المقدمة
"إن تخليد ذكرى يوم العمال، هذا العامود الفقري لاستقلال الوطن ونموذج تقرير المصير والتحرر من الانتماء والتبعية هو وظيفة وطنية وإسلامية جماعية".
الإمام الخميني قدس سره
5
1
المقدمة
تمهيد
يوم العمال
إن تخصيص يوم معين من السنة وجعله عيداً للعمال يحتفل فيه العالم كله، له الكثير من الدلالات والمضامين المعنوية، وله الكثير من الثمار والفوائد العملية أيضاً.
ويكفي أن نلاحظ في مضامينه المعنوية أن مجرد جعل يوم خاص للعمال من قبل الإمام الخميني قدس سره يعطي بعداً خاصاً للعمل والعمال، حيث نجد الامام يركز على تسليط الضوء على القضايا الهامة التي تعتبر من الركائز الأساسية للعالم الإسلامي، وذات البعد الشمولي والأثر العام، كقضية القدس والوحدة الإسلامية والعمال...
هذه الأمور لم يكن الإمام قدس سره ليخصص لها يوماً معيناً من السنة لو لم يكن لها ارتباط وثيق بمصير الأمة ومسيرتها.
وكان من بينها يوم العمال، فهذا اليوم له طبعه الشمولي حيث يصرح الإمام قدس سره أن العمال ليسوا أفراداً معدودين بل هم شرائح المجتمع، وهذه الشرائح لا تختص بطبقة من المجتمع دون أخرى، بل هي تشمل طبقات المجتمع كلها، وهي ليست أمراً يشمل طبقات مجتمع معين، بل هي للبشرية جمعاء!
ومن هنا نجد الإمام قدس سره يبارك هذا العيد لكل عمال العالم: "إن شاء الله يكون عيد العمال مباركاً لجميع المستضعفين في العالم".
ويقول قدس سره: "إنني أبارك لكم يوم العمال المبارك هذا، ولجميع
7
2
المقدمة
العمال على التاريخ، والعمال في المستقبل، أبارك لك أيتها الفئة العزيزة الكادحة تلك القيم الإنسانية العظيمة".
لكن بالإضافة إلى الشمول يجب أن تتحلى بأهمية خاصة وتكون في مصاف القضايا الأساسية التي تحدد مصير المجتمع حتى يتم وضع يوم خاص لها!
فمن أين جاء هذا الموقع وهذه الأهمية؟
فلنبحث عن ذلك في الفصول الآتية.
مركز الإمام الخميني الثقافي
8
3
الفصل الأول: قيمة العمل في الإسلام
قيمة العمل في الإسلام
الاسلام دين شمولي
يقول الإمام الخميني قدس سره: "لا يفكر الإسلام بجانب واحد من الموضوع، بل له حكم في جميع الأبعاد، سواء تلك المرتبطة بالدنيا كالسياسة والاجتماع والاقتصاد، أو ما يرتبط بالعالم الآخر والذي يجهله أهل الدنيا. لقد جاءت الأديان التوحيدية للنظر إلى كلا الجانبين، وطرحت أحكاماً لكليهما. فهي لم تنظر إلى هذا الطرف وتفضل ذاك، أو تنظر إلى ذاك وتفضل هذا، بل تنظر إلى الجانبين معاً، وخاصة الإسلام الذي اهتم أكثر من الأديان بهذا الموضوع".
إن الآخرة بنظر الإسلام هي انعكاس للدنيا، وتتأثر بها بكل تفاصيلها، وهذا ما أكدت عليه الروايات، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله: "فليتزود العبد من دنياه لآخرته، ومن حياته لموته، ومن شبابه لهرمه، فإن الدنيا خلقت لكم وأنتم خلقتم للآخرة"1.
وعن الإمام الباقر عليه السلام: "نعم العون الدنيا على الآخرة"2.
ولا يقتصر ذلك على الصلاة والصوم وغيرها من العبادات، بل يشمل كل حركة يقوم بها الإنسان أو سكون يلتزم به ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾3، حتى طريقة التحدث والمشي في الشارع ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾4.
1- ميزان الحكمة، ج2، ص890.
2- ميزان الحكمة، ج2، ص890.
3- سورة الإسراء، الآية/36.
4- سورة لقمان، الآية/18.
11
4
الفصل الأول: قيمة العمل في الإسلام
ومهما كان هذا الأمر ثانوياً بنظرنا سيظهر أثره في الآخرة ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾1.
لذلك نجد الإسلام يتدخل في كل كبيرة وصغيرة ليضع لها الأحكام وينظمها ويوجهها بالشكل الصحيح، مما يعطي كمالاً في الدنيا وفوزاً في الآخرة.
فمن الطبيعي إذاً أن نجد العمل حاضراً ضمن المفاهيم والأحكام الإسلامية، فما هي قيمة العمل ضمن المنظومة الإسلامية؟
قيمة العمل في الإسلام
يا لها من قبلة رصعتها شفاه أكرم الكائنات على تلك اليد الخشنة التي أخذ منها العمل مأخذاً، شفاه ليس فيها إلا الحق ولا تتحرك إلا لتسطيره وتأكيده.
أي شرف هذا الذي ناله العامل، وأي رسالة يريد أن يوصلها سيد الكائنات من خلال ذلك؟
نجد الجواب عند الإمام الخميني قدس سره الذي تناول قصة تقبيل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ليد أحد العمّال في بعض كلماته وعلق عليها قائلاً: "انظروا إلى تلك المكانة التي وضعها الإسلام لكم، ولا بد أنكم سمعتم ما ورد عن الرسول الأكرم من أنه قبل يد العامل، أي تلك اليد التي أصبحت خشنة بسبب العمل، وهذه الحادثة تعكس مكان العامل على طول التاريخ، فالنبي الأكرم الذي هو أعظم إنسان كامل، وهو أول أفراد الإنسان، تواضع للعامل بهذا الشكل، وقبّل يده التي هي علامة للعمل،
1-سورة زلزلة، الآية/87.
12
5
الفصل الأول: قيمة العمل في الإسلام
وقد قبّل باطن اليد لا ظهر اليد، وهذه ملاحظة مهمة إذ أن آثار العمل تظهر في باطن اليد، وإنه يريد من ذلك أن يبين قيمة العمل لبني الإنسان، ويقول للمسلمين بأن قيمة العمل تتجلى هناك حيث عمل العامل، وقد ظهرت علامة بسبب العمل، وأنا أقبّل ذلك المكان لكي تدرك الشعوب الإسلامية والبشرية قيمة هذا العمل".
فالاسترخاء والقعود والتخمة... ليست أخلاقاً إسلامية أو قدوة للمسلمين ينبغي تقليدها، بل الذي يستحق الاحترام وينبغي تسليط الضوء عليه وتوجيه الناس نحوه هو العمل والكد والتعب لتحقيق الأهداف "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة"، وغيرها من النصوص الشرعية التي تدعو إلى العمل والبناء بجميع أنواعه وأقسامه ضمن الأهداف والوسائل الشرعية التي تحقق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
علي عليه السلام إمام العمال
يقول الإمام الخميني قدس سره: "قبّل النبي موضع القيمة وأعلن عن قيمته، وكان الرجل الثاني في الإسلام وهو علي بن أبي طالب سلام الله عليه عاملاً، أي كان يحفر بئراً ويستخرج منه الماء، كان عاملاً، وكان يعمل من أجل إعاشة نفسه أيضاً، ورغم أنه قد حفر تلك الآبار بيده فإنه قد حمل في نفس اليوم بحسب النقل الذي بايعوه فيه بالخلافة والإمامة وعندما انتهت البيعة، فقد حمل المسحاة بيده وذهب للعمل! فيجب أن نقتدي جميعاً بهذين الرجلين العظيمين،
13
6
الفصل الأول: قيمة العمل في الإسلام
وهما الرجلان الأولان في الإسلام، أنظروا إلى هذا الاحترام الذي حصل عليه العمل في الاسلام بواسطة عمل هذين العظيمين والقيمة التي أعطاكم إياها، حيث قد جعل نفسه في مستواكم، ولم يقتصر ذلك على الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه، بل إن الإمام الصادق والباقر كانوا كذلك فقد نقلوا أنهما كانا يعملان في مكان، ونُقل عن الإمام الصادق عليه السلام أنه كان يعمل في مكان ما رغم عمله الكثير، رغم عمله المعنوي الكثير وعمله الإعلامي، فقالوا له كما يُنقل اترك لنا هذا العمل لكي نقوم به، لكنه أجابهم: إنني أحب أن أشعر بحرارة الشمس في بدني إزاء ذلك العمل الذي أريد أن أقوم به بنفسي، ويا لها من قيمة كبرى أن يقوم الرجل الأول في زمانه ورغم امتلاكه لتلك المنزلة بممارسة العمل بنفسه، مما يعلمنا قيمة العمل".
قد يتصور بعض المتخمين أن العمل منقصة، وأنه عيب لا يليق بشأنهم، وأن العمال هم طبقة دونية، لذلك قد تجد بعضهم يتجنب العمل ويتحرز عنه رغم حاجته، بل بعضهم ربما يفضل أن يمد يده ويتسول بشكل أو بآخر على أن يعمل!.
هذه الحالة المرضيّة واجهها الأئمة عليهم السلام بممارستهم للعمل، فهذا أمير المؤمنين عليه السلام في نفس اليوم الي بايعه الناس للخلافة حمل المسحاة وذهب للعمل! وهذا الإمام الصادق عليه السلام يعمل رغم عدم حاجته، يعمل فقط ليحس بحرارة الشمس في بدنه الشريف!
هكذا أراد أن يبين الأئمة عليهم السلام أن العمل هو كمال يجب أن لا نتنازل عنه في أي ظرف من الظروف، وأن القعود والاسترخاء هو العيب وهو المنقصة وهو المرض الذي علينا أن نتجنبه.
14
7
الفصل الأول: قيمة العمل في الإسلام
من سيتكبر على العمال وفيهم أمير المؤمنين عليه السلام ! ومن سيتحرج من التشمير عن سواعده وقد شمرها إمامه الصادق عليه السلام !.
العمل قيمة إنسانية ترفع الإنسان وتجعله أقرب وأكثر شبهاً بالأئمة المعصومين عليهم السلام وبالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله، الذي أمرنا الله تعالى بالتأسي به "لكم في رسول الله اسوة حسنة".
العمل والجهاد
لم يكن التقبيل تعبيراً شائعاً بين الناس على الدوام، ولم يشتهر النبي صلى الله عليه وآله باستخدام هذا الأسلوب في كل مناسبة، بل كان التقبيل أسلوباً متميزاً ليظهرالنبي صلى الله عليه وآله من خلاله احترامه المتميز لبعض المواضيع الخاصة، وقد ذكرنا تقبيله للمحل الذي يمثل العمل (يد العامل).
وبالإضافة إلى هذه القبلة هناك نوع آخر من الأشخاص كان ينظر إليهم النبي نظرة استثنائية، وهم المجاهدون في سبيل الله تعالى، الذين يبذلون الدماء لإعلاء كلمة الله.
فما الرابط بين العامل والمجاهد؟
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إنكم تكدحون من أجل إحياء البلاد أيضاً، وقطع تبعيتها للخارج، وتحقيق استقلال البلد الإسلامي، والذين في الجبهات يكدحون من أجل الدفاع عن بلد إسلامي، وعن الإسلام، فهم عمّال مثلكم، وأنتم مجاهدون مثلهم".
ويقول قدس سره: "فكما أن القوى المسلحة تحمي حدودنا وتدافع عن الإسلام بشجاعة وشهامة، وتقدم شباباً أعزاء من أجل ذلك، ورغم ذلك
15
8
الفصل الأول: قيمة العمل في الإسلام
فهي مشغولة بالدفاع بمنتهى الشجاعة عن البلد والإسلام، وكذلك فإن العمال المجاهدين والفلاحين المجاهدين يمارسون جهادهم داخل البلاد نظير ذلك الجهاد، إذ أن أولئك يحمون الحدود من الأخطار وأنتم تحمون داخل البلاد من التبعية".
فالعامل والمجاهد هما في الحقيقة جناحين يطير من خلالهما طائر الأمة ليصل إلى قمم القوة والعزة والاستقلال.
تضاعف قيمة العمل
لا شك أن آثار العمل تطورت كثيراً من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى زمننا هذا، وصار دور العامل أخطر بكثير في هذا الزمن، فوسائل الاتصال والنقل والتبادل تطورت كثيراً بالنسبة لما كانت عليه في تلك العصور، حيث صار العالم كله وكأنه مدينة واحدة، ويتفاعل ويتأثر كله بأي طارئ يحصل بجزء من أجزائه، ومن هنا تضاعفت خطورة العمل والاقتصاد بشكل عام حتى صار قادراً على تغيير مصير الشعوب! وصارت الحروب الاقتصادية من أصعب الحروب وأخطرها.
والعامل هو القادر على الامساك بزمام المبادرة في هذه الحروب الفعالة، ويشير الامام الخميني قدس سره إلى هذه الحقيقة قائلاً: "إن عامل اليوم يختلف جداً عن العامل في تلك الفترة، ففي ذلك الزمن الذي كان فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وعاش ضمنه والأماكن الأخرى التي عاش فيها الناس، وخاصة الحجاز حيث كان يوجد الرسول الأكرم، لم تكن ثمة علاقات بين الدول، أو أنها كانت ضعيفة، ولو برزت حاجة معينة في مدينة ما، فعليهم أن يوفروا حاجتهم بأنفسهم ومن داخل بلادهم...
16
9
الفصل الأول: قيمة العمل في الإسلام
أما اليوم فقد تغيرت الحياة عن السابق بسبب الارتباط الموجود في العالم، إذ ترتبط الدول ببعضها البعض، وترتبط البلدان بالدول الكبيرة سواء الرأسمالية أو الشيوعية. وهذا ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله".
وعلى هذا الأساس يقول الإمام الخميني قدس سره: "فقيمة عملكم اليوم لا يمكن مقارنته بعهد رسول الله في ذلك المحيط الذي كان يعيشه، ولا بد من الالتفات إلى جميع الأجواء المحيطة فعندما قبّل باطن كف العامل ومحل العمل في ذلك المحيط فذلك لكي يبيّن قيمة العمل على طول التاريخ".
العامل بين الاسلام والأنظمة الوضعية
لقد اختلفت الأنظمة الوضعية في نظرتها للعامل، وفي ترتيبه ضمن طبقات المجتمع بحسب تقسيماتهم لها، فمن مجتمع رأسمالي جعل العمال طبقة دونية مسخّرة في خدمة الرأسماليين، إلى مجتمع شيوعي رفع شعار العمال وجعلهم طبقة أولى ضمن شعاراته، ولكن هذا اللواء المرفوع باسم العمال لم نرَ في ظله إلا اضطهاداً للعمال إلى درجة منعهم من الملكية، وجعلهم مجرد آلات تعمل بعيداً عن التفاعل والطموح وحوائجهم الإنسانية! فلم يبقَ لهم إلا بؤس وشقاء وإنسانية ضائعة بين قوانين ومقررات (روبوتية)!
هكذا كانت القوانين الوضعية المظلمة والظالمة، ووسط ذلك كله يظهر نور الإسلام ليعيد للعامل مقامه وطموحه ويحقق له حقوقه المشروعة.
17
10
الفصل الأول: قيمة العمل في الإسلام
يقول الإمام الخميني قدس سره: "انظروا إلى هذين القطبين الرأسمالي والشيوعي كيف يتعاملان مع العامل وإلى الإسلام كيف يتعامل معه... انظروا إلى زعماء القطب الشيوعي فما أكثر الشعارات والادعاءات التي أطلقوها خلال زمن طويل، ولكن عندما تشاهدون وضعهم كيف هو وتعاملهم مع العمال وسلوكهم معهم وكيف ينظرون إليهم،. ونفس الشيء بالنسبة للرأسمالية، فكلا القطبين جعل من العامل وسيلة لهم للاستفادة منه. فهذا القطب يمارس ذلك بشكل معين والقطب الآخر يمارسه بشكل مختلف، وكل ذلك من أجل تحقيق مصالحهم ومنافعهم. في الدول الشيوعية، الأصل للعامل ولا استطيع أن أعبر عن ذلك افترضوا العامل كالحيوان الذي يجب أن لا يملك أي شيء. إنهم يعطونه الطعام فقط، وعليهم العمل للحصول على الطعام، ويتعرضون إلى الطرد عندما لا يتمكنون من العمل، بل يجب القاءهم في البحر كما عبر البعض وأما القطب الرأسمالي فإنه احتال على العامل، ومارس النهب من طريق آخر.
أما الإسلام فإنه يهتم بالعمل، ويضع قيمة للعمل والعامل ويحترمهما، فكما ينظر إلى المجاهد والعالم فإنه ينظر إلى العامل والمزارع ولا يفرق بينهم، وإنهم كالمشط الذي تتساوى أسنانه، ويصرح القرآن الكريم أيضاً أن الأفضلية هي ليست لامتلاك الثروة أو القوة وأمثال ذلك، بل هي للتقوى وللقيمة الإنسانية، وان هذين القطبين نسوا القيمة الانسانية، ولا يعتبرونهم بشراً مثلنا.
إن ستالين عندما ولد لم يكن ليختلف عن أي إنسان عادي، ولكنه عندما وصل إلى الحكم، فإنه فعل ما فعل، واضطر هؤلاء المساكين أن
18
11
الفصل الأول: قيمة العمل في الإسلام
يخضعوا للظلم ويعملوا له، ونفس الشيء يقال بالنسبة للقطب الرأسمالي، فهو لا يضع للإنسان قيمة، إنهم يضعون قيمة لقدرتهم فقط ويساندون أية دولة تكون تحت نفوذهم".
هذه القيم التي أعطاها الإسلام للعمل والعامل لم تكن من فراغ بل كانت تتماشيى مع دور العامل الخطير والمهم في حياة الشعوب، فما هو هذا الدور؟ سنجيب عن ذلك في خلال الفصل التالي.
19
12
الفصل الثاني: العمل حياة المجتمع وقوته
العمل حياة المجتمع وقوته
حياة الشعوب
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن حياة أي شعب مرهونة بالعمل والعامل".
إن الاقتصاد يعتبر الشريان الحيوي للشعوب خصوصاً في هذه الأزمنة وقد رأينا أمماً هزمت رغم قواها العسكرية المتميزة نتيجة وهنها وضعفها الاقتصادي.
فعجلة الاقتصاد لها تأثير على حياة الشعوب وتأمين متطلباتها الأساسية والوصول إلى رفاهيتها، ولها تأثير على سياستها وعزتها وقدرتها وانتصارها في حروبها.
والمحرك الحقيقي لعجلة الاقتصاد هو العمل والعامل، من هنا صارت حياة أي شعب مرهونة بالعمل والعامل.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن العمال هم أكثر الطبقات قيمة وأكثرهم نفعاً في المجتمعات، وتدور عجلة المجتمعات البشرية العظيمة بواسطة تلك السواعد القوية للعمال، إن حياة أي شعب رهينة العمل والعامل".
ولنذكر هذا الدور بشيء من التفصيل فيما يلي:
الأساس الاقتصادي
كل بناءٍ له أساس يقوم عليه، وكلما كان الأساس قوياً ومتيناً ومحكماً، كلما أمكن أن يكون البناء أكبر وأعظم، وإذا وجد خلل ما في الأساس فإن البناء كله سينهار.
23
13
الفصل الثاني: العمل حياة المجتمع وقوته
وإذا لاحظنا هيكل الاقتصاد في أي مجتمع من المجتمعات فسنجد له أساساً يرجع إليه، هذا الأساس نختصره بكلمة العمل والعامل، لأن الهيكل الاقتصادي بلا عمل هو ركود وموت واضمحلال، والعمل لا يكون إلا بهمّة العامل وحجم عمله وجديته وتحمّله للمسؤولية، كما يقول الشاعر: على قدر اهل العزم تأتي العزائم.
من هنا كان الاقتصاد بحقيقته وواقعيته يرجع إلى أساس يبني عليه كل هيكليته وهذا الأساس هو العامل.
يقول الإمام الخميني قدس سره مشيراً إلى هذه الحقيقة: "إن العامل والفلاح هم الأساس في كل بلد، فالأساس الاقتصادي للبلد مرتبط بالعامل والفلاح".
تقدم المجتمعات البشرية
قد يتصور بعض المساكين أن التقدم يكون من خلال ارتداء بدلة و"كرافيت" أو من خلال تقليد الفرد الغربي ببعض الكلمات الغربية أو بطريقة سيره في الشارع أو شكل تسريحة شعره، وقبول أراذل قومهم وشعاراتهم وكأنهم نخبة تعبر عن التحرر والانطلاق! وغيرها من الأوهام الكثيرة التي لم تزد مجتمعاتنا إلا ضياعاً وتيهاً وتخلفاً حتى صرنا على هامش المجتمعات البشرية، لولا ذلك النور الذي انطلق من الشرق من مدينة قم المقدسة لينعكس في العالم الإسلامي أملاً جديداً يعيد بعض ما فقدناه ويقدم نموذج المجتمع الصحيح ليخرج من تيه طال سنيناً وقروناً...
إن تطور وتقدم أي مجتمع من المجتمعات لا يأتي من فراغ، بل له
24
14
الفصل الثاني: العمل حياة المجتمع وقوته
أسبابه ومبرراته العملية، وهذه الأسباب والمبررات سنذكرها ببعض التفصيل في الفصل الرابع "سر النجاح"، ويكفي أن نشير هنا إلى أن محور هذه الاسباب هو شيء واحد ترجع إليه وتتعلق به وتنظم وضعه... وهذا المحور هو العامل. نعم إن سر التقدم والنجاح يكمن في تلك السواعد السمراء، والعقول النيرة التي لو أعطيت حقها المادي والمعنوي ووثقت بها مجتمعاتنا لضمنت مستقبل الأمة، هذا هو سر نجاح أي شعب، وهذا ما يؤكد عليه الإمام الخميني قدس سره حيث يقول: "إن عجلة المجتمعات البشرية العظيمة تتحرك وتدور بأيدي العمال القوية، وحياة الأمة رهينة العمل والعامل".
ويقول قدس سره مخاطباً العمال: "لو نهضتم أيها العمال والفلاحين في سائر أنحاء البلاد بما فيه مصلحة بلدكم، وفيه تحقيق استقلالكم وحريتكم ومصلحة بلادكم، فإن بلادنا ستبقى بمنأى عن جميع الأخطار وتتقدم إلى الأمام".
الاستقلال
ذكرنا فيما سبق أن العمل والعامل هو حياة المجتمع واساس الاقتصاد، لذلك كان من الطبيعي أن يتعرض هذا الأساس لهزات من قبل المستكبرين ومحاولات ضرب وتضعيف، فإذا استطاعوا أن يمسكوا ويسيطروا على هذا الأساس صار مصير الأمة بيدهم فتتحول هذه السيطرة إلى سوط تجلد فيه الأمة عند كل مناسبة ويبتز به المستكبرون مجتمعاتنا عند كل مفترق طرق، فنصبح رهائن بيد المستكبرين اقتصادياً وسياسياً...
25
15
الفصل الثاني: العمل حياة المجتمع وقوته
هذا هو السلاح الاساسي الذي يستعمله المستكبرون في هذا الزمن، يقول الإمام الخميني قدس سره: "لقد كان برنامجهم هو التدمير فقط، فقضوا على الزراعة باسم اصلاح الأراضي... أمريكا تريد أن تبقى الزراعة في إيران وجميع الدول الأخرى التي تقع تحت نفوذها مدمرة ومنهارة حتى تشعر بالحاجة إليه".
كيف يمكن مواجهة خطتهم هذه؟
يرشدنا الإمام الخميني قدس سره إلى كيفية المواجهة حيث يقول قدس سره: "إنكم تستطيعون من خلال عملكم أن تقضوا على هذا الارتباط وهذه التبعية التي وجدت على طول التاريخ، ومنذ تلك الفترة التي وطأت أقدام الشرق والغرب بلادنا وفي طوال عهد حكم بهلوي المنحوس حيث جعلونا مرتبطين في كل شيء وجميع فئاتنا وأبناء شعبنا. إذا قمتم بالعمل اليوم وكنتم فعالين في العلم فإن قيمة ذلك غضافة على قيمه المعنوية والمادية التي ترجع على شخصكم فإنكم تستطيعون نجاة بلد من التبعية".
ويقول قدس سره: "لو نهضتم أيها العمال والفلاحين في سائر أنحاء البلاد بما فيه مصلحة بلدكم، وفيه تحقيق استقلالكم وحريتكم ومصلحة بلادكم، فإن بلادنا ستبقى بمنأى عن جميع الأخطار وتتقدم إلى الأمام".
فعلينا أن نرفع كل قيد يمكن أن يستفيد منه المستكبرون للسيطرة على مجتمعاتنا فلا نرهن أنفسنا وحاجاتنا بالمستكبرين، وهذا ما كان يؤكد عليه الإمام قدس سره من خلال إشارته إلى الاكتفاء الذاتي، الذي يستطيع أن يوفر ويؤمن حاجات المجتمع الأساسية بنفسه من دون حاجة إلى أحد.
26
16
الفصل الثاني: العمل حياة المجتمع وقوته
يقول الإمام الخميني قدس سره: "لو لم نصل إلى حد الكفاف في زراعتنا فسوف تبقى أيدينا ممدودة إلى أمريكا وأمثالها من أجل أرزاقنا وسنبقى مرتبطين ولا يمكننا أن نعمل شيئاً، وسنبقى مرتبطين في الجوانب السياسية أيض".
وهكذا نستطيع من خلال العمل والعامل أن نصل إلى الحرية والاستقلال، وأن نقطع يد تسلط المستكبرين على عالمنا الإسلامي.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "العمال والفلاحون أساس استقلال الوطن".
ويقول قدس سره: "يوم العامل هو يوم دفن سلطة القوى الكبرى".
أهمية العمل في هذا العصر
لقد كان العمل في السابق وسيلة تأمين حاجيات المجتمع، فلو عمل أبناء المجتمع فإن عملهم هذا سيوصلهم إلى تلبية حاجاتهم اليومية ليعيشوا بشكل أفضل، وأما إن تركوا العمل وتكاسلوا فستكون حياتهم صعبة وسيعيشون الفقر والعَوز.
أما اليوم، فإن للعمل أبعاداً أخرى أكثر أهمية وأخطر من تلك التي ذكرناها، فهناك سباق وتزاحم بين المجتمعات، والمجتمع الذي يعيش الخمول والكسل لن يكون مجرد مجمع فقير بل سيستفيق يوماً ليجد نفسه مجرد سوق استهلاك للمجتمعات الأخرى، بحيث أصبحت كل حاجياته حتى النفس الذي يتنفسه بيد تلك المجتمعات، وهذا أمر خطير جداً، يجعل المجتمع مكبلاً وأسيراً بيد الآخرين.
فأهمية العمل تصبح أكثر وضوحاً في هذه الأزمنة، وإلى ذلك يشير
27
17
الفصل الثاني: العمل حياة المجتمع وقوته
الإمام الخميني قدس سره بقوله: "إنني أقولها اليوم أن عامل اليوم يختلف جداً عن العامل في تلك الفترة، ففي ذلك الزمن الذي كان فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وعاش ضمنه والأماكن الأخرى التي عاش فيها الناس، وخاصة الحجاز حيث كان يوجد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله لم تكن ثمة علاقات بين الدول، أو أنها كانت ضعيفة، ولو برزت حاجة معينة في مدينة ما، فعليهم أن يوفروا حاجتهم بأنفسهم، ومن داخل بلادهم... أما اليوم فقد تغيرت الحياة عن السابق بسبب الارتباط الموجود في العالم، إذ ترتبط الدول ببعضها البعض، وترتبط البلدان بالدول الكبيرة، فقيمة العمل في ذلك الزمن كانت بمقدار ما كان العمل شريفاً وبمقدار ما كان مفيداً للإنسان وروحياته، وأثر العمل إضافة إلى أنه مفيد لنفس الإنسان ومزاجه، ويؤثر في روح الإنسان، فإن له فائدة أيضاً للمدينة، أما أن يرتبط الإنسان بأمريكا أو بالسوفييت فيما لو لم يعمل فإنه لم يكن مطروحاً في ذلك الوقت. واليوم فإن قيمة عملكم بمقدار التطور الحاصل في العالم، ولو لم يعمل العامل بالشكل الذي ينبغي، فإن ذلك البلد سيرتبط بارتباطات تختلف عن الوضع الذي كان عليه في السابق وفي القرون السابقة وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وآله".
فالعمل إذاً هو نعمة كبيرة على المجتمع، ولكنه قبل ذلك هو نعمة على العامل نفسه، نعم فالعمل قبل أن تظهر آثاره وبركاته على المجتمع تظهر هذه الآثار والبركات على العامل نفسه... فما هي آثار وبركات العمل على العامل؟
28
سنترك الجواب لكلمات الإمام الخميني قدس سره خلال الفصل التالي.
18
الفصل الثالث: نعمة العمل على العامل
نعمة العمل على العامل
أثر العمل على العامل
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "ألا وإن الشجرة البرية أصلب عوداً والرواتع الخضرة أرق جلوداً، والنباتات العذية أقوى وقوداً وأبطأ خمود"1.
إن الإنسان الذي يعارك الحياة ويواجه مصاعبها، هو إنسان مفعم بالحياة، حي بكل ما للكلمة من معنى، حي في جسمه، وحي في روحه... حياة جسمه التي تنعكس صحة فيه، وحياة روحه التي تنعكس سعادة واطمئناناً.
صحة البدن
لقد اهتم الإسلام بالروح وتنميتها وتنظيمها، ولكنه في نفس الوقت لم يغفل البدن بل شرع الأحكام ووضعها لترتيب البدن وتأمين حاجاته ووضعه في خدمة المسيرة الإنسانية.
ولا شك أن كمال البدن يتحقق من خلال العمل، فالعمل يبني جسم الإنسان ويجعله قوي البنية محكماً متناسقاً قادراً على مواجهة الأمراض، والقيام بدوره في تأمين حاجات ورغبات الإنسان على أكمل وجه ممكن.
على عكس الإنسان الخامل، فإن بنيته ستكون ضعيفة، يعجز عن مواجهة الأمراض ويسقط أمام أقل امتحان بدني، ضعيف وخائر القوى.
1- بحار الأنوار، ج40، ص341.
31
19
الفصل الثالث: نعمة العمل على العامل
وهذه أول فائدة من فوائد العمال، حيث سيصل البدن إلى الكمال يقول الإمام الخميني قدس سره: "إنني وفي البداية أشير إلى الجانب المادي للعمال، لاحظوا مجموعة العمال بشكل عام سواء أولئك العاملين في الصناعات والمصانع والكادحين فيها، أم اولئك الذين يعملون في المزارع، وبشكل عام لاحظوا هذه الفئة الكادحة والعاملة والتي يعد هذا اليوم يومها، وانه بالطبع يوماً للجميع، لاحظوا نشاط هذه الفئات العاملة والجوانب المادية، هل انها تتمتع بسلامة الروح وسلامة البدن أكثر من أرباب العمل؟ أكثر من أولئك الرأسماليين الذين يجلسون جانباً ولا يعملون، ويقضون أعمارهم بالبطالة؟ ارجعوا إلى ضمائركم وتفكروا، لو أن أحداً جاء من الخارج ونظر إلى عمّالنا، الذين نشاهد بحمد الله نموذجاً منهم حضر اليوم إلى هنا سيماءكم وسواعدكم وصدورهكم الواسعة وبشاشتكم وسمع نبراتكم، ثم شاهد مجلساً آخر اجتمع فيه أصحاب الرساميل والعاطلون الذين يجلسون في بيوتهم ويأكلون وينامون ولا يقدمون شيئاً... سيشاهد هذا الناظر أن هؤلاء العمال هم شباب أصحاء ونشيطون، بينما أولئك إما نائمون أو خاملون أو يتأوهون من آلام قلوبهم وأجسامهم ورؤوسهم".
ويقول قدس سره: "إعرفوا قدر العمل، فالعمل يحافظ أمزجتكم لتبقى سالمة، ولو بقي الإنسان عاطلاً فسوف تتوقف فعاليات وخلايا بدنه عن النشاط، أما الذي يمارس فعالية وعملاً ولو محدوداً فإن خلايا بدنه تنشط وتعمل وتعوض عن النقص. وقلما تشاهدون في مجموعة من العمال من يكون مريضاً من بينهم ويشعر بالكآبة والحمد لله فإن الجميع يشعرون بالنشاط. ويتخيل أولئك أنهم يشعرون بالراحة. إن
32
20
الفصل الثالث: نعمة العمل على العامل
هذا خيال يتخيلونه، في حال أن تلك الطبقة التي تسمي نفسها بالطبقة العليا هي الحقيقة طبقة سفلى، لها من الأمراض والمصائب ما لا يمكن حصره".
سعادة الروح
لا شك أن سلامة الجسد وكماله سيؤثر على روح الإنسان ونفسه ومعنوياته وسيرفع من أمامه الكثير من المشاكل التي يمكن أن يواجهها لو لم يكن بهذا الكمال على المستوى البدني.
فهذه سعادة تصل إلى نفس الإنسان بشكل غير مباشر بسبب العمل ومن بركاته، وبالإضافة على ذلك هناك سعادة معنوية مباشرة تحصل للإنسان بسبب الإشتغال بالعمل، ويقول الإمام الخميني قدس سره: "قد لا يدرك أكثركم هذا المعنى وهو أن الرأسماليين وأرباب العمل والاقطاعيين يعيشون أياماً مرة وصعبة وأليمة، وإن يوماً واحداً من عمركم يعادل حياتهم كلها. إنهم يلجأون إلى الترياق والأفيون والهيروئين ومراكز الفحشاء بسبب البطالة والنهم في الأكل والنوم والتحلل، لأنهم لا يقدرون على تحمل تلك الآلام التي يشعرون بها في أعماقهم، وإني بمقدار إطلاعي ومشاهدتي في أيام شبابي فإن أغلب هؤلاء الإقطاعيين كانوا يلجأون إلى الترياق، ويلجأ قليلو الدين منهم إلى المسكرات والهيرويين وأمثال ذلك، أو إلى مراكز الفحشاء، ونحمد الله أنكم أيها العمال لم تروا مثل هذه الأمراض وهذه المصائب والصعوبات والأمل أن لا تروا ذلك".
33
21
الفصل الرابع: العامل الناجح
العامل الناجح
رغم أننا نجد أن المجتمعات بشكل عام تشترك في وجود عمال ينشغلون بالأعمال ويجدوّن ويتعبون ويبذلون الكثير من عرق الجبين وهمّة السواعد، ولكن رغم ذلك نجد تفاوتاً كبيراً بين المجتمعات، من حيث نسبة النجاح وبركة الثمرات التي تنتظره كنتيجة لعمل العامل، فنجد مجتمعات تراوح مكانها بل نجد بعضها يتأخر ويزداد تخلفاً وحاجة ونقصاً! فيما نجد مجتمعات تتقدم بخطى ثابتة وتظهر ثمار أعمالها بشكل واسع ويتقدم متسارع على جميع المستويات.
هناك مواصفات يجب أن تتوافر في الفرد حتى يكون عاملاً ناجحاً، أشار الإمام الخميني قدس سره إليها في كلماتها، ويمكن تلخيصها بما يلي:
الثقة بالنفس
يقول الإمام الخميني قدس سره: "أخرجوا فكرة أننا لا نقدر من رؤوسكم لأننا نقدر وأنتم أيها الاخوة والأعزة عندما تشدون العزم على ذلك فسوف تتمكنون من تحقيق الاكتفاء الذاتي، فالأصل هو أن تثقوا بسواعدكم الجبارة، وتعتمدوا عليها، وأن يثق الفلاحون بسواعدهم المقتدرة ويستمروا عليه".
إن الثقة بالنفس هي أساس النجاح في أي عمل مهما كان كبيراً أو صغيراً، فالإنسان عندما لا يثق بنفسه في سيره في الشارع سيتعثر ويقع، والمخترع لأسهل الأمور إذا لم يثق بنفسه لن يتمكن من
37
22
الفصل الرابع: العامل الناجح
اختراع أي شيء فالثقة بالنفس أمر مهم جداً لكل عمل مهما كان كبيراً أو صغيراً.
وهذه النقطة هي النقطة الأساسية التي ركز عليها الأعداء للسيطرة على شعوبنا وضمان عدم قيامهم بعد ذلك أبداً، حيث زرعوا في نفوسنا تحقير وتضعيف قدراتنا، إلى درجة أننا رأينا بعض من ذكر أن المشكلة في اللغة العربية التي تعوّد الذهن على الخمول، فكل من يتكلم بهذه اللغة فهو بليد العقل و لا يُتوقع منه النجاح!
هكذا فعل بنا الأعداء بأسلوب يشبه أسلوب فرعون ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾1.
وعلينا قبل كل شيء أن نزيل هذا الحاجز النفسي الذي عمل المستكبرون الكثير ودفعوا الكثير من الأموال لزرعه في العقول وترسيخه.
فإن التخلص من عقدة احتقار الذات واستصغارها هو بداية النجاح، وعلينا أن نعمل الكثير في هذا الإطار.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "خلاصة الموضوع أن علينا أن ندرك بأننا كل شيء، ولسنا بأقل من أي أحد، علينا أن نكتشف أنفسنا بعد أن فقدناها، وأن نقضي بكل قوانا على الفكرة التي فرضت علينا أننا سنموت لو قطعت يد الأجنبي".
ويقول قدس سره: "ينبغي بكم أن تقتنعوا بأنكم قادرون على صناعة تلك الأمور التي تصنع في الخارج وأنتم وبلادكم بحاجة إليها".
1- سورة الزخرف، الآية/54.
38
23
الفصل الرابع: العامل الناجح
التصدي للعمل
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن أي عمل يقترحونه على أيّ شخص ولم يكن ذلك الشخص لائقاً لذلك العمل فلا يجوز له أن يتصدى لذلك العمل، وإذا كان لائقاً لذلك العمل فليس صحيحاً أن يدع ذلك العمل ولا يتصدى له".
إن التصدي للأعمال المناسبة من أهم الأمور التي تساعد على نجاح العامل في عمله. ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب من أهم شرائط النجاح. وهذا له ارتباط وثيق بمهارات الإنسان وصفاته الذاتية. وعادة يكون الشخص أخبر بنفسه من غيره ﴿ بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾1.
ومن هنا فعليه أن يبحث عن العمل الذي يستطيع أن يبدع فيه ويفيد، بحسب صفاته وقدراته، وعليه أن يقدم نفسه للعمل والخدمة ضمن قدراته، فيحمل في قلبه هم خدمة الدين والمجتمع، والذي يحمل في قلبه مثل هذا الهم لا يستطيع أن يجلس وينتظر بل عليه أن يبادر ويعرض نفسه للعمل فيما يعلم أنه قادر على الخدمة فيه.
ولا يقبل العمل في المجال الذي يعرف أنه غير قادر على الخدمة فيه بالشكل الصحيح. وهكذا يتحقق الاتقان وهو شرط آخر تشير إليه بعض الروايات.
إتقان العمل
إن إتقان العمل هو من الأمور التي شجع عليها الإسلام، ففي
1- سورة القيامة، الآية/14.
39
24
الفصل الرابع: العامل الناجح
الروايات نجد في الحديث عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: "إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"1.
وفي السيرة ينقل لنا التاريخ في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى النبي صلى الله عليه وآله في قبره خللاً فسواه بيده، ثم قال: إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه"2.
وفي رواية أخرى أنه صلى الله عليه وآله نزل حتى لحد سعد بن معاذ وسوى اللبن عليه، وجعل يقول: ناولني حجراً، ناولني تراباً رطباً، يسد به ما بين اللبن، فلما أن فرغ وحثا التراب عليه وسوى قبره قال: "إني لأعلم أنه سيبلى ويصل إليه البلاء، ولكن الله يحب عبداً إذا عمل عملاً أحكمه"3.
الاهتمام بالعلم:
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن أهم عامل لتحقيق الاكتفاء الذاتي والإعمار هو تنمية المراكز العلمية والأبحاث وتمركز الإمكانات وتوجيهها والتشجيع الكامل ومن كل الجوانب للمبتكرين والمخترعين والقوى الملتزمة المتخصصة التي تملك الشهامة لمحاربة الجهل، وتخلصت من قيود النظرة الإنحصارية للعلم في الشرق والغرب".
إن أهمية العلم واثره في العمل من الأمور الواضحة التي لم تعد محل نقاش، بل هي من البديهيات، فمن خلال العلم يستطيع الإنسان أن يقلب النفايات المضرة التي يصرف مالاً للتخلص منها إلى مواد مفيدة توفر عليه ثمن المواد الخام، ومن خلال العلم يستطيع الإنسان
1- ميزان الحكمة، ج2، ص2131.
2- ميزان الحكمة، ج3، ص2131.
3- ميزان الحكمة، ج3، ص2131.
40
25
الفصل الرابع: العامل الناجح
أن يرفع أثر العمل إلى أعلى مستوى ممكن، ومن خلال العلم يستطيع أن يوفر الكثير من الطاقات وأن يدير عملية التشغيل بشكل فعال يستفيد من كل الفرص الممكنة ويسد كل الثغرات الطارئة. ويتقدم بخطى ثابتة متسارعة يستفيد من التجارب ويأخذ الدروس والعبر "افمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم"1.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "العامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح"2.
وأما العمل عن غير علم وبصيرة فلن يزيده غلا ضياعاً، ففي الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح"3.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السير من الطريق إلا بعد"4.
الروحية المطلوبة للعامل
يقول الإمام الخميني قدس سره: "يجب أن ندرك هذا المعنى ونحن نعمل في الزراعة والصناعة والمعامل، يجب أن نلقن أنفسنا بأننا مستقلون".
إن روحية الاستقلال تعطي كياناً ومنظومة واضحة لها قوتها الخاصة ومميزاتها التي تختص بها، فتصبح نقاط القوة أقوى وأوضح ونقاط الضعف واضحة المعالم يمكن رصدها والتعامل معها بالشكل المناسب.
1- سورة ملك، الآية/22.
2- ميزان الحكمة، ج3، ص2094.
3- ميزان الحكمة، ج3، ص2093.
4- ميزان الحكمة، ج2، ص2092.
41
26
الفصل الرابع: العامل الناجح
فإذا افتقد العامل هذه الروحية فسيعيش حالة ضياع وذوبان في مشاريع الغير، فيصبح طاقة تصرف بمعظمها لتصب في مشروع وفائدة الغير، وهذا أمر مميت على المدى البعيد.
التوكل على الله تعالى
إن الله سبحانه وتعالى هو رب الكون ومدبر الأمور والذي بيده كل شيء فهو الملك وهو المالك وهو المقدم وهو المؤخر، ومنه التوفيق لا من سواه.
في نفس الوقت الذي يجب أن نقوم بكل الأعمال والأسباب الطبيعية التي توصل إلى النجاح بحسب القوانين الإلهية الموجود لتنظم الكون ﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾1.
يجب أن نكون على مستوى القلب متوجهين إلى من بيده الأمور كلها، وهو الله تعالى فلا يتعلق قلبنا إلا به ولا نتوكل إلا عليه.
وهذا أمر أساسي وشرط يتقدم رتبة على كل الشرائط الأخرى ﴿ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾2.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "سوف تحققون الهدف النهائي من خلال التوكل على الله ودعم صاحب هذه البلاد، وهو إمام العصر سلام الله عليه".
1- سورة النجم، الآية/39.
2- سورة آل عمران، الآية/122.
42
27
الفصل الخامس: العمل المثمر
العمل المثمر
إن طاقة الإنسان وموارد الطبيعة محدودة، وعلى الإنسان أن يكون حكيماً في صرفها، بحيث يحدد الأولويات ويضع برنامجاً متكاملاً للاستفادة من هذه الطاقة والموارد على أفضل وجه ممكن وفي أهم الأمور وأولاها، ويمكن تحديد ذلك من خلال ملاحظة نقاط عديدة أشار إليها الإمام الخميني قدس سره ، يمكن تلخيصها بما يلي:
أولوية ما تحتاج إليه البلاد
يقول الإمام الخميني قدس سره: "اعلموا أن الذين خانوا البلاد والذين كانوا مرتبطين بالقوى العظمى لم يسمحوا لكم بصناعة ما تحتاج إليه البلاد".
فالإمام يعتبر أن عدم الاشتغال بصناعة ما تحتاج إليه البلاد والاشتغال بالأمور الثانوية هو نوع من أنواع الخيانة لأنه يضعف المجتمع والأمة ويجعلها رهينة في يد الغير، هذا الغير الذي لا ينظر إلينا بعين الرحمة والرأفة وإنما بعين الطمع ومصلحته الخاصة ولو كانت هذه المصلحة على حساب اقتصاد وعزة بل ووجود هذا الشعب!.
على العمال أن يأخذوا في حساباتهم ما تحتاج إليه الأمة في مواجهاتها السياسية والاقتصادية والثقافية، والأمنية...
تطوير العمل
يقول الإمام الخميني قدس سره: "لولا هؤلاء الأجانب الذين وطأت
45
28
الفصل الخامس: العمل المثمر
أقدامهم البلاد خلال الفترات الأخيرة وخيانات الحكومات التي فرضت سلطتها علينا، لكنا نملك اليوم نفس تلك الصناعات المتطورة، ويجب علينا أن نفكر اليوم بهذا الموضوع أيضاً، فما لم تفكروا بهذا الموضوع لا يمكنكم أن تنقذوا بلادكم والأجيال القادمة".
ويقول قدس سره: "جهاد الفلاحين هو تقوية زراعتهم".
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "من استوى يوماه فهو مغبون"1.
هكذا أراد لنا الإسلام أن نعيش على الدوام حركة التطور والتقدم نحو الأفضل وأن لا نقنع بما لدينا، إن هذه الكلمات تتأكد أهميتها مع مرور الزمن وتغير العصور خصوصاً في عصرنا الحاضر الذي نعيش فيه في دنيا متسارعة من جهة الاقتصاد والاختراعات والاكتشافات، فإن لم نستطع أن نواكب عصرنا في سرعته وتسارعه فسوف لن يبقى لنا حظ في هذه الدنيا سوى أن نكون سوق استهلاك ولقمة سائغة لمصاصي دماء العالم.
الاتكال على الذات
من الأمور الأساسية والمهمة أن نعمل على تقوية أنفسنا من الجهات الفنية والإدارية وتأمين الموارد والمحافظة عليها، وهكذا يصبح ساعد المجتمع قوياً قادراً على مواجهة التحديات على أنواعها.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن الشعب الذي يشاهد الأجنبي يدير جميع أموره ويؤمّن جميع احتياجاته، ولم تعد تبق لديه حاجة فإنه لا يفكر أبداً بتوفير حاجاته بنفسه في ذلك اليوم الذي فهم فيه هذا
1- وسائل الشيعة، ج11، ص376.
46
29
الفصل الخامس: العمل المثمر
الشعب أنه إذا لم يفكر جدياً في زراعته وصناعته ونفطه فإنه سوف يُقضى عليه، ولا يوجد من يقدم له هذه الأمور لكن إذا اعتقد شعب أن عليه أن يهيء بنفسه كل ما يحتاج إليه وأن الآخرين لا يعطونه شيئاً، إذا ظهر هذا الاحساس فسوف تعمل العقول ويظهر المتخصصون في جميع الحقول، وتشمّر السواعد التي تستطيع أن تعمل كل شيء، وتحيى الزراعة بأيديهم، وتدور عجلة المصانع بأيديهم".
ويؤكد الإمام قدس سره أن السبيل إلى التطور هو الإعتماد على الذات حيث يقول في بعض كلماته: "إعلموا أن قوة الإبداع والتطور والاكتشاف لن تتفتق عندكم ما دمتم تمدون أيديكم إلى الآخرين لتوفير احتياجاتكم من الصناعات المتطورة".
ويقول قدس سره: "ينبغي بكم أن تعملوا في ثقافتكم بشجاعة مثلما طردتم القوى الكبرى بشجاعة، وأن تمارسوا أعمالكم بأنفسكم، ويقل اتكالكم على الخارج في كل يوم حتى يصل ذلك اليوم الذي لا نتكل فيه على الخارج أبداً وأن ننجز أمورنا بأنفسنا إن شاء الله تعالى".
47
30
الفصل السادس: من حقوق العمال
من حقوق العمال
استهداف العامل
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن العمال والفلاحين هم أساس استقلال البلاد، ولو عملت هاتان الفئتان بالشكل المطلوب فإن شاء الله تزول مشاكلنا، وهذا هو سبب الهجوم الذي تعرض له هاتين الفئتين".
بعد أن عرف العالم أهمية الدور الذي يقوم به العامل في تقدم الأمم وفوزها ورفعتها، صار هذا العامل مستهدفاً من كل أعداء الأمة الذين لا يريدون لها أن تقوم على رِجلٍ، ولا أن يرتفع لها علم.
وهذه الحرب لها أشكال متعددة، فمرة تكون معنوية تحاول تحطيم معنويات العامل وثقته بنفسه وتحطيم ثقة الناس به ونظرتهم إليه، ومرة تكون عملية فينطلق الأعداء ليحجبوا العلم المفيد عن العمال ويضعوا العراقيل أمام تعلمهم التكنولوجيا الحديثة والاستفادة منها، اللهم إلا ما يرجع نفعه على الأعداء أنفسهم، ومرة ثالثة من خلال الهجوم المباشر على هذه الشرائح النشيطة من المجتمع، وعادة يكون هذا النوع من الهجوم المباشر عن طريق العملاء، حتى تأخذ صيغة الحرب الداخلية...
اصلاح أوضاع العامل
ويمكن مواجهة ذلك كله من خلال أسباب النجاح وتحديد الأولويات التي تعرضنا إليها في الفصول السابقة، وبالإضافة إلى كل ذلك من
51
31
الفصل السادس: من حقوق العمال
خلال وضع برامج تضمن قوة وعزة العامل، والتعامل معه بالشكل الذي يستحقه.
وقد ذكر الإمام الخميني قدس سره في كلماته أمران أساسيان ينبغي جعلهما هدفاً توصلنا خطط العمل إليهما في النتيجة، وهما:
الأول: الانتفاع من المنتوج
يقول الإمام الخميني قدس سره: "الإصلاح الزراعي الذي نريده سوف يجعل الفلاح ينتفع من محصوله".
فمن الطبيعي أن العامل والمزارع إذا أحس أن العمل الذي يقوم به سيعود بالفائدة عليه هو شخصياً فإن نشاطه وروحيته في العمل ستختلف عما إذا أحس أن أعماله لا تعود عليه بشيء يذكر سواء كان نشيطاً أو خاملاً.
الثاني: العدالة الاجتماعية
يقول الإمام الخميني قدس سره: "أما الإسلام فإنه يهتم بالعامل، ويضع قيمة للعمل والعامل ويحترمهما، فكما ينظر إلى المجاهد والعالم، فإنه ينظر إلى العامل والمزارع ولا يفرق بينهما، وإنهم كالمشط الذي تتساوى أسنانه، ويصرح القرآن الكريم أن الأفضلية هي ليست لامتلاك الثروة أو القوة وأمثال ذلك، بل هي للتقوى وللقيمة الإنسانية".
فالإسلام إذاً لا يريد أن يعطي أحداً على حساب الآخر، بل يريد أن يحقق العدالة الاجتماعية لا الظلم الرأسمالي ولا الإجحاف الشيوعي، يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن الإسلام لا يؤيد الرأسماليين الظلمة
52
32
الفصل السادس: من حقوق العمال
غير الملتزمين، والذين يحرمون ويظلمون الطبقات الفقيرة، بل إنه أدانهم بشكل جدي في الكتاب والسنة واعتبر أعمالهم مخالفة للعدالة الاجتماعية... كما أنه لا يؤيد النظام الشيوعي الماركسي اللينيني المعارض للملكية الفردية والقائل بالإشتراكية".
53
33
الفصل السادس: من حقوق العمال
الخاتمة
المسؤولية تجاه مسائل الأمة
على العمال أن يعيشوا حالة تحمل المسؤولية وأن يحضر في نفوسهم على الدوام أنهم جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة الاجتماعي التي لهم ما لها وعليهم ما عليها، وهذا الفهم يجب أن يكون حاضراً في أعمالهم وأولوياتهم، بحيث تكون حركتهم حركة واعية تشكل إيجابية يمكن الرهان عليها عند أي مفترق طريق ومفصل تاريخي، يقول الإمام الخميني قدس سره: "يجب أن تكون هذه الفئة المضحية سنداً لتلك الفئات المضحية على الحدود وأن يدعم الجميع بعضهم البعض حتى تصل البلاد إن شاء الله إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي".
ويقول قدس سره: "إن فئتين من أبناء الشعب يشكلان العامود الفقري للبلاد والثورة، الفئة الأولى هي العمال الذي حققوا انتصار الثورة وذلك من خلال جهادهم وإضرابهم الواسع قبل الثورة. والثورة تتقدم بعد انتصارها من خلال عملهم هم أيضاً وجهادهم وسعيهم الدؤوب في طريق الإسلام، إنني أدعو الباري جل وعلا، أن يستقبل جهودهم وأن يبقيهم مرفوعي الرأس هنا وهناك، والفئة الثانية وهي الفلاحين... ولو عملت هاتان الفئتان بالشكل المطلوب فإن شاء الله تزول مشاكلن".
54
34