مجالس الأطفال و الناشئة


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2016-03

النسخة: 0


الكاتب

معهد سيد الشهداء

هو مؤسسة ثقافية متخصصة تعنى بشؤون النهضة الحسينية ونشرها، وإعداد قدرات خطباء المنبر الحسيني وتنميتها، معتمدة على كفاءات علمائية وخبرات فنية وإدارية... المرتكزة على الأسس الصحيحة المستقاة من ينبوع الإسلام المحمدي الأصيل.


المقدمة

 المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد للَّه رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه و آله وعلى اله الطاهرين.
 
من كربلاء نعيد بناء مجدنا ونحيي كرامة أمتنا، ومن عاشوراء يعود لنا الزمان شمساً وضياء وحرية، من علي الأكبر إلى عبد اللَّه الرضيع أجيال تعشق الحرية وتطوق إلى الشهادة تحت راية الحق بنداء يا لثارات الحسين.
 
وعبر العصور المتمادية تتجدد الأجيال ونلحق بالمستقبل الذي ينتظر أطفالنا ليوم لا حياة فيه بدون حسين ولا نهار له بدون عاشوراء من زاوية الحرص والأمانة لمستقبل أطفالنا وطمعاً لتفعيل دور الطفل في احياء ذكرى عاشوراء أقام معهد سيد الشهداء عليه السلام للتبليغ والمنبر الحسيني في الوحدة الثقافية المركزية لحزب اللَّه مؤتمره الأول تحت عنوان "مجالس الأطفال والناشئة" والذي عقد في بيروت الواقع في 2003/2/21 الموافق 18 ذي الحجة 1423ه في مركز الإمام الخميني الثقافي بحضور علماء وخطباء وأهل الاختصاص في مجال الأدب والكتابة وقد تناول المؤتمرون أهمية تقديم عاشوراء بلغة وأسلوب ينسجم مع طبيعة الطفل المخاطب.
 
وكذلك أهمية إقامة مجالس عزاء خاصة بالأطفال يجد فيها الطفل نفسه هو المخاطب، وقد لاقى المؤتمر اهتماماً كبيراً في جميع الأوساط المهتمة في مجال الثقافة والاعلام كونه يؤسس لمرحلة جديدة من الثقافة العاشورائية التي يحتاج إليها مجتمعنا.
 
ويأتي هذا المؤتمر في سياق مشروع لمجموعة من المؤتمرات ينوي المعهد إقامتها لتفعيل دور عاشوراء في نفوس المسلمين املين من اللَّه عزّ وجلّ أن يعيننا على خدمة هذا الطريق لما فيه خير ومصلحة أمتنا.
 

معهد سيد الشهداء عليه السلام
للتبليغ والمنبر الحسيني 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
5

1

المقدمة

 الهوية العامة للمؤتمر


* اسم المؤتمر:

المؤتمر الثقافي العاشورائي التخصصي تحت عنوان مجالس الأطفال والناشئة.

* الهدف المنشود:

رسم هيكلية المجلس العاشورائي للأطفال.

* منظمو المؤتمر:

معهد سيد الشهداء عليه السلام للتبليغ والمنبر الحسيني.

* المشاركون:

علماء خطباء حسينيون اختصاصيون في مجال الأطفال شعراء مؤسسات تربوية كشافة منظمو مجالس عاشوراء اخوة وأخوات .

* الافتتاحية

كلمة نائب أمين عام حزب اللَّه سماحة الشيخ نعيم قاسم كلمة مدير المعهد.

* المحاور:

1-هل تصلح عاشوراء قصة للأطفال،    د. عبد المجيد زراقط.
نقاش ومداخلات
2 -الشكل الفني لقصة الأطفال،             د. إيمان بقاعي.
نقاش ومداخلات
3 -عزاء الأطفال خصائص ومميزات،    الشيخ علي سليم.
نقاش ومداخلات
4 -القيم عند أطفال عاشوراء،              الأستاذة أمل طنانة.
نقاش ومداخلات
.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
7

2

المقدمة

 5 -الشعر في الحدث العاشورائي،                الشيخ فضل مخدر.

نقاش ومداخلات

6 -أطفال عاشوراء دراسة توثيقية،             السيد حسين حجازي.

المكان: مركز الإمام الخميني الثقافي، حارة حريك، بناية دار الربيع ط3.
الزمان: 18 ذي الحجة 1423ه الموافق 2003/1/21م.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
8

3

المقدمة

 افتتاحية المؤتمر

 
صاحب الكلمة: نائب الأمين العام لحزب اللّه سماحة الشيخ نعيم قاسم
عنوان البحث: كيف يتفاعل الأطفال والناشئة مع مجالس عاشوراء؟
 
التربية منذ الصغر: 
 
تمثِّل عاشوراء منعطفاً تاريخياً في حياة الأمة الإسلامية، فهي لا تُعتبر حدثاً عابراً أو حادثةً قديمة، لأنَّ اثارها وما تركته من تداعيات ومواقف شكَّلت مفترقاً هاماً وأسست لمنهجية في الثورة والجهاد، وقد تحوَّلت بفعل مداليلها المتنوعة إلى مدرسة تربوية مُلهمة، خرَّجت أجيالاً من المتمسكين بمنهج أهل البيت عليهم السلام ، وثبَّتت قواعدَ وتعاليم وَفيرة ومتكاملة في السياسة والسلوك والأخلاق والتربية ومواكبة متطلبات الإنسان والمجتمع.
 
من هنا فإن التعاطي مع عاشوراء لا يتوقف عند ما جرى في التاريخ، ولا يقتصر على استحضار القصة من الماضي، وإنما يهدف إلى تربية الأجيال والمجتمع من منطلق ما حدث مع الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه في سيرهم ومسارهم إلى كربلاء وما جرى فيها وما تركته من اثار بعدها.
 
بما أن الأطفال والناشئة يمثِّلون شريحة هامة من المجتمع، ويتأهلون ليتصدروا المسؤولية المستقبلية فيه، فإنَّهم معنيون بدروس وعِبَر عاشوراء، لما لها من تأثير تربوي مؤثر ومؤسِس، وما يمكن أن تُشكِّل في رصيدهم المعرفي والثقافي الذي يحملونه في حياتهم وممارساتهم.
 
قال رسول الله صلى الله عليه و آله: "كل مولود يُولد على الفطرة، إلاَّ أن أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"1، فما يتأسس عليه الولد منذ الصغر، ينطبع في شخصيته ويتحوَّل إلى سلوك عادي، وعادةً ما ينمو حسن الأدب أو سوؤه مع الطفولة، ثم يصعب تغيير هذا السلوك الاجتماعي مع الكبر 2 .
 
 
 

1- الاحتجاج للطبرسي ج2 ص 176.
2- نهج البلاغة من وصيته للإمام الحسن عليه السلام كتاب31.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
9

4

المقدمة

 وقد أشار الإمام علي عليه السلام إلى أهمية التأديب منذ الصغر في قوله لولده الإمام الحسن عليه السلام: "وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما أُلقي فيها من شي‏ء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك" 1.

 
وإذا استعرضنا قناعات الأولاد وسلوكهم عبر التجارب الطويلة السابقة، لوجدنا أنَّ البيئة المحيطة والتي تشكل بيئة الاباء والمجتمع المحيط سواء أكانوا منسجمين معها أو كانت مسيطرة على واقعهم، وسواء اختاروها أو أساؤوا الاختيار هي البيئة المؤثرة والبانية والمؤسَّسَة.
 
وعندما يسأل النبي إبراهيم عليه السلام أباه وقومه عن سبب عبادة الأصنام والانحراف عن طاعة الله عزَّ وجل: ﴿إذا قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون﴾ 2، يأتي الجواب: ﴿قالوا وجدنا اباءنا لها عابدين﴾ 3.
 
فمجالس عاشوراء للأطفال والناشئة فكرة جيدة وضرورية، لإشعارهم بأنهم معنيون بها، ولما لها من تأثير على أفكارهم وسلوكهم.
 
المجالس الخاصة:
 
إنَّ تخصيص المجالس العاشورائية للأطفال والناشئة يتطلب مخاطبتهم بمستواهم ومتطلباتهم، وفرق كبير أن يحضر الأطفال في المجالس العاشورائية العامة ليتأثروا بأجوائها ويلتقطوا بعض مضامينها، حيث يكون الهدف الرئيس عيشهم للذكرى بالتفاعل العاطفي بالدرجة الأولى، وبين أن يحضروا في مجالس خاصة بهم، حيث لا يمكن نقل مجلس الكبار بحذافيره إلى الصغار، فلا بدَّ من مراعاة مدى استيعابهم، وطبيعة المشاهد المؤثرة فيهم، والأفكار التي تتناسب مع بنائهم الثقافي والمعرفي، والأجواء التي تدخل إلى أعماق قلوبهم وتساهم في تعبئتهم.
 
لعلَّ هذا المؤتمر الكريم يقدم مساهمة جليلة في تحديد الأهداف وتقديم المقترحات 
 
 
 

1- حقوق الوالدين والولد للكاتب ص 67 كما يمكن مراجعة الحلقتين الثالثة والرابعة من الكتاب اللذين يتحدثان عن حق الولد.
2- سورة الأنبياء الاية 52.
3- سورة الأنبياء الاية 53.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
10

5

المقدمة

 العملية لمجالس الأطفال الناجحة، ونحن بحاجة إلى كتابات ومحاضرات وورش عمل تساعد في بلورة هذه الفكرة، فخطاب الناشئة يختلف في بعض جوانبه عن الخطاب العام، وإن كنا نؤكد على ضرورة المحافظة على نمط المجلس من النعي إلى السيرة وإثارة المشاعر والإبكاء، لأنَّها تمثِّل الرصيد التاريخي الذي ساهم في حفظ هذه الذكرى.


وقد روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: "نظر النبي صلى الله عليه و آله إلى الحسين بن علي عليه السلام وهو مُقبل، فأجلسه في حجره، وقال: إنَّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً".

ثم قال الإمام عليه السلام: "بأبي قتيل كل عَبْرة".

قيل: وما قتيل كل عَبْرة يا بن رسول الله.

قال عليه السلام: "لا يذكره مؤمن إلاَّ بكى".

عاشوراء بكل مفرداتها:


لكنَّ هذا لا يعني أن تقتصر مجالس عاشوراء على البكاء، بل يجب أن تَحضر بكل مفرداتها، فهي المأساة والموقف والجهاد والعزة والإخلاص والصبر والشجاعة والسبي...الخ، وفيها المشاركة في معسكر الحسين عليه السلام والعداء من معسكر يزيد. فالبناء العاشورائي بناءٌ متكامل، وهذا ما ينطبق على الأطفال والناشئة أيضاً، لنهيئهم ونقرِّب المفهوم لهم بقدر استيعابهم، وبذلك تكون مهمتنا تبسيط العرض بما يحقق الأهداف، معتمدين في ذلك على السيرة نفسها بالاختيار المناسب والشرح المبسَّط واستخلاص العِبْر التي يفهمها الأولاد.

فأهداف النهضة الحسينية توضَّحت من اللحظة الأولى عندما كتب الإمام الحسين عليه السلام وصية لأخيه محمد ابن الحنفية عند عزمه ترك المدينة المنورة، جاء فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف بابن الحنفية، أنَّ الحسين يشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأنَّ محمداً عبده ورسوله، جاء بالحق من عند الحق، وأن الجنة والنار حق، وأن الساعة اتية 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
11

6

المقدمة

 لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه واله، أريد أن امر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب عليه السلام، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين، وهذه وصيتي يا أخي إليك وما توفيقي إلاَّ بالله عليه توكلت وإليه أنيب" 1.

 
فالوصية تتضمن تأكيداً على الشهادتين كبداية أساسية، وعلى النبوة التي جاءت بالحق ولا حق غيرها، وعلى الحساب في يوم القيامة وهو أمر حتمي، وأن الخروج لا لهو فيه ولا إفساد ولا ظلم إنما هو لمصلحة المسلمين ليعودوا إلى شريعة الله، والقدوة محمد صلى الله عليه و آله وعلي عليه السلام، وهذا هو التكليف سواء التزم الناس بذلك أم لم يلتزموا، فمع عدم إيمان الناس لا بدَّ من الصبر، وعندها يكون الأجر الكبير عند الله فهو خير الحاكمين، الذي يُنصف ويعدل ويعوض الالام والصعوبات التي يواجهها المؤمن في رد العدوان والكفر والانحراف والضلال.
 
وأخلاقية الإمام الحسين عليه السلام حاضرة أثناء المعركة، فلم تغير المعركة شيئاً من سلوكه النبيل والشريف الذي يعكس الإيمان الحقيقي، الذي يجب أن يبقى ويستمر مهما تصرَّف الاخرون. فعندما رأى سيد الشهداء عطش عسكر الحر بن يزيد الرياحي، طلب من أصحابه إرواء عطشهم، وكان اخرهم علي بن الطعان المحاربي الذي لم يتمكن من إرواء فرسه ولا إرواء نفسه، فعطف له الإمام السقاء حتى ارتوى وسقى فرسه 2.
 
أمَّا موقف ابن الإمام الحسين عليه السلام علي الأكبر، فجدير بالإهتمام لتربية الشباب على هذه الروحية العالية. فقد قال الإمام الحسين عليه السلام: "يا بني، إني خفقت برأسي خفقة، فعنَّ لي فارس على فرسه، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنَّها أنفسنا نُعيت إلينا.
 
قال له: يا أبت، لا أراك الله سوءاً، ألسنا على الحق؟
 
 
 

1- الفتوح لابن الأعثم ج5 ص33، مقتل الخوارزمي ج1 ص 188.
2- الإرشاد للشيخ المفيد ج2 ص 78.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
12

7

المقدمة

 قال: بلى والذي إليه مرجع العباد.

 
قال: يا أبت، إذاً لا نبالي نموت محقين.
 
فقال له: جزاك الله من ولد خير ما جزى ولداً عن والده"1.
 
انظر إلى الأب يخبر ولده عن المصير والصعوبات والموت القادم، وإلى الابن الذي تربَّى على عدم الخشية من الموت، فالمهم عنده هو العمل للحق والصلاح، وطالما أن الأمور تعود إلى الله تعالى، فلا خوف من شي‏ء، ولا مبالاة بشي‏ء، فالموت مع الحق أولى.
 
هذه بعض النماذج التي تُظهر إمكانية استحضار الموقف العاشورائي كما هو، من ضمن تفصيل وشرح يتلاءم مع قدرة الأولاد على الاستيعاب، ومثلها كثير جداً ما يُهيئ لنا مادة غنية للمجالس العاشورائية2، فالعبرة في كيفية العرض والشرح ولا إشكال في معطيات السيرة.
 
أسلوب العرض:
 
 
يؤثر أسلوب العرض في تحقيق الأهداف من مجالس عاشوراء للأطفال والناشئة، ومن المفيد أن يلتفت المقرئ إلى أمور مهمة أذكر بعضها: 
 
أ- التوازن في طريق العرض، فإذا قدَّم القارئ المأساة وأبرز بشاعة الجريمة التي ارتكبت بحق الحسين عليه السلام أو أحد أهل بيته عليه السلام وأصحابه، ذكَّر معها بالأجر الكبير عند الله تعالى، وبالعزة التي نالتها هذه الثلة المؤمنة المجاهدة، كي لا يؤدي التركيز على المأساة وحدها في مجالس متعددة إلى حالة من الإحباط أمام عدم انتصار المؤمنين المرتبطين بالخالق جلَّ وعلا، كما لا يفي الحديث عن العزة وحدها بالغرض إن لم يكن مصحوباً بذكر الصعوبات والالام كي لا يُصدم المستمع بنتائج كربلاء، وكي يعلم أنَّها مقدمات طبيعية للانتصار المستقبلي، وكي يبقى حاضراً في ذهنه أنَّ النتائج الأرضية لا تمثل النهاية، فالأجر عند الله تعالى يمثل القيمة النهائية الكبرى التي يجب أن تكون محط الأنظار أثناء القيام بالتكليف.
 
 
 

1- المقتل لأبي مخنف ص 92.
2- يمكن مراجعة كتاب’’عاشوراء مدد وحياة’’ للكاتب ففيه عرض مختصر للسيرة الحسينية يوفر مادة مفيدة لهذا الغرض، وفيه إضاءات على جوانب مختلفة منها، وقد ذُكرت مصادر الروايات المختلفة من أمهات الكتب.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
13

8

المقدمة

 وكما يعرض ما فعله ابن زياد ويزيد من تسلط واهراق للدماء، عليه أن يعرض نتائج أعمالهما في الدنيا ونهايتهما البائسة، فضلاً عن الحساب العسير في يوم القيامة.

وهكذا إذا تحدث عن سبي النساء والأطفال، أبرز الشجاعة للإمام زين العابدين عليه السلام وزينب عليها السلام وسكينة رضي الله عنه في مجالس الطغاة في الكوفة عند ابن زياد وفي الشام عند يزيد وفي مواجهة البكائين المدَّعين من أهل الكوفة.

ب- التركيز على السرد القصصي بما تمثل القصة من أسلوب مشوِّق وجذَّاب لعيش الحدث، على أن يكون الاهتمام منصباً على المفردات الأساسية للقصة والمعاني التي يستهدف المقرئ إبرازها، كي لا يضيِّعها بتطويل وإسهاب غير مفهومين للأولاد، أو يؤدي إلى فقدان تركيز الأولاد لضعف الترابط في القصة وصعوبة المضمون التاريخي في بعض الأحيان. 

ج- إيصال المستمع إلى العبرة التي يريد المقرئ استخلاصها في كل مجلس، وعدم تركه لاستنتاجاته الخاصة، فإذا تبيَّن أنَّ الولد استوعب المقدمات وتوصَّل إلى النتيجة نفسها التي استخلصها المقرئ فهو نجاح جيد، وإذا لم يستنتج الولد ما نريد تكون الخلاصة سبباً لإعادة التركيز وتحقيق الفائدة المرجَّوه من المجلس، وينسجم هذا الأسلوب مع الطريقة التعليمية الحديثة في عرض كمٍ من المعلومات يستقرئ منها الطالب ما يؤدي إلى استخلاص قاعدة أو فكرة مما قدَّمه المدرس.

د- تحديد الفكرة أو الأفكار التي يريد المقرئ إيصالها إلى المستمع، ويساعده بأسلوب عرضه على استخلاصها، فلا يثقله بمعلومات كثيرة ومتنوعة، بل يستخدم التنوع في القصة والروايات والسيرة والايات لمصلحة الفكرة الواحدة.

هـ- ملازمة استدرار الدمع لكل مجلس كأساس في انعقاده، وما تحدثنا عنه يترافق مع العزاء الذي يؤدي إلى إثارة المشاعر والتأثير على الأولاد ليتفاعلوا بعواطفهم وعقولهم مع المناسبة.

و- كشف المعالم التفصيلية في الشخصيات القدوة، لتوفير الغنى الملائم في اختيار الولد لقدوته، ما يساعده على التقليد والاقتداء بما يقوِّم الشخصية باتجاه الالتزام.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
14

9

المقدمة

 إجراءات المشاركة:


إنَّ تكليف الأطفال والناشئة بما يشعرهم بالمشاركة في مناسبة عاشوراء يعزز حضورها في نفوسهم وحياتهم، وهذا ما يستلزم منا القيام بإجراءات عملية من ضمن خطة متكاملة لا تقتصر على تلقِّيهم للعزاء والموعظة فقط بل تجعلهم متفاعلين بسبب دورهم في إحياء المناسبة، ومن المقترحات في هذا المجال ما يلي: 

أ- عقد مجالس عاشورائية خاصة بهم في المدارس والبيوت والإحياء وإشراكهم في تنظيمها وإلقاء كلمة الافتتاح وقراءة القران من قبلهم، أي الاكتفاء بالإشراف العام لإنجاح المجلس وتحميلهم مسؤولية التفاصيل في داخله.

ب- التأكيد على لبس السواد خلال الأيام العشرة، والقيام بحملة إعلامية محلِّية في هذا المجال.

ج- تشجيعهم على إبراز مظاهر الحزن المختلفة كالتخفيف من القهقهة وتأجيل شراء الثياب وعدم المشاركة في الحفلات و الأفراح.

د- نشر أقوال مأثورة تتعلق بالمناسبة عن الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه، وكذلك عن النبي صلى الله عليه و آله والأئمة عليهم السلام، على أن تكون سهلة الحفظ، ويمكن تحديد رواية أو أكثر لحفظها في كل يوم من الأيام العشرة مع الاهتمام بتسميعها وترديدها بطريقة جماعية، وذلك لتغذية مخزونه المعرفي بأقوال عاشورائية.

هـ- إجراء مسابقات ومباريات في معلومات محددة وموزعة عليهم مسبقاً لتحضيرها.

و- اصطحابهم كمجموعات بواسطة بعض المدرسين أو المسؤولين في بعض الأيام أو الليالي لحضور المجالس المركزية المعدة لإحياء عاشوراء.

ز- اختيار القراء المناسبين لهذه الأعمار والذين يتمكنون من تقديم القصة والموعظة بطريقة تستدر دموعهم، إضافة إلى تشجيعهم في جميع الأحوال على البكاء.

الربط بالواقع:

من المفيد ربط أحداث كربلاء وظروف كربلاء بأحداث الواقع المعاش التي يفهمها الولد ويدركها، كي لا تتجرَّد الصورة وتبقى في التاريخ، وبهذا يكون الربط بين التاريخ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
15

10

المقدمة

 والواقع مساعداً في تقريب الفكرة، ويؤهل المستمع لتبني الموقف الحسيني الذي يرمز إلى الحق والعزة والشجاعة والأخلاق والرضوان الإلهي. فتجربة المقاومة الإسلامية في مواجهة ظلم الاحتلال تستحضر صورة أصحاب الإمام الحسين عليه السلام الذين يضحون ويستشهدون في مواجهة يزيد وأعوانه الظلمة، وجرأة الشاب المجاهد في اقتحام المواقع دون خوف وهو أغ له أو أب أو قريب أو جار أو صديق للعائلة تقترب من صورة علي الأكبر الشاب الذي لا يبالي بالموت، وبهذا تتوضَّح صورة الحق الذي قاتل كل منهما لأجله.


والحديث عن القيادة يدفعنا لربطه بقيادة الأمة، ففي كل زمان قيادة يعود إليها المسلمون، ولا ضرورة أن تباشر العمل مع كل فرد، وإنما تدير أمورها مع معاونيها وممثليها، وهذا ما يلمسه من الارتباط بولاية الفقيه وقيادة الأمة المعاصرة المتمثلة بالإمام الخامنئي دام ظله، وهو يرى المؤيدين له والمعادين له، فيتفهم معنى وجود المؤيدين للإمام الحسين عليه السلام القائد والمعادين له، وأولئك الذين تفانوا وضحوا ليلتزموا بأمر القيادة. 

هذا الربط بالواقع يحقق الفعَّالية باتجاهين: الأول من عاشوراء للتأسي بها في واقعنا، والثاني من واقعنا لفهم وإدراك المعاني العاشورائية، ما يجعل الولد جزءاً من المسار العام المرتبط بخط كربلاء.

تبقى مهمة القراء بأن لا يقتصروا على جانب واحد في عاشوراء، وإنما على الربط بجوانبها المختلفة، كما لا يقتصر الربط بالواقع على المشابهة وإنما يتجاوزه إلى التكامل، فعاشوراء الحسين عليه السلام حققت شهادة له ولأصحابه وأهل بيته لكنَّها أسست للنصر الذي نراه اليوم بقيام جمهورية الإسلام المباركة في إيران بقيادة الإمام الخميني ‏رحمه الله، وانتصار المقاومة الإسلامية على إسرائيل في لبنان، وهكذا يصبح الواقع جزءاً من التسلسل التاريخي الطبيعي، يحمل الامه واماله، ويتبلور في عقول وعواطف الأولاد كحلقة واحدة لا تتجزأ، ما يساعدهم على التفعيل الدائم والمستمر لحضور عاشوراء في الواقع.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
16

11

المقدمة

 خاتمة:

 
ورب سائل يقول: هل المطلوب مناَّ أن نعيِّش الأطفال والناشئة أجواء وبرامج عاشوراء لنُغرقهم في الحزن ونبعدهم عن متطلبات حياتهم؟
 
لكنَّ السائل لم يلتفت إلى أنَّنا نتحدث عن موضوع ونبحث كيفية النجاح في إحيائه، وهو لا يلغي الموضوعات الأخرى محل الاهتمام، ولا يصرف النظر عن متطلبات الولد المتنوعة، وهذه مهمة العلماء والمربِّين والمبلغين والأهل في التوجيه المتكامل الذي يملأ حياته وحاجاته بالمعرفة اللازمة وإدارة الحياة المستقيمة والفرح في وقته والحزن في وقته، من منطلق الاية القرانية: ﴿وابتغ فيما اتاك الله الدار الاخرة ولا تنسَ نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين﴾، فالعنوان المحرِّك والقاعدة الأساس: تثبيت الالتزام بخط الإسلام.
 
وأخيراً أوجِّه الشكر للأخوة في الوحدة الثقافية المركزية في حزب الله ومعهد سيد الشهداء عليه السلام للتبليغ والمنبر الحسيني، على هذا الجهد الرائد والحيوي في عقد المؤتمر العاشورائي للأطفال والناشئة، املاً أن يحقق المؤتمر أهدافه.
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
17

12

المقدمة

 كلمة مدير معهد سيد الشهداء عليه السلام 

سماحة السيد علي حجازي
كلمة ترحيبية 

                                           بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه و آله وعلى اله الطيبين الطاهرين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بدايةً أشكر سماحة الشيخ نعيم قاسم على ما أتحفنا به واوجه شكري للذين شاركونا بتقديم أوراق بحثية لهذا المؤتمر وأشكر جميع الحضور من علماء ومتخصصين. 

منذ وجد الانسان وهو يبحث جاهداً وراء الحقيقة التي تحفظ له وجوده وكماله ولهذا ما زال يعيش الحيرة والضياع أمام مخزون لا قوة له على مواجهة الواقع من تحلل للقيم الى سلب الحريات وفقدان الهو ية ولهذا كانت كربلاء مدرسة الحرية والكرامة واعادة الهو ية الانسانية، من كربلاء الى كل مكان وكل جيل وزمان. 

كان المؤتمر العاشورائي الاول الذي عقد قبل ثلاث سنوات للإهتمام ومتابعة وضع المجالس العاشورائية. والذي كان من نتائجه انشاء معهد سيد الشهداء عليه السلام للتبليغ والمنبر الحسيني والذي أخذ على عاتقه متابعة المقررات التالية: 

1- إقامة دورات تدريب في الخطابة الحسينية وإقامة معهد تعليمي للخطابة الحسينية. 
2- إصدار المتون الخاصة بالمجالس العاشورائية والمتون الخاصة بحادثة عاشوراء طبق الموازين العلمية التحقيقية. 
3- الاهتمام برفع كفاءة المبلغين والخطباء بما يتناسب مع الواقع الذي تعيشه كل طبقات المجتمع وذلك عبر دورات تخصصية في المناهج الحديثة ومتابعة الفكر المعاصر.
4- إقامة لقاءات حوارية خاصة في مواضيع الاسس. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
19

13

المقدمة

 5- إقامة المؤتمرات التخصصية التي تُعنى بمسائل عاشوراء وما هذا المؤتمر إلا باكورة أولى لمؤتمرات عاشورائية تعالج الوضع العاشورائي ووضعه على سكة الهدف السامي لإنشاء مجتمع متكامل يكون أسوة وقدوة لباقي المجتمعات. وبما أن حركة المجتمع حركة عامودية يشكل الاطفال فيها لِبنة المستقبل. كان هذا المؤتمر والذي أريد له أن يرسم الهيكلية الخاصة لمجالس الاطفال عبر رسم هيكلية للكتابة الطفولية بما يرفع ثقافة الطفل الى مستوى الثقافة العليا بما تؤمنه عاشوراء من قوة لهذه الثقافة املين من الله سبحانه وبجهو د العاملين ان يسلط الضوء على وضع أجيالنا التائهة في مهب تنوع الثقافات المستوردة وغزوة بعضها بأسماء برّاقة تخدع البصر وتقضي على البصيرة. ونحن نؤمن بأن حركة الاصلاح للجميع تبدأ من عاشوراء لأن معالمها رُسمت بالإعلان الذي أعلنه الامام الحسين عليه السلام "إنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدّي رسول الله صلى الله عليه و آله ".


وفي الختام أجدد شكري للجميع مع التمني بالتقيد ببرنامج المؤتمر على أن لا تتعدى الورقة البحثية 51 دقيقة ومداخلة النقاش 01 دقائق.

وفي الختام نشير الى التجربة الرائدة لكشافة الامام المهدي رحمه الله حيث بلغ مجموع الاطفال في إحياء المجالس العاشورائية في العام الماضي في مجموع ثلاث عشر يوماً: حوالي 200 ألف طفل. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
20

14

الجلسة الاولى

 الجلسة الاولى 

برئاسة نائب امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم

1- هل تصلح عاشوراء قصة للأطفال
2-الشكل الفني لقصة الاطفال-د-ايمان القاعي
-مداخلات
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
21

15

الجلسة الاولى

1 - هل تصلح عاشوراء قصة للأطفال

 
الدكتور عبد المجيد زراقط
 
في تقديم المجلس العاشورائي للأطفال:
 
1- تقديم المجلس العاشورائي، أو وقائع ثورة الإمام الحسين عليه السلام للأطفال، ينبغي السُؤال، أوّلاً، ماذا نريد أن نقدِّم، وكيف؟ هل نريد أن نقدّم الحدث التاريخي، أو نريد أن نقدّم أدباً قصصياً يتخذ هذا الحدث مرجعاً له، ويقيم، انطلاقاً منه بناءً قصصيّاً متخيلاً ينطق بدلالة تربوية؟
 
وفي صيغة أخرى للسؤال نقول: هل نريد أن نقدّم كتابةً تاريخية للأطفال، أو نريد أن نقدّم كتابةً أدبيّة قصصيّة تتخذ التاريخ مادة أوليّة لها؟
 
2- في الإجابة عن هذا السؤال يمكن القول: يمكن تقديم هذين النَّوعين، شريطة أن نعي جيّداً أن لكلٍّ منهما طبيعته وخصائصه وشروط كتابته، ففي حين تقتضي الكتابة التاريخيّة، وهي أقرب للعلم منها للأدب، الوقائع موثقة، محقّقة، مسبَّبة ما أمكن في سياقها التاريخي، تقتضي الكتابة الأدبيَّة تقديم الوقائع من منظور الأديب، أي من وجهة نظره وزاوية رؤيته، في سياق متخيّل ينطق بالرؤية عندما لا يكتمل، شريطة عدم تغيير الحقائق التاريخيّة المثبتة، فصحيح أن الأدب ليس تاريخاً، وصحيح أيضاً أنّه ليس تغييراً للحقائق التاريخيّة.
 
3- طبيعي أن كلاً من النّصّين ينبغي أن يتّصف، على مستوى معجم الألفاظ وبنية العبارة وبنية النّص بخصائص الكتابة الموجَّهة للأطفال، فالمتلقي في هذا النوع من الكتابة معروف ومعيَّن، ومستواه العمري والعقلي والثقافي هو الذي يحكم طبيعة الكتابة ومستواها وخصائصها، وفي رؤية عامّة يمكن القول:
 
على مستوى معجم الألفاظ، ينبغي أن تكون الألفاظ مختارة بعناية من معجم ألفاظ الطفل الذي توجّه إليه الكتابة، وإن كان من ألفاظ جديدة. فينبغي أن تكون محدودة في كل نصّ، وأن تُشرح.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
23

16

الجلسة الاولى

 المداخلة السابعة: أمل طنانة 1

 
أحب أن أتوقف في مداخلتي هذه عند أمرين وردا في مداخلة الدكتورة إيمان. 
 
الأول: حول مقولتها أن القصة التاريخية تناسب أعمار ما بعد الثامنة حيث تعود بهم الأطفال إلى اشباع البحث عن الحقيقة. وأحب أن أضيف أن الواقع يقول أن القصة التاريخية بشكل عام لا يمكن أن ترتبط بعمرٍ معين عند الأطفال بل هي ترتبط بالأطفال عند بدء قدرتهم على الاصغاء والفهم وهذا يعني أن القصة التاريخية تبدأ بشكل عام في مرحلة الثالثة من العمر أي قبل ذلك بكثير. هذا بشكل عام أما القصة العاشورائية فهي ليست مجرد قصة إنها الحرب الأزلية بين العدل والظلم والحق والباطل إضافة إلى أنها نهج تربوي تفيد الطفل في تربيته ويثير اهتماماته منذ مراحل طفولته المبكرة. 
 
جدوى القصة العاشورائية فقط يمكن أن يتنوع أويختلف بالأسلوب الذي تعرض فيه هذه القصة وباللغة المنتقاة. 
 
الأمر الاخر: هو غياب خصوصية القصة العاشورائية، هي تحدثت عن القصة التاريخية بشكل عام أم القصة العاشورائية فلها أسلوب مختلف! لماذا؟ لأن القصة التاريخية عادة لها أسلوب القصة العادية أنها تبدأ بمقدمة ثم تتفاعل الشخصيات لتصل إلى ذروة العقدة ثم يأتي الحل وغالباً الحل تكون خاتمته سعيدة بالنسبة إلى الأطفال فهم لا يعترفون بخاتمة القصة بالانتصار المعنوي لأن الانتصار بالنسبة إليهم يجب أن يكون مجسداً وحقيقياً يجب أن يهزم الإمام الحسين عليه السلام في القصص العاشورائية جيش الأعداء بالحرب بقوة السلاح. 
 
الانتصار المعنوي تكمن فيه الصعوبة صعوبة نقل الفكرة للأطفال هنا يجب أن نهتم بالأسلوب وأن نعطيه خصوصيته حتى نستطيع أن نصل بالطفل إلى فهم معنى الانتصار. 
 
 
 
 

1- مدرّسة لغة عربية.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
23

17

الجلسة الاولى

 وعلى مستوى بنية العبارة ينبغي أن تكون بسيطة تتألَّف من عناصر محدودة تتمثل في أركان الجملة اسمية أو فعليّة، وتتوالى مسنداً إليه ومسنداً أو العكس وتوابع من دون تعقيد، وتؤدي معنى كاملاً أو مفيداً يوقف عنده ليسهل وضع علامات الترقيم بدقّة، وإن كان من محسّنات بلاغيّة، فينبغي أن تكون محدودة وواضحة وغير متكلَّفة.


وعلى مستوى النص، إن كان سيُقرأ في مجلس واحد، ينبغي أن يكون قصيراً وذا موضوع واحد محدَّد، واضح التدرّج، متماسكاً، مكتمل الدَّلالة.

4- وفي ما يتعلَّق بالكتابة التّاريخية، يبدو لي أنه من الضّروري إجراء ما يأتي قبل المباشرة بالكتابة:

1- قراءة نقدية للنص التاريخي المتوافر بين أيدينا بعد أن يُستقى من مصادره. يجري هذه القراءة مؤرِّخون وعلماء دين محققون، ينحّون ما لم تثبت صحته تاريخياً ويبقون ما تثبت صحّته، وما يلائم المتلقّي الذي سيوجّه إليه النّص على مختلف المستويات.


2- اختيار الوقائع تلائم المرحلة العمريّة للطِّفل على مختلف المستويات، ويبدو لي أن الغيبيات والفواجع والتهويل بالموت والعقاب لا تلائم هذه المرحلة.

3- اختيار الوقائع ونظمها يتمّان من منظور رؤية تربوية تريد أن تنشئ جيلاً يُعمل عقله، يفكّر، يكتشف الحقيقة، يتخذ المواقف الصحيحة، يرفض الظلم يقاومه، يحبّ البطولة، ويقتدي بالأبطال، ومن هنا ضرورة أن تخاطب الكتابة العقل فتُقنع والوجدان فتؤثّر، ما يتيح تكوين شخصيّة فاعلة في محيطها.

4- يتحرك سياق الأحداث إلى التشكل في بناء مكتمل ذي دلالة،
وفاقاً لمبدأ مقنع، مفهوم، واضح، وإن أثيرت أسئلة تكن الإجابة عنها موجودة.

5- وفي رسم الشخصيات ينبغي أن ترسم الشخصية القدوة شخصية إنسانية، ذات قدرات إنسانيّة مقنعة، تستمد قوّتها من الواقع المعيشي القائم، كي لا يتعلّق الطفل بكائن خارق من خارج الواقع ليحل مشكلاته، كما ينبغي أن تقدّم الشخصيات الشريرة بوصفها شخصيات واقعية، فتختار مواقفه بفعل دوافع معيّنة...

وإن كان لي أن أقدّم أنموذجاً وأناقشه، في ضوء ما ذكرته عن الكتابة التاريخيّة، فليكن ما سمعته من أحد قارئي السيرة، في مجلسٍ ضمَّ الكبار والصغار. قال القارئ،
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
24

18

الجلسة الاولى

 في ما قال، ما مفاده باختصار: إن أمير المؤمنين، الإمام علياً بن أبي طالب عليه السلام مرَّ، حينما كان خليفة في أحد طرقات الكوفة، بامرأة توهم أبناءها الجائعين الضاجين بالبكاء، أنّها تطبخ لهم... ولما سألها عرف أنها لا تملك شيئاً تطعمهم إيَّاه، فأسرع إلى داره، وحمل على ظهره كيس طحين وطعاماً، وعاد إليها ليعجن ويخبز ويطعم. ويسامر الأطفال... وقبل قراءة هذا الحدث كان قد قرأ أبياتاً من الشعر أو أنشد أبياتاً من الشعر بلهجةٍ تخلط اللهجات العراقية والإيرانية والجنوبيّة... ثم قدَّم موعظة محورها حساب القبر والبرزغ... ثم تلا رواية الحادثة وربطها بعاشوراء.


نلاحظ، أوَّلاً، عدم الترابط بين الأجزاء الأربعة التي تكوَّن منها هذا المجلس وهي: المقدِّمة الشعرية، والموعظة، والحدث التاريخي الأول والحدث التاريخي الثاني. وثانياً، لم يصل من الشِّعر إلى المتلقين سوى الصوت المنغَّم. فالتواصل تمَّ على هذا المستوى فحسب، إذ إن القارئ خلط بين اللهجات وغلَّب التنغيم والجهر بالصَّوت الحزين ليؤثّر. وثالثاً، وإن وصل شي‏ء من هذا الشعر فهو غير مفهوم للجميع، إذ إنّه قديم وصعب الألفاظ. ورابعاً، جاءت الموعظة مكرّرة ومشبعة بالغيبيّات وهزيلة، ولم يراع القارئ المقام. ففي المجلس علماء كبار ومثقفون، فهو يقرأ كما كان يقرأ من قبل، ولم يدر في ذهنه أن المتلقين تغيّروا، ما يقتضي تغيير الخطاب. وخامساً، أن المجلس طال ما يزيد على الساعة، مما جعل الحاضرين يغادرون المكان تباعاً.

تشير هذه الملاحظات إلى ضرورة إعادة النظر في بناء مجلس العزاء الموّجه للكبار، وفي مكوّناته، وإن كان من إصرار على تضمّنه شعراً وموعظة وحدثاً.

فليكن الرّابط غير شكلي، وليكن الشعر شعراً جيداً ومفهوماً، ولتكن الموعظة جديدة وتعنى بالشأن الحياتي، وليكن الحدث التاريخي كما وصفناه من قبل وفي ما يتعلق بالحدث الذي قدّمناه بوصفه أنموذجاً نقدِّم الملاحظات الاتية:

1- إن قارئ السيرة يريد أن يقول: هو ذا الحاكم العادل، المتواضع المبادر...، لكن أي حاكم عادل هذا الذي يعيش في عاصمة حكمه مثل هذه العائلة في حالتها تلك، فإن كان الفقر قد وصل بالناس إلى هذا الحدّ، فأين العدل؟

2- هل وجد خليفة المسلمين الذي كان يحكم الدولة العظمى في عصره لديه من
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
25

 


19

الجلسة الاولى

 الوقت ليقوم بكل ما قام به؟ وهل كان يجيد جميع تلك الأعمال، ثم أليس من الأفضل أن يكلِّف من يقوم بها؟ ثم أليس من الأكثر فضلاً أن يجد حلاً جذرياً للمشكلة وليس حلاًّ انياً لا يجدي لا على المدى الطويل ولا على مستوى الناس جميعهم.


3- هل يعقل أن يدخل الإمام علي عليه السلام بيتاً ربّته امرأة ليست من محارمه، ويجلس فيه طوال هذه المدّة، ويتصرّف كأنه صاحبه؟

4- هل هذه هي طريقة الإمام علي عليه السلام في مواجهة هذه المشكلة الاجتماعية الاقتصادية؟ إن طريقته، كما تفيد الوقائع التاريخية المحققة، تنبع من رؤية إسلاميّة شاملة للنّظام الاقتصادي، ومن مبادئها الأسوة في العطاء: فتطبيق هذا المبدأ لا يبقي فقراء في المجتمع.

5- إن ما يروى عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام من قيامه بأعمال مشابهة مختلف، إذ إنه كان يحصي الفقراء، ويضع الأكياس أمام أبوابهم، علاوة على أنه لم يكن الحاكم. وإنما كان مواطناً رأى ما ينبغي عليه القيام به، فقام به.

6- يبدو أنّ قارئ السيّرة، أو مؤلّف أحد الكتب، عثر على هذه الرِّواية، في أحد المصادر ولم يحققها, إذ إن رواية شبيهة بها تنسب إلى الخليفة عمر بن الخطاب.

7- النَّص الذي يقَّدم في مجالس العزاء مهمٌ جداً، ولهذا ينبغي أن يعدّ إعداداً جيداً، وأن يعد قارئه إعداداً جيداً، وبخاصّة أن المتلقين صاروا أكثر تنوّعاً وأكثر معرفةً وقدرة على النَّقد وأكثر حاجةً إلى ما يقنع.. نحن بحاجة إلى نصٍّ عاشورائي يخاطب العقل والوجدان المعاصرين بلغة العصر.

5- أمَّا في ما يتعلّق بالكتابة الإبداعية فينبغي أن ننظر علاوة على ما سبق، إلى أربعة أمور هي:

1- أن يكون النّص أدباً، ليس إنشاءً ولا وعظاً، ولا خيطاً من شعر ونثر بمختلف أنواعه، والأدب يتميّز بخصائص نوعيّة تميّزه من أي كتابة أخرى، وأبرز هذه الخصائص البناء اللغوي المتخيّل، المتحوَّل بالمادّة الأولية، إلى كائن لغوي يجسّد رؤية كاشفة.. والرؤية، في أدب الأطفال، جماليّة تربويّة، تنتظم في منظومة تربوية عامّة هي منظومة الأمّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
26

20

الجلسة الاولى

 2- يحكم المتلقي، وهو الطفل، النّص الذي يوجه إليه، ما يعني أن الكاتب ينبغي أن يمتلك معرفة تربويّة نفسية اجتماعية بالمتلقّي الذي يكتب له.


3- ينبغي أن يمتلك الكاتب معرفة بالمنظومة التربوية ووعياً لها، وأن يكون مقتنعاً بها للتمثل في أدبه التزاماً، معرفةً أدبية جمالية، وليس تاريخاً أو وعظاً.

4- إن الأدب لا يصنع بقرار، وإنما هو بالدّرجة الأولى نتاج إنسان متميّز موهوب والموهبة ينبغي أن تُنمّى بالثقافة وتتفتّح بالدربة، ولهذا فأهم ما ينبغي عمله هو البحث عن المواهب الحقيقية، وهنا لا تفيد الوساطات والعلاقات، وتنميتها وتوجيهها وإتاحة الفرص لها.

6- وفي ما يأتي نقدّم مادة تاريخيّة تمثل بداية السيرة الحسينية الكربلائية، وننظر إليها على مستويي الكتابة التاريخية والإبداعية.

توفي معاوية بن أبي سفيان، في دمشق، في الثّاني والعشرين من رجب سنة ستين للهجرة فتولّى الخلافة من بعده ابنه يزيد، وكانت أولى مهمّاته الحصول على بيعة المسلمين، وبخاصّة الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة، أخذاً شديداً، ليست فيه رخصة حتى يبايعوا.

لمّا وصلت الرِّسالة إلى الوليد استعظم الأمر، فبعث إلى مروان بن الحكم ودعاه إليه، وكانا متخاصمين، لبَّى مروان دعوة الوليد، فأخبره هذا بما حدث، وسأله: كيف ترى أن نصنع؟

قال مروان: أرى أن تبعث الساعة إلى هؤلاء النَّفر، فتدعوهم إلى البيعة والدّخول في الطَّاعة، فإن فعلوا قبلت منهم، وكففت عنهم، وإن أبوا قدّمتهم فضربت أعناقهم، قبل أن يعلموا بموت معاوية، فإنهم إن علموا بذلك، وثب كل امرئٍ منهم في جانب وأظهر الخلاف والمنابذة ودعا إلى نفسه، ولا أرى عبد الله بن عمر يدعو إلى نفسه، فاجعل همّك الاثنين الاخرين. أرسل الوليد عبد الله بن عمر بن عثمان، وهو إذ ذاك غلام حدث، إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير يدعوهما إليه، فوجدهما في المسجد، وهما جالسان فأتاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس، ولا يأتيانه في مثلها، فقال: أجيبا الأمير يدعوكما، فقالا له: انصرف الان نأتيه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
27

21

الجلسة الاولى

 ثم أقبل أحدهما على الاخر، فقال عبد الله بن الزبير للحسين: ظُن في ما تراه بعث إلينا في هذه السَّاعة التي لم يكن يجلس فيها؟


فقال الحسين: قد ظننت، أرى طاغيتهم قد هلك، فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشو في النَّاس الخبر. فقال عبد الله: وأنا ما أظنّ غيره، وسأل: فما تريد أن تصنع؟ قال الحسين: أجمع فتياني في السّاعة، ثم امشي إليه، فإذا بلغت الباب احتبستهم عليه، ثم دخلت عليه قال عبد الله: فإني أخافه عليك إذا دخلت. قال الحسين: لا اتيه إلاّ وأنا على الامتناع قادر. فقام فجمع إليه مواليه وأهل بيته، ثم أقبل يمشي حتى انتهى إلى باب الوليد، وقال لأصحابه: إنّي داخل، فإن دعوتكم، أو سمعتم صوته قد علا، فاقتحموا علي بأجمعكم، وإلاّ فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم، فدخل فسلّم عليه بالإمرة، ومروان جالس عنده، فقال الحسين كأنه لا يظن ما يظن من موت معاوية: الصِّلة خير من القطيعة، أصلح الله ذات بينكما. فلم يجيباه في هذا بشي‏ء، وجاء حتى جلس، فأقرأه الوليد كتاب يزيد، ونعى له معاوية، ودعاه إلى البيعة. فقال الحسين: إنّ لله وإنا إليه راجعون، أما ما سألتني من البيعة، فإن مثلي لا يعطي بيعته سرَّاً، ولا أراك تجتزئ بها مني سرّاً دون أن تظهرها على رؤوس الناس علانية. قال الوليد: أجل. قال الحسين: فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمرنا واحداً. فقال له الوليد، وكان يحب العافية: فانصرف على اسم الله حتى تأتينا مع جماعة الناس، فكان أمراً واحداً، فقال له مروان: والله، لئن فارقك الساعة، ولم يبايع، لا قدرت منه على مثلها أبداً، حتى تكثر القتلى بينكم وبينه أحبس الرّجل، ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه، فوثب عند ذلك الحسين، فقال: يا ابن الزرقاء، أنت تقتلني أم هو، كذبت والله وأثمت. ثم خرج فمرَّ بأصحابه فخرجوا معه حتى أتى منزله، فقال مروان للوليد: عصيتني، لا والله، لا يمكنك من مثلها من نفسه أبداً. قال الوليد: وبِّخ غيرك يا مروان، إنك اخترت لي التي فيها هلاك ديني، والله ما أحب أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وأنّي قتلت حسيناً. سبحان الله، أقتل حسيناً أن قال لا أبايع، والله، إني لأظن امرأً يحاسب بدم الحسين لخفيف الميزان عند الله يوم القيامة، فقال له مروان: فإذا كان هذا رأيك فقد أصبت في ما صنعت.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
28

22

الجلسة الاولى

 في قراءة لهذه المادّة التاريخية يتبيّن لنا ما يأتي:


1- تثير هذه المادة التاريخية أسئلة كثيرة يفترض أن يعرفها المتلقّي قبل تقديم النص إليه، منها: ما هي الخلافة، ما البيعة؟ من هو معاوية؟ كيف تولّى الخلافة؟ كيف حكم؟ كيف أوصى لابنه يزيد بولاية العهد؟ كيف تحوَّل بالخلافة إلى ملك؟ من هو يزيد؟ كيف كان يتصرَّف؟ من هو الإمام الحسين عليه السلام ؟ ما هي مواقفه؟ إلخ... من أسئلة علينا أن نعرف كيف نجيب عنها إجابات بسيطة وواضحة قبل أن نقدِّم هذه المادّة، وهذا يفيد أن مقدِّمات ينبغي أن تمهد للنّص العاشورائي. ومن الأفضل أن يأتي على شكل قصصي، ما يعني أن مشروعاً مكتملاً ينبغي أن يعد. وأن تتوافر شروطه وإمكاناته.

2- تفيد هذه المادّة التاريخية أن الأحداث مترابطة، فالمشكلة هنا تتمثل في البيعة ليزيد، وهذه نشأت من قبل، وأدّت إلى اتخاذ الإمام الحسين عليه السلام موقفاً يتطوَّر، وهذا ما سوف نعرفه في ما بعد، ما يعني أن السيرة ينبغي أن تعد كاملة. في سياقها التاريخي المتطور إلى مرحلةٍ تفضي إلى أخرى.

3- تفيد هذه المادّة، أيضاً، أن الإمام الحسين عليه السلام يتّصف بصفات منها: 

1- إجادته استقراء الوقائع ونفاذ بصيرته والحدس بما حدث وقد يحدث، فقد استنتج أن معاوية قد مات، وأن الوليد يريد أخذ البيعة قبل أن ينشر الخبر.
2- مبادرته إلى اتخاذ القرار وشجاعته في مواجهة الموقف، لبّى دعوة الوليد، وردَّ على مروان في مجلسه.
3- إعداده ما استطاع من قوّة للمواجهة، ذهب مع فتيانه، وأعد خطّة...
4- معرفته شخصيات الخصوم وما بينها من تباين، والتّصرف على هذا الأساس، فهو يعرف حقيقة خصام الوليد ومروان وشخصية كل منهما، ويعرف حبَّ الوليد للمسالمة وعدم رغبته في ارتكاب عمل فظيع كالذي يدعوه إليه مروان، فلم يحرجه، وإنما أقنعه بحجة مقبولة عرفاً وعقلاً.
5- إدراكه أن النّاس يعترضون على تولِّي يزيد الحكم وإفهام الوليد ومروان ذلك.

إن هذه الصّفات، علاوة على ما سوف تبيِّنه الأحداث التالية، هي ما ينبغي بيانه في السِّيرة، ومناقشة الأخبار التي قد تفيد سوى ذلك.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
29

23

الجلسة الاولى

 4- يتبيّن من هذه المادَّة التاريخية أن هناك اتجاهين في السلطان الأموي أولهما يمثله الوليد، وثانيهما يمثله مروان، وهذا يراعي المصلحة السياسيّة، ولا يعنيه أمر الدين في شي‏ء. فقد أقرّ مروان للوليد بصواب صنيعه إن كان يؤمن بصحّة ما يقوله عن تدّينه. ما يعني أن مروان لا يؤمن بهذا. ورأيه، أو اتجاهه، هو الذي مضى فيه يزيد وعبيد الله بن زياد ومن معهما في ما بعد. هذه الرؤية يمكن التركيز عليها منذ البداية وبلورتها بوضوح في ما يلي من أحداث فتتم بلورة طبيعة الصراع.


5- كيف تكتب هذه المادّة؟ تنتظم هذه المادّة في سياق كان قد عرّف بما تنبغي معرفته، تستخدم ألفاظ سهله، متداولة من لغة الحياة اليوميّة، وعبارات بسيطة واضحة، تتدرَّج الأحداث خطيّة. في سياق مسبّب مقنع، ويتم التركيز على ما يكشف صفات شخصية الإمام الحسين عليه السلام وهدفه، وعلى صفات الاخرين، وعلى طبيعة الصراع الذي يدور بين طرفين لكل منهما رؤيته وأساليبه إلخ...

أما إذا أردنا كتابة نصٍّ إبداعي، قصَّته قصيرة مثلاً تتخذ هذه المادة التاريخية مرجعاً، فيمكن اختيار لحظة مهمّة تكشف واقعاً وموقفاً منه، ومن هذه اللحظات المهمّة، في تقديري:

1- نفاذ بصيرة الإمام الحسين عليه السلام وحدسه بموت معاوية وبرغبة الوليد في الحصول على البيعة قبل أن ينشد الخبر، وطرح السؤال: ماذا نصنع في هذا اليوم التاريخي؟
2- اتخاذ الإمام الحسين عليه السلام قرار المواجهة والإعداد له.
3- المواجهة، وكشف شجاعة الإمام الحسين عليه السلام وخلقه الرفيع وطبيعة الصراع المتمثل باتباع تعاليم الدين من نحو أول ووضعها جانبا هلاك الدين من نحوٍ ثان.
4- حقيقة السلطان الأموي الذي مضى في الاتجاه الذي يهلك فيه الدين.

وفي ما يأتي نقدِّم أنموذجاً للنِّقاش يتخذ اللحظة الأولى مرجعاً له.

السؤال المهم

قصة: عبد المجيد زراقط

كانَتِ الشَّمسُ، عصرَ ذلك اليوم، تبتعد، كأَنَّها تَمْشي نَحْو الرِّمالِ البَعيدة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
30

24

الجلسة الاولى

 بَدَتْ صَفراء شَاحِبة، كأنَّها تُلَمْلِمُ أشعَّتها، وتَسْتَعِدُّ للرَّحيل.

طالت ظِلال أشجار النَّخيل، في باحة المَسْجدِ النَّبَويِّ الشّريفِ، وحلي الجلوسُ في فَيئِها.
خَرَجَ المصلُّون من المَسْجِد، توجَّه اثنان مِنْهُم إلى ظِلِّ نخلةٍ، وجلسا يَتَحدَّثان.
بدا، في الطّريقِ الموصلِ إلى المَسْجد، فتىً يتَّجهُ نحوهما.

كان يَنقُلُ خُطُواتِه على مَهل. يَقِفُ لَحْظَةً ...، ينظرُ إلى الأمامِ، ثمَّ يتلفّت حواليه، ثم يمشي من جديدٍ كأنَّه يفتّشُ عن شي‏ءٍ يُريدُه.

اقتربَ. رأى الرَّجُلَين. اقتربَ أكثر. تأمَّلَهُما جيِّداً، ثمَّ ركضَ، وهو يصيح:
الحسينُ بن علي وعبدُ الله بن الزُّبير، وأخيراً وجدتكما؟
ابتَسَمَ ابنُ الزّبير، وقال:
إنْ كان عبدُ الله بن عمر بن عثمان لا يعرفُ أين يجدُ المؤمنين، فلِمَ لم يُخْبرْ من أرسله بذلك!؟.

ضحك، ثم أضاف: ولعلَّه لا يعرفُ هو أيضاً.

وتَمّتمَ الحسين: أمرٌ خطيرٌ قاد هذا الفتى الأُموي إلينا، في هذا الوقت؟

وصلَ الفتى. قال، وهو يَلْهَثُ، ويَمْسَحُ حُبيْبات العَرَقِ عن جَبِيْنِه:

أَجِيبا الأمير..، الأمير الوليدٌ بنُ عُتبة يدعوكما إليه.

قالَ ابنُ الزُبير: ماذا يريدُ الوليدُ في هذا الوقت؟.

قال الفتى: لا أَدْري، قالَ أن تأتيا إلى دار الإمارةِ على عَجَل.

قال ابن الزُّبير: انصَرِفْ، وأخبره أنَّنا سَنُلبِّي دعوته.

عاد الفتى من حيثُ أتى، وتطلَّع ابن الزُّبير إلى الحُسَين مستفهماَ. راه يمسِّدُ لحيتَه، وينظرُ إلى البعيد، وقد اتّسعت عيناه، وانفرَجَتْ شفتاه كأنَّه يهمُّ بقول:

سأله: في رأيك، ما سبب دعوة الوليد لنا في هذا الوَقْت؟.

قالَ الحسين: ما اعتادَ الوليدُ أن يَجلُسَ للناس في هذا الوقت..، وما اعتادَ أن يُرْسِلَ فتىً من بني أميَّة، من وُلْدِ عثمان، على عَجَل..، صَمَتَ لَحْظَةً، وأضاف، ثُمَّ لمَ خَصَّنا نَحْنُ بهذه الدَّعْوَة؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
31

25

الجلسة الاولى

 قالَ ابنُ الزُّبير: لِمَ أقلقتني؟

قال الحسين: يبدو أنَّ أمراً خطيراً قد حدث، ويريد والي المدينة المنوَّرة أن يأمَن موقفنا قبلَ أن يعرفه الناس..
سأل ابنُ الزُبير: ما هو الأمر في رأيك؟

صَمَتَ الحسين لحظاتٍ، وقال:
أرى أنَّ طَاغِيتهم، معاويةُ قد هلك..، فبعث إلينا واليهم، الوليد، ليأخُذَ منَّا البيعة لفاسقهم، يزيد..، قبل أن ينشُر الخبر بين الناس...

قالَ ابنُ الزُّبير: وأنا ما أظنُّ غيره، فما تريدُ أن تصنع؟

صَمَتَ الحُسينُ، وتوجَّه بوجهه نَحو قَبرِ جدِّه، وبدا كأنَّه يَقول:

هذا هو السُّؤالُ المهمُ الان، وعلى المسلمين جميعهم أن يُجيبُوا عنه، فَبَعْدَ أن هَلَك الطّاغية، ماذا نصنع؟ هل نبايعَ الفاسقَ بخلافة المسلمين أو نخرجَ في طلب الإصلاح...؟

ماذا نصنعُ؟ هذا هو السؤال الذي طُرحَ في عصر ذلك اليوم من رجب سنة ستّين للهجرة في فضاء المَسْجِد النَّبوي الشريف، وكان على الإمام الحسين عليه السلام أن يجيب عنه.

فماذا تراه صنع؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
32

26

الجلسة الاولى

 المداخلات على كلمة الدكتور عبد المجيد زراقط 

 
المداخلة الأولى: للأستاذ علي يوسف 1
 
في الواقع إن ما طرح من قبل سماحة الشيخ نعيم قاسم ثم من قبل الدكتور عبد المجيد زراقط يشعر المرء أنه كاد يفي بالموضوع خاصة وأن التركيز قد تم على ان مجالس عاشوراء الموجهة للإطفال تتطلب قدرات تتطلب معارف كثيرة من جملتها معرفة النص التارخي، كيفية توجيهه. 
 
وبعد ذلك في الكلام على أدب الاطفال باختصار يعني أحسست أن العناصر الضرورية لكتابة مجالس عاشوراء أولإنشاء مجالس عاشورائية للأطفال قد أكتملت عناصره ولكن المشكلة تبقى أننا أمام وصفات يعني ما يجب أن نفعل؟ 
 
لكن كيف نصل الى ذلك! يعني هل يمكن أن نوفّق الى قارئ عزاء يقوم بنفسه أويختار ويتمكن من معرفة ما يلائم الطفل وهذا ما يتطلب: 
 
1- معرفة استعدادات الطفل وقدراته بكل مرحلة عمرية يعني بخلال 21سنة تتبدل على الاقل إمكانات الطفل واستعداداته على ثلاث مراحل. إذاً معرفة الطفل أولاً استعداداته أمكاناته قدراته قدرته على التلقي مدى قدرته على الانتباه الخ... 
 
2- القدرة على صياغة الحدث بالشروط الادبية والتوجيهية الارشادية يعني عليه أن يكون ربط الحدث بالواقع . 
 
وهذا ما يفترض منه أن يكون ملماً بالواقع وملماً بالحدث التاريخي في الوقت نفسه وقادراً على الربط بشكل إبداعي وجيد. 
 
أيضاً متطلبات كتابة النص فيما عرضها الدكتور عبد المجيد زراقط ونحن نوافقه تماماً على ذلك سواء من اللفظ أوالعبارة أوالسياق الخ..
 
 
 


1- مدير الإعداد والتأهيل التربوي في المؤسسة الاسلامية للتربية والتعليم.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
33

27

الجلسة الاولى

 أخلص من ذلك الى صعوبة المهمة ولا شك أنها مهمة صعبة وإلا لما عقد مؤتمر لها لكن في انتاج هذا الذي اريده يبدوا أننا بحاجة فعلاً الى ما يشبه الأكاديمية العلمية بمعنى التعاون بين عناصر عديدة متخصصة في الأدب، لديها الذوق الأدبي أيضاً متخصصة في التاريخ ولها معرفة بالتاريخ بدقة وكيفية التحقق من الحدث التاريخي. 


أيضاً من العناصر أن يكون لديها معرفة بعلم نفس الطفل بعلم نفس السلوك بعلم نفس التعلم بعلم نفس الادراك. 

هذه المجاميع من المتخصصين يجب أن توفر لها شروط التعاون والتنسيق فيما بينها لكي ننجح فعلاً في انتاج مجالس عاشورائية ملائمة للأطفال. وأرجوان يكون ذلك نوعاً من الأقتراح مقدّم الى المؤتمر.

وشكراً
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
34

28

الجلسة الاولى

 المداخلة الثانية: الشيخ مهدي الغروي 1

 
 
أنْ يقام مؤتمر تخصصي لمجالس العزاء يختص بالأطفال والناشئة فهو تطلع نحوالمستقبل وطفرة الى المستقبل تتجاوز الواقع المعاش لأن موضوع التعاطي مع كربلاء دقيق جدا، هذا على مستوى الكبار من النساء والرجال وبالاخص الزمن الذي نعيش فيه اليوم هل استطعنا أن نقيم مجالس العزاء للكبار وفق الخصائص أوالتطلعات التي نطمح إليها؟ هل استطعنا أن نعد ونهيي‏ء ونؤهل قرّاء عزاء للكبار في مجتمعاتنا الشيعية تكون على مستوى المسؤولية مع احترامنا للقلة الموجودين في هذا المجال بحيث يخاطب العقل والوجدان ويربط التاريخ بالحاضر؟ في القرى والبلدات ومجالس النساء والرجال نحن نفتقد الى المجلس العاشورائي المركزي الذي يقيمه حزب الله والذي تنقله المنار رسمياً على الفضائيات هل ترقّى المجالس في كل الامكان والقرى والبلدات الى هذا المستوى كم أعددنا من قرّاء لهذه المجالس تكون، على مستوى المسؤولية هل هذّبنا ونقّينا النص التاريخي. 
 
يوجد مجموعة إشكاليات أحبُّ أن أثيرها في هذا المجال:
 
كيف يمكن أن نقيم مجلس عزاء خاص للأطفال وما هو تعريفنا للطفل؟ 
 
وفي أي سنّ نسمي هذا الطفل؟
 
ما الفرق بين الطفل والناشئ؟ 
 
هذا السؤال مطروح اليوم على مستوى أكاديمي علمي كيف ننقل هذا الحلم الى الواقع فالمسافة طويلة حتى نحقق هذا الحلم على مستوى التطبيق والواقع. 
 
نعم، أنا مع أن تقام مجالس ضمن الكشاف في المدارس يعني ضمن إشراف تربوي دقيق وبتنسيق برنامج دقيق ومع توفر عناصر ووسائل مؤثرة عبر المسرحيات ومجالس التمثيل. 
 
 
 
 

1- باحث إسلامي في شؤون الأطفال.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
35

29

الجلسة الاولى

 أما القارئ فمهما كان قويا في النص، ومهما كان قويا في الكلمة المتخيلة، وكان أسلوبه جذابا، فماذا يمكن للأطفال أن يفهموا منه، نعم، إذا ذهب الطفل بصحبة أبيه الى مجلس العزاء واستمع إلى الكلمة بالشكل اللاواعي، بحيث يترك ذلك تأثيرا في روحه وفكره، ويرجع إلى بيته وعنده بعض التساؤلات، فيفهمه أبوه بلغته، فهذا سيكون مؤثرا أكثر بكثير مما لوخصصنا لهو لاء الأطفال مجالس عزاء خاصة بهم، وتكون القصة لعب..وبعدها صراخ..


هل نستطيع أن نعد قراء عزاء للأطفال من أهل الاختصاص؟ إذ أن اعداد ثقافة الأطفال، ثقافة الأدب، من الصعوبة بمكان. كيف نستطيع أن ندخل إلى روح وأفكار وضمير ووجدان وعقول الأطفال؟ اليوم، ومع الانترنت والحاسوب، اختلف تعريف الطفل كثيرا عن تعريفه قبل عشرين سنة أوثلاثين سنة.

وشكرا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
36

30

الجلسة الاولى

 المداخلة الثالثة: الشيخ أكرم ذياب  1

 
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين أبي القاسم محمد وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين...
 
هل تصلح عاشوراء قصة للأطفال أم لا؟...
 
أقدم مداخلتي هذه محاولاً المساعدة في الإجابة على هذا التساؤل وإنما أولاً لا بد من طرح السؤال التالي الذي أعتقد أنه الأرضية المناسبة لمثل هذا البحث:
 
ما هي الأهداف المنشودة لعزاء يصبح مورداً لاهتمام الأطفال ويترك أثره في صياغة شخصية أحبت منذ الصغر الحسين وتعلقت جذورها بحادثة كحادثة كربلاء؟.
 
وللإجابة أيضاً أشير إلى ما يلي:
 
أولاً: كل حادثة هي قابلة لأن تكون قصة للأطفال ولكن لوعرفنا الطريقة المناسبة لإيصالها إلى ذهن الطفل والأسلوب الصحيح خصوصاً لوتضمنت قيماً وأهدافاً نبيلة نتوخى إيصالها.
 
ثانياً: في مثل بحثنا ينبغ التركيز على عنصرين أساسين لا يمكن التغاضي عنهما لأنهما بمثابة الأهداف لما نريد الوصول إليه عاشوراء المجالس، الطفل .
 
أما بالنسبة للعنصر الأول وأعني به عاشوراء المجالس أعتقد أن أي تقديم لها لا يأخذ بعين الاعتبار الأسلوب والطريقة المتبعة لإقامة المجلس الحسيني كما لوقدمنا عاشوراء تمثيلياً مثلاً سيبعدنا عن الهدف المنشود لأنه سيصبح عملاً مسرحياً أوقصة أو...، وهو أمر جيد ولكن المقصود هو ربط الطفل بالمجالس الحسينية بما يؤسس لمرحلة لاحقة في حياته ذات صلة بحضورها وتفعيلها وهذا إنما يتحقق في تعويده على تلك الطريقة المتبعة دون أن نثير التأفف والملل على أن نقدمها بقالب متناسب مع العنصر الثاني أعني به الطفل محط كلامنا .
 
 
 

1- عضو في اللجنة المركزية للوحدة الثقافية.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
37

31

الجلسة الاولى

 من هنا نسأل هذا السؤال: من هو هذا العنصر الثاني الذي هو جوهر بحثنا والذي لأجله انعقد هذا المؤتمر؟


العنصر الثاني هو ذلك الطفل الصغير الذي في غالب الأحيان لم يتجاوز الحلم يتمتع بالخصال التالية:

* يعشق القصة المحكية خصوصاً تلك التي تكون محاكية له وللواقع الذي يعيش فيه.
* يعتمد بشكل كبير على الصور الذهنية وما ترسمه له مخيلته من أحداث. 
* يحب الصورة ويغوص في أعماقها. 
* يؤثر فيه كل متحرك. 
* يحب الأطفال وتضحكه حركات طفل من أقرانه ويحزنه بكاؤه. 

هذه بعض مميزات العنصر الثاني التي لوأخذناها بعين الاعتبار في تكوين هذه المجالس بما يحفظ الهدف من العنصر الأول نكون قد حققنا إنجازاً مهماً على هذا الصعيد. 

السؤال المهم:

ما هي الطريقة التي يمكن أن نحكي من خلالها قصة عاشوراء للأطفال بما يحقق الأهداف وتراعي الجانب السمعي والبصري والحركي للطفل بموازاة الحفاظ على الطريقة التقليدية بشكلها العام؟

للإجابة على هذا التساؤل أقدم الطريقة التالية:

1- أن يتألف المكان من باحة أومسرح كبير متناسب مع الفكرة. 

2- أن نستعين بأحد قراء العزاء القادرين على إيصال المعاني المبسطة في المجلس دون تعقيد الألفاظ. 

3- أن نقسم المجلس إلى ثلاثة فصول:

*الفصل الأول: يقرأ فيها الخطيب من خمسة إلى ثمانية أبيات شعرية يركز فيها على طفل من كربلاء الضوء مسلط على القارئ وباقي المسرح مظلم .

* الفصل الثاني: يسلط الضوء على فرقة مسرحية تقدم عرضاً مسرحياً عن الطفل المذكور في الأبيات الشعرية. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
38

32

الجلسة الاولى

 * الفصل الثالث: بعد الوصول إلى المصيبة أوالمشهد الذي يصور ظلم الأعداء لهذا الطفل بالطريقة المناسبة، يعاد فيسلط الضوء على الخطيب الذي ينعى الطفل ويقدم في نهاية الفصل الثالث لطمية قصيرة يشارك فيها الأطفال وقد يكون اللاطم شخصاً اخر. 


أعتقد أنه مع مراعاة خصائص تكوين شخصية الطفل نكون قد حققنا هدفاً مهماً بالإضافة إلى أن هذه الطريقة قد تكون عنصر جذب غير اعتيادي لأكبر عدد من الأطفال. 

والحمد لله رب العالمين 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
39

33

الجلسة الاولى

 المداخلة الرابعة: الشيخ فضل مخدّر 1

 
نشكر الدكتور زراقط على ما قدّمه من ملاحظات حول مجلس العزاء الذي له علاقة بموضوع الأدب المرتبط بموضوع القصة. 
 
الملاحظات التي قدّمها ملاحظات واقعية والمشكلة عندنا قائمة ولكن هذه المشكلة سببها هل هو المجلس العزائي نفسه بما يُقدَّم بشكله حتى في دخوله في موضوع القصة أم أن المشكلة أكبر من ذلك سأترك هذا الجواب للحديث حول المجلس العزائي مع الأطفال ولكن بشكل عام نحن عندنا حركة تطور في مجتمعنا، حركة التطور: حالة تطور من جهة، وحالة تدني من جهة.
 
في حالة التطور يجب أن يواكب المجلس هذه الحالة من التطور وفي جانب التدني يمكن أن نكتشف أنه عندنا مشكلة حقيقية لا يمكن للمجلس أن يعالجها إلا إذا تغيّر ليرفع من مستوى التدني الموجود في هذه الحالة الاجتماعية، وهذا ما يمكن أن يجعلني أطرح عدد من التساؤلات في الذي طرحه الدكتور زراقط عندما تحدث عن الشخصية الواقعية في شخصية القصة؟ 
 
يمكننا في طرح المجلس ألعزائي وفي موضوع القصة في المجلس العزائي أن نقول بأن الشخصية الواقعية أساساً محل بحث. 
 
ما هي الشخصية الواقعية؟ إذا افترضنا أن الشخصيات في كربلاء أوشخصيات عاشوراء الذي يمكن أن يكونوا شخصيات في القصة العاشورائية أيضاً له ارتباط اجتماعي واقعي، روحي سماوي، أرضي فهذا أيضاً لا بد أن نحدد ما هي الشخصيات الواقعية عندما نتحدث عن شخصيات كربلاء. 
 
الأمر الأخر: تعبير الدكتور زرا قط بأن الأدب لا يصنع بقرار هذه المسألة أريد أن أفهم مضمون القرار؟ يعني ما نفعله ألان ما هو، القرار الذي اتخذه المعهد أوالوحدة الثقافية في حزب الله لبداية معينة إذا لم يكن هناك قرار من أين نبدأ. 
 
 
 
 

1- مدير حوزة جبل عامل العلمية.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
40

34

الجلسة الاولى

 موضوع الطفل هو موضوع حساس دقيق كما موضوع الكبير هو موضوع حساس دقيق، ولكن هذا لا يعني أننا نحن نتخلى عن قضية أساسية يمكن لنا أن نعالجها ونبدأ من خلالها بسبب قضية أخرى، أيضا القضية الأخرى نحن مسئولون تجاهها. 

الأمر الأخر: في بحث الدكتور زراقط: إن الأدب لا يمكن الخلط فيه بين الموعظة والشعر والنثر. 

هناك بُنية عامة لها مفرداتها في المجلس الحسيني، هذه البُنية العامة بُنية قديمة هل يمكن أن نطرح، أنه يمكن أن يكون الإشكال بطريقة تغيير البُنية العامة لهذا المجلس هذا الأمر هو محل بحث محل حوار. أمر طبيعي أن نطرحه، ولكن أن نقول أن الأدب لا يمكن الخلط فيه بين الموعظة والشعر والنثر إذا افترضت أن الأدب هو الأمر الوحيد الذي يعتبره الدكتور أننا نطل من خلاله في المجلس ألعزائي أوالمجلس الحسيني، المجلس الحسيني له بُنيته أضف إلى أن الأدب له أدواته منها القصة ومنها الشعر ومنها النثر. 

فنحن يمكن أن نطرح الأمر بطريقة أخرى أنه يمكن أن يكون هناك حوار حول بُنية جديدة تتلاءم مع الواقع الاجتماعي من حالة التطور وحالة التدني أم أننا نُلغي الأفكار المطروحة في البُنية القديمة في المجلس ألعزائي لطرح الأدب كبُنية جديدة لها. أتصور أن هذا الأمر يحتاج إلى بحث. 

والحمد لله رب العالمين 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
41

35

الجلسة الاولى

  المداخلة الخامسة: الشاعر العراقي مدين الموسوي 1

 
1- في مجالس الأطفال العاشورائية، أرى الاهتمام بدور الطفل الكربلائي، الذي قال عنه الإمام الحسين عليه السلام، شاء له أن يراه أسيراً، فأدى دوره الكر بلائي عبر التجوال بين المدن والقصبات والحواجز التي دخلها موكب السبي، فحمل إليها مشاكل الثورة الحسينية، كما يتم التأكيد على دوره يوم القيامة، عندما قاتل وقتل وقطع رأسه واستقبلته أمه، ثم بعد دور الرجال وهم مذعورون من رهبة المعركة، لكنهم لم ينهزموا كأطفال، بل هزموا كرجال، وهناك أكثر من ثمانين طفلة وطفل في مخيمات كربلاء، كل واحد له دور خطير يجب على أن يعمم على ذهنية الطفولة المعاصرة. 
 
2- الشعر الحسيني، يجب انتقاء النص الشعري الذي يبرز الواقعة وكأنها أسطورة خالدة وليست بحكاية مريرة تعاد كل سنة. 
 
والحمد لله رب العالمين 
 
 
 

1- رئيس تحرير مجلة القصب.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
42

36

الجلسة الاولى

  المداخلة السادسة: الشيخ محمد سبيتي  1

 
                                                   بسم الله الرحمن الرحيم 
 
 
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين.
فيما تفضل به في البداية سماحة الشيخ نعيم فيما يروى عن أمير المؤمنين عليه السلام بادرتك إلى الأدب قبل أن يقسوقلبك ويسوء لبك وهنا لب الموضوع بأن هناك من سبقنا إلى الطفل وما سبقنا إليه قبل أن نبدأ بإعداد مشروع نسقطه على الأطفال هناك من سبقنا إلى ذهن الطفل هناك من لوث الذهنية الصافية وهذه الأرض الطيبة الخالية التي تحدث عنها أمير المؤمنين عليه السلام، يعني أما أن يكون الحديث عن أرض خالية لملئها بما يناسب وأما أن يكون هناك أرض ملوثة فيها لوث وفيها وباء ناتجة عن وسائل الأعلام الموجودة ناتجة عن القصص الموجودة أوكل الوسائل الثقافية الناتجة عن الغزوالثقافي الاستعماري وبذلك يختلف الحديث: فإذا كنا فريق عمل نجتمع لتأسيس جيل جديد لا بد من كنس من سبقنا وما سبقنا من نتاج وهذا يعني أن نلجأ الى الحديث عن من يكتب ومن يُعد لا بد أ ن نطرح بعض المواصفات الأساسية التي ينبغي أن يتحلى بها الكاتب أوالمعد أوالذي يبادر الإعداد لهذا المشروع لا بد من وجود أب مثالي قريب من الأسرة غير مشغول ومنهمك وبعيد عن الأسرة والأطفال يعني نحن في زمن أكثر الاباء بعيدة عن محاكاة وملامسة يوميات أطفالهم وهذا حينما لا يكون الأب أباً لابنه فكيف حينما يكون الأب أباً لجيل وأطفال أن نتحدث عن معلم معلم بعيد هذه المنهجيات التي تثقل كاهله لتبعده عن أن يكون مربيا للتلميذ وبات مُلقناً له ومعبأ له بالعلوم المتنوعة وأبعد ما يكون عن معلم باني ومربي له علاقة تربوية بنائية بينه وبين الطفل وهذه إشكالية أنه إذا أصبح عندنا مجموعة من المعلمين دورهم دور أكاديمي بحت واباء أثقلهم العمل فمن يكتب في هذا المجال بالنسبة إلى الأدباء هل الأدب وحده 
 
 
 
 

1- مرشد ديني في مدارس المهدي رحمه الله ومدير كلية ازاد في النبطية.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
43

37

الجلسة الاولى

 يستطيع أن يؤسس إنساناً كادراً قادراً على بناء وكتابة قصة القصة تحتاج إلى معرفة والمعرفة تحتاج إلى عملا نية ومواكبة على ارض الواقع ميدانياً إلى السوح التي تعج بأطفالنا وفلذات أكبادنا والمدارس المجمعات والمجتمعات الكشفية وهذا يحتاج إلى مقاربة قريبة والى محاكاة دقيقة جداً بين الكاتب والمعد وبين الطفل. 


حينما نريد أن نجمع عناصر القصة لا بد أن نقف على ذهن هذا الطفل ماذا يحب هذا الطفل؟ من هو البطل في ذهن الطفل كيف يمكن أن نصور بطلاً في ذهن الطفل وإلاّ إذا لم نلجأ إلى الطفل لنحاول فهم ما يمكن أن يحبه ويكرهه يمكن أن تخرج القصة كقصة أفلام كرتون في ذهن الطفل والذين هم أبطال ربحوا ودائماً في الحلقات والأفلام يفوزون وفي النهاية يكون الامام الحسين عليه السلام هُزم، الهزيمة عند الأطفال ما هي؟ النصر عند الأطفال ما هو ؟ 

فلا بد من العودة إلى ما شد هذا الطفل إلى التلفزيون والفضائيات حتى نستطيع أن نأخذ نفس العناصر بدون رفضها بشكل سلبي هناك عناصر استطاعت أن تشدّ مثل قصة ليلى والذئب إلى اليوم لا زلنا نتحدث بها فهي منقولة عن جيل إلى جيل ليلى والذئب تستطيع أن تجلب كل الأطفال. ماذا يوجد في قصة ليلى والذئب؟ هناك عناصر هناك مفردات هناك لهجة هناك نفس ولكن لابد من القاص، الكاتب، المعدّ أن يكون قريباً من أولاده من تلامذته من الكشاف. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
44

38

الجلسة الاولى

 المداخلة السابعة: الشيخ مصطفى قصير 1

 
مداخلة تنطلق من القاعدة التي تشكل أساسا لما يطرح ألا وهي: ماذا نريد من عاشورا وماذا نريد أن نوصل إلى أذهان الناس أوأذهان الأطفال وما هي الأهداف التي من اجلها نقيم المجالس العاشورائية وإذا لم تتحدد هذه النقطة عند الباحث والقارى‏ء فسوف يكون نقاشنا في دوائر متعددة لا تلتقي على أمر واحد فمن يرى أن الهدف استدرار الدمعة فيركز على ذلك وينطبع أسلوبه بما يتناسب مع تحقيق هذا الهدف وكذلك المادة التي يبحث عنها في طيات الكتب فينتقي منها ما يتناسب مع هدفه وقد يؤثر ذلك على ذوقه في الانتقاء وهكذا إذا كان الهدف أمر اخر، كما لوكان هدفنا إبقاء القصة التاريخية حاضرة في الأذهان فسوف نجد أن إيصال القصة التاريخية يتطلب أسلوباً أخر وإذا كان الهدف هو نشر ثقافة عاشوراء فلا بد عندئذٍ من أن نختار الأسلوب الذي يحقق ذلك وعندئذٍ نصبح نحن بحاجة لربط ثقافة عاشوراء بالحاضر وجعل القصة التاريخية مقدّمة للانتقال إلى الواقع المعاش وعندئذٍ يمكن لنا أن نجيب على السؤال الذي طرحه الدكتور زرا قط أنه هل تصلح عاشوراء كقصة للأطفال عندئذٍ يمكن أن يقال بأنها تصلح ويصلح الكثير منها إن لم نقل كل تفاصيلها عندما تُربط بالحاضر وعندما يصبح لها امتداد لا تنقطع في عام 16 للهجرة لتكون النهاية نهاية مأساوية وإنما تدخل هذه المأساة في سياق تاريخي طويل نريد لهذا الطفل أن يشارك في صناعة ذلك السياق التاريخي وعندئذٍ تصبح القصة مفتوحة لم تنتهي عند عاشوراء ونُعدّه لمتابعة المسيرة وهكذا تصبح عاشوراء لها معنى أخر ولها قيمة أخرى ما أريد أن أقوله أننا علينا أن نبدأ من هنا نقطة الصفر هي تحديد الأهداف وجعل هذه الأهداف تعيش دائماً في ثقافة وفي مرتكزات كل خطيب وكل كاتب وكل مؤلف وكل باحث ليمكن عندئذٍ أن نصل الى نتيجة عملية ونتيجة تتناسب مع ما نريد. 
 
 
 
 

16- مدير عام المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
45

39

الجلسة الاولى

 المداخلة الثامنة: الشيخ علي سليم 1

 
لماذا نعتبر أن قرّاء السيرة يسيئون إلى المنبر والسيرة، نعم يوجد خطأ في بعض المعلومات والأساليب ومحتويات المجالس ولكن لماذا نعمم؟ فلنقل على مستوى القضية الجزئية! لا تقولوا أن المجالس كذا أوأن القرّاء كذا بنحوالقضية المهملة بحيث يفهم المستمعون على أنها كلية.
 
أما بالنسبة إلى الشعر فأنا أدعوالشعراء بهذه المناسبة ليتفضلوا ويقدّموا لنا مادة شعرية مناسبة للأطفال وأتمنى على الوحدة الثقافية أن تطلق مسابقة شعرية لذكرى عاشوراء للكبار وللأطفال وليقدِّموا لنا مادة شعرية مناسبة. نحن كخطباء ما نملكه هو الأشعار القديمة... الدر النضيد أدب ألطف. ولكن المادة الجديدة ليست بمتناول الجميع.
 
بالنسبة إلى اللهجة العراقية صحيح أنه يوجد بعض القرّاء يستعملون اللهجة العراقية بحيث يضيع المعنى لكن إذا استطعنا أن نختار منها بعض الأبيات التي يرق لها القلب لأن اللهجة العراقية لها لون خاص وأثر خاص على القلوب لا يمكن الاستغناء عنها كلياً ولكن نختار الأبيات المناسبة منها. أما بالنسبة للأطفال فإنه يمكن مرحلياً أن نستغني عن اللهجة العراقية ويمكن أن لا نحتاج حتى للشعر الفصيح، فقط يمكن أن نقدّم لهم قصة.
 
 
 
 

1- خطيب منبر حسيني.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
46

40

الجلسة الاولى

 تعقيب رئيس الجلسة


سأبدي بعض الملاحظات الصغيرة بشكل برقيات:

في موضوع الغيبيات في السيرة الحسينية، يمكن لنا أن نميّز بين الغيب الثابت أنه قصة من القصص الموجودة. أما تركيب الغيبيات فنحن ضدّ تركيب الغيبيات. 

ولكن مع ذكر الغيبيات التي وقعت بالفعل والتي تكون مسندة على المستوى التاريخي حتى لا نقع في التعميم. 

بالنسبة لحادثة الأمير عليه السلام مع المرأة طريقة التفنيد طريقة علمية جداً ولكن لا يمنع أن يكون الأمير لاحظ أن هناك مشكلة عند امرأة وبالتالي خصص لها هذا الوقت بحيث تكون نموذج من النماذج التي أراد ان يعطي من خلالها العبرة للاخرين فالمعروف عنه عليه السلام أنه كان يتفقد الرعية ويجول في الأسواق. 

أما بالنسبة للاحتياط الشرعي فالبيت لم يكن مقفلاً لأنه عرفت امرأة أخرى بأنه الأمير فكيف رأتها في داخل منزلها. ألأماكن كانت مكشوفة نوعٍ ما أعتقد أن الرواية إذا كانت مسندة تاريخياً فهي تبطل هذه الملاحظات. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
47

41

الجلسة الاولى

 تعقيب الدكتور زراقط

 
ملاحظات سريعة:
 
1- ما تفضل به الأستاذ علي يوسف عن صعوبة المهمة، تحدّث هو عن صعوبات وأنا تحدّثت عن مشروع لابد أن يُعدّ في هذا المجال، أنا لم أقل أن المهام سهلة. 
 
2- ما تحدث به فضيلة الشيخ مهدي الغروي: سأل هل استطعنا أن نقدّم مجلس عزاء للكبار... وإن لم نستطع أن نقدّم للكبار هل يمنع هذا أن نهتم بالأطفال يعني يمكن أن نمضي في الأمرين معاً. وفي رأيي الاهتمام بالصغار أهم من الاهتمام بالكبار لأنهم جيل المستقبل. طبعا تصوّر سماحته أن مجلس الصغار مؤلف من أربعة أجزاء ولكن يمكن أن يكون غير ذلك ولهذا السبب تحدّثت عن مشروع. 
 
3- فيما يتعلق بما تفضل به الشيخ مخدّر. أوافقه على أن المشكلة قائمة أن هناك ثنائية تطور. أما ما يتعلق بالشخصية الواقعية أعطيك مثال: أن الإمام الحسين عليه السلام عرف كيف توفي معاوية من الاستنتاج من القرائن. ولم يكن ذلك نبوءة وهذا ما أعنيه بالشخصية الواقعية والمقصود منها شخصية إنسانية كي لا يتعلق الطفل بكائن خارق كائن قدراته من خارج العلاقات الاجتماعية نريد أن ننشئ طفل إذا أراد أن ينتصر مثلاً بالمقاومة التي قامت بمهمات تفوق التوقع ولكن كانت إنجازات مادتها واقعية الذين قاموا بها شباب يأكلون ويشربون وينامون ويحبون وهذا ما أقصده من الإنسان الواقعي. الأدب لا يصنع بفراغ. ما أقصد به هو الإنتاج الأدبي. لأنه لا يمكن أن نصنع شاعراً وأديباً بقرار، ما أقصده كيف نحن نساعد، كيف نعمل على المسئولين وأولي الأمر أن يكتشفوا المواهب وأن نثقفها وننميها وهذه نكتشفها في المدارس علينا أن نكتشفها وأن نقدِّم لهذه المواهب كل ما تحتاجه. هذه المواهب برأيي هي الذخر. 
 
4- الشيخ محمد سبيتي قال: سُبقنا لكتابة الطفل وعلينا ان نكنس ما سبقنا يعني كيف نكنس؟ أيضاً هذا لا يحدث بقرار نعم بأن نقدّم ما هو أفضل أن نشدّ الأطفال علينا أن نقدّم الأفضل وعلى الطفل أن يختار على مستوى التلفزة والكتابة والانترنت... 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
48

42

الجلسة الاولى

 5- بالنسبة إلى الشيخ علي سليم: أنا لم أسيئ إلى قرّاء العزاء ولم أقل أي كلمة فيها إساءة وأنا أيضاً لم أُعمم أبداً وإنما قدّمت نقد لبنية الخطاب وعندما تحدّثت عن بُنية وعدم العلاقة، لا أقول أن أغير بُنية مجلس العزاء. أنا لست عالماً دينياً ولا رأي لي في هذا الموضوع ولكن أرى أنه ينبغي أن يكون هناك ترابط بين العناصر الأربعة التي تؤلف مجلس العزاء، أن يكون هناك قضية واحدة وان ترتبط بالواقع الاجتماعي. وأما المادة الشعرية ليتكم تسمعون خاصة ما يقرأه الشباب في مجالس من مادة شعرية بعضهم قرأ طلالية. يعني مقدمة لقصيدة في رثاء الإمام الحسين عليه السلام ولكنه اختار خمسة أبيات التي تحكي عن الوقوف على الأطلال. يعني أنا مختص بالأدب العربي ولدي عمل 53 سنة في هذا المجال. لم أفهم عليه ماذا قرء. ولهذا ترى الناس في الحسينية منشغلين وهذا أصبح ظاهرة عندما يبدأ القارئ تبدأ الناس بالخروج. 


6- بالنسبة إلى اللهجة العراقية محببة ولطيفة ولكن عندما يقلد الشخص لهجة أخرى لا يجيدها. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
49

43

الجلسة الاولى

 2- الشكل الفني لقصة الأطفال في عاشوراء

الدكتورة إيمان بقاعي
 

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما طُرحَتْ عليَّ فكرة لقاء اليوم، تذكرت قول الدكتور حسام الخطيب في مقالته: "أدب الاطفال في سورية والانفتاح على التجارب العالمية"، والذي يقول فيه:

إن الاطفال هم تلك الشريحة من المجتمع التي هي أكثر محلية، أي أكثر التصاقاً بلبّ الخواص القومية والاجتماعية والطبقية والدينية، داعياً أن يكون هذا الادب شديد الاتصال بالتجربة الاجتماعية المحلية، وبالتراث التاريخي المتراكم على مدى العصور، وبالمرددات الشعبية، والاذواق البيئية، وبالتطلعات الشعبية العامة".

فإذا كان الامر كذلك، فالسؤال الذي يطرح اليوم هو: إلى أي مدى نستطيع أن نكتب للأطفال أدباً يخصهم ويكون ابن بيئتهم، ابن تراثهم؟...

نحن نعلم أن المقروء والمسموع من الحكايات يشعرنا بالسعادة نحن الكبار إذا كان يمسنا، أو كان يمسُّ معارفنا، فكيف الامر بالطفل الذي تقل معارفه لكنه يعتز بها ويطمح إلى زيادتها؟

لنأخذ بيد الطفل، عبر الادب، إلى تراثه، أو إلى تاريخه شرط أن ندرك المسؤولية الملقاة على عاتقنا كمربين أولاً وأدباء ثانياً، بما تحويه كلمة التربية من معانٍ لها علاقة وثيقة بالنمو التربوي والسيكولوجي عند الطفل.

وقبل التحدث عن الشروط الفنية لقصة الطفل التاريخية نرى أن هذه القصة تناسب أعمار ما بعد الثامنة حيث تعود بهم إلى إشباع البحث عن الحقيقة حيث يهتم النش‏ء بالروايات التاريخية التي تركز على حقبة تاريخة عظيمة أو على الوجوه العظيمة التي سيطرت على تاريخها. على ألاّ تسيطر الحكاية التاريخية على الطفل بحيث يجهل
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
51

44

الجلسة الاولى

  تاريخه الحديث وبحيث يبتعد عن زمانه، مما يستلزم إحداث مؤسسة جديدةتهدف إلى إعادة النظر في موضوعات التاريخ تعلم الطفل رؤية الحقيقة وتوجهه نحو الحس الشامل للتاريخ في محاولة لتقريب الرواية التاريخية من الاجتماعية، وفهم معنى الحضارة واستمرار الجهد الانساني ضمن أطار نقد موضوعي يقتضي أن نقدم من خلاله المعلومات المفيدة للطفل في سبيل فهم الحقيقة الموضوعية والدفاع عن الحقيقة الموضوعية.


وبالعودة إلى الشكل الفني لقصة الطفل، أو الشكل الفني الذي يجب أن تكون عليه، لا بد وأن نبدأ بقضية الموضوع أو المادة التي يجري عليها البحث شفوياً أو خطياً، داعين إلى أن يدرك الكاتب أو الراوي حقيقة وأبعاد موضوعه وذلك لأن الوضوح التصوري الكامل للفكرة يجعل الكاتب أو الراوي ممسكاً بالقصة وأحداثها وشخصياتها إلى النهاية.

على أن الباب ليس مفتوحاً على مصراعيه لمناقشة الموضوعات التي تقدم للكبار في هذا المجال، ومن هنا، يمكن الدعوة إلى انتقاء الموضوعات المناسبة للطفل لنحقق الهدف المرجو.

أما قضية البناء والحبكة، فيستطيع الكاتب أوالراوي أن يربط الاحداث بشكل متسلسل محكم يحقق الجاذبية للقارئ والسامع، وذلك عن طريق إحدى الصورتين المتبعتين المعروفتين: صورة البناء التي تعتمد فيها وحدة السرد على شخصية البطل دون الالتزام بوجود علاقة بين الوقائع، أو الصورة العضوية التي يرسم الكاتب أو الراوي فيها تصحيحاً هيكلياً واضحاً لقصته شرط أن تحقق الحبكة، في الحال الثانية، التوازن ما بين المقدمة والعقدة والحل، كما تحقق شرط الحبكة البسيطة المعتمدة على حدث واحد، وتحقق، أخيراً، التسلسل السببي والزمني أي تتطابق فيها بداية الحبكة وبداية الحكاية.

أما طريقة السرد في القصة التاريخية الدينية فيمكن أن يكون الباب مفتوحاً أمام الكاتب أو الراوي لاستخدام إحدى طرائق السرد، من مباشر، أو ذاتي، أو وثائقي، أو يستخدم، في الحالات السابقة، المونولوجي أو ما يسمى بتيار الوعي ولغة المناجاة، غير
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
52

45

الجلسة الاولى

 أنه من المفضل أن تستخدم طريقة السرد المباشر التي تبقي الكاتب خارج الموضوع فيسهل استقبال القصة من قبل الصغير، ويتعامل مع مؤلف القصة كراوٍ لها، وتجعله يقع تحت اللعبة الفنية التي توحي للصغير بالاحداث الحقيقية وبأن الناصَّ مجرد وسيط بينه وبين الاحدوثة المروية مما يجعلها تؤثر فيه، كما تسهل للمؤلف تمرير الافكار والتعليمات والتوجيهات من خلال القصة.


ويتوافق الحديث عن السرد بالحديث عن الحوار الذي يفترض أن يكون من ضمن العمل السردي فيكون واضحاً، قصيراً، وظيفياً، لغته من معجم الطفل و من أنماطه اللغوية البسيطة البعيدة عن التعقيد ولا بأس من مزجه بالمونولوج الذي يساهم في توضيح الفكرة والشخصية في القصة. 

أما الاسلوب، فمن الضروري أن يكون سهلاً، معتدلاً يراوح بين البساطة والزخرفة خاصة إذا ما عرفنا أن الطفل يستمرئ، بعد الثامنة، بعض الزخارف التي تتوافق وانبثاق الحساسية الجمالية عنده بعد أن يكون في طور التخلص من حال التمسك بالحرفية على أن يظل الاسلوب ضمنياً غير مباشر مما يتيح الفرصة للطفل أن يكتشف ما يريد الكاتب أو الراوي من قصته المروية. والحديث عن الاسلوب يعني الحديث عن اللغة التي يفترض أن تقدم بقالب بسيط غير صعب، خاصة إذا ما عرفنا أن وجود خمس كلمات من أصل ما ئة في أي نص موجه للصغار يدخل هذا النص ضمن النصوص الصعبة التي ينفر الطفل منها ويبتعد عنها، دون أن ننسى أن بعض القصص تفرض علينا استخدام بعض الالفاظ العامية أو القريبة منها، كذلك استخدام بعض نبرات الكتابة التي توحي بالحيوية وتجعل الطفل منتبهاً، مشدوداً، متفاعلاً. أما من حيث تركيب الجملة، فالأفضل الالتزام بالجملة البسيطة، القصيرة، غير المعقدة من حيث القواعد والا كان مصير الطفل من النص أيضاً، النفور والابتعاد.

ولا بأس، في النص التاريخي الموجه، من استخدام الوصف إذا كان موظفاً لغير ذاته، أي كان جزءاً من العمل السردي حيث يكون في أشد أحواله فاعلية وتأثيراً فيوضح السرد ويؤنقه. أما إن زاد عن حده، فلا بد وأنه يتسبب بعرقلة الحدث، ويتسبب، بالتالي، بايجاد جو من الملل عند الطفل القارئ أو السامع الذي يتابع الحدث بشوقه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
53

46

الجلسة الاولى

 ويمتد الحديث لنصل إلى قضية الشخصية في قصة الأطفال التاريخية الموجهة، والتي هي، في كثير من القصص، شخصية مسطحة تحتفظ بصفاتها، فالبطل بطل، والمجاهد مجاهد، والظالم ظالم، على أن الطفل يحتاج أن يرى الشخصية أمامه حية، مجسمة ويدعها تفكر، وتتكلم، وتعبر عن ارائها ليتعرف إليها ويقتنع بها ويتفاعل معها، وما تحقيق التعاطف بين المتلقي وبعض شخصيات القصة الا مساهمة في خلق جو انفعالي مساعد يخطو بالقصة خطوات واسعة في طريق النجاح. وحيث تكمن قدرة الكاتب المبدع أو الراوي المبدع على الاقناع بمفهومي البطولة والظلم، وعلى قدرته على بث روح الحماس في المتلقي الذي يجب الا يعيش، من خلال النص، في الماضي بل أن يقارن الحدث الماضي بالحاضر، ويكتشف البطولات الجديدة كما يكتشف الظلم الجديد. 


أما قضية الزمان والمكان في القصة، فهي قضية هامة تشد الطفل إلى أجواء القصة المحكية والمروية فيشعر بواقعيتها ويقتنع بها على الا يستخدم الكاتب أو الراوي الانزياحات الزمانية والمكانية بحيث يربك الطفل ويضيعه اللهم الا إذا كانت الانزياحات بسيطة تساهم في خلق جو خيالي يدعم القصة الواقعية المحكية و المكتوبة.

وبالانتقال إلى عنصر الكتابة الفنية الاخير، لا بد وأن نشير إلى قضية الخيال الذي يشكل القدرة على تأليف صور ذهنية تحاكي ظواهر الطبيعة أو تختلف عنها ثم التصرف بها بالتركيب والتحليل والزيادة والنقصان وذلك لإعطاء العمل السردي الواقعي هنا أجواء تساهم في خلق تعاطف المتلقي مع الحدث على أن يكون الخيال إيجابياً يعمل على استكمال لوحة النص دون الحؤول بين الطفل وواقعه المعيوش، والأفضل أن يقود الطفل من الخيال التقليدي الذي يستحضر الطفل المتلقي فيه التخيلات التي أنشأها الكاتب وأبدعها ويترجمها عبر مخيلته هو إلى الخيال الابداعي الذي يساهم الطفل في خلقه إن طلب اليه أن يعود ليقص الحكاية بأسلوبه هو، ويستخدم خياله هو، وسوف نكتشف عندها مدى قدرة الطفل على الابداع الذي هو عملية تربوية يجب أن تحظى منا بالاهتمام الكبير لخلق جيل قادر على المشاركة والخلق بدل خلق جيلٍ متلق سلبي تقليدي. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
54

47

الجلسة الاولى

 أخيراً أعود فأكرر أن فكرة لقاء اليوم أسعدتني، وأنني أتمنى ألا تكون مجرد فكرة نوقشت ونسي أمرها، بل أن تُفعّل فتنبثق عنها لجنة متابعة لقضية هامة يستطيع الطفل من خلالها أن يستفيد من ماضيه ليرى بعين موضوعيةٍ حاضره ويعمل على إزالة الظلم بدل الاكتفاء بتذكره!!!

 

 

 

 

 

 

 

55


48

الجلسة الاولى

 المداخلات على كلمة الدكتورة إيمان بقاعي

 
 
 المداخلة الأولى: الشيخ جمال كنعان  1
 
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
 
 
السؤال: هل تصلح عاشوراء كقصة للأطفال. أعتقد أن الجواب عن هذا السؤال قد تم بشكل فعلي من الإمام الحسين عليه السلام، مباشرة خصوصاً حينما استدعى كل الذين كانوا معه في عاشوراء من الطفل الرضيع إلى القاسم. أطفال الإمام الحسن عليه السلام . إلى الكبار إلى الشيوخ، من جملة الذين كانوا معه هم الأطفال، وأعتقد أن الإمام الحسين عليه السلام أراد أن يوصل هذه النهضة ومفاهيم هذه النهضة على نحواستغراقي..إلى كل بني البشر بما فيها حتى الأطفال. طبعاً ممن يُدرك. الفئة التي تحدثت عنها الروايات اتركه سبع وأدبه سبع السبع الثانية هم الناس الذين يتقبلون هذه الفكرة بشكل كبير جداً. فالإمام الحسين عليه السلام هو الذي أوصل هذه الفكرة قبل أن يوصلها أحد. 
 
النقطة الأخرى: تتعلق بما أثارهُ سماحة الشيخ الغروي أنه نحن بعد لم نصل إلى نموذج في إعطاء صورة حقيقية أوفي إبراز عاشوراء بالشكل المطلوب بالنسبة إلى الكبار فلماذا ندخل إلى عالم الصغار. 
 
نحن نعلم جميعاً أن أول من قام بإحياء مراسم عاشوراء هو الإمام زين العابدين عليه السلام . طبعاً ليس بنفس الكيفية التي نقيمها الان. 
 
ولكنّ هذه المصيبة التي أقيمت منذ عهد الإمام زين العابدين عليه السلام، إلى يومنا الحاضر، وما استطاع كل الذين وفدوا إلى هذه الدنيا وأحيوا كل المراسم أن يقدّموا نموذجاً متكاملاً لهذه المصيبة بالنسبة إلى الكبار وهذا أمر طبيعي بحكم التطور الذي 
 
 
 
 

1- المسؤول الثقافي في المنطقة الرابعة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
56

49

الجلسة الاولى

 يحصل في كل زمن من الأزمنة أشبّه هذا الموضوع مثل بعض العلوم الذي يحتاج فيها الإنسان في كل عام من الأعوام أن يبدِّل بعض المسائل للوصول إلى تكاملٍ في الموضوع الذي يبحثه ويناقشه ويريد أن يوصله إلى الاخرين ولذلك من زمن الإمام زين العابدين عليه السلام إلى يومنا هذا لم نصل إلى التكامل الكبير جداً معنى ذلك أنه لا يستطيع أن يأتي جيل من الأجيال بمفرده ويعطي النموذج الأمثل لكل الأجيال بل لا بد له من أن يعطي هذا النموذج كل جيل بعد جيل بشكل أفضل من الاخر. وبالتالي هذا الموضوع ينطبق مباشرة وبشكل مستقيم أيضاً على الأطفال. 


فلا يعني أننا إذا ما استطعنا أن نعطي النموذج الأمثل بالنسبة إلى الكبار معنى ذلك أن نترك الصغار مع ادراكي الكامل بأن الدخول لاعطاء الصورة الحقيقية لعاشوراء بالنسبة إلى الصغار لا بد أن يُراعي مقتضى الحال بكل التفاصيل بالنسبة إلى نفس كتابة نص القصة.

والسلام
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
57

50

الجلسة الاولى

  المداخلة الثانية: الدكتور هاشم عواضة  1

 
نحن لا نناقش أهمية إقامة مجالس عزاء للأطفال إذا انطلقنا من دور الأطفال حالياً في مجالس عزاء الكبار. ما هو دورهم ما هو موقعهم وما مدى استفادتهم من هذه المجالس. نصل إلى نتيجة أن دورهم ثانوي ولا يوجد فائدة كبيرة ببناء شخصيتهم من مجالس الكبار. فلماذا لا نقيم لهم مجالس نرى هل يمكن أن نسمي نفس التسمية أو لا كيف يمكن أن نفيدهم بموضوع عاشوراء ونبني لديهم قيم محبة أهل البيت عليه السلام . والسير على نهج أهل البيت عليه السلام . 
 
إذا أردنا أن نبني لهم هذه القيم المطلوب أولاً أن نحدد ماذا نريد أن نُكسب من قيم ومواقف لهؤلاء. الأطفال وبعدها نقول أي طريقة نريد أن نبنيها في أجواء عاشوراء لديهم.
 
يمكن أن تكون قصة مناسبة. تخدم القيم التي نريدها.
 
يمكن العمل المسرحي.
 
يمكن مجلس ولكن لا نسقط مجلس الكبار على الصغار.
 
يعني أي جانب يخدم الفكرة.
 
الملاحظ أنه دائماً نتحدث عن الصغار وأن دورهم هو التلقي! لماذا لا نبحث عن طريقة يكون لهم فيها دور غير التلقي... أنا شخصياً كان لي تجربة منذ أكثر من 20 سنة مع الكشافة يومها قلت لهم اكتبوا لي عن عاشوراء، كتبوا عن عاشوراء وكنا نصحح لهم. وهم كانوا يلقونها. 
 
مرحلة من مراحل تشكل القيمة. تشكل موقف دفاع موقف... تعبير عن موقف حب أهل البيت عليه السلام هذا جزء من تشكل الموقف لديهم. 
 
 
 
 

1- مدير التخطيط والاشراف التربوي في مدارس المهدي عجل الله فرجه الشريف .

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
58

51

الجلسة الاولى

  المداخلة الثالثة: محمد سعد 1

 
أريد أن أتحدث من ناحية عملية تطبيقية وذلك من خلال تجربة بدأت بها كشافة المهدي رحمه الله منذ ثلاث سنوات. 
 
سبب نجاح مجالس الأطفال خلال التجربة هو تقديم عاشوراء بشكل قصة ولكن بطرق مختلفة. 
 
لم تكن القصة سردية فقط. أحياناً كانت سردية وأحياناً كانت بشكل حواري. وأحياناً بطريقة حكواتي طريقة المشاهد المسرحية. 
 
فلذلك يجب أن تقدم القصة بعدة طرق كي يتحقق النجاح. 
 
الأمر الثاني: أعتقد أن عناصر بناء القصة قد اكتملت والمطلوب للمستقبل إعداد متن خاص. واقترح على المعهد أن يستفيدوا من الكتابات التي قامت بها جمعية الكشافة المهدي عجل الله فرجه الشريف. 
 
يوجد هناك مشاهد مسرحية للصغار. والتي كان يشارك بها نفس الصغار. 
 
ويوجد موضوع المسابقات العاشورائية. 
 
يوجد موضوع انتقاء الأشعار التي يقوم الطفل بإلقائها. 
 
أفلام سلايت، حيث كان تحويل قصة عاشوراء إلى فيلم سلايت عامل جذب قوي. 
 
أخيراً: اقتراح على المعهد. أن يكون هناك في المستقبل إقامة دورة تدريبية لقرّاء عزاء للأطفال. 
 
والسلام عليكم
 
 
 
 

1- مفوض التدريب في كشافة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف .


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
59

52

الجلسة الاولى

 المداخلة الرابعة: الشيخ محمد سبيتي


إن ما ذكرته الدكتورة من عناصر إذا اجتمعت تشكل بمجموعها جواباً عن ما نتحدث عنه: هل تصلح عاشوراء قصة وزيادة عليه لا تصبح قصة فحسب بل تصبح بما أوردته الدكتورة من عناصر تصبح ضرورة للطفل ومطلباً أساسياً للطفل. بحيث لوتخير الطفل أن يشتري شيئاً فإنه يختار شراء القصة. 

ولكن هنا علينا أن لا نقع بالدور هناك خطة لإخراج العناصر. وهناك خطة أخرى لمحاولة إدخالها إلى ذهن الطفل نحن دائماً نتحدث عن إخراج القصة لنفترض بأن القصة أُخرجت بكل مضامينها المطلوبة. فهنا إما أن نقع بدور مفاده أنه إذا كانت القصة مستفادة من حالة تنظيرية غير ميدانية وعملية مستقاة من روح الطفل ومأخوذة من تقارير... ومحاولات مستشرقة من نفس الطفل نكون قد استطعنا أن نخرج القصة دون أن نستطيع ادخالها إلى ذهن الطفل وهنا لزم الدور ما يعني أن القصة تحتاج أن ننزل ميدانياً إلى الأرض مع الطفل حتى تصبح قصة

 شيقة ومطلوبة ومرغوبة لدى الطفل. وإذا أنزلناها إلى الطفل بعيداً عن الواقع يصبح هناك لف دور دون الوقوف إلى نتيجة هنا الموضوع. 
إشارة إلى تجربة: من خلال الحصر مسرحية قصة تجربة. 

عندنا تجربة: مفادها إقامة مجالس للصفوف بحيث يقرأ أحد الطلاب. فيشكل المجلس من خلال الأطفال. ولكن لا يكفي أن نقيم مجلساً للأطفال ثم نعيده مرّة أخرى هناك خطوة أساسية لاستثمار هذه التجربة لا بد أن نقرر وأن نقف على الإشكاليات موقع الضعف وموقف الضعف... ما هي العناصر. 

نقطتين:

1- تبين لنا من التجربة التي قمنا بها أن إحدى أسباب فشل المجالس هذه هو إشعار الطفل بأنه لا زال القيمين عليه هم كبار وهو صغير. 
2- فلا بد أن يترك الطفل على رسله. ثم حصول رقابة ذاتية من خلال عرض فيلم لكي يكتشف أخطاءه. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
60

53

الجلسة الاولى

 1المداخلة الخامسة: نلا الزين 

 
أتمنى أن نبتعد عن الخلط بين الكبار والصغار. ولنركز البحث حول الجيل الصاعد كيف يمكن أن يعيش كربلاء. الذي أصبح يعيش في إطار الثورة المعلوماتية وبإطار سرعة المعلومات والعيش في حقائق مهما كان عليها من إشكاليات إنما أصبح الطفل طفلاً عصرياً بحاجة أن نأتي له بالماضي والتاريخ من خلال أسلوب هو يواكبه وهو يعيشه. 
 
وأحبُّ أن أقول للدكتورة. أنها طرحت بأسلوب علمي أكاديمي حول أسلوب القصة المحكية ولكن طرحت اشكاليات وأسئلة من قبلها مثلاً: هل يمكن أن نقدِّم للأطفال أدباً من بيئتهم ومن تراثهم وبقي الجواب بعيداً قليلاً عن الإجابة الواضحة. 
 
وأيضاً يوجد نقطة عندما تحدثت عن الخيال... أنه كيف يمكن لهذا الخيال بأي طريقة أن نوصله عبر القصة المحكية عن عاشوراء لنوصله بدوره إلى ابداع على مستوى خياله ليصل هو بالحقيقة على مستوى اشباع البحث عن الحقيقة وهذه النقطة لم يستكمل الحديث عنها ربما لعدم وجود الوقت الكافي. وكان الطرح علمياً أكاديمياً بحتاً ولم يصل الموضوع لتعطينا اقتراب أكثر من عاشوراء كتاريخ ودين كيف يمكن أن نسردها بقصة محكية للطفل بقي بإطار النظري وليس بإطار الاقتراب الموضوع المطروح . 
 
 
 
 

1- مسؤولة المذيعات ومعدّة البرامج في إذاعة النور.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
61

54

الجلسة الاولى

 المداخلة السادسة: الشيخ فضل مخدّر


الموضوع الذي قدمته الدكتورة هو بحث أكاديمي له عناصر، هذه العناصر يمكن تطبيقها على المفردة التي هي المجلس الحسيني، في أصل المجلس الحسيني هناك عدد من العناصر منها السيرة حقيقة القصة المحكية موجودة وهي تاريخية. 

والأمر الاخر: أن الحديث عن القصة سواء المحكية أوالمكتوبة في هذا المؤتمر لا أرى من الضروري أن يكون الحديث عنها في خصوص القصة التي ترتبط بالمجلس الحسيني أو العزائي لأن القصة المكتوبة أوالمحكية بالنسبة للطفل يمكن أن يطرح فيها الفكر العاشورائي عبر منابر أخرى غير المجلس الحسيني. 

قد يكون المكتبة وقد يكون المسرح وقد يكون شي‏ء اخر. الملفت أن المادة محل الحاجة ليست هي أمر مستحدث بل هي محل حاجة فعلية لكن هذه المادة لا زالت غير ناضجة والذي بين أيدينا من أسلوب القصة القديم الذي ما زال يُستخدم، أيضاً فيه شي‏ء من النقاش أوالحوار عند الكثيرين، خاصة إذا طبقنا عليه أسلوب القصة الحديثة أوالدراسات العصرية للقصة الحديثة. 

يمكن لنا حقيقة أن نجعل من القصة المحكية أوالمكتوبة وسيلة تتبع في ايصال الفكر العاشورائي بالنسبة للأطفال أيضاً من خارج المجلس الحسيني أوالعزائي فلا يقتصر فقط على عنوان المؤتمر الذي هو المجلس الحسيني. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
62

55

الجلسة الاولى

 المداخلة السابعة: أمل طنانة 1

 
أحب أن أتوقف في مداخلتي هذه عند أمرين وردا في مداخلة الدكتورة إيمان. 
 
الأول: حول مقولتها أن القصة التاريخية تناسب أعمار ما بعد الثامنة حيث تعود بهم الأطفال إلى اشباع البحث عن الحقيقة. وأحب أن أضيف أن الواقع يقول أن القصة التاريخية بشكل عام لا يمكن أن ترتبط بعمرٍ معين عند الأطفال بل هي ترتبط بالأطفال عند بدء قدرتهم على الاصغاء والفهم وهذا يعني أن القصة التاريخية تبدأ بشكل عام في مرحلة الثالثة من العمر أي قبل ذلك بكثير. هذا بشكل عام أما القصة العاشورائية فهي ليست مجرد قصة إنها الحرب الأزلية بين العدل والظلم والحق والباطل إضافة إلى أنها نهج تربوي تفيد الطفل في تربيته ويثير اهتماماته منذ مراحل طفولته المبكرة. 
 
جدوى القصة العاشورائية فقط يمكن أن يتنوع أويختلف بالأسلوب الذي تعرض فيه هذه القصة وباللغة المنتقاة. 
 
الأمر الاخر: هو غياب خصوصية القصة العاشورائية، هي تحدثت عن القصة التاريخية بشكل عام أم القصة العاشورائية فلها أسلوب مختلف! لماذا؟ لأن القصة التاريخية عادة لها أسلوب القصة العادية أنها تبدأ بمقدمة ثم تتفاعل الشخصيات لتصل إلى ذروة العقدة ثم يأتي الحل وغالباً الحل تكون خاتمته سعيدة بالنسبة إلى الأطفال فهم لا يعترفون بخاتمة القصة بالانتصار المعنوي لأن الانتصار بالنسبة إليهم يجب أن يكون مجسداً وحقيقياً يجب أن يهزم الإمام الحسين عليه السلام في القصص العاشورائية جيش الأعداء بالحرب بقوة السلاح. 
 
الانتصار المعنوي تكمن فيه الصعوبة صعوبة نقل الفكرة للأطفال هنا يجب أن نهتم بالأسلوب وأن نعطيه خصوصيته حتى نستطيع أن نصل بالطفل إلى فهم معنى الانتصار. 
 
 
 
 

1- مدرّسة لغة عربية.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
63

56

الجلسة الاولى

 تعقيب الدكتورة إيمان بقاعي على المداخلات


بالنسبة للخيال أنا عندما أتحدث عن الخيال فلا أقصد به الخيال بالمعنى العلمي أوما نعرفه بالقصص الخيالية الشعبية أقصد به استخدام الاستعارة يعني التشبيه الخيال اللغوي الذي هو موجود بشكل كبير في القصص العاشورائية. فلان يشبه كذا فلان جاء كالأسد... هذا ما قصدته ومن المؤكد أن الخيال بهذا المعنى يتناسب مع الأعمار التي يمكن أن نقدِّم لها القصص العاشورائية ومع الأعمار التي ينبثق فيها الحساسية الجمالية بعد الثامنة فيصبحوا يحبون الاستعارة والتشبيه فمن هنا قدّمنا لهم الخيال اللغوي وليس خيالاً بالمعنى المتوارد. 

بالنسبة لما ذكرته أمل طنانة الصغار قبل السنة الثامنة لا يعرفون ماذا يرد في القصة التاريخية من مفاهيم لأن القصة التاريخية مليئة بالمفاهيم مليئة بكلمة الظلم بكلمة الجهاد بكلمة القتال. هذه مفاهيم تحتاج إلى عمر. يعني المفهو م حتى يفهمه الولد لا بد أن يكون لديه عمر وتجربة أعتقد أنه ابن 3 سنوات ليس لديه عمر ولا تجربة ولا يعرف ما هو معنى المفهو م. الان إذا قلنا لولد عمره 01 سنوات ما هو معنى الوطن الظلم الجهاد لا يعرف فالمفهو م مجرد أشياء ذهنية لا يتقنه الطفل ولا يفهمه ومن هنا حددت بعدد 8 سنوات.

بالنسبة لغياب خصوصية القصة العاشورائية. أيضاً: أتمنى أن ننظر إلى القصة العاشورائية كقصة تاريخية غير التي تكتب للكبار أولاً وثانياً القصة الشعبية عادة مثل سند ريلا. هي التي تنتهي نهاية سعيدة وليست القصة التاريخية لأن القصة التاريخية عادة تنتهي كما انتهت... واقعاً. 

وشكراً
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
64

57

الجلسة الثانية

 الجلسة الثانية


برئاسة مدير عام اللقاء العاشورائي الاول الشيخ علي دعموش
 
1- عزاء الاطفال.. خصائص ومميزات
-مداخلات
2-القيم عند الاطفال-الاستاذة امل طنانة
-مداخلات
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
65

58

الجلسة الثانية

 الجلسة الثانية

 
1- عزاء الاطفال.. خصائص ومميزات

الشيخ علي سليم

                                                 بسم الله الرحمن الرحيم 

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين أبي القاسم محمد واله الطاهرين واللعنة على أعدائهم من الأولين والاخرين إلى يوم الدين وبعد.

فقد أصبح حضور الأطفال والأولاد الأحباء، لمجالس العزاء في ذكرى عاشوراء، وغيرها من مناسبات المصائب والبلاء، ظاهرة جديرة بالإهتمام، والدراسة بدقة وإلمام، وبسط في الكلام، ونقض وإبرام، حتى نتمكن من بلوغ المرام بقوة وإحكام. فإن دراسة هذه الظاهرة الجديدة، من جهات عديدة يفضي إلى نتيجة حميدة، وفائدة أكيدة.

أما الجهات التي سيدور البحث عنها فهي الأركان الثلاثة التي لا بد في الخطابة منها:

الركن الأول: الخطيب جنساً وصوتاً ووصفاً.
الركن الثاني: الخطاب كماً ونوعاً وكيفاً.
الركن الثالث: المخاطب فهماً وحباً وخوفاً.

وقد اخترت الشروع في الكلام من الجهة الأخيرة، لأنها المقصودة اولاً وبالذات من هذه الدراسة، والجهتان الأوليان مترتبتان عليها، كما قالوا: "العرش ثم النقش".

فالبحث من هذه الجهة يكون في عدة محاور:

المحور الأول: إما أن يكون المخاطبون بالمجلس الحسيني أطفالاً بأجمعهم، وإما أن يكونوا أطفالاً مع بالغين، كابائهم أو أمهاتهم أو إخوتهم أوغيرهم الأكبر منهم.

المحور الثاني: إما أن يكونوا ذكوراً فقط، أو إناثاً فقط، أو ذكوراً وإناثاً معاً.

المحور الثالث: إما أن يكونوا في مرحلة الطفولة المبكرة جميعاً دون السابعة، أوفي مرحلة الطفولة المتأخرة جميعاً بين السابعة والرابعة عشرة، أو في كلا المرحلتين معاً.

1- أما إن كانوا مع بالغين، كما هي الحال في كثير من المجالس التي تعقد في
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
67

59

الجلسة الثانية

 المساجد والحسينيات، حيث يصطحب الأهل أولادهم معهم فيحضر الصغار مع الكبار، الذين ربما يتذمرون من حضورهم المصحوب بشي‏ء من الضوضاء، فلا يمكن توجيه الخطاب إليهم خاصة، لأن غالبية الحضور يكون من الكبار، ولعل هذا ما يفسر ضوضاءهم، إذ إنهم غير مقصودين مباشرة بالخطاب، وربما لا يفهمون كثيراً مما يقوله الخطيب، ما خلا بعض القصص التي تجذبهم، أو السيرة المرثية التي ترق لها قلوبهم، ولا سيما إذا تليت بصوت حزين، ورأوا الكبار يبكون فيتأثرون بهم ويبكون لبكائهم أو عليهم، وهذا غاية ما يمكن حصولهم عليه في هذه المجالس من فائدة، مضافاً إلى البركات العظيمة التي تشملهم بمجرد حضورهم.

 
2- وأما إن كانوا أطفالاً بأجمعهم، فتارة يكونون في مرحلة الطفولة المبكرة، وأخرى في مرحلة الطفولة المتأخرة، وثالثة في المرحلتين معاً.
 
أما على الإحتمال الأول، فلا فرق حينئذ بين كونهم ذكوراً أو إناثاً أو مختلطين حيث تتسم هذه المرحلة بسمة اللعب كما ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: "دع ابنك يلعب سبع سنين..." 1 .
 
لكن ذهنية الطفل بدءً من السنة الثالثة من عمره تصبح قابلةً لتلقينه بعض المعلومات فيمر بست مراتب تتفاوت فيها مستويات النمو العقلي عنده كما يبينها الخبر المروي عن أحد الإمامين الصادقين عليه السلام حيث يقول: 
 
إذا بلغ الغلام "ثلاث سنين" يقال له سبع مرات: "لا إله إلا الله"، ويترك حتى يتم له "ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوماً" فيقال له قل: "محمد رسول الله صلى الله عليه وآله " سبع مرات، ويترك حتى يتم له "أربع سنين" ثم يقال له سبع مرات: "صلّى الله على محمد وال محمد"، ثم يترك حتى يتم له "خمس سنين" ثم يقال له: "أيهما يمينك وأيهما شمالك" فإذا عرف ذلك، حُوّل وجهه إلى القبلة، ويقال له "أُسجد"، ثم يترك حتى يتم له "ست سنين" فإذا تم له "ست سنين" صلّى، وعُلّم الركوع والسجود، حتى يتم له "سبع سنين" فإذا تم له "سبع سنين" قيل له: "إغسل وجهك وكفّيك"، فإذا غسلهما قيل له: "صل".. 2.
 
 
 

1- وسائل الشيعة.
2- وسائل الشيعة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
68

60

الجلسة الثانية

 ولدى التدقيق في هذا الخبر الشريف يتبين لنا بوضوح، أن كل مرتبة من هذه المراتب الست تحتاج إلى أسلوب خاص ومعين في تلقين الطفل وتعليمه وتفهيمه، فهو يتدرج بالإنتقال من الإدراك الحسّي الأشياء المحسوسة إلى الإدراك الرمزي التصوري أو التجريدي "الله".

 
ثم إلى الربط بين مدركين مجردين "محمد بصفته رسول الله" و "الله".
 
ثم إلى إدراك مفهوم مستقل تدخل فيه المدركات المجردة، لكن مع حذف العلاقة بينها، "الصلاة على محمد واله".
 
ولنصطلح على تسمية الولد في هذه المراتب "طفلاً".
 
ثم يتدرج إلى مرتبة التمييز والتميّز، حيث يميّز بين يمينه و شماله، ويتميّز ببلوغه مرتبة من النمو العقلي تؤهله لبدء تلقي الأوامر الخفيفة "أُسجد"، وهي مرتبة فارقة عما قبلها، ومؤسّسة لما بعدها، إذ تختلف المرتبتان الأخيرتان عنها في حجم الأوامر الموجهة إلى الطفل، فتزداد كل مرتبة بشكل طفيف وتدريجي، "الصلاة كركوع وسجود" ثم "غسل الوجه والكفّين والصلاة كاملة". ولنصطلح على تسمية الولد في هذه المراتب "صبيّاً" 1.
 
والملاحظ أن معاملة الطفل اللعوب في هذه المرحلة لا بد أن تبنى على أساس الحب والعطف والحنان كما ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله في قوله: "أحبّوا الصبيان وارحموهم..."2.
 
بل أمرنا بالتنزّل إلى مستوى الطفولة، والتصابي مع أطفالنا وصبيتنا قائلاً: "من كان عنده صبيّ فليتصابَ له"3.
 
لا بل روى الإمام الصادق عليه السلام عن جده الرسول صلى الله عليه وآله تأذّيه لبكاء الصبيّ مما دعاه إلى التخفيف من صلاته فقال: "صلّى رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر والعصر فخفف الصلاة في الركعتين الأخيرتين فلما انصرف قال له الناس: يا رسول الله أحدث في الصلاة شي‏ء؟ قال وما ذاك؟ قالوا خففت في الركعتين الأخيرتين فقال لهم: أوَما سمعتم صراخ الصبيّ؟" 4.
 
 
 

1- علم النفس الإسلامي بتصرف .
2- وسائل الشيعة.
3- وسائل الشيعة.
4- وسائل الشيعة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
69

61

الجلسة الثانية

 والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل أن وضع الأطفال والصبية في أجواء الحزن والبكاء، التي قد توجب لهم الدهشة والخوف في بعض الحالات، ينسجم مع إضفاء مشاعر الحب والحنان والرحمة والإحسان عليهم؟

 
أو أنه قد يتسبب لهم ببعض الاثار السلبية والعقد النفسية التي ربما تصاحبهم إلى اخر حياتهم؟
 
وللإجابة على هذا السؤال نسلك طريقين:
 
الطريق الأول: أن الطفل مفطور على البكاء، فهو يستقبل الحياة الدنيا باكياً، ويمثل البكاء لغته الأولى والوحيدة، للتعبير عن جوعه ووجعه وخوفه ونعاسه وما شابه ذلك، ولذا ورد النهي عن ضرب الأطفال على بكائهم عن النبيّ صلى الله عليه وآله في قوله: "لاتضربوا أطفالكم على بكائهم، فإن بكاءهم أربعة أشهر" شهادة أن لا إله الله، وأربعة أشهر "الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله "، وأربعة أشهر "الدعاء لوالديه"1.
 
فبكاء الطفل الفطري العفوي العاطفي شي‏ء، وإبكاؤه القهري التسلطي بإخافته أو ضربه شي‏ء اخر، والأول هو المطلوب من حضوره المجالس الحسينية، لا الثاني الذي تترتب عليه تلك الاثار السلبية والمشاكل النفسية.
 
الطريق الثاني: أن المستفاد من النصوص المتقدمة هو ضرورة مراعاة مستوى النمو العقلي للطفل، من جهة بتقديم المفاهيم الطيبة الإيجابية إليه بالأسلوب المناسب كأن يقال له في المرتبة الأولى: "لا فتى إلا علي"، وفي الثانية "الحسين بن علي عليه السلام "، وفي الثالثة "السلام على الحسين"، وفي الرابعة نأمره مثلاً باللطم، وفي الخامسة بقراءة زيارة مختصرة، وفي السادسة بقراءة الزيارة مع ركعتين.
 
ومن جهة أخرى أن نزرع في قلبه حب الحسين عليه السلام والمفاهيم الإنسانية والقيم السامية التي استشهد من أجلها كالعدل والصدق والوفاء ونصرة المظلوم والشجاعة والبطولة ونحوها من خلال قصص أبطال وأطفال كربلاء، كما يمكن إشراكهم في بعض الندبات الحسينية التي يفضل أن ينشدها لهم واحد منهم ليكون أثرها أبلغ في نفوسهم.
 
 
 

1- وسائل الشيعة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
70

62

الجلسة الثانية

 3- وأما على الإحتمال الثاني بأن كانوا في مرحلة الطفولة المتأخرة فقط، فإنهم يصبحون أكثر استعداداً لتلقي المعلومات والمفاهيم وأشد تفاعلاً مع الخطب الدينية والمجالس الحسينية، إن من الناحية الفكرية أو من الناحية العاطفية أو من الناحية السلوكية، إذ تتسم هذه المرحلة بسمة التربية والتأديب كما في الحديث عن الصادق عليه السلام: "دع ابنك يلعب سبع سنين، ويؤدّب سبع سنين، وألزمه نفسك سبع سنين، فإن أفلح وإلا فلا خير فيه".

 
وتفترق هذه المرحلة عن سابقتها بأن الولد يمر فيها بمرتبتين فقط يتدرج فيهما نموه العقلي والنفسي وهما:
 
المرتبة الأولى: وهي ما بين السابعة والعاشرة من عمره حيث يكون مطيعاً ومنقاداً ومهيأ لتقبل كل الإرشادات والنصائح الموجهة إليه كما ورد في وصية أمير المؤمنين عليه السلام إلى ولده الحسن عليه السلام حين قال: "إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شي‏ء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك"1.
 
ويمكن لنا تسمية الولد في هذه المرتبة "حدثاً".
 
المرتبة الثانية: وهي مابين العاشرة والرابعة عشرة من عمره، حيث يبدأ الولد بتكوين شخصيته الخاصة فيكثر تقلبه ولهوه وشغبه كما وصفه ونظراءه الشيخ الرئيس في الشفاء قائلاً: "الغلمان هم سريعوا التقلب والتبدل ويغلب عليهم الملال... ويسرع إليهم الغضب ويشتد فيهم وخصوصاً لحبهم الكرامة فلا يحتملون الضيم وتفرط فيهم محبتهم للكرامة ومحبتهم للغلبة ميلاً منهم إلى النباهة والعلو... ومن طباعهم سرعة التصديق بما يرمى إليهم من حسن الظن وقلة الإرتياب وفسحة الأمل.. إلى أن يقول ونستفيد من ذلك أن إقناع الغلمان من السهولة بمكان، فلا يحتاج الخطيب إلى كثير عناء في حملهم على الإذعان بما يقول خصوصاً في التعبئة العقائدية وما يتضمن عنفواناً وحماساً وتشويقاً2.
 
ولنسم الولد في هذه المرحلة "غلاماً" أو "فتىً".
 
 
 

1- وسائل الشيعة.
2- الشفاء قسم الخطابة

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
71

63

الجلسة الثانية

 ويُفضل في هذه المرحلة الفصل بين الذكور والإناث لا سيما في المرتبة الثانية أي بين الفتية والفتيات مراعاة للضوابط الشرعية والأخلاقية ولبعض الإعتبارات الفنية المساعدة على تحقيق الغاية المنشودة من عقد المجالس لهم.


والملاحظ أن معاملة الأولاد في هذه المرحلة لا بد أن تكون مبنية على أساس الحزم والجدية بل ربما احتاجت إلى شي‏ء من القسوة والشدة وذلك لضبطهم وتأديبهم وإيصال الأفكار والمفاهيم إليهم بالأساليب التي تتناسب مع أطباعهم وأحوالهم، فهم أكثر قدرة على إدراك الكثير من تفاصيل السيرة الحسينية ومبادئها وقيمها والتفاعل معها بشكل إيجابي كما يمكنهم إدراك المفاهيم المقابلة لها أي أضدادها والتفاعل معها بشكل سلبي وهذا ما يميزهم عن الصبية في المرحلة السالفة إذكانت تنحصر معرفتهم في المفاهيم والقيم الإيجابية كالعدل مثلاً وكان تفاعلهم معها إيجابياً بالحب لها وحب المتصفين بها كالإمام الحسين عليه السلام، أما في مرحلة الأحداث والغلمان فقد أصبح بمقدورهم أن يتعرفوا على المفاهيم السلبية كالظلم مثلاً وأن يتفاعلوا معها سلباً ببغضها وبغض المتصفين بها كيزيد لع، كما يكون بكاؤهم لمظلومية أهل البيت عليهم السلام عامة والحسين عليه السلام خاصة بكاءً واعياً وهادفاً، مضافاً إلى استعدادهم التام لتفهم معاني الشهادة والتضحية والإيثار بكل وضوح بل يترقّون الى مستوى التأسّي بسيد الشهداء أبي عبد الله عليه السلام وأهل بيته وأنصاره في شهادتهم وتضحياتهم وإيثارهم، هذا بالإضافة إلى مشاركتهم في المواكب والمسيرات العاشورائية والندبات الحسينية التي تنسجم مع حماسهم واندفاعهم ولا سيما إذا أنشدها لهم واحد منهم.

4-وأما على الإحتمال الثالث أي كونهم في كلا المرحلتين معاً فلا بد حينئذ من مراعاة حال الأدنى، وإذا أمكن انتهاج أسلوب وسط بينهما فبه ونعم، ولكن الأفضل لهم عدم اجتماعهم في مجلس واحد حتى يتسنى للخطيب مخاطبة كلٍ منهم بما يتناسب ومستوى وعيه وفهمه وإدراكه لألاّ يصيبه كما أصاب الغراب عندما أراد أن يقلد الحجل في مشيته فنسي مشيته ولم يحفظ مشية الحجل!

هذا كله فيما يتعلق بالركن الثالث وهو المخاطب.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
72

64

الجلسة الثانية

 الركن الثاني:


وهو الخطاب وقد تبينت في طي الكلام عن المخاطب بعض الجوانب المتعلقة بكيفية الخطاب ونوعيته أضف إليها أن الخطاب الحسيني يتألف من ثلاث فقرات أو فصول:

الفصل الأول: المقدمة والشعر.

الفصل الثاني: الموعظة والسيرة.

الفصل الثالث: المصيبة والخاتمة.

ولا بد من الكلام عن فصول الخطاب الحسيني بالنسبة لكل مرحلة بحسبها.

أما المرحلة الأولى فيقتصر فيها على الفصل الثاني بأسلوب قصصي محبب وللصبية دون الأطفال ولابأس هنا في إشراكهم بترداد بعض الأبيات الشعرية كأرجوزة عمرو بن جنادة الأنصاري القائلة:

أميري حسين ونعم الأمير           سرور فؤاد البشير النذير

علي وفاطمة والداه                  فهل تعلمون له من نظير

وأما المرحلة الثانية فيستحسن فيها:

أولاً: اختيار قرابة خمسة أبيات شعرية سهلة وواضحة. 

ثانياُ: ضرورة التركيز على الأسلوب القصصي المشوق غير المطول بإطناب ممل ولا الموجز بإيجاز مخل، في سرد سيرة أبطال كربلاء ولاسيما الفتية والأطفال منهم كالقاسم بن الحسن عليه السلام وعبد الله الرضيع، مع استخلاص الدروس والعبر المفيدة والمناسبة لأعمار الأحداث والغلمان.

ثالثاً: أن تكون المصيبة مركزة على ماسي أطفال كربلاء بشكل أساسي كمصائب القاسم والرضيع ورقية ونحوها ولا بأس بتعقيب المجلس بندبة حسينية يشاركون فيها باللطم على صدورهم، وقراءة زيارة الحسين عليه السلام بصوت واحد معهم، ثم تقديم الطعام أو الحلوى لهم على حب أهل البيت عليهم السلام لما في ذلك من اثار طيبة على قلوبهم ونفوسهم. وينبغي التأكيد أخيراً على أن تكون مدة المجلس المعقود لهم مع توابعه لا تتعدى نصف ساعة تقريباً.

الركن الأول: وهو الخطيب الذي ينبغي أن يتمتع بصوت حزين وقلب رقيق، ومعرفة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
73

65

الجلسة الثانية

 دقيقة بأحوال الأطفال والصبية والأحداث والفتية، ولغة سهلة الفهم عليهم وفصيحة في ان واحد، ودراية بأساليب التربية والتعليم والتأديب والتفهيم، هذا من جهة صوته وصفاته وأما من جهة جنسه فربما كانت الأخت المربية أو القارئة للسيرة الحسينية أبلغ أثراً في نفوس الأطفال والصبية ذكوراً وإناثاً وكذلك الفتيات في المرحلة الثانية، و أما الأحداث والفتية فأن يكون الخطيب رجلاً أي من جنسهم هو خير لهم وأجدى.


وختاماً أرجو أن أكون قد تمكنت من تسليط الضوء على جوانب هامة من خصائص وميزات عزاء الأطفال مع اعترافي بالتقصير في إيفاء البحث حقه واستعدادي بل رغبتي في تقبل أية انتقادات بناءة وملاحظات مفيدة عساني أجبر بذلك النقص الذي لحق بمقالتي سائلاً الموليالعليم الحكيم أن يقيل عثرتي ويغفر زلتي "وله الحمد في الاخرة والأولى وله الحكم وإليه ترجعون". 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
74

66

الجلسة الثانية

 المداخلات على كلمة الشيخ علي سليم


المداخلة الأولى: الشيخ محمد سبيتي

بالنسبة إلى العنوان: كان كبيراً جداً. ويحتاج إلى تفصيل كثير ولكن من جملة الخصائص والمميزات التي يمكن أن نتحدث عنها في هذا المجال.
 
1- صياغة البرنامج الملائم المنسجم مع الأطفال والذي يتم إعداده من قبل الأطفال كتابةٍ وإعدادا لأنه تحصل روح واحدة وخطاب واحد لما هو معد. 

وبعدها يكون هناك قارى‏ء صوته حسن يأخذ الملاحظات ويتدرب عليها ثم يلقيها. 

2- هناك نقطة أساسية في كل هذه المجالات وهي اشكالية التربية إذا أردنا أن نربي الأطفال على برنامج عاشورائي فهذا بحد ذاته عنصر من عناصر التربية ولكن التربية في الأساس يوجد حولها نقاش كبير. بمعنى إذا تحدثنا عن خصائص ومميزات الطفل فالطفل له مساحة من المرح والفرح وهو بحاجة إلى تفجير طاقته والتعبير عن رغباته وبراءته. 

وهذا يعني أنه إذا أردنا أن نأتي ببرنامج العزاء فإما أن نطرحه كبديل للعب ومرح الولد. وإما أن يكون معه بالعرض وإذا كان معه لا يجب أن يكون طرح العزاء على الولد مشروطاً لأنه أخطر ما يمكن أن يطرح. بمعنى أن يقال للولد إذا حضرت المجلس فأنا أعطيك. وهكذا... فإن هذا يعتبر عملية تقزيم للبُعد القيمي لحادثة عاشوراء إما أن نستطيع أن نكتب عاشوراء بمستوى يعشقه الطفل ويعتبره بديلاً له. وإما أن لا نفعل.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
75

67

الجلسة الثانية

 المداخلة الثانية: الشيخ فضل مخدّر


أحبُّ أن أسجل انتقاد على الكلمة والتي لها علاقة بموضوع التربية. 

حتى المسالم من الروايات والذي يعطي فكرة عامة عن منهجية تربوية، وصار هناك صورة عامة في شخصية الطفل وتربيته يوجِّه أن السن التربية هو في المرحلة الأخيرة من الطفولة بين 7 و41 عام. في المنهجية التي طُرحت وإن كان في الروايات ما يشير إلى التلقين لا إله إلا اللَّه... محمد رسول اللَّه... إلا أنه ما هو ثابت واقعاً من خلال الحالة العملية التي تحصل مع الطفل من جهة ومن جهة أخرى حتى الدراسات العصرية التي تدخل بعمق نفسية الطفل. النتيجة تكون دائماً إنه في المرحلة الأولى من طفولته مرحلة 7 سنوات حقيقة يتلقى ويقلد ويأخذ كثير من القضايا التي ينساها مباشرة بعد دخوله في السن السابعة نعم تترك اثارها البشي‏ء الفعلي للتربية إذا أردت أن أتحدث بالذي يتوجه إليه العزاء الحسيني. بكل عناصره ومفرداته فليكن ذلك الذي عبر عنه الأئمة عليه السلام الحدث أوالأحداث كما قال الإمام الصادق عليه السلام هم أسرع إلى التلقي أوأسرع إلى الحفظ أوأسرع إلى كل خير بحسب الرواية. فالمفترض بناء البحث أوالسن المطلوب كما عبّر عنه الأئمة عليه السلام كما تؤكد ذلك الدراسات العصرية. 
مع الشكر
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
76

68

الجلسة الثانية

 المداخلة الثالثة الشيخ مصطفى قصير


في كلمة الشيخ علي سليم أولاً لاحظنا أنه لا زالت الكلمة تُركّز على الشكل المتعارف والأجزاء المتعارفة في المجلس مع أنه ينبغي أن نخرج من هذا القيد لأنه أساساً حتى في مجالس عاشوراء المتعارفة مجالس الكبار إذا صح التعبير لا يوجد قداسة بالالتزام بهذا الترتيب وبهذا الشكل إذا وجدنا أن هناك إمكانية أن نجد أسلوباً أكثر تأثيراً وأكثر تشويقاً وأكثر خدمة للهدف ما المانع من ذلك؟ وعلى مستوى الأطفال المسألة تصبح أوضح من خلال التجارب التي مررنا بها ومن خلال مجموعة من التجارب التي شاهدناها في الجمهو رية الإسلامية مثلاً مجالس الأطفال التي يديرها الأطفال وينظمها الأطفال ويشارك بها الأطفال بشكل كامل. هذه المجالس وجدنا أنها في الغالب هي صورة عن مجالس. 

الكبار يحاول الطفل أن يقلد ولكن باعتبار أن قدرة التقليد متفاوتة بين جانب الموعظة الخطابة وبين جانب اللطميات. أوالأعمال الفلكلورية إذا صح في عاشوراء فنجد بأن الأطفال أكثر مهارة وأكثر رغبة في تقليد تلك الجوانب ولذلك عندهم قدرة هائلة على تنظيم مجالس على نمط مجالس المدّاحين في الجمهو رية الإسلامية وحتى من خلال تجربة المدارس ثبت لدينا أنه يوجد إمكانية كبيرة في أن تقام مجالس من هذا النوع. لكن هذه المجالس من خصائصها فقط تدريب الطفل على الاهتمام بالمناسبة دون أن يحصل بشي‏ء من المضمون أكثر من هذا. 

المضمون الأكيد هو حصول الارتباط بالمناسبة من خلال اللطميات أومن خلال بعض الأعمال الأخرى. 

لكن الدراسات تثبت أن الأسلوب الأنجح في نقل عاشوراء ونقل غير عاشوراء من الأمور التي نحتاج لادخالها إلى عالم الطفل بأسلوب مؤثر التأكيد على الأسلوب المسرحي لوأمكن أن تصاغ عاشوراء بجملة من الأعمال المسرحية التي يمثل بها الأطفال أنفسهم ويترك للأطفال مساحة لاضفاء بشي‏ء على القصة ليس من الضروري أبداً أن
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
77

69

الجلسة الثانية

 نتقيد أبداً بالنص التاريخي لأنه عادة بالعمل المسرحي يوجد إمكانية كبيرة أن نخرج عن النص التاريخي لكن أن نحافظ على جوهره في الإمكان أن نقدِّم عملاً فنياً مؤثراً وتربوياً أيضاً يوصل إلى الهدف المطلوب من المجالس. ولا بأس أن يعتبر العمل المسرحي هو مجلس. لأن المجلس كمجلس ليس بالضروري أن يبدأ بنقطة وينتهي عند نقطة، المجلس بالنتيجة هو عبارة عن لقاء يريد أن يحقق هدفاً فإذا كان بإمكان المسرحية أن تحقق ذلك الهدف. وهي بالفعل قادرة على تحقيق ذلك يمكن اعتماد هذا الأسلوب. 


هذا الأسلوب أنا رأيت ولامست وشاهدت مستوى التأثير العالي له ولكن تبقى المشكلة الأكبر والأبرز هي في صياغة العمل المسرحي، لأننا نحن نشعر بحاجة كبيرة إلى كتّاب مسرحيون يستطيعون أن يقدموا قصة عاشوراء عبر جملة من الأعمال المسرحية. وهذا هو المفقود. يعن تركيزنا نحن على الأسلوب الكلاسيكي ناشي‏ء من فقرنا لبقية الأساليب لا من كونه هو الأسلوب الوحيد.
وشكراً
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
78

70

الجلسة الثانية

 المداخلة الرابعة: الشيخ إبراهيم بلوط 1

 
تارة نسأل كيف نقيم العزاء للأطفال بعد تثبيت أصل إقامتها. نبحث عن الوسيلة كيف نقيمها. مع أخذنا للمنشأ الذي ترشحت عنه الوسيلة، فإذا قلنا بأنه أقيمت من خلال سيرة، هذه السيرة ليست مقتصرة فقط على ما تفضل به جناب الشيخ من أنها شعر حتى أنها كانت سيرة تسرُد القصة وتبكي، وتذرف الدموع مع سرد القصة ولم يكن أساس العزاء مجرد شعر يعني حتى أنّ السيرة أُخذت فيها والمصيبة وتبين الواقع.
 
أنا أيضاً مع جناب الشيخ مصطفى على أنه المدار الطريقية ليس الموضوعية. إذ ليس فيها نص أنّه لا بُد من ترتيبها من قصيدة ومن موعظة ومن مصيبة فالمدار مدار الطريقية كيف يمكننا أن نوصل كربلاء من خلال العبرةِ والعَبْرة بأي كيفية من الكيفيات، وحيث أن الحديث عن الأطفال أعتقد بأنه خطأ أن نبحث في عُمر الطفل كم وعُمرِ الحْدِث كم لأنه يتفاوت ربما من مكان إلى مكان ومن أسرة إلى أسرة. ومن بقعة إلى بقعة وبالتالي لا ندرك له حداً معيّناً يمكننا أن نعطيه للجميع بلحاظ هذا الذي هو موجود هنا، لا بد أن نعطي الوسيلة بشكل عام بحيث لوكان هذا الطفل عمره سبع سنوات أوعمره 31 سنة يمكن أن يتلقى ويتقبل هذه الفكرة ولا نجد في ذلك تفاوت.
 
وأيضاً يمكن أن نعطي فكرة من خلال مسرح وأخرى نريد أيضاًأن نجعل بكاء وذرف دموع إذ أنه قد لا يترتب على المسرح ذرف دموع وإنما يترتب عليه حفظ الواقعة ولا يتفاعل الطفل غالباً في الصغر على الحدث من ناحية إدراك مضمونه ليبكي ويذرف الدموع بقدر ما يتفاعل مع نفس القصة فتثبت في ذهنه تتفاعل معه حينما يكبر واللَّه العالم. 
 
 
 
 

1- خطيب منبر حسيني.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
79

71

الجلسة الثانية

 تعقيب الشيخ علي سليم على المداخلات


أشكر السادة العلماء على ملاحظاتهم المتممة لما أحببت طرحه لكن فيما يتعلق بالمجلس المشروط كما عبر سماحة الشيخ محمد. لا أدري إن كان عندكم إشكال على ما ذكرته من تقديم الحلوى لهم بعد المجلس فأنا اعتبرته من باب المحفزِّات.

أنا مع تحديث الأساليب ولكن على أن لا يُلغي ذلك شكل المجلس التقليدي للعزاء.

وأنا لا أوافق على ما عبّرتم عنه بالأساليب الفلكلورية فأنا لا أشاطركم الرأي قلتم إن صح وهو لا يصح. لأن هذه ليست أمور فلكلورية هذه وسائل وطرق وأساليب في إظهار الجزع والحزن على الحسين عليه السلام .

1- وضّح سماحة الشيخ مصطفى:

إن المقصود بالفلكلوري هو المظهر التقليدي لعاشوراء أوالتراث أجاب الشيخ علي سليم بأنه بهذا المعنى أوافقكم الرأي ولكن ضمن ضوابط.

2- الشيخ فضل مخدِّر:

المجلس الحسيني موضوع التحديث والتجديد. المجلس الحسيني بالهيكلية الموجودة فيه الان حتى بطريقة القراءة والوعظ والنعي كم هو عمره. 

بداية العزاء عند الأئمة عليه السلام . كانت تحصل من خلال جمع الشعراء واستماع الشعر منهم. ويقولون من قال بيتاً من الشعر فأبكى وبكى فإن له الجنة، ثم تجدّد وتحدَّث فطرح التحديث بالمطلق أن تعارضه مع الحفاظ على الشكل القديم. الشكل القديم الذي ورد عن الأئمة عليهم السلام تطور أضيف له بعض الأساليب. 

فالسؤال هل يجب أن يرتبط الشكل الجديد بالشكل القديم بشكل أن يكون هناك علاقة وثيقة. أم إن هناك إمكانية للفصل. حتى نتصاعد أكثر من موضوع المسرح والقصة والحكايا.
هنا نريد أن نوصل المضمون.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
80

72

الجلسة الثانية

 2- القيم عند أطفال عاشوراء

الاستاذة أمل طنانه

                                                     بسم الله الرحمن الرحيم

أدفن الشّكوى أخا الجرح وجنّبني النّشيدا

أنا لا أعزف ألحاني أنينا وقيودا..

لعنة التّاريخ قيثاري إذا ظلّ قصيدا

يخضم الّلحن ولا يقذف في النار الحديدا

لعنة التاريخ شعر لم نجسده وقودا..

هذه بضعة أبيات للشَّاعر العربي الكبير سليمان العيسى، لكنّها تلخّص مهمّة الشّعر العربي، وربّما الأدب العربي منذ كان في مهده الأوّل حتى يومنا هذا. فالأدب هو الوقود، وقود الإنسان المحتاج إلى غذاء روحه وعقله وسلوكه، حاجته إلى غذاء جسمه وعضلاته. حاجته إلى كلمة مبلّلة بالدّم، مضفورة بالعروق، متهادية على أنفاس الموسيقى، كي تسقط في قرارة القلب فتحرق وتحترق.

إذ أنّ الحريق الذي تشعله الكلمات في أعماقنا هو ذاته ما يفتح أمام جداولها قنوات العبور. فينساب الفعل الإنساني بأرقى ألوان المحبّة لتتفاعل الثقافات وتشترك الألسنة والاجناس والعروق في صنع الحضارة ويرمي النّور جداوله في كل الأنحاء.

وإن كانت تلك هي مهمّة الأدب الأسمى حسب وجهة نظرنا فلا يعني ذلك أننا نعتبر أن كلّ ما قيل وما يقال من الأدب قد أوفى بهذه المهمة على أكمل وجه، وحقّق مارب الحرق والاحتراق في مكان الإنسانية البيضاء.

لكن لا بدّ من الاشارة إلى أنّ حدائق الأدب العربي قد فاضت بكثير من الخضرة والنّضرة، وأظلت الارواح من النار بالنور، ومن الشوك بأريج البنفسج والياسمين.

قالوا: "إنّ الادب الحقيقي هو ذاك الأدب المنبثق من أعماق الهمّ الكبير، الممتطي صهوة القيم والأخلاق، المحلّق بأجنحة الكلمة الجميلة والإيقاع السّاحر".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
81

73

الجلسة الثانية

 ولطالما جرّب الكثيرون أن يفصلوا الفنّ عن الأخلاق، وحملوا نظرية الفنّ للفنّ زمناً طويلاً، حتى تأكد لهم أخيراً أنّ فنهم ذاك سقط في مهاوي الضّياع، واندثر في مقبرة النسيان إلى الأبد مكفّناً بالخيبة والفشل.


فأيّ فنّ هو ذاك الذّي لا يجد له متّكأً على ثنية قلب، ولا دمعه تنساب على حرف من حروفه وتشهد له بالديمومة والخلود؟

لا نريد أن نبتعد كثيراً، ولنبدأ من أدب الصّغار. ذاك النّسيج الذي تتألّف منه وحده إنسانية الإنسان، طالما تبقى حروفه تغزل معانيها، وتؤلّف الكلمات، لتبني الكلمة الموقف، ويبني الموقف الرّجل والمرأة على حدّ سواء، ويرتصف المجتمع كله بعيوبه وحسناته من حجارة رصفتها الكلمات، ولا شي‏ء سوى الكلمات.

وإذا أردنا أن نتحدّث عن أدب الأطفال كان علينا أن نبدأ من الادب الحقيقي، الأدب المنبثق من أعماق الهمّ الكبير. وأين هي القضايا من قضيّة عاشوراء؟

وأين هي الهموم المقدّسة من ذلك الهمّ الأقدس الذي ما زال يؤرّق عيوننا حتى اليوم بوجعه الأبدي ويغلّف كلّ قناديل حزننا بأوشحته الحمراء؟

إنّ قضايا أمّتنا لهي امتداد حقيقيّ لعاشوراء، وإن اختلف البشر، فإن الواقعة حيّة مازالت تنتقل بين أضرحة وجودنا من دار إلى دار، ومن ماض إلى حاضر إلى مستقبل وعلى كلّ أبوابنا عبارة واحدة لا تتغيّر: "كلّ يومٍ عاشوراء كل أرضٍ كربلاء".

فكيف نستقي من هذه الواقعة، مناهل التّربية، وحاجتنا من القيم والأخلاق في بناء إنسان الغد؟ وكيف نسخّرها لما يرتقي بالحزن نحو قيمة الشّهادة وأثرها في صنع الانتصارات، انتصارات الحق على الباطل، والعدل على الظّلم؟

حين بدأ الإمام زين العابدين عليه السلام بإثارة هذه القضيّة، لم يكن يحمل سيفه ويجوب به الأقطار إذ كان لوقع كلماته ما يفوق أثر السّيف والرّمح.

ولوصمت الإمام زين العابدين عليه السلام لانتهت عاشوراء إلى جعبة السلو والنسيان.

قال الإمام الصادق عليه السلام: "الحمد لله الذي جعل في النّاس من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا، وجعل عدوّنا من يطعن عليهم ويهددونهم ويقبّح ما يصنعون".
وعن الأئمّة عليهم السلام: "من قال فينا بيتاً من الشعر بنى الله له بيتاً في الجنّة".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
82

74

الجلسة الثانية

 وفي حديث أخر: "حتى يؤيد بروح القدس". وفي حديث ثالث: "بنى الله له في الجنّة مدينة يزوره فيها كلّ ملك مقرّب ونبيّ مرسل".


حين يشجّع أهل البيت على حمل قضيّة عاشوراء، كمعين شعريّ يجزي صاحبه الأجر الجزيل والكرامة عند الله، فلا يعني ذلك أنّهم عليهم السلام يطلبون لأنفسهم غرضاً دنيويّاً، أو يهيجون دموعنا حزناً وأسى.

إذ إنّ قضيّة عاشوراء بحدّ ذاتها تربية كاملة، يرى فيها أهل البيت عليهم السلام قبل أن نرى نهجاً وطريقاً صالحاً وبناءً مرجوّاً للإنسان على مدى الزّمان، وقيماً واجبةً.
ولنحّدد مفهوم القيم ومعناها اللّغوي: فقد ورد في لسان العرب أنّ القيم هي الإستقامة وفي الحديث: قل امنت بالله ثم استقم. وقد فسّر على وجهين: قيل هو الإستقامة على الطّاعة. وقيل هو ترك الشرك.

قال كعب بن زهير: فهم صرفوكم حين جزتم عن الهدى بأسيافهم حتى استقمتم على القيم أما المعنى الاصطلاحي الذي نقصده من قولنا: القيم عند أطفال عاشوراء. فهو الطريق والنهج والتربية من خلال ذلك الحدث المسؤول عن كل تجارب حياتنا النّاجحة وكل انتصاراتنا حتى اليوم.

القيم عند أطفال عاشوراء:

هل يتأثّر الأطفال عادة بشي‏ء، أو بحدث، أو بموقف، تأثّرهم بالصّغار؟

إنّ أثبتَ القيم الأخلاقية، وأكثرها تأثيراً في سلوك الأطفال هي تلك القيم الصادرة عن الأطفال ذاتهم. ربما لم تسلّط الحقائق التاريخية الضوء على الأطفال الذين مرّوا في عاشوراء بما يتناسب مع الظلم الذي عانوه والأثر الذي يمكن أن يتركوه في سلوك أطفالنا، والأسماء التي يتكرّر ذكرها في روايات عاشوراء لا تتجاوز في كثير من الأحيان: القاسم بن الحسن عليه السلام، رقية بنت الحسين عليه السلام . وعبد الله الرضيع، ولا تتجاوز الحدث إلى الموقف والقيم في معظم الحالات. رغم أن نكبة عاشوراء لم ترحم صغيراً ولا كبيراً. ولذا، فمن الواجب أن نبحث ونحقق ونتوقّف عند الأحداث التي تتعلق بالأطفال وبمواقفهم في تلك الفترة، لما لها من أثر في ترسيم سلوك أطفالنا وتعزيزه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
83

75

الجلسة الثانية

 ذلك أن التربية التي نشأ عليها الأطفال الذين تسنّى لهم أن يستقوا الضّوء والهواء من بيت النبوّة، في التربية تلك ما رسم معالم خاصة للطفولة المسلمة على مدى الزمان.


ولنتوقف عند بعض من تلك الدلالات، محاولين أن نستقي مواقف وقيم أطفالنا، من خلال مواقف وقيم أطفال الحسين عليه السلام .

يقول الشاعر في عبد الله الرضيع، الذي ذبح في حضن أبيه الحسين عليه السلام:

فلفهي له مذ طوّق السهم جيده كما زيّنته قبل ذاك تمائمه

هفا لعناق السّبط مبتسم اللمى وداعاً وهل غير العناق يلائمه؟

ولننظر إلى موقف رضيع، لا يتقن إلا الضحك والبكاء، كيف طوّقت يداه الصغيرتان عنق أبيه الحسين عليه السلام . أليس في ذلك الفعل ما يشير إلى تحدٍّ واضح لذلك السهم، وتسليم لقضاء الله وقدره، ومبايعة لإمامة الحسين عليه السلام في اخر شهقة من شهقات الحياة، واخر خلجة من خلجات الروح؟

وما معنى ابتسامة رضيع يلاقي حتفه، ويخترق السهم أوداجه؟ أليس في ذلك موقف وقيمة وعبرة؟

أما القاسم بن الحسن عليه السلام الغلام الذي لم يبلغ الحلم، ذاك الذي امتشق سيفه، وخرج لمواجهة الموت، نائياً عن متطلبات طفولته الفطرية، مزدرياً غريزة الخوف في نفسه، ينحني ليشدّ شسع نعله، وقد هان في عينيه الجمع والألوف، لا يسمع في تلك الدقائق العصيبة سوى نداء عمّه الحسين عليه السلام، وقد فاض الإيمان في قلبه، وملأ كل كُرّية حمراء أو بيضاء في دمه بالتضحية والتفاني والذود عن ال بيت النبوة عليه السلام، وهذه رقية بنت الحسين عليه السلام . تفيض روحها بعد أن ذاقت الويلات في مسيرة السّبي. طفلة رقيقة الفؤاد، ناعمة الخدّ، دقيقة العظام. تصل بعد الرحلة المضنية الشاقة لتفاجئ عمّتها باثار السياط وقد ألهبت جسدها الطري بما يجعلها مضرب مثل في الصبر والجلد، وصورة تحرق فؤاد الزمان، لطفولة قهرت العذاب، ولم تقهر الحب. بل قدّمت نفساً راضية مرضية على مشهد مريع ما استطاعت عليه صبراً، وقد شاء لها الله أن تغلق عينيها على وجه الأب الحبيب وتودّع الدنيا تاركة فيها موقفاً من مواقف الطفولة التي يصح أن يكون مدرسة ينهل منها صغارنا مدى الزمان.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
84

76

الجلسة الثانية

 أما أطفال الحسين عليه السلام، فهم أولئك العطاشى، الذين لم تتناول أفواههم الصغيرة منذ أيام وليالٍ، ما يسدّ الجوع ويطفئ العناء.


فلننظر إليهم حين تأتي إحدى نساء الكوفة لإعطائهم بعض الخبز والتمر والجوز. لتصيح أم كلثوم: إن الصدقة علينا حرام. فيقدّمون برضى وقناعة ما هم في أشد الحاجة إليه، تلبية لما فرضه الإسلام، والتزاماً بمنهج الدين القويم. أليس في هذا السلوك وهذه التجربة ما يضيف إلى الأخلاق مفهوماً جديداً يمثّل معنى الإباء والطاعة لله عز وجل في أضيق فسحات الدنيا، وأصعب مسالكها؟ إن القيم التي نستطيع أن نستقيها من مواقف أطفال عاشوراء لا يمكن إحصاءها أو الحديث عنها في هذه العجالة. ولكن نحب أن نذكّر بها، وندعو إلى البحث عنها وإعداد المؤلفات حولها لتظلّ منهجاً وسلوكاً يستضي‏ء منه صغارنا في دروب الحياة نحو مستقبلهم المرتجى.

ولو أردنا أن نحدّد ما تحمله عاشوراء من قيم وعبر ومناهج تربوية لأطفالنا، لعجزنا عن إحصائها: فمن الصبر، إلى الشجاعة، إلى التضحية إلى الإيثار، إلى الصدق. إلخ. بما لم يتجمع من الفضائل في موقف واحد يوماً. هذه هي المادة إذاً. وهذه هي الاحداث ولكن كيف يمكن لنا، أن نغزل من هذه الخيوط المقدسة رجال ونساء الغد؟ وكيف نضمنها أدب الصغار لتتحول في أيديهم جميعاً إلى غذاء يومي؟

تعالوا إخوتي نبدأ من الشعر. ولماذا الشعر؟ لأن الشعر يظل هو الشعر، يظل هو الإيقاع والموسيقى، يظل هو الاصابع القادرة على العزف على أوتار قلوبنا، فتفجر من البراكين ما تعجز عنه الفنون الاخرى. رغم أن الادب الرفيع والفنّ الرّفيع يظل رفيعاً. 

وإن سألنا مجدداً لماذا الشعر؟ كان الجواب الاخير: "لأنه يضم بين أجنحته أكثر من لغة قادرة على مخاطبة الروح، وأكثر من باب مفتوح على الدمعة والابتسامة ليس أقلها: باب المعنى وباب الذوق وباب الموسيقى. تلك الالوان العجيبة التي إذا تهيأ لها الحس المرهف اللاقط والهم الكبير كان لها في النفس وقع الدهشة والغرابة والسحر فهل للحس المرهف اللاقط عمر محدد؟

في الواقع إنّ التأثر بالكلمة اللينة شعور غريزي يولد مع الإنسان، مهما غلظ قلبه وقسا فؤاده، ولطالما أبكت الكلمة وحدها عيوناً كانت أقرب إلى حجارة الصّوّان منها إلى
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
85

77

الجلسة الثانية

 العيون، فرقّت لما لم ترقّ له يوماً، وأسالت مواجدها على الخدود شواهداً على ما للكلمة من ملك لا يبلى.


فما بالنا بالصّغار؟ تلك القلوب الناعمة الرقيقة التي لم تعرف الصلابة إليها طريقاً، ولم تفرش على نوافذها المفتوحة على الضوء والهواء ستائر الغلظة والقسوة.

ولنسأل من جديد:

ما موقف الصغار من الشعر؟ ما موقف الشعر والشعراء منهم؟ وما الذي يمكن أن تحدثه الكلمة في نفوسهم الغضة الطرية الصادقة صدق ماقيهم وابتساماتهم البرئية؟

لا نستطيع إخوتي أن ننكر أن للكلمة على الصغار سلطة ما بعدها سلطة، وإن كانت ذاكراتهم تأنس للكلمة المسربلة بالموسيقى والايقاع أكثر مما تأنس للكلمة الخارجة عن هذا النطاق.
ولأنّ الاذن الصغيرة تميل إلى الكلمة الموسيقية الجميلة، فقد غدا في يد التربية مفتاح الباب الواسع الذي نستطيع من خلاله أن ندلف إلى عالم الطفولة بكل ما نشاؤه من بذار في تحضيرنا للموسم المنتظر.

ها هي إذاً، طريق واسعة معبده من عالم الطّفولة إلى عالم بناء الإنسان، فهل وفينا هذه الرّسالة حقها؟ وعند كل منّا، يقين بأن حفظ أيّ نشيّد عند طفل بدأ لسانه يتلعثم بالحروف لا يحتاج إلى الإصغاء له أكثر من مرة.

فكيف نعمل وأمامنا فترة عمرية لا بأس بها، يمكن من خلالها أن نجني مواسم واعدة لا تحصى؟

نعود إلى موقف أهل البيت عليهم السلام من تجنيد القلم الأدبي للتربية العاشورائية، ونذكر ما دعا به الإمام الصادق عليه السلام للكميت حين أنشده إحدى قصائده عن ال محمد صلى الله عليه وآله، فقال: "اللهم اغفر للكميت ما قدّم وأخّر وما أسرّ وأعلن وأعطه حتى يرضى".

وما الذي يتمناه الشاعر أمام هذه المكارم العظيمة التي خصه بها الله تعالى، إذ سخر قلمه ولسانه ليفيض من حبّ أهل البيت عليهم السلام، ما يطفئ عطش الزمان؟

كل هذه الفضائل لمن قال بيتاً من الشعر، فما عساه يتبوأ من الفضائل ذاك الذي استطاع من خلال كلماته أن يزرع في كل نفس عشقها الخاص بمحمد وال محمد صلى الله عليه وآله،
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
86

78

الجلسة الثانية

 ليتغلغل في ثنايا الفؤاد ناشراً من ينابيع الطّهر العلويّة ما يخلّص الأفئدة مما علق بها من أهواء النفس، ومساوئ انحرافاتها وخطاياها.


لقد درجت العادة في أيام عاشوراء على أن يعمّ الحزن، وتقام المجالس، وتتردّد السيرة الحسينيّة في كل الانحاء والبيوت. ولكن حتى اليوم لم تسمع إلا القليل عن مجالس حسينيّة موجّهة إلى الأطفال على وجه الخصوص. 

من عادتنا عند إقامة المجلس الحسيني، أن نتحلّق حول قارئ السيرة مصغين منتبهين فتجود العبرات، وتفيض الدّموع. وقد ينضمّ أطفالنا إلينا في هذه المجالس، فمن باكٍ إلى لاهٍ، إلى مراقبٍ ومصغٍ يتساءل في قرارة نفسه: لماذا يبكون؟

وكثيراً ما نسأل الصّغار عما فهموه من خلال هذه المجالس، ليجيبنا أكبرهم بما تعلمه وسمعه من والديه ومعلميه. إذا أنّ هذه المجالس ولنعترف يندر ما تترك في عقول الصّغار وأذهانهم مفاهيمها لسبب واضح وجليّ هو: صعوبة اللغة وابتعادها عما يختزن في أذهان أطفالنا من مفردات.

ولماذا لا يصل الأطفال من خلال هذه المجالس إلى المعرفة والإدراك المنشودين؟ نقول: لأن الاطفال بحكم تكوينهم ونموهم النفسي والعضوي، لم يصلوا بعد إلى مرحلة التركيز على الإصغاء لمدة طويلة، هذا إن أهملنا الجانب اللغوي.

ناهيك عن حاجة الطّفل إلى الصّورة والحركة واللون والوسيلة التي تحرك أكثر من مجرّد حاسّة السّمع بإيقاع الحزن، لأن المطلوب هو الوصول إلى المعرفة العميقة، كي تتأصّل القيم والاخلاق وهذه بعض من القيم التي ننشد إيصالها:

أولاً: الايمان بالعدل الالهي، والرّضا بالقضاء والقدر، الذي يلخّصه قول العقيلة زينب عليه السلام حين خاطبها ابن زياد لعنه الله بقوله: "كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك"؟
فأجابت عليه السلام بكل ثقة العبد بخالقة: "ما رأيت إلا جميلاً".

ثانياً: تقدير قيمة الشّهادة وتثمينها عالياً، في إبراز أفضلية الحياة الباقية الخالدة على الحياة الدنيا، ورفض المذلة والظلم، وذلك بما يلخصة قول الامام زين العابدين عليه السلام: "القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة".

ثالثاً: الصدق. وذلك يتجلّى في إيصال الحدث التاريخي الحقيقي إلى الأطفال دون
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
87

79

الجلسة الثانية

 تشويه أو تحريف أو زيادة أو مبالغة، وذلك وحده كاف، ليبينّ الظلم الذي وقع على أهل البيت عليهم السلام وما حلّ بهم من كرب وبلاء. وفي ذلك النقل الواقعي لحادثة كربلاء ما يشير بحق إلى ما قام به بنو أميّة من فسق وفجور، وما ارتكبوه من ظلم بحقّ أهل البيت عليهم السلام، وبذلك يتكوّن للأطفال موقفهم الصّادق من قوم ظلموا ابن بنت نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلبوا حق ال بيته عليهم السلام .


رابعاً: إذكاء روح رفض الظلم والاستعداد لبذل النّفس في سبيل الحق، وتهوين كل ما ينزل بالمؤمنين من مصائب إزاء ما حاق بال بيت رسول الله صلى الله عليه وآله .

وذلك من خلال التأثير على مشاعر الأطفال وعواطفهم، وإثارة حزنهم على الحسين عليه السلام وعلى ال بيت الرسول صلى الله عليه وآله .

خامساً: تقوية القدرات اللّغوية على التعبير عند الأطفال، فامتلاك اللغة يجعل الطفل واثقاً من نفسه، قادراً على الدّفاع عن أفكاره وقادراً على النقاش والحوار والتفاعل. 

سادساً: ربط الماضي بالحاضر. فلا قيمة لحدث تاريخي منفصل عن الحاضر عند الصّغار مهما بلغت درجة قدسيّته وسموِّه. وعلينا هنا إذا حين نعرض المضمون العاشورائي، أن نطلّ على الحاضر، ونستقي من قيم عاشوراء ما يتلاءم مع الأحداث اليومية وما يتوافق مع اهتمامات الصّغار. 

فالتّركيز على معاناة الأطفال الذين مرّوا في عاشوراء لا بدّ من أن يجد صدىً، ويلمس وجعاً حقيقيّاً عند أطفالنا، لأن المقارنة عند الأطفال لا تنتهي. 

سابعاً: شحن الخيال بالصور، لأنّ الخيال هو مصدر الإبداع، ولذا فإننا ندعو إلى الأعمال المسرحيّة التي تحكي عن عاشوراء، لما يملكه العمل المسرحي من وسائل تعليميّة لا تتوفّر في الأدب بالمطلق. 

ومن الجيّد أن تتوقّف أحداث العمل المسرحي العاشورائي لتعرض المفاهيم التربويّة من خلال مواقف أبطالها. وما أكثر هذه المفاهيم التي قد تكفي وحدها لصنع جيل المستقبل المنشود وتثقيفه.

إن تلك القيم إخواتي وأخواتي لا تنتقل إلى الطفل كما سبق وأشرنا بسحر
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
88

80

الجلسة الثانية

 ساحر. إذ أنّ لأسلوب صياغتها وإيصالها الدور الأكبر. وهنا أشير إلى القصّة، فهي أولاً وأخراً وجه أدب الأطفال الأثير لديهم، إذ تبدأ حركة الشخصيّات وتفاعلها، لتتعقّد الأحداث وتبلغ ذروة العقدة وبعدها النهاية التي فيها الحلّ. وفي واقعة كربلاء من تلك القصص الكثير مما ينتهي بالشّهادة أو الدّمعة. من أجل تقديم العبرة وخلاصة التّجربة للجيل. فهل يمكن للقصيدة أن تمتزج بالقصّة لتقدّم هذه القيم للأطفال؟


نقول: نعم، بلا أيّ شك يستطيع الشّاعر أن يصوغ قصّته في قالب شعري راق، وذلك من خلال المسرحيّة الشعريّة. القابلة للعرض والتمثيل، فتتوفّر فيها كل مقوِّمات التأثير: من كلمة إلى موسيقى، إلى حركة إلى لون، إلى شخصيّات. وربما كان ذلك أيسر الطّرق لتحقيق رسالة الشّعر والشّاعر، وإيصال السّلوك المنشود إلى مواقف الصغار.
 
من خلال ما سبق إخوتي. أدعو إلى إعداد كل الطّاقات الشّعرية، والمواهب الكتابيّة في صنع المسرح الشّعري العاشورائي الخاص بالأطفال، أو تحديثه لما له من قدرة على إيصال النّهج وزرع القِيَم في نفوس الأطفال وتنقية مشاعرهم من طغيان الجانب الغريزي فيها للارتقاء بحمل الأمانة الحسينيّة نحو المستقبل المنشود في زمن لا يمكن أن يجتاز دروبه الوعرة إلاّ الحسينيّون الحقيقيّون الذين قدّموا في جنوب لبنان دليلاً ساطعاً على ما يمكن أن تفعله تربية كربلاء في نفوسنا.

واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
89

81

الجلسة الثانية

 المداخلات على كلمة الأستاذة أمل طنانة

 
 المداخلة الأولى: الأستاذ حسن نعيم 1
 
الطفل عادة يستقبل عاشوراء بفرحٍ داخلي ربما لأنها تكسر شكل الأيام التقليدي فيكون هناك موسم جديد، لبس السواد، وضع عصبات على الوجوه، ترديد الندبات، إذا أردنا الحديث من حيث المبدأ الطفل مقبلٌ على عاشوراء يستقبل عاشوراء بفرح داخلي كما ذكرت.
 
البحث الان يسعى إلى تجاوز هذه الحالة إلى تفعيل أكثر بالمعايشة الوجدانية مع عاشوراء، عاشوراء بشكلها التقليدي كوّنت مع الأيام وعينا جميعاً يعني أنها ظلّت في الذاكرة عاشوراء، قصصها، الندبات، في البلدة، العلماء، الناس، العجائز، البكاء، شكلت جزء من الوعي. والان تحديداً في عنوان القيم واضح بتقديري أنها كانت قيم الشجاعة والمروءة قيم شدّة البأس عند العباس عليه السلام عند الإمام الحسين عليه السلام قيم دفع الظلم الان الكلام الان عن العمل الفني الذي أشار له سماحة الشيخ قصير. ليس فقط مشروع بل هو مطلوب ولكن لويوجد بحث جدّي أنه نحتاج إلى مسرحٍ للأطفال أوأي عمل فني يكون هناك عنصر التخييل ما هو القدر المسموح لذهاب الخيال في هذه اللعبة يمكن أن تكون عاشوراء خصبة درامياً يعني إذا وضعناها كما هي فهي خصبة يفهم منها كلٌ بما يتيح له عمره أن يفهم ولكن الفكرة التي أريد قولها يخاف جداً من التصنع أوأن نحمّل البشي‏ء ما لا يحتمل. يعني أن تصبح عاشوراء بمعنى أن نفتش عن بعض الأشياء التي تسي‏ء؟ ونكون نظن أننا نفعل شي‏ءً حسناً. الذي تحدث عنه الشيخ أن نضع سلايت هذا شي‏ء جيد. ولكن أن نصنع مجلس عزاء للأطفال وبعدها نأتي بمسجلة فيها ولدٌ يبكي تكون مهزلة.
 
 
 


1- المسؤول الثقافي في جريدة الانتقاد.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
90

82

الجلسة الثانية

 الفكرة الأخيرة: عاشوراء بما هي عليه تساهم وستبقى تساهم بوعينا مع العمل الفني الذي لا يكون مفتعلاً. هنا يكون البحث لمدى الخيال ما هو المقدار المسموح له أن يسرح، هنا نلتقي مع العنوان وأنا أشكل على العنوان أن الأخت أمل لم تعطنا شيئاً عملياً ملموساً.

 

 

 

 

 

 

 

 

91


83

الجلسة الثانية

 المداخلة الثانية: الشيخ محمد سبيتي


من الملاحظ في كلمة الأخت أمل أن بين السطور سطور أرادت أن تتحدث بها والوقت لم يساعدها.

ولكن عندما نتحدث عن القيم هناك أمور كثيرة من مستلزمات القيم.

أولاً منهجية القيم، طرح أولويات القيم، يعني كربلاء يوجد فيها كثير من عناصر تعتبر من عناصر القيم مثل عنصر البطولة، الشجاعة الصدق عشق الشهادة ولكن ترتيبها ومنهجية أولوياتها عند الطفل كنا بحاجة نحن أن نسمع هكذا شي‏ء، لأنه أن نتحدث عن طفل لا يتجاوز العشر سنوات نزرع في نفسه الشهادة والبطولة حسب الموت... ولا زال المطلوب أن يعيش حالة هدف ورهافة وبعض المفردات التي تنسجم مع براءة هذا الطفل، فنحن نحتاج إلى عمل ودراسة ترسم منهجية الأولويات أي الأولويات وأي القيم التي نحتاج أن نزرعها في الطفل ثم نتدرج معه بالترتيب. 

وهناك أمر ثانٍ: موضوع القيم مسألة كبيرة وليست صغيرة يعني عندنا أكثر من رافد وأكثر من مصدر يزرع القيم في الطفل المدارس، المجتمعات، الفضائيات، هذه قيم طالما هناك مرافد نحتاج إلى دراسة الدراسة الموجودة التي نتعقد من طرحها دائماً تكاد يكون بينها وبين الواقعية بون لأن هناك متغيرات، يوجد عملية تطوير، يوجد نموسريع عند الطفل في ذهنيته ونموه وقدراته وأصبح هناك فرق بين الدراسات الموجودة وبين الطفل حتى نطلق على القيم قيم وننسبها إلى الطفل نحتاج إلى دراسة للطفل وهذا يدعوإلى دراسة علمية دقيقة نفسية وسلوكية لأطفالنا اليوم خصوصاً إذا تحدثنا عن عاشوراء في وجدان الأطفال فهم جبلوا من طينة أهل البيت عليه السلام وهنا يأتي الحديث أنه نحن في صدد زرع كربلاء وعاشوراء في الأطفال، أم أنها موجودة في طينتهم ونحن نريد أن نسقيها وهذا يختلف من أسلوب لاخر وهنا أطرح مثل صغير فقط وهو أن المدرسة إذا كانت أكبر رافد للطفل بالقيم يوجد عندنا مدرسة إسلامية دون أن نسمي فقط من باب المثال يوجد عندنا في كربلاء شخصية حبيب بن مظاهر
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
92

84

الجلسة الثانية

 شخصية عجوز كبير مسن، مدرسة من المدارس معلمة لغة عربية تطلب من الطلاب كتابة نص مضحك أكثر النصوص إضحاكاً وفكاهية يأخذ علامة عالية عن المسن. أن يتحدث عن "جعلكة" وجهه، شيبته، انحناء ظهره، خشونة الصوت جاءت أم من الأمهات فتأذت جداً بهذا الموضوع جاء من بعض النصوص والكتب الدينية عندنا مجموعة كبيرة من الروايات التي تدل على ضرورة توقير المسنين واحترامهم وتقديرهم وأرسلت هذا النص إلى المعلمة. الشاهد أنه لما أخذت هذه الورقة وكانت هذه الأم تتحدث لمعلمات إيرانيات مشرفات تربويات في إيران فبكى هؤلاء أين احترام المسنين. 


إذا أعطينا للطفل قصة حبيب بن مظاهر وحدثناه عن الشيبة واحترام المسن. وهو بما يأنس به وبثقافته أن المسن مضحك فكيف يحترم حبيب بن مظاهر. فلذلك لا بد أن نرسم مرافد الثقافة ومرافد القيم ونحصرها ونقوم بدراسة دقيقة إما باستمارات تقليدية وإما بأساليب مبتكرة حتى نصل إلى ما هي القيم التي يجب أن تؤسس لطفل اليوم وليس لطفل من قبل 100 سنة أو200 سنة. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
93

85

الجلسة الثانية

 المداخلة الثالثة: هدى مرمر 1

 
لماذا لم يطرح في موضوع القيم، أن يكون الطفل نفسه هو من ينقل القيم إلى طفلٍ اخر نحن نعلم أن الأطفال أكثر شي‏ء يتأثرون. بالصور التي تنقل لهم عن أطفال، لم يطرح قبل أوأثناء المؤتمر لحد الان أن دور الأطفال في نقل هذه القيم لأطفال اخرين، نحن في الهيئات النسائية عندنا مجالس للنساء، نصف المجلس تقريباً أوأكثر من الأطفال نتيجة أن الأمهات يجلبون معهم أطفالهم في تجربة مع إخوان الكشاف بنفس الوقت الذي يكون هناك مجلس للنساء هناك مجلس للأطفال، وكانت بالفعل تجربة ناجحة، لكن لا بد لها من دراسة أكثر يعني أسلوب نقل للطفل لا زال لحدّ الان غير مدروس عندما يكون عندنا أطفال فعلاً ندربهم على قراءة المجالس اليوم عندنا حفظة للقران الكريم لماذا يكون لدينا حفظة لمجالس العزاء، نحن عندنا في نوادي الفتيات في الهيئات عندنا حصص مخصصة لاكتشاف مواهب الفتيات لماذا لا نستفيد من هذه الناحية وندرِّب فتيات بأعمار الثانية عشر أوأكثر لقراءة العزاء، وأعتقد أن ذلك يمكن أن يكون ناجحاً وفاعلاً، إذا أقمنا مجالس راقية ومفيدة للصبية والفتيات. 
 
 
 
 
 
 

1-نائبة مسؤولة الهيئات النسائية في بيروت ومسؤولة لجنة الحوراء.



 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
94

86

الجلسة الثانية

 المداخلة الرابعة: سماحة الشيخ محمود كرنيب1 

 
طبعاً أول ما نظرت إلى العنوان فهمت منه أن المقصود بالقيم عند أطفال عاشوراء عند أبطال الحدث الأطفال في عاشوراء، وليس المقصود فيه الأطفال المتلقين لعاشوراء، هكذا فهمت. 
 
بالنسبة إلى العنوان: المداخلة التي ألقتها الأخت مشكورة دخلت في الشعر من باب الشعر والأدب ولم تخرج إلى القيم إلا كجسر تعبر ثم تعود إلى الشعر، بدأت بالشعر وانتهت بالشعر، وإن كان الشعر هو الوسيلة أحياناً لايصال بعض القيم. 
 
كان هناك خروج عن النص، المهم أن ما أحب أن أشير إليه، أن أبطال الحدث في كربلاء من الأطفال، قدّموا قيم تدل على أن لديهم مستوى من الوعي، لبعض القيم التي كل الأطفال في كل زمان وكل مكان قد يستوعبونها، مثلاً هناك منهم من هو عاشقٌ للشهادة مثل القاسم بن الحسن والرواية المعروفة أن ليلة العاشر عندما بشّر الإمام الحسين عليه السلام أصحابه بالشهادة ولم يبشر القاسم وقال له يا عم كيف تجد طعم الموت قال ألذ من العسل.
 
إذاً هناك إمكانية عند طفل ليقدم هذا المفهو م من طفل إلى طفل، البطل طفل والمتلقي طفل، هذه قيمة.
 
أيضاً يمكن أن نستكشف هذه القيم من خلال بعض الأراجيز التي قدمها بعض الأطفال، الذين كانوا بعمر 11 أوأكثر كما القاسم بن الحسن وعمروبن جنادة الأنصاري، كل واحد في أرجوزته فيه الكثير من القيم فيه الموالاة لأهل البيت عليهم السلام فيه عشق الحسين عليه السلام فيه الصبر والتضحية.
 
يوجد أيضاً من صور كربلاء التي قدمها الأطفال مثلاً صورة رائعة لا أعلم إن كانت ثابتة روائياً حينما أبيح للأطفال شرب الماء مثلاً رفض هؤلاء الأطفال حتى يأتي الإذن
 
 
 


1-مسؤول قسم المتون في الوحدة الثقافية المركزية.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
95

87

الجلسة الثانية

 لهم من الإمام المعصوم ولذلك لجأوا إلى السيدة زينب عليها السلام وهي جاءت بالإذن من الإمام علي بن الحسين، فأيضاً حتى هذه المفاهيم ابطال الحدث في كربلاء وحدهم قادرين على أن يقدِّموا جملة من القيم بشي‏ء له علاقة بالموالاة بشي‏ء له علاقة بالشجاعة بشي‏ء له علاقة بحب التضحية بشي‏ء له علاقة بحب الإمام الحسين عليه السلام، في الأراجيز إحدى هذه الأراجيز ما ذكرها أخونا الشيخ علي سليم في نهاية مقالته، أرجوزة عمروبن جنادة أميري حسيني ونعم الأمير، فلم ينسب نفسه لا إلى عشيرته ولا... وإنما إلى الحسين عليه السلام إذاً الأطفال قدّموا مثل هذه القيم، أبطال الحدث أطفالاً هم الذين قدّموا جملة من القيم، على الأقل هذه القيم يمكن أن تُقدّم إلى الأطفال في هذا الزمان.


تعليق الشيخ علي دعموش

طبعاً حتى ننصف الأستاذة أمل هي أشارت إلى مجموعة من القيم إنما ولم يكن بشكل تفصيلي، طبعاً هي تحتفظ بالرد.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
96

88

الجلسة الثانية

 المداخلة الخامسة: الشيخ أحمد إسماعيل 1

 
نحن نريد أن نلقن الطفل ولا يرى الطفل في الملقن دور القدوة عادة نحن نعرف أنه يحاول أن يُقلِّد الكبار حتى في الخليج عندما صبح عمره 51 61سنة يلبس الزي الخليجي هذه مسألة تتعلق بالكبار فهو يتدرج في الواقع العلاقة بين تقليد الصغار للكبار وكيف نوصل لهم كربلاء بنقاوتها وصفائها إشكالية مهمة، هناك مسألة التكلف، أنه عندما أقول للطفل أريد أن أرسله إلى الدكان، يعني هل أقول له: يا ولدي اذهب إلى الحانوت واجلب لي... ومرة أقولها باللغة العامية يعني كيف نحن بطريقة معاشرتنا مع الناس للأسف نتحدث مع بعضنا، الكل نفهم على بعضنا، وإذا أردنا أن ندخله إلى الإسلام نتحدث بشي‏ء من التعقيد والتكلف يمكن الذي لا يفهم علينا يشعر بأننا نتحدث بلغة مرّة ذهبت إلى أحد المشايخ استقبلتني ابنته الصغيرة فتكلمت معها بلغة عربية معقدة مثلاً: أبوكِ أباك أبيكِ في البيت إن القضايا الاستراتيجية...
 
فمرّة ثانية ذهبت إليه، فقالت له يا أبي جاء الشيخ الذي يتحدث عربي ولكن لا يُفهم طبعاً هذا تعبير جداً رمزي حتى نقول أن هناك فعلاً يوجد واقع معين أن نأتي لنحضر مجلساً أنه نحن مثقفين بناءً على الفرضية هناك الكثير من المسائل لا نفهمها.
 
أيضاً هناك مسألة أخرى وهي أن شبابنا يشاهدون الانترنت ويشاركوا في الألعاب وهناك انتصارات موهو مة. تكسر رأس شارون... ولكن حينما يأتي إلى الواقع على الأرض يتساءل أين الدنيا؟ وأين أهلها، للأسف بصراحة كما أن الكبار يوقظوننا على الصلاة غصبن عنا يعني جاء دور الأهل دور الوحش الكاسح لأنهم صوروا لنا بأن الصلاة أنها مسألة مُرعبة، وأيضاً كربلاء إذا أرادوا أن يصورها بهذه الصورة... مثال: مرّة أخذت الأولاد إلى معرض جنين ليلتها ابني لم يستطع أن ينام عمره أربع سنوات هناك بشي‏ء مرعب هناك بعض المشاهد.
 
إن الطريقة القمعية بشي‏ء مرعب، إذا أردت أن أتحدث معه عن كربلاء لا بد أن أنزل إلى مستواه للحديث معه.
 
 
 

1-المسؤول الثقافي في العلاقات الخارجية في حزب اللّه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
97

 


89

الجلسة الثانية

 المداخلة السادسة: الدكتور هاشم عواضة


في مجال القيم عندما نحدد القيم التي نرغب أن يكتسبها الطفل ابننا عندما نحددها هناك كتابات حول مراحل تشكل القيم عند الأطفال، يعني نحن في البداية المرحلة الأولى نضعه في مجال اتخاذ موقف في قيمة محبة أهل البيت عليه السلام وبغض أعداء أهل البيت عليه السلام نضعه بموقف في أجواء عاشوراء، وبعدها يحلله وبعدها يقتنع ويرضى به ويكرره على المدى البعيد يصبح جزءاً من شخصيته، هذه القيمة مع قيم أخرى تصبح تشكل أوتعبِّر عن نمط حياة عنده عن عقيدة عندها نتنبأ عما سيقوم به عندما يصبح لديه نظام القيم هذا.
 
نحن إذا حدّدنا هذه القيم من خلال عاشوراء يجب أن نبحث عن الأساليب والمراحل والطرائق التي تكسب الأطفال لهذه القيم ويوجد كتابات عن الموضوع في الحقيقة.
والسلام
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
98

90

الجلسة الثانية

 المداخلة السابعة: الشيخ إبراهيم بلوط


أريد أن أتمم ما تفضّل به الدكتور بالنسبة إلى القيم تعريف القيم التي لا تتم من خلال مصطلحات لأن الأطفال غالباً يدركونها فتحتاج إلى تجسيد، إلى عمل هذا الطفل يأخذ من خلال الكبير تلك القيمة ويجسدها عملياً ترتكز في ذهنه هذه المسألة حينما يكبر، يعرف أن ما كان يقوم به هو هذا الاصطلاح.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
99

91

الجلسة الثانية

 المداخلة الثامنة: رباب حسين الجوهري 1

 
أذكر كنا مع كشافة المهدي رحمه الله قدّمنا نماذج بسيطة وبدائية ولم يكن عميقاً وانطلقنا من القيم الكربلائية لتثبيتها في نفوس الناشئة أخوات أعمارهن ما بين 8 و9 إلى ما دون 41 عشر، وكانت التجارب رائدة.
 
هذه المقدمة أردت أن أشير إلى أنه عندما نقيم عاشوراء لماذا تتردد هذه الفكرة لدينا منذ زمن حتماً لأهيمتها لتكوين الصورة الحقيقية عند الطفل يعني عاشوراء عند الأطفال لم يردها فلكلور ولا أحد منا يريد نمط شكلي ظاهري، ويسقطه على الأطفال، هذا كلنا متفقون عليه ولا أحد ينكره.
 
عاشوراء كلغة كمتن كمضمون أردناه للأطفال هذا المتن هذا المضمون يمكن أن نستقيه كقيم بطرق متعددة.
 
أحب أن أشير إلى أن أهم أمر في إقامة عاشوراء عند الأطفال هو تركيز القيم لدى الناشئة وإلا لا الفلكلور نسبح بحمده ونقدِّس له.
 
ولا الشكل والنمط يعني قد أخرج بطفل يرسم لوحة يخرج لوعته وألمه بكل جرأة وهو لا يتجاوز التاسعة.
 
القيم تتشكل عند الطفل الإسلام منظومة كاملة لا يمكن لي أن أقيم عاشوراء وأحدّثهم عن الايثار وشرب الماء وأبوالفضل العباس عليه السلام لا يشرب الماء قبل الإمام الحسين عليه السلام وبالتالي أنا في حياتي العملية ولا أعطي الماء إلى جاري.
 
 
 
 

1-مسؤولة الهيئات النسائية في بيروت.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
100

92

الجلسة الثانية

 تعقيب الأستاذة أمل طنانة على المداخلات


بعد الشكر الجزيل للجميع:

أولاً: أحب أن أتحدث بأنني أعطيت ربع ساعة للحديث عن القيم عند أطفال عاشوراء، في خلال هذه الربع ساعة حاولت قدر الامكان أن اختصر، ذكرت بعض القيم وليس جميع القيم.
بعض الأخوة قالوا، لم تتحدث عن القيم ربما لم يقرأوأولم يصغوا بشكل جيد.

بالنسبة إلى فضيلة الشيخ الذي تحدث عن الشعر، وإنني بدأت بالشعر وأنهيت بالشعر، وباقي القيم كسبيل للمرور إلى الشعر هذا اعتراف من فضيلة الشيخ بما للشعر من أهمية وسلطة وقيمة لدرجة أن أسلوبي في التعبير جذبه أكثر مما عرض يعني هذا حدث بالنسبة للكبار فما بالنا بالنسبة إلى الأطفال، إذاً نحن علينا أن نهتم:

أنا أقترح وأنا قدّمت فكرة ليس للاحتجاج وليس لنقد المجالس العاشورائية التي تحدث بالنسبة للكبار، بالعكس جزى اللَّه خيراً كل من تحدث عن أهل البيت عليهم السلام، ولكن أقول هذه المجالس لا تحقق هدفها مئة بالمئة أوالمنشود بالنسبة إلى الأطفال ولهذا قدّمت وسيلة أخرى المجالس هي ليست هدفاً هي وسيلة لإيصال السيرة الحسينية للأطفال وتحويلها إلى سلوكٍ عندهم، إذا كان بالامكان أن نقدِّم وسيلة جديدة! نستحدث وسيلة جديدة! ولهذا تحدثت عن القصيدة والمسرح وأقصد بالقصيدة هي الأنشودة وتحدثنا عن القصة وكذلك الأساليب كثيرة جميع أنواع الفنون يمكن أن توصل الأهداف المنشودة إلى الأطفال حول قيم عاشوراء. 

مع الشكر الجزيل
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
101

93

الجلسة الثالثة

 الجلسة الثالثة 


برئاسة مسؤول الوحدة الثقافية المركزية سماحة الشيخ اكرم بركات


1- الشعر العاشورائي عند الأطفال بين ثقافة الطفل والطموح
الشيخ فضل مخدّر
-مداخلات
2-اشبال كربلاء-السيد حسين حجازي
-مداخلات
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
103

94

الجلسة الثالثة

  الجلسة الثالثة

 
1- الشعر العاشورائي عند الأطفال بين ثقافة الطفل والطموح
 
الشيخ فضل مخدّر
 
                                                 بسم الله الرحمن الرحيم
 
مدخل:
 
جاء في رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين عليهما السلام: "أما حق الصغير فرحمته وتثقيفه وتعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة له، والستر على جرائر حداثته، فإنه سببٌ للتوبة، والمداراة له، وترك مماحكته، فإن ذلك أدنى لرشد" 1 .
 
والواضح أنه عليه السلام أراد الصغير في المرحلة الأخيرة للطفولة، سيما إذا ربطنا بين الوسائل المتعددة التي ذكرناها من طرق المعاملة والتأديب، وبين وصفه له بالحداثة، وأنه محلٌ للتوبة، وأن ذلك أدنى لرشده.
 
ويؤكد ذلك حديث الإمام جعفر الصادق عليه السلام: "دَعْ ابنكَ يلعبُ سبع سنين، ويؤدّبُ سبع سنين، والزمه نفسك سبع سنين، فإن أفلح وإلا فلا خيرَ فيه" 2 .
 
وفي هذا الحديث نفس مضمون حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله: "الولد سيدٌ سبع سنين، وعبدٌ سبع سنين، ووزيرٌ سبع سنين، فإن رضيتَ خلائقه لإحدى وعشرين سنة، وإلا ضُرِبَ على جنبيه فقد أُعْذِرتَ فيه" 3 .
 
إن كلا الحديثين يؤكدان على أن التأديب والتعليم يبدان في السبعة الثانية من عمر الابن، وقد توافق مع ذلك عددٌ من الاراء الحديثة التي تعنى بموضوع التربية والتعليم والتأديب ورعاية الطفل، فالمرحلة التي تهتم بها هذه الدراسة هي المرحلة المتأخرة من سنوات الطفولة، أي السبعة الثانية من عمر الولد، وذلك لا يعني أبداً أن المرحلة الأولى والسبعة الأخيرة وهو ما يطلق عليه مرحلة المراهقة غير معنيتين في تكوين شخصية الأطفال أو كل البشر.
 
 
 

1- رسالة الحقوق عن كتاب مكارم الأخلاق .
2- وسائل الشيعة، ج51/ باب أحكام الأولاد، حديث 6.
3- ن. م. حديث 7.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
105

95

الجلسة الثالثة

 ذكرى عاشوراء: 

 
أما الحديث عن الشعر العاشورائي أو الجانب المتعلق منه بالأطفال لا بد فيه من التوطئة بعددٍ من المقدمات، خصوصاً وأن ذكرى عاشوراء، بمجالسها ومحافلها التي عرفت بالمجالس الحسينية، شكلت بمناسبتها السنوية عبر عدة قرون، منبراً ومسرحاً رسما في خارطة أذهان الناس كتاباً مفتوحاً في الأخذ والعطاء، معاً، وأسست مدرسة فكرية وثقافية رفيعة المستوى فهي: 
 
من جهة: تلامس وتستنهض عباقرة السنين في جميع المجالات، بل تحولت في عدد من البلاد الإسلامية إلى مهرجان ضخم "إنْ صحّ التعبير"، جذب إليه العقول والأقلام من الباحثين، في سائر المحافل الثقافية في العالم.
 
وكان الشعر بكل أشكاله ومستوياته الفنية أحد أبرز الحلقات في هذه المدرسة أو المحطات في هذا المهرجان، ومما نقله لي بعض فضلاء النجف الأشرف عن الشاعر "خليل خوري" لسنواتٍ عديدة أقضي الثامن والتاسع والعاشر من محرم في النجف الأشرف أتأمل بها في ذلك المشهد الرائع، وقد كتبت أجود شعري في الإمام الحسين عليه السلام .
 
وإن شعراء الشيعة السابقين والمعاصرين كان لهم بتجاربهم الشعرية في عاشوراء منهلاً لصور قصائدهم، التي صُنِّف الكثير منها في ديوان الشعر العربي، أنه من عيون الشعر، وعُدَّ الكثير منهم في سيادة الشعر بأزمنة مختلفة، والجدير ذكره أن عدداً كبيراً منهم يعتبر انطلاقته الشعرية من خلال المدرسة الأدبية الحسينية، مهما اختلفت وتنوعت مشاريعهم الثقافية، وانتهجت إيقاعاتهم أو أوزانهم الشعرية من أنواع الشعر، وقد أُطلِق على الشعر الحسيني أو العاشورائي "أدب الطف"1. وصنفت الكتب تحت هذا العنوان.
 
ومن جهة ثانية: فإن ذكرى عاشوراء والمجالس الحسينية دخلت في عمق البيت والأسرة المسلمة الشيعية، بل امتزجت في مراحل تطور التربية عند الفرد، وأخذت صفة الروح عند المجتمع وعبروا عنها في مضامين السلوك.
 
 
 
 

1- الطف: اسم من أسماء كربلاء، وسميت أيضاً بـ ‘’الطفوف".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
106

96

الجلسة الثالثة

 الطفل في ذكرى عاشوراء: 

 
إن من الواضح أن الطفل الذي يحضر في هذا المهرجان إن صح التعبير عندما يدخل في مرحلة التعلم والتأديب سن الحداثة، لا يحتاج إلى دافع خاص يربطه بهذه المجالس، بل هو أمر طبيعي يصل إلى حد التعامل الفطري، الذي تلقفه في مرحلة السن المبكرة، وسنوات اللعب، وتماشى معه بعملية من الانجذاب التلقائي، لا تقل عن تعلقه بحداء الأم، وعاطفة الجدة، وتمتد هذه العلقة إلى سنوات مراهقته لتصبح قضية من ثوابت تفكيره، في مراحل النضوج، وتشكل الذكرى مدرسة اجتماعية بحياته كفرد.
 
من هنا تظهر أهمية المحافظة على هذه المظاهر، بما تتركه من أثر إيجابي في تكوين شخصية الطفل أو الفرد، بل يمكن القول، المجتمع ككل، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار الأسباب والأهداف اللذين بنيت عليهما أسس الثورة الحسينية.
 
والجدير ذكره في هذا المجال و"التنبيه" عليه: هو التأكيد على أهمية تطوير وإعادة النظر في عدد من المظاهر التي يمكن بعد طرحها على ساحة الدراسة والحوار، التوصل إلى أنها في الجانب السلبي، كما لا بد من تهذيب وتنظيم بعض المظاهر التي اعتبرت في الجانب الإيجابي، ومنها الموضوع الذي نحن بصدد دراسته وعرضه كما سيظهر في طيات البحث.
 
الطفولة:
 
إن الطفولة أو الأطفال هم جزء أساسي في انطلاق أي منهج تربوي اجتماعي أو ثقافي، اني أو مستقبلي، في أي وقت ومكان. ويظهر ذلك واضحاً في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام حين قال لأحد محدثيه: "أتيت البصرة؟ قال: نعم، فقال عليه السلام: كيف رأيت مسارعة الناس في هذا الأمر ودخولهم فيه؟ قال: والله إنهم قليل،.. فقال عليه السلام: عليكم بالأحداث، فإنهم أسرع إلى كل خير"1.
وقال الإمام علي عليه السلام: "العلم في الصغر كالنقش في الحجر" 2.
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج 32، ص 632.
2- من حكم ‘’نهج البلاغة’’/ بحار الأنوار، ج1، ص 322.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
107

97

الجلسة الثالثة

 وهو مضمون قول رسول الله صلى الله عليه و آله: "من تعلم في شبابه كان بمنزلة الرسم في الحجر، ومن تعلم وهو كبير كان بمنزلة الكتاب على وجه الماء"1.

 
جاء في نص البند 6 و البند 7 من "إعلان حقوق الطفل" الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1959/11/20: 
 
"6- يحتاج الطفل من أجل نمو شخصيته، نمواً كاملاً متناسقاً، إلى التفهم، ويجب، كلما أمكن، أن ينمو في رعاية وتحت مسؤولية أبويه، وعلى أية حال، في جو من العطف والأمن المعنوي والمادي. ولا يجوز فيما عدا الحالات الاستثنائية أن يفصل طفل صغير السن عن أمه. ومن واجب المجتمع والسلطات العامة أن تشمل بالرعاية الخاصة الأطفال الذين لا أسرة لهم، والأطفال الذين لا يملكون موارد كافية للمعيشة، ومن المرغوب فيه أن تنفق الدولة وتبذل المعونات اللازمة لإعالة الأطفال في الأسر العديد الأفراد.
 
7- من حق الطفل أن يتلقى تعليماً مجانياً وإجبارياً، على الأقل في المراحل الأولى. ويجب أن يعطى تعليماً يرقى بثقافته العامة، ويساعده على أساس من الفرص المتكافئة، أن ينمي قدراته ومداركه وإحساسه بالمسؤولية الأدبية والاجتماعية، ويصبح عضواً نافعاً في المجتمع. ويجب أن يستهدف المسؤولون عن تعليم الطفل وإرشاده تحقيق أفضل مصالح الطفل وتقع هذه المسؤولية أولاً وقبل كل شي‏ء على كاهل أبويه"2.
 
المسؤولية تجاه أبنائنا: 
 
مضافاً إلى ما ذكرنا عن رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين عليهما السلام في حق صغير، جاء فيها في حق الولد: "وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عمّا وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل، والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مُثابٌ على الإحسان إليه، معاقبٌ على الإساءة إليه"3، وورد في "الصحيفة السجادية"، بدعائه لأولاده: "وأعنّي على تربيتهم وتأديبهم وبرهم".
 
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج1، ص 222.
2- مجلة الفكر، المجلد العاشر العدد 3 ص 31 و41.
3- مكارم الأخلاق/ الطبرسي/ ص 232.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
108

98

الجلسة الثالثة

 وقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام طرحٌ متقدم في حدود المسؤولية تجاه الابن، تتجاوز حدود التأديب التوجيهي أو الإرشادي وحتى العملي، لتدخل في عمق بناء الشخصية وتكوينها حين قال: "وتجب للولد على والده ثلاث خصال: اختياره لوالدته وتحسين اسمه، والمبالغة في تأديبه" 1.

 
ومما قاله الباحثون المعاصرون في تأكيد هذا المفهوم وعصارة تجارب علمية عدة: "تعتبر دراسة الأطفال واحدة من المعالم التي يستدل بها على تبلور الوعي العلمي في المجتمع، لأن الوعي العلمي الذي يشكل نتيجة لشيوع عمليات التفكير، والبحث العلمي يقود إلى تكوين أفكار مرنة وموضوعية ومتكاملة وشاملة، عن الإنسان وواقعه ومستقبله وتعتبر دراسة الطفولة جزءاً من الاهتمام بالواقع والمستقبل معاً"2.
 
وخلاصة القول: "إن الصغار أو الأطفال، لا سيما الأحداث والناشئة منهم، محل مسؤولية من الفرد والمجتمع ومنطلق لتأسيس نوعي يجب عدم إخراجهم من دائرة الاهتمام والحس العالي بهم بأي شكل من الأشكال".
 
وقبل الحديث عن الشعر العاشورائي عند الأطفال سواء في خصائصه وميزاته وارتباطه بجمهورهم، علينا أن نلقي الضوء على هذه الشخصية المفارقة أو الإنسانية المفارقة، سيما في الجانب الثقافي الخاص بها، فيما لو فرضنا أن الشعر أحد وسائل تكوين شخصية الطفل وهو أحد أشكال ثقافته. خصوصاً إذا فهمنا أن عاشوراء موقعاً ثقافياً دورياً ساهم في بناء الشخصية الإسلامية وتثقيفها فسيكون موضوع الدراسة.
 
شخصية الطفل.
ثقافة الطفل.
وسائل إيصال الثقافة له.
اللغة والأدب كوسيلتي اتصال به.
أدب الطفل الإسلامي والعاشورائي ومنها الشعر .
 
وسنعمل من خلال الدراسة على تفصيلات كل ذلك.
 
 
 
 

1- تحف العقول/ ص 223.
2- عالم المعرفة، ص 321/ ثقافة الأطفال، ص 51. د. الهيثي.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
109

99

الجلسة الثالثة

 شخصية الاطفال:

 
لقد اعتنت الرسالات السماوية منذ تاريخ البشرية القديم بالطفل وأبدت اهتماماً خاصاً به، وصولاً إلى الدين الإسلامي، حيث عامل القران الكريم قضيه الأبناء من جهتيها.
 
الأولى: انهم يمثلون من السعادة على مستوى الحياة ما يتعدى حدود واجباتها المعيشية فقال تعالى: ﴿المال والبنون زينة الحياة الدنيا﴾ 1.
 
الثانية: إن المعاملة معهم محل خطر بما يحمل الإنسان من المسؤولية تجاههم فهم امتحان يفتتن ويختبر به فقال تعالى: ﴿إنما أولادكم وأموالكم فتنة، والله عنده أجر عظيم﴾ 2.
 
واستفاضت الأحاديث النبوية الشريفة وأخبار الأئمة "عليهم السلام" في طرق معاملة الأطفال وتربيتهم وتوجيههم، وقد أوردنا في المدخل عدداً من هذه الأحاديث، والواضح إن مجمل الأحاديث حيث جلَّ توجهها في سبيل تكوين شخصية نموذجية تتطور مع مراحل نمو الطفل وصولاً إلى المثالية ’’خلافة الإنسان لله في الأرض’’ في شخصيته الإنسانية.
 
وعنت تلك الأحاديث بالصغار والأطفال حتى تعرضت لسائر القضايا المنوطة بهم، وعالجت جميع احتياجات الأباء تجاه أبنائهم من المعاملة الروحية كالرحمة والعطف والثواب والعقاب والشجاعة والعزة والحرية و المعاملة التربوية؛ كالتعليم والتثقيف و الواجبات النفسية: كالإخلاص والوفاء بالعهد والصدق و الواجبات العبادية؛ كالصلاة والصوم و والواجبات الاجتماعية؛ كصلة الرحم وبرّ الوالدين والاخوة وحسن الصحبة والخلق والسلوك وحثتهم على بناء وظائفهم الرجولية كالفروسية والرماية والجهاد والرياضة، وسعت في التوجيه نحو تحمل المسؤولية في سبيل حياة كريمة، بفرض تعلم وسائل العيش، كالصناعة والتجارة والزراعة وغيرها، وبالرجوع إلى كتب الحديث يمكن للباحث ان يستنتج ذلك منها بشكل مفصل وقد أولت العلوم الإنسانية
 
 
 

1- سورة الكهف، آية/64.
2- سورة التغابن، آية/51.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
110

100

الجلسة الثالثة

  الطفل أيضاً حيزاً كبيراً منها منذ عقودٍ بعيده، وشرعت أبواب العلوم على ذلك، وان كانت كما عبر بعض الباحثين في دراسة الطفولة: "طويلة طويلة هي الفترة التي مرت بين الصيحة التي أطلقها سقراط 399 468 ق.م يوم قال: "اعرف نفسك" والصيحة التي أطلقها روسو 1778 1712م يوم قال: "اعرفوا الطفولة" إنها امتدت نحو ألفين ومئة وثمانين سنه وحتى اليوم لا يزال الانسان بنفسه وبالطفوله كبيراً، رغم أن النفس هي شغل الإنسان الشاغل" 1.

 
ويسلك الباحثون المعاصرون في دراسة الطفولة اتجاهاتٍ متعددة، تبعاً للجانب الفكري أو العلمي الذي يعمل في إطاره الباحث، لكنها كلها تندرج في أحد جانبين. 
 
الأول: الأطفال أنفسهم
 
الثاني: المجتمع ومؤسساته المنظمات والوكالات المختلفة الأسرة المدرسة الوسائل الإعلامية والثقافية .
 
وكلا الجانبين كان محط دراسات علوم عدة، نحو "الفلسفة والنفس العلم ودراسة الطفل علم نفس الطفل علم اجتماع الطفل، وغيرها".
 
ومجمل المجالات تعتبر "إن دراسة الأطفال من الدراسات المعقدة" لأنها تواجه مشكلات منهجية وأخرى موضوعيه حيث لا تزال أدوات البحث في هذا المجال لا تمتلك الكفاءة في القياس الذي يصل بالنتائج إلى الدقة والتعميم والموضوعية نظراً لصعوبات عديدة منها: 
 
صعوبة إخضاع الأطفال لشروط منهج التجريب.
عدم قدرتهم على التعبير عن أنفسهم عند الإجابة على التساؤلات.
عدم مقدرتنا على فهم مضمون تعبيراتهم بالدقة المطلوبة.
عدم إمكانية عزلهم عن التأثيرات الخارجية.
اختلاف الأطفال باختلاف بيئتهم وموروثاتهم وثقافة مجتمعاتهم 2.
 
 


1- عالم المعرفة 321/ثقافة الأطفال ص 9 د. الحسيني.
2- ن .م.ص81 بتصرف .

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
111

101

الجلسة الثالثة

 ثقافة الأطفال: 

 
مفهوم الثقافة: إن علماء دراسة الإنسان قد أدخلوا كلمة ثقافة في القاموس العلمي ووضعوا التعريفات عدة لها منذ أواسط القرن التاسع عشر واتفقت مجمل الاراء المعاصرة على مجمل هذا التعريف "الثقافة مجموع الموروثات الاجتماعية التي تمثل إنجازات جماعه ما" 1.
 
وكان الأنثروبولوجي الإنكليزي ادوارد تايلر 1917 1832م قد استخدم مصطلح ثقافة مره، ومصطلح حضارة مرة أخرى، حتى استقر على استخدام الكلمة الأولى وصاغ لها التعريف الكلاسيكي القائل: "إن الثقافة هي ذلك المركب الذي يشتمل على المعرفة والعقائد والفنون والأخلاق والتقاليد والقوانين وجميع المقومات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع" 2.
 
وإن قدرت التعاريف بالمئات لكن تعريف "تايلر" لا يزال أساساً لأغلبها، وأطلق في أزمنة متأخرة الدراسات الخاصة بها "علم الثقافة".
 
وأطلق عليها عدد من الأوصاف والتعابير، حيث اعتبرت ذات بعد اجتماعي فيقال لها "فوق فردية" و"وحدة كلية" و"متغيرة" و"خصيصة إنسانية" و"حصيلة النشاط الإنساني" وغير ذلك.
 
لكن "الجدير بالذكر أن لكل مجتمع ثقافة خاصة به.. حيث وجود المجتمعات يعني بالضرورة وجود الثقافات، ما دامت الثقافة أسلوب حياة" 3.
 
ويكتسب الفرد الثقافة من مجتمعه، لكنه لا يحمل كل عناصرها، لذا تقسم إلى ثلاثة أقسام: 
 
أولاً: العموميات: وهي ما يشترك بها جميع أعضاء المجتمع أفكار، عادات، قيم، لغة .
 
ثانياً: الخصوصيات: وهي ما تختص به شريحة من المجتمع عن بقية شرائحه: 
 
مهارات ممارسات جوانب مصرفيه أنماط سلوك .
 
 
 

1- علم الفكر/ مجلد1 عدد 3 ثقافة الطفل الفت حفي ص 45 عن 0791 .
2- عالم المعرفة/ ثقافة الطفل 321 ص 32 د.
3- ن.م.ص 82.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
112

102

الجلسة الثالثة

 ثالثاً: المتغيرات: وعبر عنها بالبديلات: وهي العناصر الثقافية الدخيلة، نتيجة الاتصال بثقافات أخرى، وهي قابلة لضمها أو رفضها بعد خضوعها للتجربة.

 
مفهوم ثقافة الطفل: 
 
 
إذا أردنا تصنيف ثقافة الطفل. وإبراز مفهومها، سنجد ان للأطفال مفردات لغوية متميزة، وعادات وقيم ومعايير وطرق خاصة بحركتهم في المجتمع خصوصاً في مراحل النمو الجسدي، والتطور الفكري تميزهم عن كونهم عنصراً مشتركاً، في عموميات ثقافة المجتمع، لكنهم شديدو التأثر والتفاعل مع كل ما يحتك بهم وقد وصف ذلك بعض الباحثين بقوله: "الطفل يولد مفلس المعلومات الخاصة ببيئته الخارجية، خصب الاستعداد للاستقبال وخزن المعلومات الخاصة بكل خبرة يتعرض لها ويتكيف معها، أي: أنه منظمة حيوية خام، لها صفاتها الخاصة فعلا، ولكنها شديدة التفاعل مع كل ما تحتك به، هو إذن اجتماعي من صنع بيئته، ولكنه تكويني من خلال وراثته، فتكوين الطفل يتبع خصائص وراثية، تخزنها موروثاته وتنقلها من جيل لاخر" 1 .
 
يمكننا القول: "ثقافة الطفل: هي عامة من جهة مورثاته الاجتماعية، وخاصة من جهة حركة اتصاله بمجتمعه".
 
وقد جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه و آله: "كل مولود يولد على الفطرة، حتى يكون أبواه، يهودانه وينصرانه" 2.
 
وهو إشارة واضحة إلى حالة التأثر البيئي الاجتماعي في شخصية الطفل وستطرح هذه الدراسة هذا الموضوع بالنظرة الإسلامية كذلك.
 
وقال الفيلسوف الفرنسي رينية ديكارت 1650 1596 في كتابة "رسالة في المنهج" كإشارة مبكرة في تاريخ العلم الحديث إلى ذلك: "لقد اقتنعت بأن الشخص الذي يعيش منذ طفولته بين الفرنسيين أو الألمان يمكن أن يكون مختلفاً تماماً فيما لو نشأ بين اليابانيين أو بين اكلي لحوم البشر" 3.
 
 
 

1- علم الفكر مجلد 01 عدد 3 ثقافة الطفل د.حقي ص 45/55
2- بحار الانوار ج 2 ص 88 عن الطفل بين الوراثه والتربية . الفلسفي.
3- ثقافة الطفل/ عالم المعرفة 321/ص 93 د.الهيفي.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
113

103

الجلسة الثالثة

 ويمكننا أن نقول: إن حالة العموم والخصوص في ثقافة الأطفال ترتبط بروابط وثيقة بالمجتمع، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المجتمعات تجد وبطرق مباشرة أو غير مباشرة لنقل ثقافتها إلى أطفالها، مع أننا نجد أن الأجيال يطرأ عليها تغيرات ثقافية وظواهر اجتماعيه مختلفة، من جيل إلى اخر، ويمكن تلخيص أسباب ذلك بذات العموم والخصوص في شخصية الأطفال التي تبرز في العوامل التالية: 

 
أ- إن الأطفال في كل جيل لا يمتصون غير جوانب محددة من ثقافة مجتمعهم.
ب- إنهم يحورون ما يأخذونه من الثقافة، لأنهم يلتقطونه بطرقهم الخاصة.
ج- إنهم يضيفون إلى البعض منها لنفس السبب.
د- المجتمع لا يقدر أن يتحكم بمضمون ما يلتقطه الأطفال من الثقافة بشكل عام.
ه- إن الأطفال يأخذون كثيراً من المعاني من الكبار بشكل غير مقصود.
ز- تأثير حالة التطور العلمي بهم، بما يضفي من فهم جديد على المجتمعات من جيل لاخر. 
 
والجديد بالذكر أن ما جاء عن بعض الباحثين: "إن الأباء أنفسهم في كل جيل يضجون بالشكوى بحال أطفالهم الذين لم يكونوا مثلهم ويبدو أن هذه الشكوى قديمة كل القدم، فقد عثر على ورقة من البردى تعود إلى أيام الفراعنة، وقد كتب عليها أحد الاباء متحسراً، وهو يقول: اه... لقد فسد الزمان... إن أولادنا لم يعودوا كما كنا أنقياء... إن كل واحد منهم يريد أن يؤلف كتاباً" 1 .
 
إن العوامل التي تؤثر في ثقافة الأطفال عديدة، لكنها جميعها تنطوي تحت دائرة تأثير المجتمع، ولو بالشكل العام، بمعنى ان المجتمع يرى بطريقةٍ ما إن عليه نقل ثقافته إلى الطفولة، بل ما يراه المجتمع انه محل واجبٍ مقدس من دين وعقيدة وقانون وروابط فكرية واجتماعية، يوجب على نفسه نقله إلى الأجيال المتلاحقة، وهذا يتوافق مع الفكر القراني، قال الله تعالى: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون﴾ 2.
 
 
 
 

1- عالم المعرفة 321/ثقافة الاطفال ص 43 د.الهيني.
2- سورة آل عمران آية 401

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
114

 


104

الجلسة الثالثة

 مع ملاحظة أن المجتمع المتقدم الراقي، يفترض أن ثقافته حتى المقدسات منها لا بد أن يراعي في نقلها خصوصية أطفاله ’’على أن الواحد منهم، فرد خلقه الله حراً مختاراً عزيزاً’’، فبقدر ما يحرص على تأديبه وتثقيفه بثقافة انتمائه لمجتمعه حتى لو كان الانتماء المقصود أن ينتهي إلى الله، لا بد أن يكون متوازياً مع حرية اختياره وعزة نفسه "لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّاً" 1

 
مكونات شخصية الطفل ومهاراته العقلية: 
 
المكونات: يمكننا أن نخلص مما سبق إلى أن الشخصية هي منتهى خبرات الشخص في بيئته معينه، ومحصلة موروثات تكوينية واجتماعيه، ويمكن تعريفها كما ذكر الباحثون: "أنها أسلوب عام منظم نسبياً، لنماذج السلوك والاتجاهات والمعتقدات والقيم والعادات والتعبيرات لشخص معين" 2.
 
فالمولود "يولد على الفطرة" الإنسانية وتتشكل شخصيته بتفاعله واتصاله بيئته الاجتماعية، وتتكون من مكتسباته العامة، إذا رأينا أن هناك اختلافاً أو تشابهاً في شخصيات الأطفال، فمرَّد ذلك إلى: 
 
أولاً: إن التشابه نتاج الطابع العام للمكتسبات الاجتماعية.
 
ثانياً: إن الاختلاف نتاج لاختلاف الأطفال في خصائصهم التكوينية الموروثة.
 
فمكونات الشخصية "هي مجموع المكتسبات أي الثقافة، التي تخضع لعملية تنظيمٍ طبيعية تكوينية خاصة بالإنسان نفسه".
 
بمعنى أن المكونات هي مجمل السمات التي تتسم بها الشخصية الإنسانية سواء في ذلك السمات المزاجية أو قل النفسية أو السمات الأخلاقية أو قل الفكرية، فالمفهوم الإسلامي للشخصية يرى، أن هناك تداخلاً نسبياً بين الأمرين و لا ينفصلان كلياً، ولذا جاء حديث الرسول صلى الله عليه و آله "المولود يولد على الفطرة، حتى يكون أبواه"...، فالفطرة متحدة في جميع البشر في كونها "البيئية النقية" 
 
من حيث الخلق، وما يرثه الإنسان من طباع وسمات نفسيه، وما يكتسبه من اتجاه 
 
 
 
 

1- الامام علي عليه السلام عن بحار الانوار ج77ص 412/ص 24.
2- عالم المعرفة 321/ ثقافة الطفل ص 83 د.الهيني.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
115

105

الجلسة الثالثة

  وسمات فكرية بمراحل حياته، يكونان شخصيته النهائية، ولذا جاء حديث الإمام الصادق عليه السلام، تحت عنوان الواجب على الوالد تجاه ولده: "اختياره لوالدته، وتحسين اسمه، والمبالغة في تأديبه".

 
وهنا نؤكد على عدم الفصل الكلي بين السمات النفسية والسمات الفكرية كما فعل بعض الباحثين المعاصرين، وبدراسة عدد من الأحاديث الإسلامية الواردة، لا يمكن الخلوص إلى ذلك، فقد عنت الأحاديث والروايات بيئة الأصلاب والنطف وبيئة الرحم أشد عناية واعتبرتها مؤثرة حتى في تكييف المهارات العقلية، مما يسهل علينا أن نرى مدى عب‏ء المسؤولية الملقاة على عاتق المجتمع بكله وأفراده فقد تبين أن الإنسان يتعرض في كلا حالتيه الوراثية والمكتسبة لوراثة طارئة مصدرها الأهل، كما إذا كان أحد الأبوين يتناول الكحول وأتلف خلايا دماغية، تنتقل إلى مولوده عبر الجينات، بالنطفة أو بالرحم، وكذلك الحال في اكتساب سمة فكرية أو أخلاقية سيئة من مجتمعه.
 
المهارات العقلية: 
 
1- الثقافة والإدراك:
 
بناء على مكونات شخصية الطفل يمكن القول: "إن الإدراك من السمات النفسية"، وقد مرَّ بالمراحل الأولى للطفل من "البيئة النقية" أي الفطرة والاستمداد، إلى "بيئة الرجم" ما يسمى بالبعد "قبل ولادي" وصولاً إلى "بعد ولادي" وهي بيئته الاجتماعية 1.
 
وما يطرأ في مرحلة البعد "قبل ولادي" من موروثات سلبية، يظهر بوضوح في الشخصية الإنسانية، باختلاف مستوى الإدراك، عند الصغار والكبار.
 
والتأثير الفعلي للثقافة إنما يكون على المدركات وليس على الإدراك "والفهم الذي يتمثل في تمييز المدركات أو تنظيمها أو الاختيار من بينها هو نتيجة للإدراك أو أساس له وهو المدخل لتثقيف الطفل، والطفل العاجز عن الإدراك، هو كائن بيولوجي لا ثقافي" 2.
 
 
 
 

1- يتصرف عن / علم النفس الاسلامي/د. عبد الرؤوف عبد الغفور ص 53.
2- عالم المعرفة 321/ثقافة الطفل/ص 83 د الهيتي.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
116

106

الجلسة الثالثة

 ويتصف الإدراك بخصائص وسمات متميزة، عند الصغار والكبار حتى وإن اختلفوا في أطرهم الإدراكية وقد عدَّ منها الباحثون "الحذف والإضافة، والانتقاء، والترتيب، والمحدودية، والخطأ، والذاتية" وقد قسم علم المنطق المدركات بناءاً لمراحل تكوين العلم عند الإنسان، بالتالي: 

 
1- العلم الحسي: وهو حسن النفس الخالية من كل علم سوى الاستعداد الفطري بالأشياء التي تنالها الحواس الخمس و "قوة الحواس".
 
2- العلم الخيالي: وهو نسبة علم لم يحس به إلى علم أحس به المتصور شي‏ء لم يره إلى شكل أو شي‏ء قد راه من قبل، وهو ما يسمى "قوة الخيال".
 
3- العلم الوهمي: وهو إدراك المعاني الجزئية من غير المحسوسات المادية كالحب والبغض والخوف والأمان والحزن والفرح وهو ما يسمى قوة الوهم ويمكن اعتباره مرحلة التفكير الأولى.
 
4- العلم الأكمل: وهو العلم الذي يميز الإنسان عن الكائنات الأرضية الأخرى، ويسمى "قوة العقل والفكر" التي لا حد لها ولا نهاية فيدير بها مدركاته الحسية والخيالية والوهمية ويميز الصحيح عن الفاسد وينتزع من بينها المعاني الكلية 1.
 
ومن الواضح جداً أن الطفل بما له من إدراك فطري فإن مدركاته التي يستخدمها في انتزاع واكتساب ثقافته تكون بقوة الحواس ثم الخيال فالوهم وصولاً إلى تنظيمها في مراحل التفكير والعلم الأكمل التي تتكون منها مستقبلاً شخصيته الثقافية.
 
2- الثقافة وخيال الأطفال:
 
"عرف الخيال أنه" استحضار صور لم يسبق إدراكها من قبل إدراكاً حسياً’’ كاستحضار الطفل صوره لنفسه وهو يقود مركبة فضائية أو تصوره لنفسه انه يطير بمعنى أن التخيل عنده يتألف من صور ذهنية تحاكي ظواهر عديدة أحس بها من قبل بإحدى حواسه، ولكنها في الوقت نفسه لا تعبر عن ظاهرة حقيقية 2.
 
وقد مهدت عملية التخيل للإنسان الوصول إلى حقائق لم يكن من الممكن إدراكها عن 
 
 
 

1- بتصرف عن "المنطف" الشيخ المظفر/ص 31و41.
2- بتصرف /عالم المعرفة 331 ثقافة الطفل ص 77/ د. الهيثي.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
117

107

الجلسة الثالثة

 طريق الحواس، لذا أمكن القول إنه لولا قدرة الإنسان على التخيل لما استطاع أن يستوعب وقائع التاريخ، أن يفهم الفنون والاداب والعلوم، أو أن يكتسب عناصر الثقافية الأخرى.. ولولاها أيضاً لما أصبح بوسعه أن يتأمل ويرسم الخطوط والتصاميم الجديدة لمختلف جوانب الحياة 1.

 
ويمكن القول إن الخيال كنشاط عقلي غير معتمد على الحقائق قد يكون له أحزار في حالات معينة لكنه في الواقع يمثل صفه إنسانية مكنت الإنسان من إنجازات وإبداعات مختلفة. كانتقال نيوتن من تفاحه ساقطة إلى قمر ساقط على سبيل المثال.
 
وذهب الباحثون إلى أن الطفل يبدأ بالتحول من التخيل المحدود بالبيئة إلى هدف عملي مروراً بقوته الوهمية وصولاً إلى الإبداع، أي بدايات عملية التفكير بين سن 6 إلى 8 سنوات، وهذا يتوافق مع مرحلة التأديب والتربية بالطرح الاسلامي، ولذا نجد أكثر الذين عنوا بإيصال الثقافة إلى الأطفال ارتكزوا بوسائلهم على تصورات خيالية وأبرز هذه الثقافات التي مارست عمليات عقلية معرفية متعددة معتمدة على التخيل عند الإنسان عامة والطفل خاصة هي "ثقافة الأدب".
 
الثقافة وتفكير الأطفال: ذكرنا أن مرحلة التخيل المتأخرة عند إدراك الطفل تعتبر مرحلة بداية التفكير، حيث يستخدم "قوته الوهمية" وصولا إلى العملية العقلية المنظمة ويمكن تعريف التفكير: "إنه نشاط ذهني تصوري واقعي" يهدف غالباً إلى مواجهة المشكلات فالطفل يواجه منذ مراحله الأولى ما يبدو له صعباً أو محيراً ومحرجاً في حياته اليومية، بين اللعب وإنجاز الواجب المدرسي. ومسائل التعلم ووسائل التعليم وعلاقاته بالأفراد وأعمالهم وغير ذلك، وهو غالباً يستنجد بالاخرين لحسم أجوبة تساؤلاته عن كل ذلك، وبعض الأحيان يتصرف بشكل ذاتي في مواجهة موقف من المواقف، وهنا نقول إنه يفكر والتفكير صاحب الحياة الإنسانية منذ نشأتها الأولى، ودفعها إلى التغير المتواصل، وهو بالنسبة للطفل طريق لاكتساب كثير من عناصر الثقافة، ويقوده غالباً إلى الفهم.
 
فالتفكير بالنسبة للأطفال يساعد على تحفزهم لاكتشاف الحقائق.
 
 
 

1- ق .م.ص 87
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
118

108

الجلسة الثالثة

 الاتصال الثقافي بالأطفال ووسائله: 

 
إن القول إن للثقافة دوراً في تكوين مدارك الطفل وبالتالي تكوين شخصيته الثقافية، وتشكيل سماته الفكرية والأخلاقية متأثراً ببيئته الاجتماعيه، مما يقتضي وجود تواصل قائم بينهما، وهذا ما عبر عنه بالاتصال الثقافي، ويتحتم علينا ونحن نسعى لإيصال ثقافتنا لأطفالنا أن نلقي الضوء على حركة الاتصال بهم والوسائل المتبعة بذلك.
 
أولاً الاتصال الثقافي بالأطفال: 
 
إن علم الاتصال بالمفهوم: "هو نقل الثقافة وتلقيها من قبل الأطفال أو الراشدين، فهو فن نقل المعاني ويمثل تفاعلاً بين طرفين أو أطراف".
 
وقد ذكر الباحثون للاتصال بالأطفال والراشدين ثلاثة مستويات رئيسة: 
 
1- الاتصال الشخصي: ويمثل تفاعلاً متبادلاً بين شخصين أو ثلاثة أشخاص أو يتعدى إلى مجموعة صغيرة، في موقف ما. 
 
2- الاتصال المجتمعي: ويرتبط بمواقف التفاعل بين عدد غير قليل من الأشخاص. 
 
3- الاتصال الجماهيري: ويرتبط بمواقف التفاعل بين عدد كبير من الأشخاص، ويتجه عادة إلى جمهور كبير غير متجانس، ويستعين بوسائل لنقل المضمون 1مثال الصحف، الكتب، الإذاعة: التلفاز، المسرح، السينما.. وكل مستويات الاتصال تعتقد على نفس الأسس لإيصال الفكر. الخاصة أو الثقافة عموماً وهدفها الإقناع وأهم أسس الاتصال ’’المصدر الثقافي المحتوى الثقافي الوسيلة.
 
المصدر الثقافي: هو الذي يتولى صياغة الأفكار والمعاني والمعلومات التي يسعى لإيصالها لمتلقٍ ما. 
 
المحتوى الثقافي: يعتبر الرسالة التي توضع من رموز كالكلمات أو الصور أو الأصوات أو غيرها مما يسمى باللغة اللفظية وغير اللفظية، ويكون المضمون بشكل قابل للنقل عبر وسيلة الاتصال ويجب أن تتوفر في الرسالة عدة أمور، هي التالي: 
 
1- تصميمها بصورة تثير انتباه الطفل وتحمل من العناصر ما يجعلها جذابة له.
 
 
 

1- تلخيص: / عالم المعرفة321/ ثقافة الأطفال ص 45 د. الهيثي.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
119

109

الجلسة الثالثة

 2- استخدام الرموز التي يستطيع إدراك الطفل فكها دون عناء.

 
3- أن يراعي مدى نمو الطفل من النواحي الاجتماعية والعاطفية والعقلية ويكون من أهدافها تنمية هذه النواحي.
 
4- أن يراعي في وضعها موقع الطفل من مجتمعه الذي ينتمي إليه.
 
والجدير ذكره أن هذه الرسالة التي تحمل المحتوى الثقافي إذا كانت لجمهور الأطفال، لا بد أن تصل عبر وسيلة من الوسائل التي تتيح للكثير منهم استقبالها. وأن تكون مفهومة من قبلهم وما ذلك إلا لاختلاف مستويات إدراكاتهم، كما أن المحتوى الثقافي لا بد أن يخضع للمراقبة كي لا ننقل للأجيال أو الأطفال ثقافة سلبية، بعملية الاتصال.
 
الوسيلة: وهي الوسيط بين المصدر الثقافي ومحتوى رسالته وهي التي تتيح للأطفال أن يروا أو يسمعوا أو يروا ويسمعوا في ان واحد هذا المحتوى ولا بد أن تراعى معها ردات الفعل عند المتلقي و التأثيرات الناتجة عند عملية الاتصال.
 
ثانيا-ً وسائل الاتصال الثقافي بالأطفال: 
 
إن واحداً من أحلام الإنسانية اليوم هو أن نستطيع إنشاء نظم للاتصال الثقافي، تيسر للأطفال أن يعيشوا حياتهم وأن يتهيأوا للغد بشكل أفضل، وهذا الحلم راود الإنسانية عبر القرون الطويلة المختلفة 1.
 
وفي الحديث عن وسائل الاتصال وقدراتها لا بد من رسم خارطة، تشكل الأطر التي يمكن من خلالها سلوك الطرق الأقوم والسبل الأنفع التي تتلاءم مع مستوى التفكير الطفولي، ومخيلته الواسعة، وبذلك يمكن أن نحكم على الوسيلة الناجعة في هذا المجال، ويمكن أن نطلق على ذلك شروط وسائل الاتصال بالأطفال: 
 
أ- شروط وسائل الاتصال الثقافي بالأطفال: 
 
1- توفير الخبرات: التي تنتهج الدراسة الموضوعية في اختيار الوسيلة.
 
2- عدم حشر أذهان الأطفال بالمعلومات التي غالباً لا تترك أثراً في نفس الطفل، بل ينسى الكثير منها، إنما يجب السعي لأن تكون حدود المعلومات من السعة بما يشغل حيزاً لا يكون على حساب المساحة المرخصة لإدراك العلاقات والربط بين المتغيرات.
 
 
 

1- عالم المعرفة/ ثقافة الأطفال، ص801، د.الهيثي.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
120

110

الجلسة الثالثة

 3- اختيار المنهج التدريبي الذي يعمل على تنظيم الخبرات والمعلومات تنظيماً صحيحاً.


4- العمل على إخراج الأطفال من الأوضاع السلبية عند عملية الاتصال لأن السلبية تعمل على خمود الفكر وتمنع من التفاعل وإحداث التأثير.

5- إتاحة الحرية للأطفال للتعبير عن أفكارهم وتخيلاتهم.

6- إبعادهم عن الانفعالات الحادة كالقلق والخوف الشديد والغضب.

7- الاستفادة من أسئلتهم الكثيرة بمرحلة الطفولة لتحفيزهم على التفكير.

8- العمل على تنمية قدراتهم على النقد أو الحكم وتشجيعهم على المناقشة وتوجيههم نحو حرية الفكر وضبط حركته مثال عدم التسرع بالحكم .

9- عدم المسارعة بتقديم الإجابات عن كل تساؤل مما يحول دون ممارستهم للتفكير.

10- عدم طرح مشكلات تكون أقل من مستوى تفكيرهم تقتضي استخفافهم مما يقود إلى الإحباط.

11- تعميق قيمة المرونة في التفكير، مما يسهل عليه مواجهة المتغيرات.

12- إنماء ثروة الطفل اللغوية لأنها تمهد له إدراكاً وفهماً أدق، ما يعينه على التعبير عن أفكاره بشكل واضح ومفهوم.

وبهذه الشروط أو الضوابط والتي يمكن أن يضاف إليها ضوابط أخرى تخدم ذات الهدف يمكننا أن نحكم على نجاح الوسائل واكتشاف قدراتهم.

ب قدرات وسائل الاتصال: 

لقد عمل الباحثون على وسائل الاتصال عند محاكاة إدراك الطفل فرداً وجمهوراً، مستفيدين في كثير من الأحيان من تجسيد المحسوسات التي تتفاعل معها مدركات الطفل الحسية والخيالية والوهمية حتى حدود الربط بين المتغيرات بمرحلة التفكير.

وقاموا على دراسة التجسيد الفني ووسائل التعبير المثيرة والجذابة لاندفاع الأطفال كالأصوات، والألوان، والصور، والرسوم، والحركة... وغيرها وعملوا على أن تتلاءم مع منافذ الاتصال بالطفل كبيته والأهل والمدرسة والشارع، والحديقة، والملعب والمسرح، والمجلات والإذاعات والتلفاز... وغيرها بمعنى اخر: كل وسائل الاتصال: سواء 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
121

111

الجلسة الثالثة

 الشخصي أم المجتمعي أم الجماهيري، وقد كان لكل وسائل الاتصال القدرة على تجسيد ثقافة الأطفال بطرقٍ مختلفة باختلاف الوسيلة عن الأخرى، وقد تتداخل الوسائل في نقل الثقافة بحسب الحاجة أو تدخل إلى شخصية الطفل من منافذ مختلفة، لكن أهم وسيلة تعتبر وعاءاً لكل الوسائل بل هي وعاءاً للثقافة نفسها باعتبارها بين المرسِل أو المتلقي وهي: اللغة سواء اللفظية منها أم غير اللفظية.


اللغة كوسيلة اتصال وأهميتها: 

إن اللغة عنصر من عناصر الثقافة ووسيلة من وسائل الاتصال إلا إنها تعتبر: 

أولاً: الوجه المعبّر عن الثقافة.

ثانياً: إن لها الفضل الأكبر في الحفاظ على الثقافة ونقلها بين الأفراد والجماعات والمجتمعات عبر الأجيال.

والإنسان هو الكائن الأرضي الوحيد الذي يتواصل عن طريق الألفاظ المتمثلة بلغة الكلام، والتي يطلق عليها اللغة اللفظية .

كما أنه يستخدم إلى جانبها لغة غير لفظية تعينه على التعبير كالأصوات غير الكلامية، والإشارات وتحريك تقاسيم الوجه.

وكلا اللغتين يمارس الإنسان من خلالهما عملياتٍ اتصالية.

والعلاقة بين الإنسان ولغته تبدأ من اللحظات الأولى يسمع بها واللحظات التي يحاول أن ينطق بها، وعندما تلقى الأصوات التي يطلقها تشجيعاً أو تصفيقاً أو إعجاباً بطريقة ما، من أسرته أو محيطه في سنوات عمره الأولى، يدفعه ذلك إلى ترديدها دائماً وتكرارها، ويحدث بينه وبينها حالة ارتباط تتجذر في قرارة نفسه وذهنه، وعندما تتحول هذه الأصوات بلحظة ما إلى دلالة على شي‏ء ما، من حاجاته، تصبح بالنسبة له ملجأً يركن إليه عند حدوث تلك الحاجة، ويختزن في ذاكرته كل ذلك الكم، من الأصوات والحروف والكلمات بما لها من دلالة، وترابط ببعضها، بشكل تلقائي يسير لا يمنع من تقبله وتلقفه شي‏ء، وأكبر سبب على سرعة تقبله تلك العلاقة الحميمية التي تنشأ بينه وبينها، بما رأى فيها من غبطة التشجيع، وروعة التعبير عند الحاجة .
.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
122

112

الجلسة الثالثة

 اللغة بالنسبة للإنسان، معشوقٌ من الدرجة الأولى تجذرت محبتها بقلبه مع كل حركة وسكنة في حياته اليومية منذ طفولته الأولى .

 
أضف إلى ذلك، إنها جزء فطري ولد مستعداً لتقبله، قال الله تعالى: ﴿خلقَ الإنسانَ، علمه البيان،...﴾ 1.
 
وإن دور البيئة الاجتماعية في الاستفادة من هذه العلاقة وتطويرها وتهذيبها يدفع بالفرد للوصول إلى المستوى الأرقى وقد أكد الباحثون على أن ضحالة أو عمق اللغة، وتهذيب السلوك اللفظي أو عدمه لا يشيران إلى ثراء الثقافة فحسب، ولكنهما يحددان الطبقة العقلية والاجتماعية التي ينتمي إليها المتكلم 2.
 
وليست اللغة مجرد الألفاظ وتراكيب أحرف مع بعض، بل عنى الإنسان منذ البدايات، لوضع النظم والقواعد لاستخدام مفردات لغته فتحولت هذه الواسطة أو الوسيلة إلى مادة أصيلة وأساسية في تفاهم البشر، وعمل المشتغلون في اللغة على دراسة محتوياتها التي كانت تتطور على مرِّ العصور لخدمة المعرفة والتواصل المعرفي.
 
واللغة العربية واحدة من اللغات في هذا العالم التي تطورت إلى أبلغ مستوى في مجمل دراساتها وصنفت المؤلفات بالمئات في علومها شتى من: 
 
تصريف اللغة وما يرتبط بها من تراكيب الجمل في قواعد وعلوم عده مثال الصرف والنحو والبلاغة والعروض وعلم المعاني والبيان ومرادفات الألفاظ.. وغير ذلك .
 
وقد استخدمت علوم اللغة في اللغات كافة في تشكيل تخيلي للحياة والفكر والوجدان من خلال أبنية لغوية وهذا ما عرف عند الإنسان ب أدب اللغة .
 
الأدب وأدب الأطفال: 
 
تعريف الأدب: عُرِفَ الأدب بأنه: أدب النفس والدرس 3، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه و آله: "أدبني ربي فأحسن تأديبي".
 
وقد استخدمت كلمة الأدب في معاني متعددة ومجالات مختلفة لها علاقة بسلوك 
 
 
 

1- سورة الرحمن، آية رقم: 3 4.
2- عالم الفكر/ المجلد01/ العدد3 ثقافة الطفل، د.حقي، ص59. 5691 
3- لسان العرب، ج1، ص602.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
123

113

الجلسة الثالثة

 الإنسان كأدب الحديث وأدب العبادة وأدب العشرة وأدب السفر وأدب الطعام.... وغير ذلك.

 
وعرف الأدب قديماً ب الأخذ من كل علم بطرف وبهذا يشمل سائر العلوم والمعارف، وعرف حديثاً مجموعة الاثار المكتوبة و الفن الكتابي وعرفه بعض الغربيين 1: إن الأدب هو القدرة على إيقاظ التخيل وعليه اعتبر أن كل ما هو خالٍ من عنصر التخيل ليس أدباً، والواضح أن ما عُرِفَ وعُرِّف به الأدب كان مرتبطاً بأحوال النفس الإنسانية وما ذلك إلا لانطلاقه من أعماق الوجدان قاصداً إيقاظ أو إثارة وجدان الناس ولذا ارتبطت التعاريف بالفن والتخيل والنفس والإنسان.
 
وأحد أهم التعاريف ما ذكره الدكتور هادي نعمان الهيثي في كتاب ثقافة الأطفال: الأدب هو تشكيل أو تصوير تخيلي للحياة والفكر والوجدان من خلال أبنية لغوية وهو فرع من أفرع المعرفة الإنسانية عامة 2.
 
موضوع الأدب: نلاحظ بوضوح أن الأدب عمل على تصويرٍ فني يهدف إلى التعبير الراقي عن وجدانيات الإنسان وعادات المجتمعات والاراء والقيم، ويخرج مفعماً بالمشاعر مما يجعله وسيلة اتصالٍ ثقافي لها من الدور الجانب الأهم خصوصاً تلك التي تلامس مشاعر الأطفال، إذا قدرنا أن الخيال ركيزة في فنيات الاداب من القصة والنثر والشعر، والخيال أحد أبرز مداركهم. 
 
أدوات الأدب: إن التعريف مع شموله أدوات الأدب لحد الان مختصرة في القصة النثر الشعر .
 
 
 

1- دبيلو دبيلو روبنسون. 
2- عالم المعرفة 321، ثقافة الأطفال ص551.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
124

114

الجلسة الثالثة

 إنما الفارق إن أدب الأطفال يخضع لمجموعة من الضوابط تجعله يتلاءم مع حاجات الأطفال وقدراتهم ومستوى إدراكهم.

 
فيمكننا أن نعرفه بنفس التعريف وأن موضوعه: مجموعة الانتاجات الأدبية التي تراعي خصائص ومستويات الإدراك والنمو عند الأطفال وهو الأسلوب التعبيري الخاص الذي يحاكي لغتهم ومستوى ثقافتهم قال رسول الله صلى الله عليه و آله: "إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم" 1.
 
نشأته: يرى الباحثون أنه لم يكن للأطفال أدب خاص بهم بالمعنى الصحيح قبل القرن العشرين، وإن كان هناك عدداً من القصص والحكايات التي كتبت في أزمنة بعيدة وصل بعضها إلى ما قبل الميلاد أقبل الأطفال عليها مع أنها بالأصل كتبت للكبار أمثال اليانجاتنترا(500-100 ق.م) وبعده بفترة حكايات كليلة ودمنة الذي ترجم إلى البهلوية وترجمه عنها إلى العربية ابن المقفع، وكلاهما من حكايات الحيوان للتعبير عن أفكار وقيم البشر.
 
وقد اعتبر البعض أن مجموعة إيسوب الخرافية المطبوعة بين عامي 1475- 1841م أو كتاب يطبع للأطفال بسبب إقبالهم الكبير عليه، على أن تحقيق الباحثين بين أن إيسوب الحكيم اليوناني الذي كان عبداً وصار سياسياً وقد ولد 026 ق.م. ألّف حكاياته لإخماد الفتن وتهدئة الخواطر عند الكبار، واعتبر البعض أن كثيراً مما نسب إليه ليس له. ونفى البعض وجود شخصية اسمها إيسوب.
 
في القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر برز عدد من الكتابات وهي بالأصل للكبار، لكنها لفتت أنظار الأطفال في عددٍ من البلاد كفرنسا وإنكلترا، وكذلك في القرن التاسع عشر في أمريكا والصين واليابان وبلغاريا وألبانيا، وقد تم اعتبار عدد من الكتابات القصصية والشعرية من أدب الأطفال تجوّزاً. وقد أعيد صياغة أغلبها، ونسبةٌ كبيرة منها كانت من ترجماتٍ عن القديم أو عن لغات أخرى في عصرها.
 
أما في القرن العشرين فقد نشأت مؤسسات وعمل عدد من الكتاب على إثراء
 
 
 

1- سفينة البحار،ج2، ص402.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
125

115

الجلسة الثالثة

 المكتبة الأدبية الخاصة بالأطفال، وصار من بين الكتب والأعمال الشعرية ما يطلق عليه قصة أطفال أو شعر للأطفال أو مجلة الأطفال وبالتالي أدب الأطفال .


ـ أدب الأطفال العربي: إن التراث الأدبي العربي رغم ثرائه لكنه لم يحتوِ على ما يمكن أن يطلق عليه أدب الأطفال حتى أواخر القرن التاسع عشر، وهذا لا يثير الاستغراب، لأن أدب الأطفال حديث النشأة في العالم إجمالاً.

وما وجد من قصص عند العرب أو أشعار تحكي الطفولة، فقد وضع مجمله للكبار في حينها.

واعتبرت البداية الفعلية لأدب الأطفال، مع ترجمة محمد عثمان جلال 1838-1898 م مجموعة لافونتين في ديوانه العيون اليواقظ في الأمثال والمواعظ من الفرنسية إلى العربية، وتبعه متأثراً بـ لافونتين أحمد شوقي كذلك ونظم مقطوعات شعرية وعظية وما ترجمه في كتابه محمد عثمان جلال كان مئتي حكاية منظومة شعراً كذلك وتوالت بعد ذلك كتابات مختلفة في القصة والنثر والشعر لأدباء عرب منهم إبراهيم عرب في العام 1927 حيث نظم الحكايات متأثراً بـ لافونتين كذلك بكتابه آداب العرب . وهناك عدد عمل على أدب الأطفال نذكر منهم: 

محمد الهراوي (1885-1939)
د. مصطفى جواد (1901-1969)
الشاعر عروف الرصافي (1875-1945)
سليمان العيسى (1921)
فؤاد بدوي (1933).
أحمد سويلم (1942)
فاروق سلوم (1948)
جواد جميل (1954)
حصه العوضي (1956)
أحد حقي الحلي (1917)
وصالح الهراوي.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
126

116

الجلسة الثالثة

 أدب الأطفال الإسلامي: 

 
إن القرآن الكريم بما فيه من إعجاز لغوي، ومرجعية قاطعة للسان العربي، فقد كان أيضاً المبعث لعهدٍ جديد في الأدب العربي الإسلامي، قد شكلت آياته المباركة الثقافة الإسلامية التي ترسم حركة الإنسان المسلم الاجتماعية، وسماته الفكرية والأخلاقية عملت على تغذية سماته النفسية، وكان هذا التنوع العظيم في عرضه لمحتوى الرسالة، بسلوك فنيات لغوية ملهمة في القصة وغيرها، فإن عدَّ من الإعجاز، إلا أنه دعوة صريحة لمخاطبة العقل والوجدان الروح والمشاعر، تفتح المجال أمام السالكين أدب اللغة لينهلوا من فيض أدب السماء.
 
وما الاستصباء الذي هو أحد وسائل محاكاة الأطفال التي دعا لها الرسول صلى الله عليه و آله يقوله: "من كان له صبي، فليتصاب له" 1، إلا وسيلة من وسائل اللغة سواء اللفظية منا أو غير اللفظية التي تحاكي إدراك الطفل ومستوى تفكيره.
 
وما جاء في مجمل الأحاديث الشريفة عن النبي صلى الله عليه و آله والأئمة عليهم السلام ما جمع في نهج البلاغة،عن الإمام علي عليه السلام لدليل على الاهتمام في سائر المحسنات اللغوية والأدب، فإن كان الرسول أسوة والأئمة مقتدى، فكلامهم يعدّ من أساليب التربية الأدبية النموذجية.
 
ـ أدوات الأدب الإسلامي: إن الأدب الإسلامي في أدواته لا يختلف عن الأدب العربي والأدب عامة، فإن عنايته كذلك كانت نصوصاً نثرية وقصصية وشعرية.
 
ومن هنا يمكننا أن نقدر: 
 
أولاً: مفهوم الارتباط القائم بين المصدر الثقافي وهو الدين الإسلامي والمحتوى الثقافي وهو مضمون النص الأدبي بكل رموزه، والوسيلة وهي طبيعة النص الأدبي من نثر وقصة وشعر.
 
ثانياً: مقدار المسؤولية الملقاة على الأدب الإسلامي وبالتالي على كاهل الأديب المسلم.
 
ثالثاً: إن وظيفة الأدب الإسلامي نقل تلك الثقافة الجليلة المتمثلة بالدين بما فيه من فكر وقيم سواء كان المتلقي كبيراً أم طفلاً، المفارقة أن الطفل له لغته الخاصة به.
 
 
 

1- وسائل الشيعة، ج15، ص204.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
127

117

الجلسة الثالثة

 وهنا لا بد أن نلفت الانتباه: ليس معنى أن يكون الأدب إسلامياً هو أن تتحدث فيه عن الإسلام بطريقة تقريرية إنفعالية، لكن أن يكون الأدب إسلامياً، أن تتعامل مع اللفتةِ واللمسةِ ومع الإيحاء ومع كل الكلمات التي تحمل المعنى بطريقةٍ تصل فيها الكلمة إلى أعماقك قبل أن تصل إلى آذانك 1.

 
إذا كان الدين هو الثقافة المرسلة والأدب واسطتها فإن الأديب المسلم الناثر أو القاص أو الشاعر واقع في دائرة عهدة التكليف الشرعي .
 
الشعر وشعر الأطفال: 
 
تبين أن الشعر اعتمد كوسيلة اتصال ثقافي فرعية عن أدب اللغة للكبار والصغار على السواء، وهو من الفنون الإبداعية الجميلة التي يعيش فيها المتلقي في قالب الشعر ولغة الشاعر أسلوباً وإحساساً.
 
ولا غرابة في ذلك، لأن الشعر هو التعبير عن مشاعر الناس والتجسيد لأفكارهم 2.
 
وإن أقدم النصوص الأدبية العربية مما وصل إلينا من القرون السابقة كان شعراً، وقد يشير ذلك إلى أن الأدب عند العرب بدأ شعراً، وهذا ليس مستهجناً، خصوصاً إذا قدرنا أن الشعر أسهل حفظاً من النثر.
 
خصائص الشعر العامة: 
 
1- الموسيقى الشعرية: وهي الغطاء الخارجي للشعر وما لها من تأثير في الجوهر الصوتي دون المعنى، وتعتمد على التركيبة الفنية للألفاظ فيما يسمى بالشعر الكلاسيكي وإن كانت تسمية الشعر العامودي أشمل من الكلاسيك التقليدي وغيره. في أمرين: 
 
أ- الوزن: وهو ترتيب المفردات على الحركات والسكنات كما قسمها علم العروض في بحور الشعر الستة عشر.
 
 
 

1- مجلة القصب: عدد مزدوج 5 /6 الأدب الإسلامي بين الواقع والطموح آية الله السيد فضل الله.
2- عالم المعرفة66/ الإسلام والشعر ص5.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
128

118

الجلسة الثالثة

 ب- القافية: وهي عنصر مستقل ذاتاً متصل معنىً. تكون في نهاية البيت الشعري قبل الوقف مباشرة.

 
2- الاسلوب التعبيري: وهو الصورة الشعرية عندما تتخذ أداةً للتعبير.
 
3- المحتوى والمضمون الشعري: وهو ما ينتخبه الشاعر من قضايا علمية أو اجتماعية أو تربوية أو ثقافية ويمزجها بالأحاسيس، ويطلقها ليخاطب الوجدان البشري.
 
أما الشعر الحر غير العامودي واطلق عليه البعض الشعر الحديث فإنه كما عبر بعض أهل الاختصاص: إنه كل نص أو كلمة تطلق على موضوع بمعالجية فنية راقية يطلق عليها شعراً.
 
أهمية الشعر:
 
اهتم العرب كما غيرهم بالشعر وجعلوا له مكانة كبيرة وزاولوه وصار في أزمنة ماضية صفةً في شخصية العربي ومجتمعه، جاء في كتاب العمدة، عن ابن رشيق أنه قال: كانت القبيلة من العرب، إذا نبغ فيها شاعر، أتت القبائل فهنأتها، ووضعت الأطعمة، واجتمعت النساء يلعبن بالمزاهر، كما يصنعون في الأعراس، ويتباشر الرجال والولدان لأنه حماية لأعراضهم، وذب عن أحسابهم، وتخليدٌ لمآثرهم، وإشادة بذكرهم، وكانوا لا يهنئون إلا لغلامٍ يولد، أو شاعر ينبغ فيهم، أو فرس تنتج 1.
 
وجاء في طبقات الشعراء، عن ابن سلام: وكان الشعر في الجاهلية عند العرب ديوان علمهم ومنتهى حِكَمِهم، به يأخذون وإليه يصيرون 2.
 
وجاء في تاريخ الطبري: وكان الشعراء ألسنة قبائلهم، وذوي الرأي فيهم، يندبونهم عند الملمات، ويستعينون بهم وقت الشدائد، ويلجؤون إليهم في الحروب، فقد ورد أن سعدا أرسل يوم أرماث إلى ذوي الكلام من رجال الشعر والنثر، يدعوهم إلى استخدام سلاح الحرب، فحضر عنده خطباؤهم وشعراؤهم، مثل الشماخ والحطيئة، وأوس بن مغراء، وعبدة بن الطبيب، وكلهم شعراء، فخاطبهم قائلاً: انطلقوا فقوموا في 
 
 
 
 

1- الإسلام والشعر ص7، عالم المعرفة 66 .
2- ن.م. ص9.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
129

119

الجلسة الثالثة

 الناس بما يحق عليكم، ويحق عليهم عند مواطن اليأس، فإنكم من العرب بالمكان الذي أنتم به وأنتم شعراء العرب وخطباؤهم وذوو رأيهم ونجدتهم وسادتهم، فسيروا في الناس، فذكروهم وحرضوهم على القتال، فساروا فيهم 1.

 
إن أهمية الشعر تنبع من أهمية تأثيره في المجتمع والفرد .
 
أهمية شعر الأطفال:
 
إذا كانت أهمية الشعر بتأثيره، الاجتماعي والطفل كما تبين في الدراسة، ذلك الفرد الاجتماعي الخاص، واقع في دائرة اهتمام المجتمع، متأثر بما يحمل المجتمع من الثقافة عبر كل وسائله ومنها الشعر، فينتج: إن شعر الأطفال من الاهتمام بقدر ما ينتج عنه من تأثيرات في تنمية ثقافة الطفل وتنظيم مداركه وبالتالي سلوكه.
 
وهنا نقدم ملخص لما توصلت له دراسات الباحثين عن خصائص وتأثيرات الشعر على ثقافة الطفل ومجريات حياته السلوكية.
 
ـ الخصائص: 
 
1- إن الطبيعة الفنية والأسلوب التعبيري للخطاب المتبادل بين المشاعر والأحاسيس النفسية بالنص الشعري يمكننا من مخاطبة القوة الخيالية عند الطفل. فهو وسيلة تعبيرية متقدمة راقية .
 
2- إن الشعر بما فيه من إيقاع موسيقي، فهو وسيلة لإدخال البهجة إلى النفس الطفولية. فهو وسيلة تحفيزية .
 
3- ينمي الذوق والإحساس للقوة التخيلية عند الطفل بما يدفع لتحسين مستوى الإدراك، ويوقظ العواطف والأحاسيس، فهو وسيلة تنموية نفسية .
 
4- يعتبر وسيلة لتهذيب طبع الطفل بما فيه من انسيابية جمالية بعملية الاتصال، ويعتبر رسالة بين المصدر الثقافي والمتلقي، فهو وسيلة تربوية تعليمية .
 
ـ التأثيرات: 
 
1- يتميز الشعر بتركيز الأفكار والعقائد والأخلاق النبيلة عند الطفل.
 
 
 

1- ن.م. ص8.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
130

120

الجلسة الثالثة

 2- يعرف بالسلوك المرغوب والدعوة إليه.

3- يقوي الروابط الاجتماعية كالعطف الرحمة والتسامح وحب الوالدين والحس الوطني.
4- يكون لغة خطاب طفولي.
5- يشيد للطفل عالماً جميلاً خاصاً به.
6- يخرج الطفل من عالم العزلة إلى عالم المجتمع وروح الجماعة.
7- يصحح النطق تجاه تقدم لغتة الطفل وينمي ثروته اللغوية وهي أحد أهم وسائل الاتصال.
8- يشبع حاجات الطفل الفكرية من خلال المحتوى الشعري، وحاجاته النفسية من خلال طبيعة النص الشعري.
9- يقوي حس الطفل الإبداعي والفني.
10- يرفع مستوى الطفل من لغة العامي إلى لغة المثقف.
 
ـ الشعر وشعر الأطفال الإسلامي: 
 
أخرج في الدر المنثور.. عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه و آله: "إن من الشعر حِكَماً وإن من البيان سحراً" 1.
 
ونقل أيضاً بلفظ: إن من الشعر لحِكَماً أو لحكمة .
 
وفي تفسير نور الثقلين عن كعب بن مالك قال: ما تقول في الشعراء؟ فقال صلى الله عليه و آله: "إن المؤمن مجاهد بسيفه ولسانه والذي نفسي بيده لكأنما ينضحونهم بالنبل" 2.
 
وكان يقول صلى الله عليه و آله لحسان بن ثابت: "اهجِ المشركين فإن جبرائيل معك" 3.
 
فمن هذه النصوص وغيرها الكثير، نجد أن الإسلام أولى الشعر والشعراء أهمية كبرى، وإن اعتبر بعض المستشرقين وتبعهم بعض باحثي العرب، إن الإسلام أضعفَ من شأن الشعر والشعراء، معتمدين على اضمحلال الشعر وعدم نبوغ شعراء في العصر
 
 
 

1- الميزان في تفسير القرآن، ج15، ص337/ والبحار، ج79 ص290.
2- تفسير نور الثقلين، ج4، ص70.
3- تفسير المعين عن الدر المنثور، ج5، ص100.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
131

121

الجلسة الثالثة

 الإسلامي الأول يضاهون شعراء العرب قبل الإسلام، لكن التحقيق بين أن الضعف الذي يبدو على الشعر الإسلامي، إنما كان بدأ في الحقيقة قبيل الإسلام لا بعده، كان قد انقضى عصر الفحول، ولم يبق إلا الأعشى الذي مات كما تقول الرواية وهو في طريقه إلى النبي صلى الله عليه و آله، ليمدحه ويعلن اسلامه، و لبيد الذي كان قد بلغ الستين، أو أوشك أن يكف عن قول الشعر، ولم يبق عند ظهور الإسلام إلا شعراء مقلون، بعضهم مجيد في قصائد مفردة ولكن لا يبلغون شأو هؤلاء الفحول 1.

 
وفي الهيكلية العامة للشعر الإسلامي فإنه صورة عن الشعر في الأدب العربي عامة، وإن كان قد دخل عليه خصائص فنية جديدة واختلفت أغراضه بتطور المجتمع من حالة الجاهلية إلى حالة القيم الفكرية والعلمية، إن الشعر ظل يصور حياة الناس، ويسيل على ألسنة الشعراء عذباً رقيقاً، حيث يستوعب همومهم، ويعبر عما يجيش في صدورهم أو يدور في أفكارهم، فلم يبق أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله إلا وقد قال الشعر وتمثل به 2.
 
الأغراض الشعرية: فقد تغيرت بتغير المجتمع فدخل في الشعر ما يعرف: بالشعر الديني، وشعر الوعظ والإرشاد وشعر الفتوحات والحروب وشعر الشكوى، والشعر السياسي، وغير ذلك.
 
الخصائص الفنية: استخدم في الشعر الإسلامي فنيات أو قل مصطلحات وألفاظ جديدة نحو القسم والقصص والتكرار والاقتباس وغير ذلك وإن كانت هيئتها بقيت في القالب العام للشعر العربي حكمة، رثاء، هجاء، فخر، غزل ومن الواضح إن الأغراض والخصائص الفنية تعرضت من خلال الرسالة الإسلامية إلى تهذيب ثقافي جديد وأصبح محتوى الشعر الإسلامي نتاج ثقافة مصدره هو الإسلام.
 
ـ الثقافة الحسينية والشعر العاشورائي: 
 
يقول الشيخ محمد عبدو الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء 3.
 
 
 

1- عالم المعرفة 66/ الإسلام والشعر ص02، عن القط في الشعر الإسلامي والأموي ص31.
2- عالم المعرفة 66/ الإسلام والشعر ص28 عن جمهور أشعار العرب ص91.
3- شواهد المبلغين، ص521.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
132

122

الجلسة الثالثة

 لقد أكدت الأحاديث المستفيضة، عن أهمية دور الإمام الحسين عليه السلام مطلق الثورة الكربلائية والواقعة العاشورائية، ويكفي في هذا المقام لتوضيح هذا الدور بأنه الامتداد والبقاء الفعلي للرسالة المحمدية ما قال في حق الإمام الحسين عليه السلام النبي صلى الله عليه و آله: "حسين مني وأنا من حسين" 1.

 
وقد عبر الإمام الحسين عليه السلام نفسه عن هذه الثقافة بقوله: "من أتانا لم يعدم خصلة من أربع، آية محكمة وقضية عادلة، وأخا مستفاداً ومجالسة العلماء" 2.
 
واعتبر عليه السلام أن خروجه لمواجهة طغيان يزيد بن معاوية واتباعِهِ إنما يصبُّ في عمله إصلاح أمة النبي صلى الله عليه و آله، بقوله: "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي".
 
وإذا كان خروجه سيؤدي إلى القتل، فما ذلك إلا لتقويم المجتمع الإسلامي الذي انحرف عن المسار الصحيح كما نسب إليه عليه السلام: 
إن كان دين محمدٍ لم يستقم إلا بقتلــي يــا ســـيوف خـــذيني
 
فالثقافة الحسينية هي ذات الثقافة الإسلامية الصرفة، إنما كانت بمرحلة حاول فيها البعض أن ينحرف بالمجتمع كله عن الخط الذي رسمه النبي صلى الله عليه و آله لثقافة المجتمع، انطلاقاً من رسالة القرآن، فعمل الإمام الحسين، على ترسيخ الخط المحمدي بافتعال صدمة في المجتمع تقوم على تنبيهه من الغفلة، وجعل الشهادة، وهي أسمى السبل، وسيلةً لتركيز المفهوم وتجسيد النتائج.
 
الشعر العاشورائي:
 
نشأ الشعر العاشورائي في نفس اليوم الذي جسدت فيه عاشوراء الثقافة الحسينية، وقد نسب عددٌ من الرواة لمقتل الإمام الحسين عليه السلام أبياتاً عديدة إلى أصحابه، وأولاده وأخواته وأبنائهم، حين بروزهم إلى ساحة المعركة.
 
وإن صح التعبير يمكن اعتبار البيت الشعري المنسوب للإمام الحسين عليه السلام إن كان دين محمدٍ لم يستقم إلا بقتلي يا سيوف خذيني هو الانطلاقة لنشأة شعر حسيني 
 
 
 

1- الأئمة الاثنى عشر، ج2، ص9، السيد الحسني.
2- دور الكلام، ص116، الشيخ محمد حسن الثائيني.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
133

123

الجلسة الثالثة

 عاشورائي، وقد نسب له عليه السلام أبياتاً أخرى في مجريات المعركة منها عندما نعى نفسه بقوله:

 
 
يـا دهــر أفٍّ لـك مـــن خليل                  كـم لـك بالإشـراق والأصيل 
من صـاحب أو طـالب قتيـل                           والدهر لا يقنـع بــالبديـل 
وإنما الأمــــر إلى الجليــل                          وكـل حي سالك ســبيلي 1
 
وقد حث الأئمة عليهم السلام على قول الشعر بالإمام الحسين عليه السلام ويمكن اعتبار نشأتِهِ عندما شارف الإمام علي بن الحسين على المدينة المنورة وهو راجع بالسبايا من الشام، وطلب من بشر بن حذلم أن ينعى الإمام الحسين عليه السلام لأهل المدينة فقرأ عليهم أبياته المشهورة التي مطلعها: 
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها قتل الحســين فـادمعي مــدرار
 
وفي الأخبار أن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام عندما طلب من الشاعر دعبل الخزاعي أن يقرأ عليه مرثيته بالإمام الحسين عليه السلام وكان قد ضرب حجاباً في الغرفة دعا إليه النساء ليستمعن إلى القصيدة وبكى كل من حضر ذلك المجلس فقال لدعبل "من قال فينا بيتاً من الشعر فبكى وأبكى ضمنت له الجنة".
 
وفي ذلك نص الإمام الصادق عليه السلام: "من قال فينا بيتَ شعرٍ بنى الله له بيتاً في الجنة" 2.
 
وكان الأئمة عليهم السلام يجمعون الشعراء من أصحابهم في العاشر من محرم في كل عام، ويطلبون منهم قراءة أشعارهم بالحسين عليه السلام .
 
كما أن المصنفات الشعرية منذ العاشر من محرم في العام 16 للهجرة وهو تاريخ استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وحتى يومنا الحاضر، ما وجد منها وما أتلفته العصور، في حملات من التوجيه العدائي الأموي والعباسي والعثماني، وما خربه التتار في المكتبة الإسلامية عامة، فإن المصنفات الشعرية العاشورائية، لا يمكن إحصاؤها إحصاءاً دقيقاً. بل حتى التعرض إليه في هذه الدراسة على نحو قراءة في النصوص خلاف
 
 
 

1- الأئمة الاثنى عشر، ج2، ص72، السيد الحسني.
2- بحار الأنوار، ج79، ص291.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
134

124

الجلسة الثالثة

  المقام، إنما ما يخلص إليه الباحث، إن الشعر العاشورائي القديم والحديث والمعاصر منه على مستوى المحتوى والنص، يمكن إبراز أهم خصائصه وميزاته: 


على الشكل التالي: 

1- تتفاوت مستوياته الفنية بين القوة والضعف.
2- في الغالب تبرز الفنيات العالية لما في المحتوى من رقي الحسين، كربلاء، الشهادة .
3- لم يخرج عن أدوات الشعر العربي والإسلامي.
4- وإن كان في قالب الرثاء، لكنه حمل قيم ومفاهيم ثقافة الإسلام.
5- استخدم أغراضاً قديمة في الشعر العربي والإسلامي بصيغة جديدة النعي الندبـ النواح الحداء .
6- بمقتضى استخدامه في المجالس الحسينية، استخدم من أصوات التراجيع الصوتية والمقامات، قراءاتٍ عديدة حدّث في بعضها وهذا ما عُرِفَ مؤخراً بـ أطوار القراءة الحسينية .
7- تضمن التاريخ والسيرة التي تشمل سيرة الإمام الحسين ومن معه في كربلاء، مما أعطى لكثير من أعماله الشكل القصصي.
8- عمل على إبراز القيم الفكرية التي حملتها ثورة كربلاء من الولاء الديني والولاء السياسي، وأسباب الثورة، وأهدافها ونتائجها .
9- استخدم الأسلوب التعبيري العاطفي المؤثر، وكان له الدور الكبير في تربيةِ الارتباط بمفهوم الحسين وأهل البيت والثورة الحسينية عبر الأجيال.
10- يعتبر الشعر العاشوري ركيزة المجلس الحسيني والقراءات الواردة في ذلك.

الشعر العاشورائي عند الأطفال:

حقيقة البحث في هذا المقام، إنني لم أعثر على دراسة أو تجربة في موضوع الشعر العاشورائي عند الأطفال، كما أن شعر الأطفال في العالمين العربي والإسلامي لم يدرج في ديوانه عنواناً لشعرٍ عاشورائي خاص بالأطفال.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
135

125

الجلسة الثالثة

 وكي نكون أكثر دقةٍ، فأقول: إنني لم أجد في الوقت الذي حدد لإتمام هذه الدراسة ما يؤكد عكس ذلك وإن كان قد تناهى إلى مسامعي أن الشعر الشعبي العراقي سواء في النجف الأشرف أو كربلاء أو غيرهما من مدن العراق قد صدر عنه أبيات شعرية في هذا المجال، كان الأطفال يرددونها في مناسبة عاشوراء.


علماً بأن شعر الأطفال عموماً أخذ اتجاهه الفعلي نحو الوجود في العالم العربي والإسلامي في العقود الأخيرة من القرن العشرين أي من مدة لا تتجاوز الأربعين عاماً بكثير، ولعل ذلك أحد أهم أسباب تأخر الكتابة في جانب متخصص منه كالشعر العاشورائي، وهو فرع الأدب العربي الإسلامي العام.

لكننا لن نعدم الوسيلة بأن نلقي الضوء على علاقة الأطفال بالشعر العاشورائي، خاصة إذا تأملنا الدراسات الإحصائية التي تظهر أن عدد الأطفال الذين يحضرون في المجالس الحسينية كبيرٌ جداً وهو في تزايد مستمر من عام لآخر.. وإن كان يرجع السبب الفعلي في ذلك إلى التوجه الأسري والاجتماعي العام، إلا أن عاشوراء بما فيها من تأثير وجاذبية، تجعل هذا التوجه بالنسبة للطفل موضع اهتمام تبرز فيها قدرات مداركه في تصوره لما حدث في كربلاء، من خلال تعابيره البسيطة، كما أن كثيراً من الأطفال يحفظون الشعر العاشورائي بما هو، إن كان مما يقرأ في النعي أو النواح أو الندب خصوصاً ما يكون منه بصيغة الإنشاء وما يطلق عليه بالعامية الندابية وهي إما شعر فصيح أو شعر عامي.

يمكننا أن نستدل من ذلك على أهمية الاعتناء بهذا الجانب، وعلى أنه قد أتت اللحظة التي لا بد فيها من إنشاء المدرسة الأدبية التي تعنى بشعر الأطفال العربي والإسلامي ومنه العاشورائي .

إن أهمية هذه الدعوة تبرز في: أننا لو نظرنا في صحيفة الأعمال الأدبية والشعرية التي اعتنت بالأطفال في العالمين العربي والإسلامي لوجدنا: 

أولاً: إن أدب الأطفال العربي والإسلامي وإن اعتمد في نشأته الشعر ثم الأدوات الأخرى، إلا أنه بقي مبادراتٍ فردية وشخصية وليظهر كحركة أدبية، رغم تكرار الدعوات إلى ذلك.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
136

126

الجلسة الثالثة

 ثانياً: إن أغلب الأعمال في هذا المجال جاءت بطرق الاقتباس والترجمة مما فتح المجال أمام الغزو الثقافي السلبي، للنفاذ داخل مجتمعنا، مما يساهم في نشر البديلات الثقافية التي لا تحمد عقباها.


المدرسة الأدبية الإسلامية المقترحة: 

بعد التوصل إلى هذه النتيجة يمكننا أن نضع تصوراً أولياً لمهام هذه المدرسة على الشكل التالي: 

1- تقديم منهجية حديثة مبنية على أسس علمية في قالب ومحتوى إسلامي، على أن تحيط بأكبر نسبة من احتياج الطفل في الجانب الأدبي.

2- توفير الأدوات التعليمية طبقاً لاحتياجات هذه المنهجية.

3- إعداد المدرسين ذوي التخصصات العالية وتدريبهم على هذه المنهجية.

4- توفير مكتبة تعتبر نواة لمركز دراسات يعنى بشخصية الطفل.

5- تحديد الضوابط والشروط التي تقوم عليها هذه المنهجية وتحدد من خلالها خصائص أدب الطفل الإسلامي والنتاج الأدبي التي تقوم على الأسس التالية: 

1- إن العمل الأدبي الشعري وغيره يُستَمَدُّ من المصدر الثقافي الأول الرسالة السماوية، أي القرآن والسنة .
2- إن يعبّر عن آمال الأطفال ويسد حاجاتهم النفسية ويعمل على حل المشاكل التي يواجهونها.
3- أن يتوافق مع الفطرة الإنسانية بما يحرك الوجدان وينشط الفكر ويربط الطفل بثقافته العقائدية.
4- أن ينظم سلوك الطفل على مستوى سماته النفسية وسماته الفكرية والأخلاقية.
5- لا يخرج عن كونه أدباً تعليمياً قصة أو نثر أو شعر أو غيره . فيندرج في إطار الأسلوب الجمالي والفني الذي يتلاءم مع إدراك الطفل وينظم مدركاته.

أخيراً: يمكننا القول بالطموح أن نصل على الأقل أننا نحاول أن تكون عاشوراء فكراً عملياً لا عاداتٍ مكتسبة بالنسبة للطفل أولاً، وبالتالي له كإنسان مستقبلاً.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
137

127

الجلسة الثالثة

 مصادر البحث:


1- الميزان في تفسير القرآن/ السيد محمد حسين الطبطبائي.
2- تفسير نور الثقلين/ الشيخ الحوزيزي.
3- التفسير المعين للواعظين والمتعظين / الشيخ محمد هويدى.
4- رسالة الحقوق/ للإمام زين العابدين عليه السلام 
5- بحار الأنوار/ العلامة المجلسي.
6- وسائل الشيعة/ الحر العاملي.
7- سفينة البحار/ الشيخ عباس القمي.
8- مكارم الأخلاق/ الطبرسي.
9- تحف العقول/ الشيخ البحراني
10- الأئمة الإثني عشر/ السيد هاشم معروف الحسني.
11- دور الكلام/ الشيخ محمد حسن النائيني.
12- المنطق/ الشيخ محمد رضا المظفر.
13- علم النفس الإسلامي/ د. عبد الرؤوف عبد الغفور.
14- شاهد المبلغين/ جزيني.
15- الطفل والأدب العربي الحديث/ زهراء الحسيني.
16- ثقافة الطفل/ عالم المعرفة 123/ د. هادي نعمان الهيثي.
17- الإسلام والشعر/ عالم المعرفة66/ د. سامي مكي العاني.
18- لسان العرب/ 250
19- مجلة عالم الفكر/ المجلد10، العدد3.
20- مجلة القصب عدد مزدوج 5/6.
21- الطفل بين الوراثة والتربية/ الشيخ الفلسفي
22- مجلة الموقف الأدبي/ العدد 95، العدد 101.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
138

128

الجلسة الثالثة

 المداخلات على كلمة الشيخ فضل مخدّر

 
المداخلة الأولى: الشاعر عباس مظلوم
 
قبل البداية أرفع الشكر المعتّق بالدعاء لحاضني ومؤسّسي هذا اللقاء.. شرفٌ عظيم أن أشارك واحةً غدّاقةً، ينهلّ من دفق السماء معينها، فوّارةً عذبَ الرّشَدْ... شرفٌ يتوّجني وإن ما زلت أطفو نائما فوق الزّبدْ.. أبدو كتلميذٍ يناعسه الكسل عن موقظات الجدّ في البحر الحسيني المددْ..
 
ما إن دُعيت استُحْضِرَتْ في خاطري أطياف صوتٍ مستغيثٍ خافتٍ ينبي هنالك حلقة مفقودة تختصّ بالأطفال في عقد القصائد والدرر..
 
وبدأت أبحث بين دفّات الدفاتر والكتب عما يصوّب غايتي أو ما يروّي مبحثي... 
 
إن المهمة صعبة، كل الذي عاينته هو في صنوف الشعر سردٌ للوقائع أوحماسٌ أورثاءٌ صيغ من لهب المصارع.. أوحروفٌ ليس للأطفال فيها من مواقع.. لكنما تأثيره يبقى وإن حيك الوشاح مرقّعا أوواسعا أوضيقا..
 
وسألت 1عما تكتنزه تجارب الشعر الذي يختصّ أطفال العراق، لعل فائدةً نناقلها إلى أطفالنا.. فأُجبت: إفرازاتها متصحّرة.. فيما خلا بعض الشعارات التي تعلوالمسيرات المقامة في المواسم.. منها:
 
مجموعة أولى: يا أمة الهادي قيد نادى المنادي إن الحسين قد قضى يا للرزية
 
مجموعة ثانية: أرض الله مادت والأشجان سادت              حزنا على المقتول ذو النفس الأبية
 
والأمر في البحرين 2كان مقاربا.. أما الكويت 3.. فإنهم طلبوا إلينا أن نزوّدهم بأعمال المسارح والقصائد والقصص..
 
 
 
 

1- السيد عبدالمحسن الموسوي أبوعاصم .
2- الشيخ حسين الأكرف البحرين.
3- لجنة مسجد الإمام الحسين عليه السلام الكويت.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
139

129

الجلسة الثالثة

 هذي الصناعة واقعا نعتاشه، تشكوافتقارا رغم طاقات ثريّه، واحتضارا دون إجهاض الولاده... إنما لوأُتقنت فنا وتعميرا، أثرا وتأثيرا، تشكّل نهضةً أدبيةً تتوارث الأجيال فن بنائها.. ليعومدوا من وحيها قببا تظلّل هيكل الأدباء..

 
الشعر رسمٌ في الخيال وقد يكون رسوم تشكيلٍ وتجريدٍ ورمزٍ.. إنما الشعر الحسيني انعتاق اللون نحواللوحة الروحيّة العصماء..
 
الصفحة البيضاء تشعر ما يحاكيها القلم.. وصريره أدنى إليها من يد الشعراء.. فلنبدأ هنا في شحن أقلام التصدّي والهمم لنجرِّع الأطفال من ماء القيم..
 
أيها الحفل الكريم..
 
اسمحوا لي في عجالة مداخلتي أن أشير إلى بعض الضوابط والاثار لهذه الصناعة أسلوبا ومضمونا.. ملاحظاً اليسيرمن سمات النموالعقلي واللغوي والانفعالي لكل مرحلة 1من مراحل الطفولة:
 
الطفولة المبكرة 3-6:
 
مرحلة السؤال تكوين المفاهيم الزمان، المكان.. تأثير الحكايات والقصص على النمواللغوي معرفة معنى السلوك الحسن والسلوك الردى‏ء القدرة على حفظ جمل مكونة من 4-3 أو5 كلمات. 
 
الطفولة الوسطى 6-9: 
 
تنمية الثروة اللغوية التذوق الجمالي للنص الشعري والأدبي. 
 
القدرة على حفظ 10 أبيات في السابعة 11 في الثامنة 13 في التاسعة ظهو ر مبادى‏ء أخلاقية جديدة المساواة، الاخلاص، التسامح.. الانتقال من المفاهيم المادية والمحسوسة إلى المجردة والمعنوية..
 
الطفولة المتأخرة: 9-21:
 
العناية باللغة الفصحى القدرة على تعلم ونموالمفاهيم المجردة: العدل، الظلم، الكذب، الصدق، الأمانة، الحرية، الحياة، الموت، الحلال، الحرام..
 
الاستجابة الإيجابية للعناصر والمفاهيم الجديدة تكاد تقرب المعايير والقيم الخلقية
 
 
 

1- تم تقسيم المراحل حسب المنهج التربوي العام.
 
 من معايير وقيم الكبار إدراك التتابع الزمني للأحداث التاريخية إيقاع متسارع لناحية التأثر بالجوانب الروحية والعاطفية..

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
140

130

الجلسة الثالثة

 وتبقى هذه السمات 1بعض إشارات لنعي ماذا نكتب أوماذا نقدم، من هنا أذكر بعض الضوابط للشعر الحسيني الخاص بالأطفال منها:

 
أن يكتب الشعر باللغة العامية للمرحلة الأولى تماشيا مع النظام التربوي العام مواكبة كل مرحلة نمائية بالجرعات اللغوية والمفاهيم المناسبة عدم إثارة الألم النفسي لأول مرحلتين إغناء القصيدة بالصور الحسية والابتعاد قدر الإمكان عن الرمزية الجمل القصيرة سهو لة اللفظ الهندسة الصوتية 2الإيقاع الموسيقي في القصيدة أن تراعي القصيدة حدثا ما المناسبة: قصة، مجلس عزاء، درس تربوي.. وطريقة عرضها كتابة أوإلقاءً أوإنشادا أولطما... 
 
هي صناعة جديدة، مهمة ودقيقة لما تحمله من أهداف وما تمثله من اثار على مستوى الشخصية الحسينية ومنها: تمجيد ذكر الإمام الحسين عليه السلام تخليد الملحمة الكربلائية إضافة الشعر الحسيني إلى القاموس الأدبي المختص بالأطفال عملية توجيهية للعقل والخيال نحوالقضايا السامية تنمية الحس الوجداني والبعد الثوري ترسيخ القيم والمبادى‏ء الحسينية في الذاكرة الحد الأدنى مخزون اللاوعي نتائج قريبة وبعيدة المدى على المستوى الادراكي والنفسي والعاطفي والسلوكي... 
 
أخيرا رسالة كربلاء هي الصلاة في أدق وقت وظرف ومنتهى الصبر والإيثار وغاية الحرية وكل القيم الانسانية في سمومراتبها.. وهذه المفاهيم نستطيع أن نوظفها في حركتنا الشعرية.. من هنا الدعوة مفتوحة.. فكل شاعر غيور يستطيع أن يبدع في هذه الصناعة متعاونا حسب المقتضى مع مرشد تربوي يقدّّر المفاهيم المناسبة لكل مرحلة عمرية..
 
وفقكم الله عز وجل لما فيه رضاه وما تقرّ به عين سيد الشهداء. 
 
والحمد لله رب العالمين 
 
 
 

1- علم نفس النمو، حامد زهران.
2- دليل التقييم اللغة العربية المركز التربوي للبحوث والانماء /الكفايات/.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
141

131

الجلسة الثالثة

 المداخلة الثانية: السيد عبد الكريم فضل اللَّه  1

 
                                              بسم اللَّه الرحمن الرحيم
 
وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى اله الطاهرين 
 
أحب أن أذكر كلمتين بالنسبة إلى الشعر ملخصّه أنا وبكامل قناعتي وأقولها قربةً إلى اللَّه تعالى ضد الشعر الموجود في مقدمات العزاء بالشكل المتداول حالياً فإنه يضر بالمجلس أكثر مما ينفعه قال لي أحد الأشخاص المثقفين أنه مرّة كان هناك قارى‏ء مميز جداً في أسبوع بقي 10 دقائق يقرأ فلم يفهم بشي‏ء من القصيدة. وهذا الواقع نقل لي كثيراً. 
 
فوسيلة الشعر في الحال الموجودة حالياً ولست ضدّ الشعر ككل لا الشعر كان سابقاً من قال فينا بيتاً من الشعر بنى اللَّه له بيتاً في الجنة كلمات الأئمة عليهم السلام كما أن الأحكام الشرعية تنقسم الى أحكام واقعية وأحكام تدبيرية حكوماتية، هناك توجيه واقعي وهناك توجيه تدبيري. بحسب الظروف التي كانت موجودة في تلك الأيام في تلك الأيام الشعر كان الوسيلة الإعلامية الرئيسية وكما تعلمون قصة بنوأنف الناقة كانوا من أوضع الناس فلما جاء فيهم شاعر وقال البيت المشهو ر من الشعر... أنه هم الأنوف وباق الناس الذنب... ارتفع مستواهم لمجرد ظهو ر شاعر كان كل بشي‏ء الان يكون في العائلة 100 شاعر ولا تصبح العائلة بأعلى المستويات الشعر كشعر ليس مطلوباً الشعر كوسيلة لاثبات بشي‏ء في الأذهان لذلك الشعر بالشكل الموجود حالياً واطلب طلباً بسيطاً رأفة بالمؤمنين وبالتشيع وبالحسين عليه السلام . العشر دقائق التي تكون قبل المجلس قربة للَّه تعالى فلتختصر إلى دقيقة أونصف دقيقة واختيار القصائد التي تؤثر نفس القصيدة ليس أمراً خطأً ولكن التي تؤثر وإلا فلا نفع لها الان الأخ الكريم تحدث بعدّة أبيات واضحة ومفهو مة. يحفظها الطفل إما أن تأتي بقصائد مع كل 
 
 
 

1-المشرف العام على حوزة الثقلين
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
142

132

الجلسة الثالثة

 تقديسي وتقديري مثلاً للشيخ حيدر الحلّي رحمه اللَّه. الذي نفس الطلبة لا تفهم عليه.


النتيجة! أن نختار القصائد الواضحة جداً والمؤثرة جداً وإلا فلا فبدونها أصلاً كما أنه من الملاحظ أن قارى‏ء العزاء عندما يبدأ بالسيرة يبدأ بالتأثير. التأثير بنقل السيرة أكثر بكثير من القصائد والأبيات أقترح: أن تقلل الأبيات فبدون العشرين بيت فليكن اثنان منها يختارها بشكل مؤثر.
والسلام
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
143

133

الجلسة الثالثة

 المداخلة الثالثة: الشاعر السيد محمد القدسي


تعليق على كلمة الشيخ فضل لعل الشيخ اغفل أسلوب أومدرسة جديدة تقترح في موضوع الشعر العاشورائي للأطفال ولكن بزيادة أنه للحقيقة الذي يُقرأْ اليوم للأطفال من قصائد هو ما يقرأ للكبار ومن الواضح الكبار لا يفهمون هذه القصائد فكيف بالصغار، لذلك إذا من الممكن أن يكون عبر مؤتمركم الكريم أن يكون هناك دعوة للشعراء الحسينيين الملتزمين الحاضرين منهم وغير الحاضرين أن تكتب قصائد بأسلوب مبسط تراعي أعمار هؤلاء الصغار تتضمن حماساً وتشويقاً واداباً وأخلاقاً حسينية تربطهم بقضية الحسين عليه السلام المقدسة.

وشكراً
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
144

134

الجلسة الثالثة

  المداخلة الرابعة: السيد حسين حجازي 1

 
إن عنوان المؤتمر قابل لجعل الطفل مقدمة للبحث من مختلف جوانبه وهذا يستدعي أن ينصبَّ الحصاد العلمي حول هذه المقدمة مما يطيل مسافة الوصول إلى المقصود فالمطلوب إذاً هو الوصول إلى قلب البحث دون الإطالة في المقدمة. ودون تظافر الجهود حول هذه المقدمة لدراسة الطفل من جوانبه المتعددة.
 
التركيز على الشعر الذي ألقي في معركة كربلاء من الأطفال الأبطال المشاركين في القتال ممكن للباحث أن يتصيد من بلاد جبل عامل ما كان متعارفاً من الندب عند الأطفال.
 
وكذلك المواكب الحسينية التي كانت تقام وتعليقاً على ما سمعنا بالنسبة إلى الشعر العربي الفصيح أوالعامي.
 
هناك نصٌّ موجود في كامل الزيارة إن الشاعر ألقى على مسامع الإمام الصادق عليه السلام قصيدة. فقال له عليه السلام ليس هكذا وإنما كما تلقونه أنتم في العراق يعني بكيفية خاصة مشجية وهذا يعني أن إلقاء الشعر يحتاج إلى كيفية خاصة وأما الشعر العامي بالعراقية نعم يُستحسن أن يُنتقى منه ما هو واضح حينئذٍ يصل المجلس إلى ثمرته من إخراج الدمعة من عين المستمع، والحمد للَّه.
 
 
 

1- مدير حوزة الامام علي عليه السلام


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
145

135

الجلسة الثالثة

 المداخلة الخامسة: الشيخ فادي سعد


المدخل:

نبدأ من إشكاليات الشعر العاشورائي العامة: ومنها ندخل إلى مشكلة الخطاب الشعري الخاص بمجالس الأطفال.

مما يقف أمام إيصال المعنى المقصود والانتقال بالسامع من محيطه إلى ساحة الحدث ومدى استفادته العلمية منه ومعرفته بحقائق الأمور فيه وتغذيه الروحي والمعنوي والعاطفي جملة من العوامل التي يمكن اعتبارها سلبية بهذا اللحاظ وان كانت إيجابية بنظر الأديب والشاعر اوحازت على الأوصاف العالية من حيث السبك والمضمون والصورة والموسيقى أونالت شرف أن تعلق على الكعبة المشرفة .

وهذه العوامل هي:

1- التعقيد اللفظي بحيث ان كثيراً من القصائد الذهبية التي تُقرأ في المجالس الحسينية تشتمل على ألفاظ أوضمائر ان أمكن للسامع إرجاع الضمير فيها الى صاحبه لم يمكنه اكتشاف معنى اللفظة ذاتها ضرورة افتقاره في اكثر الأحيان إلى معجم لغوي وهذا ما ينتج ضياع المعنى وانشغال السامع بالبحث عنه ودخوله في المحتملات فيفقد الانتباه الى ما هو الهدف المنشود فلا ينعم بالفكرة ولا بالروحية ولا تحرك العاطفة الواعية بل ينشغل بعملية استكشاف. 

2- ابتعاد الصورة وقدم وسائل الإيضاح لها مما يؤدي الى عدم الانسجام والتفاعل فترى كثيراً من الشعراء حينما ينظمون القصيدة كأنهم يخاطبون الماضي اويطلون من نافذتهم على أهل ذلك العصر فيحاولون تقريب الحدث اوتصويره في مساحة لا وجود لها بيننا لا أن ينقلوك بصورة الحاضر إلى واقع الحدث على العكس من صورة الغابر الذي يراد لك النظر من خلاله وحينئذ تصعب المقارنة وهذا العامل قد يجتمع مع العامل الأول وقد يفارقه بحيث تكون المفردات اللفظية واضحة.

3- الخلل المفهو مي الناتج من المزج بين الخيال والواقع والمقاربات والاستنتاج فيما
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
146

136

الجلسة الثالثة

 يحلوللشاعر السفر معه في عالم الخيال دون التقيد بالثوابت سواء كانت أصولاً أوفروعاً وهذا ما ينتج ثقافة غير مستقيمة في مقام الموازنة مع المسلمات.


4- ان ما تقدم بأجمعه هو مشكلة في الشعر لدى الكبار فكيف بالصغار؟! أضف إليه أموراً أخرى ينبغي مراعاتها في مجالس الأطفال وهي:

1- ان لا يصل الحد البياني للحادثة عبر الشعر الوجداني الى درجة يخلق فيها عقدة لدى الطفل ويصيبه بأثر نفسي سيئ يؤدّي تنقله في مجتمعه البيت المدرسة الأصدقاء مع صورة قطع رؤوس الأولاد وذبح الأطفال ومشهد الدماء الدائم ولذلك يجب ان يبقى الشعر الوجداني العاطفي في حكايته عن الحدث متوازناً فلا يصل الى حد ان ينام الطفل وهو خائف في ان تصبح أمه وقد أخذت قراراً بإرساله ليقطع رأسه مع جيش الحسين عليه السلام ولا ترضى إلا بذلك، بينما لم يصل الطفل إلى هذا الاستعداد أولم يفكر بأن يصبح ذبيحاً كإسماعيل عليه السلام .

2- ان لا يثير تساؤلات لا تتلاءم مع عمره.

3- ان لا يكون دور الأطفال في الحادثة غائباً أوهامشياً.

4- ان لا تغيب الحياة البيتية في التقريب والتمثيل ولا الحياة المدرسية عن القصيدة.

والحمد لله رب العالمين
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
147

137

الجلسة الثالثة

 المداخلة السادسة: الأستاذة أمل طنانة


بالنسبة إلى الشعر العاشورائي الذي يختص بالأطفال، هناك ملاحظة مهمة لا بد أن نلفت الانتباه إليها بصفتي مدرسة للغة العربية إن الشعر الخاص بالأطفال ليس من الواجب أن يتم تبسيطه حتى تكون مفرداته مطابقة تماماً لم يستطيع الأطفال أن يفسِّروه ويفهموا معناه اللغوي بشكل دقيق. لأن للشعر مهمة أخرى أيضاً أن يضيف إلى المخزون اللغوي لدى الأطفال كلمات جديدة ومفاهيم جديدة ومصطلحات جديدة فالاهتمام أيضاً بالايقاع الشعري يتمكن الأطفال من حفظ تعابير جديدة يجب على المعلم أن لا يُضيع الوقت أوالذي يقوم بايصال القصيدة إلى الأطفال. أن لا يضيع الوقت في تفسير هذه المعاني بشكلها الدقيق لأن التفسير الدقيق لهذه المعاني يفقدها جماليتها الذي يمكن أن يتشكل على مدى الزمن عند الأطفال. نحن ما زلنا نحفظ القصائد التي كنا نحفظها في طفولتنا حتى اليوم واليوم أصبحنا متمكنين من معرفة معناها الدقيق أعطِ مثالاً على هذا الموضوع: في إحدى القصائد التي قدمتها للأطفال مطلع هذه القصيدة عن السيدة زينب عليه السلام تقول:

تطوفين بين جراح النهار
وفي القلب شوقٌ يلوب بنار
وعشق الفؤاد يشنى الدما
عبيق الثرى بالجفون استجار
فكفٌّ تلمٌّ الدموع الغزار

هذه الأبيات الثلاثة لُحِّنت كنشيد أعطى الايقاع الحزين الذي يستحقه المعنى العام حفظه الأطفال وأنشدوه وفهموا المعنى الشمولي بهذه القصيدة ولكن لنترك للزمن أن يعطي هو تفاصيل المعاني. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
148

 


138

الجلسة الثالثة

 تعقيب الشيخ فضل مخدّر


سأبدأ من عند السيد القدسي، بالنسبة إلى المدرسة المقترحة نعم يوجد مدرسة مقترحة. بموضوع الأدب بشكله العام. ومن موضوع الأدب أدواته، والتي هي القصة والنثر والشعر والشعر أساسه ومنه الشعر العاشورائي، حتى المدرسة المقترحة وضع لخصائصها ومميزاتها ووضعت الأسس لها كتصور أولي يمكن تطويره وهو موجود داخل الدراسة. 

أما ما تفضل به سماحة السيد حسين حجازي:

في موضوع الندب عند أهل جبل عامل حقيقة كل ما تناه لي لأول مرّة أسمع أبيات أنشدة للصغار والتي قرائتها الان الأخت أمل طنانة بعنوان أنها أنشدت للصغار مع العلم بأنه من حيث البنية إذا نوقش الموضوع لا تكون من شعر الصغار غالباً ما يحدث في الشعر المكتوب الصغير ينسجم معه تكون مفرداته سهلة نوع ما أكثر من غيره ولكنه يكون مكتوباً للكبار ويستخدم في الندب والشعر وغيره ويتأثر به الطفل. أما إنه يوجد شعر للصغار بعنوان الشعر العاشورائي حسب اطلاعي، لم أعثر على بشي‏ء. 

أما ما ذكره سماحة الشيخ فادي سعد:

طبعاً عنوان البحث كما هو موجود الشعر العاشورائي عند الأطفال بين ثقافة الطفل والطموح. فمقتضى الأمر حتى العنوان هذا له بعض الملابسات لن أتحدث بها. ولكن الشعر هو أداة أدب والأدب نتاج لغة واللغة وسيلة اتصال بالكبير وبالطفل والطفل شخصية مفارقة لا يصح أن نتعامل مع متعلقاته دون انتزاع مفاهيم شخصية ومدارك تلقيّه للثقافة. 

شعر الأطفال بالذات: تحديده يحتاج إلى تحديد شخصية الطفل لأنه شخصية مفارقة عن الشخصية الكبيرة وإن كان فرع إنساني ولسنا نقول عنه غير ذلك ولكن حتى الأئمة عليهم السلام في الروايات تعاملوا مع الطفل على غير ما يتعاملون معه مع الكبير.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
149

139

الجلسة الثالثة

 2- أشبال كربلاء

سماحة السيد حسين حجازي
 
 
                                                بسم الله الرحمن الرحيم
 
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين.
 
... يا أبا عبد الله لقد عظمت الرزية وجلت وعظمت المصيبة بك علينا وعلى جميع أهل الاسلام وجلت وعظمت مصيبتك في السموات على جميع أهل السموات.. 1.
 
... مصيبةً ما أعظمها وأعظم رزيتها في الاسلام وفي جميع السموات والارض.. 2.
 
... وهي رزية لم تلد أم الرزايا بمثلها ووقيعة قد عطلت الافلاك من أجلها ومصيبة قد قلعت دوحة الاسلام من أصلها 3.
 
مقدمة:
 
الكتابة عن ثورة الامام الحسين عليه السلام، أمر خطير يواجهه الباحث فانها أعظم عمل إصلاحي قام به رجل كان نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة جمع على مصيبته أهل السموات والأرض. فهو دمعة الزمان وحرارة الإيمان. وقد زحف إلى أعدائه بهذه الأسرة أسرة الهيجاء التي حشد فيها أعز الأنفس على الله. فداءً لدين الله منذ ادم والى يوم القيامة. مما يستدعي القيام بدراسة دقيقة ومتأنية لكل من حضر هذه الواقعة من الرجال والنساء والفتيان، والفتيات ومن صحبهم ممن كانوا صغار السن عظماء في التضحية ولذا يشعر الإنسان بقصور في التعبير عنهم. 
 
وكما يقول الشاعر: يوم كساه العز من نسج الظبا      حللاً فماذا تنسج الأقلام
 
والفتية الصغار أو أطفال كربلاء كانوا عنصراً مهماً من عناصر المواجهة ضد 
 
 
 

1- زيارة عاشوراء مفاتيح الجنان ص 456-457 ط. بيروت دار إحياء التراث العربي.
2- م. ن.
3- القوادح الحسينية والقوادح البينية، ص10.



 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
150

140

الجلسة الثالثة

 أعداء الله وسلاحهم براءتهم التي لم يعرها بنو أمية اهتماماً لأن الرحمة انتزعت من قلوبهم واستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله العظيم فأخذوا يتلذذون ويتفننون بقتل الطفولة وترويعها بقسوة ووحشية، لم يسبق لها مثيل، ويكفي أنهم أبناء أكلة الأكباد فأطفال الإمام الحسين عليه السلام هم الذين أماطوا اللثام عن هذه البشاعة الكامنة في نفوس أعداء أهل البيت عليهم السلام التي لم تكن لتظهر لو لا السهم الذي أصاب عبد الله الرضيع ولو لا أن القاسم انفلقت هامته ولو لا الذين سحقوا تحت حوافر الخيول. مما أظهر جرأتهم على الله كما ورد في بعض كلمات الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء "ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول صلى الله عليه و آله ". لتكون إدانة بني أميه أشد. ووقع الجريمة في النفوس أعظم.

 
والذين حضروا كربلاء الواقعه هم نوع نادر من الفتية الرساليين الذين ادهشوا العقول بتضحيتهم وأذهلوا العالم بكلماتهم التي تنم عن عقيدة راسخة وثبات في المواقف حيث لم ترهبهم قعقعة السيوف ولا ضجيج الفرسان ولا صهيل الخيول. كما يعهد عن الصغار الذين يتعلقون بأذيال أمهاتهم في مثل هذه الحالات أو يلوذون بأحضان ابائهم. فتصح تسميتهم أشبال كربلاء.
 
ولا ندعي في هذه الوجيزة أننا استوفينا هذه الدراسة عن أطفال كربلاء حقها وانما هي خطوة على هذا الطريق تكتمل فصولها في القريب العاجل ان شاء الله تعالى..
 
ما المراد بالطفل؟
 
بما أن البحث يتناول الاطفال فلا بد من تحديد العمر الذي يصدق معه على الولد بأنه طفل حتى نميز الاشخاص الذين نريد توثيقهم عن بقية أصحاب الحسين عليه السلام وبيان الحد للطفولة وهل يكون العمل في هذا التحديد على الميزان الشرعي الذي يعتبر البلوغ حداً فاصلاً 1أو التمييز 2وهو ما يقرب من سن العاشرة أم المعنى العرفي الذي
 
 
 

1- لسان العرب ج11، ص 402 ط. قم. إيران. قال: والصبي يدعى طفلا حين يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم.
2- المصباح المنير ص 374 ط. قم ايران. الطفل: الولد الصغير من الإنسان... ويبقى هذا الاسم للولد حتى يميز ثم لا يقال له بعد ذلك طفل بل صبي، ويافع، ومراهق، وبالغ. وفي التهذيب يقال له طفل حتى يحتلم.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
152

141

الجلسة الثالثة

 قد ينطبق على البالغ في أول أزمنة بلوغه؟ فرأينا أن الحد الشرعي هو الانسب فلا يدخل في عداد الاطفال ذكوراً أو اناثاً الا من لم يبلغ الحلم من الذكور ولم تبلغ التسع من الاناث الا من لم يبلغ الحلم من الذكور ولم تبلغ التسع من الاناث وان كان اخراج البنت التي بلغت تسعاً من هذا المفهوم لا يخلو من مساهمة باعتبار أننا نتحدث عن فاجعة تلهب القلوب بمشاعر الاسى والحزن دون أن يكون لها لوازم شرعية فنحن لا نتحدث عن الحدود والاحكام. 

 
فالطفل من لم يبلغ الحلم من الذكور كما نص عليه أهل اللغة ودون العشر من الإناث لخصوصية الواقعة.
 
لماذا حمل الحسين عليه السلام أهله وعياله؟!
 
"شاء الله أن يراني قتيلا وأن يراهن سبايا".
 
لا شك في أن الحسين عليه السلام قد حمل أهله وعياله إلى كربلاء واصطحب معه اخوته وأبناء أخيه الحسن عليه السلام بعد رفضه البيعه ليزيد 1 متخطياً كل النصائح التي أسديت اليه من البعض الذين ردهم الامام الحسين عليه السلام رداً رفيقاً بخلقه النبوي وجزاهم خيراً على نصائحهم بقوله لأخيه محمد بن الحنفية "يا أخي جزاك الله خيرا لقد نصحت وأشرت بالصواب". وأنا عازم على الخروج إلى مكة وقد تهيأت لذلك أنا واخوتي وبنو أخي وشيعتي أمرهم أمري ورأيهم رأيي" 2.
 
وخرج من المدينة متوجهاً نحو مكة، وقد أفاض الامام الحسين عليه السلام على بعض من نصحه بما عنده من علم الغيب المخزون لديه مظهراً بأن عاقبته وعاقبة من معه القتل فقال لأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها: "يا أماه وأنا أعلم أني مقتول مذبوح ظلماً وعدوانا وقد شاء عز وجل أن يرى حرمي ورهطي مشردين وأطفالي مذبوحين مأسورين مقيدين وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً" 3.
 
 
 

1- كفاية الخطيب.ط.النجف ص 68 سيرة الائمة الاثني عشر عليه السلام، ج2، ص99. ط. بيروت. مقتل المقرم ص 157 ط. قم.
2- مقتل المقرم ص 157 أبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام . ص 14، ط. قم إيران.
3- م. ن.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
153

142

الجلسة الثالثة

 وأُزعج الامام الحسين عليه السلام مرة أخرى عن حرم الله تعالى فصمم على الخروج ليحفظ حرمة البيت وقد علم بأن يزيد بن معاوية قد دس في الحجيج ثلاثين نفراً لقتل الحسين ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة، فواجه الناصحين تارة أخرى كإبن عباس وابن الحنفية فأبدى لهم بأن المشيئة الالهية اقتضت أن ترى الحسين قتيلاً وأن يرى نساءه سبايا عندما أخذ ابن الحنفية بزمام ناقة الامام قائلاً: ألم تعدني النظر فيما سألتك؟ قال بلى ولكن بعدما فارقتك أتاني رسول الله صلى الله عليه و آله وقال: "يا حسين أخرج فإن الله تعالى شاء أن يراك قليلاً. فاسترجع محمد بن الحنفية، واذ لم يعرف الوجه في حمل العيال معه قال له الحسين عليه السلام قد شاء الله تعالى أن يراهن سبايا" 1.

 
نعم، عندما احتاج دين الله إلى الحماية من التحريف والاندثار وتوقف ذلك على بذل الانفس لم يجد سوى الحسين عليه السلام الذي ارتضى بأن يقدم دمه فداءً فشاء الله أن يراه قتيلا مجسداً أعلى صور التضحية. 
 
وشاء الله أن يرى نساءه سبايا وأطفاله مذبوحين ليشهد العالم على ما اقترفه بنو أميه من جرائم في حق الانسانية مما لا يبرره دين ولا وازع من ضمير ولا إنسانية فقد اختار الحسين عليه السلام ذلك بمل‏ء ارادته وأجرى الله عليه ذلك على سبيل الاختيار ليحصل ومن معه على أعلى الدرجات الرفيعة في الجنة.
 
فخرج عليه السلام من مكة ومعه أهل بيته ومواليه وشيعته من أهل الحجاز والبصرة والكوفه الذين انضموا اليه أيام اقامته بمكة 2.
 
والحاصل أن مجموعة من الصبية قد رافقت الامام الحسين عليه السلام من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى كربلاء وقد راهم عبيد الله بن الحر الجعفي عندما نزل الإمام عليه السلام في منطقة قصر بني مقاتل. يقول ابن الحر: ما رأيت أحداً قط أحسن من الحسين ولا أملأ للعين منه ولا رققت على أحد قط رقتي عليه حين رأيته يمشي والصبيان حوله 3
 
 
 

1- مقتل المقرم، ص 195.
2- نفس المهموم، ص 91.
3- مروج الذهب ومعادن الجوهر: 41/2. ط. بيروت. مقتل المقرم ص 224 انساب الاشراف ج5 ص 291. نفس المهموم ص 104 انساب الاشراف:291/5.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
154

143

الجلسة الثالثة

 السبب الثاني:

 
إن الإمام الحسين عليه السلام لم يكن يأمن على عياله من بني أميه إن خرج وحده إلى العراق أن يعتدى عليهم بشتى الوسائل وان الذي حدث في كربلاء وفي اثناء مسيرة السبايا ليدل على عدم تورعهم عن هذه العدوانية واستخدامها كورقة ابتزاز ضد الحسين عليه السلام لإخضاعه لشروطهم ومن الذي سيدافع عن الذراري والعيال؟ المسلمون الذين رضخوا للأمر الواقع الذي فرضه يزيد؟؟
 
هل حضر الاطفال كربلاء فعلاً؟
 
من المؤكد وجود مجموعة ليست قليلة من الاطفال الذين يشار اليهم بمختلف التعبيرات عند المؤرخين وأرباب السير والمقاتل.
 
تارة بالذراري، أو العيال، أو الأطفال أو استخدام كلمة، غلام أو صبي. وهذه كلمة الامام الرضا عليه السلام التي تشير بالعموم إلى هذه الجهة بقوله: ان شهر المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتل والقتال فاستحلت فيه دماؤنا وهتكت فيه حرمتنا وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا 1.
 
فكلمة الذراري تطلق على الصغار وكذلك في وقائع المعركه عندما برز العباس إلى الميدان وقال له الامام الحسين عليه السلام: إذا كان ولا بد فاطلب لهؤلاء الاطفال شربة من الماء، فلما عرّج العباس على المخيم سمع الأطفال ينادون: العطش العطش.
 
وعندما هجم العسكر على المخيم فرت النساء والاطفال. وعلى حد تعبير الخوارزمي في مقتله: ففي يوم عاشوراء خرجت ومعها العيال والأطفال. 
 
أضف إلى ذلك دخولهم إلى المجالس. وحملهم على أحلاس أقتاب الجمال وفي كل موقع اقاموا فيه أو ارتحلوا يتجلى ذكر الاطفال. وفي الكوفة عند دخولها فصاروا يناولون الاطفال بعض التمر والخبز والجوز 2.
 
أقول: وهذا يدل على كثرتهم نوعاً ما ولو رجعنا إلى الروايات في عدد أصحاب 
 
 
 


1- روضة الواعظين، ص 169.
2- تظلم الزهراء ص 249
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
155

 


144

الجلسة الثالثة

 الحسين فأقل الروايات أن الحسين عليه السلام عبأ اصحابه وصلى بهم صلاة الغداة وكان معه إثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً 1وهذا العدد يحمل معه احتمال وجود عدد لا يستهان به من العوائل وهذا السر في كثرتهم.

 
عددهم
 
المشكلة الرئيسية التي تواجه هذا البحث وكل بحث يتناول رجالات كربلاء هي معرفة عددهم اذ لا سبيل إلى معرفة العدد الحقيقي لأصحاب الحسين عليه السلام 2 فضلا عن الاطفال من استشهد منهم ومن بقي حيا. وذلك للأسباب التاليه:
 
أولاً: فإن الطريق الذي سلكه الامام الحسين عليه السلام جمع له الكثير من الانصار بحيث كان عليه السلام لا يمر بأهل ماء الا اتبعوه حتى اذا انتهى إلى زبالة 3سقط اليه مقتل أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر... فأخرج للناس كتابا فقرأه عليهم فتفرق الناس عنه تفرقاً. فأخذوا يميناً وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من مكة 4وفي نفس الموضع أخبر بقتل قيس بن مسهر الصيداوي فأعلم بذلك الناس واذن لهم بالانصراف فتفرقوا عنه يميناً وشمالاً، بحسب عبارة الطبري 5.
 
وقد علل ذلك بانه انما تبعه خلق كثير من الاعراب لظنهم أنه يأتي بلداً أطاعه أهله فكره عليه السلام أن يسيروا معه إلا على علم بما يقدمون عليه 6.
 
إذن فقد بقي رجال الثورة الحقيقيون وحدهم بعد أن انجلى الموقف وتبين المصير... بقي معه هؤلاء الرجال النادرون7.
 
والأطفال النادرون كذلك.
 
وأما أصحابه الذين جاءوا معه من مكة فهم قليلون وهم ما بين من خرج وحده بلا 
 
 
 

1- انصار الحسين، ص 47 عن الطبري: 422/5.
2- أنصار الحسين: الشيخ محمد مهدي شمس الدين ص43.
3- منزل من منازل الطريق
4- مقتل أبي خنف
5- مقتل المقرم ص 212عن الطبري ج6ص226.
6- مقتل المقرم ص 216عن الطبري ج6ص226
7- انصار الحسين:الشيخ محمد مهدي شمس الدين ص 40-41
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
156

145

الجلسة الثالثة

 عيال وقد بالغ في وسيلة الدارين بقلة العدد إلى أن قال بان من قتل من الصبيان خمسة نفر من الذين لم يراهقوا الحلم 1. واما الذين حملوا عيالهم معهم فقد عد منهم ثلاثة فقط وهم:

 
1- جنادة بن الحارث السلماني.
2- عبد الله بن عمير الكلبي.
3- مسلم بن عوسجة.
 
ولكن الواقع يشهد خلاف ذلك. من خلال مختلف الوقائع من أحداث المعركة وما استتبعها من ماسي اظهرت وجود عدد كبير من النساء والعوائل.
 
ثانياً: إن الروايات الواردة في المقام هي روايات شهود العيان ممن حضر الواقعة وهي غير مبنية على الاحصاء بل على الرؤية البصرية والتخمين فان أياً منها لا تعبر عن عدد نهائي وانما تعبر عن عدد تقريبي 2.
 
ثالثاً: احتمال وجود أسماء لم تصل إلينا إما لإهمال المؤرخين والرواة وعدم إظهار العناية بهم لعدم قيام الأطفال بعمل ملفت يستحق النقل كما يجري عادة التركيز على ذكر من نال الشهادة او الاقتصار على اطفال الهاشميين دون غيرهم أو الانهماك في الحروب والغزوات بذكر البطولات فقط.
 
رابعاً: قد تعود قلة العدد إلى الاخفاء المتعمد من قبل الأعداء لبعض أسماء الأطفال وطمس معالم ذكرهم ممن قتل أو نكل به للتقليل من أهمية الفاجعة. وعدم إثارة العواطف بالإكثار من حوادث قتل الأطفال.
 
ومع كل ذلك تجد أن الرواة يتحدثون عن وجود مجموعة كبيرة من النساء والاطفال بقوا احياء بعد المعركة.
 
خصوصاً اذا بنينا على أن الذين بقوا لم تكن لديهم القدرة على القتال وكل من كان قادراً على حمل السلاح قد قتل وذلك أن الاعداء لما ازدحموا على الامام زين العابدين بعد قتل الحسين عليه السلام يريدون قتله وقد اختلفوا في ذلك فقال بعضهم أمر الامير أن لا 
 
 
 

1- وسيلة الدارين في انصار الحسين ص 417
2- أنصار الحسين، الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ص 43.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
157

 


146

الجلسة الثالثة

 تبقوا لأهل هذا البيت باقية وهذا يدل على عدم بقاء أي رجل حياً بعد قتل الحسين سوى من ذكروا أمثال عقبة بن سمعان الذي كان خادماً للرباب او الحسن المثنى الذي استنقذه اخواله كما في ترجمته. او الذي كان مغشياً عليه فلما سمعهم يقولون قتل الحسين أخرج سكيناً كان في جيبه وأخذ يقاتل به. 

 
وهؤلاء قلة. هذا باستثناء الإمام زين العابدين عليه السلام .
 
وهناك مشكلة أخرى تواجه الباحث هي مشكلة الأسماء والكنى واحتمال اتحاد الاسم مع الكنيه مما ينتج اتحاد الشخص لا تعدده كما في قضية ابي بكر بن الحسن فهل هو عبد الله بن الحسن كما قاله بعضهم وسيأتي في ترجمته أم انه عبد الله الاصغر ابن الإمام الحسن؟ وهذه تؤثر في العدد زيادة ونقصانا.
 
ومهما يكن من أمر فإن الهدف من هذا البحث اضافة إلى توثيق الاسماء اظهار مكانة وعظمة هؤلاء الاطفال فيما أدوه من دور في ثورة الامام الحسين عليه السلام .
 
توطئة:
 
لقد تشرفت أرض كربلاء بوطء أقدام ثلاثة من الائمة الاطهار في وقت واحد وهم: 
 
1- الامام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام .
 
2- الامام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام .
 
3- الامام محمد بن علي بن الحسين عليه السلام .
 
وكان عمره الشريف حينذاك ثلاث سنوات أو أربع فقد روي عنه انه قال: قتل جدي الحسين عليه السلام ولي أربع سنوات واني لأذكر مقتله وما نالنا في ذلك الوقت وقد روي الكثير من فصولها كما روى عنه الطبري بسنده عنه كما ألف جماعة من أعلام الصحابة كتباً أسموها مقتل الحسين عليه السلام ودونوا فيها ما سمعوه منه ومن غيره ذكر الكثير منها ابن النديم في فهرسته 85 .
 
وفي كتاب الاتحاف بحب الاشراف جعل عمره ثلاث سنوات والترديد في عمره 
 
 
 
 

1- حياه الامام الباقر:32/1. تاريخ اليعقوبي61/2ه الاتحاف ببحر الاشراف ص 143.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
158

147

الجلسة الثالثة

 الشريف مرجعه إلى تحديد سنة واقعة كربلاء أهي سنة ستين أو واحد وستين للهجرة فان التاريخ الهجري الصحيح والذي هجر وتلاشى يعتبر أنها سنة ستين واعتبار الإمام عمره أربع سنوات مبني على أنه خاطب الناس بما تعارفوا عليه وبما يفهمونه ولا يستغربونه من الامام عليه السلام .

 
فولادته سنة 57ه. في الثالث من شهر صفر ولا بد من الاشارة هنا بأن الهدف من هذه التوطئة عدم أدراج اسم الإمام الباقر عليه السلام ضمن أشبال كربلاء لاعتقادنا بأن أمر الإمام في مختلف شؤونه لا يفرق بين سن الصبا أو سن الشباب والكهولة. وعلى ذلك شواهد كثيرة من تاريخ الأئمة عليه السلام .
 
أمه: هي السيدة الزكية الطاهرة فاطمة بنت الامام الحسن عليه السلام ولكن أم عبد الله وكانت من سيدات نساء بني هاشم وكان الامام السجاد يسميها الصديقة ويقول فيها الامام الصادق لم ندرك في ال الحسن مثلها 1.
أشبال الانصار:
 
1- عمرو ابن جنادة الانصاري: لا يبدو أن شبلاً اخر غير عمرو ابن جنادة الأنصاري تصدى للقتال في كربلاء وذلك لخلو المصادر التاريخية من ذكر غيره وبمقابلة هذه المصادر يبدو أن عمرو ابن جنادة هو نفسه من ورد ذكره من دون تعيين تحت عنوان غلام قتل أبوه في الحملة الاولى 2
 
أبوه: جنادة بن كعب الانصاري الخزرجي من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام الخلص وخرج من مكة بصحبة الحسين عليه السلام مع عياله ودخل أرض كربلاء واستشهد في الحملة الاولى يوم عاشوراء 88، عمره: احدى عشرة سنة، ويقال تسع سنين 3.
 
 
 
 

1- حياة الامام الباقر:19/1
2- أنصال الحسين: الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ص 101. مناقب ابن شهر أشوب، 104/4. مقتل الخوارزي: 21/2. البحار: 28/45.
3- فرسان الهيجاء، 75/1. في رحاب أئمة أهل البيت عليهم السلام . إبصار العين، ص 13. حياة الإمام الحسين، 233/3. تنقيح المقال أعيان الشيعة.
4- وسيلة الدارين، ص 74، رقم 109.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
159

148

الجلسة الثالثة

 "الطالبيون" لا خير في العيش بعد هؤلاء:

 
وفي مقدمتهم ال عقيل الذين تفانوا في سبيل الله وأسرعوا إلى ملاقاة الحتوف ويكفيهم قول الامام الحسين عليه السلام بعد سماعه خبر مقتل مسلم بن عقيل عندما أشير على الامام الحسين بالانصراف فقام ال عقيل وقالوا:
 
لن نبرح حتى ندرك ثارنا أو نذوق ما ذاق أخونا فنظر الحسين عليه السلام إليهم وقال: "لا خير في العيش بعد هؤلاء" 1.
 
ثم انهم لما قتل عبد الله بن مسلم حمل ال أبي طالب حملة واحدة فصاح بهم الحسين عليه السلام صبرا على الموت يابني عمومتي لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم 2.
 
وال عقيل ندرجهم ضمن العناوين التالية:
1- حميدة بنت مسلم بن عقيل.
2- عاتكة بنت مسلم بن عقيل.
3- محمد بن مسلم بن عقيل.
4/5- محمد وإبراهيم ابنا مسلم بن عقيل.
6- محمد بن أبي سعيد بن عقيل.
7/8- سعد وعقيل ابنا عبد الرحمن بن عقيل.
 
1- حميده بنت مسلم بن عقيل: ذكرها العديد من أرباب المقاتل، أمها: أم كلثوم الصغرى بنت أمير المؤمنين عليه السلام، عمرها: عن بعض التواريخ، كان لها من العمر ثلاث عشرة سنة أو أقل 3.
 
وفي كتاب ابصار العين في أنصار الحسين قال: روى بعض المؤرخين. أن الحسين عليه السلام لما قام من مجلسه بالثعلبية توجه نحو السماء وانعطف على ابنة لمسلم صغيرة 4.
وفي أسرار الشهادة: عن المنتخب أن عمرها: إحدى عشرة سنة 5.
وعليه لا تكون مندرجة تحت عنوان اطفال كربلاء.
 
 
 
 

1- مقتل المقرم، ص 210.
2- م. ن. ص 328.
3- عمدة الطالب، ص16، ط. النجف مقتل بحر العلوم.
4- إبصار العين، ص48، ط. قم.
5- أسرار الشهادة، ص251، ط. قم.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
160

149

الجلسة الثالثة

 2- عاتكه بنت مسلم بن عقيل: ذكرها في معالي السبطين عن مقتل الشويكي عن الجزء العاشر من: المنن للشعراني قال:

 
ومن بنات علي عليه السلام رقيه الكبرى وكانت عند مسلم بن عقيل فولدت منه عبد الله بن مسلم ومحمد بن مسلم اللذين قتلا يوم الطف مع الحسين عليه السلام وولدت رقية عاتكة من مسلم. وهي التي سحقت يوم الطف بعد شهادة الحسين عليه السلام لما هجم القوم على المخيم للسلب 1، وكان لها من العمر سبع سنين.
 
أقول بان مسلماً قد تزوجها بعد وفاة أختها أو هي توفيت وتزوج بأختها أم كلثوم الصغرى.
 
3- محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب: قال المامقاني في رجاله: محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب قد استشهد مع الحسين عليه السلام بالطف.
 
وعمره على ما نقل اثنتا عشرة سنة أو ثلاثة عشر سنة وقد سلم عليه في زيارة الناحية 2
 
وعن ابن الجوزي أن أمه أم ولد.
 
وعن أبي الفرج قتله فيما رويناه عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أبو رهم الازدي ولقيط بن إياس الجهني 3
 
4/5- محمد وابراهيم إبنا مسلم بن عقيل: ولهما حكاية طويلة. فهما إما أسراً وسجناً عند عبيد الله بن زياد وفرا بواسطة السجان أو هربا من معسكر الحسين عليه السلام يوم عاشوراء فعثر عليهما رجل فظ غليظ قطع رأسيهما وأتى بهما إلى ابن زياد أو كانا مع مسلم بن عقيل ثم سجنا ثم أطلقا ثم قتلا عدة روايات في المقام لهما مشهد في العراق قرب المسيب ولكن في طبقات ابن سعد نسبهما إلى عبد الله بن جعفر مذكورين بعنوان: غلامان صغيران 4
 
 
 

1- معالي السبطين.
2- تنقيح المقال: 187/3، من أبواب الميم رقم 11374.
3- وسيلة الدارين، ص 233.
4- البحار، 45/100-107 أمالي الصدوق، المجلس 19، رقم 200، ص 51.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
.
 
 
161

 


150

الجلسة الثالثة

 6- محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب: عمره سبع سنين ذكره أبو مخنف: إنه لما صرع الحسين عليه السلام وهجم القوم على الخيم للسلب.. خرج غلام مذعور من تلك الاخبية ملتفتاً يميناً وشمالاً فشد عليه فارس فقتله فسألت عن الغلام فقيل لي محمد بن أبي سعيد بن عقيل له من العمر سبع سنين لم يراهق وعن الفارس فقيل لقيط بن إياس الجهني. وسلم عليه في زيارة الناحية 1.

 
وروي أن الذي قتله هو هاني بن ثبيت الحضرمي.
 
8/7- سعد وعقيل ابنا عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب: ذكرهما في معالي السبطين عن الشويكي عن الشعراني وعبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب قتل مع الحسين عليه السلام وابناه سعد وعقيل كانا معه وماتا من شدة العطش ومن الدهشة والذعر وأمهما خديجة بنت علي بن أبي طالب 2.
 
أقول وإدراجهما تحت عنوان الاطفال متوقف على إثبات أن الذين بقوا احياء بعد قتل الحسين عليه السلام كلهم أطفال لان من امكنه حمل السلاح قد استشهد. 
 
أولاد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام:
 
لقد أظهر أبناء الإمام الحسن عليه السلام يوم عاشوراء تضحية تدهش العقول وتأخذ بالقلوب وصدرت منهم كلمات يقوم لها الدهر ويقعد يتجلى فيها الوعي والرسالية. كما قال القاسم بن الحسن لعمه الحسين عليه السلام الموت بين يديك أحلى من العسل. 
 
وقد هيجوا الأحزان التي لم تندمل وهي فقد الحسن عليه السلام وهم مذكورون ضمن العناوين التالية. 
 
1- عبد الله بن الحسن. 
2- أحمد بن الحسن.
3/4- بنتان للإمام الحسن عليه السلام أم الحسن وأم الحسين.
5- أبو بكر بن الحسن.
 
 
 

1- تنقيح المقال، 3/ باب محمد، رقم 10252، ص 60.
2- معالي السبطين، 89/2.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
162

151

الجلسة الثالثة

 6- القاسم بن الحسن.

7- زيد بن الحسن.
8- عمر بن الحسن.
9- عبد الله بن الحسن: ذكره أبو مخنف في مقتله وأن أمه أم ولد قتله حرملة بن كاهل لعنه الله رماه بسهم فقتله.
 
وذكره القمي مفصلاً بما موجزه ان عبد الله بن الحسن خرج من المخيم فلما رأى عمه الحسين أخذ يشتد نحوه فلحقته زينب عليها السلام لتحبسه فأفلت منها وقال لا والله لا أفارق عمي ولما أهوى أبحر بن كعب بالسيف ليضرب الحسين قال له الغلام: ويلك يا ابن الخبيثة أتقتل عمي؟ فضربه اللعين بالسيف فاتقاها الغلام بيده فأطنهما إلى الجلدة فاذا هي معلقة فضمه الحسين إلى صدره فقال: يا ابن أخي أصبر على ما نزل بك واحتسب ذلك الخير فان الله يلحقك بابائك الصالحين. فرماه حرملة بن كاهل الاسدي فذبحه وهو في حجر عمه الحسين.
 
وورد ذكره في زيارة الناحية. عمره: له احدى عشرة سنة. وفي مقاتل الطالبيين أن أمه هي بنت الشليل بن عبد الله أخي جرير. 
 
10- أحمد بن الحسن المجتبى: ذكره في البحار وانه قتل مع الحسين عليه السلام وله من العمر ست سنين وفي أسرار الشهادة ثم برز أحمد أخو القاسم وله من العمر ستة عشر سنة فالظاهر ان الخلاف هو في تعيين أخي القاسم هل هو أحمد؟ الذي عمره ستة عشر سنة ام أبي بكر ام عبد الله الاكبر؟
 
11/12- استشهاد بنتين للإمام الحسن عليه السلام: في البحار أن أحمد بن الحسن المجتبى قتل مع الحسين عليه السلام وله من العمر ست سنين كما ذكرناه. سابقاً... وله أختان أم الحسن وأم الحسين سحقتا يوم الطف بعد شهادة الامام الحسين. أمهم: أم شبر بنت مسعود الخزرجي جاءت معهم حتى أتت كربلاء 1.
 
13- أبو بكر بن الحسن: وجعله المقرم فيمن خرج إلى القتال. وان اسمه عبد الله الاكبر
 
 
 
 
 

1- وسيلة الدارين في أنصار الحسين عليه السلام، ص 297.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
163

152

الجلسة الثالثة

 وعده المفيد اخاً للقاسم وعمرو وأمهم أم ولد مع أن المفيد ذكره في مقتولي الطف واسمه ابا بكر من أم القاسم وهنا بدله بعمرو فلعل الاصل واحد عبر عنه هنا بالاسم وهناك بالكنية.

 
والمسعودي عده في اولاد الحسين 1.
 
14- القاسم بن الحسن: ورد ذكره في زيارة الناحية بتفصيل ولد في المدينة سنة سبع وأربعين للهجرة بقي مع أبيه قرابة السنتين فيكون عمره في واقعة الطف ثلاث عشرة سنة وهي أخو أبي بكر المقتول قبله لأبيه وأمه، قتله، عمرو بن سعد بن نفيل الازدي كما عن أبي مخنف ولد في المدينة من أمه رملة أو نجمة واجمع المؤرخون على كلمة: خرج الينا غلام لم يبلغ الحلم وجهه كشقة قمر طالع في رجليه نعلان وعليه قميص وإزار 2.
 
15/16- عمرو وزيد ابنا الحسن: ذكرا فيمن سبي مع النساء وهم ثلاثة من ولد الحسن، الحسن المثنى وعمرو وزيد. ذكر في الطبقات الكبرى بان يزيد لعنه الله دعا: بعلي بن الحسين وحسن بن حسن وعمرو بن حسين. فقال لعمرو: وهو يومئذٍ ابن احدى عشرة سنة أتصارع هذا؟ يعني خالد بن يزيد قال لا ولكن اعطني سكيناً واعطه سكيناً حتى اقاتله فضمه اليه وقال: شنشنة أعرفها من أخزم هل تلد الحية إلا حية 3.
 
وفي قاموس الرجال أن المطلوب للمصارعة هو عمرو بن الحسين وجعل عمره سبع سنين.
 
ونص الشيخ المفيد في الإرشاد بأن عمر بن الحسن استشهد في الطف. لكن في الأخبار الطوال بعد أن عده من أولاد الحسين وأن عمره أربع سنين ذكر قضية طلب المصارعة مع خالد بن يزيد 4.
 
 
 

1- تاريخ دمشق، ص 226، التنبيه والإشراف، المسعودي، ط. مصر، ص 263. مقاتل الطالبيين، ص 93-96 تواريخ النبي واله، التستري، ط. طهران.
2- أبو مخنف، 89، الإرشاد، ص 239-240. وسيلة الدارين، ص 253، مقتل المقرم، ص 230، تاريخ دمشق، ص 229 228.
3- المجالس الحسينية، ص 132 تاريخ دمشق، ص 232. في رحاب أئمة أهل البيت عليهم السلام، 153/2، و 141/2. قاموس الرجال: 65، الإرشاد، 197. تظلم الزهراء، ص 243.
4- المجالس الحسينية، ص 132، تاريخ دمشق، ص 232. في رحاب أئمة أهل البيت عليهم السلام، 153/2 و 141/942، قاموس الرجال، 65، الإرشاد، 197، تظلم الزهراء: 243.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
164

153

الجلسة الثالثة

 أولاد الإمام الحسين عليه السلام:


يقول عبد الله بن عمار بن يغوث في وصفه الحسين عليه السلام يوم كربلاء: "ما رأيت مكثوراً قط قد قتل ولده وأهل بيته وصحبه أربط جأشاً منه ولا أمضى جناناً ولا أجرأ مقدماً، ولقد كانت الرجال تنكشف بين يديه إذا شد فيها ولم يثبت له أحد".

هكذا يصفه من شاهده.

وقال هلال بن نافع: كنت واقعاً نحو الحسين وهو يجود بنفسه، فوالله ما رأيت قتيلاً قط مضمخاً بدمه أحسن منه وجهاً ولا أنور ولقد شغلني نور وجهه عن الفكرة في قتله.

ومن أعظم المصائب على القلب أن يقتل الأبناء أمام ابائهم، وخصوصاً الأطفال، فكيف إذا كانوا رضعاً؟؟!!

فأولاد الإمام الحسين عليه السلام لهم هذه العناوين:

1- عبد الله الرضيع.
2- طفل ولد يوم عاشوراء.
3- رقية.
4- فاطمة الصغرى.

17- عبد الله الرضيع أو علي الأصغر: لا شك في وجود طفل رضيع للحسين عليه السلام يوم عاشوراء طلبه الحسين ليودعه فرمي بسهم في نحره. لكن هل هو متعدد أم متحد؟ يذكر المؤرخون حادثتين:

الأولى: أن الحسين أتى بطفل رضيع فجلس أمام مخيمه يقبله فجاءه سهم وهو في حجر أبيه.

الثانية: أن أخته زينب عليها السلام أتته بطفل رضيع وقالت: لقد جف اللبن من ثديي أمه منذ ثلاثة أيام فهو لم يشرب منذ ثلاث.

فخرج به نحو القوم وخاطبهم بأنه لم يبق عندي سوى هذا الطفل الرضيع فاختلفوا فيما بينهم فالتفت ابن سعد إلى حرملة بن كاهل الأسدي وقال اقطع نزاع القوم فرماه حرملة بسهم فذبحه من الوريد إلى الوريد، فكان الحسين عليه السلام يأخذ دمه ويرمي به نحو السماء ويقول: اللهم لا يكون عليك أهون من فصيل ناقة صالح.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
165

154

الجلسة الثالثة

 ذكر صاحب كتاب ذخيرة الدارين في بيان ذكر المقتولين من بني هاشم الذين لم يذكروا في زيارة الناحية. قال: عبد الله الرضيع الذي ولد يوم الطف وقت صلاة الظهر على ما رواه في الحدائق الوردية السيد حميد بن أحمد الزيدي قال: ولد للحسين في الحرب ولد وأمه أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمية زوجة الحسن عليه السلام فأتي به وهو قاعد فأخذه في حجره ولباه بريقه وسماه عبد الله، فبينما هو كذلك إذ رماه عبد الله بن عقبة الغنوي وقيل هاني بن ثبيت الحضرمي بسهم. فأخذ الحسين عليه السلام دمه فجمعه ورمى به نحو السماء فما وقع منه قطرة إلى الأرض.


قال فضيل: حدثني أبو الورد أنه قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لو وقعت منه إلى الأرض قطرة لنزل العذاب.

وفي مقاتل الطالبيين عن أبي مخنف عن حميد بن مسلم أن الذي رماه هو عقبة بن بشر فذبحه.

وفي كتاب مطالب السؤل عن كتاب الفتوح قال: كان له ولد صغير فجاءه سهم فقتله حرملة وحفر له بسيفه وصلى عليه ودفنه وفي الأخبار الطوال للدينوري: فدعا بصبي صغير فأجلسه في حجره فرماه رجل من بني أسد وهو في حجر الحسين عليه السلام .

وهذا الكلام يعني: اختلاف الأم، وشكل الحادثة، والعمر وتعدد القاتل، وأحدهما ليس مذكوراً في زيارة الناحية، فحتى لو اتحد الاسم بات من المعلوم أنهما اثنان، أحدهما دفن والاخر جعله مع القتلى من أهل بيته. وأحدهما قتل في حجره عند الخيام والاخر خرج به إلى القوم. وأحدهما صب دمه في الأرض والاخر رمى به نحو السماء.

18- عبد الله الرضيع: بهذا العنوان يكون المقصود منه من كانت أمه الرباب بنت امرئ القيس وهي أم سكينة. كذلك وله من العمر ستة أشهر كما نص على ذلك أبو مخنف وفيه أن هذا الطفل مضى عليه ثلاثة أيام لم يشرب الماء وهذا يدل على أنه ليس من ولد في يوم عاشوراء.

ثم أن الشيخ المفيد عند ذكره للرضيع يقول: وصب دمه في الأرض صباً ووافقه على ذلك أبو مخنف قال: قال عقبة بن بشر الأسدي قال لي أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين الباقر عليه السلام أن لنا فيكم يا بني أسد دماً، قال: فما ذنبي أنا رحمك الله يا أبا 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
166

155

الجلسة الثالثة

 جعفر وما ذلك؟ قال: أتوا الحسين عليه السلام يوم عاشوراء بصبي فهو في حجره إذ رماه أحدكم، يا بني أسد بسهم فذبحه فتلقى الحسين دمه فلما ملأ كفه صبه في الأرض.

 
النتيجة، هناك إثنان: عبد الله الرضيع أمه الرباب، عمره ستة أشهر. وعبد الله الرضيع أمه أم إسحاق بنت طلحة ولد يوم عاشوراء.
 
والذي ورد ذكره في زيارة الناحية هو الأول: السلام على عبد الله بن الحسين الطفل الرضيع المرمي الصريع المتشحط دماً المصعد دمه في السماء، المذبوح بالسهم في حجر أبيه لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه.
 
19- رقية بنت الحسين: وكانت للحسين عليه السلام طفلة صغيرة لها من العمر أربع سنين وكانت مع الأسرى في خربة الشام.
 
وفي نفس المهموم عن كامل البهائي عن كتاب الحادية:... وكانت للحسين طفلة لها أربع سنين قامت ليلة من منامها وقالت: أين الحسين، فإني رأيته الساعة في المنام.. وذكر قضية موتها على رأس والدها.. وقبرها في دمشق خلف المسجد الأموي.
 
20- فاطمة الصغرى بنت الحسين: اضطربت الروايات في حقها فبين قائل بأن الحسن بن الحسن خطب إلى عمه الحسين إحدى ابنتيه فاطمة أو سكينة فقال: اختر يا بني إحداهما فلم يحر جواباً فقال له الحسين عليه السلام: قد اخترت لك ابنتي فاطمة فهي أكثرهما شبهاً بأمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله فتزوجها منه.
 
ذكر ذلك صاحب الأتحاف بحب الأشراف في ترجمة الحسن بن الحسن، لكن من طلبها الحسن هي الكبرى أو الصغرى وعليه فلا تعد في عداد الأطفال.
 
نعم ما رواه الصدوق في الأمالي: قالت فاطمة بنت الحسين دخلت الفسطاط وأنا جارية صغيرة وفي رجلي خلخالان من ذهب فجعل رجل يفض الخلخالين وهو يبكي 1.
 
وكذلك النص الوارد في الإرشاد عند تعرضه لدخولهن إلى مجلس يزيد... فقام إليه رجل من أهل الشام أحمر فقال: هب لي هذه الجارية يعنيني وكنت جارية وضيئة فارعدت وظننت أن ذلك جائزاً لهم فأخذت بثياب عمتي زينب وكانت تعلم أن ذلك لا يكون 2.
 
 
 

1- أمالي الصدوق، ص 99 مجلس 31 سير أعلام النبلاء: 202/2.
2- الإرشاد، ص 246.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
167

156

الجلسة الثالثة

 أقول: فهل أن كلمة فأخذت بثيابي عمتي يدل على صغرها؟!

فعلى القول بتعددهما وأن الذي خطبها الحسن المثنى هي الكبرى يحتمل دخولها في عداد الأطفال. وإلا فلا.
 
بلا عنوان:
يظهر من المصادر التاريخية أن مجموعة من الشهداء الأشبال والأطفال لم تذكر أسماؤهم وإنما اكتفت بالإشارة إلى كونهم من أهل البيت أو من ال الحسين عليه السلام من جملتهم.
 
22/21- طفلان: في وسيلة الدارين عن معالي السبطين عن كتاب الإيقاد عن عقيل بن العربي: بأنه قد مات طفلان عشية اليوم العاشر من أهل البيت عليهم السلام من الدهشة والعطش.. وذلك لما ذهبت زينب لجمع العيال والأطفال وإذا بطفلين قد فقدا فذهبت في طلبهما فرأتهما معتنقين نائمين فلما حركتهما فإذا هما قد ماتا عطشاً 1.
صبي:
وقد ورد ذكر صبي في ترجمة أبي بكر بن الحسن عن أبي مخنف واستظهرنا أن هذا الصبي متحد مع الطفل الذي ولد يوم عاشوراء.
 
فحصيلة هذا المختصر وجود اثنين وعشرين عنواناً في دراسة أطفال كربلاء.
 
سائلين المولى عز وجل أن يوفق لإتمام هذه الدراسة بالحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والتسعة المعصومين من ذريته وبنيه.
 
والحمد لله رب العالمين
 
 
 

1- وسيلة الدارين: ص 296 رقم 46-47.
 
.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
168

157

الجلسة الثالثة

 مصادر البحث:


1- مقتل أبي مخنف ص 238 نفس المهموم ص 191
2- مثير الاحزان: 38 اللهوف 68 
3- انصار الحسين: ص 132 الارشاد:241
4- في رحاب ائمة اهل البيت عليهم السلام: ج ص 131
5- مصادر البحث في عبد الله الرضيع
6- المناقب: 222/2 أسماه علي الأصغر
7- في رحاب أئمة أهل البيت عليهم السلام: 131/2
8- نير الأحزان: ص 39
9- ذخيرة الدارين: ص 161
10- مقاتل الطالبيين: ص 59
11- مقتل أبي مخنف: ص 237 و ص 171-173
12- الإرشاد: ص 221
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
169

 


158

الجلسة الثالثة

 مداخلة الشيخ محمد سبيتي


مسألة مهمة: بموضوع الدقة في طرح الأحداث والوقائع لأنه نحن ممكن أن نتقبل أن هذه الشخصية لم تكن في كربلاء أوهذا الحدث لم يكن بهذا المستوى وهذا الحدث يوجد فيه مبالغة. 

ولكن عند الطفل إذا تعرّض المعلم أوالأستاذ أوالقارى‏ء أوالشيخ للطفل وقرأ له حادثة ما أوقرأ حادثة في كتاب ثم نُقض في كتاب اخر هذا سيترك إرباك عند الطفل قد لا يُصدّق بقية الأحداث الواقعية ومن هنا تأتي الدقة في دراسة السيرة وكتابة السيرة للطفل أشدّ حساسية من كتابتها للكبير لأن الكبير يفقه ما معنى أن يكون هناك روايات مدسوسة وروايات مبالغ فيها ولكن الطفل لا يفهم هذا. 

موضوع الإجابة على الأسئلة. يوجد قصص أبطال كثيرة في وجدان الطفل أثناء استعراض الشخصيات الكربلائية لا بد أن نحاول إزالة تلك الأسماء الموجودة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
170

159

الجلسة الثالثة

 البيان الختامي


ألقاه مسؤول الوحدة الثقافية المركزية في حزب اللّه

                                               بسم اللّه الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وأعز المرسلين محمد بن عبد الله واله الطاهرين وصحبه المنتجبين.

في البداية أكرر الشكر لنائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم وللمشاركين والمشاركات في هذا المؤتمر من خلال أبحاثهم ومداخلاتهم المكتوبة والشفهية. والتي حققت الهدف الأساس لعقد هذا المؤتمر من خلال رسم الهيكل العام لمجالس العزاء الخاص بالأطفال والناشئة بل بإثراء هذا الهيكل بتفاصيل مفيدة ونافعة بما يشكل منطلقاً لورش عمل علمية لدراسة ومتابعة الاقتراحات والتوصيات الناتجة عن هذا المؤتمر الذي أكد المشاركون فيه على "أن مجالس عاشوراء للأطفال والناشئة فكرة جيدة وضرورية لإشعارهم بأنهم معنيون ولما لها من تأثير على أفكارهم وسلوكهم" لاسيما عند "ربط أحداث كربلاء وظروفها بأحداث الواقع المعاش الذي يفهمه الولد ويدركه". 

وقد نتج عن هذا المؤتمر جملة من التوصيات والمقترحات الشفهية والمكتوبة سيعمل معهد سيد الشهداء عليه السلام للتبليغ والمنبر الحسيني في الوحدة الثقافية المركزية على دراستها عبر لجنة علمية تتابعها، ويتبنى في كلمة الختام هذه منها التوصيات التالية: 

أولاً: تكليف مختصين بإعداد متون خاصة بمجالس العزاء الحسيني للأطفال والناشئة تراعي على مستوى المضمون قواعد التحقيق بما يتلاءم مع استيعاب سن الطفولة، وعلى مستوى الشكل الفني تراعي البناء والحبكة بإحكام يحقق الجاذبية للقارئ والسامع وعلى مستوى الأسلوب يراعى السهو لة باعتدال. 

ثانياً: تكليف لجنة مختصة لتحديد القيم التي يراد إكسابها للطفل والناشئ من خلال مجالس العزاء. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
171

160

الجلسة الثالثة

 ثالثاً: السعي لتفعيل كتابة الشعر الحسيني الخاص بالأطفال والناشئة عبر تشجيع الشعراء على ذلك من خلال عقد منتديات شعرية خاصة. وإطلاق مسابقات بأفضل قصيدة حول الشعر الحسيني الخاص بالأطفال ومن باب ان خير البِّر عاجله نعلن عن إطلاق مسابقة شعرية لأفضل قصيدة حسينية موجهة للأطفال والناشئة على ان لا تقل عن عشرين بيتاً بجائزة مقدارها مليون ليرة للفائز الأول ونصف مليون ليرة للفائز الثاني. 


رابعاً: العمل على إعداد خطباء حسينيين أي قراء عزاء يتقنون المناسب مضموناً وأسلوباً للعزاء الخاص بالأطفال. 

والعمل كذلك على إعداد قراء عزاء من الناشئة للهدف نفسه. 

خامساً: إعداد كتاب توثيقي لأطفال كربلاء يساعد على تقديم الطفل الكربلائي كمثل أعلى ونموذج يحتدى به لأطفالنا وناشئتنا 

سادساً: إعداد كتاب يحتوي على مجموعة من العبر المتضمنة لقيم الإنسان لاسيما الطفولة في كربلاء لترسم قيم الحاضر والمستقبل لأطفالنا وناشئتنا، وهذا يساعد في تركيب مجلس العزاء الحسيني الخاص بهم ويساعد في تحقيق الأهداف المرجوة. 

سابعاً: دراسة الطريقة الأمثل لتنظيم مجالس الأطفال والناشئة مستفيدين من التجارب الهامة في كشافة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ومدارس الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف التابعة لمؤسسة التربية والتعليم وكذلك باقي التجارب في هذا المضمار. 

ثامناً: دراسة أساليب أخرى إضافة إلى المجلس الحسيني المتعارف كالمسرح وغيره لتساهم في تقديم قيم كربلاء للأطفال والناشئة بالأسلوب المناسب مع الحفاظ على قدسية المضمون. 

والحمد لله رب العالمين
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
172

161

الجلسة الثالثة

 1- بحث مقدّم من الأستاذة فاطمة الحاج حسن

                                                      باسمه تعالى

تلبية لرغبة الاخوة المحترمين في معهد سيد الشهداء عليه السلام وإحياءً لشعائر أهل البيت عليه السلام، نقدّم هذا التلخيص المتواضع الذي يحاول إضاءة شمعة في بداية مشروع القصص العاشورائية للطفل، انطلاقاً من بعض الملاحظات والتجارب في عالم قصص الأطفال وما يتلاءم مع قدراتهم الفكرية والنفسية واللغوية...

وقد تضمّن هذا التلخيص خمس نقاط:

أولاً: أشكال أدب الأطفال.

ثانياً: القصة في التربية.

ثالثاً: أنواع قصص الأطفال.

رابعاً: خصائص كتاب الأطفال.

خامساً: قواعد اختيار القصة المناسبة.

سائلين المولى عزّ وجلّ أن يحيط هذا المشروع المبارك برعايته وأن يتقبّل أعمالنا اليسيرة بمنّه العظيم.

أولاً: أشكال أدب الأطفال

أ- قصص مصورة:

الصورة حالياً تجتذب الأطفال إلى أشياء كثيرة، فإذا أخذنا مجال السلع الاستهلاكية المبيعة للأطفال رأيناها تروج إذ في داخل كل منها صورة لشخصية إنسانية أوحيوانية يحبها الأولاد، وبالتالي أدرك المهتمون بالأطفال كم هو مهم ادخال الصورة في مختلف مجالات أدب الأطفال. 

كما أن نوع الصورة وحجمها وعددها في القصة يتفاوت بتفاوت عمر الطفل أولاً ثم باختلاف الموضوعات المقصوصة. فبعض القصص الأولى للأطفال لا تحوي في الصفحة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
175

162

الجلسة الثالثة

 الواحدة سوى كلمة واحدة أوكلمتين وتملأ صورة أوصورتان بقية الصفحة، فلوأخذنا مثلاً ولداً يشاهد حفلة كرة القدم على شاشة التلفزيون ويحس فريقاً معيناً نضع في أعلى الصفحة أوفي أسفلها كلمتين، "نبيل يشجع" ثم نتبع الكتابة بصورة لنبيل يراقب التلفزيون حيث الكرة تطير في الهو اء وفي الثانية الكرة مستقرة في شباك الهدف وفي الصورة الأولى نبيل مصفق وفي الثانية يقفز فرحاً، وقد تملأ صورة واحدة صفحة بكاملها فتعبر بذلك عن موضوع القصة عامة وتفصلها بصورة على صفحة واحدة تقابلها جملة أومقطع وصورة على صفحة واحدة، وهذا يختلف مع سن النموعند الطفل.


والصورة توضح شخصيات القصة فتحبب بها أوتنفر منها، فشخصيات قصص كثيرة أصبحت أليفة لدى الأطفال بعد أن تعرفوا إليها شخصياً، فالدب الأبيض "توم" و"طرزان" "وسبيرو" و"رين تين تين" و"سوبرمان" و"استريكس وأويليكس" و"طارق" و"برق" و"الوطواط" و"لولووطبوش".

ب- أشعار وأناشيد:

كما أسلفنا في تحديد يشتمل أدب الأطفال، أنه لا يقتصر فقط على الكلمة فقط، فكل ما يقدم على معظمه من أشكال الفنون المرتبطة بالقصة أوبالموجه العام هو أدب أطفال.

من هنا تصبح الأناشيد على أنواعها والأشعار مادة مهمة جداً في أدب الأطفال ولا سيما بما تحويه هذه من روحية موضوعية يجب على الطفل التعرف إليها وهضمها عدا عن القائها أوالتغني بها مترنماً. ومن موضوعات الأشعار والأناشيد نعدد:

1- الوطنية: التي تحبب بالوطن وتذكي في الطفل الروح الوطنية.

2- الأخلاقية: التي تحث على أخلاقية مثالية يجب اتباعها.

3- الانتقادية: التي تنتقد خصالاً سيئة أومسالك معوجة.

4- الاجتماعية: المصورة للمجتمع في عاداته وتقاليده.

5- المضحكة: وهي الفكاهية التي تضحك الصغار وتبهجهم.

6- الأعياد العائلية والموسمية: أعياد ميلاد، الأم، الربيع، الشجرة.

7- الوصفية: للطبيعة وما فيها من حيوان ونبات وإنسان.

8- الفولكلورية: التعريف بالتراث.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
176

163

الجلسة الثالثة

 وغيرها موضوعات كثيرة تتناول الحياة بكاملها.


وتقدم القصص المصورة والأشعار والأناشيد عبر وسائل كثيرة نذكر منها:

1- الكتب المطبوعة:

التي تحدثنا عنها خلال عرضنا للكتب والمنشورات.

2- الأفلام والأشرطة السينمائية الخاصة:

وهي تقدم روائع الفكر العالمي المقدم للأطفال، ونعني بالأفلام، الأفلام الطويلة التي تعرضها دور السينما للأطفال، وقد لاحظنا منذ مدة في لبنان بعض دور السينما تخصص حفلات قبل الظهر لأفلام الأطفال ويكون الرواد من الأطفال ومرافقيهم، وفي هذا المجال نرى المخرجين والممثلين ممن تخصصوا في تقديم أعمال مهمة للأطفال. ويضيق المجال هنا لتعداد ما قدم عالمياً في هذا المجال. ونحن عربياً لم نعرف بعد إلا بضعة أعمال تجريبية، قيل عنها أنها للأطفال ولكنها من التفاهة والركاكة بمكان، لكن المسارح العربية استطاعت أن تسد فراغ الأفلام. ففي مصر خصص للأطفال "مسرح البالونة" وفي سوريا "المسرح القومي" وفي لبنان كان قد نشأ "المسرح الوطني" الذي قدم برامج خاصة بالأطفال ولكنه توقف مع وفاة رائده ومؤسسه "شوشو" حسن علاء الدين .

أما ما نعنيه بالأشرطة فهو ما سماه الفرنسيون "Ebandes dessineos" وهي أشرطة سينمائية يمكن لكل أصحاب الات العرض الصغيرة شراؤها وعرضها وقد عرفت بعض مدارسنا نوعاً منها كما عرض البعض الاخر نوعها في استعمالها في تعليم اللغات الأجنبية، حسب الطريقة السمعية البصرية. على هذه الأشرطة يمكن تصوير القصص والأشعار والأناشيد ويمكن في نفس الوقت أن تكتب على الشريط المعروض كلمات القصة كما يمكن أن يرافق الشريط المصور تسجيلاً صوتياً أوموسيقياً يعطي الصورة الحياة من خلال الموسيقى والكلمة.

3- التسجيلات والاسطوانات:

الوسيلة الأخيرة التي يمكن تقديم أدب الأطفال عبرها هي التسجيلات والاسطوانات وندرك كم أصبحت إمكانيات التسجيل بسهلة متنوعة تخول مطلق
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
177

164

الجلسة الثالثة

 إنسان استعمالها وفي أي مكان وجد فيه، لقد قدمت التطورات الجديدة لالات التسجيل الكثير من الامكانيات إلى حد أن الطفل نفسه إذا كان شغوفاً بما قد يسمع، فإنه يدير بنفسه ما شاء، ولقد شاعت الأشرطة المسجلة شيوعاً لا تمثيل له في أقطار العالم.

 
وفي لبنان نجد العديد منها يحوي قراءات لقصص أوتمثيل لها، وقد أخرجت باتقان وألصقت على كرتون عليه صور ملونة ويحمل عنوان القصة وأبطالها، لكن معظم المقدم في هذا المجال هو حديث وعفوي ومع خلفية سياسية فقط، أما عالمياً فهي ناضجة وموجهة وهادفة إلى الموضوعات التي يجب أن يتناولها أدب الأطفال.
 
وتكمل الأسطوانة عمل الأشرطة ولكن باتقان فني واخراج أفضل من اخراج الأشرطة، وإذا عدنا إلى الاسطوانات المهتمة بهذا المجال لرأيناها كثيرة ومتنوعة، وهي إما تقع في سلاسل أوفي مجموعات من اسطوانتين كذلك هناك احجام هذه الاسطوانات وسرعة دوراتها وهذا ما يؤثر في اخراجها بطرق مختلفة، وقد ترافق الاسطوانة ملفات تفصيلية تحوي صوراً تمثل مضمون محتويات الأسطوانة. وانبرى عالمياً كبار الممثلين المسرحيين والسينمائيين والاذاعيين لتسجيل هذه الأسطوانات كما عمل في موسيقاها واخراجها أشهر الموسيقيين والمخرجين، فنحن إلى حد كبير نجد معظم الأدب الفرنسي العالمي أوالشعري أوالنثري أوالطفولي على اسطوانات لعل أشهرها اسطوانة "الأمير الصغير" التي سجلها أشهر ممثل في "الكوميدية الفرنسية" جيرار فيليب، وهذا ما نلاحظه كذلك في جميع الأقطار المتقدمة.
 
أما عندنا فقد أصدر بعض الموسيقيين وحدهم أوبالتعاون مع بعض الزجالين بعضاً من الاسطوانات يعتبر بعضها جيداً والاخر لا بأس به كمحاولة أولى. وبعض هذه الأسطوانات يشيع في رياض أطفالنا ونسمع أولادنا يرددون محتوى أغانيها وإذا تذيع في فترة برامج الأطفال بعضاً منها. لكن الأسطوانات المحلية قليلة جداً 1وليس بامكانها أن تغطي الأهداف والموضوعات الطفولية.
 
 
 

1- أ أناشيد الاخوة فليفل. ب إلياس الرحباني: ألحان حكايات وأغاني الأطفال. سلسلة "صوت الشرق": قصص وأغاني وأناشيد للأولاد والأطفال. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
178

165

الجلسة الثالثة

 ثانياً: القصة في التربية:


القصة نوع من الأدب له جماله وفيه متعة، ويشغف به الصغار والكبار إذا أجيد انشاؤه، وأجيدت وساطته، وأجيد تلقيه، والقصة أدب مقروء أومسموع. وهي عند من لا يعرف القراءة أدب مسموع فقط، أما للقارى‏ء فهي أدب مقروء ومسموع معاً.

أما الإنشاء فهو وضع القصة وتأليفها، والمنشى‏ء هو كاتب القصة، لأنه ينشئها إنشاء، سواء أكانت القصة من خلقه أم اختياره، والوساطة هي سرد القصة للسامعين أوقراءتها لهم. وهي تشمل موقف السارد من السامعين، ولغته، وصوته، وحركاته وتمثيله للحوادث، والروح السائدة بينه وبين المستمعين، والوسيط هو من ينقل القصة ويسردها للسامعين بلغة المنشى‏ء أوبلغته هو. وقد يكون الوسيط هو المنشى‏ء نفسه كأن يسرد المنشى‏ء قصته بنفسه. والتلقي هو سماع القصة، ويشمل حال السامعين في جلستهم أووقوفهم، ودرجة انتباههم القسري أوالاختياري، ودرجة تأثرهم بالقصة ومشاركتهم الوجدانية لابطال القصة، والصورة الذهنية التي تثيرها القصة أوتثيرها الوساطة في نفوسهم، والمتلقي هو الفرد أوالأفراد الذين يسمعون القصة أويقرؤونها، وقد يسقط الوسيط فيكون المتلقي هو وسيط نفسه، كأن يقرأ الإنسان القصة المكتوبة.

ولكل من الإنشاء، والوساطة، والتلقي أصول وقواعد يجب أن تراعى حتى تخرج القصة فنية جديرة بأن تسمى قطعة من الأدب.

إنشاء القصة:

ويشمل إنشاء القصة ثلاثة أشياء أساسية:

1- الفكرة التي تتضمنها القصة، والناحية النفسية لها، ومناسبتها للقارى‏ء أوالمستمع كما يدخل ضمن الفكرة طول القصة وقصرها.

2- ترتيب عناصر الفكرة وانسجامها.

3- اللغة والأسلوب الذي تصاغ به الفكرة.

ولمعرفة أي القصص أكثر ملاءمة للطفل، اتفق العلماء على دراسة القصة من حيث الأطوار المختلفة للنموالعقلي والوجداني، وما يهمنا هو:
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
179

166

الجلسة الثالثة

 الطور الواقعي المحدود بالبيئة: وهو من سن الثالثة إلى الخامسة تقريباً، فالطفل مشغول في هذا الطور بكشف البيئة الواقعية المحدودة المحيطة به.


لهذا كان أنسب القصص ما احتوى شخصيات مألوفة من الحيوانات، والنبات وحوادث عنها، أوشخصيات بشرية مألوفة له كأمه، وأبيه، والطفال الصغار مثله، على أن تكون لهذه الشخصيات صفات جسمية سهلة الإدراك، كالدجاجة الحمراء والبنت ذات الشعر الأصفر، ولهذا يجدر أن تكون هذه الشخصيات حتى الجماد منها متكلمة أوذا أصوات وحركات.

ولما كان الطفل قصير مدى الانتباه في هذا الطور كان ضرورياً أن تكون القصة قصيرة، وأن تكون حوادثها سريعة الوقوع.

هذا، وفي منتصف هذا الطور يبدأ الخيال في النمو ويقوى بالتدريج، ولكن يجب أن نذكر أن الخيال هنا محدود بالأشياء التي في بيئة الطفل، كأن يتخيل الوسادة حصاناً يمتطيه، والكراسي أطفالاً مثله يحادثهم ويضربهم إذا غضب. وهو لهذا يسر بأنواع القصص الخيالية ذات الشخصيات الخرافية التي يعرف عنها شيئاً في حياته الواقعية.

طور الخيال الحر: وهو من الخامسة إلى الثامنة أوالتاسعة تقريباً، وفي هذا الطور يتوق الطفل إلى تخيل بشي‏ء اخر وراء الظواهر الطبيعية الواقعية التي خبرها بنفسه، لهذا يجنح إلى بيئة الخيال الحر التي تظهر فها الملائكة والحور والجنيات العجيبة والساحرات والعماليق والأقزام.

والغالب أن الأطفال يتساءلون: وهل وقعت هذه القصص حقاً؟ فيجب أن يكون جواب الحادقة: لا، وإنما هي قصة فقط.

أما عناصر القصة فهي الحوادث والواقع التي تحاك منها القصة، ولا بد في هذه العناصر من شخصيات، ومن حوار يقع بين هذه الشخصيات، ومن روح تسود هذه الشخصيات وتحدد العلاقة بينها، وكلها تعمل مجتمعة لإبراز الفكرة التي من أجلها وضعت القصة.

وتصاغ القصة في ثلاث مراحل: المقدمة، والعقدة أوالعقد، والحل.

فالمقدمة تمهيد قصير للفكرة التي في القصة، ثم تليه الحوادث والعقدة هي المشكلة 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
180

167

الجلسة الثالثة

 التي تظهر أثناء القصة وتحتاج لحل، وهي تثير في نفس الطفل الرغبة في الكشف ومعرفة ما سيجيى‏ء بعد ذلك، وهي تشحذ انتباه الطفل المتلقي، وتجعله يفكر في حلول لها، أوتفاسير للموقف الغامض، ثم يجيى‏ء الحل بعد ذلك فيشعر الطفل بالراحة، ويهدأ نشاطه، ويحدد موقفه من الشخصيات ويشعر بنهاية الحوادث.


بعض القواعد الأساسية التي يجب أن تراعيها الحادقة:

اختيار القصة:

إن لبعض الحادقات قدرة على سرد نوع خاص من القصص بطريق أبرع من سرد الأنواع الأخرى، والحادقة لا تستطيع أن تقيد نفسها بالنوع الذي تجيد سرده لأن القصص التي ستسردها لتلاميذها مختارة لها ومحددة من قبل المدرسة، وهي متنوعة، فليس للحادقة اختيار نوع واحد بعينه دون غيره، ولكن على الحادقة أن تكتشف في نفسها النوع الذي تجيد سرده أكثر من غيره، وأن تحاول نقل هذه القدرة بطريق التمرين إلى الأنواع الأخرى.

كما إن هناك عوامل ترجح اختيار قصة على أخرى وهي الظروف المكانية أوالزمانية للتلاميذ.

ولتلاحظ الحادقة أن بعض القصص صار مضحك، وبعضها جدي محزن، فلتجعل اختيارها متنوعاً حتى لا يمل التلاميذ إذا توالت عليهم القصص الجدية وأخرت المضحكة.

اعداد القصة قبل دخول الفصل:

إن كل دقيقة تنفقها الحادقة في التفكير في القصة واعدادها قبل الدرس إنما تساعدها على سرد قصتها بسهو لة ولباقة ثم عرض حوادثها أمام الأطفال عرضاً واضحاً كأنها صور الخيالة لأن الحادقة نفسها تكون قد فكت فيها، وتصورتها واضحة وأعدت عباراتها قبل الدرس.

جلسة التلاميذ أثناء سرد القصة:

إن كل ما يرجى من التلاميذ أثناء سرد القصة أن يصغوا إليها بدافع من أنفسهم، وأن يستولي السرد على عقولهم وقلوبهم، فيتتبعوا حوادث القصة ويعيشوا مع أبطالها.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
181

168

الجلسة الثالثة

 فالمهم أن نترك الطفل ليجلس الجلسة التي تريحه، وله أن يقف إذا شاء، وبهذا يتخلص جوالقصة من الوضع الرسمي الذي يصاحب الدروس المدرسية عادة، وتكون الحادقة والأطفال طبيعيين.


ومن الضروري أن يكون الأطفال قريبين منها لأن القرب المكاني يخلق فيهم الشعور بالقرب الروحي، ولأن القرب المكاني يساعدهم على سماع صوت الحادقة وملاحظة حركاتها بوضوح، وتمكين للحادقة من الاشراف على كل التلاميذ ورؤيتهم، مجتمعين قريباً منها، بمجرد نظرة واحدة.

لهذا نرى أن خير جلسة للتلاميذ أثناء سرد القصة هي التي يلتفون فيها حوله على شكل نصف دائرة، أوقريباً من نصف الدائرة.

وعلى الحادقة ألا تدع التلاميذ يجلسون أويقفون عند طرفي نصف الدائرة بحيث لا تستطيع رؤيتهم حين جلوسهم أووقوفها لسرد القصة.

أما الحادقة نفسها فتجلس على مقعدها أومقعد اخر منخفض، مستقبلة التلاميذ وتنظر إليهم في بدء الدرس نظرة شاملة، تستدعي بها انتباههم. ويصح ألا تجلس الحادقة مباشرة عند بدء القصة، بل تبدأ في السرد واقفة وتستمر بضع دقائق لتهيى‏ء نفسها تدريجياً للجلوس أثناء سردها مقدمة القصة، ثم تجلس بعد ذلك.

سير الحادقة في سرد القصة:

يتوقف شوق التلاميذ وانتباههم على مقدرة مهارة الحادقة في السرد، وإجادتها إياه. والتلاميذ في السن المبكرة لا يستطيعون حصر الانتباه طويلاً ولا الجلوس مدة طويلة في وضع واحد. من أجل ذلك على الحادقة أن تتذكر دائماً ما يأتي:

إن انتباه التلاميذ أثناء القصة هو في الغالب انتباه قسري، مبعثه تأثرهم بالقصة وحوادثها وطريقة سردها. وإن بقاء الانتباه في يدها هي.

إنه من الصعب أن يظل التلاميذ طول مدة السرد محافظين على جلسة واحدة، فلتتوقع الحادقة منهم تغييراً في الجلسة أثناء السرد، وفي حال كثر التغيير وبدى على التلاميذ الملل عليها أن تبحث عن السبب.

إن حوادث القصة ترد على التلاميذ في سلسلة من الصور الذهنية التي يجب أن 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
182

169

الجلسة الثالثة

 تكون متصلة الحلقات لكي تكون وحدة القصة. ويجب ألا تقطعها الحادقة بأمرها تلميذاً بالمحافظة على النظام أوالسكوت أوعدم اللعب.


إن التلاميذ أثناء التلقي يتخيلون أنفسهم شخصيات في القصة تلعب أدوارها المختلفة، فهم يشاركون الحادقة بخيالهم في سير الحوادث.

إن التلاميذ أثناء التلقي يشاركون الحادقة بوجدانهم في مواقف الحزن والفرح، ولا سيما إذا أجادت الحادقة عرض هذه المواقف.

إن الأطفال بعد سرد القصة يستطيعون أن يعبروا عن بعضها أوكلها بواحدة من طرق التعبير، وهي الإجابة عن أسئلة توجه إليهم، أومجرد سرد بعض حوادث القصة أوكلها، أوسرد الحوادث مع التمثيل، أوالرسم والتصوير.

إن القصة لا تحتاج عادة إلى أدوات الكتابة، ولذلك يجب على الحادقة الخروج بالتلاميذ، وسرد القصة في الهو اء الطلق كلما أمكن ذلك.

كيفية سرد الحادقة القصة للتلاميذ:

بعد أن تتم الحادقة إعداد القصة تتقدم لسردها للتلاميذ متى جاء زمن السرد. وهنا يجب أن يراعى ما يأتي:

مكان السرد:

وليس من الضروري أن يكون داخل حجرة الدراسة، بل يمكن أن يكون خارجها في أي مكان تراه الحادقة صالحاً لجلوس التلاميذ ولسماع القصة. 

جلسة القصة: تم شرحها سابقاً .

لغة القصة:

تستطيع الحادقة أن تقتبس من أسلوب الحكاية بعض العبارات والتراكيب لكي تستعملها هي أثناء السرد، على أن يستطيع التلاميذ فهمها.

أما لغة سرد القصة فالمفروض أن تكون بأسلوب أرقى قليلاً من أسلوب التلاميذ أنفسهم وأقل من أسلوب القصة الذي في الكتاب، بحيث يفهمه التلاميذ، وعلى الحادقة أن تستعمل أثناء السرد ألفاظاً وعبارات قليلة جديدة على التلاميذ، ولكنها سريعة الالفة والتذكر، وهكذا تنموذخيرة التلاميذ اللغوية بالتدريج.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
183

170

الجلسة الثالثة

 صوت الحادقة أثناء السرد:


على الحادقة أن تبدأ سرد القصة بالتمهيد بداية القصة بصوت هادى‏ء مسموع، ثم يرتفع شيئاً فشيئاً. ويتغير في ارتفاعه وانخفاضه ونغمه، بحسب المناسبات التي توجدها حوادث القصة وعندما تصل الحادقة إلى العقدة وحوادثها يجب أن تعرضها بصوت يشعل انتباه التلاميذ وبصورة تجعلهم يتطلعون للحل. ومتى أخذت الحادقة في سرد الحل وجب أن تشعر عبارتها ونغمة صوتها بانتهاء القصة.

إظهار الشخصيات بمظهرها الحقيقي:

على الحادقة أثناء السرد أيضاً أن تعطي كل شخصية صورتها الحقيقية، ومظهرها الطبيعي كما في القصة، فلا تظهر الأمير مثلاً بمظهر الخادم، لأن الحادقة إن فعلت شيئاً من هذا فإنها تضعف من قوة القصة، ومن تأثيرها في نفوس السامعين.

المواقف الوجدانية:

أما المواقف الوجدانية في القصة فعلى الحادقة أن تظهرها أثناء السرد، بحيث يخيل للطفل أنها صورة حقيقية لوجدان الحادقة. فإذا كانت الحال تستدعي الاستعطاف، وجب أن يكون صوت الحادقة وموقفها وتقاطيع وجهها دالة على هذه الأحوال الوجدانية.

كما أنه من الخطأ أيضاً أن تسمح الحادقة للتلاميذ بمناقضة وجدانها كأن يضحك تلميذ في حالات تستدعي الأسف والتألم .

تقليد الأصوات:

لبعض الناس قدرة على تقليد أصوات الحيوان الجماد، كصوت الأسد، وخرير المياه، والحادقة بحكم وظيفتها مطالبة بمحاولة تقليد أصوات الحيوان والجماد الذي يرد في القصة، خاصة وأن في ذلك خلق لروح القصة وتأثيرها في نفوس التلاميذ.

التغلب على عبث التلاميذ أثناء السرد:

قد تجد الحادقة واحداً من التلاميذ منصرفاً عن القصة، عابثاً، ففي مثل هذه الحال يجب ألا تقطع سرد القصة لكي تبطل عبث هذا التلميذ، بل تستطيع أن تذهب
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
184

171

الجلسة الثالثة

 إليه بهدوء وتأخذه بيدها وتحضره لتجلسه أوتوقفه بجانبها، أوقد تكتفي الحادقة بذكر اسم التلميذ وتنظر إليه نظرة لوم.


تجنب التكرار الالي لعبارات محفوظة:

لبعض الحاد قات عبارات محفوظة يرددنها فرغوا من شرح نقطة، أوسرد حادثة مثال: مش هيك وهذه عادة غير محمودة وهي تقطع سلسلة سرد الحوادث من غير داع.

ثالثاً: أنواع قصص الأطفال:

يصعب الاعتماد على معيار واحد في تقسيم قصص الأطفال "لذا نجد تقسيمات حسب الموضوع أوحسب الشخصيات، أوحسب علاقتها بالواقع أوالخيال"..لكن التفسير الأكثر شيوعاً هو الذي يقسمها إلى خرافات وقصص حيوان، وقصص بطولة ومغامرة وقصص خيال علمي، وقصص خيال تاريخي، وقصص فكاهة.

1- الخرافات:

الخرافات حكايات يتضح فيها دور البطل الذي يجاهد، ويقوم بسلسلة من المخاطرات حتى يستطيع بها تحقيق هدفه. وتدخل في الخرافات قوى خارقة غير مرئية كالعفاريت والجان والكائنات المسحورة.

وتتجه الخرافة اتجاهاً أخلاقياً عادلاً، فهي تكافى‏ء الخير وتقتص من الشرير وهي تنتهي عادة نهاية سعيدة.

ولا تكشف الخرافة عن ارتباطها بزمان أومكان.

وشخصيات الخرافة تبدومسطحة، فالبطل في كثير من الأحيان لا يتعب ولا ينهزم ولا يموت. 

ويرجع تعلق الأطفال بالخرافات إلى أسباب عديدة منها كونها سبيلاً لتحقيق كثير من الرغبات النفسية الحبيسة في جو خيالي.

2- قصص الحيوان:

القصص التي تقوم الحيوانات بدور الشخصيات فيها يطلق عليها اسم قصص الحيوان. ويبدوأن هناك نوعاً من الصلة بين الأطفال والحيوانات وقد يرجع ذلك
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
185

172

الجلسة الثالثة

 إلى السهو لة التي يجدها الأطفال في تقمص أدوار الحيوانات، كما أنها تتيح لهم أن يمارسوا التخيل والتفكير دون عناء لاعتمادها على الصور الحسية في التعبير. 


3- قصص البطولة والمغامرة:

يدخل ضمن قصص البطولة والمغامرة مجمل القصص التي تنطوي على القوة أوالشجاعة أوالمجازفة، أوالذكاء الحاد، ومن هذه القصص ما هي واقعية مثل القصص البوليسية، ومنها ما هي خيالية، وهي التي تميل إلى إيراد بطولات لا وجود لها في الواقع.

ويمكن اعتبار قصص الخوارق من بين قصص البطولة أيضاً، رغم أنها تتجاوز البطولة إلى الاتيان بما هو قابل للتحقيق فعلاً، ويؤخذ على هذا النوع من القصص أنها تدفع الأطفال أحياناً إلى محاكاة أبطال لا وجود لهم أصلاً، ولجوئهم إلى الحلول الهروبية مما يعترض حياتهم من مشكلات.

4- قصص الخيال التاريخي:

وهي تختلف عن "القصة التاريخية" التي تستوحي أحداثها أوشخصياتها من التاريخ، أما قصص "الخيال التاريخي" لا تستهدف نقل الحقائق إلى الأطفال، بل تهدف إلى مساعدتهم على تخيل الماضي، والاحساس بأحزان وأفراح الأجيال التي سبقتهم، إضافة إلى تخيل أوجه الصراع بين البشر، حيث تتهيأ للطفل من خلالها فرص الخوض في غمار المشاركة في حياة الماضي، والشعور باستمرارية الحياة مع "رؤية أنفسهم" في موقعهم الحاضر في مسيرة الزمن.

5- قصص الخيال العلمي:

تتعامل قصص الخيال العلمي، مع الامكانات العلمية والتغيرات التي تحصل في المجتمع، وهدف هذه القصص اقتراح فروض واقعية عن مستقبل البشر، أوعن طبيعة الكون. وهذه القصص وثيقة الصلة بالتطور السريع في العالم اليوم، وهي تقوم على التنبؤ إلى حد بعيد، لذا تسمى هذه القصص أحياناً قصص التنبؤ أوقصص المستقبل أوقصص الاستباق.

6- القصص الفكاهية:

ينجذب الأطفال إلى القصص الفكاهية بشكل ملفت للنظر، حيث يجدون فيها وفي 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
186

173

الجلسة الثالثة

 الطرائف والنوادر ما يضحكهم، وهي تعتمد على الايحاء غير المباشر أسلوباً، في جوبعيد عن التوتر، وعلى هذا فهي ليست مبعث هزل عابر، بل هي تنير خيال الطفل وتفكيره، وهي تتميز بالقصر والبساطة، وتكون عقدتها في النهاية.


رابعاً: خصائص كتاب الأطفال:

ولمعرفة جودة الكتاب قبل اختياره لمكتبة الصف نطرح هذه الأسئلة حول:

1- تنظيمه العام:

ما هو هدف الكتاب؟

لأي طفل كتبه؟

هل يحترم القاعدة الصحيحة للنوع الذي ينتمي إليه؟

هل عند الكاتب الأمانة العلمية في سرد المعلومات؟

هل في عالم العجائب والغرائب Le merveilleux انسجام ومنطق ضمن المؤلفات التي تحكي عن الجنيات في عالم الخيال؟

2- حول القيمة النفسية للكتاب:

هل القصة لها علاقة بعالم الطفل ورغبات هذا الطفل؟
كيف يجيب الكتاب عن حاجات الطفل؟

3- حول قيمة الكتاب الأخلاقية:

هل الكتاب ينقل الدرس الأخلاقي أم أن سياق القصة يعلم الطفل السلوك المتكيف؟

4- حول قيمة الكتاب الأدبية والفنية:

هل الحبكة متماسكة، متميزة ومثيرة؟
هل أن صفات وميزات الشخصيات واضحة ومبينة بالشكل اللازم؟ بأية وسيلة توصل الكاتب إلى ذلك؟
هل الأسلوب يتوافق مع عمر الأطفال: واضح، بسيط، مصور، ومتناسب مع القصة؟
هل الصور قادرة على إثارة الحس الجمالي عند الصغار؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
187

174

الجلسة الثالثة

 وبعد اختيار الكتاب يبقى أن نبحث في عناصر القصة التي يحتوي عليها وكذلك ترتيبها وصوغها:


العناصر: هي الحوادث والوقائع التي تحاك منها القصة ولا بد في هذه العناصر من شخصيات وحوار بين الشخصيات، ومن العلاقة بين الشخصيات أنفسهم، وكل هذه تعمل من أجل اظهار فكرة ما...

ومراحل هذه القصة ثلاث: المقدمة، العقدة والحل.

1- المقدمة:

هي تمهيد صغير أومدخل إلى القصة.

2- العقدة:

هي المشكلة التي تظهر أثناء القصة وتحتاج إلى حل، أوالموقف الغامض الذي يحتاج إلى تفسير، إنها توصل السامع إلى قمة نشاطه الذهني.

3- النهاية، أوالحل:

تدخل نفس السامع الراحة، فيهدأ نشاطه ويحدد موقفه من الشخصيات، وقد يكون هناك في القصة الواحدة عقدتان أو أكثر.

أما صوغ القصة فيتراءى فيه الأمور التالية:

1- التوازن بين مراحل القصة: عدم الاسراف في المقدمة وعدم المبالغة في عرض العقدة، والاطاحة بحوادثها ثم يؤخر الحل في المواقف التي تحتاج إلى حل سريع. 

2- المحافظة على وحدة وترابط عناصرها: عدم التشعب في الحادثة الواحدة حتى لا يضيع الكاتب.

3- أن تكون الشخصيات طبيعية بسيطة تدل على أفعالها وأقوالها على حقيقتها في القصص الحقيقية الواقعية أما في الخيالية فإن الشخصيات غير حقيقية أوطبيعية في سلوكها.

4- أن لا يعرض الكاتب كل بشي‏ء بعبارة صريحة حتى يترك للسامع مجالاً للخيال.

5- أن يكون الحوار بين الشخصيات طبيعياً لا تناقض ولا تصنع فيه.

6- أن لا ينقلب الكاتب إلى واعظ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
188

175

الجلسة الثالثة

 7- أن تتدرج القصة في حوادثها وتشويقها حتى تحتفظ بانتباه المتلقي فلا يمل مواصلتها.


8- مواصفات كتاب الطفل المصور الجيد من حيث:

1- العنوان: يجب أن يكون قصيراً ومبتكراً، مكتوباً بخط واضح وكبير، وهو في أكثر الأحيان يكون اسماً للبطل أوالأبطال: علي بابا وأربعين حرامي، الأسد والأرنب، الخنازير الثلاثة،.. الخ.

2- الغلاف: ذوألوان جذابة وموحية، ومن الأفضل أن يكون مصنوعاً من الورق المقوى ومغلف بمادة بلاستيكية حتى يسهل استعماله وتنظيفه. 

3- الاخراج: متناسب مع النص الصغير، الألوان موزعة على الصفحات: إن الكتاب الذي يحتوي على صفحة عليها صورة وثانية سوداء ملأى بالنص لهو كتاب غير مناسب للصغار، هناك طريقة جيدة في الكتب هي تلك التي تفوح من صورة زهرها رائحة عطرة أومن دخانها رائحة الحريق إلى غير ذلك من الروائح المنبعثة من الرسومات. 

أما الصورة فيجب أن تكون واضحة المعالم ولا تحتمل عدة مفاهيم بل هي تعبر مباشرة وببساطة عن النص. من الأفضل أن تكون كبيرة لأنه يصعب على الطفل ملاحظة الصورة الصغيرة بجميع أجزائها. 

إن دور النشر تخصص اليوم فنانين في الرسم يهتمون بالصورة فقط وهم يحاولون دوماً خلق الصورة الموحية والمعبرة في ان واحد والتي تتجاوب مع رغبة الصغار في هذا الطور من النمو، وقد توصل هؤلاء الفنانون في دار نشر "dos loisirs cole" إلى أفضل الصور والألوان في كتاب كان اخر ما توصل إليه الابداع الفني هو Les aventures d 'une petite bullerouge. 

قلنا إن الصورة يجب أن تملأ الصفحة بكاملها، أما الوجوه فتكون خطوطها واضحة المعالم ومتناسبة مع الواقع الحقيقي لصاحبها، كما أنها تكون مناسبة للعصر الذي يعيش فيه الطفل وليست صوراً مضبوبة بقوالب جامدة مضى عليها الزمن، كل هذه الشروط تجعل من الكتاب تسلية وثقافة، وتبعد الطفل عن الضجر. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
189

176

الجلسة الثالثة

 لماذا هذه الصورة؟


* إنها ضرورية لأنها تمسك بالخيال وتساعده على التمثيل الداخلي. 
* لأنها تساعد على الفهم الصحيح للقصة، إن الطفل يسترجعها كلما احتاج إليها. 
* لأنها تساعد على فن العرض واغنائه لذا يجب الغاء الصورة القبيحة. 
* تساعد على تذكر النص، وتعلم العبارات المفيدة. 

وأكبر هدف من الصورة هو جعلها تتكلم وتسرد القصة مكان الراوي. 

4- النص:

النص يجب أن يتمثل بسطر أوسطرين لأطفال الروضة، أما الحرف فيكون متناسباً مع نظر الطفل، واضحاً وكبير الحجم في البداية، ومن الأفضل أن يكتب النص تحت الصورة أوفوقها لأنه ليس له أهمية في هذه الفترة إلا في إشارة الفضول للقراءة، فيما بعد، أما الدور فهو للصورة بالدرجة الأولى. 

ولا بد من الاهتمام بكلمات النص بحيث تكون سهلة ومتبادلة في عالم الصغار فصحى مبسطة وعامية في الأحوال الضرورية لبعض الكلمات فقط... وأثناء سرد القصة تروى بأسلوب أرقى قليلاً من أسلوب الصغار أنفسهم فتستعمل المفردات وألفاظ جديدة قليلة ولكنها سريعة الالفة والتذكر فتعطف الكلمة الصعبة بتفسير مباشر يثبت معنى هذه الكلمة. 

5- الحجم:

ليس هناك من قاعدة لحجم الكتاب المتبع في الروضة لأن الطفل يقدم على الكتاب مهما كان حجمه فأحياناً يحب الصغير جداً لأنه مماثل لحجمه وأحياناً أخرى يفضله كبيراً لأنه يتوق إلى أن يكون كأبيه وأمه كبير الحجم لذا فإن دور النشر طلعت بنوع جديد من الكتب اسمته الكتاب "العملاق" وهو يوازي تقريباً طول الطفل.

إذا عنده أنواع من الكتب من المستطيل والمربع والمستدير وكلها محببة للأطفال.

6- الألوان:

تستهوي الألوان الزاهية الطفل كالأحمر والأصفر والوردي والأزرق... وهو يبتعد عن الألوان القاتمة كالأسود والبني الغامق.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
190

177

الجلسة الثالثة

 لذا فالغلاف والصفحات كلها يجب أن تزهو بهذه الألوان الجذابة والمثيرة في ان واحد.


7- العرض:

وهو يتناول الشكل العام الذي يقدم فيه الكتاب من الناحية الفنية للصورة والألوان والخطوط والتسلسل المنطقي في العرض، وكذلك الانسجام بين الناحية الفنية والأدبية التي تكمل الواحدة منها الأخرى، حجم الصورة مع حجم النص، علاقة الكلمات بالصورة، عدم التكرار في وضع الصورة في نفس المكان من الصفحة، إظهار البشي‏ء الذي نريد لفت نظر الطفل إليه بشكل واضح وكبير التناسب بين الصورة والحقيقة. 

8- اللغة والأسلوب:

المقصود باللغة الألفاظ وبالأسلوب التراكيب حقيقية كانت أومجازية، أن أسلوب الكتب العربية بشكل عام صعب لذا على الكاتب أن يتدنى بأسلوبه إلى مستوى القارى‏ء الذي يكتب إليه: تراكيب وألفاظ سهلة ومألوفة، لغة أرقى بقليل من التي يستعملها الطفل... مات بدل توفي غال بدل ثمين، قلب بدل فؤاد... إذاً استعمال ما خف على السمع والنطق والفهم: اختلاف اللغة من الحقيقة إلى المجاز: مات الملك أسهل بكثير من امتدت إليه يد المنون، الرئيس محبوب بدل من يتربع على عرش القلوب.

يجب اختيار الألفاظ التي تثير المعاني الحسية كالمعبرات والمسموعات والمتحركات والملموسات والمذوقات... وبهذه الطريقة تتكون الصورة الواضحة في ذهن الأطفال.

وهناك من الأساليب ما يشعر السامع بالموسيقى في الألفاظ وهذه القدرة تأتي بالفطرة والممارسة.

أما التكرار والمبالغة فلهما وقع جيد على السامع مثل: الغيم الأسود، الأسود، شعر العجوز الأبيض الأبيض وصوت اللصوص: صو، صو، صو، والأطفال عادة مولعون بهذه الألفاظ وهذا النوع من التكرار. 

إن تنوع الأساليب في القصة هدفه جذب انتباه السامعين، وهو يوفر اللذة في الاستماع إلى التشابيه الموزونة لأن فن سرد القصة هو قبل كل بشي‏ء "فن هي لحقيقة حية" اندريه كليركو Andree Clerco".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
191

178

الجلسة الثالثة

 فن سرد القصة:


مهما تقدمت الوسائل التقنية في وضع الطفل مباشرة أمام التلفزيون أوالراديوأوالأسطوانة فإن الدور الشفهي للقصة يجب أن لا يهمل... على المعلمة إذاً أن تعيد دور راوي الزمن الغابر... إنها تحكي القصة أمام الصغار كما أنه باستطاعتها استعمال الأدوات الحديثة كالمسجلة والراديو.

خامساً: اختيار القصة المناسبة:

إن استشارة رغبة الطفل بالتعلم تدفعه إلى الاقبال عليه والإنتفاع به وتحقيق الأهداف التربوية المرجوة منه وعوامل الإثارة هذه تنطلق من ثوابت بديهية هي:

أن يشعر الطفل بحاجة حقيقية لما يتعلمه.

أن يشبع فيه ميلاً ويسد عنده نقصاً. 

أن يناسب استعدادته الفطرية وطبيعته الإنسانية وخبراته المكتسبة في هذا الإطار، وجب على المعلم وعي ميول الطفل وفهم حاجاته وإدراك خصائص مراحل نموه قبل إقدامه على اختيار القصة الملائمة وكمثال على ذلك نأخذ الطفل ما بين الثالثة والسابعة من عمره وندرس خصائصه النوعية لنختار على ضوئها القصص التي تحترم هذه الخصائص.

الطفل في هذه المرحلة يمتاز ب:

الميل إلى كثرة الحركة. 
حب الاستطلاع لمعالم المحيط الذي يعيشه. 
الميل إلى متابعة الحوادث الخيالية المرتبطة بالواقع. 
الرغبة في الانتقال سريعاً من موقف إلى اخر. 
عدم القدرة على التركيز حول حدث واحد مدة طويلة. 
الميل إلى تقليد من يحب وما يحب. 
سرعة التأثر بالأشياء المخيفة. 
الاهتمام بالحاضر أكثر من الماضي. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
192

179

الجلسة الثالثة

 انطلاقاً من هذه الميزات، ما هي قواعد اختيار القصة المناسبة لها؟


الجواب الشافي يتحدد بالنقاط التالية:

1- أن تنطلق القصة من هدف تربوي نبيل، يلقى قبولاً عند الطفل ويساعده على اكتساب العادات السلوكية السليمة.

2- أن تدور أحداث القصة حول ما يألفه الطفل من أشخاص وحيوانات ونباتات ومظاهر وأخلاق وقيم... على أن تمتاز هذه الأحداث بالحيوية والحركة والحوار.

3- أن يمتزج فيها الخيال بالواقع فالشجرة مثلاً عنصر من عناصر الواقع الذي يحسه الطفل، ولكن كلامها مرفوض لدى الكبار ولكنه مرغوب ومقبول عند الصغار، لأنه يشبه رغبتهم في التخيل الذي لا يبعدهم عن الحقائق البيئية التي تحيط بهم، فهي تخاطب ذلك الخطاب الذي همَّ بقطعها:

تسي‏ء إليَّ حرام عليك        أما أنا ظلٌ يقيك الهجير

4 أن تكون قصيرة ومحدودة الأحداث حتى يستطيع الطفل متابعة أحداثها دون ملل أوجهد أوضغط من المعلم.

5 أن نبتعد عن كل ما يثير الفزع والهلع كقصص الجن والعفاريت والغيلان..لأن هذه تثير القلق في أحلامهم والتوتر في يقظتهم كما تورث عندهم صفات الخوف والجبن في مستقبل حياتهم.

6 أن تكون ما أمكن وثيقة الصلة بحاضر الطفل فلا تجرّه إلى ماض لا يهتم به، أومستقبل لا يعرف عنه شيئاً إلا إذا كانت أحداث الماضي تصوراً واقعاً... أوحالة خلقية وسلوكية لديه.

7 أن تعالج بعضها مواقف خلقية وقضايا دينية واداباً اجتماعية يُراد منها أن تتجسد في سلوك الطفل لينشأ متوازناً في شخصيته وفاعِلاً في محيطه.

أما من الناحية اللغوية والفنية فيمكننا اختصار خصائص القصة بما يلي:

أن تكون فكرتها واضحة ومنسجمة مع المستوى العقلي للطفل. 

أن تكون أحداثها وأشخاصها ناطقين بالهدف المقصود. 

أن تكون طبيعية في تسلسل وقائعها وبعيدة عن التكلف والتعقيد. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
193

180

الجلسة الثالثة

 أن تشتمل على عقدة مناسبة تتحدى تفكير الطفل ليستمتع بترقب الحل. 

أن تناسب في لغتها وأسلوبها المستوى العام للطفل. 
أن توافق في حجمها عمر الطفل ونضجه. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
194

181

الجلسة الثالثة

 2- النص الأدبي وكربلاء  1

 
                                               بسم الله الرحمن الرحيم
 
في الحديث عن كربلاء في النص الأدبي ومدى مقاربته للقيم التي جسدتها تلك الواقعة، لابدّ لنا أولاً من استحضار الدعوة إلى عصرنة وتحديث النص الأدبي العاشورائي الكربلائي، شعراً كان أونصاً مسرحياً أوأي نمط اخر من أنماط التعبير الخاصة به، وبكل ما تعنيه مفردة "العصرنة" أو "التحديث" من دلالة تستوجب الاستفادة من العناصر والتقنيات الفنية والديناميكية في هذه العملية، بما يحقق لنا الوصول إلى النص الذي يحمل سمات عاملي الزمان والمكان، لما يفرضانه من تأثير على طبيعة النص الأدبي، تلك الطبيعة التي لا تنفصل عنه إلا إذا فصلنا النص الأدبي عن هذين العاملين وجعلناه يعيش زمانه ومكانه الخاصين، وهذا ما يعني عزل النص عن حركة الواقع.
 
وتنطلق هذه الدعوة كردّة فعل طبيعي على ما يمارس من عملية إعادة وتكرار للنصوص التقليدية التي تتناول واقعة كربلاء والقيم الإنسانية التي انبثقت عنها، حيث نجد إنّ الكثير من النصوص التي تحكي الواقعة، هي نصوص لا تتعرض إلى القيمة المعنوية التي خلفتها ثورة الحسين، أوأنها لا ترقى إلى المستوى اللائق بها في فعلها الإبداعي المفترض.
 
مما يرسخ حالة من القصور في العملية الإبداعية للنص الأدبي القادر على إضاءة جوانب مهمة من العقل البشري، لم يستطع النص التقليدي أن يصل إليها، علاوة على أنه غير قادر على مثل هذه المهمة، في زمن أصبحت فيه المتغيرات جزء أساسياً من إيقاع الحياة وشروط الإبداع.
 
ومن هنا أدعوإلى إعمال التجريب الواعي في كتابتنا للنص الكربلائي، لما للتراكم 
 
 
 

1- الأستاذ نزار النداوي
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
195

182

الجلسة الثالثة

 التجريبي من دور في الإسهام في العملية الإبداعية، لأننا إنما نسعى نحوكتابة النص الإبداعي الأمثل، ولكون أن الإبداع هو الحركة المستمرة التي لا تقف عند حدود ولا ترضى باحتلالها لمواقع معينة في واقع متحرك متغير. 


أما بشأن النص العاشورائي الكربلائي كفن وأدب له خصائصه وميزاته، فإن الحديث عن مسؤولياته ودوره يقودنا إلى النظر إلى القيمة التي جسدها الحسين وأهل بيته وأصحابه وأدوار البطولة الواعية والتضحية المتميزة التي قاموا بها في كربلاء. 

وهذه هي نقطة الارتكاز التي لا بد للنص الكربلائي أن يقوم عليها، وهذا يعني أن عليه أن يعكس قيم التضحية والفداء التي مثلتها كربلاء، مستفزاً العاطفة الإنسانية في توجيه الفكرة والعقل، بما يخدم الهدف الذي كتب من أجله، خصوصاً وإن كربلاء زاخرة بمعاني العاطفة وبمختلف صورها. فالحسين كان حالة وعي ويجب أن يتعامل معها النص الأدبي بوعي مقابل. 

ومن هنا تأتي الدعوة إلى أن يدخل الأديب والكاتب ساحةَ الإبداع في كتابة النص وهو يحمل من مقومات الإبداع ما يمكنّه من إضافة ما هو جديد في هذا المجال. 

وكمثال لا يزال قائماً بكل تأثيراته رغم انقضاء حوالي الأربع عقود على تأسيسه، أود الإشارة هنا إلى النص الذي قدّمه المرحوم الشيخ عبدالزهراء الكعبي المشهو ر والمعروف ب" المقتل " الحسيني، مع الاحتفاظ ببعض الملاحظات التي قد تتغير وتتحرك بين ساحة وأخرى.

بالإضافة إلى جهو د أخرى قدّمت في شأن كتابة القصيدة الكربلائية، لكتّاب وشعراء أبدعوا نماذج أسهمت في بلورة نتاج عاشورائي وكربلائي جديد، كالشاعر الشهيد علي الرّماحي الذي قدّم نموذجاً لائقاً بأن يصبح مدرسة مجدّدة وجديرة بالمتابعة.

مع عدم إغفال ما قدّمه وما يزال يقدّمه الشاعر الأستاذ جابر الكاظمي في الكثير من نتاجه الشعري والممتد لأكثر من ثلاثين عاماً في تجربة إبداعية قامت على أساس التجريب والتراكمات التجريبية للنص العاشورائي، أوما قدّمه الكاتب الأستاذ "عبد الرحمن الشرقاوي" في نصه المسرحي الشعري الحسين ثائراً، ولا يفوتني أن أشير
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
196

183

الجلسة الثالثة

 أيضاً، إلى النص المسرحي الإبداعي حول الحر بن يزيد الرياحي الذي كتبه الشاعر العراقي "عبد الرزاق عبد الواحد" والذي يجعل البطل المتحرك فيه هو ضمير الحر نفسه، حيث يخرج من جسد الحر ليقف أمامه ويبدأ في محاكمته ويجرّه بالتالي إلى أن يلتحق بالحسين نادماً، هذا على الرغم من أن الأخير لا يعيش الحسين انتماءً عقائدياً، ولكنه عاشه انتماءً إنسانياً ومكانياً إن صح التعبير ومع ذلك نراه أبدع ما أبدع بشأن أدب الطف وكربلاء في عمله هذا وفي غيره. 


ولا نستطيع هنا أن نغفل عن السؤال القائل:

أين نحن من كل هذا؟

وماذا استفدنا من التراكمات والتجارب الإبداعية في كتابة النص الكربلائي؟

وما هي الإضافات التي قدّمناها في هذا المجال؟ 

إنّ علينا، ونحن نقف أمام كل نص يتعرض لقيم كربلاء، أن نستنطق النص ونحاكمه ونسأله عن الجديد الذي قدّمه أوالإضاءة التي سلطها على القيم التي تعرض لها، خصوصاً وإنها قيم تختص بأمة وليس بفرد، وإنها تشكل الوجه المعبر عن حقيقة هذه الأمة.

كما أدعوإلى كتابة النص العاشورائي الذي يحمل سمات وملامح العصر ولا يجانب حقيقة الواقعة التي تجسدت فيها كربلاء الحسين.

وإلى تنقية هذا النص من الشوائب التي لحقت به ومن البناء الجانبي الذي ألحق التشويه بالكثير من القيم التي تختزلها كربلاء.

أما فيما يتعلق بشعر الأطفال العاشورائي، فإنّ لأدب الأطفال حساسية خاصّة لا نجدها في غيره من أنواع الأدب، ذلك أن الطفل يؤسس للفكرة التي يتلقاها من دون أن يشغل فكره فيها بالشكل الذي يقوم به من اكتمل أوقارب أن يكتمل عنده النضج الفكري. ومن هنا أتصور إن علينا أن نعمل على تقوية علاقته بالحسين " الرمز " وكربلاء " الرمز " في المقام الأول، من خلال ما نقدّمه له من كلمة مبسطة، وكلمة تحفر في الوجدان " الفطري " والوجدان " الطفل " ومن خلال الطرق المحببة من لحن جميل وأداء مميز وكلمة واعية تبحث عن مكان لها في عمق مشاعره، ولكن بهدوء الواثق.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
197

184

الجلسة الثالثة

 وأود هنا أيضاً أن أشير إلى التجربة التي عشتها أثناء طفولتي، حيث كنّا نقيم مجالس الحسين في سنّ الطفولة ونعني بتأسيس المواكب الحسينية ونطلق الشعارات في المسيرات الخاصة بالأطفال التي تجوب الشوارع، وأذكر الشعار الذي كنّا نردّده أكثر من غيره ممّا كان له الأثر البالغ في نفوسنا، إذ كنّا نتّشح بالسواد تعبيراً عن الحزن ونخاطب الزهراء سلام الله عليها لنعزيها بمقتل ولدها عبر هذا الشعار، ونقول لها ما معناه: لا تبكي يا أمّ الحسين فإن ابنك قتل "السبعين ألفاً" مع التحفظ على حقيقة العدد وصحته . 


لكنني أريد أن أنظر هنا إلى العلاقة التي يؤسس لها هذا الشعار في قلب الطفل مع هذا الحسين "الأسطورة" الذي استطاع بمفرده قتل السبعين ألفاً ليكبر الطفل ويكبر معه الوعي بأن القتل كان قتلاً معنوياً، وأن الحسين بكى لهؤلاء السبعين ألفاً رحمةً يوم عاشوراء، لأنهم سيلحق بهم العذاب بسببه، وليكبر داخله الحسين الذي انطلق من موقع الشعور بالمسؤولية والعطف، حتى وهو يقف أمام قتلته ومحاربيه، لأنه باب من أبواب الرحمة، ولأنه الرمز الكبير في التضحية، ولأنه النحر الذي مرّ بنهر الفرات العطشان، فروّى الفرات من دمه وانطلق، وعندما ينطلق الحسين الثائر والحسين الرمز والحسين الإيثار والتضحية والكرامة والقوة، فإنه لا ينهزم.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
198

185

الجلسة الثالثة

 الشيخ محمد سبيتي


ضمن محاور غنية في طبيعة عنوانها وعناصر مضامينها هو استهداف الطفل بالذات مما تمثله كعمرة وثروة وأمل ورصيد ومتكأ ترتهن له الأمة من تطلعاتها لغد مشرق كريم والاهم في هذا الحدث أوهذه الجبهة.

العمل على إعداده وصقله بمرافد ثقافية وتاريخية وثورية وأخلاقية لينبوعٍ أمثلَ للإقتداء والاهتداء كالحسين عليه السلام وأهل بيته وصحبه وكربلاء تحديداً على مستوى الواقعة والحدث بكل ما تزخر به من معاني ومكرمات في التضحية وصدق الانتماء والإيثار والتجرد والإتقان وعشق الحقيقة والفناء فيها والاستعداد للعطاء المطلق بكل ذات اليد لإحقاق العدالة الإنسانية ومقارعة الظلم والظالمين.

بعد ان قدم نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم كلمة الافتتاحية التي رسم فيها الإطار المبرمج لصورة الناشئة المنشودة وما يمكن أوما ينبغي ان تحمله من قيم ومبادئ وثوابت عاشوراء ضمن دراسة موضوعية ملائمة للأطفال والناشئة.

لتطى‏ء كلمة الدكتور عبد المجيد زراقط تحت عنوان "هل تصلح عاشوراء قصة للأطفال" جانباً رئيسياً يدخل في جملة العوامل التي تؤسس لبداية علمية وموضوعية ناجحة خصوصاً حيثما مارس في كلمته شجاعة بالغة في انتقاد بعض النصوص وأنماط القراءة وشكليات التداول غير المدروسة لموضوعات كربلاء في عاملي الزمان والمكان والكم والنوع وانسجام الخطاب مع المخاطب في نقد لاذع غير مؤلم أكثر الأحيان على خلفية التعاطي المرائي بدافع الغيرة والتعبير باتجاه الصواب.

ومما أضاف إفاضة مثمنة مطعمة بالهدوء وموصوفة بالبرقيات المصوبة لطبيعة القصة العاشورائية الموجهة للأطفال.

مما جاء في كلمة الدكتورة إيمان بقاعي تحت عنوان: "أسلوب القصة المحكية": 

حيث استطاعت بما تيسر لها من دقائق ان تلامس الأهم مما يجدر الإشارة إليه في أيجاز رزين يفي بالغرض ليكمل بعدها سماحة الشيخ علي سليم ملمحاً اخر ومعطىً 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
201

186

الجلسة الثالثة

 جديداً على علاقة وثيقة بما يعد جزء من منظومة الأعمال التي تشكل لحجمها مدرسة وجدانية عاشورائية تلقائية وتلقينية للأطفال والناشئة وفند بذلك المراحل العمرية وخصائص كل مرحلة وميزاتها وما يلائم كل مرحلة على مستوى المادة وأسلوب الخطاب ومواصفات الخطيب وطرائق العرض والنعي والغة والأدب بما ينسجم مع القدرات الاستيعابية لدى الناشئة 


أما المحور الثالث للأستاذة أمل طنانة فقد أشارت فيه الأستاذة إلى طبيعة القيم التربوية والعقائدية والسلوكية التي تستنهضها المجالس العاشورائية مستوحاة من حريم الواقعة الكربلائية وسيرة أهل البيت عليهم السلام حيث استعرضتها الأستاذة بدراستها بمنهجية ونجاح تجلى في إيمانها العميق بسحر اللغة العربية وجميل بيانها وقدرتها على جذب انتباه الأطفال وتحفيزهم على الإصغاء حيث رفضت في مناقشة كلمتها ان تقدم القصيدة الشعرية العاشورائية بأسلوب مبسط أولغة طفولية لقناعتها ان اللغة والطفل قادرين بالتجربة الأكيدة على المواثبة والملائمة والتكيف حيث لا يحتاج الطفل الى كثير من الجهد ليقف على فهم المضمون العام لصحوة القصيدة العاشورائية ويتفاعل معها. 

وقد أغنى المؤتمر فيما أغناه دراسة مركزة لفضيلة الشيخ فضل مخدر تحت عنوان "الشعر في الحدث العاشورائي" معتبراً ان عامود الادب واللغة هو الشعر بما يزخرف ثبات وقوة وقدرة على التأثير والجذب إذا ما حظي بالملائم من مستلزمات البلاغة ومواصفات الخطاب المناسب في المكان والزمان المناسبين. 

لتختتم المؤتمر بكلمة فضيلة السيد حسين حجازي حول أطفال عاشوراء دراسة توثيقية ليؤكد من خلالها حضور عنصر الأطفال في ساحة كربلاء ومبررات حضورها ولعبها دوراً يجدر النظر إليه بعد مزيد أحضان على انه كعامل اعتبار وتأسٍ شكّل الوقود وزيت الفتيل لإبقاء كربلاء مصباح الهدى في طريق قلٍ سالكوه لوعورته وسفينة النجاة لمن اهتدى سواء السبيل...

وتمخض المؤتمر عن باكورة توصيات هي غنية فيما تختزنه من إشارات ودلالات ليس أهمها إنها خلاصة عجين التجارات والخبرات لدى أصحابها من النخب العلمية 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
202

187

الجلسة الثالثة

 العلمائية والأساتذة الذين أثروا المؤتمر وامضوا فيه نهاراً من لون المقاومة ووجها أخر لمعاقلها الأبية وعلى أي حال فحزب الله حينما يتداعى لمجتمع المقاومة والممانعة لاستلهام التاريخ والاقتداء بأشرافه المخلدين ويتنادى مع كل غيارى الأمة واباتها لاحتضان الناشئة وإنقاذها من براثن الغزوالثقافي الدامي ولون الانحراف والضياع وانقلاب الصور والمعادلات واحتلال الاولويات والقيم والثوابت على ان تبقى الاستقامة والفضيلة وصدق الانتماء والولاء خطوط الطول والعرض التي تتظافر نسيجاً رائعاً تتجلى فيه لوحة الخلود وروعة الأمان ومقومات البقاء وتسقط بهائها وإشعاعها كل التنديدات الغبية والتهديدات الساذجة ويسقط معها حلم أصحابها بتسجيل وهم أووثيقة سراب، ان مقاومة تصنع من الموت حياة وخلود ان مقاومة تحبك الكفن بردة عرس وشهادة وتحيل رغيف الكادحين ناراً وانتصاراً وأخيراً ان مقاومة تبقي حبل الماضي بمناقب رجاله على غارب المستقبل ليتصوغ بنيته أصالة،لا محال حاضرها انتصار ومستقبلها انتصار وغداً لناظره قريب. 


والحمد لله رب العالمين
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
203

188

الجلسة الثالثة

 الأستاذ علي يوسف


لم يكن أطفال الأوساط التي تحيي عاشوراء معزولين يوماً عن هذا الحدث وما يقام فيه من مجالس ومسيرات، وما يصحبه من مظاهر الحزن. أكثر من ذلك، لم يعد الأطفال في غير هذه الأوساط معزولين عن هذا الحدث وبعض ما يقترن به، بعد انتشار وسائل الاتصال المرئية أو المسموعة.  
فإذا كان مستحيلاً أو شبه مستحيل عزل الأطفال المعنيين عن مجريات عاشوراء؟ وإذا كان تأثرهم بتلك المجريات أكيداً أو شبه أكيد فكيف نخرج عملية التأثر هذه من إطار العفوية لندخلها في إطار التخطيط الواعي الذي يخفف ما أمكن من التعرض لأخطار نتائج غير مرغوب بها ويزيد من احتمالات تحقيق نتائج مرغوب بها ومقصودة؟

محاولة الإجابة على هذا السؤال المحوري الشائك وعلى ما يستبطنه من أسئلة فرعية شائكة بدورها شكل موضوع مؤتمر متخصص أعدت له ونظمته الوحدة الثقافية المركزية في حزب الله معهد سيد الشهداء للتبليغ والمنبر الحسيني و أقيم في الحادي والعشرين من الجاري كانون الثاني 2003 في مركز الامام الخميني الثقافي برعاية ومشاركة نائب الأمين العام سماحة الشيخ نعيم قاسم. 

لا ريب في ان العمل لإخراج تأثر الأطفال بعاشوراء من المستوى العفوي إلى المستوى المخطط له بوعي هو مشروع شائك ومعقد ويتطلب بالتالي جهوداً متنوعة ومضنية، فالطفل ليس راشداً صغيراً انه كينونة خاصة تنمو ذاتياً بتأثير استعدادات خاصة من جهة وبالتفاعل بين هذه الاستعدادات والبيئة عموماً والبيئة الاجتماعية وفي جانبها الثقافي على الأخص من جهة ثانية. وعلى هذا فان التخطيط لنشاط أو أنشطة موجهة للأطفال والناشئة يتطلب معرفة هذه الاستعدادات وتوزعها على ابعاد الشخصية الجسدية والانفعالية و الادراكية والاجتماعية والروحية ونمو هذه الاستعدادات وتفتحها والخصائص التي تكتسبها في كل مرحلة عمرية، وكيف يمكن مساعدة الطفل على 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
204

189

الجلسة الثالثة

 اكتساب المعارف والمهارات والقيم التي نرغب في مساعدته على اكتسابها ليكون الراشد المرغوب به بالمعايير المؤسسة على نسق القيم التي نتبناه. 


ملاحظتان: 

لم أعرض ما تقدم، مما هو شائع ومعروف للقول ان منظمي المؤتمر قد طرحوا على أنفسهم مشروعاً شاقاً لما يتطلبه تحقيق أهدافه من جهود مضنية ومتنوعة قد لا تتوفر بالتنوع والمستوى المطلوبين وبالإمكانيات المتوافرة و إنما لقول أن أبحاث المؤتمر ومناقشاته ومداخلاته قد أظهرت بوضوح أن معظم المشاركين ان لم نقل كلهم كانوا يحملون هذا الهم ويعرفون صعوباته ومشكلاته، ويدركون متطلباته بكثير من الدقة والوضوح.

إن ما يجعلني بوصفي مشاركاً ومراقباً أرى الوضع بهذه الصورة المتفائلة أمران: 

الأول: الإشكالات التي طرحت في المؤتمر على صورة أسئلة شكلت مداخل إما لأبحاث أو مناقشات أو مداخلات من مثل: أي طفل؟ ما المواقف والقيم التي ينبغي إكسابها للأطفال والناشئة من عاشوراء؟ ما هي الأساليب الملائمة لذلك؟ كيف يمكن ان نساعد الطفل على عدم الوقوع في الإحباط وهو يتعرف إلى مصائر أبطال عاشوراء؟ كيف نجعله يدرك ان انتصار الظالم مرة لا يعني انتصاره دائماً؟ الخ...

الثاني: التوصيات التي نتجت عن البيان الختامي في المؤتمر والوعد بتشكيل لجنة لمتابعتها والتي كان من أبرزها تكليف مختصين بإعداد متون خاصة بمجالس عاشوراء تراعي قواعد التحقيق العلمي في المضمون، ولغة الطفل ومستوى استيعابه في الأسلوب من دون إغفال اهتماماته ودوافعه الخاصة وتوسلها لتشويقه. 

ونختم بالملاحظة التالية: إن الإعداد للمؤتمر وتنظيمه، خصوصاً في ما يعود إلى إعطاء وقت للمناقشة والمداخلات يساوي ثلاثة أضعاف الوقت المخصص للبحث تقريباً، مما يسجل لمعدي المؤتمر ومنظميه، لأنه جعله مؤتمراً بالفعل حيث أفسح في المجال للمشاركة بنقاش أو مداخلة لكل راغب. وفي ذلك تجاوز لما جرت عليه العادة من تسمية مؤتمر حيث لا يوجد إلا المحاضرون ومستمعون. كما يسجل لهم إشراكهم هذا العدد الكبير من ذوي الاختصاصات والتجارب المختلفة: أدباء من كتاب قصة ومسرحية وشعراء وباحثين في التربية وعلماء من اختصاصات حوزوية وقراء عزاء. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
205

190

الجلسة الثالثة

 وقد قام الفرع الإعلامي بلقاء مع بعض الحضور حيث طرح عليهم بعض الأسئلة وحول المؤتمر ونتائجه.


سؤال موجّه للأستاذ علي يوسف
 
س. هل في رأيكم أن المؤتمر قد حقق أهدافه المرجوة منه؟

ج. في الحقيقة، أن الانطباع الذي كونته عن المؤتمر، هو انطباع إيجابي بنسبة عالية.

أولاً: لأن المؤتمر طرح اشكالية هامة وهي كيفية الاستفادة من عاشوراء، وقيم عاشوراء وأحداث عاشوراء، وأشخاص عاشوراء، في تربية ناشئتنا على هذه القيم، وعلى الاقتداء بها.

ثانياً: لأنه تناول مختلف الجوانب والشروط المؤدية إلى انجاح نوع من المجالس العاشورائية، الخاصة بالأطفال، فكان هنالك كلام عن ضرورة مراعاة مستوى مدارك الطفل، وحاجاته، وفي مختلف المراحل، العمرية.

حول الأساليب التي يجب وأن تعتمد في المجالس العاشورائية، طريقة إيصال المفاهيم والاعتماد على القصة، على الشعر، من هذه الناحية أعتقد أن المؤتمر قد حقق أهدافه من حيث أنه شَكَّل هيكلية مبدئية عامة لمجلس عاشورائي، موجه إلى الأطفال.

لكن يبقى ضرورة الاستفادة من كل هذه المعطيات والملاحظات من أجل اعداد، منسق أو مدير لمجلس عزاء يُشترك فيه الأطفال ويوجههم هو.

هذا الإعداد يتطلب إيجاد برنامج خاص لإعداد هؤلاء، يراعي كل ما طُرح من ملاحظات وشروط خلال المؤتمر.

س. ما هي الخصائص التي تميز بها المؤتمر، وما هي أهم المقترحات والتصورات التي خرج بها المؤتمر من وجهة نظرك؟

ج. أولاً: تميز المؤتمر بنظري بحضور مكثف وواسع ولعدد كبير من أهل الاختصاص
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
206

191

الجلسة الثالثة

 في مختلف المجالات، من قارى‏ء العزاء إلى المربي إلى الشاعر، إلى الأديب، وجميع هؤلاء ساهموا بنسبة أو بأخرى في انجاح المؤتمر واغنائه.


تنوع الموضوعات التي كانت تُغطي بنسبة كبيرة كُل ما هو مطلوب لانجاح المؤتمر.

أعتقد أن أهم المقترحات تعدد إلى المسابقة الشعرية، التي تكون بداية، أو أثناء قصائد أو كتابة قصص، هذه من جملة الاقتراحات التي يجب أن تُضاف.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
207

192

الجلسة الثالثة

 سؤال موجّه للشيخ فضل مخدّر


س. ما هو الانطباع الذي ارتسم عندكم حول المؤتمر، وهل في رأيكم أن المؤتمر حقق أهدافه المرجوة منه؟

ج. بالنسبة لموضوع الانطباع، أستطيع القول أنه حقق جزء من الأهداف، بما قدَّم من وسائل وإعداد، وإن كان بالإمكان تطويرها، خصوصاً في موضوع الوقت، ولكنه حقق جزء من الغاية، التأسيس النوعي أو الجديد لمجلس عاشورائي خاص بالأطفال، من حيث الفكرة والنظرة فالدراسات والمداخلات والمقترحات، مجموعها يمكن أن يشكل فكرة تُعتبر انطلاقة لمجلس حسيني، يُعنى بالأطفال.

على مستوى الأهداف بحسب مقررات المؤتمر ودراساته يُمكن أن نعتبر أن الانجاز الذي تم، كان من المفترض أن يكون من وقت أبعد من ذلك.

س. ما هي الخصائص التي تميز بها المؤتمر وما هي أهم المقترحات والتصورات التي خرج بها المؤتمر من وجهة نظرك؟

ج. هناك عدد من المقترحات التي لها علاقة بالخصائص الفنية في الأدب العاشورائي، الخصائص الفنية للقصة، وللأسلوب ومَرّ مُقترح حول تشكيل لجنة تتابع التوصيات التي تصدر عن هذا المؤتمر، والأفكار التي سُجلت في بنود محاضره، وأيضاً اقتراح المدرسة الأدبية، التي يُمكن أن تكون نُواة، لحركة أدبية، عامة في العالم العربي والإسلامي، وهي مقترحات مهمة يمكن الاستفادة منها في المستقبل، وتساهم في تحقيق غاية هذا المؤتمر.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
208

193

الجلسة الثالثة

 سؤال موجّه للأستاذة أمل طنانة


س. ما هو الانطباع الذي ارتسم عندك حول المؤتمر وهل في رأيك أن المؤتمر قد حقق أهدافه المرجوة منه؟

ج. شعرت بغاية السرور لإقامة هذا المؤتمر، باعتبار أنه يضع الأُسس التي يمكن أن نسير عليها في عملنا بأدب الأطفال والكتابة للأطفال، أعتبره مؤتمر ناجح جداً وأعطانا طريق مرسومة وسهلة وواضحة من أجل النهوض بأدب الأطفال، وخاصة الأدب الملتزم والعاشورائي.

تحققت الأهداف بنسبة كبيرة جداً لأننا استطعنا الخروج من هذا المؤتمر بقناعات جديدة وتحديد لأسلوب التفكير والعمل.

س. ما هي الخصائص التي تميز بها المؤتمر وما هي أهم المقترحات والتصورات التي خرج بها المؤتمر من وجهة نظرك؟

ج. الخصائص التي تميز بها المؤتمر أولاً: التنظيم من حيث الشكل.

ثانياً: المضمون العميق للمفاهيم التي قُدمت وطرحت.

ثالثاً: توزيع الاختصاص، اعطاء كل موضوع باختصاص مُعين بحيث أنه أغنى العمل والفكرة والموضوع.

أهم المقترحات كانت الخطة والمنهجية التي قُدمت لمجموعة كبيرة من الأدباء والشعراء كانوا موجودين في هذا المؤتمر، لا يمكن أن يخرج أحدهم إلا بفائدة كبيرة وسيكون هو نواة ليعُمم الفائدة خارج المؤتمر، وهو موضوع مهم جداً ومفيد جداً.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
209

194

الجلسة الثالثة

 سؤال موجّه للأخت رباب الجوهري


س. ما هو الانطباع الذي ارتسم عندكم حول المؤتمر وهل في رأيكم أن المؤتمر حقق أهدافه المرجوة منه؟
ج. هذا المؤتمر يعتبر بارقة أمل جديد، نعلم أن المجالس بدأت منذ زمن طويل ولكنها بدأت فردية.

ويكفي فكرة تثبيت إقامة مجلس عاشورائي للأطفال والناشئة يبدو أنه هدف عظيم.

س. ما هي الخصائص التي تميز بها المؤتمر وما هي أهم المقترحات والتصورات التي خرج بها المؤتمر من وجهة نظرك؟
ج. هذا المؤتمر توفرت له شروط ينبغي له النجاح بشروط وجود ذوي كفاءة عالية، متخصصون، قراء، شعراء.

في مقترح تثبيت وجود قارى‏ء عزاء مختص للأطفال، مقترح جيد. ليتكلم مباشرة مع ذهن الطفل، وهذا ما نصبو إليه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
210

195

الجلسة الثالثة

 سؤال موجّه للدكتور هاشم عواضة


س. ما هو الانطباع الذي ارتسم عندكم حول المؤتمر وهل في رأيكم أن المؤتمر حقق أهدافه المرجوة منه؟
ج. المؤتمر في موضوعه عن المجالس الحسينية وتربية وبناء أطفال وجيل حسيني، لا بد أن يكون إيجابياً.

مجرد طرح الموضوع واجتماع، أناس من أهل الخبرة والاختصاص للتفكير بهذا الموضوع، أعتبره انجازاً.

بالنسبة لتشكيل اللجان وطرح التصورات بالمرحلة القادمة، تُنجز بكامل النجاح.

س. ما هي الخصائص التي تميز بها المؤتمر وما هي أهم المقترحات والتصورات التي خرج بها المؤتمر من وجهة نظرك؟
ج. لفت نظري بالمؤتمر التنظيم، وتوثيق كل الكلمات وتنظيمها الاجراءات العملية المباشرة، سننفذ إن شاء اللَّه متون لهذا الموضوع، ندرس القيم التي سنعطيها للناشئة، ننشى‏ء قراء مجالس للأطفال ومن الأطفال أنفسهم، وهي فكرة جيدة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
211

196

الجلسة الثالثة

 سؤال موجّه للأخت جميلة مصطفى


س. ما هو الانطباع الذي ارتسم عندكم حول المؤتمر وهل في رأيكم أن المؤتمر حقق أهدافه المرجوة منه؟
ج. أولاً أشكر القيمين على هذا العمل ويمكن أن أصف هذا المؤتمر بالإنجاز، أولاً ضروري من حيث المبدأ وثانياً قيِّم من حيث النتائج.

من حيث الأهداف من ناحية نظرية لعله حقق الأهداف لكن من ناحية عملية، فبعد المؤتمر.

س. ما هي الخصائص التي تميز بها المؤتمر وما هي أهم المقترحات والتصورات التي خرج بها المؤتمر من وجهة نظرك؟
ج. من حيث الخصائص الحضور لأصحاب الاختصاص، الحضور المتنوع، شعراء، أدباء، ذوي اختصاص.

ومسألة التوثيق والكلمات المكتوبة.

ومسألة التنظيم والدقة في التنظيم.

من حيث المقترحات، اقتراح الكتاب لفت نظري لأن موضوع المجلس يستفيد منه عدد محدد، والمدرسة الأدبية كذلك، أما الكتاب فيستفيد منه عدد أكبر.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
212

197

الجلسة الثالثة

 سؤال موجّه للشيخ محمد سبيتي 


س. ما هو الانطباع الذي ارتسم عندكم حول المؤتمر وهل في رأيكم أن المؤتمر حقق أهدافه المرجوة منه؟
ج. في البداية مجرد أن ترى هذه الخطوة النور فبحد ذاتها خطوة مباركة، ومن المفترض أن يترك انطباعاً عند كل إنسن غيور على الإسلام والتاريخ الإسلامي وسيرة أهل البيت عليهم السلام يُفترض، أن يترك ذلك انطباعاً إيجابياً، وترتفع معنوياته على أن هناك خطوات لاحقة. بالنسبة للأهداف المرجوة فهو مرهون بالخطوات اللاحقة التي وعدنا بها الأخوة الذين من المفترض أن يتبنوا ما أتحفنا به الاخوة والأخوات.

س. ما هي الخصائص التي تميز بها المؤتمر وما هي أهم المقترحات والتصورات التي خرج بها المؤتمر من وجهة نظرك؟
ج. بالنسبة للخصائص، هو أن طبيعة أي مؤتمر في بدايته أو بعنوان جديد لا بد أن يكون فيه مجموعة من الثغرات، أو التلكودات من خصائص هذا المؤتمر أنها خلت نوعاً ما من السقطات التي لا ينجو منها عادة مؤتمر من المؤتمرات، خصوصاً إذا حمل عنواناً أولياً، يتيماً، لم يسبقه إليه أحد. أصل أن تطرح الفكرة هذا نجاح، إقامة المؤتمر لهذا الموضوع نجاح، نوعية الحضور موفقة، نوعية المداخلات الموضوعية، والنقاش الموجه، جعل المؤتمر يأخذ طابع جدي وحماسي، وموضوعي. والمقترحات والتصورات التي خرجت بالبيان الختامي أرى أنها إذا استتبعها خطوات، ورأت النور وأخذ الأخوة في اللجنة الموضوع بالشكل الجدي، سيكون هناك مجموعة أمور نُتحف بها جيلنا ونحن نستطيع أن نقول أننا في هذا المؤتمر أولاً واخراً استطعنا أن نُدخل السرور على قلب صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف لأنه سيكون خطوة تمهيدية فعلية في ثأره المبارك لأن المؤتمر يحمل عنوان عاشوراء وعاشوراء تُمثل في ثورة الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف تُمثل الثأر والعنوان فإذا استطعنا أن ننشى‏ء له جيلاً مُمهداً واعياً، يعيش عاشوراء شكلاً ومضموناً قلباً وقالباً، فإن بذلك قد خطونا خطوة كبيرة في طريق التمهيد، ولكم الأجر والثواب.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
213

198

الفهرس

 الفهرس

فهرس

5

الهوية العامة للمؤتمر

6

افتتاحية المؤتمر كلمة الشيخ نعيم قاسم

10

كلمة مدير معهد سيد الشهداء عليه السلام

20

الجلسة الأولى

23

1-  هل تصلح عاشوراء قصة للأطفال  د. عبد المجيد زراقط

23

مداخلة الأستاذ علي يوسف

33

مداخلة الشيخ مهدي الغروي

35

مداخلة الشيخ أكرم دياب

37

مداخلة الشيخ فضل مخدِّر

40

مداخلة الشاعر مدين الموسوي

42

مداخلة الشيخ محمد سبيتي

43

مداخلة الشيخ مصطفى قصير

45

مداخلة الشيخ علي سليم

46

تعقيب رئيس الجلسة

47

تعقيب د. زراقط

48

2-  كلمة الدكتورة إيمان بقاعي  الشكل الفني لقصة الأطفال

51

مداخلة الشيخ جمال كنعان

56

مداخلة د. هاشم عواضة

58

مداخلة محمد سعد

59

مداخلة الشيخ محمد سبيتي

60

مداخلة نلا الزين

61

مداخلة الشيخ فضل مخدِّر

62

مداخلة أمل طنانة

63

تعقيب د. إيمان بقاعي

64

الجلسة الثانية:

67

1-  كلمة الشيخ علي سليم عزاء الأطفال خصائص ومميزات

67

مداخلة الشيخ محمد سبيتي

75

مداخلة الشيخ فضل مخدّر

76

 

 

 

 

 

 

 

214


199

الفهرس

 

مداخلة الشيخ مصطفى قصير

77

مداخلة الشيخ إبراهيم بلوط

79

تعقيب الشيخ علي سليم

80

2-  كلمة أمل طنانة  القيم عند أطفال عاشوراء

81

مداخلة حسن نعيم

90

مداخلة الشيخ محمد سبيتي

92

مداخلة هدى مرمر

94

مداخلة الشيخ محمود كرنيب

95

مداخلة الشيخ أحمد إسماعيل

97

مداخلة د. هاشم عواضة

98

مداخلة الشيخ إبراهيم بلوط

99

مداخلة رباب الجوهري

100

تعقيب أمل طنانة

104

الجلسة الثالثة:

105

1-  كلمة الشيخ فضل مخدر  الشعر العاشورائي

105

مداخلة الشاعر عباس مظلوم

139

مداخلة السيد عبد الكريم فضل اللَّه

142

مداخلة الشاعر السيد محمد القدسي

144

مداخلة السيد حسين حجازي

145

مداخلة الشيخ فادي سعد

146

مداخلة أمل طنانة

148

تعقيب الشيخ فضل مخدِّر

149

2-  كلمة السيد حسين حجازي  أشبال كربلاء

151

مداخلة الشيخ محمد سبيتي

170

البيان الختامي

171

مقالات مقدّمة للمؤتمر:

172

بحث للأستاذة فاطمة الحاج حسن

175

النص الأدبي وكربلاء

195

على هامش المؤتمر

199

الفهرس

214

المؤتمر في الصحف

216

 

 

 

 

 

 

 

 

215


200
مجالس الأطفال و الناشئة