هادي الأمّة (شهادة الإمام علي الهادي عليه السلام)


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2016-06

النسخة: 2015


الكاتب

معهد سيد الشهداء

هو مؤسسة ثقافية متخصصة تعنى بشؤون النهضة الحسينية ونشرها، وإعداد قدرات خطباء المنبر الحسيني وتنميتها، معتمدة على كفاءات علمائية وخبرات فنية وإدارية... المرتكزة على الأسس الصحيحة المستقاة من ينبوع الإسلام المحمدي الأصيل.


المقدمة

 "أللَّهمَّ صلِّ على عليّ بن محمّد, وصيّ الأوصياء, وإمام الأتقياء, وخلَف أئمَّة الدّين, والحجّة على الخلائق أجمعين، أللهمَّ كما جعلته نوراً يستضيء به المؤمنون, فبشَّر بالجزيل من ثوابك, وأنذر بالأليم من عقابك, وحذَّر بأسك, وذكَّر بأيّامك, وأحلَّ حلالك, وحرَّم حرامك, وبيَّن شرائعك وفرائضك, وحضَّ على عبادتك, وأمر بطاعتك, ونهى عن معصيتك، فصلِّ عليه أفضل ما صلَّيت على أحد من أوليائك, وذريّة أنبيائك, يا إله العالمين"1.




1  الطوسيّ: مصباح المتهجّد, ص 404- 405.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
5

1

المقدمة

 بسم الله الرحمن الرحيم


والصلاة والسلام على سيّد الأنبياء والمرسلين محمّد وعلى عترته وأهل بيته المظلومين المعصومين, الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيراً.

تمتاز حياة الإمام العاشر عليّ بن محمّد الهادي عليهما السلام بأهميّة خاصّة بين سلسلة حياة أهل البيت عليهم السلام, كونها الفترة الزمانيّة القريبة من زمن ولادة منقذ البشريّة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف, الأمر الذي يستفزّ الطغاة ويهدّد عروشهم ويزلزل بنيانهم, ويلغي مشروعهم وأطماعهم الفاسدة, فهو الإمام الذي أُوكلَتْ إليه مهمَّة التغيير الكبرى بوراثة الأرض ومَن عليها, عندما يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً.

وهذا ما يفسِّر تكريس ذاك السلوك المريب تجاه الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام, بإخضاعهم للإقامة الجبريّة والمراقبة الشديدة والمباشرة, وهو ما فعله المأمون ابتداءً بالإمام الرضا عليه السلام تحت غطاء الدعوة لتسليم السلطة له أو ولاية العهد, ثمّ مع الإمام الجواد عليه السلام وتزويجه بابنة المأمون واستدعائه إلى بغداد مركز الخلافة آنذاك, وصولاً إلى الإمام الهادي عليه السلام مع حكّام زمانه, وانتهاءً بالإمام العسكريّ عليه السلام حيث بلغ الأمر غايته, ليؤول الأمر في 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
6

2

المقدمة

 النهاية إلى تصفيتهم وشهادتهم عندما تعيَ السبل أمام ذاك الحاكم والخليفة، وتعوزه الوسائل والحيل الأخرى التي يريد من خلالها تحقيق هدفه ومشروعه، الذي كان يقف له كلّ واحد من هؤلاء الأئمّة عليهم السلام بالمرصاد.

 
وهذا في الحقيقة ما يكشف لنا حجم الدور الذي كان يقوم به هؤلاء الأئمّة عليهم السلام وأهميّته، حيث كانوا يعملون في السرّ والعلن والظاهر والباطن لحفظ هذا الدّين الإلهيّ ونصرة الخطّ الرساليّ وأهدافه.
 
يقول الإمام القائد السيّد عليّ الخامنئيّ دام ظله الشريف:
"إنّ يوماً من جهاد هؤلاء الأئمّة عليهم السلام يؤثّر بمقدار سنوات. ويومٌ واحدٌ من حياتهم المباركة يساوي سنوات من جماعة تعمل ليل نهار على مستوى التأثير في المجتمع. هؤلاء العظماء قد حفظوا الدّين بهذه الطريقة، وإلّا فإنّ ديناً يقف على رأسه المعتزّ والمتوكّل والمعتصم والمأمون، ويكون علماؤه رجالاً كيحيى بن أكثم - الذي رغم أنّه عالم البلاط فقد كان من الفسّاق والفجّار المتجاهرين من الدرجة الأولى - لا ينبغي أساساً أن يبقى، ولكان ينبغي والحال هذا، أن يُجتثّ من جذوره وينتهي كلّ شيء. فجهاد الأئمّة عليهم السلام وسعيهم لم يحفظ التشيّع فحسب، بل القرآن والإسلام والمعارف الدّينيّة، وهذه هي خاصيّة العباد الخالصين والمخلصين وأولياء الله"1.
 
ويقول حول الإمام الهادي عليه السلام: "اجتمع عدد ملحوظ من



1 الإمام الخامنئي, إنسان بعمر 250 سنة, ص 358.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
7

3

المقدمة

 كبراء الشيعة في زمن الإمام الهادي عليه السلام وتمكّن الإمام عليه السلام من إدارتهم، وإيصال رسالة الإمامة بوساطتهم إلى مختلف مناطق العالم الإسلاميّ عبر الرسائل، وهذه الشبكات الشيعيّة في قمّ وخراسان والريّ والمدينة واليمن وفي المناطق البعيدة وفي جميع أقطار العالم، هي التي استطاعت أن تروّج وتنشر وتزيد من المؤمنين بهذا المذهب يوماً بعد يوم. وقد استطاع الإمام الهادي عليه السلام أن يقوم بكلّ هذه الأعمال تحت ظلّ بريق السيوف الحادّة والدمويّة لأولئك الخلفاء الستّة ورغماً عن أنوفهم"1.

 
وختاماً فإنّه: "في المواجهة التي جرت بين الإمام الهادي عليه السلام  وحكّام زمانه فإنّ الذي انتصر في الظاهر والباطن هو هذا الإمام عليه السلام".
 
هذا الكتاب:
وإنّ من حقّ هذا الإمام علينا - ونحن من محبّيه وأتباعه - أن نستذكر أحواله وتاريخه وما جرى عليه، ونذكّر الناس بذلك، إحياءً لأمره، وإظهاراً لفضله، علّنا نكون بذلك ممّن يحيي أمرهم، فلا يموت قلبه يوم تموت القلوب.
 
ولهذا قام معهد سيّد الشهداء للمنبر الحسينيّ بإعداد هذا الكتاب "هادي الأمّة"، ليكون واحداً من الإصدارات التي يصدرها ضمن 



1 الإمام الخامنئيّ, إنسان بعمر 250 سنة, ص 357- 358.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
8

4

المقدمة

 سلسلة مجالس العترة، ليكون معيناً للإخوة القرّاء، ومساعداً لهم في المجالس التي يقيمونها في ذكرى هذا الإمام العظيم.

وقد راعى هذا الإصدار الأمور الآتية:
1- أدرجنا ثلاث قصائد من الشعر القريض، ليتسنّى للقارئ الكريم اختيار ما يشاء منها.

2- أضفنا إلى الكتاب العديد من الأبيات الشعبيّة الدارجة والمفهومة إلى حدٍّ ما.

3- ذكرنا موجزاً عن حياة الإمام، عليه السلام، ولم نستقص كلَّ شيء عن حياته المباركة، لئلّا يخرج الكتاب عن حدّ الإيجاز، واتكالاً منّا على جدارة الإخوة القرّاء، من جهة أخرى.

4- قمنا بتخريج المصادر والمراجع لكلّ ما ورد في المتن، لتسهيل الرجوع إليها لمن أحبّ.

وفي الختام، كلّنا رجاء أن يلقى هذا الكتاب القبول والرضا من إمام زماننا عجل الله تعالى فرجه الشريف، وأن يزوّدنا الإخوة القرّاء بإرشاداتهم وملاحظاتهم المهمَّة والبنّاءة لنصل إلى المستوى اللائق والمقبول..

هذا ونسأله تعالى أن يتقبّل منّا ومن الجميع، وأن يرزقنا شفاعة مولانا الإمام عليّ الهادي، عليه السلام، إنّه سميع مجيب.
 

معهد سيّد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسينيّ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
10

5
هادي الأمّة (شهادة الإمام علي الهادي عليه السلام)