من هـدي القرآن


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-06

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


الدرس الأول: اقرأ

الدرس الأول

إقرأ
 
 
 
 
يقول تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾1.
 
أ- أهمية العلم:
 
إن اللَّه تعالى افتتح الرسالة الإسلامية بالحث على العلم والتعلم لأن بالعلم يعرف اللَّه عزّ وجلّ وبه تكون الخشية الحقيقية فكان أول ما نزل من الوحي على قلب النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * ....... * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم﴾.
 
فإن كل خير يعود أصله إلى العلم، فما من غرابة حينما نقرأ الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ونجد التشديد والحثّ الأكيد على بذل المهج وخوض اللجج في سبيل التعلم وجعله المعيار في قيمة الناس ففي
 
 
 

1- العلق:1-2.
 
 
 
 
 
5

1

الدرس الأول: اقرأ

 الحديث: "أكثر الناس قيمة أكثرهم علماً وأقل الناس قيمة أقلهم علماً"1 وفي الكتاب الكريم: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾2.

 
ب ـ كمال الإنسان بالعلم:
 
إن الإنسان يصبح كاملاً حينما يعرف اللَّه معرفة حقيقية وذلك ما كان ليتم إلا عبر طريق العلم المقرون بالعمل.
 
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "تعلّموا العلم فإن تعلمه حسنة، بالعلم يطاع اللَّه ويعبد، وبالعلم يعرف اللَّه ويوحّد، وبالعلم توصل الأرحام وبه يعرف الحلال والحرام والعلم إمام العقل"3.
 
وعنه عليه السلام: "أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به"4، يعني أن الإنسان ما دام لا يعمل لا يكون دينه كاملاً لذلك صح أن يقال.
 
 
ج ـ قيمة العلم بالعمل به:
 
في الحديث: "الشرف عند اللَّه سبحانه وتعالى بحسن الأعمال لا بحسن الأقوال والعمل شعار المؤمن والعلم مصباح العقل والعلم زين الأغنياء وجمال الفقراء والناس في الدنيا بالأموال وفي الآخرة بالأفعال فَتَعلّموا وعلّموا"5.
 
 
 

1- البحار ج1، ص164.
2- الزمر:90.
3- ميزان الحكمة، ج3، ص2065.
4- أصول الكافي، ج1، ص78.
5- ميزان الحكمة، ج6، ص447.
 
 
 
 
 
6

2

الدرس الأول: اقرأ

 إن نظرة الإسلام إلى العلم من حيث أهميته ودوره في بناء الإنسان والمجتمع وعمران البلاد وإصلاح العباد، مرتكزة على ضرورة كونه مقروناً بالعمل وليس الاكتفاء بحيازة الرتب النظرية والقدرة على إدارة الحوار في أي صراع فكري قائم بين أطراف متعددين في المعتقد أو مختلفين في الهدف فكما أن العمل بجهل مرفوض كذلك العلم من دون عمل لا قيمة له من وجهة إلهية ولا يعد الإنسان عظيماً إلا مع محافظته على أمور ثلاثة في مسيرته العلمية أن يكون دائم التعطش والشوق إلى المعرفة والتعلم وأن يعمل بما يعلم وأن يعلّم غيره في الرتبة الأخيرة أي بعد التعلم والعمل وإلا صدق في حقه قوله تعالى: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾1 ولذلك كان الحديث جامعاً لهذه الأركان الثلاثة، في قوله عليه السلام: "من علم وعمل وعلّم عدّ في الملكوت الأعظم عظيماً"2.

 
د ـ العلم النافع:
 
لا بد أن نعرف أن العلم ذو حدين قد يكون وسيلة يستعان بها في سبيل الوصول إلى أهداف تتنافى مع روح الإسلام ودعوته كحب السمعة والافتخار على الآخرين وطمس الحقائق من خلال فنون المحاورات وسحر البيان وتحكم أسلوب الجدال أو نيل المنصب والرئاسة، وقد يكون وسيلة إلهية في سير الإنسان نحو اللَّه تعالى بغية نيل رضاه فهو على ضوء تحديد الغاية منه يتصف بالنفع أو الضرر وقد تحدثت النصوص الشريعة عن الجانبين:
 
 
 

1- الصف:3.
2- م. ن، ص469.
 
 
 
 
 
7

3

الدرس الأول: اقرأ

 أما الجانب الايجابي النافع:

فقد جاء عن مولانا الصادق عليه السلام: "من تعلّم للَّه عزّ وجلّ وعمل للَّه وعلّم للَّه دعي في ملكوت السماوات عظيماً"1.
 
وأما الجانب السلبي الضارّ:
ورد عن مولانا الرضا عليه السلام: "من تعلّم العلم رياءً وسمعةً يريد به الدنيا نزع اللَّه بركته وضيّق عليه معيشته ووكله اللَّه إلى نفسه ومن وكله اللَّه إلى نفسه هلك"2.
 
ومن هذا استعاذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع"3.
 
هـ ـ كتمان العلم:
 
يوجد شريحة من الناس يؤثرون الاختصاص بالعلم لأنفسهم ويعتبرون أن نشره أمر محظور تحدث القرآن الكريم عنهم في قوله سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾4.
 
وبالإمكان تشبيه أولئك بمحتكري الأدوية مع حاجة الجرحى والمرضى إليها ومنعهم عنها فكيف يتصف هذا الفعل بالحسن يا ترى؟!
 
يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "كاتم العلم يلعنه كل شيء حتى الحوت في البحر والطير في السماء"5.
 
 
 

1- م. ن، ص478.
2- البحار، ج77، ص100.
3- ميزان الحكمة، ج6، ص57.
4- البقرة:159.
5-- ميزان الحكمة، ج6، ص472.
 
 
 
 
 
8

4

الدرس الأول: اقرأ

 و ـ العلم خير من المال:

 
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "العلم أفضل من المال بسبعة: الأولى: أنه ميراث الأنبياء والمال ميراث الفراعنة، الثاني: العلم لا ينقص بالنفقة والمال ينقص بها، الثالث: يحتاج المال إلى الحافظ والعلم يحفظ صاحبه، الرابع: العلم يدخل في الكفن ويبقى المال، الخامس: المال يحصل للمؤمن والكافر والعلم لا يحصل إلا للمؤمن خاصة، السادس: جميع الناس يحتاجون إلى صاحب العلم في أمر دينهم ولا يحتاجون إلى صاحب المال، السابع: العلم يقوي الرجل على المرور على الصراط والمال يمنعه"1.
 
 
من فقه الاسلام 
 
س: هل يجب على الإنسان تعلم المسائل الفقهية التي يبتلي بها كالشك بين الثلاث والأربع من ركعات الفريضة أو السهو في السجود بحيث سجد مرة أو مرتين؟
ج: يجب تعلم المسائل الفقهية التي هي محل ابتلاء المكلف كسجود السهو ومعالجة الشك بين الركعات.
 
س: إذا رأى شخص رجلاً يؤدي صلاته على غير الطريقة المطلوبة شرعاً بحيث أنه لا يتشهد في الركعة الثانية ويكتفي بتشهد واحد في كل صلاة فهل يجب عليه تعليمه وإرشاده إلى الوجه الصحيح أو لا يجب باعتقاد أن الآخر يصلي وفقاً لعلمه؟
 
 
 

1- البحار، ج1، ص185.
 
 
 
 
 
9

5

الدرس الأول: اقرأ

 ج: يجب عليه تعليم الآخر كيفية الصلاة على الوجه الشرعي ولا يجوز الاعتماد على موافقة صلاته لعلمه الخاطئ.

 
س: يوجد لديّ كفاءة ورغبة في دراسة العلوم الدينية عبر الانتساب إلى إحدى الحوزات العلمية القريبة من مكان إقامتي، وهذا ما لا يرضاه والد أي رغبة منهم في متابعة دراستي في الجامعة فهل يجوز لي الترك؟
ج: إن طلب العلوم الدينية من الواجبات الكفائية ما عدا المسائل التي تعم فيها البلوى كمسائل الشك والسهو فإنها من الواجبات العينية1.
 
 
خلاصة الدرس 
 
أ- أن للعلم أهمية في الإسلام إلى مستوى أن اللَّه عزّ وجلّ افتتح رسالته الإلهية بالحث عليه في سورة إقرأ.
 
ب- إن كمال الإنسان بالعلم وبه يصل إلى معرفة ربه عزّ وجلّ ويؤدي سائر وظائف العبودية.
 
ج- إن العلم النافع هو ما تكون الغاية منه إلهية في سبيل الوصول إلى رضا الباري تعالى.
 
د- لا يجوز كتمان العلم حيث نهى القرآن الكريم عن ذلك.
 
 
 

1- راجع أجوبة الاستفتاءات ج2، ص83 فيما يرتبط بموضوع الدرس.
 
 
 
 
 
 
10

6

الدرس الأول: اقرأ

 أسئلة حول الدرس 

 

1- ما هو موقع العلم في الرسالة الإسلامية؟
2- ما هو دور العلم في بناء الإنسان وكماله؟
3- ما هي الصلة بين العلم والعمل؟
4- هل يوجد علم غير نافع؟
5- هل يجوز كتمان العلم؟ 
 
 
للحفظ 
 
﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾1.
 
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "هلك خزّان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدّهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة"2.
 
 
قصة للمطالعة 
 
جلد الأستاذ يطهر بالدباغة!
 
حكي أن أحدهم كان في بداية أمره حدّاداً، فصنع ذات يوم محبرة صغيرة، وجعل لها قفلاً عجيباً، وأهداها إلى ملك زمانه، فلما أحضر بين يدي الملك، تعجب الملك من صنعته، ولكن لم يرحّب به كثيراً، ولم يحتفِ به كما كان يتصور، واتفق في ذلك الوقت أن دخل رجل على 
 
 
 

1- سبأ:6.
2- ميزان الحكمة، حديث 13705. 
 
 
 
 
 
11

7

الدرس الأول: اقرأ

 الملك، وكان الحدّاد حاضراً، فقام الملك احتراماً لذلك الرجل وأجلسه في محله، فسأل عنه الحداد، فقيل له إنه من العلماء، ففكّر في نفسه أنه لو كان من هذه الطائفة لكان أقرب إلى ما كان يطلبه من الفضل والشرف والقبول، وخرج من ساعته لتحصيل العلوم وكان قد ذهب من عمره ثلاثون سنة، وذات يوم قال له المدرّس: لعلك في سنّ لا ينفعك فيه التعلم وأرى أن ذهنك لا يساعد على اكتساب العلم، ثم أخذ يعلّمه هذه المسألة (قال الأستاذ جلد الكلب يطهر بالدباغة) وجعل يكررها عليه، فلما كان من الغد جاء وطلب منه أستاذه أن يعيد الدرس الذي قرأه أمس، فقال: (قال الكلب جلد الأستاذ يطهر بالدباغة) فضحك منه الحاضرون.


يئس من نفسه وضاق صدره فخرج إلى البراري والجبال واتفق أنه رأى قليلاً من الماء يتقاطر من فوق جبل على صخرة صمّاء، وقد ظهر فيها ثقب من أثر ذلك التقاطر، فاعتبر بها وقال: ليس قلبي بأقسى من هذه الصخرة، ولا خاطري بأصلب منها حتى لا يتأثر بالدرس والتحصيل، ورجع ثانية إلى المدرسة بعزمه الثاقب، حتى فتح اللَّه عليه أبواب العلوم والمعارف، وحاز المراتب الأولى عند أهل زمانه من خلال صبره ومداومته وتصميمه على التعلم إلى أن بلغ الدرجة العليا بين كبار العلماء.
 
 
 
 
 
12

8

الدرس الثاني: كيف تخشع في الصلاة

 الدرس الثاني

كيف تخشع في الصلاة؟
 
 
 
 
يقول تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾( المؤمنون:1-2.)
 
أ- أهمية الخشوع:
 
إن لكل عبادة جسداً وروحاً، وروح العبادة الإخلاص وهو ما لا يتحقق دون حضور القلب وخشوعه حيث أن المدار عليه وهو الرئيس في هذه المملكة وسائر الجوارح تابعة له خاضعة لأوامره لذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أما أنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه"1 حينما رأى رجلاً يعبث في صلاته وما من شك أن هذا الظاهر غير المقبول هو انعكاس للباطن وحاكٍ عنه بما يتضمن من آفات ومشكلات وهذا مراد الحديث المتقدم في الربط والتأثير بين القلب والجوارح وتبعيّتها له، وبإمكاننا القول إن الصلاة التي لا ترفع هي من هذا القبيل حيث يكون المصلي
 
 
 

1- البحار، ج48، ص239.
 
 
 
 
 
13

9

الدرس الثاني: كيف تخشع في الصلاة

 1-في حركاته الظاهرية قائماً بين يدي اللَّه تعالى لكنه في قلبه مشغول بسواه يفكّر في تجارته أو ممتلكاته أو زوجته أو سائر أمور دنياه، أو أنه قد شطت أفكاره إلى حيث قاده طائر الخيال بعيداً عن كعبة مقصوده ليفرغ من صلاته وهو غير ملتفت في أي وقت بدأها، غير متذكر لشيء قام بأدائه من أركانها أو أجزائها يقول الإمام الخميني قدس سره: "اعلم أن التفرغ للعبادة يحصل من تكريس الوقت والقلب لها والعبادة من دون حضور القلب غير مجدية وما يبعث على حضور القلب أمران: أحدهما تفريغ القلب والوقت للعبادة وثانيهما: إفهام القلب أهمية العبادة"1.

 
ينبغي للمصلي إحضار قلبه في تمام الصلاة أقوالها وأفعالها فإنه لا يحسب للعبد من صلاته إلا ما أقبل عليه ومعناه الالتفات التام إليها وإلى ما يقول فيها والتوجه الكامل نحو حضرة المعبود جلّ جلاله واستشعار عظمته وجلال هيبته وتفريغ قلبه عما عداه2.
 
ب- كيف نحضر القلب؟
 
عرفنا أن إحضار القلب في العبادة يمثل روحها وهو أمر لا غنى عنه لكن ما هو الطريق إلى ذلك؟
 
يذكر علماء الأخلاق ثلاثة أمور تساعد على ذلك وهي:
الأول: أن يفرّغ نفسه قبل الدخول في الصلاة من الأفكار والهموم الدنيوية أو المعضلات العلمية وسائر ما يشغله عن التوجه إلى المقصود
 
 
 

1- الأربعون حديثاً، ص54.
2- تحرير الوسيلة، ج1، ص155.
 
 
 
 
 
14

10

الدرس الثاني: كيف تخشع في الصلاة

 الحقيقي حتى وإن كانت المسألة المطلوب حلها أخروية كما لو كان يبحث عن دليل شرعي على مسألة ما وبقي البحث يشغل ذهنه إلى أن دخل في صلاته وانتهى وهو يفكّر ويعمل جهده في طلب الحل، فإن هذا مما لا يجتمع قطعاً مع حضور القلب وإنما الواجب هو الانتهاء من حل تلك المسألة قبل الدخول في الصلاة حتى لا يكون في قلبه سوى اللَّه تعالى.

 
الثاني: إفهام القلب أهمية العبادة في ظاهرها وباطنها وشكلها ومضمونها بما تمثّله من صلة بين الخالق والمخلوق وغاية في الخلق والبعث وذلك كمقدمة لحضور القلب قبل الابتداء بالصلاة.
 
الثالث: وهو وظيفة مختلفة عن الأمرين الأولين حيث هما مطلوبان قبل الشروع بالعبادة بينما هنا المطلوب هو أثناءها بأن يتأمل في معاني ما يقوله في صلاته وأن يتابعها بتأنٍ وإمعان لا لقلقة لسان دون معرفة المعاني كالذي يلهج بذكر: سبحان ربي الأعلى وبحمده وفي نفس الوقت يكون ذهنه منشغلاً في حساب الأرباح اليومية لمبيعات متجره. ويشير إلى ضرورة التأمل والتفكر في معانيها قوله صلى الله عليه وآله وسلم في وصاياه لأبي ذر رضي الله عنه: "يا أبا ذر ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساهٍ"1.
 
ج- صلاة الخاشعين:
 
إن هناك فرقاً شاسعاً بين صلاة الخاشعين وغيرهم نفهمه من
 
 
 

1- البحار، ج77، ص82.
 
 
 
 
 
15

11

الدرس الثاني: كيف تخشع في الصلاة

 خلال القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾1 فإن من يصلي بهدف التخلص من مسؤولية الوجوب وليس بدافع خشوعه القلبي للَّه واستغراقه في ذاته سبحانه، يحسّ بثقل الصلاة وكأنها مشكلة له ويتمنى في أثناء صلاته بين آونة وأخرى أن تنتهي بسرعة كي لا تشغله عن متابعة أعماله ويرى بأنها قد زاحمت أشغاله واعترضت سيره، فيأتي بها باعتقاد وجوبها مع الإحساس بمشقتها كأنه يغفل عن مرور الزمن عليه حال الصلاة، فلا نتصور أن تكون الصلاة الموصوفة بهذا الوصف أي أنها كبيرة إلا على الخاشعين عبارة عن صلواتنا التي قد تكون نقراً كنقر الغراب ولذلك كان الجزاء كبيراً لمن قدر على حدود الصلاة كما حدّثنا عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: "من صلى ركعتين لم يحدّث فيها نفسه بشيء من الدنيا غفر له ما تقدم من ذنبه"2 وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "إذا قام العبد إلى صلاته وكان هواه وقلبه إلى اللَّه انصرف كيوم ولدته أمه"3.

 
د- خشوع أهل البيت عليهم السلام:
 
إن الحالات التي وصل إليها أهل العصمة والطهارة عليهم السلام بدءً من جدهم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وختماً بالوصي القائم عليه السلام لم يصل إليها نبي مرسل ولا ملك مقرب كما جاء صريحاً عنهم فكيف كان خشوعهم في الصلاة؟!
 
 
 

1- البقرة:45.
2- المحجة البيضاء، ج1، ص349.
3- تزكية النفس، ص99.
 
 
 
 
 
 
16

12

الدرس الثاني: كيف تخشع في الصلاة

 1- خشوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

في الحديث: "كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام إلى الصلاة تربد وجهه خوفاً من اللَّه تعالى"1.
 
2- خشوع أمير المؤمنين عليه السلام:
عن مولانا الصادق عليه السلام: "كان علي إذا قام إلى الصلاة فقال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض تغيّر لونه حتى يعرف ذلك في وجهه"2.
 
3- خشوع الصديقة الزهراء عليها السلام:
عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: "أما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.. متى قامت في محرابها بين يدي ربها جلّ حلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض يقول اللَّه عزّ وجلّ لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي"3.
 
هـ - كيف نعلم بقبول صلاتنا؟
 
ربما يبدو وللوهلة الأولى أن الجواب صعب لكنه على العكس تماماً فإن الحصول عليه ممكن قبل يوم الحساب ووضع الأعمال في الميزان وذلك ما أشار إليه مولانا الصادق عليه السلام قائلاً: "من أحب أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل فلينظر هل منعت صلاته عن الفحشاء والمنكر فبقدر ما منعته قبلت منه"4.
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ج4، ص1633.
2- م. ن.
3- البحار، ج70، ص400.
4- تزكية النفس، ص100.
 
 
 
 
 
17

13

الدرس الثاني: كيف تخشع في الصلاة

 فالصلاة التي تحمل هذا الأثر تكتب وترفع وأما الفاقدة له فتردّ ويضرب بها وجه صاحبها.

 
 
و- حق الصلاة:
في رسالة الحقوق لسيد الساجدين علي بن الحسين عليه السلام: "وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى اللَّه تعالى، فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير الراغب والراهب الراجي الخائف المسكين المتضرع لمن كان بين يديه بالسكون والوقار، وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها مع الإطراق وخشوع الأطراف ولين الجناح وحسن المناجاة له في نفسه والرغبة إليه في فكاك رقبتك التي أحاطت بها خطيئتك واستهلكتها ذنوبك"1.
 
 
من فقه الاسلام 
 
س: شخص مبتلى بالرياء في عباداته وهو الآن يجاهد نفسه فهل يعتبر هذا رياء أيضاً؟ وكيف يتجنّب الرياء؟
ج: يجب الإتيان بالعبادات بقصد القربة للَّه عزّ وجلّ، ومن أجل التخلص من الرياء، فعليه بالتفكر في عظمة اللَّه عزت آلاؤه وفي ضعف نفسه واحتياجه كغيره إليه تعالى، وعبوديته وسائر الناس له تعالى شأنه وعزّ اسمه.
 
س: إذا ضحك شخص أثناء الصلاة لتذكر قول مضحك أو لعروض أمر مثير للضحك، فهل تبطل صلاته أم لا؟
ج: إذا كان للضحك صوت - أي قهقهة - بطلت الصلاة.
 
 
 

1-رسالة الحقوق (حق الصلاة).
 
 
 
 
 
 
18

14

الدرس الثاني: كيف تخشع في الصلاة

 س: أتذكر في الصلاة المواقف الإيمانية والحالات المعنوية التي كنت أعيشها في الحرب ضد العدو مما يساعدني ذلك على زيادة الخشوع فيها، فهل هذا مبطل للصلاة؟
ج: لا يضر بصحة الصلاة.
 
س: هل يجوز تغميض العينين حال الصلاة لأن فتحهما يشغل الفكر عن الصلاة؟
ج: لا مانع شرعاً من اغماض العينين حال الصلاة1.
 
س: هل يجب سجود السهو عند قراءة كلمة من أذكار الصلاة أو من الآيات القرآنية أو من أدعية القنوت سهواً أو اشتباهاً؟
ج: لا يجب ذلك2.
 
 
 
خلاصة الدرس
 
أ- الخشوع هو روح العبادة التي ترفعها إلى مقام القبول والفوز بالفلاح والنجاح.
 
ب- إن لإحضار القلب ثلاثة أمور: تفريغ النفس قبل الصلاة، وإفهام القلب أهميتها، والتأمل في معانيها.
 
ج- لم يصل أحد من الأنبياء المرسلين والملائكة المقربين إلى مرتبة خشوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام.
 
د- إن من حق الصلاة أن تقبل عليها بقلبك مع خشوع الأطراف ولين الجناح.
 
 
 

1- أجوبة الاستفتاءات، ج1، ص144.
2- م. ن، ص147.
 
 
 
 
 
 
19

15

الدرس الثاني: كيف تخشع في الصلاة

 أسئلة حول الدرس

 
1- من أين جاءت أهمية الخشوع في العبادة؟
2- كيف يتم إحضار القلب؟
3- ماذا تعرف عن خشوع أهل البيت عليهم السلام؟
4- ما هو حق الصلاة؟
 
 
 
للحفظ 
 
 
﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾1.
 
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "لا إيمان إلا بعمل ولا عمل إلا بيقين ولا يقين إلا بالخشوع"2.
 
 
 
قصة للمطالعة
 
أنين وبكاء في ليلة مقمرة:
 
عن الأصمعي قال: خرجت إلى الحج إلى بيت اللَّه الحرام وإلى زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبينما أنا أطوف حول الكعبة، وكانت ليلة مقمرة وإذا بصوت أنين وحنين وبكاء، فتتبعت الصوت وإذا أنا بشاب حسن الوجه ظريف الشمايل، وعليه ذوايب وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول:
يا سيّدي ومولاي قد نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت حيّ قيوم،
 
 
 

1- الحديد:16.
2- ميزان الحكمة، حديث 4695.
 
 
 
 
 
 
20

16

الدرس الثاني: كيف تخشع في الصلاة

  إلهي غلقت الملوك أبوابها وقام عليها حجابها، وحراسها، وبابك مفتوح للسائلين، فها أنا ببابك، أنظر برحمتك يا أرحم الراحمين، ثم أنشأ يقول:


يا من يجيب دعا المضطر في الظلم           وكاشف الضرّ والبلوى مع السّقم
قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا          وأنـت يا حي يا قيوم لـم تنم
أدعوك ربّي حزيناً دائماً قلقاً                فارحم بكائي بحق البيت والحرم
إن كان عفوك لا يرجوه ذو سرف         فمن يجود علـى العاصين بالنّعـم

ثم قال: رفع رأسه إلى السماء وهو ينادي إلهي وسيدي أطعتك بمشيّتك فلك الحجة عليّ بإظهار حجتك إلا ما رحمتني وعفوت عنّي ولا تخيبني يا سيّدي ثم قال: إلهي وسيدي الحسنات تسرك والسيئات ما تضرّك، فاغفر لي وتجاوز عني في ما لا يضرك ثم أنشأ يقول:

ألا أيّها المأمول في كلّ حاجة                 شكوت إليك الضرّ فارحم شكايتي
ألا يا رجائي أنت كاشف كربتي             فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي
فزادي قليل لا أراه مبلغــي                على الزاد أبكي أم على بعد سفرتي
أتيت بأعمال قباح ردّية                      فما في الورى عبد جنى كجنايتي
أتحرقني بالنار يا غـاية المنى                   فأين رجائي منـك وأيـن مخافتي

قال الأصمعي: وكان يكرر هذه الأبيات حتى سقط مغشيّاً عليه فدنوت منه لأعرفه فإذا هو زين العابدين ابن الحسين بن عليّ عليهم السلام.
قال الأصمعي: فأخذت رأسه ووضعته في حجري وبكيت فقطرت قطرة من دموعي على خدّه ففتح عينيه وقال: من هذا الذي أشغلني على ذكر ربّي؟ قلت يا مولاي عبدك وعبد أجدادك الأصمعي فما هذا الجزع والفزع والبكاء والأنين وأنت من أهل بيت النبّوة ومعدن الرسالة 
 
 
 
 
 
21

17

الدرس الثاني: كيف تخشع في الصلاة

 وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾.

 
قال: فاستوى قاعداً وقال: هيهات هيهات يا أصمعي إنّ اللَّه تعالى خلق الجنة لمن أطاعه ولو كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه ولو كان سيَّداً قرشيّاً أما سمعت قوله تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ﴾ قال الأصمعي: فتركته على حاله يناجي ربّه1.
 
 
 

1- مصباح الأنظار للفيض الكاشاني. 
 
 
 
 
 
 
22

18

الدرس الثالث: روح الجماعة

 الدرس الثالث

روح الجماعة
 
 
 
قال تعالى:﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (العصر:1-3.)
 
أ- الجماعة أساس النجاح:
 
يحثنا الإسلام العزيز على روح التعاون والجماعة في كل سبل الحياة المرتبطة بشؤون الدين والدنيا، وأن نظرة واحدة إلى الكتاب الكريم والسنّة المطهّرة كافية في معرفة ما لهذا الأمر من أهمية وتأكيد في الشرع المبين سواء في قيام نظام العيش بما يشتمل عليه من اقتصاد وسياسة واجتماع أو في مراسم العبادات الإلهية كالحج والصلاة ومجالس العزاء والدعاء والجهاد في سبيل اللَّه تعالى ويكفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "يد اللَّه مع الجماعة"1 وما من شك أن كثيراً من مواطن
 
 
 

1-الرسالة السعدية، ص155.
 
 
 
 
 
23

19

الدرس الثالث: روح الجماعة

 الضعف التي أصابت المسلمين في حقبات من الزمن كانت وليدة روح الفرد والانزواء وإتباع المصالح الشخصية على حساب الأهداف العالية للدين الحنيف وعدم الالتفات إلى الآخرين وفقدان الإيثار وحمل هموم المستضعفين مع أن المجتمع الذي يريده النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعلن عنه قائلاً: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"1 فما لم يكن المؤمنون كذلك فإن حليفهم الفشل والهزيمة وليس النصر والنجاح لأنه قائم على التعاون وبذل الجهود صفاً واحداً لأجل بلوغ ما أرادنا اللَّه تعالى أن نصل إليه وإلا خرجنا عن كوننا مسلمين كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"2

 
ب- الصلاة جماعة:
 
تحدثنا الروايات عن المشهد الذي يحبه اللَّه ورسوله وهو صفوف الصلاة جماعة الذي يشكل مصداقاً واحداً من تجسيد مفهومها وعنوانها بما يتسع له من ميادين، فقد جاء عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: "أما الجماعة فإن صفوف أمتي في الأرض كصفوف الملائكة في السماء والركعة في جماعة أربع وعشرون ركعة، كل ركعة أحب إلى اللَّه عزّ وجلّ من عبادة أربعين سنة"3
 
لذلك رتبّ اللَّه سبحانه عليها الثواب الجزيل، ويدعو سماحة السيد القائد دام ظله إلى المحافظة على هذه الشعيرة الربانية وإعزازها قائلاً:
 
 
 

1 ميزان الحكمة، ج4، ص2837.
2 مكاتيب الرسول، ج2، ص625.
3 الخصال للصدوق، ص355.
 
 
 
 
 
24

20

الدرس الثالث: روح الجماعة

 "من المناسب للمؤمنين أن يجتمعوا في مكان واحد ويحضروا جميعاً صلاة جماعة واحدة من أجل إضفاء العظمة على المراسم الدينية لصلاة الجماعة"1.

 
ويؤكد دام ظله على كونها بإمامة العلماء وأهل الفضل وعدم إغفال دورهم حيث يقول: "لو كان بإمكان الأخوة الأعزاء بسهولة أداء الفريضة خلف عالم الدين الذي يجدونه أهلاً للإقتداء به ولو بالخروج إلى بعض المساجد المجاورة فلا ينبغي لهم الاقتداء بغير عالم الدين بل الاقتداء بغيره لا يخلو في بعض الموارد من الأشكال"2
 
ج- الجهاد جماعة:
 
يقول تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾3
 
إن قوة المسلمين لا يمكن أن تكون كامنة في أفرادهم متفرقين بل هي متجسدة في تماسكهم واجتماعهم تحت راية الهدى في قتالهم ضدّ الأعداء بالصورة التي يحبّها اللَّه سبحانه كأنهم بنيان مرصوص يشدّ بعضهم بعضاً ويقوّي عزيمته ويزيد في قوته وهو مصداق ومورد آخر من هذه الشرعة المقدسة التي يشهد لها تاريخ المجاهدين والشهداء منذ أن كان الإسلام في صدره الأول ويقابلها ما كان من تفرق وتشتت أدّى إلى كثير من الضياع والهزائم بما يبغضه اللَّه عزّ وجلّ.
 
 
 

1-أجوبة الاستفتاءات، ج1، ص163.
2-م. ن، ص109.
3-الصف:4.
 
 
 
 
 
 
25

21

الدرس الثالث: روح الجماعة

 د- الدعاء جماعة:

 
كذلك كان لاجتماع المؤمنين في مجلس واحد لأجل قراءة الأدعية المباركة قيمة مختلفة عن الدعاء الانفرادي بحيث أن اللَّه تعالى وعدهم بالاستجابة القطعية لمسألتهم جزاء اتحادهم واجتماعهم وظلَّ الأنبياء والأوصياء عليهم السلام يوصون بهذا المنهج ويؤكدون عليه حتى قائم آل محمد عليه السلام جاء عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يجتمع أربعون رجلاً في أمر واحد إلا استجاب اللَّه تعالى لهم حتى لو دعوا على جبل لأزالوه"1 وهذه من الروايات التي بيّنت بلسان العدد.
 
هـ- صلة الأرحام والجيران:
 
عن مولانا الصادق عليه السلام: "إن صلة الرحم والبرّ يهونان الحساب ويعصمان من الذنوب فصلوا أرحامكم وبروا بإخوانكم ولو بحسن السلام وردّ الجواب"2
 
وعنه عليه السلام أيضاً: "حد الجوار أربعون داراً"3
 
وهنا دعوة إلى العيش بروح الجماعة سواء مع الأرحام الذين تربطنا بهم رابطة النسب أو مع الجيران الذين ظلّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بهم حتى ظنّ المسلمون أنه سيورّثهم، ذلك أن الحياة التي يهدف إليها الإسلام هي التي تحمل هذا الجانب الاجتماعي شكلاً ومضموناً بما له من أبعاد مختلفة تنعكس في سائر شؤون الإنسان الداخلية والخارجية وتساهم في تربية الأبناء وشد الأواصر بين الكبار ليكون
 
 
 

1-المستدرك، ج5، ص239.
2-الكافي ج2، ص157.
3-م.ن، ص669.
 
 
 
 
 
26

22

الدرس الثالث: روح الجماعة

 هناك نموذج مثالي تحذو حذوه سائر الأمم وهي تدعو إلى التراحم وبناء العلاقات على أسس الخير والصلاح والتعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان كما قال سبحانه: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾كذلك يشهد لهذا المعنى واجب الحج الذي هو من أبرز مظاهر الاجتماع والوحدة. حيث أراده اللَّه تعالى كذلك في وقت واحد ومكان واحد وبشكل واحد.

 
من فقه الاسلام 
 
س: هل يستطيع شخصان إقامة صلاة الجماعة؟
ج: إذا كان المراد تشكيل الجماعة من الإمام وشخص واحد مأموم فلا إشكال فيه.
 
س: كان أحد صفوف صلاة الجماعة يتكون بشكل كامل ممن يصلي قصراً، وكان الصف الذي يليه ممن يصلي تماماً فإذا صلى من في الصف المتقدم ركعتين وقاموا فوراً للاقتداء في الركعتين التاليتين، فهل تبقى صلاة من خلفهم بالنسبة للركعتين الأخريين جماعة؟
ج: مع فرض أن جميع أفراد الصف المتقدم يصلون قصراً فصحة جماعة الصفوف المتأخرة في مفروض السؤال محل إشكال، والأحوط أن تنفرد الصفوف المتأخرة بعد جلوس الصف الأول للتسليم.
 
س: لو أن شخصاً وصل إلى المسجد في الركعة الثانية لصلاة الجماعة وبسبب جهله بالمسألة لم يأت بالتشهد والقنوت اللذين كان يجب أن يأتي بهما في الركعة التالية، فهل صلاته صحيحة أم لا؟
 
 
 

1 المائدة:2.
 
 
 
 
 
 
27

23

الدرس الثالث: روح الجماعة

 ج: الصلاة صحيحة، ولكن يجب عليه قضاء التشهد والإتيان بسجدتي السهو1

 
خلاصة الدرس
 
أ- أن روح الجماعة والتعاون أساس النجاح في الحياة وتحقيق الأهداف السامية للدين الحنيف.
 
ب- إن فضل العبادات الإلهية في الجماعة أعظم من الإتيان بها على نحو الانفراد بل هناك البعض منها لا يجوز الإتيان به إلا جماعة.
 
ج- يعتبر الحج والجهاد والتواصل الاجتماعي من صلة الأرحام والمؤمنين أحد معالم هذه الوجهة السليمة، وشاهداً ناطقاً في الدعوة إليها.
 
أسئلة حول الدرس
 
1- ما هي رؤية الإسلام نحو الجماعة؟
2- ما هو دور المؤمن عند سيادة روح الفرد وذوبان روح الجماعة؟
3- اذكر الموارد التي لم يشرّعها اللَّه تعالى إلا جماعة؟
 
 
 
للحفظ 
 
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾2
 
وعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "أيها الناس عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة"3
 
 
 

1 أجوبة الاستفتاءات، ج1، ص167.
2 الصف:4.
3 ميزان الحكمة، الحديث 2434.
 
 
 
 
 
28

 


24

الدرس الثالث: روح الجماعة

 قصة للمطالعة

 
لا صدقة وذو رحم محتاج
 
يروى أن امرأة مات زوجها، فكانت تريد أن تتصدق عنه، فصارت تصنع طعاماً ليلة الجمعة، وترسل به مع ولدها اليتيم إلى فقير في أحد الأكواخ القريبة، كان الولد يأخذ الطعام الذي تصنعه أمه إلى ذلك الكوخ وهو يشعر في الوقت نفسه بجوع شديد ثم يرجع إلى البيت وينام جائعاً وهكذا صنعت الأم مرة ثانية (ليلة الجمعة) طعاماً وأرسلت به مع ولدها إلى نفس ذلك الفقير، قدّم الولد الطعام إلى ذلك الفقير، ورجع وهو يكابد ألم الجوع، ثم ينام جائعاً، وفي المرة الثالثة صنعت الأم ليلة الجمعة طعاماً تقدّمه صدقة عن زوجها المتوفى، وأرسلت به مع ولدها إلى الفقير نفسه، أخد الولد الطعام وصار يتقدم نحو الكوخ، إلا أن الجوع أضرّ به ضرراً بالغاً فلم يستطع الصبر فأكل ذلك الطعام ورجع إلى البيت ونام، وهو شبعان، فرأت الأم زوجها في المنام يقول لها: (لم يصل إليّ الطعام إلا في هذه الليلة)، انتبهت الأم من نومها قبل طلوع الشمس متعجبة وسألت ولدها، ولدي.. إلى من كنت تأخذ الطعام ليلة الجمعة الماضية وقبلها؟ فقد رأيت والدك في المنام يقول: لم يصل إليّ الطعام إلا في الليلة الماضية، فقال الولد: قدمت الطعام إلى الفقير مرتين مع ما كنت أشعر به من شدّة الجوع، ونمت جائعاً، إلا أني في الليلة الماضية لم أطق أن أتحمل ألم الجوع، وكان قد أضر بي كثيراً، لذلك أكلت ما في الإناء ونمت وأنا شبعان، فعلمت الأم أن ولدها اليتيم كان أولى بأكل ما كانت تتصدق من ذلك الفقير في كوخه، فقد جاء في الحديث عن رسول اللَّهصلى الله عليه وآله وسلم: "لا صدقة وذو رحم محتاج"1
 
 
 

1 من لا يحضره الفقيه ج2، ص38، حديث 166. 
 
 
 
 
 
29

25

الدرس الرابع: الإصلاح والتعاون

  الدرس الرابع

الإصلاح والتعاون
 
 
 
 
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾1.
 
أ- الإصلاح واجب إلهي:
 
إن العمل على تحقيق الأخوة والتواصل والاجتماع وإصلاح ذات البين من أوجب الواجبات الإلهية ضرورة أنه لا يمكن بناء مجتمع متماسك يسير في خدمة الأهداف العليا للإسلام ما لم يكن هذا التكليف قائماً ومعمولاً به لدى المسلمين حيث في المقابل يكون التشتت والتفرّق وتحكم روح العداوة عاملاً هدّاماً لا تستقيم معه مسيرة أهل الإيمان، وهو سبب في فشل وسقوط كثير من القضايا الهامة على مر العصور ولا يزال، فالمطلوب أن تسود روح الجماعة والوفاق في إعزاز المصالح العامة، لا روح الفرد والشقاق في خدمة المصالح الخاصة بما تحكمها من أهواء ورغبات يقول عزّ من قائل: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ
 
 
 

1- الحجرات:10
 
 
 
 
 
30

26

الدرس الرابع: الإصلاح والتعاون

 تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾1 وفي بيان قرآني آخر تأكيد على أن هذا الواجب هو غاية الإرادة في قوله تعالى: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾2.

 
وفيما جاء عن مولانا الكاظم عليه السلام: "يا بن بكير! إني لأقول لك قولاً، قد كانت آبائي عليهم السلام - تقوله: إن للحق أهلاً، وللباطل أهلاً، فأهل الحق يجأرون في إصلاح الأمة بنا، وأن يبعثنا اللَّه رحمة للضعفاء والعامة. يا عبد اللَّه! أولئك شيعتنا، وأولئك منا، وأولئك حزبنا، وأولئك أهل ولايتنا"3.
 
ب- التعاون وصيّة السماء:
 
في الذكر الحكيم ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾4 إن إعانة الآخرين ومؤازرتهم في مواطن الشدائد ونزول المصائب أمر أولاه الإسلام اهتماماً كبيراً وهو من أعظم شيم وشمائل أهل الولاية سواء في الترابط والتزاور أو في تقديم المساعدات المالية أو البدنية أو المعنوية أو سائر أشكال التعاضد والتكافل سيّما الفقراء والأيتام والمساكين.
 
في الحديث عن خثيمة قال: "دخلت على أبي عبد اللَّه لأودّعه وأنا أريد الشخوص، فقال: "ابلغ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى اللَّه العظيم، وأوصهم أن يعود غنيهم على فقيرهم، وقويهم على ضعيفهم،
 
 
 

1- آل عمران:105.
2- هود:88.
3- مشكاة الأنوار، ص64.
4- المائدة:2.
 
 
 
 
 
31

27

الدرس الرابع: الإصلاح والتعاون

 وأن يشهد حيّهم جنازة ميتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإن في لقاء بعضهم بعضاً حياة لأمرنا، ثم قال: رحم اللَّه عبداً أحيا أمرنا"1.

 
ويعتبر السعي في قضاء حوائج الناس من أعظم القربات الإلهية التي أعدّ عليها الثواب الجزيل فوق ما يتصوره الإنسان ويتوقعه حيث جاء عن مولانا الباقر عليه السلام: "من مشى في حاجة أخيه المسلم أظله اللَّه بخمسة وسبعين ألف ملك ولم يرفع قدماً إلا وكتب اللَّه بها حسنة، وحط عنه بها سيئة ورفع له بها درجة، فإذا فرغ من حاجته كتب اللَّه له عزّ وجلّ بها أجر حاج ومعتمر"2.
 
وفي الحديث أيضاً: "إن للَّه عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة"3.
 
ج- دور التواضع في العلاقات الإنسانية:
 
إن التواضع بحد ذاته فضيلة من الفضائل الإسلامية وهو مصدر قوة للإنسان وليس ضعفاً ووهناً وبه الأمر في الكتاب الكريم: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾4 وقد أشاد أهل البيت عليهم السلام بشرف هذا الخلق واعتبروه من خصال المؤمن وسبباً في رفعته كما جاء عن الصادق عليه السلام: "إن في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع للَّه رفعاه، ومن تكبر وضعاه"5 والذي يرتبط بمقامنا هو دور التواضع في عملية الإصلاح والعلاقة مع الآخرين فإنه
 
 
 

1- مصادقة الإخوان، ص53.
2- م. ن، ص73.
3- م. ن، ص75.
4- الشعراء:215.
5- الكافي، ج2، ص122.
 
 
 
 
 
 
32

28

الدرس الرابع: الإصلاح والتعاون

 ليس هناك شك في أن بعض الناس يقومون بخدمة الآخرين أو إجابتهم لكن مع روح مستعلية وتكبّر زائف من خلال ثقافة الطبقات والميّزات العرفية أو العائلية أو غيرها مما لا يقيم له الإسلام وزناً في واجب احترام الآخر وإنما المدار على التقوى في الأفضلية، فمن هنا لا بد من إيضاح هذا الجانب من خلال الآثار التي يتركها في نجاح العلاقات الإنسانية أو فشلها والواقع أنه لا يمكن التصديق أن التواصل والارتباط الوثيق بين أفراد أو مجتمعات هو قابل للاستمرار والديمومة طالما أن أحد الطرفين في إصرار وتصميم على استحقار الآخر وتقزيمه والاستعلاء والتكبر عليه، فكيف يكتب ذلك في سجل محاولات الإصلاح مع كونه دعوة عملية لسيادة منهج الاستكبار الذي يبغضه اللَّه عزّ وجلّ كل البغض حيث يقول سبحانه: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ﴾1.

 
وفي الحديث: "فاعتبروا بما كان من فعل اللَّه بإبليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد، واستعيذوا باللَّه من لواقح الكبر كما تستعيذون من طوارق الدهر، فلو رخصّ اللَّه في الكبر لأحد من عباده، لرخص فيه لخاصة أنبيائه ورسله، ولكنه سبحانه كرّه إليهم التكابر ورضي لهم التواضع"2.
 
وهناك جوانب أساسية في معاشرة الناس أكد عليها القرآن الكريم وما هي إلا مصاديق ومفردات للتواضع الذي هو ركيزة النجاح في المعاملة معهم أو إصلاح أمورهم أو مد يد العون لهم كما في سورة
 
 
 

1- الزمر:60.
2- نهج البلاغة، ج13، ص131، (شرح ابن أبي الحديد).
 
 
 
 
 
33

29

الدرس الرابع: الإصلاح والتعاون

 لقمان: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾1، ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾2.

 
د- صفتان مذمومتان:
 
فالمطلوب هو عدم الميل بالوجه عن الناس، والإقبال عليهم واستماع حديثهم والاهتمام بهم ولو صغر موقعهم في المجتمع وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقبل على من يحدثه ولا يرفع يده من يد صاحبه حتى يكون هو الذي يرفعها.
 
والذي يشير إليه لقمان في وصيته لولده، صفتان مذمومتان جداً وهما أساس تضعيف وقطع الروابط، الاجتماعية الصميمية:
الأولى: التكبر وعدم الاهتمام بالآخرين والاستعلاء.
 
والثانية: الغرور والعجب بالنفس.
 
وهما مشتركتان من جهة دفع الإنسان إلى عالم من التوهم والخيال ونظرة التفوق على الآخرين وإسقاطه في هذه الهاوية، وبالتالي تقطعان علاقته بالآخرين وتعزلانه عنهم، وهو نوع من الانحراف في التشخيص والتفكير. فعلى ضوء ما تقدم نعرف الدور البنّاء للتواضع في شتى جوانب العلاقة الإنسانية القائمة على أساس التعاون والإصلاح والمودة في اللَّه تعالى ولنا في رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة حيث كان صلى الله عليه وآله وسلم يكرم من يدخل عليه وربما بسط له ثوبه ويؤثره بالوسادة
 
 
 

1- لقمان: 18.
2- لقمان: 19.
 
 
 
 
 
34

30

الدرس الرابع: الإصلاح والتعاون

 التي تحته، ولا يقطع على أحد الحديث، وإذا دخل منزلاً قعد في أدنى المجلس حين يدخل.

 
من فقه الاسلام 
 
س: هل يجوز التحدث أمام الناس عن الأسرار الشخصية وعن الأمور الخاصة السرية؟
ج: لا يجوز كشف وإظهار الأمور الخاصة الشخصية أمام الآخرين فيما إذا كانت مرتبطة بوجه ما بغيره أيضاً أو كان موجباً لترتب مفسدة.
 
س: يقوم البعض بالتحدث عن بعض المظاهر السلبية في الجمهورية الإسلامية صانها اللَّه من الأعداء أمام الآخرين فما هو حكم الاستماع إلى مثل هذه الأحاديث والحكايات؟
ج: من الواضح أن القيام بأي عمل يوجب تشويه حوزة الجمهورية الإسلامية المواجهة للكفر والاستكبار العالمي ليس لصالح الإسلام والمسلمين، بل يكون لصالح أعداء الإسلام خذلهم اللَّه تعالى، فيكون محرماً شرعاً بلا ريب فلا يجوز عونه على ذلك ولا الإصغاء لكلامه حول مثل هذه الأمور.
 
س: هل يجوز التجسّس على المؤمنين ونقل أخبارهم لحكومة السلطان الظالم؟
ج: يحرم مثل هذا العمل شرعاً، ويوجب ضمان الخسارة الواردة فيما إذا استندت إلى الوشاية على المؤمنين لدى الجائر1.
 
 

1- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص106-108.
 
 
 
 
 
35

31

الدرس الرابع: الإصلاح والتعاون

 خلاصة الدرس

 
أ- يعتبر العمل لأجل الإصلاح وتوطيد العلاقات بين المؤمنين من أوجب الواجبات الإلهية وبه أمر اللَّه تعالى في الذكر الحكيم ومن خلاله يبنى المجتمع المتماسك الواحد.
 
ب- من أهم صفات أهل الولاية التعاون على البر والتقوى وبذل الجهود في سبيل خدمة الضعفاء والمساكين وتكفل الأيتام.
 
ج- التواضع سرّ نجاح العلاقة مع الآخرين في كل مجالاتها العلمية والعملية ومن خلاله يمكن مواصلة الطريق.
 
 
أسئلة حول الدرس
 
1- كيف ينظر القرآن الكريم إلى الإصلاح؟
2- ما هو التعاون الذي يريده الإسلام؟
3- ما دور التواضع في العلاقات الإنسانية؟
4- كيف تعرف أن الإنسان ناجح في مجتمعه أو لا؟
 
 
 
للحفظ 
 
﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾1.
 
"المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى شيئاً منه وجد ألم ذلك في ساير جسده وأرواحهما من روح واحدة"2.
 
 
 

1- آل عمران: 109.
2- صفات الشيعة، ص61.
 
 
 
 
 
 
36

32

الدرس الرابع: الإصلاح والتعاون

 قصة للمطالعة

 
تعاون على الشرّ؟!
 
يقول السيد الجزائري رحمه الله: إن رجلاً في أصفهان، كان له زوجة فأتفق أن ضربها بعصا فماتت، من غير أن يتعمد قتلها، فخاف من أهلها، وما اهتدى إلى الحيلة في أمره، فأتى إلى رجل فاستشاره في ذلك الأمر فقال له: اعمد إلى رجل صبيح الوجه وأدخله بيتك واقتله وضعه قريب المرأة المقتولة، فإذا سألك أقارب المرأة فقل رأيت هذا الرجل معها فقتلتهما فاستحسن الرجل كلامه، فبينما هو جالس على باب داره نظر إلى شاب مار في الطريق، فطلبه إليه وأحسن صحبته ثم كلّفه بالدخول إلى داره، فأدخله وأطعمه ثم حمل عليه بالسيف وقتله، فلما أظهر حال المرأة قال لأهلها: إن هذا الرجل معها فقتلتهما، فقالوا: نعم ما فعلت. ثم أن ذلك الرجل الذي أشار عليه كان له ولد حسن الوجه فافتقده ذلك اليوم، ولم يجده فأتى إلى الرجل زوج المرأة فقال: الذي أشرت عليك فعلته؟
 
قال: نعم.
 
قال: أرني الذي قتلته، فأدخله إلى داره فنظر إلى المقتول فإذا هو ولده فحثا التراب على رأسه.
 
﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾1-2.
 
 

1- فاطر: 43.
2- شواهد المبلغين، ص320. 
 
 
 
 
 
37

33

الفهرس

 

 

الدرس الأول: اقرأ

5

أ- أهمية العلم

5

ب- كمال الإنسان بالعلم

6

ج- قيمة العلم بالعمل به

6

د-العلم النافع

7

هـ كتمان العلم

8

العلم خير من المال

9

من فقه الإسلام

9

خلاصة الدرس

10

أسئلة حول الدرس

11

للحفظ

11

للمطالعة:جلد الأستاذ يطهر بالدباغة

11

الدرس الثاني: كيف تخشع في الصلاة

13

أ- أهلية الخشوع

13

ب-كيف نحضر القلب؟

14

 

 

 

38


34

الفهرس

 

ج -صلاة الخاشعين

15

د-خشوع أهل البيت عليهم السلام

16

1-خشوع النبي صلى الله عليه وآله

17

2-خشوع أمير المؤمنين عليه السلام

17

3- خشوع الصديقة الزهراء عليها السلام

17

هـ كيف نعلم بقبول صلاتنا

17

و-حق الصلاة

18

من فقه الإسلام

18

خلاصة الدرس

19

أسئلة حول الدرس

20

للحفظ

20

للمطالعة: أنين وبكاء في ليلة مقمرة

20

الدرس الثالث: روح الجماعة

23

أ-الجماعة أساس النجاح

23

ب- الصلاة جماعة

24

ج-الجهاد جماعة

25

د-الدعاء جماعة

26

هـ صلة الأرحام والجيران

26

من فقه الإسلام

27

خلاصة الدرس

28

أسئلة حول الدرس

28

للحفظ

28

قصص للمطالعة

29

 

 

 

 

39


35

الفهرس

 

الدرس الرابع: الإصلاح والتعاون

30

الإصلاح واجب إلهي

30

التعاون وصية السماء

31

دور التواضع في العلاقات الإنسانية

32

صفتان مذمومتان

34

من فقه الإسلام

35

خلاصة الدرس

36

أسئلة حول الدرس

36

للحفظ

36

قصص للمطالعة

37

 

 

 

 

40


36
من هـدي القرآن