مجالس السيرة الحسينيّة 1440 هـ


الناشر: دار المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2018-09

النسخة: 2017


الكاتب

معهد سيد الشهداء

هو مؤسسة ثقافية متخصصة تعنى بشؤون النهضة الحسينية ونشرها، وإعداد قدرات خطباء المنبر الحسيني وتنميتها، معتمدة على كفاءات علمائية وخبرات فنية وإدارية... المرتكزة على الأسس الصحيحة المستقاة من ينبوع الإسلام المحمدي الأصيل.


المقدمة

 بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله الميامين الأطهار، وجميع الأنبياء والمرسلين، وبعد...

يستعدّ الموالون والمحبّون في أقطار العالم سنوياً لإحياء ذكرى عاشوراء، بإقامة مجالس العزاء، واللطم الحسينيّ، وإبراز مظاهر الحزن والحداد في بداية شهر محرّم الحرام؛ هذا الشهر الحزين بمصيبة الإمام الحسينعليه السلام والسيّدة زينب عليها السلام وبقيّة الآل والأصحاب. ولم يكن هذا الإحياء وليد عادات أو أعراف أو تقاليد، بل كان دائماً استجابةً لتوجيه وإرشاد أئمّة أهل البيت عليهم السلام واقتداءً بسيرتهم وسلوكهم عليهم السلام في إقامة هذه المآثم، والحزن والبكاء على سيّد شباب أهل الجنة، فقد ورد عن الإمامِ الرضا عليه السلام: "كان أبي عليه السلام إذا دخلَ شهرُ محرَّم لا يُرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلبُ عليه حتى تمضي عشرةُ أيامٍ، فإذا كان يومُ العاشر ِكان ذلك اليومُ يومَ مصيبتِه وحزنهِ وبكائهِ"1.
 

الحر العاملي، الشيخ محمد بن الحسن، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام، إيران - قم، 1414ه، ط2، ج14، ص 501.
 
 
 
7

1

المقدمة

 وعن الإمام أبي جعفرٍ عليه السلام "... ثم ليندبِ الحسين ويبكِهِ، ويأمرُ مَنْ في دارِهِ ممّن لا يتقيه بالبكاءِ عليه...، وليُعَزِّ بعضُهم بعضاً بمصابِهِم بالحسينِ عليه السلام، قلتُ: وكيفَ يُعزّي بعضُنا بعضاً؟ قال: تقول: عظَّمَ الله أجورَنا بمصابِنا بالحسينِ عليه السلام، وجعلنا من الطالبين بثأرِه مع وليِّه الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف من آلِ محمد"1.


بل صرّح أئمّتنا عليهم السلام بحبّهم لهذه المجالس وحثّوا صراحةً على إحيائها، روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال لفضيل: "تجلسون وتتحدّثون؟"، قال: نعم، فقال عليه السلام: "إِنَّ تِلْكَ الْمَجَالِسَ أُحِبُّهَا, فَأَحْيُوا أَمْرَنَا فَرَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَنَا"2.

وعن عليّ بن الحسن بن علي بن فضّال عن أبيه، قال: قال الرضا عليه السلام: "مَنْ تَذَكَّرَ مُصَابَنَا فَبَكَى وَأَبْكَى لَمْ تَبْكِ عَيْنُهُ يَوْمَ تَبْكِي الْعُيُونُ وَمَنْ جَلَسَ مَجْلِساً يُحْيِا فِيهِ أَمْرُنَا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوب"3.

ومن هنا، إنّ ما يقوم به الخطباء والقرّاء من رثاء وإحياء وإبكاء يندرج في هذا الأجر العظيم والثواب الجزيل الذي تعرّضت له هذه الروايات.
 
 

1- وسائل الشيعة، ج14، باب استحباب البكاء على قتل الحسين، ص509.
2- المصدر نفسه، ج 14، ص 501.
3- المصدر نفسه، ج14، ص 502.
 
 
8

2

المقدمة

 ولا شكّ في أنّ عمدة ما يستند عليه القرّاء وخدمة المنبر الحسينيّ، إنّما هو على المادّة العزائيّة التي يتكوّن منها نصّ المجلس. ومن هنا، أحببنا في معهد سيد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسينيّ أن يكون لنا نصيب المشاركة مع إخواننا القرّاء في تقديم هذا الكتاب؛ ليكون عوناً لهم في مجالسهم التي يقرؤونها في الليالي العشر الأولى من المحرّم.


وقد تميّز هذا الإصدار بـ:
- إعداد المجالس الحسينيّة مقتصرين فيها على القصيدة والنعي، مع عدم وجود للموعظة أو المحاضرة، اعتماداً منّا على خبرة القرّاء الكرام في انتقاء الموضوع المناسب للمجلس.
- اختيار الأبيات الشعبيّة - العراقيّة - المألوفة والمسموعة، ذات العبارات الواضحة عموماً.
- اختيار قصائد جديدة غير مستهلكة في الغالب، لتضاف إلى جعبة القرّاء الأعزّاء.
- أضفنا بعض المراثي التي اعتاد بعض القراء تلاوتها أثناء أو بعد مجلس العزاء.
ونسأل الله تعالى أن يتقبّل عملنا ويحشرنا مع الحسين عليه السلام وأصحابه، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، إنّه قريب مجيب.


والحمد لله رب العالمين
معهد سيّد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسينيّ
 
 
 
 
9

3

الليلة الاولى: مجلس العزاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 الليلة الاولى: مجلس العزاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف
القصيدة:

خطابٌ إلى المولى بقيّة الله عجل الله تعالى فرجه الشريف في الليلةِ الأولى من محرَّم:
 

أَيَخْفى عن مُعَزِّيهِ المُعزّى؟! 
وَمِمَّا في نياطِ القلبِ حزّا 
أتتكَ "الليلةُ الأولى" وجيعهْ 
رَجَعْتُ وأنتَ تفْقِدُكَ الطَّليعَهْ 
كأنَّكَ بَعْدَ أحمدَ والوصِيِّ 
لدى الزَّهراءِ بالدَّمْعِ السَّخِيِّ
على المذبوحِ صبراً دونَ ماءِ 
فلا تنسَ المُحبَّ مِنَ الدُّعاءِ
لَقَدْ واساكَ بالدمِعِ السكيبِ

فكم هذا على الأحبابِ عزّا!
محرَّمُ عادَ مجروحَ الهِلالِ
دعَتْ "اللهُ يَا حامي الشريعهْ"
ونحرُ السِّبطِ ينْزِفُ في الرِّمالِ
وبعْدَ المُجتبى الحسنِ الزكِيِّ
تنوحُ على المشرَّدِ بالعِيالِ
تدورانِ المجالسَ بالبكاءِ
يضجُّ لديكَ في هٰذي الليالي
على المرضوضِ ذي الجسمِ السليبِ

 

 

 

 

11


4

الليلة الاولى: مجلس العزاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

يُطافُ بِرأْسِهِ فَوقَ العوالي
بآهاتٍ لِعمَّتِكَ الغريبَهْ
فواألَمِي لِربّاتِ الحِجَالِ!
 

ويا حُزْناهُ للشَّيبِ الخضيبِ 

أُخفِّفُ ما بِقلْبِكَ مِنْ مصيبَهْ 
أتصبحُ زينبُ الحَوْرا سليبَهْ

 

نعم، هذا الشهر هو شهر الحزن، شهر المصيبة، شهر أليم على قلب مولانا صاحب الزمان، يذكر فيه مصائب الحسين عليه السلام وأمّ المصائب زينب عليها السلام، يبكي بدل الدموع دما...

(بحر طويل)


ولونك مظلم قبالي
أشوفه بجمرة اهلالي
ريتك ترحل بهالحين
من جاله الشمر لحسين
من طاحت كفوف الإيدين
اشوفه بجمرة اهلالي
يا هلال الحزن هلّيت 
صور مرسومة بالدلال 
يا هلال الحزن هليت
من اشوفك آنه اتذگر 
واتذگر بعد فجعة 
وقلبي انشطر نصين
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 


لك كلّ العزاء سيدي، أين أنت في هذه الليلة؟! لا بدّ أنّك مولاي عند قبر جدِّك الحسين، تذرف دموع الآهات، دموع الحنين، دموع الحسرة لطلب الثار...

(لحن الفراق)
 
يجري الدموع الغزيره
يذكره الفاقد نصيره
بقبر الحسين
بقبر الحسين
   
 

 
 

 
 
 
 
 
12

 


5

الليلة الاولى: مجلس العزاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

يغفى عد بدر العشيره

يندب المهدي بونينه
هذا جدي مقطعينه
يمتى اداوي جبينه

 بقبر الحسـين

هالله هالله
هالله هالله 
هالله هالله

 

 

 

 

 


(أبو ذيّة)
هلّ هلال شهر حسين بسماي     حسيني وينعرف هالشهر بسماي
راد حسين من الناس بسماي      انمنع وتروّه من كاس المنيّه

المصيبة
عذراً سيّدي ومولاي يا صاحب الزمان، فذنوبنا تؤخّر ظهورك وتزيد من غربتك ومظلوميّتك، تؤخّرك عن طلب ثأر جدّك الحسين عليه السلام الذي تندبه صباحاً ومساءً في زيارة الناحية المقدّسة مخاطباً إيّاه: "فلئن أخرّتني الدهور، وعاقني عن نصرك المقدور، ولم أكن لمن حاربك محارباً، ولمن نصب لك العداوة مناصباً، فلأندبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً، حسرةً عليك، وتأسفاً كما دهاك، وتلهفاً حتى أموت بلوعة المصاب وغصّة الاكتياب".

مولاي، كربلاء حاضرة معك صباحاً ومساءً، مشهد الإمام الحسين وهو طريح على رمضاء كربلاء، عريان، سليب، محزوز النحر، لا يفارقك...
 
 
 
 
13

6

الليلة الاولى: مجلس العزاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 مشهد الخيام المحروقة، الأطفال يتصارخون ويتراكضون وينادون: عمّه زينب، أين والدي؟ أين أخي؟ أين عمّي العبّاس؟


وأكثر ما يؤلم قلبك تلك المرأة الصابرة المحتسبة، بطلة كربلاء، التي تحمّلت ألام الفراق في كربلاء، وآلام السبي...

سلام الله على قلبك مولاتي!

كأنّي بالإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يزور عمّته زينب عليها السلام، يقف عند قبرها، يتذكّر المصائب التي مرّت عليها، ويبكي!

(خلّي) قلبك مع الإمام في بلاد الشام، لندخل معه إلى ضريح مولاتنا زينب عليها السلام!

(لحن يمّه أنا زينب عد من تخلّيني)
عمّه، أنا المهدي، آلامِچ آلامي
واللّي جره ابحالك، چن صار جدّامي
لو ذكرت متنچ، تحرقني اعظامي
ضربوچ يا زينب، وانه اجري حسرات
يا عمّه يا عمّه، يا عمّتي زينب
عذريني يا زينب، لو ما چنت موجود
عالناقه من صحتي، اشچم طفل مفقود
قتلوا هلي ومالي بس نخوة الموعود
 
 
 
 
 
14

7

الليلة الاولى: مجلس العزاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 يالمهدي أدركني، ودوني للشامات

يا عمّه يا عمّه، يا عمّتي زينب

يا مولاي، ليتك تراها يوم عادت إلى كربلاء في العشرين من صفر، آه لقلبك يا زينب!

كيف تحمّلت فراق كربلاء، وفيه أجساد إخوتك وأبنائك وكلّ عزيز على قلبك؟!

نعم، ففي يوم الأربعين عاد ركب السبايا إلى كربلاء...

تخيّل بعين القلب حال زينب، وصلت إلى الأرض التي تركت فيها الحسين مذبوحاً! أي واإماماه! والعبّاس مقطوع الكفّين، والسهم نابت بالعين! ما غابت هذه المشاهد عن عينيها، وهي الآن تشمّ رائحة الأحبّة...

يُروى أنّه لمّا دنا منها الإمام زين العابدين عليه السلام، قالت: خذ بيدي، فلقد غشي على بصري، أصبحت لا أرى، دلّني على قبر أخي!

أخذ السجاد عليه السلام بيدها، أقبل بها إلى قبر الحسين عليه السلام، وَضَعَت يديها على القبر، ونادت: واحسيّناه! واحسيّناه!

أخي حسين، هل غسّلوك أم كفّنوك أم بغير كفنٍ دفنوك؟! وجعلت تبثّه شكواها:
 
 
 
 
15

8

الليلة الاولى: مجلس العزاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 (طور العكراوي)

خويه اجيتك آنه وشوف حالي آه آه آه
گوم لي يا عزّي ودلالي
خويه شلون تخلّيني بغير والي آه آه آه
ما تدري من بعدك اشجرالي

آه يا خويه آه يا خويه آه يا خويه آه

يخويه اگعد وشوف شصار بيه آه آه آه
أختك رحت مگيوده سبيّه
خويه ولاتناشدني عن فعل اميّة آه آه آه
روّعونا وشعلوا النيران بيّه
وتراهي اعلى راسك ماتت رقيّة آه آه آه

(أبو ذيّة)
أنا ضعت وتحيّرت يحسين بعداك       وتمّنيت الفنا بعد يا خوي بعداك
والله ما ريد العمر يحسين بعداك        عمت عيني ولا شوفك عالوطيّه

(ويمكن إضافة بعض هذه الأبيات)
زينب عليها السلام أخذها الحنين لأخيها الحسين عليه السلام، كأنّي بها
 
 
 
 
 
16

9

الليلة الاولى: مجلس العزاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 راحت تخاطبه بهذه الكلمات:

أضمّك خويه لأحضاني
يا فرحه عمري واحزاني
يمّي لا تفارقني
عن أمّي تسليني
اشوفك تمسح جبيني
يا فرحة عمري واحزاني
وانت قبالي تلالي
ربّي يحفظ الغالي
يا نجم سهيلي العالي
يا فرحة عمري واحزاني
وانه بيتمي تأذّيت
ابويه انته تمنّيت
أميرة بظلك ظلّيت
يا فرحة عمري واحزاني
مشتاقة بعد مَرة
واتسامر أنا وانته
اتذكر ليالي هواي 
تمسك بيديّ كل ليله 
واذا عيني غفت يا حسين 
كنّك فاطمه أُمك 
كبرت ويّاك يا خويه 
يوميّة أصد وادعي
يا سلوة أهلي كلها 
شلون تغمض عيونك 
يتيمه من صغر سنّي 
ومن طاح الأبو حيدر 
تدلّلني تعزّزني 
وعقب عينك أتيسّر
 

 
 
 
 
 
 
 
 
.

ثمّ التفتت زينب عليها السلام إلى النساء:
نادت يا الحرم گومن مشنَّه        لعند لي تكفّلنا من اهلنا
نريده يگوم ويردنا لوطنّا          ما هو لي جابنا وبينا تكفّل
 
 
 
 
 
17

10

الليلة الاولى: مجلس العزاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 أقبلت الحوراء مع النساء إلى قبر أبي الفضل، جلست عنده، نادت:


(لحن الفراق)
خويه عباس        اناجيتك هالمسيّة
خويه عباس        خويه اگعد رد عليّه
خويه عباس        شوف خويه شصار بيّه

جبت الايتام وحرم وعيال النبي
جبت الايتام اگعد وشوف العبي
جبت الايتام مترّبه من السبي

يابو الاحساس احچي لو اخفي شجوني
يابو الاحساس ردتك تشاهد عيوني
يابو الاحساس واثر السياط بمتوني

كأنّي بالعبّاس عليه السلام يجيبها:
يگلها خويه لا تعتبي يا عقيله
يگلها خويه امصيبتچ والله ثجيله
يگلها خويه برگبتچ صارت العيله
 
 
 
 
18

11

الليلة الاولى: مجلس العزاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 مو بديّه خويه كلّ الصار بيكم

مو بديّه ومگدر احضركم واجيكم
مو بديّه وأشهره سيفي واحميكم

(عاشوري)
الگلب لتلومه لو ذاب بحنينه آه آه                   تراهو يندب بو الفضل حامي الضعينة
يويلي ومن گطعوا يساره ويمينه آه آه               شحال گلب السبط من يسمع ونينه
انحنه ظهره عالعضيد وزاد العتاب آه آه            وزينب تشوفه بياوضع نايم عالتراب
ظلّت تصيح بصوت مااعظم هالمصاب آه آه        لا طال بعدك هالعمر يااغلى الاحباب

(أبو ذيّة)
راعي الثار ما يظهر علامه      وينشر للدّنا نوره علامه
درى بمتون عمّاته علامه         بضرب سياط زجر وجور اميّه

بالأمس كانوا معي واليوم قد رحلوا         وخلّفوا في سويدا القلب نيرانا
نذراً عليّ لئن عادوا وإن رجعوا            لأزرعنّ طريق الطفِّ ريحانا
 
 
 
 
 
 
19

12

الليلة الثانية: مجلس الخروج من المدينة

 الليلة الثانية: مجلس الخروج من المدينة


القصيدة
وَجَرَى على خدَّيَّ سيلُ دُموعي
نحوَ البتولِ بساعةِ التَّوديعِ
 والثَّغرُ يهمسُ اسمَها بخشوعِ
لأذوقَ غُصَّةَ قلبِكِ المفجوعِ
فَغَدَاً سَتُهشَمُ في الطُّفوف ضُلوعي
فَعَلَى يَدَيَّ سيذبحونَ رَضيعي
في الطَّفِّ أُمنعُ والظِّماءُ صَريعي
يبقى ثلاثاً مُرْمَلاً بِنجيعي
فارقتُ رَبعَاً كانَ فيهِ ربيعي
بِكِ عن قريبٍ يا ضياءَ شُمُوعي
بين النبي وأمِّهِ وبقيعِ
مِمَّا أَلَمَّ بِشَملِهِ المصدوعِ
أضحى الفُؤادُ كَوَالهٍ مَفجوعِ 
لمَّا تذكَّرتُ الحسينَ وقدْ رَنَا 
تَجري مدامِعُهُ بِطَرْفٍ خَاضِعٍ
أمَّاهُ ها أنا راحلٌ لا عن قِلىً 
إنْ كان ضلعُكِ هشَّمتهُ يدُ الوَغَى 
أمُّاهُ إنْ قتلوا جنينَكِ مُحسِناً 
إنْ مَانَعُوكِ من البكاء فَمِنْ رِوَىً 
إنْ تُدفني ليلاً فجسميَ في العَرَا 
أمَّاهُ لو خُيِّرْتُ لم أرحلْ وما
لكن يَهونُ الخطبُ كوني لاحقاً 
سارَ الحسينُ وطرفُهُ متنقِّلٌ
والدَّهرُ أطرقَ رأسَهُ مُتَهيِّباً

 
 
 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
21
 

13

الليلة الثانية: مجلس الخروج من المدينة

 (شعبي)

لگبر امه گصد مولاي
ناوي ايودّع الحرّة
ونين امن الگبر يسمع
تون لونتّه الزهرة
اجه وحامل شجن وآلام
يگلها يمه ودعيني
لحنانچ ولعطف گلبچ
أنه رايد دضمّيني
آخر لحظة يَم گبرچ
أظن هالساعة حضريني
نحبت فاطمة چنها
وگامت نفضت الغبرة
آه يا اماه آه يااماه آه يا اماه آه
 

لضناها حضنت الزهرة
تشمه ابنحره وتضمه
ابگلب الوالدة المحروگ
نادت يالولد يُمة
تگله يادليلي اشلون
تخلّي هالارض ظلمة
 
 
 
 
 
22

14

الليلة الثانية: مجلس الخروج من المدينة

 تخليني وتروح ابعيد

يبعد الروح يايُمة
من اتجيني احس نورك
يخلي ارض الگبر گمرة
آه يااماه آه يااماه آه يااماه آه


مثل كل والدة صارت
تحاچيه ابدموع الهم
تسيل اعيون امّ حسين
لحزنها مو دمع بل دم
أنه ابروحي على التربان
يوم اخيولهم تلتمّ
اجي وانصب مناحة اهناك
مع اختك زينب الحرّة
آه يا اماه آه يااماه آه يا اماه آه

(المصيبة)
ساعد الله قلب الحسين عليه السلام! هذه آخر ساعات في مدينة جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، آخر لحظات، ودّع قبر أمّه فاطمة عليها السلام، الأم الحنونة، بكى عندها، ثم توجّه نحو قبر جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم...
 
 
 
 
23

15

الليلة الثانية: مجلس الخروج من المدينة

 نعم، خلّي قلبك أيّها الموالي مع الحسين!


كأنّي به ذهب مهموماً حزيناً إلى قبر جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقف أمام القبر الشريف حزيناً كئيباً يناجي ربّه عند قبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: اللهمّ، إنّ هذا قبر نبيّك محمّد، وأنا ابن بنت نبيّك، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت...

ثم جعل يبكي عند القبر حتى إذا كان قريباً من الصبح، وضع رأسه على القبر فأغفى، فإذا هو برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلفه، فجاء وضمّ الحسين إلى صدره، وقبّل ما بين عينيه، وقال: "حبيبي يا حسين، كأنّي أراك عن قريب مرمّلاً بدمائك، مذبوحاً بأرض كربلاء، بين عصابة من أمّتي، وأنت في ذلك عطشان لا تُسقى، وظمآن لا تُروى، وهم في ذلك يرجون شفاعتي، ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي!".

فجعل الحسين عليه السلام في رؤياه ينظر إلى جدّه صلى الله عليه وآله وسلم، ويقول: "يا جدّاه، لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا، خذني إليك، وأدخلني معك في قبرك".

(شعبي)
ضمني يـجدي ابضريحك خَل تِهيد الروح
خَل دمع عيني يـجف وتستريح الـروح
 
 
 
 
24

16

الليلة الثانية: مجلس الخروج من المدينة

 خَله گـلبي لايـون ولا يعـرف الـنوح

ولا يعرف الـهَم ولا يتزاحم ويا جـروح
وخَل جفن عـيني ينام ولا علـيه ايلـوح
حلم وبصخرة أجفانـي من الحزن مذبوح
نام...يا جفني يـم گـبر النبي واتهنه
نام...واتزوَّد اللـيله ابـمعينك مـنَّه
نَمْ يا جفـني نَمْ...بس أنسى الهضم...لحظة غفوتي

(لحن الجفيري)
لگبر الرسول امن اعتنى
يبچي وعلى جده انحنى
للمصطفى لمّن دنى
رايح حسين لكربله
يگله يجدي انصونه
دينك أبد مانخونه
يكلّمه وتجري اعيونه
رايح يجدّي لكربله
 
 
 
 
 
 
 
 
25

17

الليلة الثانية: مجلس الخروج من المدينة

 ماخذ آنه كل اخوِتي

عباس حامل رايتي
إطلب من الله نصرتي
رايح يجدّي لكربله

ولمّا أراد إمامنا الحسين عليه السلام السفر إلى العراق وجهّز نفسه وعياله ونساءه وأهل بيته وأصحابه، ودَّع كلّ من بقي في المدينة، ومن بين الذين تركهم الحسين عليه السلام في المدينة طفلته فاطمة وكانت عليلة مريضة لا يمكنها السفر. تركها عند زوجة النبيّ عليها السلام أمّ سلمة، يقول الراوي: عندما ودّعهم جميعاً ومشى متوجِّهاً إلى القافلة وإذا به يسمع صوتاً ضعيفاً "أبي لا تتركني، أبي خذني معك".

(لحن الفراق)
يل عفتني       بداري وحدي ودمعي يجري
يل عفتني       ونار تلهب جوه صدري
يل عفتني       بالمرض مشغوله تدري
يل عفتني       ورحت لرض الغاضريه
يل عفتني       وخذت عبدالله ورقيه
يل عفتني       بس انوح بكل مسيه
 
 
 
 
 
 
26

18

الليلة الثانية: مجلس الخروج من المدينة

 يل عفتني        عيني علباب واناطر

يل عفتني        يالولي اكسر الخاطر
يل عفتني        ماكطع دمع النواظر
يل عفتني        اسهر الليل بمناحه
يل عفتني        والدي ماشفت راحه
يل عفتني        طير متكسّر جناحه

(عاشوري)
يبويه حسين وياكم خذوني آه آه          عقبكم ياهلي يعمن عيوني
وحدي بها لوطن لا تخلُّوني آه آه        عليلة والجسم يلظم بالسمّ

فحاول الحسين عليه السلام بيان صعوبة السفر عليها وأنّهم سيبعثون عليها إذا استقرّ بهم المقام وجاءت لهم الأيّام بما يتمنّون ويرجون.

ناداها الحسين ودمعته تسيل            يبعد أهلي سفرنا دربه طويل
يبويه انتي عليله وجسمك نحيل         وعلى المثلك يبويه السفر يحرم

لسان حالها:
تقلَّه شلون أتم بالدار وحدي         عليكم مقدر اصبر وحق جدي
يبويه عاد خلِّي الطفل عندي         يسر قلبي من اشوفه يبتسم

ثمّ سار الركب الحزين وهي تنتقل من هودج لهودج ومن محمل لمحمل تتوسّل وتبكي، فضمّتها أمّ سلمة إليها وأرجعتها إلى البيت،
 
 
 
 
27

19

الليلة الثانية: مجلس الخروج من المدينة

 قالوا: وكانت تجلس كلّ يوم أمام الدار تنتظر خبراً عن أبيها، وكأنّي بها تنظر إلى زوايا البيت، وتعود بها الذكريات، والشوق والحنين لأهلها!


‎ناديت...والدمعه بعيني
‎ناديت...ليش اتخليني

‎وياك ياروح الروح....بنتك تتمنّه تروح
‎بويه هاي انه العليله...امدلله كنت انه اسمي
‎ليش هسّه تروح عني...تدري حيل ايزيد همي
‎بداري ابقه بلا اخوتي...ولا اخوه الخليته يمّي

‎محتاره والمدمع يهل
‎وشلون عنّي ترتحل

‎اتذكّر ايامي قبل...والجفن من دمعي مدمي

‎بس آه...تبقه بدلالي
‎بس آه...بعدك يالوالي 

‎دمعي بخدي مسفوح...بنتك تتمنه تروح
‎بويه اخذني وياك فدوه...عمري مايسووه بدونك
‎كل صبح كنت انه بويه...انسر بشوفة عيونك
‎يا كحل كحّل جفوني...واسمي مكحّل جفونك

‎ابجي وانوح بغيبتك
‎يابويه اخذ ابنيّتك
 
 
 
 
28

20

الليلة الثانية: مجلس الخروج من المدينة

 ‎شمحلات بويه شوفتك...بويه اخوتي من يجونك


‎كل يوم...جنت اتناديني
‎كل يوم...تنظرلك عيني

‎عليك الناظر مشبوح...بنتك تتمنه تروح
‎انه حسراتي جبيره...والمرض هدّالي حيلي
‎بويه بعدك ما اهوّد...ولا انامن ساعه ليلي
‎صحت يادمعه بوجنتي...خلاف ابويه بحركه سيلي

‎لو وحدي اضلن حايره
‎والدمع عالوجنه جره

‎كلبي بعد شيصبّره...ريت وياكم رحيلي

‎ما اريد...ابقه انه ابوحدي
‎ما اريد...دمعاتي بخدي

‎خلافك كلبي مجروح...بنتك تتمنه تروح
‎اوكف اعله الباب وانطر...لو رحت يمته تجيني
‎عيني بويه اتضل تناطر...وما تبطل الدمع عيني
‎ليل ونهار بغيابك...بويه مابطّل ونيني

‎مهظومه ابقه بكل وكت
‎والدمعه عل وجنه تكت
 
 
 
 
 
29

21

الليلة الثانية: مجلس الخروج من المدينة

 ‎يا بويه حيل اتحيّرت...تشتعل جمرة حنيني


‎مجروح...دلالي ودامي
‎مجروح...يسعر بألامي

‎ما مثل اجروحي جروح...بنتك تتمنه تروح

(أبو ذيّة)
آنه المـاشفت هـدنه وراحات        عليلة المرض حتني وراحات
عـمت عيني يخواتي وراحات       خوله وفاطمة وسكنه ورقيّة
هل تعودون يا كرام علينا           أم قضى ذو الجلال ألّا تعودوا
 
 
 
 
30

22

الليلة الثالثة: مجلس الوصول إلى كربلاء

 الليلة الثالثة: مجلس الوصول إلى كربلاء


القصيدة

مَنْ للْمدينةِ بعْدكُمْ إِنْ ترْحلوا؟!
وتجرُّ آهاتِ الوَدَاعِ وتسْألُ
أمْ إنَّهُ السفَرُ البعيدُ الأطْوَلُ؟
في أرضِها! أفَهَلْ درتْ ما يحصلُ؟
الكــوْنُ تحتَ جــناحِها يتـظلَّلُ
ويسيرُ في اليُمنى لزينبَ محملُ!
فدنـا عــلى عجـلٍ إليْهِ يُعــدِّلُ
هجَمَتْ على خِيَمِ الرِّسالةِ تُشْعِلُ
خرجتْ أمامَ الظالمينَ تُهْرولُ
فاهتزَّ وادي كربلا يتزلزلُ
لكنَّ شتْمَ الأمِّ لا يُتحمَّلُ!
أضحتْ على عُجْفِ المطايا تُحْمَلُ
ودموعُ ناقَتِها الهزيلةِ تُهمَلُ!
يا راحلينَ إلى المنونِ تمهَّلو
هذي الديارُ غدتْ تسحُّ دموعَها
أتُرى يعودُ بِنَا الزمانُ ونلتقي؟ 
يا راحِلينَ أرى النِّياقَ تسمَّرتْ 
ظعنَتْ يظلّلُها الكفيلُ برايَةٍ 
في عينِهِ اليُسرى تسيرُ محامِلٌ 
إِنْ مالَ مالَ القلْبُ عَنْ خفقانِهِ 
عبّـــاسُ ليتَ تراهُ ساعةَ خيلُهمْ
بالنّارِ أحْرقَهُ اللئيمُ وزينبٌ 
عثرتْ أمامَ الشِّمْرِ وهْيَ مَروعةٌ 
مهما قسى ذاكَ اللعينُ بشَتْمِها 
أسفي عليها بَعْدَ فَقْدِ كفيلِه 
يبكي عليها الحبلُ وهْوَ يشدُّها
 
 
 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
31

23

الليلة الثالثة: مجلس الوصول إلى كربلاء

 (شعبي)

وصلنا كربله يختي
رقية هنانه نزلوهه
واخيام الحرم عباس
والأكبر ينصبوهه
انقبض گلب العقيلة ابساع
من گالوا اسم هالگاع
شافت بالخيال ادموم
وعطش طفلة وگلب مرتاع
شافت چن سكينة اتصيح
يبويه سلّبولي اقناع
واچفوف البطل عباس
ابسيوف النيبة گطعوهه

آه يازينب آه يازينب آه يازينب آه

شافت چنهه خيمة ونار
وصريخ اطفال تتچوه
شبّان اعلى حر ارمال
من الطعنات تتلوّه
 
 
 
 
 
32

24

الليلة الثالثة: مجلس الوصول إلى كربلاء

 شافت ثكلى عالجمرات

تحمل بالهِدِم گوّه
تنادي ابصوت ياجسّام
عماتك يضربوهه

آه يازينب آه يازينب آه يازينب آه

تدير العين لَنهه اتشوف
رضيع امن العطش ينحب
على متن الأبو ذبحوه
من دم رگبته يشرب
وساعة اتشوف عالرمضاء
شيب الطاهر اتخضّب
العزيز احسين جثته اهناك
زلم واخيول رضوهه

آه يازينب آه يازينب آه يازينب آه

گامت تحتسب وتگول
يمه زهرة حضريني
مااحمل قهر واهموم
 
 
 
 
 
33

25

الليلة الثالثة: مجلس الوصول إلى كربلاء

 وآنه البيّه كافيني

دِنَت من الحبيب احسين
تگله يانظر عيني
هاي الگاع بيهه امصاب
وبيهه اختك يسلبوهه

آه يازينب آه يازينب آه يازينب آه

(أبو ذيّة)
‎الليالي اعليّه بالكلفات خيمات          ‎ولا بگّت إليّه النار خيمات 
‎ترا لي ابكربله مو بس خي مات      ‎ گظوا كلهم اخوتي ع الوطيّه

المصيبة
خرج الحسين يقطع المنازل والمراحل ومعه ركبه، حتى وصل إلى كربلاء.

ينقل بعض أرباب المقاتل، أنّ الحسين وركبه، بينما هم يسيرون، إذ وقف جواد الحسين عليه السلام ولم يتحرّك، عندها سأل الحسين عليه السلام عن الأرض التي وقف فيها جواده، فقال له زهير بن القين: إنّ هذه الأرض تسمّى الطفّ، فقال عليه السلام: "فهل لها اسم غيرُه؟" قال: تُعرف بكربلاء، فدمعت عيناه عليه السلام، وقال: "اللهمّ، أعوذ بك
 
 
 
 
 
 
34

26

الليلة الثالثة: مجلس الوصول إلى كربلاء

 من الكرب والبلاء، هاهنا محطّ ركابنا، ومسفك دمائنا، ومحلّ‏ قبورنا، بهذا حدّثني جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم".


كأنّي بالامام الحسين عليه السلام صار يخاطب أخته الحوراء زينب عليها السلام:
خويه يازينب لارض الحزن جينا
حضري ثياب السود البسيهم اعلينه

يم الخدر يختي بهالبقعة مدفننا
وواجب عليّه اوصيچ ياخويه واتمنى

اصبري يبعد الروح ابداعة الزهره امنا
ساعة تشوفينا محزوزة ارگابنا

وعباس من تلگيه امگطّعه ادينه
السهم لتجيسيه متوسّط بعينه

من تنظري جثتي ياخويه مرميه
خايف على گلبچ لاتنظري اليه

داري الخدر خويه وعينچ على ارقيه
امسحي دمعتها من تبچي اعليّه

والليل لو چلچل خايف تجي لينه
واحنه جثث عالگاع بالدما امغسلينه
 
 
 
 
 
35

27

الليلة الثالثة: مجلس الوصول إلى كربلاء

 كأنّي بزينب تجيب أخاها:

(لحن الفراق)
تگلله
ها يخويه هي هايه ارض لطفوف
ها يخويه جسمك تگطعه بالسيوف
ها يخويه امن القهر من هسه ماشوف

گللي يحسين شلون اظل للظيم وحدي
گللي يحسين ابقى دمعاتي اعلى خدّي
گللي يحسين احلفك ابهادينا جدّي

خلنه نرجع لارض جدنا ياحبيبي
خلنه نرجع خويه لا تزيّد لهيبي
خلنه نرجع شوفة اعيونك طبيبي

يگلهه

(عاشوري)
خويه لتزيدي آلامي والجروح آه آه          ترا يوم العاشر يخويه يكثر النوح
يزينب من تشوفي النحر مذبوح آه آه        منّي وتشوفي الدمه مسفوح
 
 
 
 
 
36

28

الليلة الثالثة: مجلس الوصول إلى كربلاء

 ساعد الله قلب مولاتنا زينب عليها السلام! كيف تحمّلت أخاها الحسين ينعى نفسه بهذه الكلمات؟!


نعم، انكسر قلبها وهي تسمع مولانا الحسين يعدّد مصائب كربلاء، ولكن كيف بها وقد شاهدت كلّ تلك المصائب بأمّ عينها، وهي وحيدة من دون إخوتها؟!

ساعد الله قلبها دخلت الى كربلاء بعزّها ودلالها مع إخوتها وأهلها! ولكن كيف خرجت من كربلاء؟! بأيّة حالة؟!

سيّدي يا صاحب الزمان، هذه عمّتك زينب، وقد أجّجت قلبها ساعة التوديع، وما أصعب توديع الحبيب من على ناقة عجفاء! بأبي وأمّي كأنّي بها والركب يمضي، وهي ترى جسد المولى على صعيد كربلاء تصهره حرارة الشمس، فكيف تودّعه؟! توصي أرض كربلاء بأخيها ونور عينها...

(نعي شعبي)
يا كربله
أوصيك بخويه ابن حيدره
جثته عالترب سليبه معفّره
وإحنه نسوان وسبايا محسره
ما نقدر نظل وياه نغسله
يا كربله
 
 
 
 
 
37

29

الليلة الثالثة: مجلس الوصول إلى كربلاء

 كل عشيرة نادت بنسوانها تطلع

وعالمحامل تصعدها وللوطن ترجع
وانا مهمومه وقلبي من الهم تِصدّع
رايده صوت من الاهل يصدح

يا كربله
صعدونا على الجمال غَصبن علينه
مخدرات مدللات ونتستر بگفوف إيدينه
صاح الرجس يتشمت وين الولي خلينه
وگلمن يصد بالعين يصوب لينه...

يا كربله
أمانه حسين عندك أمانه
ارد بالاربعين واطفاله ويانه
نقعد على القبر وننصب عزانه
وزين العباد يقرأ بحزن وعزيه

هذه أمّ المصائب، فارقت أعزّ الأحباب، تركت كربلاء وودّعت إخوتها وتركت في قلبها جروحاً وأسى!

آنه زينب...آنه زينب
كربله راوتني الوان الأسيّة
 
 
 
 
 
38

30

الليلة الثالثة: مجلس الوصول إلى كربلاء

 آنه زينب...آنه زينب

تنربط ايدي وأنه بنت الزچية
يا كثر عظم المصاب اللي جرالي
هالأرض فاضت من ادموم الغوالي
كل الاحباب...فوگ لتراب
وبدماهم يحيي دين الله ونبيّه
آنه زينب...آنه زينب
كربله راوتني الوان الأسيّة
شگد عجيبة...يامصيبة
بت نبي الإسلام بسياط اضربوني
شگد عجيبة...يامصيبة
ضنّوا العدوان أذلّ من سلِبّوني
اظن مايدرون أنه الحرّة الأبيّة
والله ماانذل وَابي حامي الحميّة
بس أسيرة...مو كسيرة
أسري شوفة خوّتي فوگ الوطيّة
آنه زينب...آنه زينب
كربله راوتني ألوان الأسيّة
 
 
 
 
39

31

الليلة الثالثة: مجلس الوصول إلى كربلاء

 (أبو ذيّة)

حرت بنحور اخوتي ياهو اقبله       ومنو بيهم صلاتي ياهو قبله
حرت بأمرين بالطف ياهو قبله        امر الموت لو سبي آل اميه
 
 
 
 
40

32

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام


القصيدة

 
 

جفنُها المقروحُ أعياهُ الهطولْ
زدْتَ كربي وانكساري والحنينْ!
ما وَعَتْني..نعيُهُ دكَّ الجبالْ!
خفِّضَنْ يا بِشْرُ ذي أمُّ البنينْ
قائلاً يا أمُّ قدْ جلَّ المُصابْ
قُرْبَ (عبدِ اللهِ) مَطْروحٌ طعينْ
بِشْرُ خبِّرني عَنِ السبطِ الحبيبْ
لَيْتَهُمْ يَفْدونَ ابنَ الطيِّبينْ
شبلُكِ العباسُ ذو البأسِ الشديدْ
مِثْلَ كرّارِ الوغى ليثِ العــرينْ
ضاعَ شَملُ السبطِ مُذْ راحَ الكفيلْ
لا تقلْ يا بشرُ قد ماتَ الحسينْ
بَعْدَ ذَبْحٍ .. رَضْرَضَتْهُ الصافِناتْ
١/حرَّ قلبي حينَ جاءتْ في ذهولْ 
أيها الناعي ترفَّقْ ما تقولْ؟
٢/قَالَ من هذي أتَتني بالسؤالْ؟ 
قيلَ ذي بنتُ الوفا، أمُّ الرجال 
٣/مالَ بِشْرٌ نحْوها ينْعى الشبابْ 
(جعفَرٌ) ملقىً وَ(عَوْنٌ) في الترابْ 
٤/فَدَنَتْ تبكي تُنادي بالنَحيبْ 
كُلُّهُمْ والخلْقُ والكَوْنُ الرحيبْ
٥/صاحَ بينَ النَّاسِ يا أمَّ العضيدْ 
جالَ يُذري رُوسَهمْ ذرْيَ الحصيدْ 
٦/فإذا ما خرَّ مطروحاً جديلْ 
فانثنتْ بالآهِ تدْعو والعويلْ 
٧/قالَ إي يا أُمُّ أَمْسى في الفَلاةْ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
41
 

33

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 رأْسُهُ المَقْطوعُ تَبْكيهِ القَناةْ 

٨/فهوى مِن كفِّها طفلٌ رضيعْ 
لا تَسَلْني إنّهُ خَطْبٌ فظيعْ

ينظُرُ الحوراءَ يسبيها اللَّعينْ
مِثْلَ سِقْطٍ خرَّ في اليومِ الفجيعْ
وهْوَ أصْلُ الطَّفِّ والفعلِ المُشينْ

لسان حال أمّ البنين:
(لحن أمانة هالوصيّة)
خذت قلبي ورحت وين
ترد يوليدي يحسين
لو اتطول هالغياب
دليلي انقسم نصين
آه يبني...يبني...يبني آه

الك مشتاگه روحي
يبلسم كلّ جروحي
يا ريحانة محمد
عليك يزيد نوحي
آه يبني...يبني...يبني آه

لظل معصوبة الراس
بعدكم يا اعز الناس
ثكلتو اگلیبي والروح
 
 
 
 
 
42

34

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 وسكنتوا بوسط الأنفاس

آه يبني...يبني...يبني آه

(أبو ذيّة)
‎وين الدهر عن عيني بعدهم ‎              عسه ام عباس ماعاشت بعدهم
‎شلون احمل هجر احبابي اوبعدهم        ‎بعدهم هدني ماضل حيل بيّه

المصيبة
لمّا نادى بشير بن حذلم في المدينة، وأخبر النّاس بقتل الحسين عليه السلام، لم تبقَ في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلّا برزن من خدورهنّ، ضاربات خدودهنّ، وضجّت المدينة ضجّة واحدة...

قال الراوي: ومن جملة من خرج من المخدّرات أمّ البنين زوجة أمير المؤمنين عليه السلام، وعلى كتفها طفل للعبّاس عليه السلام، حتّى دنت من بشير تسأله عن الحسين عليه السلام، يقول بشير: رأيت امرأة كبيرة تحمل على عاتقها طفلاً، وهي تشقّ الصفوف نحوي، استقبلتني قائلة: يا بشير، أعندك خبر عن الحسين عليه السلام؟! قلت: نعم، ولكن أخبريني أنت أوّلاً، من أنتِ لكي تسأليني عن الحسين عليه السلام؟ قالت: يا بشير، أنا أمّ البنين، أنا أمّ أبي الفضل العبّاس، يقول: فعلمت أنّها ذاهلة، فأشفقت عليها، وخفت أن أخبرها بأولادها مرّة
 
 
 
 
 
43

35

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 واحدة، فقلت: يا أمّ البنين، على الخبير سقطتي، أمة الله، عظّم الله لكِ الأجر بولدك جعفر، قالت: يابن حذلم، وهل سمعتني سألتك عن جعفر؟! أخبرني عن الحسين، قلت لها: يا أمّ البنين، عظّم الله لك الأجر بولدك عثمان، قالت: يابن حذلم، أخبرني عن الحسين، قلت: يا أمّ البنين، عظّم الله لك الأجر بولدك عبد الله، قالت: يابن حذلم، قلت لك أخبرني عن الحسين، فقلت لها: يا أمّ البنين، عظّم الله لك الأجر بولدك أبي الفضل العبّاس، لمّا سمعت بذكر العبّاس وضعت يدها على قلبها، ثمّ قالت: يابن حذلم، لقد قطّعت نياط قلبي، أخبرتني بقتل أربعة من أولادي، ولكن اعلم أنّ جميع أولادي ومن تحت السماء فداء لأبي عبد الله الحسين، يا بشير، أخبرني عن الحسين، عند ذلك قال لها: يا أمّ البنين، عظّم الله لكِ الأجر بالحسين، فلقد خلّفناه بأرض كربلاء جثّة بلا رأس، عند ذلك صاحت: واولداه! واحسيناه!


(عاشوري)
يگلها عظّم الله أجرك بالحسين آه آه        بقى بوادي الطفوف من غير تكفين
اومشى السجاد بظعون النساوين آه آه      ونصب بره المدينة إلهم امخيّم
 
 
 
 
44

36

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 (لحن الجفيري)

أمّ البنين الأربعه
عالغالي ويلي مروّعه
والجفن يهمل مدمعه
الرجعة حسين امناطره

ماهمها عباس أنذبح
والقلب عالغالي أنجرح
مامر على الحره الفرح
ضلت الحره صابره

تبچي وتون من الهجر
ترخص لبو اليمه العمر
من عرفت أنرض الصدر
دمعتها ضلت هادره

يحسين تندب بالدمع
قلبي لمصابك منفجع
ياويلي مكسور الضلع
كم سنه أبقى صابره
 
 
 
 
45

37

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 ما أحمل غيابك أبد

يحسين يا أغلى ولد
دلالي يوليدي انمرد
صدرك الخيل اتكسّره

تقول الرواية بأنّ مولاتنا زينب جعلت جاريتها على الباب على أن لا يدخل عليها أحد إلّا من فقدت لها عزيزاً في كربلاء، وجلست في منزلها وجعلت جاريتها على الباب، وإذا بالباب يطرق، فقالت الجارية من على الباب؟ فقالت لها: قولي لسيّدتك زينب إنّي شريكتها في العزاء، فلمّا أخبرت الجارية السيّدة زينب قالت: سليها، من هي؟

فرجعت الجارية، وقالت لها: سيّدتي تقول: من أنتِ؟

قالت: أخبري سيّدتكِ أنا أمّ البنين. 
صـاحت صـوت آيا فگد الأطياب
والله اشـموحشه يـا دور الأحباب

اهناك اوسمعن الصرخه على الباب
أنـا أم عـباس اجـيتچ لا تفترين

ثم فتحت لها الباب، فلمّا دخلت استقبلتها زينب واعتنقتها وبكت وقالت: واخاه! واعباساه! فأجابتها أمّ البنين: واولداه! واحسينا!
 
 
 
 
 
46

38

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 اچت زيـنب او نـادت تلگنها

بالله اويـاي گومـن سـاعدنها
هـاي أم الـبنين الـراح منها
صناديد اربعه او بالحرب نفلين

بچت زينب او صاحت آه يحزني
او لفتها أم البنين ابضلع محني
تـصيح ابصوت آه يحسين يبني
هـاي امصيبتك بچَّت الدارين

اشلون أم البنين اصياح صاحت
اهنا يحسين يبني روحي راحت
تـلگلنها الحرم عيَّت او ناحت زينب

أمّ البنين بكت لحال زينب عليها السلام، فقد الحسين والعبّاس قد بدّل عزّها بالحزن والأسى...

ترى ماذا جرى بين زينب وأمّ البنين من حديث؟! وكأني بلسان الحال:
هــــا يزينب - ليـــــــش وحــــــدج - راجعه مـــــن كربــله
هــــا يزينب - ليــــــــش وحــــــدج - وبمشـيـــتـــج مايلــه
هـا يزينب -            هـا يزينب -         هـا يزينب
 
 
 
 
 
47

39

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 زينب أنـــــــه أم الكفيل أم الغــوالــي

وسفـه محنــي ضهـرج ودمعـــــج يلالي
خـــدج ازرك ليــش مــو عذبتي حالي
ها زيـــنـــب دارت علـــــيـــج الليـــالي

هــــا يزينب - ويــــــــــن اهلـــــــج - وجني اشوفج ذابلــه
هــــا يزينب - ليــــــــش وحــــــدج - وبمشـيـــتـــج مايلــه

ويــن عــفـتـيـهـم هـلـج وبـيــا بــراري
وحــدج أمشيتي وكطعتي هـل صحاري
وعله اخــوج حسـين عذبني انتضـاري
مــا هــده كلبي عليــه ودمــعي جــاري

هــــا يزينب - مــاهـــــو خــــــــدرج - والجـبــيــر العايــله
هــــا يزينب - ليــــــــش وحــــــدج - وبمشـيـــتـــج مايلــه

ويــــن سبـــع الكنطره خبريني عـــنه
شيب البـــراســـي يــــزينب كـلـه منـه
لا تقهريني بسكـــوتـــج مـــــات جنـــه
 
 
 
 
48

40

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 مـــن بعد عباس راعي الجــود ضعنــه


هــا يـزينب - ضاع قدرج- من فقدتي كافله
هــا يزينب- ليش وحدج-وبمشيتج مايله

بالله حاجيـني عل أكبر وعله جسـام
بيـــا أرض غـابوا علينه ولــد الإكرام
شـلون اكضيها عـكـبـهم هـــاي الأيام
وبعــدهم ناعيــه بنـص كـلـبـي الآلام

هـــا يزينب - شلونـــــــــه وضــــعج - وانت عنهم سائلــــه
هــــا يزينب - ليــــــــش وحــــــدج - وبمشـيـــتـــج مايلــه

رايـــده تـخبـريــي عــن حالت رقيــه
شعجب مـاهـي ويـاكم بهاي المسيــه
شنهــي ضلت يم ابن حامي الحميـة
ليــش مــــا جـبـتـوهــا مــن الغــاضرية

هــــا يزينب - شكبـــــره صبـــــرج - وانتي تحــدي القافله
هــــا يزينب - ليــــــــش وحــــــدج - وبمشـيـــتـــج مايلــه
 
 
 
 
49

41

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 نعم، ثمّ ذهبت أمّ البنين وزينب عليهما السلام إلى قبر الزهراء عليها السلام، إلى قبر الأمّ الحنون...


ام البنين الأربعة وي زينب اتلاگن
قلب الصخر ظل ينتحب من نحبن وصاحن
گعدن على گبر الطهر بصوت الحزن ناحن
جنب الزجية ام الحسن نصبن عزا راحن

لطمت وجهها الطاهرة و اتنادي يازهره
واستها عالمولى السبط تنحب على العترة
تكلها يبنت المصطفى ابني اسحگوا صدره
شلون العقيلة تنسبي زينبكم الحره؟

نخوه يا ام البنين بهالعزاء
نرفع ابهالليله اصوات الدعاء
لينا مفزع بالشدد.. ماتِخيبنا ابد
نخوه يا ام البنين ابهالعزاء
كلنا لم عبّاس هليوم اعتنى
واحنه بيها كل دُعانا انأمّنه
من نطيح ابشده ونشوف العنا
بدعوه نلگه الشدّه تتحوّل رخاء
 
 
 
 
 
50

42

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 بيها كل گلب اعتقد.. ماتِخيّبنا ابد

كلنا بم عبّاس ندعي يامُجيب
ونسألك لينا الفرج عمّاقريب
لينا چم مأسور اوچم واحد غريب
بحقها تكشف يا إلهي هالبلاء
اعليها كل المُعتمد.. ماتِخيّبنا ابد

ما احد يطلبها يوم اوردّته
لوتِوّسل بيها تگضي حاجته
لوذكرها ومنا سالت دمعته
الله بيها يفتح ابواب السماء
هذي وفّاية وعد.. ماتِخيّبنا ابد

طالب الذرّيه لويمها سعى
ماتِخيبه ويستجيب الله الدعا
التسمعه الباري يقينا يسمعه
وماكو واحد يحصي ليها هالعطاء
ليها هالعالم شهد… ماتِخيّبنا ابد

ندري هيّه التشفي لينا كل عليل
 
 
 
 
51

43

الليلة الرابعة: مجلس أمّ البنين عليها السلام

 والكثير بحگها من نحچيه قليل

مانِشكّك بيها واضح هالدليل
والله معروفه بكرمها ام الوفاء
صعبه نحصيها بعدد. ماتِخيّبنا ابد

فاطمه والله عطاها تِشكره
واليواليها ربح بالآخره
ينبني من نور باچر مِنبره
ليه شفيعه ويسعد بيوم الجزاء
بيوم ماينفع احد… ماتِخيّبنا ابد

الزادت همومه وقسى بيه الزمن
وبيها يدعي عنا تنزاح المحن
هالعظيمه اشگد تحبها ام الحسن
والله ماتنسى وفاها بكربلاء
اربعه انطت مو ولد.. ماتِخيّبنا ابد

كأنّ كلّ مكانٍ كربلاء لدى عيني            وكلّ زمانٍ يوم عاشورا
لهفي لظامٍ على شاطي الفرات قضى        ظمآن يرنو لعذب الماء مقرورا
 
 
 
 
 
 
52

44

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

 الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل


القصيدة
تطوي الفيافي للحسين نزولُ
وتخال صدق القول حين تقولُ
غدراً قضوا والغادرون مثولُ
إذ أنت ما بين اللئام نزيلُ
واليوم فوقك للسيوف صليلُ
مأوى لمثلك في الأنام جليلُ
تلقاك طوعةُ للرجال بديلُ
فلمثلكم حبّ القلوب يميلُ
شكواك للرحمن وهو كفيلُ
تلقى الهوان بهم وأنت نبيلُ
ودّعت أهلك والفراق يطولُ 
وتمنّي نفسك بالوصول لكوفة
أين الوصيّ وأين غاب المجتبى
فتبيت في رحب البلاد مشرّداً 
بالأمس صلّوا خشعاً بقلوبهم 
عبثاً تودّ بأن تكون ديارها 
فتهيم في أنحائها متعثّراً 
وتقول انزل يا كريم بدارتي 
فقضيت ليلك في الصلاة موجّهاً
ساقوك رغماً بالقيود مكبَّلا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
53

 


45

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

بغضاً لهم كيل السباب سبيلُ
والقلب صادٍ والدماء تسيلُ
مولاي كلٌّ ظالمٌ وجهولُ
خانوا بعهدك فتية وكهولُ
والعين ناحية الحسين تجولُ
جسماً تدوس حوافرٌ وخيولُ
تُطوَى بوادٍ خفيةً وطلولُ
وبطرفه نحو السماء يطيلُ
وعلا صياح دائم وعويلُ
أنّ الحسين بكربلاء قتيلُ

يسترسلون بسبّ آل محمّد 

حرموك حقداً ماءهم وتشفيّاً 
وإلى الحسين رفعت صوتك قائلاً 
مولاي لا تأتِ ولا تركن لمن
فأطيح رأسك بالحسام مجرّداً 
وتجرُّ بالأسواق بين أزقةٍ 
يُؤتى بنعيك للحسين بكربلا 
فيقلّب الكفين حزناً قاتلاً 
بكت العيون دماً لأجلك مسلم 
وقُتلت قبل الطف غدراً لم تعِ

 

 

 

 

 

 

 

 


 

لسان حال حميدة بنت مسلم

(لحن الجفيري)
طفلة غريبة وحايرة
تسأل على بوها اشجرى
بلهفة الحنينة تنطِره

وين الولي...وين الولي
 
 
 
 
54

46

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

 وقت الغروب اتندبه

فرگتك بويه صعبة
من بعدك ابقى ابغربة

وين الولي...وين الولي

معقولة ما يرجع بعد
وابقى أنه ابلايه سند
بيت وصفى ابلايه عمد

وين الولي...وين الولي

گلب اليتيمة يستعر
حسّت ببوها ينغِدر
شبكت على الراس العشر

وين الولي...وين الولي

تتخايله ايغدرونه
والوالد ايذبحونه
والدمه فوگ اعيونه

وين الولي...وين الولي
 
 
 
 
 
 
55

47

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

 (أبو ذيّة)

زمـانــي عگـب عينك سلمتني        او راحـــات النــوايب سلمتني
رحــت عــدمن يـبويه سلمتني        يــتــيمه ويـا شهم وصيت بيّه

المصيبة
كان مسلم بن عقيل ومعه ثلاثون ألفاً، ولم يبقَ معه أحد يدلّه على الطريق... لقد خذلوه ولم يثبتوا على مواقفهم كما فعلوا مع الحسين عليه السلام...

فأخذ يسير في أزقّة الكوفة، لا يدري أين يذهب حتى وصل إلى دار امرأة يقال لها طوعة، فرآها مسلم على الباب، سلّم عليها، ردّت عليه السلام، فقال: أمة الله، اسقيني بعض الماء، فسقته ودخلت إلى بيتها، ومن ثم خرجت، فرأته جالساً على باب دارها، فقالت له: اذهب إلى أهلك، فإنّه لا يصلح لك الجلوس على باب داري، ولا أحلّه لك!

كأنّي بها تقول:
(فايزي)
بالله يهالواقف ابابي اودمعك ايسيل
اسقيتك الماي روح لهلك هود الليل
 
 
 
 
 
 
56

48

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

 قلها يحرمه ما لي بهالبلد دار

او مالي عشيره او لالي امحامي ولا انصار

قالت اخبرني باسمك او من ايه قبيله
قلها انا عمّي حيدر الضيغم مظهر الدين

هلت دمعتها او نادته بالله ادخل الدار
تفديك روحي يابن اخو حيدر الكرار

نعم، دخل الدار، وبات تلك الليلة وهو يصلّي، فوصل الخبر إلى عبيد الله بن زياد فبعث بجنوده واقتحموا عليه الدار، فشدّ عليهم وقاتلهم، فلمّا رأوا ذلك منه أشرفوا عليه من فوق أسطح البيوت، وجعلوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار بأطنان القصب، فلمّا رأى ذلك منهم خرج عليهم مصلّتا سيفه، وجعل يقاتلهم مقاتلة الأبطال، ثم حملوا عليهم من كلّ جانب ومن بينهم ابن الأشعث، ثم طعنه رجل من خلفه فسقط على الأرض، فحاوطوه وأسروه...

فقال: "إنّا لله وإنا إليه راجعون"، ثم بكى...

فقال له عبيد الله بن العبّاس السلمي: إنّ الذي يطلب مثل الذي طلبت، لا يبكي إذا نزل به مثل الذي نزل بك، فقال مسلم: والله، ما لنفسي بكيت، ولكن أبكي لأهلي المقبلين عليكم، أبكي للحسين وآل الحسين!
 
 
 
 
 
57

49

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

 كأنّي به يخاطب طوعة:

(موشّح عراقي)
ياحره بعد ايام واتجيكم حميده
ابعبره تنوح او تجري الونه شديده
تنظر لراسي والظالم ايلوحه ابإيده
فجيعه بعد الغياب تشوفني بهالمنيه

ثم جيء به إلى قصر الإمارة، فأمر ابن زياد بأن يصعدوا به إلى أعلى القصر ويضربوا عنقه، فوجّه وجهه إلى ناحية الحسين، وقال: السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يابن رسول الله.

ثم ضرب عنقه، فأهوى رأسه إلى الأرض، وأُتبع جسدُه رأسَه، ثم سحبوه بالحبال من رجليه في الأسواق آه وامسلماه! واسيّداهّ!

كأنّي بطوعة تنظر إلى سيّدها مسلم بتلك الحالة، لمّا رأته يُسحب على الأرض.

(لحن الفراق)
شهالرزيّة        ابعيني اشوفك عالوطية
شهالرزيّة        يبن اخو خير البريّة
شهالرزيّة        يابو طاهر ياشفيّة
 
 
 
 
58

50

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

 كأنّي بها تكلّم الظالم الذي يجرّه:

لا تسحبه      عالارض جسمه تِجرّح
لا تسحبه      گلبي لمصابه تِقرّح
لا تسحبه      لا يظالم لا لَتفرَح

خل اسمعه     چنه رايد يحچي كلمة
خل اسمعه     اوگف اوخلّيني اكلمه
خل اسمعه     هذا حيدر تدري عمه

لسان حال مسلم:
گلها طوعة      من تشوفين الابنية
گلها طوعة      وصّلي لبنتي تحية
گلها طوعة      ادري حتنشدچ عليّه

(أبو ذيّة)

آه عادة ليستجير يكون ينجار      وعن قتله حليف الشرف ينجار
مثل مسلم صدق بالحبل ينجار     وتتعاون بقتله علوج أميّه

وصل خبر استشهاد مسلم إلى الإمام الحسين، فقال: "إنّا لله وإنّا إليه راجعون، عند الله أحتسبك يابن العم...".
 
 
 
 
59

51

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

 آه وامسلماه

(موشح عراقي)
انقتل مسلم وابو اليمه بدربه
إجاه الخبر عنه وذاب قلبه
على زينب صاح والمدمع يصبه
على ثيابه وعليه خيم الهم

(نعي)
لسان حال الحسين عليه السلام:
على مسلم بكى وترحم عليه
وبكت زينب من بواكيه
وصاح يا زينب جيبي حميده

نعم، نادى: إليّ بحميدة ابنة مسلم، أجلسها في حجره وراح يمسحُ على رأسها، استشعرت بالخطب، نادت: هل أصيب والدي بمكروه؟


صاحت حميده
بويه أريده
 واهلالي غايب

يبويه يبويه 
مشتاگه اشوفه 
حُرمت افراحي
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
60

52

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

والگلب ذايب
مفجوعة بحبايب
بويه أريده
وهيّج حزنهه
وتهلّ دمعهه
تحاكي عَمدهه
بويه أريده

اتنطّر الرّجعه      

من صغر سنّي 
ما يعَوّد إليّه
نادها عَمهه 
يمسح براسه 
صاحتله بعزيّه 
هاذي علامه

 

 

 

 

جاوبه الحسين:

وهاذي رقيه
اتشوف الرزيّه
تصير بعزيّه
بويه أريده
أنه حسين أبوك 
مثلك يا عمّه
بذبحة أبوها 
لن صاحوا سَويّه
 
 
 
 
 
 


لهفى نفسي لمولاتنا رقيّة، الآن الحسين يمسح على رأس حميدة بعدما فقدت والدها، ولكن من لرقيّة بعدك أبا عبدالله؟!

تقول الرواية: جيء بموكب السبايا إلى الشام، أنزلوهم في خربة إلى جنب قصر يزيد لعنه الله، وكانت للحسين عليه السلام طفلة صغيرة يحبّها وتحبّه، وقيل: إنّ اسمها رقيّة، كانت مع الأسرى في خربة الشام، وكانت تبكي ليلاً ونهاراً، وهم يقولون لها: هو في السفر،
 
 
 
 
 
61

53

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

 فينما هي نائمة ذات ليلة في الخربة، إذ انتبهت من نومها مذعورة باكية تقول: ائتوني بوالدي وقرّة عيني، أين أبي؟! الآن قد رأيته، ائتوني بأبي! أريد أبي!


نامت رقيه مشتاگه لأبوها
مضروبة جَنب مسبيّه اذوها
للشام غصبن عليها سِبوها
نامت ودموعها علخدها جريه

ولهانه والحشا منها ذاب
من راح الأبو عنها وغاب
ذبلانه لشوفة اهل واحباب
تنوحن من عظم الرزيّه

بحلم شافت حسين عَمدها
يمسح الخد بيديه ودمعها
تعاليلي يبويه لحضني يگلها
ونيران الحزن بگلبها سِريّه

أفاقت من نومها صارت تصرخ وتنادي: أريد والدي الحسين، الآن كان معي وضمنّي إلى صدره، وصلت الصيحة إلى مجلس ذاك اللعين، سأل: ما الخبر؟
 
 
 
62

54

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

 قالوا: طفلة للحسين تريد أباها، قال: احملوا رأس الحسين إليها!


آويلي من صدّت لراس احسين
نادت بصوت يبويه الحَنين
ذوبني الصبر والگهر والبين
وروحي تون صبح ومسيّه

گلي يبويه منهو اليتّم الطفوله
وخله دمعتي علخدي هموله
لجرحي الدوه ريت يجيبوله
مصيوب خاطري بهم وعزيّه

اشتاگيت يبويه اشتاگيت
وهمي لغيرك ما شكيت
ضربني العدو وليك انتخيت
وطول الدرب اصفگ بيديّه

كأنّي بالحسين يجيبها:
كاللها
جِيتك يا رقيه يبعد عمري
وياي الدِوه يبويه صبري
 
 
 
 
63

55

الليلة الخامسة: مجلس مسلم بن عقيل

 الموعد الليله اضمنّك تدري

واخذك وياي ونظل سويّه

صاحت: يا أبتاه، من ذا الذي خضّبك بدمائك؟! يا أبتاه، من ذا الذي قطع وريدك؟! يا أبتاه، من ذا الذي أيتمني على صغر سنّي؟!

يا والدي والله هظيمه           أصير من صغري يتيمه
والنوح من بعدك لگيمه        أتاري الأبو يا ناس خيمه
يفيي على ابناته وحريمه

ولم تزل تُعوِل وتنوح وتبكي على أبيها، حتّى وضعت فمها على فم الشهيد المظلوم وبكت حتّى غُشي عليها، فقال الإمام زين العابدين عليه السلام: "عمّه زينب، ارفعي هذه اليتيمة من على رأس والدي؛ فإنّها قد فارقت الحياة!". 

عمّه يزينب گومي ليها        شيليها عن راس وليها
ماتت الطفلة من بكيها         واختي انكسر قلبي عليها

(تخميس)
لا بُدَّ أنْ تَرِدَ القِيامَةَ فَاطِم         وَقَمِيصُها بِدَمِ الحُسينِ مُلَطَّخُ
وَيْلٌ لِمَنْ شُفَعاؤُهُ خُصَماؤُهُ        وَالصُّورُ فِي حَرِّ الخَلائِقِ يُنْفَخُ
 
 
 
 
64

56

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

 الليلة السادسة: مجلس الأصحاب


القصيدة
 
يشْترونَ الجنَّةَ المأوى لِقاءا
وكذا الموتَ معَ السِّبطِ بقاءا
شُهداءًا بلْ وسَادُوا الشُّهداءا
يرتجيهمْ كيْ يلبُّوه رجاءَا
انهضوا كي تكشفوا عنِّي البلاءا
بَنُوا حَرْبٍ قدِ اجتاحوا الخِباءا
وبعينيَّ لَقَدْ سدُّوا الفَضَاءا
وعلى الأكْوارِ يسْبُونَ النِّسَاءا
بِثراها تعْفِرُ الخدَّ انْحِناءا
ويداها تَصْبَغُ الحَبْلَ دِماءا!
قَدْ شَرَوْا أرواحَهُمْ فيهِ فِداءَا 
أبصروا العيشَ بلا السبطِ مماتاً 
خَيرُ أَصْحابٍ مضَوْا في خيرِ درْبٍ 
لستُ أنساهُ ينادي: أَنِيامٌ 
يَا حبيبٌ، يَا بريرٌ، يَا زهيرٌ 
أيْنَ جونٌ؟ أيْنَ قيسٌ؟ أيْنَ حُرٌّ؟ 
بعدَكُمْ جيشُ النفاقِ استضْعفوني 
ثمَّ يحتزُّونَ بالسيفِ وَرِيدي 
يا حبيبٌ، مَنْ إلَيْها جِئتَ زحفا 
سَوْفَ تُهْدى مِنْ زيادٍ لِيَزيدٍ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
65

57

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

وهْيَ تبقى وحدَها تَرْجو نِداءا
واندُبي العبّاسَ صبْحاً ومَسَاءا
ومِراراً سَتَموتِينَ خَفَاءا!

 وغداً لِلأسديّاتِ يُنادى

فيصيحُ الشِّمْرُ يَا زينبُ قُوْمِي 
ستُساقينَ إلى الشَّامِ جِهاراً

 

 

 


 

(بحر طويل/ لفى عاشور)

يذبحونا ألف مره*
فلا اتساوي إلك ذره*
يبو السجاد نفديها
يوالينه ونِصد ليها؟
من غيرك نظل بيها
وفاز اللي انقطع نحره
فدا أهله وفدا دمه
لجل عينك يبو اليمه
أخذ يابو علي سهمه
ويقر عين أمك الزهره
يمسلم يا زهير وجون
حقكم بالولي اتجنون
يبو اليمه إلك فدوه 
عمرنا والأهل يحسين
قليله ابحقك الأعمار 
وشنو الدنيا بعد عينك 
أبد والله مَنِتْخَيّل
إلك نتسابق بهل يوم 
فاز اللي نصر هالدين 
يوالينه و رخص كلشي 
وبعد مِنّ الشهادة اوياك 
اشكبر حظه ويموت اوياك
اشكبر حظنا ترى بهل يوم
يعابس يا وهب والله
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
66

 


58

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

 وبسم احسين بالحومه         بعد هم حقكم اتهوسون

هذا اللي يشق ثوبه           وهذا اليكشف لصدره

(فايزي)
نمتوا يا أنصار الوغى كلكم يطيبين
وما قلتوا ظل وحده بلا ناصر ولا امعين

نمتوا على الغبره حسافه آيا فرسان
وارسومكم غطاها دم مخلوط تربان
وآنه وحيد ابكربله ودلالي حيران

نمتوا ولا قلتوا اشيصير بحالة حسين
آيا النشامه شو حلت إلكم النومه
و أوليكم ثقلت عليه والله اهمومه
محد بقى منكم إله بساحة الحومه
وعباس يم المشرعه امقطع الچفين

(أبو ذيّة)
اچفوف الگدر يصحابي لونكم     احشمكم او روحي اتون لونكم
 
 
 
 
 
 
67

 


59

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

 تـنهضون او تشوفوني لونكم     وحيد او حاطت العدوان بيّه


ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في الزيارة التي علّمها لصفوان الجمّال:
"السلام عليكم يا أولياء الله وأحبّاءه، السلام عليكم يا أصفياء الله وأودّاءه، السلام عليكم يا أنصار دين الله، السلام عليكم يا أنصار رسول الله، السلام عليكم يا أنصار أمير المؤمنين، السلام عليكم يا أنصار فاطمة سيّدة نساء العالمين، السلام عليكم يا أنصار أبي محمّد الحسن بن عليّ الزكيّ الناصح، السلام عليكم يا أنصار أبي عبد الله، بأبي أنتم وأمّي! طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم، وفزتم فوزاً عظيماً، فيا ليتني كنت معكم فافوز معكم".

لقد كان أصحاب الحسين عليه السلام صفوة البشريّة يومئذٍ وسادة المسلمين، فهم بين صحابيّ سمع حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ووعاه، وبين تابعيّ محض الحقيقة، وجلّهم حضر مشاهد أمير المؤمنين عليه السلام، إضافة إلى ذلك منزلتهم الاجتماعيّة، فهم زعماء المسلمين وفرسانهم، وعلماء الأمّة وجهابذتها، وسادة الناس.

فقد كان تصميمهم على الموت واستبشارهم بالشهادة لم يعهد في جيش من جيوش الإسلام، ولم يكن هذا منهم من قبيل المصادفة، بل كان صدىً لعقيدة راسخة وولاء صادق، وقدم ثابتة في الإيمان والجهاد، حتى أضحت مواقفهم نبراساً يقتدي به أهل الوفاء
 
 
 
 
68

60

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

 والشرف في كلّ زمان ومكان؛ حيث إنهم سطّروا أروع ملاحم الوفاء والفداء والعطاء.


ومن هؤلاء الأصحاب البررة الذين باعوا أنفسهم لله وضحّوا بأرواحهم في سبيل الحقّ ونصرة الإمام المظلوم عليه السلام، كان جون مولى أبي ذرّ الغفاري، وحبيب، ومسلم بن عوسجة، وغيرهم...

المصيبة
نعم، فلمّا أصبح يوم العاشر من المحرّم عبّأ عمر بن سعد جيشه لقتال الحسين عليه السلام، ثمّ صاح: يا دريد، أدْنِ رايتك، فأدناها فوقف تحتها وأخذ سهماً ووضعه في كبد قوسه ورماه نحو معسكر الحسين، وقال: اشهدوا لي عند الأمير بأنّي أوّل من رمى، فتبعه الجيش على ذلك، فلم يبقَ أحد من أصحاب الحسين، إلّا وأصابه من تلك السهام شيء، فقال الحسين لأصحابه: قوموا رحمكم الله، قوموا يا كرام إلى الموت الذي لا بدّ منه، هذه السهام رسل القوم إليكم؛ فحمل أصحاب الحسين حملة واحدة، واقتتلوا مع القوم، فما انجلت الغبرة إلّا عن خمسين صريعاً، وكان من بينهم مسلم بن عوسجة، فمشى إليه الحسين ومعه حبيب بن مظاهر فوقف الحسين عند رأسه وقرأ قوله تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾, وكان بمسلم
 
 
 
 
69

61

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

 رمق من الحياة، فقال له حبيب: لقد عزّ عليّ مصرعك يا مسلم أبشر بالجنّة، فأجابه مسلم: بشّرك الله بخير يا أخي، فقال حبيب: لو لم أعلم أنّي في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بكلّ ما أهمّك، ففتح مسلم عينيه، وقال: يا حبيب، أوصيك بهذا الغريب خيراً - وأشار بيده إلى الإمام الحسين - قاتل دونه، ولا تقصّر عن نصرته!


وصلت يبن ظاهر منيتي
ما وصّيك بعيالي وبيتي
بالحسين واولاده وصيتي
فقال حبيب: لأنعمنَّك عينا.

ولا يمكن أن ننسى حبيب بن مظاهر، وعمره تسعون سنة، وهو ممّن رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقف أمام الحسين يبكي، قال له الحسين عليه السلام: "يا حبيب، لعلّك ذكرت الأهل والأوطان؟ أنت في حلّ من بيعتي"، فقال: ﻻ والله يا سيّدي، إنّي استبدلت عن أهلي أهلا، وعن داري دارا، قال: "إذاً ممّا بكاؤك!؟".

فأشار إلى العقيلة زينب، وكانت واقفة على باب الخيمة، قال: أنا ابكي لحال هذه المرأة وما يجري عليها من بعدك.

فالتفت الحسين عليه السلام وراءه، وإذا به يرى أُخته زينب عليها السلام.

كانت مصائب زينب عليها السلام ﻻ تفارق مخيّلته، يقول حبيب: آه يا زينب يوم تحملين على بعير ضالع، وكأنّي براسي هذا معلّق في عنق
 
 
 
 
70

62

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

 الفرس، ورأس أخيك على الرمح تحفّ به رؤوس أصحابه وأهل بيته...


الوجدك آه گام يصيح يا زينب المظلومه
يوم على الهزل تمشين متيسره ومهظومه
وظعنك حرمله يباريه وراسي
معلگ تشوفيه برگبته العوج يضرب بيه
وتروحين لابن زياد وتطبين ديوانه

ثم انطلق إلى الميدان، وجعل يقاتل قتال الأبطال، والإمام ينظر إليه، وإذا بحبيب ينادي: سيّدي يا أبا عبد الله، أدركني! فأقبل إليه الإمام، ووضع رأسه في حجره، وقال: "رحمك الله يا حبيب، فقد كنت فاضلاً تختم القرآن في ليلة واحدة، بلّغ رسول الله عنّي السلام، وقل له: إنّي في الأثر".

نزلوا احباب حسين لارض المنيّه
صاحوا رخيصة الروح لابن الزكيه
وسافه تروح نفس وحده ضحيه
وبصوت الفخر لبيك يا أمير

نزل عابس ونادى وين الابطال
خلها بساح الحرب يمي الرجال
نزع درعه بفنون العشق آجال
 
 
 
 
 
 
71

63

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

 وصاح جنيت انا بالوجه المنير


برز مسلم وقام فيهم خطيب
صنديد الحرب يويلي خضيب
آخر انفاسه قال اوصيك يا حبيب
ضعيف وقله إحمي هذا الأسير

ودع عياله وهب راح للميدان
راح لحسين قله يا أجمل انسان
ما رادت عيلته يموت بالاحزان
ورجعت تقله جاهد ما له نصير

وهكذا عابس ووهب وباقي الأصحاب، حتى بقي الحسين وحيداً فريداً! راح ينظر يميناً وشمالا، لا حبيب ولا مسلم لا الأكبر ولا العبّاس ولا القاسم...

وقف الحسين عند أجساد الشهداء، صار يناديهم واحداً واحداً: قوموا يا كرام، ما لي أناديكم فلا تسمعون؟! وأدعوكم فلا تجيبون؟! قوموا من نومتكم حاموا عن بنات رسول الله...

هذا لسان حال الأصحاب:
أريد اوياك أتوذّر
يبو اليمه ويگطعوني
 
 
 
 
 
72

64

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

 وساعة نومتك بالحر

ظِل اتحرسك اجفوني

آه يامظلوم آه يامظلوم آه يامظلوم آه

 
والله الروح ترخص ليك
وبالامنازع افكّر بيك
وحدك كيف أنه اخليك
فدا لك ياضوه عيوني
ويحرگوا جثّتي وتذره
يوذروني الف وذرة
يمهجة فاطمة الزهرة
على حبك يلوموني
شرف لينه ورفعة راس
لا تقتل أعزّ الناس
صدره عالأرض ينداس
عسى بمدمعها غسلوني
يسبط الهادي يامولاي      
يالگبلك هويت الموت        
أنه احتاريت يامولاي          
يريت اهواي عندي ارواح   
لو اعرف يقتلوني 
وأرجع حي واموت انوب
ما عوفك ابد والله 
يغالي وأغلى من الروح 
نصرتك ياعزيز الروح 
أنادي عالعدو لتروح 
إذا طاح السبط مذبوح 
دمع أمه يظل مسفوح
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

آه لقلبك يا حسين، ما زال صدى ندائك يصدح أسماعنا: هل من ناصر ينصرنا؟ هل من معين يعيننا؟ هل من ذابٍّ عن حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
 
 
 
 
 
73

65

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

 سيّدي أبا عبد الله، إنْ كانَ لَمْ يُجِبْكَ بَدَنِي عِنْدَ اسْتِغاثَتِكَ وَلِسانِي عِنْدَ اسْتِنْصارِكَ فَقَدْ أَجابَكَ قَلْبِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي...


وهكذا لبَّوا رجالنا وشبابنا نداء الحسين عليه السلام في ساحات الجهاد، (شباب بعمر الورد)

هم شايف ورد مجروح
شباب معفّره وتنام
حسافه موذّره الأوصال
تبكيهم أراضي الشام
راحوا ولا بعد ملگى
كلّ الدور تنعاهم
خلونا نعيش هموم
نذكر دوم حَكياهم
وايام السعد وَلّت
مِن حَلّت مناياهم
شباب بعمر الورود
انشلع من ارضه وترابه
شدوا للحِرب همّه
ورادو يحفظوا الحضره
 
 
 
 
74

66

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

 هذا عيونه مصيوبه

وذاك تصّوب بصدره
وزينب حاضره تنعى
كلمن نادى يا زهره
تنعاهم بفخر وآيات

كما الحسين نعى أصحابه: ﴿فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾

(لحن الفراق)
ما نعوفك ياغريب الغاضرية
ما نعوفك والله لو نلگه المنيه
ما نعوفك لا وحگ ضلع الزجيه
نبقى نبقى إعله نهجك مانعوفه
نبقى نبقى لو دهرنه سل سيوفه
نبقى نبقى وحگ عباس وچفوفه

هذه حال الشهداء الذين قدّموا أنفسهم قرابين فداءً للحسين، فما حال الأمّهات والثاكلات المفجوعات؟!

ردت عمري وي عمرك
اتباهي انه بحِسنّك
وتگعد وسطة الديوان
وتحلالي الدّني بحِسّك
 
 
 
 
75

67

الليلة السادسة: مجلس الأصحاب

 ارجَع وامسح دموعي

مرمرني الهجر بَسك
مهجتي ذابت ب بُعدك
وخلصت كل احبابه

(لحن الفراق)
يل تضحي          دمك امنجل العقيده
يل تضحي          حسين الك مداهن ايده
يل تضحي          وشاركت قطعت وريده

ما يعوفك           بالحشر سيد البريّه
ما يعوفك           يل مجاهد بالقضيّه
ما يعوفك          الزهره تنطيك الهديّه

حسين رادك        تجي عنده بهذا دمك
حسين رادك        يمسح اكفوفه علجسمك
حسين رادك       مع اسمه يصير اسمك

بأبي من شرَوا لقاء حسين بفراق النفوس والأرواحِ
 
 
 
 
76

68

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

 الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام


القصيدة
يَا واحِدَ الجيشِ يَا ذُخري ومُعتَمدي
واحدَودَبَ الظَّهْرُ مِنْ رُزئي ومِنْ كمَدي
فارقتَنِي كفراقِ الرُّوحِ للجسَدِ
يدري بِقَتْلِكَ آلَ الشَّمْلُ للْبدَدِ
يدري بِأنَّكَ يَا بنَ المُرتضى مددي
بِـــلا أبي الفضلِ فرداً دونَما سنَدِ
تبقى تبضِّعُكَ الأعدا إلى قِدَدِ
وهْيَ الوحيدَةُ في جيشٍ بلا عددِ
أهَلْ أقولُ مضى العبّاس لِلْأبدِ؟
مُثَلَّثٌ نَفْسُهُ تُرمى بِهِ كَبِدي؟
جمّالُ يقطعُ يَا بِنتَ الكِرامِ يَدي؟
إِذْ فاطمٌ أقبلتْ تدعوه "واولدي"
واليومَ تُسْحَبُ بِالأغلالِ والصُفُدِ
"واضَيْعتي" بَعْدَ سَهْمِ العينِ يَا عضُدي 
إِنْ شابَ رأسي فلا ما عُدتَ تعرِفُني 
أنا أخوكَ حُسينٌ بنُ فاطِمةٍ 
الآنَ شِمْرٌ دعا دُورُوا بِعَسْكَرِ 
والآنَ نادى بِهِمْ قوموا لِنذْبَحَهُ 
قُمْ يَا أبَا الفضلِ وانظُر للحسينِ غدا 
ما بَيْنَ نارينِ أَنْ أمضي وأنتَ هُنا 
أوْ أَنْ أظلَّ إذَنْ تُسْلب عقيلتُنا 
عبّاس إِنْ سألتْ ماذا أجاوبُها 
وهل أقولُ بِأنَّ العينَ أطْفَأَها 
وأنَّهُمْ قَطَعوا منهُ اليدينِ لذا الـ 
بينا الحسينُ لدى العبّاس يندبهُ 
أليومَ يُلطَمُ مِثلي خدُّ زينَبِكُمْ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
77

69

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

بالسَّوطِ مِنْ بلدٍ تُسبى إلى بلَدِ
تسقطْ على الأرضِ مفضوخاً مِنَ العَمَدِ!
(فما بكى أسدٌ إلّا على أسدِ)

وأنتَ فَوقَ القنا يَا ليتَ تنظُرها

إِنْ لوَّحَ الرُّمْحَ شِمْرٌ كَيْ يُعذِّبَها 
لا غروَ إِنْ يبكِكَ المظلومُ مُنتحِباً

 


(شعبي)
خويه يبو الغيرة يالكافل اضعوني
عگبك يبعد الروح عدواني يسبوني
گوم ارفع الراية لا تبقى مرمية
ضعن اليتامى اهناك ينطر محاميه
لطفال والرضعان منتظرة المية
كلهم يراعي الجود عنك ينشدوني
ظليت أجري آهات لمن ينادوني
وين البطل عبّاس تهمل دمه عيوني
جيتك واريد انخاك رد للخيم وياي
شو ماترد اجواب يااغلى من عيناي
ماريد أظل هاليوم وحدي بقهر دنياي
متنطرين اعداي باچر يأسروني
 
 
 
 
78

70

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

 أنت وأبو اسكينه ماظن تحضروني

لمن شمر بالسوط يضربني بمتوني

(أبو ذيّة)
سهم جودك كطع بينه وعينك         يخويه من الخيم أنضر وعينك
وأريد جـفـوفي اوديـلك وعينك       وبدل عينـك اخذ عـيني هديه

المصيبة
"السَّلامُ عَلَيكَ أيَّها العَبـدُ الصالِحِ المُطيعُ لله ولرسُولِهِ ولأَميرِ المؤمِنين والحَسَن والحُسـينِ صَلّـى اللهُ عَلَيهم وسَلَّم، السلامُ عليكَ ورَحَمَةُ اللهِ وَبركاتُهُ ومَغفرَتُهُ ورضوانُهُ وعلى رُوحِك وبَدَنِكَ"
كانت للعبّاس عليه السلام منزلة خاصّة عند أمير المؤمنين عليه السلام، وعند الإمام الحسين عليه السلام وعند السيّدة زينب عليها السلام، وفي الآخرة له منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء، كما يعبّر الإمام زين العابدين عليه السلام: "رحم الله عمّي العبّاس، فقد آثر وأبلى وفدى أخاه الحسين بنفسه حتى قطعت يداه، وإنّ لعمّي العبّاس منزلة يوم القيامة، يغبطه عليها جميع الشهداء والصدّيقين.

وكيف لا يكون كذلك، وهو الموصى من والده أمير المؤمنين بأن يفدي الحسين بنفسه، وأن يكون الكافل لزينب عليها السلام.
 
 
 
 
 
79

71

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

 كيف لا يكون كذلك، وهو الموصى من مولاتنا أمّ البنين بكفالة زينب عليها السلام...


نعم، لمّا دنت الوفاة من أمير المؤمنين عليه السلام راح يوصي بوصاياه، أوصى الحسن، أوصى الحسين... ثم نادى ولده العبّاس عليه السلام: "بنيّ، إليّ إليّ"، ثم صاح: "بنيّة زينب إليّ إليّ"، أخذ يمين الحوراء في يمين العبّاس، ثم التفت إليه، وقال: "بني عبّاس، هذه وديعتي عندك".

(لحن لفى عاشور، تغريد حزين، يا جبريل نترجاك)
خل عينك على زينب
لو نزلت طفوف حسين
أمانة يبني يا عبّاس
خليها بجفون العين
حيدر يوصي العبّاس
وجفنه بمدمعه سايل
الوديعة بشيمتك يبني
خلها يا أبو فاضل
أمانة بيها وصّيتك
وانت لزينب الكافل
 
 
 
 
 
80

72

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

 لو مني انگطع چفين
ولكن لهفى نفسي للعبّاس! يا أمير المؤمنين، ليتك كنت حاضراً يوم العاشر من المحرم!

كأني بالعبّاس لمّا رأى كثرة القتلى من أهله، وقد استشهد الأصحاب والإخوة والأبناء، وبقي الحسين عليه السلام وحيداً، لا ناصر له ولا معين، والأطفال تنادي: "العطش العطش"، ما تحمّل مولانا العبّاس صرخاتهم, لذا تقدّم من أخيه الحسين عليه السلام، يستأذنه في النزول إلى الميدان، ألحّ على أخيه الحسين أن يسمح له بالبراز، والإمام الحسين عليه السلام يجيبه: "يا أخي، أنت صاحب لوائي، فإذا مضيت تفرّق عسكري"، ولكن أمام إصرار العبّاس، أجابه الإمام الحسين: "إن كان لا بدّ من النزول، فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلاً من الماء".

ركب العبّاس عليه السلام فرسه، وأخذ القربة، وقصد نحو الفرات، فأحاط به من كانوا موكلين بالفرات ورموه بالنبال، فحمل عليهم العبّاس وقتل منهم مقتلة عظيمة، ذكّرهم بحملات أبيه أمير المؤمنين عليه السلام، وفرّقهم عن الماء، ثمّ دخل الماء، مدّ يده إلى الماء، لمّا أحسّ ببرودة الماء، تذكّر عطش أخيه الحسين، رمى الماء من يده، وجعل يقول:
يَا نَفْسُ مِنْ بَعْدِ الحُسَينِ هوني     وبعده لا كنتِ أو تكوني
هَذا حُسَيْنٌ وَارِدُ المَنُونِ           وتشربين بارد المعين
 
 
 
 
82

73

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

 تَاللهِ مَا هَذَا فِعَالَ دِينِي             ولا فعال صادق اليقين


ثمّ ملأ القربة وحملها على كتفه، وخرج من المشرعة، فاستقبلته الكتائب، وصاح ابن سعد: اقطعوا عليه طريقه، ثمّ حمل عمر بن سعد، وقال: ويلكم ارشقوا القربة بالنبل؛ فوالله، لئن وصل الماء إلى مخيّم الحسين لأفناكم عن آخركم؛ فتكاثروا عليه، وأحاطوا به من كلّ جانب فحاربهم محاربة الأبطال، وهو يقول:
لا أَرْهَبُ المَوْتَ إِذَا المَوْتُ زَقَا        حَتَّى أُوَارَى فِي المَصَالِيتِ لِقَا
نَفْسِي لِسِبْطِ المُصْطَفَى الطُّهْرِ وِقَا     إِنِّي أَنَا العبّاس أَغْدُوا بِالسِّقَا
وَلا أَخَافُ الشَرَّ يَوْمَ المُلْتَقَى

فكمن له زيد بن ورقاء من وراء نخلة، وأعانه حكيم بن الطفيل، فضربه على يمينه فبراها، فأخذ السيف بشماله، وهو يرتجز:
واللهِ إِنْ قَطَعْتُمُ يَمِينِي         إِنِّي أُحَامِي أَبَداً عَنْ دِينِي
وَعَنْ إِمَامٍ صَادِق اليَقِينِ      نَجْلِ النَّبِيِّ الطَّاهِرِ الأَمِينِ

فقاتل حتّى ضعُف عن القتال، فكمن له الحكيم بن الطفيل من وراء نخلة، فضربه على شماله، فقال:
يَا نَفْسُ لَا تَخْشَيْ مِنَ الكُفَّارِ    واستبشري برحمة الجبّارِ
قد قطعوا ببغيهم يساري       فأصلهم يا ربُّ حرَّ النارِ
 
 
 
 
83

74

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

 فحمل القربة بأسنانه، وكلّ همّه أن يوصل الماء إلى المخيّم، بينما هو كذلك جاء سهم فأصاب القربة وأريق ماؤها، ثمّ جاء سهم آخر فأصاب صدره، وآخر وقع في عينه، وبينما العبّاس كذلك، لا يدان فيقاتل بهما، ولا ماء فيأتي به إلى المخيم، وقف حائراً، وإذا بلعين جاء إليه وضربه بعمود على رأسه، ففلق هامته، وسقط إلى الأرض منادياً: "أخي أبا عبد الله، أدركني!"


تعنّى من الخيم للعلقمي حسين          يصيح بصوت يا عضيدي وقعت وين
بعد ما شوف دربي يا ضوى العين     يخويه الكون كله بعيني اظلم
يخويه بيا كتر طاحن زنودك            يخويه العلم وينه ووين جودك
يبو فاضل زماني هم يعودك            وشملي اللي تشتت بيك يلتم

فجاءه الحسين كالصقر، ولسانه يلهج بذكر العبّاس! ولمّا وصل إليه رآه صريعاً على شاطئ الفرات مقطوع اليدين مرضوض الجبين، السهم نابت في العين، نادى: "الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي، وشمُت بي عدوّي!"

تخوصر يم عضيده وصاح ويلي          يشمس نهاري ويا بدر ليلي
يبو فاضل يخويه اقطعت حيلي           طود الصبر من بعدك تهدّم
                                 آه آه واعبّاساه!

يخويه انكسر ظهري ولا اگدر اگوم      وصرت مركز يخويه لكلّ الهموم
والله يخويه استوحدوني عگبک الگوم    ولا واحد عليّ بعد ينغرّ
 
 
 
84

75

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

 أيّها الموالي، انتقل بقلبك الى كربلاء عندما وصل الحسين عليه السلام إلى مصرع العبّاس، كيف وجده؟!


وجده يتخبّط بدمه، جلس عنده، أخذ رأسه وضعه في حجره، أعاد العبّاس رأسه إلى التراب، فأرجعه الحسين، فأعاده العبّاس ثانية، وفي الثالثة قال الحسين عليه السلام: "أخي عبّاس، لِمَ لا تضع رأسك في حجري؟".

قال: أخي يا نور عيني، أنت الآن جئتني وأخذت برأسي، ولكن بعد ساعة أخي من يرفع رأسك عن التراب؟!
يخويه من يغمّضلك اعيونك            ويا هواللي يقف يحسين دونك
على افراگي يخويه انخطف لونك     وتظل بعدي يبو سكنه محير

أخي حسين لي عندك طلب (لسان حال العبّاس)

(فايزي)
ياحسين سلّملي على الحرّة الحزينه
قلها وقع راعي العلم لا ترتجينه
قلها قطعوا كفوفه وصوّبوا بالسهم عينه
وراسه بعمد ياختي على الشاطي مهشمينه
من سمع هالجمله منّه حسين سالت دمعته
فتح عينه وشاف اخوه وشال راسه وأخره
 
 
 
 
 
85

76

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

 خوي انت تشيل راسي ودمعك عليه تسيله
وبعد ساعه لو طحت منهو لعد راسك يشيله

(عاشوري)
ياخويه حسين خليني بمكاني         آه آه قلّه ليش يازهرة زماني
يقلا واعدت سكنه تراني             آه آه وبالماي والموت نزل بيّه

أعظم الله أجوركم، ثمّ فاضت روح أبي الفضل بين يدي أخيه الحسين! رحم الله من نادى: واعبّاساه!

ساعد الله قلبك أبا عبد الله، الآن اصبح وحيداً، ترك العبّاس على شاطىء العلقمي، ورجع إلى مخيّمه منكسراً حزيناً باكياً يكفكف دموعه بكمّه، وقد تدافع الأعداء على مخيّمه، فنادى: أما من مغيث يغيثنا؟! أما من مجير يجيرنا؟! أما من طالب حقّ فينصرنا؟! أما من خائف من النّار فيذبّ عن حرمنا؟! فأقبلت إليه سكينة، وسألته عن عمّها، فقال لها: عظّم الله لك الأجر بعمّك العبّاس، فصرخت ونادت: واعمّاه واعبّاساه، فسمعتها العقيلة زينب فخرجت وهي تنادي: واأخاه واعبّاساه واضيعتاه بعدك يا أبا الفضل، فقال الحسين: إي والله، واضيعتاه، وانقطاع ظهراه بعدك أبا الفضل!

ويلي
رد امـــــن النهـــــر والگـــامه محنیه
یبـــــچي والســـمه حـــــن البواچیه
 
 
 
 
 
86

77

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

 یـــــا عبّاس یـا خویه اگطعت بيه

مـــــا تنــسد یـــــخویه فیتك اعلیه

وأرادت الحوراء زينب أن تذهب إلى مصرع أخيها العبّاس، فقال لها الحسين: أخيّة ارجعي، لا تشمتي بنا الأعداء، قالت: يابن أمّي، لا تلمني إنّ مصاب أخي العبّاس قد قطّع نياط قلبي، ولم أستطع صبرا...

لذلك ليلة الحادي عشر من المحرم، لمّا توجّهت زينب عليها السلام إلى المشرعة، صارت تنادي وا أخاه وا عبّاساه، ولمّا وصلت إليه صارت تشكو إليه مصابها...
 
إجيت لمصرعك عبّاس
وانه وحدي بِلا حراس
يراها بولية الارجاس
وتدير العين وتصيح الآه
واشكي غربة الأيام
وخيالي ما تصد اوهام
مهيوبه أبد ما انضام
احوالي أنين وآه
ودمعي من الجفن سايل
من نامت عيون عداي
اشكيلك عظم بلواي 
يصعب عالأخت اخوهه 
يطلعُوها عجف النياق 
بطور الفاگدة انعي 
من بيت الوحي اطلع 
من أمشي بين اهلي 
لكن كربله خلّت 
أطالب حگ الخوه
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
87

78

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

 ترضى يا عزيز أختك        جنبي من الضرب مايل

واذا هلّت حُمر العيون       يصيحوا بصوت يبوفاضل
يريدوا يلوعوا گلبي          بسهم فرگه وحنين وآه

نور عيني يا عبّاس، أنت تدري غداً يأخذوننا سبايا، وأبي أوصاك بي، أنت كافلي، لمن تتركنا؟!

يا كفيلي     يالْ علي موصيك بينا
يا كفيلي     ارحم دموعي الحزينة
يا كفيلي     قوم ورجعنا المدينة
يا إخوتي    باچر إلمن تِسلِموني
يا إخوتي    مِن تغيبوا يأسروني
يا إخوتي    شمر يهشملي متوني

لسان حال العبّاس يجيبها:
يا بت حيدر     هذي أرض الغاضريّة
يا بت حيدر     طوّقونا بكل رزيّة
يا بت حيدر     صعبة خالفلك وصيّة
 
 
 
 
 
88

79

الليلة السابعة: مجلس العبّاس بن عليّ عليهما السلام

 (عاشوري)

يا عبّاس لا تنسَ الوصيّة            آه آه ترى حيدر والدك وصّاك بيّه
عجب هاليوم ما اتحامي عليّه       آه آه نايم عالترب وانا سبيّة

(أبو ذيّة)
بعدكم يخوتي ماظل إلي دار        الدهر بهمومه عاين لي والي دار
بعينه من وگع عبّاس إلي دار       من شال الشمر سوطه عليّه
ظمآن ذاب فؤاده من غلّة           لو مسّت الصخر الأصمّ لذابا
 
 
 
 
 
89

80

الليلة الثامنة: مجلس عليّ الأكبر

 الليلة الثامنة: مجلس عليّ الأكبر


القصيدة
 
 
حزناً لمنْ أبكى الحُسين مَلِيّا
وابكي دمَاً شبه النبيّ علِيـّـــا
فأتَى يـُـريد الإذن منــــهُ حَييـَّــا
أنعم بـِذا فادٍ وذا مفديـّا
وتعانقا فدعـَا الإلــــــه نَجيـّـا
طهَ نظرنا وجهه النبويَّا
فتذكّروا أسد الإله عليــّــــا
غدرٍ فنَادى يــــــَا أبـاهُ وحَيَّا
ويقولُ عجلِ يـــــا حُسين إليَّا
ورأى فتَاه على الرّمــَــــال رميَّا
ولدي عليْ أَبُنَي رُدّ عليـّا

جودي بفيض الدمعِ يــَا عينيَّا 
لا تغمضي جِفناً على غير القذى 
ألفى صِحاب أبيه صرعى كُلّهم 
أبتاهُ إذنك كي أكون لكَ الفِدَا 
نظرَ الحُسين إلى عليّ آيساً 
يا سيّدي كُنّا إذا اشتقنا إلى 
شدَّ الفتى وهو الكميُّ على العدا 
حتى أُصيبَ بضربةٍ العبديّ عن 
أبتاه جديّ قد سَقاني كأسه 
فأتى الحُسين ويا لهول مُصابه 
فتمدَّد السبـطُ الغريبُ بجنبه

 
 
 
91

81

الليلة الثامنة: مجلس عليّ الأكبر

 (نعي شعبي)


تَعَنَّىَ احْسينْ لَوْليْدَه  
صاحْ ابْصوتْ آيَبْني
يَوْليديْ لَوَنْ بِيْدِيْ 
وَاَشِمْ نَحْرَكْ يَبَعْدِ الرُّوحْ 
شالْ ابْنَهْ علي امْنِ الگاعْ 
اوْنادَىَ يا بَنيْ هاشِمْ 
رَدْ شايِلْ اوْليْدَهْ اوْصاحْ 
جابَهْ اوْمَدِّدَه اوْوَيّاه

لگاهّ امْگَطَّعْ امْوَذَّرْ
يَنُور العينْ يَاَلأَكْبَرْ
اَفْدِيْلَكْ گَلبيْ الـْ امْفَطَّرْ
وَاَبُوْسَنْ خَدِّ الـْ امْعَفَّرْ
شالَهْ وِالظَّهَرْ مَحْنيْ
مُصابْ ابْنيْ عَلِيْ فَتْنِيْ
آيَبْنيْ الرِحِتْ مِنِّيْ
تِمَدَّدْ وِالأَسَىَ يِسْعَرْ


(أبو ذيّة)
ركـن عـزمـي تـهـاوى و طاح ونهار          وعـلـيـك الـدمع يجري اسيول ونهار
عـلـى امـصـابـك انوحن ليل ونهار            وأظل انـحـب لـمـا تـدنـى المنيّة

المصيبة
قدّم الحسين عليه السلام يوم عاشوراء كلّ ما يملك، وهو يردّد: "أرضيت يا ربّ، خذ حتى ترضى...".

فَقَد أصحابه الواحد تلو الأخر، وتراه يردّد آيات التسليم والرضا بقضاء الله وقدره...
 
 
 
 
92

 


82

الليلة الثامنة: مجلس عليّ الأكبر

 وهذا الموقف تكرّر منه عندما تقدّم من أهل بيته ذلك الشاب البارّ، الذي يمثّل نموذجاً وقدوة للشاب المؤمن الشجاع، ليكون أوّل هاشميّ يبادر مستأذناً للقتال يوم عاشوراء.


لذلك حين برز علي الأكبر إلى الميدان، رفع الإمام الحسين طرفه إلى السماء، وقال: "اللهمّ، اشهد على هؤلاء القوم، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وكنّا إذا اشتقنا إليه نظرنا إلى وجه هذا الغلام. اللهمّ، فامنعهم بركات الأرض، وفرّقهم تفريقاً، ومزّقهم تمزيقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا تُرضي الولاة عنهم أبداً, فإنّهم دعونا لينصرونا، فغدوا علينا يقاتلوننا".

فعلم عليّ الأكبر من هذه الكلمات أنّ الحسين قد أذن له في القتال، فأتى إلى الحسين مودّعا.

نعم، فالحسين يودّع ذلك الجمال النبويّ، فراح يشمّه ويعانقه، وخرجن النسوة، فتعلّقت به عمّاته وأخواته، فعند ذلك كأنّي بالحسين قد تغيّر حاله، وصاح بعياله ونسائه: "دعنه فإنّه مقتول في سبيل الله".

ثم أخذ بيده وأخرجه من بينهن، ونظر إليه نظرة آيس منه...
 
 
 
 
93

83

الليلة الثامنة: مجلس عليّ الأكبر

 (موشّح)

يشمّ حسين خدّ ابنه ويحبّه
ودمعه مثل دمع ابنه يصبّه
ونار اللي بقلب ابنه بقلبه
يخفيها عليه ونوب تظهر

ودّع أباه، ثم ركب فرسه واتّجه نحو الميدان، وهو يرتجز ويقول:
أَنَا عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ عَلَيّْ        نحن ورب البيت أولى بالنبي
تَاللهِ لَا يَحْكُمُ فِينا ابْنُ الدَّعِيّْ         أطعنكم بالرمح حتى ينثني
أضربكم بالسيف أحمي عن         أبي ضرب غلام هاشميّ علوي

فحمل على القوم، وجعل يقاتلهم قتال الأبطال، فقتل منهم عدداً كبيراً، فلم يخرج إليه أحد إلّا قتله، إلى أن نادى عمر بن سعد: ألا رجل يخرج إليه؟ فبادر إليه بكر بن غانم، هذا والحسين في تلك الساعة واقف بباب الخيمة، تغيّرت ملامح وجه أبي عبد الله، وبدا عليه الدهشة والقلق، هذا وليلى تنظر في وجه الحسين، نادت: سيّدي، هل أصاب ولدي عليّاً شيء؟ قال: "لا يا ليلى، ولكن قد برز إليه مَن يُخاف عليه منه، فادعِ لولدك، فإنّي قد سمعت جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلميقول: إنّ دعاء الأُمّ مُستجاب في حقّ ولدها".

فجرّدت رأسها، وهي في الفسطاط، ودعت له إلى الله عزّ وجلّ:
 
 
 
 
94

84

الليلة الثامنة: مجلس عليّ الأكبر

 "اللهمّ، بغربة أبي عبدالله، بعطش أبي عبدالله، يا راد يوسف علي يعقوب، ردّ عليّ ولدي!".


(لحن أمانة هالوصيّة)
إلهي بحگ وليك
وابن حيدر عليَّك
ابسلامة رد الاكبر
ابن بضعة نبيك

آه مولاي مولاي مولاي

لفت للخيمة تنحب
اجت وياهه زينب
يناجن ربّ الاكوان
ابگلب جمراته تلهب

آه مولاي مولاي مولاي

ابعجل خيمتهه راحت
يإله الكون صاحت
ابعطش لحسين قسمت
ومن الأحزان طاحت

آه يمه يمه يمه
 
 
 
 
 
95

85

الليلة الثامنة: مجلس عليّ الأكبر

 استجاب الباري الهه

رجع ليهه ابنهه
لگاهه اعله الوطية
هِدَر دمعه اعله خدهه
آه يمه يمه يمه

(أبو ذيّة)
يماي لمين ربيتك وريدك كنت تبگه ويظل عيشي وريدك
بعدما حسبت ينحز وريدك بالطف وامشي اخلافك سبيّه
(أبو ذيّة)
بدليلي يا سيوف العتب يمّي       طريح وينعه بس الوحش يمّي
اتركي العتب لتعتبين يمّي        أشد من قتلي اعتابك عليّهَ

نعم عاد علي الأكبر هذه المرة سالماً إلى أبيه الحسين، بعدما صرع بكر بن غانم، ولكن بأيّة حالة؟

عاد يقول: "أبه، العطش قتلني، وثقل الحديد أجهدني، فهل من سبيل إلى شربة ماء، أتقوّى بها على الأعداء؟".
 
 
 
96

86

الليلة الثامنة: مجلس عليّ الأكبر

 (نصاري)

يبويه شربة اميه لچبدي
اتگوه وارد للقوم وحدي
يبويه انفطر كبدي وحق جدي
الشمس والعطش والميدان والحر

يگله منين أجيب الماي ينبي
مهو حچيك شعب قلبي

انكسر قلب الإمام الحسين، وهو يسمع تلك الكلمات من ولده فقال له: "واغوثاه يا بني، من أين آتي لك بالماء؟! قاتل قليلاً، فما أسرع ما تلقى جدّك رسول الله، فيسقيك بكأسه الأوفى شربةً لا تظمأ بعدها أبداً".

فرجع الأكبر إلى المعركة، وما زال يقاتلهم بسيفه، وهم يفرّون أمامه، إلى أن جاءه اللعين مُرّة بن منقذ العبدي، وهو يقول: عليَّ آثام العرب، إن لم أُثكِل به أباه! وبينما كان الأكبر يطارد كتيبة من القوم، جاءه هذا اللعين من خلفه ليضربه على رأسه ويفلق هامته، فنادى الأكبر: "عليك منّي السلام يا أبتاه، يا أبا عبد الله، هذا جدّي رسول الله قد سقاني من حوضه الأوفى شربةً لا أظمأ بعدها أبداً".
 
 
 
97

87

الليلة الثامنة: مجلس عليّ الأكبر

 سقاني جدي ابكاسه يبويه وهالحضر يمي

والزهـره وعلـي الكرار وياه الحسـن عمـي
يبويه اوبكوا عد راسي او تحنوا كلهم بدمي
او كاسك من تجي مذخور يحسين او بذل جهده

ثم إنّ فرسه ذهب به إلى مخيّم الأعداء - عظّم الله أجوركم - هذا يضربه بسيفه وذاك يطعنه برمحه، حتى سقط على الأرض، جاءه الحسين مسرعاً، اضطجع إلى جنبه، وضع خدّه على خدّه، وهو يقول: "بني علي، على الدينا بعدك العفا! أمّا أنت فقد استرحت من همّ الدنيا وغمّها، وأبقيت أباك لهمّها وغمّها".

يبني من عدل راسك ورجليك       ومن غمض عيونك واسبل ايديك
يا علي كل سهم الوصل ليك        صاب قلبي ولعند حشاي وصّل

(أبو ذيّة)
شافه والنبل شابك علي راح       جذب حسرة وصفگ راح علي راح
ناده حسين يا زينب علي راح     يخويه اظلمّت الدنيا عليّه

التفت إلى فتيانه، وقال لهم: "احملوا أخاكم"، فحملوه وجاؤوا به إلى الخيمة، واجتمعت النساء ومعهنّ ليلى، وارتفع البكاء منهن، هذا والحسين عليه السلام ينظر إلى المشهد الحزين!
 
 
 
 
98

88

الليلة الثامنة: مجلس عليّ الأكبر

 ساعد الله قلب الأم! خرجت إليه، وقعت عليه، احتضنته، شمّته...


ولسان حالها:
اخاف اعليك حتى امن الهوا الهاب
ييمه ويا عزيزي واغلى الاحبـــــاب
دليل امك ابهذا اليــوم ينعـــــــاب
و من ترحــل تخلّيني ابرزيّـــــــة

شبيه المصطفى ابخلقه وجمــاله
يرى وجهك مَن إشتاگ لوصـــاله
يشمعة عمـــري يالأكبــر يهـــــالة
بوجودك ممتلي بيتــي عليّــــــه

يأرض الطـف يبلــــواي ونصيبي
بيچ افگد أنه اعيونـــي وحبيبي
من الأحزان بــان اليـــوم شيبي
اخذتي اعـــــزاز گلبـــــي للمنيّة
 
 
 
 
 
99

89

الليلة الثامنة: مجلس عليّ الأكبر

 (لحن فراق)

والله صعبه نغسّل بعبره الشباب
والله صعبه حسره يناموا بالتراب
والله صعبه للمنية نزف الشباب

(عاشوري)
علي وياك جيت وعيني بعينك          آه آه وتشيل امتاعي يبني بهاي چفينك
اصفگ بيدي هسه واندبك وينك        آه آه وحشه بنور وجهك اصبحت دنياي

(تخميس)
يا كوكباً ما كان أقصر عمره         وكذا تكون كواكبُ الأسحارِ
جاورت أعدائي وجاور ربّه           شتّان بين جواره وجواري
 
 
 
 
100

90

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن


القصيدة
وصرخةُ والدٍ فقدَ الوليدَا
ألانَ بأنَّةٍ منهُ الحَديدا
لهُ في كربلا ينعى فقيدا
ليبكي في الثرى رأسا و جيدا
أجِبني كيفَ حزّوهُ الوريدا
يؤلّمُ فيكَ إيلامًا شديدا
أم الأضلاعُ مذ صارت صعيدا
يُنادي والبُكا يتلو النشيدا
فدونَ العمّ قد صرتُ الشهيدا
على قبرٍ بأرض الطفّ نوحٌ 
عزاءٌ صدّعَ الأكوانَ حُزنًا 
كأنَّ المُجتبى يَنعى حبيبًا 
"أقاسمُ ها أباكَ إليكَ لبّى 
فقم ولدي وحدِّث فيَّ جُرحًا 
وقل يا نورَ عيني أيُّ جرحٍ 
أجرحُ القلب أم سهمُ المنايا 
و إذ بالصوتِ من نحرِ المنايا 
جراحُ المَوتِ يا أبَتاهُ تحلو
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

ساعد الله قلب الأم!
 
 
 
 
101

91

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 كأنّي برملة تخاطب ولدها:

تگلة يمه
جاسم ييمه اشلون بية
لو عاينت دارك خلية
يابعد روحي تعال لية
تعال خل اگعد وحاجيك
واصواب البگلبي أراويك
يوليدي يل حلوة معانيك

(بحر طويل/ لفى عاشور/ تغريد حزين)
يقاسم يمه رد اجواب
أمك آنه محرومة
قلبي كم سهم منصاب
ومني الروح مالومه

آه يايمة آه يايمة آه يايمة آه

ممروده عيوني اعليك
تصب ادموعها من دم
ليل انهار أفكر بيك
 
 
 
 
 
 
102

92

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 يا من للجرح بلسم

قلب أمك بقى يناديك
نهاري بعدك إتعتم
تنام اعلى الترب ألقيك
مطول يبني هالنومه؟

آه يايمة آه يايمة آه يايمة آه

مثل شمعة ضوية جان
شبابك ياعزيز الروح
يوردة مشكلة بأغصان
تهل دم من أثر لجروح
شباب وزينة الشبان
يجاسم يبني يامذبوح
ثياب الزفه صار اكفان
ابدمه امغركه اهدومه

آه يايمة آه يايمة آه يايمة آه
 
 
 
 
 
 
 
 
103

93

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 (طور العكرواي)

يرمله
گومي يرمله ودعي ابنچ المظلوم آه آه آه
جابه العزيز حسين يتحسّر ومهموم آه آه آه

أبو السجاد جابه والگلب مالوم

يگلّه
صبح ظهري يبويه اعليك مجسوم آه آه آه
ياريحة الغالي المجتبى المسموم
ابنچ يرمله اتحنّه بفيض الدموم آه آه آه

(أبو ذيّة)
يريتـك يالحسن رمله تراها        تشم بجروح جاسمها تراها
وتكله وليدي اكعدلي تراها        بغـيرك ما أريد الـروح بيه

المصيبة
هذا القاسم بن الحسن المجتبى، ذلك الشاب الذي لم يبلغ الحلم من عمره، كان المثال الأعلى لكلّ شاب بأخلاقه وأثاره وتضحياته للأمّة والإسلام في عصرنا هذا ودفاعاً عن مقدّساتنا وأعراضنا، ولا يهابون الموت وهم يرَونه أحلى من العسل.
 
 
 
 
104

94

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 يسأله الإمام الحسين: "بني قاسم، كيف تجد طعم الموت عندك؟" فيجيبه القاسم: "والله يا عمّ، أحلا من العسل".


وفي كربلاء ،كان من جملة الذين أذن لهم الإمام بالرحيل، وأبَوا أن يعيشوا دون بذل مهجهم دون الحسين عليه السلام.

فبعد استشهاد أصحاب الحسين، تقدّم القاسم مستأذناً عمّه في القتال، ولكنّ الحسين أبى أن يأذن له.

أمّا بعد استشهاد الأكبر وأبناء جعفر الطيّار وأبناء مسلم بن عقيل، ما تحمّل القاسم مشهد عمّه الحسين ينادي: "هل من ناصر ينصرنا؟! ‎هل من ذابٍّ يَذُبُّ عن حرم رسول الله؟! هَل مِن مُوَحِّد يَخافُ اللهَ فِينا؟! هل مِن مُعين يرجُو ما عِندَ اللهِ في إعانَتِنا"؟!، فخرج ينادي: "لبيَّكَ عَم أبا عبد الله".

‎أقبل الحسين عليه السلام إليه، ضمَّهُ إلى صَدرِهِ، وقال له: "يا ابن أخي، أنت البقيَّة من أخي الحسن المجتبى، فلا أحبُّ أن أُعرِّضَكَ لِضربِ السُّيوف"، قال القاسم: "سيّدي ومولاي، خذ منّي هذه الوصيّة"، أخذها الحسين منه، فتحها، وإذا هي كتاب من الإمام الحسن لأخيه الحسين عليه السلام، يقول فيها: "أخي أبا عبد الله، ائذن لولدي القاسم بالشهادة بين يديك".
 
 
 
 
105

95

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 (لحن الفراق)

ياخليصي     عندي طلبة بلبن أمّك
ياخليصي     اقبل اوليدي ينصرك
ياخليصي     قدّمه للموت قبلك

وكأنه يقول: اسمح لي بأن أكون شريكاً معك في كربلاء.

نظر الحسين عليه السلام إلى القاسم نظرة عطف ورحمة، وسالت دموعه على خدّيه،كأنّي به تذكّر يوم رحيل أخيه الحسن عليه السلام وهو يلفظ كبده المسموم!

ثم دنا من القاسم وضمّه إلى صدره، وجعلا يبكيان!

(عاشوري)
يگله
وداعة الله يا عيوني آه آه نيّتكم وحدي تخلّوني
هان عليكم يا ويلي تودعوني آه آه يا عمّي وداعكم للقلب تفطر

‎فأقبَلَ القاسِمُ إلى أُمِّهِ فَرِحاً مَسروراً، وهو يقول: "يا أُمَّاه يا أمّاه، إنَّ عمِّي قَدْ أذِنَ لِي"، فَضَمَّتهُ رَملَةُ إلى صَدرِها.

‎بَعضُ الرِّواياتِ تقولُ: إنَّ رَمْلَةَ بِنَفسها ألبستْ لامَةَ الحَربِ لابنها القاسم ليقاتِلَ بَينَ يَدَي أبي عَبدِ اللهِ الحُسينِ عليه السلام.
 
 
 
 
106

96

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 كأنّي بها تخاطب ولدها:

وداعا ياحبيبي
يكل مالي ونصيبي
يأغلى ما بقى لي
ذخرته ليوم شيبي
لچن هاليوم يومك
دگوم انفض همومك
فدا لحسين عمك
ردت ترخص دمومك

تعال وودّع أمك
يماخذ گلبي يمك
گبل متروح عني
آ يوليدي ارد اشمك
وأحَملك هالوصية
سلامي للزچیة
ولبوك الراح مسموم
إخذ مني تحية
 
 
 
 
 
107

97

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 ‎فانطلَقَ القاسِمُ إلى المعركةِ، وتَساءلَ الأعداءُ عَن شَخصِيَّةِ هذا الغُلامِ، فبدَأ يَرتَجِزُ ويَقولُ:

‎إنْ تنكروني فأنا نَجْلُ الحَسَنْ      سِبُط النَّبِيِّ المُصطفى والمُؤتَمَنْ
هذا حُسَيْنٌ كالأسيرِ المُرْتَهَنْ       بَيْنَ أُناس لا سُقُوا صَوْبَ المُزُنْ

‎يقول حميد بن مسلم: خرج إلينا القاسِمُ وبيده سيفُهُ، وجهُهُ كفلقَةِ قمر طالِع، وعليهِ قَميصٌ وإزارٌ، وفي رِجْلَيهِ نَعلان.

‎وفي ذلك يقول حميد بن مسلم: لو تَصَفَّحْتَ التاريخ لَما وجَدْتَ غُلاماً كَهَذا، يبَرُز إليهِ سَبعونَ رَجُلاً وعَلَيهِ قميصٌ وإزارٌ، والحالةُ أنَّ العربَ كانوا لا يبرُزونَ إلاّ بعد الاستعدادِ، ولبسِ الدُّروعِ والمفاخِرِ، حتى إنّ الرجل منهم كان لا يُعرَفُ لِكثرةِ ما عليهِ من الحديدِ ومن لامَةِ الحربِ، ولا يُرى منهُ إلاّ عيناهُ، والقاسِمُ بن الحسن عليه السلام برز يوم عاشوراء إلى الأعداء، وعليه قميصٌ وإزارٌ (فأينَ هذا من ذاكَ؟)، وأعجَبُ من هذا أنّ القاسِمَ لعدَمِ مُبالاتِهِ بِكَثرَةِ الأعداءِ انقطَعَ شِسعُ نَعلهِ، ووقَفَ بين تلك الجموع يَشدُّه، وبينما هو كذلك إذ بدر إليه لعينٌ من أعداء اللهِ، وهو عُمرو بن سعد بن نُفيل الأزدي، قائلاً: ‎عَلَيّ آثامُ العرب، إن لم أُثكِل بهِ أُمَّهُ وعَمَّهُ.

‎فقال له حميد: أما ترى وجهه كفلقة قمر؟! دعه، يكفيك الذين احتوشوه، فقال: لا والله، حتَّى أضرب ضربتي، فما ولّى عدو الله
 
 
 
 
108

98

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 حتى ضرب القاسم على أُمِّ رأسه فشَقَّ هامته نصفين، فهوى على الأرض منادياً: "يا عمَّاه، أدركني!".


عمي يعمي ابساع حضنك أرد اشمه           خلني اودعك ياحبيبي يبو اليمة
مگدر اشوفك صار هالميدان ظلمه            ودم راسي غطه العين مگدر انظرك زين

‎فأتاه الحسين عليه السلام، وإذا بالغلام يفحص بيديه ورجليه، فقال الإمام عليه السلام: "عزَّ واللهِ على عمِّكَ أن تَدعوهُ فلا يُجيبُكَ، أو يُجيبُكَ فلا يُعينُكَ، أو يُعينُكَ فلا يُغني عَنْكَ، بُعْداً لقَوم قتلوكَ، ومن خَصمُهُم يَومَ القيامَةِ جَدُّك وأبوكَ، هذا يَومٌ واللهِ كَثُرَ واتِرُهُ وَقَلَّ ناصِرُهُ".

‎بكه اوناداه يا جاسم اشبيدي              ياريت السيف گبلك حز وريدي
‎هان الكم تخلوني اوحيدي               أو على اخيمي يا عمي الگوم تفتر
‎يعمي اشگالت امن الطبر روحك       يجاسم ما تراويني اجروحك
‎لون ابگه يعمي كنت أنوحك            ابگلب مثل الغضا وبدمع محمر

‎ثُمَّ نزل إليه، ووضع صدره على صدر القاسم، واحتمله إلى المُخيَّم، ورجِلاه تَخُطَّان الأرض.

‎جاء بالقاسم إلى الخيمة الّتي فيها ولده، علي الأكبر، طرحه إلى جنبه، وجعل ينظر تارةً إلى وجه الأكبر وينحني عليه، وينادي: "واعليّاه!" وينظر تارةً أخرى إلى وجه القاسم، وينادي: "واقاسماه!".
 
 
 
 
109

99

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 حِمل جسّام واتوجه

للخيمة يجر حسرات
يسترجع على الشبان
وبصدره إعتلت زفرات

ابني الاكبر اليشبه
رسول الله بجماله
ربيته بدمع عيناي
يحق للغالي دلاله

وي عباس يتمشى
ملَثم يخفي اهلاله
وعين حسين اتناظر
تعوّذهم بسور وآيات

يگعد بين الاثنين
ودمعة عينهَ تتّحدر

وصيّة من الحسن هاليوم
صار حسين يتذگر
 
 
 
 
110

100

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 أمانه هالولد مدة

وعلى فراقه أخي بَشَر

يوَسفه موسّد الغالي
وانه وحدي أجر وسفات

‎‎جابه ومدّده ما بين اخوته         وبكى عدهم يا ويلي وهم موته
‎بس ما سمعن النسوان صوته     إجت رمله تصيح الله اكبر

‎كأنِّي بأُمِّه رملة، جاءت رمت بنفسها عليه، ولسان حالها:
(عاشوري)
گلب والدتك اشلعته يجسّام          آه آه اشوفن جثّتك گدامي اقسام
وبجسمك جروحك يحوَ اسهام       آه آه وعٌيونك چنها تنظرلي ابأسيّة

طبُر راسك عسى ابراسي يمحبوب
يالتشبه ابوك الزكي المهيوب

وعلي الكرار جدّك داحي البوب
شبيهه لهامته راسك رميّة

(لحن يمجهّز حسين)
وسط الصواوين... نايم ضوه العين
 
 
 
 
111

101

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 يحلالك النوم... يزغير السنين


يايمه ويّاك ارد احچي هاليوم
ارد ابث شكواي واشكيلك اهموم
أمك يامحبوب و اتوسلك گوم
مااحمل اجفاك ياأغلى الابنين

أدري هالافراگ ما منه رجعه
اغيابك يامظلوم گلبي يشلعه
لاتترك احسين وحده اسمعه
أمك واناديك عليت الاونين
راسك المطبور ماحركيته
شعرك اشوفه شو دم مليته
خدك يوليدي صابغ لگيته
أحمر والاعيون غمضهن البين

گلب أمك اعليك ينتحب وينوح
مترد على امك يالماخذ الروح
الگه الصبر وين ووليدي مذبوح
يا حسرتي اعليك يبن الميامين
 
 
 
 
112

102

الليلة التاسعة: مجلس القاسم بن الحسن

 (‎أبو ذيّة)

‎يبني ماذكرت أمّك وحنّيت          ‎عفتني امن انطبكك ظهري وحنّيت
‎يجاسم خضبت شيبي وحنّيت        ‎ابدمّك ياشباب الغاضريّة

(‎أبو ذيّة)
أنا ردتك ما ردت دنيا ولا مال         تحضرني لو وقع حملي ولو مال
يبني يا جاسم خابت ظنوني والامال    عند الضيق يبني گطعت بیّه
بنيَّ تقضي على شاطي الفرات ظماً    والماء أشربه صفواً بلا كَدرِ
 
 
 
 
 
113

103

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع


القصيدة
 
ولما جنيْتَ بكتْ عيونُ البسْمَلهْ
بَلْ سطَّرَتْ في العَرْشِ آي "الزلزلهْ"
فلها البتولةُ في الجَنَائنِ مُعْوِلهْ
دمُها رقى في الخُلْدِ أعلى منزِلَهْ
(أوَمَا رققْتَ بِكَرْبلا يا حرْملَهْ)؟!
يَمْشِي وبيْنَ يديْهِ طِفلٌ ظلَّلَهْ
ما كانَ ينقصُ ماؤكمْ إِنْ بلَّلهْ
ما بينَ مدْبِرةٍ وأخرى مُقْبِلَهْ
إلا بياضاً ناصعاً ما أجْملَهْ!
إِذْ كانَ قَطْعُ نِزاعِهم أنْ أقْتُلَهْ
ودنَا إليْهِ يضمُّهُ فرققتُ لَــهْ
أوَما رقَقْتَ بكربلا يا حرْملهْ؟ 
هذي سِهامُكَ صوَّبتْ كَبِدَ الْهُدَى 
عينُ الكفالةِ أنتَ مَنْ أطفأْتَها 
ورميتَ بالسَّهْمِ المُثلَّثِ مُهْجةً 
حدِّثْ ففي قَلْـــبِ الربابِ تساؤلٌ 
فيجيبُ لا أنسى حسيناً قادِماً 
قالَ ارْحَمُوه وبَلِّلوا عطشَ الحشا 
صوتٌ بهِ انفصَمتَ عُرى سُفْيانِهمْ 
سدَّدتُ سَهْمِيَ لا أرى منْ نَحْرِهِ
وثكَلتُ والدَهُ بقَطعِ وريدِهِ 
كالطَّيْرِ رَفَرفَ للحُسَينِ ببسمةٍ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
115

104

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 نعم، ‎ساعد الله قلب الحسين، أخذ ابنه عبد الله الرضيع ليسقيه شربة من الماء، بعدما جفّ لبن أمّه، فرمَوه القوم سهماً ذبحوه من الوريد الى الوريد!


شالْ ابْنَه الرَّضِيعْ احْسينْ
طِفِلْ حَرِّ العَطَشْ ماذِيهّ
يا شِيْعَة بَنيْ سُفيانْ
شِرْبَة مايْ اَرِيدْ اسْگِيهّ
هذَاَ الغاليْ عَبْدَاللهَ
صَبَّحْ تِرْتِعِشْ رِجْليّه
ما ظَلْ حيلْ بِوْليدي
يا ناسْ اوْ سِبَلْ إِيْديّه
بَسْ ايْدِيرْ لَيَّه العينْ
يِشْكِيْ ليْ لَهيبْ الـْ بِيّه
شَبِيْهّ المُصطَفَىَ جَدَّهْ
اوْ يِتْحَرَّمْ المايْ اعْليّه

تِبَسَّمْ هَاَلْطِفِلْ لَحْسينْ
رادْ ايْوَدْعَهْ وِ ايْناغيِهّ
اوْ لَنْ مالَتْ رُگُبْتَهْ اوْ صاحْ
 
 
 
 
116

105

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 وِ الدَّمْ فاضْ وِ امْغَطِّيهّ

ليشْ انْذِبَحْ عَبدَ اللهَ
اوْ شِنْهُو ذَنِبْ الـْ امْسَوِّيهّ

أمّا حال أمّه الرباب، ساعد الله قلب الأم! كأنّي بها تخاطبه:
 
(نعي فائزي)
نوم العوافي يالولد مستعجل تنام
فطموك يايمه الولد بالنبله اسهام

فطموك يايمه الولد بحضيني فطموك
بعدك ازعير يالولد و الماي حرموك
وللبين عبدالله برمح يوليدي سلموك
صغيرون يوليدي ولا كملت هالعام

نوم العوافي يالولد مذبوح مذبوح
بالنبله يمه يالولد بمهادك اتروح
خليت بقليبي الالم واحزان وجروح
وياك ضاعت مني يمه كل الاحلام

لَتظن اذوقه يالولد من بعدك الماي
عطشان ياييمه رحت يابعد دنياي
 
 
 
 
117

106

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 واشلون اشرب واهتني من عمت عيناي

خليت امك بالهضم والهم والالام

(أبو ذيّة)
امصاب الطفل كم مدمع به انصاب       يحقلي ابكل أرض مأتم به انصب
ســهم الصاب عبد الله به انصاب         دليلي وشـفت وياه المنيـــّه

(عاشوري)
يا ناس حتّى الطفل مذبوح       آه آه ودمه على زند حسين مسفوح
وين اليساعدني ويجي اينوح     آه آه قلبي على فرگاه مجروح

المصيبة
رُوي عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال: ‎"إنّي لجالس في تلك العشيّة التي قُتل أبي في صبيحتها، وعندي عمّتي زينب تمرّضني، إذا اعتزل أبي في خباء له، وعنده (جون) مولى أبي ذرّ، وهو يعالج سيفه ويصلحه، وأبي يقول:
‎يا دهر أفٍ لك من خليل       كم لك بالإشراق والأصيل
‎من صاحب أو طالب قتيل     والدهر لايقنع بالبديل
 
 
 
 
118

107

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 ‎وإنّما الأمر إلى الجليل               وكلّ حيّ سالك سبيل

‎ما أقرب الوعد من الرحيل

فأعادها أبي مرّتين أو ثلاثاً حتى فهمتها فعرفت ما أراد، فخنقتني العبرة فرددت دمعتي ولزمت السكوت وعلمت أنّ البلاء قد نزل!

أمّا عمّتي زينب، فإنّها لما سمعت ما سمعت، وهي امرأة ومن شأن النساء الرقّة والجزع، فلم تملك نفسها دون أن وثبت تجرّ أذيالها، حتى انتهت إليه، وهي تنادي: واثكلاه، ليت الموت أعدمني الحياة، اليوم ماتت أمّي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن، يا خليفة الماضين وثمال الباقين!

‎فنظر إليها الحسين عليه السلام نظر رأفة ورقّة، وصار يسلّيها ويسكن قلبها، قالت: بأبي أنت وأمّي، استقتل نفسي فداك، فردّ الحسين غصّته وترقرقت عيناه بالدموع، فقالت: ردّنا إلى حرم جدّنا رسول الله، فقال: هيهات، لو تُرك القطا ليلاً لغفا ونام!

‎ فقالت: واويلتاه! أفتغتصب نفسك اغتصاباً؟! فذلك أقرح لقلبي وأشدّ على نفسي، فقال لها الحسين: "أخيّة اتّقي الله، وتعزَّي بعزاء الله، واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون، وأنّ أهل السماء لا يبقون".

نعم، إنها ليلة صعبة على قلب زينب، ليلة الوداع!
 
 
 
 
 
 
119

108

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 (لحن لفى عاشور/ يا جبريل/ التغريد الحزين وألحان أخرى)

كم ليلة بأثر ليله                     مرّت عالقلب مُرّه
لكن ليلة العاشر                    أشد واصعب على الحوره

مكسورة گلب وصلَت
وخلّت راسها بصدره
نوبه تشمّه وتضمّه
ونوبه تصيح يا زهره
خويه موَدِع الليله
وعيني من البكا حرّه
يحرم ع العيون تنام
لو شافت دِمه نحره
يصبّرها أبو سكينه
وعن البلوى يحاكيها
باكر لو لفاكم جيش
يختي وصيّة نفذيها
عبايه فاطمة أمك
على رأسك دخلّيها
وان شفتي الشمر يمي
 
 
 
 
 
120

109

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 نادي يمه يالزهره

مرعوبه تهل دمعه
وعين تناظر المظلوم
دمعها يمسحه بكفّه
يختي اتصبّري بهاليوم
يَروح رويحتي زينب
ادري بالگلب مالوم
بجاه الزهره عذريني
الأخت دوم الاخو تعذره

ثم سمعت بقية النسوة، فجئن وبكين ونصبن المناحة، ثم إنّ الحسين عليه السلام أنبأهم بما يحلّ بهم من رزايا ومحن، وأوصاهم بتقوى الله وتحمّل ذلك بصبر واحتساب.

وكان للحسين عليه السلام وداع مع أخواته وإخوته وبناته وأبنائه، وكان له وداع خاصّ بطفله الصغير عبد الله، يطيل النظر إليه ويتأمّل محيّاه، وشبهه بجدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا وداع.

ووداع آخر يوم عاشوراء، لمّا قُتل أصحاب الحسين وأهل بيته، ولم يبقَ معه أحد ينصره، وإذ بزينب تأتي إليه بطفله الرضيع بعد أن جاءت به إليها أمّه الرباب، وهي تقول: "هاكم رضيعكم يا آل محمد!".
 
 
 
 
121

110

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 (لحن الجفيري)

خويه رضيعك شيله
أمه بألم تدعــي لـــــه
واتسكته واتلوليــــــله
حال الطفل يفجع تره

يبكي تراه وماغفـــى
كبدة رضيعك ناشفة
واتشگگت منه الشفـه
حال الطفل يفجع تره

حالة لظى بي هــــــوه
مو بس ضمي ويتروّه
شوف الطفـــــل يتلوّه
حال الطفل يفجع تره

رقّ قلب الحسين لحال طفله الذي اصفرّ لونه من شدّة الظمأ، فأتى به نحو القوم ووقف منادياً: "يا قوم، قتلتم إخوتي، قتلتم أهل بيتي وأنصاري ولم يبقَ عندي سوى هذا الرضيع، يا قوم اسقوه شربة من الماء فقد جفّ لبن أمّه من شدّة العطش، يا قوم إن كنتم تخافون أن أشرب الماء فخذوه واسقوه أنتم".
 
 
 
 
122

111

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 اختلف القوم فيما بينهم، منهم من قال: إن كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار؟ - ما ذنب هذا الطفل الرضيع - ومنهم من قال: لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية (يعني لا ترحموا كبارهم ولا صغارهم)، فلمّا رأى عمر بن سعد ذلك صاح في حرملة: ويحك حرملة، اقطع نزاع القوم...


يقول حرملة حكّمت سهماً في كبد القوس، ونظرت إلى الرضيع أين أرميه؟ في أيّ موضع من جسمه، لأنّه كان مقمّطاً بين يدي أبيه، وبينما أنا كذلك هبّت ريح، فكشفت النقاب عن وجه الرضيع، وإذا برقبته تلمع على عضد أبيه الحسين، كأنّها إبريق فضّة، فرميته فذبحته من الوريد إلى الوريد!

(عاشوري)
طفل هذا وشنو ذنبه يا ظُلّا                 آه آه عطشان الزغير وعينه مَتنــام
لچن هالگوم ردّوله بالاسهـا                آه آه وذبحَوا علي الاصغر بيد ابيّه
نفض من حس ألم وانشبحت العي          آه آه ودُموعه تستغيث ابوجــــه الحسين
اويلاه رگبتــه گسمـــوهـــا نصّيــــن      آه آه ابسهم مسموم راضعتــه المنيـــــــة

فلمّا رأى الإمام الحسين عليه السلام الدمّ يجري من نحر طفله، وضع كفّه تحت نحره، فلمّا امتلأت دماً رمى به نحو السماء، وقال: "هوّن ما نزل بي أنّه بعين الله!".
 
 
 
 
123

112

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 (نصاري)

تلگى حسين دم الطفل بيده      اشحاله الينكتل ابحضنه اوليده
شاله وملا چفه من وريده       ارماه للسم وللگاع ماخر

ولمّا عاد إلى أمّه، ورأت رضيعها مذبوحاً، صرخت: واولداه! واذبيحاه! ساعد الله قلب الأم! ما حالها وقد عاد إليها طفلها مذبوحا؟!

يبني يعبد الله يمحروم
يا من ابسم البين مفطوم

عگبك تراني امفارجه النوم 
امساهره الليل واحسب نجوم
اشعندك ذنب يبني ويه هالگوم 
لنحرك تگطعه ابسهم مسموم
ابدال الشرب ترويك بدموم
وصوبوا گلب امك المالوم
من يوم عني غبت لليوم
دمع البيابي عليك مسجوم
جمر الحزن بالچبد مضروم
وعليه طير الفاجعه يحوم
حگ ارضه واصبر على المقسوم
 
 
 
 
124

113

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 (لحن لفى عاشور/ يا جبريل نترجّاك/ تغريد حزين)

رضيعي ويا ضوه عيني گلب امك يحوم اعليك
يدور اعلى المهد ويريد يشوفك يمة ويناغيك
بس ابدال ضحكاتك سمع صوت الولي يناديك
ابوك حسين وبحضنه، إنت والدمه مسفوح

آه يامذبوح آه يامذبوح آه يامذبوح آه

اشفاك امن العطش ذبلت دمّك گام يرويها
يعبد الله اخذ وياك امك لاتأذيها
شوف الوالدة الثكلى ياابني من يداويها
يريت الموت خذاني بساع وونيني هالگضالي الروح

آه يامذبوح آه يامذبوح آه يامذبوح آه

يبني ازداد ونّي اعليك اكثر من شفت لحسين
انكسر گلبه على عمرك ودمعاته احرگتله العين
يشوفك منذبح بيده ويسمعلك بكا وونين
ساعة مابقى بعدك وشفته عالترب مطروح

آه يامذبوح آه يامذبوح آه يامذبوح آه
 
 
 
125

114

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 شاهد الرباب بعين قلبك ليلة الحادي عشر، عندما جنّ الليل أخذت الرباب طفلها المذبوح بعدما درّ لبنها، كأنّي بها تخاطبه بصوت حزين يفجع القلب:


(لحن الفراق)
يا حبيبي يبني ون ورد عليه
يا حبيبي يلرحت من بين ايدي
يا حبيبي شسوت بروحي المنية

تعال بحضني عبدالله يبني گلي وين تنام
بحضن امك ینور العین عسى تحلالك الاحلام

طلعت حايره بالليل رباب وتقصد الحومه
تعثر ويلي بالاجساد كلها مدرجه دمومه
تصرخ وين عبدلله ينار بچبدي مضرومه
يتعب رباي يا مدلل وشمعة عمري والايام

الله شلون حالتها تشوف اجساد عالغبره
بلا ايّا رؤوس عالتربان بدماها مغسّله كثره
جسد شافته بالحومه وطفل مذبوح من نحره
مهده صدر أبوالسجاد صار المنسجر بآلام
 
 
 
 
126

115

الليلة العاشرة: مجلس الطفل الرضيع

 گعدت يمه مذهوله والونه تفت الروح

تعاين للنحر دامي وشافت هالولد مذبوح
تگله والدک یبني نعشه اعلی الأرض مطروح
اتهنه يابني بنومك يعبدالله بدلالک نام

(أبو ذيّة)
عيوني تسكب العبره بلا مهاد                 على الظلوا على الغبره بلا مهاد
طفلهم ما لحق يناهز بلا مهاد (بالمهد)       وهزّت رقبته سهام المنيّه

(تخميس)
ومنعطفٍ أهوى لتقبيل طفله        فقبّل منه قبله السهم منحرا
لقد ولدا في ساعة هو والردى     ومرّ في نحره السهم كبرا
 
 
 
 
127

116
مجالس السيرة الحسينيّة 1440 هـ