المقدمة
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين، وبعد.
لقد بات من المعروف أنّ "علم المنطق" هو الأداة التي يستعين بها الإنسان على العصمة من الخطأ، وترشده إلى تصحيح أفكاره، فكما أنّ النحو والصرف، لا يعلّمان الإنسان النطق وإنّما يعلّمانه تصحيح النطق، فكذلك علم المنطق لا يعلّم الإنسان التفكير، بل يرشده إلى تصحيح التفكير .ولهذا كانت حاجتنا إلى المنطق هي تصحيح أفكارنا، وما أعظمها من حاجة!
ونظراً لأهمية هذا العلم، والحاجة إلى قواعده في بقية العلوم، وضرورة دراسته لطلّاب وطالبات العلوم الإسلامية بشكل خاص، وبقية العلوم بشكل عام. فقد تصدّى مركز نون لتأليف المتون الثقافية والتعليمية، لتقديم مباحث علم المنطق وفق منهجية تعليمية، تساعد المعلّم على التعليم والتقييم السلس والدقيق، وتيسّر على المتعلّم فهم المادة بما ينسجم مع مستواه العلمي.
وقد قسّمنا مباحث هذا العلم إلى ثلاثة أجزاء، وفق المنهجية المعتمدة في كتاب المنطق للعلامة الشيخ محمد رضا المظفّر رحمه الله، وأصدرنا كل جزء منها في كتاب مستقل، ليتسنّى للمؤسّسات التعليمية الاستفادة منها بحسب برامجها الدراسيّة.
9
1
المقدمة
وضمّنا كلّ الدروس الأهداف الخاصة، والخرائط البيانية، والتطبيقات والتمارين.
علماً بأنّنا أصدرنا كتاباً مدخلياً موجزاً ومبسّطاً يحوي في دروسه الأعم الأغلب من مباحث علم المنطق، ليكون كمدخل للدراسة المفصّلة لمسائل علم المنطق في المراحل الدراسية الأخرى.
والحمد لله رب العالمين
مركز نون للتأليف والترجمة
10
2
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها
الدرس الأول: القضايا وأقسامها
أهداف الدرس:
1- يستذكر تعريف القضية تعريفاً دقيقاً.
2- يميّز بين الحملية والشرطية.
3- يتعرّف إلى أجزاء القضية.
11
3
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها
تمهيد
ذكرنا في الدروس السابقة أنّ موضوع علم المنطق هو "التصوّر والتصديق"، أو المعرّف والحجّة، وبعبارة أخرى هو تحويل المجهول التصوّريّ ليصبح معلوماً تصوّرياً، وتحويل المجهول التصديقيّ ليصبح معلوماً تصديقياً. وقد تقدّم الكلام عن التصوّر، أي عن المعرّف، وذكرنا التعريف وأقسامه وشروطه، حتّى يمكن لنا من خلاله تعريف المجهول التصوّريّ بشكل دقيق وصحيح، وألحقنا بذلك بحث القسمة وأنواعها وأنه من خلالها يحصل التعريف أيضاً، ويصبح بالتالي معلوماً لنا. وقد حان الوقت للدخول في القسم الثاني من موضوع علم المنطق وهو التصديق أو الحجّة. ومن الطبيعي جدّاً أن يتأخّر البحث عن التصديق، لأنّ التصديق يتألّف من تصوّرات، عندما تتركّب مع بعضها بعضاً وتكون بصورة يصحّ الإخبار بها وتوصف بأنّها صادقة مطابقة للواقع أو كاذبة غير مطابقة للواقع، عندها تصبح تصديقاً. لذلك يتّجه البحث في التصديقات عن القضايا، وكيف تتألّف، وأنواع القضايا.
تعريف القضية
تقدَّم في الجزء الأوّل أنّ القضية هي الخبر، وعرّفنا الخبر، أو القضية، بأنّه: "المركّب التامّ الذي يصحّ أن نصفه بالصدق أو الكذب".
13
4
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها
وقولنا: "المركّب التامّ"، هو بمنزلة (الجنس القريب) يشمل نوعي التامّ، الخبر والإنشاء، وباقي التعريف (خاصّة) يخرج بها الإنشاء، لأنّ الوصف بالصدق أو الكذب من عوارض الخبر المختصّة به.
قيد لذاته:
ولأجل أن يكون التعريف دقيقاً نزيد عليه كلمة (لذاته)، فنقول: القضية هي المركّب التامّ الذي يصحّ أن نصفه بالصدق أو الكذب لذاته.
وبعض الإنشاءات قد توصف بالصدق والكذب، كما لو استفهم شخص عن شيء وهو يعلمه، أو سأل الغنيّ سؤالَ الفقير، أو تمنّى إنسان شيئاً هو واجد له، فإنّ هؤلاء نرميهم بالكذب. ومن المعلوم أنّ الاستفهام والطلب بالسؤال والتمنّي من أقسام الإنشاء!
ولكنّا إذا دقّقنا هذه الأمثلة وأشباهها نجد أنّ الاستفهام الحقيقيّ لا يكون إلّا عن جهل، والسؤال لا يكون إلّا عن حاجة، والتمنّي لا يكون إلّا عن فقدان ويأس. فهذه الإنشاءات تدلّ بالدلالة الالتزامية على الإخبار عن الجهل أو الحاجة أو اليأس، فيكون الخبر المدلول عليه بالالتزام هو الموصوف بالصدق أو الكذب، لا ذات الإنشاء، وبعبارة أخرى، عندما نصف هذه الجمل بالكذب فهي في ذاتها إنشاءات لا توصف بالصدق أو الكذب، ولكنّ وصفنا لها بأنها قضايا كاذبة لمدلولها الالتزاميّ, وهو أنّ العالم عندما يستفهم فهو يقول لنا بالالتزام إنّي أجهل، والغنيّ عندما يسأل فهو يقول لنا بالالتزام إنّي فقير، والمتمنّي الواجد للشيء عندما يتمنّاه فهو يقول لنا بالالتزام إنّي فاقد، لذلك كان كلّ هؤلاء كاذبين لا لذات هذه الإنشاءات، بل للوازمها.
فالتعريف الأول للخبر في حدّ نفسه لا يشمل هذه الإنشاءات، ولكن لأجل التصريح بذلك ودفعاً للالتباس، نضيف كلمة (لذاته)، لأنّ هذه الإنشاءات المذكورة إذا اتّصفت بالصدق أو الكذب، فليس هذا الوصف لذاتها، بل لأجل مداليلها الالتزامية.
14
5
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها
التقسيم الأوّل للقضية
تقسم القضية إلى: حملية وشرطية:
1ـ القضية الحملية: ما حكم فيها بثبوت شيء لشيء أو نفيه عنه.
مثل: الحديد معدن، الربا محرّم، الصدق ممدوح.
ومثل: الكاذب ليس بمؤتمن، البخيل لا يسود.
وبتدقيق هذين المثلين نجد: أنّ كلّ قضية منهما لها طرفان ونسبة بينهما، وتوجب هذه النسبة اتّحاد الطرفين وثبوت الثاني للأوّل، أو نفي الاتّحاد والثبوت. وبالاختصار نقول: معناها أنّ (هذا ذاك) أو (هذا ليس ذاك).
2ـ القضية الشرطية: ما حكم فيها بوجود نسبة بين قضية وأخرى أو لا وجودها.
مثل: إذا أشرقت الشمس فالنهار موجود (اتّصال بين القضيتين).
وليس إذا كان الإنسان نمّاماً كان أميناً (اتّصال بين القضيتين).
ومثل: اللفظ إمّا أن يكون مفرداً أو مركباً (انفصال بين القضيتين).
وليس الأنسان إمّا أن يكون كاتباً أو شاعراً (انفصال بين القضيتين).
وعند ملاحظة هذه القضايا نجد: أنّ كلّ قضية منها لها طرفان، وهما قضيتان بالأصل.
ففي المثال الأوّل لولا (إذا) و(فاء الجزاء) لكان قولنا (أشرقت الشمس) خبراً بنفسه وكذا (النهار موجود). وهكذا باقي الأمثلة، ولكن لمّا جمع المتكلّم بين الخبرين ونسب أحدهما إلى الأخر جعلهما قضية واحدة وأخرجهما عمّا كانا عليه من كون كلّ منهما خبراً يصحّ السكوت عليه، فإنّه لو قال (أشرقت الشمس...) وسكت فإنّه يعدّ مركّباً ناقصاً، كما تقدّم في بحث المركّب.
15
6
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها
وأمّا هذه النسبة بين الخبرين بالأصل، فليست هي نسبة الثبوت والاتّحاد كالقضية الحملية، لأن لا اتّحاد بين القضايا، بل هي:
إمّا نسبة الاتّصال والتصاحب والتعليق، أي تعليق الثاني على الأول أو نفي ذلك كما في المثالين الأولين.
وإمّا نسبة التعاند والانفصال والتباين أو نفي ذلك كما في المثالين الأخيرين.
التقسيم الثاني للقضية الشرطية
وبعد ملاحظة الأمثلة السابقة نجد أنّ الشرطية، باعتبار النسبة بين القضيتين من الاتّصال أو الانفصال، قُسّمت إلى متّصلة ومنفصلة:
1- المتّصلة: إن كانت النسبة هي الاتّصال بين القضيتين وتعليق إحداهما على الأخرى أو نفي ذلك، كما في المثالين الأولين.
2- المنفصلة: إن كانت النسبة هي الانفصال والعناد بينهما أو نفي ذلك، كما في المثالين الأخيرين.
تقسيم عامّ للقضايا إلى الموجبة والسالبة
إنّ القضية بجميع أقسامها سواء كانت حملية أم شرطية، متّصلة أم منفصلة، تنقسم إلى موجبة وسالبة، لأنّ الحكم فيها:
1- إنّ كان بنسبة الحمل أو الاتصال أو الانفصال فهي (موجبة).
2- وإن كان بسلب الحمل أو الاتصال أو الانفصال فهي (سالبة).
ويسمّى الإيجاب والسلب (كيف القضية) لأنّه يسأل بـ (كيف) الاستفهامية عن الثبوت وعدمه.
16
7
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها
أمثلة:
ـ المتّصلة الموجبة: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر
ـ المتّصلة السالبة: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت.
ـ المنفصلة الموجبة: العدد إمّا زوج أو فرد.
ـ المنفصلة السالبة: ليس اليوم إمّا الاثنين أو الثلاثاء.
والملاحظ بعد عرض هذه الأمثلة أنّ:
ـ المتّصلة الموجبة: هي القضية التي حكم فيها بالاتّصال بين المقدّم والتالي (الشرط والجزاء)
ـ المتّصلة السالبة: هي القضية التي حكم فيها بسلب الاتّصال بين المقدّم والتالي (الشرط والجزاء).
ـ المنفصلة الموجبة: هي القضية التي حكم فيها بالعناد بين طرفيها (المقدّم والتالي),
ـ المنفصلة السالبة: هي القضية التي لا عناد بين طرفيها (المقدّم والتالي).
أجزاء القضية
بعد أن تبيّن أنّ كلّ قضية مؤلّفة من طرفين ونسبة، نصل إلى النتيجة التالية:
القضية الحملية: تتألّف القضية الحملية من ثلاثة أجزاء:
مثال: الحديد معدن.
الموضوع: وهو المحكوم عليه (الحديد).
17
8
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها
المحمول: وهو المحكوم به (معدن).
النسبة: وهي نسبة المعدن للحديد وثبوته له.
القضية الشرطية: وهي تتألّف من ثلاثة أجزاء أيضاً:
مثال: إذا أشرقت الشمس فالنهار موجود.
المقدّم: وهو الطرف الأوّل من القضيتين (أشرقت الشمس).
التالي: وهو الطرف الثاني من القضيتين (النهار موجود).
والدالّ على النسبة: ويسمّى (الرابطة)، (إذا والفاء اللتان هما أداتا الربط).
18
9
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها
خلاصة
- القضية هي: "المركّب التّام الذّي يصحّ أن نصفه بالصدق أو الكذب لذاته".
- أجزاء القضيّة الحمليّة: الموضوع، المحمول، النسبة.
- أجزاء القضيّة الشرطيّة: المقدّم، التالي، الرابطة (الدال على النسبة).
19
10
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- القضية هي المركّب التامّ وهو - أي المركّب التام - الذي يصحّ أن نصفه بالصدق أو الكذب لذاته.
ب- الوصف بالصدق أو الكذب من عوارض الخبر المختصّة به دون الإنشاء.
ت- بعض الإنشاءات قد يوصف بالصدق والكذب.
ث- تقسم القضية إلى حملية وشرطية.
ج- القضية الحملية ما حكم فيها بوجود نسبة بين قضية وأخرى أو لا وجودها.
ح- القضية الشرطية ما حكم فيها بثبوت شيء لشيء أو نفيه عنه.
خ- معنى النسبة في القضية الحملية اتّحاد الطرفين وثبوت الثاني للأوّل، أو نفي الاتّحاد والثبوت.
د- أجزاء القضية الحملية الموضوع والمحمول والنسبة الحكمية.
ذ- أجزاء القضية الشرطية المقدّم والتالي والنسبة والرابطة.
ر- القضية بجميع أقسامها سواء كانت حملية أم شرطية، متّصلة أم منفصلة، تنقسم إلى موجبة وسالبة.
20
11
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها
2- ضع علامة üفي المكان المناسب:
المثال |
جملة خبرية |
جملة إنشائية |
﴿اتَّقُواْ اللّهَ﴾ |
|
|
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ |
|
|
﴿لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ﴾ |
|
|
﴿وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ |
|
|
﴿اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ﴾ |
|
|
﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ﴾ |
|
|
21
12
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها
3- صل بين النقطتين المناسبتين:
القضية الحملية الموجبة. • • ليس الظالم بمؤمن.
القضية الحملية السالبة. • • ليس إذا كان المدرّس حاضراً فإنّه مشغول بالدرس.
القضية الشرطية المتّصلة الموجبة. • • ليس إمّا أن يكون الطالب وهو في المدرسة واقفاً أو في الدرس.
القضية الشرطية المتّصلة السالبة. • • العدد إمّا زوج أو فرد.
القضية الشرطية. المنفصلة الموجبة. • • إنّك ميّت وإنّهم ميّتون.
القضية الشرطية. المنفصلة السالبة. • • إذا سخن الحديد فإنّه يتمدّد.
22
13
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
أهداف الدرس:
1- يعدّد أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع.
2- يعدّد أنواع القضية باعتبار الكمّ والكيف.
3- يتعرّف إلى سور القضايا الحملية وألفاظه ورموزه.
23
14
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
تمهيد
تقدّم في الدرس السابق تعريف القضية، وتقسيمها إلى حملية وشرطية، وتقسيم الشرطية باعتبار الاتّصال والانفصال بين طرفيها إلى متّصلة ومنفصلة، وتقسيم كلّ منهما باعتبار كيفهما إلى موجبة وسالبة، وتعرّفنا إلى أجزاء القضايا. وفي هذا الدرس نشير إلى أنّ هناك تقسيمات أخرى للقضية باعتبارات متعدّدة، ونتعرّض لأوّل تقسيم وهو باعتبار الموضوع.
أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
الحملية: شخصيَّة، وطبيعية، ومهملة، ومحصورة.
المحصورة: كلّية وجزئية
نبتدئ بالتقسيم باعتبار الموضوع للحملية، ثمّ نتبعه بتقسيم الشرطية، فنقول: تنقسم الحملية باعتبار الموضوع إلى الأقسام الأربعة المذكورة في العنوان لأنّ الموضوع إمّا أن يكون جزئياً حقيقياً أو كلّياً:
1- الشخصية: إذا كان الموضوع جزئياً
مثل: محمّد رسول الله، الشيخ المفيد مجدّد القرن الرابع، بغداد عاصمة العراق، أنت عالم، هو ليس بشاعر، هذا العصر لا يبشّر بخير.
25
15
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
2- إذا كان الموضوع كلّياً، ففيه ثلاث حالات:
أ- الطبيعية: إذا كان الحكم في القضية على نفس الموضوع الكلّي بما هو كلّي مع غضّ النظر عن أفراده، أي على نفس الطبيعة من حيث هي كلّية، على وجه لا يصحّ تقدير رجوع الحكم إلى الأفراد.
مثل: الأنسان نوع، الناطق فصل، الحيوان جنس، الضاحك خاصّة... وهكذا، فإنّك ترى أنّ الحكم في هذه الأمثلة لا يصحّ إرجاعه إلى أفراد الموضوع، لأنّ الفرد (زيداً أو بكراً) ليس نوعاً ولا فصلاً ولا جنساً ولا خاصّة.
ب- المهملة: إذا كان الحكم في القضية على الكلّي بملاحظة أفراده، بأن يكون الحكم في الحقيقة راجعاً إلى الأفراد، والكلّي جعل عنواناً ومرآة لها، إلّا أنّه لم يبيّن فيه كمية الأفراد، لا جميعها ولا بعضها.
مثل: الإنسان في خسر. رئيس القوم خادمهم. ليس من العدل سرعة العذل. المؤمن لا يكذب.
فإنّه ليس في هذه الأمثلة دلالة على أنّ الحكم عامّ لجميع ما تحت الموضوع أو غير عامّ.
ج- المحصورة: إذا كان الحكم في القضية على الكلّي بملاحظة أفراده، كالسابقة، ومع بيان كمّية أفراده في القضية، إمّا جميعاً أو بعضاً. وتسمّى القضية (مسوَّرة) أيضاً. وهي تنقسم بملاحظة كمّية الأفراد إلى:
(كلّية) إذا كان الحكم على جميع الأفراد، مثل: كلّ إمام معصوم. كلّ ماء طاهر. كلّ ربا محرّم. لا شيء من الجهل بنافع. ما في الدار ديّار.
26
16
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
(جزئية) إذا كان الحكم على بعض الأفراد، مثل: بعض الناس يكذبون، ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾[1]، ليس كلّ إنسان عالماً، رُبَّ أكلة منعت أكلات.
لا اعتبار إلّا بالمحصورات
القضايا المعتبرة التي يبحث عنها المنطقيّ، ويعتدّ بها، هي المحصورات، دون غيرها من باقي الأقسام. وهذا ما يحتاج إلى البيان:
أمّا (الشخصية) فلأنّ مسائل المنطق قوانين عامّة، فلا شأن لها في القضايا الشخصية التي لا عموم فيها، وهي لا تتحدّث إلا عن أشخاص محدّدين أو أشياء مشخّصة.
وأمّا (الطبيعية) فهي بحكم الشخصية، لأنّ الحكم فيها ليس فيه تقنين قاعدة عامّة، وإنّما الحكم - كما قلنا - على نفس المفهوم بما هو من غير أن يكون له أيّ مساس بأفراده. وهو بهذا الاعتبار كالمعنى الشخصيّ لا عموم فيه، فإنّ الإنسان في مثال (الإنسان نوع) لا عموم فيه، لأنّ كلّاً من أفراده ليس بنوع.
وأمّا (المهملة) فهي في قوة الجزئية، بمعنى أنّها يتعامل معها معاملة الجزئية, وذلك لأنّ الحكم فيها يجوز أن يرجع إلى جميع الأفراد ويجوز أن يرجع إلى بعضها دون البعض الأخر، كما تقول: "رئيس القوم خادمهم"، فإنّه إذا لم يُبيّن في هذه القضية كمّية الأفراد، فإنه يحتمل أنّ كلّ رئيس قوم يجب أن يكون كخادم لقومه. وربّما كان هذا الحكم من القائل غير عامّ لكلّ من يصدق عليه رئيس قوم، فقد يكون رئيساً مستغنياً عن قومه إذ لا تكون قوّته مستمدّة منهم. وعلى كلا التقديرين يصدق (بعض الرؤساء لقومهم كخدم لهم) لأنّ الحكم إذا كان في الواقع للكلّ، فإنّ البعض
17
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
له هذا الحكم قطعاً أمّا البعض الأخر فهو مسكوت عنه. وإذا كان في الواقع للبعض، فقد حكم على البعض.
إذاً الجزئية صادقة على كلا التقديرين قطعاً. ولا نعني بالجزئية إلّا ما حكم فيها على بعض الأفراد من دون نظر إلى البعض الباقي بنفي ولا إثبات. فإنّك إذا قلت "بعض الأنسان حيوان" فهي صادقة، لأنّها ساكتة عن البعض الأخر فلا تدلّ على أنّ الحكم لا يعمّه. ولا شكّ أنّ بعض الأنسان حيوان وإن كان البعض الباقي في الواقع أيضاً حيواناً ولكنّه مسكوت عنه في القضية.
وإذا كانت القضايا المعتبرة هي المحصورات خاصّة، سواء كانت كلّية أم جزئية، فإذا روعي مع (كم) القضية (كيفها)، ارتقت القضايا المعتبرة إلى أربعة أنواع:
1- الموجبة الكلّية. 3- الموجبة الجزئية.
2- السالبة الكلّية. 4- السالبة الجزئية.
السور وألفاظه
يسمّى اللفظ الدالّ على كمّية أفراد الموضوع (سور القضية) تشبيهاً له بسور البلد الذي يحدّه ويحصره. ولذا سُمّيت هذه القضايا (محصورة) و (مسوّرة). ولكلّ من المحصورات ا?ربع سور خاصّ بها:
1- سور الموجبة الكلّية: كلّ، جميع، عامّة، كافّة، لام الاستغراق... إلى غيرها من الألفاظ التي تدلّ على ثبوت المحمول لجميع أفراد الموضوع.
2- سور السالبة الكلّية: لا شيء، لا أحد، النكرة في سياق النفي... إلى غيرها من الألفاظ الدالّة على سلب المحمول عن جميع أفراد الموضوع.
28
18
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
3- سور الموجبة الجزئية: بعض، كثير، قليل، ربّما، قلّما... إلى غيرها ممّا يدلّ على ثبوت المحمول لبعض أفراد الموضوع.
4- سور السالبة الجزئية: ليس بعض، بعض... ليس، ليس كلّ، ما كلّ... أو غيرها ممّا يدلّ على سلب المحمول عن بعض أفراد الموضوع.
وطلباً للاختصار نرمز لسور كلّ قضية برمز خاصّ، كما يلي:
كل: للموجبة الكلّية ع: للموجبة الجزئية.
لا: للسالبة الكلّية س: للسالبة الجزئية
وإذا رمزنا دائماً للموضوع بحرف (ب) وللمحمول بحرف (حـ)، فتكون رموز المحصورات الأربعة كما يلي:
كل ب حـ ... ... ... ... الموجبة الكلّية
لا ب حـ ... ... ... ... السالبة الكلّية
ع ب حـ ... ... ... ... الموجبة الجزئية
س ب حـ ... ... ... ... السالبة الجزئية
29
19
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
خلاصة
تنقسم الحمليّة باعتبار الموضوع إلى:
- إذا كان الموضوع جزئياً فالقضيّة شخصيّة.
- إذا كان الموضوع كلياً فهناك ثلاث حالات:
1- الطبيعيّة: عندما يكون الحكم على نفس الموضوع الكلّي مع غضّ النظر عن الأفراد، مثل: الإنسان نوع.
30
20
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
2- المهملة: عندما يكون الحكم على نفس الموضوع الكلّي لكن مع ملاحظة الأفراد دون تحديد كمّية الأفراد، مثل: الإنسان في خسر.
3- المحصورة: عندما يكون الحكم على نفس الموضوع الكلّي مع ملاحظة الأفراد وتحديد كمّية الأفراد، مثل:
كلّ إنسان ميّت: موجبة كلّية = كلّ ب ح
بعض الإنسان شاعر: موجبة جزئية = ع ب ح
لا أحد من الناس بخالد في الدنيا: سالبة كلّية = لا ب ح
ليس كلّ إنسان شاعراً: سالبة جزئية = س ب ح
يسمّى اللفظ الدالّ على كميّة أفراد الموضوع (سور القضية).
31
21
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- تنقسم القضية الحملية باعتبار المحمول: شخصيَّة، وطبيعية، ومهملة، ومحصورة.
ب- إذا كان الموضوع في القضية جزئياً فالقضية شخصية.
ت- إذا كان الحكم في القضية على نفس الموضوع الكلّي بما هو كلّي مع غضّ النظر عن أفراده فالقضية حقيقية.
ث- إذا كان الحكم في القضية على الكلّي بملاحظة أفراده، بأن يكون الحكم في الحقيقة راجعاً إلى الأفراد، والكلّي جعل عنواناً ومرآة لها، إلّا أنّه لم يبيّن فيه كمّية الأفراد، لا جميعها ولا بعضها فالقضية مهملة.
ج- القضايا الشخصية لا اعتبار بها في المنطق لأنّ مسائل المنطق قوانين عامّة، بينما لا عموم في القضايا الشخصية التي لا تتحدّث إلا عن أشخاص محدّدين أو أشياء مشخّصة.
ح- القضايا المعتبرة التي يبحث عنها المنطقي، ويعتدّ بها، هي المحصورات، دون غيرها من باقي ا?قسام.
خ- لا اعتبار في المنطق بالقضية الشخصية لأنّها بحكم الجزئية، كما لا اعتبار بالقضية المهملة لأنّها بقوّة الشخصية.
د- كمّ القضية: أي كلّية وجزئية، وكيف القضية: أي موجبة وسالبة.
32
22
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
2- ضع علامة ü في المكان المناسب:
السالبة الجزئية |
الموجبة الجزئية |
السالبة الكلّية |
الموجبة الكلّية |
سور القضية |
|
|
|
|
كلّ |
|
|
|
|
بعض |
|
|
|
|
كافّة |
|
|
|
|
كثير |
|
|
|
|
عامّة |
|
|
|
|
قليل |
|
|
|
|
ليس كلّ |
|
|
|
|
ليس بعض |
|
|
|
|
لا شيء |
|
|
|
|
جميع |
|
|
|
|
النكرة في سياق النفي |
33
23
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع
3- صل بين النقطتين المناسبتين:
قضية شخصية • • العلماء ورثة الأنبياء
قضية مهملة • • كلّ إمام معصوم
قضية محصورة سية موجبة. • • ليس كلّ نبيّ رسول
قضية محصورة جزئية موجبة. • • أكثرهم لا يعقلون
قضية محصورة كلّية سلبية. • • لبنان أجمل الأوطان
قضية محصورة جزئية سلبية. • • أكثر المؤمنين مشركون
34
24
الدرس الثالث: أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
الدرس الثالث: أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
أهداف الدرس:
1- يعدّد أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان.
2- يتعرّف إلى سور القضايا الشرطية وألفاظه ورموزه.
3- يوضح الفارق بين القضايا من خلال الأمثلة.
35
25
الدرس الثالث: أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
تمهيد
لقد لاحظنا في الدرس السابق أنّ القضية الحملية تنقسم إلى الأقسام الأربعة السابقة باعتبار موضوعها. وللقضية الشرطية تقسيم يشبه ذلك التقسيم، ولكن لا باعتبار الموضوع، إذ لا موضوع لها، بل باعتبار الأحوال والأزمان التي يقع فيها التلازم أو العناد.
أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
تنقسم الشرطية بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام فقط:
شخصية، مهملة، محصورة، وكلّ منها إلى موجبة وسالبة كما تقدّم.
وليس من أقسامها الطبيعية التي لا تكون إلّا باعتبار الموضوع بما هو مفهوم موجود في الذهن.
1- الشخصية: وهي ما حكم فيها بالاتّصال، أو التنافي، أو نفيهما، في زمن معيّن شخصي، أو حال معيّن كذلك.
أمثلة المتّصلة:
إن جاء عليّ غاضباً فلا أسلّم عليه.
37
26
الدرس الثالث: أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
إذا أمطرت السماء اليوم فلا أخرج من الدار.
ليس إذا كان المدرس حاضراً الأن فإنّه مشغول بالدرس.
أمثلة المنفصلة:
إمّا أن تكون الساعة الآن الواحدة أو الثانية.
إمّا أن يكون زيد وهو في البيت نائماً أو مستيقظاً.
ليس إمّا أن يكون الطالب وهو في المدرسة واقفاً أو في الدرس.
2- المهملة: وهي ما حكم فيها بالاتّصال أو التنافي أو رفعهما في حال أو زمان ما، من دون نظر إلى عموم الأحوال وا?زمان أو خصوصها.
أمثلة المتّصلة:
إذا بلغ الماء كرّاً فلا ينفعل بملاقاة النجاسة.
ليس إذا كان الإنسان كاذباً كان محموداً.
أمثلة المنفصلة:
القضية إمّا أن تكون موجبة أو سالبة.
ليس إمّا أن يكون الشيء معدناً أو ذهباً.
3- المحصورة: وهي ما بُيِّن فيها أحوال الحكم وأوقاته كلًّا أو بعضاً، وهي على قسمين كالحملية:
أ - الكلّية: وهي إذا كان إثبات الحكم أو رفعه فيها يشمل جميع الأحوال أو الأوقات.
38
27
الدرس الثالث: أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
أمثلة المتّصلة:
كلّما كانت الأمّة حريصة على الفضيلة كانت سالكة سبيل السعادة.
ليس أبداً، أو ليس البتّة إذا كان الإنسان صبوراً على الشدائد كان غير موفّق في أعماله.
أمثلة المنفصلة:
دائماً إمّا أن يكون العدد الصحيح زوجاً أو فرداً.
ليس أبداً، أو ليس البتة إمّا أن يكون العدد الصحيح زوجاً أو قابلاً للقسمة على اثنين.
ب- الجزئية: إذا كان إثبات الحكم أو رفعه فيها يختصّ في بعض غير معيّن من الأحوال والأوقات.
أمثلة المتّصلة:
قد يكون إذا كان الإنسان عالماً كان سعيداً.
ليس كلّما كان الإنسان حازماً كان ناجحاً في أعماله.
أمثلة المنفصلة:
قد يكون إمّا أن يكون الإنسان مستلقياً أو جالساً (وذلك عندما يكون في السيارة مثلاً إذ لا يمكنه الوقوف).
قد لا يكون إمّا أن يكون الإنسان مستلقياً أو جالساً (وذلك عندما يمكنه الوقوف منتصباً).
39
28
الدرس الثالث: أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
السور في الشرطية
السور في الحملية يدلّ على كمّية أفراد الموضوع. أما في الشرطية فدلالته على عموم الأحوال والأزمان أو خصوصها. ولكلّ من المحصورات الأربعة سور يختصّ بها كالحملية:
1- سور الموجبة الكلّية المتّصلة: كلّما، مهما، متى ونحوها.
2- سور الموجبة الكلّية المنفصلة: دائماً.
3- سور السالبة الكلّية المتّصلة والمنفصلة: ليس أبداً، ليس البتة.
4- سور الموجبة الجزئية المتّصلة والمنفصلة: قد يكون.
5- سور السالبة الجزئية المتّصلة والمنفصلة: قد لا يكون. وتختصّ المتّصلة بـ: ليس كلّما.
40
29
الدرس الثالث: أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
خلاصة
تنقسم القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان إلى ثلاثة أقسام, وكلّ قسم منها ينقسم إلى موجبة وسالبة:
1- الشخصية: وهي ما حكم فيها بالاتّصال، أو التنافي، أو نفيهما، في زمن معيّن شخصي، أو حال معيّن كذلك.
2- المهملة: وهي ما حكم فيها بالاتّصال أو التنافي أو رفعهما في حال أو زمان ما، من دون نظر إلى عموم الأحوال والأزمان أو خصوصهما.
3- المحصورة: وهي ما بُيِّن فيها أحوال الحكم وأوقاته كلًّا أو بعضاً, وهي على قسمين كالحملية:
أ- الكلّية: وهي إذا كان إثبات الحكم أو رفعه فيها يشمل جميع الأحوال أو الأوقات.
ب- الجزئية: إذا كان إثبات الحكم أو رفعه فيها يختصّ في بعضٍ غير معيّن من الأحوال والأوقات.
السور في الشرطية:
1- سور الموجبة الكلّية المتّصلة: كلّما، مهما، متى ونحوها.
2- سور الموجبة الكلّية المنفصلة: دائماً.
3- سور السالبة الكلّية المتّصلة والمنفصلة: ليس أبداً، ليس البتّة.
4- سور الموجبة الجزئية المتّصلة والمنفصلة: قد يكون.
5- سور السالبة الجزئية المتّصلة والمنفصلة: قد لا يكون. وتختصّ: ليس كلّما، بالمتّصلة.
41
30
الدرس الثالث: أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
تمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- تنقسم القضية الشرطية باعتبار الموضوع، وباعتبار الأحوال والأزمان التي يقع فيها التلازم أو العناد.
ب- لا تنقسم القضية الشرطية باعتبار الموضوع، إذ لا موضوع لها.
ت- الشخصية هي ما حكم فيها بالاتّصال، أو التنافي، أو نفيهما، في زمن معيّن شخصي، أو حال معيّن كذلك.
ث- المحصورة هي ما حكم فيها بالاتصال أو التنافي أو رفعهما في حال أو زمان ما، من دون نظر إلى عموم الأحوال والأزمان أو خصوصهما.
ج- المهملة هي ما بُيِّن فيها أحوال الحكم وأوقاته كلّاً أو بعضاً.
ح- المحصورة قسمين كالحملية: كلّية وجزئية.
خ- إذا كان إثبات الحكم أو رفعه فيها يشمل جميع الأحوال أو الأوقات فالقضية الشرطية محصورة جزئية.
د- إذا كان إثبات الحكم أو رفعه فيها يختصّ في بعض غير معيّن من الأحوال والأوقات فالقضية الشرطية محصورة كلّية.
43
32
الدرس الثالث: أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
السالبة الجزئية المتّصلة والمنفصلة |
الموجبة الجزئية المتّصلة والمنفصلة |
السالبة الكلّية المتّصلة والمنفصلة |
الموجبة الكلّية المنفصلة |
الموجبة الكلّية المتّصلة |
سور القضية |
|
|
|
|
|
كلّما |
|
|
|
|
|
دائماَ |
|
|
|
|
|
قد يكون |
|
|
|
|
|
ليس كلّما |
|
|
|
|
|
قد لا يكون |
|
|
|
|
|
مهما |
|
|
|
|
|
متى |
|
|
|
|
|
ليس البتّة |
|
|
|
|
|
ليس أبداً |
44
33
الدرس الثالث: أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
3- صل بين النقطتين المناسبتين:
قضية شخصية متّصلة • • قد لا يكون إمّا أن يكون الإنسان مستلقياً أو جالساً
قضية شخصية منفصلة • • إذا بلغ الماء كراً فلا ينفعل بملاقاة النجاسة
قضية مهملة متّصلة • • إمّا أن يكون زيد وهو في البيت نائماً أو مستيقظاً
قضية مهملة منفصلة • • ليس إذا كان المدرس حاضراً الآن فإنّه مشغول بالدرس
قضية محصورة متّصلة • • القضية إمّا أن تكون موجبة أو سالبة
قضية محصورة منفصلة • • كلّما كانت الأمّة حريصة على الفضيلة كانت سالكة سبيل السعادة
45
34
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية - باعتبار: وجود موضوعها، تحصيل الموضوع والمحمول وعدولهما
أهداف الدرس:
1- يعدّد التقسيمات الخاصّة بالحملية.
2- يميّز بين الذهنية والخارجية والحقيقية.
3- يتعرّف إلى معنى التحصيل والعدول ومادّة القضية.
47
35
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية
تمهيد
تقدّم أنّ الحملية تنقسم باعتبار الكيف إلى موجبة وسالبة، وباعتبار الموضوع إلى شخصية وطبيعية ومهملة ومحصورة، والمحصورة إلى كلّية وجزئية. وهذه تقسيمات تشاركها الشرطية فيها في الجملة كما تقدّم.
والأن نبحث في هذا الفصل عن التقسيمات الخاصّة بالحملية، وهي:
أولاً: تقسيمها باعتبار وجود موضوعها في الموجبة.
ثانياً: تقسيمها باعتبار تحصيل الموضوع والمحمول وعدولهما.
ثالثاً: تقسيمها باعتبار جهة النسبة.
الذهنية، الخارجية، الحقيقية
إنّ الحملية الموجبة هي ما أفادت ثبوت شيء لشيء. ولا شكّ أنّ ثبوت شيء لشيء فرع لثبوت المثبت له، أي أنّ الموضوع في الحملية الموجبة يجب أن يفرض موجوداً قبل فرض ثبوت المحمول له، إذ لولا أن يكون موجوداً لما أمكن أن يثبت له شيء، كما يقولون في المثل (العرش ثمّ النقش). فلا يمكن أن يكون سعيد في مثل (سعيد قائم) غير موجود، ومع ذلك يثبت له القيام.
49
36
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية
وعلى العكس من ذلك السالبة، فإنّها لا تستدعي وجود موضوعها، لأنّ المعدوم يقبل أن يسلب عنه كلّ شيء، ولذا قالوا: "تصدق السالبة بانتفاء الموضوع", فيصدق نحو "والد عيسى بن مريم لم يأكل ولم يشرب ولم ينم ولم يتكلّم... وهكذا"، لأنّه لم يوجد فلم تثبت له كلّ هذه الأشياء قطعاً، فيقال لمثل هذه السالبة: "سالبة بانتفاء الموضوع".
والمقصود من هذا البيان أنّ الموجبة لا بدّ من فرض وجود موضوعها في صدقها وإلّا كانت كاذبة.
وقد قسّمت الحملية باعتبار مواقع وجود موضوعها إلى ثلاثة أقسام[1]:
1- الذهنية: عندما يكون وجود الموضوع في الذهن فقط.
مثل: كلّ اجتماع النقيضين مغاير لاجتماع المثلين.
كلّ جبل ياقوت ممكن الوجود.
فإنّ مفهوم اجتماع النقيضين، ومفهوم جبل الياقوت غير موجودين في الخارج قطعاً، ولكنّ الحكم ثابت لهما في الذهن.
2- الخارجية: عندما يكون وجود الموضوع في الخارج على وجه يلاحظ في القضية خصوص الأفراد الموجودة المحقّقة منه في أحد الأزمنة الثلاثة[2].
مثل: كلّ جندي في المعسكر مدرّب على حمل السلاح.
- بعض الدور المائلة للانهدام في البلد هدمت.
- كلّ طالب في المدرسة مجدّ.
37
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية
3- الحقيقية: عندما يكون وجود الموضوع في نفس الأمر والواقع، بمعنى أنّ الحكم على الأفراد المحقّقة الوجود والمقدّرة الوجود معاً، فكلّ ما يفرض وجوده وإن لم يوجد أصلاً فهو داخل في الموضوع ويشمله الحكم.
مثل: كلّ مثلث مجموع زواياه يساوي قائمتين.
- بعض المثلّث قائم الزاوية.
- كلّ إنسان قابل للتعليم العالي.
- كلّ ماء طاهر.
ونجد في هذه الأمثلة أنّ كلّ ما يفرض للموضوع من أفراد (سواء كانت موجودة بالفعل أم معدومة ولكنّها مقدّرة الوجود) تدخل فيه ويكون لها حكمه عند وجودها.
المعدولة والمحصّلة
موضوع القضية الحملية أو محمولها قد يكون شيئاً محصّلاً، أي يدلّ على وجود شيء موجود، مثل: إنسان محمّد أسد. أو صفة وجودية مثل: عالم، عادل، كريم، يتعلّم.
وقد يكون موضوعها أو محمولها شيئاً معدولاً، أي داخلاً عليه حرف السلب على وجه يكون جزءاً من الموضوع أو المحمول، مثل: لا إنسان، لا عالم، لا كريم، غير بصير.
وعليه، تنقسم القضية الحملية باعتبار تحصيل الموضوع والمحمول وعدولهما إلى قسمين: محصّلة ومعدولة.
1ـ المحصَّلة: ما كان موضوعها ومحمولها محصّلاً سواء كانت موجبة أم سالبة، مثل: الهواء نقيّ، الهواء ليس نقياً. وتسمّى أيضاً (محصّلة الطرفين).
51
38
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية
2ـ المعدولة: ما كان موضوعها أو محمولها أو كلاهما معدولاً, سواء كانت موجبة أم سالبة.
وتسمّى معدولة الموضوع، أو معدولة المحمول، أو معدولة الطرفين حسب دخول العدول على أحد طرفيها أو كليهما. ويقال لمعدولة أحد الطرفين: محصّلة الطرف الأخر، الموضوع أو المحمول.
مثال معدولة الطرفين: كلّ (لا عالم) هو (غير صائب الرأي)، كلّ (غير مجدّ) ليس هو (بغير مخفق في الحياة).
مثال معدولة الموضوع أو محصّلة المحمول: (غير العالم) مستهان، (غير العالم) ليس بسعيد.
مثال معدولة المحمول أو محصّلة الموضوع: كلّ كافر هو غير تقيّ.
النسبة بين الموضوع والمحمول
كلّ محمول إذا نسب إلى موضوع، فالنسبة فيه لا تخلو في الواقع ونفس الأمر من إحدى حالات ثلاث (بالقسمة العقلية).
1- الوجوب، ومعناه: ضرورة ثبوت المحمول لذات الموضوع ولزومه لها على وجه يمتنع سلبه عنها، كالزوج بالنسبة إلى الأربعة، فإنّ الأربعة لذاتها يجب أن تتّصف بأنّها زوج[1].
2- الامتناع، ومعناه: استحالة ثبوت المحمول لذات الموضوع فيجب سلبه عنه، كالاجتماع بالنسبة إلى النقيضين، فإنّ النقيضين لذاتهما لا يجوز أن يجتمعا[2].
39
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية
تنبيه: يفهم ممّا تقدّم أنّ الوجوب والامتناع يشتركان في ضرورة الحكم، ويفترقان في أنّ الوجوب ضرورة الإيجاب، والامتناع ضرورة السلب.
3- الإمكان، ومعناه: أنّه لا يجب ثبوت المحمول لذات الموضوع، ولا يمتنع، فيجوز الإيجاب والسلب معاً، أي أنّ الضرورتين، ضرورة الإيجاب وضرورة السلب، مسلوبتان معاً، ولذا يعبّر عنه بقولهم: "هو سلب الضرورة عن الطرفين معاً"، أي طرف الإيجاب وطرف السلب للقضية[1].
40
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية
خلاصة
للقضايا الحملية تقسيمات خاصّة، هي:
1- تقسيمها باعتبار وجود موضوعها في الموجبة.
2- تقسيمها باعتبار تحصيل الموضوع والمحمول وعدولهما.
3- النسبة بين المحمول والموضوع.
- التقسيم الأوّل: (باعتبار وجود موضوعها): الذهنية والخارجية والحقيقية
الذهنية: عندما يكون الموضوع موجوداً في الذهن فقط.
الخارجية:عندما يكون وجود الموضوع في الخارج على وجه يلاحظ في القضية خصوص الأفراد الموجودة المحقّقة منه في أحد الأزمنة الثلاثة.
الحقيقية: عندما يكون وجود الموضوع في نفس الأمر والواقع، بمعنى أنّ الحكم على الأفراد المحقّقة الوجود والمقدّرة الوجود معاً، فكلّما يفرض وجوده وإن لم يوجد أصلاً فهو داخل في الموضوع ويشمله الحكم.
- التقسيم الثاني: (باعتبار تحصيل الموضوع والمحمول وعدولهما): المعدولة والمحصّلة
1- المحصَّلة: ما كان موضوعها ومحمولها محصّلاً، سواء كانت موجبة أم سالبة.
وتسمّى أيضاً (محصّلة الطرفين).
2- المعدولة: ما كان موضوعها أو محمولها أو كلاهما معدولاً, سواء كانت موجبة أم سالبة. وتسمّى (معدولة الموضوع) أو (معدولة المحمول) أو (معدولة الطرفين) حسب دخول العدول على أحد طرفيها أو كليهما. ويقال لمعدولة أحد الطرفين:
54
41
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية
"محصّلة الطرف الأخر، الموضوع أو المحمول".
3- النسبة بين المحمول والموضوع: كلّ محمول إذا نسب إلى موضوع، فالنسبة فيه لا تخلو من إحدى حالات ثلاث:
1- الوجوب: ومعناه ضرورة ثبوت المحمول لذات الموضوع ولزومه لها، على وجه يمتنع سلبه عنها.
2- الامتناع: ومعناه استحالة ثبوت المحمول لذات الموضوع فيجب سلبه عنه.
3- الإمكان: ومعناه أنّه لا يجب ثبوت المحمول لذات الموضوع ولا يمتنع.
55
42
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- من التقسيمات الخاصّة للحملية باعتبار وجود موضوعها في الموجبة: الذهنية والخارجية والحقيقية.
ب- "والد عيسى بن مريم لم يأكل ولم يشرب ولم ينم ولم يتكلّم... وهكذا"، غير صادق لأنّه لم يوجد فلا تثبت له كلّ هذه الأشياء قطعاً.
ت- في القضية الحقيقية كلّ ما يفرض للموضوع من أفراد سواء كانت موجودة بالفعل أم معدومة ولكن مقدّرة الوجود تدخل فيه ويكون لها حكمه عند وجودها.
ث- من التقسيمات الخاصّة للحملية باعتبار النسبة بين المحمول والموضوع: الوجوب والإمكان والامتناع.
ج- الوجوب يعني عدم ضرورة ثبوت المحمول لذات الموضوع ولزومه لها، على وجه لا يمتنع سلبه عنها.
ح- الامتناع يعني استحالة ثبوت المحمول لذات الموضوع فيجب سلبه عنه
خ- الإمكان يعني أنّه لا يجب ثبوت المحمول لذات الموضوع، ولا يمتنع.
د- الوجوب والامتناع يشتركان في ضرورة الحكم، ويفترقان في أنّ الوجوب ضرورة الإيجاب، والامتناع ضرورة السلب.
57
44
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية
2- ضع علامة ü في المكان المناسب:
الامتناع |
الامكان |
الوجوب |
مادّة القضية |
|
|
|
ثبوت الحركة للقمر |
|
|
|
الاجتماع للنقيضين |
|
|
|
الوجود للإنسان |
|
|
|
الوجود لشريك الباري |
|
|
|
التفكير للنائم |
|
|
|
الحركة للإنسان |
58
45
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية
3- صل بين النقطتين المناسبتين:
الحملية الذهنية • • كلّ كافر هو غير تقيّ
الحملية الحقيقية • • كلّ لا عالم هو غير صائب الرأي
الحملية الخارجية • • الهواء ليس نقياً
الحملية المحصّلة • • بعض المثلث قائم الزاوية
الحملية المعدولة الطرفين • • كلّ طالب في المدرسة مجدّ
الحملية المعدولة الموضوع • • كلّ اجتماع لنقيضين مغاير لاجتماع المثلين
الحملية المعدولة المحمول • • (غير العالم) ليس بسعيد
59
46
الدرس الخامس: تقسيمات الشرطية الأخرى
الدرس الخامس: تقسيمات الشرطية الأخرى
أهداف الدرس:
1- يميّز بين الشرطية المتّصلة اللزومية والاتفاقية.
2- يميّز بين الشرطية المنفصلة العنادية والاتّفاقية.
3- يعرف كيفية استعمال كلّ من القضية الحقيقية ومانعة الجمع ومانعة الخلو.
61
47
الدرس الخامس: تقسيمات الشرطية الأخرى
تمهيد
تقدّم أنّ الشرطية تنقسم باعتبار نسبتها إلى متّصلة ومنفصلة، وباعتبار الكيف إلى موجبة وسالبة، وباعتبار الأحوال والأزمان إلى شخصية ومهملة ومحصورة، والمحصورة إلى كلّية وجزئية. وقد بقي تقسيم كلّ من المتّصلة والمنفصلة إلى أقسامها.
أقسام الشرطية المتّصلة
تنقسم المتّصلة باعتبار طبيعة الاتّصال بين المقدّم والتالي إلى لزومية واتّفاقية:
1ـ اللزومية: وهي التي بين طرفيها اتّصال حقيقيّ لعلاقة توجب استلزام أحدهما للآخر، بأن يكون أحدهما علّة للآخر أو يكونا معلولين لعلّة واحدة.
مثل: (إذا سخن الماء فإنّه يتمدّد)، والمقدّم (السخونة) علّة للتالي (التمدد).
ومثل: (إذا تمدّد الماء فإنّه ساخن) والتالي (السخونة) علّة للمقدّم (التمدّد)، بعكس الأوّل.
ومثل: (إذا غلا الماء فإنّه يتمدّد)، وفيه الطرفان معلولان لعلّة واحدة، لأنّ الغليان والتمدّد معلولان للسخونة إلى درجة معينة.
63
48
الدرس الخامس: تقسيمات الشرطية الأخرى
2ـ الاتّفاقية: وهي التي ليس بين طرفيها اتّصال حقيقيّ لعدم العلقة التي توجب الملازمة، ولكنّه يتّفق حصول التالي عند حصول المقدّم، كما لو اتّفق أنّ محمّداً الطالب لا يحضر الدرس إلّا بعد شروع المدرّس, فتؤلّف هذه القضية الشرطية: "كلّما جاء محمّد فإنّ المدرّس قد سبق شروعه في الدرس". وليس هنا أيّة علاقة بين مجيء محمّد وسبق شروع الدرس، وإنّما ذلك بمحض الصدفة المتكرّرة.
ومن لم يتنوّر بنور العلم والمعرفة كثيراً ما يقع في الغلط، فيظنّ في كثير من الاتّفاقيات أنّها قضايا لزومية لمجرّد تكرّر المصادفة.
أقسام المنفصلة
1- العنادية والاتفاقية:
تنقسم المنفصلة باعتبار طبيعة التنافي بين الطرفين إلى:
أـ العنادية: وهي التي بين طرفيها تنافٍ وعناد حقيقيّ، بأن تكون ذات النسبة في كلّ منهما تنافي وتعاند ذات النسبة في الآخر.
مثل: "العدد الصحيح إمّا أن يكون زوجاً أو فرداً".
ب ـ الاتفاقية: وهي التي لا يكون التنافي بين طرفيها حقيقياً ذاتياً، وإنّما يتّفق أن يتحقّق أحدهما بدون الآخر لأمر خارج عن ذاتهما.
مثل: (إمّا أن يكون الجالس في الدار محمّداً أو باقراً) إذا اتّفق أن علم أنّ غيرهما لم يكن.
ومثل: (هذا الكتاب إمّا أن يكون في علم المنطق وإمّا أن يكون مملوكاً لخالد) إذا اتّفق أنّ خالداً لا يملك كتاباً في علم المنطق واحتمل أن يكون هذا الكتاب المعيّن في هذا العلم.
64
49
الدرس الخامس: تقسيمات الشرطية الأخرى
2ـ الحقيقية ومانعة الجمع ومانعة الخلوّ:
تنقسم المنفصلة باعتبار إمكان اجتماع الطرفين ورفعهما وعدم إمكان ذلك إلى:
أـ حقيقية: وهي ما حكم فيها بتنافي طرفيها صدقاً وكذباً في الإيجاب وعدم تنافيهما كذلك في السلب,
وبعبارة أخرى:
في الموجبة = لا يجتمعان ولا يرتفعان.
في السالبة = يجتمعان ويرتفعان.
مثال الإيجاب: "العدد الصحيح إمّا أن يكون زوجاً أو فرداً". فالزوج والفرد لا يجتمعان ولا يرتفعان.
مثال السلب: "ليس الحيوان إمّا أن يكون ناطقاً وإمّا أن يكون قابلاً للتعليم". فالناطق والقابل للتعليم يجتمعان في الإنسان ويرتفعان في غيره.
وتستعمل الحقيقية في القسمة الحاصرة حصراً عقلياً، واستعمالها أكثر من أن يحصى.
ب ـ مانعة جمع: وهي ما حكم فيها بتنافي طرفيها أو عدم تنافيهما صدقاً لا كذباً,
وبعبارة أخرى:
في الموجبة = لا يجتمعان وقد يرتفعان.
في السالبة = قد يجتمعان ولا يرتفعان.
مثال الإيجاب: "إمّا أن يكون الجسم أبيض أو أسود" فالأبيض والأسود لا يمكن اجتماعهما في جسم واحد ولكن يمكن ارتفاعهما في الجسم الأحمر.
65
50
الدرس الخامس: تقسيمات الشرطية الأخرى
مثال السلب: "ليس إمّا أن يكون الجسم غير أبيض أو غير أسود" فإنّ غير الأبيض وغير الأسود، يجتمعان في الأحمر، ولا يرتفعان في الجسم الواحد بأن لا يكون غير أبيض ولا غير أسود بل يكون أبيض وأسود. وهذا محال.
- تستعمل مانعة الجمع الموجبة في جواب من يتوهّم إمكان الاجتماع بين شيئين.
فيقال لمن يتوهّم أنّ الإمام يجوز أن يكون عاصياً لله: "إنّ الشخص إمّا أن يكون إماماً أو عاصياً لله"، ومعناه أنّ الإمامة والعصيان لا يجتمعان وإن جاز أن يرتفعا بأن يكون شخص واحد ليس إماماً وعاصياً.
- تستعمل مانعة الجمع السالبة في جواب من يتوهّم استحالة اجتماع شيئين.
فيقال لمن يتوهم امتناع اجتماع النبوة والإمامة في بيت واحد: "ليس إمّا أن يكون البيت الواحد فيه نبوّة أو إمامة" ومعناه أنّ النبوة والإمامة لا مانع من اجتماعهما في بيت واحد.
ج ـ مانعة خلوّ: وهي ما حكم فيها بتنافي طرفيها أو عدم تنافيهما كذباً لا صدقاً.
وبعبارة أخرى:
في الموجبة = قد يجتمعان ولا يرتفعان.
في السالبة = لا يجتمعان وقد يرتفعان.
مثال الإيجاب: "الجسم إمّا أن يكون غير أبيض أو غير أسود"، أي أنّه لا يخلو من أحدهما وإن اجتمعا.
ومثل: "إمّا أن يكون الجسم في الماء أو لا يغرق" فإنّه يمكن اجتماعهما بأن يكون في الماء ولا يغرق، ولكن لا يخلو الواقع من أحدهما لامتناع أن لا يكون الجسم في الماء ويغرق.
66
51
الدرس الخامس: تقسيمات الشرطية الأخرى
مثال السلب: "ليس إمّا أن يكون الجسم أبيض وإمّا أن يكون أسود"، ومعناه أنّ الواقع قد يخلو من أحدهما وإن كانا لا يجتمعان.
وتستعمل مانعة الخلوّ الموجبة في جواب من يتوهّم إمكان أن يخلو الواقع من الطرفين.
فيقال لمن يتوهّم أنّه يمكن أن يخلو الشيء من أن يكون علّة ومعلولاً: "كلّ شيء لا يخلو إمّا أن يكون علّة أو معلولاً"، وإن جاز أن يكون شيء واحد علّة ومعلولاً معاً: علّة لشيء ومعلولاً لشيء آخر.
وتستعمل مانعة الخلوّ السالبة في جواب من يتوهّم أنّ الواقع لا يخلو من الطرفين.
فيقال لمن يتوهّم انحصار أقسام الناس في عاقل لا دين له، وديّن لا عقل له: "ليس الإنسان إمّا أن يكون عاقلاً لا دين له أو ديّناً لا عقل له"، بل يجوز أن يكون شخص واحد عاقلاً وديّناً معاً.
67
52
الدرس الخامس: تقسيمات الشرطية الأخرى
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- تنقسم المتّصلة باعتبار طبيعة الاتّصال بين المقدّم والتالي إلى لزومية واتفاقية.
ب- اللزومية هي التي ليس بين طرفيها اتّصال حقيقي لعدم العلقة التي توجب الملازمة، ولكنّه يتّفق حصول التالي عند حصول المقدّم.
ت- الاتّفاقية هي التي بين طرفيها اتّصال حقيقي لعلاقة توجب استلزام أحدهما للآخر، بأن يكون أحدهما علّة للآخر أو يكونا معلولين لعلّة واحدة.
ث- تنقسم المتّصلة باعتبار طبيعة التنافي بين الطرفين إلى العنادية والاتّفاقية.
ج- العنادية هي التي بين طرفيها تنافٍ وعناد حقيقي، بأن تكون ذات النسبة في كلّ منهما تنافي وتعاند ذات النسبة في الآخر.
ح- الاتّفاقية هي التي لا يكون التنافي بين طرفيها حقيقياً ذاتياً، وإنّما يتّفق أن يتحقّق أحدهما بدون الآخر لأمر خارج عن ذاتهما.
خ- تنقسم المتّصلة باعتبار إمكان اجتماع الطرفين ورفعهما وعدم إمكان ذلك إلى الحقيقية ومانعة الجمع ومانعة الخلوّ.
د- الحقيقية هي ما حكم فيها بتنافي طرفيها صدقاً وكذباً في الإيجاب وعدم تنافيهما كذلك في السلب.
ذ- مانعة الجمع هي ما حكم فيها بتنافي طرفيها أو عدم تنافيهما كذباً لا صدقاً.
ر- مانعة الخلوّ هي ما حكم فيها بتنافي طرفيها أو عدم تنافيهما صدقاً لا كذباً.
69
54
الدرس الخامس: تقسيمات الشرطية الأخرى
2- صل بين النقطتين المناسبتين:
شرطية ّمتّصلة لزومية. • • إنّ الشخص إمّا أن يكون إماماً أو عاصياً لله.
شرطية متّصلة اتفاقية. • • كلّ شيء لا يخلو إمّا أن يكون علّة أو معلولاً.
شرطية منفصلة عنادية. • • إمّا أن يكون الجالس في الدار محمّداً أو باقراً.
شرطية منفصلة اتّفاقية. • • العدد الصحيح إمّا أن يكون زوجاً أو فرداً.
شرطية منفصلة حقيقية. • • إذا سخن الماء فإنّه يتمدّد.
شرطية منفصلة مانعة جمع. • • ليس الحيوان إمّا أن يكون ناطقاً وإمّا أن يكون قابلاً للتعليم.
شرطية منفصلة مانعة خلوّ. • • كلّما جاء محمّد فإنّ المدرّس قد سبق شروعه في الدرس.
70
55
الدرس السادس: أحكام القضايا أو النسب بينها
الدرس السادس: أحكام القضايا أو النسب بينها
أهداف الدرس:
1- يدرك الحاجة إلى مباحث النسب بين القضايا.
2- يستذكر تعريف التناقض بين القضايا.
3- يعطِ أمثلة على التناقض بين القضايا.
71
56
الدرس السادس: أحكام القضايا أو النسب بينها
تمهيد
كثيراً ما يعاني الباحث مشقّة في البرهان على مطلوبه بشكل مباشر، بل قد يمتنع عليه ذلك أحياناً، فيلجأ إلى البرهان على قضية أخرى لها نسبة وعلاقة مع القضية المطلوبة ليقارنها بها:
فقد يحصل له من العلم بصدق القضية المبرهن عليها العلم بكذب القضية المطلوبة أو بالعكس، وذلك إذا كان هناك تلازم بين صدق إحداهما وكذب الأخرى.
وقد يحصل له من العلم بصدق القضية المبرهن عليها العلم بصدق القضية المطلوبة، أو من العلم بكذب الأوّلى العلم بكذب الثانية، وذلك إذا كان صدق الأوّلى يستلزم صدق الثانية أو كان كذبها يستلزم كذبها.
فلا بدّ للمنطقي قبل الشروع في مباحث الاستدلال، وبعد إلمامه بجملة من القضايا، أن يعرف النسب بينها حتى يستطيع أن يبرهن على مطلوبه أحياناً من طريق البرهنة على قضية أخرى لها نسبتها مع القضية المطلوبة، فينتقل ذهنه من القضية المبرهن على صدقها أو كذبها إلى صدق أو كذب القضية التي يحاول تحصيل العلم بها.
73
57
الدرس السادس: أحكام القضايا أو النسب بينها
والمباحث التي تعرف بها النسب بين القضايا هي: مباحث التناقض، والعكس المستوى، وعكس النقيض وملحقاتها[1]، وتسمّى (أحكام القضايا).
ونحن نشرع ـ إن شاء الله تعالى ـ في هذه المباحث على هذا الترتيب.
التناقض بين القضايا
قلنا في التمهيد: كثيراً ما تمسّ الحاجة إلى الاستدلال على قضية ليست هي نفس القضية المطلوبة، ولكن العلم بكذبها يلزمه العلم بصدق القضية المطلوبة أو بالعكس عندما يكون صدق إحداهما يلزم كذب الأخرى.
والقضيتان اللتان لهما هذه الصفة هما القضيتان المتناقضتان:
مثال:
إذا أردت أن تبرهن على صدق قضية (الروح موجودة) مع فرض عدم القدرة على إقامة الدليل المباشر عليها.
إذا فيكفي أن تبرهن على قضية كذب نقيضها وهو: "الروح ليست موجودة"، فإذا علمت كذب هذا النقيض لا بدّ أن تعلم صدق الأوّلى، لأنّ النقيضين لا يكذبان معاً.
وربما يظنّ أنّ معرفة نقيض القضية أمر ظاهر كمعرفة نقائض المفردات كالإنسان واللاإنسان، ولكنّ الأمر بين القضايا ليس بهذه السهولة التي يكفي فيها الاختلاف بالإيجاب والسلب: إذ يجوز أن تكون الموجبة والسالبة صادقتين معاً، مثل: "بعض الحيوان إنسان، والسلب بعض الحيوان ليس بإنسان".
58
الدرس السادس: أحكام القضايا أو النسب بينها
كما ويجوز أن تكونا كاذبتين معاً، مثل: "كلّ حيوان إنسان" "ولا شيء من الحيوان بإنسان".
وعليه لا غنى للباحث عن الرجوع إلى قواعد التناقض المذكورة في علم المنطق لتشخيص نقيض كلّ قضية.
تناقض القضايا
التناقض بين القضايا هو: "اختلاف في القضيتين يقتضي لذاته[1] أن تكون إحداهما صادقة والأخرى كاذبة".
ونعني بالاختلاف الذي يقتضي تخالفهما في الصدق هو الاختلاف الذي يقتضي ذلك في أيّة مادّة كانت القضيتان، ومهما كانت النسبة بين الموضوع والمحمول، كالاختلاف بين الموجبة الكلّية والسالبة الجزئية.
[1] لا بدّ من قيد (لذاته) في التعريف لأنّه ربما يقتضي اختلاف القضيتين تخالفهما في الصدق والكذب، ولكن لا لذات الاختلاف بل لأمر آخر، مثل: "كلّ إنسان حيوان" "ولا شيء من الإنسان بحيوان" فإنّه لمّا كان الموضوع أخصّ من المحمول صدقت إحدى الكلّيتين وكذبت الأخرى. أمّا لو كان الموضوع أعمّ من المحمول لكذبتا معاً نحو: "كلّ حيوان إنسان"، "ولا شيء من الحيوان بإنسان".
75
59
الدرس السادس: أحكام القضايا أو النسب بينها
خلاصة
- قد يمتنع على الباحث البرهان على مطلوبه بشكل مباشر، فيلجأ إلى البرهان على قضية أخرى لها نسبة مع القضية المطلوبة.
- فقد يحصل له من العلم بصدق القضية المبرهن عليها العلم بكذب القضية المطلوبة أو بالعكس.
- وقد يحصل له من اعلم بصدق القضية المبرهن عليها العلم بصدق القضية المطلوبة.
- لا بدّ للمنطقي قبل الشروع في مباحث الاستدلال أن يعرف النسب بين القضايا حتى يستطيع أن يبرهن على مطلوبه أحياناً.
- والمباحث التي تعرف بها النسب بين القضايا هي: مباحث التناقض والعكس المستوي، وعكس النقيض وملحقاتها.
- التناقض بين القضايا هو: "اختلاف في القضيتين يقتضي لذاته أن تكون إحداهما صادقة والأخرى كاذبة".
76
60
الدرس السادس: أحكام القضايا أو النسب بينها
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- لا بدّ للمنطقيّ أن يعرف النسب بين القضايا حتّى يستطيع أن يبرهن على مطلوبه أحياناً عن طريق البرهنة على قضية أخرى لها نسبتها مع القضية المطلوبة.
ب- قد يحصل من العلم بصدق القضية المبرهن عليها العلم بكذب القضية المطلوبة أو بالعكس، وذلك إذا كان صدق الأوّلى يستلزم صدق الثانية أو كان كذبها يستلزم كذبها.
ت- قد يحصل من العلم بصدق القضية المبرهن عليها العلم بصدق القضية المطلوبة، أو من العلم بكذب الأوّلى العلم بكذب الثانية، وذلك إذا كان هناك نسبة التلازم بين صدق إحداهما وكذب الأخرى.
ث- المباحث التي تعرف بها النسب بين القضايا هي مباحث التناقض والعكس المستوي وعكس النقيض.
ج- التناقض بين القضايا هو اختلاف في القضيتين يقتضي لذاته أن تكون إحداهما صادقة والأخرى كاذبة.
ح- لا بدّ من قيد (لذاته) في التعريف لأنه ربما يقتضي اختلاف القضيتين تخالفهما في الصدق والكذب، ولكن لا لذات الاختلاف بل لأمر آخر كما لو كان الموضوع أعمّ من المحمول.
خ- القضيتان اللتان بينهما نسبة التناقض إذا صدقت إحدى القضيتين
77
61
الدرس السادس: أحكام القضايا أو النسب بينها
كذبت الأخرى مطلقاً، وإذا كذبت إحدى القضيتين صدقت الأخرى مطلقاً.
د- لا يجوز أن تكون الموجبة والسالبة صادقتين معاً، ويجوز أن تكونا كاذبتين معاً.
ذ- نعني بالاختلاف الذي يقتضي تخالفهما في الصدق هو الاختلاف الذي يقتضي ذلك في أيّة مادة كانت القضيتان، ومهما كانت النسبة بين الموضوع والمحمول، كالاختلاف بين الموجبة الكلّية والسالبة الجزئية.
78
62
الدرس السادس: أحكام القضايا أو النسب بينها
2- صل بين القضية ونقيضها:
بعض الحيوان إنسان. • • بعض اللاإنسان ليس حيوان.
بعض الحيوان ليس إنسان. • • بعض الإنسان ليس حيوان .
كلّ إنسان حيوان. • • بعض الحيوان إنسان.
لا شيء من الإنسان بحيوان. • • لا شيء من الحيوان بإنسان.
كلّ لا إنسان حيوان. • • كلّ حيوان إنسان.
بعض الإنسان ليس بـ لاحيوان. • • كلّ إنسان لا حيوان.
79
63
الدرس السابع: شروط التناقض
الدرس السابع: شروط التناقض
أهداف الدرس:
1- يتعرّف إلى شروط الاختلاف بين القضيتين المتناقضتين.
2- يميّز بين الوحدات الثماني.
3- يميّز بين الحمل الأوّلي والحمل الشايع.
81
64
الدرس السابع: شروط التناقض
تمهيد
تحدّثنا في الدرس السابق عن التناقض بين القضايا، ونحاول في هذا الدرس بيان الشروط اللازمة والضرورية لتحقّق التناقض. وإذا اختلّ شرط من هذه الشروط لم يعد هناك تناقض بين القضيتين. ولا بدّ لتحقّق التناقض بين القضيتين من اتّحادهما في أمور ثمانية، واختلافهما في أمور ثلاثة:
الوحدات الثمان
تُسمّى الأمور التي يجب اتحاد القضيتين المتناقضتين فيها (الوحدات الثمان) وهي ما يأتي:
1ـ الموضوع: فلو اختلفنا في الموضوع لم تتناقضا، مثل: العلم نافع، الجهل ليس بنافع.
2ـ المحمول: فلو اختلفنا في المحمول لم تتناقضا، مثل: العلم نافع، العلم ليس بضارّ.
3ـ الزمان: فلا تناقض بين (الشمس مشرقة) أي: في النهار، وبين (الشمس ليست بمشرقة) أي: في الليل.
83
65
الدرس السابع: شروط التناقض
4ـ المكان: فلا تناقض بين (الأرض مخصبة) أي: في الريف، وبين (الأرض ليست بمخصبة) أي: في البادية.
5ـ القوّة والفعل: أي لا بدّ من اتّحاد القضيتين في القوّة (الاستعداد والقابلية والتهيّؤ) والفعل (التحقّق والفعلية)، فلا تناقض بين (محمد ميت) أي: بالقوّة[1]، وبين (محمّد ليس بميّت) أي: بالفعل.
6ـ الكلّ والجزء: فلا تناقض بين (العراق مخصب) ويكون المراد بعض العراق، وبين (العراق ليس بمخصب) ويكون المراد كلّه.
7ـ الشرط: فلا تناقض بين (الطالب ناجح آخر السنة) أي: إن اجتهد، وبين (الطالب غير ناجح) أي: إذا لم يجتهد.
8ـ الإضافة: فلا تناقض بين (الأربعة نصف) أي بالإضافة إلى الثمانية، وبين (الأربعة ليست بنصف) أي بالإضافة إلى العشرة.
تنبيه
هذه الوحدات الثمان هي المشهورة بين المناطقة. وبعض المناطقة يضيف إليها (وحدة الحمل)، أي لا بدّ لتحقّق التناقض بين القضيتين أن تكونا متّحدتين في الحمل، أي من ناحية كونه حملا أولياً أو حملاً شايعاً. وهذا الشرط لازم وضروريّ، فلو كان الحمل في إحداهما أولياً وفي الأخرى شايعاً، فإنه يجوز أن يصدقا معا.
مثال:
(الجزئي جزئيّ): أي بالحمل الأوّلي[2].
و(الجزئي ليس بجزئي) أي بالحمل الشايع، لأنّ مفهوم الجزئيّ من مصاديق
66
الدرس السابع: شروط التناقض
مفهوم الكلّي، فإنّه يصدق على كثيرين[1].
فلا تناقض بين هاتين القضيتين، وذلك لاختلافهما في جهة الحمل، وأمّا لو كانت جهة الحمل واحدة لوقع التناقض بينهما.
الاختلاف بالكمّ والكيف
لا بدّ من اختلاف القضيتين المتناقضتين في أمور ثلاثة، وهي (الكمّ والكيف والجهة)[2].
أمّا الاختلاف بالكمّ والكيف فمعناه أنّ إحداهما إذا كانت موجبة كانت الأخرى سالبة، وإذا كانت كلّية كانت الثانية جزئية. وعليه:
الموجبة الكلّية .. نقيض .. .. السالبة الجزئيّة، كل # س.
الموجبة الجزئيّة .. نقيض .. السالبة الكلّية، ع # لا.
لأنهما لو كانتا موجبتين أو سالبتين لجاز أن تصدقا أو تكذبا معاً[3].
ولو كانتا كليتين لجاز أن تكذبا معاً، كما لو كان الموضوع أعمّ من المحمول[4].
ولو كانتا جزئيتين لجاز أن تصدقا معاً، كما لو كان الموضوع أيضاً أعمّ من المحمول[5].
مثل: بعض المعدن حديد، وبعض المعدن ليس بحديد.
[1] بل كلّ مفهوم في الذهن كليّ، والجزئي مفهوم ذهني فهو كلّي يصدق على كثيرين، وبتعبير آخر، مفهوم الجزئي وأيّ مفهوم آخر إذا نُظر إليه وهو في الذهن نجده كلياً يصدق على كثيرين، فزيد جزئيّ وعمرو جزئيّ وهذه الطاولة جزئيّ، لذلك فإنّ مفهوم الجزئي كلّيّ.
[2] الجهة: الاختلاف بالجهة أمر يقتضيه طبع التناقض كالاختلاف بالإيجاب والسلب, لأنّ نقيض كلّ شيء رفعه، فكما يرفع الإيجاب بالسلب والسلب بالإيجاب، فلا بدّ من رفع الجهة بجهة تناقضها، وهذا يأتي الكلام عنه في مرحلة أعلى إن شاء الله تعالى.
[3] لا يقع التناقض أصلاً لأنّ التناقض هو تقابل السلب والإيجاب، فلا بدّ من الاختلاف في الإيجاب والسلب كي تناقض إحدى القضيتين الأخرى فلو قلنا مثلاً: "بعض الشاعر إنسان" و"كلّ شاعر إنسان" لصدقتا معاً. وكذلك: "لا شيء من الكافر بمسلم" و"بعض الكافر ليس بمسلم". لصدقتا معاً.
[4] مثل: "كلّ حيوان إنسان" و"لا شيء من الحيوان بإنسان" فإنهما كاذبتان معاً لأنّ الموضوع أعمّ من المحمول.
67
الدرس السابع: شروط التناقض
خلاصة
لا بدّ لكي يتحقّق التناقض من اتّحاد واختلاف:
أ- الاتحاد في: ب – الاختلاف في:
1- الموضوع 1- الكمّ.
2- المحمول 2- الكيف.
3- الزمان 3- الجهة.
4- المكان
5- القوّة والفعل
6- الكلّ والجزء
7- الشرط
8- الإضافة
9- الحمل
86
68
الدرس السابع: شروط التناقض
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- للتناقض بين القضايا شروط لازمة وضرورية بحيث إذا اختلّ شرط من هذه الشروط لم يعد هناك تناقض بين القضيتين.
ب- تُسمّى الأمور التي يجب اتّحاد القضيتين المتناقضتين فيها (الوحدات الثمان).
ت- لا يعتبر في تحقّق التناقض بين القضيتين أن تكونا متّحدتين في الحمل، أي من ناحية كونه حملاً أولياً أو حملاً شايعاً.
ث- معنى الحمل الشائع الاتّحاد المفهومي بين المحمول والموضوع.
ج- مفهوم الجزئي من مصاديق مفهوم الكلي، لأنّ كلّ مفهوم في الذهن كلّي، والجزئي مفهوم ذهني فهو كلّي يصدق على كثيرين.
ح- الاختلاف بالكمّ معناه أن إحدى القضيتين إذا كانت كلّية كانت الثانية جزئية، لأنّهما لو كانتا كلّيتين لجاز أن تكذبا معاً، أو جزئيتين لجاز أن تصدقا معاً.
خ- الاختلاف بالكيف معناه أن إحدى القضيتين إذا كانت موجبة كانت الأخرى سالبة، لأنّهما لو كانتا موجبتين أو سالبتين لجاز أن تصدقا أو تكذبا معاً.
د- نقيض الموجبة الكلّية: السالبة الجزئيّة.
ذ- نقيض السالبة الكلّية: الموجبة الجزئيّة.
87
69
الدرس السابع: شروط التناقض
2- أعط مثالاً على الاتّحاد في كلّ من الوحدات الثمان:
أ- الموضوع: --------------------------------------------------------
ب- المحمول: --------------------------------------------------------
ت- الزمان: --------------------------------------------------------
ث- المكان: --------------------------------------------------------
ج- القوّة والفعل: -----------------------------------------------------
ح- الكلّ والجزء: ------------------------------------------------------
خ- الشرط: --------------------------------------------------------
د- الإضافة: --------------------------------------------------------
ذ- الحمل: ---------------------------------------------------------
88
70
الدرس الثامن: العكس المستوي
الدرس الثامن: العكس المستوي
أهداف الدرس:
1- يعدّد القواعد المستخدمة في العكس المستوي.
2- يعدّد شروط العكس.
3- يستعمل العكس المستوي في القضايا.
89
71
الدرس الثامن: العكس المستوي
تمهيد
سبق في تمهيد الدرس السادس أنْ قلنا: إنّ الباحث قد يحتاج للاستدلال على مطلوبه إلى أن يبرهن على قضية أخرى لها علاقة مع مطلوبه. وقد تقدّم الكلام عن التناقض بين القضايا حيث علاقة الصدق والكذب. وفي هذا الدرس نبحث عن العكس الذي يكون بين قضيتين بينهما علاقة الصدق والصدق، أي يستنبط من صدق القضية صدق القضية المطلوبة، وذلك للملازمة بينهما في الصدق. وهذه الملازمة واقعة بين كلّ قضية و(عكسها المستوي)[1]:
العكس المستوي
العكس المستوي هو: "تبديل طرفي القضية مع بقاء الكيف والصدق".
أي أنّ القضية المحكوم بصدقها تحوّل إلى قضية تتبع الأوّلى في الصدق، وذلك:
أوّلاً: بتبديل طرفي القضية الصادقة الأوّلى, بأن يُجعل موضوع الأوّلى محمولاً في الثانية والمحمول موضوعاً، أو المقدّم تالياً والتالي مقدّماً.
[1] وهذه العلاقة قائمة أيضاً بين القضية وعكس نقيضها، وهذا البحث متروك للمراحل العليا وللمتخصصين في هذا العلم.
91
72
الدرس الثامن: العكس المستوي
ثانياً: يحافظ على كيف القضيتين، فتتبع الثانيةُ الأوّلى في الإيجاب والسلب.
ثالثاً: تتبعها في الصدق أيضاً.
وتسمّى القضية الأوّلى (الأصل)، والقضية الثانية المحوّلة (العكس المستوي).
تبعية العكس للأصل في الصدق
إذا كان الأصل صادقاً وجب صدق العكس.
ولكن إذا كان الأصل كاذباً لا يجب أن يكذب العكس، فقد يكذب الأصل والعكس صادق، ويختلف ذلك باختلاف المثال، وهذا يعني أنه لا يوجد قاعدة ثابتة يمكن اللجوء إليها بشكل ثابت ودائم، وقد أسّس المنطق لوضع القوانين العامّة الكلّية لتصحيح عملية التفكير.
تبعية الأصل للعكس في الكذب
ولازم ما تقدم من قواعد أنّ الأصل لا يتبع عكسه في الصدق، ولكن يتبعه في الكذب:
فإذا كذب العكس كذب الأصل، لأنّه لو صدق الأصل يلزم منه صدق العكس والمفروض كذبه.
فهنا قاعدتان تنفعان في الاستدلال:
1ـ إذا صدق الأصل صدق عكسه المستوي.
2ـ إذا كذب العكس المستوي كذب أصله.
وهذه القاعدة الثانية متفرّعة على الأوّلى.
92
73
الدرس الثامن: العكس المستوي
شروط العكس
علمنا أنّ العكس إنّما يحصل بشروط ثلاثة: تبديل الطرفين وبقاء الكيف وبقاء الصدق.
أمّا الكمّ فلا يشترط بقاؤه، وإنّما الواجب بقاء الصدق وهو قد يقتضي بقاء الكمّ في بعض القضايا، وقد يقتضي عدمه في البعض الآخر.
والمهمّ فيما يأتي معرفة القضية التي يقتضي بقاء الصدق في عكسها بقاء الكمّ أو عدم بقائه.
ولو تبدّل الطرفان وكان الكيف باقياً، ولكن لم يبق الصدق، فلا يسمّى ذلك عكساً، بل يسمّى (انقلاباً).
1 و 2 ـ الموجبتان تنعكسان موجبة جزئية[1]:
إنّ الموجبة الكلّية تنعكس موجبة جزئية.
فإذا قلت:
كل حـ ب فعكسها ع ب حـ
مثال: كلّ ذهب معدن. تنعكس: بعض المعدن ذهب.
ولا تنعكس إلى كل ب حـ، فلا يصحّ كلّ معدن ذهب.
والموجبة الجزئية تنعكس كنفسها أي موجبة جزئية.
فإذا قلت:
ع حـ ب فعكسها ع ب حـ
74
الدرس الثامن: العكس المستوي
مثال: بعض الإنسان شاعر. تنعكس: بعض الشاعر إنسان.
ولا تنعكس إلى كل ب حـ، فلا يصح: كلّ شاعر إنسان.
3ـ السالبة الكلّية تنعكس سالبة كلّية
يبقى الكمّ والكيف معاً، فإذا صدق قولنا:
لا شيء من الحيوان بشجر، صدق لا شيء من الشجر بحيوان.
والبرهان واضح: لأنّ السالبة الكلّية لا تصدق إلا مع تباين الموضوع والمحمول تبايناً كلّياً, والمتباينان لا يجتمعان أبداً، فيصحّ سلب كلّ منهما عن جميع أفراد الآخر، سواء جعلت هذا موضوعاً أم ذاك موضوعاً.
4- السالبة الجزئية لا عكس لها
أي لا تنعكس أبداً لا إلى كلّية ولا إلى جزئية، لأنّه يجوز أن يكون موضوعها أعمّ من محمولها، مثل:
(بعض الحيوان ليس بإنسان)، والأخصّ (الإنسان) لا يجوز سلب الأعمّ (الحيوان) عنه بحال من الأحوال, لا كلّياً ولا جزئياً، لأنّه كلّما صدق الأخصّ صدق الأعمّ معه، فكيف يصح سلب الأعمّ عنه؟ فلا يصدق قولنا (لا شيء من الإنسان بحيوان) ولا قولنا (بعض الإنسان ليس بحيوان).
5- الشرطية المنفصلة لا عكس لها
أشرنا في صدر البحث إلى أنّ العكس المستوي يعمّ الحملية والشرطية. ولكن عند التأمل نجد أنّ الشرطية المنفصلة لا ثمرة لعكسها لأنّها أقصى ما تدلّ عليه تدلّ على التنافي بين المقدّم والتالي. ولا ترتيب طبيعياً بينهما، ونحن بالخيار في جعل أيهما مقدماً والثاني تالياً، من دون أن يحصل فرق في البين، فسواء قلنا: "العدد إمّا زوج أو فرد"، أو قلنا: "العدد إمّا فرد أو زوج"، فإنّ مؤداهما واحد.
فلذا قالوا: المنفصلة لا عكس لها، أي لا ثمرة فيها.
94
75
الدرس الثامن: العكس المستوي
خلاصة
من المباحث المهمّة في عملية الاستدلال هي العكوس، والتي يُستدلّ من صدق الأصل على صدق العكس، ومنها العكس المستوي الذي يعني تبديل طرفي القضية الأصل مع بقاء الصدق والكيف، ويستنتج من ذلك قاعدتان:
1- إذا صدق الأصل صدق عكسه المستوي، ويستنتج منها:
2- إذا كذب العكس المستوي كذب أصله.
وبملاحظة شروط العكس المستوي (1ـ تبديل الطرفين، 2ـ بقاء الكيف، 3ـ بقاء الصدق)، نجد أن ثلاث قضايا يوجد لها عكس مستوٍ:
1- الموجبة الكلّية تنعكس إلى موجبة جزئيّة: كل ب ح عكسها ع ح ب.
2- الموجبة الجزئيّة تنعكس إلى موجبة جزئيّة: ع ب ح عكسها ع ح ب.
3- السالبة الكلّية تنعكس إلى سالبة كلّية: لا ب ح عكسها لا ح ب.
السالبة الجزئية والمنفصلة لا عكس لها.
95
76
الدرس الثامن: العكس المستوي
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- العكس المستوي هو تبديل طرفي القضية مع بقاء الكيف والصدق.
ب- المراد بالتبديل تحويل موضوع القضية المحكوم بصدقها إلى محمول وتحويل محمولها إلى موضوع، مع عدم المحافظة على بقاء الصدق وبقاء الكيف (الإيجاب والسلب).
ت- في العكس المستوي يستنبط من صدق القضية صدق القضية المطلوبة، وذلك للملازمة بينهما في الصدق.
ث- المراد من تبعية العكس للأصل في الصدق أنّه إذا كان الأصل صادقاً وجب كذب العكس.
ج- إذا كان الأصل كاذباً لا يجب أن يكذب العكس، فقد يكذب الأصل والعكس صادق.
ح- الأصل لا يتبع عكسه في الصدق، ولكن يتبعه في الكذب، فإذا كذب العكس كذب الأصل.
خ- يشترط بقاء الكمّ في العكس المستوي.
د- الشرطية المنفصلة لا ثمرة لعكسها لأنّها أقصى ما تدلّ عليه أنّها تدلّ على التنافي بين المقدّم والتالي.
ذ- العكس المستوي لا يعمّ الحملية والشرطية.
96
77
الدرس الثامن: العكس المستوي
2- اذكر القواعد المستخدمة في العكس المستوي:
أ- --------------------------------------------------------------
ب- -------------------------------------------------------------
ت- -------------------------------------------------------------
شروط العكس المستوي:
أ- --------------------------------------------------------------
ب- -------------------------------------------------------------
ت- -------------------------------------------------------------
نتائج العكس المستوي:
الموجبة الكلّية تنعكس: ---------------------------------------------------
الموجبة الجزئية تنعكس: ---------------------------------------------------
السالبة الكلّية تنعكس: ---------------------------------------------------
السالبة الجزئية تنعكس: ---------------------------------------------------
97
78
الدرس التاسع: الحجّة أو مباحث الاستدلال
الدرس التاسع: الحجّة أو مباحث الاستدلال
أهداف الدرس:
1- يدرك أهمية مبحث الحجّة.
2- يبيّن أقسام الحجة.
3- يعدّد الطرق العملية للاستدلال.
99
79
الدرس التاسع: الحجّة أو مباحث الاستدلال
تمهيد
إنّ أسمى هدف للمنطقي وأقصى مقصد له هو (مباحث الحجّة), أيْ مباحث المعلوم التصديقيّ الذي يستخدم للتوصل إلى معرفة المجهول التصديقي. أمّا ما تقدّم من أبحاث فكلّها في الحقيقة مقدّمات لهذا المبحث، حتّى مباحث المعرِّف لأن المعرِّف إنما يُبحث عنه ليستعان به على فهم وتصوّر مفردات القضية من الموضوع والمحمول.
و(الحجّة) عندهم عبارة عمّا يتألّف من قضايا نستطيع من خلالها أن نصل إلى مطلوب.
وإنّما سُمّيت (حجّة) لأنّه يُحتجّ بها على الخصم لإثبات المطلوب.
وتسمّى (دليلاً) لأنّها تدلّ على المطلوب.
وتهيئتها وتأليفها لأجل الدلالة يسمّى (استدلالاً).
تنبيه
ما ينبغي التنبيه عليه هو أنّه ليس كلّ قضية يجب أن تطلب بحجّة ودليل، ولو كان كذلك لما استطعنا أن نصل إلى العلم بقضية أبداً، لأنّ كلّ قضية نهيّئها تحتاج إلى دليل، والدليل مؤلّف من قضايا وكلّ قضية نهيّئها بحاجة إلى دليل وهكذا، فلا بدّ من
101
80
الدرس التاسع: الحجّة أو مباحث الاستدلال
الانتهاء إلى قضايا بديهية لا تحتاج إلى دليل، وتعتبر المبادئ للمطالب، وهي رأس المال للمتجر العلمي.
طرق الاستدلال، أو أقسام الحجّة
- من منّا لم يحصل له العلم بوجود النار عند رؤية الدخان؟
- ومن ذا الذي لا يتوقّع صوت الرعد عند مشاهدة البرق في السحاب؟
- ومن ذا الذي لا يستنبط أنّ النوم يجمع القوى؟
- وأنّ الحجر يبتلّ بوضعه في الماء؟
- وأنّ السكّينة تقطع الأجسام الطرية؟
- وقد نحكم على شخص بأنّه كريم، لأنّه يشبه في بعض صفاته كريماً نعرفه.
- ونحكم على قلم بأنّه جيد، لأنّه يشبه قلماً جرّبناه.
- وهكذا إلى آلاف من أمثال هذه الاستنتاجات تمرّ علينا كلّ يوم.
وفي الحقيقة إنّ هذه الاستنتاجات الواضحة التي لا يخلو منها ذو شعور، ترجع كلّها إلى أنواع الحجّة المعروفة التي نحن بصدد بيانها، ولكن في الأكثر لا يشعر المستنبط أنّه سلك أحد تلك الأنواع، وإن كان من علماء المنطق.
102
81
الدرس التاسع: الحجّة أو مباحث الاستدلال
ولا عجب لو قيل لك إنّ تسعة وتسعين في المئة من الناس هم منطقيون بالفطرة من حيث لا يعلمون.
ولمّا كان الإنسان - مع ذلك - يقع في كثير من الخطأ في أحكامه، أو يتعذّر عليه تحصيل مطلوبه، لم يستغن عن دراسة الطرق العلمية للتفكير الصحيح والاستدلال المنتج.
وهذا هو الهدف من المنطق الذي تقدّمت الإشارة إليه في بداية دراسة المنطق، حيث ذكرنا أنّ الهدف هو تصحيح الفكر عن الوقوع في الخطأ، سواء في مجال التصورات وتحويل المجهول التصوريّ إلى معلوم تصوريّ ( المعرِّف وتلحق به القسمة)، أم في مجال التصديقات وتحويل المجهول التصديقي إلى معلوم تصديقي (الحجّة)، وهذا المبحث معقود لذلك.
الطرق العملية للاستدلال
الطرق العلمية للاستدلال هي ثلاثة أنواع رئيسة:
1ـ (القياس) وهو أن يستخدم الذهن القواعد العامّة المسلَّم بصحّتها في الانتقال إلى مطلوبه، وهو العمدة في الطرق.
2 ـ (التمثيل) وهو أن ينتقل الذهن من حكم أحد الشيئين إلى الحكم على الآخر لجهة مشتركة بينهما.
3 ـ (الاستقراء) وهو أن يدرس الذهن عدّة جزئيات، فيستنبط منها حكماً عامّاً.
وسيأتي إن شاء الله تعالى توضيح هذه الطرق تباعاً.
103
82
الدرس التاسع: الحجّة أو مباحث الاستدلال
خلاصة
- إنّ أسمى هدف للمنطقي هو مباحث الحجّة أي مباحث المعلوم التصديقي الذي يتوصّل به لمعرفة المجهول التصديقي، وتسمّى مباحث الدليل.
- من الضروري جداً الالتفات إلى أنّ هناك الكثير من القضايا البديهيّة يعتمد عليها في الاستدلال، وليس كلّ قضية بحاجة إلى دليل، وإلّا لما استطعنا الوصول إلى أيّ قضية وأيّ نتيجة.
- كما أنّ كثيراً من الناس يستخدم طرق الاستدلال المنطقيّ الصحيح، ولو كان غير ملتفت إلى أنّه سالك لها. فالناس أغلبهم منطقيون بالفطرة.
104
83
الدرس التاسع: الحجّة أو مباحث الاستدلال
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- مباحث الحجّة هي مباحث المعلوم التصديقي الذي يستخدم للتوصّل إلى معرفة المجهول التصوريّ.
ب- الحجّة عبارة عمّا يتألّف من قضايا نستطيع من خلالها أن نصل إلى مطلوب.
ت- سُمّيت (حجّة) لأنّه يُحتجّ بها على الخصم لإثبات المطلوب.
ث- تسمّى (دليلاً) لتهيئتها وتأليفها لأجل الدلالة.
ج- كلّ قضية يجب أن تطلب بحجّة ودليل، وإلّا لما استطعنا أن نصل إلى العلم بقضية أبداً.
ح- مبادئ المطالب هي قضايا بديهية لا تحتاج إلى دليل.
خ- الطرق العلمية للاستدلال هي ثلاثة أنواع رئيسة: القياس والتمثيل والاستقراء.
د- القياس هو أن ينتقل الذهن من حكم أحد الشيئين إلى الحكم على الآخر لجهة مشتركة بينهما.
ذ- التمثيل هو أن يدرس الذهن عدّة جزئيات، فيستنبط منها حكماً عامّاً.
ر- الاستقراء هو أن يستخدم الذهن القواعد العامّة المسلَّم بصحّتها في الانتقال إلى مطلوبه.
105
84
الدرس العاشر: 1 القياس
الدرس العاشر: 1 ـ القياس
أهداف الدرس:
1- يعرّف معنى القياس.
2- يشرح تعريف القياس بالتفصيل.
3- يعرّف مصطلحات القياس العامّة.
107
85
الدرس العاشر: 1 القياس
تمهيد
بعد أن تعرّفنا في الدرس السابق إلى أهمّية مباحث الحجّة، وإلى الطرق الاستدلالية التي يعتمدها أغلب الناس في استدلالاتهم على مقاصدهم التصديقية، نبدأ في هذا الدرس ببيان الطريق الأوّل للاستدلال، وهو القياس، وهو أهمّ طريق بين الطرق، والكلام فيه كثير جداً، نقتصر على ما يفيد في هذا المستوى من الدراسة، ونبيّن تعريف القياس، والمصطلحات العامّة المستخدمة فيه، ثمّ نتبع ذلك ببيان الطرق الأخرى من التمثيل والاستقراء.
تعريف القياس
عرّفوا القياس بأنّه: "قول مؤلّف من قضايا متى سُلّمت لزم عنه لذاته قول آخر".
1ـ (القول) جنس في هذا التعريف للقياس، ومعناه المركّب التامّ الخبريّ، فيعمّ ويشمل القضية الواحدة والأكثر.
2ـ (مؤلّف من قضايا.. إلى آخره) فصل. والقضايا جمع منطقي أي ما يشمل الاثنين، وبقيد القضايا يخرج من التعريف الاستدلالُ المباشر، لأنّه يعتبر قضية واحدة على تقدير التسليم بها تستلزم قضية أخرى.
3ـ (متى سلّمت) من التسليم. وفيه إشارة إلى أنّ القياس لا يشترط فيه أن تكون قضاياه
109
86
الدرس العاشر: 1 القياس
مسلّمة فعلاً، بل شرط كونه قياساً أن يلزم منه على تقدير التسليم بقضاياه قول آخر، كشأن الملازمة بين القضية وبين عكسها فإنّه على تقدير صدقها يصدق عكسها.
واللازم يتبع الملزوم في الصدق فقط دون الكذب، كما تقدّم في العكس المستوي، لجواز كونه لازماً أعمّ. ومنه يعرف أن كذب القضايا المؤلّفة لا يلزم منه كذب القول اللازم لها، نعم كذب القول يستلزم كذب القضايا.
4ـ (لزم عنه) وبهذا القيد يخرج الاستقراء والتمثيل، لأنّهما وإن تألّفا من قضايا لا يتبعهما القول الآخر على نحو اللزوم، لجواز تخلّفه عنهما لأنّهما أكثر ما يفيدان الظنّ إلّا بعض الاستقراء، وسيأتي توضيحه.
5ـ (لذاته) بهذا القيد يخرج قياس المساواة، كما سيأتي في محلّه، فإنّ قياس المساواة إنّما يلزم منه القول الآخر لمقدّمة خارجة عن القياس لا لذاته.
مثل:
ب يساوي حـ . وحـ يساوي د/ ينتج ب يساوي د
ولكن لا لذات هذا القياس، بل لصدق المقدّمة الخارجية، وهي: "مساوي المساوي مساوٍ".
ولذا لا ينتج مثل قولنا:
ب نصف حـ . و حـ نصف د لأنّ نصف النصف ليس نصفاً بل ربعاً.
الاصطلاحات العامّة في القياس
لا بدّ - أولاً - من بيان المصطلحات العامّة، عدا المصطلحات الخاصّة بكلّ نوع التي سيرد ذكرها في مناسباتها، وهي:
1ـ صورة القياس: ويقصد بها هيئة التأليف الواقع بين القضايا.
110
87
الدرس العاشر: 1 القياس
2ـ المقدّمة: وهي كلّ قضية تتألّف منها صورة القياس. والمقدّمات تسمّى أيضاً (مواد القياس).
3ـ المطلوب: وهو القول اللازم من القياس. ويسمّى (مطلوباً) عند أخذ الذهن في تأليف المقدمات.
4ـ النتيجة: وهي المطلوب عينه، ولكن يسمّى بها بعد تحصيله من القياس.
5ـ الحدود: وهي الأجزاء الذاتية للمقدّمة، ونعني بالأجزاء الذاتية: الأجزاء التي تبقى بعد تحليل القضية، فإذا فككنا وحلّلنا الحملية - مثلاً - إلى أجزائها لا يبقى منها إلّا الموضوع والمحمول دون النسبة، لأنّ النسبة إنّما تقوم بالطرفين للربط بينهما، فإذا أُفرد كلّ منهما عن الآخر فمعناه ذهاب النسبة بينهما.
وأمّا السور والجهة فهما من شؤون النسبة، فلا بقاء لهما بعد ذهابها. وكذلك إذا حلّلنا الشرطية إلى أجزائها لا يبقى منها إلّا المقدّم والتالي.
فالموضوع والمحمول أو المقدّم والتالي هي الأجزاء الذاتية للمقدّمات، وهي (الحدود) فيها.
ولنوضح هذه المصطلحات بمثال من القضية الحملية، فنقول:
1 - شارب الخمر فاسق.
2 - وكلّ فاسق تُردّ شهادته.
3 - شارب الخمر تُردّ شهادته.
فبواسطة نسبة كلمة (فاسق) إلى شارب الخمر في القضية رقم (1)، ونسبة ردّ الشهادة إلى (كلّ فاسق) في القضية رقم (2) استنبطنا النسبة بين ردّ الشهادة والشارب في القضية رقم (3).
111
88
الدرس العاشر: 1 القياس
فكلّ واحدة من القضيتين (1) و(2): مقدّمة
وشارب الخمر وفاسق وتردّ شهادته : حدود
والقضية رقم (3): مطلوب ونتيجة
والتأليف بين المقدّمتين: صورة القياس
ولا يخفى أنّا استعملنا هذه العلامة ... النقط الثلاث ووضعناها قبل النتيجة. وهي علامة هندسية تستعمل للدلالة على الانتقال إلى المطلوب وتقرأ "إذن". وسنستعملها عند استعمال الحروف فيما يأتي للاختصار وللتوضيح.
112
89
الدرس العاشر: 1 القياس
خلاصة
القياس قول مؤلّف من قضايا متى سُلّمت لزم عنه لذاته قول آخر.
لا بدّ من وجود قضيتين أو أكثر في القياس، ثمّ أنْ يفرضا صادقتين، ثمّ يؤلّف منها شكلاً منتجاً حتّى يلزم أن تخرج النتيجة الصادقة، من دون حاجة لضمّ أيّ مقدّمة خارجة عن المذكور.
اصطلاحات القياس هي:
1- صورة القياس.
2- المقدّمة.
3- المطلوب.
4- النتيجة.
5- الحدود.
113
90
الدرس العاشر: 1 القياس
التمارين
1- أجب بصحّ ü أو خطأ û
أ- القياس قول مؤلّف من قضايا متى سُلّمت لزم عنه لذاته قول آخر.
ب- القول في تعريف القياس يعني المركّب التامّ الخبريّ، فيعمّ ويشمل القضية الواحدة والأكثر من قضية.
ت- لا يخرج من التعريف الاستدلالُ المباشر لأنّه قضية واحدة على تقدير التسليم بها تستلزم قضية أخرى.
ث- يشترط في القياس أن تكون قضاياه مسلّمة فعلاً، بل شرط كونه قياساً أن يلزم منه على تقدير التسليم بقضاياه قول آخر.
ج- في الاستقراء والتمثيل لا يتبعهما القول الآخر على نحو اللزوم، لجواز تخلّفه عنهما.
ح- يلزم من قياس المساواة القول الآخر لمقدّمة خارجة عن القياس لا لذاته.
114
91
الدرس العاشر: 1 القياس
2- صل بين النقطتين المناسبتين:
صورة القياس. • • كلّ قضية تتألّف منها صورة القياس.
المقدّمة. • • القول اللازم من القياس.
المطلوب. • • المقدّمات.
مواد القياس • • المطلوب بعد تحصيله من القياس.
النتيجة. • • الأجزاء الذاتية للمقدّمة.
الحدود. • • هيئة التأليف الواقع بين القضايا.
115
92
الدّرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادّته وهيئته
الدرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادّته وهيئته
أهداف الدرس:
1- يتعرّف إلى أقسام القياس بحسب المادّة.
2- يتعرّف إلى أقسام القياس بحسب الهيئة.
3- يميّز بين القياس الاستنثنائيّ والقياس الاقترانيّ.
117
93
الدّرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادّته وهيئته
تمهيد
تقدّم في الدرس السابق أنّ المقدّمات تسمّى (مواد القياس)، وهيئة التأليف بينها تسمّى (صورة القياس)، فالبحث عن القياس من نحوين:
1- من جهة (مادّته) بسبب اختلافها مع قطع النظر عن الصورة بأن تكون المقدّمات يقينية أو ظنّية أو من المسلّمات أو المشهورات أو الوهميات أو المخيّلات أو غيرها، ويسمّى البحث فيها (الصناعات الخمس)، فإنّه ينقسم القياس بالنظر إلى ذلك إلى:
البرهان والجدل والخطابة والشعر والمغالطة (وهذا ما نتعرّض له بشكل مفصّل في كتاب لاحق إن شاء الله تعالى).
2- من جهة (صورته) بسبب اختلافها، مع قطع النظر عن طبيعة المادّة، وهذا الدرس وما بعده معقود للبحث عنه من هذه الجهة. وهو ينقسم من هذه الجهة إلى قسمين اقتراني واستثنائي، باعتبار التصريح بالنتيجة أو بنقيضها في مقدّماته وعدمه.
الاستثنائيّ
وهو القياس المصرّح في مقدّماته بالنتيجة أو بنقيضها، ويسمّى استثنائياً لاشتماله على كلمة الاستثناء، نحو:
(1) إن كان محمّد عالماً فواجب احترامه.
119
94
الدّرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادّته وهيئته
(2) لكنّه عالم.
- محمّد واجب احترامه.
فالنتيجة رقم (3) مذكورة بعينها في المقدّمة رقم (1).
مثال ثانٍ:
(1) لو كان يزيد عادلاً فهو لا يعصي الله.
(2) ولكنّه قد عصى الله.
- ما كان يزيد عادلاً.
فالنتيجة رقم (3) مصرّح بنقيضها في المقدّمة رقم (1).
الاقتراني
وهو القياس غير المصرّح في مقدّماته بالنتيجة ولا بنقيضها.
مثال:
1- شارب الخمر: فاسق.
2- وكلّ فاسق: تُردّ شهادته.
- شارب الخمر: تُردّ شهادته.
فإنّ النتيجة وهي (شارب الخمر تردّ شهادته) غير مذكورة بهيئتها صريحاً في المقدّمتين، ولا نقيضها مذكور أيضاً، وإنّما هي مذكورة بالقوة باعتبار وجود أجزائها الذاتية في المقدّمتين أعني الحدّين وهما (شارب الخمر، وتردّ شهادته), فإنّ كلّ واحد منهما مذكور في مقدّمة مستقلّة غير الأخرى.
ثمّ الاقترانيّ ينقسم إلى أقسام:
الاقترانيّ الحمليّ: وهو ما إذا تألّف من حمليات فقط، كالمثال المتقدّم.
120
95
الدّرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادّته وهيئته
الاقترانيّ الشرطيّ: وهو ما إذا تألّف من شرطيات فقط، أو شرطية وحملية:
مثال مقدّمتين شرطيتين متّصلتين:
(1) كلّما كان الماء جارياً كان معتصماً.
(2) وكلّما كان معتصماً كان لا ينجس بملاقاة النجاسة.
- كلّما كان الماء جارياً كان لا ينجس بملاقاة النجاسة.
مثال مقدّمة حملية ومقدّمة شرطية منفصلة:
(1) الاسم كلمة. (2) والكلمة إمّا مبنية أو معربة.
- الاسم إمّا مبنيّ أو معرب.
فالمقدّمة رقم (1) حملية، والمقدّمة رقم (2) شرطية منفصلة.
121
96
الدّرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادّته وهيئته
خلاصة
يقع البحث عن القياس من جهتين:
1- من جهة مادّته: بأن تكون المقدّمات يقينية أو ظنّية أو من المسلّمات أو المشهورات أو الوهميات أو المخيّلات أو غيرها، ويسمّى البحث فيها الصناعات الخمس.
2- من جهة صورته: وهو ينقسم من هذه الجهة إلى قسمين اقتراني واستثنائي، باعتبار التصريح بالنتيجة أو بنقيضها في مقدّماته وعدمه.
فالاستثنائي: هو القياس المصرّح في مقدّماته بالنتيجة أو بنقيضها.
والاقتراني: وهو القياس غير المصرّح في مقدّماته بالنتيجة ولا بنقيضها.
ثمّ الاقترانيّ ينقسم إلى قسمين:
الاقتراني الحملي: وهو ما إذا تألّف من حمليات فقط.
الاقتراني الشرطي: وهو ما إذا تألّف من شرطيات فقط، أو شرطية وحملية.
122
97
الدّرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادّته وهيئته
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- البحث في مقدّمات القياس من حيث اختلاف مادّته هو مبحث الصناعات الخمس.
ب- ينقسم القياس من حيث اختلاف صورته وبالنظر إلى مادّته إلى قسمين اقتراني واستثنائي.
ت- ينقسم القياس بالنظر إلى اختلاف هيئته إلى البرهان والجدل والخطابة والشعر والمغالطة.
ث- ينقسم القياس باعتبار التصريح بالنتيجة أو بنقيضها في مقدّماته وعدمه إلى قسمين: اقتراني واستثنائي.
ج- الاقتراني هو القياس المصرّح في مقدّماته بالنتيجة أو بنقيضها.
ح- الاستثنائي هو القياس غير المصرّح في مقدّماته بالنتيجة ولا بنقيضها.
خ- الاقتراني ينقسم إلى الحملي: وهو ما إذا تألّف من حمليات فقط، أو شرطية وحملية، وإلى الشرطي: وهو ما إذا تألّف من شرطيات فقط.
123
98
الدّرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادّته وهيئته
2- اعطِ أمثلة لما يلي:
أ- القياس الاقتراني الحملي.
----------------------------------------------------------------
----------------------------------------------------------------
ب- القياس الاقتراني الشرطي المؤلّف من مقدّمتين شرطيتين متّصلتين.
----------------------------------------------------------------
----------------------------------------------------------------
ت- القياس الاقتراني الشرطي المؤلّف من مقدّمة حملية ومقدّمة شرطية منفصلة.
----------------------------------------------------------------
----------------------------------------------------------------
ث- القياس الاستثنائي المصرّح في مقدّماته بالنتيجة.
----------------------------------------------------------------
----------------------------------------------------------------
ج- القياس الاستثنائي المصرّح في مقدّماته بنقيض النتيجة.
----------------------------------------------------------------
----------------------------------------------------------------
124
99
الدّرس الثاني عشر: الاقتراني الحملي حدود وقواعد
الدرس الثاني عشر: الاقتراني الحملي حدود وقواعد
أهداف الدرس:
1- يعدّد حدود الاقتراني.
2- يميّز حدود الاقتراني فيما بينها.
3- يتعرّف إلى اثنتين من القواعد العامّة للاقتراني.
125
100
الدّرس الثاني عشر: الاقتراني الحملي حدود وقواعد
مقدّمتان من ثلاثة حدود
يجب أن يشتمل القياس الاقتراني الحملي على مقدّمتين لتنتجا المطلوب.
ويجب أيضاً أن تشتمل المقدّمتان على حدود ثلاثة: الأوسط، والأصغر والأكبر. وقد سمّوا كلّ واحد من الحدود الثلاثة باسم خاص:
1ـ (الحدّ الأوسط) أو (الوسط): وهو الحدّ المتكرّر المشترك بين الأصغر والأكبر، أي المتكرّر المشترك الذي يربط بين الحدّين الآخرين، ويحذف في النتيجة التي تتألّف من هذين الحدّين، إذ يكون أحدهما موضوعاً لها، والآخر محمولاً.
ويسمّى أيضاً (الحجّة) لأنّه يُحتجّ به على النسبة بين الحدين.
ويسمّى أيضاً (الواسطة في الإثبات) لأنّ به يُتوسَّط في إثبات الحكم بين الحدّين. ونرمز له بحرف (م).
2 ـ (الحدّ الأصغر) وهو الحدّ الذي يكون موضوعاً في النتيجة. وتسمّى المقدّمة المشتملة عليه (صغرى) سواء كان هو موضوعاً فيها أم محمولاً. ونرمز له بحرف (ب).
3 ـ (الحدّ الأكبر) وهو الذي يكون محمولاً في النتيجة. وتسمّى المقدّمة المشتملة
127
101
الدّرس الثاني عشر: الاقتراني الحملي حدود وقواعد
عليه (كبرى) سواء كان هو محمولاً فيها أو موضوعاً. ونرمز له بحرف (حـ).
والحدّان معاً يسمّيان (طرفين).
ولنعد إلى المثال المتقدّم في الدرس السابق وفي المصطلحات العامّة لتطبيق الحدود عليه، فنقول:
- المقدّمة الصغرى: شارب الخمرفاسق.
- المقدّمة الكبرى: كلّ فاسق تُردّ شهادته.
- النتيجة: شارب الخمر تُردّ شهادته.
أ ـ (فاسق) هو المتكرّر المشترك الذي أعطى الربط بين الأصغر والأكبر (الحدّ الأوسط).
ب ـ (شارب الخمر) وهو الحدّ المختصّ بالمقدّمة الأوّلى الصغرى (الحدّ الاصغر).
ج ـ (تردّ شهادته) وهو الحدّ المختصّ بالمقدّمة الثانية الكبرى (الحدّ الأكبر).
تنتج المقدّمتان: (شارب الخمر: تردّ شهادته). بحذف الحدّ المشترك (فاسق).
فإذا قلنا:
كل ب م وكل م حـ
ينتج/ كل ب حـ بحذف المتكرّر (م).
القواعد العامّة للاقتراني
للقياس الاقتراني - سواء كان حملياً أو شرطياً - قواعد عامّة أساسية يجب توفّرها فيه ليكون منتجاً، وهي:
128
102
الدّرس الثاني عشر: الاقتراني الحملي حدود وقواعد
1ـ تكرّر الحدّ الأوسط:
أيْ يجب أن يكون مذكوراً بنفسه في الصغرى والكبرى من غير اختلاف، وإلّا- لو اختلف بين المقدّمتين - لما كان حدّاً أوسط متكرراً، ولما وجد الارتباط بين الطرفين، وبالتالي لما كان منتجاً، وهذا أمر بديهيّ.
مثال1 غير منتج:
- المقدّمة الصغرى: الحائط فيه فأرة.
- المقدّمة الكبرى: كلّ فأرة لها أُذنان.
فإنّه لا ينتج: الحائط له أُذنان. لأنّ الحدّ الذي يُتخيّل أنّه حدّ أوسط هنا لم يتكرر, فإنّ المحمول في الصغرى (فيه فأرة) والموضوع في الكبرى (فأرة) فقط.
ولأجل أن يكون منتجاً فإمّا أن نقول في الكبرى (وكلّ ما فيه فأرة له أُذنان) ولكنّها قضية كاذبة.
وإمّا أن نعتبر المتكرّر كلمة (فأرة) فقط فتكون النتيجة هكذا: (الحائط فيه ما له أُذنان) وهي قضية صادقة.
مثال 2 غير منتج:
- المقدّمة الصغرى: الذهب عين.
- المقدّمة الكبرى: كلّ عين تدمع.
فإنّه لا ينتج: الذهب يدمع. لأنّ لفظ (عين) مشترك لفظيّ، والمراد منه في الصغرى غير المراد منه في الكبرى، فلم يتكرّر الحدّ الأوسط، ولم يتكرّر إلّا اللفظ فقط.
129
103
الدّرس الثاني عشر: الاقتراني الحملي حدود وقواعد
ولا بدّ من التنبّه جيداً لهذا الأمر، فإنّ أكثر المغالطات تعتمد عليه، كما أنّ كثيراً من الأخطاء في الاستدلالات ناتج من عدم الانتباه للمشتركات اللفظية في المقدّمات.
2ـ إيجاب إحدى المقدّمتين:
لكي تكون المقدّمتان منتجتين لا بدّ أن تكون إحداهما موجبة على الأوّل، وأما إذا كانتا معاً سالبتين فإنّ القياس لا يكون منتجاً. ذلك لأنّ الوسط في السالبتين لا يساعدنا على إيجاد الصلة والربط بين الأصغر والأكبر، نظراً إلى أنّ الشيء الواحد قد يكون مبايناً لأمرين وهما لا تباين بينهما، كالفرس المباين للإنسان والناطق (ولا تباين بين الإنسان والناطق)، وقد يكون مبايناً لأمرين هما متباينان في نفسيهما، كالفرس المباين للإنسان والطائر، والإنسان والطائر أيضاً متباينان.
وعليه فلا نعرف حال الحدّين لمجرد مباينتهما للمتكرّر أنّهما متلاقيان خارج الوسط أو متباينان، فلا ينتج الإيجاب ولا السلب.
مثال 1 غير منتج:
المقدّمة الصغرى: لا شيء من الإنسان بفرس.
المقدّمة الكبرى: لا شيء من الفرس بناطق.
فإنّه لا ينتج: لا شيء من الإنسان بناطق، لأنّ الطرفين متلاقيان.
مثال 2 غير منتج:
المقدّمة الصغرى: لا شيء من الإنسان بفرس.
المقدّمة الكبرى: لا شيء من الفرس بطائر.
فإنّه لا ينتج: كلّ إنسان طائر، لأنّ الطرفين متباينان.
ويجري هذا الكلام في كلّ سالبتين.
130
104
الدّرس الثاني عشر: الاقتراني الحملي حدود وقواعد
خلاصة
حدود القياس الاقترانيّ الحمليّ:
يشتمل القياس الاقتراني الحملي على مقدّمتين وحدود ثلاثة: الأوسط، والأصغر والأكبر.
1ـ (الحدّ الأوسط) أو (الوسط): وهو الحدّ المتكرّر المشترك بين الأصغر والأكبر، أي المتكرّر المشترك الذي يربط بين الحدّين الآخرين، ويحذف في النتيجة التي تتألّف من هذين الحدّين.
ويسمّى أيضاً (الحجّة) لأنّه يحتجّ به على النسبة بين الحدّين.
ويسمى أيضاً (الواسطة في الإثبات) لأنّ به يتوسّط في إثبات الحكم بين الحدّين.
2ـ (الحدّ الأصغر) وهو الحدّ الذي يكون موضوعاً في النتيجة. وتسمّى المقدّمة المشتملة عليه (صغرى) سواء كان هو موضوعاً فيها أم محمولاً.
3ـ (الحدّ الأكبر) وهو الذي يكون محمولاً في النتيجة. وتسمّى المقدّمة المشتملة عليه (كبرى) سواء كان هو محمولاً فيها أو موضوعاً.
والحدّان معاً يسمّيان (طرفين).
القواعد العامّة للاقتراني:
ليكون القياسُ الاقتراني منتجاً - سواء كان حملياً أم شرطياً - لا بدّ من توفّر قواعد عامّة أساسية وهي:
ـ تكرّر الحدّ الأوسط.
ـ إيجاب إحدى المقدّمتين.
131
105
الدّرس الثاني عشر: الاقتراني الحملي حدود وقواعد
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- يشتمل القياس الاقتراني الشرطي على مقدّمتين تشتملان على حدود ثلاثة: الأوسط، والأصغر والأكبر.
ب- الحدّ الأصغر قد يكون موضوعاً في القضية أو محمولاً.
ت- الحدّ الأوسط أو الوسط هو الحدّ المتكرّر المشترك بين الأصغر والأكبر.
ث- الواسطة في الإثبات هي الحدّ الأكبر لأنّ به يُتوسَّط في إثبات الحكم بين الحدّين.
ج- الحدّ الأكبر قد يكون محمولاً في القضية أو موضوعاً.
ح- طرفا القضية هما الحدّ الأصغر والأكبر.
خ- من القواعد العامّة للاقتراني تكرّر الحدّ الأوسط بمعنى أن يكون مذكوراً بنفسه في الصغرى والكبرى من غير اختلاف.
د- لو كان هناك اختلاف في الحدّ الأوسط بين المقدّمتين فإنّه لما كان حدّاً أوسط متكرراً، ولما وجد الارتباط بين الطرفين، وبالتالي لما كان منتجاً.
ذ- من القواعد العامّة للاقتراني إيجاب المقدّمتين معاً فلو كانت إحداهما أو كلتاهما سلبيتين لما أنتج القياس.
132
106
الدّرس الثاني عشر: الاقتراني الحملي حدود وقواعد
2- ضع علامة ü في المكان المناسب:
الحدَ الأكبر |
الحدّ الأصغر |
الحدَ الأوسط |
|
|
|
|
الحدّ الذي يكون موضوعاً في النتيجة |
|
|
|
الحدّ الذي تسمّى المقدّمة المشتملة عليه: (صغرى) |
|
|
|
الحدّ المتكرّر المشترك الذي يربط بين الحدّين الآخرين |
|
|
|
الحدّ الذي تسمّى المقدّمة المشتملة عليه: (كبرى) |
|
|
|
الحدّ الذي يكون محمولاً في النتيجة |
|
|
|
الحدّ الذي يسمّى أيضاً الحجّة لأنّه يُحتجّ به على النسبة بين الحدّين |
|
|
|
الحدّ الذي يحذف في النتيجة |
|
|
|
نرمز له بحرف (م) |
|
|
|
نرمز له بحرف (ح) |
|
|
|
نرمز له بحرف (ب) |
107
الدّرس الثالث عشر: بقيّة قواعد الاقترانيّ الحمليّ
الدرس الثالث عشر: بقيّة قواعد الاقترانيّ الحمليّ
أهداف الدرس:
1- يعدّد قواعد الاقترانيّ العامّة.
2- يتعرّف إلى باقي القواعد العامّة للاقترانيّ.
3- يطبّق جدول الأقيسة المنتجة بحسب اختلاف الكمّ والكيف.
135
108
الدّرس الثالث عشر: بقيّة قواعد الاقترانيّ الحمليّ
تمهيد
تقدّم في الدرس السابق أنّه لكي يكون القياس الاقتراني منتجاً - سواء كان حملياً أم شرطياً - لا بدّ من توفّر قواعد عامّة أساسية. وقد تمّ التعرّف إلى قاعدتين أساسيتين، وبقي من الضروريّ التعرّف إلى سائر القواعد.
3- كلّية إحدى المقدّمتين:
لكي يكون القياس منتجاً، لا بدّ أن تكون إحدى مقدّمتيه كلّية، فلا إنتاج من جزئيتين، لأنّ الوسط فيهما لا يساعدنا على إيجاد الصلة بين الأصغر والأكبر، وذلك لأنّ الجزئية لا تدلّ على أكثر من تلاقي طرفيها في بعض الأفراد، فلا يعلم في الجزئيتين أنّ البعض من الوسط الذي يتلاقى به مع الأصغر هو نفس البعض الذي يتلاقى به مع الأكبر، أو غيره، وكلاهما جائز.
ومعنى ذلك: أنّا لا نعرف حال الطرفين (الأصغر والأكبر) أمتلاقيان أم متباينان؟ فلا ينتج الإيجاب ولا السلب.
مثال 1 غير منتج:
المقدّمة الصغرى: بعض الإنسان حيوان.
المقدّمة الكبرى: بعض الحيوان فرس.
ـ فإنّه لا ينتج الإيجاب: بعض الإنسان فرس.
137
109
الدّرس الثالث عشر: بقيّة قواعد الاقترانيّ الحمليّ
وإذا أبدلنا بالمقدّمة الثانية قولنا: بعض الحيوان ناطق.
فإنّه لا ينتج السلب: بعض الإنسان ليس بناطق.
مثال 2 غير منتج:
المقدّمة الصغرى: بعض الإنسان حيوان.
المقدّمة الكبرى: بعض الحيوان ليس بناطق.
ـ فإنّه لا ينتج السلب: بعض الإنسان ليس بناطق، فهذه النتيجة خاطئة في السلب.
وإذا أبدلنا بالمقدّمة الثانية قولنا: بعض الحيوان ليس بفرس، فإنّه لا ينتج الإيجاب: بعض الإنسان فرس.
وهكذا يجري هذا الكلام في كلّ جزئيتين مهما كان موضع الوسط في المقدّمتين موضوعاً أو محمولاً أو مختلفاً.
4ـ النتيجة تتبع أخسّ المقدّمتين:
يعني إذا كانت إحدى المقدّمتين سالبة كانت النتيجة سالبة، لأنّ السلب أخسّ من الإيجاب. وإذا كانت إحدى المقدّمتين جزئية كانت النتيجة جزئية، لأنّ الجزئية أخسّ من الكلّية.
وهذا الشرط واضح, لأنّ النتيجة متفرّعة عن المقدّمتين معاً، فلا يمكن أن تزيد عليهما فتكون أقوى منهما.
5ـ لا إنتاج من سالبة صغرى وجزئية كبرى:
ولا بدّ أن تفرض الصغرى كلّية، وإلّا لاختلّ الشرط الثالث. ولا بدّ أن تفرض الكبرى موجبة، وإلّا لاختلّ الشرط الثاني.
فإذا تألّف القياس من سالبة كلّية صغرى وجزئية موجبة كبرى، فإنّه لا يعلم أنّ الأصغر والأكبر متلاقيان أو متباينان خارج الوسط، لأنّ السالبة الكلّية تدلّ على تباين
138
110
الدّرس الثالث عشر: بقيّة قواعد الاقترانيّ الحمليّ
طرفيها أي الأصغر مع الأوسط هنا، والجزئية الموجبة تدلّ على تلاقي طرفيها في الجملة أي الأوسط والأكبر هنا، فيجوز أن يكون الأكبر خارج الأوسط مبايناً للأصغر كما كان الأوسط مبايناً له، ويجوز أن يكون ملاقياً له.
مثال 1 غير منتج:
المقدّمة الصغرى: لا شيء من الغراب بإنسان.
المقدّمة الكبرى: بعض الإنسان أسود.
ـ فإنّه لا ينتج السلب: بعض الغراب ليس بأسود.
وإذا أبدلنا بالمقدّمة الثانية قولنا: "بعض الإنسان أبيض" فإنّه لا ينتج الإيجاب: بعض الغراب أبيض.
ونحن هنا في المثال بالخيار في وضع الأوسط موضوعاً في المقدّمتين أو محمولاً أو مختلفاً، فإنّ الأمر لا يختلف، والعقم نجده كما هو في الجميع.
جدول بالقضايا المنتجة مع ملاحظة الكمّ والكيف.
س |
ع |
لا |
الصغرى / الكبرى |
س |
ع |
لا |
كل |
غير منتج = سالبتان |
س |
غير منتج= سالبتان |
لا |
غير منتج = جزئيتان |
غير منتج = جزئيتان |
غير منتج = القاعدة 5 |
ع |
غير منتج = سالبتان |
غير منتج = جزئيتان |
غير منتج = سالبتان |
س |
139
111
الدّرس الثالث عشر: بقيّة قواعد الاقترانيّ الحمليّ
ونلاحظ في هذا الجدول وجود 16 قضية، ثمانية منها منتجة وضعناها بالخط الأخضر، وثمانية غير منتجة، وضعنا السبب في عدم إنتاجها بالخطّ الأحمر، فإنّه لا إنتاج من جزئيتين، ولا من سالبتين، ولا من سالبة كبرى وجزئية صغرى، وقد تقدّم بيان كلّ ذلك فاحفظه.
140
112
الدّرس الثالث عشر: بقيّة قواعد الاقترانيّ الحمليّ
خلاصة
بالإضافة لقواعد الاقتراني التي ذكرناها في الدرس الماضي، يوجد مجموعة من قواعد الاقترانيّ العامّة وهي:
1- كلّية إحدى المقدّمتين، فلكي يكون القياس منتجاً، لا بد أن تكون إحدى مقدمتيه كلية.
2- النتيجة تتبع أخسّ المقدّمتين، بمعنى أنه إذا كانت إحدى المقدمتين جزئية أو سالبة كانت النتيجة جزئية أو سالبة، لأن الجزئية أخس من الكلية، والسالبة أخس من الموجبة.
3- لا إنتاج من سالبة صغرى وجزئية كبرى.
141
113
الدّرس الثالث عشر: بقيّة قواعد الاقترانيّ الحمليّ
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- من قواعد الاقتراني الحملي كلّية إحدى المقدّمتين فلو كانت كلا المقدّمتين جزئيتين فلا إنتاج.
ب- إذا كنّا لا نعرف حال الطرفين الأصغر والأكبر أمتلاقيان أم متباينان تكون المقدّمتان سلبيتين.
ت- لا تنتج المقدّمتان الجزئيتان مهما كان موضع الوسط في المقدّمتين موضوعاً أو محمولاً أو مختلفاً.
ث- إذا كانت إحدى المقدّمتين سالبة لم تكن النتيجة سالبة، لأنّ الإيجاب أخسّ من السلب.
ج- إذا كانت إحدى المقدّمتين جزئية كانت النتيجة جزئية، لأنّ الجزئية أخسّ من الكلّية.
ح- النتيجة متفرّعة عن المقدّمتين معاً، فلا يمكن أن تزيد عليهما فتكون أقوى منهما.
خ- لا إنتاج من سالبة كبرى وجزئية صغرى.
142
114
الدّرس الثالث عشر: بقيّة قواعد الاقترانيّ الحمليّ
2- اذكر سبب عدم إنتاج الأقيسة التالية:
قياس 1:
المقدّمة الصغرى: بعض الإنسان حيوان.
المقدّمة الكبرى: بعض الحيوان فرس.
النتيجة المفترضة: بعض الإنسان فرس.
السبب: -----------------------------------------------------------
قياس 2:
المقدّمة الصغرى: بعض الإنسان حيوان.
المقدّمة الصغرى: بعض الحيوان ليس بناطق.
النتيجة المفترضة: بعض الإنسان ليس بناطق.
السبب: -----------------------------------------------------------
قياس 3:
المقدّمة الصغرى: لا شيء من الغراب بإنسان.
المقدّمة الكبرى: بعض الإنسان أسود
النتيجة المفترضة: بعض الغراب ليس بأسود.
السبب: -----------------------------------------------------------
143
115
الدّرس الثالث عشر: بقيّة قواعد الاقترانيّ الحمليّ
3- املأ الجدول بالنتيجة المناسبة مع بيان غير المنتج من الأقيسة:
س |
ع |
لا |
كل |
الكبرى / الصغرى |
|
|
|
|
كل |
|
|
|
|
لا |
|
|
|
|
ع |
|
|
|
|
س |
144
116
الدّرس الرابع عشر: الشكل الأوّل
الدرس الرابع عشر: الشكل الأول
أهداف الدرس:
1- يميّز بين الأشكال الأربعة.
2- يتعّرف إلى الشكل الأوّل.
3- يعدّد شروط الشكل الأوّل.
145
117
الدّرس الرابع عشر: الشكل الأوّل
تمهيد
تقدّم أنّ القياس الاقتراني لا بدّ له من ثلاثة حدود: أوسط وأصغر وأكبر. ونضيف عليه هنا فنقول:
يختلف وضع الأوسط مع طرفيه في المقدّمتين، ويتصوّر بأربع صور، وكلّ واحدة من هذه الصور تسمّى (شكلاً)، وكذا في الشرطي يكون تالياً ومقدّماً.
ففي الاقتراني الحملي:
الشكل الأوّل: وهو ما كان الأوسط محمولاً في الصغرى وموضوعاً في الكبرى.
مثال:
المقدّمة الصغرى: بعض الإنسان شاعر
المقدّمة الكبرى: كلّ شاعر مرهف الإحساس
النتيجة: بعض الإنسان مرهف الإحساس
الشكل الثاني: وهو ما كان الأوسط محمولاً في المقدّمتين.
مثاله:
المقدّمة الصغرى: كلّ مجترّ ذو ظلف
147
118
الدّرس الرابع عشر: الشكل الأوّل
المقدّمة الصغرى: لا شيء من الطائر بذي ظلف
النتيجة: لا شيء من المجترّ بطائر
الشكل الثالث: ما كان الأوسط موضوعاً في المقدّمتين.
مثال أوّل:
المقدمة الصغرى: كلّ ذهب معدن
المقدمة الكبرى: لا شيء من الذهب بفضّة
النتيجة: بعض المعدن ليس بفضّة
مثال ثانٍ:
المقدمة الصغرى: كلّ ذهب معدن
المقدمة الكبرى: وكلّ ذهب غالي الثمن
النتيجة: بعض المعدن غالي الثمن.
الشكل الرابع: ما كان الأوسط موضوعاً في الصغرى ومحمولاً في الكبرى.
مثاله:
المقدمة الصغرى: كلّ إنسان حيوان
المقدمة الكبرى: كلّ ناطق إنسان
النتيجة: بعض الحيوان ناطق.
فالشكل في اصطلاحهم ـ هو: "القياس الاقتراني باعتبار كيفية وضع الأوسط في الطرفين".
وسوف نتكلّم في هذا المستوى الدراسيّ عن الشكل الأوّل من الأشكال الأربعة في الحملي ثمّ نتبعه بالاقتراني الشرطيّ.
148
119
الدّرس الرابع عشر: الشكل الأوّل
الشكل الأوّل
وهو ما كان الأوسط فيه محمولاً في الصغرى موضوعاً في الكبرى. أيْ يكون وضع الحدّين في المقدّمتين مع الأوسط عين وضع أحدهما مع الآخر في النتيجة:
فكما يكون الأصغر موضوعاً في النتيجة يكون موضوعاً في الصغرى، وكما يكون الأكبر محمولاً في النتيجة يكون محمولاً في الكبرى.
ولهذا التفسير فائدة نريد أن نتوصّل إليها. فإنّه لأجل أنّ الأصغر وضعه في النتيجة عين وضعه في الصغرى، وأنّ الأكبر وضعه في النتيجة عين وضعه في الكبرى، كان هذا الشكل على مقتضى الطبع وبيّن الإنتاج بنفسه، لا يحتاج إلى دليل وحجّة، بخلاف سائر الأشكال، ولذا جعلوه أوّل الأشكال، وبه يُستدلّ على باقيها.
شروطه:
لهذا الشكل شرطان:
1- إيجاب المقدّمة الصغرى:
فلو كانت المقدّمة الصغرى سالبة، فلا يعلم أنّ الحكم الواقع على الأوسط في الكبرى أيلاقي الأصغر في خارج الأوسط أم لا؟ فيتحمل الأمران، فلا ينتج الإيجاب ولا السلب، كما نقول مثلاً:
المقدّمة الصغرى: لا شيء من الحجر بنبات.
المقدّمة الكبرى: كلّ نبات نامٍ.
فإنّه لا ينتج الإيجاب: كلّ حجر نامٍ.
ولو أبدلنا بالصغرى قولنا: لا شيء من الإنسان بنبات
149
120
الدّرس الرابع عشر: الشكل الأوّل
فإنّه لا ينتج السلب: لا شيء من الإنسان بنامٍ.
أمّا إذا كانت الصغرى موجبة فإنّ ما يقع على الأوسط في الكبرى لا بدّ أن يقع على ما يقع عليه الأوسط في الصغرى.
2- كلّية الكبرى:
لأنّه لو كانت جزئية، لجاز أن يكون البعض من الأوسط المحكوم عليه بالأكبر غير ما حكم به على الأصغر فلا يتعدّى الحكم من الأكبر إلى الأصغر بتوسّط الأوسط.
وفي الحقيقة إنّ هذا الشرط راجع إلى القاعدة الأوّلى لأنّ الأوسط في الواقع على هذا الفرض غير متكرّر، كما نقول مثلاً:
المقدّمة الصغرى: كلّ ماء سائل
المقدّمة الكبرى: بعض السائل يلتهب بالنار
فإنّه لا ينتج: بعض الماء يلتهب بالنار، لأنّ المقصود بالسائل الذي حكم به على الماء خصوص الحصّة منه التي تلتقي مع الماء، وهي غير الحصّة من السائل الذي يلتهب بالنار وهو النفط مثلاً. فلم يتكرّر الأوسط في المعنى وإنْ تكرّر لفظاً.
هذه شروط الشكل الأوّل من ناحية الكمّ والكيف حتى يكون منتجاً.
150
121
الدّرس الرابع عشر: الشكل الأوّل
خلاصة
للقياس الاقتراني من حيث وضع الأوسط مع طرفيه في المقدّمتين، أربع صور تسمّى (شكلاً)، وكذا في الشرطي يكون تالياً ومقدّماً.
ففي الاقتراني الحملي:
الشكل الأوّل: ما كان الأوسط محمولاً في الصغرى وموضوعاً في الكبرى.
الشكل الثاني: ما كان الأوسط محمولاً في المقدّمتين.
الشكل الثالث: ما كان الأوسط موضوعاً في المقدّمتين.
الشكل الرابع: ما كان الأوسط موضوعاً في الصغرى ومحمولاً في الكبرى.
شروط الشكل الأوّل:
1- إيجاب المقدّمة الصغرى
2- كلّية الكبرى
وهذه الشروط للشكل الأوّل حتّى يكون منتجاً من ناحية الكمّ والكيف.
151
122
الدّرس الرابع عشر: الشكل الأوّل
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- تبعاً لوضع الحدّ الأوسط في المقدّمات يتشكّل عندنا أربع صور تسمّى (شكلاً).
ب- الشكل هو القياس الاقتراني باعتبار كيفية وضع الأكبر من الطرفين.
ت- في الشكل الأوّل يكون وضع الحدّين في المقدّمتين مع الأوسط عكس وضع أحدهما مع الآخر في النتيجة.
ث- الشكل الأوّل على مقتضى الطبع وبيّن الإنتاج بنفسه، لا يحتاج إلى دليل وحجّة، بخلاف سائر الأشكال، ولذا جعلوه أوّل الأشكال، وبه يُستدلّ على باقيها.
ج- شروط الشكل الأوّل: إيجاب المقدّمة الصغرى وكلّية الكبرى.
ح- لو كانت الكبرى جزئية لما تكرّر الحدّ الأوسط.
152
123
الدّرس الرابع عشر: الشكل الأوّل
2- صل بين النقطتين المناسبتين:
الشكل الأوّل من الاقتراني الحملي. • • ما كان الأوسط محمولاً في المقدّمتين.
الشكل الثاني من الاقتراني الحملي. • • ما كان الأوسط محمولاً في الصغرى وموضوعاً في الكبرى.
الشكل الثالث من الاقتراني الحملي. • • ما كان الأوسط موضوعاً في الصغرى ومحمولاً في الكبرى.
الشكل الرابع من الاقتراني الحملي. • • ما كان الأوسط موضوعاً في المقدّمتين.
153
124
الدّرس الخامس عشر: ضروب الشكل الأوّل
الدرس الخامس عشر: ضروب الشكل الأوّل
أهداف الدرس:
1- يتعرّف إلى كيفية استخراج الضروب.
2- يعدّد ضروب الشكل الأوّل.
3- يميّز بين الضروب المنتجة والضروب غير المنتجة.
155
125
الدّرس الخامس عشر: ضروب الشكل الأوّل
تمهيد
تقدّم في الدرس السابق تقسيم الأشكال إلى أربعة، وأن أهمّ هذه الأشكال هو الشكل الأوّل لرجوع سائر الأشكال إليه، ولكون هذا الشكل على مقتضى الطبع وبيّن الإنتاج بنفسه، لا يحتاج إلى دليل وحجّة، بخلاف سائر الأشكال، ولذا جعلوه أوّل الأشكال، وبه يستدلّ على باقيها. كما أنّ هذا الشكل هو الأكثر استعمالاً في البراهين في سائر العلوم. وتقدّم أيضاً أنّ الشكل الأوّل هو ما كان الأوسط فيه محمولاً في الصغرى موضوعاً في الكبرى، أي أنّ وضع الحدّين في المقدّمتين مع الأوسط عين وضع أحدهما مع الآخر في النتيجة. وفي هذا الدرس نريد الإشارة إلى ضروب الشكل الأوّل.
ضروب الشكل الأول
كلّ مقدّمة من القياس في حدّ نفسها يجوز أن تكون واحدة من المحصورات الأربع (كل، لا، ع، س)، فإذا اقترنت الصور الأربع في الصغرى مع الأربع في الكبرى خرجت عندنا ستّ عشرة صورة للاقتران تحدث من ضرب أربعة في أربعة. وذلك في جميع الأشكال الأربعة. ولكن ما يهمّنا خصوص الشكل الأوّل.
والصورة من تأليف المقدّمتين تسمّى بثلاثة أسماء: "ضرب" و"اقتران" و"قرينة".
وهذه الاقترانات أو الضروب الستّة عشر بعضها منتج فيسمّى (قياساً)، وبعضها غير منتج فيسمّى (عقيماً).
157
126
الدّرس الخامس عشر: ضروب الشكل الأوّل
وبحسب الشرطين في الكمّ والكيف لهذا الشكل الأوّل تكون الضروب المنتجة أربعة فقط. أما البواقي فكلّها عقيمة.
توضيح ذلك: بسبب الشرط الأوّل (إيجاب الصغرى) تسقط ثمانية ضروب، وهي حاصل ضرب السالبتين (لا، س) من الصغرى في الأربع من الكبرى، وبسبب الشرط الثاني (كلّية إحدى المقدّمتين) تسقط أربعة حاصل ضرب الجزئيتين (ع، س) من الكبرى في الموجبتين من الصغرى (كل، ع) فالباقي أربعة فقط.
وكلّ هذه الأربعة بيّنة الإنتاج ينتج كلّ واحد منها واحدة من المحصورات الأربع، فالمحصورات كلّها تستخرج من أضرب هذا الشكل. ولذا سُمّي "كاملاً" و"فاضلاً".
وقد رتّبوا ضروبه على حسب ترتب المحصورات في نتائجه:
فالأوّل ما ينتج الموجبة الكلّية ثم ما ينتج السالبة الكلّية ثم ما ينتج الموجبة الجزئية ثم ما ينتج السالبة الجزئية.
"الأوّل" من موجبتين كلّيتين ينتج موجبة كلّية.
مثاله:
كل ب م كلّ خمر مسكر
وكل م حـ وكلّ مسكر حرام
كل ب حـ كلّ خمر حرام.
"الثاني" من موجبة كلّية وسالبة كلّية ينتج سالبة كلّية.
مثاله:
كل ب م كلّ خمر مسكر
158
127
الدّرس الخامس عشر: ضروب الشكل الأوّل
و لا م حـ ولا شيء من المسكر بنافع
لا ب حـ لا شيء من الخمر بنافع
"الثالث" من موجبة جزئية وموجبة كلّية ينتج موجبة جزئية.
مثاله:
ع ب م بعض السائلين فقراء
وكل م حـ وكلّ فقير يستحقّ الصدقة
ع ب حـ بعض السائلين يستحقّ الصدقة.
"الرابع" من موجبة جزئية وسالبة كلّية ينتج سالبة جزئية.
مثاله:
ع ب م بعض السائلين أغنياء
و لا م حـ ولا غني يستحقّ الصدقة
س ب حـ بعض السائلين لا يستحقّ الصدقة.
الشكل الأوّل منتج بشرطين إيجاب الصغرى وكلّية الكبرى
الشكل الأوّل منتج بشرطين إيجاب الصغرى وكلّية الكبرى |
|
|
قياس |
كل+ كل= كل |
1 |
قياس |
كل+ لا= لا |
2 |
عقيم |
كل+ع= لأن الكبرى جزئية |
3 |
عقيم |
كل+س= لأن الكبرى جزئية |
4 |
قياس |
ع+كل= ع |
5 |
159
128
الدّرس الخامس عشر: ضروب الشكل الأوّل
الشكل الأوّل منتج بشرطين إيجاب الصغرى وكلّية الكبرى |
|
|
قياس |
ع+لا= س |
6 |
عقيم |
ع+ع= لأنّهما جزئيتان |
7 |
عقيم |
ع+س= لأنّهما جزئيتان |
8 |
عقيم |
لا+كل= لأنّ الصغرى سالبة |
9 |
عقيم |
لا+لا= لأنّهما سالبتان |
10 |
عقيم |
لا+ع= للقاعدة 5 والصغرى سالبة أيضاً. |
11 |
عقيم |
لا+س= لأنّهما سالبتان |
12 |
عقيم |
س+كل= لأنّ الصغرى |
13 |
عقيم |
س+لا= لأنّهما سالبتان |
14 |
عقيم |
س+ع= لأنّهما جزئيتان |
15 |
عقيم |
س+س= لأنّهما سالبتان |
16 |
نذكر أنّ لكلّ من الأشكال الأخرى شروطاً ينتج عنها بعض الضروب ويكون فيها أقيسة منتجة، وبعضها عقيم، وليراجع ذلك في المطوّلات.
160
129
الدّرس الخامس عشر: ضروب الشكل الأوّل
خلاصة
استخراج الضروب:
يكون من خلال ضرب الصور الأربع (من المحصورات الأربع) للمقدّمة الصغرى بالصور الأربع للمقدّمة الكبرى، فينتج ستّ عشرة صورة للاقتران، وهذا في جميع الأشكال الأربعة.
ضروب الشكل الأوّل:
الضروب الستة عشر بعضها منتج فيسمّى "قياساً"، وبعضها غير منتج فيسمّى "عقيماً".
وبحسب الشرطين في الكمّ والكيف لهذا الشكل الأوّل تكون الضروب المنتجة أربعة فقط، أمّا البواقي فكلّها عقيمة.
161
130
الدّرس الخامس عشر: ضروب الشكل الأوّل
التمارين
1- املأ الجدول التالي:
السبب |
منتج / عقيم |
الضروب |
|
|
كل+ كل= |
|
|
كل+ لا= |
|
|
كل+ع= |
|
|
كل+س= |
|
|
ع+كل= |
|
|
ع+لا= |
|
|
ع+ع= |
|
|
ع+س= |
|
|
لا+كل= |
|
|
لا+لا= |
|
|
لا+ع= |
|
|
لا+س= |
|
|
س+كل= |
|
|
س+لا= |
|
|
س+ع= |
|
|
س+س= |
162
131
الدّرس الخامس عشر: ضروب الشكل الأوّل
2- اعط مثالاً لكلّ الضروب المنتجة:
أ- ---------------------------------------------------
ب- --------------------------------------------------
ت- --------------------------------------------------
ث- --------------------------------------------------
ج- --------------------------------------------------
ح- --------------------------------------------------
163
132
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ
أهداف الدرس:
1- يتعرف إلى الاقترانيّ الشرطيّ.
2- يميّز اعتبارات تقسيم الاقتراني الشرطي.
3- يعدّد أقسام الاقتراني الشرطي.
165
133
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ
تعريف الاقتراني الشرطي وحدوده
تقدّم معنى القياس الاقتراني الحملي وحدوده. ولا يختلف عنه الاقتراني الشرطي إلّا من جهة اشتماله على القضية الشرطية إمّا بكلا مقدمّتيه، أو مقدّمة واحدة، فلذلك تكون حدوده نفس حدود الاقتراني الحملي من جهة اشتماله على الأوسط والأصغر والأكبر، غاية الأمر أن الحدّ قد يكون المقدّم من الشرطية، أو التالي من الشرطية، كما أنّه قد يكون الأوسط خاصّة جزءاً من المقدّم أو التالي.
فإذن، يصحّ أن نعرّفه بأنّه: "الاقتراني الشرطي الذي كان بعض مقدّماته أو كلّها من القضايا الشرطية".
أقسام الاقتران الشرطي
للاقتراني الشرطي تقسيمان:
1- تقسيمه من جهة مقدّماته:
فقد يتألّف من متّصلتين، أو منفصلتين، أو مختلفتين بالاتّصال والانفصال، أو من حملية ومتّصلة، أو من حملية ومنفصلة. فهذه أقسام خمسة.
167
134
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ
2- تقسيمه باعتبار الحدّ الأوسط جزءاً تامّاً أو غير تامّ:
فإنّه لمّا كانت الشرطية مؤلّفة تأليفاً ثانياً، أي أنّها مؤلّفة من قضيتين بالأصل وكلّ منهما مؤلّفة من طرفين، فالاشتراك بين قضيتين شرطيتين تارّة في جزء تامّ أي في جميع المقدّم أو التالي في كلّ منهما. وأخرى في جزء غير تامّ أي في بعض المقدّم أو التالي في كلّ منهما. وثالثة في جزء تامّ من مقدّمة وجزء غير تامّ من أخرى.
فهذه ثلاثة أقسام:
الأوّل: ما اشتركت فيه المقدّمتان في جزء تامّ منهما، نحو:
المقدّمة الصغرى: كلّما كان الإنسان عاقلاً قنع بما يكفيه.
المقدّمة الكبرى: وكلّما قنع بما يكفيه استغنى.
النتيجة: كلّما كان الإنسان عاقلاً استغنى.
الثاني: ما اشتركت فيه المقدّمتان في جزء غير تامّ منهما، نحو:
المقدّمة الصغرى: إذا كان القرآن معجزة فالقرآن خالد.
المقدّمة الكبرى: وإذا كان الخلود معناه البقاء فالخالد لا يتبدّل.
النتيجة: إذا كان القرآن معجزة، فإذا كان الخلود معناه البقاء، فالقرآن لا يتبدّل.
فلاحظ بدّقة أنّ التالي من الصغرى (فالقرآن خالد)، والتالي من الكبرى (فالخالد لا يتبدّل)، يتألّف منهما قياس اقتراني
حملي من الشكل الأوّل ينتج: "القرآن لا يتبدّل".
فنجعل هذه النتيجة تالياً لشرطية مقدّمها مقدّم الكبرى، ثمّ نجعل هذه الشرطية تالياً لشرطية مقدّمها مقدّم الصغرى. وتكون هذه الشرطية الأخيرة هي (النتيجة) المطلوبة.
وهذه هي طريقة أخذ النتيجة من هذا القسم إذا تألّف من متّصلتين.
168
135
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ
الثالث: ما اشتركت فيه المقدّمتان في جزء تامّ من إحداهما غير تامّ من الأخرى: وإنّما نتصوّر هذا القسم في المؤلّف من الحملية والشرطية. أمّا في الشرطيات المحضة فلا بدّ أن نفرض إحدى الشرطيتين بسيطة والأخرى مركّبة من حملية وشرطية بالأصل، ليكون الحدّ المشترك جزءاً تامّاً من الأوّلى وغير تامّ من الثانية نحو:
المقدّمة الصغرى: إذا كانت النبوّة من الله فإذا كان محمّد نبيّاً فلا يترك أمّته سدى.
المقدّمة الكبرى: وإذا لم يترك أمّته سدى وجب أن ينصب هادياً.
النتيجة: إذا كانت النبوّة من الله، فإذا كان محمّد نبياً وجب أن ينصب هادياً.
فلاحظ: أنّ تالي الصغرى مع الكبرى يتألّف منهما قياس شرطيّ من القسم الأوّل، وهو ما اشتركت فيه المقدّمتان بجزء تامّ، فينتج على نحو الشكل الأوّل: إذا كان محمّد نبياً وجب أن ينصب هادياً.
ثمّ نجعل هذه النتيجة تالياً لشرطية مقدّمها مقدّم الصغرى، فتكون هذه الشرطية الجديدة هي النتيجة المطلوبة.
وهذه هي طريقة أخذ النتيجة من هذا القسم الثالث إذا تألّف من متّصلتين.
تفصيل ما اشتركت فيه المقدّمتان بجزء تامّ
يبقى الكلام عن القسم الأوّل وهو ما اشتركت فيه المقدّمتان بجزء تامّ منهما، وعن القسم الثالث في المؤلّف من حملية وشرطية. ولمّا كانت هذه الأقسام موافقة للطبع الجاري، فنحن نتوسّع في البحث عنها إلى حدّ ما، فنقول:
ينقسم الاقتراني الشرطي ،كما تقدّم، إلى خمسة أقسام: من جهة كون المقدّمتين
169
136
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ
من المتّصلات، أو المنفصلات، أو المختلفات، فنجعل البحث متسلسلاً حسب هذه الأقسام:
1- المؤلّف من المتّصلات
هذا النوع، إذا اشتركت مقدّمتاه بجزء تامّ منهما، يلحق بالاقتراني الحملي حذو القذّة بالقذّة[1]، من جهة تأليفه للأشكال الأربعة، ومن جهة شروطها في الكمّ والكيف، ومن جهة النتائج.
فلا حاجة إلى التفصيل والتكرار. وإنّما على الطالب أن يغيّر الحملية بالشرطية المتّصلة. نعم يشترط أن يتألّف من لزوميتين، وهذا شرط عامّ لجميع أقسام الاقترانات الشرطية المتّصلة، لأنّ الاتّفاقيات لا حكم لها في الإنتاج نظراً إلى أنّ العلاقة بين حدودها ليست ذاتية وإنّما تتألّف منها صورة قياس غير حقيقي.
2- المؤلّف من المنفصلات
المنفصلة إنّما تدلّ على العناد بين طرفيها في الصدق والكذب، فإذا اقترنت بمنفصلة أخرى تشترك معها في جزء تامّ أو غير تامّ، فقد لا يظهر الارتباط بين الطرفين على وجه نستطيع أن نحصل على نتيجة ثابتة، لأنّ عناد شيء لأمرين لا يستلزم العناد بينهما نفسيهما ولا يستلزم عدمه. وهذا نظير ما قلناه في السالبتين- في القاعدة الثانية من القواعد العامّة - من أنّ مباينة شيء لأمرين لا يستلزم تباينهما ولا عدمه، فإذن، لا إنتاج بين منفصلتين، فلا قياس مؤلّفاً من المنفصلات.
[1] القُذّة: ريش السهم. وحذو القُذّة بالقُذّة أي كما تقدّر كلّ واحدة منها على قدر صاحبتها وتقطع، ضرب مثلاً للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.
170
137
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ
وهذا صحيح إلى حدّ ما إذا أردنا أن نجمد على المنفصلتين على حالهما، ولكن المنفصلة تستلزم متّصلة فيمكن تحويلها إليها، فإذا حوّلنا المنفصلتين معاً تألّف قياس من متّصلتين ينتج متّصلة. وإذا أردنا أن نصرّ على جعل النتيجة منفصلة، فإنّ المتّصلة أيضاً يمكن تحويلها إلى منفصلة لازمة لها، فنحصل على نتيجة منفصلة كما نريد.
ونترك البحث في كيفية تحويل المنفصلة إلى متّصلة لازمة لها وبالعكس إلى مستويات أعلى، وكذلك باقي أقسام الاقتراني
الشرطي وهي:
1- المؤلّف من المتّصلة والمنفصلة.
2- المؤلّف من الحملية والمتّصلة.
3- المؤلّف من الحملية والمنفصلة.
171
138
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ
خلاصة
الفرق بين القياس الاقتراني الحملي والقياس الاقتراني الشرطي هو اشتمال الأخير على القضية الشرطية، إمّا بكلا مقدّمتيه، أو مقدّمة واحدة.
والحدّ قد يكون المقدّم من الشرطية، أو التالي من الشرطية، كما أنّه قد يكون الأوسط خاصّة جزءاً من المقدّم أو التالي.
أقسام الاقتراني الشرطي:
1- تقسيمه من جهة مقدّماته: قد يتألّف من متّصلتين أو منفصلتين أو مختلفتين بالاتّصال والانفصال أو من حملية ومتّصلة أو من حملية ومنفصلة.
2- تقسيمه باعتبار الحدّ الأوسط جزءاً تامّاً أو غير تامّ، وهذه ثلاثة أقسام:
الأوّل: ما اشتركت فيه المقدّمتان في جزء تامّ منهما.
الثاني: ما اشتركت فيه المقدّمتان في جزء غير تامّ منهما.
الثالث: ما اشتركت فيه المقدّمتان في جزء تامّ من إحداهما غير تامّ من الأخرى.
فما اشتركت فيه المقدّمتان بجزء تامّ:
ينقسم الاقتراني الشرطي إلى خمسة أقسام من جهة كون المقدّمتين من المتّصلات أو المنفصلات أو المختلفات:
1- فالمؤلّف من المتّصلات: إذا اشتركت مقدّمتاه بجزء تامّ منهما، يلحق بالاقتراني الحملي من جهة تأليفه للأشكال الأربعة ومن جهة شروطها في الكمّ والكيف ومن جهة
172
139
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ
النتائج. لكن يشترط أن يتألّف من لزوميتين، لأنّ الاتفاقيات لا حكم لها في الإنتاج.
2- المؤلّف من المنفصلات: والمنفصلة إنّما تدلّ على العناد بين طرفيها في الصدق والكذب، فإذا اقترنت بمنفصلة أخرى تشترك معها في جزء تامّ أو غير تامّ فقد لا يظهر الارتباط بين الطرفين على وجه نستطيع أن نحصل على نتيجة ثابتة, ولكنّ المنفصلة تستلزم متّصلة فيمكن تحويلها إليها، فإذا حولّنا المنفصلتين معاً تألّف قياس من متّصلتين ينتج متّصلة.
173
140
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- الاقتراني الشرطي هو القياس الذي بعض مقدّماته أو كلّها من القضايا الشرطية.
ب- من تقسيمات الاقتراني الشرطي تقسيمه باعتبار الحدّ الأوسط جزءاً تامّاً أو غير تامّ إلى أربعة أقسام.
ت- في الشرطيات المحضة لا بدّ أن نفرض إحدى الشرطيتين بسيطة والأخرى مركّبة من حملية وشرطية بالأصل ليكون الحدّ المشترك جزءاً تامّاً من الأوّلى وغير تامّ من الثانية.
ث- الاقتراني الشرطي المؤلّف من المتّصلات إذا اشتركت مقدّمتاه بجزء تامّ منهما لا يلحق بالاقتراني الحملي إلّا من جهة تأليفه للأشكال الأربعة دون جهة شروطها في الكمّ والكيف ومن جهة النتائج.
ج- يشترط أن يتألّف - المؤلّف من المتّصلات - من لزوميتين حتى يتمّ تغيير الحملية بالشرطية المتّصلة.
ح- إذا اقترنت المنفصلة بمنفصلة أخرى تشترك معها في جزء تامّ أو غير تامّ فقد لا يظهر الارتباط بين الطرفين على وجه نستطيع أن نحصل على نتيجة ثابتة.
174
141
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ
2- عدّد أقسام الاقتراني الشرطي من جهة مقدّماته:
أ- --------------------------------------------------------------
ب- -------------------------------------------------------------
ت- -------------------------------------------------------------
ث- -------------------------------------------------------------
ج- -------------------------------------------------------------
3- عدّد أقسام الاقتراني الشرطي باعتبار الحدّ الأوسط جزءاً تامّاً أو غير تامّ:
الأوّل: ------------------------------------------------------------
الثاني: ------------------------------------------------------------
الثالث: -----------------------------------------------------------
175
142
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ
أهداف الدرس:
1- يتعرّف إلى القياس الاستثنائيّ.
2- يعدّد شروط الانتاج في القياس الاستثنائيّ.
3- يميّز بين أقسام القياس الاستثنائيّ.
177
143
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ
تعريف القياس الاستثنائيّ وتأليفه
تقدّم ذكر هذا القياس وتعريفه، وهو من الأقيسة الكاملة، أي التي لا يتوقّف الإنتاج فيها على مقدّمة أخرى كقياس المساواة.
وقبل البدء بتعريفه نذكر المثال التالي ليكون التعريف واضحاً تطبيقاً لهذا المثال1:
المقدّمة الشرطية: كلّما كان الماء جارياً كان معتصماً.
المقدّمة الاستثنائية: لكنّ هذا الماء جارٍ.
النتيجة: فهو معتصم.
المثال 2:
المقدّمة الشرطية: كلّما كان الماء جارياً كان معتصماً.
المقدّمة الاستثنائية: لكنّ هذا الماء غير جارٍ.
النتيجة: فهو غير معتصم.
لمّا تقدّم أنّ الاستثنائي يُذكر فيه بالفعل إمّا عين النتيجة أو نقيض النتيجة (كان معتصماً) فهنا نقول: يستحيل أن تكون النتيجة مذكورة بعينها أو بنقيضها على أنّها مقدّمة مستقلّة مسلّم بصدقها، لأنّه حينئذ يكون الإنتاج مصادرة على المطلوب. فمعنى أنّها مذكورة بعينها أو بنقيضها أنّها مذكورة على أنّها
179
144
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ
جزء من مقدّمة كما في المثالين المذكورين أعلاه.
ولمّا كانت هي بنفسها قضية، ومع ذلك تكون جزء قضية، فلا بدّ أن يفرض أنّ المقدّمة المذكورة فيها قضية شرطية, لأنّها تتألّف من قضيتين بالأصل. فيجب أن تكون - على هذا - إحدى مقدّمتي هذا القياس شرطية.
أمّا المقدّمة الأخرى فهي الاستثنائية، أي المشتملة على أداة الاستثناء التي من أجلها سُمّيَ القياس استثنائياً.
والاستثنائية يستثنى فيها أحد طرفي الشرطية (لكنّ هذا الماء جار)، أو نقيضه (لكنّ هذا الماء غير جار)، لينتج الطرف الآخر، أو نقيضه، على ما سيأتي تفصيله.
تقسيمه
هذه المقدّمة الشرطية قد تكون متّصلة وقد تكون منفصلة، وبحسبها ينقسم هذا القياس إلى "الاستثنائي الاتّصالي" "والاستثنائي الانفصالي".
شروطه
ويشترط في هذا القياس ثلاثة أمور:
1ـ كلّية إحدى المقدّمتين فلا ينتج من جزئيتين.
2ـ ألّا تكون الشرطية اتّفاقية.
3ـ إيجاب الشرطية. ومعنى هذا الشرط في المتّصلة خاصّة أنّ السالبة تحوّل إلى موجبة لازمة لها فتوضع مكانها.
180
145
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ
ولكلّ من القسمين المتقدّمين حكم في الإنتاج، ونحن نذكرهما بالتفصيل:
حكم الاستثنائي الاتّصالي
لأخذ النتيجة من الاستثنائي الاتّصالي طريقتان:
1ـ استثناء عين المقدّم لينتج عين التالي، لأنّه إذا تحقّق الملزوم تحقّق اللازم قطعاً، سواء أكان اللازم أعمّ أم مساوياً. ولكن لو استثني عين التالي فإنّه لا يجب أن ينتج عين المقدم، لجواز أن يكون اللازم أعمّ، وثبوت الأعمّ لا يلزم منه ثبوت الأخصّ.
مثاله:
المقدّمة الشرطية: كلّما كان الماء جارياً كان معتصماً.
المقدّمة الاستثنائية: لكنّ هذا الماء جارٍ.
النتيجة: فهو معتصم.
فلو قلنا: "لكنه معتصم" فإنّه لا ينتج "فهو جارٍ" لجواز أن يكون معتصماً وهو راكد كثير.
2- استثناء نقيض التالي لينتج نقيض المقدّم. لأنّه إذا انتفى اللازم انتفى الملزوم قطعاً، حتى لو كان اللازم أعمّ، ولكن لو استثني نقيض المقدّم فإنّه لا ينتج نقيض التالي، لجواز أن يكون اللازم أعمّ. وسلب الأخصّ لا يستلزم سلب الأعمّ، لأنّ نقيض الأخصّ أعمّ من نقيض الأعمّ.
مثاله:
المقدّمة الشرطية: كلّما كان الماء جارياً كان معتصماً.
181
146
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ
المقدّمة الاستثنائية: لكنّ هذا الماء ليس بمعتصم.
النتيجة: فهو ليس بجارٍ.
فلو قلنا: "لكنه ليس بجارٍ" فإنّه لا ينتج "ليس بمعتصم" لجواز ألّا يكون جارياً وهو معتصم لأنّه كثير.
حكم الاستثنائي الانفصالي
لأخذ النتيجة من الاستثنائي الانفصالي ثلاث طرق:
1ـ إذا كانت الشرطية (حقيقية) فإنّ استثناء عين أحد الطرفين ينتج نقيض الآخر واستثناء نقيض أحدهما ينتج عين الآخر، فإذا قلت: العدد إمّا زوج أو فرد.
فإن الاستثناء يقع على أربع صور، هكذا:
أ ـ لكنّ هذا العدد زوج ينتج فهو ليس بفرد.
ب ـ لكنّ هذا العدد فرد ينتج فهو ليس بزوج.
ج ـ لكنّ هذا العدد ليس بزوج ينتج فهو فرد.
د ـ لكنّ هذا العدد ليس بفرد ينتج فهو زوج.
وهو واضح لا عسر فيه. هذا إذا كانت المنفصلة ذات جزأين.
وقد تكون ذات ثلاثة أجزاء فأكثر مثل (الكلمة إمّا اسم أو فعل أو حرف) فإذا استثنيت عين أحدها فقلت مثلاً: "لكنّها اسم" فإنّه ينتج حمليات بعدد الأجزاء الباقية فتقول: "فهي ليست فعلاً وليست حرفاً".
182
147
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ
وإذا استثنيت نقيض أحدهما فقلت مثلاً: "لكنّها ليست اسماً" فإنّه ينتج منفصلة من أعيان الأجزاء الباقية فتقول: "فهذه الكلمة إمّا فعل أو حرف".
وقد يجوز بعد هذا أن تعتبر هذه النتيجة مقدّمة لقياس استثنائي آخر فتستثني عين أحد أجزائها أو نقيضه لينحصر في جزء معيّن.
وهكذا يمكن أن تستعمل هذه الطريقة لو كانت أجزاء المنفصلة أكثر من ثلاثة، فتستوفي الاستثناءات حتّى يبقى قسم واحد ينحصر فيه الأمر. وقد تُسمّى هذه الطريقة طريقة الدوران والترديد، أو برهان السبر والتقسيم، أو برهان الاستقصاء.
وهذه الطريقة نافعة كثيراً في المناظرة والجدل.
2ـ إذا كانت الشرطية (مانعة خلوّ) فإنّ استثناء نقيض أحد الطرفين ينتج عين الآخر ولا ينتج استثناء عين أحدهما نقيض الآخر، لأنّ المفروض أنّه لا مانع من الجمع بين العينين، فلا يلزم من صدق أحدهما كذب الآخر.
3ـ إذا كانت الشرطية (مانعة جمع) فإنّ استثناء عين أحد الطرفين ينتج نقيض الآخر. ولا ينتج استثناء نقيض أحدهما عين الآخر، لأنّ المفروض أنّه يجوز أن يخلو الواقع منهما، فلا يلزم من كذب أحدهما صدق الآخر. وهذا وما قبله واضح.
183
148
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ
خلاصة
تعريف القياس الاستثنائي وتأليفه:
القياس الاستثنائي من الأقيسة الكاملة, أي التي لا يتوقّف الإنتاج فيها على مقدّمة أخرى كقياس المساواة، ولا بدّ أن تكون إحدى مقدّمتي هذا القياس شرطية.
أمّا المقدّمة الأخرى فهي الاستثنائية, أي المشتملة على أداة الاستثناء.
والاستثنائية يستثنى فيها أحد طرفي الشرطية أو نقيضه لينتج الطرف الآخر، أو نقيضه.
تقسيم القياس الاستثنائي:
هذه المقدّمة الشرطية قد تكون متّصلة وقد تكون منفصلة، وبحسبها ينقسم هذا القياس إلى "الاستثنائي الاتّصالي" "والاستثنائي الانفصالي".
شروط القياس الاستثنائي:
1ـ كلّية إحدى المقدّمتين فلا ينتج من جزئيتين.
2ـ ألّا تكون الشرطية اتفاقية.
3ـ إيجاب الشرطية.
حكم الاستثنائي الاتّصالي
لأخذ النتيجة من الاستثنائي الاتّصالي طريقتان:
1ـ استثناء عين المقدّم لينتج عين التالي.
2. استثناء نقيض التالي لينتج نقيض المقدّم.
184
149
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ
حكم الاستثنائي الانفصالي
1ـ إذا كانت الشرطية (حقيقية) فإنّ استثناء عين أحد الطرفين ينتج نقيض الآخر، واستثناء نقيض أحدهما ينتج عين الآخر.
2ـ إذا كانت الشرطية (مانعة خلوّ) فإنّ استثناء نقيض أحد الطرفين ينتج عين الآخر ولا ينتج استثناء عين أحدهما نقيض الآخر.
3ـ إذا كانت الشرطية (مانعة جمع) فإنّ استثناء عين أحد الطرفين ينتج نقيض الآخر. ولا ينتج استثناء نقيض أحدهما عين الآخر.
185
150
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ
التمارين
1- أجب بصح üأو خطأ û
أ- القياس الاستثنائي من الأقيسة الكاملة، أي التي لا يتوقّف الإنتاج فيها على مقدّمة أخرى كقياس المساواة.
ب- القياس الاستثنائي يُذكر فيه بالفعل عين النتيجة ونقيضها.
ت- إذا كانت النتيجة مذكورة بعينها أو بنقيضها باعتبار أنّها مقدّمة مستقلّة مسلّم بصدقها يكون الإنتاج مصادرة على المطلوب.
ث- لا بدّ أن تكون إحدى مقدّمتي القياس الاستثنائي شرطية، والمقدّمة الأخرى تكون هي الاستثنائية.
ج- سُمّيَ القياس استثنائياً لأنّ إحدى مقدّمتيه مشتملة على أداة الاستثناء.
ح- والاستثنائية يستثنى فيها أحد طرفي الشرطية أو نقيضه لينتج الطرف الآخر أو نقيضه.
خ- ينقسم القياس الاستثنائي إلى "الاستثنائي الاتّصالي" "والاستثنائي الانفصالي" بحسب المقدّمة الاستثنائية، فقد تكون متّصلة وقد تكون منفصلة.
د- إذا كانت الشرطية في القياس الاستثنائي الانفصالي مانعة خلوّ فإنّ استثناء نقيض أحد الطرفين لا ينتج عين الآخر، ولكن ينتج استثناء عين أحدهما نقيض الآخر.
186
151
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ
ذ- إذا كانت الشرطية في القياس الاستثنائي الانفصالي مانعة جمع فإنّ استثناء عين أحد الطرفين ينتج نقيض الآخر، ولا ينتج استثناء نقيض أحدهما عين الآخر.
2- اذكر شروط القياس الاستثنائي:
أ- --------------------------------------------------------------
ب- -------------------------------------------------------------
ت--------------------------------------------------------------
187
152
الدرس الثامن عشر: 2 الاستقراء
الدرس الثامن عشر: 2 ـ الاستقراء
أهداف الدرس:
1- يستذكر تعريف الاستقراء.
2- يميّز بين أقسام الاستقراء.
3- يميّز بين أنحاء الاستقراء الناقص.
189
153
الدرس الثامن عشر: 2 الاستقراء
تعريف الاستقراء
الاستقراء هو: "أن يدرس الذهن عدّة جزئيات فيستنبط منها حكماً عامّاً"
كما لو درسنا عدّة أنواع من الحيوان فوجدنا أنّ كلّ نوع منها يحرّك فكّه الأسفل عند المضغ فنستنبط منها قاعدة عامّة، وهي: أنّ كلّ حيوان يحرّك فكّه الأسفل عند المضغ.
والاستقراء هو الأساس لجميع أحكامنا الكلّية وقواعدنا العامّة، وهو الأكثر استخداماً في العلوم، وما البحث في المختبرات العلمية والتجارب إلّا لأجل استنتاج قاعدة كلّية من عدّة جزئيات تخضع للبحث والاختبار. فتحصيل القاعدة العامّة والحكم الكلّي لا يكون إلّا بعد فحص الجزئيات وتتبّعها واستقرائها، فإذا وجدناها متّحدة في الحكم نستنتج منها القاعدة العامّة أو الحكم الكلّي.
فحقيقة الاستقراء هي: "الاستدلال بالخاصّ على العامّ"، وعكسه القياس وهو: "الاستدلال بالعامّ على الخاصّ", لأنّ القياس لا بدّ أن يشتمل على مقدّمة كلّية، الغرض منها تطبيق حكمها العامّ على موضوع النتيجة.
أقسام الاستقراء
ينقسم الاستقراء إلى قسمين: تامّ وناقص، لأنّه إمّا أن يتّضح فيه حال الجزئيات بأسرها أو بعضها.
191
154
الدرس الثامن عشر: 2 الاستقراء
1ـ الاستقراء التامّ: وهو تتبّع حال الجزئيات بأسرها، ولذلك يفيد اليقين. ولكنّه قليل جدّاً، لأنّ حصر الجزئيات كلّها وتتبّعها بأسرها أمر نادر الحصول.
2ـ الاستقراء الناقص: وهو أن يفحص المستقري بعض الجزئيات، كمثال الحيوان من أنّه يحرّك فكّه الأسفل عند المضغ بحكم الاستقراء لأكثر أنواعه. وهذا النحو من القياس هو الأكثر استعمالاً، لكن ذكروا أنّه لا يفيد إلّا الظنّ، لجواز أن تكون إحدى جزئياته ليس لها هذا الحكم، كما قيل إنّ التمساح يحرّك فكّه الأعلى عند المضغ.
أنحاء الاستقراء الناقص
1ـ ملاحظة الوصف: أن يعتمد المستقري على المشاهدة فقط، فإذا شاهد بعض الجزئيات أو أكثرها أنّ لها وصفاً واحداً استنبط أنّ هذا الوصف يثبت لجميع الجزئيات، كمثال استقراء بعض الحيوانات أنّها تحرّك فكّها الأسفل عند المضغ.وعلى هذا النحو اقتصر نظر المنطقيين القدماء في بحثهم.
ولكن هذا الاستنباط قابل للنقض ولا يكون الحكم فيه قطعياً، حيث يكفي إثبات جزئية واحدة ليس فيها هذا الوصف حتّى تنتقض النتيجة، كما لو أثبتنا في المثال المتقدّم أنّ التمساح يحرّك فكّه الأعلى لا الأسفل عند المضغ، فتكذب النتيجة المستنبطة أنّ كلّ حيوان يحرّك فكّه الأسفل عند المضغ.
2ـ ملاحظة الوصف والتعليل: أن يعتمد المستقري مع الوصف على ملاحظة التعليل أيضاً. بأن يبحث المشاهد لبعض الجزئيات عن العلّة في ثبوت الوصف، فيعرف أنّ الوصف إنّما ثبت لتلك الجزئيات المشاهدة لعلّة أو خاصّية موجودة في نوعها، ولا شبهة عند العقل أنّ العلّة إذا وجدت لا بد أن يوجد معلولها، فيجزم المشاهد المستقري حينئذ جزماً قاطعاً بثبوت الوصف لجميع جزئيات ذلك النوع، وإن لم يشاهدها جميعها.
192
155
الدرس الثامن عشر: 2 الاستقراء
كما إذا شاهد الباحث المستقري أنّ بعض الأدوية يؤثّر في رفع صداع الرأس، فبحث عن علّة هذا التأثير، وحلّل ذلك الشيء إلى عناصره، فعرف أن تأثيرها في الجسم هو رفع صداع الرأس في الأحوال الاعتيادية، فعندها يحكم ويقطع أنّ هذا الدواء يحدث هذا الأثر دائماً.
وجميع الاكتشافات العلمية، وكثير من أحكامنا على الأمور التي نشاهدها في حياتنا الاعتيادية من هذا النوع، وليست هذه الأحكام قابلة للنقض، فلذلك تكون قطعية، كحكمنا بأنّ الماء ينحدر من المكان العالي، فإنّا لا نشكّ فيه أبداً، مع أنّنا لم نشاهد من جزئياته إلّا أقلّ القليل، وما ذلك إلّا لأنّا عرفنا السرّ في هذا الانحدار. نعم إذا انكشف للباحث خطأ ما حسبه أنّه علّة وأنّ للوصف علّة أخرى فلا بدّ أن يتغيّر حكمه وعلمه.
3ـ البناء على بديهة العقل: أن يبني المستقري على بديهة من بديهيات العقل، كحكمنا بأنّ الكلّ أعظم من جزئه، فإنّ تصوُّر مفهوم "الكلّ"، وتصوُّر مفهوم "جزء الكلّ"، وتصوُّر معنى "أعظم"، كاف للقطع بهذا الحكم.
وفي الحقيقة هذا ليس استقراء، لأنّه لا يتوقّف على المشاهدة، فإنّ تصوّر الموضوع والمحمول كاف للحكم وإن لم نشاهد جزئياً واحداً منها.
4ـ البناء على المماثلة الكاملة: أن يعتمد المستقري على المماثلة الكاملة بين الجزئيات، كما إذا اختبرنا بعض جزئيات نوع من الثمر فعلمنا بأنّه لذيذ الطعم مثلاً، فإنّا نحكم حكماً قطعياً بأنّ كلّ جزئيات هذا النوع لها هذا الوصف. وكما إذا برهنّا مثلاً على أن مثلثاً معيناً تساوي زواياه قائمتين، فإنّا نجزم جزماً قاطعاً بأنّ كلّ مثلّث تساوي زواياه قائمتين، فيكفي فيه فحص جزئيّ واحد، وما ذلك إلّا لأنّ الجزئيات متماثلة متشابهة في التكوين، فوصف واحد منها يكون وصفاً للجميع بغير فرق.
193
156
الدرس الثامن عشر: 2 الاستقراء
وبعد بيان هذه الأنحاء الأربعة، يتّضح أن ليس كلّ استقراء ناقص لا يفيد اليقين، وأنّ الاستقراء الذي يفيد الظنّ هو خصوص ما كان مبنياً على المشاهدة المجرّدة، وأمّا الأنحاء الثلاثة الأخيرة فهي تفيد اليقين.
ويسمّى النحو الثاني - وهو الاستقراء المبني على ملاحظة الوصف والتعليل - في المنطق الحديث بـ"طريق الاستنباط"، أو "طريق البحث العلمي".
194
157
الدرس الثامن عشر: 2 الاستقراء
خلاصة
تعريف الاستقراء: "أن يدرس الذهن عدّة جزئيات فيستنبط منها حكماً عامّاً".
الاستقراء هو الأساس لجميع أحكامنا الكلّية وقواعدنا العامّة، وهو الأكثر استخداما في العلوم.
وهو: "الاستدلال بالخاصّ على العامّ"، فهو عكس القياس الذي هو: "الاستدلال بالعامّ على الخاصّ".
أقسام الاستقراء:
ينقسم الاستقراء إلى قسمين، تامّ وناقص:
1ـ الاستقراء التام: وهو تتبّع حال الجزئيات بأسرها، ولذلك يفيد اليقين.
2ـ الاستقراء الناقص: وهو أن يفحص المستقري بعض الجزئيات، وهذا النحو من القياس هو الأكثر استعمالاً، لكن ذكروا أنّه لا يفيد إلّا الظنّ.
أنحاء الاستقراء الناقص
1ـ ملاحظة الوصف: ولكن هذا الاستنباط قابل للنقض ولا يكون الحكم فيه قطعياً.
2ـ ملاحظة الوصف والتعليل: أن يعتمد المستقري مع الوصف على ملاحظة التعليل أيضاً. وجميع الاكتشافات العلمية من هذا النوع، وليست هذه الأحكام قابلة للنقض، فلذلك تكون قطعية.
3ـ البناء على بديهة العقل: أن يعتمد المستقري على بديهة من بديهيات العقل، وفي الحقيقة هذا ليس استقراء.
4ـ البناء على المماثلة الكاملة: أن يعتمد المستقري على المماثلة الكاملة بين الجزئيات.
وعليه فليس كلّ استقراء ناقص لا يفيد اليقين، وأنّ الاستقراء الذي يفيد الظنّ هو خصوص ما كان مبنياً على المشاهدة المجرّدة.
195
158
الدرس الثامن عشر: 2 الاستقراء
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- الاستقراء هو أن يدرس الذهن عدّة كلّيات فيستنبط منها حكماً عامّاً.
ب- الأساس لجميع أحكامنا الكلّية وقواعدنا العامّة، والأكثر استخداماً في العلوم، هو الاستقراء.
ت- تحصيل القاعدة العامّة والحكم الكلّي لا يكون إلّا بعد فحص الجزئيات وتتبعها واستقرائها، فإذا وجدناها غير متّحدة في الحكم لا نستنتج منها القاعدة العامّة أو الحكم الكلّي.
ث- حقيقة الاستقراء عكس القياس لأن القياس لابد أن يشتمل على مقدّمة كلّية، الغرض منها تطبيق حكمها العامّ على موضوع النتيجة.
ج- سُمّي الاستقراء الناقص بذلك لكونه قليلاً جدّاً فإنّ حصر الجزئيات كلّها وتتبعها بأسرها أمر نادر الحصول.
ح- الاستقراء التامّ هو الأكثر استعمالاً، مع أنّه لا يفيد إلّا الظنّ.
خ- ليس كلّ استقراء ناقص لا يفيد اليقين.
د- إن الاستقراء الذي يفيد الظنّ هو خصوص ما كان مبنياً على المشاهدة المجرّدة.
ذ- ويسمّى الاستقراء المبني على ملاحظة المماثلة الكاملة في المنطق الحديث بـ "طريق الاستنباط"، أو طريق "البحث العلمي".
196
159
الدرس الثامن عشر: 2 الاستقراء
2- صل بين النقطتين المناسبتين:
أنحاء الاستقراء الناقص
ملاحظة الوصف. • • يعتمد المستقري على بديهة من بديهيات العقل.
• • يعتمد المستقري على المشاهدة فقط.
ملاحظة الوصف والتعليل. • • يعتمد المستقري على المماثلة الكاملة بين الجزئيات.
• • هذا الاستنباط قابل للنقض ولا يكون الحكم فيه قطعياً.
البناء على البديهية العقلية. • • يعتمد المستقري مع الوصف على ملاحظة التعليل أيضاً.
البناء على المماثلة الكاملة. • • هذه الأحكام غير قابلة للنقض فلذلك تكون قطعية.
197
160
الدرس التاسع عشر: 3 التمثيل
الدرس التاسع عشر: 3 ـ التمثيل
أهداف الدرس:
1- يستذكر الطالب تعريف التمثيل.
2- يتعرّف إلى أركان التمثيل.
3- يبيّن قيمة التمثيل العلمية.
198
161
الدرس التاسع عشر: 3 التمثيل
تعريف التمثيل
هذا ثالث أنواع الحجّة. والتمثيل هو: "أن ينتقل الذهن من حكم أحد الشيئين إلى الحكم على الآخر لجهة مشتركة بينهما". وبعبارة أخرى هو: "إثبات الحكم في جزئيّ لثبوته في جزئيّ آخر مشابه له".
و"التمثيل" هو المسمّى في عرف الفقهاء بـ "القياس" الذي يجعله أهل السنّة من أدلّة الأحكام الشرعية. والإمامية ينفون حجّيته ويعتبرون العمل به محقاً للدين وتضييعاً للشريعة.
مثاله: إذا ثبت عندنا أن النبيذ يشابه الخمر في تأثير السكر على شاربه، وقد ثبت عندنا أن حكم الخمر هو الحرمة، فلنا أن نستنبط أنّ النبيذ أيضاً حرام، أو على الأقلّ محتمل الحرمة للاشتراك بينهما في جهة الإسكار.
أركان التمثيل
للتمثيل أربعة أركان:
1- الأصل: وهو الجزئي الأوّل المعلوم ثبوت الحكم له، كالخمر في المثال.
2- الفرع: وهو الجزئي الثاني المطلوب إثبات الحكم له، كالنبيذ في المثال.
201
162
الدرس التاسع عشر: 3 التمثيل
3- الجامع: وهو جهة الشبه بين الأصل والفرع، كالإسكار في المثال.
4- الحكم: المعلوم ثبوته في الأصل والمراد إثباته للفرع، كالحرمة في المثال.
فإذا توفّرت هذه الأركان انعقد التمثيل، فلو كان الأصل غير معلوم الحكم أو فاقداً للجامع المشترك لا يحصل التمثيل. وهذا واضح.
قيمة التمثيل العلمية
إنّ التمثيل، على بساطته، من الأدلّة التي لا تفيد إلّا الاحتمال. لأنّه لا يلزم من تشابه شيئين في أمر، بل في عدّة أمور، أن يتشابها من جميع الوجوه، فإذا رأينا شخصاً مشابهاً لشخص آخر في طوله أو في ملامحه أو في بعض عاداته، وكان أحدهما مجرماً قطعاً، فإنّه ليس لنا أن نحكم على الآخر بأنّه مجرم أيضاً لمجرّد المشابهة بينهما في بعض الصفات أو الأفعال.
نعم إذا قويت وجوه الشبه بين الأصل والفرع وكثرت، يقوى عندنا الاحتمال حتّى يقرب من اليقين ويكون ظنّاً.
والقيافة من هذا الباب، فإنّا قد نحكم على شخص أنّه صاحب أخلاق فاضلة، أو شرّير بمجرد أن نراه, لأنّا كنّا قد عرفنا شخصاً قبله يشبهه كثيراً في ملامحه أو عاداته، وكان ذا خلق فاضل، أو كان شريراً... ولكنّ كلّ ذلك ظنّ لا يغني عن الحقّ شيئاً.
غير أنّه لو علمنا أنّ الجامع (أي جهة المشابهة) علّة تامّة لثبوت الحكم في الأصل، حينئذ نستنبط على نحو اليقين أنّ الحكم ثابت في الفرع لوجود علّته التامّة فيه, لأنّه يستحيل تخلّف المعلول عن علّته التامّة. ولكنّ الشأن كلّه إنّما هو في إثبات أنّ الجامع علّة تامّة للحكم، لأنّه يحتاج إلى بحث وفحص ليس من السهل الحصول عليه حتى في الأمور الطبيعية. والتمثيل من هذه الجهة يلحق بقسم الاستقراء المبنيّ على التعليل الذي أشرنا إليه سابقاً، بل هو نفسه.
202
163
الدرس التاسع عشر: 3 التمثيل
أمّا إثبات أنّ الجامع هو العلّة التامّة لثبوت الحكم في المسائل الشرعية فليس لنا طريق إليه إلّا من ناحية الشارع نفسه، ولذا لو كانت العلّة منصوصاً عليها من الشارع فإنّه لا خلاف بين الفقهاء جميعاً في الاستدلال بذلك على ثبوت الحكم في الفرع.
كقوله عليه السلام: "ماء البئر واسع لا يفسده شيء... لأنّ له مادّة" فإنّه يستنبط منه أنّ كلّ ماء له مادّة، كماء الحمّام وماء حنفية الإسالة، فهو واسع لا يفسده شيء.
وفي الحقيقة: إنّ التمثيل المعلوم فيه أنّ الجامع علّة تامّة يكون من باب القياس البرهاني المفيد لليقين، إذ يكون فيه الجامع حداً أوسط والفرع حداً أصغر والحكم حداً أكبر، فنقول في مثال الماء:
1- ماء الحمّام له مادّة.
2- وكلّ ماء له مادّة واسع لا يفسده شيء (بمقتضى التعليل في الحديث).
ينتج: ماء الحمّام واسع لا يفسده شيء.
وبهذا يخرج عن اسم التمثيل واسم القياس باصطلاح الفقهاء الذي كان محلّ الخلاف عندهم.
203
164
الدرس التاسع عشر: 3 التمثيل
خلاصة
التمثيل هو: "انتقال الذهن من حكم أحد الشيئين إلى الحكم على الآخر لجهة مشتركة بينهما".
أو هو: "إثبات الحكم في جزئي لثبوته في جزئي آخر مشابه له".
و"التمثيل" هو المسمّى في عرف الفقهاء بـ "القياس".
أركان التمثيل:
1- الأصل: وهو الجزئيّ الأوّل المعلوم ثبوت الحكم له.
2- الفرع: وهو الجزئيّ الثاني المطلوب إثبات الحكم له.
3- الجامع: وهو جهة الشبه بين الأصل والفرع.
4- الحكم: المعلوم ثبوته في الأصل والمراد إثباته للفرع.
قيمة التمثيل العلمية:
إنّ التمثيل، على بساطته، من الأدلّة التي لا تفيد إلّا الاحتمال. نعم إذا قويت وجوه الشبه بين الأصل والفرع وكثرت، يقوى عندنا الاحتمال حتّى يقرب من اليقين ويكون ظنّاً.
ولو علمنا أنّ الجامع (أي جهة المشابهة) علّة تامّة لثبوت الحكم في الأصل، حينئذ نستنبط على نحو اليقين أنّ الحكم ثابت في الفرع لوجود علّته التامّة فيه، ولكنّ الشأن كلّه إنّما هو في إثبات أنّ الجامع علّة تامّة للحكم.
والتمثيل من هذه الجهة يلحق بقسم الاستقراء المبني على التعليل، بل هو نفسه.
204
165
الدرس التاسع عشر: 3 التمثيل
التمارين
1- أجب بصح ü أو خطأ û
أ- التمثيل هو: "انتقال الذهن من حكم أحد الشيئين إلى الحكم على الآخر لجهة مشتركة بينهما".
ب- يعرّف التمثيل أنّه: "إثبات الحكم في جزئيّ لثبوته في جزئيّ آخر مغاير له".
ت- الاستحسان عند الفقهاء هو التمثيل، والذي يجعله أهل السنّة من أدلّة الأحكام الشرعية.
ث- الإمامية لا ينفون حجّية التمثيل، ولكن يعتبرون العمل به محقاً للدين وتضييعاً للشريعة.
ج- لا يعتبر تحقّق كلّ أركان التمثيل لانعقاده، فلو كان الأصل غير معلوم الحكم أو فاقداً للجامع المشترك يحصل التمثيل.
ح- لا يلزم من تشابه شيئين في أمر بل في عدّة أمور أن يتشابها من جميع الوجوه، لذا فإنّ التمثيل كدليل لا يفيد إلّا الاحتمال.
خ- إذا قويت وجوه الشبه بين الأصل والفرع وكثرت، يقوى عندنا الاحتمال حتّى يقرب من اليقين ويكون ظنّاً.
د- إذا كان الجامع أو جهة المشابهة علّة تامّة لثبوت الحكم في الأصل، حينئذ نستنبط على نحو اليقين أنّ الحكم ثابت في الفرع لوجود علّته التامّة فيه، لأنّه يستحيل تخلّف المعلول عن علّته التامّة.
ذ- إنّ التمثيل المعلوم فيه أنّ الجامع علّة تامّة يكون من باب القياس البرهاني المفيد لليقين، إذ يكون فيه الجامع حداً أوسط والفرع حداً أصغر والحكم حداً أكبر.
205
166
الدرس التاسع عشر: 3 التمثيل
2- صل بين النقطتين المناسبتين:
أركان التمثيل، تعريف ومثال:
الأصل. • • المعلوم ثبوته في الأصل والمراد إثباته للفرع.
• جهة الشبه بين الأصل والفرع.
الفرع. • • الجزئي الأوّل المعلوم ثبوت الحكم له.
• الجزئي الثاني المطلوب إثبات الحكم له.
الجامع. • • مثال الخمر.
• مثال الحرمة.
الحكم. • • مثال النبيذ.
• مثال الإسكار.
206
167
الفهرس
الفهرس
المقدّمة |
9 |
الدرس الأوّل: القضايا وأقسامها |
11 |
تمهيد |
13 |
تعريف القضية |
13 |
التقسيم الأوّل للقضية |
15 |
التقسيم الثاني للقضية الشرطية |
16 |
تقسيم عامّ للقضايا إلى الموجبة والسالبة |
16 |
أجزاء القضية |
17 |
الدرس الثاني: أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع |
23 |
تمهيد |
25 |
أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع |
25 |
لا اعتبار إلّا بالمحصورات |
27 |
السور وألفاظه |
28 |
الدرس الثالث: أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان |
35 |
تمهيد |
37 |
أقسام القضية الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان |
37 |
السور في الشرطية |
40 |
5
168
الفهرس
الدرس الرابع: تقسيمات الحملية |
47 |
باعتبار: وجود موضوعها، تحصيل الموضوع والمحمول وعدولهما |
47 |
تمهيد |
49 |
الذهنية. الخارجية. الحقيقية |
49 |
المعدولة والمحصّلة |
51 |
النسبة بين الموضوع والمحمول |
52 |
الدرس الخامس: تقسيمات الشرطية الأخرى |
61 |
تمهيد |
63 |
أقسام الشرطية المتّصلة |
63 |
أقسام المنفصلة |
64 |
الدرس السادس: أحكام القضايا أو النسب بينها |
71 |
تمهيد |
73 |
التناقض بين القضايا |
74 |
تناقض القضايا |
75 |
الدرس السابع: شروط التناقض |
81 |
تمهيد |
83 |
الوحدات الثمان |
83 |
تنبيه |
84 |
الاختلاف بالكمّ والكيف |
85 |
الدرس الثامن: العكس المستوي |
89 |
تمهيد |
91 |
العكس المستوي |
91 |
تبعية العكس للأصل في الصدق |
92 |
تبعية الأصل للعكس في الكذب |
92 |
شروط العكس |
93 |
الدرس التاسع: الحجّة أو مباحث الاستدلال |
99 |
تمهيد |
101 |
تنبيه |
101 |
6
169
الفهرس
طرق الاستدلال، أو أقسام الحجّة |
102 |
الطرق العملية للاستدلال |
103 |
الدرس العاشر: 1 القياس |
107 |
تمهيد |
109 |
تعريف القياس |
109 |
الاصطلاحات العامّة في القياس |
110 |
الدّرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادّته وهيئته |
117 |
تمهيد |
119 |
الاستثنائيّ |
119 |
الاقتراني |
120 |
الدّرس الثاني عشر: الاقتراني الحملي حدود وقواعد |
125 |
مقدّمتان من ثلاثة حدود |
127 |
القواعد العامّة للاقتراني |
128 |
1 ـ تكرّر الحدّ الأوسط |
129 |
2 ـ إيجاب إحدى المقدّمتين |
130 |
الدّرس الثالث عشر: بقيّة قواعد الاقترانيّ الحمليّ |
135 |
تمهيد |
137 |
3. كلّية إحدى المقدّمتين |
137 |
4ـ النتيجة تتبع أخسّ المقدّمتين |
138 |
5ـ لا إنتاج من سالبة صغرى وجزئية كبرى |
138 |
الدّرس الرابع عشر: الشكل الأوّل |
145 |
تمهيد |
147 |
الشكل الأوّل |
149 |
شروطه |
149 |
الدّرس الخامس عشر: ضروب الشكل الأوّل |
155 |
تمهيد |
157 |
ضروب الشكل الأول |
157 |
170
الفهرس
الدرس السادس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ |
165 |
تعريف الاقتراني الشرطي وحدوده |
167 |
أقسام الاقتران الشرطي |
167 |
1. تقسيمه من جهة مقدّماته |
167 |
2. تقسيمه باعتبار الحدّ الأوسط جزءاً تامّاً أو غير تامّ |
168 |
تفصيل ما اشتركت فيه المقدّمتان بجزء تامّ |
169 |
الدرس السابع عشر: القياس الاستثنائيّ |
177 |
تعريف القياس الاستثنائيّ وتأليفه |
179 |
تقسيمه |
180 |
شروطه |
180 |
حكم الاستثنائي الاتّصالي |
181 |
حكم الاستثنائي الانفصالي |
182 |
الدرس الثامن عشر: 2 الاستقراء |
189 |
تعريف الاستقراء |
191 |
أقسام الاستقراء |
191 |
أنحاء الاستقراء الناقص |
192 |
الدرس التاسع عشر: 3 التمثيل |
199 |
تعريف التمثيل |
201 |
أركان التمثيل |
201 |
قيمة التمثيل العلمية |
202 |