إخوة الإيمان


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-08

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


مقدمة

 المقدّمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله أوّلًا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا، والصلاة والسـلام على رسـوله المصطفـى وآله الكــرام الطاهرين.

إنّ نجاح الإنسان المؤمن في علاقته بإخوانه والمجتمع من حوله من حيث البناء والاستمرار وبلوغ الآمال المنشودة ليس أمرًا سهلًا على الإطلاق، بل يحتاج إلى مقوّمات هامّة، ومعرفة لمجموعة من الثوابت والسبل الّتي عليه اتّباعها والسير على هديها, إضافة إلى تجربة حياتيّة عمليّة تُعينه في اختيار الأصدقاء, وتحديد طبيعة التعامل معهم, وهذا إنْ كان فهو من بركة اتّباع تعاليم الإسلام وإرشاداته المتمثّلة بالكتاب الكريم والسنّة المباركة.

فلأجل أنْ يسير الواحد منّا في النور مع بصيرته المشرقة، ولا يتخبّط في تيه الظلام، ويضلّ طريقه في مستقبل أيّامه، لأجل أن يكون آمنًا من المفاجآت 
 
 
 
 
 
 
5

1

مقدمة

 الأليمة قدر الإمكان في علاقته بالإخوان، كانت هذه الوريقات العابقة برحيق الوحي وأريج النبوّة وشذى الولاية... لتكشف عن حقيقة الأخوّة وأصناف الإخوان وحقوقهم وآدابهم..

 

مركز نون للتأليف والترجمة
 
 
 
 
 
 
 
 
6
 

2

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

 هل أنت أخ حقًّا؟

 
أهميّة الأخوّة:
 
يُعتبر التآخي في الإسلام أمرًا هامًّا وحاجة لا يُمكن للإنسان المؤمن الإستغناء عنها، حيث يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"ما استفادَ امرؤٌ مسلمٌ فائدةً بعدَ فائدةِ الإسلامِ مثلَ أخٍ يستفيدُهُ في اللهِ"1.
 
فإنّ كون الأخوّة بهذه المكانة الّتي تجعلها أعظم فائدة بعد الإسلام ليَكشف عن جوانب عظيمة، وأبعاد مختلفة يُراد للمؤمن أنْ يحيا بها كجزء من كلّ، مجسِّدًا في علاقته بالآخرين أسمى المعاني الّتي تسير به نحو الكمال الّذي يَنشده ليلًا ونهارًا، مُتشوِّقًا إلى أن يكون ذلك الرجل الخالص من العيوب الّذي طالما قرأ عنه في أحاديث المعصومين عليهم السلام كما في حديث الصادق عليه السلام:
 
"المؤمنُ أخو المؤمِن؛ عينهُ ودليلهُ لا يخونهُ ولا يظلمهُ ولا يغشُّه، ولا يعِدُه عدةً فيخلِفهُ"2.
 
وليس اتّخاذ الإخوان أمرًا يُمكن الزهد فيه أو الاقتصار
 
 
 

1- تنبيه الخواطر، ج2، ص179.
2- الكافي، ج2، ص166.
 
 
 
 
 
 
 
9

3

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

  فيه على فردين أو ثلاثة، بل طالما أمكن ذلك وتيسّر فإنّ الواحد منّا يجدر به أنْ يُبادر - مع مراعاة موازين الإخاء وسلوك الطريق الصحيح في الاختيار- إلى إضافة اسم جديد للائحة إخوانه في الله راميًا إلى اكتساب ثمرتين: أولاهما في الدنيا، وثانيتهما في الآخرة، وممّا ورد في الحثّ على الاستكثار قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

 
"استكثروا من الإخوانِ فإنَّ لكلّ مؤمنٍ شفاعةً يومَ القيامةِ"1.
 
ويبرز عنصر جميل في التآخي هو السكينة والاطمئنان، لأنّ المؤمن يشعر شعورًا صادقًا براحة نفسيّة مع أخيه المؤمن كأنّه المُبحِر في أمواج هائجة وقد وصل إلى شاطىء الأمان، أو كأنّه التائه في الصحراء مع حرّ الظمأ وقد انتهى إلى ريّ الماء، ورد في الحديث:
 
"إنّ المؤمنَ ليسكنُ إلى المؤمنِ كما يسكنُ الظمآنُ إلى الماءِ"2.
 
وعن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"لِكلِّ شيءٍ شيءٌ يستريحُ إليهِ وإنَّ المؤمنَ ليستريحُ إلى أخيهِ المؤمنِ كما يستريحُ الطيرُ إلى شكلِهِ"3.
 
ومن منَّا لا يرغب بهذه الراحة الّتي لو لم يكن للأخوّة فائدة غيرها لكفت وأغنت؟ فكيف إذا كان لها من
 
 
 

1- كنز العمال، ج9، ص4.
2- النوادر للراوندي، ص8.
3- بحار الأنوار، ج47 ص274.
 
 
 
 
 
 
10

4

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

  الثمرات ما لا يُمكن عدّه واحصاؤه من قبيل ما جاء في الحديث:

 
"من استفاد أخًا في اللهِ عزَّ وجلَّ استفادَ بيتًا في الجنَّةِ"1، أو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "النظرُ إلى الأخِ تَوَدُّه في اللهِ عزَّ وجلَّ عبادةٌ"2؟
 
دور التآخي في بناء الفرد:
 
إنّ للأخوّة الدينيّة دورًا رائدًا في بناء الشخصيّة المؤمنة، حيث تساعدها على الاتّصاف بمجموعة من الفضائل وتشعرها بمسؤوليّة ولو على نطاق خاصّ، انطلاقًا من معرفة ما لها من مدلول وعمق في الإسلام، فيعرف الإنسان قدره من خلال معرفة قدر أخيه وما له من حقّ عليه. ويكون الالتزام بآداب العلاقة بالآخرين باعثًا على إنتاج صورة متكاملة ومسلك مستقيم، أوّل المستفيدين منه صاحب هذا الدور مع ما يتركه من ذكر حسن وسمعة طيّبة إن هو بقي على ما بدأ به في بداية الطريق. لذلك من وُصِفَ بأنّه أخٌ حقًّا وصِدقًا، بحيث إنّه أقام حدود الأخوّة وراعى حقوقها والتزم آدابها، فهو على الصعيد الفرديّ في سعادة وتقدّم دائمين، كما أنّ النجاح في هذه المدرسة الأخويّة سيفتح له نجاحًا في مدارس ومجالات أخرى ربما اتّسعت ميادينها إلى ساحة
 
 
 

1- ثواب الأعمال، ج1، ص182.
2- بحار الأنوار، ج47، ص279.
 
 
 
 
 
 
 
11

5

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

 حياته جمعاء، وأمّا إذا لم يوفّق لاكتساب الإخوان وفشل في هذه المهمّة الّتي تعتبر مفصلًا في دورة حياته، فإنّ ذلك سيترك عوامل سلبيّة ونتائج غير مرضية سرعان ما تظهر في كثير من قضاياه وربما حوّلتها إلى مشاكل مستعصية لا سيّما وأنّ هذا العجز ليس بالشيء الّذي يُمكن التغاضي عنه، وقد اعتبره أمير المؤمنين عليه السلام خطيرًا ووصف صاحبه بأعجز الناس، يقول عليه السلام:

 
"أعجزُ الناسِ من عجزَ عن اكتسابِ الإخوانِ، وأعجزُ منهُ من ضيّعَ من ظفرَ بهِ منهُم"1.
 
وهنا أوضح عليه السلام أنّ هناك صنفًا من الناس تكون درجة العجز لديهم أكبر وأخطر من الصنف الآخر وهم الّذين لا يُحسنون الاستمرار مع الآخرين في العلاقة الأخويّة بعد أن كان بينهم في بداية أمرهم ترابط وتآزر، ولكن ضاعت المودّة وعادت كأن لم يكن شيء بينهما، أو كأنّ الزمان لم يكن لأيّامه ولياليه وجود ينبّههم إلى ما أنساهم الشيطان. وما هذه الظاهرة بعزيزة في الحياة، فكم نشاهد من أشخاص دامت العلاقة بينهم سنين عديدة ثمّ افترقوا إلى غير رجعة حيث أخذت العداوة بينهم مأخذها وأبدت ثغرات أحكم من خلالها غلق الباب الّذي منه يسري نسيم المودّة وتدوم ذكريات التعاون. ومع غضّ النظر عن الجوانب السلبيّة في حدود ما تتركه
 
 
 

1- نهج البلاغة، ج4، ص4.
 
 
 
 
 
 
12

6

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

 هذه الأزمة من مشاكل على الصعيد الفرديّ، بحيث لا يقرّ لشخصيّة الإنسان المؤمن قرار، ولا يهدأ له بال حتّى في علاقته بالله تعالى فيتخبّط قائمًا وقاعدًا يستحضر ما لديه من الكمّ الهائل من سيرته مع أخيه، سواء في محطّاتها الجميلة الّتي يؤدّي تذكّرها إلى الرغبة والشوق لإعادة المياه إلى مجاريها، وتجديد العلاقة به، أم في المحطات السيّئة وكان السوء صادرًا عنه وليس عن أخيه فيؤدّي ذلك إلى الندم والمؤاخذة ليظلّ معذّبًا وهو يقارن بين فترة المواصلة وفترة المقاطعة، يتّضح أنّ التخلّي عن الأخ والزهد فيه هو عامل هدّام في حياة الفرد، كما كان التآخي عاملًا بنّاءً على هذا الصعيد، فقد جاء عن مولانا الصادق عليه السلام في الحثّ والتأكيد على طلب المؤاخاة قوله عليه السلام:

 
"واطلبْ مؤاخاةَ الأتقياءِ ولو في ظلماتِ الأرضِ وإنْ أفنيْتَ عمرَك في طلبِهم، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لمْ يخلقْ على وجهِ الأرضِ أفضلَ منهُم بعدَ النبيّينَ، وما أنعمَ اللهُ على العبدِ بمثلِ ما أنعمَ بهِ من التوفيقِ لصحبتِهم"1.
 
فنعمة مصادقة الإخوان هي نعمة إلهيّة لا مثيل لها على الإطلاق.
 
 
 

1- مصباح الشريعة، ص150.
 
 
 
 
 
 
13

7

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

 دور التآخي في بناء المجتمع:


إنّ الله تعالى يحبّ لنا أن نعيش متماسكين، يساعد بعضنا بعضًا، وليس أشتاتًا متفرّقين قد ذهبت بنا المذاهب كلّ مذهب، فضاعت الأهداف ومعها فقدنا السبل والوسائل إليها. ولا يُتصوّر مجتمع واحد يشترك أهله في تحمّل شؤونه وشجونه، وهو لا تحكمه روح المؤاخاة، حتّى لو سادت روحيّة الأخوّة فيه شكلًا لا مضمونًا ومظهرًا لا جوهرًا، كذلك لا يُقدَّر لهذا المجتمع النجاح. فحتّى يُؤتي أُكُلَه ويتّجه إلى حيث أراد الله تعالى له لا بدّ أن تكون الأعمال ترجمان الأقوال، والمواقف مُعربة عمّا تحويه الضمائر وتكنّه السرائر، فترى من يتغنَّى بالصلة المميّزة بفلان من الناس ويعتبره أخاه، هو لا يخذله في وقت الشدّة، ولا يتركه للدهر فيكون عونًا له على الدهر لا عونًا للدهر عليه، وكذلك من يكثر الثناء والمديح أو إبداء الاعجاب بشخص ما لِما يتحلّى به من صفات، لا يترك زيارته إذا مرض ولا السؤال عن حاله فيؤلمه ما آلمه ويُسعِده ما أسعده.

وهنا، يتجلّى الدور الفعّال للتآخي في الحياة الاجتماعيّة، إذا قام كلّ فرد بما توجبه عليه أخوّته الإيمانيّة اتّجاه الآخرين، يقول الإمام الصادق عليه السلام:

"المؤمنُ أخو المؤمنِ كالجسدِ الواحدِ، إنِ اشتكى شيئًا منه وُجدَ ألمُ ذلكَ في سائرِ جسدِه،
 
 
 
 
 
 
 
 
 
14

8

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

 وأرواحُهما من روحٍ واحدةٍ، وإنَّ روحَ المؤمنِ أشدُّ اتّصالًا بروحِ اللهِ من اتصالِ شعاعِ الشمسِ بِها"1.

 
فالتآخي يُكسب المجتمع قوّة في جوانب عديدة منها:
 
1- القدرة العالية على تجاوز ما يعصف به من مُلمّات صعبة وفتن ومحن.
 
2- الارتقاء إلى قمّة البذل والعطاء والإيثار.
 
3- توحيد المنطلق الإيمانيّ في النظريّة والتطبيق.
 
4- سيادة روحيّة الجماعة واضمحلال روحيّة الفرد والشخصانيّة.
 
5- الحصانة الأخلاقيّة في اتجاهاتها الثلاثة مع الله تعالى ومع الناس ومع النفس.
 
ويُمكننا قراءة هذه الجوانب بأجمعها عبر التاريخ الممتدّ من زمن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مع صفوة أصحابه ومع أمير المؤمنين عليه السلام ومن خيرة من وقف معه في حربه وسلمه، وكذلك في حياة أصحاب الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام خصوصًا في كربلاء حيث اجتمعت كلّ معاني الأخوّة الجليلة والجميلة في تلك المواقف العظيمة المشهودة الّتي جعلت أصحاب السبط الشهيد عليه السلام في مقام خاصّ لا يبلغه غيرهم، وقلّدتهم وسام العطاء الأبديّ.
 
 
 

1- الكافي، ج2، ص133، ح4.
 
 
 
 
 
 
15

9

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

 لماذا سُمّوا إخوانًا؟

 
ليس خفيًّا على أحد من الناس ما معنى أن يكون المؤمن أخًا للمؤمن، لكنّ هذا الوضوح ظاهريّ، ما لم تنكشف حقيقة الأخوّة كما يراها الإسلام في بُعدها الجوهريّ كما حدّد معناها وأسّس مبناها وكشف عن عمق الارتباط بين الاسم والمسمّى، حيث يقول الإمام الصادق عليه السلام:
 
"إنّما سمّوا إخوانًا لنزاهَتِهم عن الخيانةِ وسمّوا أصدقاءً لأنَّهم تصادَقوا حقوقَ المودّةِ"1.
 
فمن يكون خائنًا لا يُؤتمن؛ ليس أخًا حقيقةً ولا تصحّ تسميته بذلك، ومن لا يراعي حقوق المودّة الّتي تدوم معها الأخوّة وتستمر بحيث يكذب على الآخر ولا يصادقه، فإنّ إطلاق اسم الصديق عليه ليس صحيحًا. وعليه لا تتحقّق الأخوّة بمجرّد أن يقول الإنسان للآخر أنت أخي بل بالقيام بما يمليه هذا الرابط الدينيّ المبارك عليه من التزامات لا يسوغ له تجاهلها وإلَّا خرج عن عهد الأخوّة إلى نقيضه وسمّي أخًا بالتجوّز لا الحقيقة.
 
لماذا تؤاخي؟
 
من الصواب أن نسأل أنفسنا لماذا نؤاخي فلانًا من الناس ونزهد بغيره، وربّما كان الجواب: لأنّه يحمل مؤهّلات أخلاقيّة عالية، وقد تمّ اختباره قبل اختياره،
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج17، ص180.
 
 
 
 
 
 
 
16

 


10

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

 بينما الآخر لا رغبة بإقامة علاقة به لما هو معروف عنه من سوء السمعة، وربّما كان الجواب أيضًا أنّ لنا مصلحة ماليّة معه، ولذلك قدّمنا العلاقة به على غيره وآثرناه بما يحقّق لنا من نفع وكسب، رغم ما تنطوي عليه شخصيّته من رذائل الأخلاق، بحيث يصعب أن يكمل الإنسان طريق الأخوّة معه، وسرعان ما يتعرّض للتزلزل أو الشقاق، وربّما كان الجواب غير ذلك حيث إن تصوّر الأسباب الداعية للعلاقة بالناس لا تكاد تُحصى وتختلف من شخص إلى آخر. والّذي نريد تسليط الضوء عليه هنا ليس إلَّا ميزان اتّخاذ الإخوان كما أرشدتنا إليه الأحاديث الشريفة الواردة عن أئمّتنا عليهم السلام والّتي صنّفت نوعين من الأخوّة أحدهما مذموم والآخر مطلوب، والمستفاد هو طالما كان الدافع إلهيًّا ولوجهه تعالى فالأخوّة مرغوب بها، وإلَّا إذا كان دنيويًّا فهي مرغوب عنها.


ولذا، حريّ بنا أن نقف موقف السؤال لأنفسنا ونقول: "لماذا نؤاخي فلانًا دون فلانٍ؟".

والحقيقة أنّ الأخوّة النفعيّة الدنيويّة هي عداوة، لأنّها تستبطن خيانة للطرف الآخر حيث لا تقوم على الصدق في بذل المودّة له لقاء ما حثّ عليه الدين الحنيف أو رجاء ثواب الآخرة، بل لأجل المكاسب التجاريّة والمصالح الزائلة. وليس غريبًا في حالة كهذه أن ينتهي الأمر بالفراق أو القطيعة حينما تنقضي المصالح أو عندما يوجد بديل عنه يُمكن الاستفاة منه أكثر من سابقه، فقد 
 
 
 
 
 
 
 
17

11

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

 جاء عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال:

 
"كلُّ مودّةٍ مبنيّةٌ على غيرِ ذاتِ اللهِ ضلالٌ، والاعتمادُ عليها مُحالٌ"1.
 
وعنه عليه السلام:
 
"الناسُ إخوانٌ فمنْ كانَت أخوّتهُ في غيرٍ ذاتِ اللهِ فهي عداوةٌ.
 
وذلك قوله عزّ وجلّ:
 

 

﴿الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلَّا الْمُتَّقِينَ"2.
 
وليس بالإمكان أن يُزان نجاح الأخوّة وفشلها بالغُنم والغُرم الدنيويّين، بل ما دامت لمحض المصلحة الدنيويّة فهي فاشلة يبوء صاحبها بالحرمان. جاء في الحديث:
 
"من آخى في اللهِ غَنِمَ ومن آخى في الدنيا حُرِمَ"3.
 
ومن يوقن أنّ الآخر إنّما يزعم أنّه أخوه لكن ليس في الله فإنّ عليه الحذر منه والانتباه الدائم، صيانة لنفسه وحفاظًا على دينه. جاء في الخبر عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
 
"منْ لمْ تكنْ مودّتهُ في اللهِ فاحذرْه، فإنَّ مودّتهَ لئيمةٌ وصُحبَتهُ مشؤومةٌ"4.
 
وينشأ الشؤم في هذه الصحبة بِلحاظ أهدافها
 
 
 

1- غرر الحكم، ح6915.
2- كنز الفوائد، ص43.
3- غرر الحكم، ح77740.
4- م.ن. ح8978.
 
 
 
 
 
 
 
18

12

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

  والبواعث عليها باعتبارها غير منزّهة عن إظهار شيء وإضمار شيء آخر، إضافة إلى أنّها في غير السبيل الّذي أراده الله لها؛ حيث أراد أن تكون أخوّة في ذاته لكنّ الإنسان إذا أرادها في غير الله، فما عساها تكون؟!


كيف تختار أخًا لك؟

في كثير من الأحيان، يسارع الإنسان إلى إقامة علاقة ويتواصل مع غيره من دون أن تكون خطوته مدروسة ومتأنّية، فيسارع إلى مدِّ جسوره بشكل اعتباطيّ أو فوضويّ دون حسبان لما يترتّب على هذا التسرّع من نتائج؛ إذ كثيرًا ما يبدو في وجهة جماليّة ملؤها الرغبة بالاستمرار والمكاشفة بالأسرار، خصوصًا في فترة التعارف الأولى بسبب إبداء المناقب وإخفاء المثالب، وهذا النمط العجول يُعتبر مغامرة ومخاطرة مع الآخر، طالما لم تعرفه حقّ المعرفة ولم تختبره الاختبار الّذي يؤدّي إلى الاختيار، وهذا يشابه تمامًا ما يحصل من فشل بين زوجين؛ كان اختيار كلّ منهما لشريكه باستعجال، بل السبب عينه هو ما يؤدّي إلى فشل علاقة بين أخوين مؤمنين أو وقوعهما بما لا يرغبان. 

من هنا كان للإسلام دوره في هذا الشأن إذ دلّنا كيف ينبغي أن نختار الإخوان وعرّفنا السبيل إلى هذا الأمر محذّرًا من الوقوع في صُحبة من لا ينبغي أن نصحبه أو معاشرة من لا يسوغ لنا أن نعاشره، فبيّن
 
 
 
 
 
 
 
19

13

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

  أنّ الاختبار هو ميزان على وفقه يتمّ الاختيار، وإلَّا كان الواحد عُرضة لما لا يحبّ أن يلقاه، أو مشى إلى حيث لا يريد الوصول. يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:

 
"قدّمِ الاختبارَ في اتخاذِ الإخوانِ؛ فإنَّ الاختبارَ معيارٌ يفرِّقُ بينَ الأخيارِ والأشرارِ"1.
 
فالواجب عدم إخاء الأشرار والانتباه منهم، وهذا ما لا يتمّ إلَّا بعد معرفتهم؛ ومعرفتهم تكون بالتفريق بينهم وبين الأخيار بحيث لا يختلط الأمر علينا؛ من هو الخيّر ومن هو الشرّير، ونساوي بينهما، والسبيل إلى ذلك هو الاختبار الّذي ينتج من نؤاخي ومن لا نؤاخي، وإلَّا وقعنا في سوء الاختيار بمقارنتهم كما جاء في الحديث:
 
"قدّمِ الاختبارَ وأَجدَّ الاستظهارَ في اختيارِ الإخوانِ، وإلَّا ألجأَكَ الاضطرارُ إلى مقارنةِ الأشرارِ"2.
 
ولا أظنّني منصِفًا إذا عدت باللائمة على غيري عندما لم يحفظ حقّ الأخوّة وضيّعه، فيما إذا كنت لم أعتمد الطريق القويم في حسن اختياره، بل إنّ الجزء الأكبر الّذي قدّم لهذه المشكلة، ومهّد لهذا الفشل هو الانتقاء دون معرفته حقّ المعرفة، والسير في الظلام الّذي ربما أودى إلى الهلكة، أو المفاجآت غير المحبّذة. وهنا تتجدّد أسئلة عديدة وهي: بماذا أختبر الإخوان،
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح 283.
2- م.ن. ح 284.
 
 
 
 
 
 
 
20

14

الفصل الأول: حقيقة الأخوة

  وفي أيّ ميدان، وما هي عناصر الاختبار الّذي يعتبر الخطوة الأولى؟ وكم هي المدّة؟ وهل يشمل ذلك علاقته بنفسه إضافة إلى علاقته بغيره؟

 
إنّ هذا ما يتّضح الجواب عنه في ما يأتي ضمن عنوان (لا تؤاخِ هؤلاء). ولنأخذ نموذجًا واحدًا ينظر إلى جنبتين: الأولى ترتبط بالبعد العباديّ الفرديّ، والثانية بالبعد الحياتيّ الاجتماعيّ، وقد جمعهما حديث مولانا الإمام الصادق عليه السلام حينما يرشدنا إلى هذين الموردين الهامّين للاختبار للكشف عن مدى اهتمام هذا الإنسان بالصلة الإلهيّة كميدان خاصّ وبالصلة البشريّة كميدان عامّ قائلًا:
 
"اختبِروا إخوانكَمُ بخصلتَينِ فإنْ كانَتا فيهِم وإلَّا فاعزُبْ ثمّ اعزبْ ثمّ اعزب: محافظةٌ على الصلواتِ في مواقيتِها، والبرُّ بالإخوانِ في العسرِ واليسرِ"1.
 
 
 

1- م.ن. ح 286.
 
 
 
 
 
 
21

15

الفصل الثاني: أصناف الأخوان

 كيف يكون الدعاء

 
هل تعرف إخوانك؟
 
إخوان الثقة وإخوان المكاشرة:
 
قبل أن نتحدّث عن حقوق الإخوان ونتعرّف إلى ما ينبغي القيام به أو الاجتناب عنه في تعاملنا معهم، نتعرّض لتصنيفهم حيث إنّهم ليسوا بمرتبة واحدة بل بعضهم أفضل من بعض، لأنّ فيهم من لا يُمكن الاستغناء عنه بحال من الأحوال لأنّه كالغذاء اليوميّ وفيهم من ليس كذلك، وبالإمكان الابتعاد عنه لفترات محدّدة أو طويلة، ولنأخذ بيان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في هذا المجال مع شيء من التفصيل.
 
في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال:
 
"الإخوانُ صنفانِ: إخوانُ الثقةِ وإخوانُ المكاشرةِ1 فأمَّا إخوانُ الثقةِ، فُهم الكفُّ والجناحُ والأهلُ والمالُ، فإذا كنتَ من أخيكَ على حدِّ الثقةِ، فابذلْ لهَ مالَك وبدنَك، وصافِ من صافاهُ وعادِ من عاداهُ، واكتمْ سرَّهُ وعيبَهُ، وأَظهِرْ منهُ الحسنَ، واعلمْ أيُّها السائلُ أنَّهم أقلُّ منَ الكبريتِ الأحمرِ. وأمّا إخوان المكاشرةِ، فإنَّك تصيبُ لذَّتكَ منهُم، فلا تقطعَنَّ 
 
 
 

1- المكاشرة في اللغة: من الكَشْر وهو ظهور الأسنان للضحك وكاشره إذا ضحك في وجهه وباسطه.
 
 
 
 
 
 
25

16

الفصل الثاني: أصناف الأخوان

 ذلكَ منهُم، ولا تطلبنَّ ما وراءَ ذلكَ من ضميرِهم وابذلْ لهُم ما بذلوا لك من طلاقةِ الوجهِ وحلاوةِ اللسانِ"1.

 
لقد بيّن عليه السلام في هذا التصنيف شكلين من العلاقة الأخويّة يُمكن أن نطلق على المرحلة الأولى المعبّر عنها بــ(إخوان الثقة) العلاقة العميقة المتينة في أبعادها الرساليّة، بما يكنّه كلّ واحد للآخر من مودّة ووفاء واحترام، وبما هما عليه من وحدة في المنطلق والهدف، وصدق في الكلمة والموقف، وضرورة أنّ الأفعال بينهما معرِبة دائمًا عن الأقوال، فلا زيف ولا مداهنة ولا مجاراة، ولذلك من الطبيعيّ أن يكون حالهم ما ذُكر في الحديث الشريف، فهم أهل الصلاح والصدق والأمانة الّذين يوثق بهم في الدين وموافقة ظاهرهم لباطنهم، والثقة بهم هي سبب البذل لهم وإعانتهم ومصافاتهم ومعاداة أعدائهم وكتمان أسرارهم، وإظهار محاسنهم، وإخفاء مساوئهم وهم الكفّ والجناح أي هم قوّة يُمكن الاعتماد عليها في كفّ الأذى ورفع الباطل، والاستعانة بها في الموارد الّتي يُحتاج فيها إلى عون.
 
وأمّا الشكل الثاني من العلاقة المعبّر عنها بــ(إخوان المكاشرة) فيُمكن وصفها بالعلاقة السطحيّة الّتي لا تتعدّى الظاهر والمجاملة والمقابلة بمعنى أنّها مقتصرة على دلالات الوجه واللسان دون البناء على ما وراء ذلك
 
 
 

1- الكافي، ج2، ص193.
 
 
 
 
 
 
 
26

17

الفصل الثاني: أصناف الأخوان

  من داخل الآخر، فلذا لا يُمكن أن يكون هذا الصنف بمثابة الصنف الأوّل بالتعويل عليه ومكاشفته بالشؤون الخاصّة وإيداع الأسرار لديه، بل يندرج نمط الارتباط هذا في حدود الشكل لا المضمون.

 
ولا يوجد واحد منّا إلَّا وله إخوان أو أصدقاء من الصنفين المذكورين، سواء في مكان عمله أو سُكناه أو جامعته أو مدرسته. والخطأ الّذي طالما وقعنا فيه أنّنا نعكس النوع المطلوب من التعاطي مع كلّ صنف منهما؛ فربّما نختصر على طلاقة الوجه وحلاوة اللسان واللياقات المتبّعة في الأماكن العامّة مع الصنف الّذي ينبغي لنا مصافاته وبذل ما يُمكن بذله مع حاجته في بعض الأحيان إليها، ونغوص مع الصنف الآخر الّذي ينبغي الاحتراز منه، في إبداء الخصوصيّات وإيداع كلّ شيء لديه مع أنّنا لم نثق بعد في أمانته، ثمّ بعد ذلك تقع المشكلة، حيث نصطدم ونتفاجأ بحصول ما لا ينبغي حصوله من نقض عهد أو عدم وفاء بوعد، أو خيانة ماليّة أو معنويّة. والخلل إذا كان بهذه الصورة أو غيرها فإنّ سببه الأوّل هو نحن، حيث لم نقم باختيار الوظيفة المطلوبة مع كلّ صنف بحسبه ولذلك في بعض تعابير المعصومين عليهم السلام تصريح ودلالة على مكان المشكلة كما في قول الإمام الصادق عليه السلام:
 
"لمْ يخنْكَ الأمينُ ولكنِ ائْتمَنْتَ الخائن"1.
 
بمعنى أنّ الخلل نشأ من عندك حينما وضعتَ ثقتك
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج75، ص 335 .
 
 
 
 
 
 
27

18

الفصل الثاني: أصناف الأخوان

 في غير محلّها في ائتمان الخائن، وإلَّا لم يكن خلل. وهذا معنى انعكاس التعامل بين الصنفين الّذي يجلب الكثير من الأزمات في أوساط الناس.

 
فالمطلوب أوَّلًا هو التعرّف إلى كلّ من إخوانك، أنّه إلى أيّ صنفٍ ينتمي ثمّ بعد ذلك إقامة العلاقة معه على أساس معرفته، إمّا بشكل عميق أو بشكل سطحيّ.
 
ويرشدنا الإمام الصادق عليه السلام إلى حقيقة أصناف الإخوان في بيان يعتبر تفصيلًا لما ذكره أمير المؤمنين عليه السلام، وعلى ضوئه يُمكن تحديد طبيعة العلاقة حيث يقول الإمام عليه السلام:
 
"الإخوانُ ثلاثةٌ، فواحدٌ كالغذاءِ الّذي يُحتاجُ إليهِ كلَّ وقتٍ فهوَ العاقلُ، والثاني في معنى الداءِ وهوَ الأحمقُ، والثالثُ في معنى الدواءِ فهو اللبيبُ1"2.
 
الأوّل: فإنّه يمثّل حاجة دائمة ومستمرّة في الحياة الفكريّة والدينيّة والعلميّة والعمليّة لأخيه، كما الطعام والشراب بالنسبة للبدن، ولذلك قال عليه السلام: يُحتاج إليه كلّ وقت.
 
 
 

1- تحف العقول، ص302.
2- في اللغة: اللبيب: اللبّ: العقل الخالص من الشوائب وسمي بذلك لكونه خالص ما في الإنسان من معانيه كاللب واللباب من الشيء وقيل: هو ما زكى من العقل فكل لبّ عقل وليس كل عقل لبًا ولهذا علّق الله تعالى الاحكام الّتي لا يدركها إلَّا العقول الزكية بأولي الألباب نحو قوله تعالى: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا وما يذكّر إلَّا أولوا الألباب.
 
 
 
 
 
 
 
28

19

الفصل الثاني: أصناف الأخوان

 الثاني: أي الأحمق، فهو من فسد عقله فبات مصدرًا للانحراف والإضلال عن الطريق القويم والكلّ في غنًى عنه ومأمور بالاحتراز منه.

 
الثالث: أي اللبيب، فهو ضرورة في دوام العافية الاجتماعيّة ودواء عند حلول المشاكل أو الوقوع في الأزمات سواء كانت خاصّة أم عامّة، فهو الّذي يصونه ويحفظه ومعه يشعر بالراحة والأمان.
 
فيكون العاقل واللبيب من إخوان الثقة والأحمق من إخوان المكاشرة، ويدخل في الصنف الأوّل المواسي بنفسه أو ماله، كما يدخل في الصنف الثاني صاحب الغاية الّتي متى ما تحقّقت فارق أخاه، وقد جاء في الحديث:
 
"الأخوانُ ثلاثةٌ: مواسٍ بنفسِه وآخرُ مواسٍ بمالِه وآخرُ يأخُذ منكَ البُلغةَ1 ويريدُك لبعضِ اللّذَّةِ فلا تعدَّه من أهلِ الثقةِ"2.
 
ومن هذا الأخير يحذّرنا الإمام الصادق عليه السلام قائلًا:
 
"واحذرْ أنْ تؤاخي من أرادك لطمعٍ أو خوفٍ أو ميلٍ أو مالٍ أو أكلٍ أو شربٍ واطلبْ مؤاخاةَ الأتقياءِ"3.
 
خصلتان هامّتان:
 
يُمكننا أن نعرّف إخوان الثقة بخصلتين هامّتين، من خلالهما نرى من هو الأخ حقًّا.
 
 
 

1- البلغة: أي ما يبلغه ويكفيه من العيش.
2- تحف العقول، ص324.
3- مصباح الشريعة، ص36.
 
 
 
 
 
 
 
29

20

الفصل الثاني: أصناف الأخوان

 الأولى: الإصلاح، وهو أن يلتزم الأخ سبيلًا بنّاءً في علاقته بأخيه من خلال مكاشفته بعيوبه، وعدم مداهنته وكثرة إطرائه مع ما يراه من أعماله غير المرضية، ومعاونته على التغيير ليكون على أحسن ما يرام، فيحبّ له أن تجتمع الأوصاف الحميدة فيه بأجمعها.

 
الثانية: الإخلاص، بمعنى أن يكون صادقًا معه مخلصًا له في باطنه وسريرته فلا يظهر له خلاف ما يضمره ولسانه ترجمان قلبه على الدوام. فإذا توفّرت هاتان الخصلتان في رجل كان لا محيصَ عن معاشرته، هذا ما أوصانا به مولانا الإمام الكاظم عليه السلام وهو يعرّفنا إخوان الثقة من خلال الركيزتين المتقدّمتين قائلًا:
 
"اجتهدوا في أنْ يكونَ زمانُكم أربعَ ساعاتٍ: ساعةً لمناجاةِ اللهِ، وساعةً لأمرِ المعاشِ، وساعةً لمعاشرةِ الإخوانِ والثقاتِ الّذين يعرّفونَكُم عيوبَكُم ويُخلصونَ لكُم في الباطنِ وساعةً تخلونُ فيها للذّاتِكم في غيرِ محرّمٍ"1.
 
أعظم الإخوان:
 
عرفنا ممّا تقدم أنّه يوجد تفاوت في درجات الإخوان بحسب ما يمتلكون من خصال جميلة، لكن لم نشر إلى
 
 
 

1- تحف العقول، ص302.
 
 
 
 
 
 
 
30

21

الفصل الثاني: أصناف الأخوان

  الدرجة العظمى والرتبة العليا من درجات الأخوّة إلى حدّ أن يكون ذلك الرجل هو أعظم إخوانه على الإطلاق، فبماذا يا ترى يبلغ هذه المنزلة؟

 
ويجيبنا مولانا الإمام الحسن بن عليّ عليهما السلام قائلاً:
 
"أيُّها الناسُ، أنا أُخبرِكم عن أخٍ لي كانَ من أعظمِ الناسِ في عيني وكان رأسُ ما عَظُمَ بهِ في عيني صِغَرُ الدنيا في عينهِ، كان خارجًا من سلطانِ بطنِه فلا يشتهي ما لا يجدُ ولا يُكثِرُ إذا وُجِدَ، كان خارجًا من سلطانِ فرجه، فلا يستخفُّ له عقلَه ولا رأيَه، كانَ خارجًا من سلطانِ الجهالةِ فلا يمدُّ يده إلَّا على ثقةٍ لمنفعةٍ، كانَ لا يتشهّي ولا يتسخّطُ ولا يتبرّم، كانَ أكثرَ دهرِه صمّاتًا فإذا قالَ بذَّ القائلينَ1، كان لا يدخلُ في مِراءٍ ولا يشاركُ في دعوى ولا يُدلي بحجّةٍ حتّى يرى قاضيًا، وكان لا يغفلُ عن إخوانِه ولا يخصُّ نفسه بشيءٍ دونَهم.
 
كان ضعيفًا مستضْعَفًا، فإذا جاءَ الجِدُّ كان ليثًا عاديًا، كان لا يلومُ أحدًا فيما يقعُ العذرُ في مثلهِ حتّى يرى اعتذارًا، كان يفعلُ ما يقولُ ويفعلُ ما لا يقولُ، كان إذا ابتزَّه أمرانِ لا يدري أيَّهما أفضلُ، نظر إلى أقربِهما إلى الهوى فخالفَه، كان لا يشكو وجعًا إلَّا عند من يرجو عندَه البرءَ،
 
 
 

1- أي سبقهم وغلبهم.
 
 
 
 
 
 
31

22

الفصل الثاني: أصناف الأخوان

  ولا يستشيرُ إلَّا من يرجو عندَه النصيحةَ، كانَ لا يتبرّمُ ولا يتسخّطُ ولا يتشكّى ولا يتشهّى ولا ينتقمُ ولا يغفلُ عن العدوِّ.

 
فعليكُم بمثلِ هذه الأخلاقِ الكريمةِ إنْ أطقتُموها، فإن لم تطيقوها كلَّها؛ فأخْذُ القليل خيرٌ من تركِ الكثيرِ، ولا حولَ ولا قوّةَ إلَّا باللهِ"1.
 
 
 
 

1- الكافي، ج2، ص186.
 
 
 
 
 
 
 
 
32

23

الفصل الثالث: أخوان الصدق

 من تؤاخي؟

 
إنّ الباحث عن معالم الأخوّة في الإسلام بما يتّفق مع تعاليمه السامية الّتي لا يجدر بالإنسان الحياد عنها؛ سوف يجدها جليّة بيّنة تأخذ بيده إلى علياء الكرامة والفضيلة، وتنقله نقلة نوعيّة يشبع برفدِها روحه ويروي من نميرِها فؤاده الصادي إلى ذاك التكامل المنشود والمنتهى الخالد خلود الحقّ طالما لم يعكس الاتّجاه، وظلّ يتوق ويتشوّق إلى التزوّد من خيار إخوته في الله تعالى، ثمّ بلغ هذه الغاية فغدت حقيقة وحدثًا بعد أن كانت أمنية وحلمًا فتجمّعت جداول الخير في بحر واحد.
 
فمن هم هؤلاء يا ترى؟
 
إنّهم إخوان الصدق الّذين أوصانا أمير المؤمنين عليه السلام بمعاشرتهم، مؤكّدًا ذلك في قوله:
 
"وعليكَ بإخوانِ الصدقِ فأكثرْ من اكتسابِهم فإنَّهم عدّةٌ عندَ الرخاءِ وجُنّةٌ عندَ البلاءِ"1.
 
1- العالم الربّاني:
 
لقد أكّدت الروايات المباركة على الاستفادة من
 
 
 
 

1-     بحار الأنوار، ج71، ص187.
 
 
 
 
 
 
 
 
35

24

الفصل الثالث: أخوان الصدق

 العلماء الربّانيّين ومصاحبتهم ومجالستهم، لأنّهم قادة الركب المقدّس الّذين يأخذون بيد المرء إلى عالم العلياء ويصلون به إلى حيث أراد الله سبحانه، من خلال نشر معارفهم والقيام بدورهم في تبليغ رسالة الله وهداية الناس والدفاع عن مبادىء الدين الحنيف وصيانة الشريعة من أن تدخلها البدع والانحرافات، وهم صمّام الأمان الّذي لا غنى لأحد عنه.

 
وممّا ورد في حقّهم ما قاله الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
 
"عجِبْتُ لمن يرغبُ في التكثُّرِ منَ الأصحابِ كيفَ لا يصحبُ العلماءَ الألبّاءَ الأتقياءَ؛ الذينَ يغتنمُ فضائلَهم وتهديهِ علومُهم وتزيِّنُه صحبَتُهم"1.
 
فهنا ثلاث فوائد:
 
الأولى: اغتنام فضائلهم ومعناه التحلّي بمحاسن الأخلاق الّتي هم عليها.
 
الثانية: الاهتداء بعلومهم ومعناه التنوّر بمعرفة أحكام الدين وردّ شبهات الملحدين.
 
الثالثة: التزيّن بصحبتهم حيث هم زين لمن وفّق للقيام بخدمتهم والتشرّف بمحضرهم.
 
وعنه عليه السلام:
 
"جالسِ العلماءَ يزدَدْ علمُكَ ويحسُنُ أدبُكَ"2.
 
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ج2، ص1584.
2- م.ن. ج1، ص55.

 
 
 
 
 
 
36

25

الفصل الثالث: أخوان الصدق

 وفي وصيّة لقمان لابنه:

 
"يا بنيَّ جالسِ العلماءَ وزاحِمْهم بركبَتَيك، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُحيي القلوب بنورِ الحكمةِ كما يُحيي الأرضَ بوابلِ السماءِ"1.
 
وفي مقابل ذلك إنّ التخلّي عنهم وترك مُجالستهم موجب للخذلان من الله تعالى، لأنّ الابتعاد عنهم معناه الابتعاد عن المدرسة الإلهيّة الّتي أمر المولى سبحانه بالتربّي في كنفها وتحت ظلالها وهذا ما جاء صريحًا في دعاء الإمام السجّاد عليه السلام:
 
"أوْ لعلَّكَ فقدْتَني من مجالسِ العلماءِ فخذَلْتني".
 
2- الحكيم الإلهيّ:
 
إنّ مصاحبة الحكماء ومجالسة الحلماء، فيهما من آثار الخير ما لا يُمكن عدّه وإحصاؤه؛ لما في هذين الصنفين من مواصفات عالية تترك بصماتها وثمارها في الجنبة العلميّة وكذلك العمليّة، بما يساعد الإنسان في طريقه نحو الكمال.
 
عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
 
"صاحبِ الحكماءَ وجالسِ الحلماءَ، وأَعرِضْ عن الدنيا تسكنْ جنَّةَ المأوى"2.
 
 
 

1- م.س. ج1، ص402.
2- م.ن. ج2، 1584.
 
 
 
 
 
 
 
37

26

الفصل الثالث: أخوان الصدق

 وفي رواية أخرى:

 
"أكثِرِ الصلاحَ والصوابَ في صُحبةِ أولي النُّهى والصوابِ"1.
 
3- المحبّ في الله:
 
عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
 
"خيرُ الإخوانِ من كانَت في اللهِ مودَّتُه"2.
 
وعنه عليه السلام:
 
"خيرُ الإخوانِ من لم تكنْ على الدنيا أخوَّتُه"3.
 
4- المواسي لك:
 
عن أمير الإمام المؤمنين عليه السلام:
 
"خيرُ إخوانِك من واساكَ وخيرٌ مِنه من كَفاك وإذا احتاجَ إليك أعفاكَ"4.
 
وفي حديث آخر:
 
"خيرُ إخوانِك من واساكَ بخيرِه وخيرٌ مِنه من أغناكَ عنْ غيرِه"5.
 
5- الداعي إلى الله تعالى:
 
والمراد منه من كانت دعوته بالعمل إضافة إلى
 
 
 

1- م. س. ح 10244.
2- م.ن. ح 264.
3- م.ن. ح265.
4- م.ن. ح2624.
5- م.ن. ح2634.
 
 
 
 
 
 
 
38

 


27

الفصل الثالث: أخوان الصدق

  القول كما عبّرت عن ذلك النصوص الشريفة حيث ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:

 
"خيرُ إخوانِك من دعاكَ إلى صدقِ المقالِ بصدقِ مقالِه، وندبَك إلى أفضلِ الأعمالِ بحسنِ أعمالهِ"1.
 
و"خيرُ إخوانِك من سارعَ إلى الخيرِ وجذبَك إليهِ وأمرَك بالبرِّ وأعانكَ عليهِ"2.
 
6- المعين على الطاعة:
 
عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
 
"المعينُ على الطاعةِ خيرُ الأصحابِ"3.
 
وعنه أيضًا:
 
"إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا جعلَ لَه وزيرًا صالحًا إنْ نسيَ ذَكرَه، وإنْ ذكرَ أعانَه"4.
 
وفيما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا سُئِل من أفضل الأصحاب: "من إذا ذَكَرْتَ أعانَكَ وإذا نَسيتَ ذكَّرَك"5.
 
حيث تكون الوظيفة الأولى في حالة تذكُّر أنّ الله تعالى حاضر وناظر هي المعاونة (وتعانوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، وتكون
 
 
 

1- م.س. ح2685.
2- م.ن. ح2674.
3- م.ن. ح13301.
4- م.ن. ح1033.
5- م.ن. ح10330.
 
 
 
 
 
 
 
 
39

28

الفصل الثالث: أخوان الصدق

 الوظيفة الثانية في حالة النسيان والغفلة هي التذكير والتوعية اتّجاه المسؤوليّة الإلهيّة الملقاة على عاتقه.

 
خير الجلساء:
 
عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حينما سُئل أيّ الجلساء خير؟ قال:
 
"من ذكّرَكُم باللهِ رؤيتُه وزادكُم في علمكُم منطِقُه وذكّركم بالآخرةِ عملُه"1.
 
يعني أنّ الأمور المذكورة تُساهم مساهمة حقيقيّة في بناء الشخصيّة الإيمانيّة ومصدرها الخير الّذي هو عليه في الحال والمنطق والعمل حيث تكون الثمرة من هذه المجالسة مكسبًا معنويًّا سواء في ذكر الله، أو زيادة العلم أو تذكّر الآخرة. وليس غريبًا أنّ المؤمن إذا فقد أخاه وجليسه الّذي يمتاز بهذه المواصفات فإنّه لا يحبّ البقاء بعده2، وهذا دليل على أنّه من الخيرة والصفوة ويشعر بأنّ الّذي فقده هو بعضه، كما يقول أحد الشعراء:
 
ومن محن الدنيا بقاؤك بعد مَنْ             إذا رحلوا أبقوك دون مشابهِ
فوجهٌ إذا ما غاب تبكيه ساعةً              ووجهٌ تملّ العمر عند غيابهِ
وتَدفن فيه بالثّـرى إن دفنتهُ                وجودَك إنّ المرء بعض صِحابهِ
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج71، ص186.
2- عن أمير المؤمنين عليه السلام: "خير الاخوان من إذا فقدته لم تحبَّ البقاء بعده" ــ الغرر، ج1، ص391، ح69.
 
 
 
 
 
 
 
40

29

الفصل الثالث: أخوان الصدق

 وصية جامعة:

 
لقد جمع الإمام الحسن عليه السلام أوصاف إخوان الصدق وخلّان الوفاء في وصيّته لجنادة في مرضه الّذي توفّي فيه، حيث قال الإمام عليه السلام:
 
"إصحبْ من إذا صحِبْتَه زانَك، وإذا خدمْتَه صانَك، وإذا أردتَ منهُ معونةً أعانَك، وإنْ قُلْتَ صدّقَ قولَك، وإن صُلْتَ شدَّ حولَك وإنْ مدَدْتَ يدَكَ بفضلٍ مدَّها، وإن بدَت عنكَ ثلْمَةٌ سدَّها، وإن رأى منك حسنةً عدَّها وإن سألْتَه أعطاكَ، وإن سكتَّ عنْهُ ابتداكَ وإنْ نزلْت إحدى المُلمّاتِ به ساءَك"1.
 
وهذه الخصال بأجمعها سوف يأتي أنَّها من جملة الحقوق الأخويّة الّتي علينا مراعاتها والانتباه لها. وينبغي أنْ يبقى حاضرًا في ذاكرتنا ومنقوشًا في صفحات قلوبنا أنّ دوام المودّة مرهون بأُخوّة الدّين لا الدّنيا. إنّ الإخوان الصادقين في أُخوّتهم أفضل عدّة وذخرًا وعونًا في الشدائد والمصاعب مدى الحياة، كما جاء في الحديث:
 
"إخوانُ الدينِ أبقى مودَّةً، إخوانُ الصّدقِ أفضلُ عدّةً"2.
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح 10243.
2- م.ن. ح 188.
 
 
 
 
 
 
 
41

30

الفصل الرابع: أصدقاء السوء

 لا تُؤاخِ هؤلاء

 
بعد أن اتّضح من هم أخوان الصدق الّذين ينبغي مؤاخاتهم ومعاشرتهم، نتعرّض لتعداد أصدقاء السوء الّذين ينبغي الابتعاد عنهم وعدم إقامة علاقات بهم لأنّهم لا يدفعون نحو الخير والصلاح بل يجرّون إلى الشرّ والفساد، وهذا الصنف أشير إليه في الكتاب الكريم بقوله تعالى:
 

 

﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ1.
 
وهم بحسب ما استفدناه من الروايات الشريفة كالتالي:
 
1- الأحمق الكذّاب:
 
فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"إيّاكَ وصحبةَ الأحمقِ الكذّابِ، فإنَّهُ يريدُ نفعَكَ فيضرُّكَ، ويقرِّبُ منكَ البعيدَ، ويبعِّدُ منكَ القريبَ، إنِ ائْتَمَنْتَهُ خانَكَ، وإنِ ائْتَمَنَكَ أهانَكَ، وإن حدّثَك كذبكَ، وإن حدَّثْتَه كذّبَك وأنتَ منهُ بمنزلةِ السرابِ الّذي يحسبُه الظمآنُ ماءً حتّى إذا جاءَه لم يجدْه شيئًا"2.
 
 
 

1- سورة الفرقان، الآية: 82.
2- ميزان الحكمة، ح10280.
 
 
 
 
 
 
 
45

31

الفصل الرابع: أصدقاء السوء

 إنّ هذه الأخطار الأخلاقيّة والعواقب السيّئة الّتي عدّدها الحديث من قبيل الإضرار والخيانة والإهانة والتكذيب هي كافية للردع عن معاشرته، ومعرفة أنّ مصير العلاقة معه هو الفشل لأنّها تكون هدّامة لا بنّاءة ومؤدّية إلى الانحطاط لا الارتقاء, من خلال الآثار الملموسة لهذا النوع الفتّاك بل القاتل من الناحية المعنويّة إضافة إلى المادّيّة.

 
2- صاحب الغاية الدنيويّة:
والمراد به الّذي يصحبك ليستفيد منك مالًا أو جاهًا أو غير ذلك من الأطماع, الّتي لا تجعل تلك الصحبة قائمة على أساس التقوى وليس فيها الصدق والإخلاص، وهو الّذي سرعان ما يتخلّى عن تلك العلاقة حينما يصل إلى هدفه منك.
 
فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"إحذْر أن تواخي من أرادَك لطمعٍ أو خوفٍ أو ميلٍ أو للأكلِ والشربِ، واطلبْ مواخاةَ الأتقياءِ، ولو في ظلماتِ الأرضِ، وإن أفنيْتَ عمرَكَ في طلبِهِم"1.
 
وقد صوّر أحد الشعراء ذلك حينما قال:
 
إذا قَلَّ مالي فما خِلٌّ يصادِقني       وفي الزيادةْ كلُّ الناسِ خلّاني
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح230.
 
 
 
 
 
 
46

32

الفصل الرابع: أصدقاء السوء

 كم من عدوٍّ لأجل المال صادقني    وكم صديقٍ لفقد المالِ عاداني

 
وقال آخر:
 
المرءُ في زمنِ الإقبالِ كالشَّجَره       والناسُ من حولِها ما دامَتِ الثَّمَره
حتّى إذا راحَ عنها حمْلُها انصرَفوا    وخلَّفوها تُعاني الحرَّ والغَبَره
 
3- الضَّال المُضِلّ:
 
لقوله تعالى:
 
 

 

﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا1.
 
وقد تقدّم ذكر الآية في البداية.
 
4- الفاجر:
 
فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"لا تصحبِ الفاجرَ فيعلّمكَ من فجورهِ".
 
ثمَّ قال عليه السلام:
 
"أمرَني والدي بثلاثٍ ونهاني عن ثلاثٍ، فكانَ فيما قالَ لي: يا بنيَّ من يصحب صاحبَ السوء
 
 
 

1- سورة الفرقان، الآيتان: 28 و 29.
 
 
 
 
 
 
47

33

الفصل الرابع: أصدقاء السوء

  لا يسلمُ، من يدخلُ مداخلَ السوءِ يُتَّهَمُ، ومن لا يملكُ لسانه يندمُ"1.

 
5- البخيل:
 
فإنّه قد جاء عنهم عليهم السلام التحذير من صحبته وربما كان لأجل أنّ المرء يأخذ من أخلاق أصحابه ويتأثّر بهم كما عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"المرءُ على دينِ خليلِه، فلينظْر أحدُكم مَن يُخالِلُ"2.
 
وعن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"وإيّاكَ ومصاحبةَ البخيلِ, فإنَّه يخذلُك في مالهِ أحوجُ ما تكونُ إليهِ"3.
 
6- الفاسق:
 
فقد ورد عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال لولده الباقر عليه السلام:
 
"يا بنيّ انظرْ خمسةً فلا تصاحِبْهُم ولا تحادِثْهُم ولا ترافِقْهُم في طريقٍ...".
 
إلى أن قال عليه السلام:
 
"وإيّاك ومصاحبةَ الفاسقِ فإنَّه بايعَك بأكلةٍ أو أقلِّ من ذلِك"4.
 
 
 

1- الخصال، ج1، ص80.
2- بحار الأنوار، ج71، ص192.
3- م.ن، ج71، ص196.
4-م.ن، ج71، ص196.

 
 
 
 
 
 
48

34

الفصل الرابع: أصدقاء السوء

 7- القاطع لرحمه:

 
وذلك لما روي عنهم عليهم السلام:
 
"وإيّاكَ ومصاحبةَ القاطعِ لرحمِه فإنّي وجدتُه ملعونًا في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ في ثلاثةِ مواضع: قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ...
 
وقال عزَّ وجلَّ: ﴿الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّار1 وقال عزَّ وجلَّ في سورة البقرة: ﴿الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ 2"3....
 
8- الكافر:
 
عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"من كانَ يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلا يُؤاخينَّ كافرًا"4.
 
 
 

1- سورة الرعد، الآية: 24.
2- سورة البقرة، الآية: 27.
3- الكافي، ج2، ص377.
4- بحار الأنوار، ج71، ص197.
 
 
 
 
 
 
 
49

35

الفصل الرابع: أصدقاء السوء

 9- الشرّير:

 
قال الإمام الجواد عليه السلام:
 
"إيّاكَ ومصاحبةَ الشرّيرِ فإنَّه كالسيفِ المسلولِ يحسنُ منظرُه ويقبحُ أثرُه"1.
 
10- صاحب اللهو:
 
عن الإمام عليّ عليه السلام:
 
"إيّاكَ وصحبةَ من ألهاكَ وأغراكَ فإنَّه يخذلُك ويوبِقُك"2.
 
11- الجبان:
 
عن الإمام الباقر عليه السلام:
 
"لا تصادِقْ ولا تواخِ أربعةً: الأحمقَ والبخيلَ والجبانَ والكذّابَ...".
 
إلى أن يقول عليه السلام:
 
"وأمّا الجبانُ فإنَّه يهربُ عنكَ وعن والدَيْهِ..."3.
 
12- ناشر المثالب4:
 
في الحديث عن الإمام عليّ عليه السلام:
 
 
 

1- م.س، ح43.
2- ميزان الحكمة، ح10276.
3- مصادقة الأخوان، ص80، ح3.
4- المثالب: العيوب.
 
 
 
 
 
 
 
50

36

الفصل الرابع: أصدقاء السوء

 "لا تؤاخِ من يسترُ مناقبَك وينشرُ مثالِبك"1.

 
أي من يخفي حسناتك ويذيع سيّئاتك.
 
13- رهين المداراة:
 
وهو الّذي لا يُمكن استمرار الصداقة معه على قواعدها السليمة دون الخضوع إلى كثير من التكلّف والتجمّل، وذلك ما يكون مع الأشخاص الّذين هم سريعو الغضب والانفعال وإذا ما غضبوا هم لا يغفرون.
 
قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
 
"ليسَ لكَ بأخٍ من احتجْت إلى مداراتِه"2.
 
14- مجهول الموارد والمصادر:
 
يقول الإمام الحسن عليه السلام:
 
"لا تؤاخِ أحدًا حتّى تعرفَ مواردَه ومصادرَه، فإذا استنبطتَ الخبرةَ ورضيتَ العشرةَ فآخِه على إقالةِ العثرةِ والمواساةِ في العُسرةِ"3.
 
15- الزاهد بأخيه:
 
ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"لا ترغبّنَّ فيمنَ زهدَ فيكَ ولا تزهدَنَّ فيمَن رغبَ فيكَ"4.
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح235.
2- م.س، ح231.
3- ميزان الحكمة، ح229.
4- م.ن، ح227.
 
 
 
 
 
 
 
51

37

الفصل الرابع: أصدقاء السوء

 16- صاحب البدعة:

 
جاء عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"لا تصحَبوا أهلَ البدعِ ولا تجالِسوهم، فتصيروا عندَ الناسِ كواحدٍ منهُم. قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: المرءُ على دينِ خليلِه وقرينِه"1.
 
17- النمّام
18- الخائن
19- الظلوم:
 
قال الإمام الصادق عليه السلام:
 
"إحذرْ من الناسِ ثلاثةً: الخائنَ والظلومَ والنمّامَ لأنّ من خانَ لك خانَك، ومن ظلمَ لكَ سيظلمُكَ ومن نمَّ إليكَ سينمُّ عليكَ"2.
 
20- متتبِّع العيوب:
 
عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
 
"إيّاكَ ومعاشرةَ متتّبِعي عيوبِ الناسِ، فإنَّه لم يسلمْ مصاحبُهم منهُم"3.
 
21- المائق:
 
وهو الحاقد الّذي لا يريد لك الخير ويلبس الأمور عليك. عن أمير المؤمنين عليه السلام:
 
"لا تصحبِ المائقَ فيزيِّنْ لكَ فعلَه ويودُّ أنَّك مثلَه"4.
 
 
 

1- الكافي، ج2، ص375.
2- ميزان الحكمة، ح10262.
3- م.ن, ح 65,ص102
4- بحار الأنوار، ج71، ص199.
 
 
 
 
 
 
 
52

38

الفصل الرابع: أصدقاء السوء

 22- المرتاب:

 
في الحديث:
 
"شرُ الأترابِ الكثيرُ الارتيابِ"1.
 
23- سريع الانقلاب:
 
في الحديث:
 
"شرُّ الأصحابِ السريعُ الانقلابِ"2.
 
24- المثبِّط عن الخير:
 
عن الإمام عليّ عليه السلام:
 
"شرُّ إخوانِك من تثبَّطَ عن الخيرِ وثبّطَك معَهُ"3.
 
25- المُداهن:
 
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
 
"شرُّ إخوانِكَ الغاشُّ المداهِنُ"4.
 
26- السبّاب:
في الحديث:
"من كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلا يجلسُ مجلسًا يُنتقصُ فيهِ إمامٌ أو يُعابُ فيه مؤمنٌ"5.
 
 
 

1- عيون الحكم والمواعظ للواسطي، ص194.
2- م.ن، ص293.
3- م.ن، ص294.
4- م.ن.
5- بحار الأنوار، ج71، ص213.
 
 
 
 
 
 
 
54

39

الفصل الرابع: أصدقاء السوء

 وعن الإمام الصادق عليه السلام:

 
"من قعدَ عندَ سبّابٍ لأولياءِ اللهِ فقدْ عصى اللهَ"1.
 
وعليه فإذا كان القعود عنده معصية فكيف بالمؤاخاة والمصافاة؟!
 
27- مزيّن المعصية:
 
سُئل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: أيّ صاحب شرّ؟ قال:
 
"المزيّنُ لكَ معصيةَ اللهِ"2.
 
28- الخاذل:
 
في الحديث:
 
"شرُّ الأخوانِ الخاذلُ"3.
 
وقريب منه قوله عليه السلام:
 
"شرُّ الأخوانِ المواصلُ عندَ الرخاءِ والمُفاصِلُ عندَ البلاءِ"4.
 
 
 

1- الكافي، ج2، ص379.
2- الأمالي للصدوق، ص472.
3- عيون الحكم والمواعظ للواسطي، ص294.
4- م.ن، ص295.
 
 
 
 
 
 
 
55

40

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 كيف تؤدّي حقّ أخيك؟

 
عظمة حقّ الأخ:
 
عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام:
 
"ما عُبِدَ اللهُ بشيءٍ أفضلَ من أداءِ حقِّ المؤمنِ، إنَّ المؤمنَ أفضلُ حقًّا من الكعبةِ"1.
 
إنّ للأخ المؤمن حقوقًا عظيمة في الإسلام، بما له من مكانة وحرمة هي أعظم وأكبر من حرمة الكعبة المشرّفة، تُوجب علينا أن نتعامل معه على أساسها من خلال معرفتها ومراعاتها مع كلّ ما تحمله من أبعاد إيمانيّة لاستقامة مسيرة الحياة الفاضلة، سواء من الناحية الفرديّة أو الاجتماعيّة؛ لذلك لم يكن بالإمكان التجاوز عن معرفة العوامل الإيجابيّة الّتي هي مصدر التواصل والتعارف، ولا عن معرفة العوامل السلبيّة الّتي هي مصدر الافتراق والاختلاف، لأنّ الإقدام على شيء أو الإحجام عنه، إنّما يكونان بعد الاطّلاع على الموجب لذلك في كليهما، وعلى ضوء ما ذُكِرَ يعطينا الإمام زين العابدين عليه السلام درسًا من دروس الإسلام شارحًا الوظيفة في كِلا الاتّجاهين ضمن رسالة الحقوق، فلنفتح آذان قلوبنا لما سيقوله عليه السلام في الفقرة الآتية:
 
 
 

1- بحار الأنوار، ج47، ص243.
 
 
 
 
 
 
58

41

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 مع رسالة الحقوق:

 
يقول الإمام عليه السلام:
 
"وحقُّ أخيكَ، أن تعلمَ أنَّه يدكَ الّتي تبسطُها، وظهرُك الّذي تلتجىءُ إليهِ، وعزُّك الّذي تعتمدُ عليهِ، وقوَّتك الّتي تصولُ بها، فلا تتّخذْهُ سلاحًا على معصيةِ اللهِ، ولا عُدَّةً للظلمِ لخلقِ اللهِ، ولا تدعْ نصرتَه على نفسِه ومعونَتَه على عدوِّهِ، والحؤولَ بينَه وبينَ شياطينِه، وتأديةَ النصيحةِ إليهِ، والإقبالَ عليهِ في اللهِ، فإنِ انقادَ لربِّهِ وأحسنَ الإجابةَ لهَ، وإلَّا فليكُن اللهُ آثرَ عندَكَ وأكرمَ عليكَ منهُ"1.
 
ومعنى ذلك أنَّ الأخ يجسّد القوّة الّتي تستطيع أن تقهر بها الأعداء وتذلّ بها الباطل، وهو مورد عزّك الّذي تستطيع أن تُعلي هامتك به، وظهرك الّذي تستند إليه، ويدك الّتي تبطش بها. وإذا كان الأخ بهذه المثابة والمنزلة فلا يجوز استغلاله في معصية الله وقهـر عباده، بمعنى أن يتحوّل إلى أداة فساد وعـنصر ضـلال، كمـا أنـّه إذا كان على الحقّ يجب عليك أن تنصره وتُعينه على حلّ مشاكله وتنصحه في شؤونه، فإذا كان مطيعًا لله عاملًا بأمره منقادًا لحكمه، فهذه غاية أمنيَّتك، وإذا انحـرف عن ذلك وابتعد عنه فليكن الله تعالى أكرم عليك منه وآثر لديك.
 
 
 

1- رسالة الحقوق، حق الأخ.
 
 
 
 
 
 
 59

42

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 أداء الحقوق:


إنّ أكثر ما تكون المشكلة في مرحلة العمل والأداء، لا في مرحلة العلم فقط، لأنّ المهمّ أن أعمل بما علمت لا أن أقرأ الحقوق وأتعرّف إليها وأُحْسِنَ تعدادها ثمّ لا أراعيها، فإنّ المطلوب هو أن أتعاطى معها بالأحقّيّة الّتي هي عليها حيث رتّبها الإسلام العزيز وجعل بعضها متقدّمًا على الآخر، وإلَّا لو كان السلوك العمليّ في الحياة لا يبرهن على صدق الموقف فهذا يعني أنّنا لم نتقدّم خطوة واحدة إلى الأمام في العلاقة مع الآخر، بل من خلال معرفتنا بالحقوق أصبحت الحجّة علينا أكبر، والحساب أعظم.

ولذلك لو تفحّصنا مليًّا عن أساليب التعامل والتعاطي بين كثير من الأخوة، ووقفنا في بعض شوارع المسلمين أو مدارسهم أو أسواقهم، لوجدنا ما يعاكس الاتّجاه الّذي تدعو إليه المدرسة القرآنيّة وتحثّ عليه السيرة المباركة لأهل البيت عليهم السلام، وما ذلك إلَّا لانتهاك الحقوق والتعدّي والقيام بما لا يسوغ القيام به ولأجل عدم الالتزام العملي بأيسر حقّ من الحقوق الّتي عدّدها الإمام الصادق عليه السلام ألا وهو أن تحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك، فهل ترى أنّ هذا الحق الأيسر مراعى حينما يعمل أحدنا على الإضرار بالآخر أو مضايقته في مسكنه أو متجره أو موقف سيارته، أو يتمنّى زوال النعمة عنه ويسعى في تشويه سمعته،
 
 
 
 
 
 
60

43

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 وكيف إذا كان ذلك على مستوى الجماعة في ما إذا قطع طريقهم وحال بينهم وبين مقاصدهم وهو يكره ذلك لنفسه فهل يكرهه لغيره؟!


من هنا، كان الواجب أن نقرأ هذه الحقوق في حياتنا اليوميّة من خلال الأعمال لأنّه ربما تخوننا الذاكرة، فننسى ما مرّ بنا وتعود المشكلة كما كانت عليه.

انتهاك الحقوق:

كثيرًا ما تكون المودّة قائمة بأجمل معانيها وصورها بين أخوين، وبعد ذلك تزول لتنقلب إلى كراهية، وفي بعض الحالات إلى عداوة بعد صداقة قديمة وأخوّة حميمة، فما هو السبب يا ترى؟

إنّ السبب هو انتهاك الإنسان لحقّ أخيه، وقيامه بالأسباب الّتي توجب زوال المودّة، والتي من الواجب اجتنابها لا ارتكابها.

أسباب زوال المودّة:

الأوّل: المراء

وهو في اللغة: أن يطعن الرجل في قول الآخر تزييفًا للقول، وتصغيرًا للقائل على نحو الاعتراض.
فإنّ أقلّ ما يمثّله هذا التعامل السيّىء هو التكذيب والإهانة وتقزيم الآخر، مع أنّه من حقّه أن يُحترم ويُوقّر ويصدّق، فكيف تدوم الأخوّة والمودّة دون احترام وكرامة؟!
 
 
 
 
 
 
 
61

44

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 وممّا جاء في ذلك عن الإمام الهادي عليه السلام:

 
"المراءُ يُفسِدُ الصداقةَ القديمةَ ويحلُّ العقدةَ الوثيقةَ، وأقلُّ ما فيه أن تكونَ فيه المغالبة. والمغالبةُ أسُّ أسبابُ القطيعةِ"2.
 
الثاني: إطاعة الواشي3 
 
عن الإمام عليّ عليه السلام:
 
"من أطاعَ الواشي ضيّعَ الصديقَ"4.
 
حيث من الطبيعيّ جدًّا أن تؤدّي الوشاية إلى إفساد للمودّة بين طرفين، وزرع الأضغان في صدر كلّ واحد منهما من خلال افتراء كاذب، لا واقع له يتصوّر معه أنّ أحدهما لا يكنّ للآخر أيّ تقدير وإنّما يتربّص به الدوائر، وهذا إنّما يحصل في ما إذا استجاب الإنسان وأصغى للنمّام الكاذب الّذي أراد الوقيعة به، أمّا إذا تابع موازين الشرع المبين وكذّب سمعه، وردّ مقالة هذا المبطل فإن المودّة والإخاء يدومان بأمن وسلامة.
 
وعليه، ما يفسد العلاقة هنا ليس الواشي لوحده فهو جزء السبب والجزء الآخر هو المطيع لوشايته، إذ ما كانت لتُحلُّ العرى الوثيقة بينه وبين أخيه لو لم يُطعه ولكان الأمر سيبقى على ما يرام، وهنا يكون المورد محلًّا للامتحان من أجل أن يعرف
 
 
 

1- أُسُّ الشيء يعني أصله.
2- ميزان الحكمة، ح10293.
3- الواشي والوشاء: النمّام.
4- بحار الأنوار، ج71، ص 164.
 
 
 
 
 
 
62

45

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

  مدى الوعي لدى الإنسان هل هو متسرّع يعير أذنه لأيّ شخص، ويحكم على أساس الكلام الواهن، أو أنّه متأنٍّ غير عجول يسلك سبيل الاحتياط الّذي فيه النجاة؟

 
الثالث: ذهاب الحشمة
 
فقد جاء عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"لا تُذهِبِ الحشمةَ بينَك وبين أخيكَ وأبقِ منها، فإنّ ذهابَ الحشمةِ ذهابُ الحياءِ، وبقاءَ الحشمةِ بقاءُ المودَّةِ"1.
 
لا شكّ أنّ الابتذال والتصرّف أمام الآخر كأنّه غير موجود، ولجوء الأخ إلى القيام ببعض الأعمال بداعي أنّه لا كلفة بين الإخوان مع أنّها غير لائقة ولا مناسبة، يؤدّي إلى هوان الإنسان على أخيه ويُسقطه من عينه، فلا يقيم له وزنًا ولا تدوم بينهما مودّة لأنّها قائمة على تقدير كلّ منهما للآخر واحترامه، فإذا أهان الواحد نفسه من خلال عدم حيائه كيف يطلب من الآخرين تكريمه بعدما لم يترك ما يساعده على الاحتفاظ بكيانه الجميل من حشمته؟!.
 
الرابع:عدم التناصف والتراحم
 
في الحديث عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام:
 
"تحتاجُ الأخوّةُ بينهُم إلى ثلاثةِ أشياءٍ، فإن
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح 169.
 
 
 
 
 
 
 
63

46

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

  استعملوها وإلَّا تبايَنوا وتباغَضوا وهي: التناصفُ والتراحمُ ونفيُ الحسدِ"1.

 
الخامس: الحسد
 
حيث لا تجتمع الأخوّة الصادقة مع الحسد، وتمنّي الأخ زوال النعمة عن أخيه، وهذا ما أشير إليه في الحديث السابق.
 
السادس: المخاصمة
 
وهي الجدل ابتداءً، وعدم التوافق والاجتماع في الموقف والرأي أو العمل والسيرة.
 
السابع: الملاعبة
 
وهي عبارة عن التزييف وإبهام الأمور، وإلباسها غير لباسها الحقيقيّ والواقعي، بغية الوصول إلى مآرب لا تتّفق مع التعامل في القضايا بحسب ما هي عليه.
 
الثامن: المجاراة
 
ويراد بها عدم الصدق في الموقف وعدم المصارحة.
 
التاسع: الممازحة
 
الّتي هي الهزل في الخطاب وعدم الجدّيّة، وربما تعدّت إلى جملة من الأعمال مّا يؤذي ويسبّب حرجًا أو ضررًا للطرف الآخر.
 
أمّا الملاطفة والتراحم، فهما على العكس تمامًا، فإنّ الّذي يلاطف أخاه بغية إدخال السرور على قلبه يكون مأجورًا، وهو أمر مطلوب ورد الحثّ عليه في أخبار المعصومين عليهم السلام.
 
 
 

1- تحف العقول، ص223.
 
 
 
 
 
 
64

47

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 العاشر: المواضعة


ويعنى بها وضع شأن الآخر وتصغيره وخفضه. وكثيرًا ما يقع في هذه الآفّة الأقران والزملاء إذا كانوا في صفّ واحد في مدرستهم أو جامعتهم أو مكان عملهم، فأثنى بعض الناس على أحدهم بما فيه من مميّزات ومؤهّلات، فسرعان ما تثور ثائرة قرينه ليسارع إلى تصغيره ووضعه، نتيجة شعوره بنقصٍ في نفسه ودنوٍّ في درجته فيسوّل له الشيطان اختيار أحد أمرين إمّا الاستعلاء الكاذب وادّعاء الرفعة لكي يصل إلى درجة صاحبه، وإمّا إنزال الآخر إلى مستواه، وفي الحالتين سيكون السبيل مذمومًا ومنهيًّا عنه، لأنّ من أقبح الأخلاق أن يدّعي الإنسان صفة ليست فيه وميزة لا يمتلكها، وكذلك أن يسلب الآخر محاسنه وميّزاته بإنكارها، أو من خلال إخفاء المناقب واظهار المثالب.

الحادي عشر: المرافعة

وهي رفع شأن الآخر بما هو ليس فيه من خلال الإطراء والمديح، وإبرازه في صورة لامعة لا مثيل لها مع أنّه ليس كذلك، وهذا ما يكثر حينما تتقاطع المصالح بين الناس أو مع أصحاب المال وذوي النفوذ من الرؤساء والوزراء والمسؤولين في شتّى ميادين الحياة، إذا لم يكن الإنسان الّذي يعمل معهم حرًّا وكريمًا.

وقد جاء التحذير من هذه الأمور الستّة الأخيرة على
 
 
 
 
 
 
 
65

48

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

  لسان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، حيث قال له الحارث: يا أمير المؤمنين: "أنا والله أحبّك"، فقال له: يا حارث:

 
"أمّا إذا أحببتَني فلا تخاصِمني ولا تلاعِبني، ولا تُجاريني، ولا تُمازِحني، ولا تواضِعني ولا ترافِعني"1.
 
الثاني عشر: التكلّف
 
وهو أن يجعل الحواجز بينه وبين أخيه ويختلق الرسميّات والبروتوكولات، والأساليب الّتي يصعب معها التعامل والسهولة في المواصلة، وحينئذ يشعر بثقل العلاقة به، وعدم الراحة في الاستمرار ما دام ذلك بينهما.
 
يقول الإمام الصادق عليه السلام:
 
"أثقلُ إخواني من يتكلَّفُ لي واتحفّظُ منه وأخفُّهم على قلبي من أكونُ معه كما أكونُ وحدي"2.
 
الثالث عشر: التأفّف
 
فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"إذا قالَ المؤمنُ لأخيهِ أفٍّ خرجَ من ولايَتِه"3.
 
الرابع عشر: الإهانة
 
روي أنّه نزل جبرائيل على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وقال له:
 
"يا محمّدُ إنَّ ربكَ يقولُ: من أهانَ عبدي المؤمنَ فقدْ استقبلَني بالمحاربةِ"4.
 
 
 

1- الخصال، ص334.
2- المحجة البيضاء، ج3.
3- المؤمن للأهوازي، ح 198.
4- م.ن. ح 186.
 
 
 
 
 
 
 
66

49

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 الخامس عشر: تتبّع العثرات

 
فيما قاله الإمام الصادق عليه السلام:
 
"أقربُ ما يكونُ العبدُ إلى الكفرِ أن يكونَ الرجلُ مؤاخيًا للرجلِ على الدينِ ثمَّ يحفظُ زلّاتهِ وعثراتهِ ليضعَه بها يومًا ما"1.
 
وفي حديث آخر:
 
"لا ترموا المؤمنينَ ولا تتَّبِعوا عثراتهِم فإنَّ من يتبعْ عثرةَ مؤمنٍ يتبعِ اللهُ عزَّ وجلَّ عثرتَه، ومن يتبعِ اللهُ عزَّ وجلَّ عثرتَه فضحَه في بيتِه"2.
 
ثلاثون حقًّا لأخيك عليك:
 
بعد معرفة أسباب القطيعة وزوال المودّة بين الأخوة، نتعرّف معًا إلى الحقوق الأخويّة، وإن كان بعضها أصبح واضحًا حيث تقدّم الحديث عن أضدادها، لكن فلنسمعها مباشرة من فم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول:
 
"للمسلم على أخيه ثلاثونَ حقًّا، لا براءةَ لهُ إلَّا الأداءُ أو العفوُ: يغفرُ زلّتَه، ويرحمُ عبرتَه، ويسترُ عورتَه، ويُقيلُ عثرتَه، ويقبلُ معذِرتَه، ويردُّ غيبتَه، ويُديمُ نصيحتَه، ويحفظُ خلّتَه، ويرعى ذِمّتَه، ويعودُ مرضَتَه، ويشهدُ ميتتَه، ويجيبُ دعوتَه، ويقبلُ هديّتَه، ويكافىءُ صِلتَه، ويشكرُ نعمتَه، ويُحسنُ نصرتَه، ويحفظُ 
 
 
 

1- م.س. ح 171.
2- م.ن. ح 188.
 
 
 
 
 
 
 
67

50

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 خليلتَه، ويقضي حاجتَه، ويشفعُ مسألتَه، ويُسمِتُ عطستَه، ويُرشِدُ ضالَّتَه، ويردُّ سلامَه، ويطيبُ كلامَه، ويبرُّ أنعامَه، ويصدِّقُ أقسامَه، ويوالي وليَّه ويعادي عدوَّه، وينصرُه ظالمًا أو مظلومًا ــ فأمّا نصرتُه ظالمًا فيردُّه عن ظلمِه، وأمّا نصرتُه مظلومًا فيُعينُه على أخذِ حقِّه ــ ولا يسلمُه، ولا يخذلُه، ويحبُّ له من الخيرِ ما يحبُّ لنفسِه... ويكرهُ له من الشرِّ ما يكرهُ لنفسِه، ولا يبرأُ المسلمُ يومَ القيامةِ من هذهِ الحقوقِ إلَّا إذا أدّاها أو نالَ من صاحبِه العفوَ"1.

 
وقفة خاطفة:
 
إنّ إفراد كلّ حق على حدة أكثر إعانة لمحاسبة النفس على مراعاته أو انتهاكه، لذا لا بدّ لنا من وقفة تأمّل في هذه العُجالة نستعرض ضمنها هذه الحقوق عارضين أنفسنا عليها عمليًّا، في مقارنة لو نجحت لساهمت في سعادتنا الأبديّة.
 
1- العفو عن الزلّات:
 
إنّ أخاك ليس ملَكًا من الملائكة ولا نبيًّا من الأنبياء، بل هو بشر مثلك يصدر عنه الزلل ويخطىء في بعض الأحيان، ومن حقّه عليك أن تغفر له زلّته وتتجاوز عن خطيئته.
 
 
 

1- كنز الفوائد، ج1، ص306.
 
 
 
 
 
 
 
 
68

51

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:

 
"شرُّ الناسِ من لا يعفو عن الهفوةِ ولا يسترُ العورةَ"1.
 
وقيلَ لأحدِهم: أيُّ الأخوانِ أحبُّ إليكَ؟ فقالَ: "الذي يغفِرُ زللي ويسدُّ خللي"2.
 
2- المواساة في المصائب:
 
في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"من أكرمَ أخاهُ المسلمَ بكلمةٍ يلطّفُه بها وفرّجَ عنه كُربَته لم يزلْ في ظلِّ اللهِ الممدودِ عليهِ الرحمةُ ما كانَ في ذلكَ"3.
 
3- ستر العورة:
 
فإنّه من واجب الأخ إذا رأى بادرة سيّئة من أخيه، أن يسترها لأنّ الله سبحانه يحذّر من نشر الفواحش يقول تعالى:
 

 

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ4.
 
4- إقالة العثرة:
 
حيث إنّ من أخلاق المؤمن أن يمتلك قلبًا كبيرًا وروحًا سامية، يستوعب بهما عثرات إخوانه، ولا يعطي الأمور أكثر من ما هي عليه، بل يتسامح ويقبل عذر الآخر، والأفضل أن يتغاضى دون الحاجة إلى الاعتذار.
 
 
 

1- تحف العقول، ص63.
2- كنز الفوائد، ج1، ص100.
3- الكافي، ج2، ص260.
4- سورة النور، الآية: 19.
 
 
 
 
 
 
69

52

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 في الحديث:

 
"شرُّ إخوانِكَ من أحوجَك إلى مداراةٍ وألجأَك إلى اعتذارٍ"1.
 
5- ردّ الغيبة:
 
إنّ الغيبة انتهاك فاضح لحقوق الآخرين، ويحرم استماعها، ويجب ردّها، وإلَّا فقد ورد:
 
"السامع للغيبة كالمغتاب"2.
"السامعُ للغيبةِ أحدُ المغتابين"3.
 
6- قبول المعذرة:
ليس من الصواب ألاّ يعترف إليك أخوك بخطئه إذا كان، ولكن الأسوء أن لا تقبل معذرته حينما يأتيك نادمًا.
 
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
 
"واقبلْ عذرَ أخيكَ فإن لم يكن له عذرٌ فالتمس له عذرًا، ولا تُكثِرَنَّ العتابَ فإنَّه يورثُ الضغينةَ"4.
 
7- تقديم النصيحة:
عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"لينصح الرجلُ منكمْ أخاهُ كنصيحتِه لنفسِه"5.
 
8- حفظ الأخوَّة:
الأخ الصالح جوهرة ثمينة لا تقدّر بشيء، ولا بدّ من الحفاظ عليها.
 
 
 

1- غرر الحكم ودرر الكلم، 1 - 403 - 28.
2- م.ن. 1 - 56 - 1215.
3- م.ن. 1 - 10 - 1639.
4- تحف العقول، ص79.
5- الكافي، ج2، ص208.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
70

53

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 9- رعاية الذمّة:

فالمؤمن له كرامة عند الله لا بدّ من رعايتها وصيانتها، ومنها رعاية ذمّته في الحرب والسلم وفي السرّاء والضرّاء.
 
10- عيادة المريض:
 
عن الإمام الباقر عليه السلام:
 
"كان فيما ناجى به موسى بنُ عمرانَ ربَّه عزَّ وجلَّ أن قالَ لَهُ: يا ربِّ ما بلغَ من عيادةِ المريضِ من الأجرِ؟ فقالَ تعالى: أُوكلَ بهِ ملَكًا يعودُه في قبرِه إلى محشرِه"1.
 
11- حضور الجنازة:
 
إنّ من حقّ الأخ على إخوانه أن يحضروا جنازته ويشيّعوه إذا مات.
 
في الحديث:
 
"من حملَ أخاهُ الميتَ بجوانبِ السريرِ الأربعة محى اللهُ عنه أربعينَ كبيرةً من الذنوبِ الكبائرِ"2.
 
12 - إجابة الدعَوة:
 
قد يقول بعضنا: إنّ كثيرين يدعونني إلى بيوتهم ومآدبهم، لكنّني عادة لا أجيب دعوة أحد. 
 
إنّ ذلك ليس من أخلاق الإسلام طالما أنّ عدم
 
 
 

1- المحجة البيضاء، ج3، ص410.
2- م.ن، ج3، ص415.
 
 
 
 
 
 
 
 
21

54

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

  الاستجابة لم يكن لعذر واضح كمرض ونحوه.

 
يقول الإمام الصادق عليه السلام:
 
"منَ الحقوقِ الواجباتِ للمؤمنِ على المؤمن أن يُجيبَ دعوتَه"1.
 
13- قبول الهديّة:
 
إذا قدَّم لك أخوك هديّة فمن حقِّه عليك أن تقبلها منه.
 
في الحديث:
 
"من تكرمةِ الرجلِ لأخيهِ المسلمِ أن يقبلَ تحفَتَه وأن يُتحِفَه بما عندَه ولا يتكلَّف لَهُ شيئًا"2.
 
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"لو أُهدِي إليَّ ذراعٌ لقبلْتُ"3.
 
14- مكافأة الصلة:
 
من الحقوق المتبادلة المكافأة بالمثل، فإذا قدّم لك أخوك خدمة عليك أن لا تنساها وبادر إلى تقديم خدمة مماثلة لها.
 
15- الشكر على النعمة:
 
والمراد أن يشكر الله تعالى أنّه قد أنعم على أخيه وقضى حاجته، فلا ينافسه ولا يحسده، بل يفرح كما لو أنّ النعمة كانت له تمامًا، وليس من غلٍّ في قلبه على الاطلاق كما في الوصف القرآنيّ:
 
 
 
 

1- المحاسن، ص411، ح141.
2- جامع السعادات، ج2، ص152.
3- م.ن.
 
 
 
 
 
 
 
72

55

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا1.

 
16 - الانتصار لأخيه:
عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"من ردَّ عن عُرضِ أخيهِ بالغيبِ كانَ حقًّا على اللهِ أن يردَّ عن عرضِه يومَ القيامةِ"2.
 
وعن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"ما منْ مؤمنٍ يعينُ مؤمنًا مظلومًا إلَّا كان أفضلَ من صيامِ شهرِ رمضانَ واعتكافِه في المسجدِ الحرامِ"3.
 
17 - رعاية عائلته:
 
ويكون ذلك فيما إذا كان أخوك مسافرًا، فمن حقّه أن تتفقّد عائلته، وترعى أولاده، وتسألهم عن احتياجاتهم.
 
18 - قضاء حوائجه:
عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"قضاءُ حاجةِ المؤمنِ خيرٌ من عتقِ ألفِ رقبةٍ، وخير من حملانِ ألفِ فرسٍ في سبيلِ اللهِ"4.
 
19 - الشفاعة في مسألته:
 
والمراد بها أن يقوم الأخ بدور الوسيط؛ لأجل أن يبلغ الآخر مسألته الّتي يطلبها، والوساطة مع القدرة عليها حقّ له عليك.
 
 
 

1- سورة الحجر، الآية: 141.
2- المحجة البيضاء، ج3، ص152.
3- ثواب الأعمال، ص47.
4- مصادقة الإخوان، ص54، ح3.
 
 
 
 
 
 
 
 
73

56

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 20- تسميتُ العطسة:

 
فإنّه ليست الحقوق الكبرى وحدها أولاها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم اهتمامه في تعدادها، بل الأمور الصغيرة الّتي تعبّر عن احترام المؤمن لأخيه، كما تقدّم في الحديث النبويّ الحقوقيّ الجامع.
 
وممّا ورد: كنّا جلوسًا عند أبي عبد الله عليه السلام إذ عطس رجل، فما ردّ عليه أحد من القوم شيئًا حتّى ابتدأ هو فقال:
 
"سبحانَ اللهِ ألا سمّتُّم! إنّ من حقِّ المسلمِ على المسلمِ أن يعودَه إذا اشتكى وأن يجيبَه إذا دعاهُ وأن يشهدَهُ إذا ماتَ وأن يُسمِتَه إذا عطسَ"1.
 
21- إرشاد ضالّته:
 
والمراد بذلك أن ترشده إلى السبيل وتساعده في العثور على طفله إن ضاع منه، أو على ماله إن فقده.
 
22 - ردّ التحية:
 
يقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"السلامُ تطوّعٌ والردُّ فريضةٌ"2.
 
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"إذا سلّمَ المسلمُ على المسلمِ فردَّ عليهِ صلَّتْ عليهِ الملائكةُ سبعينَ مرّةٍ"3.
 
 
 

1- الكافي، ج2، ص653، ح 3.
2- حلية المتقين، ص540.
3- المحجة البيضاء، ج3، ص382.
 
 
 
 
 
 
 
74

57

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 23- تحسين كلامه:

 
أي أن يقول له: أحسنت أو طيّب الله أنفاسكم، لأنّ في ذلك تشجيعًا له على قول الحقّ وكلمة الخير.
 
24- موالاة صديقه:
 
أي من حقّ أخيك عليك أن تصادق أصدقاءه، يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
 
"أصدقاؤكَ ثلاثةٌ: صديقُكَ وصديقُ صديقِكَ وعدوُّ عدوِّكَ"1.
 
25- الامتناع عن معاداته:
 
وذلك بأن لا تقف في جبهة من يعادونه ويكيدون له، جاء في الخبر:
 
"لا تتخذَنَّ عدوَّ صديقِكَ صديقًا فتُعادي صديقَك ولا تعمل بالخديعةِ فإنَّها خُلُقُ اللئيمِ"2.
 
26- نُصرته ظالمًا ومظلومًا:
 
في الحديث الشريف:
 
"انصرْ أخاكَ ظالمًا أو مظلومًا، فأمَّا نصرَتُه ظالمًا فيردُّه عن ظلمِه وأما نُصرَتَه مظلومًا فيُعينُه على أخذِ حقِّهِ"3.
 
27 - الامتناع عن تسليمه للعدو:
 
فمن حقوق المؤمن على أخيه أن لا يتركه فريسة
 
 
 

1- نهج البلاغة، ج4، ص 71.
2- تحف العقول، ص60.
3- دار السلام، ج3، ص451.
 
 
 
 
 
 
 
75

58

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

  للعدوّ ولقمة سائغة، وحينما يشتدّ النزال يتجاهله ويتناساه.

في الحديث: 
 
"المسلمُ أخو المسلمِ لا يظلِمُه ولا يخذُلُه ولا يسلمْه"1.
 
28- ترك خِذلانه:
 
حيث يجب أن يكون ظهره الّذي يستند ويلتجىء إليه، وقوّته الّتي يصول بها ويجول.
 
فيما جاء عن الصادق عليه السلام:
 
"ما منْ مؤمنٍ يخذلُ أخاهُ وهو يقدرُ على نصرَتِه إلَّا خذلَه اللهُ في الدنيا والآخرةِ"2.
 
29- أن تحبّ له ما تحبّه لنفسك:
 
ورد في الخبر عن محمّد بن مسلم أنّه قال: أتاني رجل من أهل الجبل فدخلت معه على أبي عبد الله عليه السلام فقال له عند الوداع: أوصني فقال عليه السلام:
 
"أوصيكَ بتقوى اللهِ وبرِّ أخيكَ المسلمِ، وأحبَّ لهُ ما تحبُّ لنفسِكَ واكرَهْ لهُ ما تكرَهُ لنفسِكَ"3.
 
30- أن تكره له ما تكرهه لنفسك:
 
ممّا جاء في وصيّة مولانا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لولده الإمام الحسن عليه السلام:
 
 
 

1- المحجة البيضاء، ج3، ص233.
2- أمالي الصدوق، ص393.
3- أمالي الطوسي، ص94.
 
 
 
 
 
 
76

59

الفصل الخامس: حقوق الإخوان

 "أيْ بنيّ تفهّمْ وصيَّتي واجعلْ نفسَكَ ميزانًا فيما بينَك وبينَ غيرِك، فأحبِبْ لغيرِك ما تحبُّ لنفسِكَ واكرَهْ لهُ ما تكرَهَ لنفسِكَ، ولا تظلمْ كما لا تحبُّ أن تُظْلَمَ وأحسنْ كما تحبُّ أنْ يُحسَنَ إليكَ، واستقبِحْ من نفسِكَ ما تستقبحُ من غيرِكَ"1.

 
 
 

1- تحف العقول، ص56.
 
 
 
 
 
 
70

60

الفصل السادس: آداب الأخوان

 كيف تنجح مع إخوانك؟

 
عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"ألا وإنّ وُدَّ المؤمنِ من أعظمِ سببِ الإيمانِ"1.
 
بعد أن تحدّثنا عن العوامل السلبيّة في العلاقة بين الأخوة، وما تؤدّي إليه من التباعد والافتراق، سوف نتكلّم عن العوامل الإيجابيّة الّتي تؤدّي إلى نموّها وتوطيدها، وما تقتضيه من آداب رتّب الله سبحانه عليها الجزيل من الثواب.
 
عوامل بقاء المودّة:
 
1- الشفقة على الإخوان:
 
فقد جاء عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"إنّ للهِ في خلقِهِ نيّةً وأحبُّها إليهِ أصلبُها وأرقُّها على إخوانِه وأصفاها من الذنوبِ"2.
 
2- زيارة الاخوان:
 
عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"من زار أَخاهُ للهِ لا غيرَ التماسِ موعدِ اللهِ 
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح561.
2- المحجة البيضاء، ص65، ح4.
 
 
 
 
 
 
80

61

الفصل السادس: آداب الأخوان

 وتنجّزَ ما عندَ اللهِ وكّل الله به سبعينَ ألفِ ملكٍ ينادونَهُ ألا طبْتَ وطابَتْ لكَ الجنَّةَ"1.

 
3- مصافحة الإخوان:
 
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"إذا لقِيَ أحدُكم أخاهُ فليصافِحهُ وليسلِّمْ عليهِ فإنّ اللهَ أكرمَ بذلكَ الملائكةَ فاصنَعوا بصنعِ الملائكةِ"2.
 
4- التبسّم في وجوه الإخوان:
 
عن الإمام الرضا عليه السلام:
 
".. ومن تبسّمَ في وجهِ أخيهِ المؤمنِ كتبَ اللهُ حسنةً ومن كتبَ اللهُ لهُ حسنةً لم يعذِّبْهُ"3.
 
5- تلقيم الإخوان:
 
عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"من لقّمَ مؤمنًا لقمةَ حلاوةٍ صرفَ اللهُ عنهُ مرارةَ يومِ القيامةِ"4.
 
ولقد كان عليه السلام يقوم بذلك مع أصحابه.
 
ومن أبرز الّذين كانوا يحرصون على هذه السنّة المباركة في زماننا ممن عاشرناهم هو سيّد شهداء المقاومة السيّد عباس الموسوي رحمه الله، حيث دأب على ذلك مع إخوانه المجاهدين في ثغور الإسلام.
 
 
 

1- المحجة البيضاء، ص85، ح2.
2- م.ن. ص25، ح2.
3- م.ن. ص25، ح1.
4- م.ن. ص64، ح1.
 
 
 
 
 
 
81

62

الفصل السادس: آداب الأخوان

 6- الدعاء للإخوان:

 
عن الإمام الباقر عليه السلام:
 
"عليكَ بالدعاءِ لإخوانِكَ بظهرِ الغيبِ، فإنَّه يهبُ الرزقَ..."1.
 
وفي بعض الأحاديث ورد أنّه كذلك سبب لدفع البلاء عن الداعي إضافة إلى إهالة الرزق عليه كما عن الإمام علي عليه السلام:
 
"دعاءُ المسلمِ لأخيهِ بظهرِ الغيبِ يسوقُ إلى الداعي الرزقَ ويصرفُ عنهُ البلاءَ ويقولُ لهُ اللهُ: لكَ مثلهُ"2.
 
7- تزويج الإخوان
 
عن الإمام الكاظم عليه السلام:
 
"ثلاثةٌ يستظلّون بظلِّ عرشِ اللهِ يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلُّه: رجلٌ زوّجَ أخاهُ المسلمَ أو أخدمَه أو كتمَ لهُ سرًّا"3.
 
8- إطعام الإخوان
 
ويتأكّد ذلك أكثر فيما لو كان أخوك مسكينًا أو يتيمًا أو أسيرًا.
 
قال الله تعالى:
 

 

﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا
 
 
 

1- ميزان الحكمة، ح73,ص75.
2- م.ن. ح53,ص75.
3- بحار الأنوار، ج17، ص653.
 
 
 
 
 
 
 
 
82

63

الفصل السادس: آداب الأخوان

 نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا1.

 
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
 
"من أطعمَ مؤمنًا من جوعٍ أطعمْهُ اللهُ من ثمارِ الجنّةِ، ومن سقاهُ من ظمأ سقاهُ اللهُ من الرحيقِ المختومِ، ومن كساهُ ثوبًا لم يزلْ في ضمانِ اللهِ ما دامَ على ذلكَ المؤمنِ من ذلكَ الثوبِ سلك. واللهِ لقضاءِ حاجةِ المؤمنِ أفضلُ من صيامِ شهرٍ واعتكافِهِ"2.
 
9- كتمان أسرار الإخوان:
 
ولا يُمكن اعتباره من جملة الآداب فحسب إنّما هو من أعظم الواجبات على المؤمن وقد يؤدّي التهاون في ذلك إلى سفك الدماء المحترمة وازهاق الأرواح بمجرّد إفشاء سرّ من أسرار العمل الإسلامي، أو إسداء خدمة مجّانيّة للأعداء لمجرد التهاون بالمعلومات الّتي نحن مأمورون بحفظها والتكتّم عليها، ولذلك لا تنحصر الآثار السيّئة لترك هذا الواجب في المستوى الفرديّ، بل تتعدّاه لتطال المجتمع أو المسيرة ولذلك عبّرت طائفة كبيرة من الروايات عن مدى انزعاج أئمّتنا عليهم السلام من قلّة الكتمان، مثل ما قاله الإمام زين العابدين عليه السلام:
 
"وَدَدْتُ واللهِ أنّي افتدَيْتُ خُصلتينِ في الشيعةِ لنا
 
 
 

1- سورة الدهر، الآيتان: 8 و 9.
2- مصادقة الأخوان، ص24، ح1.
 
 
 
 
 
 
 
83

64

الفصل السادس: آداب الأخوان

 ببعضِ لحمِ ساعدي: النزقُ1 وقلّةُ الكِتمانِ"2.

 
وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
 
".. والمذيعُ لما أرادَ اللهُ سترُه مارِقٌ في الدينِ"3.
 
ويكشف الإمام الصادق عليه السلام الواقع الأليم الّذي عليه الناس قائلًا:
 
"أُمِرَ الناسُ بخصلتينِ فضيّعوهُما فصاروا منهُما على غيرِ شيءٍ: الصبرُ والكتمانُ"4.
 
10- مجالسة الإخوان ومحادثتهم:
 
فعن أبي جعفر الثاني عليه السلام أنّه قال:
 
"أتخلونَ وتحدّثونَ وتقولونَ ما شئتُم؟ فقلتُ: أيْ واللهِ لنخلو ونتحدّثُ ونقولُ ما شِئْنا، فقالَ: أما واللهِ لوددْتُ أنّي معكُم في بعضِ تلكَ المواطنِ. أما واللهِ إنّي لأحبُّ ريحَكُم وأرواحَكُم وإنّكم على دينِ اللهِ ودينِ ملائكتِه فأعينونا بورعٍ واجتهادٍ"5.

11- خدمة الأخوان:
 
عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"المؤمنونَ خدمٌ بعضهُم لبعضٍ، قلتُ: وكيفَ يكونُ خدمًا بعضُهُم لبعضٍ؟ قال: يفيدُ بعضهُم بعضًا"6.
 
 
 

1- النزق: الطيش.
2- ميزان الحكمة، ح54371.
3- م.ن. ح65371.
4- م.ن. 64371.
5- مصادقة الأخوان، ص23.
6- م.ن. ص84.
 
 
 
 
 
 
 
 
84

65

الفصل السادس: آداب الأخوان

 12- إقالة الإخوان

 
وهذا الأمر يعتبر امتحانًا للأخوة الّذين يغرقون في المصالح المادّيّة وعالم التجارة فهل إنّهم سيحافظون على هذه الآداب، أو أنّ المال سيجرّهم إلى ضرب المثُلُ بعرض الحائط رغم ما رتَّبه الإسلام من ثواب على الإقالة.
 
فعن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"أيَّما مسلم أقالَ مسلمًا ندامةً في بيعٍ أقالَهُ اللهُ عثرتَه يومَ القيامةِ"1.
 
13- إدخال السرور على الإخوان:
 
ويكفيك في ذلك أنّه من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى2 وأنّ فيه سرور النبيّّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام، يقول الإمام الصادق عليه السلام:
 
"لا يرى أحدُكم إذا أدخلَ السرورَ على أخيه أنَّه أدخلَهُ عليهِ فقط، بلْ واللهِ علينا، بل واللهِ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم"3.
 
14- الثقة بالأخوان:
 
عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"من كانَ الرهن عندَهُ أوثقُ من أخيهِ فاللهُ منهُ بريءٌ"4.
 
 
 

1- م.س. ص27.
2- م.ن. ص60.
3- م.ن.
4- مصادقة الأخوان، ص37.
 
 
 
 
 
 
 
85

66

الفصل السادس: آداب الأخوان

 فإذا كان الأخ من أهل الثقة لا المكاشرة، عدّ هذا العامل من الحقوق.

 
15- إيثار الإخوان وبرّهم:
 
فقد جاء عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
"ممّا خصَّ اللهُ بهِ المؤمنَ أن يعرّفَه برَّ إخوانِه، وإنْ قلَّ، فليسَ البرُّ بالكثرةِ وذلكَ أنَّ اللهَ يقولُ في كتابه: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ"1.
 
ثمّ قال:
 
"﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ2 ومن عرَّفَه اللهُ ذلكَ فقَدْ أحبَّهُ اللهُ، ومن أحبّهُ اللهُ أوفاهُ أجرَهُ يومَ القيامةِ بغيرِ حسابٍ".
 
ثمّ قال:
 
"يا جميل ارو هذا الحديث لإخوانك فإنّ فيه ترغيبًا للبرّ"3.
 
16- إهداء الإخوان:
 
حيث إنّ تقديم الهديّة للأخ تعبيرًا عن المودّة له ممّا يترك الأثر الكبير في نفسه، ويكون ذكرى دائمة للعلاقة القائمة بينهما على أساس الإيمان والتراحم.
 
 
 

1- سورة الحشر، الآية: 9.
2- سورة التغابن، الآية: 61.
3- مصادقة الأخوان، ص66.
 
 
 
 
 
 
 
86

67

الفصل السادس: آداب الأخوان

 يقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:"تَهادوا تَحابّوا"1.

 
بينما قبول الهديّة من أخيك هو من الحقوق، كما تقدّم، وإن كان الإهداء من الآداب. نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لأداء حقوق الإخوان، والتحلّي بآدابهم، إنّه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
 
 
 

1- المحجة البيضاء، ج3.
 
 
 
 
 
 
87

68

الفهرس

 الفهرس

حقيقةالأخوّةهلأنتأخحقًّا؟

7

أهميّةالأخوّة

9

دورالتآخيفيبناءالفرد

11

دورالتآخيفيبناءالمجتمع

14

لماذاسُمّواإخوانًا؟

16

لماذاتؤاخي؟

16

كيفتختارأخًالك؟

19

أصنافالإخوانهلتعرفإخوانك؟

23

إخوانالثقةوإخوانالمكاشرة

25

خصلتانهامّتان

29

أعظمالإخوان

30

إخوانالصدقمنتؤاخي؟

33

ـالعالمالربّاني

35

ـالحكيمالإلهيّ

37

ـالمحبّفيالله

38

ـالمواسيلك

38

ـالداعيإلىاللهتعالى

38

ـالمعينعلىالطاعة

39

خيرالجلساء

40

وصيةجامعة

41

أصدقاءالسوءلاتُؤاخِهؤلاء

43

الأحمقالكذّاب

45

صاحب الغاية الدنيويّة

46

الضَّال المُضِلّ

47

الفاجر

47

البخيل

48

الفاسق

48

 

 

 

 

 

 

 

88

 


69

الفهرس

 

القاطعلرحمه

49

الكافر

49

الشرّير

50

صاحباللهو

50

الجبان

50

ناشرالمثالب

50

رهينالمداراة

51

مجهولالمواردوالمصادر

51

الزاهدبأخيه

51

صاحبالبدعة

52

ـالنمّامالخائنـالظلوم

52

متتبِّعالعيوب

52

المائق

52

المرتاب

53

سريعالانقلاب

53

المثبِّطعنالخير

53

المُداهن

53

السبّاب

53

مزيّنالمعصية

54

الخاذل

54

حقوقالإخوانكيفتؤدّيحقّأخيك؟

55

عظمةحقّالأخ

57

معرسالةالحقوق

58

أداءالحقوق

59

انتهاكالحقوق

60

أسبابزوالالمودّة

60

ثلاثونحقًّالأخيكعليك

66

وقفةخاطفة

67

آدابالإخوانكيفتنجحمعإخوانك؟

77

عواملبقاءالمودّة

79

الفهرس

87

 

 

 

 

 

 

 


70
إخوة الإيمان