فقه العلاقات الزوجية


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-09

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


الفهرس

 الفهرس

 

المقدّمة‏

11

الفصل الأول: الزواج في الإسلام‏

13

الزواج في الإسلام

15

حسن المعاشرة في الحياة الزوجية

29

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

33

أولاً: ما هي أسباب الخلاف؟

35

ثانيا: آثار الخلافات الزوجيَّة

42

ثالثاً: من وسائل علاج الاختلاف بين الزوجين

45

الفصل الثالث: النكاح الدائم

51

‏النكاح هو التزويج، وهو قسمان: دائم ومنقطع

53

صيغة العقد الدائم

53

التوكيل في الصيغة

55

الخطأ في الصيغة

57

شروط العقد

57


 

 

 

 

5

 


1

الفهرس

 

شروط العاقد

59

أولياء العقد

59

الفصل الرابع: المهر

63

نوع المهر

65

المنفعة

66

مقدار المهر

66

تعيين المهر

67

استحقاق المهر

68

تنبيه للزوجة

69

الفصل الخامس: النكاح المنقطع

71

النكاح المنقطع ويقال له, المِتْعة والنكاح المؤجّل

71

صيغة العقد

71

المهر

72

الأجل

73

تجديد العقد

73

التوارث

73

انتهاء الزواج المنقطع

73

التمتّع بالزانية

73

الاشتراط

74

الفصل السادس: أسباب التحريم

75

أسباب التحريم

77

 

 

 

 

6


2

الفهرس

 

السبب الأول - النسب

77

السبب الثاني ـ الرضاع

78

السبب الثالث ـ المصاهرة وما يلحق بها

85

المصاهرة

85

الجمع بين الأختين

86

الزنى واللواط

87

الزواج في العدّة

88

التزوّج بالمتزوّجة

88

الفصل السابع: الفسخ بالعيوب‏

89

جنون الرجل

93

فقدان بكارة المرأة

95

صفات الكمال عند المرأة

96

صفاتٌ عند الرجل

97

الأمراض المعدية أو الخطيرة

97

بعض أحكام الفسخ

99

الفصل الثامن: نفقة الزوجة‏

101

أحكام النفقة

101

نفقة المعتدّة

102

ضابط النفقة‏‏

102

استحقاق النفقة

103

الفصل التاسع: العلاقة الخاصة بين الزوجين‏

105

 

 

 

 

 

7


3

الفهرس

 

أحكام العلاقة الخاصّة بين الزوجين‏

107

الفصل العاشر: أحكام النشوز‏

109

أحكام النشوز

109

نشوز الزوجة

109

‏نشوز الزوج ‏

110

موارد لزوم إذن الزوج‏

111

الفصل الحادي عشر: منع الحمل والإسقاط‏

113

أحكام منع الحمل والإسقاط

115

منع الحمل المؤقّت

115

منع الحمل الدائم‏

115

الحمل الخطر‏

116

منع الإنجاب للرجل

116

إسقاط الجنين‏

116

الخوف من الموت‏

118

الفصل الثاني عشر: الحضانة والولاية‏

119

الحضانة والولاية

121

المقصود بالحضانة

121

حقّ الحضانة

121

‏إرضاع الولد‏

122

 

 

 

 

 

8


4

الفهرس

 

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد‏

125

الطلاق

127

أقسام الطلاق

127

أقسام الطلاق البائن

127

الخُلع‏

128

شروط الخلع

128

البذل ‏

128

صيغة الخلع

129

‏المباراة‏

130

الطلاق الثالث

130

طلاق العدّة

131

النفقة على البائن

132

‏الطلاق الرجعي

132

‏المطلّقة الرجعيّة كالزوجة

133

‏الرجوع في العدّة‏

134

شروط الطلاق

134

‏شروط المطلّقة ‏

135

موارد صحّة الطلاق في الحيض

135

‏موارد صحّة الطلاق في طهر المواقعة‏

136

صيغة الطلاق‏

136

 

 

 

 

 

9


5

الفهرس

 

أحكام المفقود زوجها

137

التوارث‏

139

العِدَد ‏

140

عدّة الوفاة

140

حداد الزوجة

140

عدّة الطلاق

141

1- الصغيرة

141

2- اليائسة

142

3- غير المدخول بها

142

4- عدّة الحامل

142

5- عدّة الحائل

143

مبدأ عدّة الطلاق

144

 

 

 

 

 

 

10


6

مقدمة

 المقدّمة
 
 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى محمد وآله الطاهرين وبعد:
إنّ الحياة السعيدة يطلبها كلّ إنسان مهما كانت عقيدته أو أفكاره، وإن اختلفت السعادة في قواميس الأفراد أو الجماعات، إلا أنّ الاتفاق موجود على أنّ الإنسان يريد أن يعيش حالة الطمأنينة خصوصاً مع القرين والشريك الذي يعيش معه. 

وبما أنّ الزوجة هي قرينة الرجل وشريكة حياته فلا بدّ من الانسجام معها حتى تتحقّق السعـادة المنشودة، ومـع تحقّق السعادة الزوجية للطرفين فإنّها تنعكس على أفراد العائلة، وبصلاح أفراد العائلة ككل ينعكس ذلك على أفراد المجتمع.

وقد اهتمّ الإسلام بصلاح الأفـراد بقدر مـا اهتمّ بصلاح المجتمع، وما وضعـه من القوانين والأحكام في اختيـار الأرضيـة الصالحة لإنجاب أفراد صالحين إلا دليلاً واضحاً على هـذا الاهتمام.
 
 
 
 
 
 
 
11

7

مقدمة

 وهذا الكتاب الذي بين يديك أيّها الزوج العزيز والزوجة العزيزة عرض موجز لبعض الإرشادات والنصائح والأحكام الشرعية التي نؤسّس - بمراعاتها - لحياة زوجيـة سعيدة يجد فيها المرء سَكَنه، ويلتقط نفَسَه، ويأوي إلى حبيبه. ويمكن أن نؤسّس - بعدم مراعاتها - جحيماً لا يطاق، يضاعفُ الهمومَ، ويزيدُ التوتّر، ويشوّشُ الذهنَ، أو وقتاً هدراً، وزمناً ضائعاً وجسداً بلا روح، ورسماً بلا معنى. لا تعدو أن تكون مأوىً، ومطعماً، وقضاءَ وطر، خاليةً من السكن، والمودّة، والرحمة. 


ولهذا لا بدّ للزوجين من العمل على توفير ركنين أساسين: 
الأوّل: جلبُ أسباب المودة، واستدامتُها. والثاني: دفعُ أسباب الخلاف، ورفعُها.
وهذا ما لا يتمّ إلا بمعرفة الحقوق والواجبات وأخلاق الحياة الزوجيّة، وهو ما نهدف إليه من هذا الكتاب.

والحمد لله ربّ العالمين
مركز نون للتأليف والترجمة 
 
 
 
 
 
 
12

8

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 الزواج في الإسلام

 

الزواج من المستحبّات الأكيدة، وقد وردت نصوص كثيرة تحثّ عليه، وتذمّ على تركه، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من أحبّ فطرتي فليستنّ بسنّتي، ومن سنّتي النكاح"1. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "النكاح سنّتي، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي"2، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "ما بني بناء في الإسلام أحبّ إلى الله (تعالى) من التزويج"3، وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "ركعتان يصلّيهما المتزوّج أفضل من سبعين ركعة يصلّيها أعزب"4، وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "رذّال موتاكم العزّاب"5، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أكثر أهل النار العزّاب"6. ولا ينبغي أن يمنع
 
 
 

1- مكارم الأخلاق: ص 196.
2- بحار الأنوار: ج 100، ص 220.
3- من لا يحضره الفقيه: ج 3، ص 383.
4- الكافي: ج 5، ص 328.
5- وسائل الشيعية: ج 20، ص 19.
6- م. ن، ج 20، ص 20.
 
 
 
 
 
 
 
15

9

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 الفقر والعيلة عنه بعدما وعد الله (عزّ وجلّ) بالإغناء والسعة بقوله (عزّ من قائل): ﴿...إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ...﴾1، وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنّه بالله (عزّ وجلّ)"، إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول: ﴿...إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ...﴾2.

 
1- التكامل هدف الزواج: قال الله (تبارك وتعالى): 
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾3.
 
خلق الله (تعالى) لأجلكم (أو لنفعكم) أزواجاً من جنسكم، والهدف هو السكينة الروحيّة والهدوء النفسيّ، فكلّ واحد من الرجل والمرأة مجهّز بجهاز التناسل تجهيزاً لا يكتمل فعله إلّا بمجموع الاثنين، فكلّ واحد منهما ناقص في نفسه محتاج إلى الآخر، فإذا اجتمعا يصيران واحدًا تامًّا، له أن يلد وينسل، وبسبب هذا النقص والافتقار يتحرّك الواحد منهما إلى الآخر، حتّى إذا اتّصل بالآخر سكن واطمأنّ إليه, لأنّ كلّ ناقص مشتاق إلى كماله ويميل إلى ما يزيل فقره، وهذا هو الانجذاب القويّ المودع في كلّ منهما.
 
 
 

1- النور، 32.
2- الكافي: ج 5، ص 331.
3- الروم، 21.
 
 
 
 
 
 
 
16

10

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 ومن هنا يمكن الاستنتاج بأنّ الذين يهملون هذه السنّة الإلهيّة يكون وجودهم ناقصاً. وقد جعل المولى (تعالى) بين الجنسين مودّة ورحمة، والمودّة هي الحبّ الذي يظهر أثره في مقام العمل، والرحمة تأثّر نفسانيّ عند مشاهدة حاجة الآخر إلى رفع نقيصته، والمودّة هي الباعثة على الارتباط بين الزوجين في بداية الأمر، وفي النهاية وحين يضعف أحد الزوجين تأخذ الرحمة مكان المودّة. والزوجان يتلازمان بالمودّة والرحمة، وهما معاً يرحمان الصغار من الأولاد, لما يريانه من ضعفهم وعجزهم عن القيام بواجب العمل لرفع الحوائج الحيويّة، فيقوم الزوجان بواجب العمل في حفظهم وحراستهم وتغذيتهم وكسوتهم وإيوائهم وتربيتهم، ولولا هذه الرحمة لما عاش النوع الإنسانيّ.

 
2- صفات الزوجة: ينبغي أن يحسن الرجل اختيار زوجته لأجله ولأجل نسله، ومن هذه الصفات:
أ- أن تكون صاحبة عقل وأدب، وأن لا تكون حمقاء، فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "إيّاكم وتزويج الحمقاء, فإنّ صحبتها بلاء، وولدها ضياع"1.
 
ب- أن تكون صاحبة دين وصلاح وحسن خلق، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "انظر أين تضع نفسك، ومن تشركه
 
 
 

1- الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 20، ص 84. 
 
 
 
 
 
 
 
17

11

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 في مالك، وتطلعه على دينك وسرّك، فإن كنت لا بدّ فاعلاً فبكرًا تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق..."1، وعنه عليه السلام أنّه قال: "ما أُعطي أحد شيئاً خيرًا من امرأة صالحة، إذا رآها سرّته، وإذا أقسم عليها أبرّته، وإذا غاب عنها حفظته"2، وعن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: "ما أفاد عبد فائدة خيرًا من زوجة صالحة، إذا رآها سرّته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله"3، وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من سعادة المرء الزوجة الصالحة"4.

 
ج- المنبت الصالح، فقد تكون المرأة جميلة إلّا أنّ أخلاقها تكون سيّئة, بسبب منبت السوء، فعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إيّاكم وخضراء الدمن، قيل: يا رسول الله، وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء"5، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من تزوّج امرأة لا يتزوجها إلّا لجمالها لم يرَ فيها ما يحب"6.
 
 
 

1- م. ن، ج 20، ص 28.
2- م. ن، ج 20، ص 39.
3- م. ن، ج 20، ص 39.
4- وسائل الشيعة: ج 20، ص 41.
5- م. ن، ج 20، ص 35.
6- م. ن، ج 20، ص 50.
 
 
 
 
 
 
 
18

12

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 والجمع بين الصلاح والجمال أمر حسن، فيحسن للرجل أن يختار من يعجبه شكلها، وقد ورد أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إذا أراد أحدكم أن يتزوّج فليسأل عن شعرها، كما سأل عن وجهه, فإنّ الشعر أحد الجمالين"1.

 
د. العفاف، والعفّة درع نفسيّ يحمي الإنسان من التلوّث بالدنايا، فالزوجة العفيفة تحمي نفسها وزوجها وأولادها من ذلك التلوّث. وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "خير نسائكم العفيفة..."2.
 
3- خير النساء: ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إنّ خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها، المتبرّجة مع زوجها، الحصان3 على غيره، التي تسمع قوله وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها..."4، وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "خير نسائكم التي إذا خلت مع زوجها خلعت له درع الحياء، وإذا لبست لبست معه درع الحياء"5، وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "خير نسائكم الطيّبة الريح،
 
 
 

1- الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج3، ص382.
2- وسائل الشيعة: ج 20، ص 30.
3- الحصان: أي العفيفة.
4- وسائل الشيعة: ج 20، ص 29.
5- م. ن، ج 20، ص 29.
 
 
 
 
 
 
 
19

13

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 الطيّبة الطبيخ، التي إذا أنفقت أنفقت بمعروف، وإن أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك عامل من عمّال الله، وعامل الله لا يخيب ولا يندم"1.

 
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أفضل نساء أمّتي أصبحهنّ وجهاً، وأقلهنّ مهراً"2. وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "خير نسائكم الخمس، قيل: وما الخمس؟ قال: الهيّنة الليّنة المؤاتية، التي إذا غضب زوجها لم تكتحل بغمض حتّى يرضى، وإذا غاب عنها زوجها حفظته في غيبته، فتلك عامل من عمّال الله، وعامل الله لا يخيب"3.
 
هـ. ممّا يستحبّ اجتنابه من صفات النساء: يستحبّ اجتناب الزواج بالنساء اللاتي يحملن صفات عديدة، منها ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "ألا أخبركم بشرار نسائكم؟ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود، التي لا تتورّع من قبيح، المتبرّجة إذا غاب بعلها، الحصان معه إذا حضر، لا تسمع قوله، ولا تطيع أمره، وإذا خلا بها بعلها تمنّعت منه كما تمنّع الصعبة عند ركوبها، ولا تقبل منه عذراً، ولا تغفر له ذنباً"4
 
وعن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "فأمّا
 
 
 

1- م. ن، ج 20، ص 30.
2- وسائل الشيعة: ج 20، ص 31.
3- م. ن، ج 20، ص 29.
4- م. ن، ج 20، ص 33 ـ 34.
 
 
 
 
 
 
 
20

14

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 شؤم المرأة فكثرة مهرها وعقم رحمها"1، وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "تزوّجوا بكرًا ولودًا، ولا تزوّجوا حسناء جميلة عاقرًا، فإنّي أباهي بكم الأمم يوم القيامة"2.

 
4- صفات الزوج: ينبغي على المرأة وأهلها أن يراعوا جملة من الصفات في طالب الزواج، ومنها:
أ- حسن الخلق وصاحب الدين، فعن الحسين بن بشّار الواسطيّ قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام: إنّ لي قرابة قد خطب إليّ وفي خلقه سوء؟ قال: "لا تزوّجه إن كان سيّئ الخلق"3، وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أقربكم منّي مجلساً يوم القيامة أحسنكم خلقاً وخيركم لأهله"4، وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه، إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"5، وورد عن الإمام الحسن عليه السلام أنّه قال لمن استشاره في تزويج ابنته: "زوّجها من رجل تقيّ، فإن أحبّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها"6.
 
ب- كراهة الزواج بشارب الخمر، فشرب الخمر يضرّ بالعقل
 
 
 

1- م. ن، ج 20، ص 53.
2- م. ن، ج 20، ص 54.
3- م. ن، ج 20، ص 81.
4- الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج2، ص41.
5- الكافي: ج5، ص347، ح2.
6- مكارم الأخلاق: ص 318.
 
 
 
 
 
 
 
21

15

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 والدين، فتصير حياة الزوجة المتديّنة كابوساً حقيقيّاً، وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "لا تجالسوا شارب الخمر، ولا تزوّجوه، ولا تتزوّجوا إليه"1، وعن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: "إيّاك أن تزوّج شارب الخمر، فإنْ زوّجته فكأنّما قدت إلى الزنى"2، وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "من زوّج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها"، وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "شارب الخمر لا يُزوّج إذا خطب"3.

 
ج- الكفاءة، فقد روي أنّه قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "يا رسول الله، فمن نزوّج؟ فقال: الأكْفَاء، فقال: ومن الأكفاء؟ فقال: المؤمنون بعضهم أكفاء بعض، المؤمنون بعضهم أكفاء بعض"4، وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "الكفو أن يكون عفيفاً وعنده يسار"5، والمقصود باليسار هو كون أمره في الزواج ميسَّراً، وهو يعني الكفاءة الماليّة العرفيّة، ولا يعني كثرة المال، والإيمان هو الأصل بالكفاءة، فقد ورد أنّه: "لمّا زوّج (الإمام) عليّ بن الحسين عليه السلام أمّه
 
 
 

1- وسائل الشيعة: ج 25، ص 312.
2- بحار الأنوار: ج 74، ص 142.
3- وسائل الشيعة: ج 20، ص 79.
4- م. ن، ج 20، ص 61 ـ 62.
5- م. ن، ج 20، ص 78.
 
 
 
 
 
 
 
22

16

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 مولاه، وتزوّج هو مولاته، فكتب إليه عبد الملك كتاباً يلومه فيه، ويقول: قد وضعت شرفك وحسبك، فكتب إليه عليّ بن الحسين عليه السلام: إنّ الله رفع بالإسلام كلّ خسيسة، وأتمّ به الناقصة، وأذهب به اللؤم، فلا لؤم على مسلم، وإنّما اللؤم لؤم الجاهليّة، وأمّا تزويج أمّي فإنّما أردت بذلك برّها. فلمّا انتهى الكتاب إلى عبد الملك قال: لقد صنع عليّ بن الحسين أمرين ما كان يصنعهما أحد إلّا عليّ بن الحسين فإنّه بذلك زاد شرفاً"1.

 
5- حرمة الأذيّة بغير حقّ: لا يجوز لأيّ من الزوجين أن يؤذي الآخر بغير حقّ، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتّى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر، وقامت، واعتقت الرقاب، وأنفقت الأموال في سبيل الله، وكانت أوّل من ترد النار. ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم: وعلى الرجل مثل ذلك الوزر والعذاب إذا كان لها مؤذياً ظالماً..."2.
 
6- إكرام الزوجة: يستحبّ إكرام الزوجة، فعن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال: "وأمّا الزوجة فأن تعلم أنّ الله (عزّ وجلّ) جعلها
 
 
 

1- م. ن، ج 20، ص 75.
2- وسائل الشيعة: ج 20، ص 163 ـ 164.
 
 
 
 
 
 
23

17

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 لك سكناً وأنساً، فتعلم أنّ ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها"1، وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أكرم النساء إلّا كريم، وما أهانهنّ إلّا لئيم"2، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"3، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "خير الرجال من أمّتي الذين لا يتطاولون على أهليهم، ويحنّون عليهم، ولا يظلمونهم..."4، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "قول الرجل للمرأة: إنّي أحبّك، لا يذهب من قلبها أبداً"5، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "حقّ المرأة على زوجها أن يسدّ جوعتها، وأن يستر عورتها، ولا يقبّح لها وجهاً"6.

 
7- غفران ذنب الزوجة: إنّ من حقّ الزوجة على زوجها أن يغفر لها إذا أخطأت، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في حقّ المرأة على زوجها، الذي إذا فعله كان محسناً؟ أنّه عليه السلام قال: "يشبعها ويكسوها، وإن جهلت غفر لها، وقال أبو عبد الله عليه السلام: كانت امرأة عند أبي عليه السلام تؤذيه فيغفر لها"7، وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "... ومن صبر على خلق امرأة سيّئة الخلق واحتسب في ذلك
 
 
 

1- الفقيه: ج2، ص621.
2- كنز العمّال: ج 16، ص 371.
3- وسائل الشيعة: ج 20، ص 171.
4- مكارم الأخلاق: ص 216.
5- وسائل الشيعة: ج 20، ص 170.
6- بحار الأنوار: ج 100، ص 254.
7- وسائل الشيعة: ج 20، ص 169.
 
 
 
 
 
 
24

18

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 الأجر أعطاه الله ثواب الشاكرين"1، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم ـ أيضاً: "أوصاني جبرائيل بالمرأة حتّى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها إلّا من فاحشة"2، وعن الإمام الصادق عليه السلام: "رحم الله عبدًا أحسن فيما بينه وبين زوجته، فإنّ الله (عزّ وجلّ) قد ملّكه ناصيتها، وجعله القيّم عليها"3.

 
8- مداراة الزوجة: تستحبّ مداراة الزوجة، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّما مثل المرأة مثل الضلع المعوجّ، إن أقمته كسرته، وإن تركته استمتعت به، اصبر عليها"4، وعن الإمام عليّ عليه السلام في وصيّة لولده محمّد بن الحنفيّة: "... إنّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها على كلّ حال، وأحسن الصحبة لها, ليصفو عيشك"5.
 
9- أمور يستحبّ للزوج فعلها:
أ.التطيب والتزيين: يستحبّ أن يتحلّى الزوج بآداب التنظّف والتطيّب والتزيّن لزوجته، فعن الحسن بن الجهم أنّه قال: "رأيت أبا الحسن عليه السلام اختضب، فقلت: جعلت فداك،

 
 

1- وسائل الشيعة: ج 20، ص 174.
2- م. ن، ج 20، ص 170.
3- م. ن، ج 20، ص 170.
4- م. ن، ج 20، ص 173.
5- م. ن، ج 20، ص 169.
 
 
 
 
 
 
25

19

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 اختضبت؟! فقال: نعم، إنّ التهيئة ممّا يزيد في عفّة النساء، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهنّ التهيئة، ثمّ قال: أيسرّك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلت: لا، قال: فهو ذاك.. ثم قال: من أخلاق الأنبياء التنظّف والتطيّب وحلق الشعر وكثرة الطروقة"1.

 
ب.التوسعة على العيال: يستحبّ بشكل مؤكّد للزوج أن يوسع على عياله، ولكن بدون تبذير وإسراف، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلاث خلال يتكفّلها وإن لم يكن في طبعه ذلك: معاشرة جميلة، وسعة بتقدير، وغيرة بتحصّن"2، والتوسعة بتقدير تعني الوسطيّة، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا جاد الله (تبارك وتعالى) عليكم فجودوا، وإذا أمسك عنكم فأمسكوا..."3.
 
ج. إظهار الحب: يستحبّ للزوج أن يستميل زوجته ويظهر الحبّ لها، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته، وهي: الموافقة, ليجلب بها موافقتها ومحبّتها وهواها، وحسن خلقه معها، واستعماله
 
 
 

1- م. ن، ج 20، ص 246.
2- بحار الأنوار: ج 75، ص 235.
3- وسائل الشيعة: ج 21، ص 553.
 
 
 
 
 
 
26

20

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها"1، وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "قول الرجل للمرأة إنّي أحبّك لا يذهب من قلبها أبداً"2.

 
10- خير الرجال وشرّهم: عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "... إنّ من خير رجالكم التقيّ النقيّ، السمح الكفّين، السليم الطرفين، البرّ بوالديه، ولا يلجئ عياله إلى غيره... ثمّ قال: إنّ من شرّ رجالكم البهّات البخيل الفاحش، الآكل وحده، المانع رفده، الضارب أهله وعبده، الملجئ عياله إلى غيره، العاقّ بوالديه"3.
 
11- خدمة الزوجة لزوجها: يستحبّ للزوجة أن تخدم زوجها، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلّا كان خيراً لها من عبادة سنة، صيام نهارها، وقيام ليلها"4.
 
12- طلاقة وجه الزوجة: عقد الحر العاملي في كتاب وسائل الشيعة باباً خاصاً تحت عنوان: باب استحباب طلاقة الوجه وحُسن البشر، يتضمّن مجموعة من الروايات التي تؤكّد على هذا الخُلق الحسن، روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا بني عبد المطلب إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم
 
 
 

1- بحار الأنوار: ج 75، ص 237.
2- وسائل الشيعة: ج 20، ص 23.
3- م. ن، ج 20، ص 34.
4- م. ن، ج 20، ص 172.
 
 
 
 
 
 
27

21

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 فألقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر"1.

 
13- احترام الزوجة لزوجها: روي أنّه جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: "إنّ لي زوجة إذا دخلت تلقّتني، وإذا خرجت شيّعتني، وإذا رأتني مهموماً قالت لي: ما يهمّك، إن كنت تهتمّ لرزقك فقد تكفّل لك به غيرك، وإن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك الله همّاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن لله عمّالاً، وهذه من عمّاله، لها نصف أجر الشهيد"2.
 
14- تحمّل أذى الزوج: روي أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها مثل ثواب آسية بنت مزاحم"3، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم ـ أيضاً: "والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ورسولاً كلّ امرأة صبرت على زوجها في الشدّة والرخاء، وكانت مطيعة له ولأمره، حشرها الله (تعالى) مع امرأة أيّوب عليه السلام" 4.
 
15- عدم إسخاط الزوج: روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "أيّما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ لم يتقبّل منها صلاة حتّى يرضى عنها..."5.
 
 
 

1- وسائل الشيعة: ج12، ص160، باب استحباب طلاقة الوجه.
2- وسائل الشيعة: ج 20، ص 32.
3- بحار الأنوار: ج 100، ص 247.
4- مستدرك الوسائل: ج 14، ص 241.
5- وسائل الشيعة: ج 20، ص 160.
 
 
 
 
 
 
 
28

22

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 16- تمكين الزوج من نفسها: يجب على الزوجة أن تستجيب للزوج لو طلب المعاشرة المشروعة، ويستحبّ لها أكثر من ذلك، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال عن حقّ الزوج على المرأة: "... وعليها أن تطيّب بأطيب طيبها، وتلبس أحسن ثيابها، وتزيّن بأحسن زينتها، وتعرض نفسها عليه غدوة وعشيّة..."1.

 
حسن المعاشرة في الحياة الزوجية:
الزواجُ بدايةُ مرحلة جديدة من المعاشرة تنتهي في ظلالها عزلة الرجل والمرأة، ويبدأ عهد جديد من الأُلفة والأنس بينهما , وعلى أثر ذلك يحصل نوع من التقارب بين أفكار الزوجين ورؤاهما، كذلك الأمر بالنسبة لتوجهاتهما والخطط المستقبلية لحياتهما المشتركة. 
 
لقد حثّ الإسلام على معاشرة المرأة بالمعروف وذلك من خلال عدد كبير من المفاهيم الأخلاقية والتربية السلوكية، ومن هذه المفاهيم:
 
أ-العِشرة الحسنة: إنّ الحياة الزوجبة السليمة هي الحياة التي يعيش فيها الزوجان بتناغم وتفاهم كبيرين، والعنوان الأبرز لهما هو ألا يسيئان لبعضهما البعض، بل الإحسان هو الهدف،
 
 
 

1- م. ن، ج 20، ص 158.
 
 
 
 
 
 
29

23

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 قال الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾. وروي عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في وصيته لمحمد بن الحنفية: "إنَّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها على كلِّ حال، وأحسن الصحبة لها، فيصفو عيشك"1. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "خيركم خيركم لنسائه، وأنا خيركم لنسائي"2.

 
ب- الإكرام والرحمة: فعن الإمام علي بن الحسين عليه السلام: "لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته، وهي: الموافقة , ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها، وحسن خلقه معها واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها"3. ومن حق الزوجة إكرامها، والرفق بها، واحاطتها بالرحمة والمؤانسة، قال الإمام علي بن الحسين عليه السلام: "وأمّا حقُّ رعيتك بملك النكاح، فأن تعلم أن الله جعلها سكناً ومستراحاً وأُنساً وواقية، وكذلك كلّ واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه، ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق 
 
 
 

1- مكارم الأخلاق: ص218.
2- من لا يحضره الفقيه: ج3، ص281.
3- تحف العقول: 239.
 
 
 
 
 
 
30

24

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 بها، وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك بها ألزم فيما أحبّت وكرهت ما لم تكن معصية، فإنّ لها حقّ الرحمة والمؤانسة وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لابدّ من قضائها"1.

 
ت-عدم استخدام القسوة: ونهى الرسولصلى الله عليه وآله وسلم عن استخدام القسوة مع المرأة، وجعل من حق الزوجة عدم ضربها والصياح في وجهها، ففي جوابه على سؤال خولة بنت الأسود حول حق المرأة، قال: "حقكِ عليه أن يطعمك ممّا يأكل، ويكسوك ممّا يلبس، ولا يلطم ولا يصيح في وجهك"2. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "خير الرجال من أُمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم، ويحنّون عليهم، ولا يظلمونهم"3.
 
د- المراعاة: قال تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾4.
على الزوجة أن تراعي إمكانات الزوج في النفقة وغيرها، وكذلك على الزوج أن يراعي إمكانات زوجته النفسية والجسدية والعاطفية، لأن الله لا يكلِّف نفساً إلا طاقتها وإمكاناتها وهي سنّة الحياة التي لا تقبل الجدل، ومن يعاندها فلا محالة سوف يقع في الأخطاء الكبيرة. 
 
 
 

1- تحف العقول، ص188.
2- مكارم الأخلاق، 218
3- مكارم الأخلاق، 216-217.
4- البقرة، 286.
 
 
 
 
 
 
31

25

الفصل الأول: الزواج في الإسلام

 وينبغي على الزوجة عدم تكليف الزوج بما لا يطيق فأكّدت الروايات على الزوجة في أمر النفقة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: "ألّا وأيّما امرأة لم ترفق بزوجها وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق لم يقبل الله منها حسنة وتلقى الله وهو عليها غضبان"1.

 
ونعم الواعظ في ذلك ما ورد في سيرة الزهراءعليه السلام سيدة نساء العالمين، ففي الخبر عن أبي سعيد الخدري قال: "أصبح علي بن أبي طالبعليه السلام ذات يوم ساغباً، فقال يا فاطمة هل عندك شيء تغذّينيه؟ قالت: لا والذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أصبح الغداة عند شيء، وما كان شيء أَطعمناه مذ يومين إلا شيء كنت أؤثرك به على نفسي وعلى ابنيَّ هذين الحسن والحسين، فقال علي عليه السلام: يا فاطمة: ألا كنت أعلمتيني فأبغيكم شيئاً، فقالت: يا أبا الحسن إني لأستحيي من إلهي أن أكلّف نفسك ما لا تقدر عليه"2.
 
وكذلك الحال بالنسبة للزَّوج، فلا بد أن يقدّر ظروفها في المرض والعافية، والقوة والضعف، والليل والنهار، وشغلها وفراغها وغير ذلك. لأنها قوانين الخلقة، وكل إنسان له مزاجه وله تداعياته النفسية وله كرهه وحبّه وانزعاجه ورضاه وقلقه وطمأنينته، فنسأل الله سبحانه أن يعيننا على حسن المعاملة فيما بيننا.
 
 
 

1- الوسائل: ج20، ص212.
2- بحار الأنوار، ج43، ص59.
 
 
 
 
 
32

26

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 أولاً: ما هي أسباب الخلاف؟

هناك أسباب كثيرة لوقوع النزاعات بين الأزواج، سنقوم هنا بذكر أهم هذه الأسباب وأكثرها ابتلاءً:
1- عدم الالتزام بأحكام الشرع المقدّس: لقد وضع الله تعالى القوانين لتنظيم العلاقة الزوجيَّة، وجعلها على أفضل وجه من أجل تأمين حياة زوجية سعيدة، وعندما يتخلى الإنسان عن هذه الحدود الشرعية ويتجاوزها فإنّه سيهدّد الحياة الزوجيَّة برمتها، من هنا كان لا بد من التعرّف على الحقوق الزوجيَّة وآداب العلاقة مع الزوج حتى تحصّل الحصانة التي تحمي بنيان الأسرة من التصدع.

2- سوء التقدير: الناشى عن الجهل بالطرف المقابل وخصوصياته وما يحب ويكره، أو عدم القدرة على الانسجام رغم المعرفة بالميول والخصوصيات، قد يتسبب أيضاً بالتشنج والوقوع بالأخطاء، فيشكل خطراً على الحياة الزوجيَّة، لذلك فإنّ معرفة الطرف الآخر قد يساعد على تفهّم التصرّفات والمسلكية بشكل
 
 
 
 
 
 
 
35

27

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 يساعد على الانسجام.


3- عدم الواقعية: إنَّ التصورات الخاطئة أو الخيالية عن الحياة والمستقبل من المشاكل التي تعترض الأزواج، فإذا كان الشاب والفتاة يعيشان في عالم من الأحلام الورديَّة ويتصوَّران بأنَّ المستقبل سيكون جنّةً وارفة الظِّلال كما في القصص والروايات، ولكن وبعد أن يلجا دنياهما الجديدة، فيبحثان عن تلك الجنّة الموعودة فلا يعثران عليها، فيلقي كل منهما اللوم على الآخر محمّلاً إياه مسؤولية ذلك، ويبدأ بذلك فصل النزاع المرير الذي يُفقد الحياة طعمها ومعناها، فكلٌّ يتهم الآخر بالخداع، وكلٌّ منهما يلقي بالتبعة على شريكه، في حين أن بعض الأماني والآمال تبلغ من الخيال بحيث لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع.

4- رتابة الحياة: من الأمور التي تساعد على الخلاف رتابة الحياة والتي تحدث بعد فترة طويلة من البرنامج اليومي المتكرر، ما يُشعِرُ الزوجين بالملل، فيتفرغان لانتقاد بعضهما، وتظهر الخلافات، ولهذا ينبغي على الزوجين التجدّد لبعضهما والظهور بصورة لافتة للنظر، وهذا ما يوصي به ديننا الحنيف، ومنه التجدّد والتجمّل من خلالِ اللباسِ والمظهر. فقد ورد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما
 
 
 
 
 
 
 
36

28

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 بينه وبين زوجته، وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها، وحسن خلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها وتوسعته عليها"1.

 
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام: "وإظهار العشق له بالخلابة، والهيئة الحسنة لها في عينه"2.
 
5- البحث عن العيوب: قد ينشب النزاع في بعض الأحيان بسبب البحث عن العيوب أو التنقيب عن النقائص، فترى أحد الزوجين كأنّه لا همَّ له سوى نصب الكمائن والترصد ومراقبة الآخر، فإذا وجد زّلة شهّر به، وهذه العادة تدفع بالزوج أو الزوجة إلى الكراهية والحقد والعداء، ولا ينجم عنها سوى الشعور بالمهانة والإذلال، وربما دفعت به إلى التمرد والنزاع. وفي الحديث: "حق المرأة على زوجها... أن يستر عورتها"3، والمقصود منه هو التستّر على العيوب والأخطاء التي قد تقع فيها الزوجة، وأن لا يذمّها بها يوماً ما، وأن لا يفضح ذلك في مجالسه.
 
 أن نتصور الزوج أو الزوجة إنساناً معصوماً عن الخطأ أمر بعيد عن الواقع، فالإنسان مخلوق يصيب ويخطىء، ينهض ويكبو، بالرغم من سعيه نحو الكمال والتكامل ومحاولة 
 
 
 

1- م.س.
2- تحف العقول: ص323.
3- الحلّي، عدّة الداعي: ص81.
 
 
 
 
 
 
 
 
37

29

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 اجتناب الوقوع في الأخطاء، إذن، فإنّ احتمال الخطأ وارد وهو أمر اعتيادي، فإذا صدر خطأ ما فلا يستحق الأمر تقريعاً أو لوماً يعكّر صفو الحياة. وعن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "خير الرجال من أمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ويحنون عليهم ولا يظلمونهم، ثمّ قرأ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾"1.

 
7- الغيرة المبالغ بها: إن الإيمان والأخلاق عند الرجل والمرأة، هما شرطان أساسيان للزواج المستقر والسعيد، فطاعة التعاليم الإلهية والعمل بالضوابط الأخلاقية والإنسانية التي دلَّ عليها الإسلام، ويدرك الإنسان الكثير منها من خلال العقل والفطرة النقية، هذا الالتزام يشيّد بناء الزواج على الأساس الصحيح، وأي زواج يبنى على هذه القواعد المتينة لا بد وأن يستمر بشكل طبيعي ولا تؤثر فيه المشاكل الصغيرة. الغيرة واحدة من المفردات التي يمكن أن تسبّب المشاكل في الحياة الزوجيَّة إذا خرجت عن حدها المقبول والطبيعي، وتحولت من صحة إلى مرض.
 
والمقصود من الغيرة، غيرة الرجل على المرأة، وغيرة المرأة على الرجل، فما هو المشروع من الغيرة؟
 
 
 

1- مكارم الأخلاق، ص216.
 
 
 
 
 
 
 
38

30

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 أ- غيرة الرجل: يقول السيّد الطباطبائي: "وهذه الصفة الغريزية لا يخلو عنها، في الجملة، إنسانٌ أيٌّ إنسانٍ فُرِض، فهي من فطريات الإنسان، والإسلام دينٌ مبنيٌ على الفطرة تؤخذ فيه الأمور التي تقضي بها فطرة الإنسان، فتعدّل بقصرها فيما هو صلاح الإنسان في حياته ويحذف عنها ما لا حاجة إليه فيها من وجوه الخلل والفساد"1.

 
ولقد حثَّتِ الروايات الشريفة الكثيرة على تحلّي الرجال بصفة الغيرة - عن أبي عبد الله عليه السلام: "إنّ الله تبارك وتعالى غيور، يحبّ كلّ غيور، ولغيرته حرّم الفواحش ظاهرها وباطنها"2.
 
فالغيرة ـ كما اتضح ـ هي صفة شريفة، ودليل صحة وعافية، ولكن إذا وضعت في غير محلها أو خرجت عن حدودها وطورها انقلبت إلى مرض، وقد تتسبب بالمشاكل إذا وصلت إلى حد شعرت الزوجة معها بعدم الثقة بها، فهنا ترفض المرأة هذا الواقع، وتطالب الرجل بإخراجها من السجن الذي قد جعلها فيه بسبب شكوكه. 
 
وفي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من الغيرة ما يحبّ الله، ومنها
 
 
 

1- تفسير الميزان: ج4، ص175.
تحرير العبارة: فتُعدَّل (أي الفطرة) بقصرها (أي بجعلها مقتصرة) على ما فيه صلاح الإنسان، ويحذف عنها ما لا حاجة إليه (للإنسان أو لصلاحه)...
2- الكافي: ج5، ص535، ح1.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
39

31

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 ما يكره الله، فأمّا ما يحبّ فالغيرة في الريبة، وأمّا ما يكره فالغيرة في غير الريبة"1. وتشير بعض الروايات إلى أن هذه الغيرة في غير محلها قد توصل المرأة إلى الانحراف! فقد حذرت الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه الحسن عليه السلام: "إياك والتغاير في غير موضع الغيرة، فإن ذلك يدعو الصحيحة منهنَّ إلى السَقَم، ولكنْ أحكِمْ أمرهنَّ، فإن رأيت عيباً فعجّلِ النكيرَ على الكبيرِ والصغيرِ"2.

 
ب- غيرة المرأة: إن الغيرة بمعناها السلبي من الأمراض التي يمكن أن تُبتلى بها المرأة، فتندفع من خلالها إلى لقيام بخطوات سلبية تزعج الزوج وتوتر أجواء العائلة، وعندما تتحدّث الروايات عن الغيرة عند المرأة تقصد الجانب السلبي منها الذي له آثاره السلبية والمدمّرة، لا الحالة الإيجابية، لذلك نجد في الرواية أن رجلاً ذكر للإمام الصادقعليه السلام امرأته فأحسن عليها الثناء، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: "أغرتها؟ قال: لا، قال: فأغرها، فأغارها فثبتت، فقال لأبي عبد الله عليه السلام: إني قد أغرتها فثبتت، فقال: هي كما تقول"3.
 
1- أسباب الغيرة عند المرأة: تختلف الأسباب النفسية عند المرأة للغيرة، فيمكن أن يكون منشؤها إيجابياً، كما أشارت الرواية 
 
 
 

1- ميزان الحكمة: ج3،.
2- الكافي: ج5، ص537، ح9.
3- الكافي: ج5، ص505.
 
 
 
 
 
 
40

32

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 عن الإمام الصادق عليه السلام حيث سأله أحدهم: "المرأة تغار على الرجل تؤذيه؟ قال: ذلك من الحب"1، وهذا النوع من الغيرة لا بد أن تكون نتائجه غير ضارّة، لأنّ الحب ينتج المراعاة والمصلحة ولا يوصل الأمور إلى المشاكل. ويمكن أن يكون منشأ الغيرة سلبياً كما أشارت الرواية عن الإمام الباقرعليه السلام: "غيرة النساء الحسد، والحسد هو أصل الكفر، إنّ النساء إذا غرن غضبن، وإذا غضبن كفرن إلا المسلمات منهن"2.

 
2- النتائج: كثيراً ما تكون نتائج الغيرة سلبية ومدمّرة، فالتي تغار تفقد -غالباً- تعقّلها، ويصبح الحاكم على تصرفاتها الغضب والتوتر، وتفقد الواقعية في تقييم الأمور، والعقلانيّة في التصرف، وقد ورد في الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الغيراء لا تبصر أعلى الوادي من أسفله"3، وعندما يفقد الإنسان بصيرته سيكون عرضة لكل أنواع المشاكل والسلبيات.
 
8- عدم الرفق بالطرف الآخر: قد ينشب النزاع بسبب المضايقات المستمرّة كإقدام الرجل ـ مثلاً ـ على فتح أبواب منزله لمن هبّ ودبّ من الأصدقاء والمعارف، ما يحمّل المرأة أعباء استقبالهم
 
 
 

1- الكافي: ج5، ص506.
2- الكافي: ج5، ص505.
3- الكافي: ج5، ص505.
 
 
 
 
 
 
41

33

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 والقيام على خدمتهم. أو كقيام المرأة بدعوة أهلها وأقربائها باستمرار مما يؤدي إلى إرهاق الرجل اقتصادياً، ولذا فمن الواجب مراعاة هذه المسألة وأخذ الإمكانات بنظر الاعتبار واحترام الزوجين لمشاعر بعضهما البعض. فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ما زوي الرفق عن أهل بيت إلا زوي عنهم الخير"1.

 
ثانيا: آثار الخلافات الزوجيَّة
للخلافات الزوجيَّة آثارٌ سلبية جداً على الأسرة، بل قد تكون أحياناً خطيرةً ومدمّرةً، ومن آثار الزَّواج الفاشل:
1- الطلاق:
إنَّ مسألة الطلاق هي من أخطر وأكبر المشاكل الناتجة عن فشل العلاقة الزوجيَّة، والطلاق من الأمور المكروهة في الشرع المقدس، ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من شيء أبغض إلى الله عزَّ وجلَّ من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة"2.
 
وعن الإمام علي عليه السلام: "تزوجوا ولا تطلقوا، فإنّ الطلاق يهتزّ منه العرش"3.
 
 
 

1- الكافي: ج2، ص119.
2- الكافي: ج2، ص328.
3- وسائل الشيعة: ج22، ص9.
 
 
 
 
 
 
 
42

34

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 وللطلاق مفاسد كثيرة، منها تضييع الأولاد، لأن الولد بحاجةٍ دائمةٍ إلى حنان الأمّ، ولا يمكن لأيِّ امرأةٍ أخرى أن تحلَّ محلَّ الأمّ في تربية الأطفال، وبحاجةٍ كذلك لظلِّ الأب الذي لا يمكن لأحدٍ أن يعوِّضه بسهولةٍ، هذا فضلاً عن الآثار النفسيَّة التي تطال روح الطفل مما يشاهده من بُعْدِ أمِّه وأبيه، والشُّعور بعدم الطمأنينة التي ينبغي أن تبعثها في نفسه الأجواء الهادئة في الأسرة المستقرّة.

 
2- العنف الأسري:
إنّ الخلافات الحادة في العائلة تسبب حالات العنف الأسري التي تظهر من خلال العنف والاعتداء بالضرب خصوصاً على الزوجة من قبل الزوج، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان ليطال الأطفال من قبل الزوج أو الزوجة، إذ أنّ بعض الأزواج يخفف توتره من شريكه عبر ضرب أطفاله، والتعامل السيئ معهم.
 
إنّ الإسلام لم يُجِز العنفَ في الأسرة (وليس التَّأديب المشروع)، بل نهى عنه في موارد عدّة، ففي الرواية عن الرسول الأكرمصلى الله عليه وآله وسلم: "إنّي لأتعجب ممن يضرب امرأته وهو بالضرب أولى منها"1. وعن الإمام علي عليه السلام فيما أوصى به ابنه الحسن عليه السلام: "لا يكن أهلُك أشقى الخلق بك"2
 
 
 

1- مستدرك الوسائل: ج14، ص250.
2- نهج البلاغة: ص403.
 
 
 
 
 
 
 
43

35

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 3- المشاكل الاجتماعية:

إنّ الأسرة التي تعاني من تصدّع في أركانها، ستعاني من الكثير من المشاكل الاجتماعية مع محيطها وخاصة في ناحيتين أساسيتين:

أ- مشاكل مع الأقارب: إذ من الصعب جداً أن يفكِّك الزوج أو الزوجة، في حال وقوع الخلاف، بين الطرف المقابل له وبين أقربائه وأهله. لذلك، إذا لم تكن الأمور تسير على ما يرام بين الزوجين، فستجد، غالباً، الحماة تتدخّل بطريقة تغيظ الزوجة أو العكس، أو يتدخّل إخوة الزوجة ليغيظوا الزوج، وهكذا، بل قد تسمح هذه الخلافات بدخول طرف ثالثٍ ربما يزرع الفتنة بينهما عامداً أو جاهلاً.

ب- مشاكل في العمل: وهذا الأمر من الموارد التي يواجهها من لا يعيش استقراراً في حياته الأسرية، لأنّ قسما كبيراً من جهده النفسي والمعرفي والجسدي سوف يكون مستهلكاً في التفكير والسهر والتوتر العصبي أثناء الخلافات، وبالتالي تقل الإمكانات الإبداعية وتختنق آفاقه الفكرية، وجودة أدائه للعمل، بل وسيؤثّر توتره على الزملاء في العمل، وبالطبع، فإنّ مدير العمل يهمه أن تكون الأجواء مستقرة في بيئة العمل من أجل ضمان الجودة والإنتاجية، وربما يسبب هذا 
 
 
 
 
 
 
44

36

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 الأمر الطرد أو التضييق أو مشاكل لا يمكن أن يتحملها.

 
هذه المشاكل الاجتماعية، مشاكل لا يمكن تجاهل حدوثها لأنّها سرعان ما تظهر عند حصول الخلافات داخل الأسرة، وهذا ما يدلنا على أنّ وضع الأسرة مرتبط بالمجتمع ارتباطاً وثيقاً.
 
ثالثاً: من وسائل علاج الاختلاف بين الزوجين
 حينما تظهر أمارات الخلاف وبوادر النشوز أو الشقاق فليس الطلاق أو التهديد به هو العلاج. إنّ أهمّ ما يُطلب في المعالجة هو الصبر والتحمّل ومعرفة الاختلاف في العقول وأسلوب التفكير والتفاوت في الطباع، مع ضرورة التسامح والتغاضي عن كثير من الأمور، وقد لا تكون المصلحة والخير دائما فيما يحب ويشتهي بل قد يكون الخير فيما لا يحب ولا يشتهي: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾1.
 
وينبغي أن ينظر الزوجان نظرة واقعية إلى الخلافات الزوجيَّة، إذ إنّها من الممكن أن تكون عاملاً من عوامل الحوار والتفاهم إذا أحسن التعامل معها.
 
والأسلوب الذي يتّبعه الزوجان في مواجهة الخلاف إمّا أن يقضي عليه وإمّا أن يضخّمه ويوسع نطاقه، ومن الأساليب الإيجابية
 
 
 

1- النساء، 19.
 
 
 
 
 
 
45

37

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 في حل الخلافات الأسرية:

1-الانتباه إلى طريقة التكلم: لا شك أنّ الكلمات الحادة، والعبارات العنيفة، لها صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف, علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم في النفوس، وقد روي عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في بيان طبيعة اللسان إن لم يتقيّد بأوامر الشرع ونواهيه: "إن كان في شئ شؤم ففي اللسان"1. وأمّا الصمت والسكوت على الخلاف فهو حل سلبي مؤقت للخلاف, إذ سرعان ما يثور البركان عند دواعيه, وعند أدنى اصطدام، فكبت المشكلة في الصدور بداية للعقد النفسية وضيق الصدر المتأزم بالمشكلة، فإمّا أن تُتناسى وتُتْرك، وإمّا أن تُطرح للحلّ ولا بدّ أن تكون التسوية شاملة لجميع ما يختلج في النفس، وأن تكون عن رضا وطيب خاطر. والأهمّ في هذا كلّه، ترك الجدال والمراء، فقد روي عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "ثلاث من لقي الله عزَّ وجلَّ بهنّ دخل الجنّة من أي باب شاء: من حسَّن خلقه, وخشي الله في المغيب والمحضر, وترك المراء وإن كان محقا"2.
 
2- البعد عن الأساليب غير المجدية: البعد عن الأساليب التي قد تكسب الجولة فيها وينتصر أحد الطرفين على الآخر 
 
 
 

1- الكافي: ج2، ص116.
2- الكافي: ج2، ص300.
 
 
 
 
 
 
 
46

38

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 لكنّها تعمّق الخلاف وتجذّره: مثل أساليب التهكّم والسخرية، أو الإنكار والرفض، أو السباب والشتائم. قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لمحمّد بن الحنفية في مداراة المرأة: "إنّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها على كل حال وأحسن الصحبة لها فيصفو عيشك"1

 
وعن أبي عبد الله عليه السلام, قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة"2.
 
3- عدم اتخاذ القرار إلا بعد دراسته: فلا يصلح أن يقول الزوج في أمر من الأمور "لا" أو "نعم"، ثمّ بعد الإلحاح يغير القرار، أو يعرف خطأ قراره فيلجأ إلى العناد والمخاصمة، فهذه الطريقة تُفقد الزوج المصداقيّة والهيبة وحسن الظنّ به وبقراراته.
 
4- الدراسة السليمة للمشكلة: ويكون ذلك عبر خطوات متعددة، أهمها:
1- تفهّم الأمر، هل هو خلاف عميقٌ أم أنه سوءُ فهمٍ فقط. فالتعبير عن حقيقة مقصد كلِّ واحدٍ منهما وعمَّا يزعجه بشكلٍ واضحٍ ومباشرٍ يساعدُ على إزالة سوء الفهم، فلربما أنَّه لم يكن هناك خلاف 
 
 
 

1- الكافي: ج5، ص510.
2- الكافي: ج2، ص359.
 
 
 
 
 
 
 
47

39

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 حقيقي وإنّما سوء في الفهم.

 
2- الرجوع إلى النفس ومحاسبتها ومعرفة تقصيرها، فقد يكون أصل المشكلة سببه ذنب أو معصية وتخطي الحدود الإلهية، ثم انعكس في العلاقة مع الشريك. والحل يكون في الإنابة والتوبة إلى الله تعالى وطلب المسامحة منه، ثم طلب المسامحة من زوجه.
 
3- تطويق الخلاف وحصره من أن ينتشر بين الناس أو يخرج عن حدود أصحاب الشأن، فقد روي عن الرسولصلى الله عليه وآله وسلم: "استعينوا على حوائجكم بالكتمان"1.
 
4- تحديد موضع النزاع والتركيز عليه، وعدم الخروج عنه بذكر أخطاء أو تجاوزات سابقة، أو فتح ملفات قديمة، ففي هذا توسيع لنطاق الخلاف.
 
5- أن يتحدّث كلّ واحد منهما عن المشكلة حسب فهمه لها، ولا يجعل فهمه صواباً غير قابل للخطأ، أو أنّه حقيقة مسلّمة لا تقبل الحوار ولا النقاش، فإنّ هذا قاتل للحلّ في مهده.
 
6- في بدء الحوار يحسن ذكر نقاط الاتفاق، فطرح الحسنات والإيجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقّق القلب ويبعد الشيطان ويقرّب وجهات النظر وييسّر التنازل عن كثير ممّا في النفوس، قال 
 
 
 

1- ميزان الحكمة: ج1، ص630.
 
 
 
 
 
 
 
48

40

الفصل الثاني: الأسلوب النافع غي علاج المشاكل الزوجية

 تعالى: ﴿وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾1، وخصوصاً الزوجة إذا كانت لينة الجانب فالزوج سرعان ما يلتفت إلى لطفها، وقد ورد في الروايات في الصفات المرغوبة في المرأة ما روي عن فقه الرضا عليه السلام: "وموافقة الزوجة كمال السرور"2.

 
7- جرُّ النزاع إلى منطقة العفو والتسامح، فمعظم الأخطاء التي تحصل في الحياة الزوجيَّة هي أخطاء يمكن التعامل معها بل وتصحيحها، بل قد ينجح الزوج أو الزوجة في تحويل الطرف الآخر من شخص شرّير إلى ملاك إن استطاع أن يستخدم كيمياء المحبة المناسبة. وبوابة هذا الأمر، ترك العتاب والتذكير بالعيوب، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه: "ما سئل عن شئ قط فقال: لا... ولا عاتب أحدا على ذنب أذنب أذنبه"3. ومن المهمّ أن يبادر أحد الطرفين بسرعة إلى التحرّك بلطف ومحبة والإصرار على طي صفحة الخلاف، فعن الصادق عليه السلام قال: "خير نسائكم التي إن غضبت أو أغضبت قالت لزوجها: يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى عني"4.
 
 
 

1- البقرة، 237.
2- فقه الرضا: ص345.
3- فقه الرضا: ص355.
4- من لا يحضره الفقيه: ج3، ص389.
 
 
 
 
 
 
 
 
49

41

الفصل الثالث: النكاح الدائم

 النكاح هو التزويج، وهو قسمان: دائم ومنقطع.

الأوّل: الزواج الدائم: هو عقد لا تُعيّن فيه مدة الزواج، وتُسمّى الزوجة فيه بـ (الدائمة).
الثاني: الزواج المنقطع: هو عقد تُعيّن فيه المدّة كساعة أو يوم أو سنة أو أكثر أو أقل، وتسمّى الزوجة فيه بـ (المتعة) و(المنقطعة).

وكلّ منهما له أحكامه.

صيغة العقد الدائم:
أ- لا يتحقّق التزويج بمجرّد الرضا القلبيّ من الطرفين، كما لا يتحقّق بالكتابة، ولا بالإشارة المفهمة من غير الأخرس. بل لا بدّ من صيغة خاصّة يتلفّظ بها الطرفان ليتحقّق الزواج الشرعيّ.

ب- يتركّب عقد النكاح من إيجاب من الزوجة وقبول من الزوج، ولا يصحّ الإيجاب من الزوج والقبول من الزوجة.
ج- لا بدّ في الإيجاب أن يكون بلفظ "أنكحت"، أو بلفظ "زوّجت"، 
 
 
 
 
 
 
53

42

الفصل الثالث: النكاح الدائم

 وأمّا لفظ "متّعت" فلا يصحّ العقد الدائم به إلّا إذا اقترن بما يجعله ظاهراً في الدوام لا في الانقطاع، ولا يتحقّق الإيجاب بغير ذلك من الألفاظ.


د- يتحقّق القبول بكلّ لفظ دالّ على الرضا بالنكاح الدائم، كلفظيّ "قبلت" و"رضيت"، وما يماثلهما من ألفاظ.
هـ- يشترط عدم الفصل المعتدّ به بين الإيجاب والقبول.

و- يصح للزوجين مباشرة العقد بنفسيهما دون توكيل، كما يجوز لهما توكيل الغير في إجراء العقد.
ز- يتحقّق الإيجاب من الزوجة بصيغ عديدة، ولها أن تختار واحدة منها. ومن الصيغ:
الأولى: أَنْكَحْتُكَ نَفْسِي.
الثانية: زَوَّجْتُكَ نفسي.

ح- ذكر المهر في الصيغة ليس شرطاً في صحّة العقد الدائم، فلو أراد ذكر المهر تقول المرأة: "زوجتك نفسي على المهر المعلوم"، كما يمكن استبدال جملة: "على المهر المعلوم" بقولها: "على مهر مقدارُهُ مئة دينار" مثلاً. أو "على مهر مُعَجَّلُهُ عَشَرَةُ دنانير، ومُؤَجَّلُهُ تسعون ديناراً، مؤجّلةً إلى أقربِ الأجلين"، وهكذا. والمقصود بالأجلين الموت والطلاق، فإذا طلّقها أو مات أحدهما يتحقّق أقرب الأجلين.
 
 
 
 
 
 
54

43

الفصل الثالث: النكاح الدائم

 ط- يتحقّق القبول من الزوج بأن يقول: "قَبِلْتُ التزويجَ لنفسي على المهرِ المعلوم". أو يقول: "رَضيْتُ التزويجَ لنفسي على المهر المعلوم"، أو يقول: "قبلتُ النكاحَ على المهرِ المعلوم". أو يقول: "رضيتُ النكاحَ (أو الزواجَ) على المهرِ المعلوم". ونحو ذلك ممّا يفيد القبول اللفظيّ. ولو قال: "قبلتُ" وحدها تكفي مع القصد لقبول ما ورد في الإيجاب.


التوكيل في الصيغة:
أ- يجوز التوكيل في عقد النكاح من الزوج والزوجة، أو من أحدهما خاصّة.
ب- يأخذ الوكيل وكالة الإيجاب من الزوجة، ولا يشترط في الوكالة صيغة خاصّة، بل تقع الوكالة بأيّ وسيلة مفهمة، ولا يشترط أن تكون باللغة العربيّة، بل تصحّ الوكالة بأيّ لغة مفهمة.

مثال ذلك: أن يقول الوكيل للمرأة: "هل تقبلين أن أكونَ وكيلَكَ لتزويجك (أو لأزوّجك) من فلان، على المهرِ المعلوم؟"، فتقول المرأة: "قبلتُ. أنت وكيلي". أو بأيّ أمرٍ مفهم للتوكيل.

ج- يجب على الوكيل أن لا يتعدّى عمّا عينه الموكل من حيث الشخص (المراد تزويجه به) والمهر والخصوصيّات الأخرى، فإن تعدّى كان العقد فضولياً موقوفاً على إجازة 
 
 
 
 
 
 
55

44

الفصل الثالث: النكاح الدائم

 الموكل.


د- إذا وكّل الزوجان فيتمّ الإيجاب بإحدى الصيغ التالية:
1- 2 "أنكحْتُ (أو زوّجتُ) موكِّلَكَ فلاناً موكِّلتي فلانة على المهر المعلومِ".
3- 4 "أنكحْتُ (أو زوّجْتُ) موكِّلتي فلانة من موكلِكَ فلان على المهر المعلوم".
5- 6 "أنكحْتُ (أو زوّجْتُ) موكِّلتي فلانة لموكِّلِكَ فلان على المهرِ المعلومِ".

هـ- يأخذ الوكيل وكالة القبول من الزوج، بأيّ وسيلة تفهم قبوله ورضاه بالزواج على المهر المعلوم. فيقول وكيل الزوج بعد الإيجاب من وكيل الزوجة بدون فصل معتدّ به: "قَبِلْتُ (أو رضيتُ) التزويج (أو النكاحَ) لموكّلي على المهر المعلوم"، أو ما شابه ذلك.

و - يمكن أن يكون القبول من الزوج بمباشرته بدون توكيل، فيقول: "قبلتُ (أو رضيتُ) النكاحَ (أو الزواج) على المهرِ المعلوم".

ز- لا يشترط في لفظ القبول أن يكون مطابقاً للفظ الإيجاب، فلو قال وكيل الزوجة: "زوّجتك" فقال الزوج أو وكيله: "قبلتُ النكاحَ" يصحّ.
 
 
 
 
 
 
 
56

45

الفصل الثالث: النكاح الدائم

 الخطأ في الصيغة:

إذا قيلت صيغة العقد بطريقة خاطئة فصورتان:
الأولى: إذا كان الخطأ مغيّراً للمعنى بحيث يُعدّ اللفظ دالّاً على معنى آخر غير ما هو المقصود، فلا يصحّ العقد.
الثانية: إذا لم يكن الخطأ مغيّراً للمعنى، بل كان يُفهم منه المعنى المقصود من النكاح، إلّا أنّه كان خطأً من جهة الإعراب والحركات أو نفس مادّة الكلمة (أي الحروف) فيصحّ العقد، ويُكتفى بما ذُكر وإن كان الأحوط استحباباً عدم الاكتفاء به، والإتيان بلفظٍ صحيح.
 
شروط العقد:
أ- يشترط في صحّة العقد ستّة أمور:
الأوّل: القصد إلى إيجاد مضمون العقد (أي قصد إيجاد الزوجية بين طرفي العقد)، وهو متوقّف على فهم معنى لفظ "زوجت" (بمعنى أنّ هذا القصد لا يتم ولا يمكن تحقيقه من دون فهم معنى لفظ زوّجت) ولو بنحو الإجمال1، فلا يشترط الفهم التفصيليّ ، فيكفي أن يعلم أنّ ما يقوله يدلّ على الزواج الدائم على المهر المعيّن المعلوم.
 
 
 

1- حتى لا يكون العقد مجرد لقلقة لسان دون معنى.
 
 
 
 
 
 
57

46

الفصل الثالث: النكاح الدائم

 الثاني: أن يكون قاصداً بقوله: "أنكحت" أو"زوّجت" إنشاء عقد الزواج، وليس الإخبار والحكاية. والإنشاء هو ما يُجعل ويُنشأ به الزواج.

 
الثالث: الموالاة، بمعنى عدم الفصل المعتدّ به بين الإيجاب والقبول.
 
الرابع: التنجيز1، بمعنى عدم تعليق العقد على فعل أو مجيء زمان، فلو قالت الزوجة مثلاً: "زوّجتك نفسي على المهر المعلوم بشرط مجيء زيد" يبطل العقد ولا يصحّ حتّى لو جاء زيد. نعم لو علّق العقد على أمرٍ محقّق الحصول2 كما إذا قالت الزوجة في يوم الجمعة: "أنكحتك إن كان اليوم يوم الجمعة"، فيصحّ العقد.
 
الخامس: تعيين الزوج والزوجة، بحيث يمتازان عن غيرهما. ويكون التعيين بالاسم أو الإشارة، أو الوصف الموجب للتعيين.
 
السادس: الاختيار، بمعنى أن ينشأ العقد عن إرادة العاقد واختياره، فلا يصحّ العقد ممّن أُكره على التزويج. نعم لو رضي المكرَه فيما بعد بالعقد صحّ بدون حاجة لتجديد العقد. وإن لم يرضَ يكون العقد باطلاً.
 
 
 

1- التنجيز هو عدم التعليق على شرط كقدوم الحاج، أو صفة كحلول رأس السنة.
2- أي أمر حالي معلوم الحصول.
 
 
 
 
 
 
 
58

47

الفصل الثالث: النكاح الدائم

 ب- يجوز إجراء العقد عبر الهاتف ونحوه مما يشتمل على الإنشاء اللفظيّ للصيغة.

ج- لا يصحّ للزوجة أن تشترط على زوجها في عقد الزواج أن لا يتزوّج عليها، فإذا أجري العقد مع هذا الشرط يبطل الشرط، ويصحّ العقد بلا شرط.
 
شروط العاقد:
يشترط في العاقد المجري للصيغة ثلاثة أمور:
الأوّل: البلوغ.
الثاني: العقل. فلا اعتبار بعقد الصبيّ والمجنون حال جنونه، سواء أكان يعقد لنفسه أو لغيره.
الثالث: القصد إلى معنى العقد. فلا اعتبار بعقد الساهي والغالط والسكران وأشباههم ممّن لا قصد لهمّ معتدّاً به (أو ممّن لا يتحقّق منهم القصد).
 
أولياء العقد:
أ- الأب والجدّ من طرف الأب (أي: أب الأب) فصاعداً لهم ولاية النكاح على أربعة أقسام من الأولاد:
الأوّل: الولد الذكر الصغير والبنت الصغيرة (دون سنّ البلوغ).
الثاني: الولد والبنت إذا بلغا مجنونين أو جُنّا بعد البلوغ.
 
 
 
 
 
 
59

48

الفصل الثالث: النكاح الدائم

 الثالث: البنت البالغة الرشيدة البكر تستأذن الوليّ على الأحوط وجوباً.

الرابع: البالغ الذكر إذا كان سفيهاً مبذّراً، وتعيين المهر والزوجة بيد الوليّ.

ب- إذا مات الأب والجدّ للأب تستقلّ البالغة الرشيدة البكر في تزويج نفسها. ويستحبّ لها أن تستأذن أخاها، ومع تعدّد الأخ يستحبّ أن تستأذن أخاها الأكبر.
ج- لا ولاية للأمّ ولا للعمّ والخال والأخ وأولادهم.

د- لا ولاية للأب والجدّ على الولد البالغ الرشيد.
هـ- إذا تزوّجت البالغة البكر الرشيدة بإذن وليّها، ثم دخل زوجها بها، إلّا أنّ بكارتها بقيت، ثمّ طلّقها زوجها أو مات، وأرادت الزواج من جديد فالأحوط وجوباً استئذان وليّها.

و- يشترط في صحّة الزواج من البكر البالغة الرشيدة من أهل الكتاب إذن وليّها على الأحوط وجوباً، فهي كالمسلمة من هذه الجهة، والوليّ هو أبوها وجدّها لأبيها. نعم لو لم يكن الاستئذان معتبراً في ملّتهم فلا يشترط إذن وليّها.

ز- لا ولاية للأب والجدّ للأب على البالغة الرشيدة إذا كانت ثيّباً (ليست بكراً) فيما لو زالت بكارتها بالوطء، بلا فرق بين الوطء الحلال أو الحرام. نعم يستحبّ لها أن تستأذن
 
 
 
 
 
 
 
60

49

الفصل الثالث: النكاح الدائم

 أباها أو جدّها، وإن لم يكونا فأخاها، ومع تعدّد الأخ يستحبّ استئذان الأخ الأكبر.


ح- لو زالت بكارة البالغة الرشيدة بالوطء ولكنّها أجرت عمليّة ترميم البكارة، بحيث عادت البكارة كما كانت فلا ترجع ولاية الوليّ، بل يجوز الزواج بها برضاها - فقط - دون حاجة لإذن الأب والجدّ للأب.

ط- إذا وافق الوليّ على تزويج ابنته البكر الرشيدة البالغة، واتّفقوا على كلّ شيء، ولكنّ العقد أُجّل إلى موعد آخر، فلا يجوز للشاب أن يعقد على هذه المرأة قبل الموعد المحدّد إلّا بإذن الوليّ على الأحوط وجوباً.

ي- الرشد هو حسن التصرّف على طريقة العقلاء ومسلكهم بالنسبة إلى أمواله تحصيلاً وصرفاً. ويقابله السفيه الذي يمكن خداعه بسهولة ولا يبالي بانخداعه، ويصرف ماله في غير موضعه ويتلفه بغير محلّه.

ك- تسقط ولاية الوليّ على البالغة البكر الرشيدة إذا منعها من التزويج بمن هو كفؤ لها شرعاً وعرفاً، بشرط أن تكون بحاجة للتزويج، بحيث لو تركته لخافت الوقوع في الحرام، ولا يوجد كفؤ آخر يرضى به الولي.
 
 
 
 
 
 
61

50

الفصل الثالث: النكاح الدائم

 ل- ولاية الجدّ للأب ليست مرتبطة بحياة الأب أو موته، فعند وجود الجدّ والأب معاً فلكلّ منهما الاستقلال بالولاية، فإن أجاز أحدهما فليس للآخر منعه، فإذا سبق أحدهما في تزويج البنت البكر الرشيدة لم تبقَ ولاية للآخر، فلا يحقّ له المنع.


م- يشترط في الوليّ العقل، فلو كان مجنوناً فلا ولاية له. وكذا يشترط أن يكون مسلماً إذا كانت البنت مسلمة، فلا ولاية لغير المسلم على ابنته المسلمة.
 
 
 
 
 
 
 
 
62

51

الفصل الرابع: المهر

 المهر: ويسمّى الصداق1، وهو ما تستحقّه المرأة بجعله في العقد، أو بتعيينه بعده، أو بسبب الوطأ أو ما هو بحكمه.

 
نوع المهر:
كل ما يمكن أن يملكه المسلم يصحّ أن يجعله مهراً2، عيناً كان أو ديناً أو منفعة.
العين: كالمال النقدي، والبيت، والأرض، والسيارة...
 
المنفعة: 
أ- منفعة الأعيان المملوكة: كمنفعة البيت (السكنى)، ومنفعة السيارة (الركوب)...
ب - منفعة الحرّ: كتعليم صنعة ونحوه من كل عمل محلّل.
 
 
 

1- الصداق يجوز بفتح الصاد وكسرها.
2- أي ما سمح الشارع للمسلم بامتلاكه، بخلاف ما لم يسمح بامتلاكه كالخمر والخنزير، فإنّه لا يصحّ جعله مهراً.
 
 
 
 
 
66

52

الفصل الرابع: المهر

 مقدار المهر:

لا تقدير للمهر من جانب القلّة ولا من جانب الكثرة، بل يصحّ كلّ ما تراضى عليه الزوجان، كثيراً كان أم قليلاً.
ويجب في جانب القلّة مراعاة أن لا يخرج المهر عن الماليّة بسبب القلّة كحبة من حنطة مثلاً. 
 
ويستحبّ في جانب الكثرة أن لا يزيد على مهر السُّنّة، وهو خمسمئة درهم1، ويعادل 1260 غراماً من الفضّة من العيار الأعلى.
 
تعيين المهر:
أ- يشترط تعيين المهر بما يخرجه عن الإبهام، فلو أمهرها أحد هذين الدارين - مثلاً- بطل المهر دون العقد، وتكفي المشاهدة فيه. 
 
ب- ذكر المهر ليس شرطاً في صحّة العقد الدائم، فيصحّ بدون ذكر المهر ولو عمداً، ولو تمّ العقد بدون ذكر المهر ففيه صورتان:
الأولى: إذا دخل بها استحقّت الزوجة على زوجها مهر أمثالها من النساء، سواء أطلّقها بعد الدخول أو مات أحدهما بعد الدخول. ويجوز لهما أن يتراضيا على شيء.
 
 
 

1- الدرهم: 2.52 غراماً من الفضة الخالصة.
 
 
 
 
 
 
 
67

53

الفصل الرابع: المهر

 الثانية: إذا طلّقها قبل الدخول فتستحقّ عليه أن يعطيها شيئاً بحسب حاله من الغنى والفقر، كثوب أو دينار أو درهم أو غيرها1.

 
ج- يجوز أن يجعل المهر كلّه حالّاً بلا أجل، ويجوز أن يجعله كلّه مؤجّلاً، ويجوز أن يجعل بعضه حالّاً وبعضه الآخر مؤجّلاً.
 
استحقاق المهر:
أ- تملك المرأة المهر بمجرّد العقد، وتستقرّ ملكيّتها له بتمامه بعد الدخول بها قُبلاً أو دُبراً. نعم ليس لها المطالبة به إن كان مؤجّلاً إلّا عند حلول أجله.
 
ب- لو مات أحد الزوجين قبل الدخول أو طلّق الزوج زوجته قبل الدخول سقط نصف المهر المجموع من المعجّل والمؤجّل، وتستحقّ الزوجة النصف فقط.
 
ج- يجوز للزوجة أن تمتنع من تمكين زوجها من نفسها للدخول بها حتّى تقبض تمام مهرها المعجّل.
د- المهر حقّ للزوجة يجوز لها أخذه، كما يجوز لها أن تبرئ ذمّة زوجها منه أو من بعضه.
 
 
 

1- الدينار: 3.6 غراماً من الذهب الخالص.
 
 
 
 
 
 
 
68

54

الفصل الرابع: المهر

 هـ - تستحقّ الزوجة المؤجّل إذا طلّقها زوجها أو مات، كما وتستحقّ المؤجّل إذا ماتت، وينتقل إلى ورثتها.


تنبيه للزوجة:
إنّ الزوجة تستحقّ تمام المهر عند العقد، فإذا مات أو طلّقها قبل الدخول فتردّ نصفه للزوج, ولذا لو أبرأته من تمام المهر ثمّ طلّقها قبل الدخول فيحقّ للزوج أن يطالبها بردّ النصف من مالها، لذا عليها أن تنتبه، وأمامها خياران كي لا تقع في مشكلة، وهما:
الأوّل: أن تهبه تمام المهر بعد الدخول، فلا ترجع له شيئاً.
الثاني: أن تهبه نصف المهر قبل الدخول, فلو طلّقها قبل الدخول لا ترجع له شيئاً.
 
 
 
 
 
 
 
69

55

الفصل الخامس: النكاح المنقطع

 النكاح المنقطع ويقال له, المِتْعة والنكاح المؤجّل


صيغة العقد:
النكاح المنقطع يحتاج إلى عقد من إيجاب وقبول، وله نفس تفاصيل الدائم، مع بعض الفروقات، كذكر الأجل، ولزوم ذكر المهر.

ألفاظ النكاح الدائم المتقدّمة تجري هنا مع إضافة ذكر الأجل والمهر، ويجوز إيقاعه بلفظ "مَتَّعْتُ" بدل كلمة "أنكحت" بصيغه الثلاث، فتصير الصيغ تسعاً. مثلاً: تقول المرأة: "مَتَّعْتُكَ نفسي على المهرِ المعلوم، لمدّة عَشْرِ ساعات". فيقول الرجل: "قبلتُ (أو رضيتُ) المِتْعَةَ (أو التزويج) (أو النكاح)". والتفاصيل كما مرّت في الدائم.

المهر:
أ- يشترط في صحّة النكاح المنقطع ذكر المهر، فلو لم يُذكر
 
 
 
 
 
 
71

56

الفصل الخامس: النكاح المنقطع

 يبطل العقد من رأس. وللمهر هنا نفس تفاصيل المهر في الدائم.


ب- تتملّك المتمتِّعة تمام المهر بالعقد، ولكن استقراره بتمامه مشروط بوفائها بتمكين زوجها من نفسها للدخول بها في تمام المدة، فلو لم يدخل بها مع تمكينها حتى انقضت المدّة استقرّ عليه تمام المهر.

ج- إذا وهبها المدّة قبل الدخول يلزمه دفع نصف المهر فقط. وأمَّا إذا وهبها المدّة بعد الدخول لزمه تمام المهر، نعم إذا لم يهبها المدّة ولكنها امتنعت من تمكين نفسها للاستمتاع بها فإن كان الامتناع في تمام المدّة لم تستحق المهر، وإن امتنعت في بعضها ومكّنت في البعض الآخر كان له أن يضع من المهر بنسبة ما أخلّت به من المدّة، إن نصفاً فنصف وهكذا...

الأجل:
أ ـ يشترط في النكاح المنقطع ذكر الأجل، فلو لم يُذكر عمداً أو نسياناً بطل متعة وانعقد دائماً، أي: لا يصحّ منقطعاً بل يتحوّل إلى دائم. ويترتب عليه جميع أحكام العقد الدائم.

ب ـ تقدير الأجل بيد الزوجين، ولا بدّ أن يكون معيّناً بالزمان، محروساً من الزيادة والنقصان. وليس للمدّة حدّ معيّن.
 
 
 
 
 
 
 
72

57

الفصل الخامس: النكاح المنقطع

 تجديد العقد:

لا يصحّ تجديد العقد على الزوجة المؤقّتة لا دواماً ولا انقطاعاً قبل انقضاء الأجل أو بذل المدّة.
 
التوارث:
لا يثبت بهذا العقد توارث بين الزوجين.
 
انتهاء الزواج المنقطع:
لا طلاق في الزواج المنقطع، فلا يقع الطلاق على الزوجة المنقطعة، وإنّما تصير المنقطعة بائنة1 عن الزوج بانقضاء المدّة أو هبتها، ويجزي في الهبة أن يقول لها: وَهَبْتُكِ أو أبْرَأتُكِ أو سامَحْتُكِ أو أنتِ في حِلّ أو تركتُ لكِ المدّة ونحو ذلك. وتجوز الهبة بغير اللغة العربيّة.
 
التمتّع بالزانية:
يجوز التمتّع بالزانية على كراهية خصوصاً لو كانت من العاهرات والمشهورات بالزنى، وإن فعل فليمنعها من الفجور.
 
 
 
 

1- بائنة من البين أي الفرقة.
 
 
 
 
 
 
73

58

الفصل الخامس: النكاح المنقطع

 الاشتراط:

يجوز لكلّ من الزوجين في النكاح المنقطع أن يشترط عدم الدخول، أو أن يشترط أن يكون الإتيان في الليل فقط أو النهار فقط. 
 
 
 
 
 
 
 
 
74

59

الفصل السادس: أسباب التحريم

 أسباب التحريم1

يحرم التزويج بأسباب عديدة، فلا يقع التزويج بسببها بين الرجل والمرأة. وهذه الأسباب هي: النسب والرضاع والمصاهرة وما يلحق بها2 والاعتداد وما يحكمه واستيفاء العَدَد3 والكفر والإحرام.
 
السبب الأول - النسب:
أ- النسب هو القرابة الرحميّة، فيحرم بالنسب سبعة أصناف من النساء على سبعة أصناف من الرجال:
الأوّل: الأمّ وإن علت، فتشمل الجدّة لأب ولأمّ، وتشمل جدّة الأمّ والأب، وهكذا.
الثاني: البنت وإن نزلت، فتشمل الحفيدة لابن أو بنت، وإن نزلت.
 
الثالث: الأخت لأب أو لأمّ أو لهما.
الرابع: بنت الأخت وإن نزلت.
 
 
 

1- أي ما بسببه يحرم ولا يصحّ تزويج الرجل بالمرأة، ولا يقع الزواج بينهما.
2- يلحق بالمصاهرة: وطء الشبهة والزنا واللواط.
3- استوفى العدد: أكمله واستيفاء العدد: إكمال العدد.
 
 
 
 
 
 
 
77

60

الفصل السادس: أسباب التحريم

 الخامس: بنت الأخ وإن نزلت.


السادس: العمّة وإن علت، فتشمل عمّة الأب والأمّ، وعمّة الجدّ والجدّة، وهكذا.
السابع: الخالة وإن علت، فتشمل خالة الأب والأمّ، وخالة الجدّ والجدّة، وهكذا.

ب- إذا أرضعت امرأة ولد غيرها، أوجب ذلك حرمة النكاح بين عدد من الرجال والنساء، ويتوقف انتشار الحرمة على توفر عدة شروط يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.

السبب الثاني ـ الرضاع:
إذا أرضعت امرأة ولد غيرها، أوجب ذلك حرمة النكاح بين عدد من الرجال والنساء، ويتوقّف انتشار الحرمة على توفّر شروط يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى:
أ- إذا تحقّق الرضاع الجامع للشروط الشرعيّة تصير المرضعة أمّاً للمرتضع، ويصير زوجها (صاحب اللبن) أباً له، وأولادهما إخوة له، وإخوتهما أخوالاً وأعماماً له، والآباء والأمهات أجداداً له، نعم لا توارث بينهم وبين المرتضع، كما لا تجب النفقة للمرتضع على أبيه بالرضاعة.

ب- لا يجوز لوالد الطفل المرتضع أن يتزوج من بنات المرضعة (أخوات ابنه بالرضاعة) النسبيات فقط لا الرضاعيات.
 
 
 
 
 
 
 
78

61

الفصل السادس: أسباب التحريم

 وكذلك من بنات زوجها صاحب اللبن النسبيات والرضاعيات. أي البنات اللاتي ولدن من الأب بالرضاعة من المرضعة أو من غيرها، بل وبناته من الرضاعة أيضاً على الأحوط وجوباً.


ج- لا تحرم أخوات المرتضع والمرتضعة على أبناء صاحب اللبن، ولا على أبناء المرضعة.
د- لا تحرم بنات صاحب اللبن وبنات المرضعة على إخوة المرتضع والمرتضعة.

هـ. إذا ارضعت امرأة طفلاً لزوج بنتها حرمت البنت (الزوجة) على زوجها مؤبداً وبطل نكاحها، سواءً أكان الطفل من بنتها أم من ضرّتها. وأمّا إذا أرضعت المرأة طفلاً لابنها لم يترتّب عليه نظير الأثر المتقدم.

ز ـ ما ذُكر في المرتضع ينطبق على المرتضعة، فيحرم عليها التزويج من أبيها بالرضاعة وإخوتها بالرضاعة وهكذا.

1- شروط التحريم بالرضاع:
ينشر الرضاع الحرمة فيما إذا تحقّقت ستّة شروط مجتمعة، وهي: 
 
 
 
 
 
 
79

62

الفصل السادس: أسباب التحريم

 الشرط الأوّل: أن يكون لبن المرضعة حاصلاً من وطءٍ1 جائز شرعاً (وينحصر بالنكاح (الزواج الشرعي) في عصرنا)، أو ما بحكم الوطء كسبق الماء إلى فرج زوجته، ويلحق به وطء الشبهة.

 
ويشترط أيضاً أن يكون درّ اللبن بعد الولادة.
فلو درّ اللبن من المرأة من دون ولادة (ولو مع الحمل) أو ولدت من الزنا فأرضعت بلبنها طفلاً لم ينشر الحرمة.
 
الشرط الثاني: أن يشرب الرضيع اللبن بالامتصاص من الثدي. فلو أُخرج الحليب من الثدي بآلة مثلاً، ثمّ شرب منه الولد فلا ينشر الحرمة.
 
الشرط الثالث: أن تكون المرضعة حيّة، فلو ماتت في أثناء الرضاع، وأكمل الرضيع الرضاعة، بحيث اكتمل النصاب الناشر للحرمة أثناء موت المرضعة، فلا ينشر هذا الرضاع الحرمة. فلا بدّ من إكمال النصاب أثناء حياة المرضعة.
 
الشرط الرابع: أن يكون المرتضع في أثناء الحولين وقبل استكمالهما، فلو رضع أو أكمل الرضاع بعد إكماله الحولين من عمره فلا ينشر الحرمة. والمراد بالحولين أربعة وعشرون شهراً هلاليًّا.
 
 
 

1- المقصود بالوطء هو الإدخال.
 
 
 
 
 
 
 
80

63

الفصل السادس: أسباب التحريم

 الشرط الخامس: أن يبلغ الرضاع حدًّا معيّنًا. وهذا له ثلاثة تقديرات وتحديدات: الأثر والزمان والعدد.

 
2- التحريم بالأثر:
الأوّل: الأثر، وهو الأصل، والزمان والعدد أمارتان (علامتان) عليه. والأثر هو أن يرضع الطفل بمقدار يؤدّي إلى نبات لحم الرضيع واشتداد عظمه عرفاً.
 
3- شرط التحريم بالأثر:
يشترط لنشر الحرمة بالأثر أن يستند نبات اللحم واشتداد العظم إلى الرضاع على نحو الاستقلال، بحيث ينسبان إلى الرضاع فقط. ولو تحقّق ضمّ السكّر ونحوه إلى الرضاع على نحو ينسب النبات والاشتداد إلى الرضاع والسكّر ونحوه معاً، فالأحوط وجوباً عدم حصول الزواج بين من يسبب الرضاع نشر الحرمة بينهم، وعدم النظر واللمس المحرّمين، وهكذا.
 
4- التحريم بالزمان:
أ- الثاني الزمان، وهو أن يرتضع الطفل من امرأة يوماً1 وليلة، بشرط اتّصالهما، بأن يكون غذاؤه في هذه المدّة منحصراً 
 
 

1- اليوم: مقداره من طلوع الشمس إلى غروبها.
 
 
 
 
 
 
 
 
81

64

الفصل السادس: أسباب التحريم

 بلبن المرأة فلا يأكل ولا يشرب ولا يرتضع من امرأة أخرى، نعم لا يضرّ شرب الماء عند العطش، كما لا يؤثّر أكل أو شرب الدواء بشرط أن لا يخرج عن المتعارف. ولو ارتضع من امرأة أخرى أو أكل بين الرضعات فلا تنتشر الحرمة.


ب- يكفي التلفيق، فلو ابتدأ الرضاع في منتصف النهار (مثلاً) فيتمّ النصاب عند منتصف النهار الثاني، وهكذا.

5- التحريم بالعدد:
الثالث: العدد، وهو أن يرتضع الطفل من المرضعة خمس عشرة رضعة كاملة.

6- شروط التحريم بالعدد:
أ- يشترط في التقدير بالعدد أربعة أمور:
الأوّل: كمال الرضعة، بأن يروى الطفل، ويترك الرضاع من قبل نفسه، ولا تحسب الرضعة الناقصة، ولو ارتضع رضعتين ناقصتين أو أكثر لا تحتسب واحدة. نعم لو التقم الثدي ثمّ رفضه لا بقصد الإعراض، بأن كان للتنفّس، أو الالتفات إلى مُلاعب، أو الانتقال من ثدي إلى آخر، أو غير ذلك، كان الكلّ رضعة واحدة.
الثاني: توالي الرضعات، بأن لا يفصل بينها رضاع امرأة أخرى
 
 
 
 
 
 
 
82

65

الفصل السادس: أسباب التحريم

 رضاعاً كاملاً، والأحوط وجوباً عدم الفصل بالرضاع الناقص من امرأة أخرى، نعم لا يضرّ الإرضاع من أخرى إذا كان قليلاً جدًّا.


- لا يؤثّر في نشر التحريم بالعدد تخلّل غير الرضاع من المأكول والمشروب وإن تغذّى به.

الثالث: أن يكون كمال العدد من امرأة واحدة، فلو ارتضع بعض الرضعات من امرأة وأكملها من امرأة أخرى لم ينشر الحرمة حتّى وإن كان الزوج للمرأتين واحدًا.

الرابع: اتّحاد الزوج، بأن يكون تمام العدد من لبن زوج واحد، فلو كانت المرأة متزوّجة من رجل فأرضعت الطفل سبع رضعات (مثلاً) من زوج، ثم طلّقها زوجها، وكان الطفل في هذه المدّة يتغذّى على الطعام والشراب دون الإرضاع من امرأة أخرى، وبعد مضيّ مدّة تزوّجت المرضعة من رجل آخر، وأنجبت منه طفلاً، ثمّ أكملت إرضاع الرضيع حتّى اكتمال النصاب، وكان عمر الطفل لا يزال دون الحولين، فإنّ هذا الإرضاع لا ينشر الحرمة, لأنّه من لبن زوجين، وليس من زوج واحد.

7- شرط تحقق الأخوّة الرضاعية:
في الرضاع شرط آخر زائد على ما تقدم يختصّ بتحقّق الأخوّة الرضاعيّة بين مرتضعين، وهو اتّحاد الرجل الذي ارتضع
 
 
 
 
 
 
 
83

66

الفصل السادس: أسباب التحريم

 المرتضعان من لبنه.

 
ـ فلو ارتضع صبي من امرأة من لبن شخص رضاعاً كاملاً، وارتضعت صبية من تلك المرأة من لبن شخص آخر رضاعاً كاملاً1، لم تحرم الصبية على ذلك الصبي بخلاف ما إذا كان الرجل وصاحب اللبن واحداً وتعددت المرضعة، كما إذا كان لرجل واحد زوجتان، وأرضعت إحداهما بلبنه صبياً وأرضعت الأخرى بلبنه صبية، فإنّ أحدهما يحرم على الآخر لحصول الأخوّة الرضاعية بينهما.
 
8- إثبات الرضاع:
أ- لو شكّ في وقوع الرضاع (أصلاً)، أو في حصول بعض شروطه من الكميّة أو الكيفيّة بنى على العدم.
ب- يثبت الرضاع (عند ادّعائه أو عند الشكّ في وقوعه) بالشهادة على وقوعه.
ج- لا تقبل الشهادة على الرضاع إلا مفصّلة، بأن يشهد الشهود على الارتضاع في الحولين بالامتصاص من الثدي خمس عشرة رضعة متواليات مثلاً، إلى آخر ما تقدم من الشروط.
 
ب- تقبل الشهادة على الارتضاع ممّن يلي:
 
 
 

1- بأن يكون قد طلّقها الأول وتزوجها رجل ثانٍ وصارت ذات لبن منه فأرضعتها رضاعاً كاملاً.
 
 
 
 
 
 
 
84

67

الفصل السادس: أسباب التحريم

 الأوّل: شهادة رجلين عادلين1.

الثاني: شهادة أربع نساء عادلات.
الثالث: شهادة امرأتين عادلتين مع رجل عادل واحد.
 
السبب الثالث ـ المصاهرة وما يلحق بها
 
المصاهرة:
المصاهرة علاقة بين أحد الزوجين مع أقرباء الآخر موجبة لحرمة النكاح عيناً أو جمعاً على تفصيل:
أ- تحرم زوجة الأب على ابنه وإن نزل حرمة دائميّة بمجرّد العقد الدائم أو المنقطع، سواء أحصل الدخول أم لا، بلا فرق بين أولاده النسبيّين والرضاعيّين.
 
ب- تحرم زوجة الابن على الأب وإن علا حرمة دائميّة بمجرّد العقد الدائم أو المنقطع، سواء أحصل الدخول أم لا. بلا فرق بين الأب النسبيّ والرضاعيّ.
 
ج- إذا عقد شخص على امرأة دواماً أو انقطاعاً تحرم عليه أمّها وإن علت، سواء أحصل الدخول أم لا، بلا فرق بين الأم النسبيّة والرضاعيّة.
 
هـ- لو عقد شخص على امرأة حرمت عليه ابنتها وإن نزلت
 
 

1- العدالة عبارة عن ملكة راسخة باعثة على ملازمة التقوى من ترك المحرّمات وفعل الواجبات (الإمام الخميني، تحرير الوسيلة: ج1، ص15).
 
 
 
 
 
 
 
85

68

الفصل السادس: أسباب التحريم

 (سواء أكانت البنت موجودة قبل الزواج به، أم بعد طلاقه لها وزواجها من غيره) بشرط دخوله بالأمّ قُبُلاً أو دبراً. وأمّا مع عدم الدخول بالأمّ لم تحرم ابنتها عيناً، بل تحرم عليه جمعاً، أي: تحرم عليه ابنتها ما دامت أمّها في عصمته، فإذا خرجت الأم عن زوجيّته قبل الدخول بموت أو طلاق جاز له الزواج بابنتها.

 
و- لا يجوز للزوج أن يتزوّج بنت أخ زوجته ولا بنت أختها إلّا بإذن زوجته (العمّة أو الخالة)1، بلا فرق بين كون الزواجين دائمين أو منقطعين، أو أحدهما كان دائماً والآخر منقطعاً. ويجوز أن يتزوّج عمّة زوجته أو خالتها بدون إذن زوجته.
 
الجمع بين الأختين:
أ- لا يجوز الجمع في الزواج بين الأختين (نسبيّتين أو رضاعيّتين، أو إحداهما نسبيّة والأخرى رضاعيّة)، بلا فرق بين الدوام والانقطاع، أو إحداهما دائمة والأخرى منقطعة، ففي كلّ هذه الصور يحرم ولا يصحّ الجمع بين الأختين. فلو تزوّج (دواماً أو انقطاعاً) بإحدى الأختين، ثمّ تزوّج بالأخرى (دواماً أو انقطاعاً) بطل العقد الثاني، ولو حصل
 
 
 

1- أي أنّ زوجته تكون عمّة هذه البنت أو خالتها.
 
 
 
 
 
 
86

69

الفصل السادس: أسباب التحريم

 العقدان في وقتٍ واحد بطل الاثنان معاً.

 
ب- لو طلّق زوجته الدائمة طلاقاً رجعيّاً فلا يجوز ولا يصحّ التزوّج بأختها قبل انقضاء عدّتها. وإذا كان الطلاق بائناً جاز له التزوّج بأختها في الحال. وأمّا لو كانت الزوجة متمتّعاً بها وانقضت مدّتها أو وهبها المدّة، فلا يجوز الزواج بأختها قبل انقضاء العدّة وإن كانت بائنة.
 
الزنى واللواط:
أ- إذا زنى1 بامرأة تحرم على الزاني أمّها وابنتها، ويحرم عليها أبوه وابنه، كل ذلك على الأحوط وجوباً.
ب- لو زنت امرأة متزوّجة لا تحرم على زوجها، ولا يجب على الزوج أن يطلّقها.
 
ج- من زنى بامرأة متزوّجة حرمت عليه أبداً، فلا يجوز للزاني الزواج منها بعد موت زوجها أو زوال عقدها بطلاق ونحوه. ولا فرق في المتزوجة بين الدائمة والمتمتع بها، والمسلمة وغيرها. ولا في الزاني بين العالم بكونها متزوجة والجاهل بذلك.
 
د- إذا زنى بامرأة في العدّة الرجعية حرمت عليه أبداً إذا كان 
 
 
 

1- يتحقّق الزنا بالدخول (غيبوبة الحشفة قبلاً أو دبراً)، ولا يتحقّق بسائر الاستمتاعات كاللمس والتقبيل بشهوة وغيرها، وإن كان كلّه حراماً.
 
 
 
 
 
 
 
 
87

70

الفصل السادس: أسباب التحريم

 عالماً بحالها، وكذا لو كان عالماً بكونها في عدة رجعيّة وشك في انقضائها، وأمّا الزنا بذات العدة غير الرجعية ـ كعدة البائنة وعدة الوفاة ـ فلا يوجب الحرمة، فللزاني تزويجها بعد انقضاء عدتها.


هـ- مَن لاط بغلام فأدخل في دبره ولو ببعض الحشفة حرم عليه مؤبداً أمّ الغلام وإن علت، وابنته وإن نزلت، وأخته، بلا فرق بين النسبيّات والرضاعيّات. وأمّا المفعول به فلا تحرم عليه أمّ الفاعل وابنته وأخته.

و- إذا لاط شخص بابن زوجته أو بأخيها فلا تحرم عليه زوجته؛ لأنّ العقد عليها كان قبل اللواط، وما يسبّب الحرمة هو اللواط السابق على العقد.

السبب الرابع: الاعتداد وما يحكمه: 
الزواج في العدّة:
أ- إذا كانت المرأة في عدّة الغير (جميع أقسام العدّة) فلا يجوز التزويج بها، بل ينتظر فراغها من العدّة حتّى يتزوّجها.
ب- لو تزوّج شخص من امرأة في أثناء عدّتها من الغير، وقد دخل بها قُبُلاً أو دبراً حرمت عليه مؤبّداً ولو مع الجهل بالحرمة وبأنّها معتدّة، فضلاً عن العلم، فما دام الدخول قد
 
 
 
 
 
 
 
88

71

الفصل السادس: أسباب التحريم

 حصل تحرم عليه مؤبّداً. وأمّا مع عدم الدخول فصورتان:

الأولى: مع علم الاثنين أو أحدهما بالموضوع (كونها في العدّة) وبالحكم (أنّه لا يجوز العقد على المعتدّة من الغير) تحرم عليه مؤبّداً.

الثانية: مع جهل الاثنين بالحكم والموضوع معاً أو بأحدهما خاصّة لا تحرم عليه أبداً، بل يبطل العقد الحاصل في أثناء العدّة، وبعد انتهاء العدّة يجوز له أن يعقد عليها من جديد.

التزوّج بالمتزوّجة:
إذا تزوّج شخص بامرأة متزوّجة فصورتان:
الأولى: إذا كان عالماً بأنّها متزوّجة تحرم عليه مؤبّداً، سواء أكان قد دخل بها أم لا.
الثانية: إذا كان جاهلاً بأنّها متزوّجة فمع الدخول قُبُلاً أو دبراً تحرم عليه مؤبّداً، ومع عدم الدخول يبطل العقد، ولكن لا تحرم عليه مؤبّداً.

السبب الخامس ـ استيفاء العَدَد:
أ- مَن كانت عنده أربع زوجات دائميّات يحرم عليه الزواج بالخامسة دواماً، ولا يحرم متعة.
ب- إذا طلّق الرجل زوجته ثلاث مرّات: بعد أوّل زواج طلّقها، ثمّ أرجعها إلى زوجيّته ثمّ طلقها، ثمّ تزوّجها ثمّ طلّقها ولم
 
 
 
 
 
 
89

72

الفصل السادس: أسباب التحريم

 يتخلّل بين الطلقات الثلاث الزواج من رجل آخر تحرم عليه، ولا يجوز له نكاحها حتّى تتزوّج زوجاً غيره، بشروط ذكرت وبيّنت في كتاب الطلاق.


السبب السادس ـ الكفر:
أ- لا يجوز للمسلمة أن تتزوّج من الكافر الكتابيّ وغيره، بلا فرق بين الدوام والانقطاع.
ب- لا يجوز للمسلم أن يتزوّج الكافرة غير الكتابيّة، ولا المرتدّة، ويجوز للمسلم الزواج المنقطع بالكتابيّة، ولا يجوز الزواج الدائم بها على الأحوط وجوباً.

ج- لا يجوز للمؤمنة أن تتزوّج الناصبيّ المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام، ولا المغالي المعتقد بألوهيّة أهل البيت عليهم السلام أو بنبوّتهم.

د- لا يجوز للمؤمن أن يتزوّج الناصبة المعلنة بالعداوة والمغالية لا دواماً ولا انقطاعاً. ويجوز له أن يتزوّج المخالفة غير الناصبة. ويجوز على كراهة زواج المؤمنة من المخالف.

هـ ـ العقد الواقع بين الكفّار لو وقع صحيحاً عندهم وعلى طبق مذهبهم، يترتب عليه آثار الصحيح عندنا، سواء أكان الزوجان كتابيين أم غير كتابيين. ولو أسلما معاً دفعة أقرّا على زواجهما الأول ولم يحتج إلى عقد جديد على طبق مذهبنا.
 
 
 
 
 
 
90

73

الفصل السادس: أسباب التحريم

 السبب السابع ـ الإحرام:

أ- يحرم التزويج دواماً ومتعة حال الإحرام، فإذا عقد المحرِم (لحجّ أو عمرة) على امرأة دواماً أو انقطاعاً فصورتان:
الأولى: إذا كان عالماً بالحرمة بطل النكاح، وتحرم عليه مؤبّداً، بلا فرق بين كون المرأة محرِمة أو محلّة، وبلا فرق بين كون الرجل هو من أجرى العقد مباشرة أو وكّل غيره، محرِماً كان الوكيل أو محلّاً، وبلا فرق بين كون التوكيل قبل الإحرام أو بعده.

الثانية: إذا كان جاهلاً بالحرمة بطل النكاح، ولكن لا تحرم عليه مؤبّداً.

ب- إذا كانت الزوجة محرِمة وتمّ التزويج بها من رجل مُحرِم أو محلّ فتحرم عليه مؤبّداً مع علمها بالحرمة، ومع جهل الاثنين لا تحرم مؤبّداً، ولكن يبطل العقد.

ج ـ يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدّة الرجعية.
 
 
 
 
 
 
 
91

74

الفصل السابع: الفسخ بالعيوب

 أحكام النفقة

شروط النفقة: يجب على الزوج أن ينفق على زوجته إذا توفّر شرطان:
الأوّل: أن تكون الزوجة دائمة، فلا تجب النفقة للمنقطعة.
الثاني: أن تكون مطيعة للزوج فيما يجب عليها إطاعته فيه، فلا تجب النفقة للناشزة. نعم إذا لم تمكّنه من نفسها لعذرٍ (من حيض في مسألة الدخول فقط أو إحرام أو اعتكاف واجب، أو المرض المانع من الاستمتاع أو نحو ذلك) لا تسقط نفقتها.

نفقة المعتدّة:
أ- تثبت النفقة والسكنى للمطلّقة ذات العدّة الرجعيّة ما دامت في العدّة، بلا فرق بين كونها حاملاً أو لا.
ب- ذات العدّة البائنة إذا لم تكن حاملاً فلا تجب النفقة لها، وإذا كانت حاملاً فتستحقّ النفقة إذا طُلّقت حتّى تضع حملها.
ج- لا تستحقّ الحامل المتوفَّى عنها زوجها النفقة، لا من تركة زوجها ولا من نصيب ولدها.
 
 
 
 
 
 
 
101

75

الفصل السابع: الفسخ بالعيوب

 ضابط النفقة:

لا تقدير للنفقة شرعاً، بل الضابط القيام بما تحتاج إليه المرأة، من طعام وكسوة وفراش وغطاء وإسكان، وآلات تحتاج إليها لشربها وطبخها وتنظيفها، وغير ذلك.

استحقاق النفقة:
أ- تستحقّ الزوجة النفقة سواء أكانت غنيّة أم فقيرة، فلها على الزوج الإنفاق ولو كانت من أغنى الأغنياء.
ب- تملك الزوجة على الزوج نفقة كلّ يوم ممّا يُصرف ولا تبقى عينه (من طعام وغيره)، تملكه صبيحة كلّ يوم، ويمكن أن يدفع لها نفقة أسبوع أو شهر أو نحو ذلك، ولو لم يدفع تصير النفقة ديناً لها في ذمّته. ولو دفع ما تستحقّه إليها ولم تصرفه يصير ملكاً لها، وليس للزوج استرداده.

كيفية دفع النفقة: كيفيّة الإنفاق بالطعام إمّا بأن تأكل مع الزوج في بيته كسائر عياله، وإمّا بأن تأخذ النفقة، فالخيار لها في ذلك.

التزاحم: إن لم يستطع الزوج تأمين مال يفي بنفقة نفسه وزوجته وأولاده وباقي أقاربه الواجبي النفقة فنفقته هو مقدّمة على الجميع، فإن بقي شيء فزوجته مقدّمة على أقاربه، فإن بقي شيء دفعه لأقاربه.
 
 
 
 
 
 
102

76

الفصل التاسع: العلاقة الخاصة بين الزوجين

 أحكام العلاقة الخاصّة بين الزوجين

أ- يجوز لكلّ من الزوجين أن يمسّ كلّ عضو من جسد الآخر ظاهره وباطنه، بأيّ عضو من بدنه بدون استثناء.
ب- يجوز لكلّ منهما النظر إلى جميع بدن الآخر بدون استثناء.

ج- لا يجوز مجامعة الزوجة قبل إكمالها تسع سنين.
د- يجوز على كراهية شديدة مجامعة الزوجة في الدبر مع عدم أذاها، بلا فرق بين حالة الحيض وغيرها، والأحوط استحباباً تركه خصوصاً مع عدم رضاها، ومع أذاها لا يجوز.
ولا يجب على الزوجة تمكين زوجها من نفسها ليطأها دبراً، بل لها الامتناع عن ذلك، ولا يجوز للزوج إجبارها عليه، ولو امتنعت عنه لم تكن ناشزة.

هـ- يجوز لكلّ منهما قول أو فعل كل ما يثير الشهوة بينهما.
و- يجوز للزوج أن يتخيّل زوجته بنحو يثير الشهوة إذا لم يترتّب عليه فعل الحرام كإنزال المنيّ.

ز- لا يجوز لكلّ من الزوجين أن يثير الآخر جنسيّاً باستخدام آلات 
 
 
 
 
 
 
 
105

77

الفصل التاسع: العلاقة الخاصة بين الزوجين

 خارجيّة على العورة أو غيرها من أعضاء البدن، ظاهراً وباطناً.


ح- لا يجوز للزوج ترك مجامعة زوجته الدائمة والمنقطعة أكثر من أربعة أشهر إلا بإذنها. ويجوز ذلك مع العذر، والسفر يعتبر عذراً إذا كان ضرورياً، كسفر تجارة أو تحصيل علم أو زيارة أماكن مشرّفة ونحو ذلك. دون ما إذا كان لأجل مجرّد الميل والتفريح والتفرّج على الأحوط وجوباً.

ط- يجوز للزوج أن يستمتع بزوجته بجميع الاستمتاعات التي يرغبها، في جميع الحالات والأوقات، ويستثنى من ذلك أربعة موارد، لا يجوز في بعضها بعض الاستمتاعات وفي بعضها الآخر لا تجوز جميع الاستمتاعات، وهي:
الأوّل: إذا كان الزوجان أو أحدهما مُحرِماً لعمرة أو حجّ فلا تجوز جميع الاستمتاعات.
الثاني: إذا كانت الزوجة في الحيض أو النفاس، فلا يجوز الإدخال في الفرج فقط، وتجوز سائر الاستمتاعات.
الثالث: إذا كان أحد الزوجين صائماً واجباً فلا يجوز الجماع ولا إنزال المنيّ، وتجوز سائر الاستمتاعات.
الرابع: إذا كان أحدهما معتكفاً، وكان اعتكاف الزوجة بإذن الزوج، فلا تجوز كلّ الاستمتاعات من دون فرق بين الليل والنهار.

ي- يجب على الزوجة أن تستجيب لزوجها بحقّه في الاستمتاع إن لم تكن مريضة مرضاً يمنع من ذلك، سواء أكانت دائمة أو منقطعة.
 
 
 
 
 
 
 
 
106

78

الفصل العاشر: أحكام النشوز

 أحكام النشوز

النشوز قد يكون من الزوجة، وقد يكون من الزوج.

نشوز الزوجة:
أ- النشوز من الزوجة هو خروجها عن طاعة الزوج الواجبة، ويتحقّق نشوز الزوجة بعدم تمكين نفسها للاستمتاع، ويتحقّق بعدم إزالة المنفّرات المبعّدة عن التمتّع بها، كما يتحقّق بخروجها من بيته بدون إذنه.

ب- من علامات وأمارات النشوز تغيير عادة الزوجة مع الزوج في القول أو الفعل، بأن تجيبه بكلام خشن بعد ما كان بكلام ليّن، أو أن تظهر عبوساً وتقطّباً في وجهه وتثاقلاً ودمدمة، بعد أن كانت على خلاف ذلك، ومن أمارات النشوز كلّ ما يوجب نفور الزوج منها وانصرافه عنها، بحيث تكون المنفّرات نوعاً من الامتناع غير المباشر من تمكين نفسها.
 
 
 
 
 
 
 
109

79

الفصل العاشر: أحكام النشوز

 ويستحبّ لها أن تتزيّن لزوجها وتتودّد له، وتعرض نفسها عليه.


ج- لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيت زوجها إلّا بإذن زوجها، سواء أكان خروجها منافياً لحقّ الاستمتاع أم لا. ولو خرجت بدون إذنه تكون ناشزة. نعم يجوز لها الخروج من دون إذن زوجها لأداء واجب، كالخروج لأداء حجّة الإسلام.

د- لا يتحقّق نشوز الزوجة بترك طاعة الزوج فيما ليست الطاعة بواجبة عليها، فلو امتنعت من خدمات البيت وحوائج الزوج التي لا تتعلّق بالاستمتاع كالكنس والخياطة والطبخ ونحو ذلك حتّى سقي الماء وتمهيد الفراش لم يتحقّق النشوز.

ه- يجب على الزوجة الالتحاق بزوجها في البلد الذي يعيش فيه إذا طلب منها ذلك، وكان تمكين نفسها لزوجها متوقّفاً عليه. وإن لم تستجب تعتبر ناشزة.
و- يجب على الزوجة إزالة المنفّرات المضادّة للاستمتاع، فإذا تركت التزيّن والتنظيف مع ميل الزوج لذلك تكون قد عصت، وتعتبر ناشزة ولا تستحقّ النفقة.

نشوز الزوج: 
يتحقّق نشوز الزوج بتعدّيه على الزوجة وعدم القيام بحقوقها الواجبة، فإذا ظهر منه النشوز جاز لها المطالبة بحقوقها ووعظها
 
 
 
 
 
 
 
110

80

الفصل العاشر: أحكام النشوز

 إيّاه، فإن لم يؤثّر جاز لها أن ترفع أمرها للحاكم الشرعيّ ليلزمه بأداء الحقوق لها مع الإمكان1.

 
- إذا اطّلع الحاكم على نشوز الزوج نهاه عن فعل ما يحرم عليه، وأمره بفعل ما يجب، فإن نفع اكتفى به، وإن لم ينفع فيعمل الحاكم بما يراه صلاحاً؛ مثل تعزير الزوج، أو الإنفاق من مال الزوج - مثلاً - مع امتناعه من ذلك.
 
موارد لزوم إذن الزوج
1- في اليمين والنذر:
أ- لا تصحّ ولا تنعقد يمين الزوجة مع منع الزوج، بل لا تنعقد إذا لم يأذن، والتفصيل يقع في ثلاث صور:
الأولى: أن يأذن الزوج فتنعقد اليمين.
الثانية: أن يمنع فلا تنعقد اليمين.
الثالثة: أن لا يأذن ولا يمنع فلا تنعقد اليمين.
 
ب- لا يصحّ ولا ينعقد نذر الزوجة الدائمة إلّا بإذن الزوج، فيما إذا كان الزوج حاضراً، فلو كان غائباً عنها انعقد نذرها من دون إذنه.
ج- إذا أذن الزوج باليمين أو النذر فينعقد ويجب الوفاء به. 
 
 
 

1- فليس لها هجره ولا ضربه والتعدّي عليه..
 
 
 
 
 
 
 
111

81

الفصل العاشر: أحكام النشوز

 ولكن يجوز له أن يحلّ اليمين بعد انعقادها فتنحلّ، ولا يجوز له أن يحلّ النذر بعد إذنه.


2- وسائل منع الحمل:
يشترط إذن الزوج فيما لو أرادت الزوجة استعمال وسائل منع الحمل.

3- في الصوم التطوّعيّ: 
الأحوط وجوباً للزوجة أن لا تصوم تطوّعاً (أي: الصوم غير الواجب) بدون إذن زوجها.
 
 
 
 
 
 
 
112

82

الفصل الحادي عشر: منع الحمل والإسقاط

 أحكام منع الحمل والإسقاط


1- منع الحمل المؤقّت:
يجوز للمرأة الامتناع عن الحمل مؤقّتاً، عن طريق الاستفادة من الحبوب والأدوية واللولب ونحو ذلك بشروط أربعة:
الأوّل: أن يكون ذلك قبل استقرار النطفة على جدار الرحم.
الثاني: أن لا يؤدّي إلى ضرر معتنىً ومعتدّ به جسديًّا ونفسيًّا.
الثالث: أن لا يستلزم النظر واللمس المحرّمين.
الرابع: أن يكون بموافقة الزوج.

2- منع الحمل الدائم:
يجوز للمرأة الامتناع عن الحمل الدائم، عن طريق إغلاق أنبوب الرحم أو غيره، بنفس الشروط الأربعة السابقة، مع إضافة شرط خامس، وهو وجود غرض عقلائيّ، يشخّصه المكلّف نفسه.
 
 
 
 
 
 
 
 
115

83

الفصل الحادي عشر: منع الحمل والإسقاط

 3- الحمل الخطر:

لا يجوز الحمل اختيارًا فيما لو كان فيه خطر على حياة الأم.

4- منع الإنجاب للرجل (تحديد النسل):
يجوز للرجل أن يجعل نفسه عاجزاً عن الإنجاب المؤقّت أو الدائم، كأن يغلق القناة المنويّة، بشرطين:
الأوّل: أن يكون مأموناً من الضرر المعتنى به.
الثاني: أن يكون لغرض عقلائيّ. 
ولا يشترط موافقة الزوجة.

إسقاط الجنين

1- إسقاط الجنين:
أ- لا يجوز إسقاط النطفة بعد استقرارها في الرحم مهما كان عمر الجنين، وهذا يعني أنّه لا يجوز إسقاط الجنين في أيّ مرحلة، سواء أكان نطفة أو علقة أو مضغة، أو في المراحل اللاحقة.
ب- لا يجوز إسقاط الجنين لمجرّد الصعوبات والمشكلات الاقتصاديّة.
ج- كون الجنين ناقص الخلقة ليس مجوّزاً شرعيًّا لإسقاطه، حتّى قبل ولوج الروح فيه.
 
 
 
 
 
 
 
 
116

84

الفصل الحادي عشر: منع الحمل والإسقاط

 2- الجنين من الزنى:

لا يجوز إسقاط الجنين الذي انعقدت نطفته من الزنى، ولو بطلب من الوالد أو غيره. كما لا يجوز إسقاط الجنين من وطء الشبهة ولو من قِبل غير المسلم، ولا يجوز إسقاطه من الزواج المنقطع حتّى مع الخوف من كلام الناس.

3- الجنين المريض:
إذا تحقّق أمران في الجنين، وهما: 
الأوّل: أن يكون مشوّهاً أو ناقص الخلقة أو مصاباً بمرض لا يمكن العلاج منه.
الثاني: أن يكون في المحافظة على هكذا ولد عسر وحرج شديدان. ففي المسألة صورتان:
الأولى: إذا لم تلج الروح في الجنين (قبل الأربعة أشهر) فيجوز إسقاطه. والأحوط وجوباً دفع الدية على المباشر.
الثانية: إذا ولجت الروح فيه فلا يجوز إسقاطه، وما ذُكر ليس مبررًّا شرعيًّا للإسقاط بعد ولوج الروح فيه.

4- الخوف من المرض على الأمّ:
إذا كان في بقاء الجنين في رحم الأمّ عسر وحرج شديدان بحيث كان تشخيص الطبيب الموثوق به قطعيًّا، جاز إسقاطه قبل ولوج الروح فيه. وأمّا بعد ولوج الروح فيه فلا يجوز.
 
 
 
 
 
 
 
117

85

الفصل الحادي عشر: منع الحمل والإسقاط

 5- الخوف من الموت:

أ- إذا كان في بقاء الجنين خطر على حياة الأمّ وحدها فإن كان ذلك قبل ولوج الروح فيه فيجوز إسقاطه، وإن كان بعد ولوج الروح فيه فلا يجوز إسقاطه.

ب- إذا كان في بقاء الجنين خطر على حياة الأمّ وحياة الجنين كليهما، ولم يمكن إنقاذ حياة الحمل بحال، ولكن يمكن إنقاذ حياة الأمّ وحدها بإسقاط الحمل فيجوز إسقاطه.
 
 
 
 
 
 
 
118

86

الفصل الثاني عشر: الحضانة والولاية

 الحضانة والولاية


المقصود بالحضانة:
الحضانة تدبير شؤون الولد في أموره العاديّة، من طعامه ولباسه ونومه وتنظيفه ودفع الأذى عنه، ونحو ذلك من الأمور الشخصيّة. وهي غير الولاية.

حقّ الحضانة:
أ- الأمّ أحقّ بحضانة الولد الذكر تمام أوّل سنتين هلاليّتين من عمره، وحضانة البنت أوّل سبع سنوات هلاليّة من عمرها. وبعد ذلك يصير الأب أحقّ بحضانتهما.

ب- إذا طلّق الرجل زوجته في مدّة حضانتها فلا يسقط حقّها بالحضانة ما لم تتزوّج غير الأب، فإذا تزوّجت بغيره سقط حقّها بالحضانة، ويصير الحقّ للأب. ولو طلّقها الثاني أو مات فإن كانت مدّة حضانة الأم باقية يعود لها حقّ الحضانة.
 
 
 
 
 
 
 
121

87

الفصل الثاني عشر: الحضانة والولاية

 ج- إذا مات الأب بعد انتقال حقّ الحضانة إليه أو قبله تكون الأمّ أحقّ بحضانة الولد من الجميع حتّى لو كانت متزوّجة. وإذا ماتت الأمّ في زمن حضانتها تنتقل الحضانة إلى الأب، ويكون أحقّ من غيره.


د- تنتهي الحضانة عن الولد ببلوغه رشيداً، وبعد رشده يصير مالك نفسه، بلا فرق بين الذكر والأنثى. 
هـ- إذا كان الولد (الذكر أو الأنثى) صغيراً أو مجنوناً أو سفيهاً فتكون الولاية عليه للأب والجدّ للأب، فللأب وإن علا رعاية الولد القاصر، وتولية شؤونه وتدبيرها، في صحّته النفسيّة والجسديّة ومختلف شؤونه الدينيّة والدنيويّة، وتبقى هذه الولاية حتّى يصير الولد بالغاً عاقلاً رشيداً، بلا فرق في ثبوت الولاية بين ما إذا كانت الحضانة للأب أو للأمّ.

إرضاع الولد
مدّة الإرضاع:
يجب أن يكون الإرضاع لواحد وعشرين شهراً مع الإمكان، فلا يجوز أن ينقص عن ذلك مع الإمكان ومن غير ضرورة. وكمال الإرضاع أربعة وعشرون شهراً.
 
 
 
 
 
 
122

88

الفصل الثاني عشر: الحضانة والولاية

 إرضاع الولد:

أ- لا يجب على الأمّ إرضاع ولدها مجّاناً ولا بالأجرة إلّا في صورة واحدة، وهي ما إذا لم يوجد غيرها للإرضاع وكان إطعام الولد من حليب جاهز ونحوه لا يُؤمَنُ على الولد من الضرر معه، ففي هذه الحالة يجب على الأمّ إرضاع ولدها مع الإمكان. ولكن لا يجب عليها ذلك مجّاناً، بل يحقّ لها المطالبة بأجرة الرضاع.

ب- إذا لم يكن مع الولد وأبيه وجدّه لأبيه مالٌ فيتعيّن على الأمّ إرضاع ولدها مجّاناً، إمّا بنفسها وإمّا باستئجار مرضعة أخرى، أو بأيّ وسيلة من وسائل حفظ الولد، وتكون الأجرة أو النفقة على الأمّ إذا كانت موسرة.

ج- لو طلبت الأمّ أجرة ووجدت مرضعة متبرّعة، أو طلبت الأمّ زيادة عن غيرها فيجوز للأب تسليم الولد إلى غيرها، مع بقاء حقّ الحضانة للأمّ على الأحوط وجوباً.
 
 
 
 
 
 
 
123

89

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 الطلاق


أقسام الطلاق:
الطلاق الشرعيّ قسمان: رجعيّ وبائن.
الأوّل: الرجعيّ هو ما يحقّ للزوج فيه أن يُرجع زوجته إليه ما دامت في العدّة، بلا فرق بين رضاها وعدمه، ولا يحتاج في إرجاعها إلى عقد جديد.

الثاني: البائن هو ما لا يحقّ للزوج فيه أن يُرجع زوجته إليه إلّا بعقد جديد وبرضاها أو برجوعها في البذل في مثل الخُلع والمباراة في العدّة فيُرجعها إذا أراد. ويوجد قسم آخر من البائن لا يجوز فيه الرجوع أصلاً ولو بعقد جديد كما سيأتي قريباً.

أقسام الطلاق البائن:
الطلاق البائن سبعة أقسام:
الأوّل: طلاق الصغيرة، ولا عدّة عليها.
 
 
 
 
 
 
 
126

90

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 الثاني: طلاق اليائسة، ولا عدّة عليها.

الثالث: طلاق غير المدخول بها، ولا عدّة عليها.

الرابع: طلاق الخُلع مع عدم رجوع الزوجة عمّا بذلته للزوج. (والخُلع طلاق الزوجة الكارهة لزوجها مع بذلها فداءً ليطلّقها).

الخامس: طلاق المباراة مع عدم رجوعها عن البذل. (والمباراة طلاق الكارهين لبعضهما البعض مع بذل الزوجة فداءً لزوجها ليطلّقها).

السادس: الطلاق الثالث إذا رجع الزوج بعد الطلاق الأوّل وبعد الطلاق الثاني، بلا فرق في الرجوع بين كونه بعقد جديد أو بإرجاع في العدّة الرجعيّة، وهكذا الطلاق السادس والتاسع.

السابع: يصير الطلاق الرجعيّ بائناً إذا انقضت العدّة ولم يرجع الزوج إلى زوجته في أثناء العدّة.

الخُلع:
الخلع هو الطلاق بفدية تدفعها الزوجة الكارهة لزوجها. وهو طلاق بائن.

شروط الخلع:
يعتبر في هذا الطلاق جميع شروط الطلاق الآتية، ويزيد عليها بأنّه يعتبر فيه كراهة الزوجة لزوجها على نحو يخاف منها الخروج
 
 
 
 
 
 
 
128

91

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 عن الطاعة والدخول في المعصية على الأحوط وجوباً، ولو كانت الكراهة من الطرفين فهو مباراة.


البذل:
أ- لا بدّ في الخُلع من بذل شيء من الزوجة ليطلّقها الزوج، كأن تقول: "بذلتُ لك كذا لتطلّقني (أو لتختلعني)". ولا بدّ من أن ينشئ الزوج الطلاق على ما بذلته الزوجة. ويشترط عدم الفصل بين إنشاء البذل والطلاق بما يخلّ بالفوريّة العرفيّة.

ب- يجوز الفداء بكلّ ما له ماليّة، أكان قليلاً أم كثيراً، حتّى لو زاد على المهر المتّفق عليه.
ج- إذا كانت كراهة الزوجة لزوجها والتي أدّت إلى طلب الطلاق ناشئة من جهة إيذاء الزوج لها بالسبّ والضرب ونحوهما، وطلبت تخليص نفسها، فبذلت لزوجها شيئاً ليطلّقها فطلّقها، لم يصحّ الخلع، ويحرم على الزوج ما أخذه منها. نعم يصحّ الطلاق المذكور ويقع رجعيّاً فيما إذا وقع بلفظ الطلاق.

د- إذا كانت المطلّقة المختلعة في أثناء العدّة جاز لها الرجوع في البذل، فإذا رجعت فيما بذلت تصير رجعيّة، فيجوز للزوج الرجوع إلى زوجته ما دامت في العدّة، دون حاجة إلى عقد جديد. نعم يشترط في صحّة رجوعها في البذل أن يكون رجوع الزوج ممكناً بعده وإلاّ فلا يصحّ، كما في الطلاق الثالث.
 
 
 
 
 
 
 
129

92

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 صيغة الخلع:

أ- يقع الخلع بلفظ الطلاق، كأن يقول الزوج بعد البذل: "أنْتِ طالِقٌ على ما بَذَلْتِ"، أو يقول: "زَوْجَتي طالقٌ على ما بَذَلَتْ".

ب- يقع الخلع بلفظ الخلع وحده، كأن يقول: "خَلَعْتُكِ على ما بَذَلْتِ"، أو "أنتِ مُخْتَلَعَةٌ على ما بَذَلْتِ". والأحوط استحباباً أن يبدأ بلفظ الخلع ثمّ ينتهي بلفظ الطلاق، كأن يقول: "خَلَعْتُكِ على ما بَذَلْتِ فأنتِ طالق".

المباراة:
أ- طلاق المباراة هو الطلاق بفدية تدفعها الزوجة، وتكون الكراهة من الزوجين، ويعتبر فيه جميع شروط الطلاق الآتية، ويضاف إليها دفع الفدية من الزوجة، بشرط أن لا تزيد عن المهر، والأحوط وجوباً أن تكون أقلّ من المهر.

ب- يقع طلاق المباراة بلفظ الطلاق فقط، كأن يقول الزوج: "أنْتِ طالِقٌ على ما بَذَلْتِ"، ولا يقع بلفظ "بَارَأْتُكِ" مجرّداً عن لفظ الطلاق، بينما يقع الخلع بلفظ الخلع مجرّداً.

ج- طلاق المباراة بائن، ليس للزوج الرجوع فيه بدون عقد جديد، إلّا إذا رجعت الزوجة في الفدية قبل انقضاء العدّة، فإذا رجعت بالفدية يصير الطلاق رجعيّاً، ويجوز للزوج
 
 
 
 
 
 
130

93

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 حينئذٍ الرجوع إلى زوجته ما دامت في العدّة، فهو كالخلع من هذه الجهة بالإضافة إلى الشرط المتقدّم سابقاً.


الطلاق الثالث:
أ- إذا طلّق الرجل زوجته للمرّة الأولى ثمّ أرجعها أثناء العدّة ولو بعقد جديد، ثم طلّقها مرّة ثانية، ثمّ أرجعها ولو بعقد جديد، ثمّ طلّقها للمرّة الثالثة، فإنّ زوجته تحرم عليه، ولا يجوز له أن يتزوّجها من جديد إلّا بعد أن تتزوّج من غيره بشروط ثلاثة:

الأوّل: أن يكون الزوج الثاني المحلّل بالغاً، فلا اعتبار بزواج غير البالغ وإن كان مميّزاً قريباً من البلوغ.
الثاني: أن تحصل من المحلّل عمليّة الجماع بالزوجة، والأحوط وجوباً أن ينزل المنيّ منه في الزوجة.
الثالث: أن يكون العقد دائماً لا منقطعاً.

ب- إذا تزوّجت المطلّقة ثلاثاً برجل آخر، ثم فارقها الآخر بموت أو طلاق، ثمّ تزوّجها الأوّل بعقد جديد بعد انقضاء عدّتها من الثاني، ثم طلّقها من جديد ثلاث طلقات بينها رجعتان ولو بعقد تحرم عليه من جديد حتّى تتزوّج رجلاً غيره، وهكذا.
 
 
 
 
 
 
 
131

94

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 طلاق العدّة:

أ- ليس كلّ تسع طلقات تحرّم الزوجة على زوجها مؤبّداً، بل الطلقات التسع للعدّة فقط هي التي تحرّم مؤبّداً.
ب- طلاق العدّة هو أن يطلّق الرجل زوجته طلاقاً رجعيّاً فقط فهذا طلاق أوّل، ثمّ يرجعها أثناء العدّة، ثمّ يجامعها، ثمّ يطلّقها رجعيّاً في طهر لم يجامعها فيه فهذا طلاق ثانٍ، ثمّ يرجعها أثناء العدّة، ثمّ يجامعها، ثمّ يطلّقها رجعيّاً في طهر آخر لم يجامعها فيه وهذا طلاق ثالث، ثمّ تتزوّج من محلّل، وهكذا حتّى تتمّ تسع طلقات بنفس هذه الطريقة، وتسمّى تسع طلقات للعدّة، فتحرم عليه مؤبّداً.

إن لم يرجعها في العدّة أو أرجعها ثمّ طلّقها قبل أن يجامعها فليس بطلاق العدّة، لكن الأحوط استحباباً الاجتناب عن المطلّقة تسعاً وإن لم تكن الجميع طلاق عدّة.

النفقة على البائن:
أ- المطلّقة البائنة لا تستحقّ النفقة والسكنى ونحوهما، ولو مات أحدهما في أثناء العدّة لا ترثه ولا يرثها.
ب- إذا كانت المطلّقة حاملاً من زوجها استحقّت النفقة والكسوة والسكنى على الزوج إلى أن تضع حملها.
 
 
 
 
 
 
 
132

95

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 الطلاق الرجعي

أ- الرجعة هي ردّ المطلّقة في زمان عدّتها إلى زوجها السابق بدون عقد جديد.
ب- تكون الرجعة بالقول والفعل، ويكون القول بكلّ لفظ دالّ على إنشاء الرجوع، كقوله: "رَاجَعْتُكِ إلى زواجي"، وبالفعل بأن يفعل بزوجته ما لا يحلّ إلّا للزوج، كالتقبيل واللمس والنظر بشهوة قصد به الرجوع أم لا، نعم لو قصد عدم الرجوع فالأحوط وجوباً إجراء الطلاق وعدم ترتيب آثار الزوجية.

ج- لا يكفي في تحقّق الرجوع تغزّل الرجل بمطلّقته الرجعيّة بكلام حميم يؤدّي إلى إثارة الشهوة عندها.
د- لا يعتبر الإشهاد في الرجعة.

المطلّقة الرجعيّة كالزوجة:
أ- المطلّقة بالطلاق الرجعيّ بحكم الزوجة، فيجب على الزوج المطلِّق أن ينفق على مطلّقته سواء أكانت حاملاً أم لا، وتستحق على زوجها الطعام والسكنى والكسوة إذا لم تكن ولم تصر ناشزة، وإذا مات أحدهما في العدّة الرجعيّة يتوارثان.

ب- لا يجوز للمطلّق رجعيّاً أن يتزوّج أخت مطلّقته الرجعيّة ما دامت في العدّة، كما لا يجوز أن يتزوّج الخامسة ما دامت في العدّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
133

96

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 ج- لا يجوز لمن طلّق رجعياً أن يخرج المطلّقة من بيته حتّى تنقضي عدّتها، نعم لو أتت بفاحشة توجب الحدّ أو بما يوجب النشوز فيجوز له أن يخرجها من بيته، وأمّا لو فعلت أيّ معصية أخرى فلا يجوز له أن يخرجها من بيته بسبب ذلك.


د- لا يجوز للمطلّقة رجعيّاً أن تخرج من بيت زوجها أثناء عدّتها إلّا بإذنه، نعم يجوز لها الخروج بدون إذنه لضرورة أو لواجب مضيّق.

الرجوع في العدّة:
أ- لو تزوّج امرأة متعة ودخل بها ثمّ وهبها المدّة أو انتهت المدّة، وأثناء العدّة عقد عليها بالدائم أو المنقطع ثمّ طلّقها أو وهبها المدّة قبل الدخول فيجب عليها أن تستأنف (تعيد) العدّة من جديد.

ب- إذ طلّق زوجته الدائمة وفي أثناء العدّة أرجعها إليه برجعة أو بعقد جديد ثمّ طلّقها قبل الدخول فتعيد العدّة من جديد (كما في المسألة الأولى).

شروط الطلاق:
أ- يشترط في صحّة الطلاق أمران:
الأوّل: تعيين المطلّقة.
 
 
 
 
 
 
 
 
134

97

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 الثاني: حضور شاهدين عدلين ذكرين يسمعان إنشاء الطلاق.

ب- يصحّ الطلاق على التليفون، بشرط أن يكون بجوار المطلِّق شاهدان عدلان ذكران، والأحوط وجوباً عدم كفاية سماعهما للصيغة عبر التليفون، بل لا بدّ وأن يسمعاها بحضورهما المباشر عند مجري الطلاق.

شروط المطلّقة:
يشترط في الزوجة التي يراد تطليقها ثلاثة شروط:
الأوّل: أن تكون زوجة دائمة. فلا يقع طلاق للمنقطعة.
الثاني: الطهارة من الحيض والنفاس حال الطلاق، إلّا فيما استثني.
الثالث: أن تكون مستبرئة بحيضة بعد المواقعة، فلا يصحّ طلاقها فيما لو طلّقها في طهر جامعها فيه أو في طهر لم يجامعها فيه ولكنّه جامعها في الحيض السابق عليه.

موارد صحّة الطلاق في الحيض:
يصحّ طلاق الزوجة في الحيض في ثلاث حالات:
الأولى: إذا كانت غير مدخول بها، فيصحّ طلاقها في الحيض.
الثانية: إذا كانت حاملاً فيصحّ طلاقها في الحيض.
الثالثة: إذا تعذّر أو تعسّر على الزوج استعلام حال زوجته من
 
 
 
 
 
 
 
135

98

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 أنّها طاهرة أو لا لغيبة أو لغيرها، فيصحّ طلاقها وإن وقع في الحيض.


موارد صحّة الطلاق في طهر المواقعة:
يصحّ طلاق الزوجة في طهر قد جامعها زوجها فيه في أربعة موارد:
الأوّل: اليائسة.
الثاني: الصغيرة (مع كون الدخول بها حراماً).
الثالث: الحامل.
الرابع: المسترابة، بشرط أن يكون طلاقها بعد مضيّ ثلاثة أشهر من زمان آخر مواقعة. والمسترابة هي المرأة التي تكون في سنّ من تحيض ولكنّها لا تحيض لخِلقة أو عارض.

صيغة الطلاق:
أ- لا يقع الطلاق إلّا بصيغة خاصّة، وهي: "أنْتِ طالقٌ"، أو "فلانة طالق"، أو "فلانة زوجةُ موكّلي فلان طالق"، ونحو ذلك.

ب- يجب أن تكون الصيغة باللغة العربيّة مع الإمكان، ومع العجز عن اللغة العربيّة يصحّ بما يرادف العربيّة من سائر اللغات.

ج- لا يصحّ الطلاق إذا كان معلّقاً على شرط، كما إذا قال الزوج: "أنتِ طالِقٌ إن طلعت الشمسُ"، فيبطل الطلاق.
 
 
 
 
 
 
 
136

99

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 د- لو قال الزوج: "زوجتي طالق ثلاثاً" أو قال: "هي طالق هي طالق هي طالق" من دون حصول رجعة بين الطلقة والأخرى فلا يقع ثلاث طلقات، بل تقع طلقة واحدة فقط.


هـ- يجوز للزوج أن يوكّل غيره في طلاق زوجته، بل يجوز له أن يوكّل زوجته في طلاقها (طلاق نفسها، وإن كان الأحوط استحباباً عدم توكيلها.

و- كلّ طلاق لا يكون جامعاً للشروط لا يكون شرعيّاً، ويسمّى الطلاق البدعيّ.

أحكام المفقود زوجها
أ- إذا فقد الزوج ولم يصل عنه أيّ خبر، ولا ظهر منه أثر، ولم يُعلم موته أو حياته، فصورتان:
الأولى: أن يتمّ الإنفاق على الزوجة.
الثانية: أن لا يتمّ الإنفاق عليها.

ب- إذا بقي للزوج مال تنفق زوجته منه، أو كان للزوج وليّ يتولّى أموره ويتصدّى للإنفاق على الزوجة، أو وُجد متبرّع للإنفاق عليها، ففي جميع هذه الحالات يجب على الزوجة أن تصبر وتنتظر، ولا يجوز لها أن تتزوّج حتّى تعلم بوفاة زوجها أو طلاقه لها.

ج- إذا لم يكن الإنفاق عليها متحقّقاً، فإن صبرت على ذلك
 
 
 
 
 
 
 
137

100

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 كان لها ذلك، ولا يجوز لها أن تتزوّج حتّى تعلم بوفاة زوجها أو تطليقه لها. وإن لم تصبر وأرادت الزواج ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ.


د- إذا رفعت الزوجة أمرها إلى الحاكم الشرعيّ يقوم بتأجيلها أربع سنين هلاليّة من حين رفع القضيّة إليه، ثمّ يتفحّص عن الزوج في تلك المدّة، فإن لم يتبيّن أنّ الزوج ميّت أو حيّ فصورتان:

الأولى: إذا كان للزوج الغائب وليّ يتولّى أموره فيأمره الحاكم بطلاقها، فإن لم يطلّقها يجبره الحاكم على ذلك.
الثانية: إن لم يكن للغائب وليّ، أو كان له وليّ ولم يمكن إجباره على طلاق زوجة الغائب فيطلّقها الحاكم الشرعيّ من جهة ولايته على ذلك. وبعد الطلاق تعتدّ الزوجة أربعة أشهر وعشرة أيام (عدّة الوفاة)، فإذا انقضت المدّة جاز لها التزويج، وتفحّص الحاكم عن الزوج الغائب له تفاصيل كثيرة تُراجع في كتاب تحرير الوسيلة لمن يشاء.

هـ - لو تزوّجت المرأة بعد طلاق الحاكم لها واعتدادها ثمّ عاد الزوج الأوّل فلا سبيل له عليها، بل تكون للزوج الثاني.
و- إذا لم يحصل طلاق من الحاكم بل علمت الزوجة بوفاة زوجها فاعتدَّت عدّة الوفاة (دون تطليق)، ثمّ تزوّجت
 
 
 
 
 
 
 
138

101

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 من رجلٍ آخر، وبعد ذلك ظهر زوجها الأوَّل وبانَ أنّه لم يكن ميّتاً فيحكم ببطلان زواجها الثاني، وتكون للزوج الأوّل.


التوارث
إذا ماتت الزوجة الدائمة يرث الزوج ربع مالها إن كان لها ولد، وإن لم يكن لها ولد فيرث النصف. وإذا مات الزوج فترث الزوجة ثمن ماله إن كان له ولد والربع إن لم يكن له ولد، ولا ترث من عين الأرض وما عمّر عليها، بل ترث من القيمة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
139

102

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 العِدَد 

عدّة الوفاة:
أ- إذا مات الزوج وجب على زوجته عدّة الوفاة، بلا فرق بين الصغيرة واليائسة وغيرهما، وبلا فرق بين الدائمة والمنقطعة، والمدخول بها وغيرها، والحامل وغير الحامل.

ب- عدّة غير الحامل أربعة أشهر وعشرة أيّام هلاليّة، للدائمة والمنقطعة.

ج- عدّة الحامل أبعد الأجلين من المدّة ووضع الحمل، فتأخذ بالأطول منهما، فلو وضعت حملها قبل أربعة أشهر وعشرة أيّام فعدّتها تنتهي بانتهاء الأربعة أشهر وعشرة أيّام، وإذا انقضت الأربعة أشهر وعشرة أيّام قبل وضع الحمل فتنتهي عدّتها بوضع الحمل.

د- تبدأ عدّة الوفاة من حين وصول خبر الوفاة إلى الزوجة، فلو مات الزوج ولم تعلم الزوجة إلّا بعد مدّة ولو طويلة فعندما يصلها خبر وفاته تبدأ بالعدّة.

حداد الزوجة:
أ- يجب الحداد على المرأة ما دامت في عدّة الوفاة، بلا فرق بين الدائمة والمنقطعة.
 
 
 
 
 
 
140

103

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 ب- يجب في مدّة الحداد ترك الزينة1 في البدن واللباس، كالتكحيل والتطيّب والخضاب وسائر وسائل التجميل، وتترك لباس الزينة. وبالجملة تترك كل ما يعدّ زينة تتزيّن بها للزوج، وفي الأوقات المناسبة له في العادة كالأعياد والأعراس ونحوها.

 
ج- يختلف التزيّن بحسب الأشخاص والأزمان والبلاد، فيُلاحظ في كلّ بلد ما هو المعتاد والمتعارف فيه للتزيّن.
د- يجوز للمرأة في مدّة الحداد تنظيف بدنها ولباسها، وتسريح شعرها وتقليم أظافرها، وافتراشها بالفراش الفاخر، والسكن في منزل مزيّن، وتزيين أولادها وخدمها، والخروج للعمل ولتأمين حوائجها ولكلّ أمر راجح كالحجّ والزيارة وعيادة المرضى، وزيارة أرحامها ولا سيّما والديها.
 
عدّة الطلاق:
1ـ الصغيرة:
لا عدّة طلاق على الصغيرة غير البالغة، بلا فرق بين الدائمة والمنقطعة، وبدون أيّ استثناء.
 
 
 

1- المقصود ترك الزينة أمام أهلها ومحارمها وسائر النساء في الأعياد والأعراس ونحوها. وإلا فالزينة أمام الرجال الأجانب حرام على كل حال.
 
 
 
 
 
 
 
141

104

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 2ـ اليائسة:

أ- لا عدّة على اليائسة حتّى لو كانت مدخولاً بها، بلا فرق بين الدائمة والمنقطعة.
ب- الإمام الخامنئي: يستشكل في تحديد سنّ اليأس في غير القرشيّة بين الخمسين سنة هلاليّة والستّين سنة هلاليّة، وفي المسألة صورتان:
الأولى: إذا أتمّت الستّين سنة هلاليّة فهي يائسة جزماً، ولا عدّة عليها.
الثانية: إذا كانت بين الخمسين والستّين فالأحوط وجوباً لها أن تعتدّ ولا تتزوّج غيره في مدّة العدّة. أما القرشيّة فسن اليأس عندها ستين سنة هلاليّة.

3ـ غير المدخول بها:
لا عدّة على غير المدخول بها قُبُلاً ودبراً مهما كان عمرها، بلا فرق بين الدائمة والمنقطعة.

4ـ عدّة الحامل:
أ- عدّة الحامل تنتهي بوضع الحمل حتّى لو كان الوضع بعد الفراق عن الزوج بلا فصل، بلا فرق بين الدائمة والمنقطعة.
ب- إذا كانت حاملاً باثنين أو أكثر فتنتهي عدّتها بوضع الجميع، لا بوضع البعض.
 
 
 
 
 
 
142

105

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 5 ـ عدّة الحائل:

أ- الدائمة: إذا طُلّقت الحائل (غير الحامل) المدخول بها فثلاث صور:
الأولى: إذا كانت تحيض فعدّتها ثلاثة أطهار، والطهر الذي وقع الطلاق فيه يحسب من الثلاثة، وتنقضي عدّتها عند بدء الحيض بعد انقضاء الطهر الثالث.
الثانية: إذا كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض (أي: بالغة غير يائسة) فعدّتها ثلاثة أشهر هلاليّة.
الثالثة: إذا كانت تحيض ولكنّ الطهر الفاصل بين حيضتين ثلاثة أشهر أو أزيد فتكون عدّتها ثلاثة أشهر.

ب- المنقطعة: إذا انتهت مدّة الحائل المنقطعة أو وهبها الزوج المدّة فثلاث صور:
الأولى: إذا كانت تحيض فعدّتها حيضتان كاملتان، وإذا انتهت المدّة أو وهبها المدّة في أثناء الحيض فلا يحسب هذا الحيض من العدّة، بل تحتاج إلى حيضتين كاملتين غير الحيض الذي افترقت فيه عن الزوج بوهب المدّة أو انقضائها.
الثانية: إذا كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض فعدّتها خمسة وأربعون يوماً (نصف عدّة الدائمة).
الثالثة: إذا كانت تحيض ولكنّ الطهر الفاصل بين حيضتين كان 
 
 
 
 
 
 
 
143

106

الفصل الثالث عشر: أحكام الطلاق والعِدد

 ثلاثة أشهر فصاعداً فعدّتها خمسة وأربعون يوماً. ولو كان الطهر أقلّ من ثلاثة أشهر فعدّتها حيضتان.


مبدأ عدّة الطلاق:
تبدأ عدّة الطلاق من حين وقوع الطلاق، بلا فرق بين وصول خبر الطلاق إلى الزوجة أم لا، وبلا فرق بين كون الزوج حاضراً أو غائباً، فلو طلّقها مع كونها غائبة عنه، ولم يبلغها الخبر إلّا بعد مضيّ مقدار العدّة - مثلاً - فقد انقضت عدّتها. ونفس الحكم للمنقطعة.
 
 
 
 
 
 
 
144

107
فقه العلاقات الزوجية