحابة التابعين في سبعة عشر مورداً من الفضائل المنحصرة في أمير المؤمنين عليه السلام وأحقيّته في خلافة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وقد صدّق الحاضرون كلّ ما سمعوه من الإمام الحسين عليه السلام، ومن ثمّ أكّد الإمام عليهم قائلاً:

"اسمعوا مقالتي واكتموا قولي، ثمّ ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم. فمن أمنتم من الناس ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون، فإنّي أخاف أن يندرس هذا الحقّ ويذهب، والله متمّ نوره، ولو كره الكافرون"2.


ب ـ مواجهته للتصفية الدمويّة:
قام معاوية إلى جانب سعيه في حذف اسم عليّ عليه السلام وفضائله وأخباره بتصفية دمويّة لأصحاب ومحبّي أمير المؤمنين عليه السلام فقتل بالسيف وجوهاً معروفة- أمثال حجر بن عديّ- في محبّتها لعليّ عليه السلام ونشرها لأفكاره من جهة، ومخالفتها لظلم معاوية وبدعه من جهة أخرى.
 
لقد كان حجر من المدافعين الأشدّاء عن أمير المؤمنين عليه السلام فوقف بكلّ شهامة أمام محاولات بني أميّة للنيل منه وتوهينه. وقام زياد بن أبيه باعتقاله وأرسله مع أصحابه مكبّلين بالسلاسل إلى الشام، وفي رسالته إلى معاوية يصف زياد حجراً بأنّه رأس الطواغيت الموالين لأبي تراب عادّاً له من المخالفين لمعاوية، بشهادة بعض من الوجوه والأعيان عنده3.
 
واعتراضاً من الإمام الحسين على شهادة أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام كحجر بن 
 
 
 
 

1- عبد الحسين الأمينيّ، الغدير، ج1، ص399.
2- كتاب سليم بن قيس، ص206.
3- أبو الفرج الأصفهانيّ، الأغاني، ج17، ص153.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
19

13

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 عديّ وأصحابه في سنة 53 للهجرة، أكّد لمعاوية في رسالة أرسلها إليه بأنّه مطّلع على وقوعه بأبي الحسن واعتراضه على بني هاشم بالعيوب وقال له:

"يا معاوية... وأيم الله لقد أوترت غير قوسك ورميت غير غرضك وتناولتها بالعداوة من مكان قريب ولقد أطعت امرءاً ما قدم إيمانه ولا حدث نفاقه..."1. وكتب سيّد الشهداء عليه السلام إلى معاوية مندّداً به وقائلاً له: "ألست قاتل حجر وأصحابه العابدين المخبتين، الذين كانوا يستفظعون البدع ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فقتلتهم ظلماً وعدواناً، من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة والعهود المؤكّدة، جرأة على الله واستخفافاً بعهده، أولست قاتل عمرو بن الحمق الذي أخلَقَت وأبلَت وجهه العبادة، فقتلته من بعد ما أعطيته من العهود ما لو فهمته العصم نزلت من شعف الجبال... أولست قاتل الحضرميّ الذي كتب إليك فيه زياد أنّه على دين عليّ كرم الله وجهه ودين عليّ هو دين ابن عمّه صلى الله عليه وآله وسلم الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشّم الرحلتين، رحلة الشتاء والصيف، فوضعها الله عنكم بنا مِنّة عليكم"2.


ج ـ مخالفته تنصيب يزيد وليّاً للعهد:
وفي محاولة مفاجئة قام معاوية بالتمهيد لإعلان يزيد وليّاً للعهد وهذا ما لم يكن له سابقة3 في الإسلام، وقد بدأ بهذا الأمر منذ سنة 56 للهجرة من الشام ومن ثمّ طلب من أعيان المدينة الرضوخ لهذه الولاية، ولكن الإمام الحسين عليه السلام مضافاً إلى سائر الأصحاب اعترضوا عليه في ذلك وفي هذه المدّة جرت مراسلات عديدة بين الإمام عليه السلام وبين معاوية وفي إحداها يحذّره من ذلك، يدعوه إلى الخوف من الله في هذا الأمر، قائلاً له: "واعلم أنّ الله ليس بناسٍ لك قتلك بالظنّة وأخذك بالتهمة، وإمارتك صبيّاً يشرب الشراب ويلعب بالكلاب"4.
 
 
 

1- الأربليّ، كشف الغمّة، ج2، ص240.
2- ابن قتيبة الدينوريّ، الإمامة السياسة، ج1، ص180.
3- تاريخ الخلفاء، ص232.
4- محمّد بن الحسن الكاشانيّ، معادن الحكمة، ج1، ص582.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
20

14

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 وكتب الحسين عليه السلام كتاباً إلى معاوية يقرّعه فيه ويؤنّبه على أمور صنعها قال فيه:

"ثمّ ولّيت ابنك وهو غلام يشرب الشراب ويلهو بالكلاب فخنت أمانتك وأخربت رعيتك ولم تؤدّ نصيحة ربّك، فكيف تولّي على أمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم من يشرب المسكر، وشارب المسكر من الفاسقين، وشارب المسكر من الأشرار، وليس شارب المسكر بأمين على درهم فكيف على الأمّة، فعن قليلٍ تَرِد على عملك حين تطوى صحائف الاستغفار"1.
 
ومن أجل استتباب الأمر ليزيد قام معاوية بالقدوم إلى المدينة ومن ثمّ إلى مكّة واستدعى ابن عبّاس والإمام الحسين عليه السلام، وحين قال معاوية قد أصبتُ ذلك عند يزيد على المناظرة والمقابلة ما أعياني مثله عندكما وعند غيركما... وأنّه وصل إلى حدّ الكمال وهو خير لأمّة محمّد في إدارة أمورها، ردّ عليه الحسين عليه السلام قائلاً: "... وفهمت ما ذكرت عن يزيد من اكتماله وسياسته لأمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، تريد أن توهم الناس في يزيد كأنّك تصف محجوباً أو تنعت غائباً أو تخبر عمّا كان احتويته بعلمٍ خاصّ وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ فيه من استقرائه الكلاب المهارشة عند التهارش، والحمام السبق لأترابهن، والقيان ذوات المعازف وضرب الملاهي تجده باصراً، ودع عنك ما تحاول"2.
 
وعندما تكلّم معاوية عن فضائل يزيد وقراءته للقرآن وفضله على الإمام الحسين عليه السلام تعجّب الإمام عليه السلام من هذا الكلام الباطل ومن كذب معاوية وقال في جوابه: "يزيد شارب الخمر، ومشتري اللهو خير منّي؟!"3.
 
فغضب معاوية من ردّ فعل الإمام الحسين عليه السلام وقال لابن عبّاس لقد ساءني رفض الحسين بن عليّ البيعة لابني يزيد وتوهينه إيّاه4.


وعلى الرغم من رفع قادة جيش الشام سيوفهم وتهديدهم الإمام الحسين وثلاثة 
 
 
 

1- النعمان بن محمّد التميميّ، دعائم الإسلام، ج2، ص133.
2- الإمامة والسياسة، ج1، ص186؛ تاريخ اليعقوبيّ، ج2، ص228.
3-  الفتوح، ص802.
4- نفس المصدر، ص804.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
21

15

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 آخرين كانوا معه، وطلب الإذن من معاوية لضرب أعناقهم إن لم يبايعوا يزيد، وظنّ الناس أنّ الحسين عليه السلام ومن معه قد بايعوا، إلّا أنّ الحسين عليه السلام يخرج إلى الناس ويقول لهم: "والله ما بايعنا يزيد، لا سرّاً ولا جهراً"1.

 
وها هو معاوية يوصي ابنه يزيد في لحظات عمره الأخيرة حول كيفيّة التعاطي مع الإمام الحسين عليه السلام قائلاً له:
"ولا تؤذه، ولكن أرعد له وأبرق، وإيّاك المكاشفة له في سلّ سيفٍ أو محاربة طعن رمحٍ..."2.
 
د ـ توجيه النخب وهدايتها:
وفي خطبة للإمام الحسين عليه السلام- قيل إنّه خطبها في منى- تكلّم فيها مخاطباً النخب والعلماء من ذوي المنزلة والمكانة في المجتمع والمشهورين بالمعروف والخير والصلاح والموفّقين بلطف من الله بتحصيل المهابة في قلوب الناس... قائلاً لهم:
"ثمّ أنتم أيّها العصابة، عصابة بالعلم مشهورة، وبالخير مذكورة، وبالنصيحة معروفة، وبالله في أنفس الناس مهابة، يهابكم الشريف، ويكرمكم الضعيف، ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا يد لكم عنده، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلّابها، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر..." وها هنا يتوجّه الإمام عليه السلام إليهم بالسؤال المفاجئ:
"أليس كلّ ذلك إنّما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحقّ الله وإن كنتم عن أكثر حقّه تقصّرون فاستخففتم بحقّ الأئمّة".
 
فالإمام يذكّرهم بأنّ هذه المنزلة والمكانة إنّما نلتموها عند الناس بسبب الله عزَّ وجلَّ وها هو يقرّعهم في تهاونهم عن الدفاع عن دين الله بقوله: "فلا مالاً بذلتموه، ولا نفساً خاطرتم بها للّذي خلقها، ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله...".
 
 
 
 

1- الفتوح، ص807.
2- نفس المصدر، ص814 و816.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
22

16

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 لقد سلّط الإمام عليه السلام الضوء على مسألة خطيرة في الأمّة تستدعي ردّ فعلٍ من النخب والعلماء وتدعوهم إلى التفكّر والتأمّل فقال لهم:

"وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تقرعون، وأنتم لبعض ذمم آبائكم تقرعون، وذمّة رسول الله محقورة، والعمي والبكم والزمن في المداين مهملة، لا ترحمون ولا في منزلتكم تعملون، ولا من عمل فيها تعتبون، وبالإدهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون..."، وباعتقاد الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام فإنّ: "مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه..."، وبالتالي فإنّ وهن أمثال هؤلاء النخب في الإسلام وتقصيرهم في "حفظ مكانة العلماء" سيؤدّي إلى سلب هذه المنزلة منهم ويعلّل الإمام عليه السلام ذلك بقوله: "وما سلبتم ذلك إلّا بتفرّقكم عن الحقّ واختلافكم في السنّة بعد البيّنة الواضحة".
 
ومن الطبيعيّ أنّ غرّة هذا الأمر لن تكون سوى أن مكّنتم الظلمة من منزلتكم وأسلمتم أمور الحكومة الإلهيّة في يد أرذل خلق الله الذين: "في كلّ بلدٍ منهم على منبره خطيب مصقع فالأرض لهم شاغرة، وأيديهم فيها مبسوطة، والناس لهم خول لا يدفعون يد لامسٍ..." ولذا: "لو صبرتم على الأذى وتحمّلتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم تردّ، وعنكم تصدر، وإليكم ترجع، ولكنّكم مكّنتم الظلمة من منزلتكم، وأسلمتم أمور الله في أيديهم، يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات..."44.
 
ومن ثمّ يظهر سيّد الشهداء عليه السلام العجب والأسى من تصدّي الأمويّين للخلافة والحكومة فيقول:
"فيا عجباً وما لي لا أعجب والأرض من غاشٍ غشوم، ومتصدّقٍ ظلوم وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا، أللهم إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان، ولا التماساً من فضول الحطام، ولكن لنُري المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويُعمل بفرائضك وسننك وأحكامك...".
 
 
 

1- ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول، ترجمة پرويز اتابكي، ص238.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
23

17

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 ومن ثمّ ينهي الإمام الحسين عليه السلام خطابه بهذه الكلمات:

"فإنّكم إلّا تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم، وعملوا في إطفاء نور نبيّكم، وحسبنا الله وعليه توكّلنا، وإليه أنبنا وإليه المصير"1.
 
عدم الاعتراف بسلطة يزيد
بعد موت معاوية في سنة 60 للهجرة جلس ابنه يزيد على مسند الخلافة، وأرسل من فوره رسالة إلى واليه على المدينة يطالبه فيها بأخذ البيعة من الإمام الحسين عليه السلام وكبار الصحابة وأعطى أوامره بأن يرسل إليه برأس الحسين2 إن امتنع الإمام عليه السلام عن البيعة.
 
وقد أعلن الإمام الحسين من قبل- وفي زمن تصدّي معاوية للأمر- موقفه من تولّي يزيد العهد من بعد أبيه، وأنّه لا يليق بمنصب الخلافة. ولهذا وقبل إعلان موقفه لحاكم المدينة الطالب للبيعة للخليفة الجديد قال سلام الله عليه لابن الزبير: "إنّي أبايع ليزيد؟! ويزيد رجل فاسق معلن الفسق يشرب الخمر ويلعب بالكلاب والفهود ويبغض بقيّة آل الرسول، لا والله لا يكون ذلك أبداً"3.
 
وأمّا جواب الإمام الحسين عليه السلام للوليد والي المدينة، فقال له: "أيّها الأمير، إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحلّ الرحمة، وبنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شاربُ خمرٍ، قاتل النفس المحترمة، معلنٌ بالفسق، مثلي لا يبايع لمثله"4.
 
وواجه الإمام عليه السلام مروان بن الحكم الذي دعاه إلى بيعة يزيد بتكراره آية الاسترجاع فقال:
"إِنَّا لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ، وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمّة براعٍ مثل يزيد"5.
 
 
 

1- نفس المصدر، ص327 ـ 329.
2- الفتوح، ص830؛ تاريخ اليعقوبيّ، ج2، ص241.
3- الفتوح، ص823؛ الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام، ج1، ص182.
4- الفتوح، ص826.
5- الفتوح، ص827؛ بحار الأنوار، ج44، ص326.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
24

18

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 ومن قبل قال عليه السلام لمعاوية: "فكيف تولّي على أمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم من يشرب المسكر وشارب المسكر من الفاسقين وشارب المسكر من الأشرار"1.

 
وعندما اطلع يزيد على عدم بيعة الإمام عليه السلام كتب إلى الوليد قائلاً له: "وليكن مع جوابك إليّ رأس الحسين بن عليّ"2.
 
وكما ترى فقد ابتدأ يزيد خلافته بسعيه3 لقتل الإمام الحسين عليه السلام، ومن بعد ذلك أمضى الحسين عليه السلام ليلتين في جوار القبر النورانيّ لجدّه النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يصل ليله بنهاره ويقيم الصلاة ولم يزل راكعاً وساجداً في كلّ ليله يشكو إلى جدّه صلى الله عليه وآله وسلم حال أمّته التي لم ترع حرمته من بعده ويبث إليه همومه وأحزانه ويودّعه، وممّا قاله عليه السلام في مناجاته: "أللهم إنّ هذا قبر نبيّك محمّد وأنا ابن بنت محمّد وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، أللهم وإنّي أحب المعروف وأكره المنكر..."4.
 
وتهيّأ الإمام عليه السلام للخروج إلى مكّة وقبل الرحيل التقى بأخيه محمّد بن الحنفيّة الذي اقترح على الإمام عليه السلام قائلاً: "وإنّي أريد أن أشير عليك برأيي فاقبله منّي... أشير عليك أن تنجو بنفسك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت وأن تبعث رسائلك إلى الناس وتدعوهم إلى بيعتك...".
 
فأجابه الإمام عليه السلام: "يا أخي والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت والله يزيد بن معاوية أبداً..."5.


من المدينة إلى مكّة
توجّه الإمام الحسين عليه السلام في ليلة 28 رجب سنة 60 للهجرة6 من المدينة المنوّرة قاصداً مكّة المكرّمة مصطحباً معه في سفره أولاده وإخوته وأخواته وأولادهم
 
 
 
 

1- دعائم الإسلام، ج2، ص131.
2- الفتوح، ص830.
3- الذهبيّ، سير أعلام النبلاء، ج4، ص37.
4- الفتوح، ص831.
5- الفتوح، ص832.
6- أبو مخنف، وقعة الطفّ، ص85.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
25

19

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

  وجمع من أقربائه وأصحابه، وكان وصوله إلى مكّة في الثالث من شعبان2، ففرح أهلها وكبار الصحابة فيها بحضوره وصاروا يختلفون إليه بكرة وعشيّاً3. وأمضى الإمام الحسين عليه السلام في مكّة بقيّة شهر شعبان وشهر رمضان وشوّال وذي القعدة والأيّام الأول من شهر ذي الحجّة الحرام.

 
وفي المشهد الآخر فإنّ أهل الكوفة الذين أضناهم كثرة الضغوطات والمضايقات عليهم من قبل الأمويّين كانوا يبحثون عمّن يقودهم إلى الثورة ضدّهم. فتوجّهوا نحو الإمام الحسين عليه السلام وأرسلوا إليه أثناء إقامته في مكّة المكرّمة بالعديد من الرسائل في سبيل هذا الأمر، وفي المرحلة الأولى وصلته الكتب من أشراف أهل الكوفة أمثال سليمان بن صرد الخزاعيّ والمسيّب بن نجيّة وحبيب بن مظاهر ورفاعة بن شدّاد وعبد الله بن وال وغيرهم، وممّا قالوه في رسالتهم الأولى له وطلبوه منه عليه السلام:
"فأقبل إلينا فرحاً مسروراً مأموناً مباركاً سديداً وسيِّداً أميراً مطاعاً... ولو بلغنا أنّك قد أقبلت إلينا أخرجناه- أي النعمان بن بشير والي الكوفة - عنّا حتّى يلحق بالشام فأقدم إلينا فلعلّ الله عزَّ وجلَّ أن يجمعنا بك على الحقّ".


وبعدما قرأ الإمام الحسين عليه السلام رسالتهم لم يجبهم، ورجع رسولا أهل الكوفة إليها.
وفي المرحلة الثانية التقى الإمام عليه السلام بقيس بن مسهّر الصيداويّ وجماعة معه من وجهاء أهل الكوفة المعروفين، حاملين معهم الرسائل الكثيرة من أهل الكوفة، فسلّموها للإمام الحسين عليه السلام سائلين منه القدوم معهم إلى الكوفة ولكنّه عليه السلام تأنّى في أمره ولم يجبهم أيضاً بشيء.
 
ولكن في المرحلة الثالثة جاءه رسولان من أهل الكوفة هما هانئ بن أبي هانئ وسعيد بن عبد الله يحملان إليه رسالة أشراف الكوفة وأكابرها، أمثال: شبث بن ربعيّ، حجّار بن أبجر، يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم3، عروة بن قيس، عمرو بن الحجّاج ومحمّد بن عمير بن عطارد وقد أعلموه في رسالتهم:
 
 
 

1- أنساب الأشراف، ج3، ص1297.
2-  الفتوح، ص837.
3- الطبسيّ، الإمام الحسين عليه السلام في مكّة المكرّمة، ص342.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
26

20

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 "أمّا بعد، فإنّ الناس منتظرون لا رأي لهم في غيرك، فالعجل العجل يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قد اخضرّت الجنّات، وأينعت الثمار، وأعشبت الأرض وأورقت الأشجار، فأقدم إذا شئت، فإنّما تقدم إلى جندٍ لك مجنّدة..."1.

 
وحينئذٍ أجابهم الحسين عليه السلام فأرسل مسلم بن عقيل ليستخبر أوضاع الكوفة، وبعث معه برسالة لهم يقول فيها:
"... وقد بعثت إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي، مسلم بن عقيل بن أبي طالب (رضي الله عنه) وقد أمرته أن يكتب إليّ بحالكم ورأيكم ورأي ذوي الحجى والفضل منكم، وهو متوجّه إلى ما قبلكم إن شاء الله تعالى، والسلام ولا قوّة إلّا بالله، فإن كنتم على ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم فقوموا مع ابن عمّي وبايعوه وانصروه ولا تخذلوه، فلعمري ليس الإمام العامل بالكتاب والعادل بالقسط كالذي يحكم بغير الحقّ ولا يهدي ولا يُهتدى"2.
 
وقام الإمام الحسين كذلك بإرسال سليمان بن رزين إلى البصرة محمّلاً إيّاه الرسائل إلى رؤوس الأخماس فيها وأشرافها يدعوهم إلى بيعته ونصرته وممّا قاله لهم:
"وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه، فإنّ السنّة قد أميتت، وإنّ البدعة قد أحييت، فإن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد"3.


وفي هذه الأثناء أوعز يزيد - في خطوة ماكرة قبيحة - إلى عمرو بن سعيد بن العاص بأن يتوجّه مع جماعة في مكّة وفي الخفاء لاعتقال الإمام الحسين عليه السلام وإن لم يفلحوا في ذلك فليقتلوه4.
 
ولكنّ الإمام عليه السلام ومن أجل حفظ حرمة حرم الله هيّأ نفسه للخروج من مكّة والتوجّه نحو العراق وقال عليه السلام: "لا نستحلّها ولا تستحلّ بنا"5.
 
 
 

1- الفتوح، ص841.
2- نفس المصدر، ص841 و842؛ تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص278.
3- وقعة الطفّ، ص107؛ محمّد بن طاهر السماويّ، إبصار العين، ص95.
4- بحار الأنوار، ج45، ص99.
5- نفس المصدر، ص85.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
27

21

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 السعي من أجل الإصلاح والتغيير

ومع ورود كتاب مسلم بن عقيل1 إلى الإمام الحسين عليه السلام وتقييمه الإيجابيّ عن أوضاع الكوفة وأحوال أهلها اتضحت معالم وجهة الإمام عليه السلام، وممّا جاء في كتاب مسلم إليه، قال له: "أمّا بعد، فإنّ الرائد لا يكذب أهله، وإنّ جميع أهل الكوفة معك، وقد بايعني منهم ثمانية عشر ألفاً، فعجّل الإقبال حين تقرأ كتابي، فإنّ الناس كلّهم معك ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هدى، والسلام"2.
 
وبالتالي تجهّز الإمام الحسين عليه السلام للتوجّه إلى العراق ليهيّئ الأرضيّة اللازمة للثورة ضدّ يزيد بن معاوية وتأسيس حكومة منبثقة من حكومة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحكومة أمير المؤمنين عليه السلام. ويلحظ هذا الاتجاه بشكل واضح في وصيّته عليه السلام لأخيه محمّد بن الحنفيّة حينما قال له:
"إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي عليّ بن أبي طالب عليه السلام"3 ومع تأكيد الإمام الحسين عليه السلام على أحقيّة أهل بيت الرسالة بالخلافة والقيادة - والتي سلبت4 منهم بعد ارتحال النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم- فإنّه يشير أيضاً إلى أهمّ ما ابتليت به الأمّة الإسلاميّة في حينها والمصيبة الكبرى على الإسلام والمسلمين بتولّي آل أبي سفيان زمام الخلافة وقيادة الأمّة، قال عليه السلام: "إنّا أهل بيت الكرامة، ومعدن الرسالة، وأعلام الحقّ، الذين أودعه الله عزَّ وجلَّ قلوبنا، وأنطق به ألسنتنا، فنطقت بإذن الله، ولقد سمعت جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الخلافة محرّمة على ولد أبي سفيان"5.
 
ولذا نهض الإمام الحسين عليه السلام من أجل إصلاح هذا الوضع الخطير والمؤسف ولم ير إلّا القيام بالسيف والثورة طريقاً لإيجاد التغيير في الأمّة، لاعتقاده بأنّه الأحقّ 
 
 
 

1- وتزامناً مع خروج الإمام الحسين عليه السلام إلى العراق، اعتقل مسلم بن عقيل، واستشهد في التاسع من ذي الحجّة يوم عرفة.
2- الدينوريّ، الأخبار الطوال، ص291؛ ابن نما الحلّي، مثير الأحزان، ص32.
3- بحار الأنوار، ج44، ص329؛ مناقب آل أبي طالب، ج4، ص89.
4- "فاستأثر علينا قومنا بذلك فرضينا وكرهنا الفرقة" (ابن كثير، البداية والنهاية، ج8، ص157).
5- الشيخ الصدوق، الأمالي، ص151.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
28

22

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 بالأمر1، ولم يكن قيامه بذلك من أجل المال والسلطان ممّا يسعى له أهل الدنيا، وقد قال عليه السلام بأنّه: "لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان ولا التماساً من فضول الحطام، ولكن لنري المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك ويأمن المظلومون من عبادك ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك"2. ولم يكن جديراً بهذا التحوّل والتغيير سوى الإمام الحسين عليه السلام الذي يقول:

"وقد علمتم أنّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان وتولّوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، وإنّي أحقّ بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم..."3.
 
ويؤكّد الإمام الخمينيّ قدس سره على هذا النهج السياسيّ للإمام الحسين عليه السلام فيقول:
"إنّ سيّد الشهداء قد قام من أجل استلام الحكومة، وهذا ما سعى إليه وهو فخر كبير في حدّ ذاته، ومن ظنّ غير ذلك فهو واهم ومخطئ، وأنّ هؤلاء قد قاموا من أجل الحكومة أيضاً لأنّ مثل هذه الحكومة يجب أن تكون في يدٍ كَيَد سيّد الشهداء وفي يد كَيَد شيعة سيّد الشهداء أيضاً"4.


الحركات المعارضة
منذ اللحظات الأولى لإعلان الإمام الحسين عليه السلام رفض البيعة ليزيد - وخاصّة أثناء إقامته بمكّة - توجّه إليه البعض من ذوي الشأن والمكانة طالبين منه إعادة النظر في مواقفه وعرضوا عليه العديد من الآراء والطروحات في محاولة لمنع الإمام من القيام والتوجّه نحو العراق، ومع الالتفات إلى تعدّد هؤلاء المعارضين واختلاف طروحاتهم يمكن تقسيم هؤلاء إلى ثلاث طوائف:
 
أ ـ حركة الهاشميّين:
وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى بعض وجوه الهاشميّين أمثال عبد الله بن
 
 
 

1- "إنّي أحقّ بهذا الأمر" (بحار الأنوار، ج44، ص381).
2- تحف العقول، ص327 ـ 329.
3- أنساب الأشراف، ج3، ص171.
4- الإمام الخمينيّ، صحيفة نور، ج20، ص190.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
29

23

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 عبّاس وعبد الله بن جعفر ومحمّد بن الحنفيّة وهؤلاء من الشخصيّات الهامّة التي ذكر أنّها كانت معذورة1 في عدم الذهاب مع الإمام عليه السلام، وفي لقاءاتهم المتعدّدة معه كانوا يذكرون الإمام عليه السلام بالسوابق السلبيّة لأهل الكوفة ويحذّرونه من الذهاب إلى العراق.

 
ولكنّ الإمام الحسين عليه السلام يواجه محمّد بن الحنفيّة في المدينة ويصرّح له في وصيّته إيّاه: "وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي صلى الله عليه وآله وسلم"2.
وأمّا عبد الله بن جعفر فقد كتب الإمام إليه مجيباً له عن شبهة الشقاق والاختلاف بسبب خروجه - كما يزعمه البعض - فقال له: "أمّا بعد، فإنّه لم يشاقق الله ورسوله من دعا إلى الله عزَّ وجلَّ وعمل صالحاً".
 
وفي رسالة ابن جعفر الذي تكلّم فيها بطلب الأمان للإمام عليه السلام نرى أنّه عليه السلام يجيبه "بأنّ خير الأمان أمان الله"3، وكذلك أجاب الإمام عبد الله بن عبّاس قائلاً:
"هيهات هيهات يا ابن عبّاس، إنّ القوم لم يتركوني وإنّهم يطلبونني أين كنت حتّى أبايعهم كرهاً ويقتلوني، والله لو كنت في جحرٍ هامةٍ من هوام الأرض لاستخرجوني منه وقتلوني، والله إنّهم ليعتدون عليّ كما اعتدت اليهود في يوم السبت، وإنّي ماضٍ في أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث أمرني، وإِنَّا لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ"4.


ب ـ حركة المشفقين:
وهذه الطائفة لا يمكن عدّها في ضمن أصحاب النوايا السيّئة، بل إنّهم وإشفاقاً على الإمام عليه السلام طرحوا عليه تجديد الرأي والنظر فيما صمّم عليه، وقد أجابهم عليه السلام
 
 
 

1- السؤال المطروح ها هنا هو لماذا لم يرافق هؤلاء الثلاثة الإمام الحسين في ذهابه إلى العراق؛ وذكر في جواب هذا السؤال ما يلي: أمّا عبد الله بن جعفر فقد كان معذوراً عن المشاركة في الحرب ولكنّه أرسل أبناءه إلى كربلاء (عبد الله المامقانيّ، تنقيح المقال، ج2، ص173)، وعلى حدّ قول بعض المؤرّخين فإنّه كان في ذلك الوقت أعمى (النقديّ، زينب الكبرى، ص87).وأمّا محمّد بن الحنفيّة فادّعيَ أيضاً بأنّه كان مريضاً وغير قادرٍ على المشاركة في تلك الواقعة (العلّامة الحلّي، المسائل المهنائيّة، ص38). وكذلك فإنّ عبد الله بن عبّاس كان في الشهور الأخيرة لسنة 60 من الهجرة يعاني من عينيه بل قيل: إنّه كان أعمى وأنّ ذلك أعذره في مصاحبة الإمام عليه السلام (تنقيح المقال، ج2، ص191؛ الإمام الحسين في مكّة المكرّمة، ص244 و245).
2- بحار الأنوار، ج44، ص329؛ مناقب آل أبي طالب، ج4، ص89.
3- وقعة الطفّ، ص155.
4- محمّد مهدي الحائريّ، معالي السبطين، ج1، ص246.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
30

24

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

  على ما أبدوه من الكلام والنصح، ومن جملة هؤلاء يمكن الإشارة إلى أمثال عبد الله بن مطيع العدويّ1، والأوزاعيّ2 وأبو سعيد الخدريّ3 والمسوّر بن مخرمة4، وذكر في ضمن هؤلاء أيضاً رجلاً يعرف باسم عمر بن عبد الرحمن المخزوميّ الذي قدم إلى الإمام الحسين عليه السلام في مكّة ولم يعتبره الإمام سيّء الرأي، ولا نصحه إيّاه بالقبيح من الفعل5.

 
وحيث إن هذا الرجل قد أبدى قلقه من نقض الكوفيّين للعهود وعدم محاربتهم مع الإمام عليه السلام إلّا أنّه أجابه قائلاً:
"جزاك الله خيراً يا ابن عمّ، فقد والله علمت أنّك مشيت بنصحٍ وتكلّمت بعقلٍ، ومهما يقض من أمرٍ يكن، أخذت برأيك أو تركته"6.
 
ج ـ حركة أصحاب الفرص:
وفي هذا المجال يمكن رصد بعض الوجوه والشخصيّات التي لم تكن مشفقة على الإمام عليه السلام وإن كان ظاهرها النصح له، ومن هؤلاء عبد الله بن الزبير الذي كان يبغض بني هاشم ومعادياً لأمير المؤمنين عليه السلام7، وها هو يطلب من الإمام عليه السلام أن يبقى في مكّة وأن لا يخرج إلى العراق8، مع أنّ المؤرّخين يذكرون بأنّ ابن الزبير لم يكن راضياً عن وجود الإمام الحسين عليه السلام في مكّة، بل كان يطمع في أخذ البيعة منه، وذكر أنّه كان يأتي إلى مجلس الإمام الحسين عليه السلام صباحاً ومساءً مع علمه بأنّه مع وجود الإمام عليه السلام في مكّة لن يرغب أحدٌ من الناس في بيعته9.
 
ولمّا أن عزم الإمام على التحرّك من مكّة باتجاه العراق، لقي ابن عبّاس عبد الله بن
 
 
 
 

1- الأخبار الطوال، ص228.
2- دلائل الإمامة، ص75.
3- البداية والنهاية، ج8، ص163.
4- نفس المصدر، ص165.
5- "ما أظنّك بسيء الرأي ولا هو القبيح من الأمر والفعل" (تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص294).
6- الفتوح، ص867.
7- عليّ نمازي، مستدركات علم رجال الحديث، ج5، ص18.
8- وقعة الطفّ، ص152.
9- الفتوح، ص837.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
31

25

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 الزبير فقال له: قرّت عينك يا ابن الزبير، ثمّ قال:

يَا لَكِ مِنْ قنْبَرَةٍ بِمَعْمَرٍ                خَلا لَكِ الجَوُّ فَبِيضِي واصْفُرِي
وَنَقِّرِي مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي1
 
وأمّا عبد الله بن عمر فقد كان ذا شخصيّة متخفيّة، وقد قام بلقاء الإمام ثلاث مرّات2 ليرغّبه في بيعة يزيد، وقد طلب منه أن يسير في الصلح كما سار بقيّة الناس3، ولكنّ الإمام عليه السلام قال له في إحدى إجاباته:
"اتق الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعنّ نصرتي"4.
 
إلّا أنّ عبد الله بن عمر لم يكتف بعدم نصرة الإمام عليه السلام فحسب بل إنّه أرسل إلى يزيد بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام برسالة ضمّنها القبول بخلافته والبيعة له5

نحو كربلاء
إنّ خطر قتل الإمام عليه السلام في مكّة اتخذ بعداً جدّياً، فقد كان جنود يزيد متخفّين بلباس الإحرام في موسم الحجّ يتحيّنون الفرصة لقتل الإمام عليه السلام.
 
وفي آخر ليلة أمضاها الحسين في مكّة يقول لأخيه محمّد بن الحنفيّة:
"يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية في الحرم فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت"6.
 
وبعد أن قام الإمام بالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة فكّ إحرامه بإتيان العمرة7، وخرج من مكّة في يوم الثلاثاء الثامن من ذي الحجّة للسنة 60 للهجرة يوم التروية واتجه نحو الكوفة مستقبلاً للمصاعب والمحن وقال في ابتداء سيره:
 
 
 

1- تاريخ الخلفاء، ص 206،الأخبار الطوال، ص292،پيام آور عاشوراء، ص143 (رسالة عاشوراء).
2- ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام، ص200.
3- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام، ج1، ص190 و191،صادق نجمي، سخنان حسين بن عليّ عليه السلام، ص42، (كلمات الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام).
4- اللهوف، ص32.
5- العسقلانيّ، فتح الباري، ج13، ص59.
6- اللهوف، ص60.
7- الإرشاد، ج2، ص66،الفتّال النيشابوريّ، روضة الواعظين، ج1، ص176،الطبسيّ النجفيّ، مقتل الإمام الحسين عليه السلام، ص253.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
32

26

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 "خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه..."1.

 
وسوف نشير إلى مسير حركة الإمام عليه السلام من مكّة إلى كربلاء المقدّسة في منازلها المختلفة بالبيان التالي:
1ـ التنعيم
ويقع هذا المنزل على بعد فرسخين من مكّة وقد التقى عليه السلام فيه مع قافلة آتية من اليمن محمّلة بالهدايا إلى يزيد، فقام الإمام عليه السلام بمصادرة متاع القافلة بعد أن دفع أجرة الجمال لأصحابها2.
 
2ـ الصفاح
وعندما وصل الإمام عليه السلام إلى الصفاح التقى بالفرزدق3- أحد الشعراء العرب المشهورين- فاستعلم منه الإمام عليه السلام عن أوضاع أهل العراق فقال له: "الخبير سألت، إنّ قلوب الناس معك، وسيوفهم مع بني أميّة، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء"4.
 
3ـ ذات عرق
وفي هذا المنزل استقبل الإمام عليه السلام بشر بن غالب القادم من العراق، فاستعلمه عن أحوال أهله، فأجابه كما أجاب الفرزدق بأنّ القلوب معه والسيوف مع بني أميّة5.
 
4ـ الحاجر
وبعدما وصل الإمام إلى هذا المكان أرسل قيس بن مسهّر6 برسالة إلى الكوفة يخبر 
 
 
 

1- اللهوف، ص61.
2- أنساب الأشراف، ج3، ص375.
3- وقد ذكر البعض أماكن أخرى لمكان ملاقاة الإمام عليه السلام مع الفرزدق (محمّد جواد الطبسيّ، وقائع الطريق من مكّة إلى كربلاء، ص186 و187).
4- محمّد جواد الطبسيّ، وقائع الطريق من مكّة إلى كربلاء، ص276،الأخبار الطوال، ص245،تجارب الأمم، ج2، ص56.
5- "خلّفت القلوب معك والسيوف مع بني أميّة"، فقال: "صدق أخو بني أسد، إنّ الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد"، (اللهوف، ص70).
6- وقبل وصول قيس بن مسهّر إليها، لوحق ولمّا قبض عليه الحصين أسرع بتمزيق الرسالة وأرسله الحصين إلى عبيد الله بن زياد الذي أمر بقتله (إبصار العين، ص113 و114).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
33

27

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 فيها بوصول رسالة مسلم بن عقيل وبخروجه من مكّة يوم التروية ويقول في ختامها: "فإذا قدم عليكم رسولي فاكمشوا أمركم، وجدّوا، فإنّي قادم عليكم في أيّامي هذه إن شاء الله..."1.

 
5ـ الخزيمية
توقفت قافلة الإمام في هذا المنزل ليوم وليلة، وأتت زينب الكبرى لتخبر الإمام عليه السلام بأنّها سمعت هاتفاً ينشد هذين البيتين من الشعر:
أَلَا يَا عَيْنُ فَاحْتَفِلِي بِجُهْدٍ        وَمَنْ يَبْكِي عَلَى الشُهَداءِ بَعْدِي
عَلَى قَوْمٍ سُيُوفُهُمُ المنَايَا         بِمْقدارٍ إلَى إِنْجَازِ وَعْدِ
 
فأجابها الإمام الحسين عليه السلام قائلاً: "يا أختاه المقضيّ هو كائن"2
 
6ـ زَرُود
وفي هذا المنزل رأى الحسين بن عليّ عليه السلام فسطاطاً مضروباً لزهير بن القين الذي كان يحذر بشدّة من الاقتراب من الإمام، فدعاه الحسين لمرافقته، فما لبث أن استجاب له بعد تشجيع زوجته له3.


7ـ الثعلبيّة
وفي هذا المكان أخبر رجلان من بني أسد الإمام عليه السلام بخبر فارس من بني أسد كان قد مرّ بقرب منزلهم في زرود حيث قال لهم: بأنّه لم يخرج من الكوفة إلّا وقد قُتِل مسلم وهاني، فلم يكن من الإمام عليه السلام إلّا أن استرجع، مكرّراً لقوله تعالى: ﴿إِنَّا لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾ وترحّم على هذين الشهيدين قائلاً: "لا خير في العيش بعد هؤلاء"4.
 
وعندما نزل الإمام عليه السلام في الثعلبيّة وقت الظهيرة وضع رأسه فَرَقَد، ثمّ استيقظ،



1- وقعة الطفّ، ص160،المفيد، الإرشاد، ج2، ص70.
2- الفتوح، ص873.
3- الأخبار الطوال، ص246 و247.
4- وقعة الطفّ، ص165.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
34

28

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 فقال لابنه عليّ الأكبر ما رآه في منامه: "خفقت برأسي خفقة، فعنّ لي فارس يقول: القوم يسيرون والمنايا تسير إليهم، فعلمت أنّها أنفسنا نعيت إلينا".

 
فقال له ابنه عليّ الأكبر: يا أبه فلسنا على الحقّ؟
فقال له الإمام عليه السلام: "بلى يا بني، والله الذي إليه مرجع العباد".
فقال له عليّ الأكبر: يا أبه إذاً لا نبالي بالموت.
فقال الحسين عليه السلام: "جزاك الله يا بنيّ خير ما جزى ولداً عن والده"1.
 
وفي هذا المكان التقى الإمام أيضاً برجلٍ من أهل الكوفة يدعى أبا هرّة الأزديّ، وقد سأل الإمام عليه السلام عن سبب خروجه من حرم الله وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له الحسين عليه السلام:
"يا أبا هرّة إنّ بني أميّة أخذوا مالي فصبرت، وشتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت، وأيم الله يا أبا هرّة لتقتلني الفئة الباغية، وليلبسهم الله ذلّاً شاملاً وسيفاً قاطعاً..."2.
 
8ـ الشقوق
ويذكر بعض المؤرّخين بأنّ الفرزدق قد التقى بالإمام عليه السلام في هذا المنزل3.
 
9ـ زبالة
وفي هذا المنزل أخبر رسولٌ من أهل الكوفة الإمام عليه السلام باستشهاد مسلم بن عقيل وكذلك هاني بن عروة وقيس بن مسهّر4، وأيضاً وصله في هذا المنزل خبر شهادة عبد الله بن يقطر5 الذي كان قد أرسله الإمام عليه السلام بعد خروجه من مكّة إلى الكوفة حاملاً رسالته إلى مسلم بن عقيل6.
 
 
 
 

1-  الفتوح، ص873.
2- الفتوح، ص873.
3- الفتوح، ص874.
4- الأخبار الطوال، ص247 و248،اللهوف، ص74.
5- وقعة الطفّ، ص166.
6- ذكر البعض أنّ عبد الله أرسله الإمام عليه السلام مع مسلم إلى الكوفة ولكن عندما رأى مسلم خذلان أهل الكوفة أرسل عبد الله إلى الإمام عليه السلام ليخبره بما جرى،إلّا أنّه اعتقل من قبل الحصين بن تميم (إبصار العين، ص94، نقلاً عن ابن قتيبة وابن مسكويه)، وادعى ابن اعثم الكوفيّ أنّ عبد الله لمّا اعتقل كان يحمل رسالة مسلم إلى الإمام التي يخبر الإمام عليه السلام فيها عن بيعة أهل الكوفة ويدعوه فيها التعجيل بالقدوم إليها (الفتوح، ص852).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
35

29

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 وعندما وصل خبر استشهاد أصحاب الإمام عليه السلام في الكوفة أخبر أصحابه بذلك وقال لهم: "قد خذلتنا شيعتنا، فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منّا ذمام".

 
فتفرّق عنه بعض الناس1، ويذكر أبو مخنف بأنّه لم يبق في أصحابه إلّا من جاءوا معه من المدينة2.
وأحد النماذج التي تفرّقت عنه في هذا المكان فراس بن جعدة المخزوميّ، الذي انسحب ليلاً متخلّفاً عن الحسين3 عليه السلام.
 
10ـ بطن العقبة
وعندما نزلت قافلة الحسين عليه السلام في هذا المنزل لقيه رجل من بني عكرمة يدعى عمرو بن لوذان فناشد الإمام أن يرجع، فقال له: "فوالله لا تقدم إلّا على الأسنّة وحدّ السيوف"، فأجابه الحسين عليه السلام قائلاً: "يا عبد الله إنّه ليس يخفى عليّ، الرأي ما رأيت، ولكن الله لا يغلب على أمره".
 
ثمّ قال له: "والله لا يدعونني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا فعلوا سلّط الله عليهم من يذلهّم حتّى يكونوا أذلّ فرق الأمم"4.
 
11ـ شراف
وبعدما توقّف الإمام عليه السلام في هذا المنزل، أمر فتيانه في السَّحَر باستقاء الماء والإكثار منه ومن ثمّ ارتحلوا عنه5.
 
12ـ ذو حُسَم
وعند انتصاف النهار أخبر أحد روّاد القافلة الإمام عليه السلام بأنّه يرى عن بعد رؤوس الفرسان على خيولهم الكثيرة، فرأى الإمام أن يلتجئ إلى مكانٍ ما، فغيّر مسيره بمشورة
 
 
 

1-  الأخبار الطوال، ص247 و248،اللهوف، ص74.
2- وقعة الطفّ، ص166.
3- أنساب الأشراف، ج3، ص180.
4- الإرشاد، ج2، ص76،وقعة الطفّ، ص167.
5- وقعة الطفّ، ص67.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
36

 


30

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 بعض من معه إلى مرتفعٍ يدعى ذو حسم، وسبق فرسان العدوّ في الوصول إليه، ونزل فيه الحسين عليه السلام وجاء القوم وهم ألف فارس يقودهم الحرّ بن يزيد الرياحيّ نحو خيمة الإمام عليه السلام حتّى وقفوا في مقابله، فقال الحسين عليه السلام لفتيانه: "اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشّفوا الخيل ترشيفاً"، يقول عليّ بن طعان: بأنّ الإمام الحسين عليه السلام أخذ السقاء وقام بإرواء الحرّ وحصانه114.

 
وفي يومه الأوّل في هذا المنزل وبعد إقامة صلاة الظهر والعصر بحضور أصحابه وأصحاب الحرّ أشار الإمام عليه السلام في خطبته الأولى معهم إلى دعوة أهل الكوفة له فلم يجبه الحرّ، وفي الخطبة الثانية أكّد عليه السلام على معرفة الحقّ وأنّ الحقّ لمن؟ فقال: "أمّا بعد، أيّها الناس فإنّكم إن تتّقوا وتعرفوا الحقّ لأهله يكن أرضى لله، ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجور والعدوان، وإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقّنا وكان رأيكم غير ما أتتني كتبكم، وقدمت به عليّ رسلكم انصرفت عنكم"، فقال له الحرّ بن يزيد، إنّا والله ما ندري هذه الكتب التي تذكر، وحينئذٍ أمر الحسين عليه السلام أن تنشر الرسائل بين أيديهم.
 
فقال الحرّ: فإنّا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك، وقد أمرنا إذا نحن لقيناك ألّا نفارقك حتّى نقدمك على عبيد الله بن زياد.
 
فقال له الحسين عليه السلام: "الموت أدنى إليك من ذلك".
ثمّ قال لأصحابه: "قوموا فاركبوا"، فركبوا، وانتظروا حتّى ركبت نساؤهم فقال لأصحابه: "انصرفوا بنا"، فلمّا ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف، وفي هذه الأثناء جرى كلام طويل بين الإمام الحسين عليه السلام والحرّ، ومن ثمّ قال الحرّ: "فإذا أبيت فخذ طريقاً لا تدخلك الكوفة ولا تردّك المدينة، لتكون بيني وبينك نصفاً حتّى أكتب إلى ابن زياد..."2.
 
 
 

1- الشيخ عبّاس القمّي، نفس المهموم، ترجمة گمره اى، ص232.
2- وقعة الطفّ، ص169 ـ 171.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
37

31

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 13- البيضة

وفي هذا المنزل خطب الحسين عليه السلام في أصحابه وأصحاب الحرّ فقال لهم:
"أيّها الناس إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلّاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعلٍ ولا قولٍ كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإنّ هؤلاء لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله، وأنّا أحقّ من غَيَّرَ، وقد أتتني كتبكم، وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم، أنّكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فإن تممتم عليّ بيعتكم تصيبوا رشدكم... وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم، فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي مسلم، والمغرور من اغترّ بكم، فحظّكم أخطأتم، ونصيبكم ضيّعتم ومن نكث فإنّما ينكث على نفسه...".
 
وأقبل الحرّ يساير الحسين، وتكلّم معه عن الحرب والهلاك، فقال له الحسين عليه السلام: "أبالموت تخوّفني... ولكن أقول لك كما قال أخو الأوس لابن عمّه ولقيه وهو يريد نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: أين تذهب فإنّك مقتول؟ فقال:
سَأَمْضِي وَمَا بِالمَوْتِ عَارٌ عَلَى الفَتَى          إِذا مَا نَوَى حَقّاً وَجَاهَدَ مُسْلِمَا
وَوَاسَى الرِّجَالَ الصَّالِحِينَ بِنَفْسِهِ               وَفَارَقَ مَثْبُوراً يُغَشُّ وَيُرْغَمَا
فَإِنْ عِشْتُ لَمْ أَنْدَمْ وَإِنْ مُتُّ لَمْ أُلَمْ              كَفَى بِكَ ذُلّاً أَنْ تَعِيشَ وَتُرْغَما"1
 
14ـ عذيب الهجانات
وفي هذا المنزل التقى الإمام عليه السلام بأربعة أشخاص يقودهم الطرماح بن عديّ قدموا من الكوفة للالتحاق بالإمام الحسين عليه السلام، وهنا توجّه الإمام عليه السلام نحو الطرماح وقال له: 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص172 و173،الإرشاد، ج2، ص179.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
38

 


32

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 "أما والله إنّي لأرجو أن يكون خيراً ما أراد الله بنا قتلنا أم ظفرنا"1.

 
وهنا تدخل الحرّ وصمّم على اعتقال هؤلاء الأربعة من أهل الكوفة أو أن يردّهم.
فقال له الحسين عليه السلام: "لأمنعنّهم ممّا أمنع به نفسي، إنمّا هؤلاء أنصاري وأعواني...".
 
ثمّ استفسر الإمام عليه السلام من هؤلاء الأشخاص الكوفيّين عن أوضاع مدينتهم، فقال له مجمع بن عبد الله العائذيّ: "أمّا أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائرهم، يستحال ودّهم ويستخلص به نصيحتهم، فهم ألبّ واحدٍ عليك، وأمّا سائر الناس بعد فإنّ أفئدتهم تهوي إليك وسيوفهم غداً مشهورة عليك".
 
ثمّ استخبرهم الحسين عليه السلام عن سفيره قيس بن مسهّر، فأخبروه بشهادته، فترقرقت عينا الحسين عليه السلام ولم يملك دمعه، ثمّ تلا قوله تعالى:
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾2.
 
ومن ثمّ توجّه بالدعاء قائلاً:
"أللهم اجعل لنا ولهم الجنّة نزلاً، واجمع بيننا وبينهم في مستقرٍّ من رحمتك، ورغائب مذخور ثوابك"3.


وفي هذا المنزل تعلّل الطرماح بأخذ الزاد لعائلته فترك الإمام عليه السلام ومضى4.


15ـ قصر بني مقاتل
التقى الإمام الحسين عليه السلام في هذا المكان بعبيد الله بن الحرّ الجعفيّ فدعاه إلى نصرته ومرافقته، فتعلّل بالنساء والأطفال وأمانات الناس لديه، وردّ على الإمام عليه السلام طلبه الموجب للسعادة ومضى عنه5.
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص173 ـ 175.
2- سورة الأحزاب، الآية: 23.
3- وقعة الطفّ، ص174 و175.
4- تاريخ الأمم والملوك، ج2، ص308،نفس المهموم، ص242.
5- الإرشاد، ج2، ص81،الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج1، ص26.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
39

33

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 16ـ نينوى

ولمّا وصل موكب الحسين عليه السلام إلى نينوى، وصل رسول من الكوفة يحمل كتاب ابن زياد إلى الحرّ بن يزيد، وممّا جاء فيه: "أمّا بعد، فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي، ويقدم عليك رسولي، فلا تنزله إلّا بالعراء في غير حصنٍ وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتّى يأتيني بإنفاذ أمري"1.
 
وطلب الحرّ من الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه النزول في هذا المكان، ولكن الإمام عليه السلام صمّم على أن ينزل وأصحابه إمّا في قرية الغاضريّة أو قرية الشفيّة، ولكن الحرّ رفض ذلك بشدّة، ومن ثمّ سار سيّد الشهداء عليه السلام بالقافلة ونزل2 في كربلاء3.
 
في أرض البطولات
وصل الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء4 في يوم الخميس الثاني من محرّم سنة 61 للهجرة.
 
ومن ثمّ أمر بنصب الخيام وضرب أخوته وأولاد عمّه خيامهم من حول خيمته، وكذلك نصب الأصحاب ومواليه خيامهم في أطراف خيمة الحسين 5عليه السلام.
 
وفي الليلة الأولى أرسل الإمام عليه السلام رسالة إلى أخيه محمّد بن الحنفيّة كتب فيها:
"أمّا بعد، فكأنّ الدنيا لم تكن، وكأنّ الآخرة لم تزل"6.
 
وصول ابن سعد
وفي اليوم الثالث من المحرّم قدم إلى كربلاء7 عمر بن سعد في أربعة آلاف فارس، وانضمّ إليه الحرّ بن يزيد الرياحيّ في ألف فارس8.
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص177.
2- الإرشاد، ج2، ص84.
3- كربلاء ناحية من نواحي نينوى (ياقوت الحمويّ، معجم البلدان، ج5، ص239).
4- وقعة الطفّ، ص180.
5- الفتوح، ص884.
6- السيّد مرتضى العسكريّ، معالم المدرستين، ج3، ص78.
7- وقعة الطفّ، ص183.
8- الفتوح، ص887.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
40

 


34

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 وأرسل ابن سعد رسولاً إلى الإمام الحسين يستفسره عن سبب مجيئه فقال الإمام في جوابه:

"كتب إليَّ أهل مصركم هذا أن أقدم، فأمّا إذا كرهوني فأنا أنصرف عنهم".
 
فكتب ابن سعد إلى عبيد الله بن زياد يخبره بما جرى، فكتب إليه ابن زياد أن يطلب من الحسين عليه السلام البيعة ليزيد.


ومن بعد ذلك حصل اللقاء الأوّل بين الإمام الحسين عليه السلام وبين عمر بن سعد فنصحه الإمام بنصائح لكن ابن سعد رفضها ومن بعد هذا اللقاء قام ابن سعد بإرسال كتاب إلى عبيد الله بن زياد.
 
وكتب ابن زياد في جوابه وبتوصية من الشمر: إن لم يستسلم الحسين فاقتله واركض الخيل على صدره وظهره1.


منع الماء
وفي كلّ يوم كان يزداد عدد جيش العدوّ، وفي المقابل كانت تزداد الضغوط والتضييق على الإمام وأصحابه، إلى أن كتب ابن زياد في اليوم السابع إلى عمر بن سعد كتاباً يأمره فيه بأن يحولوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء وأن لا يدعهم يذوقوا من الماء قطرة.
 
فأمر ابن سعد عمرو بن الحجّاج أن يسير في خمسمائة فارس فينيخ على الشريعة ويحولوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء.


ولكنّ العبّاس عليه السلام قام ومعه بعض الأصحاب بإحضار مقدارٍ من الماء2 إلى أهل البيت عليهم السلام، "وفي هذه الأثناء اشتدّ العطش من الحسين وأصحابه وكادوا أن يموتوا عطشاً"3.
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص183 ـ 189.
2- نفس المصدر، ص190 ـ 192.
3- الفتوح، ص893.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
41

35

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 (شعر)

وَعَنِ المَاءِ مَنَعَهُ الكُوفِيُّونَ                       فَرِحِينَ، هَلْ هَذِهِ حُرْمَةُ ضَيْفِ كَرْبَلَاءِ؟
هُمُ الشَّياطِينُ تُرْوَى الوُحُوشُ مِنْ مَائِهِمْ         ولِفَقْدِهِ يَمصُّ خَاتِمَهُ سُلَيْمَانُ كَرْبَلاءِ
وَلِلْعَيوقِ يَصِلْ صُرَاخُ العُطاشَى                العَطَشَ العَطَشَ مِنْ صَحْرَاءِ كَرْبَلَاءِ1


تأخير الهجوم
وفي عصر اليوم التاسع من المحرّم وبينما كان الحسين عليه السلام جالساً أمام خيمته مستنداً إلى سيفه وقد خفق برأسه على ركبتيه. نادى عمر بن سعد بجيشه: يا خيل الله اركبي وأبشري، وسمعت زينب عليها السلام الصيحة فدنت من أخيها تخبره بهجوم الأعداء، فقال لها الحسين عليه السلام: "إنّي رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقال لي إنّك تروح إلينا...".
 
ثمّ طلب من أخيه العبّاس أن يذهب للقائهم واستعلام الحال منهم، وتوجّه العبّاس نحوهم وسألهم فأجابوه: جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم ولمّا أخبر العبّاس الإمام الحسين بجواب القوم، قال له: "ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى غدوة وتدفعهم عنّا العشيّة لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره فهو يعلم أنّي قد كنت أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار".
 
وبعد أن استشار ابن سعد قوّاد جيشه قَبِلَ2 بطرح الإمام عليه السلام بالتأجيل إلى غد.
 
اختبار الأصحاب
وفي غروب ذلك اليوم جمع3 الإمام عليه السلام أصحابه الذين قال عنهم بأنّه "لا أعلم
 
 
 

1- مترجم عن أبيات فارسيّة للشاعر محتشم الكاشانيّ:
از آب هم مضايقه كردند كوفيان               خوش داشتند، حرمت مهمان كربلا
بودند ديو ودد همه سيراب ومى مكيد       خاتم ز قحط آب، سليمان كربلا
زان تشنگان هنوز به عيوق مى رسد         فرياد العطش ز بيابان كربلا
2- وقعة الطفّ، ص193 ـ 196.
3- نفس المصدر، ص196.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
42

36

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 أصحاباً خيراً ولا أوفى من أصحابي... لم ولن تقصّروا في حقّي". ومن ثمّ قال لهم: "هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، ثمّ ليأخذ كلّ رجلٍ منكم بيد رجلٍ من أهل بيتي ثمّ تفرّقوا في سوادكم ومدائنكم حتّى يفرّج الله، فإنّ القوم إنّما يطلبونني ولو أصابوني لهوا عن طلب غيري".

 
وما أن أتمّ الحسين عليه السلام كلامه حتّى قام أخوته وأهل بيته وأصحابه وأعلنوا عزمهم الراسخ على الوقوف معه والدفاع عنه1.


وعندما جاءته زينب عليها السلام تستعلم منه نيّات أصحابه طمأنها الإمام عليه السلام وقال لها: "أما والله لقد نهرتهم وبلوتهم وليس فيهم إلّا الأشوس الأقعس يستأنسون بالمنيّة دوني استئناس الطفل بلبن أمّه"2.
 
اصبري يا زينب
وحلّت ليلة عاشوراء، وجلس الحسين عليه السلام في خيمته حاملاً سيفه بيده يكرّر هذه الأبيات:
"يَا دَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ خَلِيلِ        كَمْ لَكَ بِالإِشْرَاقِ وَالأَصِيلِ
مِنْ طَالِبٍ وَصَاحِبٍ قَتِيلِ         وَالدَّهْرُ لا يَقْنَعُ بِالبَدِيلِ
وَإِنَّمَا الأَمْرُ إِلى الجَلِيلِ           وَكُلُّ حَيٍّ سَالِكٌ سَبِيلِي"
 
وما أن سمعت زينب هذه الأبيات على لسان أخيها لم تملك نفسها أن وثبت وجاءت نحوه وقالت: واثكلاه، ليت الموت أعدمني الحياة...
 
فنظر إليها الحسين عليه السلام وقال لها: "يا أخيّة، لا يذهبنّ حلمك الشيطان"، وترقرقت عيناه بالدموع وقال: "لو ترك القطا ليلاً لنام".
 
 
 
 

1- الفتوح، ص896 ـ 898.
2- المقرّم، مقتل الحسين عليه السلام، ص219،موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام، ص207.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
43

37

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 وقام الحسين عليه السلام إليها يصبّ الماء على وجهها بعد أن وقعت مغشيّاً عليها وقال لها: "يا أختاه اتق الله، وتعزّي بعزاء الله، واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون وأهل السماء لا يبقون، وأنّ كلّ شيءٍ هالك إلّا وجه الله الذي خلق الخلق بقدرته..."1.

 
تضرّعٌ ومناجاة
وقام الإمام الحسين عليه السلام بإجراء احترازيٍّ ووقائيّ فأمر أصحابه أن يقرّبوا الخيام من بعضها البعض وأن يشدّوها بالحبال وأن يكونوا بين البيوت فيستقبلون القوم من وجهٍ واحد، وكذلك أمر عليه السلام أصحابه بأن يحفروا خندقاً حول الخيام وأن يشعلوا فيه النّار ليمنع القوم من الإحاطة به2.
 
وأمضى أصحاب الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء في خيمهم مشتغلين بالدعاء والصلاة ومناجاة الله ولهم دويٌّ كدويِّ النحل3، وكذلك أمضى الحسين ليلته تلك بالعبادة يتلو قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾4/5.
 
عاشوراء 61 للهجرة
وفي صبيحة عاشوراء صلّى الحسين عليه السلام مع أصحابه ومن ثمّ التفت إليهم قائلاً: "إنّ الله قد أذن في قتلكم فعليكم بالصبر"6.
 
وفي ساعات النهار الأولى أمر ابن سعد جيشه المكوّن من ثلاثين ألف7 مقاتل
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص200 و201،اللهوف، ص82 و83.
2- الإرشاد، ج2، ص94،موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام، ص393.
3- "بات الحسين وأصحابه تلك الليلة ولهم دويّ كدويّ النحل ما بين راكعٍ وساجدٍ وقائمٍ وقاعدٍ" (اللهوف، ص94).
4- سورة آل عمران، الآيتان: 178 ـ 179.
5- الإرشاد، ج2، ص95.
6- بحار الأنوار، ج45، ص86.
7- تفاوتت الروايات والمتون التاريخيّة في عدد الجيش الأمويّ وأشهرها أنّهم ثلاثون ألفاً، (الطبسيّ، الإمام الحسين في كربلاء، ص222 ـ 226).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
44

38

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 بالتهيّؤ للحرب1 والقتال، وفي المقابل استعدّ الحسين عليه السلام وأصحابه للدفاع ورفع الإمام عليه السلام يديه إلى السماء وهو يقول: "أللهم أنت ثقتي في كلّ كربٍ ورجائي في كلّ شدّة وأنت لي في كلّ أمرٍ نزل بي ثقة وعدّة..."2.

 
إنّ الحضور الكبير والهام لسيّد الشهداء في عاشوراء سنة 61 للهجرة يمكن ملاحظته من خلال هذه المواقف والمقاطع:
 
الامتناع عن بدء القتال
اقترب شمر من الخيم يستفزّ أصحاب الحسين عليه السلام ونادى بأعلى صوته: يا حسين أتعجّلت النّار؟ فأراد مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهمٍ فمنعه الحسين عليه السلام من ذلك وقال له: "لا ترمه، فإنّي أكره أن أبدأهم"3.


الخطبة الأولى
وركب الحسين عليه السلام على فرسه قاصداً نحو الكوفيّين لإتمام الحجّة وقطع العذر فوقف في مقابلهم وناداهم بأعلى صوته، وعلى حدّ قول الناقل لهذا الخبر: "فوالله ما سمعت متكلّماً قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطقٍ منه"، ثمّ قال الحسين عليه السلام: "الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناءٍ وزوال، متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرور من غرّته والشقيّ من فتنته، فلا تغرّنّكم هذه الدنيا، فإنّها تقطع رجاء من ركن إليها، وتخيّب طمع من طمع فيها...".
 
فقال عمر بن سعد: "ويلكم كلّموه فإنّه ابن أبيه، فوالله لو وقف فيكم هكذا يوماً جديداً لما قطع ولما حصر، فكلّموه"4.
 
ولكن الحسين عليه السلام بكلّ صلابة وإباء علويّ تابع كلامه قائلاً: "فانسبوني فانظروا من أنا، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك
 
 
 

1- الشيخ الصدوق، الأمالي، ص373 و374.
2- وقعة الطفّ، ص205.
3- الإرشاد، ج2، ص96.
4- الفتوح، ص903.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
45

39

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيّكم وابن وصيّه وابن عمّه وأوّل المؤمنين المصدّق لرسول الله بما جاء به من عند ربّه، أوليس حمزة سيّد الشهداء عمّي؟ أوليس جعفر الطيار في الجنّة بجناحين عمّي؟ أولم يبلغكم ما قال رسول الله لي ولأخي: هذان سيّدا شباب أهل الجنّة؟

 
فإن صدّقتموني بما أقول وهو الحقّ، والله ما تعمّدت كذباً منذ علمت أنّ الله يمقت عليه أهله، وإن كذّبتموني فإنّ فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاريّ، وأبا سعيد الخدريّ، وسهل بن سعد الساعديّ، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك يخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي ولأخي، أما في هذا حاجزٌ لكم عن سفك دمي؟".
 
فقال له شمر بن ذي الجوشن: "هو يعبد الله على حرفٍ إن كان يدري ما يقول".
فقال له حبيب بن مظاهر: "والله إنّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفاً، وأنا أشهد أنّك صادقٌ ما تدري ما تقول، قد طبع الله على قلبك"1.
 
ثمّ تابع الإمام الحسين كلامه الناصح لهم فقال: "فإن كنتم في شكٍّ من هذا! أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم، فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم ولا في غيركم، ويحكم أتطلبوني بقتيلٍ منكم قتلته؟ أو مالٍ لكم استهلكته، أو بقصاصٍ من جراحةٍ" فلم يجبه أحدٌ منهم، وحينئذٍ توجّه الإمام عليه السلام إلى أشراف أهل الكوفة وزعمائها الموجودين في جيش ابن سعد فسمّاهم وناداهم وذكّرهم بدعوتهم له، فقال لهم: "يا شبث بن ربعيّ، يا حجّار بن أبجر، يا قيس بن الأشعث يا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا إليّ أن قد أينعت الثمار واخضرّ الجناب، وإنّما تقدم على جندٍ لك مجنّدة!". فأنكروا أمام الإمام عليه السلام إرسال الرسائل إليه، فقال لهم: "أيّها الناس، فإن كنتم لا تريدون فذروني ألتجئ إلى مكان آخر".
 
 
 

1- الفتوح، وقعة الطفّ، ص206 ـ 208.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
46

40

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 وقال له قيس بن الأشعث ما ندري ما تقول وعرض عليه التسليم والبيعة، فقال له الحسين عليه السلام: "لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقرّ إقرار العبيد".

 
ثمّ أناخ سيّد الشهداء عليه السلام راحلته وأمر عقبة بن سمعان بعقلها، فأقبل القوم يزحفون نحوه1.
 
زئير في مقابل ضجيج الخصم
وأقام ابن سعد الرايات ورتّب جيشه في مراتبهم وهيّأهم للقتال وفي المقابل عبّأ الحسين عليه السلام أصحابه في الميمنة والميسرة وأحاط أصحاب الحسين عليه السلام به من كلّ جانب وبدأ الهجوم من كلّ طرفٍ وعلت أصوات جيش العدوّ وخرج الحسين عليه السلام بين أصحابه، واقترب من العدوّ وطلب منهم السكوت والإنصات له فأبوا أن ينصتوا فقال لهم:
"ويلكم، ما عليكم أن تنصتوا إليّ فتسمعوا قولي، وإنّما أدعوكم إلى سبيل الرشاد فمن أطاعني كان من المرشدين، ومن عصاني كان من المهلكين، وكلّكم عاصٍ لأمري غير مستمع لقولي. فقد مُلئت بطونكم من الحرام وطبع الله على قلوبكم، ويلكم ألا تنصتون، ألا تسمعون؟"2.
 
فتلاوم أصحاب عمر بن سعد فيما بينهم وعمّ السكوت في الميدان.
 
الخطبة الثانية: كشف قناع الكوفيّين
وأخذ الإمام عليه السلام يوبّخ أهل الكوفة على قلّة وفائهم وغدرهم وانخداعهم بعدوّه وعدوّهم، فقال لهم:
"تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحاً، حين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين، سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم وحششتم علينا ناراً اقتدحناها على عدوّنا وعدوّكم، فأصبحتم إلباً لأعدائكم على أوليائكم بغير عدلٍ أفشوه فيكم، ولا أملٍ أصبح لكم فيهم".
 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص206،البحرانيّ، عوالم العلوم، ج17، ص250.
2- المقرّم، مقتل الحسين عليه السلام، ص223 ـ 235.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
47

41

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 ثمّ عرّض الإمام عليه السلام بجيش ابن سعد الرافع راية العداوة والظلم سائلاً لهم: "فهلّا لكم الويلات تركتمونا والسيف مشيم، والجأش طامن، والرأي لمّا يستحصف، ولكن أسرعتم إليهم كطيرة الدَّبا، وتداعيتم إليهم كتهافت الفراش" ومن ثمّ كشف عليه السلام القناع عن وجوه الكوفيّين اللئيمة وعرّفهم بهذه الأوصاف: "فسحقاً لكم يا عبيد الأمّة، وشذّاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ومحرّفي الكلم، وعصبة الآثام، ونفثة الشيطان، ومطفئي السنن، وقتلة أولاد الأنبياء، ومبيري عترة الأوصياء، وملحقي العهار بالنسب، ومؤذي المؤمنين، وصراخ أئمّة المستهزئين، الذين جعلوا القرآن عضين...".

 
والذي تبلور في كلام سيّد الشهداء عليه السلام هو عدم وفاء أهل الكوفة وقد سلّط عليه السلام الضوء على هذه الحقيقة، فقال لهم:
"أهؤلاء تعضدون، وعنّا تتخاذلون، أجل والله غدر فيكم قديم، وشجت عليه أصولكم، وتآزرت عليه فروعكم، فكنتم أخبث ثمرٍ، شجى للناظر وأكلة للغاصب..."1.


هيهات منّا الذلّة
وتابع الإمام الحسين عليه السلام كلامه مؤكّداً على عدم استسلامه قائلاً لهم: 
"ألا إنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد تركني، بين السلّة والذلّة، وهيهات له ذلك منّي، هيهات منّا الذلّة" وتابع كلامه قائلاً:
"يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون، وحجورٌ طابت وطهرت، وأنوفٌ حميّة، ونفوسٌ أبيّة من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام".
"فَإِنْ نُهْزَمْ فَهَزَّامُونَ قِدْماً     وَإِنْ نُغْلَبْ فَغَيْرُ مُغَلَّبِينا
وَمَا إِنْ طَبَّنا جُبْنٌ وَلَكِنْ       مَنَايَانا وَدوْلَةُ آخَرِينا"
 
ثمّ حذّر أهل الكوفة قائلاً:
"ثمّ أيم الله، لا تلبثون بعدها إلّا كريث ما يركب الفرس، حتّى تدور بكم دور
 
 
 

1- الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج2، ص6،بحار الأنوار، ج45، ص8.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
48

42

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 الرحى، وتقلق بكم قلق المحور..." ومن بعد هذا الكلام قام الإمام عليه السلام بالدعاء على هؤلاء القوم الناكثين للعهد والملتحقين بجيش أعداء الله1.

 
وبعد إتمام كلامه لم يلتحق به سوى الحرّ بن يزيد الرياحيّ وجمع قليل معه2.
 
بداية الحرب
ثمّ إنّ عمر بن سعد وضع سهمه في كبد قوسه ورمى به نحو أصحاب الحسين عليه السلام وقال: "اشهدوا أنّي أوّل من رمى، فرمى أصحابه كلّهم بأجمعهم في أثره رشقة واحدة"3.
 
فنادى الحسين عليه السلام في أصحابه قائلاً لهم:  "قوموا يا كرام، هذه رسل القوم إليكم"4.
 
فقام أصحاب الحسين عليه السلام وتوجّهوا نحو الميدان ووقع قتال دامٍ بين القوم حتّى استشهد جماعة من الأصحاب. وقام عمرو بن الحجّاج قائد ميمنة جيش ابن سعد بالهجوم على ميسرة أصحاب الإمام الحسين عليه السلام واشتهرت هذه الهجمة عند أرباب التاريخ بالحملة الأولى، جثى أصحاب الحسين عليه السلام على الركب وأشرعوا الرماح نحوهم فصدّوهم عن التقدّم نحوهم. وفي هذه الحملة أيضاً استشهد بعض أصحاب الحسين الأوفياء5. وهجم بعض الأصحاب على العدوّ فاستشهدوا أيضاً، ثمّ إنّ عمرو بن الحجّاج حمل مجدّداً بجيشه على الحسين وأصحابه وهو يقول: "لا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الإمام (أي إمامه يزيد)".
 
فقال له الحسين عليه السلام: "يا عمرو بن الحجّاج أعليَّ تحرّض الناس؟ أنحن مرقنا وأنتم ثبتّم عليه، أما والله لتعلمنّ لو قد قبضت أرواحكم ومتّم على أعمالكم أيّنا مرق من الدين. ومن هو أولى بصلي النّار...".
 
وفي هذه الحملة أيضاً استشهد جمع من أصحاب سيّد الشهداء عليه السلام.
 
 
 

1- الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج2، ص6.
2- راجع فيما يأتي: اللاحقون.
3- وقعة الطفّ، ص217.
4- المقرّم، مقتل الحسين عليه السلام، ص237.
5- المقرّم، مقتل الحسين عليه السلام، ص219.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
49

43

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 ومن ثمّ حمل شمر بن ذي الجوشن من الميسرة على ميمنة الإمام وأصحابه الذين وقفوا في وجهه وثبتوا أمامه، ومن بعد ذلك توالت الحملة تلو الحملة، وفي كلّ مرّة يسقط بعض أصحاب الإمام شهيداً بعد أن قاتلوهم قتالاً شديداً.

 
ويذكر المؤرّخون بأنّ شمر بن ذي الجوشن أمر بأن يحرق خيام الإمام وأهل البيت عليهم السلام واقترب منهم إلّا أن الأصحاب قاوموه وما زال الواحد منهم يسقط تلو الآخر حتّى بان النقص1 في أنصار الحسين عليه السلام.
 
الصلاة الأخيرة
وعند زوال الشمس من يوم العاشر جاء أبو ثمامة الصائديّ يؤذن الحسين عليه السلام بحلول وقت الصلاة فقال له: "ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلّين الذاكرين، نعم هذا أوّل وقتها".
 
وقام الحسين عليه السلام إلى الصلاة في نحو نصفٍ من أصحابه حتّى صلّى بهم صلاة الخوف2 وسعيد بن عبد الله الحنفيّ قائم قد جعل نفسه درعاً للإمام عليه السلام، فاستهدفوه بالنبل يرمونه يميناً وشمالاً وهو قائم بين يديه، فما زال يُرمى حتّى سقط شهيداً.
 
وبعدما أتمّ الإمام صلاته تكلّم مع أصحابه بكلام موجز وذكّرهم بانتظار الجنّة لهم واشتياق أهلها للقائهم، وقال لهم: "فحاموا عن دين الله وذبّوا عن حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"3.
 
عروج الأصحاب
وبعد إقامة الصلاة بدأ أصحاب الحسين عليه السلام بالنزول إلى الميدان واحداً تلو الآخر، وبعد المبارزة والقتال سقطوا شهداء وتهيّأ بنو هاشم للقتال، وكان أوّل المبارزين منهم عليّ الأكبر عليه السلام الذي نزل إلى الميدان فبارزهم ثمّ خرّ شهيداً، ومن بعده استشهد بقيّة آل هاشم ومن جملتهم أبو الفضل العبّاس عليه السلام وفي تلك اللحظات الأخيرة استدعى
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص224 ـ 229.
2- الشيخ الطوسيّ، الخلاف، ج1، ص213.
3- معالي السبطين، ج1، ص361.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
50

 


44

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 الإمام عليه السلام طفله الرضيع وبينما هو في حجره رماه حرملة بسهمٍ في عنقه ففار الدم منه وعندئذٍ قال الإمام عليه السلام: "هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله"1.

 
وحيداً فريداً
ولم يبق مع الحسين عليه السلام أيّ ناصرٍ ومعين فبقي وحيداً فريداً ينظر يميناً وشمالاً، فلم يَرَ أحداً من أصحابه وأهل بيته إلّا صرعى بدمائهم على وجه الأرض، فنادى الإمام عليه السلام مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وزهير بن القين وحبيب بن مظاهر وعليّ الأكبر وسائر الشهداء وصرخ قائلاً: "أيّها الكرام، ادفعوا عن حرم الرسول الطغاة اللئام، ولكن صرعكم والله ريب المنون وغدر بكم الدهر الخؤون، وإلّا لما كنتم عن دعوتي تقصّرون، ولا عن نصرتي تحتجبون، فها نحن عليكم مفتجعون، وبكم لاحقون، فإِنَّا لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ"2.
 
الوداع الأخير
وانطلق الإمام عليه السلام إلى خيمة ولده والإمام من بعده زين العابدين عليه السلام فضمّه إلى صدره وودّعه3. ثمّ طلب ثوباً لا يرغب فيه ليلبسه تحت ثيابه لئلّا يبقى عارياً4. فأخذ الثوب ففزره وخرّقه لكيلا يُسلبه5، ومن ثمّ توجّه عليه السلام لوداع أخته زينب الكبرى وسائر النساء فنادته ابنته سكينة: "يا أبتاه، أأسلمت نفسك للموت".
 
فقال لها الإمام عليه السلام: "كيف لا يستسلم من لا ناصر له ولا معين" فقالت له سكينة: أبتاه ردّنا إلى حرم جدّنا صلى الله عليه وآله وسلم.


فقال لها الإمام عليه السلام: "هيهات لو ترك القطا لنام".
 
وعلا صوت النساء بالبكاء فسكّتهنّ الحسين عليه السلام ومن ثمّ حمل على الأعداء6.



1- بحار الأنوار، ج45، ص46.
2- معالي السبطين، ج2، ص19.
3- الراونديّ، الدعوات، ص54، ح137،بحار الأنوار، ج95، ص196.
4- عوالم العلوم، ج17، ص297.
5- وقعة الطفّ، ص250.
6- الطريحيّ، المنتخب، ص440،،بحار الأنوار، ج45، ص47.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
51

45

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 موتٌ في عزّ

كان الإمام الحسين عليه السلام يرى أنْ:"موت في عزٍّ خير من حياة في ذلّ"1 وكان كلّما برز إليه أحد قتل، ويحمل على الميمنة وهو يقول:
"القَتْلُ أَوْلَى مِنْ رُكُوبِ العَارِ     وَالعَارُ أوْلَى مِنْ دُخُولِ النَّارِ
 وَاللهِ مَا هَذا وَهَذا جَارِ"2
 
ثمّ يحمل على ميسرة القوم وهو يقول:
أَنَا الحُسَيْنُ بْنَ عَلِي        آلَيْتُ أَنْ لا أَنْثَنِي
أَحْمِي عِيَالاتِ أَبِي          أَمْضِي عَلَى دِينِ النَّبِي3
 
وهجم عليه مالك بن نسر وضربه بالسيف على رأسه فشقّ برنسه ووصلت الضربة إلى أمّ رأسه وجرى الدم منه وامتلأ البرنس دماً، وخلع الإمام درعه ولبس خوذة بعد أن عمّم رأسه بخرقة سوداء، ولبس جبّة من خزّ، وقاتل قتال الفارس الشجاع، وكان يتّقي الرماة ويفترص العورة، ويشدّ على الخيل4.
 
ورغم الجراحات الكثيرة التي أصابت جسد الإمام عليه السلام إلّا أنّه كان يحمل تارة على الميمنة وأخرى على الميسرة فيفرّون من بين يديه.
يقول الراوي: "فوالله ما رأيت مكثوراً قطّ قد قتل ولده وأهل بيته وصحبه أربط جأشاً منه، وإن كانت الرجال لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شدّ عليها الذئب...".
 
ورجع الإمام عليه السلام إلى مركزه وهو يردّد قائلاً: "لا حول ولا قوّة إلّا بالله"5.
 
 
 

1-بحار الأنوار، ج44، ص192.
2- اللهوف، ص120،مناقب آل أبي طالب، ج4، ص110.
3- مناقب آل أبي طالب، ج4، ص110.
4- وقعة الطفّ، ص250.
5- اللهوف، ص120.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
52

46

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 كونوا أحراراً

وقاتل الإمام عليه السلام قتال الأبطال وابن سعد يحثّ جيشه على قتل الإمام قائلاً لهم:"احملوا عليه من كلّ جانب. وقام شمر مع جماعة من المقاتلين فحالوا بين الحسين عليه السلام وبين رحله. فقال لهم عليه السلام: "ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان، إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم هذه وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون"1
 
فحمل شمر على الإمام الحسين عليه السلام وحمل الإمام عليه السلام على العدوّ وهو يقول: "أعلى قتلي تحاثون؟ أما والله لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله اللهُ أسخط عليكم لقتله منّي، وأيم الله إنّي لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم ثمّ ينتقم لي منكم..."2.
 
ليت السماء أطبقت على الأرض
ولكثرة الجراحات التي أصيب بها الإمام عليه السلام، وقف يستريح وقد ضعف عن القتال، فطعنه صالح بن وهب برمحه على خاصرته طعنة منكرة فسقط الحسين عليه السلام عن فرسه إلى الأرض على خدّه الأيمن وهو يردّد قائلاً: "بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله".
 
وفي ذلك الوقت خرجت زينب عليها السلام من خيمتها وهي تنادي: وا أخاه وا سيّداه وا أهل بيتاه، ولهول ما رأت عليها السلام وما ألمّ بها قالت: "ليت السماء أطبقت على الأرض"4.
 
وقام العدوّ بمحاصرة الإمام عليه السلام والشمر يصيح بهم: ويحكم ما تنتظرون بالرجل، اقتلوه ثكلتكم أمّهاتكم، فحملوا عليه من كلّ جانب، وضربه زرعة بن شريك على عاتقه فجعل يكبو مرّة ويقوم أخرى، ثمّ كبا على وجهه وحمل عليه سنان بن أنس في تلك الحال فطعنه بالرمح في ترقوته، ثمّ انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره، ثمّ رماه سنان أيضاً بسهمٍ فوقع في نحره فسقط عليه السلام، وجلس قاعداً فنزع السهم من نحره، وقرن كفّيه 
 
 
 

1- الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج2، ص33،البداية والنهاية، ج8، ص203.
2- وقعة الطفّ، ص252.
3- اللهوف، ص125.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
53

47

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 جميعاً فلمّا امتلأتا دماً خضّب بهما رأسه ولحيته، وقال: "هكذا حتّى ألقى الله مخضباً بدمي مغصوباً عليّ حقّي"1.

 
صريعاً على الأرض
وكلّما دنا أحدهم من الحسين عليه السلام رجع عنه، حتّى صاح بهم ابن سعد طالباً منهم أن يجهزوا عليه، يقول بعض أتباع بن سعد: والله ما رأيت قتيلاً مضمّخاً بدمه أحسن منه ولا أنور وجهاً، ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيئته عن الفكر في قتله.
 
وفي تلك الحالة وقد خرّ الإمام عليه السلام صريعاً مشرفاً على الموت استسقى الماء2، فلم يسقوه وقال له رجلٌ منهم: والله لا تذوق الماء حتّى ترد الحامية.


وبدر إليه خولّي بن يزيد الأصبحي ليحتزّ رأسه فأرعد3 وقفل راجعاً، وحينئذٍ قدم الشمر وجلس على صدر الإمام عليه السلام وقبض على لحيته، وهمّ بقتله فضحك الحسين عليه السلام وقال له: "أتقتلني؟ أولا تعلم من أنا؟!".
 
فقال الشمر: أعرفك حقّ المعرفة، أمّك فاطمة الزهراء عليها السلام وأبوك عليّ المرتضى، وجدّك محمّد المصطفى، وخصيمك الله العليّ الأعلى، وأقتلك ولا أبالي4.
 
وضربه بسيفه اثنتي عشرة ضربة ثمّ حزّ رأسه من القفا5 
قَتَلُوكَ عَطْشَاناً وَلَمْ يَتَرَقَّبُوا       فِي قَتلِكَ التَنْزِيلَ وَالتَّأْوِيلا
وَيُكَبِّرُونَ بِأَنْ قُتِلْتَ وَإِنَّمَا         قَتَلُوا بِكَ التَكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلا6
 
ثمّ أقبلوا على الحسين عليه السلام فسلبوا7 كلّ شيء عن بدنه الشريف ومن ثمّ صاح عمر بن سعد في أصحابه: من ينتدب للحسين فيواطئ الخيل ظهره وصدره؟ فانتدب
 
 
 

1- اللهوف، ص126،وقعة الطفّ، ص254.
2- مثير الأحزان، ص75.
3- اللهوف، ص126.
4- بحار الأنوار، ج45، ص56.
5- معالي السبطين، ج2، ص43.
6- أنساب الأشراف، ج3، ص213.
7- وقعة الطفّ، ص254.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
54

48

الفصل الأول: سيّد الشهداء عليه السلام

 منهم عشرة، فداسوا جسد الإمام عليه السلام المقطوع الرأس بحوافر خيولهم حتّى رضّوا صدره وظهره1.

 
ولمّا رأت زينب الكبرى جسد أخيها سيّد الشهداء مضمّخاً بدمائه نادت: "يا محمّداه صلّى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء، مرمّلٌ بالدماء، مقطّع الأعضاء..."2.
 
(شعر)
وَهَذَا المَقْتُولُ الصَّرِيعُ عَلَى الأَرْضِ حُسَيْنُكَ       وَهَذا الصَّيدُ المُرَمَّلُ بِدِمائِهِ حُسَيْنُكَ
وَهَذا القَمَرُ الصَرِيعُ فِي بِحَارِ الدَّمِ                 أُضِيفَتْ إِلى بَدَنِهِ جِرَاحُ النُّجُومِ حُسَيْنُكَ3
 
وحمل الرأس المبارك للإمام عليه السلام إلى الكوفة، وبعد عدّة أيّام من واقعة عاشوراء، جاءت طائفة من بني أسد إلى كربلاء وقاموا بدفن جسد الإمام وسائر الأصحاب في التراب.


ونختم هذا الفصل بآية من القرآن سمعت تردّد من الرأس المقطوع لسيّد الشهداء عليه السلام: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾4.


 

1- وقعة الطفّ، ص258.
2- نفس المصدر، ص259،اللهوف، ص134.
3- ترجمة أبيات بالفارسيّة للشاعر محتشم الكاشانيّ:
اين كشته فتاده به هامون، حسين تست   اين صيد دست وپا زده خون، حسين تست
اين ماهى فتاده به درياى خون كه هست   زخم از ستاره بر تنش افزون، حسين تست
4- سورة الشعراء، الآية: 227.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
55

49

الفصل الثاني: السابقون

 بنو هاشم



لبني هاشم حضور جميل وممّيز في ملحمة كربلاء وقد سجّلوا بذلك ذكراً خالداً، وقد اختلفت الأقوال والآراء حول عدد الشخصيّات الهاشميّة في هذه الملحمة إلّا أنّ أشهرها يشير إلى كونهم 17 رجلاً1، وفي الحدّ الأقصى أنّهم 27 شهيداً2. وسوف نشير في هذا الفصل بالترتيب إلى وجوه بني هاشم (باستثناء النساء والأطفال) والتي كان لها دور مؤثّر وفعّال في وقائع ملحمة عاشوراء:
 
أ ـ أبناء أمير المؤمنين عليه السلام
اعتبر البعض أنّ عدد الشهداء من أولاد عليّ عليه السلام في كربلاء هو 11 شهيداً3.
 
إبراهيم بن عليّ عليه السلام ← الشباب
 
جعفر بن عليّ عليه السلام ← الشباب
 
العبّاس بن عليّ عليه السلام
ولد العبّاس عليه السلام في سنة 26 للهجرة، أمّه فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابيّ،
 
 
 
 

1- عماد الدين الطبريّ، بشارة المصطفى، ص426.
2- مناقب آل أبي طالب، ج4، ص112.
3- عبد الواحد المظفّر، بطل العلقميّ، ص125.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
59

50

الفصل الثاني: السابقون

 والمشهورة بأمّ البنين، والعبّاس هو الابن البكر لأمّ البنين، وأشهر كنية له هي "أبو الفضل"1، ولجمال وجهه وإشراقه يقال له قمر بني هاشم2.

 
وقد أمضى أبو الفضل العبّاس 14 عاماً من عمره مع أبيه عليه السلام ومن ثمّ أمضى 24 عاماً مع أخيه الإمام الحسن عليه السلام و34 عاماً من عمره مع أخيه الإمام الحسين عليه السلام، وعليه فقد كان سنّه في كربلاء 34 سنة عند شهادته3.
 
وكان قمر بني هاشم فارساً شجاعاً قويّ البنية ممتلئ الجسم، وكان تقيّاً صالحاً إلى الحدّ الذي عرف بالعبد الصالح4.
 
ويصفه الإمام الصادق عليه السلام قائلاً: "كان عمّنا العبّاس نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله عليه السلام وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً"5.
 
وعندما منعوا الماء عن الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه في كربلاء واشتدّ بهم العطش، دعا الإمام عليه السلام أخاه العبّاس فأرسله إلى الشريعة مع ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً وبعد معركة عظيمة جاء بقرب الماء إلى الخيام6. وقد حمل الماء إليهم مراراً وتكراراً ولذا لقّب بالسقّاء7.
 
ورفض قمر بني هاشم وأخوته الأمان الذي عرضه عليهم شمر بن ذي الجوشن وأكّدوا8 وقوفهم إلى جانب أبي عبد الله عليه السلام، وفي ليلة عاشوراء وبعد أن خاطب الإمام عليه السلام كلّ أنصاره من بني هاشم وغيرهم طالباً منهم الانصراف، كان العبّاس أوّل المتكلّمين فقال: "لمَ نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك!، لا أرانا الله ذلك أبداً"9.
 
 
 

1- ابن عنبة، عمدة الطالب، ص356.
2- أبو الفرج الأصفهانيّ، مقاتل الطالبيّين، ص84 و 85.
3- إبصار العين، ص57.
4- بحار الأنوار، ج98، ص277.
5- عمدة الطالب، ص356.
6- وقعة الطفّ، ص191.
7- إبصار العين، ص58.
8- وقعة الطفّ، ص190.
9- نفس المصدر، ص198.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
60

51

الفصل الثاني: السابقون

 وكان الإمام عليه السلام يحبّ أخاه أبا الفضل حبّاً عظيماً وقد خاطبه يوم عاشوراء بهذه العبارة قائلاً له: "بنفسي أنت يا أخي"1.

 
وفي يوم عاشوراء دفع سيّد الشهداء بالراية إلى أخيه أبي الفضل العبّاس2.
 
وعندما رأى أبو الفضل أخاه الإمام عليه السلام وحيداً في عصر عاشوراء أقبل نحو أخيه يستأذنه في النزول إلى الميدان، فقال له الإمام: "يا أخي كنت العلامة من عسكري، ومجمع عددنا، فإذا أنت غدوت يؤول جمعنا إلى الشتات، وعمارتنا تنبعث إلى الخراب"3.
 
فقال له العبّاس: "قد ضاق صدري، وسئمت من الحياة".
فقال له الحسين عليه السلام: "فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلاً من الماء".
 
فذهب أبو الفضل إلى الميدان وفرّق جيش الأعداء وورد على شريعة الفرات وملأ القربة وأخذ غرفة من الماء ولكنّه تذكّر عطش الحسين عليه السلام فرمى الماء من يده، وتوجّه مسرعاً نحو الخيمة، فسدّوا عليه الطريق فحمل عليهم بسيفه وهو يرتجز4 ويقول: "إنّي أنا العبّاس أغدو بالسقا"5.
 
فضربه حكيم بن الطفيل على يده اليمنى فقطعها، ومن ثمّ ضربه زيد بن ورقاء على يده اليسرى فقطعها، وهو لم يزل متوجّهاً نحو الخيام وإذا برجل تميميّ يضربه بعمودٍ على رأسه فسقط أبو الفضل من على فرسه إلى الأرض ونادى أخاه الحسين عليه السلام: "أدركني"، فأسرع الحسين عليه السلام إلى مصرع العبّاس، وعندما نظر إلى بدن أخيه وجراحاته قال: "الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي"6.
 
يقول الإمام السجّاد عليه السلام عن مقام ومنزلة عمّه العبّاس: "رحم الله العبّاس، فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتّى قطعت يداه فأبدله
 
 
 

1- تاريخ الأمم والملوك، ج4، ص315.
2- الأخبار الطوال، ص256؛ الإرشاد، ج2، ص95؛ إبصار العين، ص61.
3- المنتخب، ص305.
4- إبصار العين، ص62.
5- مناقب آل أبي طالب، ج4، ص108.
6- الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج2، ص34؛ بحار الأنوار، ج45، ص42؛ إبصار العين، ص63.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
61

52

الفصل الثاني: السابقون

 الله عزَّ وجلَّ بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإنّ للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة"1.



عبد الله بن عليّ عليه السلام ← الشباب
 
عبيد الله بن عليّ عليه السلام
عدّه الشيخ المفيد من جملة شهداء كربلاء2 ووافقه في ذلك الطبرسيّ3 والقلقشنديّ4 واستند جملة من المؤرّخين إليه في ذلك5، وقد ورد ذكره في الزيارة الرجبيّة6، ولكن هناك العديد من المؤرّخين أكّدوا على عدم استشهاده في كربلاء7.
 
عتيق بن عليّ عليه السلام
عدّه بعض المؤرّخين من جملة شهداء كربلاء8.


عثمان بن عليّ  ← الشباب
 
عمر بن عليّ عليه السلام
وأمّه تدعى الصهباء، واشتهر بعمر الأطرف، اعتبره البعض من شهداء كربلاء9، إلّا أنّ الكثير من المؤرّخين أنكروا ذلك وأكّدوا على عدم حضور عمر بن عليّ عليه السلام في كربلاء10.
 
 
 

1- الشيخ الصدوق، الخصال، ج1، ص68.
2- الإرشاد، ج1، ص354.
3- قال إنّ أمّه هي ليلى بنت مسعود الدارميّة (الطبرسيّ، تاج المواليد، ص108).
4- القلقشنديّ، مآثر الأنافة في معالم الخلافة، ص118.
5- كشف الغمّة، ج2، ص66.
6- بحار الأنوار، ج101، ص339.
7- مقاتل الطالبيّين، ص92؛ المسعوديّ، إثبات الوصيّة، ص131؛ ابن قتيبة المعارف، ص401؛ أبو الفلاح الحنبليّ، شذرات الذهب، ج1، ص75؛ ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، ص230.
8- الإمامة والسياسة، ج‏2، ص‏6؛ شذرات الذهب، ج‏1، ص‏66، الدياربكريّ، تاريخ الخميس، ج‏2، ص‏298.
9- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏107؛ الكركيّ، تسلية المجالس، ج‏2. ص‏306.
10- نفس المهموم، ص‏328؛ وقال بعض المؤرّخين: إنّ عمر امتنع عن نصرة أخيه الحسين عليه السلام بلا أيّ عذرٍ، وتوفّي عن عمر ناهز السابعة والسبعين سنة (عمدة الطالب، ص‏339؛ أبو نصر البخاريّ، سرّ السلسلة العلويّة، ص‏96؛ الشيخ عبّاس القمّي، سفينة البحار، ج‏2، ص‏72؛ عليّ الشاويّ، الإمام الحسين عليه السلام في المدينة المنوّرة، ص‏386).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
62

 


53

الفصل الثاني: السابقون

 عون بن عليّ عليه السلام 

اعتبر بعض المؤرّخين بأنّ عون من شهداء ملحمة كربلاء1.
 
محمّد الأصغر بن عليّ عليه السلام ← الشباب
 
يحيى بن عليّ عليه السلام 
أمّه أسماء بنت عميس2، وذكر أنّه من شهداء كربلاء3، إلّا أنّ بعض المؤرّخين يعتقد بأنّ يحيى مات 4في حياة أمير المؤمنين عليه السلام.
 
ب ـ أبناء الإمام الحسن عليه السلام 
 
أبو بكر بن الحسن
حضر في كربلاء وقاتل العدوّ في ركاب أبي عبد الله عليه السلام، ورماه عبد الله بن عقبة الغنويّ بسهمٍ أرداه شهيداً5 وله من العمر حينئذٍ خمسة وثلاثون عاماً6.
 
أحمد بن الحسن عليه السلام ← الأطفال والشباب
 
الحسن بن الحسن عليه السلام ← الجرحى
 
عبد الله بن الحسن عليه السلام ← الأطفال والشباب
 
عمر بن الحسن عليه السلام ← الأطفال والشباب
 
قاسم بن الحسن عليه السلام ← الأطفال والشباب


 
 

1- السيّد جعفر الأعرجيّ، مناهل الضرب في أنساب العرب، ص‏86.
2- مستدركات علم رجال الحديث، ج‏8، ص‏546.
3- مناهل الضرب في أنساب العرب، ص 86.
4- مقاتل الطالبيّين، ص‏37.
5- ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من كتاب بغية الطلب، ص‏150؛ مقاتل الطالبيّين، ص‏92؛ أنساب الأشراف، ص‏406؛ الأخبار الطوال، ص‏257، الطبرسيّ، أعلام الورى، ج‏1، ص‏466؛ الفضيل بن زبير الكوفيّ تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏150.
6- ابن فندق، لباب الأنساب، ج‏1، ص‏397.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
63

54

الفصل الثاني: السابقون

 ج ـ أبناء الإمام الحسين عليه السلام 

 
عليّ الأصغر ← الأطفال والشباب
عليّ الأكبر ← الشباب
عليّ (الأوسط) زين العابدين ← الأسرى
 
د ـ آل جعفر بن أبي طالب
 
عبيد الله بن عبد الله بن جعفر
أمّه تدعى الخوصاء، وقد استشهد عبيد الله1 في يوم عاشوراء2.
 
عون بن عبد الله بن جعفر3
أمّه السيّدة زينب الكبرى4، التحق بركب الإمام الحسين عليه السلام مع أخيه محمّد في وادي العقيق حاملاً رسالة من أبيه أوصلها للإمام عليه السلام.
 
وعندما برز في يوم عاشوراء نحو الأعداء ارتجز قائلاً:
 
إِنْ تُنْكِرُونِي فَأَنا ابْنُ جَعْفَرٍ   شَهِيدُ صِدْقٍ فِي الجِنَانِ أَزْهَرْ
يَطِيرُ فِيها بِجَنَاحٍ أَخْضَرٍ      كَفَى بِهَذا شَرَفاً فِي المَحْشَرْ
 
وقتل عدداً من الأعداء ثمّ استشهد على يد عبد الله قطنة الطائيّ5.
 
القاسم بن محمّد بن جعفر
وهو صهر عمّه عبد الله بن جعفر والسيّدة زينب الكبرى، رافق الإمام الحسين عليه السلام 
 
 
 

1- يذكر البعض اسم عبد الله بن عبد الله بن جعفر (مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏111)؛ والظاهر أنّ عبيد الله هو نفس عبد الله (الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏377).
2- مقاتل الطالبيّين، ص‏96.
3- عديّ بن عبد الله بن جعفر (ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ، من كتاب بغية الطلب، ص‏151).
4- مقاتل الطالبيّين، ص‏95؛ وذكر أنّ لعبد الله ولد آخر باسم عون الأصغر وأمّه تدعى "جمانة" وقد استشهد في واقعة الحرّة (نفس المصدر، ص‏122).
5- أنساب الأشراف، ج‏3، ص‏406؛ جمال الدين الجبعيّ، الدرّ النظيم، ص‏555.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
64

55

الفصل الثاني: السابقون

 مع زوجته أمّ كلثوم الصغرى ونزل معه في كربلاء. وبرز القاسم إلى الميدان بعد شهادة عون بن عبد الله بن جعفر وقاتل قتالاً عظيماً ثمّ استشهد1.

 
محمّد بن عبد الله بن جعفر
وأمّه الخوصاء بنت حفصة بنت ثقيف، التحق مع أخيه عون بقافلة الإمام الحسين عليه السلام وبرز إلى الميدان قبل أخيه عون وهو يرتجز ويقول:
 
نَشْكُو إِلى اللهِ مِنَ العُدْوَانِ                 فِعَالَ قَوْمٍ فِي الرَدَى عُمْيَانِ
قَدْ بَدَّلُوا مَعَالِمَ القُرْآنِ                      وَمُحْكَمَ التَنْزِيلِ والتِّبْيَانِ
وَأَظْهَرُوا الكُفْرَ مَعَ الطُّغْيَانِ
 
فهجم عليه القوم جماعات من كلّ جانب ثمّ استشهد على يد عامر بن نهشل التميميّ2.
 
هـ ـ آل عقيل
إنّ لآل عقيل منزلة مرموقة من بين أبطال عاشوراء، حتّى أنّ الإمام الحسين عليه السلام أوصاهم بالصبر والثبات وبشّرهم بالجنّة قائلاً لهم: "صبراً آل عقيل إنّ موعدكم الجنّة"3.
 
والشهداء 4من آل عقيل الذين استشهدوا في كربلاء هم:
 
أحمد بن محمّد بن عقيل
برز إلى الميدان في كربلاء يقاتل بحماسة وهو يرتجز الشعر ثمّ استشهد (رضوان الله عليه)5.
 
جعفر بن عقيل ← الشباب
 
 
 

1- تنقيح المقال، ج2 ص24.
2- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏151؛ مقاتل الطالبيّين، ص‏96؛ أنساب الأشراف، ج‏3، ص‏406؛ مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏115؛ إبصار العين، ص‏77.
3- باقر شريف القرشيّ، حياة الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام ، ج‏3، ص‏249.
4- اختلف المحقّقون في عدد الشهداء من آل عقيل فذهب القرشيّ إلى أنّ عددهم تسعة (المصدر السابق)، وأمّا السماويّ فقال: إنّهم ستّة شهداء (راجع، إبصار العين).
5- تنقيح المقال، ج‏1، ص‏103.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
65

56

الفصل الثاني: السابقون

 عبد الرحمن بن عقيل

وهو من أوائل المبارزين من آل أبي طالب يوم عاشوراء بعد أن استشهد كلّ أنصار الإمام الحسين عليه السلام، وكان له من العمر حينها 35 عاماً1. وانبرى إلى ساحة القتال وهو يرتجز ويقول: 
 
أَبِي عَقيلٌ فَاعْرِفُوا مَكَانِي                مِنْ هَاشِمٍ وهَاشِمٌ إِخْوَانِي
كُهُولُ صِدْقٍ سَادَةُ القُرْآنِ             هَذَا حُسَيْنٌ شَامِخُ البُنْيَانِ2
 
وقاتل قتالاً عظيماً فقتل سبعة عشر فارساً، ثمّ استشهد على يد عثمان بن خالد الجهنيّ وبشر بن سوط الهمدانيّ3.
 
عبد الله بن عقيل
قاتل في كربلاء قتال الأبطال ثمّ استشهد على يد عثمان بن خالد أشيم الجهنيّ ورجل من همدان4، وذكر أنّه قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة5.
 
عبد الله بن مسلم بن عقيل ← الشباب
 
عبيد الله بن عقيل
اعتبره ابن قتيبة من شهداء كربلاء6.
 
عليّ بن عقيل
وكان له من العمر ثمانية وثلاثون سنة7 عندما كان في كربلاء واستشهد بين يدي الإمام الحسين عليه السلام8.




1- لباب الأنساب، ج‏1، ص‏103.
2- الإرشاد، ج‏2، ص‏107.
3- مقاتل الطالبيّين، ص‏96، تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏331؛ إبصار العين ص‏91 و92، قال بعضهم: إنّ قاتله هو عبد الله بن عروة الخثعميّ رماه بسهم فقتله (ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من كتاب بغية الطلب، ص‏151).
4- مقاتل الطالبيّين، ص‏97؛ بحار الأنوار، ج‏45، ص‏33.
5- لباب الأنساب، ج‏1، ص‏397.
6- المعارف، ص‏204.
7- لباب الأنساب، ج‏1، ص‏397.
8- مقاتل الطالبيّين، ص‏98؛ مستدركات علم رجال الحديث، ج‏5، ص‏415.



 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
66

57

الفصل الثاني: السابقون

 عون بن عقيل

ذكره البعض في جملة شهداء ملحمة كربلاء1.
 
محمّد بن أبي سعيد بن عقيل ← الشباب
 
محمّد بن عقيل
وهو صهر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام2. وذكر بعض المؤرّخين أنّه حضر في كربلاء واستشهد على يد لقيط بن ناشر الجهنيّ3.
 
محمّد بن مسلم بن عقيل ← الشباب
مسلم بن عقيل ← السفراء
 
الصحابة
في ثورة سيّد الشهداء عليه السلام، كان لبعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حضور مميّز، وهؤلاء الصحابة قسم منهم كان من أنصار النبيّ ومرافقيه والذين رووا عنه الأحاديث، والقسم الآخر منهم أدرك عصره أو أنّه قام بزيارته صلى الله عليه وآله وسلم فقط. وفي هذا المجال سوف نذكر ابتداءً الصحابة الذين اتفق على حضورهم واستشهادهم في كربلاء.
 
أنس بن حرث الكاهليّ
وهو من كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المشهورين، وقد التقى مراراً بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسمع كلامه وأقواله وقد عدّ من رواة الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ممّن روى عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله:
 
"إنّ ابني هذا (يعني الحسين) يقتل بأرضٍ من أرض العراق ألا فمن شهده فلينصره"4.
 
 
 

1- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏112؛ مستدركات علم رجال الحديث، ج‏6، ص‏144.
2- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏62؛ مستدركات علم رجال الحديث، ج‏7، ص‏209.
3- ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من كتاب بغية الطلب، ص‏151.
4- العسقلانيّ، الإصابة، ج‏1، ص‏68.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
67

58

الفصل الثاني: السابقون

 وقد كان أنس مقيماً بالكوفة، وعندما بلغه ورود الإمام عليه السلام إلى أرض العراق توجّه نحو كربلاء فوصلها ليلاً1، واستقرّ إلى جانب الحسين عليه السلام، وفي يوم عاشوراء طلب الرخصة من الإمام للنزول إلى الميدان فأجاز سيّد الشهداء عليه السلام لهذا العجوز الشجاع القتال فبرز إلى ساحة المعركة وهو يرتجز الشعر، فقاتل قساة القلوب من الكوفيّين حتّى استشهد2.

 
حبيب بن مظاهر الأسديّ
كان من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مقيماً في الكوفة، وكان من أتباع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أثناء خلافته، ومن خواصّ أصحابه، وشارك معه في كلّ حروبه3.
 
وكان حبيب من كبار وجهاء الكوفة وأحد الذين كتبوا للإمام الحسين عليه السلام يدعونه إليهم4.
 
وعندما ورد مسلم بن عقيل سفير الحسين عليه السلام إلى الكوفة ونزل في منزل المختار التفّ حوله الشيعة5، وكان حبيب أحد الذين تكلّموا معلناً وقوفه إلى جانب الحسين عليه السلام والدفاع عنه.
 
وقد شارك حبيب مع مسلم بن عوسجة في أخذ البيعة من أهل الكوفة للإمام الحسين عليه السلام، ولكن بعدما ورد ابن زياد إلى مدينة الكوفة وتفرّق الناس عن سفير الإمام عليه السلام تخفّى هذان الرجلان ومن ثمّ التحقا بالإمام الحسين عليه السلام.
 
ولمّا رأى حبيب قلّة أنصار الإمام في كربلاء مقابل الجيش العظيم للأعداء استجاز الإمام عليه السلام في الذهاب إلى بني قومه من بني أسد لطلب النصرة لأبي عبد الله، فأجازه الحسين عليه السلام، فتوجّه نحوهم وتكلّم معهم، فصمّم البعض منهم على الالتحاق بهم، ولكن أخبارهم وصلت عبر بعض العيون إلى جيش ابن سعد الذي أرسل فرقة من
 
 
 

1- ابن الأثير، أسد الغابة، ج‏1، ص‏123.
2- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏25؛ إبصار العين، ص‏100.
3- الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏155.
4- الإرشاد، ج‏2، ص‏37، تاريخ الأمم والملوك، ج‏4، ص‏261.
5- الإرشاد، ج‏2، ص‏41.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
68

59

الفصل الثاني: السابقون

 جيشه إلى مضارب القوم ووقع النزاع والخلاف بينهم، ومَنعوا تلك العدّة من الالتحاق بالحسين عليه السلام، فرجع حبيب وحيداً وتوجّه نحو خيمة الإمام ليخبره بما جرى1.

 
وفي يوم عاشوراء استلم حبيب قيادة الميسرة في جيش الإمام، وكان على الميمنة زهير بن القين2.
 
وعندما سقط صاحبه القديم مسلم بن عوسجة على الأرض توجّه حبيب برفقة الإمام عليه السلام ووقفا عند رأسه، فقال له حبيب: "عزّ عليّ مصرعك يا مسلم، أبشر بالجنّة".
 
فقال له مسلم وهو يشير إلى الإمام عليه السلام: بشّرك الله... فإنّي أوصيك بهذا وأشار إلى الحسين عليه السلام فقاتل دونه حتّى تموت.
 
فقال له حبيب: وربّ الكعبة، لأنعمنّك عيناً3.
 
ولمّا طلب أبو عبد الله عليه السلام من القوم المهلة لأداء صلاة الظهر، قال له الحصين بن تميم: إنّها لا تقبل.
 
فلم يسكت حبيب على وقاحته وجرأته فقال له:
"زعمت أن لا تقبل الصلاة من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقبل منك يا..." فحمل عليه الحصين وخرج إليه حبيب فضرب وجه فرسه بالسيف فشبّ فسقط عنه الحصين فاستنقذه أصحابه، وقاتل حبيب قتالاً شديداً4، فقتل رجلاً من بني تميم اسمه بديل بن صريم، وحمل عليه آخر من بني تميم فطعنه، فذهب ليقوم فضربه الحصين على رأسه بالسيف فوقع على الأرض شهيداً5.
 
وذهب البعض إلى أنّ بديل بن صريم 6هو من قتل حبيب بن مظاهر... ولمّا استشهد حبيب هدّ مقتله الحسين عليه السلام وتأسّف عليه لِما له من المكانة والمنزلة عنده فقال سلام الله عليه:
 
 
 

1- تسلية المجالس، ج‏2، ص‏260، إبصار العين، ص‏103.
2- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏319، الأخبار الطوال، ص‏256.
3- الإرشاد، ج‏2، ص‏103؛ اللهوف، ص‏162.
4- ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏70.
5- إبصار العين، ص‏105 و 106.
6- الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج‏2، ص‏22.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
69

60

الفصل الثاني: السابقون

 "عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي"1.

 
وكان له من العمر عند شهادته خمسة وسبعون عاماً.
 
الحرث بن نبهان
كان والده نبهان رجلاً شجاعاً مقداماً، وكان عبداً لحمزة بن عبد المطلب، وقد مات والده بعد شهادة الحمزة بسنتين وهذا يعني أنّ الحرث قد أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
 
وقد نشأ الحرث وترعرع في كنف أمير المؤمنين عليه السلام ومن بعده الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام .
 
ورافق ابن نبهان سيّد الشهداء عليه السلام من المدينة إلى كربلاء واستشهد يوم عاشوراء في الحملة الأولى2.
 
عبد الرحمن بن عبد ربّ الأنصاريّ الخزرجيّ
كان عبد الرحمن من صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ومن الأتباع المخلصين لأمير المؤمنين عليه السلام.
 
وعندما ناشد الإمام عليّ عليه السلام الناس في الرحبة مَن سمع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خمّ ما قال إلّا قام، فقام عبد الرحمن مع عدد من الصحابة فقالوا:
نشهد أنّا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ألا إنّ الله عزَّ وجلَّ وليّي وأنا وليّ المؤمنين، ألا فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحبّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وأعن من أعانه"3.
 
وينقل بعض المؤرّخين بأنّ عليّاً عليه السلام قام بتربية عبد الرحمن وتعليمه القرآن4.
 
ورافق ابن عبد ربّ الإمام الحسين عليه السلام منذ مسيره من مكّة إلى العراق، وقاتل يوم عاشوراء في الحملة الأولى حتّى استشهد5.
 
 
 

1- تاريخ الأمم والملوك، ج‏4، ص‏336.
2- تنقيح المقال، ج‏1، ص‏248، إبصار العين، ص‏55؛ وسيلة الدارين، ص‏117.
3- الغدير، ج‏2، ص‏49، أسد الغابة، ج‏3، ص‏307.
4- حسام الدين المحلّى، الحدائق الورديّة، ص‏122.
5- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113؛ إبصار العين، ص‏157 و 158.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
70

61

الفصل الثاني: السابقون

 عبد الله بن يقطر الحميريّ  ← السفراء

 
عمّار بن أبي سلامة الدالانيّ الهمدانيّ
من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصحب أمير المؤمنين عليه السلام أثناء خلافته وبقي إلى جنبه وشارك معه في حروبه الثلاثة (الجمل، صفّين والنهروان)، ومن ثمّ استشهد في كربلاء في ركب الحسين عليه السلام1. وقيل: إنّه استشهد في أثناء الحملة الأولى2.
 
مسلم بن عوسجة الأسديّ
كان من أنصار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته3.
 
وذكر أنّه كان رجلاً شريفاً سرياً عابداً، وكان فارساً شجاعاً له ذكر في المغازي والفتوح الإسلاميّة4. وقد شارك ابن عوسجة في الكثير منها وقد حدّث شبث بن ربعيّ عن شجاعته في فتح أذربايجان في سنة عشرين من الهجرة5.
 
ويعتبر مسلم بن عوسجة من الشخصيّات البارزة في الكوفة، وقد كان من جملة الذين كتبوا الرسائل إلى الإمام عليه السلام، لكنّه لم ينكث بعهده ووعده حتّى آخر رمق من حياته. وقد أخذ البيعة من أهل الكوفة للإمام الحسين عليه السلام، ووضع نفسه في خدمة مسلم بن عقيل، فعيّنه مسلم في مدّة إقامته القصيرة على رأس جماعة من بني مذحج وبني أسد6، وبعد مقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة توارى ابن عوسجة مدّة من الزمان، ومن ثمّ خرج برفقة عائلته من الكوفة صوب كربلاء، فوصلها والتحق بركب أبي عبد الله عليه السلام.
 
 
 
 

1- الإصابة، ج‏5، ص‏112؛ إبصار العين، ص‏134.
2- الحدائق الورديّة، ص‏122؛ مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113.
3- أسد الغابة، ج‏4، ص‏264؛ الإصابة، ج‏6، ص‏96.
4- إبصار العين، ص‏108.
5- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏325.
6- محمّد مهديّ شمس الدين، أنصار الحسين عليه السلام ، ص‏93.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
71

62

الفصل الثاني: السابقون

 وعندما خاطب الإمام عليه السلام أصحابه في ليلة العاشر من محرّم وطلب منهم قائلاً: "إنّ هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجلٍ من أهل بيتي، وتفرّقوا في سوادكم ومدائنكم، فإنّ القوم إنّما يطلبوني، ولو قد أصابوني لهوا عن غيري"، جدّد الأنصار له العهد وتكلّم مسلم بن عوسجة بعد أن تكلّم إخوة الإمام عليه السلام وأهل بيته، فقال: "يا بن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنحن نخلّي عنك هكذا وننصرف، وقد أحاط بك الأعداء؟ لا والله لا يراني الله أفعل ذلك أبداً حتّى أكسر في صدورهم رمحي، وأضاربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي، ووالله لو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة أبداً، ولم أفارقهم أو أموت بين يديك..."1.

 
ويذكر ابن شهرآشوب أنّ مسلم قال هذا الكلام: "والله لو علمت أنّي أقتل فيك ثمّ أحيا، ثمّ أحرق حيّاً، ثمّ أذرى، يفعل ذلك بي سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك، وكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة، ثمّ أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً"2.
 
وينقل أبو مخنف هذا المقطع من كلام ابن عوسجة حيث يقول: "أما والله لا أفارقك حتّى أكسر في صدورهم رمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي"3.
 
وعندما بدأت المعركة في يوم عاشوراء وبعد الحملة الأولى حمل على القوم من طرف ميسرة جيش الإمام عليه السلام، يضرب بسيفه ويرتجز قائلاً: 
 
إَنْ تَسْأَلُوا عَنِّي فَإِنِّي ذُو لَبَدْ               مِنْ فَرْعِ قَوْمٍ فِي ذُرَى بِنِي أَسَدْ
فَمَنْ بَغَانَا حَايِدٌ عَنِ الرَّشَدْ                  وَكَافِرٌ بِدِينِ جَبَّارٍ صَمَدْ4
 
وقال ابن أعثم الكوفيّ بأنّ مسلم بن عوسجة قاتل قتالاً شديداً وجرح جراحات بليغة5، وحمل عليه مسلم بن عبد الله الضبابيّ وعبد الرحمن بن أبي خشكاره البجليّ 
 
 
 
 

1- الفتوح ص‏897.
2- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏99.
3- وقعة الطفّ، ص‏198.
4- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏99.
5- الفتوح، ص‏905.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
72

63

الفصل الثاني: السابقون

 وتشاركا في قتله، ولمّا سقط على الأرض وبه رمق من الحياة جاءه الحسين عليه السلام مع حبيب بن مظاهر ووقفا على رأسه فقال له الحسين عليه السلام: "رحمك الله يا مسلم"1.

 
وأوصى مسلم في لحظاته الأخيرة حبيب بالإمام أبي عبد الله عليه السلام قائلاً له: "أوصيك بهذا، فقاتل دونه"2.
 
واعتبر العلّامة المجلسيّ بأنّ مسلم بن عوسجة كان أوّل من قتل في الحملة الأولى3.
 
هانئ بن عروة المراديّ
وكان كأبيه عروة بن نمران من أصحاب النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من الشخصيّات الشيعيّة المشهورة، وقد شارك هانئ بن عروة مع أمير المؤمنين عليه السلام أيّام خلافته في حروبه الثلاثة. وكان رضوان الله عليه زعيم قبيلة بني مراد وتحت لوائه وإمرته أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجلٍ4.
 
وفي عهد معاوية كان بصحبة حجر بن عديّ فأراد معاوية قتله لكن شفع فيه بعضهم، فلم يقتله.
 
وعندما ورد مسلم بن عقيل إلى الكوفة ورأى خذلان أهلها أوى إلى منزل هانئ، ووصل الخبر إلى ابن زياد عبر أحد العيون، فافتُضح أمر مسلم، واعتقل هانئ بن عروة، فعذّبه عذاباً شديداً حتّى يسلّمه مسلم، لكنّه لم يرضخ لهذا الذلّ والعار وقال في جوابهم: "والله عليّ في ذلك من أعظم العارّ أن يكون مسلم في جواري وضيفي وهو رسول ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا حيٌّ صحيح الساعدين كثير الأعوان، والله لو لم أكن إلّا وحدي ليس لي ناصرٌ لما سلّمته إليه أبداً حتّى أموت"5.
 
وقلق بنو مذحج على أوضاع هانئ فحاصروا قصر ابن زياد، فخرج إليهم شريح
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏110.
2- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏20.
3- نفس المصدر، ص‏96.
4- المسعوديّ، مروج الذهب، ج‏3، ص‏59.
5- الفتوح، ص‏854 و855.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
73

64

الفصل الثاني: السابقون

 القاضي ودعاهم إلى الهدوء مخبراً إيّاهم سلامة هانئ بن عروة، وأنّه لم يقتل وحينئذٍ خدع القوم ورجعوا وانصرفوا عنه، وبقي هانئ محبوساً حتّى اعتقل مسلم، فقتلهما ابن زياد في يوم واحد في الثامن من ذي الحجّة سنة 60 للهجرة1 وكان عمر هانئ حين شهادته يربو على التسعين سنة2.

 
وقيل إنّ هانئ لمّا أخرج من حبسه أخذ إلى السوق في ناحية للقصّابين وهو يستصرخ قبيلته: وا مذحجاه، فلم يجبه أحد منهم، وأمر عبيد الله بن زياد بضرب عنقه، فضربه غلام له اسمه رشيد بالسيف على عنقه فقتله وقطع رأسه وصلب جسده، وأرسل برأسه مع رأس مسلم بن عقيل إلى يزيد بن معاوية3.
 
ولمّا بلغ الحسين عليه السلام خبر استشهاد مسلم وهانئ استعبر وبكى بكاءً شديداً 4وهو يكرّر قوله تعالى: ﴿إِنَّا لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾، ويقول: "رحمة الله عليهما"5.
 
إشارة وتذكير
ومضافاً إلى هؤلاء التسعة الذين ذكرناهم من صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقد ذكرت بعض الشخصيّات الأخرى في جملة الصحابة الذين حضروا مع الإمام عليه السلام، إلّا أنّه لمّا كانت هذه النسبة لا تستند إلى المتون الموثّقة ولا اعتبار لها في التاريخ فإنّ إثباتها مشكلٌ وسوف نكتفي فيما يلي بذكر أسمائهم فقط:
 
جنادة بن الحرث السلمانيّ الأزديّ6.
 
جندب بن حجير الخولانيّ6.
 
جوين بن مالك7.
 
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏141 و142.
2- نفس المصدر، ص‏139 نقلاً عن طبقات ابن سعد. وقال البعض بأنّ عمره كان تسعة وثمانين سنة (تنقيح المقال، ج‏3، ص‏288).
3- الإرشاد، ج‏2، ص‏64، وقعة الطفّ، ص‏142؛
4- الفتوح، ص‏865.
5- إبصار العين، ص‏142.
6- وسيلة الدارين، ص‏113، تنقيح المقال، ج‏1، ص‏234.
7- تنقيح المقال، ج‏1، ص‏236، وسيلة الدارين، ص‏114 نقلاً عن تاريخ ابن عساكر.
8- وسيلة الدارين،ص116.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
74

65

الفصل الثاني: السابقون

 زاهر بن عمرو مولى عمرو بن الحمق الخزاعيّ1.

زياد بن عريب الهمدانيّ2.
سعد بن الحرث3.
 
شبيب بن عبد الله4.
عمرو بن ضبيعة الضبعيّ5.
كنانة بن عتيق التغلبيّ6.
 
مسلم بن كثير الأزديّ7.
يزيد بن مغفل الجعفيّ8.
 
الشباب
شهدت كربلاء حضوراً مميّزاً لعنصر الشباب وقد تميّز هذا الحضور بضروب الحماسة الخالدة والمثيرة، ورغم قطعيّة وجود الشباب من آل هاشم والتي أكّدها المؤرّخون بضبط أعمارهم إلّا أنّ هذا لا يعني عدم وجود هذا العنصر من بين سائر أصحاب الإمام الحسين عليه السلام.
 
إذ أنّ القرائن والشواهد الموجودة تشير إلى أنّ الكثير من أصحاب الإمام عليه السلام من غير الهاشميّين كان فتيّاً وهذا ما تشير إليه بعض بطون المتون التاريخيّة. وسوف
 
 
 

1- اعتبر البعض أنّ هذا الرجل هو نفسه زاهر بن عمر الأسلميّ الكنديّ، والذي كان أحد أصحاب بيعة الشجرة. وقد شارك في الحديبيّة وخيبر (مستدركات علم رجال الحديث، ج‏3، ص‏416).
وامتنع السيّد الخوئيّ، والشوشتريّ عن اعتبار زاهر هذا واحداً مع زاهر الأسلميّ، (السيّد أبو القاسم الخوئيّ، معجم رجال الحديث، رقم 4654 و 4647؛ محمّد تقيّ الشوشتريّ، قاموس الرجال، ج‏4، ص‏403).
2- إبصار العين، ص‏134.
3- وسيلة الدارين، ص‏148؛ مستدركات علم رجال الحديث، ج‏4، ص‏17.
4- وسيلة الدارين، ص‏155.
5- نفس المصدر؛ وادّعى المؤلّف نقلاً عن العسقلانيّ في الإصابة بأنّ عمرو شارك في الحروب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان فارساً شجاعاً.
6- ادعى البعض بأنّ "كنانة" شارك مع أبيه في معركة أحد وبالتالي عُدّ من صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم (وسيلة الدارين، ص‏84)؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏204).
7- مستدركات علم رجال الحديث، ج‏7، ص‏415.
8- تنقيح المقال، ج‏3، ص‏328؛ وسيلة الدارين، ص‏214.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
75

66

الفصل الثاني: السابقون

 نشير في هذا الفصل إلى أولئك الذين أكّدت كتب التاريخ القديمة على كونهم شباباً1، وهؤلاء هم:

 
إبراهيم بن عليّ عليه السلام 
اعتبره بعض المؤرّخين من جملة شهداء كربلاء2، ويقول البيهقيّ: بأنّ إبراهيم كان له من العمر عشرون سنة عند شهادته3.
 
جعفر بن عقيل
شارك جعفر4 وهو في سنّ الثالثة والعشرين 5في كربلاء فقاتل إلى جانب إخوته، وعندما برز إلى الميدان هجم على الأعداء وهو يردّد هذه الأبيات من الشعر:
 
أَنَا الغُلَام ُالأَبْطَحِيُّ الطَالِبِي                  مِنْ مَعْشَرٍ فِي هَاشِمٍ وَغَالِبٍ
فَنَحْنُ حَقّاً سَادَةُ الذَّوَائِبِ                    فِينَا حُسَيْنٌ أَطْيَبُ الأَطَائِبِ
 
فقتل خمسة عشر فارساً6، ومن ثمّ استشهد 7(رضوان الله عليه)، وقيل: إنّ قاتله هو بشر بن حوط 8أو عروة بن عبد الله الخثعميّ9.
 
جعفر بن عليّ عليه السلام 
 
أمّه أمّ البنين، وعند ولادته سمّاه الإمام عليّ عليه السلام "جعفر"10 تيمّناً باسم أخيه جعفر الطيّار.
 
 
 

1- يشير علماء النفس إلى أنّ دورة الشباب تبدأ من سنّ السابعة عشر أو الثمانية عشر إلى الثلاثين، وهذا ما اعتمدناه في هذا الفصل.
2- أحمد بن عبد ربّه الأندلسيّ، العقد الفريد، ج‏5، ص‏134؛ مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏112؛ مستدركات علم رجال الحديث، ج‏1، ص‏117؛ الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏53.
3- لباب الأنساب، ج‏1، ص‏397.
4- ذكر بعض المؤرّخين بأنّ أمّ جعفر بن عقيل تدعى أمّ الثغر أو الخوصاء (مقاتل الطالبيّين، ص‏97، مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏105).
5لباب الأنساب، ج‏1، ص‏397.
6- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏105.
7- إبصار العين، ص‏92؛ تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏331.
8- مقاتل الطالبيّين، ص‏97.
9- نفس المصدر.
10- العقد الفريد، ج‏4، ص‏360؛ إبصار العين، ص‏35.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
76

67

الفصل الثاني: السابقون

 كان عمره في كربلاء 19 سنة1 وقال البعض 12 سنة2.

 
وعندما برز إلى الميدان كان يرتجز ويقول: 
إَنِّي أَنَا جَعْفَرُ ذُو المَعَالِي                   ابْنُ عَلِيِّ الخَيْرِ ذُو النَّوَالِ
حَسْبِي بِعَمِّي شَرَفاً وَخَالِي                  أَحْمِي حُسَيْناً ذِي النَّدَى المِفْضَال3
 
وقُتل جعفر على يدي قاتل أخيه هانئ بن ثبيت الحضرميّ4 أو خوّلي بن يزيد الأصبحيّ5.
 
سيف بن الحارث بن سريع الجابريّ
جاء سيف مع مالك الجابريّ - وكان سيف ومالك الجابريان ابني عمّ وأخوين لأم ّ- ومعهما شبيب مولاهما إلى الإمام الحسين عليه السلام.
 
ولمّا رأى هذان الغلامان في يوم عاشوراء وحدة الإمام عليه السلام ومظلوميّته جاءا إليه وهما يبكيان فقال لهما الحسين عليه السلام: "أي بني أخويَّ ما يبكيكما؟ فوالله إنّي لأرجو أن تكونا بعد ساعةٍ قريري العين".
 
فقالا:"جعلنا الله فداك، لا والله ما على أنفسنا نبكي، ولكن نبكي عليك، نراك قد أحيط بك ولا نقدر على أن نمنعك بأكثر من أنفسنا".
 
فقال الإمام الحسين عليه السلام: "جزاكما الله يا بني أخويّ عن وجدكما من ذلك ومواساتكما إيّاي أحسن جزاء المتّقين".
 
وبعد استشهاد حنظلة استعدّا للقتال وتوجّها نحو القوم وهما يسلّمان على الإمام أبي عبد الله عليه السلام فأجابهما: "وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته".
 
وجعل الأخوان الجابريّان يقاتلان معاً حتّى استشهدا6، وقد ورد اسمهما في زيارة الناحية والزيارة الرجبيّة7.
 
 
 
 

1- مقاتل الطالبيّين، ص‏88.
2- إبصار العين، ص‏69؛ تنقيح المقال، ج‏1، ص‏219.
3- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏38.
4- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏332.
5- مقاتل الطالبيّين، ص‏88.
6- وقعة الطفّ، ص‏234 و235؛ إبصار العين، ص‏132 و 133.
7- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72، وج 101، ص‏340.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
77

68

الفصل الثاني: السابقون

 عبد الله بن عليّ عليه السلام 

أمّه أمّ البنين، ولد بعد ثماني سنوات من مولد أخيه العبّاس عليه السلام، وكان له من العمر ستّ سنوات عند استشهاد أبيه الإمام عليّ عليه السلام. وعندما حضر كربلاء كان في الخامسة والعشرين من عمره1.
 
وكان عبد الله من جملة الذين صحبوا العبّاس عليه السلام في جلب الماء للخيام2.
 
قال الشيخ المفيد: فلمّا رأى العبّاس بن عليّ رحمة الله عليه كثرة القتلى في أهله، قال لإخوته من أمّه - وهم عبد الله وجعفر وعثمان -: "يا بني أمّي تقدّموا حتّى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم "، فتقدّم عبد الله أوّلاً مستجيباً لنداء أخيه العبّاس في نصرة الإمام عليه السلام فبرز إلى الميدانوهو يرتجز ويقول: 
 
أَنَا ابْنُ ذِي النَّجْدَةِ وَالأَفْضَالِ           ذَاكَ عَلِيُّ الخَيْرِ ذُو الفِعَالِ
سَيْفُ رَسُولِ اللهِ ذُو النِّكالِ            فِي كُلِّ يَوْمٍ (قومٍ) ظَاهِرُ الأَهْوَالِ4
 
وحمل عليه هانئ بن ثبيت (شبيب) الحضرميّ فقتله5.
 
وكان له من العمر خمسة وعشرون عاماً6، ولم يكن له ولدٌ من بعده7، وورد ذكره أيضاً في زيارة الناحية والزيارة الرجبيّة8.
 
عبد الله بن مسلم بن عقيل
أمّه رقيّة بنت عليّ عليه السلام، برز9 إلى الميدان بعد عليّ الأكبر وهو يرتجز قائلاً:
 
 
 

1- رجال الطوسيّ، ص‏76؛ القاضي النعمان، شرح الأخبار، ج‏3، ص‏194.
2- مصعب بن عبد الله الزبيريّ، نسب قريش، ص‏43.
3- الإرشاد، ج‏2، ص‏109.
4- مقاتل الطالبيّين، ص‏54.
5- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏107؛ مروج الذهب، ج‏3، ص‏61؛ الكنجيّ الشافعيّ، كفاية الطالب، ص‏298؛ الإمامة والسياسة، ج‏2، ص‏6؛ وقيل إنّ خولّي بن يزيد رمى عبد الله أوّلاً بالرمح (تسمية من قتل مع الحسين، ص‏149).
6- مقاتل الطالبيّين، ص‏87.
7- الأخبار الطوال، ص‏257؛ مقاتل الطالبيّين ص‏54؛ ميرخواند، روضة الصفا، ج‏3، ص‏165؛ إبصار العين، ص‏67.
8- ابن طاووس: الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79؛ تنقيح المقال، ج‏2، ص‏199.
9- إبصار العين، ص‏91.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
78

69

الفصل الثاني: السابقون

 اليَوْمَ أَلْقَى مُسْلِماً وَهُوَ أَبِي             وَعُصْبَةٌ بَادُوا عَلَى دِينِ النَّبِي1

لَيْسُوا كَقَوْمٍ عُرِفُوا بِالكَذِبِ              لَكِنْ خِيارٌ وَكِرامُ النَّسَبِ
 
مِنْ هِشَامِ السَّاداتِ أَهْلِ الحَسَبِ 
ثمّ حمل عبد الله فقاتل القوم وهجم عليه عمرو بن صبيح الصيداويّ2 وصوّب عليه سهماً نحو جبهته فأصابه السهم وهو واضع يده على جبينه، فأثبته في راحته وجبهته، ورماه عمرو بسهمٍ آخر في قلبه، فوقع عبد الله على الأرض وحاصره الكوفيّون ثمّ استشهد3 (رضوان الله عليه) وكان له من العمر حين شهادته ستّة وعشرون عاماً4.
 
عثمان بن عليّ عليه السلام 
وهو ابن أمّ البنين، ولد بعد أخيه عبد الله بسنتين، وكان في الرابعة من عمره عندما استشهد أمير المؤمنين عليه السلام. وكان له من العمر ثلاثة وعشرين سنة5 عندما كان في ملحمة عاشوراء، ولمّا برز إلى القتال كان يرتجز قائلاً:
 
إِنِّي أَنَا عُثْمَانُ ذُو المَفَاخِرِ                   شَيْخِي عَلِيٌّ ذُو الفِعالِ الطَّاهِرِ
 
فرماه خولّي بن يزيد بسهم أوقعه من على فرسه إلى الأرض، وشدّ عليه رجلٌ من بني دارم فاحتزّ رأسه6.
 
عليّ بن الحسين عليه السلام (عليّ الأكبر)
ولد عليّ الأكبر في سنة 33 للهجرة7، أمّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة الثقفيّ،
 
 
 
 

1- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏105.
2- ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من كتاب بغية الطلب، ص‏151.
3- أنساب الأشراف، ج‏3، ص‏406؛ تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏331؛ الإرشاد، ج‏2، ص‏107؛ إبصار العين، ص‏94.
وذكر البعض أنّ رجلاً آخر شارك في قتله وهو أسد بن مالك (مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏105؛ تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏151).
4- لباب الأنساب، ج‏1، ص‏182.
5- إبصار العين، ص‏68؛ واعتقد البعض بأنّ عمره إحدى وعشرون سنة (مقاتل الطالبيّين، ص‏89).
6- الإرشاد، ج‏2، ص‏109؛ الكلبيّ، جمهرة النسب، ج‏1، ص‏18.
7- عمدة الطالب، ص‏192.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
79

70

الفصل الثاني: السابقون

 وكنيته "أبو الحسن"1. وهو أكبر من أخيه الإمام عليّ عليه السلام (السجّاد)2 ولهذا لقّب بالأكبر3. وكان بهيّ المنظر حسن الطلعة ومن أحسن الناس سيرة4، وعندما كان في كربلاء كان له من العمر سبعة وعشرون عاما5 أو ثمانية وعشرون عاماً6 وقال بعضهم: بأنّ عمره كان سبعة عشر عاماً 7أو ثمانية عشر عاماً8.

 
وكان عليّ الأكبر أوّل الهاشميّين الذين تقدّموا إلى ساحة القتال9.
 
ولمّا رأى عليّ الأكبر شهادة كلّ أنصار أبيه، تقدّم نحو أبيه يستجيزه في النزول إلى الميدان، فأجازه الإمام عليه السلام ثمّ نظر إليه نظرة آيس منه وأرخى عليه السلام عينه وبكى ثمّ قال:
"أللهم اشهد، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك صلى الله عليه وآله وسلم، وكنّا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا إليه"10.
 
ثمّ صاح قائلاً: "يا ابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "11.
 
وتقدّم عليّ الأكبر نحو جيش الأعداء وهو يردّد هذا الشعر قائلاً:
أَنَا عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِي              نَحْنُ وَرَبِّ البَيْتِ أَوْلِى بِالنَّبِي
تِاللهِ لا يِحْكُمُ فِينَا ابْنُ الدَّعِي 12
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏49 و50.
2- يروي المؤرّخون أنّ الإمام زين العابدين عليه السلام عندما كان في الشام وسأله يزيد عن اسمه، فقال: "عليّ بن الحسين"، فقال يزيد: أو لم يقتل الله عليّ بن الحسين، فقال له عليه السلام : "قد كان لي أخ أكبر منّي يسمى عليّاً فقتلتموه". (مقاتل الطالبيّين، ص‏119 و120؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏355 - 357).
3- إبصار العين، ص‏39 و 50.
4- اللهوف، ص‏112.
5- المقرّم، مقتل الحسين عليه السلام ، ص‏255.
6- مع الالتفات إلى كون عليّ الأكبر أكبر من الإمام السجّاد عليه السلام ، ومع تأكيد الشيخ المفيد على أنّ الإمام زين العابدين عليه السلام ولد سنة 38 هـ. ق. لذا لا يمكن القبول بكون عمر عليّ الأكبر ثمانية عشر سنة حيث إنّ المؤرّخين قد صرّحوا بولادته في سنة 33 ه. ق. وعليه فإنّ عمره الشريف لا بدّ أن يكون ثمانية وعشرين أو تسعة وعشرين عاماً.
7- المنتخب، ص‏443.
8- الإرشاد، ج‏2، ص‏106؛ أعلام الورى، ج‏1، ص‏464؛ اعتبر في هذين الكتابين بأنّ ولادة عليّ الأكبر كانت بعد سنتين من استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام .
9- الكامل في التاريخ، ج‏3، ص‏293؛ الإرشاد، ج‏2، ص‏106؛ أنساب الأشراف، ج‏3، ص‏406؛ مقاتل الطالبيّين، ص‏86.
10- اللهوف، ص‏113.
11- إبصار العين، ص‏51.
12- وقعة الطفّ، ص‏242.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
80

71

الفصل الثاني: السابقون

 فقاتل قتالاً شديداً وقتل جمعاً كثيراً من أعدائه، ثمّ رجع إلى أبيه وقال:

"يا أبت العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة من الماء سبيل".
 
فبكى الحسين عليه السلام وقال:
"وا غوثاه، يا بني قاتل قليلاً فما أسرع ما تلقى جدّك محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فيسقيك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبداً"1.
 
فرجع عليّ الأكبر إلى ميدان النزال، وقاتل أعظم القتال فرماه منقذ بن مرّة العبديّ بسهمٍ فصرعه2، ونقل بعضهم بأنّه طعنه بالرمح3، وفي تلك الحال اعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلى عسكر الأعداء، فأحاطوا به من كلّ جانب وقطّعوه بسيوفهم إرباً إرباً4.
 
ولمّا وقع عليّ الأكبر من على ظهر فرسه إلى الأرض نادى أباه الحسين عليه السلام قائلاً برفيع صوته:
"يا أبتاه عليك منّي السلام، هذا جدّي يقرئك السلام ويقول لك: "عجّل القدوم علينا"".
 
وبعدما أنهى كلامه شهق شهقة فمات5 (رضوان الله عليه)، وجاء الإمام الحسين عليه السلام حتّى وقف عند رأسه ووضع خدّه على خدّه وقال:
"قتل الله قوماً قتلوك، ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، على الدنيا بعدك العفا"6.
 
عليّ (الأوسط) زين العابدين ← الأسرى
 
ولد الإمام زين العابدين عليه السلام في سنة ثمانية وثلاثين للهجرة وكان له من العمر في ملحمة كربلاء ثلاثة وعشرون سنة7.
 
 
 
 

150- اللهوف، ص‏113.
1- اللهوف، ص‏113.
2- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏42؛ وقعة الطفّ، ص‏243.
3- مقاتل الطالبيّين، ص‏115؛ إبصار العين، ص‏52.
4- اللهوف، ص‏113.
5- نفس المصدر، ص‏114؛ وقعة الطفّ، ص‏243.
6- ابن إدريس الحلّي، السرائر، ج‏1، ص‏654؛ مقاتل الطالبيّين، ص‏86.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
81

72

الفصل الثاني: السابقون

 مالك بن عبد الله بن سريع الجابريّ

جاء مالك مع ابن عمّه وأخيه لأمّه سيف بن الحارث إلى محضر الإمام الحسين عليه السلام واستجازه في يوم عاشوراء في طلب القتال فأذن له وبعد قتالٍ شديد استشهد 1 (رضوان الله عليه). وقد ورد اسم مالك في زيارتي الناحية والرجبيّة2.
 
محمّد الأصغر بن عليّ عليه السلام 
أمّ محمّد الأصغر (أو عبد الله) تدعى ليلى بنت مسعود الثقفيّة3، وكنيته "أبو بكر" وبهذا الاسم اشتهر، ولذا اعتبر بعض المؤرّخين بأنّ محمّد الأصغر هو نفس "أبو بكر بن عليّ"4، وعليه فلا يمكن التفكيك بينهما5.
 
وبرز أبو بكر في يوم عاشوراء إلى ميدان القتال وهو يرتجز الشعر، واستشهد وكان له من العمر خمسة وعشرون سنة6، قتله رجل من قبيلة همدان7.
 
محمّد بن أبي سعيد بن عقيل
برز محمّد إلى الميدان بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، يقول حميد بن مسلم: "لمّا صرع الحسين عليه السلام خرج غلام مذعوراً يلتفت يميناً وشمالاً، فشدّ عليه فارس فضربه، فسألت عن الغلام، فقيل محمّد بن أبي سعيد، وعن الفارس فقيل لقيط بن أياس الجهنيّ"8.
 
وقال هشام الكلبيّ: حدّث هانئ بن ثبيت الحضرميّ، قال: "كنت ممّن شهد قتل الحسين عليه السلام فوالله إنّي لواقف... إذ خرج غلامٌ من آل الحسين وهو ممسك بعود من تلك الأبنية عليه إزارٌ وقميص، وهو مذعور، يتلفّت يميناً وشمالاً... إذ أقبل رجلٌ يركض حتّى إذا دنا منه مال عن فرسه ثمّ اقتصد الغلام فقطّعه بالسيف"، قال هشام الكلبيّ: 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏234 و 235؛ إبصار العين، ص‏132 و 133.
2- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72 وج 101، ص‏340.
3- إبصار العين، ص‏70.
4- الإرشاد، ج‏1، ص‏354؛ تاج المواليد، ص‏108؛ كشف الغمّة، ج‏2، ص‏66.
5- ادعى ابن شهرآشوب بأن محمّد الأصغر لم يقتل في كربلاء لمرضه (مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113).
6- لباب الأنساب، ج‏1، ص‏397.
7- وذكر أنّ قاتله رجلان أحدهما يدعى زجر بن بدر النخعيّ والثاني يدعى عقبة الغنويّ (إبصار العين، ص‏70).
8- إبصار العين، ص‏91.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
82

73

الفصل الثاني: السابقون

 "هانئ بن ثبيت الحضرميّ هو صاحب الغلام (أي قاتله) وكنّى عن نفسه استحياءً أو خوفاً"1.

 
وقال آخرون بأنّ قاتله هو لقيط بن ياسر الجهنيّ وابن زهير الأزديّ2. وذكر ابن فندق البيهقيّ بأنّ محمّد بن أبي سعيد كان له من العمر عند شهادته سبعة وعشرون عاماً3.
 
محمّد بن مسلم بن عقيل
بعد استشهاد عبد الله بن مسلم حمل بنو أبي طالب وفيهم محمّد بن مسلم حملةً واحدة على الأعداء، فصاح بهم الحسين عليه السلام: "صبراً على الموت يا بني عمومتي".
 
واستشهد في هذه الحملة محمّد بن مسلم وله من العمر سبعة وعشرون عاماً4، قتله أبو مرهم الأزديّ ولقيط بن أياس الجهنيّ5.
 
الأطفال والفتيان
إنّ حضور الأطفال والفتيان (ما دون 16 سنة) في كربلاء واستشهاد العدد الأكبر منهم يعدّ من المشاهد النادرة التي قلّ نظيرها في التاريخ، ومن شواهد مظلوميّة الملحمة الحسينيّة وسوف نشير في هذا الفصل إلى بعض من اشتهر ذكره فقط:
 
أحمد بن الحسن عليه السلام 
وهو ابن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، وأمّه أمّ بشر بنت أبي مسعود الأنصاريّ حضر كربلاء وكان له من العمر ستّ عشرة سنة، برز إلى الميدان عصر عاشوراء فأُثخن بالجراح ثمّ استشهد6 (رضوان الله عليه).
 
الحسن بن الحسن عليه السلام ← الجرحى
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏91؛ مقاتل الطالبيّين، ص‏188.
2- تسمية من قتل مع الحسين، ص‏151.
3- لباب الأنساب، ج‏1، ص‏397.
4- نفس المصدر.
5- إبصار العين، ص‏90 و 91.
6- تنقيح المقال، ج‏1، ص‏103.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
83

74

الفصل الثاني: السابقون

 عبد الله بن الحسن عليه السلام 

أمّه بنت الشليل بن عبد الله البجليّ1، وكان عبد الله بن الحسن في يوم عاشوراء غلاماً له من العمر إحدى عشرة سنة2. حبسه الحسين عليه السلام عند أخته السيّدة زينب الكبرى، لكن عبد الله لمّا رأى وحدة عمّه الحسين عليه السلام وقد حاصره الأعداء توجّه نحوه لنصرته وفي تلك الحال أهوى بحر بن كعب إلى الحسين عليه السلام بالسيف ليضربه، فقال له عبد الله يا ابن الخبيثة أتقتل عمّي؟ فضربه بحر بن كعب بالسيف فأراد الغلام اتقاء الضربة بيده فقطعها حتّى الجلدة فإذا يده معلّقة.
 
فنادى عبد الله:"يا أمّاه، فأخذه الحسين عليه السلام فضمّه إلى صدره وقال: "يا ابن أخي اصبر على ما نزل بك، واحتسب في ذلك الخير، فإنّ الله يلحقك بآبائك الصالحين، برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن بن عليّ صلّى الله عليهم أجمعين"3.
 
ثمّ فاضت روح عبد الله على صدر الإمام سلام الله عليه.
 
عبد الله بن الحسين عليه السلام 
قيل: إنّ عبد الله بن الحسين 4ولد في كربلاء5، وأمّه الرباب6، وذكر أنّ الإمام الحسين عليه السلام توجّه نحو الخيمة وطلب ابنه الرضيع ليراه ويودّعه وعندما جيء بابنه
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏73.
2- تاريخ الأمم والملوك، ج‏6، ص‏259؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏380.
3- وقعة الطفّ؛ الإرشاد، ج‏2، ص‏110؛ إعلام الورى، ج‏1، ص‏467؛ أوّل تقرير مستند عن نهضة عاشوراء، ص‏188.
4- يذكر المؤرّخون طفلين أحدهما عبد الله والثاني عليّ الأصغر قتلا في كربلاء بالسهم، وذكر ابن الصبّاغ والطبرسيّ مضافاً إلى عليّ الأكبر والإمام زين العابدين عليه السلام ثلاثة أولاد آخرين للإمام عليه السلام هم على الأصغر وعبد الله وجعفر؛ أمّا جعفر فمات في حياة أبيه وأما عليّ الأصغر وعبد الله فقد قتلا في كربلاء (ابن الصبّاغ المالكيّ، الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏851 و 852؛ إعلام الورى، ج‏1، ص‏478).
5- تاريخ اليعقوبيّ، ج‏2، ص‏181.
6- الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏852.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
84

75

الفصل الثاني: السابقون

 عبد الله 1أجلسه في حجره، فرماه رجل من بني أسد فذبحه، فقال الإمام عليه السلام:

"ربّ إن تكن حبست عنّا النصر من السماء، فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقم لنا من هؤلاء القوم الظالمين"2.
 
وقال ابن الصبّاغ المالكيّ: إنّ سهماً أصاب عبد الله بن الحسين فذبحه3، وورد اسم عبد الله أيضاً في زيارة الناحية:
"السلام على عبد الله بن الحسين الطفل الرضيع المرميّ الصريع المتشحّط دماً... المذبوح بالسهم في حجر أبيه لعن الله راميه"4 وقاتل عبد الله الرضيع هو حرملة بن كاهل الأسديّ5.
 
عليّ الأصغر
ذكر الطبرسيّ أنّ أمّه ليلى بنت أبي مرّة6، وقال ابن أعثم الكوفيّ: إنّ للحسين عليه السلام ابن آخر يقال له: عليّ، في الرضاع وكان يتلظّى من العطش فأخذه بين يديه ووقف بين الصفّين وهو ينادي بأعلى صوته: "يا قوم إن زعمتم أنّي مذنب فإنّ هذا الطفل لا ذنب له فاسقوه جرعة من الماء".
 
ولمّا سمع جيش يزيد نداء الإمام الحسين عليه السلام رماه أحدهم بسهم فوقع السهم في عنق الطفل الرضيع فاخترقه وأصاب يد الإمام عليه السلام فقام الإمام الحسين عليه السلام بإخراج السهم وفي تلك الحال استشهد الطفل على يديه7.
 
وذكر ابن الطقطقيّ أيضاً أن عليّ الأصغر استشهد بالسهم8.
 
 


1- يقول ابن الأعثم من دون أن يذكر اسم ذلك الصبيّ: "فقال (أيّ الحسين عليه السلام ) ناولوني ذلك الطفّل حتّى أودّعه"، فناولوه الصبيّ، فجعل يقبّله وهو يقول: "يا بنيّ ويل لهؤلاء القوم إذا كان غداً خصمهم جدّك محمّد صلى الله عليه وآله وسلم "، قال: وإذا بسهمٍ قد أقبل حتّى وقع في لبّة الصبيّ فقتله، فنزل الحسين عليه السلام عن فرسه وحفر له بطرف السيف ورماه بدمه وصلّى عليه ودفنه (الفتوح، ص‏908).
2- الإرشاد، ج‏2، ص‏108؛ أنساب الأشراف، ج‏3، ص‏407.
3- الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏852.
4- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏66.
5- تسمية من قتل مع الإمام الحسين عليه السلام ، ص‏150.
6- إعلام الورى، ص‏478.
7- الفتوح، ص‏908.
8- ابن الطقطقيّ الأصيليّ في أنساب الطالبيّين، ص‏143.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
85

 


76

الفصل الثاني: السابقون

 عمر بن الحسن عليه السلام 

ذكر أنّ عمر (أو عمرو)من شهداء كربلاء الصغار2، وقال البعض: إنّ عمر بن الحسن لم يقتل لصغر سنّه بل كان من جملة الأسرى3.
 
عمرو بن جنادة الأنصاريّ
وكان عمرو (أو عمر)4 ابن إحدى عشرة سنة5 فقط. التحق مع أبيه جنادة بن كعب بن الحرث ومع أمّه بركب سيّد الشهداء عليه السلام في مكّة، وفي يوم عاشوراء وبعد استشهاد أبيه جاء نحو الإمام الحسين عليه السلام يستجيزه في طلب القتال إلّا أنّ سيّد الشهداء عليه السلام لم يأذن له في ذلك وقال:
 
"إنّ هذا غلامٌ قتل أبوه في المعركة ولعلّ أمّه تكره ذلك" فقال له عمرو بعد أن سمع كلامه: "إنّ أمّي هي التي أمرتني"، فأذن له الإمام عليه السلام، فخرج عمرو إلى الميدان فرحاً مسروراً وهو يرتجز6 أبياتاً حسنة من الشعر، فما لبث أن قتل.
 
ويذكر المؤرّخون أنّ القوم قطعوا رأس عمرو ورمي به نحو خيمة الإمام عليه السلام فأخذته أمّه وبعد أن مسحت التراب والدم عنه رمته نحو الأعداء7.
 
فاطمة بنت الحسين عليه السلام ← النساء والبنات
 
قاسم بن الحسن عليه السلام 
أمّه رملة8 وقد جاء إلى كربلاء9 مع عمّه وهو لم يصل إلى سنّ البلوغ10.
 
ويستبان شجاعة القاسم من خلال قوله الرائع: "لا يقتل عمّي وأنا أحمل السيف"11.
 
 
 
 

1- الإرشاد، ج‏2، ص‏26.
2- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏53.
3- سبط ابن الجوزيّ، تذكرة الخواصّ، ص‏229؛ الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏848.
4- إبصار العين، ص‏159.
5- المقرّم، مقتل الحسين عليه السلام ، ص‏253.
6- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏31.
7- إبصار العين، ص‏159؛ (فأخذته أمّه وضربت به رجلاً فقتلته).
8- نفس المصدر، ص‏72.
9- البيهقيّ، ذكر أنّ سنّ القاسم كانت ستّ عشرة سنة (لباب الأنساب، ج‏1، ص‏397).
10- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏31.
11- حياة الإمام الحسين بن علي عليه السلام ، ج‏3، ص‏254.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
86

77

الفصل الثاني: السابقون

ولمّا رأى وحدة عمّه استأذنه في القتال فلم يأذن له لصغره، إلّا أنّ القاسم ظلّ يكرّر طلبه فاعتنقه الحسين عليه السلام وجعلا يبكيان معاً فلم يزل القاسم يقبّل يديه ورجليه ويسأله الإذن حتّى أذن له فخرج ودموعه على خدّيه1. وهو يرتجز قائلاً: 
 
إَنْ تُنْكِرُونِي فَأَنَا فَرْعُ الحَسَنْ                سِبْطُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى وَالمُؤْتَمَنْ
هَذَا حُسَيْنٌ كَالأَسِيرِ المُرْتَهَنْ                 بِيْنَ أُنَاسٍ لا سُقُوا صَوْبَ المُزُنْ2
 
ورغم صغر سنّ القاسم إلّا أنّه قتل عدداً من الأعداء3، يقول حميد بن مسلم: "فإنّا لكذلك، إذ خرج علينا غلامٌ كأنّ وجهه شقّة قمر في يده سيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع إحداهما"4.
 
وشدّ عليه عمرو بن سعيد بن نفيل الأزديّ5 وضرب رأسه بالسيف ففلقه فوقع القاسم لوجهه على الأرض وقال: يا عمّاه فجلّى الحسين عليه السلام كما يجلّي الصقر، ثمّ شدّ شدّة ليثٍ أُغضب، فضرب عمرو بن سعد بالسيف... ولمّا انجلت الغبرة كان الحسين عليه السلام واقفاً فوق رأس القاسم وهو يفحص التراب بقدميه والحسين عليه السلام يقول:
 
"بعداً لقوم قتلوك، ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك"، ثمّ قال: "عزَّ والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك، صوت والله كثر واتروه وقل ناصروه" ويتابع حميد بن مسلم قوله: "ثمّ حمله على صدره فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام تخطّان الأرض فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه عليّ بن الحسين عليه السلام والقتلى من أهل بيته"6.
 
 
 
 

1- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏31.
2- نفس المصدر.
3- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏34.
4- وقعة الطفّ، ص‏243.
5- قيل: إنّ قاتله عمر بن سعيد أو عمرو بن سعيد (الإرشاد، ج‏2، ص‏108؛ أنساب الأشراف، ج‏3، ص‏406).
6- وقعة الطفّ، ص‏244.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
87

78

الفصل الثاني: السابقون

 محمّد بن عليّ (الإمام الباقر عليه السلام )

 

ولد الإمام محمّد الباقر عليه السلام سنة 57 للهجرة في المدينة المنوّرة1 وأمّه فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى2، وكان عمره في واقعة كربلاء ثلاث سنوات وبضعة أشهر3.
 
وقادوا الإمام عليه السلام في جملة الأسرى إلى الكوفة والشام، ويذكر لنا سلام الله عليه كيفيّة التعاطي مع أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في الشام فيقول لنا: "قدم بنا على يزيد بن معاوية لعنه الله بعدما قتل الحسين عليه السلام ونحن اثنا عشر غلاماً ليس منّا أحدٌ إلّا مجموعة يداه إلى عنقه وفينا عليّ بن الحسين4. وطرف الحبل موصول بالنساء المقيّدات5، ولمّا دخلنا على مجلس يزيد كان رأس أبي عبد الله المقطوع في طشت بين يديه6، وتفوح منه رائحة زكيّة ملأت المكان"7. ويقول المسعوديّ: بأنّ يزيد لمّا همّ بقتل الإمام السجّاد عليه السلام بعد أن استشار أهل مجلسه وبطانته، تكلّم الإمام الباقر عليه السلام قائلاً:
 
"يا يزيد، لقد أشار عليك هؤلاء بخلاف ما أشار جلساء فرعون عليه، حيث شاورهم في موسى وهارون فإنّهم قالوا له أرجه وأخاه، وقد أشار عليك هؤلاء بقتلنا، ولهذا سبب"، فقال يزيد: "وما السبب"، فقال عليه السلام: "إنّ أولئك كانوا الرشدة وهؤلاء لغير رشدك، ولا يقتل الأنبياء وأولادهم إلّا أولاد الأدعياء"، فأمسك يزيد مطرقاً8.
 
النساء والبنات
إنّ الحضور المميّز والبارز للنساء والبنات في ملحمة كربلاء، وما قبلها وفي تلك الأيّام بوجه خاصّ التي أعقبت واقعة عاشوراء يعطى صورة خالدة عن الدور الفعّال
 
 
 
 

1- الإرشاد، ج‏2، ص‏158.
2- الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏745.
3- السرائر، ج‏1، ص‏655.
4- شرح الأخبار، ج‏3، ص‏352.
5- تذكرة الخواص، ص‏262.
6- ابن طيفور، بلاغات النساء، ص‏31؛ تاريخ اليعقوبيّ، ج‏2، ص‏245؛ اللهوف، ص‏214؛ مثير الأحزان، ص‏100.
7- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏61.
8- إثبات الوصيّة، ص‏130.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
88

79

الفصل الثاني: السابقون

 للمرأة ولا سيّما الدور الواضح والجميل في ترسيم أسباب قيام الإمام الحسين عليه السلام وفضح شخصيّة يزيد وكشف القناع عن قبح أفعال العدوّ.

 
وسنشير في هذا الفصل إلى بعض الشخصيّات البارزة والمؤثّرة من أولئك النسوة في هذه الملحمة:
 
أمّ عمرو بن جنادة
التحقت هذه المرأة مضافاً إلى زوجها جنادة بن كعب وابنها عمرو في مكّة بركب الإمام الحسين عليه السلام، وعندما استشهد زوجها في كربلاء أرسلت ولدها عمرو إلى خيمة الإمام عليه السلام ليستجيزه في النزول إلى ساحة القتال فأبى الحسين عليه السلام ابتداءً من إجازته ولكن عمرو عندما أخبره عن رضا أمّه بذلك أذن له، وبعد استشهاد عمرو قطع العدوّ رأسه ثمّ رموا به نحو خيمة الإمام عليه السلام، ويروي المؤرّخون بأنّ أمّ عمرو رجعت بعد ذلك إلى الخيمة فأخذت عمودها وحملت على القوم1 وهي تردّد أبياتاً من الشعر وتقول:
 
أَنَا عَجُوزٌ فِي النِّساءِ ضَعِيفَهْ                    بَالِيَةٌ خَالِيَةٌ نَحِيفَهْ
أَضْرِبُكُمْ بِضَرْبَةٍ عَنِيفَهْ                          دُونَ بَنِي فَاطِمَةَ الشَّرِيفَهْ
 
فضربت رجلين فقتلتهما ثمّ إنّ الإمام الحسين عليه السلام أمر بصرفها وأرجعها إلى الخيمة2.
 
أمّ كلثوم
اسمها زينب الصغرى وكنيتها أمّ كلثوم، وهي ابنة فاطمة الزهراء وأمير المؤمنين عليهما السلام3 . تزوّجت من كثير بن العبّاس بن عبد المطلب213، وكانت
 
 
 
 

1- يذكر الخوارزميّ هذه الحادثة عن أمّ أخرى لم يذكر اسمها وأنّها برزت إلى الميدان بعد شهادة ابنها (لم يذكر اسمه) ترتجز هذه الأبيات (الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج‏2 ص‏25).
2- المقرّم، مقتل الحسين عليه السلام ، ص‏253؛ إبصار العين، ص‏159.
3- الفصول المهمّة، ج‏1، ص‏641.
4- بحار الأنوار، ج‏42، ص‏92.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
89

80

الفصل الثاني: السابقون

 أمّ كلثوم 1في المدينة المنوّرة بصحبة أخيها الحسين عليه السلام وجاءت معه إلى كربلاء2.

 
ويروي ابن أعثم كلام الحسين عليه السلام مع أختيه زينب وأمّ كلثوم3 وتوصيتهما بالصبر4.
 
بعد واقعة عاشوراء كان لأمّ كلثوم دور هامّ في كشف زيف الأعداء في الكوفة والشام، وكلامها في الكوفة يؤكّد هذه الحقيقة5.
 
أمّ كلثوم الصغرى
وهي ابنة السيّدة زينب الكبرى، تزوّجت من القاسم بن محمّد بن جعفر (ابن عمّ أبيها)، وكانت حاضرة في ركب الحسين عليه السلام برفقة زوجها الذي استشهد في هذه المعركة6.
 
أمّ وهب
وهي زوجة عبد الله بن عمير الكلبيّ وقد جاءت بصحبته إلى كربلاء ولمّا برز عبد الله إلى الميدان أصيب في يده اليسرى، فأخذت أمّ وهب عمود خيمة ثمّ أقبلت نحو زوجها وهي تقول له:
"فداك أبي وأمّي قاتل دون الطيّبين ذريّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ".
 
فأقبل زوجها عبد الله يردّها نحو النساء لكنّها رفضت وقالت له: "إنّي لن أدعك دون أن أموت معك".
 
فتوجّه نحوها الحسين عليه السلام فدعا لها وطلب منها الرجوع نحو النساء، لأنّه ليس
 
 
 
 

1- ادعى البعض أنّ عمر تزوّج أمّ كلثوم (أنساب الأشراف، ج‏2، ص‏189)؛ إلّا أنّ هذا الأمر غير ثابت، ويقول الشيخ المفيد: إنّ عمر اقترن بأمّ كلثوم بنت أبي بكر (الشيخ المفيد، المسائل السرويّة، ص‏61 و62).
2- الأخبار الطوال، ص‏228.
3- اعتقد البعض بأنّ أمّ كلثوم بنت فاطمة الزهراء عليها السلام ماتت في المدينة تحت الهدم ولم تكن حاضرة في كربلاء، وأمّا أمّ كلثوم الصغرى والتي كانت أمّها أمة فإنّها كانت حاضرة في كربلاء (محمّد إبراهيم آيتي، بررسي تاريخ عاشوراء، ص‏171) تحقيق تاريخ عاشوراء.
4- الفتوح، ص‏884 و885.
5- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏112.
6- تنقيح المقال، ج‏2، ص‏24.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
90

 


81

الفصل الثاني: السابقون

 على النساء قتال، فانصاعت أمّ وهب لقوله ورجعت إلى الخيمة.

 
ولمّا قتل زوجها خرجت نحوه وجلست عند رأسه تمسح عنه التراب وهي تقول له: هنيئاً لك الجنّة. وأسأل الله أن يلحقني بك.
 
فقال الشمر لغلامه رستم: اضرب رأسها بالعمود، فضرب رأسها فشدخه فماتت مكانها1.
 
أمّ وهب الثانية
ويذكر الشيخ الصدوق امرأة أخرى تدعى أمّ وهب وهي امرأة نصرانيّة جاءت مع ولدها وهب نحو الإمام الحسين عليه السلام فأعلنت إسلامها، ولمّا استشهد ولدها في يوم عاشوراء قطع رأسه ورمي به نحو خيم أنصار الحسين عليه السلام، ومن ثمّ أخذت سيفاً وتوجّهت به نحو الميدان فناداها الإمام عليه السلام قائلاً لها: "يا أمّ وهب اجلسي، فقد وضع الله الجهاد عن النساء، إنّك وابنك مع جدّي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم في الجنّة"2.
 
ابنة الشليل البجليّة
وهي زوجة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام وأمّ عبد الله بن الحسن عليه السلام وقد عاينت مصرع ابنها الغلام في يوم عاشوراء3.
 
دلهم بنت عمرو
وهي زوجة زهير بن القين، الذي دعاه الإمام لصحبته فأجاب أنّه ليس راغباً بمرافقة الإمام عليه السلام، فقالت له زوجته دلهم:
"سبحان الله، يبعث إليك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ لا تأتيه سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه ثمّ انصرفت"، ولمّا سمع زهير كلام زوجته انقلب وتغيّر وأتى نحو الإمام الحسين عليه السلام وما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه فأمر بفسطاطه وثقله ورحله فحوّل4 إلى الإمام الحسين عليه السلام، ثمّ أمر زوجته أن تلحق بأهلها وسلّمها إلى
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏180 و181.
2- الصدوق، الأمالي، ص‏137؛ الإمام الحسين في كربلاء، ص‏305 و306.
3- إبصار العين، ص‏224.
4- وقعة الطفّ، ص‏162.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
91

82

الفصل الثاني: السابقون

 بعض بني عمّها ليوصلها إليهم. فقالت دلهم لزوجها زهير: "خار الله لك، أسألك أن تذكرني في يوم القيامة عند جدّ الحسين عليه السلام "1.

 
الرباب بنت امرئ القيس
وهي ابنة امرئ القيس، الذي أسلم في عهد الخليفة الثاني بعد أن كان نصرانيّاً، وفي ذلك الحين اقترن الإمام الحسين عليه السلام بالرباب، وهي أمّ عبد الله2 وسكينة. وفيها يقول الحسين عليه السلام: 
 
"لَعَمْرُكَ إِنَّنِي لَأُحِبُّ دَاراً                   تَحِلُّ بِهَا سُكَيْنَةُ وَالرَّبَابُ
أُحِبُّهُمَا وَأَبْذُلُ بَعْدُ مَالِي                   وَلَيْسَ لِلائِمِي فِيها عِتَابُ"3
 
وشهدت الرباب في كربلاء مصرع ولدها عبد الله4، ويقول ابن عساكر: بأنّها أقامت على قبر الحسين عليه السلام حولاً5.
 
وهذا القول مستبعد، وقيل: إنّها أقامت العزاء على زوجها سنة كاملة.
 
وكانت الرباب من جملة قافلة الأسرى التي أخذت إلى دمشق6 بعد واقعة عاشوراء، وقيل: إنّها عاشت بعد واقعة كربلاء سنة واحدة7.
 
رقيّة بنت الحسين عليه السلام 
قيل: إنها الابنة الرابعة للإمام الحسين عليه السلام8، وذكر أنّ عمرها كان ثلاث
 
 
 
 

1- تذكرة الخواصّ، ص‏226؛ أعيان الشيعة، ج‏3، ص‏381.
2- الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏852.
3- ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج‏69، ص‏119 و120.
4- إبصار العين، ص‏223.
5- تاريخ مدينة دمشق، ج‏69، ص‏120.
6- تاريخ مدينة دمشق، ج69، ص120..
7- نفس المصدر.
8- ويقول ابن الصبّاغ فإنّ للحسين عليه السلام أربع بنات هنّ: زينب وسكينة وفاطمة، ولم يذكر اسم الرابعة منهن (الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏851).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
92

83

الفصل الثاني: السابقون

 سنوات1 أو أربع2. وبعد واقعة كربلاء أخذت مع الأسارى إلى الكوفة والشام، وينقل المؤرّخون بأنّهم حبسوا الأسارى في محبس لا يقيهم الحرّ ولا البرد حتّى تقشّرت جلودهم وجرى الدم من أبدانهم3.

 
ولمّا كانت رقيّة في الشام رأت أباها يوماً في منامها وعندما استيقظت طلبت أباها فبكت النساء والأطفال فما كان من يزيد اللعين إلّا أن أمر بوضع الرأس المبارك للإمام عليه السلام أمام تلك الطفلة، ولمّا رأت رقيّة رأس أبيها انفجعت وماتت في خرابة الشام4. ومزارها موجود في مدينة دمشق يرتاده ويزوره محبّو أهل البيت عليهم السلام.
 
رقيّة بنت عليّ عليه السلام 
وأمّها الصهباء، أمّ حبيب بنت عباد بن ربيعة5، تزوّجت رقيّة من ابن عمّها مسلم بن عقيل6 فأنجبت منه عبد الله وعليّ7، كانت حاضرة في كربلاء، وشهدت مصرع ولدها عبد الله بن مسلم8.
 
رملة
وهي زوجة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، وأمّ أبي بكر بن الحسن والقاسم بن الحسن، وكانت رملة حاضرة في كربلاء9.
 
زينب بنت عليّ عليه السلام 
ولدت السيّدة زينب في السنة الخامسة للهجرة في المدينة المنوّرة ومن بعد خمس
 
 
 
 

1- محمّد عليّ شاه عبد العظيميّ، الإيقاد، ص‏179؛ معالي السبطين، ج‏2، ص‏170.
2- عماد الدين الطبريّ، كامل بهايي، ج‏2، ص‏179.
3- اللهوف، ص‏219.
4- كامل بهايي، ج‏2، ص‏179؛ الإيقاد، ص‏179؛ الأمينيّ، الركب الحسينيّ في الشام، ص‏221.
5- لأمير المؤمنين عليه السلام من الصهباء ولدان أحدهما عمر الأطرف والثاني رقيّة (مقاتل الطالبيّين، ص‏98؛ تذكرة الخواص ص‏229؛ إبصار العين، ص‏89 و90).
6- بحار الأنوار، ج‏42، ص‏74.
7- المعارف، ص‏120، و 204.
8- إبصار العين، ص‏224.
9- إبصار العين، ص‏72 و 224.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
93

 


84

الفصل الثاني: السابقون

 سنوات تقريباً فقدت جدّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي نفس السنة وبعد 75 أو 95 يوماً استشهدت أمّها الزهراء عليها السلام وكانت تمتاز بالكثير من الخصائص الراقية والمميّزة وكما يقول الإمام السجّاد عليه السلام عنها وعن علمها: "وأنت بحمد الله عالمة غير معلّمة وفهمة غير مفهّمة"1.

 
والسيّدة زينب عالمة ومحدِّثة وقد روت عن أمّها الزهراء وعن أسماء بنت عميس2.
 
واقترنت السيّدة زينب بابن عمّها عبد الله بن جعفر وخلّفت وراءها خمسة أولاد هم: عليّ، عون، عبّاس، محمّد، وأمّ كلثوم3.
 
وقد رافقت السيّدة زينب أخاها الإمام الحسين عليه السلام منذ انطلاقة حركته من المدينة، والتحق بهم ولدها عون في منزل وادي العقيق ومن ثمّ استشهد في كربلاء4.
 
وبعد الملحمة العاشورائيّة واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام تولّت السيّدة زينب قيادة القافلة، وفي الواقع فإنّه قد عهد إليها قيادة القافلة بالنيابة من قبل أخيها الإمام أبي عبد الله والإمام السجّاد عليهما السلام .
 
وأدّت السيّدة زينب بشكل رائع خطاب العزّة والانتصار للنهضة الحسينيّة خلال فترة الأسر، إذ إنّها عندما أحضرت إلى مجلس ابن زياد في الكوفة جلست في ناحية من القصر وغضب ابن مرجانة لعدم الاكتراث به فقال: من هذه التي انحازت ناحية ومعها نساؤها؟ وعندما أجيب على سؤاله بأنّ هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقبل ابن زياد نحوها منتشياً مغروراً قائلاً لها: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم.
 
فقالت زينب عليها السلام في ردّها على جرأة ابن زياد وتصلّفه: "الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وطهّرنا من الرجس تطهيراً، وإنّما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا والحمد لله"5.
 
 
 
 

1- سفينة البحار، ج‏1، ص‏558.
2- تاريخ مدينة دمشق، ج‏69، ص‏174
3- تاريخ مدينة دمشق، ج‏69، ص‏176.
4- الأخبار الطوال، ص‏228.
5- الإرشاد، ج‏2، ص‏115.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
94

85

الفصل الثاني: السابقون

 وأمّا كلامها في الشام وفي مجلس يزيد فقد كان بليغاً وثوريّاً، فقد وقفت أمامه تخاطبه قائلة:

"فوالله (يا يزيد) ما فريت إلّا جلدك وما حززت إلّا لحمك، ولتردنّ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما تحمّلت من سفك ذريّته، وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته..."1.
 
ولقد كان لوقع كلامها أن حوّل مجلس فرح القوم إلى النوح والبكاء2. وكان هذا أوّل مجلس عزاء أقيم على الإمام الحسين عليه السلام لثلاثة أيّام متوالية في قلب مركز خلافة مصّاصي الدماء الأمويّين3 وفي قلب مدينة دمشق، واستمرّت مجالس العزاء والحزن طيلة مدّة إقامة أهل البيت عليهم السلام في الشام4. وعندما رجع ركب السبايا إلى المدينة المنوّرة واصلت السيّدة زينب الكبرى دورها تحدّث الناس وتستنهضهم طلب الثأر بدم الإمام الحسين عليه السلام5.
 
إلى أن رأى الجهاز الحاكم ضرراً على أهدافه بوجودها في المدينة فقام بإبعادها عنها6.
 
وتوفّيت عليها السلام في النصف من رجب سنة 62 أو 63 للهجرة7.
 
سكينة بنت الحسين
وأمّها تدعى الرباب، وذكر المؤرّخون أن اسم سكينة هو آمنة أو أمينة أو أميمة وأمّا سكينة فهو لقب لقّبها به أبوها أو أمّها8.
 
واعتبرت السيّدة سكينة بأنّها أفضل وأعقل وأحسن نساء عصرها سيرة9 وعلى
 
 
 

1- اللهوف في قتلى الطفّوف، ص‏184.
2- تاريخ الأمم والملوك، ج‏4، ص‏355؛ الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏86.
3- تاريخ الأمم والملوك، ج‏4، ص‏353؛ الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏87؛ مقتل الخوارزميّ، ج‏2، ص‏73.
4- مثير الأحزان، ص‏102.
5- أبو الحسن العلويّ، أخبار الزينبات، ص‏115.
6- نفس المصدر، ص117.
7- نفس المصدر، ص9.
8- وفيات الأعيان، ج‏2، ص‏397.
9- نفس المصدر، ص‏394.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
95

86

الفصل الثاني: السابقون

 حدّ قول أبيها الحسين عليه السلام فإنّها كانت غارقة في ذات الله1.

 
تزوّجت سكينة من ابن عمّها عبد الله بن الحسن2، وكان الإمام أبو عبد الله عليه السلام يحبّها حبّاً شديداً وعند الوداع ضمّها إلى أحضانه ومسح بيديه المباركتين دموعها الجارية على خدّيها قائلاً لها: 
 
"سَيَطُولُ بَعْدِي يَا سُكَيْنَةُ فَاعْلَمِي            مِنْكَ البُّكَاءُ إِذَا الحِمَامُ دَهَانِي
لا تُحْرِقِي قَلْبِي بِدَمْعِكِ حَسْرَةً                 مَا دَامَ مِنِّي الرُّوحُ فِي جُثْمَانِي
فَإِذا قُتِلْتُ فَأَنْتِ أَوْلِى بِالَّذِي                   تِبْكِينَهُ يِا خِيرَةَ النِّسْوَانِ"3
 
وبعد واقعة كربلاء أخذت سكينة فيمن أخذ من السبايا إلى الكوفة والشام، ومن ثمّ انتقلت إلى المدينة لتمضي بقيّة أيّامها فيها وكانت وفاتها في سنة 117 هجرية4.
 
طوعة
وكانت أمّ ولد للأشعث بن قيس وبعد عتقها تزوجت من أسيد الحضرميّ 5ولها ولدٌ منه.
 
وعندما غدر أهل الكوفة بمسلم بن عقيل ووجد نفسه وحيداً ركب فرسه يجول غريباً في أزقّة الكوفة حتّى وقف على باب امرأة عجوز يقال لها طوعة كانت تنتظر مجيء ولدها.
 
فطلب منها مسلم شربة من الماء فجاءت له بإبريق فشرب منه، ولمّا علمت أنّ ذلك الغريب هو مسلم بن عقيل سفير الحسين عليه السلام آوته في دارها، ولمّا قدم ابنها قالت له أمّه: إنّ مسلم بن عقيل جاء إلينا واستجار بنا وها هو في بيتنا، وأنا أخدمه
 
 
 

1- محمّد الصبّان، إسعاف الراغبين، ص‏210.
2- أنساب الأشراف، ج‏2، ص‏195.
3- مناقب آل أبي طالب، ج‏3، ص‏257.
4- وفيات الأعيان، ج‏2، ص‏396.
5- وقعة الطفّ، ص‏126 و127.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
96

87

الفصل الثاني: السابقون

 وما طمعي إلّا في ثواب الله ولكن ولدها طمع في جائزة ابن زياد فأخبره بمكان مسلم ومحلّ إقامته1.

 
فاطمة بنت الحسين عليه السلام 
هي ابنة الإمام الحسين عليه السلام وأمّها يقال لها: أمّ اسحاق2، وكانت من النساء المحدّثات ولها العديد من الروايات مع الواسطة عن فاطمة الزهراء عليها السلام، وروت عن الحسين بن عليّ عليه السلام وعمّتها السيّدة زينب وعن أخيها عليّ بن الحسين عليه السلام، وعن عبد الله بن العبّاس وأسماء بنت عميس.
 
وفي عصر عاشوراء وعند وداع الإمام الحسين عليه السلام لأهله استدعى فاطمة فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصيّة ظاهرة وقال لها: "يا ابنتي ضعي هذا في أكابر ولدي"3.
 
ومن ثمّ دفعته فاطمة إلى الإمام السجّاد عليه السلام4.
 
وبعد واقعة عاشوراء خرجت مع ركب السبايا إلى الكوفة ومن ثمّ إلى الشام ومن بعدها رجعت إلى المدينة. واقترنت بابن عمّها الحسن المثنّى وكان ثمرة زواجهما أربعة أولاد هم عبد الله، إبراهيم، الحسن وزينب. ولمّا توفّي زوجها الحسن اعتكفت في خيمةٍ لها قرب قبره سنة كاملة ومن ثمّ رجعت إلى المدينة5 وكانت وفاتها في سنة 117 هجريّة.
 
مارية بنت منقذ العبديّ
وكانت من نساء البصرة الشيعيّات، اتخذت دارها مقرّاً ومركزاً للقاء شيعة البصرة، ولمّا وصلت إلى البصرة أخبار ما يجري في الكوفة ودعوة أكابرها الإمام عليه السلام للقدوم إليهم، اجتمع شيعة البصرة في دار مارية يبحثون في أوضاع خلافة الأمّة الإسلاميّة وما آلت إليه أمور المجتمع والأمّة فعزم البعض منهم على الخروج مع نهضة الإمام أبي
 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص 127 و128؛ الفتوح، ص‏857 و858.
2- أمّ إسحاق بنت طلحة بن عبد الله التميميّ (تاريخ مدينة دمشق، ج‏70، ص‏16).
3- محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار، بصائر الدرجات، ص 164.
4- وروي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "وهو عندن".. وعندما سئل عن مضمونه قلت: ما ذاك الكتاب، قال عليه السلام : "ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا حتّى تفنى" (محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ، إثبات الهداة، ج‏5، ص‏215).
5- تاريخ مدينة دمشق، ج‏70، ص‏19.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
97

88

الفصل الثاني: السابقون

 عبد الله عليه السلام، وكتب إليه آخرون الرسائل يطلبون منه الحضور إلى البصرة فأرسل الإمام عليه السلام إليهم سفيره سليمان1 ومعه رسالة إليهم.

 
وكان من نتائج تلك الاجتماعات التي حصلت في بيت مارية أن التحق جمع من شيعة البصرة أمثال يزيد بن ثبيط وأدهم وسيف بالإمام الحسين عليه السلام في كربلاء واستشهدوا إلى جانبه.
 
سفراء الحسين عليه السلام 
من بين أصحاب الإمام الحسين عليه السلام والمقرّبين منه تبرز بعض الوجوه والشخصيّات الأمينة والمخلصة والناشطة والتي أدّت دور الرسول والناقل لكلمات الإمام وتوجيهاته وكذلك دور الممثّل عنه، وبعبارة أخرى قاموا بدور السفير لسيّد الشهداء عليه السلام نذكر منهم:
 
حنظلة بن أسعد الشباميّ
كان شيعيّاً شجاعاً قارئاً للقرآن ذا لسانٍ وفصاحة، ومع حضور الإمام عليه السلام في كربلاء جاء حنظلة إليه، ومع اصطفاف ابن سعد وجيشه في مقابل الإمام وأصحابه أدّى هذا الرجل دور الرسول والسفير من قبل الإمام أبي عبد الله عليه السلام يحمل رسائله إلى ابن سعد قبل شروع الحرب والقتال، وجاء في يوم عاشوراء إلى سيّد الشهداء عليه السلام يطلب منه الإذن في القتال وتقدّم بين يديه وأخذ ينادي:
 
"يا قوم إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلماً للعباد، ويا قوم إنّي أخاف عليكم يوم التناد يوم تولّون مدبرين ما لكم من الله من عاصم، ومن يضلل الله فما له من هاد".
 
"يا قوم لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم الله بعذابٍ وقد خاب من افترى".
 
فقال الحسين عليه السلام لحنظلة: "يا ابن أسعد، إنّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحقّ ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين؟".
 
 
 
 

1- إبصار العين، ص25.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
98

89

الفصل الثاني: السابقون

 فقال حنظلة: "صدقت جعلت فداك، أفلا نروح إلى ربّنا ونلحق بإخواننا؟".

 
وأذن له الإمام الحسين عليه السلام بالمبارزة والنزول إلى الميدان ودعا له، ثمّ تقدّم حنظلة إلى القوم شاهراً سيفه يضرب فيهم قدماً حتّى استشهد1 (رضوان الله عليه)، وقد ورد اسمه في زيارتي الناحية والرجبيّة2.
 
سليمان بن رزين3
كان سليمان من خدّام الإمام الحسين عليه السلام، وعندما كان الإمام مقيماً في مكّة وجّه اثنين من أصحابه24 لحمل رسائله إلى خمسة من رؤساء البصرة 5- الأحنف بن قيس، مالك بن مسمع، المنذر بن الجارود، مسعود بن عمرو وقيس بن الهيثم - وبعض أشرافها أمثال عمرو بن عبيد الله بن معمر ويزيد بن مسعود.
 
فتوجّه سليمان نحو البصرة وأوصل رسائل الإمام عليه السلام إليهم والتي يدعوهم فيها إلى بيعته وممّا ورد من كلام الإمام في هذه الرسائل: "وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه، فإنّ السنّة قد أميتت، وإنّ البدعة قد أحييت، وإنّ تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد..."6.
 
وقام أشراف أهل البصرة بإخفاء أمر الرسالة باستثناء المنذر بن الجارود صهر ابن زياد وكان يخاف منه أشدّ المخافة، ولذا قام بتسليم الرسالة إلى ابن زياد حاكم البصرة آنذاك، بعد أن ضمّت إلى ولاية الكوفة، وقد كان متوجّهاً إليها، فغضب غضباً شديداً وأمر بإحضار سفير الإمام عليه السلام ثمّ قدّمه فقتله وأمر بصلبه7.
 
 
 
 

1- الإرشاد، ج‏2، ص‏105؛ إبصار العين، ص‏148.
2- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏70.
3- إبصار العين، ص‏94؛ قال البعض: إنّ اسمه سليمان وكنيته "أبو رزين" (وقعة الطفّ، ص‏104).
4- يذكر ابن نما شخصاً باسم ذريع السدوسيّ على أنّه رسول الإمام عليه السلام (مثير الأحزان، ص‏12).
5- المشهورين برؤساء الأخماس (المترجم).
6- الفتوح، ص‏846؛ وقعة الطفّ، ص‏107؛ إبصار العين، ص‏95.
7- ثمّ اعتلى ابن زياد المنبر وقام بتهديد الناس ووعيدهم وممّا قال لهم: " لو بلغني عن رجلٍ منكم خلاف لأقتلنّه ولأقتلنّ عريفه ولآخذنّ الأدنى بالأقصى حتّى يستقيموا لي فاحذروا أن يكون فيكم مخالف أو مشاق" (الفتوح، ص‏846)؛ ومن ثمّ خرج عبيد الله بن زياد من البصرة نحو الكوفة، واصطحب معه عدداً من زعماء أهل البصرة (الفتوح، ص‏847؛ تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏280؛ إبصار العين، ص‏95).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
99

 


90

الفصل الثاني: السابقون

 وفي زيارة الناحية المقدّسة بعد السلام على "سليمان" لعن قاتله "سليمان بن عوف الحضرميّ"1 وقيل: إنّه المباشر لقتله.

 
عبد الله بن يقطر2 الحميريّ
وهو أخ الإمام الحسين عليه السلام من الرضاعة3، وعُدَّ من أصحاب4 النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
 
وقام بدور السفير للإمام الحسين عليه السلام في نهضته، وحيث إن مسلم بن عقيل أخذ البيعة من أهل الكوفة، أرسل كتاباً إلى الإمام عليه السلام يرغّبه في القدوم إلى الكوفة، وبعث الإمام بجوابٍ إلى مسلم أثناء وجوده في مكّة، وأرسله مع عبد الله بن يقطر الحميريّ، لكن الرسول اعتقل5 من قبل الحصين بن تميم في القادسيّة، وأرسله إلى عبيد الله بن زياد الذي قام باستجوابه لكنّه أنكر ولم ينطق بكلمة، فأمر ابن زياد بأن يؤخذ إلى أعلى القصر ليلعن الإمام الحسين عليه السلام فاغتنم عبد الله هذه الفرصة وصعد إلى أعلى القصر، وعندما نظر إلى الناس المجتمعين أسفل القصر صاح فيهم قائلاً:
"أيّها الناس، أنا رسول الحسين بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليكم لتنصروه وتؤازروه على ابن مرجانة وابن سميّة الدعيّ ابن الدعيّ".
 
فأمر عبيد الله بن زياد بأن يرمى ذلك الصحابي من أعلى القصر إلى الأرض فتهشّمت أضلاعه وتكسّرت وكان به رمق من الحياة، فجاءه عبد الملك بن عمير قاضي الكوفة ووقف فوق رأسه وذبحه بخنجر عبيد الله وقطع رأسه. ولمّا وصل خبر استشهاد
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج‏101، ص 271.
2- وضبطه البعض باسم عبد الله بن بُقطر (وقعة الطفّ، ص‏163).
3- إبصار العين، ص‏93؛ ويؤكّد السماويّ القول: بأنّ أم عبد الله لم ترضع الإمام الحسين عليه السلام غاية الأمر أنّها قامت برعاية الإمام عليه السلام أثناء صغره؛ حيث ورد أنّ الإمام أبي عبد الله عليه السلام لم يرتضع من أحد سوى من أمّه السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام وتؤكّد الروايات هذا القول؛ إلّا أنّ العلّامة المجلسيّ ضعّف هذه الروايات واعتبرها من المراسيل (محمّد باقر المجلسيّ، مرآة العقول، ج‏5، ص‏365).
4- إبصار العين، ص‏93
5- ادعى البعض بأنّ عبد الله أرسل من قبل الإمام عليه السلام مع مسلم بن عقيل إلى الكوفة وأنّ "مسلم" عندما رأى غدر أهل الكوفة قام بإرسال عبد الله إلى الإمام عليه السلام ليخبره بما جرى؛ إلّا أنّه اعتقل من قبل الحصين بن تميم (إبصار العين، ص‏94). وادعى ابن أعثم الكوفيّ بأنّ عبد الله لمّا اعتقل كان بحوزته رسالة مسلم إلى الإمام الحسين عليه السلام التي يخبره فيها ببيعة أهل الكوفة ويستعجله في المجي‏ء إليها (الفتوح، ص‏852).

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
100

91

الفصل الثاني: السابقون

 عبد الله بن يقطر إلى الإمام الحسين عليه السلام وكان في منزل زبالة تأسّف الإمام عليه السلام لذلك وأخبر أصحابه بمقتله1.

 
عمرو بن قرظة الأنصاريّ
وابن قرظة الأنصاريّ هو أحد أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام2 والتحق عمرو بالإمام الحسين عليه السلام في كربلاء قبل بدء القتال، وفي أثناء الهدنة أرسله الإمام بكتابه إلى ابن سعد وأحضر جوابه إليه واستمرّ في نقل الرسائل المتبادلة حتّى ورود شمر بن ذي الجوشن حيث انقطعت الرسائل بينهما.
 
وفي يوم عاشوراء طلب عمرو بن قرظة من الإمام عليه السلام الإذن في المبارزة والنزول إلى الميدان فأذن له في ذلك وعندما برز إلى القتال كان يرتجز ويقول في شعره:
 
دُونَ حُسَيْنٍ مُهْجَتِي وَدَارِي3 
 
ثمّ إنّه قاتل مدّة من الزمن ورجع نحو الحسين عليه السلام فوقف دونه ليقيه من العدوّ، فجعل يتلقّى السهام بجبهته وصدره فلم يصل إلى الحسين عليه السلام سوء حتّى أثخن بالجراح، فالتفت إلى الإمام عليه السلام وقال له: "أوفيت يا ابن رسول الله؟" قال: "نعم أنت أمامي في الجنّة، فأقرئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السلام وأعلمه أنّي في الأثر".
 
وفي تلك الحال خرّ عمرو بن قرظة إلى الأرض صريعاً واستشهد (رضوان الله عليه)4.
 
قيس بن مسهّر الصيداويّ
وكان قيس رجلاً شريفاً شجاعاً موالياً لأهل البيت عليهم السلام ومخلصاً لهم وهو من قبيلة بني أسد.
 
 
 

1- الإرشاد، ج‏2، ص‏75؛ إبصار العين، ص‏93 و94؛ راجع الإصابة، ج‏4، ص‏59؛ وفي هذه الطبعة ضبط باسم عبد الله بن يقظة.
2- ولابن قرظة ولدٌ آخر يدعى عليّ بن قرظة كان في جيش ابن سعد وقاتل بكلّ صلافة في وجه الإمام الحسين عليه السلام (إبصار العين، ص‏156).
3- يقول ابن نما: إنّ عمرو بن قرظة بقوله هذا كان يعرّض بابن سعد فإنّه لمّا قال له الحسين عليه السلام : "صِر معي"، قال ابن سعد. أخاف على داري، فقال الحسين عليه السلام له: "أنا أعوّضك عنه" قال: أخاف على مالي، فقال له: "أنا أعوّضك عنه من مالي بالحجاز". لكن ابن سعد كره ذلك ولم يتكلّم. (مثيرالأحزان، ص‏61).
4- مثيرالأحزان، ص‏61؛ اللهوف، ص‏108؛ إبصار العين، ص‏155.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
101

92

الفصل الثاني: السابقون

 وذكر أنّه بعد موت معاوية اجتمع وجهاء أهل الكوفة وكتبوا رسائل متتالية للإمام الحسين عليه السلام يدعونه فيها للقدوم إلى الكوفة، وكان حامل إحدى هذه الرسائل قيس بن مسهّر يرافقه عبد الرحمن بن عبد الله الأرحبيّ حيث توجّها نحو الحسين عليه السلام وقدّما له الكتاب، وفي جوابه على رسائل أهل الكوفة المتوالية قام الإمام الحسين عليه السلام بإرسال مسلم بن عقيل إليهم يرافقه قيس وعبد الرحمن الأرحبيّ.

 
ولمّا وصلوا إلى "المضيق" من "بطن خبت" ضلّ دليلهم الطريق، وأصيبوا بالتعب والعطش حتّى وجدوا الطريق، وفي تلك الأثناء قام مسلم بن عقيل فكتب كتاباً للإمام الحسين عليه السلام يخبره بما جرى، وأرسله مع قيس بن مسهّر الذي أوصله إلى الإمام عليه السلام، ومن ثمّ عاد بالجواب إلى مسلم، وسار معه حتّى دخلوا الكوفة، ولمّا رأى مسلم بن عقيل اجتماع أهل الكوفة على البيعة كتب إلى الحسين عليه السلام بذلك، وسرّح الكتاب مع قيس وأرسل معه عابس الشاكريّ وشوذباً مولاهم، وقام هؤلاء الثلاثة بإيصال الرسالة إلى الإمام عليه السلام في مكّة ولازموه ثمّ جاءوا معه نحو الكوفة.
 
ولمّا وصلت القافلة إلى "الحاجر" من "بطن الرقّة" كتب الحسين عليه السلام كتاباً إلى مسلم وإلى شيعة الكوفة وبعثه مع قيس فتوجّه نحوهم، وممّا ورد في الكتاب:
"فإذا قدم رسولي عليكم فانكمشوا في أمركم وجدّوا، فإنّي قادمٌ عليكم في أيّامي هذه إن شاء الله"1.
 
وقبل وصول قيس بن مسهّر إلى الكوفة كان قد لوحق وقبض عليه الحصين بن تميم، وبعد اعتقاله قام قيس بتمزيق الكتاب ثمّ وجّه به الحصين إلى عبيد الله بن زياد. فسأله عبيد الله:
- من أنت؟
- أنا رجل من شيعة عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
- ولم مزّق
- لئلّا تعلم ما فيه.

 
 

1- إبصار العين، ص‏113.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
102

93

الفصل الثاني: السابقون

 - مَن كتب هذا الكتاب؟

- أمير المؤمنين الحسين بن عليّ عليه السلام.
- إلى من؟
- إلى قوم من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم.
 
فغضب ابن زياد وقال له: إن لم تخبرني بأسمائهم، فاصعد المنبر والعن عليّاً والحسن والحسين عليهم السلام.
 
فقبل قيس أن يتكلّم إلى الناس، ولمّا اجتمعوا في المسجد صعد قيس المنبر وتوجّه نحو أهل الكوفة قائلاً لهم:
"أيّها الناس، إنّ الحسين بن عليّ خير خلق الله، وابن فاطمة بنت رسول الله، وأنا رسوله إليكم وقد فارقته "بالحاجر" فأجيبوه".
 
ثمّ لعن عبيد الله بن زياد وأباه، وصلّى على أمير المؤمنين عليه السلام، فأمر به ابن زياد فأُصعد القصر ورمي به من أعلاه فتقطّع ومات1 (رضوان الله عليه).
 
ووصل خبر استشهاد قيس إلى الإمام عليه السلام وكان قد وصل إلى منزل "عذيب الهجانات" فراح يردّد قوله تعالى: ?إِنَّا لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ?، وبكى عليه بكاءً شديداً، وقال: "?فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ?، أللهم اجعل لنا ولهم الجنّة منزلاً، واجمع بيننا وبينهم في مستقرِّ رحمتك ورغائب مذخور ثوابك"2.
 
مسلم بن عقيل
أبوه عقيل بن أبي طالب وأمّه تدعى "عليّة"3.
 
اقترن مسلم بابنة عمّه رقيّة4 بنت أمير المؤمنين عليه السلام، وكان مسلم في معركة صفّين على ميمنة جيش الإمام عليه السلام5، وفي عهد الإمام الحسن عليه السلام والإمام
 
 
 
 

1- إبصار العين، ص113 و114.
2- الفتوح، ص882.
3- إبصار العين، ص‏78.
4- أنساب الأشراف، ج‏2، ص‏830.
5- بحار الأنوار، ج‏2، ص‏830.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
103

94

الفصل الثاني: السابقون

 الحسين عليه السلام كان مسلم بن عقيل مثال التابع المخلص والمطيع إلى جانبهما، وكان شابّاً شجاعاً مقداماً حتّى قيل عنه: بأنّه كان مثل الأسد1.

 
وبعد وصول رسائل أهل الكوفة إلى الإمام الحسين عليه السلام، قام بإرسال ابن عمّه مسلم بن عقيل إليهم، وأوصاه بالتقوى وكتمان أمره واللطف بالناس، وقال له: "إن رأيت الناس مجتمعين مستوسقين فعجِّل إليَّ بذلك".
 
وتوجّه مسلم برفقة قيس نحو الكوفة وواجها بعض المشاكل والصعوبات في منزل "المضيق"، وبعد أن كتب إلى الإمام بذلك اتّجه إلى الكوفة بعزم أكبر2.
 
ولمّا وصل إليها دخل منزل المختار، وبدأ الشيعة يتردّدون إليه، ولكن مع قدوم عبيد الله بن زياد والإجراءات التي وضعها في المدينة قام مسلم بالانتقال من مكانه إلى منزل هانئ، واستمرّ أهل الكوفة بالقدوم عليه وعلى حدّ قول أبي مخنف: فقد بايعه أكثر من ثمانية عشر ألفاً من أهلها.
 
وما لبث مسلم أن كتب كتاباً للإمام الحسين عليه السلام يخبره ببيعة أهل الكوفة ويستعجله في القدوم إليها3.
 
واطلع ابن زياد من خلال بعض العيون على مكان مسلم، فقام بالقبض على هانئ وسجنه وكرد فعلٍ على اعتقاله وتعذيبه أوعز مسلم إلى الناس أن ينادى: يا منصور أمت.
فاجتمع حوله أكثر من أربعة آلاف رجلٍ، ومن ناحية أخرى أوعز ابن زياد إلى أشراف أهل الكوفة برفع لواء الأمان لفصل الناس عن مسلم. وكان لهذه الخدعة تأثيرها، فتفرّق الناس عنه جماعات جماعات4.
 
يروي عبّاس الجدليّ قائلاً: خرجنا مع ابن عقيل أربعة آلاف فما بلغنا القصر إلّا ونحن ثلاثمائة.
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج‏44، ص‏354، نفس المهموم، ص‏111.
2- وقعة الطفّ، ص‏97.
3- نفس المصدر، ص‏112؛ تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص 395.
4- ولمّا سمع الناس مقالة الأشراف أخذوا يتفرّقون عنه وكانت المرأة تأتي ابنها وأخاها فتقول: انصرف، الناس يكفونك، ويجي‏ء الرجل إلى ابنه وأخيه ويقول: غداً يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشرّ، انصرف، فيذهب به وينصرف... (وقعة الطفّ، ص‏125؛ التقرير الأوّل الموثّق عن نهضة عاشوراء، ص‏60).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
104

95

الفصل الثاني: السابقون

 وما زالوا يتفرّقون ويتصدّعون حتّى أمسى ابن عقيل وما معه ثلاثون نفساً في المسجد، حتّى صلّيت المغرب، فما صلّى مع ابن عقيل إلّا ثلاثون نفساً، فلمّا رأى أنّه قد أمسى وليس معه إلّا أولئك النفر خرج متوجّهاً نحو أبواب كندة، فما بلغ الأبواب ومعه منهم عشرة، ثمّ خرج من الباب وإذا ليس معه إنسان واحد1.

 
ومضى مسلم على وجهه تائهاً في أزقّة الكوفة لا يدري أين يذهب، فمشى حتّى انتهى إلى باب طوعة فأجارته، ولكن ابنها وشى به إلى ابن زياد فعرف مكانه، وذكر أنّ ابن زياد كان عارفاً بشجاعة2 مسلم وبطولاته فأمر محمّد بن الأشعث أن يعتقل مسلم، وضمّ إليه ثلاثمائة مقاتل، وهنا رأى سفير الإمام عليه السلام نفسه وحيداً وقد حاصره القوم المجرمون فشدّ عليهم يضربهم بسيفه ويقاتلهم وهو يرتجز:
 
أَقْسَمْتُ لا أُقْتَلُ إِلّا حُرَّا              وَإِنْ رَأَيْتُ المَوْتَ شَيْئاً نُكْرَا
كُلُّ امْرِئٍ يَوْمَاً مُلاقٍ شَرَّا           وَيُخْلَطُ البَارِدُ سُخْناً مُرَّا
 
وفي الجولة الأولى فشل محمّد بن الأشعث ومن معه في القبض على مسلم فطلب المدد والعون من ابن زياد بعد أن قال له: إنّ مسلم يعدّ بألف رجل3، ومع ازدياد الجيش المحاصر له وفي معركة دنيئة استخدم فيها الكوفيّون النّار رموه بها وبالحجارة، وانتهت بالقبض على مسلم، وفي هذه الحال جرت الدموع من عيني مسلم وقال لمحمّد بن الأشعث: هل تستطيع أن تبعث رجلاً من عندك على لساني؟ أن يبلغ حسيناً بأن يرجع وأهل بيته ولا يغرّك أهل الكوفة فإنّهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل إنّ أهل الكوفة قد كذّبوك وكذّبوني وليس لمكذوب رأي295، وكذلك فعل مسلم في مجلس ابن زياد حيث أوصى عمر بن سعد بأن يرسل رسولاً إلى الحسين عليه السلام ليرجع عن طريق الكوفة، ودافع مسلم بن عقيل بكلّ شجاعة عن مواقفه وعمّا أقدم عليه، وقام بفضح ابن زياد ويزيد، وعندها أمر عبيد الله بأن يؤخذ مسلم إلى أعلى القصر، ويقطع
 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏126.
2- الفتوح، ص860.
3- نفس المصدر.
4- وقعة الطفّ، ص136.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
105

96

الفصل الثاني: السابقون

 رأسه ويرمى بجسده إلى الأرض، فقام بكير بن حميران الأحمريّ بتنفيذ أوامره1.

 
ويقول المامقانيّ: بأنّ مسلم بن عقيل كان له من العمر عند شهادته ثمانية وعشرون2 عاماً. إلّا أنّ القبول بهذا الرأي بعيدٌ حيث إنّ بعض أولاد مسلم استشهدوا في كربلاء وكانت أعمارهم قريبة إلى هذا العمر تقريباً، فمحمّد استشهد في السابعة والعشرين من عمره وعبد الله كان في السادسة والعشرينأيضاً.
 
الأسرى
بعد انتهاء العاشوراء الحسينيّة بقي عدد قليل من أهل البيت والأصحاب على قيد الحياة5، وهؤلاء - باستثناء النساء والبنات - لم يجهز عليهم، إمّا لكبر أعمارهم أو لمرضهم أو للجراحات الشديدة التي أصيب بها البعض منهم، وعلى حدِّ قول ابن أعثم الكوفيّ: فإنّ عمر بن سعد حمل معه بنات الحسين عليه السلام وأخواته والأطفال الأحياء وكذلك عليّ بن الحسين عليه السلام إلى الكوفة6.
 
ومع دخول ركب الأسارى إلى الكوفة تشفّعت القبائل في نسائها وأقربائها فأطلق سراحهم فيها، وأمّا أسارى بني هاشم فأخذوا إلى الشام7 وكانت رحلة الأسر في الشام مرحلة قاسية وصعبة على أهل البيت عليهم السلام، يقول الإمام الباقر عليه السلام:
"قدم بنا على يزيد بن معاوية لعنه الله بعدما قتل الحسين عليه السلام ونحن اثنا عشر غلاماً ليس منّا أحدٌ إلّا مجموعة يداه إلى عنقه وفينا عليّ بن الحسين"8
 
 
 

1- وقعة الطفّ ، ص138- 141.
2- تنقيح المقال، ج3، ص214.
3- لباب الأنساب، ج1، ص397.
4- نفس المصدر، ص182.
5- يروي المؤرّخون بأنّ خمسة من أهل البيت بقوا على قيد الحياة وهم: عليّ بن الحسين، الحسن بن الحسن المثنّى، قاسم بن عبد الله بن جعفر ومحمّد بن عقيل الأصغر (ترجمة الإمام الحسين من طبقات ابن سعد، ص‏77؛ سير أعلام النبلاء، ج‏3، ص‏303).
وأمّا ابن طاووس فيذكر الإمام السجّاد عليه السلام بالإضافة إلى الحسن المثنّى، وزيد بن الحسن، وعمرو بن الحسن (اللهوف، ص‏146).
6- الفتوح، ص‏914.
7- إبصار العين، ص‏228.
8- شرح الأخبار، ج3، ص352.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
106

97

الفصل الثاني: السابقون

 وفي هذا الفصل سوف نشير فقط إلى بعض الأسماء البارزة في الأسر وخاصّة الإمام السجّاد عليه السلام بغض النظر عن الأطفال والبنات والنساء الأسيرات أمثال زينب الكبرى والتي ذكرناها فيما سبق:

 
الحسن بن الحسن (المثنّى) ← الجرحى
سوار بن منهم النهميّ ← الجرحى
 
عقبة بن سمعان
كان عقبة (أو موقعة)1 مولى للرّباب زوجة الحسين عليه السلام اعتقله ابن سعد ثمّ أطلق سراحه.2 واعتبره ابن عديم من جملة أسارى واقعة كربلاء3 4
 
عليّ بن الحسين عليه السلام (الإمام السجّاد عليه السلام)
ولد الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام المعروف بزين العابدين وسيّد الساجدين والزكيّ والأمين5 في سنة ثمانية وثلاثين للهجرة6.
 
أمّه تدعى "شاه زنان" ابنه يزدجرد ملك إيران7 وقد بدّل أمير المؤمنين عليه السلام اسمها بـ"شهربانو"8 وكان الإمام السجّاد في واقعة كربلاء شابّاً يبلغ من العمر ثلاثة وعشرين سنة9، ومرض في تلك الأيّام مرضاً شديداً10.
 
وفي عصر عاشوراء هجم شمر بن ذي الجوشن على خيمة الإمام زين العابدين عليه السلام 
 
 
 
 

1- أنصار الحسين عليه السلام ، ص‏51.
2- وقعة الطفّ، ص‏257.
3- ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ، من كتاب بغية الطلب، ص‏153.
4- قال بعض المؤرّخين والعلماء المحقّقين: إنّ عقبة استشهد في كربلاء وورد اسمه في زيارة الإمام الحسين عليه السلام . (معجم رجال الحديث، ج‏11، ص‏154؛ مستدركات علم رجال الحديث، ج‏5، ص‏248).
5- سليمان بن إبراهيم القندوزيّ، ينابيع المودّة، ج‏3، ص‏105؛ الصدوق، معاني الأخبار، ص‏24؛ الشبلنجيّ، نور الأبصار، ص 280.
6- الإرشاد، ج‏2، ص‏137؛ الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏855.
7- نفس المصدر.
8- الأخبار الطوال، ص‏141.
9- السرائر، ج‏1، ص‏654؛ مقاتل الطالبيّين، ص‏86.
10- إثبات الوصيّة، ص‏177؛ الإرشاد، ج‏2، ص‏93؛ عمدة الطالب، ص‏182؛ اللهوف، ص‏146.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
107

98

الفصل الثاني: السابقون

 حيث كان يداوى فيها وسلّ سيفه وأراد قتل الإمام عليه السلام فحذّره البعض من ذلك بسبب مرضه ومن ثمّ قام الشمر بإحراق الخيام1.

 
وكان مشهد تحرّك ركب الأسارى شديد الوطأة على الإمام السجّاد عليه السلام وفي هذا المجال يقول:
"لمّا أصابنا بالطفّ ما أصابنا وقتل أبي عليه السلام وقتل من كان معه من ولده وإخوته وسائر أهله وحملت حرمه ونساؤه على الأقتاب يراد بنا الكوفة فجعلت أنظر إليهم صرعى ولم يواروا فيعظم ذلك في صدري ويشتدّ لما أرى منهم قلقي فكادت نفسي تخرج"2.
 
ودخل الإمام السجّاد عليه السلام بكلّ صلابة إلى مجلس ابن زياد وردّ على كلّ أكاذيبه وافتراءاته فأراد ابن زياد قتله لكنّ زينب الكبرى ضمّته إلى صدرها وقالت لابن زياد: إذا أردت قتله فاقتلني معه، فانصرف ابن زياد عن قتله3.
 
وأخذ ركب الأسارى نحو الشام وأدخل الإمام السجّاد عليه السلام إلى مجلس يزيد والأغلال والسلاسل في عنقه، ووقف الإمام عليه السلام أمام نشوة يزيد وتعجرفه وخطب خطبة بليغة أمام أهل الشام ووجهائها، ردّ فيها على الكلام القبيح الذي تفوّه به يزيد وبيّن فيها منزلة أهل بيت الوحي والطهارة وفضح يزيد وما قام به، فانقلب أهل المجلس وقام أهل الشام بلعن قاتل الحسين عليه السلام وسبّه يقول ابن أعثم الكوفيّ: إنّ يزيد لمّا سمع الناس تلعن قاتل أمير المؤمنين الحسين عليه السلام ألقى باللوم على ابن مرجانة بما جرى في كربلاء4.
 
وبكلّ عزّة قاد الإمام السجّاد عليه السلام قافلة أهل البيت عليه السلام إلى المدينة وتولّى شؤون إمامة الأمّة حتّى نهاية حياته الشريفة، وكان في كلّ الأحوال يوضح للناس ما جرى في كربلاء وما تحمله الملحمة الكربلائيّة من ثقافة ومعارف، وبقي الإمام عليه السلام ثلاثاً 
 
 
 
 

1- الفتوح، ص‏912؛ الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏848.
2- ابن قولويه، كامل الزيارات، ص‏261؛ بحار الأنوار، ج‏45، ص‏179.
3- وقعة الطفّ، ص‏263.
4- الفتوح، ص‏916.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
108

99

الفصل الثاني: السابقون

 وثلاثين سنة بعد يوم عاشوراء الحسين، وفي سنة 94هـ استشهد الإمام عليه السلام مسموماً وهو في السابعة والخمسين من العمر على يد الوليد بن عبد الملك، ودفن الجسد الشريف لهذا الإمام الهمام في مقبرة البقيع1

 
موقع بن ثمامة2 ← الجرحى
عمر بن الحسن ← الأطفال والشباب
 
نافع بن هلال الجمليّ
كان سيّداً شجاعاً وعظيماً قارئاً للقرآن وكاتباً للحديث ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام شارك معه في حروبه الثلاثة أثناء خلافته.
 
التحق نافع بالإمام الحسين عليه السلام قبل استشهاد مسلم بن عقيل، وعندما جعجع الحرّ بالإمام الحسين عليه السلام وضيّق عليه، خطب الإمام عليه السلام في أصحابه وتحدّث معهم عن غدر الزمان والدهر الخوؤن، وبعد أن تكلّم عدد من الأصحاب مبرزين لوفائهم تكلّم نافع بن هلال فتحدّث عن غدر الأمّة القديم وعدم وفائها منذ عصر الرسالة وحتى مرحلة خلافة الإمام عليّ عليه السلام وتابع قائلاً: "فسر بنا راشداً معافاً، مشرّقاً إن شئت، وإن شئت مغرّباً، فوالله ما أشفقنا من قدر الله، ولا كرهنا لقاء ربّنا، وإنّا على نيّاتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك".
 
وفي كربلاء ولمّا منع الحسين عليه السلام من الماء واشتدّ العطش بأصحابه، كان نافع من جملة من ذهب لإحضار الماء من أصحاب الحسين عليه السلام بقيادة أبي الفضل العبّاس، وعندما وصل إلى شريعة الفرات امتنع نافع عن شرب الماء وقال لأحد قادة العدوّ:
 
"لا والله لا أشرب منه قطرة والحسين عطشان" ثمّ ملأ القرب بالماء وقاتل إلى جانب أبي الفضل العبّاس وسائر الأصحاب قتالاً شديداً حتّى أوصل القرب إلى الخيام3 ثمّ 
 
 
 
 

1- المعارف، ص‏215؛ الإرشاد، ج‏2، ص‏137؛ الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏874؛ مناقب آل أبي طالب، ج‏2، ص‏269.
2- ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من كتاب بغية الطلب، ص 153.
3- وقعة الطفّ، ص‏191.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
109

100

الفصل الثاني: السابقون

إنّ لنافع بن هلال الجمليّ في يوم عاشوراء مواقف بطوليّة وحينما برز إلى الميدان كان يقول:
 
أَنَا الهِزَبْرُ الجَمَلِي                أَنَا عَلَى دِينِ عَلِي
 
فخرج إليه رجلٌ يقال له مزاحم بن حريث وحمل عليه فقتله. فصاح عمرو بن الحجّاج بالناس: يا حمقى أتدرون من تقاتلون؟! تقاتلون فرسان المصر، وقوماً مستميتين لا يبرزنّ لهم منكم أحدٌ فإنّهم قليل وقلّ ما يبقون، والله لو لم ترموهم إلّا بالحجارة لقتلتموهم1.
 
وكان نافع بن هلال قد كتب اسمه على خشب نبله فكانت نباله التي يرميها معلّمة فقتل اثني عشر رجلاً من أصحاب عمر بن سعد، وما لبث أن جرح وكُسر عضداه فأخذ أسيراً وأمسكه شمر بن ذي الجوشن وساقه حتّى أتى به عمر بن سعد والدماء تسيل على وجهه ولحيته، فقال له ابن سعد: ويحك يا نافع: ما حملك على ما صنعت بنفسك؟
 
فقال له نافع: إنّ ربّي يعلم ما أردت؛ والله لقد قتلت منكم اثني عشر رجلاً سوى من جرحت وما ألوم نفسي على الجهد ولو بقيت لي عضد وساعد ما أسرتموني.


فقال شمر لابن سعد: اقتله أصلحك الله، فقال له ابن سعد: أنت جئت به فإن شئت فاقتله، فانتضى شمر سيفه فقال له نافع: أما والله لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى الله بدمائنا، فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه.
 
ثمّ قتله شمر2 لعنه الله.
وقد ورد اسم نافع في الزيارة الرجبيّة وزيارة الناحية3.
 
وهب بن وهب
وكان رجلاً نصرانيّاً قدم مع أمّه نحو الإمام الحسين عليه السلام وأسلما على يديه ومن ثمّ تبعاه إلى كربلاء.
 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏224.
2- وقعة الطفّ، ص‏233 و234؛ إبصار العين، ص‏147 - 150.
3- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72، وج‏101، ص‏340.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
110

101

الفصل الثاني: السابقون

 وفي يوم عاشوراء ركب وهب فرسه وتناول بيده عمود الفسطاط وتوجّه نحو الأعداء فقتل عدداً منهم ثمّ أخذ أسيراً وجيء به إلى عمر بن سعد فأمر بقطع عنقه ورمى به إلى عسكر الحسين عليه السلام1.

 
الجرحى
وكان ممّن بقي من أصحاب الحسين عليه السلام قد أصيب بجراحات بليغة وأدّت جراحات أكثرهم إلى استشهادهم في مدّة قريبة، وباستثناء الحسن المثنّى فإنّ سائر الجرحى في كربلاء استشهدوا بعد واقعة عاشوراء.
 
الحسن بن الحسن (المثنّى)
كنيته "أبو محمّد" وأمّه خولة بنت منظور الفزاريّة2 وقيل: إنّ عمره في ثورة عاشوراء كان سبعة عشر عاماً3. وروي أنّ الحسن خطب إلى عمّه الحسين عليه السلام إحدى ابنتيه فقال له: "يا بني اختر أيّهما أحبّ إليك" (سكينة وفاطمة)، فاستحيا الحسن (رضي الله عنه) ولم يحر جواباً.
 
فقال له الإمام الحسين عليه السلام: "فإنّي قد اخترت لك ابنتي فاطمة، فهي أكثر شبهاً بأمّي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "، فزوّجها منه4.
وفي يوم عاشوراء برز الحسن المثنّى نحو الأعداء فقتل سبعة عشر رجلاً وأصابته ثماني عشرة جراحة وقطعت يده اليمنى فوقع على الأرض5.
 
واقتيد الحسن المثنّى في جملة الأسارى إلى الكوفة فأخذه خاله أسماء بن خارجة من بين الأسرى وداواه حتّى برئ وحمله إلى المدينة6.


وكان الحسن بن الحسن جليلاً مهيباً رئيساً فاضلاً ورعاً زاهداً، وكان يلي صدقات
 
 
 
 

1- الصدوق، الأمالي، ص‏137.
2- الإرشاد، ج‏2، ص‏20 و26.
3- أعيان الشيعة، ج‏5، ص‏43.
4- الفصول المهمّة، ج‏2، ص 750.
5- اللهوف، ص‏146؛ سير أعلام النبلاء، ج‏3، ص‏303؛ المقرّم، مقتل الحسين، ص‏306.
6- الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏750.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
111

102

الفصل الثاني: السابقون

 أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في وقته بالمدينة1.

وتوفّي الحسن في سنّ الخامسة والثلاثين2 أو الخامسة والثمانين3.
 
سوار بن منعم بن أبي عمير النهميّ‏
التحق بالإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، وقاتل في الحملة الأولى فجرح ووقع مغميّاً عليه على الأرض فأسر وأتي به إلى عمر بن سعد، فأراد قتله فشفع فيه قومه، وبقي عندهم جريحاً حتّى استشهد بعد مضي ستّة أشهر من واقعة كربلاء4. ويسلّم الإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام على هذا المجروح الأسير في زيارته قائلاً: "السلام على الجريح المأسور سوار بن منعم بن أبي عمير النهميّ"5.
 
سويد بن عمرو الخثعميّ
كان شيخاً شجاعاً عظيماً شريفاً عابداً مجرّباً في الحروب، وكان من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام. وفي يوم عاشوراء كان من أواخر الأصحاب الذين برزوا إلى القتال6 فهجم على الأعداء وقاتل قتال الأسد الباسل وبالغ في الصبر على الخطب النازل حتّى سقط بين القتلى وقد أثخن بالجراح، وظنّ جيش العدوّ بأنّه قد قتل ولمّا استشهد الإمام الحسين عليه السلام سمع سويد خبر شهادته فتحامل وأخرج من خفّه سكّيناً كان قد أخفاها وحمل على العدوّ وجعل يقاتلهم به مدّة من الزمن حتّى حمل عليه عروة بن بكار التغلبيّ وزيد بن ورقاء الجهنيّ فقتلاه7.
 
عمرو بن عبد الله الجندعيّ‏
التحق بالإمام أبي عبد الله عليه السلام في كربلاء، وفي يوم عاشوراء قاتل بسيفه في
 
 
 

1- الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏748.
2- الشيخ عبّاس القمّي، منتهى الآمال، ج‏1، ص‏455.
3- الفصول المهمّة، ج‏2، ص‏751.
4- إبصار العين، ص‏222؛ وسيلة الدارين، ص‏153.
5- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏73.
6- يقول ابن الضحّاك المشرقيّ: لم يبقَ عصر عاشوراء من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام سوى رجلين هما سويد الحضرميّ وبشر الحضرميّ (تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏330).
7- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏102؛ اللهوف، ص‏112؛ إبصار العين، ص‏169 و170.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
112

103

الفصل الثاني: السابقون

 ركاب الإمام عليه السلام وتلقّى عمرو ضربة على رأسه بلغت منه فوقع على الأرض واحتمله قومه فأخرجوه من ساحة الوغى، وبقي مريضاً من الضربة صريع الفراش سنة كاملة ثمّ توفّي على رأس السنة1. وفي زيارة الناحية يسلّم الإمام عليه السلام على هذا الجريح بعد السلام على سوار بن أبي عمير قائلاً: "السلام على المرتثّ معه عمرو بن عبد الله الجندعيّ"2.

 
الموقع بن ثمامة الصيداويّ
كان الموقع (أو المرقع)3 ممّن حضر ليلاً إلى الإمام عليه السلام في كربلاء وجرح في المعركة فوقع على الأرض فاستخلصه قومه ومن ثمّ أخفوه في الكوفة، وعندما اطلع ابن زياد على ما جرى معه أرسل أحدهم لقتله فتوسّط له جماعة من بني أسد، فصرف النظر عن قتله، ثمّ قام بإبعاده إلى الزارة340 مقيّداً بالأغلال والسلاسل، وما لبث الموقع أن استشهد بعد سنة من زمان جرحه5.
 
الموالي‏
الموالي342 طبقة اجتماعيّة مختلفة الأحوال، وابتداءً كان هذا الاسم يطلق على من دخل في الإسلام ومع مجيئهم إلى المناطق العربيّة التحقوا بالعرب.


ومن ثمّ وبعد فتوحات صدر الإسلام وما بعدها وأسر أعداد كبيرة في المعارك أصبح مفهوم المولى مختصّاً بغير العربيّ. وقد تحرّر هؤلاء الأسرى فيما بعد بالتدريج وعبر العديد من الطرق نالوا حريّتهم وأصبح يطلق عليهم الموالي العتاق (المحرّرون).
 
ونتيجة ذلك تشكّلت قبائل العرب من العرب والموالي (غير العرب).
 
 
 

1- إبصار العين، ص 136؛ وسيلة الدارين، ص‏178.
2- بحار الأنوار، ج‏101، ص‏273.
3- الكامل في التاريخ، ج‏3، ص‏296؛ الفتوح، ص‏913؛ ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من كتاب بغية الطلب، ص‏153.
4- الزارة منفى في عمّان.
5- إبصار العين، ص‏117.
6- الموالي، جمع مولى وكلمة مولى في اللغة العربيّة من الأضداد فتطلق على الخادم والمعتق والمحرّر والحليف؛ إلّا أنّ للموالي اصطلاح خاصّ في المجتمع العربيّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
113

104

الفصل الثاني: السابقون

 وكان العرب وخلافاً لتعاليم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحقّرون الموالي فجعلوهم في أدنى الطبقات الاجتماعيّة ولذا كانت أوضاعهم الاقتصاديّة سيّئة جدّاً وحرموا من العديد من الامتيازات الاجتماعيّة، وقد بدأ تفضيل العرب على الموالي منذ عهد الخليفة الثاني وأثناء خلافة معاوية1.

 
وقد واجه أئمّتنا المعصومون عليهم السلام هذا التفضيل والتمييز فتعاملوا مع الموالي معاملة رؤوفة وبكلّ احترام، ولذا فإنّنا نرى من بين الوجوه والشخصيّات المشاركة في ملحمة كربلاء العديد من هؤلاء الموالي الأطهار والأوفياء.
 
أسلم بن عمرو
كان أسلم من موالي الحسين عليه السلام وكان أبوه تركيّاً وجاء أسْلَم مع الإمام عليه السلام إلى كربلاء، وفي يوم عاشوراء خرج إلى القتال وهو يرتجز ويقول:
 
أَمِيرِي حُسَيْنٌ وَنِعْمَ الأَمِيرْ                سُرورُ فُؤَادِ البَشِيرِ النَّذِيرْ
 
فقاتل قتالاً شديداً، ومن شدّة الجراحات الكثيرة التي أصابته وقع على الأرض، فلمّا صرع مشى إليه الإمام الحسين عليه السلام فوقف فوق رأسه فرآه وبه رمق يومي إلى الحسين عليه السلام فاعتنقه الحسين ووضع خدّه على خدّه فتبسّم وقال: "من مثلي وابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واضع خدّه على خدّي"، ثمّ فاضت نفسه (رضوان الله عليه)2.
 
جون بن حويّ‏
كان جون3 غلاماً أسود وهو مولى أبي ذرّ (رضي الله عنه) ومن بعد وفاته انتقل إلى خدمة أهل البيت عليهم السلام، وفي عهد الإمام الحسين عليه السلام جاء معه إلى كربلاء. ولمّا اشتدّ القتال في عصر عاشوراء تقدّم جون نحو الإمام الحسين عليه السلام يستأذنه في القتال فقال له الإمام عليه السلام: "يا جون أنت في إذنٍ منّي فإنّما تبعتنا طلباً للعافية فلا تبتل بطريقتنا".
 
فوقع جون على قدمي أبي عبد الله عليه السلام يقبّلهما ويقول: 
 
 
 

1- جمال جوده، الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة للموالي في صدر الإسلام؛ محمود المقداد؛ الموالي ونظام الولاء.
2- إبصار العين، ص‏96.
3- جوين؛ راجع: الإرشاد، ج‏2، ص‏93.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
114

105

الفصل الثاني: السابقون

 "يا ابن رسول الله، أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدّة أخذلكم، إنّ ريحي لنتن، وإنّ حسبي للئيم، وإنّ لوني أسود، فتنفّس عليّ في الجنّة ليطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيضّ لوني، لا والله لا أفارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم".

 
فأذن له الإمام الحسين عليه السلام فبرز إلى قتال القوم وهو يرتجز أبياتاً من الشعر ثمّ قاتل حتّى استشهد1.
 
فمشى نحوه سيّد الشهداء عليه السلام ووقف عند مصرعه ودعا له قائلاً: "أللهم بيّض وجهه وطيّب ريحه واحشره مع الأبرار وعرّف بينه وبين محمّد وآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم "2.
 
وروي عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال: "لمّا قدم بنو أسد لدفن أجساد الشهداء في كربلاء وجدوا جوناً بعد عشرة أيّام يفوح منه رائحة المسك"3.
 
جابر بن الحجّاج‏
كان فارساً شجاعاً، وهو مولى عامر بن نهشل التيميّ حضر مع الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء وقاتل بين يديه واستشهد في الحملة الأولى4.
 
الحرث بن نبهان  ← الصحابة
 
رافع بن عبد الله‏
وهو مولى مسلم بن كثير الأزديّ، حضر معه من الكوفة إلى كربلاء والتحقا بالإمام عليه السلام. وفي يوم عاشوراء وبعد استشهاد مسلم الأزديّ برز رافع بعد صلاة الظهر نحو الأعداء وقتل من القوم جماعة كثيرة ثمّ استشهد (رضوان الله عليه)5.
 
سالم‏
مولى عامر بن مسلم العبديّ حضر معه من البصرة إلى كربلاء حيث التحقا بالإمام
 
 
 

1- اللهوف، ص‏109، إبصار العين، ص‏176 و177.
2- تسلية المجالس، ج‏2، ص‏292.
3- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏23.
4- إبصار العين، ص‏193.
5- إبصار العين، ص‏185؛ تنقيح المقال، ج‏3، ص‏422.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
115

106

الفصل الثاني: السابقون

 الحسين عليه السلام وفي يوم عاشوراء برز سالم وعمرو نحو الأعداء واستشهدا1، وقال بعضهم بأنّهما استشهدا في الحملة الأولى2.

 
سالم بن عمرو
كان سالم مولى لبني المدينة (وهم بطن من بني كلب)، ومن شيعة الكوفة خرج إلى الحسين عليه السلام قبل المعركة فانضمّ إلى أصحابه وبقي معه حتّى استشهد في يوم عاشوراء، وقيل: إنّه من شهداء الحملة الأولى3، وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية4.
 
سعد
وهو غلام عمرو بن خالد، برز يوم عاشوراء مع سيّده عمرو واثنين آخرين نحو الأعداء فقاتلوا قتالاً شديداً، ومال عليهم القوم فقطعوهم عن أصحابهم، فحمل عليهم أبو الفضل العبّاس فاستنقذهم، فجاؤوا وقد جرحوا جراحات بليغة، ولمّا دنا منهم عدوّهم شدّ سعد وأصحابه على العدوّ مجدّداً فقاتلوا حتّى استشهدوا جميعاً في مكان واحد5.
 
سعد بن الحرث‏
من موالي أمير المؤمنين عليه السلام ومن بعده انتقل إلى خدمة الإمام الحسن عليه السلام ومن ثمّ إلى الإمام الحسين عليه السلام، ورافق الإمام منذ انطلاقته وورد معه إلى كربلاء، واستشهد في الحملة الأولى في يوم عاشوراء6.
 
سليمان بن رزين ← السفراء
 
شبيب‏
كان بطلاً شجاعاً وهو غلام الحرث بن سريع الهمدانيّ، جاء شبيب7 مع سيف
 
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏191.
2- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113؛ الحدائق الورديّة، ص‏121.
3- إبصار العين، ص‏182.
4- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72.
5- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏330.
6- إبصار العين، ص‏96؛ ذكره البعض باسم سعد بن الحارث (مستدركات علم رجال الحديث، ج‏4، ص‏27).
7- ذكر الزنجانيّ أنّه شبيب بن عبد الله (وسيلة الدارين، ص‏155).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
116

 


107

الفصل الثاني: السابقون

 ومالك ابني سريع إلى الإمام عليه السلام وقتل في الحملة الأولى التي قتل فيها جملة من أصحاب الحسين عليه السلام وذلك قبل الظهر في اليوم العاشر1.

 
شوذب بن عبد الله‏
كان غلاماً لبني شاكر وهو من رجال الشيعة ووجوهها، وكان حافظاً للحديث، تعلّم في مدرسة أمير المؤمنين عليه السلام، وكان الناس يختلفون إليه لأخذ الحديث عنه2، وصحب عابساً بن أبي شبيب الشاكريّ إلى كربلاء واستخبره عابس عمّا في نفسه فأكّد له قائلاً: بأنّه سيقاتل إلى جانبه فداء لابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتّى يقتل، فشجّعه عابس على ذلك، وقال له: ذلك الظنّ بك، فتقدّم شوذب من الإمام الحسين عليه السلام وسلّم عليه ثمّ مضى فقاتل حتّى قتل (رضوان الله عليه)3.
 
قارب بن عبد الله الدؤليّ
كانت أمّه جارية للإمام الحسين عليه السلام، تزوّجها عبد الله الدؤليّ فولدت منه قارباً هذا، فهو مولى للحسين عليه السلام، خرج معه من المدينة إلى مكّة ثمّ إلى كربلاء واستشهد في الحملة الأولى قبل ظهر عاشوراء بساعة4.
 
منجح بن سهم‏
كان منجح من موالي الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، خرج من المدينة مع أولاد الإمام في صحبة الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء.
 
وفي يوم عاشوراء قاتل منجح قتال الأبطال، ثمّ نال فيض الشهادة5، وذكر أنّ قاتله هو حسّان بن بكر الحنظليّ6.
 
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏133.
2- الحدائق الورديّة، ص‏122؛ إبصار العين، ص‏129.
3- وقعة الطفّ، ص‏236؛ الإرشاد، ج‏2، ص‏105.
4- إبصار العين، ص‏96.
5- إبصار العين، ص96.
6- الحدائق الورديّة، ص‏121.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
117

108

الفصل الثاني: السابقون

 نصر بن أبي نيزر

كان أبو نيزر من ولد بعض ملوك العجم، وقال بعضهم بأنّه من ولد النجاشيّ، رغب في الإسلام صغيراً فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم وربّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلمّا توفّي النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أصبح في خدمة أهل البيت عليهم السلام1.
 
أمضى سنوات عديدة مع أمير المؤمنين عليه السلام وكان يعمل له في نخله.
وكان ولده نصر أيضاً في خدمة أمير المؤمنين عليه السلام ثمّ من بعده في خدمة الإمام الحسن عليه السلام ثمّ الإمام الحسين عليه السلام، ورافق سيّد الشهداء عليه السلام في المجي‏ء إلى كربلاء، وكان فارساً في أصحاب الإمام عليه السلام، شارك في الحملة الأولى فعقر فرسه ثمّ استشهد (رضوان الله عليه)2.
 
واضح التركيّ
كان واضح غلاماً تركيّاً3، قالوا في وصفه: بأنّه كان إنساناً شجاعاً قارئاً للقرآن وهو مولى الحرث السلمانيّ.
 
برز إلى الميدان في يوم عاشوراء وهو يرتجز أبياتاً من الشعر فجعل يقاتلهم راجلاً وعندما وقع على الأرض استغاث بالإمام الحسين عليه السلام فأسرع سيّد الشهداء نحوه واعتنقه وهو يجود بنفسه فقال واضح: من مثلي وابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واضع خدّه على خدّي، ثمّ فاضت نفسه على تلك الحال واستشهد4 (رضوان الله عليه).
 
الأصحاب‏
إنّ أصحاب شهيد كربلاء الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام، هم صانعو البطولات الخالدة في يوم عاشوراء وقد استشهدوا جميعاً في معركة غير متكافئة.

 
 

1- الكامل، ج‏3، ص‏207.
2- إبصار العين، ص‏97 و98.
3- ذكر الخوارزميّ في أسماء الشهداء "الغلام التركيّ" والظاهر أنّ المراد منه هو واضح التركيّ (راجع، الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج‏2، ص‏28).
4- الحدائق الورديّة، ص‏122؛ إبصار العين، ص‏144 و145؛ إنّ مشهد مجي‏ء الإمام الحسين عليه السلام إلى مصرع واضح يشبه مشهد مجيئه إلى مصرع أسلم بن عمرو؛ ولذا فإنّ السماويّ في آخر كتابه عندما يذكر مشاهد مجي‏ء سيّد الشهداء إلى مصارع الشهداء تردّد بين "أسلم أو واضح" (إبصار العين، ص‏226).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
118

109

الفصل الثاني: السابقون

 وبنظرة عامّة يمكن أن نذكر في ضمنهم أولئك الأصحاب والمحبّين الذين استشهدوا في البصرة والكوفة وبالتالي عدّهم في ضمن شهداء النهضة الحسينيّة1.



وقد تفاوتت الأرقام المذكورة عن الأصحاب الشهداء في يوم عاشوراء وأرض كربلاء سواء كانوا من الهاشميّين أو من غير الهاشميّين والمشهور من بين الأرقام كونهم 72 شهيداً2.
 
وإن أشير إلى أرقام أخرى من قبيل: 70 شخصاً3، 82 شخصاً4، 87 شخصاً5، 100 شخصٍ6، 145 شخصاً7، و.... غيرها8.


وسوف نشير في هذا الفصل وبنظرة عامّة إلى أسماء الشهداء المشهورين من غير بني هاشم الذين استشهدوا مع الإمام الحسين عليه السلام. وفي الختام سوف نذكر بعض أسماء الشهداء غير المشهورين أيضاً:
 
أبو الحتوف بن الحرث الأنصاريّ العجلانيّ ← الملتحقون
 
أبو ثمامة الصائديّ‏
اسمه عمرو بن عبد الله بن كعب واشتهر باسم "أبو ثمامة الهمدانيّ الصائديّ"، وكان من شيعة أهل الكوفة وشجعانهم ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام والإمام الحسن المجتبى عليه السلام ثمّ صحب لإمام الحسين عليه السلام.
 
ولمّا جاء مسلم بن عقيل إلى الكوفة قام معه وصار يقبض الأموال من الشيعة بأمر مسلم فيشتري بها السلاح، وسعى ابن زياد في اعتقاله لكنّه اختفى وخرج إلى
 
 
 

1- باستثناء سفراء الإمام عليه السلام الذين استشهدوا في البصرة والكوفة يمكن الإشارة إلى بعض الأسماء الأخرى من الشهداء أمثال: عبد الأعلى الكلبيّ، عمارة بن صلخب الأزديّ وهانى‏ء بن عروة الذين استشهدوا في الكوفة.
2- الإرشاد، ج‏2، ص‏95؛ الأخبار الطوال، ص‏256؛ الفتوح، ص‏904.
3- تاريخ الخميس، ج‏2، ص‏227.
4- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏98.
5- ابن العنبريّ، تاريخ مختصر الدول، ص‏110.
6- حياة الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام ، ج‏3، ص‏126؛ نقلاً عن ابن حجر، تهذيب التهذيب، ج‏1، ص‏156.
7- تذكرة الخواصّ، ص‏145؛ اللهوف، ص‏43.
8- راجع: الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ج‏4، ص‏198.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
119

110

الفصل الثاني: السابقون

 الإمام الحسين عليه السلام فلقيه في الطريق إلى كربلاء فأتى معه وبقي محامياً عنه في كربلاء1.

 
وفي ظهر عاشوراء وبعد الحملات المتوالية للأعداء واستشهاد الكثير من أصحاب الإمام عليه السلام قيل: إنّ أبا ثمامة لمّا رأى الشمس يوم عاشوراء قد زالت وأنّ الحرب قائمة قال للحسين عليه السلام: يا أبا عبد الله نفسي لنفسك الفداء، إنّي أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، ولا والله لا تقتل حتّى أقتل دونك إن شاء الله، وأحبّ أن ألقى الله ربّي وقد صلّيت هذه الصلاة التي دنا وقتها، فرفع الحسين عليه السلام رأسه وقال له: "ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلّين الذاكرين، نعم هذا أوّل وقتها" ثمّ قال: "سلوهم أن يكفّوا عنّا حتّى نصلّي"2.
 
ثمّ إنّ أبا ثمامة الصائديّ بعد أن أقام الصلاة3، تقدّم نحو الإمام الحسين عليه السلام وقال له:"يا أبا عبد الله إنّي قد صمّمت أن ألحق بأصحابي وكرهت أن أتخلّف وأراك وحيداً من أهلك قتيلاً".
 
فأذن له الإمام عليه السلام وقال له: "تقدّم فإنّا لاحقون بك عن ساعة" فتقدّم أبو ثمامة نحو الميدان فقاتل حتّى أثخن بالجراحات، ثمّ استشهد على يد ابن عمّه قيس بن عبد الله الصائديّ.


وأشير إليه في زيارتي الناحية والرجبيّة باسم عمر بن عبد الله الصائديّ4.
 
الأدهم بن أميّة العبديّ البصريّ‏
  1. كان الأدهم من شيعة البصرة5 الذين كانوا يختلفون إلى دار مارية. وخرج للالتحاق بالإمام الحسين عليه السلام مع يزيد بن ثبيط وجمعٍ من أهل البصرة فجاؤوا إلى مكّة والتحقوا به. وقاتل الأدهم في يوم عاشوراء الأعداء ثمّ استشهد6، وعدّه بعضهم من
 
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏120.
2- وقعة الطفّ، ص‏229 و230؛ الكامل في التاريخ، ج‏3، ص‏291.
3- اعتبر بعضهم بأنّه استشهد قبل إقامة الصلاة وبعد استشهاد الحرّ (تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏328).
4- إبصار العين، ص‏121.
5- عدّه بعضهم من صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم (مستدركات علم رجال الحديث، ج‏1، ص‏553).
6- الحدائق الورديّة، ص‏121؛ إبصار العين، ص‏192.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
120

 


111

الفصل الثاني: السابقون

 شهداء الحملة الأولى1، وقد ذكر اسم هذا الشهيد في زيارتي الناحية والرجبيّة2.

 
أسلم بن عمرو التركيّ ← الموالي
 
أميّة بن سعد الطائيّ‏
كان أميّة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام من شيعة الكوفة، وعندما علم بقدوم الإمام الحسين عليه السلام التحق به في كربلاء قبل المعركة واستشهد في يوم عاشوراء3. عدّه بعضهم من أوائل الشهداء الذين استشهدوا في الحملة الأولى4.
 
أنس بن الحارث الكاهليّ ← الصحابة
 
برير بن خضير الهمدانيّ‏
كان برير شيخاً تابعيّاً زاهداً، قارئاً للقرآن من شيوخ القرّاء ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيّين386.
 
وذكر عنه أنّه كان من العبّاد والزهّاد الذين يصومون نهارهم ويقومون ليلهم6.
ولمّا بلغه خبر تحرّك الإمام الحسين عليه السلام سار من الكوفة إلى مكّة والتحق به، ومن ثمّ جاء معه إلى كربلاء7.
 
وقام برير في اليوم التاسع من المحرّم بالذهاب إلى ابن سعد لعرض الموعظة والنصيحة ولمّا دخل عليه الخيمة لم يسلّم عليه، فقال ابن سعد مغضباً: يا أخا همدان ما منعك من السلام عليّ، ألست مسلماً أعرف الله ورسوله وأشهد بشهادة الحقّ؟
 
فقال له برير: "لو كنت عرفت الله ورسوله كما تقول لما خرجت إلى عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تريد قتلهم، وبعد فهذا الفرات يلوح بصفائه ويلج كأنّه بطون الحيّات تشرب 
 
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏121.
2- بحار الأنوار، ج‏45، ص 72، وج‏101، ص‏340.
3- إبصار العين، ص‏198.
4- الحدائق الورديّة، ص‏122.
5- إبصار العين، ص‏121.
6- الفتوح، ص 897.
7- إبصار العين، ص‏121.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
121

112

الفصل الثاني: السابقون

 منه كلاب السواد وخنازيرها وهذا الحسين بن عليّ وإخوته ونساؤه وأهل بيته يموتون عطشاً وقد حلت بينهم وبين ماء الفرات وتزعم أنّك تعرف الله ورسوله".

 
وبعد إقرار ابن سعد بأنّ كلّ من قاتلهم وغصبهم حقّهم هو في النّار لا محالة تكلّم عن الملك والولاية على الريّ، وقال لبرير: أفتشير عليّ أن أترك ولاية الريّ فتكون لغيري فوالله ما أجد نفسي تجيبني لذلك.
 
وبعد هذا الكلام رجع برير إلى الإمام الحسين عليه السلام وقال له: "يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنّ عمر بن سعد قد رضي لقتلك بولاية الريّ"1.


وفي يوم عاشوراء وقبل كلام الإمام الحسين عليه السلام مع أهل الكوفة تكلّم برير معهم إلّا أنّهم سخروا منه ورموه بالسهام2.
 
وبعد استشهاد الحرّ بن يزيد الرياحيّ برز بريرٌ إلى الميدان وهو يرتجز أبياتاً من الشعر فقاتل القوم وحمل عليه بحير بن أوس فضربه بالسيف فقتله، ويذكر ابن أعثم أنّ "بحير" ندم على قتله بعد أن لاموه على ذلك قائلين له: إنّ بريراً كان من عباد الله الصالحين3.
 
بشر بن عمرو بن الأحدوث الحضرميّ
وكان بشر ممّن جاء إلى الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء قبل اليوم العاشر، ولمّا وقع القتال في اليوم العاشر أخبر بشر وهو على تلك الحالة بأسر ابنه بثغر الريّ، فقال ردّاً على ذلك: "عند الله احتسبه ونفسي، ما كنت أحبّ أن يؤسر وأن أبقى بعده".
 
فسمع الإمام الحسين عليه السلام مقالته، فقال له: "رحمك الله أنت في حلٍّ من بيعتي، فاذهب واعمل في فكاك ابنك".
 
فقال له بشر: "أكلتني السباع حيّاً إن أنا فارقتك يا أبا عبد الله".
فقال له الإمام عليه السلام: "فأعطِ ابنك محمّداً - وكان معه - هذه الأثواب البرود يستعين بها في فكاك أخيه".
 
 
 

1- الفتوح، ص‏898.
2- نفس المصدر، ص‏902.
3- نفس المصدر، ص‏905.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
122

113

الفصل الثاني: السابقون

 جنادة بن كعب بن الحرث الأنصاريّ‏

التحق جنادة ومعه زوجته وابنه بالإمام الحسين عليه السلام في مكّة وجاءوا برفقته إلى كربلاء، وفي يوم عاشوراء قتل ستّة عشر رجلاً من الأعداء في الحملة الأولى ثمّ استشهد1(رضوان الله عليه).
 
وقيل: إنّه لمّا برز إلى العدوّ ارتجز هذه الأبيات: 
أَنَا جُنَادَةٌ أَنَا ابْنُ الحَارِثِ                لسْتُ بِخَوَّارٍ وَلا بِنَاكِثِ‏
عَنْ بَيْعَتِي حَتَّى يَقُومَ وَارِثِي            مِنْ فَوْقِ شِلْوٍ فِي الصَّعِيدِ ماكِثِ2
جندب بن حجير الكنديّ 3
 
كان جندب من وجوه الشيعة ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، ترك الكوفة قاصداً نحو الإمام الحسين عليه السلام للالتحاق به فلاقاه في الطريق والتحق به قبل وصول الحرّ بن يزيد وجاء معه إلى كربلاء، وذكر أنّه من أوائل الذين قاتلوا القوم ثمّ استشهد 4(رضوان الله عليه)، ورد اسمه في زيارتي الناحية والرجبيّة5.
 
جون بن حويّ ← الموالي‏
جوين بن مالك التيميّ ← الملتحقون
حارث بن امرئ القيس الكنديّ ← الملتحقون‏
حارث بن نبهان ← الصحابة
 
الحبّاب بن عامر التميميّ
كان الحبّاب من شيعة الكوفة وممّن بايع مسلم بن عقيل فيها، وبعد استشهاد مسلم




1- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏104.
2- الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج‏2، ص‏25.
3- تنقيح المقال، ج‏1، ص‏236؛ وسيلة الدارين، ص‏114؛ نقلاً عن تاريخ ابن عساكر.
4- إبصار العين، ص‏174؛ الحدائق الورديّة، ص‏12.
5- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72، وج‏101، ص‏340.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
124

114

الفصل الثاني: السابقون

 سفير الإمام عليه السلام التحق بركب سيّد الشهداء وجاء مع القافلة إلى كربلاء واستشهد في يوم عاشوراء1. وكان الحبّاب من الشهداء في الحملة الأولى2.

 
حبشيّ بن قيس النهميّ‏
من أحفاد سلمة بن طريف أحد صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، التحق حبشيّ بالإمام الحسين عليه السلام في كربلاء قبل المعركة واستشهد3 بين يدي الإمام عليه السلام.
 
حبيب بن مظاهر ← الصحابة
 
الحجّاج بن بدر التميميّ السعديّ4
وهو من شيعة البصرة، وعندما كتب الإمام الحسين عليه السلام إلى أشراف أهل البصرة يدعوهم إلى نصرته والالتحاق به، كتب إليه يزيد بن مسعود بالجواب5 وأرسله مع الحجّاج الذي كان يتأهّب 

للالتحاق بالإمام عليه السلام ليوصله إليه، ووصل الحجّاج إلى كربلاء وسلّم الرسالة وبقي إلى جانب أبي عبد الله عليه السلام. وفي يوم عاشوراء برز إلى الأعداء وقاتل حتّى نال فيض الشهادة6.
 
الحجّاج بن مسروق المذحجيّ الجعفيّ‏
كان الحجّاج من شيعة الكوفة، وصحب أمير المؤمنين عليه السلام ولمّا خرج الحسين عليه السلام إلى مكّة خرج الحجّاج أيضاً من الكوفة متّجهاً نحو مكّة للقاء الإمام عليه السلام فصحبه وكان مؤذّناً له7.
 
ولمّا وصلوا إلى منزل بني مقاتل رأوا خيمة عبيد الله بن الحرّ الجعفيّ فأرسل الإمام إليه الحجّاج وابن عمّه يزيد بن مغفل الجعفيّ فأتيا الحرّ يدعوانه إلى نصرة الإمام
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏195.
2- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113.
3- الإصابة، ج‏2، ص‏104؛ إبصار العين، ص‏134.
4- ذكر اسمه في الزيارة الرجبيّة بعنوان الحجّاج بن زيد ا/لسعديّ.
5- اشتبه السماويّ في الاعتقاد بأنّ الحجّاج بن بدر كان يحمل رسالة مسعود بن عمرو إلى الإمام عليه السلام .
6- الحدائق الورديّة، ص‏122؛ إبصار العين، ص‏213 و214.
7- إبصار العين، ص‏151.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
125

115

الفصل الثاني: السابقون

 الحسين عليه السلام لكنّه أبى عليهما ذلك1.

ولمّا كان اليوم العاشر من المحرّم تقدّم الحجّاج بن مسروق الجعفيّ إلى الإمام الحسين عليه السلام واستأذنه في القتال فأذن له، فبرز إلى العدوّ يقاتلهم وهو يرتجز أبياتاً من الشعر، ثمّ عاد إلى الإمام أبي عبد 

الله عليه السلام غارقاً بدمائه فأنشده:
 
فَدَتْكَ نَفْسِي هَادِياً مَهْدِيَّ             اليَوْمَ أَلْقَى جَدَّكَ النَّبِيَّا
ثُمَّ أَبَاكَ ذَا النَّدَى عَلِيَّا                ذَاكَ الَّذِي نَعْرِفُهُ الوَصِيَّا
 
فقال له الحسين عليه السلام: "نعم وأنا ألقاهما على إثرك". 
ثمّ رجع الحجّاج مجدّداً إلى الميدان وقاتل حتّى استشهد2، وورد اسمه في زيارتي الناحية والرجبيّة3.
 
حجير بن جندب بن حجير الكنديّ‏
جاء برفقة أبيه جندب إلى محضر الإمام الحسين عليه السلام وفي يوم عاشوراء استشهد وكان من أوائل الشهداء4.
 
الحرّ بن يزيد الرياحيّ ← الملتحقون‏
الحرث بن نبهان ← الموالي‏
الحلّاس بن عمرو الراسبيّ الأزديّ ← الملتحقون ‏
حنظلة بن أسعد الشباميّ ← السفراء
 رافع بن عبد الله← الموالي‏
 
 
 

1- نفس المصدر، ص‏151؛ عبد القادر بن عمر البغداديّ، خزانة الأدب، ج‏2، ص‏158؛ الأخبار الطوال، ص‏250.
2- المناقب، ج‏4، ص‏103؛ إبصار العين، ص‏152.
3- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72، وج‏101، ص‏340.
4- الحدائق الورديّة، ص‏122.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
126

116

الفصل الثاني: السابقون

 زاهر بن عمرو الكنديّ‏

كان زاهر1 بطلاً مجرّباً وشجاعاً مشهوراً ومحبّاً لأهل البيت معروفاً.
وكان صاحب عمرو بن الحمق أحد أصحاب2 أمير المؤمنين عليه السلام المعروفين والبارزين، وعندما خرج عمرو بن الحمق على زياد تابعه زاهر في أفعاله وأقواله فخرج معه، ولمّا طلب معاوية عمرواً طلب معه زاهراً فقتل عمرواً وأفلت زاهر فنجا بنفسه، وحجّ زاهر في سنة ستين للهجرة فالتقى مع الحسين عليه السلام.
 
فصحبه وحضر معه إلى كربلاء،3 وفي يوم عاشوراء استشهد في أثناء الحملة الأولى4.
 
زهير بن سليم الأزديّ ← الملتحقون
زهير بن القين البجليّ ← الملتحقون
 
زياد بن عريب الهمدانيّ الصائديّ‏
كان عريب من صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، واشتهر زياد بكنية أبي عمرة وكان شجاعاً ناسكاً معروفاً بالعبادة حضر إلى كربلاء وبقي مع الحسين عليه السلام، وفي اليوم العاشر من محرّم برز إلى الأعداء فقاتل قتالاً شديداً5 واعترضه عامر بن نهشل فقتله واحتزّ رأسه6.
 
سالم بن عمرو ← الموالي‏
 
 


1- اعتبره البعض على أنّه زاهر بن عمر الأسلميّ أحد أصحاب بيعة الشجرة والمشارك في الحديبيّة وخيبر (مستدركات علم رجال الحديث، ج‏2، ص‏416).
وأمّا الخوئيّ والشوشتريّ فلم يقولا باتحاد زاهر بن عمرو مع زاهر بن عمر الأسلميّ (معجم رجال الحديث، الرقم 4645 و4647؛ قاموس الرجال، ج‏4، ص‏403).
2- معجم رجال الحديث، ج‏7، ص‏214؛ اعتبر البعض نظراً إلى زيارة الناحية بأنّ زاهراً من موالي عمرو بن الحمق؛ إلّا أنّ زاهر هذا (الأسلميّ) وهو عربيّ لا يمكن أن يكون مولى لعمرو وربّما يكون مولى عمرو بن الحمق شخصاً آخر باسم زاهر وهو مختلف عن زاهر بن عمرو (الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏206).
3- إبصار العين، ص‏173.
4- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113؛ بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72، وج‏101، ص‏340.
5- إبصار العين، ص‏134 و135.
6- مثير الأحزان، ص‏57.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
127

117

الفصل الثاني: السابقون

 سالم مولى عامر بن مسلم ← الموالي‏

سعد بن الحرث الأنصاريّ العجلانيّ ← الملتحقون
سعد بن الحرث ← الموالي‏
سعد (سعيد) مولى عمرو بن خالد ← الموالي
 
سعيد بن عبد الله الحنفيّ‏ّ
أحد الشخصيّات البارزة والمعروفة من شيعة الكوفة، كان شجاعاً عابداً، حمل سعيد الرسالة الثالثة من كبار1 أهل الكوفة الذين دعَوا الحسين عليه السلام فأوصلها إليه في مكّة ومن ثمّ أخذ جوابها ورجع إلى الكوفة. ومن بعد هذا الجواب قام الإمام عليه السلام بإرسال مسلم بن عقيل إلى الكوفة422.
 
ومع مجي‏ء مسلم إلى الكوفة كان سعيد أحد الذين وضعوا أنفسهم في خدمته وأعلمه بأنّه حاضرٌ لأن يقدّم نفسه في سبيل نصرة الحسين عليه السلام، واختاره مسلم لإيصال رسالته إلى الإمام عليه السلام فبعثه إليه. ومن ثمّ بقي سعيد مع أبي عبد الله عليه السلام وحضر معه إلى كربلاء، وفي ليلة العاشر من المحرّم لمّا جمع الحسين عليه السلام أصحابه وأحلّهم من بيعته وطلب منهم الرجوع إلى أهليهم تكلّم جمع من بني هاشم والأصحاب ومن ثمّ تكلّم سعيد أيضاً، وممّا قاله للإمام عليه السلام:
"لا والله يا ابن رسول الله لا نخلّيك أبداً حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا فيك وصيّة رسوله محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، ولو علمت أنّي أقتل فيك ثمّ أحيا ثمّ أذرى يفعل ذلك بي سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك، وكيف لا أفعل ذلك؟ وإنّما هي قتلة واحدة ثمّ أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً"3.
 
 
 

1- وأسماء هؤلاء: شبث بن ربعيّ، حجّار بن أبجر، يزيد بن الحرث، يزيد بن رويم، عزرة بن قيس، عمرو بن الحجّاج ومحمّد بن عمير ( إبصار العين، ص‏216).
2- الفتوح، ص‏841.
3- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏315؛ اللهوف، ص‏92.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
128

118

الفصل الثاني: السابقون

 وفي ظهر يوم عاشوراء تقدّم الإمام الحسين عليه السلام لإقامة الصلاة فصلّى بأصحابه صلاة الخوف، فوصل إلى الإمام الحسين عليه السلام سهم فتقدّم سعيد بن عبد الله الحنفيّ ووقف يقيه بنفسه وجعلها 


درعاً للإمام عليه السلام فرماه القوم بسهامهم من كلّ جانب يمنة ويسرة، وكان يستقبل السهام في وجهه وصدره ويديه ومقادم بدنه لئلّا تصيب الحسين عليه السلام حتّى سقط إلى الأرض1.
 
وعلى حدِّ قول ابن طاوس فإنّ ثلاثة عشر سهماً أصابت جسد سعيد سوى ضربات السيوف والرماح2.
 
وعندما خرّ سعيد بن عبد الله صريعاً كان يقول: "أللهم العنهم لعن عاد وثمود، أللهم أبلغ نبيّك عنّي السلام..."
 
ثمّ التفت إلى الحسين عليه السلام فقال: أوفيت يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء الإمام ووقف عند رأسه وقال: "نعم أنت أمامي في الجنّة"، ثمّ فاضت نفسه واستشهد3 (رضوان الله عليه). وقد ورد اسمه في زيارتي الناحية والرجبيّة4.
 
سلمان بن مضارب البجليّ‏
كان سلمان ابن عمّ زهير بن القين وحجّ معه سنة ستّين للهجرة وفي أثناء عودتهما التحقا بالإمام 5عليه السلام واستشهد سلمان بعد صلاة الظهر من يوم عاشوراء6.
 
سليمان بن رزين ← السفراء
 
سوار بن منعم ← الجرحى‏
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏232.
2- اللهوف، ص‏111.
3- اللهوف، ص‏111؛ إبصار العين، ص‏217 و218.
4- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72، وج‏101 ص 340.
5- إبصار العين، ص‏169.
6- الحدائق الورديّة، ص‏122.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
129

119

الفصل الثاني: السابقون

 وأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار1.

واستشهد بشر بن عمرو في الحملة الأولى2، وورد اسمه في زيارتي الناحية والرجبيّة3.
 
بكر بن حيّ التيميّ ← الملتحقون
جابر بن الحجّاج ← الموالي
 
جبلة بن عليّ الشيبانيّ
كان جبلة مقداماً شجاعاً من شجعان أهل الكوفة، قام مع مسلم بن عقيل أوّلاً ثمّ جاء إلى الإمام الحسين عليه السلام ثانياً، واستشهد معه في كربلاء4، وذكر أنّه ممّن استشهد في الحملة الأولى5، وورد 

اسمه في زيارة الناحية أيضاً6.
 
جنادة بن الحرث المذحجيّ السلمانيّ
كان من مشاهير الشيعة ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وكان جنادة قد شارك في قيام مسلم بن عقيل أوّلاً، ولمّا رأى خذلان أهل الكوفة خرج إلى الإمام الحسين عليه السلام مع جماعة من الكوفيّين 

ومانعهم الحرّ ابتداءً من الالتحاق به، ثمّ أخذهم الإمام الحسين عليه السلام وألحقهم بركب الأصحاب. وفي يوم عاشوراء تقدّم جنادة وجماعته فأوغلوا في صفوف الأعداء لكن العدوّ حاصرهم إلّا أن أبا الفضل العبّاس أسرع لنجدتهم وخلّصهم لكنّهم أبوا أن يرجعوا واستمرّوا في القتال حتّى نالوا فيض الشهادة جميعاً في ذلك المكان7.
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏173 و174.
2- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113.
3- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏70.
4- إبصار العين، ص‏215.
5- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113.
6- بحار الأنوار،ج‏45، ص‏72؛ ورد في الزيارة الرجبيّة اسم جبلة بن عبد الله والظاهر أنّه نفس جبلة بن عليّ هذا (بحار الأنوار، ج‏101، ص‏340).
7- إبصار العين، ص‏144.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
130

120

الفصل الثاني: السابقون

 سويد بن عمرو الخثعميّ ← الجرحى‏

سيف بن الحارث بن سريع ← الشباب‏
 
سيف بن مالك العبديّ البصريّ‏
كان سيف من شيعة البصرة وممّن يختلف من الشيعة في دار مارية، خرج مع يزيد بن ثبيط وجمع من البصريّين وتوجّهوا نحو مكّة فالتحقوا بالإمام الحسين عليه السلام وفي يوم عاشوراء وبعد صلاة 

الظهر برز سيف إلى الأعداء وبعد قتال شديد استشهد1 (رضوان الله عليه). وورد اسمه أيضاً في زيارتي الناحية والرجبيّة2.
 
شبيب بن عبد الله النهشليّ‏
اعتبر من جملة أصحاب 3 الإمام الحسين عليه السلام. حضر معه إلى كربلاء واستشهد4 معه (رضوان الله عليه).
 
شبيب ← الموالي‏
شوذب بن عبد الله ← الموالي‏
ضرغامة بن مالك التغلبيّ ← الملتحقون
 
عائذ بن مجمع بن عبد الله العائذيّ
جاء برفقة أبيه مجمع حيث التحقا بالإمام الحسين عليه السلام، وقد أراد الحرّ القبض عليهما ولكن الإمام عليه السلام تدخّل ومنعه من ذلك وحماهما. وبرز عائذ في يوم عاشوراء مع أبيه نحو الأعداء واستشهدا معاً في مكان واحد5.
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏192.
2- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72، وج‏101 ص‏340.
3- رجال الطوسيّ، ص‏101.
4- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏213؛ مستدركات علم رجال الحديث، ج‏4، ص‏19؛ وسيلة الدارين، ص‏155.
5- إبصار العين، ص‏146؛ الحدائق الورديّة، ص‏122.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
130

121

الفصل الثاني: السابقون

 عابس بن أبي شبيب الشاكريّ

كان عابس من رجال الشيعة رئيساً شجاعاً خطيباً ناسكاً متهجّداً1.
وعندما قدم مسلم بن عقيل إلى الكوفة أعلن عابس له عهد الوفاء وخاطب مسلم قائلاً له: "أمّا بعد فإنّي لا أخبرك عن الناس، ولا أعلم ما في أنفسهم وما أغرّك منهم ولكن والله أخبرك بما أنا موطّن نفسي عليه، والله لأجيبنّكم إذا دعوتم لأقاتلنّ معكم عدوّكم ولأضربنّ بسيفي دونكم حتّى ألقى الله لا أريد بذلك إلّا ما عند الله"2.
 
وبعد أحداث الكوفة المؤسفة التحق عابس بسيّد الشهداء عليه السلام وفي يوم عاشوراء وبعد استشهاد غلامه شوذب تقدّم نحو الإمام عليه السلام وقال له: "يا أبا عبد الله، أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريبٌ ولا بعيدٌ أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ منك، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلته. السلام عليك يا أبا عبد الله أشهد أنّي على هداك وهدى أبيك".
 
ثمّ مشى بالسيف مصلتاً نحو القوم وكان شجاعاً إلى الحدّ الذي لم يجرؤ أحدٌ من القوم أن يبرز إليه ليقاتله وجهاً لوجه فنادى عمر بن سعد: ويلكم أرضخوه بالحجارة، فرمي بالحجارة من كلّ جانب فلمّا رأى 

ذلك ألقى درعه وخوذته خلفه وبرز بقميصه نحو جيش ابن سعد ثمّ استشهد 3 (رضوان الله عليه). وقد سلّم الإمام الحجّة (عجّل الله فرجه) عليه في زيارتي الناحية والرجبيّة4.
 
عامر بن مسلم العبديّ البصريّ
كان عامر من الشيعة في البصرة خرج هو وغلامه سالم مع يزيد بن ثبيط وجماعة من البصريّين إلى مكّة والتحقوا بالإمام الحسين عليه السلام، وقاتل عامر5 في كربلاء بين يدي الإمام عليه السلام واستشهد في الحملة الأولى6، سُلم عليه في زيارتي الناحية والرجبيّة7.
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏126.
2- وقعة الطفّ، ص‏100.
3- وقعة الطفّ، ص‏100.
4- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏70.
5- إبصار العين، ص‏191.
6- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113؛ الحدائق الورديّة، ص‏121.
7- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72، وج‏101، ص‏340.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
131

122

الفصل الثاني: السابقون

 عبّاد بن المهاجر بن أبي المهاجر الجهنيّ‏
كان عبّاد مقيماً في منازل جهينة من توابع المدينة، ولمّا عبر الحسين عليه السلام من ذلك المكان تبع الإمام عليه السلام والتحق به، وفي كربلاء برز إلى الأعداء ثمّ استشهد1 (رضوان الله عليه).
 
عبد الأعلى بن يزيد الكلبيّ
كان فارساً شجاعاً من الشيعة كوفيّاً، خرج مع مسلم بن عقيل فيمن خرج فلمّا تخاذل الناس عن مسلم قبض عليه كثير بن شهاب وسلّمه إلى ابن زياد.


وبعد استشهاد مسلم أمر ابن زياد بإحضاره ثمّ أمر بإخراجه إلى جبّانة السبيع وقطع رأسه فاستشهد هناك رحمه الله2.
 
عبد الرحمن بن عبد الله الأرحبيّ‏
أحد الشخصيّات البارزة والمعروفة، كان مقداماً جسوراً، رافق قيس بن مسهّر الصيداويّ في الذهاب إلى مكّة في ضمن الوفد الثاني بالنيابة عن أهل الكوفة حيث حمل ثلاثة وخمسين رسالة3 من كبار 

زعماء قبائلها لإيصالها4 إلى الإمام الحسين عليه السلام، ودخل عبد الرحمن إلى مكّة في الثاني عشر من شهر رمضان وتوجّه للقاء الإمام عليه السلام، ولمّا وجّه الإمام عليه السلام مسلم بن عقيل إلى 

الكوفة سرّح معه عبد الرحمن وآخرين من رسل الكوفة، وبعد الأحداث المريرة التي وقعت فيها رجع عبد الرحمن إلى الإمام عليه السلام وصار من جملة أصحابه.
 
وفي اليوم العاشر من المحرّم استأذن الإمام عليه السلام في النزول إلى الميدان فأذن له فتقدّم نحو الأعداء يضربهم بسيفه ويرتجز الشعر، وقاتل حتّى استشهد5، وورد السلام عليه في زيارتي الناحية والرجبيّة6.
 
 
 

1- الحدائق الورديّة، ص‏122؛ إبصار العين، ص‏182.
2- وقعة الطفّ، ص‏143؛ إبصار العين، ص‏182.
3- اعتقد البعض بأنّ عدد الرسائل كان مائة وخمسين رسالة (تذكرة الخواصّ، ص‏224).
4- الأخبار الطوال، ص‏229؛ الوفد الأوّل لأهل الكوفة ضمّ أفراداً مثل عبد الله بن سبع وعبد الله بن وال. وضمّ الوفد الثاني قيس بن مسهّر وعبد الرحمن الأرحبيّ، وفي المرحلة الثالثة أرسلوا وفداً إلى الإمام ضمّ سعيد بن عبد الله الحنفيّ وهانئ بن هانئ، وقد التقت الوفود الثلاثة ببعضها البعض في مكّة (إبصار العين، ص‏132).
5- الأخبار الطوال، ص‏229.
6- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏70.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
132

123

الفصل الثاني: السابقون

 عبد الرحمن بن عبد ربّ الأنصاريّ ← الصحابة

 
عبد الرحمن بن عروة الغفاريّ
هو ابن عروة1 بن حراق، وكان جدّه حراق من أصحاب2 أمير المؤمنين عليه السلام.
وجاء عبد الرحمن ومعه أخوه عبد الله وكانا من أشراف أهل الكوفة ووجهائها إلى كربلاء وصحبا الإمام الحسين عليه السلام، وفي يوم عاشوراء تقدّم عبد الرحمن مع أخيه لمّا رأيا تسابق الأصحاب للقتال والنزول إلى الميدان، تقدّما إلى الإمام الحسين عليه السلام وقالا له:"يا أبا عبد الله السلام عليك، حازنا العدوّ إليك فأحببنا أن نقتل بين يديك نمنعك وندفع عنك".
 
فقال الإمام عليه السلام: "مرحباً بكما، أُدنوا منّي"، فدنوا منه وجعلا يقاتلان بقربه، وكان عبد الرحمن يرتجز ويقول: 
قَدْ عَلِمَتْ حَقّاً بَنُو غَفَّارِ              وَخِنْدَفٍ بَعْدَ بَنِي نِزَارِ
لأَضْرِبَنَّ مَعْشَرَ الأَشْرِارِ              بِالمَشْرِفِيِّ الصَّارِمِ البَتَّارِ3
 
وقاتل عبد الرحمن وأخوه بحضور الإمام عليه السلام قتالاً شديداً حتّى استشهدا4، وورد اسم عبد الرحمن في زيارتي الناحية والرجبيّة5.


عبد الرحمن بن مسعود بن الحجّاج ← الملتحقون
عبد الله بن بشر الخثعميّ ← الملتحقون
 
عبد الله بن عروة الغفاريّ‏
جاء عبد الله برفقة أخيه عبد الرحمن إلى كربلاء وصحبا الحسين عليه السلام، وفي يوم
 
 
 

1- أو "عزره" (وقعة الطفّ، ص‏234).
2- إبصار العين، ص‏175.
3- الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج‏2، ص‏26.
4- وقعة الطفّ، ص‏234 و235؛ إبصار العين، ص‏175.
5- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏71 وج‏101، ص‏340.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
133

124

الفصل الثاني: السابقون

 عاشوراء وبعد الاستئذان من الإمام عليه السلام قاتلا معاً ومن ثمّ استشهدا معاً1، ورد اسم عبد الله في زيارتي الناحية والرجبيّة2.

 
عبد الله بن عمير الكلبيّ
كان رجلاً أسمر (آدم) طويل القامة شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين.


وكان عبد الله مشهوراً بالبطولة والشجاعة والشرف، نزل الكوفة وسكن بها، ولمّا رأى القوم في النخيلة يتجهّزون للالتحاق بالإمام أبي عبد الله عليه السلام وعرف بأمرهم قال: "والله لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصاً وإنّي لأرجو ألّا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيّهم أيسر ثواباً عند الله من ثوابه إيّاي في جهاد المشركين".
 
ودخل إلى امرأته وأخبرها بما سمع وأعلمها بما يريد فقالت له: أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك افعل وأخرجني معك، قيل: فخرج من الكوفة ليلاً وأخرج معه زوجته أمّ وهب حتّى أتيا إلى الحسين عليه السلام، وفي يوم عاشوراء لمّا رمى ابن سعد أوّل السهام مبتدئاً القتال خرج اثنان من جيش الأعداء يطلبان مبارزة الأقران لهما، فوثب حبيب وبرير إلّا أنّ الإمام الحسين عليه السلام قال لهما: "اجلسا"، فقام عبد الله بن عمير من مكانه واستأذن الإمام عليه السلام في الخروج إليهما فلمّا رأى قامته الطويلة قال: "إنّي أحسبه للأقران قتّالاً"، فأذن له وتوجّه ابن عمير نحو الرجلين وقتلهما بعد أن قطعت أصابع يده اليسرى.
 
ومن ثمّ رجع نحو الحسين عليه السلام، وظلّ يقاتل عبد الله في ميسرة الإمام عليه السلام إلى أن استشهد3 على يدي هانئ بنت ثبيت الحضرميّ وبكير بن حيّ التميميّ، ورد السلام عليه في زيارتي الناحية والرجبيّة4.
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏234 و235؛ الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج‏2، ص‏27؛ إبصار العين، ص‏175.
2- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏71 وج‏101، ص‏340. 
3- إبصار العين، ص180 و181.
4- بحار الأنوار، ج45، ص71 وج 101، ص340.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
134

125

الفصل الثاني: السابقون

 عبد الله بن يزيد العبديّ البصريّ

جاء برفقة أبيه وأخيه عبيد الله من البصرة إلى مكّة والتحق بالإمام عليه السلام وفي كربلاء استشهد في الحملة الأولى1.
 
عبد الله بن يقطر ← السفراء
 
عبيد الله بن يزيد العبديّ البصريّ‏
جاء برفقة أبيه يزيد بن ثبيط وأخيه عبد الله من البصرة إلى مكّة والتحق بالإمام الحسين عليه السلام، وفي يوم عاشوراء استشهد في الحملة الأولى2.
 
عقبة بن سمعان ← الموالي‏
 
عقبة بن الصلت الجهنيّ‏
كان عقبة من أهالي جهينة، ولمّا عبر الحسين عليه السلام من تلك المنطقة صحب الإمام عليه السلام وجاء معه إلى كربلاء واستشهد في يوم عاشوراء3.
 
عمّار بن حسّان الطائيّ‏
كان عمّار من الشيعة المخلصين في الولاء ومن الشجعان المعروفين وكان أبوه حسّان بن شريح من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام واستشهد معه في معركة صفّين.


وكان عمّار قد صحب الإمام الحسين عليه السلام من مكّة، وقاتل في يوم عاشوراء بين يدي الإمام حتّى استشهد4.
وذكر أنّه من شهداء الحملة الأولى5، ورد السلام على هذا الشهيد الهمام في زيارتي الناحية والرجبيّة6.
 
 
 
 

1- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113؛ إبصار العين، ص‏189 و190؛ راجع: تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
2- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113.
3- الحدائق الورديّة، ص‏122؛ إبصار العين ص‏201؛ راجع: تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
4- تنقيح المقال، ج‏2، ص‏17؛ إبصار العين، ص‏197.
5- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113.
6- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72 وج‏101، ص‏340؛ راجع: تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
135

126

الفصل الثاني: السابقون

 عمّار بن أبي سلامة الدالانيّ  ← الصحابة

 
عمارة بن صلخب الأزديّ‏
كان عمارة بن صلخب من شيعة الكوفة وعند خروج مسلم بن عقيل في الكوفة بايعه وخرج معه وقبض عليه محمّد بن الأشعث1، وبعد استشهاد مسلم أمر ابن زياد بأن يؤخذ إلى قومه ويضرب عنقه2. فانطلقوا به إلى الأزد وضربت عنقه.
 
عمرو بن جنادة الأنصاريّ الخزرجيّ ← الأطفال والشباب
 
عمرو بن خالد الأسديّ الصيداويّ
كان عمرو شريفاً في الكوفة ومن الشخصيّات المعروفة فيها وكان شيعيّاً مخلص الولاء لأهل البيت عليهم السلام، قام مع مسلم بن عقيل حتّى إذا خانته أهل الكوفة لم يسعه إلّا الاختفاء، ولمّا سمع بقتل قيس بن مسهّر وأنّه أخبر أنّ الحسين عليه السلام قد بدأ تحرّكه، سار إليه مع جماعة من الشيعة ومعه غلامه وكان دليلهم الطرماح بن عديّ الطائيّ فالتحقوا به في منزل عذيب الهجانات.
 
ولمّا رآهم الحرّ أراد القبض عليهم إلّا أنّه جوبه برفض الإمام عليه السلام الشديد وتأكيده في الدفاع عنهم، فكفّ عنهم الحرّ. وفي يوم عاشوراء حمل وجماعته على القوم فحاصروهم فهبّ إليهم أبو الفضل 

العبّاس فاستخلصهم، وفي منتصف الطريق عاود العدوّ هجومه عليهم فشدّ عمرو وأصحابه عليهم وقاتلوا قتالاً شديداً حتّى استشهدوا جميعاً،3 ورد اسم عمرو في زيارتي الناحية والرجبيّة4.
 
عمرو بن ضبعة الضبعيّ  ← الملتحقون ‏
عمرو بن قرضة الأنصاريّ ← السفراء
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏125.
2- نفس المصدر، ص‏143.
3- إبصار العين، ص‏115 و116؛ راجع: تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
4- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72 وج‏101، ص‏340.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
139

127

الفصل الثاني: السابقون

 مقسط بن زهير التغلبيّ‏

أحد أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، شارك معه في حروبه أيّام خلافته ولا سيّما في معركة صفّين، وعدّ أيضاً من جملة أصحاب الإمام الحسن عليه السلام، كان مقيماً في الكوفة، ومع ورود الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء، جاء مقسط مع أخويه الآخرين كردوس وقاسط من الكوفة ليلاً والتحقوا بالإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، وفي يوم عاشوراء برزوا نحو الأعداء وقاتلوا حتّى استشهدوا جميعاً1. اعتبر مقسط من جملة شهداء الحملة الأولى2.
 
منجح بن سهم (مولى الحسن) ← الموالي‏
الموقع بن ثمامة الأسديّ الصيداويّ ← الجرحى‏
نافع بن هلال الجمليّ ← الأسرى‏
نصر بن أبي نيزر ← الموالي‏
نعمان بن عمرو الأزديّ الراسبيّ ← الملتحقون
 
نعيم بن العجلان الخزرجيّ‏
من شجعان أهل الكوفة وشعرائها، وكان من صحابة أمير المؤمنين عليه السلام وقاتل بين يديه في صفّين3، ولمّا ورد الحسين عليه السلام إلى العراق خرج نعيم إليه وصار معه، ولمّا كان اليوم العاشر من المحرّم تقدّم إلى القتال واستشهد في الحملة الأولى4، ورد السلام عليه في زيارتي الناحية والرجبيّة5.
 
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏200.
2- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏267.
3- كان لنعيم أخوان هما: النضر والنعمان، وهما من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً، وقد توفّيا في الكوفة قبل سنة إحدى وستّين للهجرة (إبصار العين، ص‏158).
4- إبصار العين، ص‏158.
5- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72 وج‏101، ص‏340؛ راجع: تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
140

128

الفصل الثاني: السابقون

 واضح التركيّ ← الموالي‏

وهب بن وهب  ← الأسرى‏
هانئ بن عروة المراديّ ← الصحابة
 
الهفهاف بن مهنّد الراسبيّ البصريّ‏
من شيعة البصرة الشجعان ومن فرسانها، وأحد أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، شارك معه في حروبه، خرج من البصرة ملتحقاً بالإمام الحسين عليه السلام فوصل كربلاء عصر اليوم العاشر وعندما سأل جندَ ابن سعد عن الخبر وأين الإمام الحسين عليه السلام، فقالوا له من أنت؟ فقال: أنا الهفهاف جئت لنصرة الحسين عليه السلام، فقالوا له: قد قتلنا الحسين عليه السلام وأصحابه وأنصاره وكلّ من لحق به وانضمّ إليه... وأما ترى هجوم القوم على المخيّم وسلبهم بنات رسول الله وإحراق الخيام... فلمّا سمع الهفهاف مقالتهم انتضى سيفه وشدّ عليهم يضربهم بسيفه فقتل منهم مقتلة عظيمة وأثخن بالجراح، فصاح عمر بن سعد أن احملوا عليه من كلّ جانب فحاصروه حتّى استشهد1.
 
يزيد بن ثبيط العبديّ البصريّ 2
كان يزيد من شيعة البصرة وكبير قومه، من أصحاب أبي الأسود الدؤليّ وكان ابن ثبيط هذا يتردّد إلى دار مارية حيث كان مركزاً لاجتماعات الشيعة في البصرة يتحدّثون فيه، وعندما اطلع بشكل دقيق على أحداث تحرّك الإمام الحسين عليه السلام صمّم على الالتحاق به وأخبر بذلك أبناءه العشرة ودعاهم إلى الخروج معه، فأجابه إلى دعوته ولداه عبد الله وعبيد الله، ثمّ إنّ يزيد بن ثبيط قام في بيت مارية بدعوة الشيعة إلى الخروج معه أيضاً إلّا أنّهم تعلّلوا له بالخوف من أصحاب ابن زياد ولم يجيبوه على دعوته.
 
ثمّ خرج ومعه ابناه ومولى له ومعه اثنان آخران هما: سيف بن مالك والأدهم تاركاً
 
 
 

1- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏156؛ وسيلة الدارين، ص‏203، الحدائق الورديّة، ص‏122؛ مستدركات علم رجال الحديث، ج‏8، ص‏162؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏321 و352.
2- ورد في الزيارة الناحية اسم زيد بن ثبيت القيسيّ واسم ولديه عبد الله وعبيد الله والظاهر أنّه نفس يزيد هذا.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
141

129

الفصل الثاني: السابقون

 البصرة وقاصداً نحو مكّة سالكاً طريق الصحراء القاحلة والموحشة، حتّى وصل إلى أرض الوحي وانتهى إلى الإمام الحسين عليه السلام وهو بالأبطح فاستراح يزيد بن ثبيط في رحله، ثمّ خرج إلى منزل الإمام الحسين عليه السلام، وبلغ الحسين عليه السلام مجيئه فجعل يطلبه حتّى جاء إلى رحله فقيل له: قد خرج إلى منزلك، فجلس الحسين عليه السلام في رحل يزيد بن ثبيط ينتظره، وأقبل يزيد لمّا لم يجد الحسين عليه السلام في منزله وسمع أنّه ذهب إليه راجعاً على أثره، فلمّا رأى الحسين عليه السلام في رحله أعرب عن فرحه وسروره بذكر هذه الآية: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾1.



ثمّ سلّم عليه وجلس إلى جانبه وأخبره بما جرى معه وبالذي جاء له، فدعا له الحسين عليه السلام بخير، ثمّ ضمّ يزيد رحله إلى رحل الإمام عليه السلام وتوجّه معه إلى كربلاء، وفي يوم عاشوراء وبعد مبارزة الأقران وجهاً لوجه استشهد2 (رضوان الله عليه).
 
يزيد بن زياد بن مهاجر الكنديّ ← الملتحقون
 
يزيد بن مغفل الجعفيّ‏
كان يزيد بن مغفل أحد الشجعان من الشيعة والشعراء المجيدين، وعُرف بأنّه من أصحاب الإمام عليّ عليه السلام، حارب معه في صفّين، وبعثه في حرب "الخريت" الذي كان من الخوارج3.
 
وقد رافق الإمام الحسين عليه السلام منذ خروجه من مكّة وبقي معه، وفي منزل بني مقاتل أرسله الإمام عليه السلام مع ابن عمّه الحجّاج بن مسروق الجعفيّ إلى خيمة عبيد الله بن الحرّ لابلاغه دعوة الإمام 

عليه السلام للالتحاق به فلم يقبل ابن الحرّ بذلك4.
 
ومع شروع القتال في اليوم العاشر طلب يزيد بن مغفل الإذن من الإمام أبي عبد الله عليه السلام للنزول إلى الميدان وقتال الأعداء فبرز إليهم وهو يرتجز الشعر، فقاتل قتالاً عظيماً حتّى استشهد5.
 
 


1- يونس، : 58.
2- مناقب آل أبي طا/لب، ج‏4، ص‏113؛ إبصار العين، ص‏189 و190؛ راجع: تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
3- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏292؛ إبصار العين، ص‏153.
4- خزانة الأدب، ج‏2، ص‏158.
5- إبصار العين، ص‏154؛ تنقيح المقال، ج‏3، ص‏328.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
142

130

الفصل الثاني: السابقون

 تذكير



ورد في بعض المتون التاريخيّة أسماء بعض الأفراد والشخصيّات على أنّها من شهداء كربلاء وأغلب تلك الأسماء غير مشهورة ولا معروفة1.
 
وسوف نذكر في هذا المجال فقط أسماء هؤلاء الأشخاص:
إبراهيم بن الحصين الأسديّ2، أبو الهياج3، أنيس بن معقل4، بدر بن رقيط5، جابر بن عروة الغفاريّ6، جبلة بن عبد الله7، جعبة بن قيس بن مسلمة8.


حماد بن حماد الخزاعيّ، حنظلة بن عمرو الشيبانيّ9، الحنوف بن الحارث10، حيّان بن الحارث السلمانيّ الأزديّ11، خالد بن عمرو بن خالد الأزديّ12، دارم بن عبد الله الصائديّ13، ربيعة بن خوط14، رميث بن عمرو15، زائدة بن مهاجر16.
 
 


1- بل إنّ بعض الأسماء قد صُحّفت أيضاً فورد مثلاً اسم عمرو بدلاً عن عمر واسم عبد الله بدلاً عن عبيد الله والعكس كذلك.
2- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏105.
3- الإصابة، ج‏4، ص‏80.
4- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏103.
5- ورد السلام عليه وعلى ولديه عبد الله وعبيد الله في الزيارة الرجبيّة (بحار الأنوار، ج‏101، ص‏340)؛ وحيث إنّه لم يكن في كربلاء سوى أخوين باسم عبد الله وعبيد الله وهما ابنا يزيد بن ثبيط، قيل: إنّ هذا الاسم قد صحّف فيه (الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏343).
6- مستدركات علم رجال الحديث، ج‏2، ص‏103.
7- ورد اسمه في الزيارة الرجبيّة (بحار الأنوار، ج‏101، ص‏340). وقيل: إنّه تصحيف جبلة بن عليّ الشيبانيّ. 
8- الإصابة، ج‏3، ص‏285.
9- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113.
10- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
11- ورد اسمه في زيارة الناحية (بحار الأنوار، ج‏101، ص‏273). وفي بعض النسخ ورد اسمه الحبّاب بن الحارث السلمانيّ الأزديّ (بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72) وقيل: إنّ المراد هو جنادة بن الحارث (الحرث) السلمانيّ (رجال الطوسيّ، ص‏99؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏353).
12- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏101.
13- جمهرة أنساب العرب، ص‏395.
14- ذخيرة الدارين، ص‏188.
15- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏78.
16- الزيارة الرجبيّة؛ ومن الممكن أن يكون يزيد بن زياد بن مهاصر (الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏353).

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
143

131

الفصل الثاني: السابقون

 زهير بن بشر الخثعميّ1، زهير بن سائب2، زهير بن سلمان3، زيد بن معقل4، سعد بن حنظلة بن التميميّ5، سليمان بن ربيعة6، سليمان بن سليمان الأزديّ7، سليمان بن عون الحضرميّ،8 سويد مولى شاكر9، شبيب بن جراد الكلابيّ10، ضياب بن عامر11، عامر بن جليدة12، عامر بن حسّان13، عامر بن مالك14.

 
عبد الرحمن بن عبد الله اليزنيّ15، عبد الرحمن بن يزيد16، عبد الله بن عمرو بن عيّاش بن قيس17، عبد الله بن قيس18، عبيد الله بن قيس19، عثمان بن فروة20، عمران ابن كعب21، عمر بن كناد22، عمرو بن مطالع الجعفيّ23، عمير بن عبد الله
 
 
 
 

1- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113؛ ورد في الزيارة الرجبيّة بعنوان زهير بن بشير، وفي التاريخ لم يذكر سوى اسم عبد الله بن بشر الخثعميّ.
2- الزيارة الرجبيّة.
3- الزيارة الرجبيّة، وقيل: إنّه زهير بن سليم.
4- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏78؛ وقيل: إنّه يزيد بن مغفل.
5- الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج‏2، ص‏17.
6- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
7- الزيارة الرجبيّة.
8- نفس المصدر.
9- قيل: إنّ المراد منه نفس شوذب مولى شاكر.
10- وسيلة الدارين، ص‏157؛ تنقيح المقال، ج‏2، ص‏80.
11- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153؛ قيل: إنّه الحبّاب بن عامر.
12- الزيارة الرجبيّة.
13- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
14- الزيارة الرجبيّة.
15- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏101.
16- الزيارة الرجبيّة.
17- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
18- نفس المصدر.
19- نفس المصدر.
20- الزيارة الرجبيّة.
21- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153؛ عمر بن أبي كعب قيل: إنّه أبو ثمامة حيث إنّ اسمه عمر بن عبد الله بن كعب.
22- الزيارة الرجبيّة.
23- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏102؛ وقيل أيضاً: عمرو وعمران بن كعب بن أبي كعب، وقيل: إنّه نفس عمر بن أبي كعب، (نفس المصدر، ص‏113، مستدركات علم رجال الحديث، ج‏6، ص‏75 و108).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
144

132

الفصل الثاني: السابقون

 المذحجيّ1، غيلان بن عبد الرحمن2، قاسم بن بشر3.

 
قيس بن عبد الله الهمدانيّ4، كثير بن عبد الله5، مالك بن دودان6، مسلم بن كناد7، منيع بن زياد8، هلال بن الحجّاج9، همام بن سلمة القانصيّ10، يحيى بن سليم المازنيّ11، يحيى بن هانئ بن عروة12، يزيد بن الحصين الهمدانيّ المشرقيّ13، ويزيد بن عبد الله14.
 
 
 
 
 

1- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏101.
2- الزيارة الرجبيّة.
3- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
4- الزيارة الرجبيّة.
5- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
6- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113.
7- الزيارة الرجبيّة.
8- نفس المصدر.
9- الصدوق، الأمالي، ص‏137؛ اعتبر البعض أنّه تصحيف نافع بن هلال وذلك للرجز الذي قاله في الميدان (الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏342).
10- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
11- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏102.
12- تنقيح المقال، ج‏3د ص‏322.
13- نفس المصدر، ص‏325؛ قيل: إنّه تصحيف "برير بـ حضير" (قاموس الرجال، ج‏2، ص‏294).
14- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
145

133

الفصل الثالث: الملتحقون

 مثّلت كربلاء ساحة التغيير والانقلاب إذ نرى في أصحاب الإمام الحسين عليه السلام وأنصاره بعض الشخصيّات والوجوه التي تغيّر حالها وتبدّلت وجهتها فانقلبوا من الذلّة إلى العزّة وشكّل هؤلاء عنوان:"الملتحقون" في ثورة عاشوراء.

 
إنّ مسير التحوّل لبعض الكوفيّين إلى معسكر الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء استمرّ حتّى ظهر اليوم العاشر من المحرّم، فالبعض منهم التحق به بعد أن ردّ ابن سعد طلب الإمام الحسين عليه السلام 

وبعد تصميم الكوفيّين على الحرب والقتال1، والتحق به آخرون في ظلمة ليل عاشوراء2.
 
والتحقت جماعة كبيرة بالإمام أبي عبد الله عليه السلام بعد التحاق الحرّ بن يزيد بمعسكر الحسين3.
 
وعلى حدّ قول ابن طاووس فإنّ اثنين وثلاثين رجلاً من جيش ابن سعد التحقوا بالإمام الحسين عليه السلام4.
 
ويؤكّد الأندلسيّ ذلك بقوله: إنّ ثلاثين رجلاً من جيش ابن سعد التحقوا بالإمام عليه السلام في يوم عاشوراء5.
 
إلّا أنّ ما يمكن الاستناد إليه هو أنّ أوج التغيير والتحوّل قد تمّ في ليلة العاشر من
 
 
 

1- إبصار العين،ص194، وسيلة الدارين،ص116/117.
2- إبصار العين،ص186/187/194.
3- يرى البعض أنّ التحاق الأصحاب كان بعد التحاق الحرّ.(حياة الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام ج 3 ص 198)، نعم التحاق الحرّ كان من الأسباب الأشدّ تأثيراً في التحاق بعض الأصحاب، لكن هذا ليس معناه أنّ جميع الملتحقين التحقوا بالإمام بعد الحرّ.
4- اللهوف،ص94.
5- العقد الفريد،ج5ص128.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
149

134

الفصل الثالث: الملتحقون

 المحرّم حيث إنّ الرجل والرجلين من جيش ابن سعد كانوا يتسلّلون في ظلمة الليل من معسكره إلى معسكر الإمام الحسين عليه السلام، واستمرّ هذا الأمر حتّى يوم عاشوراء، وكما يقول السماويّ: فإنّ عددهم وصل إلى ثلاثين رجلاً1.

 
وقد أشير في المتون التاريخيّة إلى هذه الأسماء الملتحقة بطريق الخلاص والنجاة:
 
أبو الحتوف بن الحرث الأنصاريّ العجلانيّ‏
وكان قبل ذلك خارجيّاً2، وبهذه الخلفيّة خرج مع أخيه سعد بصحبة عمر بن سعد وقدما معه إلى كربلاء، وفي عصر عاشوراء وبعد استشهاد أصحاب الإمام الحسين عليه السلام وعندما نادى بأعلى صوته "ألا ناصرٌ فينصرنا" وسمعته النساء والأطفال من أهل البيت فتصارخن وبكين، سمع أبو الحتوف نداء الإمام عليه السلام وبكاء النساء من أهل البيت عليه السلام وعياله فانقلب حاله والتحق مع أخيه سعد بالإمام عليه السلام، ومالا بسيفيهما على أعدائه حتّى قتلا جماعة، ثمّ استشهدا3.
 
بكر بن حيّ التميميّ‏
كان بكر ممّن خرج مع ابن سعد لقتال الإمام عليه السلام في كربلاء، وفي يوم عاشوراء وبعد أن اشتعل فتيل الحرب والقتال التحق بالإمام الحسين عليه السلام4، واستشهد في الحملة الأولى للأعداء5.
 
جوين بن مالك التميميّ‏
خرج مع جيش ابن سعد إلى كربلاء، ولمّا صمّم العدوّ على قتال الحسين عليه السلام التحق ليلاً بالإمام عليه السلام، واستشهد في يوم عاشوراء6، وعدّ من جملة شهداء الحملة الأولى7، ورد السلام عليه في زيارتي الناحية والرجبيّة8.

 
 

1- إبصار العين،ص30/31.
2- نفس المصدر، ص‏159؛ لم يقبل البعض بهذه النسبة (قاموس الرجال، ج‏5، ص‏28).
3- إبصار العين، ص‏159؛ الحدائق الورديّة، ص‏122؛ تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏154.
4- إبصار العين، ص‏194.
5- الحدائق الورديّة، ص‏122؛ راجع: تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
6- إبصار العين، ص‏194.
7- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113.
8- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72. وج101، ص273.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
150

135

الفصل الثالث: الملتحقون

 الحارث بن امرئ القيس الكنديّ‏

كان الحارث من الرجال الشجعان، وممّن له مكانة في جيش ابن سعد، وفي يوم عاشوراء لمّا ردّوا على الحسين عليه السلام كلامه وصمّموا على قتله مال معه وقاتل حتّى استشهد1.
 
الحرّ بن يزيد الرياحيّ‏
من الشخصيّات البارزة في الكوفة وأحد رؤسائها، أرسله ابن سعد أميراً على ألف فارس لاعتراض الإمام الحسين فلقيه في منطقة (ذو حسم).
 
وأمر الإمام الحسين عليه السلام بإرواء الحرّ وجيشه وخيولهم، وبعد إقامة صلاة الظهر والعصر تكلّم الحسين عليه السلام مع الحرّ حول دعوة أهل الكوفة وسبب مجيئه، فقال الحرّ: بأنّه لا علم له بدعوتهم، وأخبر الإمام عليه السلام بتصميمه على ملازمته وتسليمه لابن زياد، ومنعه من السير إلى المدينة، وطال الكلام بينهما إلى أن قرّر بأن يتّخذ الحسين مسيراً غير الكوفة والمدينة، وأرسل الحرّ بن يزيد رسالة إلى ابن زياد منتظراً منه الجواب2.
 
وفي منزل (عذيب الهجانات) أراد أربعة رجالٍ من أهل الكوفة الالتحاق بالإمام عليه السلام فصمّم الحرّ على اعتقالهم لكن الإمام الحسين عليه السلام نهض للدفاع عنهم وقال للحرّ: "لأمنعنّهم ممّا أمنع به نفسي، إنّما هؤلاء أنصاريّ وأعواني وقد كنت أعطيتني ألّا تعرض لي بشي‏ء حتّى يأتيك كتاب من ابن زياد"، فتراجع الحرّ وكفّ عنهم3.
 
وعندما خرج الإمام عليه السلام من قصر بني مقاتل ووصل إلى نينوى وصل رسول ابن زياد إلى الحرّ وسلّمه رسالته التي يطلب فيها من الحرّ أن يجعجع بالحسين عليه السلام ويمنعه المسير حتّى ينتظر أمره فيما بعد، فنفّذ الحرّ ذلك إلى أن جاء ابن سعد مع جيش الكوفة إلى كربلاء4.
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏173؛ الحدائق الورديّة، ص‏122.
2- وقعة الطفّ، ص‏171.
3- نفس المصد، ص‏173 و174.
4- نفس المصدر، ص‏177.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
151

136

الفصل الثالث: الملتحقون

 وفي يوم عاشوراء لمّا عزم الكوفيّون على الحرب والقتال سأل الحرّ ابن سعد: أمقاتلٌ أنت هذا الرجل؟! فأبلغه ابن سعد بعزمه على ذلك.

 
وفي تلك الأثناء صمّم الحرّ على الالتحاق بالإمام الحسين عليه السلام وأقبل حتّى وقف من الناس موقفاً ومعه رجل من قومه يقال له: قرّة بن قيس فقال: "يا قرّة هل سقيت فرسك اليوم؟" فقال له: لا، قال له: "فما تريد أن تسقيه"؟ قال قرّة: فظننت والله أنّه يريد أن يتنحّى فلا يشهد القتال ويكره أن أراه حيث يصنع ذلك، فقلت له: لم أسقه وأنا منطلق فأسقيه1.
 
ولمّا شكّ المهاجر بن أوس بما يفعله الحرّ قال له: ما تريد يا ابن يزيد، أتريد أن تحمل؟... ثمّ قال له: إنّ أمرك لمريب!! والله ما رأيت منك في موقف قطّ مثل هذا، ولو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة؟ ما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟
 
فقال له الحرّ: "إنّي والله أخيّر نفسي بين الجنّة والنّار، فوالله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت وحُرقّت".
 
ثمّ إنّ الحرّ ضرب فرسه فلحق بالحسين عليه السلام2، ولمّا اقترب من خيمة الإمام عليه السلام - وكإشارة منه على ترك الحرب والقتال- خلع درعه وأظهر أنّه قد جاء طالباً الأمان، واقترب إلى الحدّ الذي عرفه الجميع، فسلّم على الإمام وقال له: "جعلني الله فداك يا ابن رسول الله، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق وجعجعت بك في هذا المكان، والله الذي لا إله إلّا هو ما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته عليهم أبداً، ولا يبلغون منك هذه المنزلة... وإنّي تائب إلى الله ممّا صنعت، فترى لي من ذلك توبة؟" فقال له الحسين عليه السلام: "نعم يتوب الله عليك ويغفر لك" 

ثمّ قال له: "أنزل عن فرسك".
 
فقال الحرّ: "أنا لك فارساً خيرٌ منّي راجلاً أقاتلهم على فرسي ساعة"3.
 
ويقول ابن أعثم: لمّا وقف الحرّ بين يدي الحسين عليه السلام، قال له:"يا ابن بنت رسول
 
 


1- وقعة الطف، ص‏213.
2- نفس المصدر، ص‏214.
3- الإرشاد، ج‏2، ص‏99 - 101؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏264.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
152

137

الفصل الثالث: الملتحقون

 الله، كنت أوّل من خرج عليك أفتأذن لي أن أكون أوّل مقتولٍ بين يديك لعلّي أبلغ بذلك درجة الشهداء فألحق بجدّك صلى الله عليه وآله وسلم ؟"1.

 
فقال له الإمام عليه السلام: "فاصنع يرحمك الله ما بدا لك". ومن ثمّ تقدّم الحرّ نحو الميدان وخاطب أهل الكوفة فحمل عليه الأعداء يرمونه بالنبال الكثيرة2.
 
ويدّعي المؤرّخون بأنّ أوّل من تقدّم إلى قتال القوم الحرّ بن يزيد الرياحيّ وهو يرتجز الشعر فقاتلهم ما بين كرٍّ وفرٍّ حتّى عقر فرسه فوقع وبقي الحرّ راجلاً، فجعل يحمل عليهم ويحملون عليه يقاتل قتال الأبطال حتّى هجم عليه جماعة فصرعوه وجرح جراحات بليغة فجي‏ء به نحو الحسين عليه السلام ووضعوه بين يديه وفيه رمق، فأخذ الحسين عليه السلام يمسح بيديه المباركتين وجهه ويقول له: "أنت الحرّ كما سمّتك أمّك حرّاً، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة".
 
وبعد أن سمع الحرّ هذه البشارة من الإمام عليه السلام فاضت روحه3 رضوان الله عليه.
 
الحُلاس بن عمرو الأزديّ الراسبيّ‏
من أهل الكوفة وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أثناء خلافته، وكان الحلاس على شرطته بالكوفة (شرطة الخميس)، خرج مع عمر بن سعد إلى كربلاء، ولمّا ردّ ابن سعد شروط الإمام عليه السلام جاء الحلاس مع أخيه النعمان ليلاً والتحق بالإمام الحسين عليه السلام، وفي يوم العاشر استشهد في الحملة الأولى4.
 
زهير بن سليم الأزديّ‏
لمّا اطلع زهير على عزم ابن سعد بقتل الإمام أبي عبد الله عليه السلام، التحق بالإمام عليه السلام في ليلة العاشر، وفي يوم عاشوراء استشهد في الحملة الأولى5، ورد السلام عليه في زيارة الناحية6.
 
 
 

1- الفتوح، ص‏904.
2- الإرشاد، ج‏2، ص‏99 - 101؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏264 و265.
3- الفتوح، ص‏904 و905.
4- إبصار العين، ص‏187.
5- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113؛ إبصار العين، ص‏186.
6- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
153

138

الفصل الثالث: الملتحقون

 زهير بن القين البجليّ‏

كان رجلاً شجاعاً وشريفاً في قومه وله منزلة عظيمة بينهم، وكان مقيماً عندهم في الكوفة، وفي سنة ستّين للهجرة ذهب مع عياله إلى الحجّ وفي أثناء رجوعه اختار طريقاً أراد به تجنّب مسير ركب الحسين عليه السلام إلى أن نزل في طريقه إلى الكوفة منزلاً وافق فيه الإمام عليه السلام، فلم يكن لزهير بدٌّ من نصب خيمته في جانب المنزل، وأرسل الحسين عليه السلام رسولاً إلى زهير يدعوه فيه لملاقاته فلم يبد ارتياحه لذلك، إلّا أنّ دلهم زوجته رغّبته في ذلك، فأقبل زهير إلى خيمة الإمام عليه السلام ورجع مستبشراً قد أسفر وجهه، وسرّح زوجته إلى موطنها والتحق هو بالإمام الحسين عليه السلام1.
 
وعندما عارض الحرّ بن يزيد الإمام الحسين عليه السلام في الطريق، تكلّم الإمام عليه السلام في أصحابه مبيّناً لهم عاقبة الأمر من سفرهم، وبعد أن أنهى كلامه تكلّم زهير في جمع سائر الأصحاب فقال: "قد سمعنا هداك الله يا ابن رسول الله مقالتك، والله لو كانت الدنيا لنا باقية وكنّا فيها مخلّدين إلّا أنّ فراقها في نصرك ومواساتك، لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها".
 
وبعد أن أنهى كلامه دعا له الحسين عليه السلام2.
 
ومع وصول رسول ابن زياد إلى الحرّ يأمره فيها بتشديد الخناق على الإمام عليه السلام والتضييق عليه، طلب زهير بن القين من الحسين عليه السلام قتال الحرّ ومن معه قائلاً: "يا ابن رسول الله إنّ قتال هؤلاء أهون علينا مِن قتال مَن بعدهم".
 
إلّا أنّ الإمام أبي عبد الله عليه السلام لم يرتض طلبه وقال له: "ما كنت لأبدأهم بقتال حتّى يبتدروني بالقتال وحينها ننهض لدفعهم"3.
 
وفي عصر اليوم التاسع من المحرّم ولمّا تهيّأ العدوّ للحرب والقتال تقدّم زهير وحبيب للكلام معهم ونصيحتهم، وبعد أن تكلّم حبيب مع عزرة بن قيس التفت زهير إلى عزرة محذّراً له من إعانة أهل الضلال على قتل النفوس الزكيّة، فتعجّب عزرة من مواقف زهير في الدفاع عن الإمام الحسين عليه السلام فسأله قائلاً: "يا زهير ما كنت عندنا 
 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص161 و162.
2- إبصار العين، ص‏166.
3- الفتوح، ص‏880.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
154

139

الفصل الثالث: الملتحقون

 من شيعة هذا البيت". فقال له زهير: "أفلا تستدلّ بموقفي هذا على أنّي منهم، أما والله ما كتبت إليه كتاباً قطّ، ولا أرسلت إليه رسولاً قطّ، ولا وعدته نصرتي قطّ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه، فلمّا رأيته ذكرت به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومكانه منه، وعرفت ما يقدم عليه من عدوّه وحزبكم، فرأيت أن أكون في حزبه وأن أجعل نفسي دون نفسه حفظاً لما ضيّعتم من حقّ الله وحقّ رسوله"1.

 
وفي ليلة العاشر من محرّم لمّا أحلّهم الإمام من بيعته وطلب من أصحابه ترك أرض كربلاء تكلّم زهير بعد أن تكلّم بنو هاشم وبعض الأصحاب فقال: "والله لوددّت أنّي قتلت ثمّ نشرت ثمّ قتلت حتّى أقتل كذا ألف قتلة، وأنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك"2.
 
وفي زيارة الناحية وردت الإشارة إلى كلام زهير القائل للحسين لمّا أذن له بالانصراف: "لا والله لا يكون ذلك أبداً، أترك ابن رسول الله أسيراً في يد الأعداء وأنجو؟! لا أراني الله ذلك اليوم"3.
 
وقام الإمام الحسين عليه السلام في اليوم العاشر بتنظيم صفوف أصحابه فجعل زهير بن القين على الميمنة4، وقام زهير بخطوة حسنة حيث أقدم على نصيحة الكوفيّين، وممّا قاله لهم بعد ذلك: "إنّ الله قد ابتلانا وإيّاكم بذريّة نبيّه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم لينظر ما نحن وأنتم عاملون، إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد، فإنّكم لا تدركون منهما إلّا السوء".
 
ثمّ تابع كلامه بإفشاء رذائل الأمويّين ويزيد وابن زياد إلّا أنّ العدوّ صمّم على قتل الإمام عليه السلام، ورماه الشمر بسهم لكنّ زهير استمر بإرشاد القوم والكلام معهم إلى أن جاء رسول الإمام الحسين عليه السلام إليه، وقال له: إنّ أبا عبد الله يقول لك: "أقبل، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والابلاغ".
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏194 و195.
2- إبصار العين، ص‏167.
3- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏71.
4- إبصار العين، ص‏167.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
155

140

الفصل الثالث: الملتحقون

 وحينئذٍ رجع زهير من الميدان1.

 
وعندما هجم الشمر وأصحابه على مخيّم الحسين عليه السلام وأراد إحراق الخيام، حمل زهير بن القين في عشرة من أصحابه وشدّ على الشمر وأصحابه فكشفهم عن الخيام2.
 
ثمّ حمل زهير والحرّ على الأعداء وقاتلا قتالاً شديداً حتّى استشهد الحرّ3، ثمّ صلّى الحسين عليه السلام صلاة الخوف ولمّا فرغ منها رجع زهير مجدّداً إلى القتال فجعل يقاتل قتالاً لم ير مثله ولم يسمع 

بشبهه وأخذ يحمل على القوم وهو يرتجز قائلاً:
أَنَا زُهَيْرٌ وَأَنَا ابْنُ القَيْنِ               أَذُودُكُمْ بِالسَّيْفِ عَنْ حُسَيْنِ‏
 
ثمّ إنّ زهير استشهد على يدي كثير بن عبد الله الشعبيّ والمهاجر بن أوس التميميّ.
ولمّا صرع وقف الحسين عليه السلام عند رأسه فدعا له ولعن قاتليه4.
 
سعد بن الحرث الأنصاريّ العجلانيّ‏
كان سعد كأخيه "أبو الحتوف" من الخوارج5، وقد جاء سعد برفقة عمر بن سعد إلى كربلاء، وفي يوم عاشوراء وفي آخر لحظات عمر الإمام الحسين عليه السلام وعندما سمع استغاثته ونداءه وتظلّمه 

وبكاء النساء والأطفال من أهل البيت عليه السلام تغيّر حاله كما حصل لأخيه، ومال فالتحق بالإمام عليه السلام وقاتل الأعداء في ركاب سيّد الشهداء فقتل جماعة منهم ثمّ استشهد6.
 
ضرغامة بن مالك‏
كان من شيعة الكوفة وممّن بايع مسلماً، خرج ضرغامة مع ابن سعد عندما تحرّك نحو كربلاء لكنّه عاد ومال فيها نحو الإمام الحسين عليه السلام واستشهد معه في يوم عاشوراء بعد صلاة الظهر7، ورد السلام عليه في زيارة الناحية8.
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏167؛ وقعة الطفّ، ص‏213.
2- إبصار العين، ص‏167.
3- الكامل في التاريخ، ج‏3، ص‏292.
4- إبصار العين، ص‏167.
5- نفس المصدر، ص‏159؛ لم يقبل بعضهم بهذه النسبة (قاموس الرجال، ج‏5، ص‏28).
6- إبصار العين، ص‏159؛ الحدائق الورديّة، ص‏122؛ تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏154.
7- نفس المصدر، ص‏199.
8- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏71.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
156

141

الفصل الثالث: الملتحقون

 عبد الرحمن بن مسعود بن الحجّاج‏

كان كأبيه مسعود من الشيعة المعروفين وشجعان الكوفة، جاء عبد الرحمن برفقة أبيه مع جيش ابن سعد إلى كربلاء إلّا أنّه التحق بالإمام عليه السلام قبل بدء القتال واستشهد في الحملة الأولى1.
 
عبد الله بن بشر الخثعميّ‏
كان من الرجال المشهورين والشجعان، حضر مع ابن سعد إلى كربلاء إلّا أنّه التحق قبل بدء القتال بالإمام الحسين عليه السلام واستشهد في الحملة الأولى2.
 
عمرو بن ضبعة الضبعيّ‏
كان فارساً مقداماً3، خرج مع ابن سعد إلى كربلاء، ومن ثمّ التحق هناك بالإمام الحسين عليه السلام واستشهد في يوم عاشوراء في الحملة الأولى4، ورد السلام عليه في زيارتي الناحية والرجبيّة5.
 
القاسم بن حبيب بن أبي بشير الأزديّ‏
كان القاسم من فرسان الشيعة الكوفيّين، خرج مع ابن سعد فلمّا صار في كربلاء مال إلى الإمام الحسين عليه السلام قبل بدء القتال واستشهد في الحملة الأولى6، ورد اسمه في زيارتي الناحية والرجبيّة7.
 
مسعود بن الحجّاج التميميّ‏
كان مسعود وابنه عبد الرحمن من شيعة الكوفة الشجعان حضرا مع ابن سعد إلى
 
 
 
 

1- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113؛ إبصار العين، ص‏194؛ تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
2- إبصار العين، ص‏170.
3- وسيلة الدارين، ص‏105؛ يذكر المؤلّف نقلاً عن العسقلانيّ في الإصابة بأنّ عمرو شارك في معارك النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وكان فارساً شجاعاً.
4- إبصار العين، ص‏194.
5- أنصار الحسين، ص‏92.
6- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏73؛ إبصار العين، ص‏186.
7- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72 وج‏101، ص‏340.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
157

142

الفصل الثالث: الملتحقون

 كربلاء وقبل بدء القتال التحقا بأصحاب الإمام الحسين عليه السلام، استشهد مسعود في الحملة الأولى1، ورد اسمه في زيارتي الناحية والرجبيّة2.

 
الموقع بن ثمامة الصيداويّ  ← الجرحى
 
النعمان بن عمرو الأزديّ الراسبيّ‏
كان النعمان من أهل الكوفة، وكان فيما مضى من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وأحد أعضاء قوّاته الخاصّة (شرطة الخميس)، جاء برفقة ابن سعد إلى كربلاء، ولمّا رُدّت شروط الإمام عليه السلام من قبل ابن سعد التحق النعمان وأخوه الحلاس ليلاً بالإمام الحسين عليه السلام، واستشهد في يوم عاشوراء في الحملة الأولى3.
 
يزيد بن زياد أبو الشعثاء الكنديّ‏
كان يزيد رجلاً شريفاً شجاعاً فاتكاً ومشهوراً بأبي الشعثاء4 وأحد الذين التحقوا بالإمام الحسين عليه السلام، وبالنسبة إلى زمان التحاقه ادعى بعضهم بأنّه كان قبل وصول الحرّ وجيشه5. وذكر بعضهم الآخر بأنّه كان من جملة أصحاب الحرّ. قال ابن أعثم: إنّ أبا الشعثاء كان رجلاً من أصحاب الحرّ عاتب رسول ابن زياد6، حيث إنّ أبا الشعثاء لمّا رأى رسول ابن زياد عند الحرّ عرفه وتكلّم معه بقساوة، وقال له: "لقد عصيت ربّك وأطعت إمامك وأهلكت نفسك واكتسبت عاراً فبئس الإمام إمامك، قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ﴾7" فجعله مصداقاً لهذه الآية8.
 
والظاهر أنّ أبا الشعثاء كان برفقة جيش الحرّ ومن ثمّ في جيش ابن سعد، وعندما
 
 
 

1- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏113؛ إبصار العين، ص‏194.
2- أنصار الحسين عليه السلام ، ص‏92.
3- إبصار العين، ص‏187.
4- إبصار العين، ص‏171.
5- نفس المصدر.
6- الفتوح، ص‏877.
7- سورة القصص، الآية 32.
8- وقعة الطفّ، ص‏178.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
158

143

الفصل الثالث: الملتحقون

 رُدّت اقتراحات الإمام الحسين عليه السلام انفصل عن جيش ابن سعد1.

 
وفي يوم عاشوراء برز أبو الشعثاء إلى الميدان وكان يقاتل من على ظهر فرسه فلمّا عقر الفرس، جاء نحو الإمام عليه السلام فجثا على ركبتيه وكان رامياً ماهراً، فرمى مئة سهمٍ نحو العدوّ وكان الإمام يشجّعه على فعله قائلاً له: "أللهم سدّد رميته واجعل ثوابه الجنّة".
 
وعندما فرغت سهامه قام أبو الشعثاء من مكانه وقال: "ما سقط منها إلّا خمسة أسهم" ومن ثمّ حمل على الأعداء بسيفه وهو يرتجز قائلاً:
 
أَنَا يَزِيدٌ وَأَبِي مُهَاصِرُ               كَأَنَّنِي لَيْثٌ بِخَيْلٍ خَادِرُ 
يَا رَبِّ إِنِّي لِلْحُسَيْنِ نَاصِرُ           وَلِابْنِ سَعْدٍ تَارِكٌ وَهَاجِرُ
 
واستمرّ في القتال حتّى استشهد2 رضوان الله عليه، ورد اسمه في زيارة الناحية3.
 
 
 

1- الكامل في التاريخ، ج‏5، ص‏184.
2- وقعة الطفّ، ص‏238؛ مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏103؛ الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏23؛ إبصار العين، ص‏171 و172؛ تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ، ص‏153.
3- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏72.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
159

144

الفصل الرابع: المتخلّفون

 شهدت ثورة كربلاء بعض الوجوه والشخصيّات ممّن كانت السعادة تحوم في سماء حياتهم ليكون مسيرهم إلى الفردوس، إلّا أنّ سكر طلب الرفاهيّة وعبادة الدنيا والفرار من الموت، وطلب السلطة وتفكير العوام سلب عقولهم وألبابهم وأفكارهم فأخلد كلّ واحد منهم إلى الأرض لسبب ولآخر. فتعلّل بعضهم بالأهل والعيال، والبعض الآخر بالمال، فضربوا بأيديهم على مفتاح باب سعادتهم وفوزهم ولم يجيبوا الإمام عليه السلام في دعوته.

 

 
(شعر) 
الوَرْدَةُ مَهْمَا كَانَتْ فَإِنَّها ذَاتُ جَمِالٍ                             إلَّا أَنَّ حُسْنَها فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ يَؤُولُ لِزَوَالٍ
وَمَعْ المُرُورِ بِالوَرْدَةِ فَإِنَّها فِي كُلِّ ربيعٍ جَديدٍ                  تَضْحَكُ عَلَيْكَ لا لَكَ فَكُنْ ذَا غِيرَةٍ وَحَيَاء 1
 
إنّ التدقيق في سيرة وحياة كلّ واحد من هؤلاء المتخلفين والأفراد الناقصين، سواء كان من النخب السياسيّة للأمّة في ذلك الوقت أو من هو دون ذلك في المرتبة والمقام يرشدنا إلى بدايات السقوط لحياة هؤلاء ويبرهن لنا عاقبة السوء لردّ دعوة الإمام عليه السلام.
 
وفي هذا الفصل سوف نشير فقط إلى تلك الوجوه والشخصيّات التي قام الإمام الحسين عليه السلام بدعوتها للالتحاق به والحضور في جملة أصحابه وأنصاره،
 
 
 
 

1- ترجمة أبيات بالفارسيّة للعطّار النيشابوريّ، منطق الطير، ص‏43.
گل اگر چه هست بس صاحب جمال         حسن او در هفته اى گيرد زوال
در گذر از گل كه گل هر نو بهار               بر تو مى خندد نه در تو شرم دار 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
163

145

الفصل الرابع: المتخلّفون

 بالرغم من أنّه وفي طول مسير الإمام عليه السلام من المدينة إلى كربلاء فإنّه قد التقى بالعديد من الشخصيّات وتحاور معهم، والبعض حذّره من سفره ونصّب نفسه في مقام الناصح له، أمثال عبد الله بن مطيع، عبد الله بن الزبير، الأوزاعيّ، عمر بن عبد الرحمن، وأبو سعيد الخدري. فقد لاقى هؤلاء الإمام عليه السلام إلّا أنّه لم يدعوهم للالتحاق بنهضته وتحرّكه1، ولذا سوف نعرض في هذا الفصل عن ذكرهم.

 
الأحنف بن قيس التميميّ
اسمه الضحّاك أو صخر لكنّه اشتهر باسم الأحنف2، ولد في عهد نبيّ الإسلام محمّد صلى الله عليه وآله وسلم إلّا أنّه لم يره، كان من أشراف التميميّين في البصرة.
 
وأقبل الأحنف في جماعة من قومه إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسأله عن أفعاله في حرب الجمل وقال له: "هل أنت معي فأعلم؟"، فأجابه الأحنف: "يا أمير المؤمنين اختر منّي واحدة من اثنين إمّا أن أكون معك مع مائتي رجلٍ من قومي وإمّا أن أردّ عنك أربعة آلاف سيف".
 
فقال الإمام عليّ عليه السلام: "لا بل ردّهم عنّي"3.
 
وقد كان سلوك الأحنف مع الإمام عليّ عليه السلام ضبابيّاً إذ تكلّم معه عن الشائعات فقال له: "إنّ أهل البصرة يقولون: بأنّك إن ظفرت بهم غداً قتلت رجالهم وسبيت ذريّتهم ونساءهم"، فأجابه الإمام عليه السلام "ليس مثلي من يخاف هذا منه"4.
 
ثمّ إنّ الأحنف بن قيس وإن شارك في جيش أمير المؤمنين عليه السلام في حرب صفّين إلّا أنّه نقل عنه قوله: "لقد أهلكت العرب"5، وعندما قُرئت رسالة معاوية إلى أهل البصرة يرغّبهم فيها في قتال أمير المؤمنين عليه السلام لم يلتفت الأحنف إلى اصطفاف
 
 
 


1- راجع: الإمام الحسين عليه السلام في المدينة المنوّرة، ص‏419؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص‏214، 276، 300، 303، 315.
2- سير أعلام النبلاء، ج‏5، ص‏119.
3- الفتوح، ص‏417.
4- نفس المصدر.
5- وقعة الطفّ، ص‏378.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
164

146

الفصل الرابع: المتخلّفون

 جبهة الحقّ في مقابل جبهة الباطل، وقال كما يقال في المثل: "أمّا أنا فلا ناقة لي في هذا ولا جمل"1.

 
ويذكر ابن أعثم الكوفيّ أنّ معاوية لمّا استخبر رأي زعماء قبائل العرب حول ولاية العهد ليزيد، أجابه الأحنف بن قيس بعنوان كونه كبير أهل البصرة فقال له: "أنت أعلمنا بيزيد في ليله ونهاره ومدخله ومخرجه وسرّه وعلانيته، فإن كنت تعلمه لله عزَّ وجلَّ ولهذه الأمّة رضا فلا تشاورنّ فيه أحداً من الناس، وإن كنت تعلم غير ذلك فلا تزوّده الدنيا وأنت ماضٍ إلى الآخرة، فإن قلنا ما علينا أن نقول سمعنا وأطعنا"، فسرّ معاوية من حديث الأحنف وقال له: "أحسنت يا أبا بحر جزاك الله عن السمع والطاعة خيراً"2.
 
وعندما كان الإمام الحسين عليه السلام في مكّة وقبل تحرّكه إلى العراق بعث برسائله إلى رؤساء الأخماس وبعض كبار أهل البصرة وممّن بعث إليه كان الأحنف بن قيس حين طلب منه البيعة وقال له: "وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه، فإنّ السنّة قد أُميتت وإنّ البدعة قد أحييت، فإن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد"3.
 
فقام الأحنف بإخفاء رسالة الإمام الحسين عليه السلام ومن ثمّ بعث كتاباً إلى الإمام عليه السلام يوصيه فيه بالصبر4، وحذّر الناس من الحرب5، وقال لمن حوله: "قد جربنا آل أبي الحسن - أي أمير المؤمنين عليه السلام - فلم نجد عندهم أيالة للملك ولا جمعاً للمال ولا مكيدة في الحرب"6.
 
ثمّ إنّ الأحنف بن قيس شارك وساعد عبد الله بن الزبير وكان رفيقاً له في قتل المختار، وتوفّي في الكوفة سنة 67 من الهجرة7.
 
 
 

1- الغارات، ص‏263.
2- الفتوح، ص‏795.
3- وقعة الطفّ، ص‏107؛ إبصار العين، ص‏95.
4- مثير الأحزان، ص‏27.
5- نفس المصدر.
6- قاموس الرجال، ج‏1، ص‏691.
7- سير أعلام النبلاء، ج‏5، ص‏122؛ قاموس الرجال، ج‏1، ص‏691؛ الإمام الحسين عليه السلام في مكّة المكرّمة، ج‏2، ص‏32.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
165

147

الفصل الرابع: المتخلّفون

 الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ

التقى الضحّاك بالإمام الحسين عليه السلام أثناء مسيره إلى الكوفة وكان برفقته مالك بن النضر، فجاء إلى الإمام عليه السلام فسلّم وجلس فردّ الحسين عليه السلام السلام عليه مرحّباً به، ثمّ استخبره عن سبب مجيئه فأجابه الضحّاك: "جئنا لنسلّم عليك وندعو الله لك بالعافية ونُحدِث بك عهداً ونخبرك خبر الناس - الكوفة - وإنّا نحدّثك أنّهم قد جمعوا على حربك فما رأيك؟ فقال الحسين عليه السلام: "حسبي الله ونعم الوكيل".
 
ثمّ إنّ الضحّاك دعا للإمام عليه السلام فسأله الإمام الحسين عليه السلام عمّا يمنعه من نصرته فأجابه الضحّاك: "إنّ عليَّ ديناً وإنّ لي لعيالاً، ولكنّك إن جعلتني في حلٍّ من الانصراف إذا لم أجد مقاتلاً قاتلت عنك ما كان لك نافعاً"، فقبل الإمام عليه السلام بذلك وانفصل الضحّاك عن ابن عمّه وبقي إلى جانب الإمام عليه السلام وجاء معه إلى كربلاء1.
 
وفي يوم عاشوراء بانت شجاعته وقاتل القوم قتالاً حسناً وفي أواخر ساعات القتال أمر ابن سعد الرماة أن يرموا سهامهم لعقر خيول أصحاب الحسين عليه السلام إلّا أنّ الضحّاك كان قد خبّأها بين البيوت وقاتل الأعداء راجلاً.
 
وكان الضحّاك يكرّر القول بأنّ الإمام عليه السلام كان يشجّعه على القتال مراراً ويقول له: "لا تشلل، لا يقطع الله يدك، جزاك الله خيراً عن أهل بيت نبيّك صلى الله عليه وآله وسلم "2.
 
ويقول الضحّاك3: "لمّا رأيت أصحاب الحسين قد أصيبوا وقد خلص إليه وإلى أهل بيته ولم يبق معه غير سويد بن عمرو وبشير بن عمرو الحضرميّ قلت له: يا ابن رسول الله: قد علمت ما كان بيني وبينك قلت لك: أقاتل عنك ما رأيت مقاتلاً، فإذا لم أر مقاتلاً فأنا في حلٍّ من الانصراف، فقلت: "نعم".
 
فقال الإمام عليه السلام له: "صدقت وكيف لك بالنجاء؟ إن قدرت على ذلك فأنت في حلٍّ".
 
 
 

1- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏313.
2- إبصار العين، ص‏168.
3- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏329.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
166

148

الفصل الرابع: المتخلّفون

 فأجابه الضحّاك: "قد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر أقبلت بها حتّى أدخلتها فسطاطاً لأصحابنا بين البيوت فلم يصبها أيّ أذى وأنا الآن أركبها وابتعد من هنا، فأجازه الإمام عليه السلام، وقال له: "شأنك"، وحينئذٍ ركب الضحّاك فرسه وابتعد بنفسه عن ساحة المعركة1.

 
ولحق به خمسة عشر فارساً من جيش ابن سعد، ولمّا وصل الضحّاك إلى قرية شفيّة توقّف فيها، فعرفه بعض من لحق به إلّا أنّ جماعة من بني تميم استنقذوه منهم فخرج سالماً من المعركة2.
 
الطرماح بن عديّ
خرج دليلاً مع نافع بن هلال وجماعة من الكوفة ليوصلهم إلى الإمام الحسين عليه السلام فلقوه في منزل عذيب الهجانات، وجعل الطرماح يرتجز ويقول:
 
يَا نَاقَتِي لا تَذْعَرِي مِنْ زَجْرِي             وَشَمِّرِي قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ
بِخَيْرِ رُكْبَانٍ وَخَيْرِ سِفْرِ                    حَتَّى تُحَلَّى بِكَرِيمِ النَّجْرِ
المَاجِدُ الحُرُّ رَحِيبُ الصَّدْرِ                 أَتَى بِهِ اللهُ لِخَيْرِ أَمْرِ
ثَمَّةَ أَبْقَاهُ بَقَاءَ الدَّهْرِ
 
فقال الحسين عليه السلام: "أما والله إنّي لأرجو أن يكون خيراً ما أراد الله قتلنا أم ظفرنا".
ولمّا رأى الطرماح قلّة أنصار الحسين عليه السلام قال له: "إنّي والله لأنظر فما أرى معك أحداً، ولو لم يقاتلك إلّا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفى بهم، وقد رأيت قبل خروجي إليك من الكوفة بيوم ظهر الكوفة وفيه من الناس ما لم تر عيناي في صعيد واحدٍ جمعاً أكثر منه، فسألت عنهم فقيل: اجتمعوا ليعرضوا ثمّ يسرحون إلى الحسين عليه السلام، فأنشدك إن قدرت على أن لا تقدم عليهم شبراً إلّا فعلت، فإن أردت
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏168.
2- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏329؛ أنساب الأشراف، ج‏3، ص‏197؛ إبصار العين، ص‏168.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
167

149

الفصل الرابع: المتخلّفون

 أن تنزل بلداً يمنعك الله به حتّى ترى من رأيك ويستبين لك ما أنت صانع فسر حتّى أنزلك مناع جبلنا الذي يدعى أجأ... فأسير معك حتّى أنزلك القرية ثمّ نبعث إلى الرجال ممّن بأجأ وسلمى من طيء فوالله لا تأتي عليك عشرة أيّام حتّى تأتيك طيء رجالاً وركباناً...".

 
فقال له الإمام الحسين عليه السلام شاكراً: "جزاك الله وقومك خيراً، إنّه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف ولا ندري على ما تنصرف بنا وبهم الأمور في عاقبة"1.
 
ثمّ إنّ الطرماح تعلّل للإمام عليه السلام في الرجوع إلى أهله قائلاً له: "إنّي قد امترت لأهلي من الكوفة ميرة ومعي نفقة لهم فآتيهم فأضع ذلك فيهم، ثمّ أقبل إليك إن شاء الله، فإن ألحقك فوالله لأكوننّ من أنصارك".
 
فقال له الإمام عليه السلام: "فإن كنت فاعلاً فعجّل رحمك الله"، فمضى الطرماح إلى أهله وبعد مدّة رجع إلى الحسين عليه السلام ولمّا وصل إلى منزل عذيب الهجانات سمع باستشهاد الإمام الحسين عليه السلام2 فعاد إلى أهله.
 
عبد الله بن عمر
عبد الله هو ابن عمر بن الخطّاب الخليفة الثاني3. ولد في السنة الثالثة من البعثة4.
 
وامتنع عبد الله بعد مقتل عثمان من بيعة أمير المؤمنين عليه السلام5. ولمّا أمر الإمام عليّ عليه السلام إحضار عبد الله بن عمر للبيعة قال له: لا أبايع حتّى يبايع جميع الناس6.
 
وتمادى ابن عمر في تمرّده حتّى أنّه جاء يوماً إلى أمير المؤمنين عليه السلام ينصحه
 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏173 - 175.
2- تاريخ الأمم والملوك، ج‏2، ص‏308؛ نفس المهموم، ص‏242.
3- تهذيب الكمال، ج‏15، ص‏332.
4- الإصابة، ج‏2، ص‏338.
5- مروج الذهب، ج‏3، ص‏15.
6- شرح نهج البلاغة، ج‏4، ص‏9.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
168

150

الفصل الرابع: المتخلّفون

 بأن يردّ الأمر إلى الشورى فأجابه الإمام عليه السلام قائلاً له: "ويحك... قم عنيّ... ما أنت وهذا الكلام"1.

 
ويروي المؤرّخون أنّ ابن عمر أظهر في أواخر عمره ندمه على عدم نصرة الإمام عليّ عليه السلام في قتال الفئة الباغية (صفّين)2.
 
ثمّ إنّ عبد الله بن عمر قد اعترف بمشروعيّة خلافة معاوية وبايعه على ذلك3.
ولمّا طلب معاوية البيعة لابنه يزيد كان ابن عمر في جملة المخالفين له، إلّا أنّ معاوية لم يكن يخشاه في ذلك وكان يؤمن بوفائه له فيما بعد4. وفي هذا المجال قال معاوية لابنه يزيد: وأمّا عبد الله بن عمر فإنّه وإن امتنع عن بيعتك، إلّا أنّه معك فاعلم قدره ولا تبعده عنك5.
 
وفي بداية خلافة يزيد وبعد تحرّك الإمام الحسين عليه السلام نحو مكّة التقى عبد الله بن عمر ثلاث مرّات6 بالإمام عليه السلام يرغّبه في بيعة يزيد فذهب إليه في مكّة وقال له: "يا أبا عبد الله رحمك الله، اتقِ الله الذي إليه معادك، فقد عرفت من عداوة أهل هذا البيت لكم وظلمهم إيّاكم وقد ولي الناس هذا الرجل يزيد بن معاوية ولست آمن أن يميل الناس إليه لمكان هذه الصفراء والبيضاء فيقتلونك ويهلك فيك بشر كثير، فإنّي قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: "حسين مقتول، ولئن قتلوه وخذلوه ولن ينصروه ليخذلهم الله إلى يوم القيامة"، وأنا أشير عليك أن تدخل في صلح ما دخل فيه الناس..."7.
 
فقال الإمام الحسين عليه السلام في جواب عبد الله بن عمر: "أبا عبد الرحمن، أنا أبايع
 
 
 

1- نفس المصدر، ص‏10.
2- الاستيعاب، ج‏3، ص‏342.
3- تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏58.
4- فأمّا عبد الله بن عمر فرجل قد وقذته العبادة وإذا لم يبق أحد غيره بايعك (وقعة الطفّ، ص‏69). 
5- بحار الأنوار، ج‏44، ص‏311.
6- ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين، ص‏200.
7- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏1، ص‏190 و191؛ سخن/ان حسين بن عليّ عليه السلام ، ص‏42 (موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام ).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
169

151

الفصل الرابع: المتخلّفون

 يزيد وأدخل في صلحه، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فيه وفي أبيه ما قال؟.. أما تعلم يا عبد الله أنّ من هوان هذه الدنيا على الله تعالى أنّه أتي برأس يحيى بن زكريا عليه السلام إلى بغيّة من بغايا بني إسرائيل والرأس ينطق بالحجّة عليهم؟

 
أما تعلم يا أبا عبد الرحمن أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيّاً ثمّ يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كلّهم كأنّهم لم يصنعوا شيئاً فلم يعجل الله عليهم، ثمّ أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر؟ اتقِ الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعنّ نصرتي1...".
 
وردّ ابن عمر دعوة حجّة الله له وتوجّه نحو المدينة، وبعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام كتب رسالة إلى يزيد أعلن له فيها قبوله بخلافته والبيعة له2، وذكر أنّ الوليد حاكم المدينة أخذ منه البيعة ليزيد3.
 
وفي خضمّ أحداث المدينة وقيام الناس على يزيد انتقد نقضهم للعهد والبيعة وجمع حشمه وولده وقال لهم: "وإنّي لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلّا كانت الفيصل بيني وبينه"4.
 
وفي زمن خلافة عبد الملك بن مروان وبعد ورود الحجّاج بن يوسف إلى المدينة ذهب إليه عبد الله بن عمر ليلاً ليعلن البيعة عنده لعبد الملك بن مروان، ولتوجيه ما قام به استشهد بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من مات ولا إمام له مات ميتة جاهليّة".
 
ومن ثمّ قال: "أخاف أن أبيت الليل بلا إمام"، وقيل: إنّه بلغ من احتقار الحجّاج له واسترذاله حاله أن أخرج رجله من الفراش فقال: اصفق بيدك عليها5.
 
وذكر أنّ ابن عمر كان يقتدي في صلاته بالحجّاج، بل إنّه لم يتورّع عن الاقتداء بنجدة بن عامر الذي كان من الخوارج6. وهذا الأمر يشير إلى أوج تذلّلـه.
 
 
 
 

1- اللهوف، ص‏32.
2- فتح الباري، ج‏13، ص‏59.
3- مروج الذهب، ج‏2، ص‏316.
4- صحيح البخاريّ، ص‏1418 و1419، ح‏7111.
5- شرح نهج البلاغة، ج‏13، ص‏242؛ قاموس الرجال، ج‏6، ص‏541.
6- ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج‏4، ص‏149؛ ابن حزم، المحلّى، ج‏4، ص‏213.



 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
170

152

الفصل الرابع: المتخلّفون

 وفي أواخر حياته فقد عبد الله بن عمر بصره وتوفّي في مكّة عن سبعٍ وثمانين سنة1.

 
عبيد الله بن الحرّ الجعفيّ
كان عبيد الله من أشراف الكوفة وشجعانها ومن الشعراء المعروفين فيها2، وكان من التابعين لعثمان، ترك الكوفة بعد مقتل عثمان وقصد الشام واستقرّ إلى جانب معاوية وشارك معه في معركة صفّين، وبعد استشهاد الإمام عليّ عليه السلام رجع إلى الكوفة3.
 
التقى ابن الحرّ بقافلة الإمام الحسين عليه السلام في منزل بني مقاتل فبعث إليه الإمام عليه السلام الحجّاج بن مسروق للالتحاق به ونصرته، إلّا أنّ عبيد الله بن الحرّ أجاب رسول الإمام عليه السلام بالردّ وقال له: "والله ما خرجت من الكوفة إلّا كراهة أن يدخلها الحسين بن عليّ وأنا فيها فلا أنصره، لأنّه ليس في الكوفة شيعة ولا أنصار إلّا وقد مالوا إلى الدنيا إلّا من عصم الله منهم... وأنا لا طاقة لي على نصرته، والله ما أريد أن أراه ولا يراني". وبعد رجوع حجّاج بيت الله الحرام من مكّة من مكّة ذهب الإمام الحسين عليه السلام بنفسه ومعه عدد من أصحابه إلى عبيد الله بن الحرّ وبعد كلام قال له: "يا ابن الحرّ فإنّ مصركم هذا كتبوا إليّ وأخبروني أنّهم مجتمعون على نصرتي وأن يقوموا دوني ويقاتلوا عدوّي وأنّهم سألوني القدوم عليهم فقدمت، ولست أدري القوم على ما زعموا... وأنت يا ابن الحرّ فاعلم أنّ الله عزَّ وجلَّ مؤاخذك بما كسبت وأسلفت من الذنوب في الأيّام الخالية وأنا أدعوك في وقتي هذا إلى توبة تغسل بها ما عليك من الذنوب".
 
فاستفسر ابن الحرّ من الإمام عليه السلام عن ذلك، فقال له عليه السلام: "تنصر ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقاتل في ركابه".


فقال ابن الحرّ: "والله يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو كان لك بالكوفة أعوان يقاتلون معك
 
 
 

1- الإصابة، ج‏2، ص‏338، الطبقات الكبرى، ج‏4، ص‏105 - 138.
2- خزانة الأدب، ج‏2، ص‏158؛ الأخبار الطوال، ص‏250.
3- جمهرة أنساب العرب، ص‏385؛ تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏128.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
171

153

الفصل الرابع: المتخلّفون

 لكنت أنا أشدّهم على عدوّك، ولكنّي رأيت شيعتك بالكوفة قد لزموا منازلهم خوفاً من بني أميّة ومن سيوفهم، وهذه فرسي المحلِّقة، والله ما طلبت عليها شيئاً إلّا أذقته حياض الموت، ولا طُلبت وأنا عليها فلُحقت، وخذ سيفي هذا فوالله ما ضربت به إلّا قطعت...".

 
فرد الإمام عليه السلام على كلام ابن الحرّ غير المرضي والّلامعقول بقوله له: "يا ابن الحرّ ما جئناك لفرسك ولا لسيفك إنّما أتيناك لنسألك النصرة، فإن كنت قد بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في شيء من مالك، ولم أكن بالذي اتخذ المضلّين عضداً، وإنّي أنصحك كما نصحتني: إن استطعت أن لا تسمع صراخنا ولا تشهد وقعتنا فافعل، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ولا ينصرنا إلّا أكبّه الله في نار جهنّم"1.
 
وعلى الرغم من أنّ عبيد الله بن الحرّ قد ترك الإمام الحسين عليه السلام في منزل بني مقاتل إلّا أنّ الحسرة والندم الدائم كان يظلّله بقيّة عمره وجعلت حياته مقرونة بالتأسّف والأحزان حتّى برز ذلك في أشعاره حيث يقول نادماً: 
 
فَيَا لَكِ حَسْرَةً مَا دُمْتُ حَيّاً                      تَرَدَّدُ بَيْنَ صَدْرِي وَالتَرَاقِي
حُسَيْنٌ حِينَ يَطْلُبُ بَذْلَ نُصْرِي                  عَلَى أَهْلِ الضَّلالَةِ وَالنِّفَاقِ
وَلَوْ أَنِّي أُوَاسِيهِ بِنَفْسِي                            لَنِلْتُ كَرَامَةً يَوْمَ التَّلاقي2
 
ثمّ إنّ ابن زياد دعاه إلى قصره فلم يجبه ابن الحرّ وفرّ من بين يديه بكلّ حيلة، ثمّ خرج حتّى أتى كربلاء فوقف أمام القبر المطهّر للإمام الحسين عليه السلام وأنشده قصيدته المعروف(*) - والتي فيها أكثر من أربعة عشر بيتاً غير متوفّرة في أيدينا- وممّا ورد فيها قوله:
 
يَقُولُ أَمِيرٌ غَادِرٌ ابْنُ غَادِرٍ                      أَلَا كُنْتَ قَاتَلْتَ الشَّهِيدَ ابْنَ فَاطِمَهْ
فَيَا نَدَمِي أَلَّا أَكُونَ نَصَرْتُهُ                      أَلَا كُلُّ نَفْسٍ لا تُسَدَّدُ نَادِمَهْ
 
 
 

1- الإرشاد، ج‏2، ص‏81؛ الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏50؛ الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج‏1، ص‏26.
2- جواد شبّر، أدب الطفّ، ج‏1، ص‏96 و97.
(*)ذكرها ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق، ج‏37، ص‏420 (المترجم).

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
172

154

الفصل الرابع: المتخلّفون

 وَإِنِّي لِأَنِّي لِمْ أَكُنْ مِنْ حُمَاتِهِ                    لَذُو حَسْرَةٍ مَا إِنْ تَفَارَقَ لازِمَهْ

سَقَى اللهُ أَروَاحَ الَّذِينَ تَآزَرُوا                   عَلَى نَصْرِهِ سَقْيَاً مِنَ الغَيْثِ دَائِمَهْ
وَقَفْتُ عَلَى أَجْدَاثِهِمْ وَمَجَالِهِمْ                  فَكَادَ الحَشَا يَنْفَضُّ وَالعَيْنُ سَاجِمَهْ
 
وبعد موت يزيد وفرار ابن زياد من مدينة الكوفة أيّد المختار في ثورته وذهب برفقة جماعة إلى المدائن، إلّا أنّه عاد فانقلب عليه وحاربه إلى جانب مصعب بن الزبير، وبعد مدّة ظنّ به مصعب فحبسه وجاء قوم من مذحج فدخلوا على مصعب وتشفّعوا في ابن الحرّ فأطلق سراحه، وبعد تحريره التحق بعبد الملك بن مروان، ولمّا ورد إلى الكوفة رأى المدينة في يد عمّال ابن الزبير فلاحقوه وفرّ مجروحاً، وأراد أن يعبر الفرات بسفينة فتابعوه فرمى بنفسه في الماء ليفر من الأسر فقتل، ويذكر المؤرّخون بأنّ موته كان في سنة ثمانية وستّين للهجرة، وقيل: إنّ مصعب بن الزبير علّق جسده على بوابة الكوفة1.
 
عمرو بن عبيد الله بن معمر
كان عمرو أحد زعماء البصرة وأشرافها ممّن تلقّى رسالة2 من الإمام الحسين عليه السلام في دعوته للنصرة، ثمّ أصبح في عهد عبد الله بن الزبير من عمّاله والموالين له وشارك مع جيش مصعب بن الزبير في قتال المختار الثقفيّ، ثمّ انقلب عليه والتحق بعبد الملك بن مروان ومن ثمّ مات بالطاعون في مدينة دمشق سنة ثلاثة وثمانين للهجرة3.
 
عمرو بن قيس المشرقيّ
جاء إلى الإمام الحسين عليه السلام بصحبة ابن عمّه فالتقاه في منزل بني مقاتل، فقال ابن عمّه للإمام عليه السلام: "يا أبا عبد الله هذا الذي أرى خضابٌ أو شعرك؟"
فقال عليه السلام: "خضاب والشيب إلينا بني هاشم يعجل".
 
 
 

1- أنساب الأشراف، ج‏5، ص‏295؛ الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏289.
2- وقعة الطفّ، ص‏107.
3- البداية والنهاية، ج‏9، ص‏49؛ الإمام الحسين عليه السلام في مكّة المكرّمة، ص‏362.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
173

155

الفصل الرابع: المتخلّفون

 ثمّ قال لهما: "جئتما لنصرتي؟"

 
فقال عمرو بن قيس: "إنّي رجل كبير السنّ، كثير الدين، كثير العيال وفي يدي بضايع للناس، ولا أدري ما يكون وأكره أن أضيّع أمانتي، وقال ابن عمّه مثل مقالته.
 
فقال الإمام عليه السلام لهما: "انطلقا فلا تسمعا لي واعية ولا تريا لي سواداً، فإنّه من سمع واعيتنا أو رأى سوادنا فلم يجبنا ولم يغثنا كان حقّاً على الله عزَّ وجلَّ أن يكبّه على منخريه في النّار"1.
 
فراس بن جعدة المخزوميّ
كان ضمن قافلة الإمام الحسين عليه السلام ولكن بعد اطلاعه على تغيّر الأوضاع في الكوفة واستشهاد مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة جاء إلى الإمام عليه السلام يستجيزه في الانفصال عنه والرجوع إلى أهله فأجازه الإمام الحسين عليه السلام، فانسلّ في ظلمة الليل وولّى هارباً في الصحراء2.
 
قيس بن الهيثم السلميّ
كان قيس عامل عثمان على خراسان مدّة من الزمن3، وعندما استنهض عثمان أهل البصرة لنصرته قام قيس فخطب الناس وحضّهم على نصر عثمان فسارع الناس إلى ذلك وساروا إليه، ولكن مع وصول خبر مقتله رجعو4.
 
وفي عهد معاوية، نصّبه عبد الله بن عامر على حراسة البصرة ثمّ جعله والياً على خراسان لسنتين ثمّ عزله بعد ذلك5 وأودعه السجن6، ثمّ توسّطت له أمّه وكانت أخت عبد الله بن عامر فأطلق سراحه، ثمّ عطف عليه فجعله على البصرة، وفي سنة خمسة وأربعين للهجرة وبعد أن عيّن معاوية زياد بن سميّة والياً على البصرة تولّى قيس بن 
 
 
 
 

1- ثواب الأعمال، ص‏308؛ رجال الكشّي، ص‏113؛ بحار الأنوار، ج‏45، ص‏84؛ منتهى المقال، ج‏5، ص‏112؛ موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام ، ص‏369.
2- أنساب الأشراف، ج‏3، ص‏180؛ معجم رجال الحديث، ج‏13، ص‏255؛ پيام آور عاشوراء، ص‏169 (رسالة عاشوراء).
3- تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏172.
4- نفس المصدر، ص‏369.
5- الكامل في التاريخ، ج‏3، ص‏16، 36.
6- تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏172.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
174

156

الفصل الرابع: المتخلّفون

 الهيثم ولاية "مرود روذ" و"فارياب" و"الطالقان" وبقي فيها مدّة ثمّ عاد إلى البصرة.

تلقّى قيس بن الهيثم بعنوان كونه أحد زعماء البصرة دعوة الإمام الحسين عليه السلام عبر رسوله سليمان بن رزين1، إلّا أنّه لم يُلبِّ دعوته.
 
وفي سنة ستّة وستّين للهجرة تولّى قيس قيادة جيش عبد الله بن الزبير في مقابل جيش المختار الثقفيّ.
 
وفي سنة سبعة وستّين للهجرة رافق مصعب بن الزبير أيضاً في حربه ضدّ المختار وولّاه قيادة منطقة العالية، وقيل: إنّه قتل في ضمن أصحاب مصعب في مواجهة عبد الملك بن مروان2.
 
مالك بن مسمع البكريّ
كان زعيم قبيلة بني بكر بن وائل وله ميلٌ إلى بني أميّة وفي حرب الجمل التجأ إلى مروان بن الحكم.
 
وعندما كتب الإمام الحسين عليه السلام الرسائل إلى أشراف أهل البصرة يدعوهم إلى نصرته كان مالك بن مسمع أحد رؤوساء الأخماس في البصرة ممّن تلقّى3 رسالة الإمام عليه السلام إلّا أنّه لم يُلبِّ دعوته.
 
وبعد أحداث كربلاء ومقتل الإمام الحسين عليه السلام قام مسمع بأمر الناس بتجديد البيعة ليزيد بن معاوية4.
 
مالك بن النضر الأرحبيّ
كان برفقة الضحّاك بن عبد الله عندما التقيا بقافلة الإمام الحسين عليه السلام فسلّما عليه وعندما استفسر الإمام عليه السلام منهما عن سبب مجيئهما أجابه الضحّاك: جئنا لنسلّم عليك وندعو الله لك بالعافية ونحدث بك عهداً ونخبرك خبر الناس (الكوفة)، وإنّا نحدّثك أنّهم قد اجتمعوا على حربك فما رأيك؟ فأجابه الإمام الحسين عليه السلام: 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص107.
2- نفس المصدر، ص106 و107.
3- وقعة الطّف، ص107.
4- الغارات، ص‏266، تعليق السيّد عبد الزهراء الحسينيّ.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
175

157

الفصل الرابع: المتخلّفون

 "حسبي الله ونعم الوكيل". ثمّ استخبرهما الإمام عليه السلام عن سبب عدم نصرتهما له، فقال له مالك بن النضر: "عليّ دينٌ ولي عيال" ولم يُلبِّ دعوة الإمام وافترق عن صاحبه الضحّاك وارتحل عن الإمام الحسين عليه السلام1.

 
مسعود بن عمرو الأزديّ
زعيم قبيلة "الأزد"، شارك في حرب الجمل إلى جانب عائشة وطلحة والزبير2.
كان مسعود أحد أشراف الأخماس في البصرة ممّن لم يرد على رسالة الإمام الحسين عليه السلام في البيعة والنصرة3.
 
وكان صديقاً مقرّباً من عبيد الله بن زياد، وقد آواه عند قيام الناس عليه وبعد موت يزيد بن معاوية بتسعين يوماً تخفّى ابن زياد، ثمّ توجّه نحو الشام وقام مسعود بن عمرو بإرسال مئة رجل من الأزد بقيادة قرّة بن قيس لمرافقته إلى الشام وقد جعله ابن زياد مكانه على البصرة بعد أن تركها4.
 
المنذر بن الجارود
كان من أصحاب الإمام عليّ عليه السلام وشارك معه في معركة الجمل5، ولّاه الإمام عليه السلام منطقة استخر (أصطخر) في بلاد فارس6، فحاز فيها مبلغاً كبيراً من بيت المال7، وعندما بانت خيانته أرسل إليه الإمام عليّ عليه السلام كتاباً يستدعيه فيه إلى الكوفة بعد أن عزله عن منصبه وممّا قال له في رسالته:
"فإذا أنت فيما رقي إليَّ عنك لا تدع لهواك انقياداً ولا تبقي لآخرتك عتاداً، تعمر دنياك بخراب آخرتك، وتصل عشيرتك بقطيعة دينك، ولئن كان ما بلغني عنك حقّاً 
 
 
 
 

1- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏313.
2- نفس المصدر، ج‏4، ص‏505.
3- وقعة الطفّ، ص‏107.
4- تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏525.
5- تاريخ مدينة دمشق، ج‏60، ص‏283.
6- الإصابة، ج‏6، ص‏209.
7- أنساب الأشراف، ج‏2، ص‏391.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
176

158

الفصل الرابع: المتخلّفون

 لجمل أهلك وشسع نعلك خير منك، ومن كان بصفتك فليس بأهل أنّ يسدّ به ثغرٌ أو ينفذ به أمرٌ أو يعلى له قدرٌ أو يشرك في أمانة، أو يؤمن على خيانة، فأقبل إليّ حين يصلك كتابي هذا إن شاء الله"1.

 
ثمّ أمر عليه السلام بتغريم المنذر ثلاثين ألف درهم وردّها إلى بيت المال، ومن ثمّ حبسه وبعد مدّة من الزمن أطلق سراحه بعد أن تشفّع له صعصعة بن صوحان2.
 
وكان المنذر شديد التكبّر حتّى أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال عنه: "إنّه لنظّار في عطفيه، مختال في بُرديه تفّالٌ في شراكيه"3.
 
ويعدُّ المنذر من أشراف أهل البصرة، وقد وُلّي مراراً من قبل صهره عبيد الله بن زياد على بعض المناطق.
 
وعندما كتب الإمام الحسين عليه السلام إلى رؤساء الأخماس في البصرة ومنهم المنذر بن الجارود يدعوهم إلى البيعة، قام أشراف البصرة بإخفاء أمر الرسائل إلّا المنذر بن الجارود الذي كان يخاف مخافة شديدة من ابن زياد ولذا قام بإعطائه الرسالة، فغضب ابن زياد غضباً شديداً وأمر بإحضار سفير الإمام الحسين عليه السلام سليمان بن رزين وأمر بقطع عنقه4.
 
وتوفّي ابن الجارود في سنة إحدى وستّين للهجرة5.
 
هرثمة بن أبي مسلم
شارك هرثمة مع الإمام عليّ عليه السلام في معركة صفّين، وعندما رجع الجيش من صفّين توقّف جيش الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في كربلاء، ويروي هرثمة قائلاً: "فلمّا انصرفنا نزل كربلاء فصلّى بها الغداة ثمّ رفع إليه من تربتها فشمّها ثمّ قال عليه السلام: "واهاً لك أيّتها التربة، ليحشرنّ منك أقوامٌ يدخلون الجنّة بغير حساب"".
 
 
 

1- نهج البلاغة، الكتاب 71.
2- تاريخ اليعقوبيّ، ج‏2، ص‏203.
3- نهج البلاغة، الكتاب 71.
4- الفتوح، ص‏846.
5- تاريخ مدينة دمشق، ج‏60، ص‏285.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
177

159

الفصل الرابع: المتخلّفون

 وفي أحداث ثورة كربلاء كان هرثمة في البعث الذي بعثهم عبيد الله بن زياد، قال: "فلمّا رأيت المنزل (كربلاء) والشجر ذكرت الحديث، فجلست على بعيري ثمّ صرت إلى الحسين عليه السلام فسلّمت عليه وأخبرته بما سمعت عن أبيه".

 
فقال لي الإمام الحسين عليه السلام: "معنا أنت أم علينا؟".
 
فقلت له: "لا معك ولا عليك، خلّفت صبية أخاف عليهم عبيد الله بن زياد".
 
فقال لي الحسين عليه السلام: "فامض حيث لا ترى لنا مقتلاً ولا تسمع لنا صوتاً، فوالّذي نفس الحسين بيده لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا إلّا أكبّه الله لوجهه في جهنّم"1
 
يزيد بن مسعود النهشليّ
أحد زعماء البصرة ممّن تلقّى دعوة الإمام الحسين عليه السلام عبر سفيره سليمان بن رزين2.
وبعد ذلك جمع يزيد بن مسعود أصحابه من قبائل بني تميم وبني حنظلة وبني سعد فأخبرهم بدعوة الإمام الحسين عليه السلام، ومن ثمّ كتب رسالة إلى الإمام عليه السلام يخبره فيه بوفاء القبائل المذكورة له ودعاه إلى المجيء للبصرة، وأوصل الحجّاج بن بدر رسالته إلى الإمام عليه السلام في كربلاء وسلّمه إيّاها، وعندما قرأ رسالة ابن مسعود كأنّه تعجّب من عدم قدومه فقال عليه السلام: "مالك آمنك الله من الخوف وأعزّك وأرواك يوم العطش الأكبر"3.

 
 

1- الصدوق، الأمالي، ص‏117؛ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ، ص‏35؛ بحار الأنوار، ج‏42، ص‏255؛ عوالم العلوم، ج‏17، ص‏147؛ موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام ، ص‏379 و380.
2- الفتوح، ص 846، مثير الأحزان، ص‏27.
3- إبصار العين، ص‏212 و213: وذكر أنّه تجهّز للخروج إلى الإمام الحسين عليه السلام فبلغه قتله قبل أن يسير إليه فجزع من انقطاعه عنه... (المترجم) (بحار الأنور، ج‏44، ص‏339)


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
178

160

الفصل الخامس: الظالمون

 في كلّ ثورة خالدة يبرز الأشرار ومن هم منشأ القبائح والرذائل في الحروب في مواجهة الأخيار والأبرار وقد كان هذا الاصطفاف جليّاً واضحاً معبّراً في ثورة كربلاء.

 
وقد برز في هذه الواقعة وجوه وأسماء من عبدة الشيطان والنفوس الخبيثة وأهل البغي والظلم والجور، وقد أصبح بعضهم أشقى أشقياء التاريخ وأكثرهم نفوراً وقبحاً.
 
وفي هذا الفصل سوف نشير إلى "الظالمين" البارزين الذين شاركوا ووقفوا في مقابل الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه الأوفياء.
 
الأخنس بن مرثد الحضرميّ
بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام قام الأخنس بسلب الإمام أبي عبد الله عليه السلام، عمامته1 وعندما أمر عمر بن سعد أصحابه برضّ جسد الإمام تهيّأ لذلك عشرة فرسان كان الأخنس بن مرثد أحدهم، فقاموا على خيولهم فداسوا جسد أبي عبد الله عليه السلام حتّى رضّوا جسده الشريف2.
 
قال أبو عمر الزاهد: "فنظرنا إلى هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعاً أولاد زناء"3. وجاء هؤلاء العشرة حتّى وقفوا على ابن زياد فعرّفوا عن أنفسهم وقالوا له: نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين عليه السلام حتّى طحنّا حناجر صدره، فسرّ لذلك ابن زياد وأمر لهم بجائزة يسيرة4. ولمّا قام المختار بثورته شدّ يدي الأخنس ورجليه وكذلك من كان معه من الفرسان وأوطأ الخيل ظهورهم حتّى هلكوا5.
 
 
 

1- اللهوف، ص‏130.
2- نفس المصدر، ص‏135.
3- نفس المصدر، ص‏136.
4- اللهوف، ص‏135 و136.
5- نفس المصدر، ص‏136، مثير الأحزان، ص‏78.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
181

161

الفصل الخامس: الظالمون

 أسماء بن خارجة الفزاريّ

كان من أشراف الكوفة وكبير قومه،1 وكان ممّن شهد بطلب من زياد ابن أبيه مع من شهد2 من أشراف العرب ضدّ حجر بن عديّ ولهذه الشهادة قام معاوية بقتل حجر وأصحابه3. وكذلك بسبب سعايته في كميل بن زياد دفع الحجّاج إلى قتله4.
 
وقام أسماء بن خارجة أيضاً وبطلبٍ من عبيد الله بن زياد بمرافقة محمّد بن الأشعث بإحضار هانئ بن عروة فجيء به إلى دار الإمارة5، وكذلك سعى ابن خارجة في قتل مسلم بن عقيل6.
 
ويذكر له أنّه قام بإخراج الحسن المثنّى من بين الأسرى من أهل البيت عليهم السلام لأنّ أمّه كانت من قبيلته بني فزارة7... ولمّا قام المختار بثورته قام بهدم بيته8، إلّا أنّ أسماء لاذ بالفرار ومن ثمّ توفّي في سنة ستّ وستّين أو سنة اثنين وثمانين9.
 
الأسود بن خالد الأزديّ
كان الأسود من جملة الذين سلبوا الإمام الحسين عليه السلام بعد شهادته فقام بسلب سيف10 الإمام عليه السلام، وأُحرق جسده بأمرٍ من المختار الثقفيّ10.
 
 
 
 

1- الزركليّ، الأعلام، ج‏1، ص‏305.
2- كان حجر أحد المدافعين الأشدّاء عن أمير المؤمنين عليه السلام ، فوقف في مقابل توهين واجتراء بني أميّة على الإمام عليه السلام . وقام زياد بن أبيه حاكم المدينة في ذلك الوقت باعتقال حجر وشدّه وأصحابه بالسلاسل وأرسله إلى الشام، وفي رسالته التي بعثها زياد إلى معاوية وصف "حجر" بأنّه رأس الطواغيت الموالين لأبي تراب (الإمام علي عليه السلام ) والرافضين لمعاوية وذيّل رسالته بشهادة كبار أهل المدينة. (أبو الفرج الأصفهانيّ، الأغاني، ج‏17، ص‏153).
3- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏226.
4- نفس المصدر، ج‏4، ص‏404.
5- وقعة الطفّ، ص‏116، نقل ابن اعثم أنّ أسماء اعترض على إيذاء وتعذيب هانى‏ء بأمر ابن زياد. (الفتوح، ص‏855).
6- ابن نما، ذوب النضار، ص‏124.
7- الإرشاد، ج‏2، ص‏825.
8- ذوب النضار، ص‏124، الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏224.
9- ابن الخياط، تاريخ الخليفة، ص‏202، ابن شاكر الكتبيّ، فوات الوفيات، ج‏1، ص‏202.
10- الفتوح، ص‏911.
11- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏111.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
182

162

الفصل الخامس: الظالمون

 إسحاق بن حويّة الحضرميّ

قام أوّلاً بسلب قميص1 الإمام الحسين عليه السلام، ثمّ شارك مع العشرة من الفرسان وبأمرٍ من ابن سعد بوطئ الجسد المذبوح الرأس2 للإمام عليه السلام.
 
ولمّا لبس إسحاق بن حويّة قميص الإمام عليه السلام صار أبرص وامتعط شعره3، ولمّا قام المختار الثقفيّ بثورته قبض على إسحاق وقتله مع التسعة الآخرين4.
 
أسيد بن مالك
بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء قام أسيد بالاستجابة لطلب ابن سعد فشارك مع تسعة فرسان آخرين بوطء جسد الإمام عليه السلام5.
 
ولمّا جاء إلى ابن زياد أخبره6 بما قام به مع الآخرين في رضّ جسد الإمام عليه السلام فأمر ابن زياد له ولهم بجوائز يسيرة7.
 
ولمّا قام المختار بثورته أمر بشدّ يدي أسيد ورجليه وكذلك فعل بالتسعة الآخرين وأوطأ الخيل على أجسادهم حتّى هلكوا8.
 
بحر بن كعب
قام بحر9 في عصر يوم عاشوراء منتضياً سيفه بالهجوم على الإمام الحسين عليه السلام فوقف عبد الله بن الحسن عليه السلام في وجهه دفاعاً عن عمّه وجعل نفسه درعاً للإمام عليه السلام وقال له: "يا ابن الخبيثة أتقتل عمّي؟"، فضربه بحر بن كعب بالسيف فاتّقاها الغلام بيده فأطنّها إلى الجلدة فإذا يده معلّقة، ونادى عبد الله: "يا أمّاه"، فأخذه الإمام
 
 


1- اللهوف، ص‏129، روي أنّه وجد في قميصه مائة وبضع عشرة ما بين رمية وطعنة سهم وضربة (اللهوف، ص‏129).
2- اللهوف، ص‏135.
3- نفس المصدر، ص‏129.
4- نفس المصدر، ص‏136، مثير الأحزان، ص‏78.
5- اللهوف، ص‏135.
6- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏59، مثير الأحزان، ص‏78.
7- اللهوف، ص‏135 و 136.
8- نفس المصدر، ص‏136، مثير الأحزان، ص‏78.
9- أبجر (الإرشاد، ج‏2، ص‏110).


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
183

163

الفصل الخامس: الظالمون

 الحسين عليه السلام وضمّه إلى صدره ففاضت روحه على صدر الحسين عليه السلام1.

 
وفي أثناء الغارة على الإمام أبي عبد الله قام بحر بن كعب بسلب لباسه وأغراضه فأخذ سراويله2. وروي أنّه بعد ذلك صار زمناً مقعداً من رجليه وكانت يداه تجفّان وتيبسان في الصيف وتترطّبان في الشتاء ويخرج منهما الدم والقيح إلى أن مات بذلك المرض3.
 
بديل بن صريم
قام بديل في كربلاء بضرب حبيب بالسيف، وقال بعض المؤرّخين: إنّه هو الذي قتله4 وقطع رأسه وعلّقه على فرسه، ثمّ إنّ ابن حبيب - وكان شابّاً - قام بقتل بديل بن صريم في مدينة مكّة المكرّمة5.
 
بشر بن خوط الهمدانيّ
كان ابن خوط6 فيما مضى في جملة أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وشارك معه في حرب الجمل7.
 
جاء برفقة عمر بن سعد إلى كربلاء وفي يوم عاشوراء قام بشر بقتل جعفر بن عقيل8 (رضوان الله عليه).
 
واشترك مع عثمان بن خالد في قتل عبد الرحمن بن عقيل9 ولمّا قام المختار الثقفيّ بثورته أصدر أمراً بتعقّب بشر فظفر به عبد الله بن كامل وبرفقته عثمان بن خالد أيضاً فأرادا الفرار منه إلّا أنّه قطع رأسيهما وأحرق جثّتيهما بأمر المختار10.
 
 
 
 

1- الإرشاد، ج‏2، ص‏110، أعلام الورى، ج‏1، ص‏267، نخستين گزارش مستنذ از نهضت عاشوراء، ص‏188 (التقرير الأوّل الموثّق عن نهضة عاشوراء).
2- وقعة الطفّ، ص‏255.
3- مثير الأحزان، ص‏74.
4- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏22.
5- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏26.
6- قيل: إنّ اسم أبيه حوط أو سوط أيضاً (تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏331 و334).
7- نفس المصدر، ج‏3، ص‏48.
8- إبصار العين، ص‏52، ورد اللعن عليه في الزيارة الناحية لقتله جعفر بن عقيل (الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79).
9- مقاتل الطالبيّين، ص‏96.
10- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏463.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
184

164

الفصل الخامس: الظالمون

 جرير بن مسعود الحضرميّ

جاء جرير برفقة عمر بن سعد إلى كربلاء وفي عصر يوم عاشوراء سلب قوس1 الإمام عليه السلام، اعتقله المختار الثقفيّ في ثورته وأحرقه بالنّار2.
 
حجّار بن أبجر البجليّ
كان أبوه نصرانيّاً توفّي3 في أواخر خلافة أمير المؤمنين عليه السلام وشارك حجّار كغيره من أشراف العرب وبطلبٍ من زياد ابن أبيه بالشهادة ضدّ حجر بن عديّ وبسببها أقدم معاوية على قتل حجر وأصحابه4.
 
وكان حجّار من جملة أشراف الكوفة ورؤسائها الذين كتبوا5 إلى الإمام الحسين عليه السلام يدعونه فيها إلى القيام والثورة.
 
ولكن، ومع مجيء ابن زياد إلى الكوفة ذهب حجّار إلى دار الإمارة وصار يتردّد إليها جيئة وذهاباً وسعى بأمر عبيد الله بن زياد في تفريق الناس عن مسلم بن عقيل6.
 
ثمّ أمّره ابن زياد على رأس ألف فارس وراجل ووجّهه نحو كربلاء ليلتحق بعمر بن سعد7.
 
ولمّا جاء يوم عاشوراء وخطب الإمام الحسين عليه السلام خطبته الأولى في القوم وذكر اسم حجّار بن أبجر وبعض أسماء أشراف الكوفة ممّن دعاه وذكّرهم بقولهم له، فقال لهم: "ألم تكتبوا إليّ أنّه قد أينعت الثمار واخضرّ الجناب فأقدم علينا، فإنّما تقدم على جند مجنّدة...".
 
فأنكر حجّار بن أبجر عليه ذلك وأنّه لم يفعل8.
 
 
 
 

1- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏37، المقرّم، مقتل الحسين عليه السلام ، ص‏284.
2- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏111.
3- إبصار العين، ص‏39.
4- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏226.
5- الفتوح، ص‏841.
6- وقعة الطفّ، ص‏124.
7- الفتوح، ص‏892.
8- وقعة الطفّ، ص‏208.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
185

165

الفصل الخامس: الظالمون

 وفي أثناء ثورة المختار توجّه إليه حجّار بن أبجر على رأس ثلاثة آلاف رجل إلّا أنّه هزم وفرّ1.

 
ومن بعد ذلك عمل مدّة من الزمن في خدمة مصعب بن الزبير ثمّ مال إلى عبد الملك بن مروان2.
 
حرملة بن كاهل الأسديّ
في يوم عاشوراء قام حرملة برمي الطفل الرضيع للإمام عليه السلام عبد الله بن الحسين بسهم أدّى إلى استشهاده3.
 
وكذلك رمى عبد الله بن الحسن بسهم فقتله4.
وقام حرملة بحمل الرأس المبارك لحضرة أبي الفضل العبّاس عليه السلام معه إلى الكوفة5. وبقي فيها إلى زمن قيام المختار الثقفيّ.
 
وروى المنهال أنّه في سفرٍ له إلى مكّة المكرّمة قام بزيارة الإمام السجّاد عليه السلام فاستخبر منه عمّا صنع حرملة بن كاهل الأسديّ، فأخبره بأنّه ما زال حيّاً في الكوفة، قال: فرفع الإمام السجّاد عليه السلام يديه جميعاً ثمّ قال عليه السلام: "أللهم أذقه حرّ الحديد، أللهم أذقه حرّ النّار".
 
قال المنهال: "فقدمت الكوفة ورأيت المختار وسرت معه حتّى أتى الكنّاس، ثمّ جيء إليه بحرملة بن كاهل فأمر المختار بقطع يديه ورجليه ثمّ أحرقه بالنّار"6.
 
الحصين بن نمير السكونيّ
كان الحصين أحد عمّال معاوية وجاء معه من الشام إلى صفّين وشارك في القتال ضدّ أمير المؤمنين عليه السلام7.
 
 
 

1- تاريخ ابن خلدون، ج‏3، ص‏31، ذوب النضار، ص‏105.
2- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏506 و519.
3- إبصار العين، ص‏55. ورد اللعن عليه في زيارة الناحية لقتله عبد الله بن الحسين الطفّل الرضيع (الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79).
4- أشير في زيارة الناحية إلى هذا المطلب (الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79).
5- تذكرة الخواصّ، ص‏253.
6- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏375.
7- مختصر تاريخ مدينة دمشق، ج‏7، ص‏192.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
186

166

الفصل الخامس: الظالمون

 وكان من أشدّ أعدائه عليه السلام، ومن المدافعين عن تنصيب يزيد وليّاً للعهد، وقد قال لمعاوية في حينها: "والله لئن لقيت الله ولم تبايع ليزيد لتكوننّ مضيّعاً للأمّة"1.

 
ثمّ عمل قائداً لشرطة ابن زياد في الكوفة، وقام باعتقال سفير الإمام الحسين عليه السلام قيس بن مسهّر الصيداويّ وأرسله إلى ابن زياد2. وفي أحداث القتال مع الإمام في كربلاء توجّه الحصين من الكوفة إلى كربلاء على رأس أربعة آلاف رجل فالتحق بعمر بن سعد3.
 
وفي ظهر يوم عاشوراء عندما طلب الإمام الحسين عليه السلام من العدوّ المهلة لإقامة الصلاة، قال الحصين: إنّ صلاتك لا تقبل!!
 
وقد أجابه حبيب على عدم تأدّبه وجرأته فصرخ فيه قائلاً: "زعمت لا تقبل الصلاة من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقبل منك يا..."، فحمل الحصين على حبيب وحمل حبيب عليه.
 
فضرب حبيبٌ وجه فرس الحصين بالسيف فشبّ به الفرس ووقع عنه إلى الأرض، فأسرع أصحاب هذا اللعين الظالم لنجاته وإنقاذه فجعل حبيب يهجم عليهم ليختطفه منهم وقتل منهم كثيرين4. فحمل عليه بديل بن صريم فضربه بسيفه وحمل عليه آخر من تميم فطعنه برمحه فوقع، فذهب ليقوم فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف، وقال مفتخراً: بأنّه شريك في قتله، وطلب من أحدهم أن يعطيه الرأس ليعلّقه على فرسه5، فيراه الناس ويعلموا أنّي شاركت في قتله.
 
ورمى الحصين بن نمير في جملة من رمى الإمام عليه السلام بالسهام، فوقع سهمه فأصاب الفم المبارك له عليه السلام56.


وبعد أحداث عاشوراء عزّزه يزيد وأكرمه وجعله قائداً ثانياً للجيش الذي توجّه لقمع أهل المدينة في واقعة الحرّة، وبعد موت القائد الأوّل (مسلم بن عقبة) تولّى
 
 
 

1- الفتوح، ص‏795.
2- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏41.
3- الفتوح، ص‏891
4- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏70.
5- نفس المصدر.
6- المنتظم، ج‏5، ص‏34.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
187

167

الفصل الخامس: الظالمون

 الحصين قيادة الجيش وتوجّه به نحو مكّة للقضاء على عبد الله بن الزبير، فرمى الكعبة بالمنجنيق ثمّ أحرقها بالنّار فدمّرها1.

 
وتولّى الحصين أيضاً قيادة الجيش في القضاء على التوّابين واستشهد في هذه الواقعة سليمان بن صرد الخزاعيّ2.
 
وفيما بعد أرسله عبد الملك بن مروان على رأس أربعين ألف مقاتل لمواجهة إبراهيم بن الأشتر، فالتقيا في نواحي الموصل، وهزم الحصين وانتصر بن الأشتر، وقام إبراهيم بقتل الحصين وعبيد الله بن زياد وأرسل برأسيهما إلى المختار3.
 
حكيم بن الطفيل السنبسيّ
في يوم عاشوراء قام حكيم بن الطفيل بضرب أبي الفضل العبّاس عليه السلام بالسيف فقطع يده اليسرى4. ولذا ورد اللعن عليه في زيارة الناحية 5بعنوان أنّه أحد قاتلي العبّاس عليه السلام، وكان أحد الرماة الذين رموا الإمام الحسين عليه السلام بالسهام6.
 
وبعد استشهاد الإمام عليه السلام كان أحد العشرة الذين داسوا جسد الحسين عليه السلام بخيولهم بأمر من ابن سعد7.
 
وعندما قبض المختار الثقفيّ على حكيم أمر برميه بالسهام ومن ثمّ قتله8.
 
خولّي بن يزيد الأصبحيّ
قام خولّي في يوم عاشوراء برمي عثمان بن عليّ عليه السلام9 وجعفر بن أمير المؤمنين عليه السلام فقتلهما10.
 
 



1- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏360، مروج الذهب، ج‏3، ص‏71.
2- البداية والنهاية، ج‏8، ص‏240.
3- الأخبار الطوال، ص‏293، مختصر تاريخ مدينة دمشق، ج‏7، ص‏192.
4- المقرّم، مقتل الحسين عليه السلام ، ص‏269.
5- الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79.
6- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏242.
7- اللهوف، ص‏135، مثير الأحزان، ص‏78.
8- ذوب النضار، ص‏119.
9- مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏107، بحار الأنوار، ج‏45، ص‏37، مقاتل الطالبيّين، ص‏89، جمهرة النسب، ج‏1، ص‏194، نفس المهموم، ص‏327. ورد اللعن عليه في زيارة الناحية لقتله عثمان بن عليّ عليه السلام (الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79).
10- مقاتل الطالبيّين، ص‏88.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
188

168

الفصل الخامس: الظالمون

 وبعد وقوع الإمام الحسين عليه السلام على الأرض توجّه خولّي نحو الإمام عليه السلام ليقطع رأسه فلم يقوَ على ذلك وأصابته الرعدة والرجفة في أطرافه1 فتنحّى عنه، ولمّا أقدم سنان بن أنس (أو الشمر) 2على قطع رأس الإمام عليه السلام أودعه عند خولّي3 الذي أوكِل إليه أخذ الرأس المقدّس إلى عبيد الله بن زياد.

 
ولمّا وصل إلى الكوفة ليلاً كان قصر ابن زياد مقفلاً، فأخذ رأس الإمام عليه السلام معه إلى بيته وجعله في التنّور وقال لزوجته نوار: "جئتك بغناء الدهر، برأس الحسين عليه السلام "، فقالت له وهي غاضبة: "ويحك جاء الناس بالذهب والفضّة وجئت برأس الحسين بن رسول الله، والله لا جمع رأسي ورأسك وسادة أبداً"4.
 
وحمل خولّي الرأس المبارك صباحاً وتوجّه به نحو ابن زياد5. ومع قيام المختار الثقفيّ وجّه إليه بعض أتباعه للقبض عليه فاختبأ في الحمّام وأشارت لهم زوجته بيدها عن مكانه فقبضوا عليه ومن ثمّ قتله المختار وأحرق جثّته6.
 
ذويد مولى عمر بن سعد
كان ذويد غلاماً لعمر بن سعد وقد أُوكل إليه في يوم عاشوراء حمل الراية7.
 
رجاء بن منقذ العبديّ
أحد العشرة من الفرسان الذين وطئوا بالخيل جسد الإمام الحسين عليه السلام8. قتل على يد المختار الثقفيّ9.
 
 
 

1- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏76، ادعى بعضهم بأنّه هو الذي قطع رأس الإمام عليه السلام ، (الفتوح، ص‏911).
2- الإرشاد، ج‏2، ص‏112.
3- وقعة الطفّ، ص‏254 و255، البداية والنهاية، ج‏8، ص‏178.
4- تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏455.
5- البداية والنهاية، ج‏8، ص‏17.
6- ذوب النضار، ص‏118 و119.
7- وقعة الطفّ، ص‏204.
8- اللهوف، ص‏135، مثير الأحزان، ص‏78.
9- اللهوف، ص‏136، مثير الأحزان، ص‏78.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
189

169

الفصل الخامس: الظالمون

 رستم

غلام شمر بن ذي الجوشن، وذكر أنّه عندما جلست أمّ وهب فوق رأس زوجها عبد الله بن عمير المضمّخ بدمائه، أمر الشمر غلامه رستم بضرب رأس أمّ وهب بعمود الخيمة فضربها به فشقّه واستشهدت1 رضوان الله عليها.
 
رضيّ بن منقذ العبديّ
حمل رضيّ في يوم عاشوراء على برير فاعتنقه وتعاركا ساعة ثمّ إنّ بريراً قعد على صدره فاستنجد رضيّ بأصحابه فذهب إليه كعب بن جابر الأزديّ ليستنقذه منه فحمل على برير بالرمح وطعنه في ظهره، ولمّا أحسّ برير بطعنة رمح كعب في بدنه برك على صدر رضيّ بن منقذ فعضّ وجهه وطعنه كعب بالرمح مرّة أخرى حتّى أزاحه عن ابن منقذ العبديّ ووصلت الطعنة إلى عمق ظهره فاستقرّت فيه، ثمّ أقبل عليه يضربه بسيفه حتّى استشهد2 رضوان الله عليه، ثمّ قام رضيّ بن منقذ العبديّ عن الأرض ينفض التراب عن قبائه شاكراً لكعب صنيعه بحقّه.
 
زحر بن قيس
زحر أو زجر3 كان حاضراً في صفّين ثمّ ذهب من بعدها إلى المدائن وكان فيها4 زمن استشهاد الإمام الحسين عليه السلام. وبعد أحداث عاشوراء أمره عبيد الله بن زياد بحمل رأس الإمام عليه السلام وسائر رؤوس الشهداء في كربلاء إلى يزيد بن معاوية في الشام5.
 
وقام زحر ضدّ المختار الثقفيّ ومن ثمّ خرج من الكوفة6، والتحق بمصعب بن الزبير وشاركه في قتال المختار، وبعد ذلك أعلن ولاءه الكامل لعبد الملك بن مروان تحت راية الحجّاج7.
 
 
 
 

1- إبصار العين، ص‏180 و181.
2- وقعة الطفّ، ص‏222.
3- تاريخ بغداد، ج‏8، ص‏489.
4- مختصر تاريخ مدينة دمشق، ج‏9، ص‏330.
5- الفتوح، ص‏915.
6- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏219.
7- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏408.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
190

170

الفصل الخامس: الظالمون

 زرعة بن أبان بن دارم

لمّا اشتدّ العطش بالإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء، توجّه سلام الله عليه نحو الفرات. فصاح زرعة صيحة ليُحال بين الحسين عليه السلام وبين الماء فقال الإمام عليه السلام: "أللهم اقتله عطشاً ولا تغفر له أبداً"1.
 
وغضب زرعة لذلك فرمى الحسين عليه السلام بسهمٍ وقع في حنكه ولمّا نزعه الامام عليه السلام جرت منه الدماء 2.
وابتلي زرعة بعد عاشوراء بالعطش الدائم فكان يصرخ اسقوني اسقوني، وكلّما شرب من الماء يمتلئ بطنه ولا يُروى منه حتّى هلك بذلك3.
 
زرعة بن شريك التميميّ
لمّا أمر الشمر بمحاصرة الإمام الحسين عليه السلام قام زرعة بالهجوم عليه وضربه بالسيف على يده اليسرى وضرب الحسين عليه السلام زرعة فصرعه4.
 
زيد بن رُقاد الجنبيّ 5
حمل في يوم عاشوراء على العبّاس بن عليّ عليه السلام وسدّد إليه ضربة 6وشارك في قتله، وكذلك شارك في قتل سويد الخثعميّ7.
 
وقتل أيضاً عبد الله بن مسلم بن عقيل8. وقال زيد فيما بعد عن مقتل عبد الله: "لقد رميت فتى منهم بسهم وكفّه على جبهته يتّقي النبل فأثبتُ كفّه في جبهته فما استطاع أن يزيل كفّه عن جبهته"9.
 
 
 

1- مثير الأحزان، ص‏71.
2- الإرشاد، ج‏2، ص‏109، اللهوف، ص‏118 و119، بحار الأنوار، ج‏45، ص‏310.
3- مثير الأحزان، ص‏71، الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏76.
4- وقعة الطفّ، ص‏254، اللهوف، ص‏125.
5- نقلت له أسماء مختلفة: زيد بن ورقاء الحنفيّ (الإرشاد، 2، ص‏110)، يزيد بن رقاد الحينيّ (في زيارة الناحية: الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79)، زيد بن ورقاء الجهنيّ (مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏117)، وزيد بن رقاد الجنبيّ (الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏243، تاريخ 
الأمم والملوك، ج‏3، ص‏335).
6- الإرشاد، ج‏2، ص‏110، مناقب آل أبي طالب، ج‏4، ص‏117.
7- وقعة الطفّ، ص‏239.
8- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏243.
9- تاريخ الأمم والملوك، ج‏6، ص‏64، الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏43.



 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
191

171

الفصل الخامس: الظالمون

 ذُكر في زيارة الناحية بعنوان قاتل العبّاس بن عليّ عليه السلام وورد اللعن عليه1.

وبأمرٍ من المختار الثقفيّ رُمي زيد بن رقاد بالنبل والحجارة فسقط ثمّ أحرق2.
 
سالم بن خيثمة الجعفيّ
كان أحد الفرسان العشرة الذين وطئوا3 جسد الحسين عليه السلام بخيولهم بعد استشهاده، ومن ثمّ قتل بأمرٍ من المختار الثقفيّ4.
 
سالم
هو مولى عبيد الله بن زياد، وفي يوم عاشوراء برز إلى الميدان إلى جانب يسار مولى زياد بن أبيه وطلبا مبارزة الأقران، فعزم حبيب وبرير على النزول إليهما فمنعهما الحسين عليه السلام، ولمّا استجاز عبد الله بن عمير الكلبيّ من الإمام عليه السلام للنزول إليهما أجازه فبرز إليهما، فقتل يسار أوّلاً ثمّ مال نحو سالم فابتدره سالم بضربة سيفه فوقعت على يده اليسرى فقطعت أصابع عبد الله ومن ثمّ ضربه عبد الله فهلك5.
 
سرجون الروميّ 
من نصارى أهل الشام، عرف بأنّه كاتب معاوية وصاحب أمره على ديوان الخراج6. وبعد موت معاوية أصبح مستشاراً ليزيد. وعندما استشاره في أمر بيعة أهل الكوفة لمسلم بن عقيل وتحرّك الإمام الحسين عليه السلام نحو تلك البلاد أشار عليه سرجون قائلاً: "أشير عليك أن تكتب إلى عبيد الله بن زياد فإنّه أمير البصرة فتجعل له الكوفة زيادة في عمله حتّى يكون هو الذي يقدم الكوفة فيكفيك أمرهم"98.
 
 
 

1- الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79.
2- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏243.
3- اللهوف، ص‏135.
4- نفس المصدر، ص‏136، مثير الأحزان، ص‏78.
5- الإرشاد، ج‏2، ص‏101، الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏65، تاريخ الأمم والملوك، ج‏4، ص‏65.
6- تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏230.
7- الفتوح، ص‏845.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
192

172

الفصل الخامس: الظالمون

 فعمل يزيد بتوصية سرجون وولّى عبيد الله بن زياد على الكوفة1.

 
سنان بن أنس النخعيّ
جاء برفقة ابن سعد إلى كربلاء، وفي يوم عاشوراء شارك الشمر في فصل الإمام الحسين عليه السلام عن الخيام، وحمل2 على الإمام عليه السلام ورماه بسهم وكذلك طعنه برمحه فأوقعه على الأرض4.
 
وعلى حدّ قول ابن طاووس فإنّ سنان طعن الإمام عليه السلام برمحه في ترقوته، ثمّ انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره، ثمّ رماه بسهم فوقع في نحره، فسقط الإمام الحسين عليه السلام من على فرسه إلى الأرض5.
 
ثمّ قدم مع رجلٍ آخر نحو الحسين عليه السلام يضربه بالسيف، وذكر بعضهم أنّ سنان أراد أن يأخذ رأس الحسين عليه السلام فحمل عليه ووقف عند رأسه عليه السلام فذبحه وقطع الرأس عن بدنه الطاهر6. وبتوصية من الكوفيّين ذهب نحو ابن سعد ليؤكّد له بأنّه قتل خير الخلق طالباً منه الجائزة فقال:
 
أَوْقِرْ رِكَابِي فِضَّةً وَذَهَباً                أَنَا قَتَلْتُ المَلِكَ المُحَجَّبا
قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمَّاً وَأَباً              وَخَيْرَهُمْ إِذْ يَنْسِبُونَ نَسَبا
وَخَيْرَهُمْ فِي قَوْمِهِمْ مَرْكَبَا 7
 
وعند قيام المختار بثورته أمر بإحضار سنان ففرّ إلى البصرة فهدم المختار داره، وعندما توجّه سنان نحو القادسيّة قبض عليه في منتصف الطريق فقطع يديه ورجليه ثمّ رماه في قدر يغلي بالزيت حتّى هلك8.
 
 
 

1- تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏357.
2- الإرشاد، ج‏2، ص‏112.
3- الفتوح، ص‏910.
4- وقعة الطفّ، ص‏254 و255.
5- اللهوف، ص‏126.
6- وقعة الطفّ، ص‏254 و255.
7- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏78، تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏454.
8- ذوب النضار، ص‏120، اللهوف، ص‏127.



 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
193

173

الفصل الخامس: الظالمون

 شبث بن ربعيّ المذحجيّ

كان مؤذّناً لشخصٍ اسمه سجاح الذي ادّعى النبوّة في السنة الحادية عشرة للهجرة1. وأسلم شبث بعد ذلك2، وكان شبث أحد الساعين في قتل عثمان3.
 
وفي أيّام خلافة أمير المؤمنين عليه السلام شارك إلى جانب أبي موسى الأشعريّ في تحذير أهل الكوفة4 من نصرة الإمام عليّ عليه السلام.
 
وفي صفّين شارك شبث إلى جانب أصحاب الإمام عليه السلام وعند انتهاء المعركة مال إلى الخوارج وأصبح أحد زعمائهم5
 
وكان له مسجدٌ في الكوفة إلّا أنّ أمير المؤمنين عليه السلام منع الناس من الذهاب إليه6.
 
وشهد شبث بن ربعيّ بطلبٍ من زياد ابن أبيه في جملة من شهد ضدّ حجر بن عديّ ولهذه الشهادة قام معاوية بقتل حجر وأصحابه7.
 
وكان شبث أيضاً أحد الذين كتبوا للإمام عليه السلام يدعونه إليهم8، وقد قالوا فيما قالوه في رسالتهم9 له: "قد اخضرّ الجناب وأينعت الثمار وأعشبت الأرض وأورقت الأشجار فأقدم علينا إذا شئت فإنّما تقدم على جندٍ مجنّدة لك..."10.
 
ومع ورود ابن زياد إلى الكوفة قام شبث بأمرٍ من ابن زياد بالعمل على فصل الناس عن مسلم بن عقيل11.
 
وبعد استشهاد مسلم وعلى مشارف بدء القتال مع الإمام الحسين عليه السلام، طلب عبيد
 
 
 


1- الفتوح، ص‏21.
2- تهذيب الكمال، ج‏8، ص‏266.
3- نفس المصدر، ج‏4، ص‏303.
4- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏25.
5- نفس المصدر.
6- الكافي، ج‏3، ص‏486.
7- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏226.
8- الفتوح، ص‏841، البداية والنهاية، ج‏8، ص‏144.
9- الفتوح، ص‏841.
10- وقعة الطفّ، ص‏895.
11- نفس المصدر، ص‏124.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
194

174

الفصل الخامس: الظالمون

 الله بن زياد من شبث بن ربعيّ التوجّه إلى كربلاء. فادّعى المرض ولمّا علم أن ابن زياد عرف بحيلته خاف منه فلبّى دعوته وبأمرٍ منه توجّه على رأس ألف فارس نحو كربلاء فالتحق بعمر بن سعد1.

 
وفي يوم عاشوراء جعله ابن سعد في قيادة الرجالة2 (المشاة) وعندما خطب الإمام الحسين عليه السلام خطبته الأولى وذكر اسم شبث بن ربعيّ وعدداً من أشراف الكوفة الذين كتبوا إليه ودعوه أنكر شبث في جوابه عليه دعوته له وأنّه لم يفعل3.
 
وبعد واقعة كربلاء سعى شبث عند عبد الله بن مطيع والي الكوفة من قبل عبد الله بن الزبير لمواجهة المختار إلّا أنّهم هزموا، واضطرّ شبث إلى الفرار من الكوفة4. وفي سنة سبعين للهجرة وافته المنيّة فهلك5.
 
شريح القاضي
هو شريح بن حارث الكنديّ، أسلم في عهد النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وكان مقيماً في اليمن، نصّبه عمر قاضياً في الكوفة وبقي في منصبه ستّين سنة6.


وقد همّ أمير المؤمنين عليه السلام بعزله إلّا أنّه قوبل باعتراض أهل الكوفة الذين أرادوا بقاءه في منصبه، وقد وقف شريح مراراً في مقابل أمير المؤمنين عليه السلام مسيئاً له ومجترئاً عليه.
 
وشهد شريح بطلب من ابن زياد بن أبيه في جملة من شهد من أشراف الكوفة ضدّ حجر بن عديّ ولهذه الشهادة قام معاوية بقتل حجر وأصحابه7.


وبعد سيطرة ابن زياد على الكوفة واعتقال هانئ بن عروة وكان أحد رؤساء قبيلة مذحج، حاصر المذحجيّون دار الإمارة مطالبين بإطلاق سراح هانئ إلّا أنّ ابن زياد
 
 
 

1- الفتوح، ص‏891 و892.
2- الفتوح، ص‏902، الأخبار الطوال، ص‏256.
3- وقعة الطفّ، ص‏208.
4- المنتظم، ج‏6، ص‏53.
5- الأعلام، ج‏3، ص‏154.
6- تهذيب الكمال، ج‏8، ص‏318، سير /أعلام النبلاء، ج‏5،ص‏130.
7- نفس المصدر.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
195

175

الفصل الخامس: الظالمون

 طلب من شريح الذي كان معتمداً عند أهل الكوفة ومورد اطمئنانهم أن يتكلّم مع القوم ليخبرهم كذباً بسلامة هانئ حتّى يتفرّقوا، وبأسلوب ماكر خدّاع قام شريح بطمأنة الناس بأنّ هانئ حيّ لم يقتل فتفرّق الناس ورجعوا1.

 
هذا والشايع بأنّ شريح هو الذي أفتى بقتل الإمام الحسين عليه السلام إلّا أنّه لا يوجد أيّ أثر لهذه الدعوى في المصادر المعتبرة2.
 
ومع ورود المختار إلى مدينة الكوفة وإقامته فيها سعى بعض الناس إليه في إبقاء شريح في منصب القضاء إلّا أنّ الموالين لأهل البيت عليهم السلام تعجّبوا من ذلك وذكروا شهادته ضدّ حجر بن عديّ وخيانته في قضيّة هانئ بن عروة، فامتنع المختار عن إعادة تنصيبه قاضياً3.
 
شمر بن ذي الجوشن
واسمه الحقيقيّ شرحبيل بن عمرو بن معاوية4. شارك في معركة صفّين إلى جانب أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وجرح في تلك المعركة5.


كان الشمر مقيماً في الكوفة وكان أحد الذين شهدوا ضدّ حجر بن عديّ بطلبٍ من زياد ابن أبيه ولهذه الشهادة قام معاوية بقتل حجر وأصحابه6.
 
وعُدَّ الشمر من أشراف أهل الكوفة ومن رؤساء قبيلة هوازن، ومع ورود ابن زياد إلى الكوفة أصبح من المقرّبين منه وبطلب من ابن زياد قام الشمر مع جماعة من أشراف الكوفة بإبعاد الناس عن مسلم بن عقيل، ويروى أنّه حمل راية الأمان داعياً الناس للابتعاد عنه7.
 
وعندما قام ابن سعد بإرسال كتابٍ إلى ابن زياد يذكر له إصلاح الأمور وقبول الحسين عليه السلام بالرجوع إلى المدينة أو أحد ثغور المسلمين اعترض الشمر على ذلك
 
 
 

1- الأخبار الطوال، ص‏238.
2- حسين عندليب، ثار الله، ص‏126.
3- تاريخ الأمم والملوك، ج‏6، ص‏34.
4- الأخبار الطوال، ص‏279.
5- نصر بن مزاحم، وقعة صفّين، ص‏267.
6- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏226.
7- وقعة الطفّ، ص‏124.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
196

176

الفصل الخامس: الظالمون

 وقام بترغيب ابن زياد برفض شروط الإمام الحسين عليه السلام وقتله وقال له: "أتقبل هذا منه وقد نزل بأرضك إلى جنبك، والله لئن رحل من بلدك ولم يضع يده في يدك ليكوننّ أولى بالقوّة والعزّ ولتكوننّ أولى بالضعف والعجز...".

 
فارتضى ابن زياد مقالة الشمر وكتب رسالة إلى ابن سعد يحذّره فيها من محاولته إزالة العقد والتوسّط لحلّ النزاع وأمره فيها بقتل الإمام الحسين عليه السلام1.


ومضافاً إلى ذلك فإنّ ابن زياد أكّد له في رسالته بأنّك: "إن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا وخلِّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فإنّا قد أمرناه بأمرنا والسلام"2.
 
وأعطى ابن زياد الرسالة إلى الشمر ليكون ناظراً على إنفاذ ما فيها، ويقول ابن أعثم: إنّ الشمر جاء إلى كربلاء على رأس أربعة آلاف رجل لمحاربة الإمام الحسين عليه السلام فالتحق بعمر بن سعد3، ولمّا قرأ ابن سعد رسالة ابن زياد أكّد للشمر بأنّه سيتولّى بنفسه تنفيذ مطالب ابن زياد.
 
وفي خطوة أخرى جاء الشمر حتّى وقف على أصحاب الحسين عليه السلام ونادى أبناء أمّ البنين على أنّهم "بنو أختنا"4، وأخبرهم برسالة الأمان التي جاءهم بها فقام أبناء أمّ البنين بلعنه5.
 
وفي يوم العاشر من المحرّم أوكل ابن سعد ميسرة الجيش إلى شمر بن ذي الجوشن6. وقد تعرّض مراراً للإمام عليه السلام وأصحابه وحمل عليهم عدّة مرّات أيضاً. وفي إحدى المرّات قام بالهجوم عليهم قبل صلاة الظهر وضرب برمحه خيمة الإمام الحسين عليه السلام وأمر بإحضار النّار لإحراقها ن النسفصحوة وخرجن من الخيمة وعندما رأى الإمام عليه السلام هذا المنظر صرخ قائلاً: "يا ابن ذي الجوشن أنت الداعي بالنّار لتحرق عليّ أهلي أحرقك الله بالنّار".
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏188.
2- الفتوح، ص‏895.
3- الفتوح، ص‏891.
4- كان الشمر من بني كلاب، وقبل مجيئه إلى كربلاء ذهب برفقة عبد الله بن أبي المحلّ الكلابيّ إلى ابن زياد وطلبا منه أن يكتب لهما أماناً لأبناء أمّ البنين وقد كانت كلابيّة أيضاً فكتب لهما ذلك (وقعة الطفّ، ص‏186).
5- وقعة الطفّ، ص‏190.
6- الفتوح، ص‏901.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
197

177

الفصل الخامس: الظالمون

 وفي تلك الحال قام زهير ومعه جمع من الأصحاب بإجلاء الشمر عن موضعه1.

 
وفي موقفٍ آخر قام الشمر بعد أن أسر نافع بن هلال وقد جرح جراحات بليغة بإحضاره إلى ابن سعد فضربت عنقه واستشهد رضوان الله عليه2.
 
وتوالت حملات الشمر وأصحابه فرساناً ومشاة بالهجوم على الإمام عليه السلام ومخيّمه ليفصل بينه وبين النساء فتوجّه الشمر نحو خيمة أهل البيت عليهم السلام فصاح فيه الحسين سلام الله عليه:
 
"يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم...".
 
وحينئذٍ ناداه شمر: ما تقول يا ابن فاطمة؟
 
فقال له الحسين عليه السلام: "أقول أنا الذي أقاتلكم وتقاتلوني والنساء ليس عليهنّ جناح فامنعوا عتاتكم عن التعرّض لحرمي".
 
ثمّ صاح الشمر بجيشه أن ارجعوا عن حرم الرجل واقصدوا الحسين عليه السلام بنفسه3، فهجموا عليه وحاصروه4.
 
وراح الشمر يرغّب أصحابه في قتل الإمام عليه السلام فكان يقول لهم: "ما وقوفكم وماذا تنتظرون بالرجل وقد أثخنته الجراح وما هو إلّا رجل واحد؟ احملوا عليه جميعاً"5.
 
فحملوا عليه من كلّ جانب وضربه كلّ واحد منهم ضربة بسيفه6، وذكر بعض المؤرّخين أنّ الشمر هو من قطع رأس الحسين عليه السلام ثمّ أعطاه لخولّي بن يزيد7.
 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏228 و229.
2- نفس المصدر، ص‏233.
3- الفتوح، ص‏909.
4- وقعة الطفّ، ص‏253.
5- الفتوح، ص‏910.
6- وقعة الطفّ، ص‏254 و255.
7- الإرشاد، ج‏2، ص‏112.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
198

178

الفصل الخامس: الظالمون

 وأمر الشمر أصحابه بالهجوم على الخيام قائلاً لهم: "اسلبوا كلّ ما تجدونه"، وهجم الشمر على خيمة الإمام السجّاد عليه السلام والتي كان يداوى فيها فسلّ سيفه وأراد قتل الإمام زين العابدين عليه السلام إلّا أنّ البعض منعه من ذلك. ثمّ أمر شمر اللعين بإحراق خيم أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاحترقت جميعاً1.

 
ثمّ حمل الشمر عدداً من قادة الجيش رؤوس الشهداء وبأمرٍ من ابن سعد توجّه بها نحو الكوفة فدخلوا على مجلس ابن زياد2.
 
ومن ثمّ أمره ابن زياد بقيادة أهل البيت ورؤوس الشهداء في كربلاء إلى الشام. ولمّا ورد مجلس يزيد قدّم له تقريراً عن وقائع قتل الحسين عليه السلام وأصحابه وممّا قاله له: "يا أمير المؤمنين، ما كان إلّا جزر جزور أو نومة قائل حتّى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجرّدة ووجوههم معفّرة وثيابهم بالدماء مرمّلة، تصهرهم الشمس وتسفي عليهم الريح زوّارهم العقبان والرخم...".
 
ولمّا سمع يزيد بذلك فرح فرحاً شديداً3.
ومع قيام المختار الثقفيّ بثورته أرسل جماعة من جيشه يقودهم أبو عمرة لقتال الشمر فتقاتلوا وقُتل الشمر وجيء برأسه إلى المختار4
 
صالح بن وهب الجعفيّ
قام صالح في اللحظات الأخيرة من يوم عاشوراء بطعن الإمام الحسين عليه السلام برمحه فأوقعه من فرسه على الأرض149.


وكان أحد الفرسان العشرة الذين وطئوا بالخيل جسد الحسين عليه السلام بأمرٍ من ابن سعد6، وقتل على يد المختار الثقفيّ7.
 
 
 


1- الفتوح، ص‏912.
2- وقعة الطفّ، ص‏259.
3- الفتوح، ص‏891.
4- ذوب النضار، ص‏116 و117.
5- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏35.
6- اللهوف، ص‏135.
7- نفس المصدر، ص‏136، مثير الأحزان، ص‏78.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
199

 


179

الفصل الخامس: الظالمون

 عامر بن نهشل التيميّ

قام في يوم عاشوراء بقتل محمّد بن عبد الله بن جعفر1، وورد اللعن عليه في زيارة الناحية لهذا السبب2.
 
عبد الرحمن بن الحصين الأزديّ
كان أحد أفراد الجيش الذين منعوا الماء عن الإمام عليه السلام، وبعد وصولهم إلى شريعة الفرات صاح قائلاً: يا ابن فاطمة ويا ابن رسول الله لن تذوق من هذا الماء قطرة واحدة حتّى تموت عطشاً أو تنزل على حكم الأمير عبد الله بن زياد، ولمّا سمع الحسين عليه السلام هذا النداء، قال عليه السلام: "من أنت حتّى تقول مثل هذا القول؟"
 
فعرّف عن نفسه، وحينئذٍ قال له الإمام عليه السلام: "أللهم اقتله عطشاناً ولا تغفر له أبداً".
 
ويذكر الرواة أنّ عبد الرحمن مرض وغلب عليه العطش فكان مهما سُقي من الماء وشرب منه لا يُروى وكان يصيح من العطش إلى أن سلّم روحه لمالك النّار3.
 
عبد الله بن حوزة التميميّ
في يوم عاشوراء وبعد الحملة الأولى نزل ابن حوزة إلى الميدان وجاء حتّى وقف بحيال الإمام الحسين عليه السلام فنادى بكلّ وقاحة مخاطباً الإمام عليه السلام فقال له عليه السلام: "ماذا تريد"؟
 
فقال ابن حوزة: "أبشر يا حسين بالنّار".
 
فقال الإمام عليه السلام: "كلّا إنّي أقدم على ربٍّ رحيمٍ وشفيع مطاع".
 
ثمّ التفت الإمام عليه السلام إلى أصحابه فسألهم "من هذا"؟
 
فقالوا: ابن حوزة.
 
فقال عليه السلام: "حازه الله إلى النّار".
 
 
 

1- الإرشاد، ج‏2، ص‏107.
2- الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79.
3- الفتوح، ص‏893، روضة الواعظين، ج‏1، ص‏183.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
200

180

الفصل الخامس: الظالمون

 فاضطربت به فرسه في جدول فعلقت رجله بالركاب ووقع رأسه على الأرض ونفر في الفرس فجعل يمرّ برأسه على كلّ حجر وأصل شجرة حتّى مات1.

 
وقال أبو مخنف: إنّ مسروق بن وائل لمّا رأى ما حلّ بعبد الله بن حوزة وكيفيّة هلاكه رجع وترك الخيل وراءه فسئل عن علّة رجوعه فقال مسروق: لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئاً لا أقاتلهم أبداً2.
 
عبد الله بن خشكارة البجليّ
كان أحد المشاركين في يوم عاشوراء بقتل مسلم بن عوسجة3، وورد اللعن عليه في زيارة الناحية لقبح ما قام به4.
 
عبد الله بن عقبة الغنويّ
يعتبر ابن عقبة قاتل أبي بكر بن الحسن في عصر يوم عاشوراء5 ورد اللعن عليه في زيارة الناحية6.
 
عبد الله بن قطبة الطائيّ
هو قاتل عون بن عبد الله بن جعفر7، ورد اللعن عليه في جملة من قاموا بذلك في زيارة الناحية8.
 
عبيد الله بن زياد
ولد من أمٍّ يقال لها مرجانة9، ولسوء أفعالها وما كانت تقوم به نسب عبيد الله إلى أمّه10.
 
 


1- وقعة الطفّ، ص‏219 و220، الهيثميّ، مجمع الزوائد، ج‏9، ص‏193.
2- وقعة الطفّ، ص‏220.
3- إبصار العين، ص‏63.
4- الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79.
5- الإرشاد، ج‏2، ص‏109.
6- الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79.
7- الإرشاد، ج‏2، ص‏107، مثير الأحزان، ص‏87.
8- الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79.
9- أنساب الأشراف، ج‏4، ص‏75.
10- دائرة المعارف بزرك إسلامي، ج‏3، ص‏640 (دائرة المعارف الإسلاميّة الكبرى).

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
201

181

الفصل الخامس: الظالمون

 وأبوه زياد بن أبيه أيضاً مشهورٌ بكونه ابن زنا 1وينسب كذلك إلى أمّه سميّة2.

 
وبعد موت زياد ابن أبيه في سنة ثلاثة وخمسين للهجرة وجّه معاويةُ عبيد الله إلى خراسان وأوكل إليه ولاية تلك البلاد3.
 
واستمرّ ابن زياد في ولاية خراسان حتّى سنة ستّة وخمسين للهجرة ومن ثمّ عهد إليه حكومة البصرة4.
 
وبعد موت معاوية في سنة ستّين للهجرة وابتداء خلافة يزيد بن معاوية بقي ابن زياد في ولاية البصرة، ولمّا سمع يزيد بتحرّك الإمام الحسين عليه السلام ومجيء مسلم بن عقيل إلى الكوفة أشار سرجون عليه - وكان رجلاً نصرانيّاً يعمل مستشاراً عنده - قائلاً: "أشير عليك أن تكتب إلى عبيد الله بن زياد فإنّه أمير البصرة فتجعل له الكوفة زيادة في عمله حتّى يكون هو الذي يقدم الكوفة فيكفيك أمرهم"5.
 
فقبل يزيد بذلك وضمّ إليه ولاية الكوفة مضافاً إلى ولاية البصرة وأوعز إليه بقتل مسلم بن عقيل6.
 
وقبل أن يترك ابن زياد البصرة متوجّهاً إلى الكوفة قام بقتل سليمان بن رزين سفير الإمام الحسين عليه السلام، وبعد أن خطب في الناس فهدّدهم وتوعّدهم طالباً منهم الابتعاد عن الإمام الحسين عليه السلام مضى إلى الكوفة7.
 
وكان الكوفيّون قد بايعوا الإمام الحسين عليه السلام ودعوه إليهم، ولكنّهم عندما رأوا عبيد الله بن زياد قد دخل المدينة مقنّعاً وجهه ظنّوا أنّه الإمام عليه السلام فجاءوا إليه
 
 
 
 

1- أشار الإمام الحسين عليه السلام إلى سوء وقبح مولد عبيد الله وأبيه زياد بقوله: "الدعيّ ابن الدعيّ" (موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام ، ص‏423).
2-كانت سميّة مشهورة بالزنا والفاحشة، وكانت في الجاهليّة من ذوي الرايات في الطائف ترفع علماً فوق بيتها. وادعى شخص من ثقيف اسمه أبي عبيد، عبد بني علاج أنّه أب لزياد، ولمّا كان مجهولاً كان زياد متنفّراً من ذلك، فألحقه معاوية بنسب أبي سفيان وادعى بأنّهأخوه من أبيه، وقال له: إنّ أباك أبي، بل إنّه في مجلس في الشام جمع الناس واستشهد على مدّعاه رجلاً يقال له: أبو مريم كان شاهداً على ما حصل. وأخبرت عائشة أيضاً عن عدم معروفيّة أي أبٍ لزياد وكونه مجهولاً (الفتوح، ص‏774 و775، مروج الذهب، ج‏3، ص‏10).
3- مختصر تاريخ مدينة دمشق، ج‏15، ص‏314.
4- تاريخ اليعقوبيّ، ج‏2، ص‏237.
5- الفتوح، ص‏845.
6- تاريخ الأمم والملوك، ج‏7، ص‏228.
7- الفتوح، ص‏846.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
202

182

الفصل الخامس: الظالمون

 أفواجاً أفواجاً يسلّمون عليه، وعندما اتضح لهم أنّه ابن زياد تفرّقوا عنه وفرّوا من بين يديه1، وفي خطبته أمام أهل الكوفة قام عبيد الله بن زياد بتهديد المخالفين له بشدّة2.

 
ومن ثمّ بدأ بالبحث عن مسلم بن عقيل واستطاع بالحيلة والدهاء أن يعرف مكان اختفائه فاعتقله بعد أن ألقى القبض على هانئ بن عروة وقام بقتلهما جميعاً. وأرسل برأسيهما إلى يزيد وكتب له يخبره بأحداث الكوفة وما جرى فيها انتهاءً بقتل مسلم3.
 
وفي خطوة أخرى وجّه عبيد الله بن زياد الحرّ بن يزيد لملاقاة الإمام الحسين عليه السلام في الطريق ثمّ أرسل إليه أن يجعجع به ويمنعه عن المسير حتّى يصل إليه أمره فيه ومن ثمّ ألحق به عمر بن سعد على رأس جيش كبير4.
 
وفي كربلاء قام عمر بن سعد بمحاورة الإمام عليه السلام وأرسل بكتابٍ إلى ابن زياد يخبره فيه عن نيّة الحسين عليه السلام الرجوع إلى المدينة ولذا فلا موجب للحرب معه، وفي بادئ الامر قبل ابن زياد بذلك إلّا أن الشمر بن ذي الجوشن مانعه في قبول الصلح فعدل عن ذلك وأرسل من فوره إلى عمر بن سعد برسالة جاء فيها: "إنّي لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ولا لتطاوله ولا لتمنّيه السلامة والبقاء... انظر فإن نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث إليهم سلماً وإن أبوا فازحف عليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم... وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا وخلِّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فإنّا قد أمرناه بأمرنا والسلام"5.
 
وعندما اطلع عبيد الله بن زياد على تصميم ابن سعد بمقاتلة الإمام الحسين عليه السلام أرسل له كتاباً ثانياً أكّد فيه أن يحوّل بين الحسين عليه السلام وأصحابه وبين الماء وأن لا يدعهم يشربون منه ولو قطرة واحدة6.
 
 
 

1- الفتوح، ص‏847، تاريخ الأمم والملوك، ج‏7، ص‏229.
2- مقاتل الطالبيّين، ص‏97.
3- البداية والنهاية، ج‏8، ص‏156، تاريخ الأمم والملوك، ج‏7، ص‏229 - 231.
4- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏52.
5- وقعة الطفّ، ص‏188.
6- نفس المصدر، ص‏190.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
203

183

الفصل الخامس: الظالمون

 ونفّذ ابن سعد ما طلب منه ومن ثمّ وقعت أحداث يوم عاشوراء الدمويّة واستشهد الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه الأوفياء وأسر البقيّة من أهل بيته.

 
ولقد أثار هذا العمل القبيح الذي قام به ابن زياد غضب الكثيرين أمثال عبد الله بن عفيف الأزديّ الذي قاطع خطبة ابن زياد بعد استشهاد الإمام عليه السلام ولعن يزيد بن معاوية1.
 
بل قيل: إنّ مرجانة أمّه قد لعنت ابنها أيضاً على ذلك2، إلّا أنّ يزيد بن معاوية سرّ بذلك سروراً كبيراً وقام بدعوة عبيد الله بن زياد إليه وأغدق عليه الأموال الكثيرة ووصفه بأنّه باب سرّه وأمينه3.
 
ولمّا وضع رأس الإمام الحسين عليه السلام بين يدي ابن زياد أخذ يضرب ثنايا الإمام عليه السلام بعصاه فاعترض عليه زيد بن أرقم4، وفي نفس المجلس صمّم على قتل الإمام السجّاد عليه السلام إلّا أنّ الموقف الفدائيّ الشجاع لزينب الكبرى منعه من ذلك5.
 
وبعد ذلك أمر ابن زياد بتهيئة النساء وسائر الأسرى للذهاب إلى الشام وأمر بشدّ عنق الإمام السجّاد بالأغلال والسلاسل ثمّ أمر بحمل الجميع مع رؤوس الشهداء إلى يزيد بن معاوية6.
 
وبعد هلاك يزيد في سنة أربعة وستّين للهجرة، دعا عبيد الله بن زياد أهل البصرة لبيعته ولبّى أشراف البصرة دعوته للبيعة بعد أن أعطاهم الهدايا الكثيرة.
 
ومن ثمّ أرسل إلى أهل الكوفة يطلب منهم البيعة له إلّا أنّ الكوفيّين امتنعوا عن بيعته وأعقب ذلك رفض أهل البصرة لإمرته وبايعوا عبد الله بن الزبير- الذي بايعه بعض
 
 
 

1- اللهوف، ص‏164.
2- البداية والنهاية، ج‏8، ص‏271، وقعة الطفّ، ص‏265 و266.
3- تذكرة الخواص، ص‏260، مروج الذهب، ج‏3، ص‏67.
4- زيد بن أرقم أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولمّا رأى ما يفعله ابن زياد بالقضيب قال له:اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على هاتين الشفتين يقبّلهما. ثمّ بكى زيد بن أرقم بكاءً طويلاً فنهره ابن زياد ووصفه بالشيخ الخرف، وعندئذٍ نهض زيد وخرج من المسجد (وقعة الطفّ، ص‏260 و261).
5- وقعة الطفّ، ص‏263 و264.
6- نفس المصدر، ص‏267 و268، الفتوح، ص‏915.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
204

184

الفصل الخامس: الظالمون

 مناطق الشام أيضاً نظراً لقوّته وسطوته - أميراً عليهم، ومن ثمّ فرّ عبيد الله بن زياد من البصرة والتحق بالشام1.

 
وفي الطريق رأى عبد الله مروان بن الحكم الذي كان يقصد الحجاز بعد موت معاوية بن يزيد ليبايع عبيد الله بن الزبير إلّا أنّ عبيد الله بن زياد صدّه عن ذلك واقترح عليه أمر الخلافة وقال له: بأنّه إن ادعى الخلافة فإنّه سيقوم بإعانته على ذلك، وبناءً عليه رجع مروان إلى دمشق وقام ابن زياد بإخراج من بايع لابن الزبير ومن ثمّ أعلن بيعته لمروان بن الحكم2.
 
وجهّز عبيد الله بن زياد جيشاً كبيراً قاصداً به العراق لإخراجه من سلطة ابن الزبير إلّا أنّه وصله في الطريق خبر هلاك مروان بن الحكم وجلوس عبد الملك ابنه مكانه فأرسل عبد الملك إلى ابن زياد يشجّعه على متابعة طريقه إلى العراق، وقام عبيد الله ابتداءً في سنة خمسة وستّين للهجرة بمواجهة ثورة التوّابين فهزمهم3، ومن ثمّ تسلّط على الموصل ومن بعد ذلك قام أنصار المختار الثقفيّ بقيادة إبراهيم بن الأشتر بمواجهة ابن زياد وفي معركة قاسية سنة سبعة وستّين للهجرة في أطراف الموصل تمكّنوا من هزيمته ووفق إبراهيم بقتل عبيد الله بن زياد وأرسل برأسه إلى المختار4، وقام المختار بدوره بإرسال رأس ابن زياد إلى المدينة ليخبر الإمام السجّاد عليه السلام بمقتله5.
 
عثمان بن خالد الجهنيّ
قام عثمان بمعاونة بشر بن سوط الهمدانيّ في يوم عاشوراء بقتل عبد الرحمن بن عقيل6، وعندما قام المختار بثورته أمر بتعقّبه فظفر به عبد الله بن كامل
 
 
 

1- تاريخ الأمم والملوك، ج‏7، ص‏434، 439د 443، تجارب الأمم، ج‏2، ص‏83 - 92، مختصر تاريخ مدينة دمشق، ج‏15، ص‏318.
2- الطبقات الكبرى، ج‏5، ص‏40 - 42، الأخبار الطوال، ص‏285.
3- تاريخ اليعقوبيّ، ج‏2، ص‏257.
4- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏261، البداية والنهاية، ج‏8، ص‏266.
5- تاريخ اليعقوبيّ، ج‏2، ص‏259.
6- مقاتل الطالبيّين، ص‏96.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
205

185

الفصل الخامس: الظالمون

 مضافاً إلى بشر بن سوط فأرادا الفرار إلّا أنّ ابن كامل ألقى القبض عليهما وضرب عنقيهما1.

 
عُزرة بن قيس الأحمسيّ
كان عزرة (أو عروة)2 أحد عُمّال حكومة أبي بكر وعمر بن الخطاب3.
وكان ممّن كتب الرسائل إلى الإمام الحسين عليه السلام يدعوه فيها للحضور إلى الكوفة4.
 
ومن ثمّ رافق ابن سعد في القتال ضدّ الإمام عليه السلام، وعندما طلب منه ابن سعد الذهاب إلى الإمام الحسين ليسأله عمّا جاء به إلى هذا المكان أي كربلاء؟ وحيث إنّه قد كان كتب للإمام عليه السلام استحيا أن يذهب نحوه5، وقال لابن سعد: "أيّها الأمير إنّي كنت اليوم أكاتب الحسين ويكاتبني وأنا أستحيي أن أسير إليه فإن رأيت أن تبعث غيري فابعث..."6.
 
ولمّا جاء اليوم العاشر من المحرّم جعله ابن سعد على الخيّالة7.
وبعد استشهاد الإمام عليه السلام كلّف بالإضافة إلى الشمر وقيس وعمرو بن الحجّاج بحمل رؤوس الشهداء من كربلاء إلى ابن زياد8.
 
عليّ بن قرظة الأنصاريّ
جاء مع عمر بن سعد إلى كربلاء بينما جاء أخوه عمرو بن قرظة إلى الإمام الحسين عليه السلام واستشهد بين يديه، ولمّا استشهد عمرو وقف عليّ بن قرظة بكلّ جرأة ووقاحة متهجّماً على الإمام الحسين وأبيه عليهما السلام وممّا قاله له: يا حسين يا 
 
 
 

1- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏463.
2- الإرشاد، ج‏2، ص‏38 و83، الفتوح ص‏841.
3- مختصر تاريخ دمشق، ج‏17، ص‏33.
4- الفتوح، ص‏841.
5- وقعة الطفّ، ص‏183.
6- الفتوح، ص‏888.
7- وقعة الطفّ، ص‏204.
8- نفس المصدر، ص‏259.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
206

186

الفصل الخامس: الظالمون

 كذّاب ابن الكذّاب! أضللت أخي وغررته حتّى قتلته. فقال له الإمام عليه السلام:

 
"إنّ الله لم يضلّ أخاك ولكنّه هدى أخاك وأضلّك" فقال له عليّ بن قرظة: قتلني الله إن لم أقتلك أو أموت دونك، فحمل عليه فاعترضه نافع بن هلال المراديّ فطعنه برمحه فرماه على الأرض فحمله أصحابه وأخرجوه من الميدان1.
 
عمر بن سعد
هو ابن سعد بن أبي وقّاص ولد في سنة ثلاثة وعشرين للهجرة2.
وعندما رأى ابن سعد في دومة الجندل اختلاف قادة جيش أمير المؤمنين عليه السلام مع معاوية حول التحكيم قام بترغيب أبيه في ادعاء الخلافة إلّا أنّ سعد بن أبي وقّاص لم يقبل بذلك3.
 
وعندما كان في ريعان شبابه قال له أمير المؤمنين عليه السلام: "كيف أنت إذا قمت مقاماً تخيّر فيه بين الجنّة والنّار فتختار النّار؟"4.


وشهد عمر بن سعد فيمن شهد ضدّ حجر بن عديّ بأنّه نهض من أجل الفتنة وكانت هذه الشهادة حجّة لمعاوية في قتله حجر بن عديّ وأصحابه في مرج عذراء5.
 
ومع مجيء مسلم بن عقيل إلى الكوفة وأخذه البيعة للإمام الحسين عليه السلام، كتب عمر بن سعد كغيره من أشراف أهل الكوفة الرسائل إلى يزيد بن معاوية يوصونه فيها بأنّه إن أردت أن لا تخرج الكوفة من يدك فقم بعزل النعمان بن بشير حاكم الكوفة6.
 
ومع مجيء ابن زياد إلى الكوفة أُعتقل مسلم بن عقيل، ولمّا جيء به إلى مجلس ابن زياد أوصى مسلم إلى ابن سعد سرّاً، لكن ابن سعد خان مسلماً وأذاع وصيّته7.
 
ونصّب ابن زياد عمر بن سعد حاكماً على ولاية الريّ، وكان قد تهيّأ للخروج
 
 
 

1- نفس المصدر، ص‏223.
2- تهذيب التهذيب، ج‏7، ص‏451.
3- تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏67.
4- تذكرة الخواصّ، ص‏447.
5- تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏269.
6- وقعة الطفّ، ص‏103.
7- الأخبار الطوال، ص‏241.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
207

187

الفصل الخامس: الظالمون

 إليها إلّا أنّ ذلك تزامن مع وصول الإمام الحسين عليه السلام إلى العراق فمنعه ابن زياد من الذهاب وأمره أن ينصرف لقتال الإمام الحسين عليه السلام فامتنع ابن سعد عن الاستجابة لطلبه إلّا أنّ عبيد الله بن زياد اشترط عليه إمارة الريّ بالذهاب لحرب الحسين عليه السلام، فاستشار ابن سعد أصحابه فحذّره الجميع من قتال الإمام عليه السلام، إلّا أنّه عاد فقبل أمر ابن زياد وتوجّه نحو كربلاء على رأس أربعة آلاف رجل1.

 
(شعر)
أَنَا عَالِقٌ وَحَائِرٌ لِيَوْمٍ تَمْلِكُ فِيهِ مُلْكَ الرَّيِّ              وَلِيَوْمِ المَوْتِ يَوْمَ تُطْوَى فِيهِ صَفْحَةُ عُمْرِكَ
أَنَا عَالِقٌ وَحَائِرٌ فِي دُنْيَا سُلَيْمَانَ لَمْ تَفِ لَهُ            مَعَ كُلِّ مَا أُوتِيَ مِنْ مُلْكٍ وَمَالٍ فَمَتَى سَتَغْدُرُ هَذِهِ الدُّنْيا بِكَ؟2
 
ووصل ابن سعد إلى كربلاء في اليوم الثالث من المحرّم، فأرسل رسولاً إلى الإمام عليه السلام لسيتخبر منه عمّا جاء به إلى العراق فأجابه الإمام عليه السلام بأنّه إنّما جاء بناءً على دعوة أهل الكوفة وإن لم يريدوا ذلك فإنّه يرجع. فكتب ابن سعد جواب الإمام عليه السلام وأرسله إلى عبيد الله بن زياد مخبراً له عن انتهاء الأمور.
 
إلّا أنّ ابن زياد ومع تدخّل الشمر وفتنته وتوصيته له كتب رسالة إلى ابن سعد يوصيه فيها بقتال الحسين عليه السلام وأكّد له أنّه إن تمرّد عليه فسيوكل إمرة الجيش إلى شمر بن ذي الجوشن وعندئذٍ صمّم عمر بن سعد على الحرب والقتال3، وبناءً على طلبٍ من ابن زياد أرسل ابن سعد بخمسة آلاف فارس إلى شريعة الفرات ليحول بين الإمام عليه السلام وبين الماء4.
 
وسعى الإمام الحسين عليه السلام مراراً عبر رسوله بنصيحة ابن سعد وفي إحدى المرّات
 
 
 
 

1- الطبقات الكبرى، ج‏5، ص‏168، تهذيب التهذيب، ج‏7، ص‏451، وقعة الطفّ، ص‏181 و182.
2- ترجمة أبيات بالفارسيّة:
گيرم كه روزگار تو را مير رى كند                 آخر نه مرگ، نامه عُمر تو طى كند
گيرم فزون شوى ز سليمان به ملك ومال        با او وفا نكرد جهان با تو كى كند؟
3- أنساب الأشراف، ج‏3، ص‏177.
4- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏312.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
208

 


188

الفصل الخامس: الظالمون

 أرسل الحسين عليه السلام إلى ابن سعد طالباً منه أن يلتقيه ليلاً، فخرج إليه عمر بن سعد في عشرين فارساً وأقبل الحسين عليه السلام في مثل ذلك ولمّا التقيا أمر الحسين عليه السلام أصحابه فتنحّوا عنه وبقي معه أخوه العبّاس وابنه عليّ الأكبر عليهما السلام، وأمر ابن سعد أصحابه فتنحّوا عنه وبقي معه حفص ابنه وغلامٌ له يقال له: لاحق، فقال له الإمام عليه السلام:

"ويحك يا ابن سعد، أمّا تتّقي الله الذي إليه معادك أن تقاتلني وأنا ابن من علمت يا هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاترك هؤلاء وكن معي فإنّي أقرّبك إلى الله عزَّ وجلَّ...".
 
فقال له عمر بن سعد: أبا عبد الله أخاف أن تهدم داري.
فقال له الحسين عليه السلام: "أنا أبنيها لك".
 
فقال: أخاف أن تؤخذ ضيعتي.
فقال الحسين عليه السلام: "أنا أخلف عليك خيراً منها من مالي بالحجاز".
 
فقال: لي عيالٌ أخاف عليهم.
فقال عليه السلام: "أنا أضمن سلامتهم".
 
ولم يجب عمر بن سعد إلى شيء من ذلك فانصرف عنه الحسين عليه السلام وهو يقول: "ما لك ذبحك الله على فراشك سريعاً، ولا غفر الله لك يوم حشرك ونشرك، فوالله إنّي لأرجو أن لا تأكل من برّ العراق إلّا يسيراً".
 
فقال له عمر بن سعد: "يا أبا عبد الله في الشعير عوض عن البرّ" ثمّ رجع عمر إلى معسكره1.
 
ثمّ إنّ عمر بن سعد وبعد صلاة العصر من يوم التاسع من المحرّم هيّأ جيشه للقتال ونادى فيهم: يا خيل الله اركبي وابشري بالجنّة، فركب أهل الكوفة وزحفوا نحو الحسين عليه السلام للقتال، وبعد هذه الحادثة طلب الإمام عليه السلام منهم أن يمهلوه ليلة العاشر من أجل العبادة، فاستشار ابن سعد قادة جيشه فأجازه في ذلك2. وفي يوم عاشوراء جهّز جيشه من أجل الهجوم، وقال المؤرّخون: إنّ الإمام الحسين وبعد
 
 
 
 

1- الفتوح، ص‏895، المقرّم، مقتل الحسين عليه السلام ، ص‏247.
2- وقعة الطفّ، ص‏193.



 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
209

189

الفصل الخامس: الظالمون

 خطبته الثانية صبح عاشوراء نادى ابن سعد وقال له: "يا عمر أنت تقتلني؟ تزعم أن يوليك الدعيّ ابن الدعيّ بلاد الريّ وجرجان، والله لا تتهنّأ بذلك أبداً عهداً معهوداً فاصنع ما أنت صانع فإنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، ولكأنّي برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة يتراماه الصبيان ويتخذونه غرضاً بينهم"1.

 
فاغتاظ عمر من كلامه ثمّ صرف بوجهه عنه وأقبل نحو جيش الإمام عليه السلام ورمى أوّل سهمٍ نحو الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وقال لأصحابه: اشهدوا لي عند الأمير بأنّني أوّل من رمى. ثمّ رمى أصحاب عمر بن سعد بسهامهم فأصابت الكثير من أصحاب الإمام عليه السلام2.
 
وعندما برز عليّ الأكبر إلى الميدان تقاطر الدمع من عيني الإمام الحسين عليه السلام ورفع يديه نحو السماء يدعو على جيش العدوّ ويلعنهم، وقال لابن سعد: "يا ابن سعد قطع الله رحمك ولا بارك لك في أمرك وسلّط عليك من يذبحك بعدي على فراشك كما قطعت رحمي..."3.
 
ولمّا برز الإمام الحسين عليه السلام إلى الميدان يقاتل القوم هجم عليه الأعداء من كلّ جانب، وعندئذٍ خرجت زينب الكبرى من خيمتها وصاحت: "يا عمر بن سعد أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟!"، فصرف عمر بوجهه عنها، ويروي أبو مخنف قائلاً: فكأنّي أنظر إلى دموع عمر وهي تسيل على خدّيه ولحيته4.
 
وعندما جرح الإمام أبي عبد الله عليه السلام جراحات بليغة ووقع على الأرض مشى إليه ابن سعد بفرسه ووقف فوق رأسه وصاح في أهل الكوفة: انزلوا إليه فخذوا رأسه5.
 
وبعد استشهاد سيّد الشهداء عليه السلام أمر عمر بن سعد أصحابه أن يطأوا جسد الحسين عليه السلام بخيولهم، فتجهّز لطلبه عشرة فرسان ركبوا خيولهم ووطئوا بدنه الشريف حتّى رضّت أضلاعه6.
 
 
 

1- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏6
2- الإرشاد، ج‏2، ص‏359، أعلام الورى، ج‏1، ص‏461.
3- الفتوح، ص‏907.
4- وقعة الطفّ، ص‏252.
5- الفتوح، ص‏911.
6- اللهوف، ص‏135.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
210

190

الفصل الخامس: الظالمون

 ثمّ إنّ عمر بن سعد بعد أن دفن أجساد قتلى جيشه تحرّك نحو الكوفة برفقة موكب أسارى أهل بيت الحسين عليه السلام1. وعندما التقى بعبيد الله بن زياد طلب منه الأخير أن يعيد له الرسالة التي أرسلها إليه فقال له ابن سعد: بأنّها قد تلفت، إلّا أنّ عبيد الله أكّد له بأنّه سيأخذها منه2.

 
وعندما رأى ابن سعد قصر يده وقلّة حيلته في كلّ شيء وصف ما آل به بقوله: لم يرجع أحدٌ إلى أهله أسوأ حالاً منّي لإطاعتي أميراً فاجراً ظالماً ولإماتتي العدل وقطيعتي لقرابتي3.
 
وعندما قام سليمان بن صرد الخزاعيّ طلباً للثأر من قاتلي الإمام الحسين عليه السلام في سنة خمسة وستّين للهجرة، كان ابن سعد يبيت ليلاً في دار الإمارة خوفاً من القتل4.
 
ومع قيام المختار الثقفيّ أيضاً فرّ ابن سعد برفقة محمّد بن الأشعث أحد المشاركين البارزين في واقعة كربلاء5. إلّا أنّه ما لبث أن عاد إلى الكوفة بعد قيام أهلها على المختار إلّا أنّ هذه الانتفاضة منيت بالهزيمة والفشل6.
 
ثمّ أرسل المختار أبا عمرة في تعقّب ابن سعد فقتله في منزله وأرسل برأسه إلى المختار بن يزيد وقُتل ابنه حفص في محضر المختار أيضاً7.
 
عمرو بن الحجّاج الزبيديّ
وهو أحد أشراف الكوفة ممّن كتب مع جماعة من أشرافها الرسائل إلى الإمام الحسين عليه السلام يدعونه فيها للمجيء إلى الكوفة8. إلّا أنّه ومع مجيء ابن زياد إليها التحق عمرو به9. ومن ثمّ ذهب برفقة عمر بن سعد إلى كربلاء لقتال الإمام عليه السلام.
 
 
 


1- أنساب الأشراف، ج‏3، ص‏206.
2- تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏467.
3- أنساب الأشراف، ج‏3، ص‏211.
4- تاريخ الأمم والملوك، ج‏5، ص‏587.
5- الأخبار الطوال، ص‏298.
6- نفس المصدر، ص‏300.
7- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏464.
8- الفتوح، ص‏841.
9- نفس المصدر، ص‏852.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
211

191

الفصل الخامس: الظالمون

 فولّاه ابن سعد على خمسة آلاف فارسٍ وراجلٍ وأمره أن يستولي على الشريعة ولا يدع أحداً من أصحاب الحسين عليه السلام أن يقترب من الماء1.

 
وفي يوم عاشوراء جعله ابن سعد على ميمنة الجيش2.
 
فحمل أثناء الحملة الأولى على ميسرة أصحاب الإمام عليه السلام3. وقبل ظهر عاشوراء كان يصرخ بأصحابه الطالبين لمبارزة الأقران: "يا حمقى أتدرون من تقاتلون؟ تقاتلون فرسان المصر وتقاتلون قوماً مستميتين لا يبرز إليهم منكم أحد إلّا قتلوه، والله لو لم ترموهم إلّا بالحجارة لقتلتموهم"4.
 
وقبل عمر بن سعد برأيه وأمر أن لا يبارزهم أيّ رجلٍ منهم بمفرده، وقال لو خرجتم إليهم وحدانا لأتوا عليكم مبارزة.
 
ودنا عمرو بن الحجّاج من أصحاب الحسين عليه السلام فقال: يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الإمام - يزيد - فقال الحسين عليه السلام له: "يا ابن الحجّاج أعليَّ تحرّض الناس؟ أنحن مرقنا من الدين وأنتم ثبتّم عليه؟ والله لتعلمنّ لو قبضت أرواحكم ومتم على أعمالكم أيّنا المارق من الدين ومن هو أولى بصلي النّار".
 
ثمّ حمل عمرو بن الحجّاج لعنه الله في ميمنته من نحو الفرات على جهة الإمام عليه السلام واقتتلوا ساعة فاستشهد جمعٌ من أصحاب الإمام عليه السلام في هذه الحملة (الثانية)5.
 
وبعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام أوكل إليه مضافاً إلى الشمر وقيس وعزرة، أن يحملوا رؤوس شهداء كربلاء إلى ابن زياد6.
 
وفيما بعد توجّه عمرو بن الحجّاج لمواجهةالمختار الثقفيّ بأمر من عبد الله بن مطيع عامل الكوفة في حينها من قِبل عبد الله بن الزبير، ولمّا قدم المختار إلى الكوفة
 
 
 
 

1- نفس المصدر، ص‏893، الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏53.
2- وقعة الطفّ، ص‏204.
3- نفس المصدر، ص‏219.
4- نفس المصدر، ص‏224.
5- وقعة الطفّ، ص‏224.
6- نفس المصدر، ص‏259.
7- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏222.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
212

192

الفصل الخامس: الظالمون

 فرّ ابن الحجّاج ولم يدر أحدٌ بمحلّ اختفائه وعلى حدّ قول ابن الأثير: فإنّه وجد مرميّاً على الأرض من شدّة العطش فأخذ وقطع رأسه1.

 
عمرو بن سعد بن نفيل الأزديّ
ذكر المؤرّخون أنّ عمرو هو قاتل القاسم بن الحسن عليه السلام، ففي يوم عاشوراء لمّا برز القاسم إلى الميدان، حمل عليه عمرو بن سعد، ويروي حميد بن مسلم، الشاهد لما حصل قائلاً: "فإنّا لكذلك إذ خرج علينا غلامٌ كأنّ وجهه شقّة قمر في يده سيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شِسع إحداهما، فقال لي عمرو بن سعيد بن نفيل الأزديّ: والله لأشدنّ عليه، فقلت: سبحان الله، وما تريد بذلك؟! دعه يكفيكه هؤلاء القوم الذين ما يبقون على أحدٍ منهم.
 
فقال: والله لأشدنّ عليه، فشدّ عليه، فما ولّى حتّى ضرب رأسه بالسيف ففلقه، ووقع الغلام لوجهه، فقال: يا عمّاه! فجلّى الحسين عليه السلام كما يُجلّى الصقر، ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب فضرب عمرو بن سعد بن نفيل بالسيف فاتّقاها بالساعد فأطنّها من لدن المرفق، فصاح صيحة سمعها أهل العسكر، ثمّ تنحّى عنه الحسين عليه السلام، وحملت خيل الكوفة لتستنقذه فتوطّأته الخيل بأرجلها حتّى مات"2 ورد عليه اللعن في زيارة الناحية المقدّسة3.
 
عمرو بن سعيد الأشدق
هو عمرو بن سعيد بن العاص من آل أميّة ويلقّب بالأشدق، اشتهر بهذا اللقب لشدقٍ كان في فمه، وكان كأبيه سعيد بن العاص4متعصّباً لبني أميّة شديد العداوة لأهل البيت عليهم السلام.
 
 
 

1- الكامل في التاريخ، ج4،، ص‏236.
2- وقعة الطفّ، ص‏244.
3- الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79.
4- عيّن سعيد بن العاص من قبل عثمان والياً على الكوفة، وبسبب فساده واعتراض أهل الكوفة عليه قام بعزله عنها، وامتنع سعيد عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام . ثمّ عيّن في زمن معاوية والياً على المدينة. وعندما طرح معاوية ولاية العهد لابنه يزيد دافع سعيد بن 
العاص عن هذا الأمر ووصف يزيد بأنّه رجل مشهور بالكرم معروف بالشجاعة ومشهور بالعدل والتدبير، وبقي حاكماً على المدينة حتّى سنة تسعة وخمسين للهجرة ثمّ مات فيها (الفتوح، ص‏794، الأعلام للزركليّ، ج‏3، ص‏96).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
213

193

الفصل الخامس: الظالمون

 وفي عهد معاوية قام بالدفاع عن تنصيب يزيد وليّاً للعهد، وعند أخذ البيعة ليزيد من قبل معاوية كان من السابقين إلى ذلك وألقى خطبة يصف فيها يزيد ويمدحه1.

 
ويعتقد بعض المؤرّخين بأنّ عمرو بن سعيد بن العاص كان والياً على مكّة حين موت معاوية2.
 
وعندما علم يزيد بن معاوية في شهر رمضان من سنة ستّين للهجرة بهجرة الإمام الحسين عليه السلام من المدينة قام بعزل الوليد بن عتبة من ولايتها وأوكل أمرها أيضاً إلى عمرو بن سعيد الأشدق3.
 
ولمّا ترك الحسين عليه السلام المدينة قاصداً مكّة المكرّمة سأله عمرو بن سعيد عن سبب قدومه فأجابه الإمام عليه السلام: "عائذاً بالله وبهذا البيت"4.
 
وفي خطوة قبيحة ملعونة من قبل يزيد أمر عمرو بن سعيد أن يذهب في جماعة إلى مكّة متخفيّاً لإلقاء القبض على الإمام عليه السلام وإن لم يقدر على ذلك فليقتله5. ولكي يحافظ الإمام الحسين عليه السلام على حرمة حرم الله ترك مكّة متوجّهاً نحو الكوفة6.
 
ولمّا علم عمرو بن سعيد بتصميم الإمام عليه السلام أراد ممانعته في الخروج من مكّة ووجّه إليه جماعة من عسكره يقودهم أخوه يحيى بن سعيد لإرجاعه إليها إلّا أنّ الإمام عليه السلام رفض ذلك وعزم على المسير والخروج من مكّة7.
 
ثمّ سعى عمرو بن سعيد وبطلبٍ من عبد الله بن جعفر لمنع الحسين عليه السلام من الانصراف فكتب رسالة إلى الإمام عليه السلام يعطيه فيها الأمان محذّراً له من الاختلاف والتفرقة. فكتب: "أمّا بعد، فإنّي أسأل الله أن يصرفك عمّا يوبقك وأن يهديك لما
 
 
 
 

1- العقد الفريد، ج‏4، ص‏132.
2- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏272، هذا وقد ذكر البعض منهم أنّ يحيى بن حكيم بن صفوان بن أميّة كان والياً على مكّة، ومع ورود الإمام الحسين عليه السلام إليها قامت حكومة دمشق بعزله، وتعيين عمرو بن سعيد في مكانه (الأخبار الطوال، ص‏227، الإمام الحسين عليه السلام في مكّة المكرّمة، ص‏145).
3- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏272، اعتبره ابن الأثير بأنّه أمير الحجاز (الكامل في التاريخ، ج‏3، ص‏149).
4- تذكرة الخواصّ، ص‏214.
5- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏99.
6- نفس المصدر، ص‏85، الأخبار الطوال، ص‏244.
7- الأخبار الطوال، ص‏244.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
214

194

الفصل الخامس: الظالمون

 يرشدك، بلغني أنّك توجّهت إلى العراق وإنّي أعيذك بالله من الشقاق، فإنّي أخاف عليك فيه الهلاك، وقد بعثت إليك عبد الله بن جعفر ويحيى بن سعيد فأقبل إليّ معهما فإنّ لك عندي الأمان والصلة والبرّ وحسن الجوار".

 
وبعد أن تسلّم الإمام الحسين عليه السلام الرسالة من يحيى بن سعيد، كتب سلام الله عليه في جواب عمرو بن سعيد:
"أمّا بعد، فإنّه لم يشاقق الله ورسوله من دعا إلى الله عزَّ وجلَّ وقال: إنّني من المسلمين، وقد دعوتَ إلى الأمان والبرّ والصلة فخير الأمان أمان الله، ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا فنسأل الله مخافةً في الدنيا توجب لنا أمانه يوم القيامة، فإن كنت نويت بالكتاب صلتي وبرّي فجزيت خيراً..."1.
 
وذكر أبو الفرج الأصفهانيّ أنّ عمرو بن سعيد وكردِّ فعلٍ على خروج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة أمر بتخريب بيوت بني هاشم في المدينة2.
 
وبعد موت معاوية بن يزيد ولمّا أقدم مروان بن الحكم على ادعاء الخلافة والمطالبة بها قام عمرو بن سعيد الأشدق بإعانته وتأييده في ذلك فعيّنه مروان وليّاً لعهده من بعد ابنه عبد الملك، إلّا أنّ عبد الملك لمّا استلم زمام الأمور خلع عمرو الأشدق من ولاية العهد فتمرّد الأشدق عليه. وعندما خرج عبد الملك إلى الحرب في الرحبة اغتنم عمرو بن سعيد الفرصة واستولى على دمشق، وارتضى أهلها خلافته وقاموا ببيعته وعندما رجع عبد الملك قام بمحاصرة دمشق وجرت حربٌ بينهما فانتصر عليه ودخل المدينة ومن ثمّ أصدر أمراً بقتل الأشدق، وفي سنة تسعة وستّين للهجرة قتل عمرو بن سعيد الأشدق3.
 
ولمّا علم عبد الله بن الزبير بخبر مقتل الأشدق تلا قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾4/5.
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏155، الفتوح، ص‏870.
2- الأغاني، ج‏5، ص‏82.
3- الكامل في التاريخ، ج‏3، ص‏356 - 361، الأعلام، ج‏5، ص‏78.
4- سورة الأنعام، : 129.
5- الكامل في التاريخ، ج‏3، ص‏361.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
215

195

الفصل الخامس: الظالمون

 عمرو بن صبيح الصيداويّ

قام عمرو هذا في أرض كربلاء بقتل عبد الله بن مسلم بن عقيل1 وعبد الله بن عقيل2، وبعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام كان عمرو أحد الفرسان العشرة الذين وطئوا بخيولهم جسد الإمام عليه السلام3، وقتل فيما بعد بأمرٍ من المختار الثقفيّ4.
 
قيس بن الأشعث الكنديّ
كان قيس من أشراف الكوفة وأحد الذين كتبوا للحسين عليه السلام الرسائل من رؤساء القبائل يدعونه فيها للقدوم إلى الكوفة5.
 
إلّا أنّه جاء مع ابن سعد إلى كربلاء لقتال الإمام أبي عبد الله عليه السلام، وكان قيس أحد قادة جيش ابن سعد6.
 
وتولّى في يوم عاشوراء قيادة ربيعة وكندة7.
 
وعندما خطب الإمام الحسين عليه السلام خطبته الأولى في صبح يوم عاشوراء وذكر اسم قيس وبعض أشراف الكوفة وسألهم عن دعوته له8. أنكر قيس مقالته وقال: "لا ندري ما تقول، ولكن انزل على حكم بني عمّك فإنّهم لن يروك إلّا ما تحبّ".
 
وفي جواب الإمام عليه السلام له ذكّره بدور محمّد بن الأشعث في قتل مسلم بن عقيل وقال له:
"أنت أخو أخيك (محمّد بن الأشعث) أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟! لا والله لا أعطيه بيدي إعطاء الذليل ولا أقرّ إقرار العبيد"9.
 
 


1- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏74.
2- الكامل في التاريخ، ص‏92.
3- اللهوف، ص‏135.
4- نفس المصدر، ص‏136، مثير الأحزان، ص‏78.
5- الفتوح، ص‏841.
6- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏60.
7- وقعة الطفّ، ص‏204.
8- وقعة الطفّ، ص‏208.
9- وقعة الطفّ، ص‏209، الإرشاد، ج‏2، ص‏98.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
216

196

الفصل الخامس: الظالمون

 وبعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام سلبه قيس قطيفته1. وشارك مع جماعة من قادة الجيش بحمل رؤوس الشهداء إلى عبيد الله بن زياد2.

 
ومع ابتداء ثورة المختار الثقفيّ، تخفّى قيس بن الأشعث وطلب من عبد الله بن كامل - أحد المقرّبين من المختار- الأمان إلّا أنّ المختار لم يعتن بهذا الأمان، وبعد معرفة محلّ اختفائه ألقى القبض عليه ومن ثمّ أمر بقتله وقطع رأسه عن بدنه.
 
وعندما اطلع ابن كامل على مقتل قيس اعترض على المختار صنيعه فأجابه المختار معاتباً له على إيواء قاتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبدى انزعاجه منه3.
 
كثير بن عبد الله الشعبيّ 
كان كثير بن عبد الله الشعبيّ (أو الصبيعيّ) فارساً شجاعاً مقداماً لا يردّه شيء ومن المعادين لأهل البيت عليهم السلام، جاء مع ابن سعد إلى كربلاء، وقبل بدء القتال اقترح قتل الإمام الحسين عليه السلام4، فرفض ابن سعد ذلك وقال له: اذهب إليه فسله عمّا جاء به؟ فأقبل كثير نحو الإمام عليه السلام، فلمّا رآه أبو ثمامة الصائديّ قال: أصلحك الله يا أبا عبد الله قد جاءك شرّ خلق الله وأجرأه على دمٍ وأفتكه، وقام نحو كثير وطلب منه أن يضع سيفه على الأرض إلّا أنّ كثير لم يقبل بذلك وبعد مشاجرة وحوارٍ بينهما رجع إلى معسكره، وشارك كثير مع مهاجر بن أوس في قتل زهير بن القين5، وقد لعن الإمام الحسين عليه السلام قاتليه263.
 
كعب بن جابر الأزديّ
أسرع في يوم عاشوراء لإنقاذ رضيّ بن منقذ العبديّ الذي كان يبارز برير فصرعه وجلس على صدره فأخذ يستغيث بأصحابه لينقذوه، فهجم كعب الأزديّ على برير طاعناً له برمح في ظهره، وعندما أحس برير بوقع الطعنة في بدنه برك على صدر رضيّ بن
 
 
 
 

1-  وقعة الطفّ، ص‏255، القطيفة، ثوب مخمل (المترجم).
2- الإرشاد، ج‏2، ص‏113.
3- الأخبار الطوال، ص‏301 و302.
4- قال كثير لابن سعد: لئن شئت لأفتكنّ به (وقعة الطفّ، ص‏183).
5- وقعة الطفّ، ص‏233.
6- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏20.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
217

197

الفصل الخامس: الظالمون

 منقذ فعضّ وجهه وطعنه كعب بالرمح مرّة أخرى حتّى أزاحه عن ابن منقذ العبديّ ووصلت الطعنة إلى عمق ظهره فاستقرّت فيه، ثمّ أقبل على برير يضربه بسيفه حتّى استشهد رضوان الله عليه1.

 
ولمّا رجع كعب بن جابر إلى بيته قالت له امرأته أو أخته النوار بنت جابر معاتبة له: "أعنت على ابن فاطمة وقتلت سيّد القرّاء لقد أتيت عظيماً من الأمر، والله لا أكلّمك من رأسي كلمة أبداً"2.
 
لقيط بن ياسر الجهنيّ
هو قاتل محمّد بن أبي سعيد بن عقيل في يوم عاشوراء3. ورد اللعن عليه في زيارة الناحية لقتله محمّد4.
 
مالك بن نسر الكنديّ
كان ابن نسر5، رسول عبيد الله بن زياد إلى الحرّ حيث قدم إلى نينوى وسلّم الحرّ بن يزيد رسالة ابن زياد التي يطلب منه فيها أن يوقف الإمام الحسين عليه السلام في مكانه ويمنعه عن المسير. وفي ذلك المنزل عرفه يزيد بن زياد الكندي (أبو الشعثاء) فعاتبه على ما يقوم به إلّا أنّ مالك أجابه بكلّ وقاحة: "أطعت إمامي ووفيت ببيعتي"، فقال له أبو الشعثاء: "عصيت ربّك وأطعت إمامك في هلاك نفسك كسبت العار والنّار، ألم تسمع قول الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ﴾6"7.
 
وفي يوم عاشوراء وعندما برز الإمام الحسين عليه السلام إلى الميدان وبعد قتالٍ مرير، ضعف عن القتال فوقف مكانه وكلّما أتاه رجل من جيش العدوّ وانتهى إليه انصرف عنه وكره أن يلقى الله بدمه حتّى جاءه رجل من كندة يقال له: مالك بن نسر فضربه
 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏222.
2- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏323.
3- مقاتل الطالبيّين، ص‏98.
4- الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79.
5- ذكره البعض بابن نسير (وقعة الطفّ، ص‏178).
6- سورة القصص، : الآية 32.
7- وقعة الطفّ، ص‏178.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
218

198

الفصل الخامس: الظالمون

 بالسيف على رأسه وكان عليه برنس فقطع البرنس وامتلأ دماً. فقال له الحسين عليه السلام: "لا أكلت بيمينك ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين"1.

 
وعندما رجع مالك إلى الكوفة أخذ معه برنس الإمام عليه السلام المضمّخ بدمائه ولمّا أراد غسله من الدم رأته زوجته وعرفت الخبر فعاتبت مالك على فعله وقالت له: "أتسلب ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برنسه وتدخل بيتي؟ أخرج عنّي حشى الله قبرك ناراً"2.
 
وأرسل المختار الثقفيّ أحدهم للقبض على مالك بن نسر فظفر به في القادسيّة فاعتقله وجاء به إلى المختار الذي أمر بقطع يديه ورجليه وتركه ينزف دماً حتّى هلك3.
 
محمّد بن الأشعث
محمّد وهو الابن الآخر للأشعث بن قيس، أمّه تدعى أمّ فروة وكان من أصحاب عمر وعثمان كما ذكر4.
وكان لابن الأشعث وبطلبٍ من ابن زياد دور هامّ في الإيقاع بهانئ بن عروة والتغرير به للمجيء إلى دار الإمارة5.
 
وكذلك قام على رأس ثلاثمائة مقاتل بمحاصرة دار طوعة لإلقاء القبض على مسلم بن عقيل، وعندما رأوا استعداد مسلم للقتال أقدموا في خطوة قبيحة على إحراق الدار لإجبار مسلم على الخروج منها، وعندما خرج مسلم إليهم قاتل قتال الأبطال حتّى عجز محمّد بن الأشعث عن إلقاء القبض عليه واعتقاله فأرسل إلى ابن زياد يطلب منه المدد والعون، وعندما تعجّب عبيد الله بن زياد من عجزه عن ذلك قال له ابن الأشعث: إنّ مسلم بن عقيل يعدل بألف رجل ولا يمكن الإيقاع به بسهولة، وقام محمّد بن الأشعث وبطلبٍ من عبيد الله بإعطاء مسلم الأمان فردّ عليه مسلم مخاطباً إيّاهم بالفسقة
 
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏250، الإرشاد، ج‏2، ص‏185.
2- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏35، بحار الأنوار، ج‏45، ص‏53.
3- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏262.
4- الفتوح، ص‏46.
5- نفس المصدر، ص‏851 و853.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
219

199

الفصل الخامس: الظالمون

 الفجرة لاعناً له ولأصحابه، ومن ثمّ ولكثرة الجراحات الواردة على مسلم من ضرب السيوف والحجارة أمر ابن الأشعث جميع أصحابه أن يحملوا عليه حملة رجل واحد فاعتقله وجاء به إلى ابن زياد فكان له دور في استشهاد مسلم بن عقيل1.

 
وقد ذكّر الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء قيس بن الأشعث - أخو محمّد بن الأشعث - بدور أخيه في قتل مسلم بن عقيل وقال له: "أنت أخو أخيك أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟"2.
 
وكان محمّد بن الأشعث أحد الذين جاءوا إلى كربلاء لقتال الإمام الحسين عليه السلام ويقول ابن أعثم الكوفيّ: إنّ الإمام الحسين عليه السلام لمّا ذكر قرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاح محمّد بن الأشعث بكلّ وقاحة من معسكر ابن سعد وقال: "يا حسين بن فاطمة، أيّة حرمة لك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليست لغيرك؟!"
 
فرفع الإمام الحسين عليه السلام يديه بالدعاء قائلاً: "أللهم أرِ محمّد بن الأشعث ذلّاً في هذا اليوم لا تعزّه بعد هذا اليوم أبداً"، فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرّز فسلّط الله عليه عقرباً فلدغته فمات بادي العورة واقعاً في نجاسته متمرّغاً فيها3.
 
مروان بن الحكم
أبوه الحكم بن العاص طريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عهد عثمان قام بإحضاره من منفاه وجعله في ضمن الجهاز الحاكم4.
 
وكان سلوك مروان فاسداً إلى الحدّ الذي أثار الناس قاطبة على عثمان وقد حذّره أمير المؤمنين مراراً وتكراراً عمّا يقوم به مروان من دور مخرّب وفاسد وممّا قاله أمير المؤمنين يوماً ما للخليفة الثالث:
 
 
 

1- الفتوح، ص‏860.
2- وقعة الطفّ، ص‏209، الإرشاد، ج‏2، ص‏98.
3- الفتوح، ص‏899 و900، وادعى البعض بأنّ محمّد بن الأشعث بقي حيّاً حتّى قيام المختار الثقفيّ، ولاذ بالفرار مع ابن سعد (الأخبار الطوال، ص‏298) ومن ثمّ قتل على يدي المختار (ذوب النضار، ص‏149). ومن الممكن أن يكون قد خزي وفضح في كربلاء عندما لسعته العقرب، ومن ثمّ قتل عند قيام المختار الثقفيّ على يديه.
4- مروج الذهب، ج‏2، ص‏235.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
220

200

الفصل الخامس: الظالمون

 "فلا تكوننّ لمروان سيِّقةً يسوقك حيث شاء بعد جلال السنّ وتَقَضِّي العمر"1.

 
وبعد موت عثمان امتنع مروان بن الحكم عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام2 وكان في المدينة يتعرّض (في شعر) للإمام عليّ عليه السلام بالإساءة مكنّياً عنه، فهمّ بعض أصحاب أمير المؤمنين بقتله إلّا أنّ الإمام عليه السلام منعهم من ذلك وقال لهم: "دعوه فإنّه لم يُرد بهذا الشعر غيري"3، وشارك مروان في معركة الجمل ضدّ الإمام عليّ عليه السلام وتولّى قيادة الخيّالة في ميمنة الجيش4. وبعد انتهاء الحرب ومع أنّه كان مع طلحة إلّا أنّه قتله انتقاماً لعثمان5، ومن ثمّ التحق بمعاوية وشارك إلى جانبه في معركة صفّين ضدّ أمير المؤمنين عليه السلام6.
 
وفي أثناء تواجد الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام في المدينة كان مروان هو الحاكم عليها وكان شديد التجبّر كثير اللؤم ولكلّ سبب كان يطعن في عليّ عليه السلام وفي إحدى المرّات تعرّض لأهل البيت عليهم السلام وبحضور أولاده المعصومين وجهاً لوجه7.
 
وعندما علم مروان بموت معاوية أسرع إلى الوليد حاكم المدينة مؤكّداً عليه أخذ البيعة من الإمام الحسين عليه السلام ليزيد قبل أن ينتشر خبر موت معاوية، وإن لم يبايع فاقطع عنقه، إلّا أنّ الوليد لم ير ما طلبه مروان منه معقولاً فقال له: "مهلاً، ويحك يا مروان عن كلامك هذا وأحسن القول في ابن فاطمة فإنّه بقيّة ولد النبيّين"8.
 
وعندما سمع مروان جواب الوليد قال له: "أوه أيّها الأمير لا تجزع ممّا قلت لك فإنّ آل أبي تراب هم الأعداء في قديم الدهرلم يزالوا، وهم الذين قتلوا الخليفة عثمان بن عفّان، ثمّ ساروا إلى أمير المؤمنين فحاربوه وبعد فإنّي لست آمن أيّها الأمير إنّك إن لم 
 
 
 
 

1- نهج البلاغة، الخطبة 164.
2- الفتوح، ص‏396.
3- الفتوح، ص‏398.
4- نفس المصدر، ص‏416.
5- تاريخ الخليفة، ص‏185.
6- الفتوح، ص‏493.
7- ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ، ص‏145.
8- الفتوح، ص‏822.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
221

201

الفصل الخامس: الظالمون

 تعاجل الحسين بن عليّ خاصّةً، أن تسقط منزلتك عند أمير المؤمنين يزيد"1.

 
فأمر الوليد بإحضار الإمام الحسين عليه السلام من أجل البيعة، ولمّا رأى الإمام إصرار مروان على أخذ البيعة منه ليزيد قال عليه السلام: "إِنَّا لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمّة براعٍ مثل يزيد"2.
 
وممّا قاله الحسين عليه السلام لمروان في ذلك المجلس الذي اقترح فيه ابن الحكم على الوليد بحبس الإمام عليه السلام أو أن يضرب عنقه، قال له: "ويلي عليك يا ابن الزرقاء، أتأمر بضرب عنقي، كذبت والله ولؤمت، والله لو رام ذلك أحدٌ من الناس لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك، وإن شئت ذلك فرم ضرب عنقي إن كنت صادقاً"3.
 
وفي يوم لاحقٍ عاد مروان بعنوان الناصح للإمام الحسين عليه السلام يدعوه مجدّداً لبيعة يزيد فأجابه الإمام عليه السلام قائلاً له: "أنا لا أذمّك على هذه النصيحة وإن كانت أكثر من ألف ملامة عندي أن تصدر منك وقد لعنك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن تلدك أمّك فماذا ينتظر منك غير ذلك يا عدوّ الله".
 
فغضب مروان بن الحكم من كلام الحسين عليه السلام وقال له: "والله لا تفارقني أو تبايع ليزيد بن معاوية صاغراً...".
 
وعندئذٍ وصفه الإمام عليه السلام بالعدوّ والرجس والطريد ابن الطريد، وأمره أن يبتعد عنه وذكر له أمّه السيّئة الذكر والفعل مخاطباً له بابن الزرقاء4، فقال له الحسين عليه السلام:
"أبشر يا ابن الزرقاء بكلّ ما تكره من الرسول عليه السلام يوم تقدم على ربّك فيسألك جدّي عن حقّي وحقّ يزيد..."5.
 
وفي كلام آخر له عليه السلام قال لمروان: "ويحك أتأمرني ببيعة يزيد وهو رجل فاسق لقد قلت شططاً من القول يا عظيم الزلل، لا ألومك على قولك لأنّك اللعين الذي لعنك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنت في صلب أبيك الحكم بن أبي العاص فإنّ من لعنه رسول
 
 
 
 

1- الفتوح، ص‏822.
2- الفتوح، ص‏827، بحار الأنوار، ج‏44، ص‏326.
3- الفتوح، ص‏825.
4- ينابيع المودّة، ص‏401.
5- الفتوح، ص‏827 و828.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
222

202

الفصل الخامس: الظالمون

الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن له ولا منه إلّا أن يدعو إلى بيعة يزيد"1.
 
وبعد استشهاد الإمام أبي عبد الله عليه السلام بقي مروان في المدينة، ولمّا مات يزيد بن معاوية خضعت أكثر مدن العراق والحجاز لسلطة عبد الله بن الزبير، فتوجّه مروان بن الحكم بعد موت معاوية بن يزيد إلى الحجاز ليعلن بيعته لابن الزبير فالتقاه عبيد الله بن زياد في منتصف الطريق وصرفه عمّا عزم عليه وعرض عليه ادعاء الخلافة، وأنّه إن قام بذلك فسوف يعلن تأييده له ويسانده في ذلك، وبناءً عليه رجع مروان إلى دمشق وقام عبيد الله بن زياد بإخراج من أخذ البيعة لابن الزبير وقام بأخذ البيعة لمروان2، ولم تدم حكومة مروان سوى أشهر معدودة حتّى مات.
 
مرّة بن منقذ العبديّ
شارك في حرب الجمل مع أمير المؤمنين عليه السلام3، ومن ثمّ جاء مع ابن سعد إلى كربلاء ليشارك في قتال الإمام الحسين عليه السلام، وفي عاشوراء صمّم مرّة بن منقذ العبديّ على قتل عليّ الأكبر عليه السلام فهجم عليه وطعنه برمح4، وقيل رماه بالسهم5، فاستشهد رضوان الله عليه.
 
وعمل المختار الثقفيّ على القبض عليه وأرسل في طلبه عبد الله بن كامل وبعد قتال بينهما أصيب مرّة في يده اليسرى ولاذ بالفرار، ثمّ التحق في البصرة بمصعب بن الزبير وشلّت يده بعد ذلك6. وقال بعضهم: إنّ مرّة قتل في ذلك النزاع على يد عبد الله بن كامل7. ورد اللعن عليه في زيارة الناحية بعنوان أنّه قاتل عليّاً الأكبر عليه السلام8.
 
 
 

1- ينابيع المودّة، ص‏401.
2- الطبقات الكبرى، ج‏5، ص‏40 - 42، الأخبار الطوال، ص‏285.
3- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏48.
4- نفس المصدر، ج‏3، ص‏331.
5- مثير الأحزان، ص‏69.
6- ذوب النضار، ص‏119.
7- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏236.
8- الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
223

 


203

الفصل الخامس: الظالمون

 مسروق بن وائل

جاء مع ابن سعد إلى كربلاء ليكون من السابقين بزعمه في قتل الإمام الحسين عليه السلام حيث يقول:
"كنت في أوائل الخيل ممّن سار إلى الحسين فقلت، أكون في أوائلها لعلّي أصيب رأس الحسين فأصيب به منزلة عند عبيد الله بن زياد...".
 
وفي كربلاء عندما تقدّم ابن حوزة وأساء الأدب مع الإمام الحسين عليه السلام وتبعاً لذلك قام الإمام عليه السلام بالدعاء عليه "اللهم حزه إلى النّار" فهلك بعد ذلك، ولمّا رأى مسروق هذه الحادثة ترك الميدان وقفل راجعاً وعندما سئل عن سبب رجوعه قال: "لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئاً لا أقاتلهم أبداً"1.
 
مسلم بن عبد الله الضبابيّ
جاء إلى كربلاء وفي يوم العاشر من المحرّم شارك في قتل مسلم بن عوسجة2، وفي زيارة الناحية وبعد السلام على ابن عوسجة لعن قاتله مسلم بن عبد الله3. ومع قيام المختار توارى عن الأنظار برفقة شمر بن ذي الجوشن4.
 
المهاجر بن أوس
أحد الشخصيّات السيّئة التي كانت حاضرة في كربلاء5.
 
وفي يوم عاشوراء لمّا رأى تغيّر حال الحرّ ارتاب فقال للحرّ: أتريد أن تحمل؟ فلم يجبه، فقال له المهاجر: إنّ أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقفٍ قطّ مثل هذا، ولو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟!
 
فقال له الحرّ: إنّي والله أخيّر نفسي بين الجنّة والنّار فوالله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت وحرقت، ثمّ ضرب الحرّ فرسه ولحق بالإمام الحسين عليه السلام6.
 
 
 

1- وقعة الطفّ، ص‏220.
2- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ج‏2، ص‏14، اعتبر أيضاً بأنّه قاتل عمير بن أبي عبد الله المذحجيّ.
3- الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79.
4- ذوب النضار، ص‏116 و117.
5- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏20.
6- وقعة الطفّ، ص‏214.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
224

204

الفصل الخامس: الظالمون

 وشارك المهاجر مع كثير بن عبد الله الشعبيّ في قتل زهير بن القين1، وقد لعن الإمام الحسين عليه السلام قاتليه2.

 
نصر بن خرشة
وكان نصر رجلاً أبرصَ، وعندما وقع الإمام الحسين عليه السلام في الميدان وبطلبٍ من ابن سعد تقدّم نحو الإمام عليه السلام ونزل عن فرسه فأخذ بلحيته وأراد أن يحزّ رأسه الشريف فقال له الإمام الحسين عليه السلام: "أنت الكلب الأبقع الذي رأيته في منامي".
 
فغضب نصر لذلك غضباً شديداً، وقال: أنت الذي تشبّهني بالكلاب يا ابن فاطمة، ثمّ جعل يضرب بسيفه على مذبح الحسين... وغضب عمر بن سعد ثمّ قال لرجل: انزل أنت إلى الحسين فأرحه3.
 
هانئ بن ثبيت الحضرميّ
جاء برفقة عمر بن سعد إلى كربلاء، وفي يوم عاشوراء قتل أوّلاً عبد الله بن عمير الكلبيّ ومن ثمّ قتل عبد الله وجعفر ابنا أمير المؤمنين عليه السلام4.
 
وكان هانئ أحد الفرسان العشرة الذين وطئوا بخيولهم جسد الإمام الحسين عليه السلام5.
 اسودّ وجهه في آخر عمره6، ومن ثمّ قُتل بأمرٍ من المختار الثقفيّ7. ورد في زيارة الناحية اللعن على هانئ بن ثبيت قاتل عبد الله بن عليّ عليه السلام8.
 
واخط315 بن ناعم
كان أحد الفرسان العشرة الذين قاموا بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بوطء
 
 
 

1الطفّ، ص‏233.
2- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏20.
2- الفتوح، ص‏911.
3- الكامل في التاريخ، ج‏3، ص‏294.
4- اللهوف، ص‏135.
5- الطبقات الكبرى، ج‏2، ص‏76.
6- اللهوف، ص‏136، مثير الأحزان، ص‏78.
7- الإقبال، ج‏3، ص‏73 - 79.
8- ذكره بعضهم باسم واحظ وذكره آخرون باسم أدلم (المترجم).


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
225

205

الفصل الخامس: الظالمون

 جسد الحسين عليه السلام بخيولهم1. وقُتل بأمرٍ من المختار الثقفيّ2.

 
يزيد بن الحارث
كنيته أبو حوشب3، أسلم على يدي أمير المؤمنين عليه السلام وكان في عهد خلافة الإمام عليّ عليه السلام أحد أفراد شرطته4، وكان حاضراً في حرب اليمامة5.
 
ويعتبر يزيد بن الحارث أحد أشراف الكوفة وزعمائها، وكان من ضمن الجماعة التي كتبت للإمام الحسين عليه السلام تدعوه للمجيء إلى الكوفة6.
 
إلّا أنّه جاء مع جيش ابن سعد إلى كربلاء لقتال الإمام الحسين عليه السلام7، وفي يوم عاشوراء خطب الإمام عليه السلام خطبته الأولى وذكر اسم يزيد بن الحارث وجماعة من أشراف الكوفة الذين كتبوا إليه مذكّراً إيّاهم: "ألم تكتبوا إليّ أن قد أينعت الثمار واخضرّ الجناب وطمّت الجمام، وإنّما تقدم على جند لك مجنّدة، فأقبل" فأنكر ابن الحارث دعوته وقال: لم نفعل8.
 
واعتبر ابن الحارث عثمانيّ الهوى ومن الموالين والمحبّين لبني أميّة9.
 
وبعدما عيّن ابن الزبير عبد الله بن يزيد الخطميّ والياً على الكوفة جعل يزيد بن الحارث أحد معاونيه فقام بترغيب الخطميّ بقتل سليمان بن صرد الخزاعيّ وأصحابه10. ثمّ قام بتشجيعه على حبس المختار11، وكان أحد الذاهبين لقتل المختار الثقفيّ12.
 
 
 
 

1- اللهوف، ص‏135.
2- نفس المصدر، ص‏136، مثير الأحزان، ص‏78.
3- الأعلام، ج‏8، ص‏180.
4- تهذيب التهذيب، ج‏8، ص‏163.
5- الإصابة، ج‏3، ص‏674.
6- الفتوح، ص‏841.
7- الإرشاد، ج‏2، ص‏98.
8- وقعة الطفّ، ص‏208.
9- إبصار العين، ص‏40.
10- تاريخ الطبريّ، ج‏3، ص‏395.
11- نفس المصدر.
12- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏221.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
226

206

الفصل الخامس: الظالمون

 وفي تحرّك آخر شارك مع بني ربيعة في القيام ضدّ المختار أيضاً فهزموا1.

 
وعين يزيد بن الحارث من قبل عبد الملك بن مروان أميراً على الريّ، ومات فيها سنة ثمانية وستّين للهجرة2.
 
يزيد بن معاوية
ولد يزيد في سنة 26 أو 27 للهجرة3، وابتدأ حياته بأنواع الرذائل والقبائح، فكان صاحب طرب وجوارح وكلاب وقرود وفهود ومنادمة على الشراب4، وكان له قرد يناديه أبا قيس وكان يصحبه معه في مجلسه ويعطيه ما تبقّى من شرابه ولمّا مات قرده حزن عليه حزناً شديداً وأمر بدفنه وطلب من أهل الشام إقامة المأتم عليه5.
 
وكان يزيد بن معاوية أوّل من أظهر شرب الشراب والاستهتار بالغناء والصيد واتخاذ القيان والغلمان والتفكّه بما يضحك منه المترفون من القرود والمعافرة بالكلاب والديكة6.
 
وكان يشرب الخمر إلى حدٍّ يترك بسببه الصلاة7، وذكر الذهبيّ أنّه كان ناصبيّاً (معادياً لأهل البيت عليهم السلام) فظّاً غليظاً جلفاً يتناول المسكر ويفعل المنكر8.
 
وعندما كان في المدينة دخل الحسين عليه السلام إلى مجلسه وكان قد شرب الخمر فقال الحسين عليه السلام مستعجباً: "ما هذا يا ابن معاوية؟!" ونهض الإمام عليه السلام وترك المجلس، واستمرّ يزيد في معاقرته الخمرة وأنشد يقول في وصفها: 
 
أَلَا يَا صَاحِ لِلْعَجَبِ                     دَعَوْتُكَ ثُمَّ لَمْ تَجِبِ
 
 
 
 

1- تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏459.
2- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏284، الأعلام، ج‏8، ص‏180.
3- مختصر تاريخ مدينة دمشق، ج‏28، ص‏18.
4- مروج الذهب، ج‏3، ص‏67.
5- أبو البركات الباعونيّ، جواهر المطالب، ج‏2، ص‏303.
6- أنساب الأشراف، ج‏5، ص‏229.
7- تجارب الأمم، ج‏2، ص‏76.
8- سير أعلام النبلاء، ج‏5، ص‏83.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
227

207

الفصل الخامس: الظالمون

 لِى القَيِّنَاتِ وَالَّلذَّا                     تِ وَالصَّهْبَاءِ وَالطَّرَبِ

وَبَا طِيَةٍ مُكَلَّلَةٍ                         عَلَيْهَا سَادَة العَرَبِ
وَفِيهِنَّ التِي تَبَلَتْ                      فُؤَادَكَ ثُمَّ لَمْ تَتُبِ1
 
ولم يكن يزيد متورّعاً عن هجر القرآن ومحو آثار الإسلام وأحكام الدين، وكان يجلس مع أقرانه من منكري الدين وشاربي الخمر والخائضين في الباطل وها هو جليسه ونديمه الأخطل يقول: 
 
مَعْشَرَ النُّدْمَانِ قُومُوا                واسْمَعُوا صَوْتَ الأَغَانِي
واشْرَبُوا كَأَسَ مُدامٍ                  واتْرُكُوا ذُمَرَ المَعانِي
أَشْغَلَتْنِي نَغْمَةُ العِيـ                  دَانِ عَنْ صَوْتِ الأَذَانِ
وَتَعَوَّضَتُ عَنِ الحُو                 رِ خُمُوراً فِي الدِّنان2
 
وفي أواخر أيّام معاوية بن سفيان بدأ سعيه لأخذ البيعة بولاية العهد لابنه يزيد وكان هذا الأمر ممّا لا سابقة له في الإسلام3، وابتدأ معاوية في سعيه من الشام ومن ثمّ طلب من أشراف المدينة الرضوخ لهذه الولاية فجوبه باعتراض الإمام الحسين عليه السلام وسائر الصحابة المعروفين، وقد حمل الإمام بكلّ عنفوانٍ شخصيّة يزيد الكريهة والرذيلة لأنّ يزيد في نظر الإمام عليه السلام: "رجلٌ فاسق شارب للخمر قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق"4.
 
وقام معاوية بالقدوم إلى المدينة ومن بعدها إلى مكّة لتثبيت مكانة يزيد وفي أحد المجالس ذكر للحسين عليه السلام أفضليّة يزيد وأرجحيّته عليه، فأجابه الإمام الحسين عليه السلام: "من خير لأمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يزيد الخمور الفجور؟!"5.
 
 
 

1- مرآة العقول، ج‏2، ص‏147.
2- تذكرة الخواصّ، ص‏291.
3- تاريخ الخلفاء، ص‏232.
4- الفتوح، ص‏826، بحار الأنوار، ج‏44، ص‏325. ويقول الذهبيّ في وصف يزيد: «كان ناصبيّاً فظّاً غليظاً جلفاً يتناول المسكر ويفعل المنكر افتتح دولته بقتل الشهيد الحسين». (سير أعلام النبلاء، ج‏5، ص‏83).
5- الفتوح، ص‏802.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
228

 


208

الفصل الخامس: الظالمون

 ولم يرتضِ معاوية كلام الحسين عليه السلام معه وقال لابن عبّاس (بعدما منع عطاء بني هاشم): "لأنّ صاحبكم الحسين بن عليّ أبى عليّ أن يبايع يزيد"1.

 
وفي أواخر لحظات معاوية قال لابنه يزيد: "إنّي من أجلك آثرت الدنيا على الآخرة ودفعت حق عليّ بن أبي طالب عليه السلام "، ثمّ أوصى ابنه يزيد بكيفيّة تعاطيه مع الإمام الحسين عليه السلام فيقول له: "ولا تؤذه ولكن أرعد له وأبرق، وإيّاك والمكاشفة له في محاربة سل سيف أو محاربة طعن رمح..."2 وكان هذا البيت من الشعر آخر ما كان يردّده معاوية على لسانه:
 
فَيَا لَيْتَنِي لَمْ أُعْن فِي المُلْكِ سَاعَةً                        وَلَمْ أَكُ أَسْعَ فِي لَذَّاتِ عَيْشٍ نَوَاضِرِ
 
ولمّا جلس يزيد على مسند الخلافة أشاع الفساد وسار عمّاله على نهجه في الفسق والفجور، وكما يقول المسعوديّ: فإنّه في أيّامه ظهر الغناء بمكّة والمدينة واستعملت الملاهي وأظهر الناس شرب الشراب3.
 
ويكتب أمير عليّ المؤرّخ الهنديّ المشهور في وصف السلوك القبيح لهذا الخليفة، فيقول: وكان يزيد بلا رحمة، قاسي القلب وكان غدّاراً خائناً... وكانت ملذّاته وشهواته مع ندمائه وأصحابه الفاسدين الحقراء الأرذال باعثة على الحقارة... وكان معتاداً على شرب الخمر حتّى في أيّام خلافته، يشرب الشراب ويعلن الفجور إلى الحدّ الذي قلّده في ذلك أهل عاصمة الخلافة في شوارعهم وطرقاتهم4.
 
وابتدأ ابن معاوية خلافته بقتل الإمام الحسين عليه السلام5، ومقدّمة لفعله هذا وبعد استلامه الخلافة أرسل ابتداءً بكتابٍ إلى والي المدينة وطلب منه أخذ البيعة له من الإمام الحسين عليه السلام وكبار الصحابة وأصدر أوامره إن امتنع الحسين عليه السلام عن البيعة بأن يرسل رأس الحسين إليه6 وكان جواب الحسين عليه السلام واضحاً إذ إنّه كان يعتقد:
 
 
 
 

1- الفتوح، ص‏804.
2- نفس المصدر، ص‏814 و816.
3- مروج الذهب، ج‏3، ص‏67. 
4- أمير عليّ، تاريخ عرب واسلام، ص‏90 (تاريخ العرب والإسلام).
5- سير أعلام النبلاء، ج‏5، ص‏83.
6- الفتوح، ص‏830، تاريخ اليعقوبيّ، ج‏2، ص‏241.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
229

209

الفصل الخامس: الظالمون

 بأنّ: "يزيد رجل فاسق شارب خمرٍ ومثلي لا يبايع مثله"1، ويصرّح الإمام عليه السلام بأنّ يزيد رجل فاسق معلن الفسق يشرب الخمر ويلعب بالكلاب والفهود2.

 
ورداً على دعوة مروان لبيعة يزيد قال الامام عليه السلام: "فكيف تولّي على أمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم من يشرب المسكر؟!، وشارب المسكر من الفاسقين، وشارب المسكر من الأشرار، وليس شارب المسكر بأمينٍ على درهم فكيف على الأمّة..."3.
 
وعندما قدم الإمام الحسين عليه السلام إلى مكّة تاركاً المدينة، أمر يزيد عمرو بن سعيد بن العاص بأن يقوم متخفيّاً فيعتقل الإمام عليه السلام وإن أخفق في ذلك فليقتله4، إلّا أنّ هذه المؤامرة فشلت. وفي إقدامٍ آخر قام يزيد وبمشورة سرجون بإيكال ولاية الكوفة إلى ابن زياد مضافاً لولاية البصرة5 والذي أقدم حين مجيئه إليها بإلقاء القبض على مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين عليه السلام وقتله6.
 
وعندما تحرّك الإمام الحسين عليه السلام إلى العراق قام يزيد بارسال كتابٍ إلى ابن زياد يطلب منه قتال الإمام الحسين عليه السلام وقتله7، ونفذّت أوامر يزيد بقتل الإمام عليه السلام وأصحابه وأهل بيته الأوفياء في عاشوراء سنة 61 للهجرة في أرض كربلاء، ودخل اسم يزيد في المتون التاريخيّة بعنوان قاتل الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام8، وبعد واقعة عاشوراء وعندما التقى يزيد بعبيد الله بن زياد قام بتكريمه وأقبل على ساقيه وقال له:
 
إِسْقِنِي شَرْبَةً تُرَوِّي مَشَاشِي                       ثُمَّ مِلْ فَاسِقاً مِثْلَها ابْنَ زِيَادِ
صَاحِبَ السِّرِّ والأَمَانَةِ عِنْدِي                    وَلِتَسْدِيدِ مَغْنَمِي وَجِهَادِي
 
 
 

1- الفتوح، ص‏826.
2- الفتوح، ص823.
3- دعائم الإسلام، ج‏2، ص‏131.
4- بحار الأنوار، ج‏45، ص‏99.
5- الفتوح، ص‏845.
6- الإصابة، ج‏1، ص‏333.
7- تاريخ الخلفاء، ص‏165، تاريخ اليعقوبيّ، ج‏2، ص‏241.
8- الركب الحسينيّ في الشام، ص‏25 - 77.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
230

210

الفصل الخامس: الظالمون

 ثمّ أمر يزيد المغنّين فغنّوا به1.

 
وعندما أحضر أسارى ملحمة كربلاء والرؤوس المقدّسة للشهداء إلى الشام، أدخل الجميع إلى مجلس يزيد. وعندما وضع رأس الحسين عليه السلام ورؤوس أهل البيت والأصحاب بين يديه راح يردّد قائلاً: 
 
يُفَلِّقْنَ هَاماً مِنْ رِجَالٍ أَعِزَّةٍ                     عَلَيْنا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَما2
 
ومن ثمّ أذن للناس بالدخول عليه ورأس الإمام الحسين عليه السلام ما زال بين يديه وهو يضرب بقضيب خيزران ثنايا الإمام عليه السلام المباركة فغضب أبو برزة الأسلميّ3 من فعل يزيد وصاح قائلاً: "ويحك يا يزيد أتنكت بقضيبك ثغر الحسين بن فاطمة؟ لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذاً لطالما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرشفه"4. فغضب يزيد وأمر بإخراجه فأخرج سحباً5.
 
وجعل يزيد يتمثّل بأبيات ابن الزبعرى: 
 
لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا                    جَزَعَ الخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الأَسَلْ
لَأَهَلُّوا وَاسْتَهَلُّوا فَرَحَاً                          ثُمَّ قَالُوا يَا يَزيِدَ لا تُشَلْ
قَدْ قَتَلْنَا القَرْمَ مِنَ سَادَاتِهِمْ                     وَعَدَلْنَاهُ بِبَدْرٍ فَاعْتَدَلْ
لَعِبَتْ هَاشِمُ بِالمُلْكِ فَلا                        خَبَرٌ جَاءَ وَلا وَحْيٌ نَزَلْ
لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ                  مِنْ بَنِي أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلْ6
 
ومع الكلام والبيان الرائع للإمام السجّاد عليه السلام والسيّدة زينب عليها السلام والذي أوجد
 
 
 
 

1- مروج الذهب، ج‏3، ص‏67.
2- وقعة الطفّ، ص‏268.
3- كان من صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وشارك في فتح مكّة (تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص‏60).
4- وقعة الطفّ، ص‏269.
5- اللهوف، ص‏180.
6- نفس المصدر، ص‏181.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
231

211

الفصل الخامس: الظالمون

 تحوّلاً وتغيّيراً عند أهل الشام بدأ يزيد يسمع اللعن على قاتلي الإمام الحسين عليه السلام من قبل الناس، فالتفت إلى الشمر وأصحابه وتظاهر بالغضب قائلاً: "لقد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين بن عليّ... لعن الله ابن مرجانة إذ قدم على مثل الحسين بن فاطمة..."1.

 
ومع تعاظم فساد يزيد وانتشار الشراب، ثار أهل المدينة عليه بقيادة عبد الله بن حنظلة الذي بيّن للناس أهداف ثورته بقوله: "فوالله ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء، إنّ رجلاً ينكح الأمّهات والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة..."2.
 
فوجّه إليه يزيد لقمعه مسلم بن عقبة على رأس جيش عظيم فسار نحو المدينة ووقع قتالٌ عظيم وقد اشتهرت هذه الواقعة فيما بعد باسم وقعة الحرّة، ودخل جنود الشام إلى المدينة فقتلوا الكثيرين من الصحابة والتابعين وقد أباحها مسلم بن عقبة لجنوده ثلاثة أيّام فنهبوا الأموال وسبوا الذريّة واستباحوا الفروج وولدت ألف امرأة من غير زوج، وأجبر البقيّة من أهل المدينة ممّن نجا أن يبايعوا ليزيد على أنّهم أرقّاء له وعبيده3.
 
ثمّ أمر يزيد جيش مسلم بن عقبة الذي فتك بأهل المدينة في وقعة الحرّة أن يتوجّه إلى مكّة لمقابلة عبد الله بن الزبير فقدموا إليها وحاصروها وجرت معركة عظيمة بين الطرفين وضربت الكعبة بالمنجنيق فتهدّمت ومن ثمّ أحرقت بالنّار وفي نفس الوقت وصلهم خبر موت يزيد4.
 
وذكر المؤرّخون أنّ يزيد بن معاوية وقع على الأرض من كثرة الشراب والسكر فمات وكان له من العمر عند موته ثماني وثلاثون سنة، وبقي في الخلافة ثلاث سنين وبضعة أشهر5، ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنّه قال: رأيت في نومي أنّ القيامة قد قامت
 
 
 
 

1- الفتوح، ص‏916.
2- تاريخ مدينة دمشق، ج‏7، ص‏216.
3- المنتظم، ج‏6، ص‏14 و16.
4- الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏123.
5- المعارف، ص‏198، سير أعلام النبلاء، ج‏4، ص‏36.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
232

212

الفصل الخامس: الظالمون

 ورأيت رجلاً في داخل النّار كلّما أراد أن يخرج منها ضرب بمقامع من حديد فيهوي إلى قعر النّار، ولمّا سألت عن اسم هذا الرجل قالوا: يزيد بن معاوية1.

 
يزيد بن معقل
خرج يزيد بن معقل في يوم عاشوراء نحو برير بن حضير فقام بشتمه أوّلاً وذكره قائلاً له: "هل تذكر وأنا أماشيك في بني لوذان وأنت تقول: إنّ عثمان بن عفّان كان على نفسه مسرفاً، وأن معاوية بن أبي سفيان ضالّ مضلّ، وأنّ إمام الهدى والحقّ عليّ بن أبي طالب"، فقال له برير، أشهد أنّ هذا رأيي وقولي.
 
فقال له يزيد: فإنّي أشهد أنّك من الضالّين.
 
فاقترح عليه برير قائلاً له: فلأباهلك بأهلك ولندع الله أن يلعن الكاذب وأن يقتل المبطل، ثمّ أخرج فلأبارزك، وقبل يزيد بن معقل بذلك وخرج الاثنان إلى الميدان ورفعا أيديهما إلى الله يدعوانه أن يلعن الكاذب وأن يقتل المحقُ المبطلَ، ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه فاختلفا ضربتين فضرب يزيدُ بن معقل بريرَ بن حضير ضربة خفيفة لم تضرّه شيئاً وضربه برير بن حضير ضربة قدّت المغفر وبلغت الدماغ فخرّ كأنمّا هوى من حالق، وإنّ سيف ابن حضير لثابت في رأسه فأخذ برير يحرّك سيفه ليخرجه من رأس يزيد2.
 
يسار
وهو مولى زياد بن أبيه (أو أبي سفيان)3، وفي يوم عاشوراء برز بصحبة سالم مولى عبيد الله بن زياد نحو الميدان وطلبا مبارزة الأقران، ولمّا أراد حبيب وبرير النزول إليهما منعهما الإمام الحسين عليه السلام من ذلك ولم يأذن لهما، ولمّا طلب عبد الله بن عمير الكلبيّ الإذن في القتال أجازه الإمام عليه السلام، فبرز إليهما فلمّا رآه يسار طلب قريناً آخر لمبارزته فهجم عليه عبد الله بن عمير ناعتاً إيّاه بابن الزنا وقتله4.
 
 
 
 

1- الخوارزميّ، مقتل الحسين عليه السلام ، ج‏2، ص‏86.
2- وقعة الطفّ، ص‏221.
3- الإرشاد، ج‏2، ص‏101.
4- المصدر، الكامل في التاريخ، ج‏4، ص‏65، تاريخ الأمم والملوك، ج‏4، ص‏65.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
233

 


213

فهرس المصادر العربيّة والفارسيّة

 1- القرآن الكريم‏

2- إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام محمّد بن طاهر السماوايّ، تحقيق محمّد جعفر الطبسيّ، قم، مركز الدراسات الإسلاميّة لحرس الثورة، 1419ق. 
3- إثبات الوصيّة، أبو الحسين عليّ بن حسين المسعوديّ، قم، منشورات الشريف الرضيّ.
4- إثبات الهداة، محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ، قم.
5- إحقاق الحقّ، السيّد نور الله التستريّ، قم، منشورات مكتبة آية الله المرعشيّ النجفيّ.
6- أخبار الزينبات، أبو الحسن يحيى بن الحسن العلويّ، قم، منشورات مكتبة آية الله المرعشيّ النجفيّ.
7- أدب الطفّ، جواد شبّر، بيروت، دار المرتضى، 1409 ق.
8- أسد الغابة، عزّ الدين ابن الأثير، طهران، المكتبة الإسلاميّة.
9- إسعاف الراغبين، محمّد الصبّان.
10- أعلام الورى، أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسيّ، قم، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام.
11- أعيان الشيعة، السيّد محسن الأمين العامليّ، بيروت، دار التعارف.
12- الأخبار الطوال، أحمد بن داود الدينوريّ، قم، منشورات الرضيّ.
13- الإرشاد، الشيخ المفيد، قم، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام، 1413 ق.
14- الإصابة، ابن حجر العسقلانيّ، بيروت، دار الكتاب العربيّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
237

214

فهرس المصادر العربيّة والفارسيّة

 15- الأصيلي في أنساب الطالبيّين، ابن الطقطقى، قم، منشورات مكتبة آية الله المرعشيّ النجفيّ.

16- الأعلام، خير الدين الزركليّ، بيروت، دار العلم للملايين، 1989م.
17- الأغاني، أبو الفرج الأصفهانيّ، بيروت، دار الفكر.
18- الإقبال بالأعمال الحسنة، ابن طاووس، قم، مكتب الإعلام الإسلاميّ، 1418 ق.
19- الأمالي، الشيخ الصدوق، بيروت، مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات.
20- الأمالي، الشيخ الطوسيّ، قم، مؤسّسة البعثة.
21- الإمام الحسين عليه السلام في المدينة المنوّرة (مع الركب الحسينيّ من المدينة إلى المدينة ج‏1) عليّ الشاويّ، قم، مركز الدراسات الإسلاميّة، 1421ق.
22- الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء (مع الركب الحسينيّ من المدينة إلى المدينة، ج‏4)، محمّد جعفر الطبسيّ، قم، مركز الدراسات الإسلاميّة 1421ق.
23- الإمام الحسين عليه السلام في مكّة المكرّمة (مع الركب الحسينيّ من المدينة إلى المدينة، ج‏2)، نجم الدين الطبسيّ، قم مركز الدراسات الإسلاميّة، 1421ق.
24- الإمامة والسياسة، ابن قتيبة الدنيوري، بيروت، دار الفكر.
25- أنساب الأشراف، أحمد بن يحي، بيروت، نشر دار المعرفة،
26- أنصار الحسين، محمّد مهدي شمس الدين، طهران، مؤسّسة البعثة، 1407ق.
27- أوضاع اجتماعيّ – اقتصاديّ موالي در صدر إسلام، (الأوضاع الاجتماعيّة - الاقتصاديّة للموالي في صدر الإسلام)، جمال جودة، ترجمة مصطفى جبّاريّ ومسلم زمانيّ، طهران، نشر في 1382ش.
28- الإيقاد شاه عبد العظيميّ.
29- بحار الأنوار، محمّد باقر المجلسيّ، بيروت، مؤسّسة الوفاء، 1403ق.
30- البداية والنهاية، ابن كثير الدمشقيّ، بيروت، دار الفكر.
31- بررسي تاريخ عاشوراء (تحليل تاريخ عاشوراء)، محمّد إبراهيم آيتيّ، طهران،
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
238

215

فهرس المصادر العربيّة والفارسيّة

 مكتبة الصدوق، 1347ش.

32- بشارة المصطفى، عماد الدين الطبريّ، قم، انتشارات جامعة المدرّسين.
33- بصائر الدرجات، محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار القمّي، قم، مكتبة آية الله المرعشيّ النجفيّ، 1404ق.
34- بطل العلقميّ، عبد الواحد المظفّر، النجف الأشرف، مطبعة دار النشر والتأليف، 1369ق.
35- بلاغات النساء، أحمد بن طاهر (ابن طيفور)، قم، مكتبة بصيرتيّ.
36- بيام آور عاشوراء (رسالة عاشوراء)، عطاء الله مهاجرانيّ، طهران، انتشارات إطلاعات، 1375ش.
37- تاج المواليد (ضمن مجموعة نفيسة) الفضل بن الحسن الطبرسيّ، قم، مكتبة بصيرتيّ.
38- تاريخ ابن خلدون، طهران، مؤسّسة مطالعات وتحقيقات فرهنكي (مؤسّسة الدراسات والتحقيقات الثقافيّة)، 1363ش.
39- تاريخ الأمم والملوك (تاريخ الطبريّ)، أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ، بيروت، دار الكتب العلميّة.
40- تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطيّ، قم، منشورات الشريف الرضيّ.
41- تاريخ الخميس، حسين بن محمّد الديار بكريّ، بيروت، مؤسّسة شعبان.
42- تاريخ خليفة بن خياط، أبو عمر خليفة بن خياط العصفريّ، مكّة المكرّمة، دار الباز.
43- تاريخ عرب وإسلام، أمير عليّ.
44- تاريخ مختصر الدول، ابن العنبريّ، بيروت، دار الكتب العلميّة، 1418ق.
45- تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، بيروت، دار الفكر، 1417ق.
46- تاريخ اليعقوبيّ، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن واضح، بيروت، دار صادر.
47- تجارب الأمم، أبو عليّ مسكويه الرازيّ، طهران، سروش، 1366ش.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
239

216

فهرس المصادر العربيّة والفارسيّة

 48- تحف العقول، ابن شعبة الحرّانيّ، ترجمة برويز أتابكي.

49- تذكرة الخواص، سبط ابن الجوزيّ، بيروت، مؤسّسة أهل البيت عليهم السلام، 1401ق.
50- ترجمة الإمام الحسين عليه السلام، من كتاب الطبقات لابن سعد، تحقيق السيّد عبد العزيز الطباطبائيّ، قم، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام، 1415ق.
51- ترجمة الإمام الحسين عليه السلام، ابن عساكر، تحقيق محمّد باقر المحموديّ، قم، مجمع الثقافة الإسلاميّة.
52- ترجمة الإمام الحسين عليه السلام، من كتاب بغية الطلب، ابن العديم تصحيح السيّد عبد العزيز الطباطبائيّ، قم، منشورات دليل ما، 1423ق.
53- تسلية المجالس، محمّد بن أبي طالب الحسينيّ الكركيّ، قم، مؤسّسة المعارف الإسلاميّة.
54- تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام، الفضيل بن الزبير الكوفيّ، نشر في مجلة تراثنا، العدد 2.
55- تنقيح المقال، عبد الله المامقانيّ، النجف الأشرف، المكتبة المرتضويّة، 1350ق.
56- تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلانيّ، بيروت، دار إحياء التراث العربيّ.
57- تهذيب الكمال، أبي الحجّاج يوسف المزّي، بيروت، مؤسّسة الرسالة.
58- ثار الله، حسين عندليب، قم، انتشارات در راه حق، 1376ش.
59- جمهرة النسب، هشام أبو المنذر بن محمّد الكلبيّ، دمشق، دار اليقظة العربيّة.
60- جمهرة أنساب العرب، عليّ بن أحمد بن حزم الأندلسيّ، بيروت، دار الكتب العلميّة.
61- جواهر المطالب، أبو البركات محمّد بن أحمد الدمشقيّ الباعونيّ، قم، مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة، 1415ق.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
240

217

فهرس المصادر العربيّة والفارسيّة

 62 - الحدائق الورديّة، حسام الدين المحلّى، صنعاء، جامع النهرين.

63 - حياة الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام، باقر شريف القرشيّ، قم، مكتبة الداوريّ.
64 - خزانة الأدب، عبد القادر بن عمر البغداديّ، القاهرة، مكتب الخانجيّ.
65 - الخصال، الشيخ الصدوق، قم، انتشارات جامعة المدرّسين.
66 - الخلاف، الشيخ الطوسيّ، قم، انتشارات جامعة المدرّسين.
67 - دائرة المعارف بزرك إسلامي (دائرة المعارف الإسلاميّة الكبرى)، طهران، مركز دائرة المعارف الإسلاميّة الكبرى.
68 - الدرّ النظيم، جمال الدين الجبعيّ، قم، انتشارات جامعة المدرّسين، 1420ق.
69 - دعائم الإسلام، النعمان بن محمّد التميميّ، بيروت، دار الأضواء، 1411ق.
70 - الدعوات، سعيد بن هبة الله (قطب الدين) الراونديّ، قم، مدرسة الإمام المهديّ عليه السلام، 1407ق.
71 - ذوب النضار في شرح الثار، جعفر بن محمّد بن جعفر بن هبة الله (ابن نما)، قم، مؤسّسة النشر الإسلاميّ، 1416ق.
72 - رجال الطوسيّ، محمّد بن الحسن الطوسيّ، قم، مؤسّسة النشر الإسلاميّ.
73 - رجال الكشّي (اختيار معرفة الرجال)، الشيخ الطوسيّ، مشهد، 1348ش.
74 - الركب الحسينيّ في الشام ومنه إلى المدينة المنوّرة (مع الركب الحسينيّ من المدينة إلى المدينة، ج‏6). محمّد أمين الأمينيّ، قم، مركز الدراسات الإسلاميّة، 1421ق.
75 - روضة الصفا، ميرخواند.
76 - روضة الواعظين، محمّد بن الحسن الفتّال النيشابوريّ، قم، منشورات الرضيّ.
77 - زينب الكبرى، جعفر النقديّ، النجف الأشرف، منشورات دار البيان، 1367ق.
78 - سخنان حسين بن عليّ عليه السلام از مدينة تا شهادت (كلمات الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام من المدينة إلى الشهادة) محمّد صادق نجميّ، قم، دفتر انتشارات إسلاميّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
241

218

فهرس المصادر العربيّة والفارسيّة

 79 - سرّ السلسلة العلويّة، أبو نصر سهل بن عبد الله البخاريّ، قم مكتبة الشريف الرضيّ.

80 - السرائر، ابن إدريس الحلّي، قم، انتشارات جامعة المدرّسين.
81 - سفينة البحار، الشيخ عبّاس القمّي، طهران، انتشارات مكتبة سنايّي.
82 - سنن ابن ماجة، محمّد بن يزيد القزوينيّ، بيروت، دار الفكر، 1415ق.
83 - سير أعلام النبلاء، محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبيّ، بيروت، مؤسّسة الرسالة.
84 - شذرات الذهب، أبو الفلاح الحنبليّ، بيروت، دار إحياء التراث العربيّ.
85 - شرح الأخبار، القاضي النعمان بن محمّد بن منصور، مؤسّسة النشر الإسلاميّ.
86 - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، بيروت، دار إحياء التراث العربيّ.
87 - صحيح ابن حبّان، محمّد بن حبّان التميميّ، بيروت، مؤسّسة الرسالة، 1414ق.
88 - صحيح البخاريّ، محمّد بن إسماعيل البخاريّ، بيروت، دار الفكر، 1420ق.
89 - صحيفة نور، الإمام الخمينيّ قدّس سرّه.
90 - الصواعق المحرقة، ابن حجر الهيثميّ، مكتبة القاهرة، 1385ق.
91 - الطبقات الكبرى، ابن سعد، بيروت، دار صادر.
92 - العقد الفريد، أحمد بن محمّد بن عبد ربّه الأندلسيّ، بيروت، دار إحياء التراث العربيّ.
93 - عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، أحمد بن عليّ الحسنيّ (ابن عنبة) النجف، منشورات المطبعة الحيدريّة، 1380ق.
94 - عوالم العلوم، ملّا عبد الله البحرانّي، قم، نشر مدرسة الإمام المهديّ عليه السلام.
95 - عيون أخبار الرضا عليه السلام، الشيخ الصدوق، طهران، انتشارات جهان.
96 - الغدير، عبد الحسين الأمينيّ، بيروت، دار الكتاب العربيّ.
97 - فتح الباري، ابن حجر العسقلانيّ، بيروت، دار إحياء التراث العربيّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
242

219

فهرس المصادر العربيّة والفارسيّة

 98 - الفتوح، ابن اعثم الكوفيّ، ترجمة محمّد بن أحمد مستوفيّ.

99 - الفصول المهمّة، ابن الصبّاغ المالكيّ.
100 - فوات الوفيات، محمّد بن شاكر الكتبيّ، بيروت، دار الكتب العلميّة، 1421ق.
101 - قاموس الرجال، محمّد تقي الشوشتريّ، قم، منشورات جامعة المدرّسين.
102 - الكافي، محمّد بن يعقوب الكلينيّ، قم، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، 1350ش.
103 - كامل الزيارات، ابن قولويه.
104 - كامل بهايي، عماد الدين الطبريّ.
105 - الكامل في التاريخ، ابن الأثير، بيروت، نشر دار صادر.
106 - كتاب سليم بن قيس.
107 - كشف الغمّة، عليّ بن عيسى الأربليّ، بيروت، دار الكتاب الإسلاميّ.
108 - كفاية الطالب، الكنجيّ الشافعيّ، طهران، دار إحياء تراث أهل البيت عليهم السلام، 1404ق.
109 - كنز العمّال، المتّقي الهنديّ، بيروت، مؤسّسة الرسالة، 1409ق.
110 - لباب الأنساب، عليّ بن أبي القاسم بن زيد البيهقيّ (ابن فندق) قم، مكتبة آية الله المرعشيّ النجفيّ، 1410ق.
111 - مآثر الأنافة، أحمد بن عبد الله القلقشنديّ، الكويت، 1964م.
112 - مثير الأحزان، نجم الدين جعفر بن محمّد بن نما الحلّي، قم، نشر مدرسة الإمام المهديّ عليه السلام.
113 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، عليّ بن أبي بكر الهيثميّ، بيروت، دار الكتاب العربيّ.
114 - المحاسن، أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ، قم.
115 - المحلّى، ابن حزم، بيروت، دار الفكر.
116 - مختصر تاريخ مدينة دمشق.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
243

220

فهرس المصادر العربيّة والفارسيّة

 117 - مرآة العقول، محمّد باقر المجلسيّ، طهران، دار الكتب الإسلاميّة.

118 - مروج الذهب، المسعوديّ، عليّ بن الحسين المسعوديّ، بيروت، دار المعرفة.
119 - المسائل السرويّة، الشيخ المفيد.
120 - المسائل المهنائيّة، العلّامة الحلّي، قم، مطبعة الخيام.
121 - مستدركات علم رجال الحديث، عليّ النمازيّ الشاهروديّ، طهران، مطبعة الشفق.
122 - مشكل الآثار، الطحّاويّ.
123 - معادن الحكمة في مكاتيب الأئمّة، محمّد بن محسن بن مرتضى الكاشانيّ، قم، انتشارات جامعة المدرّسين، 1409ق.
124 - المعارف، ابن قتيبة، قم، نشر الشريف الرضيّ.
125 - معالم المدرستين، السيّد مرتضى العسكريّ، بيروت، مؤسّسة النعمان، 1410ق.
126 - معالي السبطين، محمّد مهديّ الحائريّ المازندرانيّ، قم، منشورات الشريف الرضيّ.
127 - معاني الأخبار، الشيخ الصدوق، قم، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة.
128 - معجم البلدان، ياقوت الحمويّ، بيروت، دار إحياء التراث العربيّ.
129 - معجم رجال الحديث، السيّد أبو القاسم الخوئيّ، قم، منشورات مدينة العلم.
130 - مقاتل الطالبيّين، أبو الفرج الأصفهانيّ، قم، مكتبة الشريف الرضيّ.
131 - مقتل الحسين عليه السلام، أبو المؤيّد الخوارزميّ، قم، دار أنوار الهدى.
132 - مقتل الحسين عليه السلام، السيّد عبد الرزّاق الموسويّ المقرّم، قم، مكتبة الشريف الرضيّ.
133 - مقتل الإمام الحسين عليه السلام، الشيخ محمّد رضا الطبسيّ النجفيّ، تحقيق محمّد أمين الأمينيّ، قم، مؤسّسة محبّين، 1424ق.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
244

221

فهرس المصادر العربيّة والفارسيّة

 134 - مناقب آل أبي طالب، محمّد بن عليّ بن شهر آشوب السرويّ المازندرانيّ، قم، انتشارات علّامة.

135 - مناهل الضرب في أنساب العرب، السيّد جعفر الأعرجيّ، قم، مكتبة آية الله المرعشيّ النجفيّ.
136 - المنتخب، فخر الدين الطريحيّ، قم، نشر الشريف الرضيّ.
137 - المنتظم، أبو الفرج ابن الجوزيّ، بيروت، دار الكتب العلميّة.
138 - منتهى الآمال، الشيخ عبّاس القمّي، قم، انتشارات هجرت.
139 - منطق الطير، العطّار النيشابوريّ، طهران، شركت انتشارات علمي وفرهنكي، 1368ش.
140 - المواليّ ونظام الولاء، الدكتور محمود المقداد، سوريا، دار الفكر، 1408ق.
141 - موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام، معهد تحقيقات باقر العلوم عليه السلام، قم، دار المعروف، 1415ق.
142 - نخستين گزراش مستند از نهضة عاشوراء (التقرير الأوّل الموثّق عن نهضة عاشوراء)، ترجمة مقتل أبي مخنف، ترجمة جواد سليمانيّ، قم، انتشارات مؤسّسة آموزشي وپژوهشي إمام خمينيّ قدّس سرّه (مؤسّسة الإمام الخمينيّ قدّس سرّه التعليميّة والتحقيقيّة)، 1377ش.
143 - نسب قريش، مصعب بن عبد الله الزبيريّ، بيروت، دار المعارف.
144 - نفس المهموم، الشيخ عبّاس القمّي، ترجمة كمره اى، قم، انتشارات مسجد مقدّس صاحب الزمان، 1370ش.
145 - نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار صلى الله عليه وآله وسلم، مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجيّ، بيروت، دار الكتب العلميّة، 1398ق.
146 - نهج البلاغة.
147 - وسيلة الدارين في أنصار الحسين عليه السلام، السيّد إبراهيم الزنجانيّ، بيروت، منشورات مؤسّسة الأعلميّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
245

222

فهرس المصادر العربيّة والفارسيّة

 148 - وقائع الطريق من مكّة إلى كربلاء (مع الركب الحسينيّ من المدينة إلى المدينة، ج‏3) محمّد جواد الطبسيّ، قم، مركز الدراسات الإسلاميّة، 1421ق.

149 - وقعة صفّين، نصر بن مزاحم المنقريّ، قم، مكتبة آية الله المرعشيّ النجفيّ، 1403ق.
150 - وقعة الطفّ، لوط بن يحيى الأزديّ، (أبو مخنف) تحقيق محمّد هادي اليوسفيّ، قم، انتشارات جامعة المدرّسين، 1367ش.
151 - ولايت فقيه، الإمام الخمينيّ، طهران، دفتر حفظ ونشر آثار إمام (مؤسّسة حفظ ونشر آثار الإمام الخمينيّ قدس سره).
152 - ينابيع المودّة، سليمان بن إبراهيم القندوزيّ، النجف الأشرف، المكتبة الحيدريّة، 1411ق.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
246

223

فهرس المصادر العربيّة والفارسيّة

 تعريف الكتاب‏


ترسم الوقائع عبر شخصيّاتها، فالتعرّف عليها من مختلف الجوانب كفيل بالدروس والعبر.

ففي ملحمة كربلاء وهي من الوقائع التاريخيّة العجيبة والخالدة نجد وجوهاً سارعت إلى الحقّ بالإيمان والشجاعة التي ضربت بها الأمثال.

ونجد في المقابل وجوهاً أخرى سلب حبّ الدنيا وكراهة الموت وطلب السلطة وضحالة الفكر سلب ألبابهم وعقولهم وأحلّهم دار الشقاق.

ومستثمراً المصادر المعتمدة، قام هذا العمل بشرح مبسوط لتلك الواقعة العظيمة ورسم الشخصيّات الصالحة والطالحة الذين تركوا بصماتهم عليها.
مؤسّسة بوستان كتاب‏
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
247

224

الفهرس

 الفهرس

المقدمة

5

مقدمة المؤلف

9

الفصل الأول: سيّد الشهداء

11

السنون الأولى

13

في عهد أبيه

14

مع وحدة أخيه

16

العقد الأول لإمامة الحسين عليه السلام

17

أ- الدفاع عن أمير المؤمنين عليه السلام

18

ب- مواجهته للتصفية الدمويّة

19

ج- مخالفته تنصيب يزيد وليّاً للعهد

20

د- توجيه النخب وهدايتها

22

عدم الإعتراف بسلطة يزيد

24

من المدينة إلى مكة

25

السعي من أجل الإصلاح والتغيير

28

الحركات المعارضة

29

حركة الهاشميّين

29

حركة المشفقين

30

حركة أصحاب الفرص

31

نحو كربلاء

32

1- التنعيم

33

 

.

 

 

 

 

 

 

249


225

الفهرس

 

2- الصفاح

33

3- ذات عرق

33

4- الحاجر

33

5- الخزيمية

34

6- زَرُود

34

7- الثعلبيّة

34

8- الشقوق

35

9- زبالة

35

10- بطن العقبة

36

11- شراف

36

12- ذو حُسَم

36

13- البيضة

38

14- عذيب الهجانات

38

15- قصر بني مقاتل

39

16- نينوى  

40

في أرض البطولات

40

وصول ابن سعد

40

منع الماء

41

تأخير الهجوم

42

اختبار الأصحاب

42

اصبري يا زينب

43

تضرّع ومناجاة

44

عاشوراء 61 للهجرة

44

الإمتناع عن بدء القتال

45

الخطبة الأولى

45

 

 

 

 

 

 

 

 

250


226

الفهرس

 

زئير في مقابل ضجيج الخصم

47

الخطبة الثانية: كشف قناع الكوفييّن

47

هيهات منّا الذلّة

48

بداية الحرب

49

الصلاة الأخيرة

50

عروج الأصحاب

50

وحيداً فريداً

51

الوداع الأخير

51

موت في عزّ

52

كونوا أحراراً

53

ليت السماء أطبقت على الأرض

53

صريعاً على الأرض

54

الفصل الثاني: السابقون

57

بنو هاشم

59

أ. أبناء أمير المؤمنين عليه السلام

59

العباس بن علي عليه السلام

59

عبيد الله بن علي عليه السلام

62

عتيق بن علي عليه السلام

62

عمر بن علي عليه السلام

62

عون بن علي عليه السلام

63

يحيى بن علي عليه السلام

63

ب. أبناء الإمام الحسن عليه السلام

63

أبو بكر بن الحسن

63

ج. أبناء الإمام الحسين عليه السلام

64

 

 

 

 

 

 

 

251


227

الفهرس

 

د.آل جعفر بن أبي طالب

64

عبيد الله بن عبد الله بن جعفر

64

عون بن عبد الله بن جعفر

64

القاسم بن محمد بن جعفر

64

محمّد بن عبد الله بن جعفر

65

هـ.آل عقيل

65

أحمد بن محمد بن عقيل

65

عبد الرحمن بن عقيل

66

عبد الله بن عقيل

66

عبيد الله بن عقيل

66

عليّ بن عقيل

66

عون بن عقيل

67

محمّد بن عقيل

67

الصحابة

67

أنس بن حرث الكاهليّ

67

حبيب بن مظاهر الأسديّ

68

الحرث بن نبهان

70

عبد الرحمن بن عبد ربّ الأنصاريّ الخزرجيّ

70

عمّار بن أبي سلامة الدالانيّ الهمدانيّ

71

مسلم بن عوسجة الأسديّ

71

هانئ بن عروة المراديّ

73

إشارة وتذكير

74

الشباب

75

إبراهيم بن علي عليه السلام

76

جعفر بن عقيل

76

 

 

 

 

 

 

 

 

 

252


228

الفهرس

 

جعفر بن علي عليه السلام

76

سيف بن الحارث بن سريع الجابريّ

77

عبد الله بن علي عليه السلام

78

عبد الله بن مسلم بن عقيل

78

عثمان بن علي عليه السلام

79

علي بن الحسين عليه السلام (عليّ الأكبر)

79

مالك بن عبد الله بن سريع الجابريّ

82

محمّد الأصغر بن علي عليه السلام

82

محمّد بن أبي سعيد بن عقيل

82

محمّد بن مسلم بن عقيل

83

الأطفال والفتيان

83

أحمد بن الحسن عليه السلام

83

عبد الله بن الحسن عليه السلام

84

عبد الله بن الحسين عليه السلام

84

عليّ الأصغر

85

عمر بن الحسن عليه السلام

86

عمرو بن جنادة الأنصاريّ

86

قاسم بن الحسن عليه السلام

86

محمّد بن عليّ (الإمام الباقر عليه السلام)

88

النساء والبنات

88

أم عمرو بن جنادة

89

أمّ كلثوم

89

أمّ كلثوم الصغرى

90

أمّ وهب

90

أمّ وهب الثانية

91

 

 

 

 

 

 

 

253


229

الفهرس

 

ابنة الشليل البجليّة

91

دلهم بنت عمرو

91

الرباب بنت امرؤ القيس

92

رقية بنت الحسين عليه السلام

92

رقية بنت علي عليه السلام

93

رملة

93

زينب بنت علي عليه السلام

93

سكينة بنت الحسين

95

طوعة

96

فاطمة بنت الحسين عليه السلام

97

مارية بنت منقذ العبديّ

97

سفراء الحسين عليه السلام

98

حنظلة بن أسعد الشبّامي

98

سليمان بن رزين

99

عبد الله بن يقطر الحميريّ

100

عمرو بن قرظة الأنصاريّ

101

قيس بن مسهّر الصيداويّ

101

مسلم بن عقيل

103

الأسرى

106

عقبة بن سمعان

107

علي بن الحسين عليه السلام (الإمام السجاد عليه السلام)

107

نافع بن هلال الجمليّ

109

وهب بن وهب

110

الجرحى

111

الحسن بن الحسن (المثنّى)

111

 

 

 

 

 

 

 

 

254


230

الفهرس

 

سواد بن منعم بن أبي عمير النهميّ

112

سويد بن عمرو الخثعميّ

112

عمرو بن عبد الله الجندعيّ

112

الموقع بن ثمامة الصيداوي

113

الموالي

113

أسلم بن عمرو

14

جون بن حويّ

114

جار بن الحجاج

115

رافع بن عبد الله

115

سالم

115

سالم بن عمرو

116

سعد

116

سعد بن الحارث

116

شبيب

116

شوذب بن عبد الله

117

قارب بن عبد الله الدؤليّ

117

منجح بن سهم

117

نصر بن أبي نيزر

118

واضح التركيّ

118

الأصحاب

118

أبو ثمامة الصائديّ

119

الأدهم بن أميّة العبديّ البصريّ

120

أميّة بن سعد الطائيّ

121

برير بن خضير الهمدانيّ

121

بشر بن عمرو بن الأحدوث الحضرميّ

122

 

 

 

 

 

 

 

255


231

الفهرس

 

جبلة بن علي الشيبانيّ

123

جنادة بن الحرث المذحجيّ السلمانيّ

123

جنادة بن كعب بن الحرث الأنصاريّ

124

جندب بن حجير الكنديّ

124

الحبّاب بن عامر التميميّ

124

حبشي بن قيس النهميّ

125

الحجّاج بن بدر التميميّ السعديّ

125

الحجّاج بن مسروق المذحجيّ الجعفيّ

125

حجير بن جندب بن حجير الكنديّ

126

زاهر بن عمرو الكنديّ

127

زياد بن عريب الهمدانيّ الصائديّ

127

سعيد بن عبد الله الحنفيّ

128

سلمان بن مضارب البجليّ

129

سيف بن مالك العبدي البصريّ

130

شبيب بن عبد الله النهشليّ

130

عائذ بن مجمع بن عبد الله العائذيّ

130

عابس بن أبي شبيب الشاكريّ

131

عامر بن مسلم العبديّ البصريّ

131

عبّاد بن المهاجر بن أبي المهاجر الجهنيّ

132

عبد الأعلى بن يزيد الكلبيّ

132

عبد الرحمن بن عبد الله الأرحبيّ

132

عبد الرحمن بن عروة الغفاريّ

133

عبد الله بن عروة الغفاريّ

133

عبد الله بن عمير الكلبيّ

134

عبد الله بن يزيد العبديّ البصريّ

135

 

 

 

 

 

 

 

 

256


232

الفهرس

 

عبيد الله بن يزيد العبديّ البصريّ

135

عقبة بن الصلت الجهنيّ

135

عمّار بن حسّان الطائيّ

135

عمارة بن صلخب الأزديّ

136

عمرو بن خالد الأسديّ الصيداويّ

136

قاسط بن زهير التغلبيّ

137

قعنب بن عمرو النمريّ

137

كردوس بن زهير التغلبيّ

137

كنانة بن عتيق التعلبيّ

138

مجمع بن زياد بن عمرو الجهنيّ

138

مجمع بن عبد الله العائذيّ

138

مسلم (أسلم) بن كثير الأزديّ

139

مقسط بن زهير التغلبيّ

140

نعيم بن العجلان الخزرجيّ

140

الهفهاف بن مهنّد الراسبيّ البصريّ

141

يزيد بن ثبيط العبديّ البصريّ

141

يزيد بن مغفل الجعفيّ

142

تذكير

143

الفصل الثالث: الملتحقون

147

أبو الحتوف بن الحرث الأنصاريّ العجلانيّ

150

بكر بن حيّ التميميّ

150

جوين بن مالك التميميّ

150

الحارث بن امرئ القيس الكنديّ

151

الحر بن يزيد الرياحيّ

151

 

 

 

 

 

 

 

 

257


233

الفهرس

 

الحُلاس بن عمرو الأزديّ الراسبيّ

153

زهير بن سليم الأزديّ

153

زهير بن القين البجليّ

154

سعد بن الحرث الأنصاريّ العجلانيّ

156

ضرغامة بن مالك

157

عبد الرحمن بن مسعود بن الحجّاج

157

عبد الله بن بشر الخثعميّ

157

عمرو بن ضبعة الضبعيّ

157

القاسم بن حبيب بن أبي بشير الأزديّ

158

مسعود بن الحجّاج التميميّ

158

النعمان بن عمرو الأزديّ الراسبيّ

158

يزيد بن زياد أبو الشعثاء الكنديّ

161

الفصل الرابع: المتخلّفون

164

الاحنف بن قيس التميميّ

166

الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ

167

الطرماح بن عديّ

168

عبد الله بن الحرّ الجعفيّ

171

عمرو بن عبيد الله بن معمر

173

عمرو بن قيس المشرقيّ

173

فراس بن جعدة المخزوميّ

174

قيس بن الهيثم السلميّ

174

مالك بن مسمع البكريّ

175

مالك بن النض الأرحبيّ

175

 

 

 

 

 

 

 

 

258


234

الفهرس

 

مسعود بن عمرو الأزديّ

176

المنذر بن الجارود

176

هرثمة بن أبي مسلم

177

يزيد بم مسعود النهشليّ

178

الفصل الخامس: الظالمون

179

الأخنس بن مرثد الحضرميّ

181

أسماء بن خارجة الفزاريّ

182

الأسود بن خالد الأزديّ

182

إسحاق بن حويّة الحضرميّ

183

أسيد بن مالك

183

بحر بن كعب

183

بديل بن صريم

184

بشر بن خوط الهمدانيّ

184

جرير بن مسعود الحضرميّ

185

حجّار بن أبجر البجليّ

185

حرملة بن كاهل الأسديّ

186

الحصين بن نمير السكونيّ

186

حكيم بن الطفيل السنبسيّ

188

خولّي بن يزيد الأصبحيّ

188

ذويد مولى عمر بن سعد

189

رجاء بن منقذ العبديّ

189

رستم

190

رضيّ بن منقذ العبديّ

190

زحر بن قيس

190

 

 

 

 

 

 

 

 

259


235

الفهرس

 

زرعة بن أبان بن دارم

191

زرعة بن شريك التميميّ

191

زيد بن رُقاد الجنبيّ

191

سالم بن خيثمة الجعفيّ

192

سالم

192

سرجون الروميّ

192

سنان بن أنس النخعيّ

193

شبث بن ربعيّ المذحجيّ

194

شريح القاضي

195

شمر بن ذي الجوشن

196

صالح بن وهب الجعفيّ

199

عامر بن نهشل التيميّ

200

عبد الرحمن بن الحصين الأزديّ

200

عبد الله بن حوزة التميميّ

200

عبد الله بن خشكارة البجليّ

201

عبد الله بن عقبة الغنويّ

201

عبد الله بن قطبة الطائيّ

201

عبيد الله بن زياد

201

عثمان بن خالد الجهنيّ

205

عُرزة بنم قيس الأحمسيّ

206

علي بن قرظة الأنصاريّ

206

عمر بن سعد

207

عمرو بن الحجّاج الزبيديّ

211

عمرو بن سعد بن نفيل الأزديّ

213

عمرو بن سعيد الأشدق

213

 

 

 

 

 

 

 

 

260


236

الفهرس

 

عمرو بن صبيح الصيداويّ

216

قيس بن الأشعث الكنديّ

216

كثير بن عبد الله الشعبيّ

217

كعب بن جابر الأزديّ

217

لقيط بن ياسر الجهنيّ

218

مالك بن نسر الكنديّ

218

محمّد بن الأشعث

219

مروان بن الحكم

220

مرّة بن منقذ العبديّ

223

مسروق بن وائل

224

مسلم بن عبد الله الضبابيّ

224

المهاجر بن أوس

224

نصر بن خرشة

225

هانئ بن ثبيت الحضرميّ

225

واخطبن ناعم

225

يزيد بن الحارث

226

يزيد بن معاوية

227

يزيد بن معقل

233

يسار

233

فهرس المصادر العربية والفارسية

235

تعريف الكتاب

247

الفهرس

249

 

 

 

 

 

 

 

261


237
معجم كربلاء