الولد الصـالح

كان هذا الكتاب يتحدث عن تربية الأبناء بمراحلها المتعددة ووسائلها المتنوعة كما أرشدنا إليها الإسلام العظيم. نسأل الله تعالى أن يوفقنا للعمل بما أمر به ويجنبنا ما نحذر منه إنه سميع الدعاء...


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-08

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


مقدمة

 المقدمة
 
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على أشرف مخلوقاته سيدنا أبي القاسم محمد، وعلى آله الأطهار.

إن تربية الأطفال مسألة تفوق في أهميتها مجرد العلم والمعرفة، لأنها ترسم المستقبل المأمول للأمة.

وقد حفل الدين الإسلامي العظيم بالكثير من النصوص التي اهتمت بهذه المسألة الاساسية في صناعة الإنسان السليم بمنهجه القويم. ولكي لا يكون مصيرنا كمصير من قال في حقه الله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّ﴾(مريم:59).

 كان هذا الكتاب يتحدث عن تربية الأبناء
 
 
 
 
 
 
 
5

1

مقدمة

 بمراحلها المتعددة ووسائلها المتنوعة كما أرشدنا إليها الإسلام  العظيم. نسأل الله تعالى أن يوفقنا للعمل بما أمر به ويجنبنا ما نحذر منه إنه سميع الدعاء.

 

 

 

 

 

 

6


2

مقدمة

 تمهيد


أهمية الولد الصالح

‏أن الحاجة للولد هي حاجة فطرية لكل أب وأم، فالولد نعمة من الله تعالى وكم من آباء وأمهات محرومون من هذه النعمة، وعندما يمن الله تعالى عليهم بالولد تملأ الفرحة كل جوانب حياتهم، فكيف إذا كان الولد صالحا مؤمنا يحمل اسم أهله ويحمل الدعوات الصالحة لهم من خلال أخلاقه ودينه، ولذا ورد في الرواية عن رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "من سعادة الرجل الولد الصالح"1. فالولد الصالح الذي يمثل تطلعات والديه ريحانة حقيقية، وعلى عكسه الولد غير الصالح الذي قد يشكل لوالديه مأساة كبيرة ويعرضهما للمهانة في الدنيا والسؤال في الآخرة،
 
 
 
 

1- ميزان الحكمة - محمدي الريشهري، ج‏4، ص‏3303.
 
 
 
 
 
 
 
7

3

مقدمة

 فعن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قال: "ولد السوء يهدم الشرف ويشين السلف"1.


وهناك العديد من الروايات التي تتحدث عن أهمية الولد الصالح في كلا الدارين، الدنيا والآخرة.

أثر الولد الصالح في الدنيا

إن الولد بالإضافة إلى كونه قرة عين للوالدين كما عبرت الآية الكريمة ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾(الفرقان:74)، له كذلك آثار أخرى في الدنيا إن كان من الصالحين حيث إنه يكون عوناً لوالديه على متاعب الحياة ومكاره الدهر ولا سيما عند بلوغ الأهل الكبر، وإصابتهم بالعجز عن العمل، ففي الرواية عن الإمام زين العابدين عليه السلام: إن من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين بهم2.

أثر الولد الصالح في الآخرة

إن الولد الصالح الذي ينشأ على التعاليم الإسلامية، يجرُّ الحسنات إلى أهله بعد موتهما
 
 
 
 

1- ميزان الحكمة - محمدي الريشهري، ج‏4، ص‏3303.
2- وسائل الشيعة (آل البيت)، الحر العاملي، ج17، ص243.
 
 
 
 
 
 
 
 
8

4

مقدمة

 من خلال أعماله الخيِّرة ودعائه لهما، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، وسنّة هدى سنّها فهي يُعمل بها بعد موته أو ولد صالح يدعو له"1.


وكما أن من سنّ‏َ سنَّة حسنةً كان له أجرها، فللأهل الذين علَّموا أولادهم التعاليم الإسلامية، وحلّوهم بمحاسن الأخلاق وكريم الفعال، الأجر من خلال عمل أولادهم بهذه التعاليم. وقد ورد في رواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "مر عيسى ابن مريم عليه السلام بقبر يعذب صاحبه ثم مر به من قابل فإذا هو لا يعذب، فقال: يا رب مررت بهذا القبر عام أول فكان يعذب، ومررت به العام فإذا هو ليس يعذب؟ فأوحى الله إليه أنه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا وآوى يتيما فلهذا غفرت له بما فعل ابنه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ميراث الله عز وجل من عبده المؤمن ولد يعبده من بعده".
 

جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
 
 
 
 

1- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏7، ص‏56.
 
 
 
 
 
 
 
9

5

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 ما قبل الولادة


إن تربية الولد لا تقتصر على معرفة الأسلوب المناسب للتعاطي معه، وعلى إدراك الميول الخاصة به لمراعاتها، بل إن مسألة التربية في الإسلام تبدأ من مرحلة ما قبل الزواج، لتمر بمرحلة اختيار الزوجة إلى الظروف الخاصة التي ينبغي فيها أن تنعقد النطفة، ثم بمرحلة الحمل وما بعد الولادة، ثم تبدأ بعد هذا التربية الفعلية.

وسيكون الحديث في الفصل الأول عن الأمور التي لا بد من أن تلاحظ قبل الولادة من مرحلة اختيار الزوجة، مروراً بفترة الحمل إلى الولادة.

1- إختيار الزوجة

إن للأم دوراً كبيراً في تكوين شخصية الولد، إذ أن الوراثة لها دور كبير في نقل الصفات والخصال

 
 
 
 
 
13

6

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 على حسنها أو قبحها، ومن هنا تنبع أهمية أن يكون الزوج حريصا على حسن الاختيار بين النساء ليختار الوعاء النظيف الذي يضع فيه نطفته التي ستصبح فيما بعد فرداً له دور ومكانة مهمة في مجتمعه. ولأن مسألة العثور على الزوجة المناسبة أم فيه شي‏ء من التعب، نبّه الإسلام إلى ضرورة اللجوء إلى الله تعالى لطلب العون والمساعدة منه للتوفيق لحسن الإختيار، ففي الرواية عن الإمام الصادق: "إذا همّ بذلك فليصل ركعتين ويحمد الله تعالى ويقول:(للهم إني أريد أن أتزوج فقدِّر لي من النساء أعفهن فرجاً، وأحفظهن لي في نفسها وفي مالي، وأوسعهن رزقاً، وأعظمهن بركةً، وقدّر لي منها ولداً طيباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي)1.


كما أن الإسلام العظيم ساعد الإنسان في تحديد الصفات الأساسية التي ينبغي أن تكون في الزوجة، وأهمها صفة التدين، ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من تزوج امرأة لا يتزوجها إلا لجمالها لم ير فيها ما يحب، ومن تزوجها لمالها لا يتزوجها إلا وكله الله إليه، فعليكم بذات الدين"2.

 
 

1- مستند الشيعة، المحقق النراقي، ج‏16، ص15.
2- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏100، ص235.
 
 
 
 
 
 
14

7

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 لا تتزوج من:


وحذر من أنواع معينة من النساء حرصا منه على سلامة الوعاء من الأمور التي قد تؤثر سلباً على المولود وممن التي حذرت منهن الروايات:

أ- الحسناء السيئة المنبت:

فعن الإمام الصادق: قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطيباً فقال: "أيها الناس إياكم وخضراء الدمن، قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء1"2.

ب- الحمقاء:

فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إياكم وتزوج الحمقاء فإنّ‏َ صحبتها ضياع وولدها ضياع"3، لأن الحمقاء بالإضافة إلى عدم حفظها لزوجها، لن تكون قادرة على حفظ أولادها وتربيتهم بالشكل الصحيح.ولحرص الإسلام على تنقية الأجواء التي سينشأ فيها الولد من كل شائبة، دعانا لتتبّع حال

 
 

1- قال الصدوق: قال أبو عبيدة نراه أراد فساد النسب إذا خيف أن تكون لغير رشده، وإنما جعلها خضراء الدمن تشبيها بالشجرة الناضرة في دمنة البقرة وأصل الدمن 
ما تدمنه الإبل والغنم من أبعارها وأبوالها، فربما ينبت فيها النبات الحسن، وأصله في دمنة يقول: فمنظرها حسن أنيق ومنبتها فاسد، قال الشاعر:وقد ينبت المرعى على دمن الثرى      ‏وتبقى حزازات النفوس كما هيا.ضربه مثلا للرجل الذي يظهر المودة وفي قلبه العداوة (بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 100، ص 232).
2- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏100، ص236.
3- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏100، ص236.
 
 
 
 
 
 
 
 
15

8

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

   أخوة الزوجة، أي أخوال الولد، لأن صفات الخال يمكن أن تنتقل أيضاً إلى الولد، وهذا ما أكدت عليه بعض الروايات فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اختاروا لنطفكم فإن الخال أحد الضجيعين"1.


2- الآداب الخاصة قبل حصول الحمل

1- الأكل المناسب للأب:

إن لنوعية الطعام الذي تنعقد منه نطفة الطفل أثراً عليه، وقد أشارت بعض الروايات إلى هذا المعنى، منها ما في الرواية أن حمل خديجة عليه السلام بالزهراء عليه السلام كان بعد أن أتى جبرائيل بطعام من الجنة للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له جبرائيل: "يا محمد يأمرك ربك أن تجعل الليلة إفطارك على هذا الطعام"2.

ومن هنا أشارت بعض الروايات إلى طعام خاص بالأب، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "من أكل سفرجلة على الريق طاب ماؤه وحسن ولده"3.

وفي رواية أخرى نظر الإمام الصادق عليه السلام إلى غلام جميل فقال: "ينبغي أن يكون أبو هذا الغلام أكل السفرجل. وقال عليه السلام: السفرجل يحسن الوجه، ويجم 4 الفؤاد"5.

 

1- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏100، ص236.
2- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏16، ص 79.
3- مستدرك سفينة البحار، الشيخ علي النمازي، ج‏5، ص62.
4- أي يجمعه ويكمل صلاحه ونشاطه.
5- مستدرك سفينة البحار، الشيخ علي النمازي، ج‏5، ص62.

 
 
 
 
 
 
16

9

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 2- الوقت المناسب لحصول الحمل‏:


أشارت بعض الروايات إلى أوقات يكره فيها الجماع ففي الرواية المروية عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام، أنه سئل: "هل يكره الجماع في وقت من الأوقات؟ فقال عليه السلام: نعم، من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن غياب الشمس إلى غياب الشفق، وفي الليلة التي ينكسف فيها القمر، وفي اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفي اليوم والليلة اللذين تزلزل فيهما الارض، وعند الريح الصفراء، أو السوداء، أو الحمراء، ولقد بات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند بعض نسائه في الليلة التي انكسف فيها القمر فلم يكن منه إليها شي‏ء، فلما أصبح خرج إلى مصلاه فقالت: يا رسول الله، ما

 
 
 
 
 
 
17

10

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

  هذا الجفاء الذي كان منك في هذه الليلة؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما كان جفاء، ولكن كانت هذه الآية، فكرهت أن ألذ فيها، فأكون ممن عنى الله في كتابه بقوله: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَاب مَرْكُوم﴾1، ثم قال محمد بن علي عليه السلام: والذي بعث محمداً بالنبوة، واختصه بالرسالة، واصطفاه بالكرامة، لا يجامع أحد منكم في وقت من هذه الأوقات، فيرزق ذرية فيرى فيها قرة عين"2.


3- الأكل الخاص فترة الحمل

‏الأكل المناسب للأم:

هناك عدة أصناف من الأكل الخاص بالأم أشارت إليها الروايات الشريفة وهي:

أ- البطيخ: فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من امرأة حاملة أكلت البطيخ، لا يكون مولودها إلا حسن الوجه والخلق"3.

ب- الألبان: فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "اسقوا نساءكم الحوامل الألبان، فإنها تزيد في عقل الصبي"4.

 

1-  الطور:44
2- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏14، ص223.
3- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص214.
4- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏95، ص294.
 
 
 
 
 
 
 
18

11

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 ج- اللبان: واللبان مادة تؤخذ من بعض الأشجار وتمضغ كالعلك في الفم وطعمها كريح الصنوبر، ولها العديد من الفوائد، وقد ورد في الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "أطعموا نساءكم الحوامل اللبان، فإنه يزيد في عقل الصبي"1.


 
 

1- مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص‏194.
 
 
 
 
 
 
19

12

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 الأيام السبعة الأولى‏


بعد أن تضع الأم وليدها، اهتم الإسلام بالعديد من الأمور، ولا سيما في الأيام السبعة الأولى، وسنشير إلى أهم هذه الأمور:

 
 
 
 
 
 
21

13

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 1- الأذان والإقامة:


من الأهمية بمكان أن تكون الكلمات التي تطرق سمع الولد للمرة الأولى ذكر الله تعالى، ولهذا كان من المستحبات المشهورة والسنن المأثورة الأذان في أذن الوليد اليمنى والإقامة في اليسرى، ففي الرواية عن الإمام علي عليه السلام: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "من ولد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى، ويقيم في اليسرى، فإن ذلك عصمة من الشيطان، وإنها أمر أن يفعل ذلك بالحسن والحسين، وأن يقرأ مع الأذان في أذنهما فاتحة الكتاب وآية الكرسي وآخر سورة الحشر وسورة الإخلاص والمعوذتان"1.

 
 

1- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص137.
 
 
 
 
 
 
23

14

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 2- العقيقة:


والعقيقة أن يذبح الأب عن المولود كبشاً، ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه ذكر العقيقة والمولود، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كان يوم سابعه فاذبح عنه كبشا"1.

ويستحب أن يكون الحيوان المذبوح ذكراً عن الذكر وأنثى عن الأنثى، فعن الإمام الرضا عليه السلام: "وإذا أردت أن تعق عنه، فليكن عن الذكر ذكرا، وعن الأنثى أنثى"2.

 
 

1- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص140.
2- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص142.
 
 
 
 
 
 
 
24

15

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 3- إختيار اسم ملائم‏:


إن تسمية الولد بالاسم الحسن هي من حقوقه على أبيه ففي الرواية أن رجلاً جاء إلى النبي فقال: يا رسول الله ما حق ابني هذا؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم:"تحسن اسمه، وأدبه موضعاً حسناً"1. لذلك ينبغي الابتعاد عن الأسماء التي تسي‏ء إلى حاملها إما من غرابتها أو من خلال دلالاتها غير السليمة.

ومنا هنا شجعت الروايات على بعض الأسماء المحببة إلى الله ورسوله، كما نبهت إلى أسماء غير مستحبة. فمن الأسماء التي حثت الروايات على التسمية بها:

أ- أسماء العبودية:

والمقصود من أسماء العبودية الأسماء التي تبدأ

 
 

1- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏6، ص‏48.
 
 
 
 
 
 
25

16

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 بعبد، كعبد الله وعبد الرحمن، وعبد الرحيم وغيرها، ففي الرواية عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: "أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية"1.


ب- أسماء الأنبياء:

ففي آخر الرواية السابقة يقول الإمام عليه السلام: "وأسماء الأنبياء"، فهي من أصدق الأسماء أيضاً.

ج- أسم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:

فاسم الرسول الأكرم محمد من أفضل الأسماء، كيف لا وهو أشرف المخلوقات وأعظم الكائنات وسيدهم. وقد ورد في الرواية الشريفة عن أبي عبد الله عليه السلام أن النبي قال: "من ولد له أربعة أولاد لم يسم أحدهم باسمي فقد جفاني"2.

د- اسم أمير المؤمنين عليه السلام:

كما أن اسم علي من الأسماء التي ركز عليها أهل البيت عليه السلام، ويروى انه حينما سأل مروان بن الحكم الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام: ما اسم أخيك، فقال له الإمام عليه السلام: علي قال: علي وعليّ؟! ما يريد أبوك أن يدع أحداً من ولده إلا سماه علياً؟! وعندما رجع الإمام السجاد إلى أبيه الإمام الحسين عليه السلام

 
 

1- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏6، ص‏18.
2- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏6، ص‏19.
 
 
 
 
 
 
 
 
26

17

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 فأخبره بما جرى، قال له: "لو ولد لي مائة لأحببت أن لا اسمي أحداً منهم إلا علياً"1.


هـ- أسماء الأئمة عليهم السلام:

فقد جاء رجل من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام فقال له جعلت فداك، إنا نسمي بأسمائكم وأسماء آبائكم، فينفعنا ذلك؟ فقال عليه السلام: "إي والله، وهل الدين إلا الحب والبغض! قال الله: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم﴾2-3.

و- اسم فاطمة عليها السلام:

ففي الرواية أنّ‏َ الإمام الصادق عليه السلام سأل أحد أصحابه عن مولودة ولدت له: ما سميتها؟ قال: فاطمة، قال آه آه... ثم قال له: "أما إذا سميتها فاطمة فلا تسبها ولا تلعنها ولا تضربها"4.

4- الكنية:

إن من الآداب والسنن المأثورة أن يكنى الولد بكنية محببة وهكذا كانت سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت، فقد ورد في الحديث عن

 
 

1- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏6، ص‏19.
2-  آل عمران:31
3- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص128.
4- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏6، ص‏49.
 
 
 
 
 
 
 
 
27

18

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

  الإمام الرضا عليه السلام: "سمّه بأحسن الأسماء، وكنّه بأحسن الكنى"1.


5- حلق شعر الولد:

وحلق شعر الرأس مستحب للولد الذكر بعد الولادة بسبعة أيام، وهو سُنّة سنها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام في حديث عن أم أيمن أنها قالت: "فلما ولدت فاطمة الحسين عليه السلام، فكان يوم السابع، أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحلق رأسه وتصدق بوزن شعره فضة، وعقّ عنه، ثم هيأته أم أيمن ولفته في برد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم..."2.

6- الختان:

‏إن من السنن الأكيدة التي أكد عليها الإسلام، سنّة الختان، ففي الحديث عن الإمام علي عليه السلام، أنه قال: "أسرعوا بختان أولادكم، فانه أطهر لهم"3.

 
 

1- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص‏127.
2- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص‏143.
3- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص‏150.
 
 
 
 
 
 
 
28

19

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 مرحلة الرضاعة


إن الرضاعة هي الغذاء الأول للطفل المولود حديثاً، ولها أهمية كبيرة في نموِّ الولد وتقوية مناعته من الأمراض البدنية، كما أنها الغذاء الأكمل له ولا يمكن لأي حليب آخر غير حليب الأم أو المرضعة أن يشكل بديلاً عنه.

إلا أن للرضاعة جهة أخرى غير الجهة التي تحدثنا عنها، فالحليب الذي يرضعه الوليد له دور كبير في نقل الصفات من الطرف المرضع إلى الطفل وقد ورد في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: "تخيروا للرضاع كما تتخيرون للنكاح فإن الرضاع يغير الطباع"1.

إلا أن الإسلام أكد على أن حليب الأم هو

 
 

1- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج‏21، ص‏468.
 
 
 
 
 
29

20

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

  الأفضل على الإطلاق، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: "ما من لبن رضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه"1.


ولتعلم الأم التي ترضع أولادها أن لها أجراً مدخورا عند الله تعالى، ففي الرواية أنّ‏َ أمّ‏َ سلمة قالت: يا رسول الله ذهب الرجال بكلّ‏ِ خير فأيّ‏ُ شي‏ءٍ للنساءِ المسا فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "بلى إذا حَمَلت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، فإذا وضعتْ كانَ لها من الأجر ما لا يدري أحدٌ ما هو لعظمه، فإذا أرضعت كان لها بكل مصَّة كعدلِ عتقِ محرر من ولد إسماعيل، فإذا فرغتْ من رضاعِهِ ضربَ ملك كريم على جنبها وقال: استأنفي العمل فقد غفر لك"2.

من لا ينبغي أن ترضع الأولاد:

قلنا إن الأفضل للولد أن ترضعه أمه، لكن لو فرض أن غيرها سترضعه فعليها أن تتجنب من المرضعات صاحبة إحدى الصفات التالية:

1- الحمقاء:

ففي الرواية عن الإمام علي عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إياكم أن تسترضعوا

 
 

1- وسائل الشيعة (آل البيت)، الحر العاملي، ج‏12، ص‏452.
2- وسائل الشيعة (آل البيت)، الحر العاملي، ج‏12، ص‏451.
 
 
 
 
 
30

21

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

  الحمقاء، فإن اللبن ينشئه عليه"1.


2- الزانية وابنة الزنا:

ففي الرواية أن الإمام الكاظم سأله أخوه علي بن جعفر عن امرأة وَلَدَتْ من الزنا هل يصلح أن يسترضع بلبنها؟ فأجاب: "لا يصلح، ولا لبن ابنتها التي وُلِدَتْ من الزنا"2.

3- المجنونة:

وللسبب نفسه فإن اللبن ينقل الآفات الخلقية ففي الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "توقُّوا على أولادكم من لبن البغية والمجنونة، فإن اللبن يعدي"3.

فهذه إطلالة إجمالية على المستحبات التي

 
 

1- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص‏162.
2- ميزان الحكمة، الريشهري، ج‏2، ص‏1088.
3- مكارم الأخلاق، الطبرسي، ص‏223.
 
 
 
 
 
 
 
31

22

الفصل الأول: مرحلة ما قبل التربية

 ينبغي مراعاتها بعد ولادة الولد وقبل بدء التربية الفعلية والعملية، والتي سنتحدث عنها في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى.


 
 
 
 
 
32

23

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 العوامل المؤثرة في التربية


هناك ثلاث مسائل يمكن لها أن تلعب الدور الكبير في تكوين وتركيب شخصية الطفل، إلا أن تأثير هذه المسائل الثلاث، لا يعني أبداً أنه يخرج عن كونه مختاراً، فلو فرضنا أن ولداً تأثر بجو معين وانحرف عن جادة الصواب، فإن ذلك لا يعني أنه مجبر على سلوك درب الانحراف، بل إن الظروف المحيطة به ساعدته على الوقوع بسوء الاختيار والإنحراف. 

ولأجل أهمية هذه الظروف الثلاثة، ينبغي لنا أن نلتفت إليها نحن الأهل، لأن الأهل بالدرجة الأولى هم مسؤولون عن مراقبة وصيانة الظروف المحيطة بأولادهم وعن تربيتهم والإشراف عليهم. وأما الظروف الثلاثة فهي:
 
 
 
 
 
 
35

24

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 1- الأبوان‏


إن الأبوين في عيني الولد هما الأنموذج الكامل، وأول قدوة يحاول أن يقلدها، ولذا فإن الطفل ينظر إلى أفعالهما نظرة على أنها الأعمال الصحيحة، فلا يعتبر أن ما يقومان به هو أمر خاطئ بل إن معيار الصواب لديه هو نفس عمل الأبوين، ولذا فإن الأهل تقع عليهم المسؤولية تجاه الولد من عدة جهات:

أ- اتفاقهما واختلافهما:

فإن الولد حينما يفتح بصره على الحياة في ظروف مليئة بالتشنج والتوتر بين أبويه، ولا سيما حينما يتعاركان أمام عينيه، هذا السلوك الخاطئ من الأهل، يجعل نفسية الولد مضطربة ومتوترة على الدوام.
 
 
 
 
 
 
 
 
37

25

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

1- ميزان الحكمة، الريشهري، ج‏1، ص‏236.

2- وسائل الشيعة الإسلامية، الحر العاملي، ج‏15، ص‏123.


لأن الولد سيحمل معه هذه العادات لكونه يعتبرها من الكمالات لا من السيئات، ولو تعوّد على فعلها منذ الصغر اقتداءً بذويه فإنه وإن علم بقبحها في مرحلة وعيه، فإن من الصعب اقتلاعها حينئذٍ، ويتحمل الأهل مسؤولية ذلك، ولا سيما إذا كانت العادات هذه من المحرمات الشرعية بناء على قاعدة الحديث الشريف المروي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "... إياك أن تسنّ‏َ سنَّة بدعةٍ فإنّ‏َ العبد إذا سن سنَّةً سيئةً، لحقه وزره ووزر من عمل بها"1.

2- المدرسة

المدرسة هي البيئة الثانية التي يأخذ منها الطفل علومه الأولى، ولذا فإن اختيار الأهل للمدرسة الملائمة للطفل له الدور الكبير في الحفاظ على سلامته الدينية بحيث يتربى على المبادئ الصالحة التي يرغب الأبوان في أن يحملها ولدهما عند كبره، فإن المدرسة الجيدة التي تبني الأولاد على مبادئ الإسلام، هي الموضع الصالح الذي أشارت إليه الروايات؛ ففي وصية النبي لعلي عليه السلام قال: "يا علي حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه ويضعه موضعاً صالحاً"2.
 
 
 

1- ميزان الحكمة، الريشهري، ج‏1، ص‏236.
2- وسائل الشيعة الإسلامية، الحر العاملي، ج‏15، ص‏123.
 
 
 
 
 
 
 
 
38

 


26

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 3- الأصدقاء


على الأهل أن يلتفتوا جيداً إلى خطورة الأصدقاء، وإلى كيفية اختيار الطفل لهم، فإن الصديق يوثر على الصديق، ولذا أكدت الروايات على اتخاذ الصديق الحسن ففي الرواية عن الإمام علي عليه السلام: "ليس شي‏ء أدعى لخيرٍ، وأنجى من شرٍ، من صحبة الأخيار"1. كما أن الصديق السيئ يفسد الجيد كما تفسد الفاكهة الفاسدة الفاكهة الجيدة، ومن هنا كان التحذير في الروايات من صحبة الأشرار، ففي الحديث عن الإمام علي عليه السلام: "صحبةُ الأشرار تُكسِبُ الشرَّ، كالريح إذا مرَّتْ بالنَتن حملت نتنا"2 .
 
 
 

1- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج‏2، ص 1568.
2- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج‏2، ص 1568.
 
 
 
 
 
 
39

27

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 المراحل العمرية الثلاث‏


ورد في الحديث الشريف عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "الولد سيد سبع سنين وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين فان رضيت خلائقه لإحدى وعشرين، وإلا فضرب على جنبه فقد أعذرت إلى الله تعالى"1.

قسَّم الحديثُ الشريف المراحل التربويَّة للطفل إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: وهي مرحلة الطفولة، ومرحلة اللهو واللعب عند الطفل، ولذلك وصفه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالسيد، لأن الولد لا يلام في هذا العمر على كثير من التصرفات لمحدودية قدراته الفكرية وانصرافه في هذه المرحلة إلى كماله الخاص به وهو اللعب واللهو.
 
 
 

1- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏101، ص 95.
 
 
 
 
 
 
 
41

28

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 المرحلة الثانية: وهي مرحلة ينبغي أن تكون مرحلة التربية المباشرة والتأديب بأسس الأخلاق والخصال الحميدة ولذلك عبرت عنه الرواية بالعبد أي يتلقى الأوامر وتراقب تصرفاته.


المرحلة الثالثة: وهي مرحلة الشباب والمراهقة فيلازم أباه فيها كملازمة الوزير للملك فيكتسب من خبرات أبيه في الحياة ويتعلم أساليب العمل والعيش...

وسنتحدث عن هذه المراحل بشي‏ء من التفصيل مستعينين بما ورد في الشرع الأقدس من إرشادات عامة أو خاصة بهذه المراحل.
 
 
 
 
 
 
 
 
42
 

29

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 المرحلة الأولى 1-7 سنوات


إن طبيعة الطفل في السنوات السبع الأولى من عمره، طبيعة بريئة ولطيفة، كما أن المستوى العقلي لدى الولد ولا سيما في السنوات الثلاث الأولى من عمره، محدود للغاية، ومن هنا أرشدتنا الروايات إلى عدة أمور ينبغي مراعاتها في هذا العمر وفي هذه المرحلة الأولى ومن هذه الأمور:
 
 
 
 
 
 
 
 
43

30

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 1- التغذية العاطفيَّة


والمقصود بها هنا المحبة وإظهارها للطفل، فهي الغذاء الروحي الأول لشخصيته، وإعطاء العاطفة للطفل يتم من خلال أمور:

أ- التعبير الكلامي:

والتعبير الكلامي أسلوب ندبت إليه الروايات، كما أن ذلك كان من فعل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت، فهذا الرسول يقول عن الحسن والحسين عليه السلام: "اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما"1.

ومن كلام أمير المؤمنين يخاطب به ولده الحسن بكلمات بليغة يفيض منها الصدق وتعبق بحنان الأبوة الجارف فيقول له: "... 
 


1- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏37، ص 74.
 
 
 
 
 
 
 
45

31

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 ووجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كأن شيئاً لو أصابك أصابني، وكأن الموت لو أتاك أتاني"1.


وليعلم الأب والأم الكريمان أن محبة الأطفال زيادة عن كونها غريزة إنسانية جعلها الله في كل إنسان، فهي من الأمور التي يحبها الله تعالى في عباده، بل جعلها من الأعمال ذات الفضل الكبير عنده، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: قال موسى: " يا رب أيّ‏ُ الأعمال أفضل عنك؟ قال: حبّ‏ُ الأطفال، فإني فطرتهم على توحيدي، فإن أمَتُّهُمْ أدخلتهم جنتي برحمتي"2. وفي رواية أخرى أن الله تعالى يشفق على المحب لولده فينزل عليه الرحمة لأجل حبه له، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ‏َ الله عز وجل ليرحم العبد لشدةِ حبِّه لولده"3.

ب- تقبيل الولد:

من الأمور التي تشحن الولد بالعاطفة التقبيل، فقد كان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يقبّل الحسن والحسين عليه السلام فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من لا يرحم لا يُرحم"4.
 
 

1- نهج البلاغة، خطب الامام علي عليه السلام، ج‏3، ص 38.
2- مستدرك سفينة البحار، الشيخ علي النمازي، ج‏6، ص 551.
3- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج‏4، ص 3669.
4- وسائل الشيعة آل البيت، الحر العاملي، ج‏21، ص 485.
 
 
 
 
 
 
 
46

32

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 ولتقبيل الولد ثواب كبير عند الله تعالى؛ ففي الرواية عن الإمام علي عليه السلام: "أكثروا من قبلة أولادكم فإن لكم بكل قبلة درجةً في الجنَّة مسيرةَ خمسمائةِ عامٍ"1.


وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من قبَّل ولده كتب الله عز وجل له حسنة، ومن فرّحه فرَّحه الله يومَ القيامة..."2.

ج- التّصابي لهم:

فعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "من كان عنده صبي فليتصاب له"3.

والمقصود من التصابي أن لا يتوقع الوالد من ولده سلوك الكبار، بل على العكس، فعلى الوالد أن يتواصل مع الصبي بأسلوبه وبحسب عمره، وقد ورد أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان يلاعب الحسن والحسين عليه السلام ويتصابى لهما، ففي الرواية عن جابر قال: "دخلت على النبي والحسن والحسين عليه السلام على ظهره وهو يجثو لهما ويقول: نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما"4.
 
 
 

1- وسائل الشيعة آل البيت، الحر العاملي، ج‏21، ص 485.
2- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏6، ص‏49.
3- وسائل الشيعة آل البيت، الحر العاملي، ج‏21، ص 486.
4- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏43، ص 285.
 
 
 
 
 
 
 
 
47

33

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 2- الابتعاد عن أسلوب الضرب


‏إن الولد في صغره لا يعرف وسيلة للتعبير سوى البكاء، وعلى الأهل أن لا ينزعجوا من ولدهم لبكائه، بل عليهم البحث عن سببه وما يريد هذا الولد من بكائه.

فوظيفة الأهل في هذه الحالة أن يتحملوا هذا الأمر، وألا يقدموا على ضرب الأطفال بسبب بكائهم: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فإن بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله، وأربعة أشهر الصلاة على النبي وآله، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه"1.

وقد يكون بكاء الولد لمرض أصابه، فعلى الأهل في هذه الحالة أن يستعينوا بالصبر على مرض الأولاد وبكائهم، وليتذكروا الحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام في المرض يصيب الصبي فقال عليه السلام: "كفارة لوالديه"2.

3- عدم العلاقة الخاصة أمامه

‏من الأمور التربوية غير السليمة والخطرة على الطفل إقامة العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة أمام مرأى الطفل الصغير، وقد نهت الكثير من
 
 
 

1- وسائل الشيعة آل البيت، الحر العاملي، ج‏21، ص 447.
2- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏6، ص‏52.
 
 
 
 
 
 
 
48

34

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

  الروايات عن هذا العمل، ومن تلك الروايات ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده لو أن رجلا غشي امرأته وفي البيت صبي مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما، ما أفلحَ أبداً إذا كانَ غلاماً كانَ زانياً أو جاريةً كانتْ زانيةً"1.

 
 

1- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏5، ص‏500.
 
 
 
 
 
 
 
49
 

35

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 4- عدم التمييز بين الأولاد


إن التمييز بين الأولاد هو أرضية خصبة للكثير من المشاكل النفسية التي ستشوه نفس الطفل وتكبر معه لتتحول بعد ذلك إلى تهديد قد يوصله المهالك.

فالتمييز قد يتسبب في نشوب الغيرة والحسد، والأحقاد بين الأخوة، ولأجل ذلك كان ديدن أهل البيت و أن يعدلوا بين الأولاد، رغم التميز الحقيقي الذي يكون عند بعضهم، وقد ورد في الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام: "والله إني لأصانع بعض وِلْدِي وأجلسه على فخذي، وأكثر له المحبة، وأكثر له الشكر، وإن الحقّ ‏َأي الإمامة لغيره من ولدي، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره، لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف وإخوته"1.

 
 

1- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج‏4، ص 3673.
 
 
 
 
 
 
 
51

36

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 وفي أحسن الأحوال يتسبب بالإحساس بالمظلومية وعدم الانصاف، هذا التمييز الذي قد يظهر من خلال مزايا إضافية كالمصروف أو الملبس أو المحبة والعطف...


كيف يكون العدل بين الأولاد؟

لقد أكدت الأحاديث الكثيرة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليه السلام على العدل بين الأولاد فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم"19.

وفي رواية أخرى عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم، كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك"1.

ولكن كيف يكون العدل بين الأولاد؟

أشارت الروايات إلى العديد من الأمور منها:

أ- في الهدايا:

فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "اعدلوا بين أولادكم في النِحَل"2، والمقصود بالنِحَل العطايا والهبات، فليس من المناسب أن يعطي الإنسان ولداً هدية من دون أن يهدي ولده الآخر أيضا، فإن هذا
 
 
 

1- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج‏4، ص 3673.
2- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج‏4، ص 3673.
 
 
 
 
 
 
52

37

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 يشعر الولد الآخر بقلة الاهتمام به، وأنه شخص غير محبوب في العائلة، وأن أخاه أفضل منه، وغير ذلك من المشاعر التي تولد الغيرة والحسد، أو الشعور بالمظلومية.


ب- في التقبيل:

فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القبل"1 فالقبلة، وإن كانت تصرفاً صغيراً، إلا أنها تحمل مداليل عاطفية كبيرة، ومن هنا ورد في الحديث أنه "نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى رجل له ابنان فقبل أحدهما وترك الآخر، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فهلا واسيت بينهما"2، وهذا يظهر مدى حرص الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على مشاعر الأطفال.

ج‌- عدم التمييز بين الجنسين‏:

إن بعض المجتمعات تميز الذكر عن الأنثى فتعطيه الامتيازات، وتحرم الأنثى في المقابل، وقد حارب الإسلام هذا النوع من التربية، وأمر بالاهتمام بالإناث، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم "من كان له أنثى فلم يبدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها، أدخله الله الجنة"3.
 
 
 

1- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج‏4، ص 3673.
2- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج‏4، ص 3673.
3- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج‏3، ص 483.
4- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص 118.
 
 
 
 
 
 
53

38

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

 كما ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "نعم الولد البنات المخدرات1، من كانت عنده واحدة جعلها الله سترا له من النار"2.


5- عدم الخلف بالوعد لهم

‏إن الوفاء بالوعد من الأمور التي أكد عليها الشرع المقدس على كل حال، وفي خصوص الولد هناك تأكيد خاص أيضاً بعدم الخلف بالوعود التي تعطى له، فروح الولد في أوَّل عمره حساسة للغاية، وقد أكدت الروايات على ترك الخلف بما وعد به الأهلُ أطفالهم، فقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "... وارحموهم وإذا وعدتموهم شيئا ففوا لهم فإنهم لا يدرون إلا أنكم ترزقونهم"3.

 
 

1- المخدرات: من الخدر، والخدر هو الستر.
2- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج‏4، ص 3672.
3- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏6، ص‏49.
 
 
 
 
 
 
 
 
54

39

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 المرحلة الثانية( 14 - 7 سنة)


إن السنوات السبع الثانية، أي من عمر سبع سنين إلى سن الأربعة عشر عاماً، هي سنوات اكتساب الصفات والمواهب والتحصيل العلمي للولد، ففي هذا العمر تتوسع القدرات العقلية للولد ويتلقى العلوم الأساسية، والمسلكيات الاجتماعية، كما أن تركيز الأهل على الولد في هذا العمر ينبغي أن يكون أكثر من سابقه ولا سيما على من يصادق...

وقد أشارت الروايات إلى العديد من الأمور التي ينبغي على الولد تحصيلها في هذه السنوات السبع ومنها:

1- الآداب والأخلاق

فإن الولد في هذه الفترة صفحة بيضاء يتلقى
 
 
 
 
 
 
 
57

40

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 الآداب والمسلكيات والأخلاق التي يراها لتترسخ في نفسه ويسير على نهجها، وإن الأساس في سلوكه ينبغي أن يبدأ في هذه المرحلة فعلى الوالدين أن يعلما أولادهما الأخلاق والآداب الاجتماعية، ففي الحديث عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: "أكرموا أولادكم وحسنوا آدابهم يغفر لكم" 1.


وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "لئن يؤدب أحدكم ولداً خير له من أن يتصدق بنصف صاع كل يوم" 2.

 
 

1- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏101، ص 95.
2- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏101، ص 95.
 
 
 
 
 
 
 
 
58

 


41

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 2- التعلم‏


وأساس العلم القراءة والكتابة، وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من حق الولد على والده ثلاثة يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة، ويزوجه إذا بلغ" 1.

وعلى الوالدين أن يراعيا تطورات الزمان في تعليم أولادهما، لأن العلوم في تطور وتوسع مستمر، كما أن العلم هو أساس جل الأعمال في مستقبلهم.

3- تعليم الصلاة

فعن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قال: "علموا صبيانكم الصلاة، وخذوهم بها إذا بلغوا الحلم" 2.

 
 

1- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص 166.
2- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص 169.
 
 
 
 
 
 
59

42

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 وينبغي التنبه هنا إلى تعليم الصلاة في هذا العمر تم تمييزه في الرواية عن عمر البلوغ، فبعد البلوغ يؤخذ بها وهذه عبارة تدل على إلزاميتها وعدم إمكان التراخي فيها، ولكنه قبل ذلك يتعلمها، وهذا يشير إلى أن تعليمه في هذه السن ينبغي أن يكون بالرفق واللين.


4- تعليم القرآن‏

فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "... ومن علمه القرآن دعي بالأبوين فيكسيان حلتين يضيء من نورهما وجوه أهل الجنة"1. والقرآن هو دستور الحياة ونور القلوب، وهو الكفيل بتأمين المساعدة لمن يعي مقاصده ويلتزم بأحكامه، وحيث إن الولد أقدر على حفظ القرآن الكريم من الكهول والآباء، فمن المهم للأهل أن يرشدوا الأولاد إلى حفظ القرآن وتعلم أحكامه ومعانيه. 

5- تعليم الأحاديث الشريفة

أي أحاديث الرسول الأكرم محمد، وأهل بيته، ولابد من أن يراعى في اختيار الحديث أن يحتوي على المضامين الصحيحة وغير الملتبسة

 
 

1- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏6، ص‏49.
 
 
 
 
 
 
60

43

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 وليحذر على الولد في هذا العمر من أي تيارات منحرفة، فإن الولد سهل الاقتناع بما يقال له عادة، وقد ورد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة"1


6- تعليم الحلال والحرام‏

ومن الأمور التي ينبغي تعلمها في هذا العمر الحلال والحرام، والأحكام الشرعية الأساسية، فعن الإمام الصادق، قال: "الغلام يلعب سبع سنين...، ويتعلم الحلال والحرام سبع سنين"2

7- السباحة والرماية

والسباحة والرماية من الرياضات المفيدة، وقد ندبت الروايات الشريفة إلى تعليمها للأولاد، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "علموا أولادكم السباحة والرماية"3.

 
 

1- وسائل الشيعة آل البيت، الحر العاملي، ج‏17، ص‏331.
2- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج‏15، ص 165.
3- وسائل الشيعة آل البيت، الحر العاملي، ج‏17، ص‏331.
 
 
 
 
 
61

44

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 ضرب الأولاد في هذا العمر


ورد في خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في فضل شهر رمضان: "ووقروا كباركم وارحموا صغاركم"1.

إن من الظلم أن يجعل الولد متنفساً للضغط النفسي للأهل، فتصبح طريقة تربيته المتبعة هي الضرب فقط! كالأب المرهق من العمل في خارج بيته، ثم يأتي إلى المنزل ليجد ولده قد أخطأ خطأً ما فلا يتبادر إلى فكره طريقة لتربيته إلا الضرب.


فمن الخطأ والظلم الكبيرين أن يكون الولد ضحية للعقد النفسية التي قد يحملها الأبوان، لذلك نجد الأحاديث الشريفة أشارت إلى أن الضرب ليس هو الأسلوب الأنسب لتربية الولد، فعن أحد أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام قال: شكوت إلى أبى الحسن موسى عليه السلام ابناً لي فقال:

 
 

1- مستدرك سفينة البحار، الشيخ علي النمازي، ج‏10، ص 399.
 
 
 
 
 
 
 
 
63

45

الفصل الثالث: التربية الفعلية

   "لا تضربه واهجره ولا تطل" 1.


فالإمام عليه السلام أجاب السائل بأن لا يضرب ابنه بل يتبع أسلوباً آخر للتقريع إذا كان لا بد منه وهو إشعاره بعدم الرضا من خلال هجره، هذا الهجر الذي لا يجوز أن يتحول إلى قطيعة "لا تطل"، بل يأخذ دوره كتأنيب نفسي رادع له لتصحيح مسلكيته.

حدود ضرب الولد

إذا انقطعت سبل تربية الولد ولم يبق إلا الضرب سبيلاً وحيداً لتأديبه في مفردة ما، فيمكن تأديبه من خلال ذلك، لكن ضمن حدود لا يجوز تجاوزها.

وقد حددت الرواية عن حماد بن عثمان ذلك حيث قال: "قلت لأبي عبد الله عليه السلام في أدب الصبي والمملوك، فقال خمسة أو ستة وأرفق" 2.

فلا يكون الضرب مستمراً وكثيراً لأكثر من خمسة أو ستة، كما لا يكون شديداً بل برفق لا يصل إلى حد تغير لون بشرته نتيجة الضرب إلى الأحمر أو الأسود... فضلاً عن التسبب بأذيته من جرح أو كسرٍ والعياذ بالله.

فإذا تجاوز هذا الحد وجب عليه دفع الدية لولده، وسنشرح فيما يلي هذه الدية.

 
 

1- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏101، ص 99.
2- الكافي، الشيخ الكليني، ج‏7، ص‏268.
 
 
 
 
 
64

 


46

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 دية الضرب‏


لقد جعل الشرع ديّة للضرب القاسي الذي يستعمله بعض الأهل مع أبنائهم، عقاباً لهم على ما اقترفوه بحق الأولاد، ولتوضيح الديات قسمنا الضرب إلى ثلاثة أقسام ضمن الجداول التالية:
 
 
 
 
 
 
 
 
 
65

47

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 دية ضرب الوجه 1:


الحالة/الدية بالذهب

• إذا احمر الوجه: 5,4 غرام 
‏• إذا اخضر الوجه: 10,8 غرام 
‏• إذا اسود الوجه: 21,6 غرام 

الحالة/ ‏الدية بالبعير

‏• إذا تقشر الجلد من دون إدماء بما يشبه الخدش: بعير
• إذا دخل الجرح في اللحم يسيراً: بعيران
• إذا دخل الجرح في اللحم كثيرا ولم يبلغ الجلدة الرقيقة المغشية للعظم: ‏ثلاثة أبعرة
‏• إذا دخل الجرح في اللحم كثيرا وقطعت الجلدة الرقيقة المغشية للعظم: أربعة أبعرة
• ‏الجرح إذا ظهر منه بياض العظم: خمسة أبعرة

دية البدن 2:

الحالة/ الدية بالذهب

• إذا احمر البدن: 2,7 غرام 
‏• إذا اخضر البدن: 5,4 غرام 
‏• إذا اسود البدن: 10,8 غرام

‏وأما الجرح في البدن فتختلف ديته بحسب موضعه من الجسد، وفيه تفاصيل كثيرة تراجع في كتب الفقه.

 
 

1- تحرير الوسيلة، الإمام الخميني قدس سره، ج‏2، ص 536 535، طبعة دار المنتظر.
2- تحرير الوسيلة، الإمام الخميني قدس سره ج‏2، ص 536، طبعة دار المنتظر.
 
 
 
 
 
 
 
66

48

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 المرحلة الثالثة (14 - 21 سنة)


بعد المرحلة الأولى والثانية يصبح عمر الولد أربع عشرة سنة، وفي هذا العمر تبدأ مرحلة المراهقة، ويتميز هذا العمر بالعديد من الأمور على المستوى النفسي والفكري فمن مميزات هذا العمر:

يطمح الشباب بقوة إلى الحرية والاستقلال، ويرغب في القيام بأعماله من دون تدخل الآخرين، واتخاذ القرارات بنفسه أيضاً، ولا يشعر بالحاجة إلى آراء الكبار أي الأهل، في قراراته الخطيرة كترك الدراسة، أو تغيير حقله التخصصي، وغيرها من الأمور 1.

وفي هذا العمر تتفجر المواهب لدى الشباب، وتحتاج إلى التنمية بالشكل الصحيح، فلو كان لدى
 
 
 
 

1- الأفكار والميول، الاستاذ محمد تقي فلسفي، ج‏2، ص 182.
 
 
 
 
 
 
 
 
67

49

الفصل الثالث: التربية الفعلية

  الشاب موهبة الشعر أو الرياضة مثلاً، فلا بد من ترشيد الموهبة، لكي لا تسلك الطريق الخاطئ. وتتميز المرحلة أيضا بأخطر الأمور وهي فوران الغرائز كغريزة القدرة وغريزة حب السيطرة وغريزة التناسل.


ومن هنا ينبغي أن نلتفت إلى خطورة هذه المرحلة على الشباب إذ أن هذه المرحلة هي المفترق الفاصل بين دروب الحياة، فإما أن يسلك الشاب بها درب الهدى، وإما أن ينحرف إلى دروب الغي والضياع.

ومن الأمور التي أرشد إليها الإسلام في هذه المرحلة العمرية:
 
 
 
 
 
 
 
 
 
68

50

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 1- نقل التجارب إلى الشاب


وأفضل نموذج يمكن أن نسلط الضوء عليه في هذا المضمار هو أمير المؤمنين عليه السلام وولده الإمام الحسن، فمن وصيته له: "... فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبُّك لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب، وعوفيت من علاج التجربة" 1.

فالتجربة التي ينبغي أن تنقل للشاب لها دور مؤثر في تأمين سعادته لأنها تكشف له حقائق الأمور، وتمزق أستار الأوهام والتصورات الباطلة، فكل تجربة تفتح في قلب الإنسان باباً من العلم وتقربه من الحقيقة خطوة، فعن الإمام علي عليه السلام: "وفي التجارب علم مستأنف"3.

 
 

1- يكون جد رأيك أي محققه وثابته مستعدا لقبول الحقائق التي وقف عليها أهل التجارب وكفوك طلبها. والبغية بالكسر: الطلب.
2- نهج البلاغة، خطب الامام علي عليه السلام ، ج‏3، ص‏40.
3- الكافي،ج‏8، ص 22.
 
 
 
 
 
 
 
69

51

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 2- التفقه في الدين


لأن الولد يبلغ في هذا العمر سن البلوغ فلا بد له من معرفة التكاليف الإلهية التي ألقيت على عاتقه، وقد ورد في الحديث عن الإمام الكاظم: "لو وجدت شاباً من شبان الشيعة لا يتفقه لضربته ضربة بالسيف"1، وما التعبير بالضرب بالسيف إلا كناية عن أهمية التفقه في مرحلة الشباب.

كما أن التعلم لأحكام الدين والفهم لأهداف الإسلام يؤمنان للشاب هدفاً صالحاً، فلا يترك فريسة لأوهام النفس ووسوسات الأفكار والتيارات المنحرفة، دون إرشاد، مما قد يتسبب بضياعه.

 
 

1- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج‏75، ص 346.
 
 
 
 
 
 
 
 
70
 

52

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 3- الإرشاد إلى القدوة الصحيحة


إن القدوة الصحيحة للشاب هي التي توضح الطريق أمامه في درب المستقبل، والقدوة السيئة هي التي تجرفه إلى وديان الجهالة والانحراف.

وكثيراً ما نجد وسائل الدعاية والإعلام تحاول أن تطرح للشاب قدوات تضيّع الأهداف الحقيقية، بعيداً عن القدوة الحقيقية المتمثلة والمثال الأعلى الذي يتجلى بالرسول الأكرم، وأهل البيت و...

فعلى الأهل دائما أن يلتفتوا إلى شبابهم ليوجهوهم دائماً إلى القدوة الصحيحة، بالشكل الملائم الذي يجعل هذه القدوة هي خيار الشاب وتوجهه ظاهراً وباطناً.

 
 
 
 
 
 
 
 
71

53

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 4- إرشاد الشباب إلى الفتوة الحقيقية


إن عنوان الفتوة والقوّة وحب الاقتدار عند الشباب يكون في أعلى مستوياته في هذه المرحلة العمرية، وتشكل الفتوة بالنسبة إليه أمراً بالغ الأهميّة.

ودور الأهل في هذا المجال يتجلى في إفهام الشاب أن الفتوة الحقيقيّة ليست في عظمة الساعدين ولا عرض المنكبين والقوة في العراك، بل في العقل الواعي والقلب الملي‏ء بالإيمان، فإن هذا المعنى هو الذي يريدنا أهل البيت أن نعيه، ففي الرواية أنه مرّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوم يتساءلون حجراً، فقال: "ما هذا، وما يدعوكم إليه؟ قالوا: لنعرف أشدنا وأقوانا، قال: أفلا أدلّكم على أشدكم وأقواكم؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: أشدّكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
72

 


54

الفصل الثالث: التربية الفعلية

  إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له بحق"1.


فبهذه الخطوات وغيرها نكون قد وجهنا الشاب إلى الهدف الواقعي والصحيح وهو السلوك المستقيم، بحيث يصبح عنصر خير لمجتمعه، يعيش الصلاح في الدنيا، فيكون من أحب الخلائق إلى الله تعالى، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أحبّ‏َ الخلائق إلى الله عز وجل شاب حدث السن في صورة حسن جعل شبابه وجماله لله وفي طاعته، ذلك الذي يباهي به الرحمن ملائكته، يقول: هذا عبدي حقا"2.

 

1- من لا يحضره الفقيه، ج‏4، ص‏407.
2- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج‏2، ص 1401.
 
 
 
 
 
 
 
 
73

55

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 خاتمة


الولد نعمة أنعمها الله تعالى علينا بمجرد وجوده، وأنعم علينا نعمة أخرى بأن أرشدنا إلى طريق هدايته وعرفنا السبيل لتربيته، ولم يترك لنا سوى الاستنارة بهداه والسير على نهج الأنبياء والأئمة الأطهار أعظم المربين للبشرية، لعلنا نوفّق في صناعة إنسان بكل ما للكلمة من معنى، عبد مطيع عارف لربه، مدرك لهدفه، يسير في الأرض ويعمل فيها الصلاح، معمّراً لآخرته.

ولو استطاع الإنسان أن يربي أبناءه بالطريقة التي أرشدنا إليها الإسلام، لكثر الخير في البلاد ولقل الفساد، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لأداء حقوق الأطفال، ويجعلنا أهلاً لامتثال قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً

 
 
 
 
 
 
75
 

56

الفصل الثالث: التربية الفعلية

 وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَ غِلا شِدَا لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾1.


ونسأله كما سأله من قبلنا ممّن كان يؤمن به وبآياته: ﴿... رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾2.

والحمد لله رب العالمين

 
 
 

1- التحريم:6.
2- الفرقان:74.

 

 
 
 
 
 
76

57

الفهرس

 الفهرس

مقدمة

5

تمهيد

7

الفصل الأول: مرحلة ما قبل الولادة

11

ما قبل الولادة

13

1  اختيار الزوجة

13

2  الآداب الخاصة قبل حصول الحمل

17

‏3  الأكل الخاص فترة الحمل

18

‏الأيام السبعة الأولى

21

‏1  الأذان والإقامة

23

2  العقيقة

24

3  إختيار اسم ملائم

25

‏4  الكنية

27

5  حلق شعر الولد

28

6  الختان‏

28

7مرحلة الرضاعة

29

الفصل الثاني: مؤثرات في التربية

33

العوامل المؤثرة في التربية

35

1  الأبوان‏

37

2  المدرسة

38

 

 

 

 

 

 

 

 

77


58

الفهرس

 

3  الأصدقاء

39

المراحل العمرية الثلاث

41

‏المرحلة الأولى

43

‏1  التغذية العاطفية

45

2  الابتعاد عن أسلوب الضرب

48

‏3  عدم العلاقة الخاصة أمامه‏

48

4  عدم التمييز بين الأولاد

51

5 عدم الخلف بالوعد لهم

54

الفصل الثالث: التربية الفعلية

55

المرحلة الثانية

57

1       الآداب والأخلاق

57

2         التعلم

59

‏ضرب الأولاد في هذا العمر

63

دية الضرب

65

‏المرحلة الثالثة

67

1  نقل التجارب إلى الشاب

69

‏2  التفقه في الدين

70

3  الإرشاد إلى القدوة الصحيحة

71

4  إرشاد الشباب إلى الفتوة الحقيقية

72

خاتمة

75

 

 

 

 

 

 

 

 

78


59
الولد الصـالح