وبعد عثمان بن سعيد استخلف ابنه محمد بن عثمان العمري1، وبعد وفاة محمد بن عثمان العمري، استنيب أبو القاسم حسين بن روح النوبختي2.
وبعد وفاة حسين بن روح النوبختي أصبح عليّ بن محمد السمري3 نائباً خاصاً للإمام المهديّ عج الله تعالى فرجه الشريف. وفي أخريات حياة عليّ بن محمد السمريّ إذ لم يبق من حياته سوى أيام قلائل (سنة 329هـ) صدر توقيع عن الناحية المقدّسة، فيه إبلاغ لعليّ بن محمّد السمريّ بأنّه سيموت ويودّع هذه الحياة بعد ستّة أيام وبعدها تنتهي النيابة الخاصة، وتقع الغيبة الكبرى، وستستمرّ حتّى يأذن الله تعالى بالظهور4.
وحسب هذا التوقيع, تنقسم غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف إلى قسمين:
1 محمد بن عثمان بن سعيد العَمْري: إنّ محمد بن عثمان ـ كأبيه ـ يعد من كبار الشيعة وكان يحظى باحترام وتقدير الشيعة، و هم يثقون بتقواه وعدالته، وكان من أصحاب الإمام العسكري الموثوق بهم كما قال الإمام العسكري رداً على سؤال أحمد بن إسحاق، وهو:عمّن آخذ وقول من أقبل؟: "العمري وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما فانّهما الثقتان المأمونان". وصدر بعد أن مات عثمان توقيع من الإمام الغائب يعلن فيه عزاءه لموته ونصب ابنه محمّداً وكيلاً مكانه.
وتولّى محمد بن عثمان السفارة والوكالة عن إمام الزمان مدة ما يقارب الأربعين عاماً وأعدّ خلال هذه الفترة وكلاء محليين، وكان هو يشرف على نشاطاتهم ويدير أُمور الشيعة ويهتم بها، وصدرت تواقيع عديدة من الإمام ـ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف ـ فوصلت من خلاله إلى الآخرين وأخيراً قد توفّي في عام 304 أو 305 للهجرة.
2 أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي: وفي الأيام الأخيرة من حياة أبي جعفر زاره جماعة من كبار الشيعة، فقال: إن حدث علي حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي، فقد أُمرت ان اجعله في موضعي بعدي، فارجعوا إليه وعولوا في أُموركم عليه. وقد كان الحسين بن روح من أصحاب السفير الثاني المقرّبين، وكان العمري يعدّه لأمر الوكالة والسفارة منذ وقت طويل، فكان يحيل الشيعة في دفع الأموال إليه حيث كان همزة الوصل بين عثمان بن سعيد والشيعة. كان الحسين بن روح قد ألّف كتاباً في فقه الشيعة تحت عنوان التأديب، وقد أرسله إلى فقهاء قم لينظروا فيه، فكتبوا رداً عليه: انّه كلّه صحيح ـ يطابق فتاوى الشيعة ـ وما فيه شيء يخالف إلاّمسألة واحدة.
و قد أثنى بعض المعاصرين على عقله وفطنته ومعرفته فقال: وكان أبو القاسم من أعقل الناس عند المخالف والموافق.
وسجن الحسين بن روح مدة خمسة أعوام في عهد الخليفة المقتدر وأُفرج عنه سنة 317هـ، وأخيراً وبعد نشاط في السفارة والوكالة دام واحداً وعشرين عاماً مات في سنة 326هـ.
3 أبو الحسن علي بن محمد السَّمَري: بأمر من إمام العصر وترشيح وتقديم النوبختي تولى علي بن محمد السمري السفارة والوكالة الخاصة وشؤون الشيعة وإدارتها.
كان السمري من أصحاب الإمام العسكري ـ عليه السلام. فقد تولّى مهمة النيابة والوكالة الخاصة حتى عام 329هـ وهي سنة وفاته.
وقد صدر قبل عدة أيّام من وفاته توقيع من طرف الإمام إليه بالنحو التالي: "بسم اللّه الرحمن الرحيم: يا علي بن محمد السمري أعظم اللّه أجر إخوانك فيك، فإنّك ميت ما بينك وبين ستة أيّام، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلاّ بعد إذن اللّه ـ تعالى ذكره ـ، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً..الخ". وبعد ستة أيّام من صدور التوقيع مات أبو الحسن السمري. وقد سألوه قبل موته: من يقوم مقامك؟ فقال: لم أُؤمر بأن أُوصي لأحد.
4 العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج51، ص360 - 361.
- الشيخ الطوسي، الغيبة، ص242.
33