قواعد التعبير العربي – قواعد الكتابة


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2016-05

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


المقدمة

 المقدمة

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين وبعد.
 
تُعَدُّ الكتابة من أعظم ما اخترع الإنسان، لأنّها تحفظ حضارة الأمم، وآثارها، وثقافتها، وتنقلها عبر التاريخ، لتستفيد منها الأمم الأخرى. قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾1.
 
ولذا سوف نحاول في هذا الكتاب أن نعالجَ مسألة الكتابة من خلال الإجابة على أسئلةٍ مركزيَّةٍ ثلاث، هي:
• لماذا نكتب؟
• كيف نكتب؟
• ماذا نكتب؟
 
علماً بأنّ هذا الكتاب (قواعد الكتابة) هو حزء من سلسلة قواعد التعبير العربي، التي تتضمّن قواعد الإملاء، وقواعد القراءة، على أن يليها كتاب في قواعد وأصول البحث العلمي وآخر في مناهج البحث.
 
والحمد لله رب العالمين
مركز نون للتأليف والترجمة



1 سورة العلق، الآيات 3 - 5.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
9

1

الدرس الأوّل : لماذا نكتب؟

 الدرس الأوّل : لماذا نكتب؟



أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف مفهوم الكتابة.
2- يدرك أهمّيّة الكتابة في حياة الإنسان.
3- يطّلع على أبرز الصعوبات التي تعترض الكاتب في الكتابة باللغة العربيّة، والتنبُّه لها في عمليّة الكتابة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
11

2

الدرس الأوّل : لماذا نكتب؟

 مفهوم الكتابة

إنّ تعريفَ الكتابة أمرٌ بالغ الأهمّيّة، فهي ليست مجرَّد تعبيرٍ كَتْبيِّ مَدْرسيّ، يُطلق عليه التعبير التحريريّ، بل مفهوم الكتابة أشمل من ذلك.
 
فالكتابة في اللغة لها معانٍ عدّة، هي: الجمع (ضم شيء إلى شيء)، والشدّ (إحكام الشيء)، والتنظيم (تأليف الشيء)، والحرّيّة في التعبير، والقضاء، والإلزام، والإيجاب. والكتابة صناعة الكاتب، قال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾1،2.
 
وفي الاصطلاح هي: "أداءٌ لغويٌّ رمزيٌّ يعطي دلالاتٍ متعدّدة، تُراعى فيه القواعدُ اللغويّة المكتوبة، ويُعبّر من خلاله عن فكر الإنسان ومشاعره، ويكون دليلاً على وجهة نظره، وسبباً في حكم الناس عليه"3.
 
أهمّيّة الكتابة في حياة الإنسان
ترجع أهمّيّة الكتابة في الحياة إلى الأمور الآتية:
أ- هي وسيلة تواصلٍ بين البشر، وأداة اتّصال الحاضر بالماضي، والقريب بالبعيد، ونقل المعرفة والثقافة عبر الزمان والمكان، فالكتابة طريق لِوَصْل خبرات الأجيال بعضُها ببعضِها الآخر، وأداة لحفظ التراث ونقله.



1 سورة المجادلة، الآية 221.
2 انظر: ابن فارس، أحمد: معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتب الإعلام الإسلامي، 1404هـ.ق، ج5، مادّة "كتب"، ص158-159، ابن منظور، سالم بن مكرم: لسان العرب، نشر ادب حوزه، 1405هـ.ق، مادّة "كتب"، ج1، ص698-702، الأصفهاني، الحسين (الراغب): مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، ط2، قم المقدّسة، سليمانزاده، طليعة النور، 1427هـ.ق، مادّة "كتب"، ص699.
3 انظر: عليّان، أحمد فؤاد: المهارات اللغويّة ماهيّتها وطرائق تدريسها، الرياض، دار المسلم للنشر والتوزيع، 1413هـ.ق، ص156.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
13

3

الدرس الأوّل : لماذا نكتب؟

 ب- هي أداة رئيسة للتعلُّم بجميع أنواعه ومراحله، والأخذ عن الآخرين، فكرهم وخواطرهم.

ج- هي شهادة وتسجيل للوقائع والأحداث والقضايا والمعاملات، تنطق بالحقّ وتقول الصدق.
د- هي وسيلة للتعبير عمّا يجول في خاطر الإنسان.
هـ- إنَّها تستلزم الرويّة والأناة والتمهّل، وتعطي صاحبَها فرصةً لتصحيح أخطائه وتعديلها.
و- إنَّها - غالباً - ما تستخدم الفصحى في أدائها، فتساعد على رقيّ اللغة، وجمال الصياغة1.
 
صعوبات الكتابة العربيّة
لا شكّ أنّ هناك صعوباتٍ في الكتابة باللغة العربيّة، منها ما يرجع إلى رسم الحروف العربية، أو إلى النقط، أو الحركات التي توضَع على الحروف. وسنعرض فيما يأتي لهذه الصعوبات بشيء من التفصيل:
أ- صعوبات ترتبط برسم الحروف العربيّة:
تتمثّل هذه الصعوبات في اختلاف صورة الحرف حسب موضعه من الكلمة، وفي وصله وفصله، وفي اختلاف الخطوط، وفي اختلاف النطق عن الكتابة، وفي قواعد الإملاء. وفيما يأتي توضيحٌ لذلك:
- اختلاف صورة الحرف باختلاف موضعه من الكلمة:
تتعدَّد صور بعض الحروف العربيّة في الكلمة باختلاف مواضعها منها، فهناك حروفٌ تبقى على صورة واحدة في أيّ موقع كانت، مثل: حروف: د، ذ، ر، ز، ط، ظ، و.
 
وهناك حروف لها صورتان حسب موقعها من الكلمة، وهي: ب بـ، ت تـ، ث ثـ، ج جـ، ح حـ، خ خـ، س سـ، ش شـ، ص صـ، ض ضـ، ف فـ، ق قـ، ل لـ، م مـ، ن نـ، ي يـ.



1 انظر: عطا، إبراهيم محمد: طرق تدريس اللغة العربية، ط2، مكتبة النهضة المصريّة، ص175-176، محمد صالح، الشنطي: فن التحرير العربيّ، ط5، السعوديّة، دار الأندلس، 1422هـ.ق/ 2001م، ص15.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
14

4

الدرس الأوّل : لماذا نكتب؟

 وهناك حروف لكلّ منها ثلاث صور حسب موقعها من الكلمة، وهي: ك ــكـ كـ،

وهناك حروف لها أربع صور، وهي: ع عـ ـعـ ـع، غ غـ ـغـ ـغ، هـ ـهـا ه ـه. وغنيّ عن البيان أنَّ تغيُّر أشكال الحروف بتغيير مواضعها في الكلمة، يستلزم إجهاد ذهن المتعلّم خلال تعلّم الكتابة1.
 
- وصل الحروف وفصلها:
تتكوّن الكلمات العربيّة من حروفٍ يمكن وصل بعضها بما قبله، أو بما بعده، أو بهما معاً، وحروفٍ تُوصَل بما قبلها ولا تُوصَل بما بعدها، وبذلك يمكن أن تَضيعَ معالم الحروف داخل الكلمات. فمثلاً حرف العين: يُكتب منفصلاً بصورة: ع، ويكتب متّصلاً بصور ثلاث: (عـ ع ـع)، وكذلك حروف: الغين، والجيم، والحاء، والخاء. فيُلاحظ أنّ نظام كتابة الحروف العربيّة معقَّد، وعلى الكاتب أن يعرف موضع كلّ حرف من الحرفين المجاورين له (ما قبله وما بعده)2.
 
- اختلاف الخطوط العربيّة:
لا شكّ أنّ اختلاف الخطوط العربيّة وتنوّعها، من نسخ (*)، ورقعة (*)، وثلث (*)، وكوفيّ (*)، وعرضيّ... تمثّل صعوبة في الكتابة، فمثلاً: حروف الحاء، والخاء، والجيم تُرسم بخطّ النسخ: (حـ ح ـحـ ـح)، وترسم بخطّ الرقعة: (حـ ح كـ ع). وحرفا السين والشين ترسمان بالنسخ: (سـ س ـسـ شـ ش ـشـ)، وترسمان بالرقعة: (سـ س).



1 انظر: الحصري، ساطع: حول اصطلاح رسم الكلمات العربيّة، مجلة التربية الحديثة، العدد الثالث، فبراير 1968م، ص13.
2 انظر: جمعة، أحمد: ضرورة التطوّر في سياسة التعليم الشعبي، شكلان جديدان للدراسة والنقد، مجلة التربية الحديثة، العدد الثالث، فبراير 1968م، ص229-230.
(*) خطّ النسخ: من الخطوط العربيّة، يجمع بين الرصانة والبساطة، وكان النسَّاخون يستخدمونه في نسخ الكتب، كما يدّل عليه اسمه.
(*) خطّ الرقعة: خطّ عربيّ، يتميّز بالسرعة في كتابته، يجمع في حروفه القوّة والجمال في آن، وقد نشأ هذا الخطّ من الخطّ الكوفيّ.
خطّ الثُلث: هو من أشهر أنواع الخطوط المتأصّلة من الخط النسخيّ، ظهر في القرن الرابع الهجري، وسمّي بهذا الاسم لأنه يُكتب بقلمٍ، يُقطُّ محرَّفاً بسمك ثُلث قطر القلم. من أصعب الخطوط العربيّة، ويمتاز بالمرونة وبراعة التأليف ومتانة التركيب.
(*) الخطّ الكوفي: هو خطّ عربيّ قديم، نشأ في بدايات ظهور الإسلام في مدينة الكوفة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
15

5

الدرس الأوّل : لماذا نكتب؟

 لذا، فإنّ اختلاف رسم الحروف، حسب نوعيّة الخطوط، يمثّل صعوبةً، ويقلّل من مهارة الكاتب في الكتابة.

 
- اختلاف النطق عن الكتابة:
يغلب في اللغة العربيّة اتّحاد الحروف المنطوقة فيها مع الحروف المكتوبة، لكنّ هناك بعض الكلمات التي توجد فيها حروف تنطق ولا تكتب، وبالعكس، فالأولى مثل: لكن، ذلك، طه، يس. والثانية مثل: أولئك، أولات، عمرو (فإنّ الواو لا تُلفظ في هذه الكلمات الثلاث). ومثل: اهتدوا، واللام الشمسية(لا تُلفظ الألف هنا، حيث توضع بعد الواو للتفريق بين واو الجماعة والواو الأصليّة في الكلمة، نحو: يسمو، يلهو) ...
 
- قواعد الإملاء:
كَثُرَت الدراسات التي تشير إلى وجود صعوبات في قواعد الإملاء، يمكن تلخيصها بالآتي:
• تعقّد قواعد الإملاء وكثرة الاستثناء فيها: فالهمزة المتوسّطة مثلاً: تكون متوسّطة بالأصالة (سأل، زأر)، أو متوسّطة بالعَرض (رأيت أبناءهم، مررت بأبنائهم، أعجبني أبناؤهم). والهمزة: إمّا ساكنة أو متحرّكة، والساكن إمّا صحيح، وإمّا معتلّ، والمتحرّك إمّا من الهمزة أو ممّا قبلها: مضموم، أو مفتوح، أو مكسور، ولكلّ حالة من هذه الحالات قاعدة، ولكلّ قاعدة شواذ.
 
• الاختلاف في قواعد الإملاء: اختلف العلماء في بعض قواعد الإملاء، ما أدّى إلى تعدّد القواعد وصعوبة رسمها، فالهمزة في كلمة: (يقرءون) -مثلاً- ترسم على ثلاثة أوجه: (يقرؤون، يقرأون)، وكلّها صحيحة. وكلمة: (رءوف) ترسم على وجهين: (رءوف، رؤوف)، وكلاهما صحيح1.
 
• ارتباط قواعد الإملاء بالضبط النحويّ والصرفيّ، فالذي يكتب عليه أن يعرف قبل أن يكتب، أصل الاشتقاق والموقع الإعرابي للكلمة، ونوع الحرف الذي يكتبه، وبالإضافة إلى ذلك هناك كثيرٌ من الناس لا يعرفون قواعد النحو والصرف. وتتّضح هذه الصعوبة مثلاً في رسم الألف الليّنة (*)، ورسم الهمزة المتطرّفة، فإنّ رسم هذه 



1  (*) سمّيت كذلك قياساً إلى الألف اليابسة (الهمزة)، والتي هي أوّل الحروف الهجائيّة، وهي ألف ساكنة مفتوح ما قبلها، فلا تقع في أوّل الكلمة، نحو: عصا ـ فتى ـ قائد ـ موسى ـ متى ـ هنا
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
16

6

الدرس الأوّل : لماذا نكتب؟

 الحالات مرتبط بإعرابها، ويختلف باختلاف موضعها في الكلمة، كذلك رسم (ما) إذا اتّصلت: بـ "كلّ"، أو "ربّ"، أو "إنّ"، أو "إذ"، فإنّها تُوصَل بهذه الأحرف إذا كانت لهذه الأحرف معانٍ خاصّة، وتُفصَل إذا دلّت على معانٍ أخرى، وتُحذَف ألف (ما) الاستفهاميّة إذا دخل عليها حرف جرّ.

 
ب. صعوبات ترتبط بالحركات:
- الضبط الصرفيّ: والمراد به "وضع الحركات القِصار (الفتحة والضمّة والكسرة) على الحروف"، وتتمثّل الصعوبة في أنّ معنى الكلمة يتغيّر بتغيّر ضبط حروفها، مثل:كلمة عرض (عَرْض/عِرْض/ عُرْض)، وكلمة عبرة (عِبْرَة/ عَبْرَة)، وكلمة علم (عِلْم/ عَلِم/ عَلَم/ عَلّم/ عُلّم)...1.
 
- الضبط النحويّ: والمقصود به: تغيير أواخر الكلمات بتغيّر موقعها في الجمل، وهو ما يسمّى بالإعراب، فالاسم المعرب يُرفَع ويُنصَب ويُجَرّ، والفعل المضارع: يُرفَع، ويُنصَب، ويُجزَم. والإعراب تارةً يكون بعلاماتٍ أصليّة، وتارةً يكون بعلاماتٍ فرعيّة، وتارةً يكون بالحركات، وتارةً يكون بالحذف أو بتغيير رسمها، وقد تكون العلامات علاماتِ إعراب، وقد تكون علاماتِ بناء، وتمثّل هذه العوامل كلّها صعوبةً في الكتابة، والكاتب الماهر هو مَنْ يراعيها في كتابته.
 
- استخدام الصوائتِ القِصار: والمراد بها: الحركات، وهي الضمّة، والفتحة، والكسرة، أمّا الصوائت الطِوال، فهي: إشباع هذه الحركات بالمدّة، لتأتَي الواو بعد الضمّ، والألف بعد الفتحة، والياء بعد الكسرة، وتُعَدُّ حروف العلّة التي تمثّل الصوائتِ الطِوال خطوةً متأخّرة في الكتابة، ونظراً لعدم استخدام هذه الحروف مع الصوائت القِصار، فقد أوقع ذلك بعض الكاتبين في لبس، فرسموا للصوائت القِصار حروفاً، فكتبوا (أنْتِ، أنتي)، و(لكِ، لكي) و(نحن، نحنو). وقد برّر علماء اللغة ذلك الوضع بعلّة التمييز بين الحروف والحركات، وسبّبوا بذلك تحجّر كتابة الحركات القِصار على الأشكال التي نستعملها حاليّاً2.



1  انظر: شحاته، حسن: أساسيّات في تعليم الإملاء، القاهرة، مؤسّسة الخليج العربي، 1984م، ص102.
2 انظر: الحصري، حول اصطلاح رسم الكلمات العربيّة، م.س، ص132.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
17

7

الدرس الأوّل : لماذا نكتب؟

 ج. صعوبات ترتبط بوضع النقط على الحروف:

يسمّى وضع النقط على الحروف للتمييز بينها بـ "الإعجام"، والملاحظ أنّ بعض حروف الهجاء معجم، وبعضها الآخر غير معجم. ويختلف عدد النقط في الحروف المعجمة باختلاف الحروف المنقوطة، كما يختلف وضع النقط فيها باختلاف هذه الحروف أيضاً، فالباء تُوضع نقطة تحتها، والتاء نقطتان فوقها، والثاء ثلاث نقاط فوقها، والجيم نقطة في وسطها...، ولو اختلّ وضع نقطة في غير مكانها، بالزيادة أو بالحذف، لتغيّر معنى الكلمة، فمثلاً: لو زيدت إلى كلمة (عَبْده) نقطة أخرى لصارت (عيدة)، ولو وضعت نقطة الخاء في كلمة (خرج) تحتها، وحُذِفت نقطة الجيم، لصارت (جرح)... فوضع النقاط على الحروف مهارة تحتاج إلى تدريب ودقّة، وتمثّل صعوبة من صعوبات الكتابة العربيّة1.
 
د. صعوبات أخرى:
- علامات الترقيم: لا شكّ أنّ علامات الترقيم مهمّة في الكتابة، وعدم معرفتها يمثِّل إحدى الصعوبات فيها، فهي تُستخدم عِوضاً عن التنغيم الصوتيّ في الكلام أو القراءة، فعلامات الاستفهام، والتعجّب، والفاصلة، وعلامات التنصيص، والنقطة، والفاصلة المنقوطة، ووضع الجمل الاعتراضيّة بين شرطتين أو قوسين... كلّ هذه العلامات وغيرها تمثّل صعوبة في الكتابة، وهي غير مرتبطة بالحروف ولا بالحركات.
 
- رسم المصحف الشريف: إنّ اختلاف هجاء المصحف الشريف عن الهجاء العاديّ في الكتاب يظهر كثيراً في بعض الكلمات، مثل: بداية كثير من السور القرآنية: (الم، المص، الر، المر، طه، كهيعص، حم، عسق...)، ومثل: بسم الله الرحمن الرحيم، بينت، الصلواة، السموات، امرأت... وغير ذلك من الكلمات الكثيرة الموجودة في المصحف العثمانيّ. وهذا الاختلاف بين نوعي الرسم الهجائيّ (الرسم العاديّ) ورسم المصحف يمثّل صعوبة لدى الكاتبين، عندما يستشهدون في كتاباتهم بآيات قرآنيّة في موضوع من الموضوعات.



1 انظر: جمعة، ضرورة التطوّر في سياسة التعليم الشعبي، م.س، ص229-230.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
18

8

الدرس الأوّل : لماذا نكتب؟

 الأفكار الرئيسة

1- الكتابة أداءٌ لغويٌّ رمزيٌّ يعطي دلالاتٍ متعدّدة، تُراعى فيه القواعد اللغويّة المكتوبة، ويُعبّر من خلاله عن فكر الإنسان ومشاعره، ويكون دليلاً على وجهة نظره، وسبباً في حكم الناس عليه.

2- تكمن أهمّيّة الكتابة في حياة الإنسان في أنّها: وسيلة تواصل بين البشر/ أداة رئيسة للتعلّم/ شهادة وتسجيل للوقائع والأحداث/ وسيلة للتعبير عمّا يجول في خاطر الإنسان/ فرصة لتصحيح الأخطاء وتعديلها/ تساعد على رقيّ اللغة، وجمال الصياغة...

3- صعوبات الكتابة العربيّة: صعوبات ترتبط برسم الحروف العربيّة (اختلاف صورة الحرف باختلاف موضعه من الكلمة/ وصل الحروف وفصلها/ اختلاف الخطوط العربيّة/ اختلاف النطق عن الكتابة/ قواعد الإملاء)، وصعوبات ترتبط بالحركات (الضبط الصرفيّ/ الضبط النحويّ/ استخدام الصوائت القصار)، وصعوبات ترتبط بوضع النقط على الحروف، وصعوبات أخرى (علامات الترقيم/ رسم المصحف الشريف).

فكّر وأجب
1- عرّف الكتابة، مبيّناً أهمّيّها في حياة الإنسان؟
2- ما هي أبرز الصعوبات في الكتابة العربية على مستوى مراعاة الحروف العربيّة؟
3- ما هي أبرز الصعوبات في الكتابة العربية على مستوى مراعاة الحركات والإعجام؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
19

9

الدرس الأوّل : لماذا نكتب؟

 مطالعة

 
من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (1)
الثورة قليلة العمل!
هذه الثورة بعظمتها وأبعادها وآثارها العلميّة هي من أضعف ثورات العالم، وأقلِّها عملاً، من حيث تبيانها لأسسها الفكريّة...
 
عندما قامت ثورة أكتوبر، كُتِبَ على امتداد السنوات الخمسة عشر الّتي تلت، كمٌّ كبيرٌ من الكتب والأفلام والقصص والكتيّبات - وبمستويات مختلفة - عن الأصول الفكريّة لهذه الثورة، بحيث لم يعدِ الناس في البلاد الّتي وصلت رياح الثورة إليها بحاجة إلى كتبهم! لقد شُحنت العقول إلى درجة جلس فيها مفكِّرو تلك البلاد أنفسهم، وألّفوا كتباً حول مباني تلك الثورة القيميّة والفكريّة.
 
في العقود الثلاثة والأربعة الماضية، كم كانت الكتب الّتي ألّفها الإيرانيّون باللغة الفارسيّة حول الأسس الفكريّة للثورة الشيوعيّة، ذلك أنّهم كانوا قد أُشبعوا، فالسوﭬـيات كتبوا كثيراً، بحيث إنّ كلّ المفكّرين الّذين كانوا بنحوٍ ما على ارتباطٍ بهم من الناحية الفكريّة أُشبعوا فكريّاً. ومن ثمّ يأتي شخص، كاتبٌ على سبيل المثال أو مفكِّرٌ أو متنوِّرٌ، يجد حماسةً في نفسه، ويكتب مواضيع في هذا المجال، هذا عدا عن الترجمات الكثيرة لآثارهم، الّتي قد تُرجمت.
 
ما العمل الّذي أنجزناه نحن؟ العمل الّذي أنجزناه في هذا المجال هو في الواقع قليلٌ جدّاً، أحياناً يخجل الإنسان من القول إنّه "في حدود الصفر"، لأنّه في الواقع، هناك أشخاصٌ قد أنجزوا أعمالاً بكلِّ إخلاص. أمّا إذا لم نشأ ملاحظة هذه النواحي العاطفيّة، فينبغي أن نقول: ذرّةٌ فوق الصفر! لقد مضى على الثورة إحدى عشرةَ سنة، كان من الجيّد أن يكون هناك مئات الكتّاب الإسلاميّين الّذين يكتبون أسسَ الثورة...كان علينا أن نعدّ مثلَ هؤلاء، ولم نفعل1.



1 من كلامٍ للإمام الخامنئي دام ظله في لقاءٍ له بمَجْمَع ممثّلي طلاّب الحوزة العلميّة وفضلائها في قمّ المقدّسة، بتاريخ: 28/11/1989م.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
20

10

الدرس الثاني: كيف نكتب؟ (1) عناصر الكتابة ومهاراتها

 الدرس الثاني: كيف نكتب؟ (1)  عناصر الكتابة ومهاراتها



أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرفة عناصر الكتابة والضوابط العامّة لها.
2- يشرح مقوّمات الكتابة والأوقات المناسبة لأدائها، ومصادر تحصيل الثقافة.
3- يتدرّب على مراعاة عناصر الكاتبة وضوابطها ومقوّماتها في عمليّة الكتابة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
21

11

الدرس الثاني: كيف نكتب؟ (1) عناصر الكتابة ومهاراتها

 عناصر الكتابة

تتكوّن الكتابة من عناصرَ أساسيّة، هي: الكلمة، والجملة، والفقرة.
وينبغي في كلّ عنصر من عناصر الكتابة مراعاة مجموعة من الأصول، نحاول - فيما يأتي – عرضها بنحوٍ موجز.

أ- الكلمة:
الكلمة هي الوحدة الصُغرى من وحدات الكلام، أو هي العنصر الأساس في تكوين النصّ المكتوب والمنطوق على حدٍّ سواء، وهناك أصول ينبغي أن يراعيها الكاتب عند اختياره للكلمات التي يصوغ منها جمله وفقراته، وهي:
- معرفة المترادف والمشترك والمتضادّ من الكلمات، والحرص على أن يكون اختيار الكلمة مناسباً للمعنى المقصود من دون لَبْس أو غموض. وتوضيح ذلك ببيان الآتي:
• الترادف: هو الدلالة على المعنى الواحد بألفاظ مختلفة قابلة للتبادل فيما بينها، مثل: السيف، والمهنّد، والصارم، والبتّار، والحسام، وكلّها أسماء للسيف.
• المشترك: هو أن يؤدّي اللفظُ الواحد معنيين أو معاني مختلفة، مثل: (العين) تُطلق على عين الماء النابعة، وحاسّة البصر، والجاسوس، والشيء نفسه.
• التضادّ: ويُراد به تسمية المتضادين باسم واحد، مثل: (الجون) للأبيض والأسود، و(الجَلَل) للعظيم والصغير، و(الصارخ) للمستغيث والمُسْتغاث به، و(المولى) للسيّد والعبد. وألفاظ التضادّ قليلة، وغير شائعة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
23

12

الدرس الثاني: كيف نكتب؟ (1) عناصر الكتابة ومهاراتها

 - إدراك الدلالات المختلفة للكلمات، واختلاف مرادها من عصر إلى عصر آخر، ومن بيئة إلى بيئة أخرى، مثل: كلمة (الحاجب)، فقد كانت تُطلَق قديماً على حاجب الخليفة وهو ما يساوي الآن رئيس الوزراء أو رئيس الديوان الملكيّ، وأصبح في عصرنا يطلق على حاجب المحكمة... ولذا، كان لا بدّ للكاتب من معرفة معنى الكلمة والعبارة، قديماً وحديثاً، واختلاف مدلولها من بيئة إلى أخرى.


- التمييز بين الكلمات الجيّدة والرديئة عند اختيار الكلمات، فعلى الكاتب أن يُحْسِن اختيار اللفظ المناسب للمعنى والمقام، فلكلّ مقامٍ مقال.

- إدراك الفرق بين المعرفة والنكرة، والاسم والصفة، في أداء المعاني المرادة.

- معرفة شروط الفصاحة المتمثّلة في الكلمة، من بُعْدٍ عن الغرابة والتعقيد، وتنافر الحروف، ومناسبة الألفاظ للمعاني، وتصنّع المحسّنات البديعيّة، اللفظيّة والمعنويّة.

وتتمّ معرفة كلّ هذه الأصول الخاصّة بالكلمة من خلال دراسة علم البلاغة والنقد.

ب- الجملة:
وهي ما تكوّنت من مُسند ومُسند إليه، وقدّمت معنى كاملاً مفيداً، وبعبارة موجزة: هي "مركّب إسناديٌّ أفاد فائدة تامّة"، وهناك أصول ينبغي مراعاتها من الكاتب عند اختياره للجملة في الكتابة، أبرزها:
- مراعاة الالتزام بقواعد اللغة، والتقيّد بها، وعدم الخروج عنها، إلا وفق رؤية محدّدة، لها ما يبرّرها من أغراض بلاغيّة، مع الالتزام بقواعد الإعراب للكلمة داخل الجملة.

- موافقة الجملة للسياق، طولاً وقصراً، وتشكيلاً، أو تنظيماً، وارتباطها بما قبلها وما بعدها، من حيث كونها سبباً أو تعليلاً أو نتيجة. ويُفضّل استخدام الجمل القصيرة في البناء، ما لم تدعُ الضرورة إلى استخدام الجمل الطويلة، وبخاصّة في الموضوعات العلميّة التي تحتاج إلى إطالة في التوضيح والتعليل.

- التقليل من استخدام أدوات الربط، إلا للضرورة، واستخدامها في مكانها الصحيح، مع مراعاة دقّة المعنى.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
24

13

الدرس الثاني: كيف نكتب؟ (1) عناصر الكتابة ومهاراتها

 - الابتعاد عن العامّيّة في استخدام الجمل، لأنّ التدنّي في استخدام الجمل يضعِّف اللغة. وكذلك ينبغي الابتعاد عن الجمل التي تحتاج إلى توضيح بالإشارات الحسّيّة، فهذه تناسب الحديث الشفويّ، ولا تناسب الكتابة.


- معرفة شروط الفصاحة والبلاغة التي ذكرها البلاغيّون للجملة، من بُعْدٍ عن الغرابة، والتعقيد، وتنافر الكلمات، وغيرها، ممّا يمكن الرجوع إليه في كتب البلاغة والنقد.

ج- الفِقْرة:
هي جمل مترابطة تدور حول فكرة واحدة، وتعالجها، تفصيلاً وتطويراً. ويُراعى في اختيار الفقرة عند الكتابة الآتي:
- تناسق الفقرة وانسجامها مع الفكرة التي تعالجها، والانضباط داخل سياق محدّد، بعيداً عن التشعّب والاستطراد الذي يبعد الإنسان عن المعنى الأصليّ، فيؤدّي إلى ضياع الفكرة وغموضها، فالجمل التي لا تتّفق مع السياق يجب إبعادها، لأنّها تهدّد وحدة الفقرة، وتُعدها عن هدفها الأصليّ.

- أن يكون الهدف من توالي الجمل في الفِقَر، هو تطوير الفكرة وتنميتها أو التأكيد عليها، وليست مجرّد تراكم إنشائيّ.

- أن تكون الفقرة مترابطة، وغير مفكّكة، لفظاً ومعنىً.

- التناسق الزمانيّ، والمكانيّ، والسببيّ، والتعليليّ، والمعنويّ، داخل الفقرة، وهذا يتّضح في الانتقال من القديم إلى الجديد، ومن السؤال إلى الجواب، ومن المقدّمة إلى النتيجة...، ويظهر ذلك بوضوح في كتابة القصص والروايات والأحداث.

- تنظيم حركة الضمائر، وفقاً للسياق النحويّ والمعنويّ.

الضوابط العامّة للكتابة
ينبغي على الكاتب مراعاة مجموعة من الضوابط العامّة في عمليّة الكتابة، أبرزها الآتية:
أ- الوضوح والتجديد والسلاسة في الأفكار التي يريد الكاتب إيصالها إلى القارئ، بالإضافة إلى ترابط الأفكار، وتسلسلها، وتماسك العبارة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
25

14

الدرس الثاني: كيف نكتب؟ (1) عناصر الكتابة ومهاراتها

 ب- عدم تكرار الكلمات أو الجمل بصورة متقاربة، والبعد عن اللغة العامّيّة.

ج- خلوّ الكتابة من الأخطاء النحويّة، والصرفيّة، والإملائيّة. بالإضافة إلى وضوح الخطّ، واستخدام علامات الترقيم التي تخدم المعنى، مثل: علامات الاستفهام، والتعجّب، والتنصيص، والأقواس.

د- التناسق في الكلمات، فلا تميل الخطوط إلى أعلى أو إلى أسفل، ولا تختلف الحروف أو الكلمات من ناحية الحجم.

هـ- الجلسة الصحيحة أثناء الكتابة، وإمساك القلم بطريقة سليمة، فالجلسة غير المريحة تُضعِف تركيز الكاتب في الفكرة، وكذلك الإمساك بالقلم، فقد يجعل الخطّ مشوّهاً.

تبصرة: تجدر الإشارة إلى أنّ الكتابة ينبغي أن تصدر عن دوافع شخصيّة صادقة، فما خرج من القلب يصل إلى القلب.

المقوّمات العامّة للكتابة
أ- التمكّن من أدوات الكتابة الأساسيّة، وهي: اللغة بعلومها المختلفة، من نحوٍ، وصرفٍ، وبلاغةٍ، وفقهٍ لغةٍ، وكتبِ الأدب، من الشعر والنثر، فهي ضروريّة في صياغة المعاني، والأفكار، والألفاظ، وبدونها لا تستقيم الكتابة ولا تتحسّن.

ب- ولا شكّ أنّ أهمّ قاعدة يمكن أن تُبنى عليها القراءة الواعية، هي: قراءة كتاب الله المجيد، وقراءة التفاسير المعتلّقة به، وقراءة الحديث النبويّ، فهما يمدّان الكاتب بثروة لغويّة وفكريّة وبلاغيّة لا ينقطع مددها، ولا يَنْضب معينها.

ج- الإلمام بالثقافة العصريّة الجيّدة: والمراد منها هو هضم ما فيها من معلومات وفهمها، والتأثّر بها، والإفادة منها. ومصادر الثقافة متعدّدة ومختلفة، منها: ما يَرِد في الكتب، والموسوعات، والصحف، والمجّلات، والدوريّات... والأشرطة المسجّلة للمواد المختلفة. وهذه المصادر تحتاج إلى بصيرة واعية، لاختيار المعلومات النافعة، والابتعاد عن الأفكار الهدّامة.

د- فهم الموضوع الذي يُراد الكتابة فيه: إنّ الكتابة ليست صياغةً إنشائيّة فقط، بل 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
26

15

الدرس الثاني: كيف نكتب؟ (1) عناصر الكتابة ومهاراتها

 هي معانٍ واضحة ومرتّبة، ومعلومات محقّقة يستمدّ منها الكاتب عناصره الأساسيّة في الكتابة، من أجل ذلك لا بدّ للكاتب من الاطّلاع على كافّة جوانب الموضوع، من المصادر الأساسية والمراجع، والتزام الأمانة في النقل، وذِكْر المصادر والمراجع التي يستقي منها معلوماته، وصياغة الأفكار المنقولة بأسلوبه، كي تبرز شخصيّته الذاتيّة، لأنّ إعادة الصياغة تضفي على الفكر رونقاً خاصّاً، وتضيف إليه ظلالاً جديدة.


تبصرة: تجدر الإشارة إلى أنّه ينبغي على الكاتب التدرّب على استخدام الأساليب الأدبيّة الرفيعة، فعلى الكاتب الإكثار من القراءة الواعية للكتب الأدبيّة المشهورة، ومطالعة النصوص النثريّة والشعريّة الراقية، لكي يتمكّن من استخدام الأساليب الأدبيّة ذات المستوى الجيّد.

مصادر الثقافة
أ- القرآن الكريم وتفاسيره.
ب- كتب الحديث الشريف الصحيحة وشروحه.
ج- كتب الثقافة الإسلاميّة المختلفة، القديمة والحديثة، مع مراعاة الجيّد منها من الرديء.
د- الشعر العربيّ، قديمه وحديثه، والرجوع إلى أمّهات الكتب والدواوين.
هـ- بعض المؤلّفات القديمة التي تناولت مجالات مختلفة، مثل: البيان والتبيين، والبخلاء، والكامل.
و- بعض المؤلّفات الحديثة، مثل: العبرات والنظرات، والقصص ذات المستوى الرفيع، والحذر من الرديء منها.
ز- الصحف والمجلّات، والدوريات العلميّة، فكلّها تحوي ثقافة ومعلومات متجدّدة.

أوقات الكتابة
إنّ اختيارَ الوقت المناسب للكتابة أمرٌ بالغ الأهمّيّة، فليس هناك وقتٌ محدّد للكتابة يلتزم به كلّ كاتب، ولكنّ اختيارَ الوقت يخضع لإحساس الكاتب، حسب شعوره بالراحة الجسديّة والنفسيّة والفكريّة، ورغبته في الكتابة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
27

16

الدرس الثاني: كيف نكتب؟ (1) عناصر الكتابة ومهاراتها

 وإنْ كان هناك شُبْه اتّفاق على أنّ أنسب الأوقات، هو بعد صلاة الفجر، لمن اعتاد النوم مبكِّراً. وهناك بعض الكتّاب يختارون مواعيد أخرى، فمنهم من يكتب في جوف الليل، ومنهم من يكتب قبل النوم.


وبعضهم يرى أنّه لا بدّ من مرور اثنتي عشرة ساعة بعد الفراغ من كتابة المسوّدة الأولى، ومحاولة الكتابة مرّة ثانية.

وفي ذِكْر أنسب الأوقات للكتابة، أقوال عديدة، لكنّ هذا يصدق على الكتابة الإبداعيّة، وأمّا الكتابة الوظيفيّة، فلا يمكن التحكّم في وقتها، لأنّها عملٌ وظيفيّ تمليه الظروف في أيّ وقت من الأوقات، فهي لا تحتاج إلى استثارة للقرائح، ولا تحريض لملكة الكتابة، لأنّها تسير وفق قواعد محدّدة، وأصول معروفة.

وهناك توجيهات بخصوص وقت الكتابة وغيره من ضوابط الكتابة، تتمثّل في:
أ- ضرورة اختيار وقت الكتابة في ساعة النشاط، وهدوء البال، باختيار الأوقات الهادئة والبعد عن الضوضاء.
ب- البعد عن التكلّف في استخدام الألفاظ والأفكار، وكذلك عن التعقيد في أداء المعاني، لأنّ ذلك يؤدّي إلى صعوبة الفهم.
ج- اختيار العبارة الجيّدة، واللفظ الجميل البسيط، والمناسب للمقام.
د- التوسّط والاعتدال في استخدام الأسلوب السهل الممتع.
هـ- الحذر من الكتابة أثناء حالة الإرهاق، أو في الضوء الخافت، أو في جلسة غير مريحة، فهي تؤثّر سلبيّاً على الكتابة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
28

17

الدرس الثاني: كيف نكتب؟ (1) عناصر الكتابة ومهاراتها

 الأفكار الرئيسة

1- تتكوّن الكتابة من عناصر أساسيّة، هي: الكلمة، والجملة، والفِقْرة. وتشكّل هذه العناصر أسلوب الكاتب.

2- ينبغي على الكاتب مراعاة مجموعة من الضوابط العامّة في عمليّة الكتابة، أبرزها الآتي:

3- الوضوح والتجديد والسلاسة في الأفكار/ عدم التكرار/ خلوّ الكتابة من الأخطاء/ التناسق في الكلمات/ الجلسة الصحيحة أثناء الكتابة/ صدور الكتابة عن دوافع شخصيّة صادقة...

4- من مقوّمات العامّة للكتابة: التمكّن من أدوات الكتابة الأساسيّة/ التدرّب على استخدام الأساليب الأدبيّة الرفيعة/ الإلمام بالثقافة العصريّة الجيّدة/ فهم الموضوع الذي يُراد الكتابة فيه...

5- من مصادر الثقافة: القرآن الكريم، وتفسيره/ كتب السنّة النبويّة الصحيحة، وشروحها/ كتب الثقافة الإسلاميّة المختلفة/ قراءة الشعر العربيّ/ قراءة بعض المؤلّفات القديمة والحديثة/ قراءة الصحف والمجلّات، والدوريات العلميّة...

6- يخضع اختيار وقت الكتابة لإحساس الكاتب، حسب شعوره بالراحة الجسديّة والنفسيّة والفكريّة، ورغبته في الكتابة، وإنْ كان هناك شِبْه اتّفاق على أنّ أنسب الأوقات، هو بعد صلاة الفجر...


فكّر وأجب
1- عدّد عناصر أسلوب الكاتب، وتحّدث عنها باختصار؟
2- اذكر أبرز الضوابط العامّة المرعيّة في عمليّة الكتابة؟
3- تكلّم على أبرز المقوّمات العامّة للكتابة؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
29

18

الدرس الثاني: كيف نكتب؟ (1) عناصر الكتابة ومهاراتها

 مطالعة

 
من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (2)
 
اجعلوا من النقاط المتألّقة مواضيع للأعمال الفنّيّة
ينبغي أن تُجعل قضايا الثورة المختلفة والحائزة على أهمّيّة كبيرة موضوعات لأعمالنا الفنّيّة. أحياناً يرى الإنسان أنّ كاتب القصّة، أو كاتب المسرحيّة، أو صانع الفيلم اليوم، عوض أن يلتفت إلى مسائل الثورة الأساسيّة ويخرجها بقالب فنّي، تراه يقتفي المسائل الثانويّة أو المضرّة أحياناً، الّتي لا ينبغي أن تُطرَح من الأساس. فملاحظة عيوب الثورة وأوجاعها، وتكبيرها وتظهيرها، وصبغها بالطابع القصصيّ وعرضها، لا يقدّم أيّ خدمة للثورة.
 
إنّ نقاط قوّة الثورة وتألّقها أكثر من نقاط الضعف والنقص والحرمان. لا يمكنكم أن تجدوا أيّ ثورة خالية من المتاعب والآلام والمشقّات، فحالات التحوّل لا تخلو من هذه الأمور.
 
ينبغي للروح الفنّيّة الموجودة اليوم، سواء أكانت شعراً، أم فيلماً، أم مسرحيّةً، أن تعثر على أدقّ المسائل الممكنة في هذه الثورة، وأكثرها إنسانيّة، وسموّاً ورقيّاً، وتخرجها إلى حيّز عملٍ منظّم، وهذا ممكن تماماً1.



1 من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في الذكرى السابعة لتأسيس منظّمة الإعلام الإسلاميّ، بتاريخ: 22/6/1988م.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
30

19

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2)  تدوين رؤوس الأقلام


أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف كيفيّة تدوين رؤوس الأقلام وأهدافها.
2- يتمرُّس على تطبيق طرق تدوين رؤوس الأقلام.
3- ايستفيد من هذه الطرق في مجال المطالعة والبحث العلميّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
31

20

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 تعريف تدوين رؤوس الأقلام

هو عمليّة انتقاء أبرز الأفكار في النصّ المسموع والمكتوب، والاحتفاظ بها بوساطة التدوين، رغبةً في استذكارها ثانية، وإعادة صياغتها إنْ لزم الأمر1.
 
أهداف تدوين رؤوس الأقلام
ترمي عمليّة تدوين رؤوس الأقلام، على اختلاف طرقها، إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أبرزها:
أ- الإفادة من النصوص المسموعة والمكتوبة، والاحتفاظ بأبرز ما جاء فيها، وذلك بتدوينها على الدفتر أو الورقة.
 
ب- إتاحة فرص العودة إلى النصّ المسموع، في أيّ وقت، للاستفادة منها.
 
ج- المساعدة في تنمية تركيز حاسّتي السمع والبصر، وهو أمر إيجابيّ في التعوّد على الانتباه والإصغاء.
 
د- تنمية القدرة بنحو تلقائيّ على التفريق بين الأمر الرئيس والثانويّ من الأفكار المتدفّقة التي تُسمع، والفصل بين المهمّ والأهمّ من الأفكار.
 
هـ تعويد الذاكرة على إعادة الجمع والربط بين الأفكار المدوّنة، واسترجاع الهيكليّة المتماسكة للنصّ المسموع.
 
و- التدرُّب المنظَّم على تدوين المادّة المسموعة، من خلال استخلاص الأساس والمهمّ منها، وإهمال مواضع الحشو والتكرار.



1 انظر: كفوري خوري، ندى: تدوين رؤوس الأفلام، إشراف: هنري عويس، ط2، مركز الأبحاث والدراسات العربيّة، دار المشرق، بيروت، 1995م، ص7-12.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
33

21

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 ز- تقوية القدرة الذاتيّة على الإحاطة بالكلّ، والانتقال إلى إدراك العناصر المكوّنة عبر تفكيكها بانتظام، وهو أمر يعين على وضع التصميم، ويتداخل معه تقنيّاً.

 
كيف ندوّن
ذكر بعض المتخصّصين ضوابط عدّة لعمليّة التدوين، منها:
1- ألا نكتب إلا على جهة واحدة من الورقة.
2- أن نكتب بأسلوبنا الخاص.
3- استعمال حروف ورموز وكلمات مختصرة، لربح الوقت.
4- تنظيم رؤوس يسهل تمثيلها ويوضح التنظيم العام للمحتويات، وأخيراً توسيع رؤوس الأقلام عقب كل درس.
5- إعادة قراءتها وإتمامها وتوضيح الغامض منها لتحسينه.
6- إبراز واستخلاص الأفكار العامة والمضامين والنقاط الأساسية.
7- تسجيل الآراء الشخصية والتعليق (*).1
 
طرق تدوين رؤوس الأقلام:
تنطلق أُولى الطرق في هذه التقنيّة من قاعدة ذهبيّة، مفادها: اسمعْ جيّداً، واختَرْ بعناية، واكتشفْ الفارق بين الرئيس والثانويّ من الأفكار، وتمرّنْ باستمرارٍ على الربط بين النقاط المدوّنة.
 
وتتعدّد طرائق تدوين رؤوس الأقلام، في الشكل والوسيلة، ولكنّها تتّفق في وحدة الأهداف والأغراض. وأبرز هذه الطرق، الآتي:
أ- طريقة التسلسل العاموديّ:
ويُعتَمد فيها تدوين الفكرة الرئيسة الواحدة، بلون أحمر، على يمين الصفحة، ويُسجَّل في السطر أو السطرين الآتيين - بإيجازٍ شديد - مضمون الفكرة وما يتولّد منها من أفكار فرعيّة، باللون الأزرق أو الأسود، ثمّ يُنتَقل مع المحاضر إلى الفكرة الثانية، فالثالثة، حتى



1 (*) تمبال دوكلو: أستاذ في مركز "تكوين الأساتذة".

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
34

22

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 يَفْرَغ المحاضِر من محاضرته، أو ينتهي النصّ المسموع إذاعيّاً.


ومن حسنات هذه الطريقة أنّها تواكب ما يُسمَع، مرحلة مرحلة، بما يحقّق تسلسل عرض الموضوع بيسرٍ وبساطة. ويُعتمد في هذه الطريقة على:
- الأرقام: 1 – 2 – 3... في ترقيم الأفكار الرئيسة.
- الحروف: أ – ب – ج... في ترقيم الأفكار الثانويّة.
- الرموز: الشَرْطَة (-) أو غيرها من الرموز... في ترقيم ما يتولّد من الفكرة الثانويّة.
وقبل البدء بالتدوين، يتمّ توثيق العمل، وجعل المعلومات في رأس الصفحة: عنوان المحاضرة، تاريخها، مدّتها، مكان إلقائها، اسم الأستاذ المحاضر، الجهة المنظّمة، المشاركون.

ب. طريقة الدوائر:
ويُعتمد فيها تدوين الفكرة الرئيسة المحوريّة في دائرة تحتلّ وسط الصفحة، ثمّ يُدوّن ما يتفرّع عنها في دوائر، دائرة واحدة لكلّ فكرة فرعيّة، بحيث ترتبط كلّها بالدائرة المحوريّة.

ويُكتفى في هذه الطريقة بتسجيل الجملة الموجزة التي تختزل الفكرة الواحدة، ويتمّ الابتعاد عن الجُمُل الطويلة. ويُستعمَل في تدوين الأفكار المتولّدة من الفروع أشكالاً هندسيّة، ولاسيّما الأسهم.

ج- طريقة الخانات الأفقيّة:
ويُعتمد فيها تقسيم الصفحة إلى عدد من الخانات (ثلاث أو أربع)، وتُخصّص لكلّ خانة وظيفة محدّدة، وذلك وفق الآتي:
- الخانة الأولى (يمين الصفحة): لتدوين الأفكار الرئيسة.
- الخانة الثانية (أفقيّاً): لتدوين فروع الفكرة الرئيسة الواحدة.
- الخانة الثالثة (أفقيّاً): لتدوين المعلومات الإضافيّة.
ثمّ يُجعل في أسفل الصفحة خانة أفقيّة، لتلخيص ما تمّ تدوينه من أفكار أساسيّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
35

23

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 أنموذج تطبيقيّ للطُرُق المتقدِّمة


توثيق المحاضرة
- عنوان المحاضرة: سُبُل تطوير الجامعة.
- تاريخ المحاضرة: 6/8/2013م.
- مدّة المحاضرة: 42 دقيقة و26 ثانية.
- اسم المحاضر: الإمام السيد علي الخامنئي دام ظله.
- مكان إلقاء المحاضرة: إيران - مدينة طهران.
- الجهة المنظِّمة: الجامعات في إيران.
- المشاركون: أساتذة الجامعات.

نصّ المحاضرة

بسم الله الرحمن الرحيم
نشكر الله تعالى أن وُفّقنا لنشهدَ مرّة أخرى هذا اللقاء المحبوب والجميل لكلّ سنة، ولو في آخر أيّام شهر رمضان. الاجتماع اجتماع العلم، اجتماع الجامعة. وأهمّيّة العلم والجامعة لنظام الجمهوريّة الإسلاميّ والشّعب الإيرانيّ وبالخصوص في هذا المقطع الزمنيّ الحالي من تاريخنا، واضحةٌ بالنسبة للجميع.

بالطّبع، إنّ هذا الاجتماعَ ليس مخصّصاً لكي أعرض ما عندي من مطالب ونقاط فيما يتعلّق بالجامعة أو بالعلم والمجتمع العلميّ - لا شكّ أنّني سأتعرَّض لبعض المطالب، لكنّ الاجتماع ليس لأجل ذلك - بل إنّ عمدة رأي هذا العبد فيما يتعلّق بإقامة هذا الاجتماع ترتبط بأمرين:
الأوّل، احترام مقام أساتذة الجامعات. فهذا الاجتماع في الواقع هو اجتماعٌ رمزيّ ونموذجيّ، وذلك من أجل أن يُعرف اهتمام نظام الجمهوريّة الإسلاميّ بمقام العلم والعالم والأستاذ والجامعة، ويبيَّن هذه الصّورة الرمزيّة، وهو بحمد الله متحقّق.

الثاني، الاستماع إلى بعض المطالب الموجودة في أذهان أعزّائنا وأساتذتنا المحترمين، سواء في مجال قضايا البلد أو في مجال قضايا المجتمع والعلم، وهو بحمد الله 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
36

24

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 متحقّق أيضاً. بالطّبع، يَرِدُنا الكثير من التقارير، وأنا أُطَالع الكثير منها، وليست لقاءاتي بأشخاص لهم ارتباط بالجامعة بالقليلة، لكن لا شكّ بأنّ ما نعلمه حول قضايا الجامعة في البلد لا يشمل كلّ قضاياها، وما أجمل أن يُعرض ما لا نعلمه في مثل هذا الاجتماع، ومن قِبَل هذه الشّريحة، وعلى لسان النّخبة الجامعيّة، وهو بحمد الله محقّقٌ لهذا الهدف، وقد تحقّق، وفي كلّ عامٍ الأمر كذلك. بالطّبع، إنّ الوقت المتاح لا يسمح أن نستفيد من (الاستماع إلى) عددٍ أكبر من الأساتذة الأعزّاء، لكنّ هذا المقدار الذي استفدناه هو فرصةٌ أيضاً.


ما بيّنه السّادة والسيّدات من مطالب اليوم كان جيّداً، وقد أضاف إلى معلوماتنا، سواءٌ فيما يتعلّق بقضايا الجامعة أو ما يتعلّق بمزيد من الاطّلاع على الآراء المتنوّعة الموجودة في الجامعة بالنّسبة للقضايا المختلفة.

حسنٌ، لقد لاحظتم أنّه في هذا الاجتماع كان هناك أحد الأعزّاء الذي يعتقد بضرورة رصد تيّار التّرجمة داخل البلد - وهو في الواقع يعني نوعاً من الإشراف على تيّار التّرجمة في البلد - وآخرٌ محترم أظهر ضرورة ترك أيادي المترجم وجهاز التّرجمة ونشر التّرجمة، حرّة، وهو في الواقع رأيٌ مخالفٌ تماماً للرأي الأوّل. وكِلا الكلامين صحيحٌ مع توجيه وتبرير (إنْ تمّ تبريره وتحليله بشكل ما)، أي إنّه يمكن اختيار نهجٍ وسلوكٍ يُحقّق ما يريده الرأي الأوّل وكذلك ما يريده الرأي الثاني. لكنّني لست واثقاً من أنّ الأخوين المحترمين صاحبي الآراء كانا يشيران إلى الطّريق الوسط. فكلٌّ منهما له رأيه المستقلّ ويظهره، وهو بالنّسبة لنا مفيدٌ، أي إنّ وجود الآراء المختلفة هو بالنّسبة لي شخصيّاً (متضمّن) يحمل موضوعاً جديراً بالتأمّل. وقد كان هذا مثالاً ذكرته، ويوجد أمثلة كثيرة أخرى.

لقد دوّنت عدّة نقاط أريد أن أعرضها، وسوف أعرض ما يمكن إلى حين موعد الأذان. النقطة الأولى هي أنّه منذ 12 عاماً تقريباً بدأت حركةٌ علميّة جديدة، ومتّجهة إلى التوسّع في البلد، وقد استمرّت هذه الحركة وتصاعدت إنّني هكذا أرى وأفهم إنّ حركة إنتاج العلم والنّظرة - الممتزجة بالجهاد - إلى العمل العلميّ والسعي العلميّ في البلد، والتي بدأت قبل 11 سنة وإلى اليوم، ليس أنّها لم تتوقّف فحسب، بل اتّجهت نحو العمق والاتّساع. وتقريباً يمكن القول إنّ هذه الحركة موجودة في جميع المجالات العلميّة - مع تفاوت، ففي ناحية
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
37

25

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 معي أقلّ وناحية أخرى أكثر - وهو الشيء الذي نحن بصدده، إنّه الجهاد العلميّ الضروريّ لنظام الجمهوريّة الإسلاميّ ولبلدنا.


في هذه السّنوات الاثنتي عشرة، كان معدّل النموّ العلميّ في البلد يصل إلى 16 ضعفاً مقارنةً مع الفترة السابقة، وهذه إحصاءاتٌ تقريبيّة، وقد وصلتنا من مراكز موثوقة، الأمر الذي يعدّ مهمّاً جدّاً. وهذه الحركة العلميّة المتسارعة النموّ والانتشار أدّت إلى أن تقوم مراكز المعلومات العلميّة المعتبرة في العالم وتبدي رأيها، وتقول إنّ معدّل تطوّر العلم في إيران يفوق المعدّل العالميّ العام بـ 13 مرّة، فلنجعل هذه الوقائع أمام أعيننا وهي نقاطٌ مهمّة جدّاً، ولأنّنا نسمعها كثيراً فإنّنا نكرّرها كثيراً، فتصبح بالنسبة لنا أمراً عاديّاً. وهذه الإحصاءات ليست محلّيّة ليقوم بعضهم بعرضها فيقابله آخر بالرّفض والتشكيك، كلّا، إنّ الذي يُصْدر مثل هذه الأحكام هي مراكز إخباريّة عالميّة رسميّة، وهم ليسوا على وفاق معنا، أي إنّني لا أصدّق أنّ سياسات الهيمنة العالميّة قد رفعت يدها عن التدخّل في المراكز العلميّة وأمثال هذه المراكز (الإخباريّة)، ولو كان بمقدورهم لأنكروا، مثلما أنّهم ينكرون الكثير من (قضايا) تطوّرنا، لكنّهم مع ذلك يقدّمون لنا مثل هذه الإحصاءات. فهذه المراكز العلميّة الإخباريّة تقول - ما يُنشر في العالم ويُعرض على الجميع - بأنّه لو استمرّ هذا التقدّم في إيران فإنّ إيران ستصل عام 2018، أي بعد خمس سنوات، إلى المرتبة العلميّة الرّابعة في العالم وهو أمرٌ في غاية الأهميّة، أي ستكون بعد الدّول الثلاث الأخرى - أميركا والصّين وانكلترا بحسب ما ذُكر - وهو أمرٌ في غاية الأهميّة. بالطبع أنا لا أريد الادّعاء أنّ هذه الإحصاءات هي إحصاءات يمكن للإنسان أن يُقْسم عليها بأنّها صحيحة 100 %، كلا، لكنّ نهج جامعات البلد وحركتها اليوم هي على هذا الطّراز، حركةٌ عموميّةٌ آخذةٌ بالتطوّر.

حسنٌ، لو قارنّا وضع الجامعة اليوم (في بلدنا) مع (وضعها خلال) المرحلة الأولى للثّورة - وهو إرث ما قبل الثّورة، أي عصر الطّاغوت - فهناك إحصاءاتٌ وأرقام أكثر روعةً من هذه. ففي ذلك اليوم الذي انتصرت فيه الثّورة كان لدينا 78000 طالب جامعيّ، واليوم لدينا 4 ملايين و400 ألف طالب جامعيّ في البلد، أي إنّ الأمر قد تضاعف 25 مرّة. في ذلك الوقت كان حِمْل التعليم ملقىً على عاتق خمسة آلاف أستاذ ومساعد أستاذ ومعلّم وأمثالهم، واليوم لدينا 60 ألف أستاذ جامعيّ، سواء في الجامعات أو في مراكز الأبحاث 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
38

26

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 - كلّ هذه تُعدّ قضايا مهمّة وتُشكّل تطوّراً قيّماً. بالطبع، لقد دوّنت ها هنا أموراً، لا حاجة لأذكرها، فبعضها معلومٌ لديكم وقد سمعتموه، وبعضها الآخر لا حاجة لعرضه.


إنّ المقالات العلميّة الموثّقة، أي المقالات العلميّة التي تُنشر من قبل الباحثين الإيرانيين، يتمّ الرجوع اليها والاعتماد عليها في العالم، هي في ازدياد مستمرّ يوماً بعد يوم. لقد قُدّم لي في هذا المجال إحصاءات دقيقة، لا أريد الآن الغوص فيها، لكنّ هذا يُشكّل ظاهرةً مهمّة جدّاً. وعليه، فإنّ الجهاد العلميّ قد تحقّق في هذا البلد.

يُطرح سؤالٌ ها هنا، أنّه مع كلّ هذا التقدّم العلميّ الذي نشاهده في المجالات المختلفة في البلد، هل أنّه علينا أن نتنفّس الصّعداء ونجلس جانباً؟ حسنٌ، من الواضح أنّ الجواب سلبيّ، كلّا، نحن ما زلنا متخلّفين عن الخطّ الأماميّ للعلم، فنحن في الكثير من العلوم التي تحتاجها الحياة نعاني من تخلّفٍ مزمن، بالّرغم من كل هذا التطوّر الذي وصلنا اليه في بعض العلوم. ولأنّنا نعاني من كلّ هذا التخلّف يجب علينا العمل، هذا بالإضافة إلى أنّ قافلة العلم في العالم لا تتوقّف وهي تسير بسرعة. فالأمر عندنا لا يتوقّف على الحفاظ على موقعيّتنا الحاليّة، بل علينا أن نتقدّم، وكلّ ذلك يتطلّب سعياً وجدّا وجهاداً، لهذا، فإنّ أوّل ما نقوله لجامعات البلد وعلمائه ونخبه هو أن لا تسمحوا لهذه الحركة بالتّراجع، ولا تسمحوا للحركة العلميّة للبلد بالتوقّف. فلا يمكن لأي مانعٍ أن يحول دون تكامل الجامعة في البلد وتقدّمها العلميّ.

وإنّ اعتمادنا على العلم لا ينحصر بالاحترام المبدئيّ للعلم - الأمر الذي يُعدّ بحدّ ذاته نقطة مهمّة وقد أولى الإسلام العلم قيمةً ذاتيّة - بل بالإضافة إلى هذه القيمة الذاتيّة فإنّ العلم هو القدرة. فإذا ما أراد شعب أن يعيش براحةٍ وعزّةٍ وكرامةٍ فإنّه بحاجة إلى القدرة. فالعامل الأساس الذي يمنح الاقتدار لأيّ شعب هو العلم. العلم بإمكانه تحقيق الاقتدار الاقتصاديّ وإيجاد الاقتدار السياسيّ أيضاً، وكذلك منح السّمعة والكرامة الوطنيّة لأيّ شعبٍ في نظر العالم. لا شكّ بأنّ الشّعب العالِم والمتعلّم والمنتج للعلم هو شعبٌ حائزٌ على الكرامة في نظر المجتمع الدولي وفي أعين النّاس. فالعلم إذاً، بالإضافة إلى الكرامة والقيمة الذاتيّة يتمتّع بهذه القيم الفائقة الأهميّة التي تتعلّق بخلق الاقتدار. لهذا، لا ينبغي لهذه الحركة الموجودة وهذا التّسارع الحاصل أن يتوقّف أو يتباطأ بأيّ شكلٍ من الأشكال.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
39

27

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 يوجد نقطةٌ أخرى إلى جانب هذا، وعلينا التصديق بها. فلقد قدّم الأعزّاء نقاطاً مهمّة في مجال المحاور السياسيّة في العالم، وهي نقاطٌ جديرة بالتأمّل وصحيحة، ونحن لدينا اعتقادٌ بذلك، ولكنّ الأمر الذي ينبغي التوجّه إليه هو أنّه يوجد بين القوى العالميّة جبهةُ عدوّ عنيد تقف مقابل نظام الجمهوريّة الإسلاميّ. فهل هذه الجبهة المعاندة المصرّة على عدائها للجمهوريّة الإسلاميّ تشمل أكثر بلدان العالم؟ كلا. وهل هي شاملة لأكثر الدّول الغربية؟ كلا. بل هي مرتبطة ببعض الدّول المقتدرة والتي تعارض وتعاند نظام الجمهوريّة الإسلاميّ واقتداره لأسبابٍ خاصّة. وأحد هذه المعارضات والعداوات هي المتجهة إلى البعد العلميّ. طرح بعض الأعزّاء قضيّة "الدبلوماسيّة العلميّة" و"الدبلوماسيّة الجامعيّة"، وأنا العبد أعتقد بذلك وقد حرّضت عليه، ولكن التفتوا إلى أنّ الخصم في المقابل ملتفت إلى هذه النقطة بالخصوص، وقد وضع لها خُططاً. لقد وضعوا الخطط فيما يتعلّق بقضية "الدبلوماسيّة العلميّة"، وهم يسعَون وراء أهدافهم. فلو أنجزنا العمل بتوجّهٍ ووعيٍ وبصيرةٍ فإنّني أوافق تماماً. هم ليسوا راضين عن تقدّمنا العلميّ، وإنّ بعض الأفعال التي تشاهدونها اليوم في مجال الحظر وأمثاله، ترجع إلى أنّهم لا يريدون للمجتمع الإيرانيّ أن يحقّق هذا الاقتدار النّابع من الذّات، حيث إنّ الاقتدار العلميّ هو اقتدارٌ ينبع من الذّات. لهذا، ينبغي الاستمرار في هذا التطوّر والتقدّم.


إنّ النّقطة التي أصرّ عليها، أنا العبد، أن تُطرح على هذا الأساس في أذهان السّادة والسيّدات والأساتذة المحترمين هي أنّه يجب لمقولة "العلم والتطوّر العلميّ" ومقولة "التقدّم العموميّ" في البلد أن تُحفظ في الجامعة، أي الدّافع لأجل مساهمة الجامعة في تطوّر البلد، وهي اليوم موجودة حتماً ولكن يجب المحافظة عليها وتقويتها. فلا يجوز أن يعارضها أيّ شيء وعلينا أن نصرّ على وجود الابتكار العلميّ في الجامعة والإصرار على جعل التطوّر العلميّ في خدمة حاجات البلد، الأمر الذي يُعدّ من التوجّهات والمعايير الأساسيّة. في النّهاية، الإمكانات محدودة - سواء على الصّعيد البشريّ أو المالي والماديّ - لهذا ينبغي الالتفات جيّداً إلى ضرورة جعل عملنا العلميّ على طريق تأمين احتياجات البلد. لدينا حاجات مختلفة يمكن للجامعة أن تؤمّنها وأن تملأ كل هذه الفراغات، وهذه هي تجربتنا.

لقد واجهنا الكثير من المشاكل في مرحلة الدّفاع المقدّس، وكان لدينا عدد غير محدود 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
40

28

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 من الفراغات، وما كانت تُسدّ، حتى نزلت الجامعات إلى الميدان بالتدريج، وبدأت تملأ الكثير من هذه الفراغات التي ما كنّا نتصوّر أن يأتي زمان نتمكّن فيه من سدّها، وذلك بواسطة همّة الجامعات وهمّة أساتذتنا وشبابنا وعلمائنا. إنّنا قادرون على سدّ هذه الفراغات الموجودة في المجالات الاقتصاديّة والثقافيّة والسياسيّة والإداريّة، ويمكن للجامعات أن تضع المواضيع البحثيّة في نظام عملها وأن تملأ هذه الفراغات. لهذا، فإنّ من المعايير والضوابط الضروريّة جعل العمل العلميّ في خدمة تأمين حاجات البلد.


الإصرار على تشبيك الأبحاث الجامعيّة مع الصّناعة والتّجارة، وهذا كلامٌ تحدّثنا به مراراً وتكراراً منذ 12 سنة، وقد قلناه للحكومات المتعاقبة، وكذلك للجامعات، ولا شكّ بأنّه قد تحقّق إلى حدّ كبير لكن ليس بصورة كاملة، وهذا الموضوع مفيدٌ للجامعات، وكذلك لصناعتنا وتجارتنا وزراعتنا.

الإصرار على تحقيق منافسة بنّاءة في التطوير والابتكار. يجب تحقيق منافسة قويّة وبنّاءة وجادّة في البلد على صعيد الابتكارات العلميّة ويتبعها الاختراعات التكنولوجيّة. يجب إيجاد منافسة بين جامعات البلد وبين أساتذته ونخبه. على أجهزة التعليم العالي التخطيط لإيجاد هذه المنافسة بين الجامعات العليا. فلو فرضنا وجود مجموعة من الجامعات العليا في العلوم التقنيّة - الهندسية وكذلك في العلوم الإنسانيّة والفروع المختلفة والمجالات العلميّة المتعدّدة، فعلينا أن نطلق حركة التّنافس فيما بينها وأن نمنح المكافآت للجامعات السبّاقة.

بالطبع، إنّ ما ذُكر هنا في مجال النّظر بعين اللامساواة إلى الجامعات العليا والقويّة والجامعات الضّعيفة، لا نرفضه. وبرأينا إنّ هذا الكلام صحيحٌ بشرطه وشروطه. فحيثما وُجدت الاستعدادات والإمكانات الأكبر كان من اللازم حتماً إيلاء المزيد من الاهتمام والتوجّه. لهذا، يجب على الجميع - أساتذة ومدراء وأفراد مؤثّرين في الجامعات - الالتفات إلى ألّا يتّجّه الجوّ الجامعيّ نحو القضايا الواهية، وأن يكون جوّاً متجهاً نحو القضايا الأساسيّة والجوهريّة، وأن تبقى مقولة العلم والتطوّر العلميّ ومقولة التقدّم العموميّ للبلد حاكمة دوماً على الجامعات. وبالطّبع، يوجد هنا أعداءٌ يرغبون بتحويل القضايا المتعلّقة بالعمل النِقابي (التشكلات الطلابية) في الجامعات باتّجاه القضايا السياسيّة والنّزاعات السياسيّة، ويجب
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
41

29

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 اجتناب هذا الأمر. وليس من مفاخر الجامعة أن تصبح القضايا الأساسيّة فيها واقعة تحت ظلّ القضايا الصّغرى والقليلة الأهميّة، وأحياناً تحت تأثير التيّارات السياسيّة. إنّ الجوّ الجامعيّ ينبغي أن يكون جوّاً يتمكّن فيه العلم والعالِم من أن يكون له حياته المناسبة.


بالطّبع وما هو معلومٌ حتماً وعلى جميع الأعزّاء أن يلتفتوا إليه، أنّ هذا التطوّر العلميّ، وهذه النّجاحات التي تحقّقت إلى اليوم في البيئة العلميّة للبلد، إنّما كانت ببركة الثّورة الإسلاميّ وببركة الإسلام والثّورة. لو لم يتمكّن هذا العامل الفعّال والمطوّر للثّورة والإيمان الدينيّ، من التأثير العام على أوضاع البلد، ومنها ما يتعلّق بقضيّة العلم، يقيناً، لمَا كان شعاع نفوذ القوى المتسلّطة ليسمح لدولةٍ مثل إيران - التي يطمعون بها - أن تتمكّن من تحقيق كلّ هذا التطوّر في مجال العلم والوصول إلى هذه الثّقة والاعتماد على النّفس، ما كانوا ليسمحوا، كما أنّهم يفعلون ذلك في مناطق أخرى حيث لهم التسلّط والنّفوذ. هذه الثّورة الإسلاميّ هي التي جاءت وحطّمت الجوّ السّائد وغلّبت الجوّ العلميّ. لهذا، علينا جميعاً أن نعتبر أنفسنا مدينين ونلتزم بحفظ مبادئ الثّورة وقيمها.

نقطة أخرى بيّنتها هنا، وقد أشير إليها في كلمات الأعزّاء وهي قضيّة الارتقاء الكيفيّ (النوعي) في الجامعات. بالطبع، أنا لا أؤمن بأنّ التوسّع الكمّيّ أمرٌ قليل الأهميّة، كلّا، فإنّه في نفسه حائزٌ على أهمّيّة فائقة. فأعداد طلّاب الجامعات في ازدياد، وكذلك عدد الجامعات، وهذا الانتشار والتوسع البارز للمراكز العلميّة في البلد، وأن يتمكّن الأطبّاء في مستشفيات المدن النائية من القيام بعمليّات جراحيّة لم يكن إجراؤها ممكناً بتلك السهولة حتّى في طهران في الماضي غير البعيد - في بدايات الثّورة أو بطريق أولى قبل الثّورة - كلّ هذه ليست بالأمر القليل، بل هي باعثة على الافتخار. لهذا، نحن لا نرفض الاتّساع الكميّ، لكنّنا نؤكّد على أن يكون الاتّساع الكمّيّ متلازماً مع الاتّساع الكيفيّ - عمق النوعية والجودة - لهذا، ينبغي أوّلاً، تحديد المستوى النوعي (مستوى الجودة) في جامعات البلد، أي أن تُحدّد أجهزة إدارة الجامعات أيّ جامعة أو أيّ جامعات هي تحت خطّ معيار الجودة المعتبر، ثمّ تقوم بعدها بالتخطيط للارتقاء بالبعد الكيفيّ في هذه الجامعات، فمثل هذا يُعدّ من الأعمال الضروريّة جدّاً ويجب أن يتحقّق حتماً. فيجب العناية بقضيّة الكيفية والجودة كموضوعٍ مستقلّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
42

30

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 نقطة أخرى دوّنتها، ومن الجيّد أن أُكرّرها، وهي أن يُستفاد من التطوّر العلميّ في البلد من أجل توسعة نشر اللغة الفارسيّة. اللغة أمرٌ مهمٌّ جدّاً أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء! إنّ أهميّة اللغة الوطنيّة لأيّ بلدٍ ما زالت مجهولةً بالنّسبة للكثيرين. يجب نشر اللغة الفارسيّة، يجب أن يزداد التأثير الثقافيّ للّغة الفارسيّة على صعيد العالم يوماً بعد يوم، فاكتبوا بالفارسيّة وابتكروا المصطلحات الفارسيّة، ولنعمل على أن يأتي زمانٌ يضطرّ من يريد أن يستفيد من تطوّرنا العلميّ لتعلّم اللغة الفارسيّة. ليس فخراً أن نقول بأنّه لا بدّ من أن تكون اللغة العلميّة لبلدنا هي اللغة الأجنبيّة الفلانيّة. فاللغة الفارسيّة تمتلك من الإمكانيّة والاستعداد ما يمكّنها من بيان أدقّ العلوم والمعارف. نحن نمتلك لغةً ذات إمكانات واسعة. مثلما لم تسمح بعض الدّول الأوروبّيّة للّغة الإنكليزيّة أن تصبح لغتهم العلميّة - كفرنسا وألمانيا - وحفظوا لغتهم كلغة علميّة في جامعاتهم. فقضيّة اللغة قضيّة مهمّة جدّاً وهي تحتاج في الواقع إلى أن نبذل لها مثل هذه الحميّة. وإنّ من الاهتمامات التي توليها الحكومات الواعيّة والنّبيهة في العالم هي الاعتماد على نشر لغتهم الوطنيّة في العالم. وللأسف، فإنّ هذا الأمر لم يتحقّق بسبب غفلة الكثير من الدّول، حتّى أنّ اللغات المحلّيّة واللغات الأصليّة للكثير من الشعوب قد انقرضت كلّيّاً، أو صارت تابعة. كنت دوماً أتألّم قبل الثّورة ممّا كان يجري في بلدنا على صعيد التفاخر في استعمال المصطلحات الأجنبيّة - وكأنّ استعمال العبارة الأجنبيّة لبيان أيّ مطلبٍ يُعدّ مفخرةً. وللأسف، ما زال هذا الأمر حتى يومنا هذا! إنّ الكثير من العادات السيّئة التي كانت سائدة قبل الثّورة انعدمت بالثّورة، لكنّ هذا الأمر وللأسف لم ينعدم! فالبعض كأنّهم يفتخرون بعرض حقيقةٍ ما أو عنوان بمفردة أجنبيّة، في حين أنّه يوجد لفظٌ مرادف له بالفارسيّة لكنّهم يحبّون أن يستخدموا العبارات الغربيّة، ثمّ بعد ذلك سرى هذا شيئاً فشيئاً إلى النطاقات الواسعة على مستوى الطّبقات الدنيا وعامّة الناس، الأمر الباعث على الألم. ولديّ في ذهني نماذج لا حاجة الآن لذكرها.


النّقطة الأخرى أيضاً - لعلّها الأخيرة - وهي أنّنا لو كنّا بصدد التقدّم ونعتبر التطوّر العلميّ شرطاً لازماً للتطوّر العام في البلد، فعلينا أن نلتفت إلى أنّ مرادنا من التطوّر ليس التطوّر وفق النّموذج الغربيّ. إنّ القانون الأساس للحركة والعمل في نظام الجمهوريّة الإسلاميّ هو اتّباع أنموذج التقدّم الإيراني - الإسلاميّ. إنّنا لا نريد التطوّر على شاكلة ما
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
43

31

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 يتّبعه الغرب وما حقّقه. إنّ التطوّر الغربيّ ليس له أي جاذبيّة في يومنا هذا عند الإنسان الواعي. فلم يتمكّن تقدّم الدّول الغربيّة المتطوّرة من القضاء على الفقر والتمييز، ولم يتمكّن من إحلال العدالة في المجتمع، وعَجِز عن تثبيت الأخلاق الإنسانيّة. فهو أوّلاً تطوّرٌ بُني على أساس الظّلم والاستعمار ونهب الدّول الأخرى.


ها قد رأيتم الآن ما ذكره بعض السّادة هنا فيما يتعلّق بهجوم البرتغال على إيران. حسنٌ، لم تكن إيران لوحدها. ففي هذه المنطقة من شرق آسيا كان هناك أماكن مختلفة ذهب إليها البرتغاليّون والهولنديّون. وهل كان لهولندا ذاك الطول والعرض الجغرافيّ والتاريخيّ والعلميّ؟ أم للبرتغال؟ أم لإسبانيا؟ أم لإنكلترا؟ لقد هيمنوا على كلِّ هذه القارّة الآسيوية العظيمة، وأحكموا قبضتهم على قارّة أفريقيا وشدّوا عليها الوثاق، لقد كانت (هاتان القارّتان) منابع الثّروة. انظروا إلى ما كتبه "نِهرو" في "نظرة إلى تاريخ العالم"، فهو يبيّن ما كان من تطوّر علميّ وتقنيّ في الهند قبل دخول الإنكليز. وأنا العبد، لم أكن مطّلعاً على هذه القضيّة قبل أن أقرأها من شخص مطّلع كـ "نِهرو" والتي كتبها في ذلك الوقت. فهناك دولة كانت تتحرّك على مسار علميّ معقول وصحيح، ثمّ يجيء أولئك ويحتلّونها بالاستعانة بالعلم والسّلاح ويذبحون أهلها بدمٍ بارد، ويستولون على مصادر ثروتها ويفرضون أنفسهم عليها. يخرجون الثّروة من الهند ويكدّسونها في بلدهم. لقد تمكّن الإنكليز من السيطرة على أميركا بالمال الذي حصلوا عليه من الهند. فإلى ما قبل سنوات استقلال أميركا، حينما كان الإنكليز مهيمنين عليها، كان عمدة مداخيل التجّار الإنكليز من التجارة التي يقومون بها بين الهند وسواحل أميركا، إلى أن انتهى عصر تسلّط الإنكليز من خلال رفض سكّان أميركا - لا السكّان الأصليين بل المهاجرين الإنكليز والإسبانيين وغيرهم - والحرب التي جرت ومن بعدها استقلال أميركا.

على كلّ حال، لقد أسّسوا حضارتهم منذ البداية من خلال امتصاص دماء الشعوب، ومن بعدها لم يتمكّنوا مع كلّ هذا التطوّر، من القضاء على الظّلم في بلادهم أو على التمييز وكذلك لم يتمكّنوا من إيصال المجتمعات الفقيرة إلى الاستغناء. انظروا اليوم إلى الوضع الاقتصاديّ في هذه البلاد وإلى الوضع الاجتماعيّ كيف هو، وما هي حالة الوضع الأخلاقيّ. هذا الانحطاط الأخلاقيّ، وذاك المستنقع الآسِن للأخلاق الجنسيّة في الغرب. إنّ تطوّر
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
44

32

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 الحضارة الغربيّة هو على هذه الشّاكلة وبهذه الخصوصيّات ونحن لا نحبّذه بأيّ شكل. إنّنا بصدد تحقيق أنموذجنا المنشود والمبدئيّ، وهو أنموذجٌ إسلاميّ وإيرانيّ وهو ينبع من هداية الإسلام، ويستفيد من الحاجات والعادات الإيرانيّة وهو أنموذجٌ مستقلّ. وبالطبع، يبذل اليوم الباحثون وأهل الفكر مساعياً كثيرةً من أجل تدوين هذا الأنموذج.


أظنّ أنّ الوقت قد انتهى في حين أنّ الملاحظات التي دوّنتها، أنا العبد، لم تنتهِ، ومثل كلمات الكثير من الإخوة والأخوات المحترمين التي ألقوها هنا، وبسبب ضيق الوقت لم ينهوها إلى آخرها، أنا العبد مضطرٌّ إلى تجاوز بعض ما عندي، حتّى إذا شاء الله ومنحنا عمراً نعرضها عليكم مرّةً أخرى في اجتماعاتٍ أخرى في الجامعات وفي اللقاءات الأخرى.

اللهمّ، أنزِل بركاتك في هذا الشّهر على مجتمعنا الجامعيّ! اللهمّ، لا تحرم قلوب المشتاقين في هذا الشّهر من رحمتك المطلقة! اللهمّ، إنْ لم تكن قد غفرت لنا حتّى هذا اليوم من شهر رمضان، فاغفر لنا فيما بقيَ منه! اللهمّ، أنجِح شعب إيران في جميع الميادين وفي كلّ مجالات الحياة، وانصر هذا الشّعب العظيم على أعدائه! اللهمّ، امنح القدرة للنّوايا الصّادقة والقلوب العاشقة لتقدّم شعب إيران، والعاشقة للحقيقة، لكي تتمكّن من تحقيق أمنياتها السامية الكبرى! اللهمّ، أرضِ عنّا روح إمامنا الجليل الطاهر، وأرواح شهدائنا الأعزّاء، واجعل دعاء إمام الزّمان، عليه الصّلاة والسّلام وعجّل الله فرجه، المُستجاب، شاملاً لحالنا وأرضِ قلبه المقدّس عنّا! والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تطبيق طريقة التسلسل العاموديّ
حركة إنتاج العلم وتطويره تقريباً في البلاد:
- بدأت منذ 12 عاماً تقريباً حركةٌ علميّة جديدة ومتّجهة إلى التوسّع في البلد ليس أنّها لم تتوقّف فحسب، بل اتّجهت نحو العمق والاتّساع.

- أبدت مراكز المعلومات العلميّة المعتبرة في العالم رأيها، وقالت إنّ معدّل تطوّر العلم في إيران يفوق المعدّل العالميّ العام بـ 13 مرّة.

- تقول هذه المراكز العلميّة الإخباريّة بأنّه لو استمرّ هذا التقدّم في إيران فإنّ إيران ستصل عام 2018، أي بعد خمس سنوات، إلى المرتبة العلميّة الرّابعة في العالم.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
45

33

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 - في ذلك اليوم الذي انتصرت فيه الثّورة كان لدينا 78000 طالب جامعيّ، واليوم لدينا 4 ملايين و400 ألف طالب جامعيّ في البلد، أي إنّ الأمر قد تضاعف 25 مرّة. في ذلك الوقت كان حِمْل التعليم ملقىً على عاتق خمسة آلاف أستاذ ومساعد أستاذ ومعلّم وأمثالهم، واليوم لدينا 60 ألف أستاذ جامعيّ سواء في الجامعات أو في مراكز الأبحاث.


- نحن ما زلنا متخلّفين عن الخطّ الأماميّ للعلم.

- عدم السماح للحركة العلميّة للبلد بالتوقّف.

- العلم هو العامل الأساس الذي يمنح الاقتدار لأيّ شعب.

- طرح بعض الأعزّاء قضيّة "الدبلوماسيّة العلميّة" و"الدبلوماسيّة الجامعيّة"، ولكن التفتوا إلى أنّ الخصم في المقابل ملتفت إلى هذه النقطة بالخصوص، وقد وضع لها خُططاً. فلو أنجزنا العمل بتوجّهٍ ووعيٍ وبصيرةٍ، فإنّني أوافق تماماً.

- ضرورة حفظ مقولة "العلم والتطوّر العلميّ" ومقولة "التقدّم الشامل" في الجامعة، فلا يجوز أن يعارضها أيّ شيء.

- من المعايير والضوابط الضروريّة جعلُ العمل العلميّ في خدمة تأمين حاجات البلد.

- ضرورة الالتفات إلى عدم اتّجاه الجوّ الجامعيّ نحو القضايا الواهية، وأن يكون جوّاً متّجهاً نحو القضايا الأساسيّة والجوهريّة، وأن تبقى مقولة العلم والتطوّر العلميّ ومقولة التقدّم العموميّ للبلد حاكمةً دوماً على الجّامعات.

- إنّ التطوّر العلميّ والنجاحات التي تحقّقت إلى اليوم في البيئة العلميّة للبلد، إنّما كانت ببركة الثّورة الإسلاميّة.

- ضرورة الاستفادة من التطوّر العلميّ في البلد من أجل توسعة نشر اللغة الفارسيّة.

- مرادنا من التطوّر ليس التطوّر وفق النّموذج الغربيّ.

- القانون الأساس للحركة والعمل في نظام الجمهوريّة الإسلاميّة هو اتّباع أنموذج التقدّم الإيراني - الإسلاميّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
46

34

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 وقائع التطوّر العلمي في إيران:

- وصول إيران إلى المرتبة العلمية العالمية الرابعة، إذا ما استمر تطوّرها على هذه الحال.
- بلغ معدّل النموّ العلميّ 16 ضعفاً خلال الـ"12" سنة الأخيرة مقارنة مع الفترة السابقة.

حفظ الحركة العلميّة وتقويتها في البلاد:
- العمل بتأنٍ وبصيرة في مجال الدبلوماسية العلمية والالتفات إلى مخططات الأعداء.
- حفظ مقولة التطور العلمي وتطور عموم البلاد في الجامعات والانتباه إلى عدم ذهاب الجامعات نحو القضايا الجوفاء.
- الاصرار على الابتكار، وجعل التطور العلمي في خدمة احتياجات الناس.
- الاصرار على تشبيك الأبحاث الجامعية مع الصناعة والتجارة.
- الاصرار على التنافس العلمي السليم (في التطوير والابتكار).
- تزامن (تلازم) التطور الكيفي مع الاتّساع الكمي، وتخطيط جهاز الإدارة الجامعي من أجل ارتقاء المستويَيْن الكمّيّ والنوعيّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
47

35

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 تطبيق طريقة الدوائر

تطبيق طريقة الخانات الأفقيّة

الأفكار الإضافيّة

الأفكار الفرعيّة

الأفكار الرئيسة


بدأت منذ 12 عاماً تقريباً حركةٌ علميّة جديدة ومتّجهة إلى التوسّع في البلد ليس أنّها لم تتوقّف فحسب، بل اتّجهت نحو العمق والاتّساع.
أبدت مراكز المعلومات العلميّة المعتبرة في العالم رأيها وقالت أنّ معدّل تطوّر العلم في إيران يفوق المعدّل العالميّ العام بـ 13 مرّة. تقول هذه المراكز العلميّة الإخباريّة بأنّه لو استمرّ هذا التقدّم في إيران فإنّ إيران ستصل عام 2018، أي بعد خمس سنوات، إلى المرتبة العلميّة الرّابعة في العالم.
طرح بعض الأعزّاء قضيّة "الدبلوماسيّة العلميّة" و"الدبلوماسيّة الجامعيّة"، ولكن التفتوا إلى أنّ الخصم في المقابل ملتفت إلى هذه النقطة بالخصوص وقد وضع لها خُططاً. فلو أنجزنا العمل بتوجّهٍ ووعيٍ وبصيرةٍ فإنّني أوافق تماماً.

استمرار الحركة العلميّة.
العلم يمنح الاقتدار لأيّ شعب.
العمل العلميّ في خدمة تأمين حاجات البلد.
إنّ التطوّر العلميّ تحقّق ببركة الثّورة الإسلاميّة.
الاستفادة من التطوّر العلميّ في البلد من أجل توسعة نشر اللغة الفارسيّة.
ليس المراد من التطوّر محاكاة النّموذج الغربيّ. فالقانون الأساس للحركة والعمل في نظام الجمهوريّة الإسلاميّة هو اتّباع أنموذج التقدّم الإيراني - الإسلاميّ.

حركة إنتاج العلم وتطويره في البلاد

يوم انتصار الثورة كان لدينا 78000 طالب جامعيّ، واليوم لدينا 4 ملايين و400 ألف طالب جامعيّ في البلد، أي إنّ الأمر قد تضاعف 25 مرّة. وكان حِمْل التعليم ملقىً على عاتق خمسة آلاف أستاذ ومساعد أستاذ ومعلّمو أمثالهم، واليوم لدينا 60 ألف أستاذ.

وصول إيران إلى المرتبة العلمية العالمية الرابعة، إذا ما استمر تطوّرها على هذه الحال. • بلغ معدّل النموّ العلميّ 16 ضعفاً خلال الـ "12" سنة الأخيرة مقارنة مع الفترة السابقة.

وقائع التطوّر العلمي في إيران

 

 

 

 

 

 

 

 

 

48


36

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 

الأفكار الفرعيّة

الأفكار الرئيسة

العمل بتأنٍ وبصيرة في مجال الدبلوماسية العلمية والالتفات إلى مخطّطات الأعداء.
حفظ مقولة التطوّر العلميّ وتطور عموم البلاد في الجامعات، والانتباه إلى عدم ذهاب الجامعات نحو القضايا الجوفاء.
الإصرار على الابتكار وجعل التطوّر العلميّ في خدمة احتياجات الناس.
الإصرار على تشبيك الأبحاث الجامعية مع الصناعة والتجارة.
الإصرار على التنافس العلمي السليم (في التطوير والابتكار).
تزامن (تلازم) التطور الكيفيّ مع الاتّساع الكميّ، وتخطيط جهاز الإدارة الجامعي من أجل ارتقاء المستويَين الكمّيّ والنوعيّ.

حفظ الحركة العلميّة وتقويتهافي البلاد

 لا بدّ من مواصلة حركة إنتاج العلم وتطويره في البلاد، العلم يمنح الاقتدار لأيّ شعب، ويؤمّن حاجات البلد. وليس المراد من التطوّر محاكاة النّموذج الغربيّ. فالقانون الأساس للحركة والعمل في نظام الجمهوريّة الإسلاميّة هو اتّباع أنموذج التقدّم الإيرانيّ- الإسلاميّ، الذي سيوصلها إلى المرتبة العلمية العالمية الرابعة، إذا ما استمرّ تطوّرها على هذه الحال. وبناءً عليه، ينبغي العمل في ميدان تطوير العلم والحركة العلميّة بتأنٍ وبصيرة وابتكار، والمحافظة على مقولة التطوّر العلمي وتطوّر عموم البلاد في الجامعات والانتباه إلى عدم ذهاب الجامعات نحو القضايا الجوفاء، وتلبية حاجات المجتمع، والمراعاة التطوير الكيفيّ مع الاتّساع الكمّيّ.

خلاصة الأفكار الأساسيّة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

49


37

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 الأفكار الرئيسة

1- تدوين رؤوس الأقلام وهو عمليّة انتقاء أبرز الأفكار في النصّ المسموع، والاحتفاظ بها بوساطة التدوين، رغبة في استذكارها ثانية، وإعادة صياغتها إنْ لزم الأمر.

2- ترمي عمليّة تدوين رؤوس الأقلام، على اختلاف طرقها، إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أبرزها: الإفادة من النصوص المسموعة من مُحاضِرٍ/ إتاحة فرص العودة إلى النصّ المسموع، في أيّ وقت/ المساعدة في تنمية تركيز حاسّتي السمع والبصر/ تنمية القدرة بنحو تلقائيّ على التفريق بين الأمر الرئيس والثانويّ / تعويد الذاكرة على إعادة الجمع والربط بين الأفكار المدوّنة/ التدرُّب المنظّم على تدوين المادّة المسموعة/ تقوية القدرة الذاتيّة على الإحاطة بالكلّ، والانتقال إلى إدراك العناصر المكوّنة عبر تفكيكها بانتظام...

3- تنطلق أولى الطرق في هذه التقنيّة من قاعدة ذهبيّة، مفادها: اسمع جيّداً، واختر بعناية، واكتشف الفارق بين الرئيس والثانويّ من الأفكار، وتمرّن باستمرار على الربط بين النقاط المدوّنة. وتتعدّد طرائق تدوين رؤوس الأقلام، في الشكل والوسيلة، ولكنّها تتّفق في وحدة الأهداف والأغراض. وأبرز هذه الطرق، الآتي: طريقة التسلسل العاموديّ/ طريقة الدوائر/ طريقة الخانات الأفقيّة.

فكّر وأجِب

نصّ المحاضرة
بسم الله الرحمن الرحيم
لقاء ملهم جداً، كما جرت العادة، فإنّ اللقاء بكم أيّها الشّباب الأعزّاء جميلٌ ومُلهمٌ جدًّا بالنسبة إليّ، وباعث في الغالب على خطوات عمليّة في السياسات والخطط والبرامج. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
50

38

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 الأمور التي ذكرها الأعزّاء في كلماتهم كانت في الغالب ذات عمق وجديرة بالاهتمام. لم أسجّل اليوم شيئاً، لأنّني قرّرت أن آخذ الكلمات المكتوبة كلّها. وسوف يجمعون في مكتبنا - والأصدقاء يسمعون منّي الآن ما أقوله - المقترحات ويفرزونها، فبعضها ضروريّ لنا وينبغي الاهتمام به، وسوف يجري الاهتمام به إن شاء الله، وبعضها ممّا يجب التذكير به للمؤسّسات والأجهزة المختلفة أو تبليغه لها أو اقتراحه عليها.


ذكر الأعزّاء بعض النقاط التي تحتاج إلى إيضاحات، أي إنّ المراد لم يتّضح بالنسبة إليّ. أشار أحد الأعزّاء مثلاً إلى ضرورة إعداد خارطة للعلم، ولم أفهم هل المقصود شيء آخر غير الخارطة العلميّة الشاملة، التي جرى العمل فيها لفترات طويلة، وتمّ إعدادها كوثيقة وتبليغها؟ وإذا كان المراد شيء آخر غير هذه الخارطة، فيجب إيضاحه. قد يكون من اللازم للأعزّاء أن يوضّحوا بعض النقاط، وقد تطرح عليهم الأسئلة من مكتبنا ويدوِّنون إجاباتهم وإيضاحاتهم.

أنتم أيّها النُخب الأعزّاء، سواء منكم الحاضرون هنا أو النُخب الكثيرون الموجودون - والحمد لله - في كلّ أنحاء البلاد، والذين لم يحضروا لهذه الجلسة لأسباب متعدّدة، في أيّ حقل علمي تدرسون وتعملون وتبحثون، سواء العلوم الإنسانيّة أو العلوم التقنيّة أو العلوم الأساسيّة أو العلوم الطبيّة والعلوم ذات الصلة بالصحة والسلامة، وفي أيّ مجال وحقل آخر تنشطون، كلّكم في الواقع مهندسو التقدّم المستقبلي للبلاد. أنتم الذين تخطِّطون وتصمِّمون مستقبل بلادكم ومستقبل إيرانكم العزيزة، وإذا تابعتم هذه المهمّة - إن شاء الله - بعزيمة راسخة وهمّة عالية وعمل دؤوب، فسوف تصلون إلى النتائج المنشودة، وستصنعون إيران المستقبل.

النقطة التي أودّ ذكرها لكم هي أن تعلموا أنّ سياسة "التقدُّم العلمي ذي السرعة العالية" سياسة أساسيّة للنظام الإسلاميّ. لقد توصّلت مجموعة العقول المفكّرة في البلاد إلى نتيجة أنّ اجتياز الصعاب والمخاطر والمزالق في إيران الإسلاميّ - إذا كان بحاجة إلى اثنين أو ثلاثة أركان ومقدّمات - فإنّ أحد هذه الأركان هو التقدّم العلمي. هذه سياسة بِنيويّة أساسيّة تُتابع منذ نحو عشرة أعوام أو اثني عشر عاماً. وفي هذا المضمار عملت الحكومات المختلفة، والمسؤولون، والعناصر المعنيّة، والشّباب، والنخب أنفسهم، وبذلوا 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
51

39

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 الجهود. والحمد لله حين يشاهد المرء حصيلة العمل في الوقت الراهن، ينبعث في نفسه الأمل والتفاؤل. لقد قلت لكم أيّها الشّباب مراراً، وقلتها للمسؤولين أيضاً، وأقولها لكم اليوم أيضاً: لا ريب أنّ الطاقات الشابّة في بلادنا، والقدرات الإنسانيّة في إيران، والنخب الإيرانيِّين، قادرون على إيصال بلادهم وشعبهم إلى قِمَم التقدّم الشاملة. هذه المقدرة والطاقة والإمكانيّة موجودة فيكم. كنّا نقول هذا في السابق على أساس أقوال الآخرين وحسب تجاربهم، لكنّه تحوّل تدريجيًّا إلى تجربة عشناها نحن بأنفسنا. وقد قلت مراراً: أيّ عمل علمي وتقني، تتوفّر بناه التحتيّة في البلاد اليوم، يمكن للإيرانيّين والشّباب الإيراني والنخب الإيرانيّين تنفيذه وإنجازه، ولا يوجد شيء يمكن أن نقول (بشأنه): إنّ المواهب الإيرانيّة وشباب النخبة الإيرانيّين غير قادرين على إنتاجه وصناعته، إلّا إذا كانت بناه التحتيّة غير متوفِّرة في البلاد، وهنا يجب طبعاً توفير هذه البنى التحتيّة وإيجادها. هذا هو وضع المواهب والطاقات في بلادنا ومستواها. وتقدُّم البلاد الحقيقي غير متاح من دون التقدّم العلمي. وهذا هو السبب في تأكيدنا على أنّ هذا هو الخطاب الأصليّ والسياسة الأصليّة في إيران. التقدّم الحقيقي لن يتحقّق من دون تقدُّم العلوم.


بعض البلدان قد تنقل ثرواتها الجوفيّة ونفطها إلى أصحاب الثروة والعلم في العالم، ويشترون بضائعهم ومنتجاتهم فتتوفّر لديهم مظاهر التقدّم، لكن هذا ليس تقدُّماً. التقدُّم لا يكون تقدُّماً إلّا إذا كان ذاتيًّا ومعتمدًا على المواهب (الطاقات) الداخليّة للشعب. ووزن البلدان والحكومات والشعوب واعتبارها تابع لهذا التدفُّق الداخلي. إذا حصلت تحرُّكات وقفزات وتنمية من الداخل، فهذا ما يمنح الوزن والاعتبار والأبّهة والقيمة لبلد أو لشعب. أمّا إذا لم يكن التقدّم ذاتيًّا بل كان مستورداً ومن فعل الآخرين، فلن يتحقّق الاعتبار والقيمة. في زمن النظام الطاغوتي كان الأجانب والغربيّون مستعدِّين للقيام ببعض الأعمال المتعلِّقة بالتقنية النوويّة في إيران، وكانوا مستعدّين لإبرام عقود واتفاقيّات. مثلاً محطّة بوشهر التي حصلنا عليها بعد كلّ هذه الأعوام من الجهود، كان المقرَّر أن ينشئها الألمان، وقد استلموا الأموال ونهبوها، ولم يتحمّلوا مسؤوليّة تعهداتهم تلك بعد الثورة ولنفترض أنّ البلد الغربي الفلاني كان يريد أن يأتي إلى إيران، وينشئ محطة طاقة نوويّة ويديرها وننتفع نحن من الكهرباء الذي تنتجه هذه المحطة، فهذا لا يعدّ وزناً واعتباراً للشعب، الاعتبار 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
52

40

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 والقيمة تحصل للبلاد عندما تصلب نفسها إلى قدرات معيّنة. إذا تحقَّقت هذه القدرات فيكم تستطيعون عندئذٍ الاستفادة من قدرات الآخرين في ظروف متكافئة، كما سيستفيدون هم أيضاً من قدراتكم. وصدق أحد الأصدقاء إذ قال إنَّ أيَّ بلد من البلدان لا يستطيع وحده توفير كلّ الجوانب والمستويات اللازمة من العلوم والتقنيات، وعليه أن يأخذ بعض الأشياء من الآخرين، لكن هذا الأخذ من الآخرين لا يكون بشكل مدّ الأيدي للآخرين، إنّما بشكل معاملات متكافئة ومتوازية، تعطون علماً وتأخذون علماً، وتعطون تقنيَّة وتأخذون تقنيَّة، وتبقون محترمين في العالم. هذه حالة ضروريّة ولازمة.


وأقولها لكم أيّها الشّباب الأعزاء، وأنتم من أبناء الثورة وأبناء النظام الإسلاميّ إنّ الجبهة التي تصطف اليوم مقابل إيران الإسلاميّ، وتمارس عداءها ضدّ إيران، إنّما تركّز هجماتها على هذه النقطة، أعني اقتدار إيران وتحوّلها إلى قدرة. إنّهم لا يريدون حصول هذا الشيء. يجب أن تنظروا هذه النظرة العامّة دومًا لجميع الأحداث والقضايا السياسيّة، والاقتصادية، والدولية، والإقليمية المتنوّعة ذات الصلة ببلادكم، ولا تنسوها. ثمّة جبهة سياسية قويّة في العالم اليوم لا تريد أن تتحوّل إيران الإسلاميّ إلى بلدٍ مقتدرٍ وشعبٍ قويّ، وقد كانوا على هذه الشاكلة منذ بداية الثورة. وأنقل لكم أنّه في سنة 57 هـ ش (1979م)، حين قامت الثورة الإسلاميّ وأحدثت تلك الضجّة الهائلة في العالم، كتب بعض النخب السياسيّين الكبار في الغرب، مثل كيسنجر، وهانتينغتون، وجوزيف ناي، وأمثالهم من الوجوه البارزة للنخبة السياسيّة في أميركا وأوروبا، كتبوا مقالات في بداية الثورة وعلى مدى فترة من الزمن، كان مضمونها تحذيرات للأجهزة السياسيّة الغربيّة، والنظام السياسي الغربي، والحكومات الغربيّة من أنّ هذه الثورة التي وقعت في إيران لا تعني تغيير هيئة حاكمة وحلول هيئة حاكمة محلّ أخرى، إنّما تعني ظهور قوّة جديدة في المنطقة التي يسمّونها الشرق الأوسط - وأنا لا أحبّ هذه التسمية أبداً - والتي نسمّيها منطقة غرب آسيا. ثمّة قوّة جديدة آخذة بالظهور قد لا تضاهي القوى الغربيّة من حيث التقنية والعلم، لكنّها تفوقهم أو هي في مستواهم من حيث النفوذ السياسي والمقدرة على التأثير في الأجواء المحيطة بها، وستخلق لهم التحدّيات. هذا ما أعلنوه يومها وقرعوا أجراس الخطر.

وهذا يعني أنّ ظهور مثل هذه القوّة - من وجهة نظرهم - معناه انتهاء بساط نفوذ الغرب 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
53

41

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 في هذه المنطقة الحسّاسة، والغنيّة، والاستراتيجيّة جدًّا، وأنّ هذا القطب الموصل (نقطة الوصل) بين ثلاث قارّات، وقطب (مركز) النفط والثروة والمعادن المهمّة التي يحتاجها البشر، والتي كان الغرب مصرًّا على بقاء هيمنته السياسيّة والاقتصادية والثقافية فيها، طبعاً سيخرج من تحت الهيمنة الغربية أو ستتزلزل هذه الهيمنة على الأقلّ وتُنْتَقَصْ. هذا ما خمّنوه في ذلك اليوم وكان تخمينهم صحيحاً بالطبع. واليوم بعد مُضيّ أكثر من ثلاثة عقود، تحوّل ذلك الكابوس الذي شاهدوه إلى واقع، بمعنى أنّ قوّة وطنيّة كبيرة في المنطقة ظهرت، ولم تستطِعْ شتّى أنواع الضغوط الاقتصاديّة، والأمنيّة، والسياسيّة، والنفسيّة، والإعلاميّة أن تسقطها، بل على العكس، استطاعت هذه القوّة التأثير على شعوب المنطقة، وتكريس الثقافة الإسلاميّ العامّة ونشرها، وإشعار شعوب المنطقة بهويّتهم.


هذه الأحداث التي وقعت في المنطقة منذ نحو سنتين أحداث مهمّة جدًّا، وترَوْن ما هي ردود أفعال الغربيّين اتّجاهها. وإنّ أحداث مصر، وأحداث منطقة شمال أفريقيا، وأحداث هذا الجانب تمثّل تطوُّرات مهمّة جدًّا. وإنّ صحوة الشعوب وهي خالية الأيدي، ووقوفها بوجه الإهانات التي فرضها الغرب وخصوصاً أميركا عليها عن طريق عملائهم حدث كبير جدًّا، وهو بالطبع حدث لم ينتهِ بعد، وهم يتصوّرون أنّهم قمعوه وكبتوه، لكنّنا نعتقد أنّه لم يقمع وقد كان منعطفاً تاريخيًّا تجتازه المنطقة في الوقت الحاضر ولم يتحدَّد مصيره على نحو نهائيّ إلى الآن. وهذا ما يعلمه الغربيّون أنفسهم، وهو ما يظهر بشكل أو بآخر في تحليلاتهم، فهم لا زالوا قلقين ولا يدرون ما الذي يحدث في المنطقة. وهذا بفضل نهضة شعب إيران وتأسيس الجمهوريّة الإسلاميّ الإيرانيّة، وبفضل الثورة الإسلاميّ التي بشّرت بظهور قوّة وطنيّة، عميقة، مؤمنة، صامدة، موهوبة، متنامية، وسائرة نحو التألُّق والاقتدار.

حسنٌ، واليوم تصدّيتم وحملتم على أكتافكم، أنتم مجموعة النخب في كلّ أرجاء البلاد، في أيّ حقل كنتم من حقول العلم والتقنيّة والبحث العلمي، والواقع أنّ عدداً كبيراً من الأفراد يشكّلون هذه المنظومة الهائلة التي تنهض بهذه الرسالة التاريخيّة أعباء مثل هذا الحدث العظيم والمهمّة الخطيرة. المهمّ أن لا تتوقَّف مسيرتكم ولا تُصاب بالرتابة والسكون في وسط الطريق. وهكذا هو الحال في كلّ الحركات الاجتماعيّة، والسياسيّة، والعسكرية المهمّة، فحينما تنطلق الحركة ويبدأ عمل كبير عظيم طويل الأمد يجب عدم السماح بأن 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
54

42

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 يتوقّف. وهذا ما شاهدناه عياناً في فترة الدفاع المقدَّس، وفي ساحات الحرب والاشتباكات العسكريّة. حينما تنطلق حركة فإذا لم تتلكّأ وتتعرقل فسوف تنتصر، أمّا إذا خارت العزائم في وسط الطريق، وتغلغلت الشكوك والتردّد، وعَرَض الكسل، وتراجع العمل، فسيكون عاقبة ذلك الإخفاق والفشل. يجب أن لا تسمحوا بتوقُّف هذه الحركة العلميّة المتسارعة، أو أن يتعرقل مسارها.


المعنيّ (المخاطب) بكلامي طبعاً هم كلّ أطراف القضيّة... بما في ذلك أنتم أيّها الشّباب الأعزّاء، الذين تعملون، وتطلبون العلم وتبحثون وتحقِّقون، وتربّون أنفسكم من الداخل، وتنجزون بعض الأحيان أعمالاً مميَّزة ولافتة، وهذا الكلام الذي قلتموه هنا من هذه الأعمال، وهو ليس بالعمل الفيزيائيّ الحركيّ، بل هو عرض أفكار وطرح آراء وسعي للوصول إلى أفكار ونظريّات أفضل، وهذا من أهمّ الأعمال، شرط أن لا يبقى في حدود الذهنيّات (الأفكار) والكلام، أنتم معنيّون بهذا الكلام وكذلك الأجهزة والمؤسّسات المختلفة من قبيل وزارة العلوم والتعليم العالي، ووزارة الصحّة، والمعاونيّة العلميّة لرئاسة الجمهوريّة.

المعاونيّة العلميّة لرئيس الجمهوريّة هذه من القطاعات والمؤسّسات المهمّة جدًّا، وتتولّى عملاً حسّاساً للغاية، وقد تأسّست هذه المعاونيّة بإصراري ومتابعتي منذ عدّة سنوات. وهناك أيضاً مؤسّسة النخبة. وقد قدَّم الذين عملوا هناك خدمات حقيقيّة، مثل السيِّدة سلطان خواه، والسيِّد واعظ زاده. ويتولَّى مسؤوليّة هذه المعاونيّة وهذه المؤسّسة اليوم السيِّد ستاري، وهو من أبناء الشهداء5. توصيتي للمسؤولين في المعاونيّة العلميّة ومؤسّسة النخبة هي أن يتابعوا الأعمال، ولا يبدؤوها من الصفر. لقد أُنْجِزت أعمالٌ ممتازة. ليعملوا على أساس تلك الأعمال السابقة، وليحاولوا ردم الثغرات، وملأ النواقص، ورفع نقاط الضعف بعد تشخيصها ومعرفتها، وعدم خسارة أو إفلات نقاط القوّة.

وأرى أنّ أهمّ عمل يمكن لهاتين الوزارتين وهذه المعاونيّة أن تقوم به هو أن تركِّز هِممها على تمهيد الأرضيّة للإبداع العلمي، فالإبداع مهمّ. يجب عدم توقُّف تيّار الإبداع هذا، كلّ خطوة يجب أن تمهّد الأرضيّة لخطوة تالية تأتي بعدها. إنّ الحفاظ على تيّار الإبداع في البلاد يتطلّب الرصد الدائم، ليرصد المسؤولون المحترمون في المعاونيّة العلميّة، وليتابعوا التيار العلمي في البلاد، وينظروا أين هي مواطن العُقد والعرقلة، وما هي المشكلات وحالات
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
55

43

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 عدم التنسيق فيرفعوها. والمجلس الأعلى للثورة الثقافيّة الذي يخوض في هذه القضايا، ضمن حدود واجباته ومسؤوليّاته، يتولّى هو أيضاً دوراً مهمًّا. وهناك أيضاً المعاونيّة العلميّة وهي مؤسّسة لجانيّة للتنسيق بين المؤسّسات والأجهزة. وهناك المؤسّسات العلميّة في البلاد نفسها أي الوزارتين المذكورتين، ومراكز البحث، والتحقيق، ومختلف مراكز ومؤسّسات العلم والتقانة، وهم منفِّذو المشاريع والأعمال... هؤلاء يجب أن يعملوا كلُّهم بطريقة منسجمة منسّقة، ويجب رفع حالات عدم التنسيق.


بالطبع إنّ تقدُّمنا ونموّنا العلمي في الوقت الحاضر جيِّد جدًّا بالمقارنة إلى (ما هو موجود) المنطقة، وفي المقاييس العالميّة. العدد العام لنموّنا جيِّد، وسرعة نموّنا جيِّدة جدًّا، بمعنى أنّ سرعة التقدُّم العلمي عالية جدًّا، لكن هذا ليس ملاكاً، بمعنى أنّ هذه السرعة يجب أن تبقى ويُحافظ عليها. حقيقة سرعة النموّ العلمي لا تعني أنّنا وصلنا إلى الهدف أو حتّى أنّنا اقتربنا من الهدف ذلك، لأنّنا كنّا متأخّرين جدًّا، والعالم لا ينتظر حتّى نتقدم نحن فيبقى يتفرّج علينا، إنّما العالم أيضاً يتقَّدم باستمرار، وطبعاً سرعتنا أكبر، وعلينا الحفاظ على هذه السرعة. إذا جرى الحفاظ على هذه السرعة في النموّ العلمي، فسيكون هناك أملٌ أن نصل إلى القِمَم وإلى الخطوط الأماميّة، وتكون بلادنا ومراكزنا العلميّة - كما قلت مراراً - مراجع علميّة للعالم. هذا شيء يجب أن يحصل وسوف يحصل إن شاء الله. وطبعاً لا أتصوَّر أنّه سيحصل خلال خمسة أعوام، أو عشرة أعوام، أو خمسة عشر عاماً، لا، لقد ذكرت قبل سنوات أن لكم أنّ تتصوّروا المستقبل ما بعد خمسين عاماً أو أربعين عاماً قادمة، حيث إنّ كلّ من يريد في العالم أنّ يطّلع على المنجزات العلميّة الجديدة سيضطر إلى إتقان اللغة الفارسيّة. اعقدوا عزائمكم وهِمَمكم على هذا. اعملوا ما من شأنه أن يحتاج الآخرون في العالم إلى علومكم فيضطرون إلى إتقان لغتكم ليطّلعوا على علومكم، وهذا شيء ممكن ومتاح.

كان المرحوم الشهيد الدكتور چمران من النخب العلميّة، وقد اشتهر بالحرب والشهادة والبنادق وما إلى ذلك، لكنّه كان من النخب العلمية البارزة، وكان يدرس في واحدة من الجامعات الأميركيّة المعروفة، ثمّ ترك الدراسة وانتقل إلى لبنان، ثمّ عمل مجاهداً في بلاده. وكان يقول لي: إنّ المتميِّزين من الطراز الأوّل في الجامعات الأميركيّة - وخصوصاً 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
56

44

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 تلك الجامعة التي كان يدرس فيها - معدودون، لكنّ الإيرانيِّين هم الأكثر عدداً بينهم. الإيرانيّون أعلى مستوى من متوسّط المواهب العالميّة، وهذا ما سمعناه مرّات من أشخاص آخرين، وكما قلت فإنّ التجارب بدأت تثبت لنا ذلك.


النقطة التي شدّدتُ عليها منذ البداية، ولم تتحقّق بشكل كامل إلى الآن، هي قضيّة الارتباط والتكامل بين العلم والصناعة، وبين الجامعات والمصانع، وبين مراكز البحث العلمي والصناعة. وأرى منذ سنوات أنّ هذه القضيّة تُطْرح على ألسن الطلبة الجامعيّين والنخبة والمسؤولين، هذه نقطة على جانب كبير من الأهميّة. لدينا هنا مجموعة علميّة، وهناك مجموعة صناعيّة، والصناعيّون متعطّشون إلى الحصول على التطوّرات العلميّة وبحوث الجامعات والمراكز والمؤسّسات العلميّة، وهذه المراكز العلميّة تحتاج - من أجل أن تواصل تدفُّقها العلمي - إلى أسواقٍ لاستهلاك علومها. ولا يوجد حاليًّا بين هذين القطاعين علاقة منطقيّة تكامليّة. إذا استطعنا مدّ الجسور والعلاقات بين الصناعة والجامعة، وبين الصناعة ومراكز البحث العلمي، أو بمعنى أعمّ بين الصناعة والعلم بشكل كامل فستكون النتيجة نموّ مراكزنا الصناعيّة، سوف يراجعون الجامعات لمعالجة مشكلاتهم، وسوف يعالجون مشكلاتهم وينتفعون من التطوُّرات العلميّة في عملياّتهم الصناعيّة، وسوف تتقدَّم جامعاتنا أيضاً، فهي كالسدّ الذي تمّ بناؤه لكنّه يفتقر إلى شبكات الريّ، مثل هذا السدّ سيكون طبعاً بدون فائدة. نصف عمل السدّ هو أن نقيم مخزناً تجتمع المياه خلفه، والنصف المهمّ الثاني هو أن نوجد شبكات مياه وريّ، ليمكن إيصال مياه هذا السدّ إلى المناطق التي تحتاج إلى المياه، وإلى الأراضي العطشة، هذا ما يجب أن يحصل ويتمّ. طبعاً يجب على الشركات والمصانع أن ترجع إلى المراكز العلميّة أكثر من السابق، وينبغي للمراكز العلميّة أن تستعدّ أكثر من السابق. يجب أن نشهد كلّ عام مئات المشاريع البحثيّة في الجامعات والمراكز العلميّة بناءً على طلب وتوصية المراكز الصناعية والشركات، والمقصود بالطلبات هنا الطلبات الداخليّة طبعاً. ومن النقاط التي تُعَدُّ في رأيي من نقاط الضعف المهمّة - وكثيراً ما يشير لها الشّباب والأساتذة وغيرهم - هي الأعمال العلميّة بطلبات أجنبيّة، فهي أعمال لا يحتاجها البلد. لا أريد أن أمنع هذا الشيء على نحو العموم، ولكن أن تعملوا هنا عملاً علميًّا بحثيًّا من أجل سدّ حاجة تلك المؤسّسة العلميّة أو التقنيّة في العالم، ويشترون حصيلة 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
57

45

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 عملكم بأثمان زهيدة، فهذا ليس امتياز (شطارة). يجب أن تنظروا ما هي الاحتياجات الداخليّة، وما هي المواقع الداخلية التي تحتاج لأعمالكم البحثيّة - خصوصاً على مستوى الدكتوراه وما فوق - وما هي الثغرات التي تردمها بحوثكم وتحقيقاتكم داخل البلد.

 
وعليه، يجب أن تقوم مسابقة جديّة كبيرة في الإبداع (مضمار الإبداع)، مباراة بالمعنى الحقيقي للكلمة، سواء في العلوم أو في التقانة (التكنولوجيا). في الرسائل الجامعيّة - وخصوصاً مرحلة الدكتوراه - من الأمور التي يحتَّم أخذها بنظر الاعتبار قضيّة الإبداع والابتكار. تجب الإشارة هنا أين الإبداع، ويكون هذا هو ملاك التقييم ومنح الامتيازات والدرجات. على المؤسّسة الوطنية للنخبة أن تعمل بجدّ وتوفر مناخ الحيوية العلميّة، فإذا حصل هذا، سيتشوّق المتخصّص الإيراني في الخارج للعودة، ويتشوّق الشاب الإيراني الموهوب إلى البقاء في وطنه ودياره والعمل لخدمة بلاده.
 
وثمّة نقطة أساسيّة هنا ومهمّة هي التقوى والورع، تتضاعف قدرات مجتمع النخبة في البلاد، سواء من الفتيات أم الفتيان والشّباب عموماً وأساتذتهم، في ظلّ التقوى والورع والعفّة والتوجّه إلى الله، وستسهَّل تقدّمهم وصعودهم. من أكبر الامتيازات التي تمتلكونها هو نقاء الشّباب، هذا شيء يبقى مع الإنسان دوماً. ثمّة في فترة الشّباب نقاء ونور يسهّل استنزال الرحمة الإلهيّة على الإنسان، وإذا سهّل الله تعالى الطريق على الإنسان ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾، أي إذا سُهِّل العمل ومُهِّدت الأسباب للإنسان ووُفِّرت له المقدمات، فسيصل الإنسان إلى أهدافه بسهولة كبيرة. اعرفوا قدر التقوى والعفّة والإيمان والنقاء والنور الذي تتحلّون به، وهو أرضيّة المعنويّة، واطلبوا من الله تعالى أن يعينكم ويعين بلدكم، لنستطيع إن شاء الله الوصول إلى المحطَّات التي نتمنَّاها لبلادنا وشعبنا. وأنا بدوري سأدعو لكم الله دومًا إن شاء الله، كما دعوت لكم إلى الآن. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
1- اِسْتخدِمْ طريقة التسلسل العامودي في المحاضرة المتقدّمة؟
2- اِسْتخدِمْ طريقة الدوائر في المحاضرة المتقدّمة؟
3- اِسْتخدِمْ طريقة الخانات الأفقيّة في المحاضرة المتقدّمة؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
58

46

الدرس الثالث: كيف نكتب؟ (2) تدوين رؤوس الأقلام

 مطالعة


من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (3)

كتب دينيّة بأسلوب مواكب للعصر
من المسائل التي قصّرنا فيها، والتي ربّما هي غير قابلة للتصديق، هي الكتب الدينيّة! فلعلّنا نقصّر - وللأسف - في العمل على الكتب الدينية والمسائل الإسلاميّة! هذه المتون الإسلامية قيّمة جدّاً.

إنّنا بحاجة إلى كتب في مستوى كتب الشهيد مطهّري، تبيّن المسائل الأساسيّة للإسلام برؤية صائبة وبعيدة عن الانحراف والإفراط والتفريط، بلغة مفهومة لفئات المجتمع المتوسّطة، فلا يكون الملاك فيها التوجّه إلى العلماء والمفكّرين، ولا المستويات الدنيا...

ومن الواجب عليّ هنا، مع التسليم والإذعان لمقام الحوزات العلميّة الرفيع، وخاصّة الحوزة العلميّة في قُمّ، في نشر الأفكار والمعارف الإسلاميّة، أن أوجّه خطابي إلى تلك الحوزة، وأقول: إنّكم - هنا - من يجب عليه تلبية هذه الحاجة، بالطبع ليس بالمعنى الحصريّ، لكن على أيّ حال، القاعدة هي قمّ.

هذه هي المجالات التي ينبغي، بنظري، العمل عليها.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
59

47

الدرس الرابع: كيف نكتب؟ (3) أساليب الكتابة

 الدرس الرابع: كيف نكتب؟ (3) أساليب الكتابة


أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف أسلوب الكتابة العلميّة والأدبيّة وخصائصهما.
2- يتمرّس على مهارة الكتابة وفق أسلوب علميّ أو أدبيّ.
3- يستفيد من هذه المهارة في مجال الكتابات العلميّة والأدبيّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
61

48

الدرس الرابع: كيف نكتب؟ (3) أساليب الكتابة

 تعريف الأسلوب

هو طريقة التفكير والتصوير والتعبير، واختيار الوسائل المؤدّية إلى تحقيق الغرض والمقصد.

وينظر هذا التعريف العامّ إلى الأسلوب بوصفه أفكاراً أو معاني مرتّبةً في العقل، قبل أن يكون ألفاظاً، أو رسوماً، أو ألحاناً موسيقيّة، فالأسلوب، وفق هذا، يتمثّل في جانبين اثنين: الجانب المعنويّ، والجانب الحسّيّ المادّيّ للفكرة والصورة، أي التعبير بالكلمة أو باللوحة، أو بالمنحوتة، أو بالقطعة الموسيقيّة.

ثمّ كثُر قَصْرُ الأسلوب على الجانب الحسّيّ المادّيّ، وشاع استخدامه في الكتب التعليميّة، بما يتمثّل في الألفاظ وطرائق تنسيقها في التعبيرين الشفهيّ والكتبيّ، فغدا الأسلوب وفق هذا التحديد الضيّق دراسة العنصر اللفظيّ في النصّ، أي دراسة الكلمات والجمل، وما يرتبط بهما -أحياناً- من صور بلاغيّة، منها: التشبيه، والاستعارة... وفي السياق التعليميّ نفسه، ذهب بعض النقّاد إلى جعل النصّ معنًى ومبنًى، فقارنوا بين المضمون والشكل، أو بين المعاني والأسلوب. وكان لديهم في هذه القسمة الثنائيّة مصطلحاتهم الخاصّة التي انعكست على الدارسين في الكتب التعليمية، فقالوا إنّ لكلّ نمط من الأفكار والمعاني لِباساً يوافقه، وإنّ لكلّ موضوع أسلوباً يُلائمه. وارتبط، بالتالي، تعدّد أنماط التعبير وتنوّع الأساليب بتعدّد أغراض التفكير.

وذهب بعض علماء الأسلوب إلى التمييز بين الأسلوب العلميّ والأسلوب الأدبيّ. ورأَوا أنّ الأوّل يتّسم بالمنطق والوضوح، والابتعاده عن التصوير البلاغيّ، وعدم اكتراثه بالمجازات والمحسّنات، أمّا الثاني(الأدبيّ)، فيمتاز بالخيال الرائع والتصوير الفنّي، وتلمّس أوجه
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
63

49

الدرس الرابع: كيف نكتب؟ (3) أساليب الكتابة

 الشبه البديعة والبعيدة، بين الأشياء، وإلباس المعنويّ ثوب المحسوس، وإظهار المحسوس في صورة المعنويّ.


وذهب آخرون إلى التمييز بين أسلوب النثر وأسلوب الشعر، فالأوّل يتميّز بمطابقة الكلام فيه لمقتضى الحال، والمقصود بالحال هنا، إمّا الوصف أو السرد أو الشرح لفكرة مجرّدة، وأمّا الثاني فأهمّ ما يميّزه هو الاهتمام بالتصوير وموسيقى الإيقاع.

لكنّ هذه التقسيمات، على كثرتها، لا تؤدّي إلى بيان الفروق الدقيقة في الأساليب بين فنّ وآخر، أو بين غرض وآخر، أو بين موضوع وآخر، فالمقالة، مثلاً، فنّ نثريّ يستغرق عدداً كبيراً من الأشكال، فهناك المقالة العلميّة والأدبيّة والسياسيّة والاجتماعيّة والنقديّة والفنّيّة...، وبالتالي يتطلّب كلّ شكل من هذه الأشكال أسلوباً خاصّاً به، له طرائقه وميّزاته. وكذلك المسرحيّة، فهي فنّ من فنون التعبير الأدبيّ، وقد تجمع المسرحيّة الواحدة بين النثر والشعر، وبالتالي تتنوّع الأساليب وفق مقتضى المشهد واللغة والحركة.

المقارنة بين أسلوبي الكتابة، العلميّ والأدبيّ
أ- من جهة الكاتب:
عندما يعرض العالِمُ لموضوعٍ ما، فإنّه يتناول حقائق الواقع بموضوعيّة وتجرّد، دون إضافة مشاعره وتصوّراته، فيكون حياديّاً، ويعرض فقط المعطيات البحثيّة التي أمامه.

أمّا الأديبُ فيصدر كلامه معبّراً عن وجدانه، ومترجماً مشاعره وأحاسيسه. ويبقى أسيراً لما يختلج في داخله من حبّ أو كره، فرح أو حزن، قوّة أو ضعف...، وبالتالي لا يَأْبَه للواقع، ولا لحقائقه وقوانينه، إلا بالقدر الذي يراه منسجماً مع ذاته، فما يهمّه هو نفسه وحقائقها الوجدانيّة ودخائلها الشعوريّة.

فإذا تصدّى عالمٌ جغرافيٌّ لظاهرة الجَزْر والمدّ- مثلاً- وكتب تقريراً في رصد الظاهرة، ثمّ عاد ودرس الظاهرة في السنة التالية، وكتب تقريره ثانيةً، كان التقريران متطابقين من حيث المعطيات والفروض والنتائج، إلّا إذا تغيّرت جزئيّة ما في المعطيات الجغرافيّة، أو الافتراضيّة، أمّا الشاعر فإنّه لو أراد وصف الظاهرة نفسها، فإنّه سرعان ما يربِط ذلك بانفعالاته ومشاعره، وسرعان ما تتغيّر مضامين النصّ الأدبيّ وأسلوبه في وقت آخر، يكون 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
64

50

الدرس الرابع: كيف نكتب؟ (3) أساليب الكتابة

 فيه الموقف الانفعالي قد تغيّر.


ولو أنّ عالمَين اثنين كتبا عن ظاهرة المدّ والجَزر لما وجدنا بينهما خلافاً ذا شأن، فالظاهرة في تقريريهما تخضع لتحليل الأسباب وكشف العلاقات، والخُلوص إلى نتيجة متماسكة مع المقدّمات والعرض التحليليّ.

ولو أنّ أديبين اثنين كتبا عن الظاهرة نفسها لوجدنا فرقاً شاسعاً في ما كتبا، وكأنّنا أمام حالتين، أو ظاهرتين، جرّاء إسقاط مشاعرهما على ما تراه العيون، وما يخفق له القلب.

ب- من جهة الموضوع:
يُعنى العالِمُ بموضوعات الواقع الإنسانيّ أو الكونيّ، فيُنَقِّب في هذا الواقع باحثاً عن قوانينه وأدلّته، وعن ماهيّته، وعن المؤثّرات والعوامل الفاعلة المؤدّية إلى نتائج حسيّة مادّيّة.

أمّا الكاتب الأدبيّ فمجاله علاقته بالواقع أو علاقة الإنسان بمحيطه، وهو إذ يبحث في هذه العلاقة لا يغيب عن بحثه وتجربته ذلك الإحساس بالواقع، والتأثّر به.

ويعتمد الكاتب العلميّ الأدلّة العقليّة التي يحكمها العقل والمنطق. وأمّا الكاتب الأدبيّ فيتوسّل- للوصول إلى التعبير عن تجربته الوجدانيّة- مجموعة أدلّة عاطفيّة، كثيراً ما ينعدم العقل والمنطق فيها.

وإذا كان الموضوع العلميّ قائماً على التماسك والتسلسل، فإنّ الموضوع الأدبيّ يقوم على تشابك الأبيات أو الفِقَر والصور بعلاقات قد تكون من نسج خيال الكاتب، وإنْ كانت من الناحية الفنّيّة مُقنِعَة وصادقة، بحيث تجعلنا نتابع الأديب في ما يقوله، حتى لو كان خرافيّاً.

وقد يتخيّل العالم قانوناً أو فرضاً، لكنّ هذا لا يكون مقصوداً لذاته، إنّما يقصد به تحقيق رأي علميّ، فإنْ لم يُسٍعِفْه بالنتيجة المرجوّة الصحيحة، لم يكن لخياله أيّ قيمة. وأمّا في موضوع الأدب، فالخيال ركن أساس في تأليف الأنموذج الأدبيّ، بحيث يبقى ببقاء أنموذجه، سواء أطابق الواقع الخارجيّ أم لم يطابقه.

ولعلّ كثرة التعليلات الخياليّة في الأنموذج الأدبيّ هي أهمّ ما يفرّق بين العمل العلميّ والعمل الأدبيّ.

ثمّ إنّ حقائق العلم ونظريّاته في معرض التجديد، وهي عرضة للتغيّر، أمّا حقائق الأدب
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
65

51

الدرس الرابع: كيف نكتب؟ (3) أساليب الكتابة

 النفسيّة فأكثر ثبوتاً وخلوداً في الحياة الإنسانيّة، فشعر المتنبي-مثلاً- ما زال أدباً رائعاً يُحتَذى في حياتنا الثقافيّة، منذ القرن الرابع الهجريّ، وأمّا معاصروه من العلماء، فإنّ نظريّاتهم في الفلك أو الطبّ، لم تَعُدْ قادرة على الثبوت والاستمرار، من دون أيّ تغيير أو تعديل، في ظلّ تقدّم علوم الفلك أو الطبّ.


ج- من جهة التعبير اللغويّ:
يعكس التعبيرُ اللغويّ فكرَ الكاتب، وطبيعة تصوّره عن الأشياء، ونوع الموضوع المُثار، والطريقة المتّبعة في عرض الأفكار، والأدلّة المستخدمة من حيث قصورها أو اتّساعها.

فالجملة في النصّ العلميّ جزءٌ من بنيان متماسك، يتسلسل في الفقرة الواحدة، وتتماسك الفِقر، وتتدرّج بمنطقها، في النصّ الواحد. فالجملة، هنا، ليس لها استقلال، أو وجود متميّز، بل هي ترتبط بما يتقدّمها ويتأخّر عنها ارتباط الأسباب بالمسبّبات والعِلل الحتميّة بالمعلومات. ولهذا الارتباط المنطقيّ الشديد ظاهرة نحويّة واضحة، هي كثرة حروف العطف، التي تصل الجمل بعضها ببعضها الآخر، ولاسيّما: الواو، والفاء، وبل، ويستلزم الربط بين العرض والاستنتاج استخدام الأسلوب التفسيريّ، والمقارنة والربط لتقرير المعاني، أمّا الألفاظ فتكون دقيقة الدلالة، جليّة، بلا أدنى غموض، فهي في خدمة أسلوب تقريريّ يعتمد الواقعيّة في تأدية المعاني، بعيداً عن التصوير والتزيين في أساليب الكلام.

وأمّا الجملة في الأسلوب الأدبيّ فغايتها جمال الكلمة والصورة، إضافة إلى ما تحمله من معنى، وهي في ما تحمله من دلالة وجدانيّة ومشاعر وأحاسيس ناقلة للتجربة الذاتيّة، تصبح مفعمةً بالإيحاء والرمزيّة، وتنطلق إلى رحاب الدلالة، ما يجعلها أسيرة القصور والاتّساع في آن، فقصورها ناتج من غموض دلالتها عن دقائق العاطفة، وأمّا اتّساعها فلأنّ السامع حين يسمعها، توحي إليه بمعنى لا ينحصر.

ثمّ إنّ الكلمة الأدبيّة تحمل صفة متمّمة لصفتها الرمزيّة أو العاطفيّة، وهي المعنى الصوتيّ. ومن المعروف أنّ العالم لا يفكِّر في أصوات كلماته، إنّما يفكّر في معانيها العقليّة فحسب، فالكلمة، عنده، ليس لها أيّ وظيفة سوى أداء المعنى العلميّ أو المنطقيّ. وأمّا 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
66

52

الدرس الرابع: كيف نكتب؟ (3) أساليب الكتابة

 في الأدب، فإنّها تؤدّي إلى جانب معناها النفسيّ العاطفيّ معنى صوتيّاً يتمّمه ولذلك يُعنى الأدباء بأساليبهم عناية لا يعرفها العلماء، فالأدباء لا يستخدمون أيّة ألفاظ، ولا أيّ كلام، بل ينتخبون ألفاظهم وكلامهم، ولكلّ أديب طريقته في الانتخاب، ومن ثمّ كان لكلّ أديب أسلوبه.


إنّ ما تقدّم من فروق لا يعني أبداً انقطاع الصلة بين العلم والأدب، أو بين العلم والفنّ، فإنّهما يسيران في مراحل متماسكة متلاحقة تُوصل إحداها إلى الأخرى. وإنّ المتتبّع تدرّج المعلومات الإنسانية يرى أنّها بدأت على صورة فنون عمليّة تجريبيّة، ثمّ تدرّجت في مراحل الرقيّ، ففكّر الإنسان فيها، وعُني بتفهّمها حتى وصلت إلى النظام العلميّ، ليعود الباحثون إلى وضع الأصول للفنون، ثمّ يحاولوا أن يضعوا لها قوانين تقرّبها من العلوم وتُخضعها لقواعدها.

وفوق هذا، نجد أنّ بعض العلوم الثقافيّة لها ناحيتا العلم والفنّ، فالتاريخ علم وفنّ، والتربية علم وفنّ. وكذلك كثير من النواحي الثقافيّة تُعالج بالطريقتين العمليّة والعلميّة.

وقد ننظر إلى الحقيقة الواحدة بمنظاري العلم والفنّ، فنرى مظاهر مختلفة في الحالين، ننظر إلى القمر-مثلاً- من الناحية العلميّة، فنبحث في أجزائه وتكوينه وموقعه من الشمس وباقي النجوم، ثمّ ننظر إليه من ناحية شعريّة، أو أدبيّة خالصة، فنرى ما فيه من جمال ومنظر رائع في هلاله وبدره، وما يتركه في الرائي من إيحاءات تبعث على التأمّل، وتملأ القلب والعين والروح إعجاباً وارتياحاً، فالنظرة الأولى هي نظرة العالِم، والثانية هي نظرة الأديب.

تطبيقات في اختلافات الأسلوبين العلميّ والأدبيّ
نورد في ما يأتي نصّين اثنين، يجمعهما موضوع واحد، هو "ضوء القمر"، وتتجلّى فيهما اختلاف النظرة والطريقة في التفكير والتصوير والتعبير، لكلّ من الكاتب العلميّ، والكاتب الأدبيّ:

أ- النصّ الأوّل (= العلميّ):
"القمر جسم مظلم كروي، تابع للأرض، يبعد 386952 كلم تقريباً عن الأرض، ويبلغ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
67

53

الدرس الرابع: كيف نكتب؟ (3) أساليب الكتابة

 قطْره 3400 كلم. تضيء أشعّة الشمس نصفه المقابل لها، ويتغيّر الجزء المستضيء من القمر من يومٍ لآخر في الحجم والشكل. وفي أوّل الشهر القمريِّ يتوسّط القمر بين الأرض والشمس، ونقول: إنّه في المُحاق، ولا يمكن حينئذٍ رؤية القمر، ثمّ يظهرُ لنا خطٌّ رفيع من النور، ويُدعى الهلال، ثمّ يأخذ الجزء المستضيء في الازدياد، حتى إذا مضت سبعة أيّام تحوّل شكله إلى نصف دائرة، ثمّ يأخذ في الازدياد عن نصف الدائرة، وفي اليوم الخامس عشر تتوسّط الأرض بين الشمس والقمر، فيظهر لنا القمر على شكل دائرة كاملة، ويُدعى البدر، ثمّ تتكرّر الأوجه السالفة، ولكن على عكس ما سبق. ويستغرق القمر في الدوران حول نفسه 3/1 27 من الأيام. وليس للقمر غلافٌ هوائيّ، وتختلف الحرارة فيه بين 215 و250 درجة فهرنهيت".


ب. النصّ الثاني ( = الأدبيّ):
ضَوْءُ قَمَر

 
"نشرَ البدرُ على الأرضِ ظِلالاً                    فالدَرَارِي مُصْغِياتٌ والرُّبَى

راجفاتٍ، وعلى البحيرةِ، آَلَا                      في خُشُوعٍ، تَرْتَدِي الصمتَ جَلَالَا
تَخفقُ الأوراقُ في الدَّوجِ على                    ويَدَاهَا في يَدَيَّ أَلْقَتْهُمَا
نَغَمٍ، في هَدْأةِ الليلِ، تَعَالَى                        عَنْ ذُهُوْلٍ سَدَرَتْ فِيْهِ وَطَالَا
بُلْبُلٌ يَتَّمَهُ شَوْقٌ إلى                               زَادَهَا البَدْرُ شُحُوْباً فاتِنَاً
وَرْدَةٍ، في الرَوْضِ، تَجْفُوْهُ دَلَالَا                 رَوْعَةُ الرُوْحِ عَلِيْهَ تَتَلَالَا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

68


54

الدرس الرابع: كيف نكتب؟ (3) أساليب الكتابة

 صُورَةُ العَذْرَاءِ في بَحْرَانِهَا                  يُلْبِسُ الأَوْهَامَ نِعمى وَجَمَالَا

لَوْنُهَا، مِنْ قِدَمِ الأَيَّامِ، حَالَا                    غَمَرَ الكَوْنُ بِلَوْنٍ مُبْهَمٍ
أبعدت عَيْنَاكِ، يَا هِنْدُ، تُرَى                   شُبُهَاتُ الظَنِّ فِيْهِ تَتَوَالَى
تَبْتِغِيْ عَيْنَاكِ بِالغَيْبِ اتّصَالَا                  وَجْهُكِ الشَاحِبُ مِرْآَةٌ، عَلَى
المُنَى، يَا هِنْدُ، نَجْوَى ملَك                    صَفْوِهَا، يَخْتَلِجُ الحُلْمُ خَيَالَا" 
 
 
 
 
 
(يوسف غصوب، المجموعة الشعريّة الكاملة)
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
69

 


55

الدرس الرابع: كيف نكتب؟ (3) أساليب الكتابة

 الأفكار الرئيسة

1- الأسلوب هو طريقة التفكير والتصوير والتعبير، واختيار الوسائل المؤدّية إلى تحقيق الغرض والمقصد.
2- يتناول العالِمُ موضوعاً ما ببيان حقائق الواقع بموضوعيّة وتجرّد، من دون إضافة مشاعره وتصوّراته، أمّا الأديبُ فيصدر كلامه معبّراً عن وجدانه، ومترجماً مشاعره وأحاسيسه.
3- يُعنى العالِمَ بموضوعات الواقع الإنسانيّ أو الكونيّ، أمّا الكاتب الأدبيّ فمجاله علاقته بالواقع أو علاقة الإنسان بمحيطه.
4- يعتمد الكاتب العلميّ الأدلّة العقليّة التي يحكمها العقل والمنطق، أمّا الكاتب الأدبيّ فيتوسّل مجموعة أدلّة عاطفيّة، كثيراً ما ينعدم العقل والمنطق فيها.
5- يقوم الموضوع العلميّ على التماسك والتسلسل، أمّا الموضوع الأدبيّ فيقوم على تشابك الأبيات أو الفِقَر والصور بعلاقات واهية.
6- لا يستغرق العالِم كثيراً في الخيال، أمّا الأديب، فالخيال بالنسبة إليه ركن أساس في تأليف الأنموذج الأدبيّ.
7- حقائق العلم ونظريّاته في معرض التجديد، وهي عرضة للتغيّر، أمّا حقائق الأدب النفسيّة فأكثر ثبوتاً وخلوداً في الحياة الإنسانيّة.
8- الجملة في النصّ العلميّ جزءٌ من بنيان متماسك، أمّا الجملة في الأسلوب الأدبيّ فغايتها جمال الكلمة والصورة.


فكّر وأجِب
1- عرّف الأسلوب، مبيّناً قسميه العلميّ والأدبيّ ووجوه الفرق بينهما؟
2- بيّن بنحو تطبيقيّ وجوهَ الاختلاف بين النصّين، العلميّ والأدبيّ في موضوع.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
70

56

الدرس الرابع: كيف نكتب؟ (3) أساليب الكتابة

 مطالعة


من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (4)

الحرب فرصة للإبداع في الكتابة
لقد أضحت الحرب ساحةً لبروز الاستعدادات على هذا الصعيد. أنتم تعلمون، إنّ الشدائد هي من الأشياء الّتي تفتّح الاستعدادات الفنّيّة والأدبيّة في أيّ بلد، ومنها الحروب.

إنّ أجمل الروايات وأفضل الأفلام، وربّما أسمى القصائد الشعريّة قد أُنشدت وأُلقيت وأُلّفت وظهرت في الحروب ومن وحي الحروب، وهكذا كان الأمر في حربنا أيضاً.

الإبداع في الكتابة يكمن بمحاكاة الواقع ونقله للآخرين
قلت يوماً لأحد الكتّاب الجيّدين، اذهبْ إلى أحد المراكز الصحّيّة التابعة لمؤسّسة الجرحى، اذهبْ وارتدِ اللباس الأبيض كالممرّضين، واخدمْ في ذلك المركز الصحّيّ، وأنا أحصّل لك إذناً. اذهبْ وامكُثْ هناك لمدّة شهر، فرّغ وعاء الجريح، أطعمه بيدك، اجمع ملاءته، وتعرّف على معاناته ومشاكله، وتعرّف من هو الجريح. أنا وأنت لا نعرف من هو الجريح وماذا يعاني. إنّنا نرى جسد الجريح، لكن كيف لنا أن نعرف أحاسيسه! قلت، اذهب وتعرّف على الجريح بتلك النظرة الفنّيّة، ومن ثمّ ارجع واكتب رواية حول مشاعر الجريح وأحاسيسه، وخفّف بهذه القصّة آلامه وبلسم جراحه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
71

57

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير



أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف علامات الترقيم وفوائد استعمالها وصورها ومواضعها.
2- يتمرّس على استعمال هذه العلامات في عمليّة الكتابة.
3- يوظّف هذه المهارة في مجال الكتابة العلميّة والأدبيّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
73

58

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 تعريف علامات الترقيم

هي رموز اصطلاحيّة، تُوضع في النصّ وفق قواعد محدّدة يتطلّبها التواصل بين المتكلّم والسامع في الأداء بين الكاتب والقارئ في النصّ الكتبيّ. ويُسبّب أيّ خَلل قد يقع في استعمال هذه الرموز، أو في فهم غرضها، من قِبَل الواضع أو المتلقّي، التباساً أو اضطراباً في فهم مضمون النصّ، وموضوع التواصل.

فوائد استعمال علامات الترقيم
تؤدّي هذه الرموز الاصطلاحيّة أغراضاً دلاليّة ووسائل صوتيّة معيّنة، يمكن إيجازها بالآتي:
أ- إيضاح مضمون النصّ، وإبراز مفاصله، والربط بينها، والكشف عن أحوال واضعها في نسيج تعبيره، من خبرٍ وإنشاء، والتنقّل بين أساليبها.

ب- القدرة على نقل المناخ الصوتيّ الذي يتوسّله الكاتب أو المؤدّي شفهيّاً لترجمة انفعالاته وأحاسيسه ونقاط اهتمامه وما يودّ إثارته، أو يوليه تركيزه في سياق الجملة والفقرة، من تنغيم، ونبر، ووقف، واستغراب، وتعجّب...

ج- إرشاد المرتّل أو القارئ للنصّ القرآنيّ إلى مواضع الوقف، أو مدّ الصوت، أو الإدغام، أو مواصلة الكلام، ومجمل الأحكام والطرائق والجوازات.

وقد شرع الكتّاب والمحقّقون بإدخال علامات الترقيم في النصوص، ثمّ اتّسع نطاق النصوص التي تعتمد هذه الرموز، وبلغ الأمر حدّ الإلزام في النصوص التعليميّة في المدارس والمعاهد. بَيْد أنّ الاتّفاق على تسميات موحّدة في الأقطار العربيّة لعدد من هذه الرموز ما زال متعذّراً، فقد يُشار إلى الرمز الواحد بتسميات متعدّدة، فهناك الخطّان أو الشرطتان،
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
75

59

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 وهناك الفاصلة المنقوطة أو القاطعة، وهناك المزدوجان أو علامة التنصيص أو علامة الاقتباس...


صور علامات الترقيم ومواضع استعمالها
أ- النقطة (.):
توضع هذه العلامة بعد:
- الترقيم والحرف، نحو: 1./ أ.
- اللقب، نحو: د. فلان، أي الدكتور فلان/ أ. د. فلان، أي الأستاذ الدكتور فلان.
- اختصار كلمة أو عبارة، نحو: د. ت.، أي دون تاريخ/ م. ن.، أي المصدر نفسه.
- اختصار اسم دولة، نحو: ج. م. ع.، أي جمهورية مصر العربيّة.

ب- الفاصلة (،):
أو: الفارزة، أو الفَضْلة، أو الشَّوْلة.

وتوضع هذه العلامة:
- للفصل بين الجمل النواة والجمل البسيطة التي يتكوّن من مجموعها جمل مركّبة، نحو: "كفى بالعلم شرفاً، أن يدّعيه من لا يحسنه، ويفرح به إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذمّاً، يبرأ منه من هو فيه".

- للدلالة على أجزاء حكم عامّ، نحو: "الناس صنفان: أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق".

- بين الجمل القصيرة تامّة المعنى، شرط استقلال كلّ جملة بمعنى، وتوافر الربط بالواو، نحو: "العلم رأس الخير كلّه، والجهل رأس الشرّ كلّه".

- بين الأسماء والصفات والظروف والأفعال، المندرجة في سياق جملة مركّبة، تامّة المعنى، والتي لا تجمع بينها أحرف العطف، نحو: "العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال".

- بين الجمل المتعاطفة في جملة مركّبة واحدة، أو أكثر، بما يشكّل فقرة تامّة، نحو: "رُبَّ عالم قد قتله جهله، وعلمه معه لا ينفعه".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
76

60

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 - بين أقسام الشيء الواحد، نحو: "العلماء ثلاثة: رجل عاش به الناس وعاش بعلمه، ورجل عاش به الناس وأهلك نفسه، ورجل عاش بعلمه ولم يعِشْ به أحد غيره".


- بين القسَم وجوابه، نحو: "والله، لقد اعترض الشكّ، ودخل اليقين، حتى كأنّ الذي ضمن لكم قد فرض عليكم، وكانّ الذي قد فرض عليكم قد وضع عنكم".

- بين الشرط وجوابه (أو جزائه)، نحو: "مَنْ تفقّه في دين الله، كفاه الله همّه ورزقه من حيث لا يحتسب".

- قبل الجملة الحاليّة، نحو: "إذا جاء الموت لطالب العلم، وهو على هذه الحالة، مات شهيداً".

- بعد لفظ التعجّب آه (بمعنى أتوجع) ، نحو: "آه، من قلّة الزاد وبُعد المسير".

- بعد المنادى، نحو: "يا بُنيّ، تجعل في أيّامك ولياليك وساعاتك نصيباً لك في طلب العلم، فإنّك لن تجد لك تضييعاً مثل تركِه".

- بعد أحرف الجواب: نعم، بلى، لا، ردّاً على سؤال، نحو: "سُئِلَ الإمام الصادق عليه السلام عن علم الله بما كان وما هو كائن قبل تكوين السماوات والأرض؟ قال: بلى، قبل أن يخلق السموات والأرض".

- للفصل بين أساليب الجمل المختلفة، من خبرٍ وإنشاء، نحو: "العلم علمان: مطبوع ومسموع، ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع".

ج- الفاصلة المنقوطة (،):
يُطلق عليها بعضهم: القاطعة، أو الفَصْلة المنقوطة، أو الشوْلة المنقوطة.

وتوضع هذه العلامة:
- بين الجمل الطويلة نسبيّاً، في الفقرة الواحدة، التي تشكّل في مجموعها كلاماً تامّ المعنى، يتوالد بعضه من بعضه الآخر، بياناً، وتفصيلاً، وتنويعاً، نحو: "ما أخذ الله ميثاقاً من أهل الجهل، بطلب تبيان العلم، حتّى أخذ ميثاقاً من أهل العلم، ببيان العلم للجهّال، لأنّ العلم كان قبل الجهل".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
77

61

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 - بين جملتين تقوم بينهما علاقة سببيّة، بحث تكون الأولى سبباً للثانية، أو العكس، أي نتيجة لها، نحو: "من لم يصبر على ذلّ التعلّم ساعة، بقي في ذلّ الجهل أبداً".

- بين جملتين تكون الثانية تعليلاً أو توضيحاً للأولى، نحو: "ركعتان من عالم خير من سبعين ركعة من جاهل، لأنّ العالم تأتيه الفتنة فيخرج منها بعلمه، وتأتي الجاهل فينسفه نسفاً".

- بين جملتين مرتبطتين في المعنى، دون الإعراب، نحو: "مَنْ أخذ العلم من أهله وعمل به نجا، ومَنْ أراد به الدنيا فهو حظّه".

- بعد جملة طويلة، متعدّدة الأجزاء، مكتفية بذاتها لغوياً، وإنّما هي معنويّاً بحاجة إلى استئناف جديد للكلام، نحو: "ليس العلم بكثرة التعلّم، إنّما هو نور يقذفه الله في قلب من يريد أن يهديه".

د. النقطتان (:): أو النقطتان الرأسيّتان:
وتوضع هذه العلامة:
- بعد لفظ القول، وما في معناه، للفصل بين لفظ القول والكلام المقول، نحو: عن الإمام علي عليه السلام: "لو أنّ حملة العلم حملوه بحقّه، لأحبّهم الله، وملائكته، وأهل طاعته من خلقه، ولكنّهم حملوه لطلب الدنيا، فمقتهم الله، وهانوا على الناس".

- للفصل بين الشيء العامّ وأنواعه وأقسامه، نحو: "للعالم ثلاث علامات: العلمن والحلمن والصمت".

- للفصل بين الحكم العامّ وشروحاته، نحو: "ثلاثة لا يستخفّ بحقّهم، إلا منافق بيِّن النفاق: ذو الشيبة في الإسلام، والإمام المقسط، ومعلّم الخير".

- قبل التعريف أو التفسير، نحو: "العقل: نور خلقه الله للإنسان، وجعله يُضيء على القلب، ليعرف به الفرق بين المشاهدات من المغيَّبات".

- قبل التمثيل، ويكون ذلك مسبوقاً بكلمة مثل، أو نَحْوَ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
78

62

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 هـ- علامة الاستفهام (؟):

وتوضع هذه العلامة:
- في نهاية الجملة الاستفهاميّة، نحو: "ألا انبئكم بالعالم كلّ العالم؟ مَنْ لم يزيِّن لعباد الله معاصي الله، ولم يؤمِّنْهم مكر الله، ولم يؤيِسْهم من رَوحه".
 
- تأخذ علامة الاستفهام في النصّ الشفهيّ حيّزاً واسعاً في تلوين الأداء، جرّاء كثرة أدوات الاستفهام، واختلاف الدلالة الفرعيّة لكلّ أداة عن الأخرى، وجرّاء خروج الاستفهام في أساليب كثيرة عن معناه الأصليّ إلى أغراض بلاغيّة أخرى، لا يُقصد بها السؤال عن أمر وطلب الجواب عنه، وإنّما يُقصَد به ذلك الغرض البلاغي بعينه، كالنفي، والإنكار، والتقرير، والتعجّب، والتوبيخ، والتعظيم، والتحقير، والاستبطاء، والتسوية، والتمنّي...، وذلك وفق الآتي:
النفي، كقول الله تعالى: ﴿هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ﴾1
 
وكقول البحتري:
هَلِ الدهرُ إلا غَمْرَةٌ وانجلاؤها           وَشِيكاً، وإلّا ضِيْقَةٌ وانفِراجُها؟
 
أو الإنكار، كقوله تعالى: ﴿أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾2
 
وكقول المتنبّي:
أتَلْتَمِسُ الأعداءَ بَعْدَ الذي رأتْ             قيامَ دليلٍ أو وُضوحَ بِيانِ؟
 
أو التقرير، كقول جرير: 
أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المطَايَا               وأَنْدَى العَالَمِينَ بُطونَ رَاحِ؟
 
أو التعجّب، كقوله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ﴾3



1 سورة الأنعام، الآية 47.
2 سورة الأعراف،الآية 28.
3 سورة البقرة، الآية 28.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
79

63

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 وكقول أبي تمّام: 

ما لِلْخُطوبِ طَغَتْ عليَّ كأنّها             جَهِلَتْ بأنَّ نَداكَ بالمرصادِ؟
 
أو التوبيخ، كقول أحمد شوقي: 
إِلامَ الخُلْفُ بينكُمُ إِلاما                    وَهذي الضَّجَةُ الكُبْرى عَلاما؟
 
أو للتعظيم والإجلال، كقوله تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ ... يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ ...﴾1
 
وكقول المتنبّي في الرثاء:
مَنْ لِلمحافِلِ والجَحَافِلِ                   والسُّرَى فَقَدَتْ بِفَقْدِكَ نَيِّراً لا يَطْلُعُ؟
 
أو الاستبطاء، كقول أبي العتاهية: 
حتى متى أنتَ في لَهْوٍ وفي لَعِبِ؟       والموتُ نحوكَ يهوِي فاغراً فاهُ
 
أو التسوية، كقول المتنبّي: 
ولَسْتُ أُبالي بعد إدراكي العُلا           أكانَ تُرَاثاً ما تَنَاولتُ أمْ كَسْبَا؟
 
أو التمنّي، كقول الشاعر:
هل بالطُّلولِ لسائلٍ ردُّ؟                   أمْ هل لها بتكلُّمٍ عَهْدُ؟
 
فالاستفهام في كلّ مقصد بلاغيّ، سبق ذكره، يتطلّب أداءً يحمل في طيّاته نبرة صوت المعنى المراد، كي يتحقّق البيان في إبلاغ السامع.
 
و- علامة التعجّب أو التأثّر (!):
وتوضع هذه العلامة:
- في نهاية جملة تحمل معنى التعجّب، نحو: "عجبت لمن أيقن بالموت كيف يضحك سنّه!".
 
- في نهاية جملة مبدوءة باسم فعل للمضارع، نحو: "أفٍّ لك يا دهر!".



1 سورة الكهف، الآية 49.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
80

64

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 - في نهاية جملة مبدوءة باسم فعل للماضي، نحو: "هيهات منّا الذلّة!".


- في نهاية جملة تحمل معنى الاستغاثة، نحو: "يا مجيب دعوة المضطرين!".

- في نهاية جملة تحمل معنى الدّعاء، نحو: "اللهمّ، إنّا نشكو إليك فَقْدَ نبيّنا وغيبة إمامنا!".

- بعد عبارة "ليت شعري"، بمعنى "ليتني أشعر"، نحو: "ليت شعري! أين استقرّت بك النوى؟".

- بعد عبارة تحمل معنى التحذير، نحو: "إيّاك والظلم! فإنّه أكبر المعاصي".

- بعد عبارة تحمل معنى الإغراء، نحو: "الله الله في الأيتام! فلا تغبُّوا أفواهَهم، ولا يَضِيعوا بحضرتكم".

- بعد الجملة التي تحمل معنى المدح، نحو: "نِعْمَ العبدُ المنيب!".

- بعد الجملة التي تحمل معنى الذّمّ، نحو: "بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين! يطري أخاه شاهداً، ويأكله غائباً، إن أعطي حسده، وإن ابتلي خذله".

وتُعْلِمُ علامة التعجّب القارئ في النصّ الكتبيّ بدلالة مضمون الجملة، على اختلاف أغراضها البلاغيّة، من استغراب، ودهشة، وحزن، ودعاء، وتعجّب، واستغاثة، ومدح، وذمّ...

ز- الشَّرْطة (-):
أو الوَصْلَة، أو العارِضَة، أو الخطّ، أو المعتَرِضة.

وتوضع هذه العلامة:
- بين العدد والمعدود، رقماً ولفظاً، نحو: أوّلاً -/ثانياً -/ثالثاً -/... ونحو 1/2/3/... ونحو: أ -/ ب -/ ج -/...
- في بداية السطر، في لغة الحوار، دلالةً على الانتقال من متكلّم إلى آخر.
- في بداية السطر، إشارةً إلى تقسيم أو تعدادٍ ما.
- بين ركني الجملة، إذا طال الركن الأوّل، بحيث توالت فيه جمُل كثيرة، عن طريق الوصف، أو العطف، أو الإضافة، أو نحو ذلك، فتكون هذه الجمل فاصلاً طويلاً بين هذا الركن والركن الثاني الذي يتمّم معنى الجملة، ويبدو ذلك في مواضع، منها: الفصل بين المبتدأ والخبر، والفصل بين الشرط وجوابه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
81

65

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 - بين تاريخي السنة الجامعيّة، أو بين سنتي الولادة والوفاة، أو بين تاريخي نشأة الدولة وزوالها، أو الحملات العسكريّة وتواريخها...


- بين كلمتين للوصل بينهما، وكأنّهما كلمة واحدة، بحيث تكون الكلمة الثانية من حيث المعنى وصفاً للأولى، ومن حيث الإعراب عطف بيان، نحو: المناهج التعليميّة - التعلّميّة.

- تنوب عن الأرقام في بدايات الأسطر المتفرّعة عن فكرة رئيسة، أو المحدّدة لأقسام العنوان الكلّيّ، ولاسيّما في إعداد التصميم.

- يُستعاض بها عن تكرار الكلمة الأولى، إذا تكرّرت.

- يُستعاض بها عن الحرف (أو) في الترادف.

ح- الشرط المائلة (/):
وتوضع هذه العلامة:
- للفصل بين التاريخ الهجريّ والتاريخ الميلاديّ.

- للفصل بين اليوم والشهر والسنة.

ط. الشَّرْطتان الأفقيّتان... أو الخطّان (- -):
و توضع هذه العلامة للإشارة إلى الجملة الاعتراضيّة، بمعانيها المختلفة، من إيضاح، ودعاء، وذمّ...

ي. الشَّرْطَتان المتوازيتان (=):
و توضع هذه العلامة:
- بين رمز الكلمة والكلمة في معاجم المصطلحات.

- يستعيض بها بعضهم، طباعيّاً، عن تكرار كلمات وردت في سطر سابق، وهو ما سَيَرِد في علامة المماثلة.

- في آخر ذيل الصفحة، إلى جهة اليسار، إذا لم يكتمل نصّ الحاشية، كما يوضع مثلها في أوّل حاشية الصفحة التالية، إلى جهة اليمين، إشارة إلى أنّ ما يبدأ به ذيل هذه الصفحة تابع لما كُتب في الصفحة السابقة، ويطلق بعضهم عليها: علامة التابعيّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
82

66

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 ك- علامة المماثلة (“ “ “):

وتوضع هذه العلامة للإشارة إلى تَماثُلٍ مع سطر سابق، تماثلٍ مع كلمة أو أكثر، وتُعطى كلّ كلمة مماثلة علامة واحدة.
 
ل- القوسان، أو الهلالان ( ):
وتوضع هذه العلامة:
- لحصر عبارات الدّعاء القصير.
 
- لحصر تحديد يوضّح كلمة أو جملة اصطلاحيّة أو غامضة، جاءت قبله.
 
- لحصر جملة الاعتراض بالشرط، الواردة في سياق الكلام.
 
- لحصر عبارة الاحتراس، أو ما يسهم في التفسير.
 
- لحصر عبارة تسترعي الانتباه في السياق.
 
- لحصر صفة ما، من شأنها إزالة التباس في اسم عَلَم، أو اسم مكان.
 
- لحصر الأرقام والرموز ذوات المدلول القانونيّ.
 
- لحصر تاريخ الميلاد وتاريخ الوفاة، وأسماء التصانيف والمؤلّفات.
 
- للإشارة إلى صاحب قول.
 
م- القوسان المُعْكَفَتان [ ]:
أو القوسان المعقوفان، أو المعقوفتان، أو المُرَكّنان، أو المُرَبّعان، ويطلق عليهما، - أيضاً، علامة الحصر.
وتوضع هذه العلامة لحصر كلام ليس من أصل النصّ، ساقه، أو أضافه الباحث إلى النصّ، توضيحاً أو تقويماً.
وقد جرى التقليد في البحث الأكاديميّ الحديث على إيراد الكلام المضاف، الموضوع بين القوسين المعكفتين، في الحاشية.
ن- القوسان المزهّران ﴿  ﴾:
أو القوسان المنجّمان، أو العزيزيّان. وتوضع هذه العلامة لحصر الآيات القرآنيّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
83

67

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 س- القوسان المزدوجان “ :

أو علامة التنصيص، أو علامة الاقتباس، أو الأَهِلَّة.

و توضع هذه العلامة:
- لحصر كلام منقولٍ حرفيّاً، ويشترط في هذا النقل الحرفيّ أمانة النقل، حتى لو كان فيه ما يخالف قواعد النحو والصرف، أو متضمّناً كلاماً لا يرتضيه الكاتب المحقّق، أو القارئ.

- قد يُساق الاقتباس في النصّ، بوصفه شاهداً يؤكّد قضية ما، ويعزّز صحّتها، أو ببوصفه سنداً، أو معلومة تحتاج إلى نقض من الباحث.

- لحصر كلمة بعينها، نرغب في التركيز عليها، في الجملة، أو السياق.

ع- النِقاط الثلاث المحصورة بقوسين (...):
وتوضع هذه العلامة:
- للإشارة إلى أنّ جزءاً من الكلام المنقول محذوف، بدعوى أنّ الكاتب لم يرَ ضرورة لذِكْره.

- بلا قوسين حاصرين، للتعليق على جريان الجملة، فيضعها الكاتب قصداً، لدواعٍ مختلفة، منها: الترجّي، والتهديد، والأسى.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
84

68

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 الأفكار الرئيسة

1- علامات الترقيم رموز اصطلاحيّة، توضع في النصّ وفق قواعد محدّدة يتطلّبها التواصل بين المتكلّم والسامع في الأداء الشفهيّ، وبين الكاتب والقارئ في النصّ الكتبيّ.
 
2- من فوائد استعمال علامات الترقيم: إيضاح مضمون النصّ/ إبراز مفاصله والربط بينها/ الكشف عن أحوال واضعها/ القدرة على نقل المناخ الصوتيّ الذي يتوسّله الكاتب/...
 
3- من صور علامات الترقيم: النقطة (.)/ الفاصلة (،)/الفاصلة المنقوطة (،)/النقطتان (:)/ علامة الاستفهام (؟)/ علامة التعجّب أو التأثّر (!)/ الشَّرْطة (-)/ الشرط المائلة (/)/ الشَّرْطتان الأفقيّتان/ الشَّرْطَتان المتوازيتان (=)/علامة المماثلة (")/القوسان، أو الهلالان ( )/ القوسان المُعْكَفَتان [ ]/ القوسان المزهّران ﴿  ﴾/ القوسان المزدوجان " "/ النِقاط الثلاث المحصورة بقوسين (...).
 
 
فكّر وأجِب
1- عرّف علامات الترقيم مبيّناً فوائد استعمالها في الكتابة؟
 
2- ضع علامات الترقيم المناسبة في مواضعها من النصّ الآتي:
إنّ الكتاب هو نافذة على العالم الواسع للعلم والمعرفة والكتاب الجيّد هو أحد أفضل وسائل الكمال البشري فالشخص الّذي ليس لديه ارتباط بهذا العالم الجميل والمحيي (عالم الكتاب) هو بلا شكّ محرومٌ من أهمّ النتاجات الإنسانية وأيضاً من أكثر المعارف الإلهية والبشرية إنّها لخسارة عظيمة للأمّة الّتي لا شأن لأبنائها بالكتاب وإنّه لتوفيقٌ عظيمٌ للإنسان أن يأنس بالكتاب وأن يكون في حالة استفادة دائمة منه فيتعلّم أشياء جديدة في مرحلة الشباب كنت كثير المطالعة فإلى جانب الكتب الدراسية الّتي كنت أطالعها 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
85

69

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 وأدرسها كنت أقرأ كتب التاريخ والأدب والشعر وكذا الكتب القصصية والروائية أحببت الكتب الروائية كثيراً وقرأت الكثير من الروايات المشهورة في تلك الفترة كذلك كنت أقرأ الشعر ففي أيّام حداثتي وشبابي كان لديّ اطّلاع على الكثير من الدواوين الشعرية كنت أحبّ كتب التاريخ وحيث كنت أدرس اللغة العربية قد خبُرتها جيّداً فقد أحببت الأحاديث (الشريفة) أذكر الآن أحاديث كنت قد قرأتها ودوّنتها في مرحلة الحداثةكنت أحتفظ بدفترٍ صغيرٍ أدوّن فيه الأحاديث إنّ الأحاديث الّتي بحثت حولها البارحة أو في هذا الأسبوع لا تبقى في ذاكرتي إلا إذا سجّلتها أمّا تلك الّتي قرأتها في تلك الأيّام ومرحلة الشباب فإنّني أذكرها تماماً عليكم أن تدركوا قيمة مرحلة الحداثة والشباب فما تطالعونه اليوم يبقى لكم ولا يُمحى من أذهانكم أبداً مرحلة الصِّبا هذه هي مرحلة جيّدة جدّاً للمطالعة والتعلّم إنّها بالفعل مرحلة ذهبية لا تُقارن بأيّ مرحلة أخرى أرى بعض شبابنا لا يخصّصون لأنفسهم وقتاً يمكنهم فيه القيام ببعض المطالعات الجانبية والحقيقة أنّه يمكن للشابّ أن يدرس دروسه ويطالع ويمارس الرياضة أيضاًعلى الرغم من مشاغلي الكثيرة لكن بحمد الله لم أنفكّ عن قراءة الكتب وفي الحقيقة لا أستطيع أن أنفكّ وفي زحمة الأعمال الكثيرة والهامّة الّتي هي على عاتقي أنا على تواصل دائمٍ مع الكتاب إنّني أشعر أنّ الإنسان إذا أراد أن يبقى على الصعيدين المعنوي والثقافي غضّاً ومتجدّداً فليس له حيلة سوى الارتباط بالكتاب كالارتباط بنبع سيّال ودائم الجريان يمدّ الإنسان بشكل منتظم بكلّ جديد طبعاً المسألة ليست مسألة حيلة أو عدمها بل هي مسألة ميل ورغبة وأمر لا بدّ منه بالنسبة لمن هو من أهل المطالعة والكتاب هذه العادة لم تجد لها إلى الآن مكاناً بين أبناء شعبنا بأن يذهبوا ويشتروا كتاباً فيقرؤوه ومن ثمّ يعطوه لأصدقائهم أو أبنائهم ليقرؤوه أيضاً ولربّما اشتروا كتاباً وألقوه جانباً أو على سبيل المثال يهدي صديق إلى آخر كتاباً فيرميه جانباً في الواقع لم تجد القراءة لها مكاناً في بلدنا وهذا مدعاةٌ للألم الكبير إنّنا غافلون عن مدى هذا الألم وشدّته في حين أنّ كلّ هذه المطالب الموجودة في الأذهان والجارية من الأقلام على الأوراق والتي تُطبع بنفقاتٍ عالية إذا ما وُزّعت بين جميع الناس لاحظوا كم سيرتفع مستوى ثقافة المجتمع وما هي المنافع الّتي ستتحقّق من هذه الجهة تعالوا والتحقوا بفرق العمل المؤثّرة بنحوٍ ما والتي ابتدأت منذ عدّة سنوات بحثّ الناس على المطالعة تكلّموا عنها في دعاياتكم وتصريحاتكم ألّفوا الكتب والمقالات انشروا فلتُكتب القصص ولتُنجز الأعمال الفنية لحثّ الناس على المطالعة وليصبح الكتاب جزءاً من لوازم الحياة.

 

 

 

 

 

 

 

86


70

الدرس الخامس: كيف نكتب؟ (4) علامات الترقيم ووظائفها في التعبير

 مطالعة

من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (5)

ترجمة الكتب المفيدة والنافعة
إنّنا في مجال الأدب، نعاني من شُحٍّ كبير في الكتب، وفي مجال القصّة والفنّ هناك -أيضاً- نقصٌ كبير، وكذا في مجال الرواية والترجمات الراقية، لا يمكن القول إنّ كلّ هؤلاء الكتّاب الكبار الموجودين اليوم (في العالم) والّذين يمارسون الكتابة، يكتبون الروايات، والقصص، وحتّى التحقيقات التاريخيّة، سوف تنتهي كتاباتهم جميعاً ضدّنا، لا، فهناك الكثير ممّا يمكن أن ينفعنا، ينبغي العثور على هذه الكتابات وترجمتها.

ترجمة كتبنا إلى اللغات الأخرى
إنّ الترجمة أمرٌ هامّ جدّاً، بيد أنّه ينبغي أن تتمّ بذكاء. عندما كنت أقرأ أحياناً هذه الكتب (إصدارات مكتب أدب وفنّ المقاومة التابع للدائرة الفنّيّة) كان يخطر ببالي: لو أردنا - مثلاً - أن نعدّ ترتيباً لإرسال الكتب المترجمة الخاصّة بالحرب، علينا أوّلاً: أن نرسل كتاباً صغيراً، بمسحة لا تُبرز الجانب الإيراني كثيراً، وبأسلوب وكتابة جيّدين قد روعيت الجودة في طباعته، فنرسله، وننشره للقراءة. بعدها، إذا ألِفت الأذهان هذا العمل، نرسل كتاباً آخر... وكلّ كتاب... يفتح طريقاً للكتاب التالي، حتّى يصل الدور إلى الكتب المفصّلة والذكريات الأطول.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
87

71

الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها

 الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها



أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف كيفيّة مراجعة العمل الكتبيّ الوظيفيّ، لغوياً ومضمونيّاً وشكليّاً.
2- يمرّس على تطبيق هذه التقنيّات على نصوص كتبيّة.
3- يستفيد من هذه التقنيّات في مجال مراجعة الكتابات العلميّة والأدبيّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
89

72

الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها

 تأتي عمليّة صياغة العمل الكتبيّ الوظيفيّ بعد أن ينتهي هذا العمل، وذلك بمراجعته، وتصويب أخطائه، وإعادة تنظيمه، والوصول به إلى أفضل صورة ممكنة.

 


ويُراد من مراجعة المكتوب إعادة النظر فيه، وقراءته، وتحديد أخطائه، ومواطن ضعفه، وجوانبه التي تحتاج إلى تعديل، وما يتطلّبه من تنظيم وتنسيق، حتى يكون فعّالاً في تحقيق الهدف الذي أُعدّ من أجله.

وعليه، تتعدّد إجراءات عمليّة مراجعة العمل الكتبيّ الوظيفيّ، وتتنوّع، وتتكامل، متناولةً جميع جوانب الكتابة الوظيفيّة التي تتطلّب لغةً متقَنةً، من نحوٍ، وصرفٍ، وإملاءٍ، وخطّ، وفكرٍ سليمٍ محدّدٍ وواضحٍ ومرتّبٍ ومترابط، وأصولٍ فنّيّةٍ في التنظيم والتنسيق والحجم والمواضع.

إجراءات المراجعة اللغويّة للمكتوب
ترتبط الكتابة العربيّة بشكل مباشر بعلوم الصرف (بنية الكلمة، وضبطها، وتصريفاتها)، والنحو (العلاقات بين الكلمات داخل الجمل المكتوبة)، والإملاء (صحّة الرسم الكتبيّ)، والخطّ ( الرسم الهندسيّ)، والبلاغة (الوضوح، والجمال، وتنظيم المكتوب).

وتتحدّد إجراءات المراجعة اللغوية للعمل الكتبيّ الوظيفيّ في الآتي:
أ- تحديد الأخطاء الصرفيّة والنحويّة وتصويبها:
يقع الخطأ الصرفيّ عند صياغة كلمات على غير القياس، أو مخالفة ما هو شائع سماعيّاً، ويكثر ذلك في المصادر والنسب وصياغة المشتقّات من غير الأفعال الثلاثيّة.

وتبرز الأخطاء النحويّة عند كتابة الكلمات التي تُعرَب بعلامات إعراب فرعيّة، فرفع المنصوب منها، أو نصب المرفوع... يؤدّي إلى تشويه الكتابة، وإساءة الفهم.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
91

73

الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها

 ويظهر الخطأ بنحو أوضح في الكلمات التي تتغيّر كتابتها نتيجة موقعها الإعرابيّ، بحذف حروف منها، أو إبدال كتابتها، وذلك عند إبقاء هذه الحروف، أو عدم إبدالها.


ويُعدّ الضبط غير الصحيح لبعض الكلمات التي لم تُشْكِل كذلك خطأً.

ويُضاف إليها - أيضاً - أخطاء صرفيّة ونحويّة أخرى تتّصل بالعطف، والبدل، والإضافة، وكتابة الأعداد، وغيرها.

ب- اكتشاف الأخطاء الإملائيّة وتصحيحها:
تكثر الأخطاء - عادة - في رسم الهمزة، حيث ترسم همزة فوق ألف الوصل، أو تحذف همزة القطع، أو تُوضَع خطأً في وسط الكلمة أو آخرها، فتأتي على السطر بدلاً من الواو أو الألف، وتُرسم على الألف بدلاً من كرسي الياء، أو غير ذلك.

والأخطاء الكتبيّة كثيرة - أيضاً - في الكلمات المنوّنة، ولاسيّما عند تنوين الأسماء المختومة بهمزة متطرّفة على السطر أو على الألف.

ولا تخلو كتابات بعض الأشخاص من أخطاء في رسم الألف الليّنة، وفي الخلط بين التاء المفتوحة والتاء المربوطة، أو بين التاء المربوطة وهاء الغيبة، وعدم التمييز بين الأصوات المتقاربة عند الرسم.

ويحدث الخطأ الإملائيّ - أحياناً - في رسم حرف منطوق لا يُرسم، أو عدم كتابة حرف لا يُنطَق، والمفروض أن يُرسَم، وكذلك عدم التفريق بين واو الجماعة (وا) وواو الجمع (و) عند الكتابة.

إلى جانب أخطاء إملائيّة أخرى تتّصل بالمدّ، وغيره.

ج- التأكّد من سلامة استخدام علامات الترقيم:
يُعدّ عدم استخدام علامات الترقيم، أو استخدامها بشكلٍ خاطئ من الأخطاء الشائعة في الكتابة.

ويُلاحظ أنّه يقلّ الخطأ - غالباً - في استخدام علامات: الفاصلة، والنقطة، والاستفهام، والتعجّب، في حين يكثر الخطأ في استخدام الفاصلة المنقوطة، وعلامة الحذف، والشرطة، والقوسين... لدرجة أنّه يندر وجودها.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
92

74

الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها

 د- حذف مواطن الحشو الطويل:

تتّسم الكتابة الوظيفيّة بسمات عديدة، منها: المباشرة، والتحديد الدقيق، وعدم احتماليّة التأويل، والوضوح، والصراحة. وتستلزم كلّ هذه السّمات أن تكون الكتابات الوظيفيّة دقيقة ومركّزة 
وموجزة، وخالية من أيّ كلمات زائدة، أو عبارات استطراديّة، أو ترادفات لا حاجة لها.

إنّ الاستطراد والتطويل وتكرار الكلمات والمترادفات يُضعِّف العمل الكتبيّ الوظيفيّ، في حين أنّ تحديد مواطنه وحذفها، يؤدّي إلى تعزيز العمل الكتبيّ الوظيفيّ وتقويته، ويساعد في تحقيق الهدف الذي أُعِدّ من أجله، بسهولة، ويُسْر، وسرعة مناسبة.

هـ- تعديل الصياغات الضعيفة أو غير المناسبة:
يبدو العمل الكتبيّ - أحياناً - سليماً لغويّاً، لكن قد تكون بعض المفردات غير مناسبة للموضوع، أو تعاني بعض جمله من ضعفٍ في الصياغة، من حيث عدم تنوّعها، أو ضعف ترابطها.

ولا تقتصر المراجعة المطلوبة للعمل الكتبيّ على تصويب الأخطاء النحويّة أو الصرفيّة أو الإملائيّة، ولكنّها تمتدّ إلى مضمون بعض المفردات، ومدى الإحساس بمناسبتها أو عدمه، وإلى صياغة الجمل والعبارات.

فضعف صلة المكتوب بالموضوع يزيد من ضعف الصياغة، وبالتالي يؤدّي إلى الغموض. لذا، فإنّ التعديل المطلوب يهدف إلى إزالة الغموض، وتعزيز الصّلات، وإزالة التكرار.

و- توضيح الخطّ وتجويده (في حالة الكتابة اليدويّة):
إنّ رداءة الخطّ - في الكتابة اليدويّة - تنفّر القارئ، وتسبّب-أحياناً- إساءة الفهم. لذا، فإنّ مراجعة الكتابة اليدويّة تستلزم الاطمئنان لوضوح الخطّ، والالتزام بالقواعد المعروفة لرسم الحروف، ولاسيّما الحروف المتشابهة رسماً، ووضع النقاط، ورسم النبرة في مكانها بدقّة، ورسم الحروف الصغيرة أو الكبيرة حجماً، واتّصال بعض الحروف ببعضها الآخر.

وعليه، إنّ إعادة الكتابة بخطّ أوضح وأجود وأجمل أمر مطلوب، سواء أكان الاتّصال التحريريّ صاعداً (من المرؤوس إلى الرئيس)، أم نازلاً (من الرئيس إلى المرؤوسين).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
93

75

الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها

 إجراءات مراجعة الأفكار المكتوبة

تتطلّب مراجعة العمل الكتبيّ الإجابة على عدّة أسئلة ترتبط بأفكاره، ولا تنتهي عمليّة المراجعة - من هذا الجانب - إلّا بالوصول إلى الإجابة عن هذه الأسئلة بـ "نعم"، وهذه الأسئلة هي:
هل الأفكار مناسبة؟ - هل الأفكار واضحة؟
هل الأفكار مترابطة؟ - هل الأفكار متسلسلة؟
هل الأفكار متّسقة؟ - هل الأفكار وثيقة الصلة؟

وتُعَدُّ الإجابة "بالسلب" على أيٍّ من الأسئلة السابقة مؤشّر ضعفٍ في كفاءة العمل الكتبيّ الوظيفيّ، وفي مستوى تحقيقه للأهداف.

ومن الأخطاء التي يقع فيها بعضهم عند الكتابة، وجود تعارض أو عدم اتّساق بين فكرتين مكتوبتين لا يمكن أن تكونا صحيحتين في الوقف نفسه، نتيجة إهمالهم أو عدم انتباههم.

وهذا التعارض قد يكون واضحاً ومكشوفاً، وقد يكون غامضاً ومخفيّاً بين السطور. وأحياناً يَرِد في المكتوب معلومات هامشيّة أو مضلّلة، أو غير مرتبطة بالموضوع، فتتطلّب المراجعة حذف مثل هذه المعلومات. ومن أبرز الإجراءات التي تتطلّبها عمليّة مراجعة الأفكار المكتوبة:
أ- إعادة النظر في بعض الأفكار المكتوبة، لمعرفة مدى مناسبتها، أو مدى الحاجة إليها في تحقيق الهدف المنشود.
ب- التأكّد من تسلسل الأفكار وترابطها.
ج- التأكّد من وضوح الأفكار.
د- إزالة موارد التعارض، وحذف الموارد غير ذي الصّلة.

إجراءات مراجعة التنظيم والشكل
للعمل الكتبيّ الوظيفيّ مضمون وشكل. وإذا كانت إجراءات المراجعة السابقة قد ركّزت على المضمون، فإنّ إجراءات المراجعة الآتية ينبغي أن تتناول شكل المكتوب وتنظيمه، وذلك من حيث:
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
94

76

الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها

 أ- الهوامش الرأسيّة والأفقيّة والجانبيّة.

ب- المسافات بين السطور وبين الفقرات.
ج- النظام والنظافة.
د- حجم الخطّ.
هـ حجم المكتوب.
و- إظهار العناوين الأساسيّة والثانوية.
ز- إظهار المهمّ في المكتوب: اسم، أو عنوان، أو تاريخ.
ح- الجداول والرسوم التوضيحيّة (في التقرير الرسمي).
ط- نوع الورق ولونه.

ومن الأخطاء الشكليّة الشائعة:
- عدم ترك هامش مناسب في بداية الكتابة أعلى الصفحة، أو الخروج بالكتابة إلى الهامش الجانبيّ.
- عدم ترك مسافة مضاعفة بين الفقرات (ضعف المسافة بين السطور).
- وجود شطب أو كَشْط.
- إغفال النظام والتنسيق.
- كتابة العناوين الأساسيّة أو الفرعيّة ببنط الكتابة العاديّة نفسه.
- عدم وضع خطوط تحت العناوين الرئيسة أو الفرعيّة لإبرازها.
- عدم إبراز معلومة مهمّة وردت وسط السطور.
- الكتابة بخطّ صغير تتعذّر قراءته.
- الكتابة بخطّ كبير وغير مناسب.
- استعمال نوع خطّ غير شائع، تصعب قراءاته (في الكتابة إلكترونيّاً).
- عرض معلومات في جداول غير منظّمة، أو برسوم وأشكال غير واضحة.
- استخدام نوع رديء من الأوراق.
- الإكثار من الألوان المستخدمة التي تشتّت ذهن القارئ، وتصرفه عن مضمون المكتوب.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
95

77

الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها

 - وجود أخطاء مطبعيّة.


وتتمّ مراجعة العمل الكتبيّ الوظيفيّ من خلال اعتماد إحدى طريقتين:
- ذاتيّة، أي بإعادة قراءة النصّ من قِبَل الكاتب نفسه، لتصويب الأخطاء.

- اطّلاع شخص أو أشخاص آخرين على النصّ، ووضع الملاحظات عليه.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الإجراءات تختلف حسب طبيعة العمل، وهدفه، ومستوى كاتبه، ومستوى قرّائه. وقد تتمّ المراجعة بشكل سريع ومحدود، أو بتمهّل وعمق، وعادة ما تستغرق وقتاً في بدايتها، لكن سرعان ما يقلّ هذا الوقت مع الممارسة.

والمهمّ، أن يحرص الكاتب، إداريّاً كان أم غير إداريّ، على ممارسة هذه الإجراءات بعد أيّ عمل كتبيّ وظيفيّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
96

78

الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها

 الأفكار الرئيسة

1- من إجراءات المراجعة اللغويّة للمكتوب: تحديد الأخطاء الصرفيّة والنحويّة وتصويبها/ اكتشاف الأخطاء الإملائيّة وتصحيحها/ التأكّد من سلامة استخدام علامات الترقيم/ حذف مواطن الحشو الطويل/ تعديل الصياغات الضعيفة أو غير المناسبة/ توضيح الخطّ وتجويده/...

2- من إجراءات مراجعة الأفكار المكتوبة: إعادة النظر في بعض الأفكار المكتوبة/ التأكّد من تسلسل الأفكار وترابطها ووضوحها/ إزالة موارد التعارض وحذف الموارد غير ذي الصّلة/...

3- من إجراءات مراجعة التنظيم والشكل: مراجعة الهوامش الرأسيّة والأفقيّة والجانبيّة/ المسافات بين السطور وبين الفقرات/ النظام والنظافة/ حجم الخطّ/ حجم المكتوب/ إظهار العناوين الأساسيّة والثانوية/إظهار المهمّ في المكتوب/ الجداول والرسوم التوضيحيّة/ نوع الورق ولونه/...


فكّر وأجِب
1- اذكر أبرز الإجراءات التي تتطلّبها عمليّة مراجعة العمل الكتبيّ الوظيفيّ؟

2- اقرأ النصّ الآتي، وقم بمراجعته وأعد تنظيمه وترتيب أفكاره وكتابته من جديد، مستخدماً اجراءات مراجعة العمل الكتبيّ الوظيفيّ:
وأمّا المعنى الاصطلاحي للقرآن فقد ذُكِرَت فيه تحديدات مختلفة وردت عليها إشكالات عدّة، ولعلّ أقلّها محلاًّ للإشكالات ما اشتهر على لسان الأصوليين والفقهاء واللغويين ويوافقهم عليه المتكلّمون اللفظ المنزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم المنقول عنه بالتواتر المتعبّد بتلاوته فاللفظ جنس في التعريف يشمل المفرد والمركّب ولا شكّ أنّ الاستدلال على الأحكام يكون بالمركّبات كما يكون بالمفردات كالعامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد، وخرج بـ المنزل على
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
97

79

الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها

 النبي ما لم ينزل أصلاً مثل كلامنا ومثل الحديث النبوي وما نزل على غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم كالتوراة والإنجيل وخرج بـ المنقول تواتراً جميع ما سوى القرآن مثل القراءات سواء أكانت مشهورة أم أحادية وخرجت الأحاديث القدسية إذا تواترت بقيد المتعبّد بتلاوته تعدّدت آراء اللغويون والباحثون في علوم القرآن في تحديد معنى القرآن وأصله الاشتقاقي اللغوي إلى أقوال كثير أبرزها التالي.


- جمع قرينة لأنّ آيات القرآن يصدّق بعضها بعضها الآخر، فهي بمثابة قرائن في فهمها وتفسيرها، لأنّه اسم غير مهموز مشتقّ من القرائن.

- بمعنى الضيافة لأنّ القرآن مأدبة الله للمؤمنون لأنّه اسم مهموز ومشتقّ من القرى

- اسم غير مهموز مشتقّ من قَرَنَ يقال قرنتُ الشيء بالشيء إذا ضممت أحدهما إلى الآخر وسُمّي به القرآن لأنّه يضم السُوَر والآيات والحروف بعضها إلى البعض الآخر.

- بمعنى القرين لأنّه لفظ فصيح قرين بالمعنى البديع ولأنّه اسم غير مهموز مشتقّ من القِرن.

- اسم مهموز ومشتقّ من القُرْء بمعنى الجمع لأنّه يجمع في طياته ثمرات الكتب السماوية السابقة.

- خاصّ بكلام الله تعالى النازل على رسوله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالوحي ضمن آيات وسور يجمعها ويؤلّفها هذا الاسم مثل التوراة الخاصّ بالكلام الموحى به إلى رسوله موسى عليه السلام والإنجيل الخاصّ بالكلام الموحى به إلى رسوله عيسى عليه السلام لأنّه اسم علم جامد غير مشتقّ من شيء.

- اسم مهموز مصدر لقرأتُ بمعنى التلاوة كالرجحان والغفران سُمّي به الكتاب المقروء من باب تسمية المفعول بالمصدر أي المقروء أو ما يُقرأ واستخدم القرآن بمعنى القراءة كالكتاب الذي يُطلق على المكتوب بمعنى الكتابة.

وأقوى هذه الأقوال القول الأخير لأنّها الأوفق بقواعد الاشتقاق وموارد اللغة فضلاً عن كون الأقوال الأخرى لا تخلو من تكلّف في توجيهها أو ليس لها وجه وجيه.

ومعنى الآية لا تعجل به إذ علينا أن نجمع ما نوحيه إليك بضمّ بعض أجزائه إلى بعض 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
98

80

الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها

 وقراءته عليك فلا يفوتنا شيء منه حتى يحتاج إلى أن تسبقنا إلى قراءة ما لم نُوحِه بعد. وقيل: 

المعنى إنّ علينا أن نجمعه في صدرك، بحيث لا يذهب عليك شيء من معانيه، وأن نثبّت قراءته في لسانك، بحيث تقرأه متى شئت. وهذا لا يخلو من بعد. وقوله: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾، أي: فإذا أتممنا قراءته عليك وحياً، فاتّبع قراءتنا له، واقرأ بعد تمامها.
 
والقِرَاءَةُ في اللغة هو ضمّ الحروف والكلمات بعضها إلى بعضها الآخر في الترتيل... لا يُقال قرأت القوم إذا جمعتهم ويدلّ على ذلك أنّه لا يُقال للحرف الواحد إذا تُفُوِّه به قراءة والْقُرْآنُ في الأصل مصدر، نحو كفران ورجحان قال تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾1.
 
أضف إلى ذلك أنّ إرادة معنى الجمع من مفردة "القرآن" على ضوء قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ يؤدّي إلى توسّل التكرار من دون طائل، وهذا لغو يتنافى مع فصاحة القرآن الكريم فلا محيص عن إرادة خصوص القراءة والتلاوة.



1 سورة القيامة، الآيتان 17 ـ 18.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
99

81

الدرس السادس: كيف نكتب؟ (5) خطوات مراجعة الكتابة وتقويمها

 مطالعة


من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (6)

التأخّر في مجال كتابة النصوص المسرحيّة
كان في اليونان، قبل ميلاد المسيح عليه السلام، كتّاب مسرحيّون، وهناك نصوص مسرحيّة لا تزال موجودة إلى الآن، وقد طُبعت أيضاً باللغة الفارسيّة، وتُرجم بعضها، وقد قرأت بعضها أيضاً. منذ ذلك الوقت، لا تزال كتابة النصوص المسرحيّة تنمو وتتطوّر في محيط أدب الثقافة الغربيّ، ونحن الآن لا نمتلك هذا الفنّ!... ينبغي علينا الإسراع في اللحاق بالركب.

جعبتنا خالية من القصّة 
إذا كان نصف ما تنشرونه قصصاً فقط، وكانت قصصاً جيّدة، فلا إشكال في ذلك. إنّنا، وللأسف، من هذه الناحية، متأخّرون جدّاً جدّاً. من الأشياء الّتي أتحسّر عليها دوماً هي أنّنا لأسباب معيّنة، وبالطبع هذه الأسباب واضحة بالنسبة لي، بقينا محرومين إلى حدّ كبير من استخدام الفنّ في إبلاغ رسالات الثورة وقيمها، أي إنّ ذلك القدر اللائق لم يتحقّق. والشيوعيّون كانوا من هذه الناحية متقدّمين علينا... هكذا زيّن (الأعداء) قيمهم الكاذبة والزائفة من خلال الفنّ الأصيل والرفيع، وقاموا بعرضها. لماذا نحرم - نحن - قيمنا الحقيقيّة الصادقة من هذا الأمر الهامّ؟ 

في الواقع، ينبغي العمل على هذا الصعيد.
 
.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
100

82

الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة

 الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة



أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف أنواع الكتابة وخصائصها ومجالاتها.
2- يطّلع على أبرز مجالات الكتابة الأدبيّة الفنّيّة.
3- يتمرّس على هذه الأنواع من الكتابة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
101

83

الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة

 تنقسم الكتابة بحسب أسلوبها ومجالاتها إلى ثلاثة أنواع:

الكتابة الوظيفيّة العلميّة:

أ- تعريفها:
وهي نوع من أنواع الكتابة، يتعلّق بالمعاملات والمتطلّبات الإداريّة، والتقارير، والبحوث العلميّة...، وهو ضروريّ في الحياة للمنافع العامّة والخاصّة، ومهمّ للكتابات الرسميّة في المصارف، والشركات، ودواوين الحكومة، وغيرها. ولهذا النوع من الكتابة قواعد محدّدة، وأصول مقنّنة، وتقاليد متعارف عليها، كالتقارير، والرسائل الإداريّة، والبحوث العلميّة، والتعميمات، وغيرها.

ب- الخصائص العامّة للكتابة الوظيفيّة العلميّة: 

تتميّز هذه الكتابة بالآتي:
- أسلوبها علميّ - غالباً - خالٍ من العبارات الموحية.
- دلالات ألفاظها قاطعة لا تحتمل التأويل.
- لا تستلزم مهارة خاصّة أو موهبة معيّنة، أو ملكة متميّزة من كاتبها.
- يحتاج بعضها إلى قدر من التأثير والإقناع، لقضاء أمر، أو استمالة شخص.
- يعتمد بعضها على الأدلّة والبراهين التي تقنع القارئين بصحّة الرأي المعروض في الموضوع المكتوب.

ج- مجالات الكتابة الوظيفيّة العلميّة:
للكتابة العلميّة الوظيفيّة مجالات متعدّدة في الحياة، منها: التلخيص، والتقرير، والرسائل، والبحوث العلميّة، وملء الاستمارات، وغيرها. وسوف يأتي تفصيلها في دروس لاحقة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
103

84

الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة

 الكتابة الوظيفيّة الفنّيّة

أ- تعريفها:
هي نوعٌ من أنواع الكتابة تُعرَض فيه الكتابة الوظيفيّة بأسلوب أدبيّ وفنّيّ، ومجالات هذا النوع متعدّدة، منها: فنّ كتابة المقالة، وإعداد المحاضرات، والتعليق، والمذكّرات الشخصيّة، والكلمات الافتتاحيّة أو الختاميّة.

ب- الخصائص العامّة للكتابة الوظيفيّة الفنّيّة:
تتميّز هذه الكتابة بالخصائص الآتية:
- تجمع بين خصائص الكتابتين (الوظيفيّة والفنّيّة).
- أسلوبها علميّ، تتخلّله أساليب أدبيّة.
- تلزمها مهارة خاصّة، وقدرة معيّنة.
- دلالات بعض ألفاظها قاطعة، وبعضها الآخر دلالته إيحائيّة.

ج- مجالات الكتابة الوظيفيّة الفنّيّة:
للكتابة الوظيفيّة الفنّيّة مجالات متعدّدة، منها: المقالة، والتعليق، والمذكّرات، والكلمات الافتتاحيّة والاختتاميّة، وغيرها. وسياتي تفصيل هذه المجالات في دروس لاحقة.

الكتابة الأدبيّة الفنّيّة
أ- تعريفها:
هي نوع من أنواع الكتابة يقوم على كشف الأحاسيس والمشاعر، والعواطف الإنسانيّة، والابتكار في الفكرة، وتخيّل المعاني.

ب- خصائص الكتابة الأدبيّة الفنّيّة:
تتميّز الكتابة الأدبيّة الفنّيّة بالآتي:
- تحتاج إلى استعداد فطري راسخ في النفس ومستقرّ في الوجدان.
- أساليبها مبتكرة، فيها بلاغة وفصاحة، وأفكار بديعة.
- تختلف من شخص إلى آخر.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
104

85

الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة

 - توفّر في صاحبها مهارات خاصّة، وخبرة فنّيّة وجماليّة.

- تنبني على الابتكار، وليس على التقليد.
- تعتمد على الأسلوب الأدبيّ والصور الجماليّة المعبّرة، وأساليبها موحية.
- ينمو استعدادها الفطري بالتدريب، وتزدهر بالقراءة.

ج- مجالات الكتابة الأدبيّة الفنّيّة:
للكتابة الإبداعيّة الأدبيّة الفنّية مجالان أساسيّان، هما:
• مجال الشعر: وله أغراضه المتعدّدة، من غزل، وفخر، ومدح، وهجاء، ورثاء، ووصف.
• مجال النثر: ويدخل تحته مجالات كثيرة، منها: كتابة القصّة والمسرحيّة، وكتابة التراجم والسير، وكتابة الخطب، وغيرها.

وسنحاول فيما يأتي تناول مجالات النثر الشائعة في الحياة، لأنّها من المجالات المنتشرة، ويمكن وضع خصائص لها، وتنمية مهاراتها بالتدريب، ومن هذه المجالات:
أ- كتابة القصّة:
- مفهوم القصّة: القصّة حكاية أدبيّة نثريّة أو شعريّة حقيقيّة أو خياليّة، تدور حول حدث معيّن، ويترقّى فيها الحدث حتى يصل إلى عقدة تنتهي بحلّ مناسب لها.

- عناصر القصّة: للقصّة عناصر تتمثّل في:
• الزمان.
• المكان.
• الشخصيّات.
• الأحداث.
• العقدة.
• الحلّ.

ويختلف الزمان من عصر إلى عصر، فقد يكون متسلسلاً، وقد يكون متشابكاً، وكذلك المكان. والشخصيّات، منها: ما هو أساس يتطوّر مع الأحداث، ومنها: ما هو ثانويّ سطحيّ 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
105

86

الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة

 مكمّل للأحداث ولا يحدث في تكوينها أي تغيير. والأحداث هي مجريات القصّة، وهي تعالج موضوعاً معيّناً، قد يكون سياسيّاً، أو اجتماعيّاً، أو أخلاقيّاً، أو غير ذلك. والعقدة قد تأتي متدرّجة مع الأحداث، وقد تظهر فجأة، ثمّ يأتي الحلّ المناسب الذي ترتاح له النفس، وقد تتناول القصّة الصراع الظاهريّ في الحياة، وقد تتناول الصراع الداخليّ للإنسان.


- أُسُس بناء القصّة:
• لحظة الاكتشاف: وهي اللحظة التي يُدرك فيها جوهر القصّة، ومعرفة المغزى الأساس الذي تسعى لتوصيله إلى القارئ.
• الحبكة القصصيّة: أي ترتيب الأحداث ترتيباً يتناسب مع الزمان والمكان والشخصيّات، ويبرز الحدث في صورة تقترب من الواقع.
• وحدة الانطباع: ويُقصَد بها وحدة الأثر النفسيّ لدى قارئ القصّة، بمعنى أن تؤثّر القصّة بأحداثها على القارئ، وتشدّه إليها.
• لغة القصّة: ينبغي أن تكون معبّرة عن الأحداث بطريقة تكشف كلّ جانب من جوانبها. 

فالجانب الوصفيّ: يُعْنَى بوصف الأحداث، والأماكن، والأزمنة.
والجانب الإيحائيّ الانفعاليّ: يُعْنَى بذكر الأحاسيس والمشاعر، والانفعالات النفسيّة.
والجانب الحركيّ: يُعْنَى بذِكْر الحركات الفرديّة والجماعيّة.
والجانب الصوتيّ: يُعْنَى بذكر التعبيرات الصوتيّة، من خوف، أو فزع، أو سرور، أو ضحك، والخصائص الصوتيّة مقوِّم أساس من مقوِّمات لغة القصّة.

ولا بدّ أن تتوافر - قبل كلّ هذا - الملكة الفطريّة عند الكاتب، والتي تتمثّل في: قوّة الملاحظة، وشدّة الحسّاسيّة لالتقاط ما هو جوهريّ، والانفعال به، والقدرة اللغوية المتمكّنة، والخيال الواسع.

- كيف تكتب القصّة؟
تمرّ القصّة قبل كتابتها بمراحل يمكن إيجازها بالآتي:
• انفعال التجربة أو البحث عن الموضوع: فالتجربة قد تكون شخصيّة، وقد تكون
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
106

87

الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة

خارجيّة حدثت لآخرين، وقد تكون خياليّة، تخيّلها الكاتب، وقد تكون محزنة، أو مفرحة، أو جادّة، أو هزليّة.

• تطوير التجربة: بحيث ينفعل الكاتب بالتجربة أو بالموضوع، فيحاول وضع محور أساس تدور حوله الأحداث، فيبدأ في وضع الفكرة العامّة للقصّة في صورة عناصر مترابطة ومنظّمة.

• صياغة القصّة: يبدأ الكاتب في كتابة مسوّدة القصّة، محاولاً السير بالأحداث والشخصيّات، وكلّ عناصر القصّة باتّجاه منطقيّ مرتّب إلى أن ينتهي منها.

• صقل القصّة: بعد أن ينتهي الكاتب من كتابة مسوّدة القصّة، يبدأ بتصحيح كلّ ما يتعلّق بها، من لغة، أو فكرة، أو شخصيّة، حتى يصل بها إلى أعلى مستوى من الجودة.

• كتابة القصّة: بعد أن ينتهي الكاتب من صقل القصّة، يبدأ في كتابتها كتابة نهائيّة (تبييض)، في قراطيس منظّمة ومرتّبة، ومُعَدّة للقراءة بعد الطباعة.

• على الكاتب ألّا يجعل المصادفات تحكمه في تطوير أحداث القصّة وتنميتها، وأن يبعد عن المبالغة والتهويل.

ب- كتابة التراجم والسير:
- تعريف الترجمة والسيرة:
• الترجمة: هي تفسير وبيان ما يتّصل بشخصيّة ما، وكشف ما يتعلّق بها من خصائص ومميّزات أو عيوب، ومآثرها، والعصر الذي وُجِدَت فيه.
• السيرة: هي الترجمة الطويلة التي تزدحم بالأحداث، وقد تشمل شخصيّات أخرى مع الشخصيّة الأساسيّة المُترجَم لها.

- أنواع التراجم: الترجمة نوعان:
• الترجمة الذاتيّة: هي التي يكتبها الكاتب عن نفسه، لكشف حقائقها، مسجّلاً أخباره، وعارضاً أعماله وآثاره، وذِكْر أيّام طفولته وشبابه وكهولته، وما جرى فيها.
• الترجمة الغيريّة: ويتحدّث الكاتب فيها عن شخصيّة أخرى، كاشفاً جوانبها.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
107

 


88

الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة

 - كيف تكتب الترجمة الذاتيّة؟

يُراعَى في كتابة الترجمة الذاتيّة الآتي:
• لا بدّ من إدراك الهدف المقصود من الترجمة الذاتيّة، والعمل على تحقيق هذا الهدف. ومن هذه الأهداف:
1- الوعظ والإرشاد من خلال التجربة الشخصيّة.
2- الرغبة في الكشف عن رؤية الكاتب-الشخصيّة- للحياة من حوله بعد طول تأمّل ومعاناة.
3- تصوير الجانب الفكريّ، وما أصابه من تحوّل وتطوّر.
4- الدفاع عن النفس ضدّ اتّهامات الآخرين.
5- الاعتذار عن فعل شيء لم يتعمّد فعله.
6- التنفيس عمّا ألمّ بالنفس من توتّر وتكدّر.

• استرجاع الأحداث المهمّة في حياة الكاتب الشخصيّة، وما فيها من تفاصيل، والاستعانة بما دوّنه الكاتب في مذكّراته الشخصيّة، أو بالوثائق الرسميّة، وترتيب كلّ ذلك ترتيباً منطقيّاً.

• اختيار الأسلوب المناسب لكتابة السيرة الذاتيّة، مثل: أسلوب التكلّم، أو أسلوب الغائب، أو أسلوب الوصف، أو أسلوب المقالة... ويُستحسن أن يبتعد الكاتب عن المبالغة، ومدح النفس، أو الزهو، ويراعي استخدام الأسلوب المشوّق الصريح الذي يجذب القارئ، كي يتعاطف معه.

• اختيار الوقت المناسب لكتابة الترجمة الذاتيّة، وذلك حين يشعر الكاتب أنّ تجربته قد نضجت، وأنّ إيصالها للقارئ مفيد له.

- كيف تكتب الترجمة الغيريّة؟
يُراعى في كتابة الترجمة الغيريّة الآتي:
1- إنّ شخصية الكاتب لها أثر كبير في إثبات بعض الأحداث أو حذفها، بما يكشف عن رؤية خاصّة به، بعيدة عن التعصّب الشخصيّ، أو العقديّ.

2- جمع المعلومات عن الشخصيّة المترجم لها، والسعي وراءها، مهما كانت صغيرة، 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
108

89

الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة

 والقدرة على فرز هذه المعلومات والترجيح بينها.


3- تتبّع نموّ الشخصيّة المترجم لها وتطوّرها، وإبراز ما يلمّ بها من عوامل التبديل والتغيير، وذِكْر الحدث الموثّر فيها.

4- استخدام كلّ الطرق والوسائل المشوّقة في عرض الكاتب للترجمة بأسلوب يشجّع على المتابعة. مع الحذر من الاستعانة بالآثار الأدبيّة أو الفنّيّة في تشكيل الترجمة.

5- التركيز على الشخصيّة المتحدّث عنها، وعدم الانسياق وراء أحداث أخرى جانبيّة، إلا بالقدر الذي يخدم الهدف الأساس من كشف الشخصيّة الأصليّة المتحدَّث عنها.

6- تتّبع التفصيلات ذات الدلالات الموحية، والقدرة على استنطاقها، وذِكْر التفصيلات مهما صغرت، ومحاولة وضع رؤية جديدة في تفسيرها، واختيار ما يراه الكاتب مفيداً في الترجمة،
ونبذ ما لا يفيد.

ج- الخطبة المكتوبة أو المقروءة:
- تعريفها:
هي كلام (منطوق أو مكتوب) يهدف إلى إقناع السامعين، واستمالتهم، والتأثير فيهم، بصواب رأي، أو بخطئه، وبلوغ موضع الاهتمام من عقولهم، وموضع التأثير في وجدانهم.

فالخطيب يخاطب العقل والعاطفة، ويستخدم كلّ المؤثّرات العاطفيّة والعقليّة لإقناع السامعين.

وتحتاج الخطابة إلى إعداد سابق، وتدوين للعناصر والأفكار، بل إنّ معظم المسؤولين والخطباء - في هذه الأيام - يؤدّونها من خلال أوراق مكتوبة، وذلك تجنّباً للخطأ، وخوفاً من الخروج عن الفكرة الأصليّة للخطبة، وإنْ كان هذا لا يمنع من أنّ الخطيب البارع يؤدّي خطبته شفاهيّة وارتجالاً.

- أساسيّات فنّ الخطابة:
الخطابة موهبة فطريّة، وملكة عقليّة، تنمو بالتدريب، وتزدهر بالقراءة، وتتبلور بالمراجعة والفهم. ويرى الباحثون أنّ أساسيّات فنّ الخطابة، هي:
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
109

90

الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة

 • الموهبة الفطريّة، والاستعداد الذاتيّ.

• الإلمام بمقوّمات الخطابة، من ثقافة ولغة.
• التمكّن من أدوات اللغة، وهي: قواعد النحو، والصرف، والبلاغة، وفقه اللغة.
• قراءة نماذج من خطب السابقين، والتعرّف على مواطن القوّة والإجادة فيها.
• التدريب المستمرّ، والأداء الدائم للخطابة في مواقف طبيعيّة.

- مقوّمات الخطبة المكتوبة:
• اللغة: تُعدّ مقوّماً أساسيّاً في الخطابة المكتوبة، فالألفاظ قوالب للمعاني، والخطيب الجيّد هو الذي يُحسن استخدام اللغة، ويُسَخِّرها لخدمة المعاني التي يقصدها.
• حسن معالجة الأفكار: الخطيب البارع في كتابته، هو الذي ينظّم أفكاره ويرتّبها، ويجعلها متسلسلة، ومترابطة.
• اختيار الأدلّة: إنّ على الخطيب - كي يُقنع سامعيه بما يكتبه - أن يختار أدلّته اختياراً جيّداً، ويستدلّ بها في مواطنها، من غير مبالغة، أو غموض، أو تكلّف.
• استخدام علامات الترقيم وأدوات الربط لتمثيل المعنى: فإنّ علامات الاستفهام، والتعجّب، والأقواس، والفواصل، وأدوات شرط، وحروف عطف وغيرها، تؤدّي ما يؤدّيه التنغيم الصوتيّ من توضيح مغزى الكلام، وذلك للكشف عن مراميه وأبعاده.

- عناصر الخطبة المكتوبة، وهي:
• المقدّمة أو التمهيد
• العرض
• الخاتمة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
110

91

الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة

 الافكار الرئيسة

1- اذكر أنواع الكتابة مبيّناً خصائصها وأبرز مجالاتها؟
2- اكتب قصّة قصيرة في موضوع معيّن؟
3- اكتب ترجمة لأحد الأعلام؟
4- اكتب خطبة في مناسبة معيّنة؟


فكّر وأجِب
1ـ تنقسم الكتابة بحسب أسلوبها ومجالاتها إلى ثلاثة أنواع: الكتابة الوظيفيّة العلميّة / الكتابة الوظيفيّة الفنيّة / الكتابة الأدبيّة الفنيّة.

2ـ مجالات الكتابة الأدبيّة الفنيّة: الشعر والنثر (القصّة/التراجم والسير/ الخطبة المكتوبة...).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
111

92

الدرس السابع: ماذا نكتب؟ (1) أنواع الكتابة

 مطالعة


من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (7)

القصّة أكثر جاذبيّة من الموسيقى
التفتوا، إنّ القصّة الّتي يُطبع منها مئتا ألف نسخة على عدّة دفعات، إنّما ذلك بسبب الفراغ الحاصل في مجال الفنّ القصصي!

للميول النفسانيّة والشهوانيّة، الّتيتجذب القلوب والأرواح، علاج في مكان ما، وهو في مقولة الفنّ. إذا عملتم عملاً فنّيّاً مقابلاً تماماً لتلك الميول، فهذا هو المورد الاستثنائيّ الوحيد الّذي يمكنه أن يجذب القلوب.لمَ؟ لأنّ للفنّ نفسه جاذبيّة... القصّة -أيضاً- من الأطر الفنّيّة الجيّدة، وهي أكثر جاذبيّة من الموسيقى. الموسيقى تتعب الإنسان، أمّا القصّة، فهي الشيء الّذي لا يتعب الإنسان في أيّ وقت من الأوقات.

القصّة وسيلة لترويج الثورة
إحدى وسائل الإعلام في الثورات والنهضات التحرّرية الكبرى في العالم، هي الرواية والقصّة نفسها... لهذه الثورات قصصٌ جيّدة جدّاً... لقد بيّنوا الجماليّات بأفضل وجه... وفي قوالب راقية جدّاً.... عندما أقرأ هذه الكتب... وأقارنها بثورتنا، أرى أنّ ثورتنا تحوي مشاهد أكثر رُقيّاً، وعظمةً، وحماسةً، وجمالاً يمكن بيانها وعرضها. في الحقيقة، إنّ فنّانينا مسؤولون، وينبغي أن يلبّوا هذه الحاجة. عليهم أن يفتّشوا عن هذه الجماليّات الّتي يمكنهم رؤيتها أكثر من الناس العاديّين، أن يشاهدوها ويظهِّروها للناس.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
112

93

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2)  التلخيص



أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف أهمّيّة التلخيص وخطواته وضوابطه ومستوياته.
2- يتمرّس على تطبيق تقنيّات التلخيص على مقاطع كتبيّة ومسموعة.
3- يوظّف هذه المهارة في مجال القراءة والكتابة لتعزيز الفهم وإيصال الأفكار بنحو جليّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
113

94

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 تعريف التلخيص

هو إعادة صياغةٍ للنصّ من خلال التعبير عن أفكاره الأساسيّة بشكل موجز وغير مخلّ بالمعنى.
فالتلخيص هو تحويل نصّ أصلي طويل إلى نصّ مختصر قليل الكلمات.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
115

95

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 أهمّيّة التلخيص

تكمن أهمّيّة التلخيص في أنّه:
- يساعد في توفير الوقت المطلوب للاطّلاع على الكتابات المطولة، مثل: التقارير، والمقالات، والبحوث.

- يوفّر الجهد اللازم لمتابعة الأعمال المكتوبة، مثل: الرسائل، والطلبات الإداريّة، ومحاضر الجلسات.

- يُعدّ تدريباً عمليّاً على الكتابة، وتطويراً لمهارات الكاتب، من خلال تنمية قدرته على: الاستيعاب، والاسترجاع المنظّم للمعلومات، والقدرة على التركيز، ودقّة الملاحظة، لالتقاط العناصر الأساسيّة، والوصول للكلمات المفتاحيّة.

- يساعد القارئ على الإمساك بأطراف المادّة والإحاطة بجزئياتها.

- يمكّن الكاتب من الإفادة من كلّما جمعه من معلومات، وما لديه من آراء، وما توصّل إليه من استنتاجات، وما يقترحه من تصويبات، لعرضه بشكلٍ مركّز، ومنسّق، ومبوّب، ومنظّم، 
ومتسلسل منطقيّاً.

- ضروريّ لنشر أعمال معيّنة، منها: البحوث، والتقارير المطوّلة، حيث يحتاج أصحابها إلى تلخيصها لبيان عناصرها الأساسيّة بكلمات مركّزة.

خطوات عمليّة التلخيص
تمرّ عمليّة التلخيص بالخطوات الآتية:
أ- القراءة الاستكشافية للموضوع الأصليّ، أو الاستماع العامّ الشامل للموضوع، لمعرفة الأفكار الأساسيّة فيه. وإذا كان التلخيص لنصّ مقروء، فيُنصَح بوضع خطوط بالمرسّم تحت العبارة المهمّة. أمّا إذا كان لنصّ مسموع، فيُنصَح بتسجيل الأفكار العامّة في مسوّدة يمكن الرجوع إليها والاستعانة بها عند التلخيص.

ب- القراءة المتأنّية: يعود القارئ مرّة أخرى إلى الموضوع، ويراجع ما قرأه بطريقة أكثر تركيزاً، ويسجّل المضامين الأساسيّة، على شكل نقاط في ورقة جانبيّة، وإذا كان التلخيص للمسموع، يُراجِع المستمع ما سبق أن سجّله من أفكار بطريقة متأنّية ومتعمّقة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
116

96

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 ج- إعادة الصياغة لما كتب في المسوّدة، أو الورقة الجانبيّة في شكل فقرات بأسلوب الكاتب الخاصّ، مع المحافظة على التسلسل الطبيعيّ لأفكار الموضوع الأصليّ وترابطه من دون إخلال بالمعنى.


ضوابط التلخيص
أ- البعد عن التعديل أو التحريف في المادّة الملخّصة، بما يشوّه الأصل، أو يغيّر معناه أو يحمّله دلالات وتأويلات لا يحتملها.
ب- القدرة على التمييز بين الأفكار الرئيسة، والأفكار الفرعيّة، بحيث يقدّم الأهمّ على المهمّ.
ج- التخلّص من الهوامش والاستطرادات والأمثلة الزائدة، بحيث لا يخلّ حذفها بالمعنى.
د- الإشارة إلى المراجع والأصول التي استعان بها النصّ الأصليّ، ولكن في حدود ضيّقة.

خطوات تلخيص مقالة
أ- قراءة المقالة قراءة سريعة.
ب- وضع خطوط تحت العبارات المهمّة.
ج- حذف الفقرات التي لا تتضمّن أفكاراً ذات قيمة.
د- تلخيص الفقرات الباقية، بكتابة الجملة المهمّة.
هـ- دمج بعض الفقرات المهمّة مع بعضها الآخر، إذا أمكن ذلك.
و- إعادة صياغة الفقرات بأسلوب الملخِّص، وفقاً للصور الجديدة، مع المحافظة على التسلسل الأصليّ.

مستويات التلخيص
للتخليص مستويان، هما:
أ- التخليص العاديّ:
ويصل فيه حجم المادّة الملخّصة إلى نصف حجم المادّة الأصليّة أو أزيد، وهوما يقدَّر بـ 50 - 60%.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
117

97

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 وفي هذا المستوى:

- يركِّز الملَخِّص على:
• الأفكار الأساسيّة.
• الجُمل الرئيسة.
• العبارات المهمّة.

- يحذف الملَخِّص:
• ما يبدأ بمثل:...................... (الأمثلة)
• البديهيّات، والعموميّات.
• المرادفات، والجمل الشرطيّة.
• الاحتمالات والمستقبل غير المتأكّد منه.

- ويقوم الملَخِّص بـ:
• إحلال كلمة محلّ كلمات، مثل: قام بتوقيع اتّفاق = اتّفق.
• إحلال جملة محلّ عدّة جمل منفصلة.
• إحلال أرقام محلّ كلمات: 53324 بدلاً من ثلاثة وخمسون ألفاً وثلاثمئة وأربع وعشرون.
وفي النهاية يتأكّد أنّ عدد كلمات النصّ الملخَّص نصف عدد كلمات النصّ الأصليّ أو أزيد بنسبة قليلة.

ب- التلخيص المركّز:
ويصل فيه حجم المادّة الملخّصة إلى ربع حجم المادّة الأصليّة أو أقلّ، وهوما يُقدّر بـ2025-%.

ومن المهمّ في هذا المستوى:
- أن يأتي الملخَّص - رغم صغر حجمه - واضح المعنى.
- أن يتماشى المعنى الملخَّص مع المعنى الأصلي.
- السلامة اللغويّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
118

98

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 وفي النهاية لا يزيد عدد كلمات النصّ الملخَّص عن ربع عدد كلمات الأصل، والأفضل أن تقلّ عن ذلك، مثال: إذا كان عدد كلمات التقرير 450 كلمة، فينبغي ألا يتجاوز ملخصه المركّز الـ 110 كلمات. ويُفَضَّل أن يكون في حدود 90– 100 كلمة.

 
خطوات تدريبيّة
 
نصّ من خطاب الإمام الخامنئي دام ظله
في المؤتمر العالميّ لعلماء الأمّة والصحوة الإسلاميّة، بتاريخ: 29/4/2013م
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّد المصطفى، وآله الأطيبين وصحبه المنتجبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
 
أرحّب بكم أيّها الضيوف الأعزّاء، وأسأل الله العزيز الرحيم أن يبارك في هذا الجهد الجماعيّ، وأن يجعله شوطاً فاعلاً على طريق حياة فُضلى للمسلمين، إنّه سميعٌ مجيب.
 
موضوع الصحوة الإسلاميّة الذي ستتناولونه في هذا المؤتمر هو اليوم في رأس قائمة قضايا العالم الإسلاميّ والأمّة الإسلاميّة... إنّه ظاهرة عظيمة لو بقيت سليمة واستمرّت بإذن الله لاستطاعت أن تقيم الحضارة الإسلاميّة في أفق ليس ببعيد للعالم الإسلاميّ، ومن ثَمّ للبشريّة جمعاء.
 
إنّ البارز أمام أعيننا اليوم، ولا يستطيع أيّ إنسان مطّلع وذي بصيرة أن ينكره هو أنّ الإسلام اليوم قد خرج من هامش المعادلات الاجتماعيّة والسياسيّة في العالم، واتّخذ موقعاً بارزاً وماثلاً في قلب العناصر المشكّلة لحوادث العالم، ليقدّم رؤية جديدة على ساحة الحياة والسياسة والحكم والتطوّرات الاجتماعيّة. ويشكّل ذلك، في عالمنا المعاصر الذي يعاني بعد هزيمة الشيوعيّة والليبراليّة من فراغ فكريّ ونظريّ عميق، ظاهرةً ذات مغزى وأهميّة بالغة.
 
وهذا أوّل أثر تركته الحوادث السياسيّة والثوريّة في شمال أفريقيا والمنطقة العربيّة على الصعيد العالميّ، وهو بدوره يبشّر بظهور حقائق كبرى في المستقبل.
 
إنّ الصّحوة الإسلاميّة التي يتجنّب المتحدّثون باسم جبهة الاستكبار والرجعيّة ذكرها، بل يخافون أن يجري اسمها على ألسنتهم، هي حقيقةٌ نرى معالمها اليوم في أرجاء العالم 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
119

99

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 الإسلاميّ كافّة. وأبرز معالمها تطلّع الرأي العامّ، وخاصّة جيل الشّباب، إلى إحياء مجد الإسلام وعظمته، ووعيهم لحقيقة نظام الهيمنة العالميّة، وانكشاف الوجه الخبيث والظالم والمستكبر لحكومات ودوائر أنشبت أظفارها الدامية لأكثر من قرنين في المشرق الإسلاميّ وغير الإسلاميّ، وجعلت مقدّرات الشعوب عرضة لنزعتها الشّرسة والعدوانيّة نحو الهيمنة، وذلك بقناع المدنيّة والثقافة.

 
أبعاد هذه الصحوة المباركة واسعة غاية السّعة وذات امتداد رمزيّ، ولكن ما حقّقته من نتائج ناجزة في بعض بلدان شمال أفريقيا من شأنه أن يجعل القلوب واثقة بنتائج مستقبليّة كبرى وهائلة. إنّ تحقّق معاجز الوعود الإلهيّة يحمل دائماً معه دلالات أمل يبشّر بتحقّق وعود أكبر. وما يحكيه القرآن الكريم عن الوعدين الإلهيّين لأمّ موسى هو نموذج من هذه السنّة  الربانيّة.
 
إذ في تلك اللحظات العسيرة، حيث صدر الأمر بإلقاء الصندوق، حامل الرضيع في اليمّ، جاء الخطاب الإلهيّ بالوعد: ﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾1 إنّ تحقّق الوعد الأوّل، وهو الوعد الأصغر الذي شدّ (ربط) على قلب الأمّ، أصبح منطلقاً لتحقّق وعد الرسالة، وهو أكبر بكثير، ويستلزم طبعاً تحمّل المشاقّ والمجاهدة والصبر الطويل: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ...﴾2 هذا الوعد الحقّ هو تلك الرسالة الكبرى التي تحققت بعد سنين وغيّرت مسيرة التاريخ.
 
ومن النماذج الأخرى، التذكير بالقدرة الإلهيّة الفائقة في قمع مهاجمي الكعبة، والذي ورد في القرآن بلسان الرسول الأعظم: ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾3 وذلك لتشجيع المخاطبين علي امتثال الأمر الإلهيّ: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾4.
 
وفي موضع آخر يذكّر سبحانه رسوله بما أغدقه عليه من نعم تشبه المعجزة: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾5، ليكون ذلك وسيلة لتقوية معنويات نبيّه الحبيب



1 سورة القصص، الآية 7.
2  سورة القصص، الآية 13.
3 سورة الفيل، الآية 3.
4 سورة قريش، الآية 3.
5 سورة الضحى، الآيتان 6 ـ 7.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
120

100

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 وإيمانه بالوعد الإلهيّ في قوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾1، ومثل هذه الأمثلة كثيرة في القرآن الكريم.

 
حين انتصر الإسلام في إيران، واستطاع أن يفتح قلاع أميركا والصهيونيّة في أحد أكثر البلدان حساسية بامتياز من هذه المنطقة المهمّة، عَلِم أهل العبرة والحكمة أنّهم إذا انتهجوا طريق الصبر والبصيرة فإنّ فتوحات أخرى ستتوالى عليهم، وقد توالت فعلاً.
 
إنّ الحقائق الساطعة في الجمهوريّة الإسلاميّة والتي يعترف بها الأعداء قد تحقّقت بأجمعها في ظلّ الثقة بالوعد الإلهيّ والصبر والمقاومة والاستمداد من ربّ العالمين. دائماً كان شعبنا يرفع صوته بالقول: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾2 أمام وساوس الضعفاء الذين كانوا يردّدون في الفترات الحرجة: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾3.
 
هذه التجربة الثّمينة هي اليوم في متناول الشعوب التي نهضت بوجه الاستكبار والاستبداد، واستطاعت أن تسقط أو تزلزل عروش الحكومات الفاسدة الخاضعة والتابعة لأميركا. بإمكان الثبات والصبر والبصيرة والثقة بالوعد الإلهيّ في قوله سبحانه: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾4 أن تمهّد طريق العزّ هذا أمام الأمّة الإسلاميّة حتى تصل إلى قمّة الحضارة الإسلاميّة.
 
إنّني في هذا الاجتماع المهمّ لعلماء الأمّة بمختلف أقطارهم ومذاهبهم أرى من المناسب أن أبيّن بضع نقاط ضروريّة حول قضايا الصحوة الإسلاميّة:
إنّ الأمواج الأولى للصحوة في بلدان هذه المنطقة، والتي اقترنت ببدايات دخول الغزو الاستعماريّ، قد انطلقت غالباً على يد علماء الدين والمصلحين الدينيين. لقد خلّدت صفحات التاريخ وللأبد أسماء قادة وشخصيات بارزة من أمثال السيّد جمال الدين الأسد آبادي (الأفغاني)، ومحمّد عبده، والميرزا الشيرازيّ، والآخوند الخراسانيّ، ومحمود الحسن، ومحمّد علي، والشيخ فضل الله النوريّ، والحاجّ آقا نور الله، وأبي الأعلى المودوديّ، 



1  سورة الضحى، الآية 3.
2 سورة الشعراء، الآية 62.
3 سورة الشعراء، الآية 61.
4 سورة الحج، الآية 40.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
121

101

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 وعشرات من كبار علماء الدين المعروفين والمجاهدين وذوي النفوذ، من إيران ومصر والهند والعراق.

 
ويبرز في عصرنا الراهن اسم الإمام الخميني العظيم مثل كوكب ساطع على جبين الثورة الإسلاميّة في إيران. وكان لمئات العلماء المعروفين وآلاف العلماء غير المعروفين في الحاضر والماضي دورٌ في المشاريع الإصلاحيّة الكبيرة والصغيرة في ساحات مختلف البلدان. وقائمة المصلحين الدينيّين من غير علماء الدين كحسن البنّا وإقبال اللّاهوريّ هي طويلة أيضاً ومثيرة للإعجاب.
 
وقد كانت المرجعيّة الفكريّة لعلماء الدين ورجال الفكر الدينيّ بدرجة وأخرى، وفي كلّ مكان. لقد كانوا سنداً روحيّاً قويّاً للجماهير، وحيثما قامت قيامة التحوّلات الكبرى ظهروا في دور المرشد والهادي، وتقدّموا لمواجهة الخطر في مقدّمة صفوف الحراك الشعبيّ، وازداد الارتباط الفكريّ بينهم وبين الناس، وغدوا أكثر تأثيراً في دفع الناس نحو الطريق الصحيح. وهذا له من الفائدة والبركة لنهضة الصحوة الإسلاميّة بمقدار ما يجرّ من انزعاج وامتعاض على أعداء الأمة والحاقدين على الإسلام والمعارضين لسيادة القيم الإسلاميّة ما يدفعهم إلى محاولة إلغاء هذه المرجعية الفكرية للمؤسّسات الدينيّة واستحداث أقطاب جديدة عرفوا بالتجربة أنّه بالإمكان المساومة معها بسهولة على حساب المبادئ والقيم الدينيّة. وهذا ما لا يحدث إطلاقاً مع العلماء الأتقياء ورجال الدين الملتزمين.
 
هذا ما يضاعف ثقل مسؤوليّة علماء الدين. فعليهم أن يسدّوا الطريق أمام الاختراق بفطنة ودقّة متناهية وبمعرفة أساليب العدوّ الخادعة وحيله، وأن يحبطوا مكائده. إنّ الجلوس على الموائد الملوّنة بمتاع الدنيا هو من أكبر الآفات، وإنّ التلوّث بهبات أصحاب المال والسلطة وعطاياهم، والارتباط المادي بطواغيت الشّهوة والقوّة من أخطر عوامل الانفصال عن الناس والتفريط بثقتهم ومحبّتهم. فالأنانيّة وحبّ الجاه الذي يجرّ الضعفاء إلى أقطاب القوّة يشكّلان أرضيّة خصبة للتلوّث بالفساد والانحراف. لا بدّ أن نضع نصب أعيننا قوله سبحانه: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾1.



1 سورة القصص، الآية 83.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
122

102

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 إنّنا اليوم، في عصر حراك الصحوة الإسلاميّة وما تبعثه في النفوس من أمل، نشاهد أحيانًا مساعيَ خَدَمِ أميركا والصهيونيّة لاصطناع مرجعيّات فكريّة مشبوهة من ناحية، ومساعي الغارقين في المال ومستنقع الشهوات لجرّ أهل الدين والتقوى إلى موائدهم المسمومة الملوّثة من ناحية أخرى.


فعلى علماء الدين والرجال المتديّنين والمحافظين على الدين أن يراقبوا هذه الأمور بشدّة ودقّة.

التأكيد على ضرورة رسم هدف بعيد المدى للصحوة الإسلاميّة في البلدان المسلمة يوضع أمام الجماهير ليكون البوصلة في حركتها للوصول إليه. وبمعرفة هذا الهدف يمكن رسم خريطة الطريق وتحديد الأهداف القريبة والمتوسّطة. هذا الهدف النهائيّ لا يمكن أن يكون أقلّ من إقامة "الحضارة الإسلاميّة المجيدة". فالأمّة الإسلاميّة، بكلّ أجزائها في إطار الشعوب والبلدان، يجب أن تعتلي مكانتها الحضاريّة التي يدعو إليها القرآن الكريم.

إنّ من الخصائص الأصليّة والعامّة لهذه الحضارة استثمار أبناء البشر لجميع ما أودعه الله في عالم الطبيعة وفي وجودهم من مواهب وطاقات ماديّة ومعنويّة لتحقيق سعادتهم وسموّهم. 

ويمكن، بل وينبغي مشاهدة مظاهر هذه الحضارة في إقامة حكومة شعبيّة، وفي قوانين مستلهمة من القرآن، وفي الاجتهاد وتلبية الاحتياجات المستحدثة للبشر، وفي رفض الجمود الفكريّ والرجعيّة، ناهيك عن البدعة والالتقاط، وفي إنتاج الرفاه والثروة العامّة، وفي استتباب العدل، وفي التخلّص من الاقتصاد القائم على الاستئثار والربا والتكاثر، وفي إشاعة الأخلاق الإنسانيّة، وفي الدفاع عن المظلومين في العالم، وفي السعي والعمل والإبداع.

ومن مستلزمات هذا البناء الحضاريّ النظرة الاجتهاديّة والعلميّة للساحات المختلفة بدءاً من العلوم الإنسانية ونظام التربية والتعليم الرسميّ، ومروراً بالاقتصاد والنظام المصرفيّ، وانتهاء بالإنتاج الصناعيّ والتقنيّ ووسائل الإعلام الحديثة والفنّ والسينما، بالإضافة إلى العلاقات الدوليّة وغيرها من الساحات.

وتدلّ التّجربة علي أنّ كلّ ذلك ممكن وفي متناول مجتمعاتنا بطاقاتها المتوفّرة. لا يجوز أن ننظر إلى هذا الأفق بنظرة متسرّعة أو متشائمة. التشاؤم في تقويم قدراتنا كفران بنعم
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
123

103

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 الله، والغفلة عن الإمداد الإلهيّ ودعم سنن الخلق انزلاق في ورطة: ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ﴾1.

 
نحن قادرون على أن نكسر حلقة الاحتكارات العلميّة والاقتصاديّة والسياسيّة لقوى الهيمنة، وأن نجعل الأمّة الإسلاميّة سبّاقة لإحقاق حقوق أكثريّة شعوب العالم التي هي اليوم مقهورة أمام أقليّة مستكبرة.
الحضارة الإسلاميّة بمقوّماتها الإيمانيّة والعلميّة والأخلاقيّة، ومن خلال الجهاد الدائم، قادرة علي أن تقدّم للأمّة الإسلاميّة وللبشريّة المشاريع الفكريّة المتطوّرة والأخلاق السامية، وأن تكون منطلق الخلاص من مظالم الرؤية الماديّة للكون ومن الأخلاق الغارقة في مستنقع الرّذيلة التي تشكّل أركان الحضارة الغربيّة القائمة.
 
ينبغي في إطار حركات الصحوة الإسلاميّة الالتفات دائماً إلى التجربة المرّة والفظيعة التي تركتها التبعيّة للغرب على السياسة والأخلاق والسلوك ونمط الحياة.
 
لقد مُنيت البلدان الإسلاميّة، خلال أكثر من قرن من التبعيّة لثقافة الدول المستكبرة وسياستها، بآفات مهلكة مثل: الذّيلية (التبعيّة) والذّلة السياسيّة والفقر الاقتصاديّ وتهاوي الأخلاق والفضيلة، والتخلّف العلميّ المُخجِل، بينما الأمّة الإسلاميّة تمتلك تاريخاً مشرقاً من التقدّم في جميع هذه المجالات.
 
لا ينبغي اعتبار هذا الكلام مناصبة العداء للغرب، نحن لا نكنّ العداء لأيّة مجموعة إنسانيّة بسبب تمايزها الجغرافيّ. نحن تعلّمنا من الإمام عليّ عليه السلام ما قاله عن الإنسان أنّه: "إمّا أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق". اعتراضنا إنّما هو على الظلم والاستكبار والتحكّم والعدوان والفساد والانحطاط الأخلاقيّ والعمليّ الذي تمارسه القوى الاستعماريّة والاستكباريّة ضدّ شعوبنا. ونحن الآن أيضاً نشاهد تحكّم وتدخّل وتعنّت أميركا وبعض ذيولها في المنطقة داخل البلدان التي تَحوّلَ فيها نسيم الصحوة إلى نُهوض عاصف وإلى ثورة. وإنّ وعود هؤلاء وتهديداتهم ينبغي أن لا تؤثّر في قرارات النّخب السياسيّة ومبادراتها وفي الحركة الجماهيريّة العظيمة.



1 سورة الفتح، الآية 6.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
124

104

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 وهنا أيضاً يجب أن نتلقّى الدروس من التجارب. أولئك الذين تعلّقت قلوبهم لسنوات طويلة بوعود أميركا وجعلوا الركون إلى الظالم أساساً لنهجهم وسياستهم لم يستطيعوا أن يحلّوا مشكلة من مشاكل شعوبهم، أو أن يبعدوا ظلماً عنهم أو عن غيرهم، بل إنّ هؤلاء باستسلامهم لأميركا لم يستطيعوا أن يحولوا دون هدم بيت فلسطينيّ واحد على الأقلّ في أرضٍ هي ملك للفلسطيّنيين.

 
على السّاسة والنخب المخدوعة بالتطميع أو المرعوبة بتهديد جبهة الاستكبار والذين يخسرون فرصة الصحوة الإسلاميّة أن يخشوا ما وجّهه الله سبحانه إليهم من تهديد إذ قال: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾1.
 
إنّ أخطر ما يواجه حركة الصحوة الإسلاميّة اليوم هو إثارة الخلافات ودفع هذا الحراك نحو صدامات دمويّة طائفيّة ومذهبيّة وقوميّة ومحليّة. تتابع تنفيذ هذه المؤامرة اليوم أجهزة الجاسوسيّة الغربيّة والصهيونيّة بجدٍّ واهتمام في منطقة تمتدّ من شرق آسيا حتّى شمال أفريقيا، وخاصّة في المنطقة العربيّة، بدعم من دولارات النفط والسّاسة المأجورين. وإنّ الأموال التي يمكن استخدامها في تحقيق رفاه خلق الله، تُنفق في التهديد والتكفير والاغتيال والتفجير وإراقة دماء المسلمين وإضرام نيران الأحقاد لفترات طويلة. أولئك الذين يرون في قوّة اتّحاد المسلمين مانعاً لتطبيق أهدافهم الخبيثة رأوا في إثارة الخلافات داخل الأمّة الإسلاميّة أيسر طريق لتنفيذ أهدافهم الشّيطانيّة، وجعلوا من اختلاف وجهات النظر في الفقه والكلام والتاريخ والحديث، وهو اختلاف طبيعيّ لا مفرّ منه، ذريعة للتكفير وسفك الدماء والفتنة والفساد.
 
إنّ نظرة فاحصة إلى ساحة النزاعات الداخليّة تكشف بوضوح يد العدوّ وراء هذه المآسي. هذه اليد الغادرة تستثمر دون شك الجهل والعصبيّة والسطحيّة في مجتمعاتنا، وتصبّ الزيت على النار. إنّ مسؤوليّة المصلحين والنخب الدينيّة والسياسيّة في هذا الخضمّ ثقيلة جدّاً. فليبيا اليوم بشكل، ومصر وتونس بشكل آخر، وسوريا بشكل، وباكستان



1 سورة إبراهيم، الآيتان 28 ـ 29.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
125

105

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 بشكل آخر، والعراق ولبنان بشكل، تعاني أو أنّها عرضة لهذه النيران الخطرة. لا بدّ من المراقبة الشديدة والبحث عن العلاج.


من السذاجة أن نعزو كلّ ذلك إلى عوامل ودوافع عقائديّة أو قوميّة. فالدعاية الغربيّة والإعلام الإقليميّ التابع والمأجور يصوّران الحرب المدمّرة في سوريا بأنّها نزاع سنّيّ ــ شيعيّ، ويوفّران بذلك مساحة آمنة للصهاينة وأعداء المقاومة في سوريا ولبنان. بينما النزاع في سوريا ليس بين طرفين سنّيّ وشيعيّ، بل بين أنصار المقاومة ضد الصهيونيّة وبين معارضي هذه المقاومة. ليست حكومة سوريا حكومة شيعيّة، ولا المعارضة العلمانية المعادية للإسلام مجموعة سنيّة، إنّما المنفّذون لهذا السيناريو المأساويّ كانوا بارعين في قدرتهم على استغلال المشاعر الدينيّة للسذّج في هذا الحريق المهلك. وإن نظرة إلى الساحة والفاعلين فيها على المستويات المختلفة توضّح هذه المسألة لكلّ إنسان منصف.

هذه الموجة الإعلاميّة تؤدّي دورها بشكل آخر، في البحرين، في اختلاق الكذب والخداع. توجد في البحرين أكثرية مظلومة محرومة لسنوات طويلة من حقّ التصويت وسائر الحقوق الأساسيّة للشعب، وقد نهضت للمطالبة بحقّها. ترى هل يصحّ أن نعتبر الصراع شيعيّاً سنيّاً لأنّ هذه الأكثريّة المظلومة هي من الشّيعة، والحكومة المتجبّرة العلمانيّة تتظاهر بالتسنّن؟!

المستعمرون الأوربيّون والأميركيّون ومن لفّ لفهم في المنطقة يريدون طبعاً أن يصوّروا الأمر بهذا الشكل، ولكن أهذه هي الحقيقة؟!

هذا ما يدعو جميع علماء الدين المصلحين والمنصفين إلى الوقوف أمامه بتأمّل ودقّة وشعور بالمسؤوليّة، ويحتّم عليهم أن يعرفوا أهداف العدوّ في إثارة الخلافات الطائفيّة والقوميّة والحزبيّة.

إنّ سلامة مسيرة حركات الصحوة الإسلاميّة يجب أن نبحث عنها، فيما نبحث، في موقفها تجاه قضيّة فلسطين. فمنذ ستين عاماً حتّى الآن لم تنزل على قلب الأمّة الإسلاميّة كارثةٌ أكبر من اغتصاب فلسطين.

كانت مأساة فلسطين منذ اليوم الأوّل وحتّى الآن مزيجاً من القتل والإرهاب والهدم والغصب والإساءة للمقدّسات الإسلاميّة. وإنّ وُجوب الصمود والنّضال أمام هذا العدوّ
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
126

106

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 المحارب هو موضع اتفاق جميع المذاهب الإسلاميّة ومحلّ إجماع كلّ التيّارات الوطنيّة الصّادقة والسليمة.

 
إنّ أيّ تيار في البلدان الإسلاميّة يتناسى هذا الواجب الدينيّ والوطنيّ انصياعاً للإرادة الأميركيّة المتعنّتة أو بمسوِّغات غير منطقيّة يجب أن لا يتوقّع غير التشكيك في وفائه للإسلام وفي صدق ادعاءاته الوطنيّة.
 
إنّ هذا هو المحكّ. كلّ من يرفض شعار تحرير القدس الشريف وإنقاذ الشعب الفلسطينيّ وأرض فلسطين، أو يجعلها مسألة ثانويّة، ويدير ظهره لجبهة المقاومة، فهو متّهم.
 
يجب أن تضع الأمّة الإسلاميّة نصب عينيها هذا المؤشّر والمعيار الواضح الأساسيّ في كلّ مكان وزمان.
 
أيّها الضيوف الأعزّاء، أيّها الإخوة والأخوات، لا تبعدوا عن أنظاركم كيد العدوّ، فإنّ غفلتنا توفّر الفرصة للعدوّ. "من نامَ لم يُنَم عنه"1... إنّ درس الإمام عليّ عليه السلام لنا هو أنّه: "من نام لم يُنَم عنه". وإن تجربتنا في الجمهوريّة الإسلاميّة مليئة بدروس العبرة في هذا المجال. إذ بعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران، بدأت الحكومات الغربيّة والأميركيّة المستكبرة التي كانت منذ أمد بعيد تسيطر على طواغيت إيران وتتحكّم في المصير السياسيّ والاقتصاديّ والثقافيّ لبلدنا، وتستهين بالقوّة الضّخمة للإيمان الإسلاميّ في داخل المجتمع، وكانت غافلة عن قوّة الإسلام والقرآن في التعبئة والتوجيه، بدأت تفهم فجأة ما وقعت فيه من غفلة، فتحرّكت دوائرها الحكوميّة وأجهزتها الاستخباريّة ومراكز صنع القرار فيها لِتَجبُرَ ما مُنيت به من هزيمة فاقت الحدود.
 
رأينا خلال هذه الأعوام الثلاثين ونيّف أنواع المؤامرات والمخطّطات، والذي بدّد مكرهم أساساً عاملان: الثبات على المبادئ الإسلاميّة، والحضور الجماهيريّ في الساحة.
 
هذان العاملان هما مفتاح الفتح والفَرَج في كلّ مكان. العامل الأوّل يضمنه الإيمان الصادق بالوعد الإلهيّ، والعامل الثاني سيبقى ببركة الجهود المخلصة والبيان الصادق. الشعب الذي يؤمن بصدقِ قادته وإخلاصهم يجعل الساحة فاعلة بحضوره المبارك. وأينما 



1  السيد الرضي، نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام، ج3، ص121، تحقيق الشيخ محمد عبده، نشر دار الذخائر ـ قم، مطبعة النهضة ـ قم، ط1، 1412هـ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
127

107

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 حضر الشعب بعزم راسخ، في أيّ ساحة، فستعجز أيّ قدرة عن إنزال الهزيمة به. هذه تجربة ناجحة لكلّ الشعوب التي صنعت بحضورها الصحوة الإسلاميّة.


أسأل الله تعالى لكم ولكلّ الشعوب أن يسدّدكم ويأخذ بأيديكم ويعينكم ويغدق عليكم شآبيب رحمته، إنّه تعالى سميع مجيب! والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الخطوات العمليّة للتلخيص
أ- اقرأ النصّ (المادّة) المطلوب منك تلخيصه، اقرأ بتركيز. تأكّد أنّك استوعبت المحتوى، وأنّك أحطت بكلّ جزئيّاته، إذا احتاج الأمر أعد القراءة، أسأل نفسك: هل تستطيع الآن أن تحدّد الأفكار الرئيسة لهذا النصّ، الصريحة والضمنية؟

ب- ضع خطوطاً بقلم رصاص تحت ما ترى أنّه أساسيّ. تغاضى عن كلّ ما هو غير ضروريّ. اكتفِ بعبارة واحدة تصف فكرة ما. استبعد (لا تضع خطّاً) العبارات المرادفة التي تكرّر المعنى، ولا داعي للإحصاءات. تجنّب كلّ ما لا يضيف جديداً. اكتفِ بمثال واحد مؤيّد لكلّ فكرة.

ج- راجع خطوطك. تأكّد أنّك لم تترك عبارة أساسيّة من دون وضع خطّ تحتها، وأنّ كلّ ما وضعته من خطوط تحت جمل تمثّل جوهر النصّ. امسح الخطوط الموجودة تحت الأمثلة أوالعبارات التي يمكن تجاهلها في ملخّص النصّمن دون أن تؤثّر على فهمه واستيعابه.

د- ابدأ بالكتابة (المبدئيّة) للملخّص المطلوب (ضع النصّ الأصلي جانباً، واعتمد على مهاراتك وأسلوبك الخاصّ) اكتب فقرة قصيرة تمثّل مقدّمة النصّ وتعكس هدفه، ثمّ فقرة ثانية في صلب موضوع النصّ، بحيث تتضمّن أفكاره الأساسيّة، وجزئيّاته المهمّة، وفقرة ثالثة تُعدّ خاتمة، وتعرض نتائج النصّ وخلاصته.

هـ- قد تحتاج لكتابة ملخّص الجوهر (الصلب) إلى فقرتين بدلاً من فقرة. لا مانع، وإنْ كان من الأفضل أن تكون كتابتك أكثر إيجازاً.

و- اسأل نفسك: هل حافظت في ملخّصك على جوهر النصّ؟ وهل احتوى الملخّص على الأفكار الأساسيّة؟ وهل يخلو الملخَّص من أيّ زيادات لا داعي لها؟ احرص على أن تكون الإجابات بالإيجاب.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
128

108

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 ز- راجع الملخّص مراجعة دقيقة. تأكّد من الصحّة اللغويّة للكتابة، وسلامة صياغة الفقرات، والاستخدام السليم لعلامات الترقيم، لا مانع أن تضع النصّ الأصلي أمامك، لتثق من مطابقة التلخيص للنصّ الأصليّ.


ح- والآن ضع في المستطيل الآتي ملخص النصّ السابق: اتّبع الخطوات السابق ذِكْرها.

الملخَّص
تبصرة: تجدر الإشارة إلى أنّ ما قمت به هو التلخيص، وهو لا يتضمّن اقتباسات: التلخيص يخلق لديك مهارات كتبيّة، وتنعكس فيه شخصيّتك، فلك حرّيّة التعبير عن الفكرة بجمل من إبداعك، وبأسلوبك، وهذا لا يتضمّن أخذ جمل، وعبارات بعينها من النصّ، لأنّ أخذ جمُل من النص يسمّى "اقتباساً".

تبصرة: قارن بين التلخيص والخلاصة. فالتلخيص: إبراز للموضوع بعدد قليل من الجمل في فقرات، مع المحافظة على جوهر النصّ. وأما الخلاصة فهي تتّجه لعرض الحركة أو الطريقة التي قام بها الباحث في بحثه، من دون التعرّض لأي تفصيل. وبهذا المعنى فإنّ التلخيص يقصد الموضوع بشكل مباشر، بينما الخلاصة تعبّر عنه بصورة غير مباشرة.

ي- المطلوب الآن: تلخيص النصّ السابق: تلخيصاً عادياً وتلخيصاً مركَّزاً.

- التلخيص العادي:
----------------------------------------------------------------
----------------------------------------------------------------

- التلخيص المركَّز:
----------------------------------------------------------------
----------------------------------------------------------------
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
129

109

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 الأفكار الرئيسة

1- التلخيص هو تعبير عن الأفكار الأساسيّة للموضوع في عبارات قليلة لا تخلّ بالموضوع، ولا تُبْهِم المعنى.

2- تكمن أهمّيّة التلخيص في أنّه: يساعد على توفير الوقت/ يوفّر الجهد اللازم لمتابعة الأعمال المكتوبة/ يُعدّ تدريباً عمليّاً على الكتابة/ يساعد القارىء/ يمكّن الكاتب من الإفادة من كلّ 
ما جمعه من معلومات/...

3- تمرّ عمليّة التلخيص بالخطوات الآتية: القراءة الاستكشافية للموضوع الأصليّ/ القراءة المتأنّية/ إعادة الصياغة لما كتب.

4- من ضوابط التلخيص: البعد عن التعديل أو التحريف في المادّة الملخّصة/ القدرة على التمييز بين الأفكار الرئيسة والفرعيّة/ التخلّص من الزيادات/ الإشارة إلى المراجع والأصول...

5- خطوات تلخيص مقالة: قراءة المقالة قراءة سريعة/ وضع خطوط تحت العبارات المهمّة/ حذف الفقرات التي لا تتضمّن أفكاراً ذات قيمة/ تلخيص الفقرات الباقية/ دمج بعض الفقرات المهمّة/ إعادة صياغة الفقرات بأسلوب الملخِّص.

6- للتخليص مستويان، هما: التخليص العاديّ والتلخيص المركّز.

فكّر وأجِب
1- تكلّم على التلخيص، مبيّناً أهمّيّته وخطواته وضوابطه ومستوياته؟

2- لخصّ النص الآتي وفق المستويين العادي والمركَّز، معتمداً على خطوات التلخيص وضوابطه:
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
130

110

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أرحّب بكم أولاً أيّها الضيوف الأعزاء من مختلف البلدان، وكذلك الأساتذة الأعزاء المحترمين من جامعات بلادنا.

أقيمت - منذ نحو عام وإلى الآن - لقاءاتٌ ومؤتمراتٌ وملتقياتٌ عديدةٌ حول الصحوة الإسلاميّة في طهران، ولكن يظهر لي أنّ مؤتمر أو ملتقى الأساتذة يتمتّع بأهميّةٍ خاصّة, إذ إنّ إيجاد 
الأفكار والخطابات والتيّارات الفكريّة في المجتمع يحصل على أيدي خواصّ المجتمع ومفكّريه، هم الذين يستطيعون توجيه وإرشاد أفكار الشعوب نحو جهةٍ معيّنة تنقذ تلك الشعوب، كما يمكنهم - لا سمح الله - أن يوجّهوا الأفكار نحو جهةٍ تتسبّب في تعاسة الشعوب وبؤسها ووقوعها في الأسر. وهذه الثانية حصلت طوال الأعوام السبعين أو الثمانين الأخيرة في بعض البلدان، ومنها بلدنا.

هناك حديث عن رسول الإسلام المكرّم سيّدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيه: "لا تصلح عوامّ هذه الأمة إلا بخواصّها" قيل: يا رسول الله، ومن خواصّها؟ قال: "العلماء". ذكر العلماء أوّلاً، ثمّ ذكر عدّة فئاتٍ أخرى، وعليه فإنّ أساتذة الجامعات وأصحاب الوعي والفكر والنخب العلميّة في أيّ بلدٍ بإمكانهم الإمساك بزمام تحرّك الشعب وقيادته، شريطة الإخلاص والشجاعة وعدم الخوف من الأعداء, إذا كان ثمّة خوفٌ أو طمعٌ أو غفلةٌ أو كسلٌ فإنّ الأمور سوف تفسد وتتعرقل، أمّا إذا اتخذت هذه الأشياء وتوفّرت عناصر الوعي واليقظة فإنّ الأمور سوف تصلح وتتقدّم إلى الأمام.

في بدايات الثورة، أي قبل نحو إحدى وثلاثين سنة، توجّهت أنا وشخصان آخران - كنّا يومها أعضاء في شورى الثورة - من طهران إلى قم للقاء الإمام الخمينيّ، وكان الإمام الخمينيّ حينها لا يزال في قم، ولم يأتِ للسكن في طهران - لنسأله عن رأيه حول قضيّةٍ وخطوة مهمّتين، وحين شرحنا له القضيّة التفت إلينا وقال: هل تخافون من أمريكا؟ فقلنا له: لا، فقال: إذاً، اذهبوا وافعلوا كذا وكذا، فعدنا وفعلنا كما أوصانا ونجحنا. إذا كان ثمّة خوفٌ وهلع، وإذا كان هناك طمعٌ أو غفلةٌ أو توجّهاتٌ منحرفةٌ فإنّ الأمور والأعمال سوف تتعقّد وتفسد.

يواجه العالم اليوم حدثاً عظيماً، ألا وهو الصحوة الإسلاميّة، وهذه حقيقة. لقد استيقظت
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
131

111

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 الشعوب والأمّة الإسلاميّة تدريجياً، ولم يعد التسلّط على الشعوب المسلمة بالسهولة التي كان الأمر عليها بعد الحرب العالميّة الأولى أو في فترة القرنين التاسع عشر والعشرين. إذا أراد مستكبرو العالم في الوقت الحاضر السيطرة على الشعوب المسلمة فسيكونون أمام مهمّة عسيرة, لقد تغلغلت الصحوة في الأمّة الإسلاميّة ونفذت وترسّخت فيها، وفي بعض البلدان تحوّلت هذه الصحوة إلى ثورةٍ غيّرت الأنظمة الفاسدة العميلة، لكن هذا جزء من الصحوة الإسلاميّة وليس كلّها, الصحوة الإسلاميّة واسعةٌ وعميقة.

 
بالطبع، الأعداء يخافون من كلمة "الصحوة الإسلاميّة"، ويحاولون أن لا تُسْتَخدم عبارة "الصحوة الإسلامية" لهذه الحركة العظيمة، لماذا؟ لأنّ الإسلام حينما يظهر في هيئته الحقيقيّة وأبعاده الواقعيّة فإنّ فرائصهم ترتعد. إنّهم لا يخافون الإسلام المستعبَد للدولار، ولا يخافون من الإسلام الغارق في المفاسد والارستقراطيّة، ولا يخافون من الإسلام الذي ليس له امتداداتٌ ونهاياتٌ في ممارسات الجماهير وأعمالهم، لكنّهم يخافون إسلام العمل والفعل، إسلام المبادرة، إسلام كتل الجماهير، إسلام التوكّل على الله، إسلام حسن الظنّ بالوعود الإلهيّة، حيث قال تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾1. حينما يذكر اسم هذا الإسلام، وتظهر له علاماتٌ ومؤشراتٌ فإنّ مستكبري العالم يرتعدون ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ﴾2، لذلك لا يريدون عنوان "الصحوة الإسلاميّة" أن يكون. أمّا نحن فنعتقد أنّها صحوةٌ إسلاميةٌ ويقظةٌ حقيقّيةٌ قد ترسّخت وامتدّت، ولا يستطيع الأعداء تحريفها عن طريقها بسهولة.
 
طبعاً، ينبغي دراسة الآفات والأخطار التي تهدّد هذه الصحوة، وهذه هي النقطة الأولي التي أروم ذكرها لكم. ادرسوا الآفات والأخطار التي تهدّد هذه التحركات التي عمّت العالم الإسلاميّ، وهذه الثورات التي حدثت في مصر وتونس وليبيا وأمثالها وانتصرت، ما هي الأخطار التي تهدّدها؟ وما هي المشكلات التي تواجهها؟ لماذا نقول إنّ ما حدث هو إسلاميٌّ بلا شكّ؟ لاحظوا شعارات الجماهير ودور المؤمنين بالإسلام في إسقاط الأنظمة الفاسدة طوال هذه الفترة، لولا المؤمنون بالإسلام والمجموعات والحشود الهائلة ذات المكانة الممتازة بين الناس والمعتقدة بالإسلام اعتقاداً راسخاً وعميقاً لما تكوّنت هذه التجمّعات



1 سورة الحج، الآية 40.
2 سورة المدثر، الآيتان 50 ـ 51.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
132

112

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 العظيمة في مصر وتونس. الضغوط التي أعملتها تحرّكَات الجماهير، ومشاركتها في الساحة هدمّت الصروح المتهرئة لأمثال حسني مبارك وابن علي. الجماهير الإسلاميّة هي التي وُجدت في الساحة بشعارات إسلاميّة. دور الإسلامييّن في عمليّات إسقاط الأنظمة هو بحدّ ذاته أقوى شاهدٍ على أنّ هذه الحركة حركةٌ إسلاميّة. وبعد ذلك ما إن حان دور التصويت حتى قامت الجماهير بالتصويت للإسلاميّين وعزّزوهم ورجّحوهم. وأقولها لكم: إذا أقيمت انتخاباتٌ جيّدةٌ حرّةٌ في أيّ مكانٍ من العالم الإسلاميّ - وقد تكون لذلك بعض الاستثناءات القليلة - ويشارك القادة والسياسيّون الإسلاميون فيها فإنّ الشعوب ستمنحهم أصواتها. هكذا هو الحال في كلّ مكان. إذاً، التحرّك هو تحرّكٌ إسلاميٌّ بلا ريب.


قلنا ينبغي أن تدرسوا الآفات والمخاطر. وإلى جانب ذلك لا بدّ من تبيين الأهداف وشرحها, إذا لم تتّضح الأهداف فستكون هناك حيرة واضطراب، ينبغي تبيين الأهداف. من أهمّ أهداف هذه الصحوة التحرّر من شرور هيمنة الاستكبار العالمي، ينبغي ذكر ذلك بصراحة. من الخطأ التصوّر أنّ الاستكبار العالمي بزعامة أمريكا يمكن أن يتصالح مع الحركات الإسلاميّة, إذا كان ثمّة إسلامٌ وإسلاميّةٌ وإسلاميّون فإن أمريكا ستحاول بكلّ ما أوتيت من قوّة أن تقضي عليهم، بالطبع، ستبدي لهم ابتساماتها في ظاهر الأمر. ليس أمام الحركات الإسلاميّة من طريقٍ سوى رسم حدودها الفاصلة. لا نقول يجب أن يسيروا لمحاربة أمريكا، بل نقول ينبغي أن يعلموا ما هي مواقف أمريكا والاستكبار الغربيّ منهم، يجب أن يشخّصوا ذلك بدقّة، وإذا لم يحصل هذا التشخيص فسوف يقعون في شرك خداعهم وحيلهم بالتأكيد.

الاستكبار العالمي يحكم في العالم اليوم بأدوات المال والسلاح والعلم، لكنّه يعاني من فراغ فكريٍّ وتوجيهيّ، يعاني الاستكبار العالمي اليوم من هذه المشكلة الكبرى, إذ ليست لديه أفكارٌ للبشرية، ليست لديه أيّة فكرة لعرضها على عموم الشعوب وإرشادهم إليها، كما ليست لديه أفكارٌ للخواصّ والمثقّفين منهم. أمّا أنتم فلديكم أفكارٌ, لأنّ لديكم الإسلام. حينما يكون لنا فكرنا وخارطة طريقنا، 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
133

113

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 نستطيع أن نرسم أهدافنا ونصمد، وفي هذه الحالة فإنّ أسلحتهم وعلومهم وأموالهم لن يعود لها التأثيرات نفسها التي كانت في الماضي. وهي طبعاً ليست عديمة التأثير، إنما ينبغي لنا أن نفكر بما يحبطها - وسوف نتناول هذا الجانب إن كان ثمة وقتٌ - لكن المهم بالدرجة الأولى هو أن تكون لنا أفكارنا وخارطة طريقنا وإيديولوجيتنا، ونعلم ما الذي نريد أن نفعله, يتعيّن رسم الأهداف.


من الأهداف المهمّة التي يتوجّب الاهتمام بها في هذه الثورات هو عدم خروج الإسلام عن المحوريّة، يجب أن يكون المحور هو الإسلام، الفكر الإسلاميّ والشريعة الإسلاميّة يجب أن يكونا محوراً. هم حاولوا أن يوحوا بأنّ الشريعة الإسلاميّة لا تتناغم مع التقدّم والتطوّر والتحضّر، وما إلى ذلك، هذا كلام العدو. كلا، الإسلام ينسجم تماماً مع التقدّم، ليسوا قلائل في العالم الإسلاميّ أولئك الذين استطاعوا بروح التحجّر والرجعيّة والجمود وعدم القدرة على الاجتهاد أن يكرّسوا ويثبّتوا كلام العدو هذا بشكل من الأشكال، إنّهم مسلمون، ولكن في خدمة الأعداء. لدينا من هذا القبيل في أطرافنا في بعض البلدان الإسلاميّة، واسمهم مسلمون، لكنّ المرء لا يشاهد فيهم ذرّةً من الفكر الجديد والفهم الجديد للمعارف الإسلاميّة. الإسلام للعالم وللدنيا إلى الأبد ولكلّ القرون، ولكلّ فترات التقدمّ البشري، إنّه يلبّي احتياجات البشر في كلّ هذه العصور. ينبغي أن نجد الفكر الذي يكوّن ردّ الإسلام وجوابه على هذه الاحتياجات. بعض الأفراد لا يحملون هذا الفكر، ولا يحسنون سوى تكفير هذا وتفسيق ذاك، ويسمّون أنفسهم مسلمين، وفي النهاية يلاحظ المرء أحياناً أنّهم يتحالفون مع مرتزقة العدو! لنجعل الشريعة الإسلاميّة والفكر الإسلاميّ محور نشاطاتنا، هذا أحد الأهداف.

ومن الأهداف الأخرى بناء النظام. إذا لم يَجرِ بناء نظامٍ في هذه البلدان التي ثارت، فإنّ الأخطار ستحدق بها. ثمّة تجربةٌ في بلدان شمال أفريقيا تعود إلى ما قبل ستيّن أو سبعين عاماً، أي في أواسط القرن العشرين. حصلت ثورةٌ ونهضةٌ في تونس نفسها، وتولّى الأمور بعض الأشخاص، وحصلت في مصر ثورةٌ وانقلابٌ ونهضة، وتولّى الأمور أشخاص - وكذا الحال في أماكن أخرى - لكنّهم لم يستطيعوا بناء أنظمة، وحين لم يبنوا أنظمةً فقد أدّى هذا لا إلى زوال تلك الثورات وحسب، بل وحتى الذين تولّوا الأمور باسم الثورات تبدّلوا وتغيّروا رأساً على عقب، حدث هذا في تونس وحدث في مصر وحدث في السودان يومذاك في حدود عام 1343 أو 1344 أو 1345هـ.ش. (1964 أو 1965 أو 1966م ) كنت مع بعض الأصدقاء في مدينة مشهد نستمع لإذاعة صوت العرب - و صوت العرب إذاعةٌ مصريّة تبثّ من القاهرة - وكانت تبثّ خطابات جمال عبد الناصر ومعمّر القذافي وجعفر النميري الذين اجتمعوا في مكانٍ واحد، كنّا نُسحق في مدينة مشهد تحت ضغوط الاستبداد والدكتاتورّية، ويتملّكنا الحماس 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
134

114

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 والغبطة والهياج من هذه الكلمات الملتهبة الشديدة، وحينما فارق عبد الناصر الحياة رأيتم ماذا فعل خلفاؤه، وشاهدتم ما الذي آل إليه القذّافي، والنميري أيضاً واضح ما آل إليه. وقد تغيّرت هذه الثورات نفسها، إذ كان يعوزها الفكر ولم تستطع بناء أنظمة. يجب بناء أنظمةٍ في هذه البلدان التي ثارت، يتحتّم تشييد أرضيّةٍ قويّة، هذه من المسائل والقضايا المهمّة.

 
من القضايا المهمّة الأخرى الحفاظ على دعم الجماهير ومساندتهم، يجب عدم الانقطاع عن الناس. لدى الناس توقّعاتهم ومطالبهم واحتياجاتهم. والقوّة الحقيقّية هي بيد الجماهير والشعوب، حيث يجتمع الناس ويتآلفون، ويكونون قلباً وتوجّهاً واحداً خلف المسؤولين وقادة البلد، هناك لن تستطيع أمريكا ولا الأكبر من أمريكا أن ترتكب أيّة حماقة. يجب الحفاظ على الشعب وحضوره ومساندته، وهذا ما تستطيعونه أنتم.. ما يستطيعه المثقّفون والكتّاب والشعراء وعلماء الدين. والأكثر تأثيراً هم علماء الدين الذين يتحمّلون واجباتٍ جسيمة. ينبغي أن يبيّنوا للناس ويشرحوا لهم ويوضّحوا ما الذي يريدون، وفي أيّة مرحلةٍ في هذا الطريق يسيرون، وما هي الموانع والعقبات، ومن هو العدوّ، ويجب أن يحافظوا على وعي الجماهير وبصيرتهم، وعندها لن تنزل أيّة نازلةٍ ولن تصاب المسيرة بأية أضرار.
 
وقضيّة أخرى هي التربية العلميّة للشباب. يجب على البلدان الإسلاميّة أن تتقدّم من النواحي العلمّية والتقنّية. ذكرت أنّ الغرب وأمريكا استطاعوا بفضل العلم السيطرة على بلدان العالم، وكان العلم من أدواتهم في ذلك، وقد اكتسبوا الثروة عن طريق العلم، وطبعاً فقد اكتسبوا بعض الثروات عن طريق الخداع والخبث والسياسة، لكن العلم كان مؤثراً أيضاً, يجب اكتساب العلم، هناك رواية تقول: "العلم سلطان من وجده صال، ومن لم يجده صيل عليه"1، يجب اكتساب العلم. حين تكسبون العلم ستتمتّعون بقبضاتٍ قوّية، وحين تفقدون العلم فإنّ أصحاب القبضات القويّة سيلوون أيديكم. شجّعوا شبابكم على العلم، هذه عمليّة ممكنة، وقد قمنا بها نحن في إيران. كنّا قبل الثورة في المراتب العلمية الأخيرة في العالم، ولا أحد ينظر إلينا لكن في الوقت الحاضر- وببركة الثورة والإسلام والشريعة الإسلاميّة - يقول المختصّون بالتقييمات العلمّية في العالم وينشرون إنّ إيران حالياً تحتلّ المرتبة العلمّية 



1  ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج20، ص319، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، نشر مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
135

115

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 السادسة عشرة في العالم، هذه إحصائيّات تعود إلى ما قبل أشهرٍ مضت. وقد خمّنت هذه المراكز العلمّية نفسها وقالت إنّ إيران بعد عدّة أعوام - وقد حدّدوا عدد الأعوام فقالوا عشرة أعوام أو اثني عشر عاماً مثلاً - ستصل إيران إلى مرتبةٍ من رقمٍ واحد، قالوا إنّها ستتبّوأ المرتبة الرابعة في العالم، والسبب في ذلك يعود إلى أنّ سرعة التقدّم العلميّ في إيران عاليةٌ جداً. وبالطبع، لا نزال متأخرين عن العالم كثيراً، سرعتنا أكثر من متوسّط السرعة العالميّة بأضعاف، لكنّنا لا نزال متأخرين، ولو واصلنا هذه السرعة فسوف نصل إلى المراتب المتقدّمة. يجب أن تتواصل هذه الحركة في العالم الإسلاميّ, البلدان الإسلاميّة ذات مواهب وقدرات، وهناك شبابٌ صالحون يمّثلون مواهب جيّدة. ذات يومٍ من أيام التاريخ كان العلم في العالم بأيدي المسلمين، فلماذا لا يكون اليوم أيضاً؟ لماذا لا نتوقّع ونرجو أن يكون العالم الإسلاميّ بعد ثلاثين عاماً مرجعاً علمّياً في العالم، يراجعه الجميع لاكتساب العلوم؟ هذا مستقبلٌ ممكنٌ يتطلّب منا الهمم والجهود. هذا كله يحصل ببركة الإسلام والثورة. لقد أثبت النظام الديني أنّ بوسعه أن يحوز على سرعةٍ أكبر.

 
قضيّة أساسيّة أخرى هي قضيّة الوحدة. أقولها لكم اليوم، أيّها الإخوة والأخوات... الأداة التي يمكنها أن تكون فعّالة بيد أعدائنا فيستغلونها أقصى استغلالٍ هي الاختلافات، اختلافات الشيعة والسنّة، والاختلافات القومّية، والاختلافات الوطنيّة، وحالات التباهي الخاطئة. إنّهم يضخّمون قضّية الشيعة والسنّة، ويحاولون أن يخلقوا الخلافات. تلاحظون أنّهم يبثّون الخلافات في البلدان الإسلاميّة وفي هذه البلدان الثائرة نفسها، ويخلقون الخلافات في مناطق أخرى من العالم الإسلامي. الكلّ يجب أن يتحلى باليقظة والوعي, الغرب وأمريكا أعداء العالم الإسلامي، ويجب النظر لتحركاتهم بهذه العين. إنهم يحرّضون، ومنظّماتهم التجسسيّة تعمل وتنشط، ويمارسون التخريب أينما استطاعوا، مارسوا العرقلة في قضيّة فلسطين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وقد فشلوا طبعاً. إننّا نتقدّم إلى الأمام، والعالم الإسلامي يتقدّم إلى الأمام... نرجو أن يهدينا الله تعالى جميعاً، وأن يبارك في تحرّكاتكم، ويأخذ تعالى هذه الصحوات العظيمة في العالم الإسلاميّ إلي مستقبلٍ مشرقٍ نيّرٍ مباركٍ للأمّة الإسلاميّة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته1.



1  من كلام للإمام الخامنئي في لقائه المشاركين في المؤتمر العالميّ لأساتذة الجامعات في العالم الإسلاميّ والصحوة الإسلاميّة، بتاريخ: 11/12/2012م.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
136

116

الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص

 مطالعة

 
من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (8)
 
أيكون مجتمع من دون كتابة القصّة؟
انطلاقاً من هذا الرأسمال الّذي صنعته لنا الحرب،...تعالوا الآن نعيد إحياء فنّ كتابة القصّة في إيران. وبالنهاية، لقد أوجبت الحرب على من يريد كتابة ذكرياته، أن يذهب - على حدّ تعبيركم - ويقرأ عدّة روايات ليتعلّم كيفيّة كتابة الوقائع والأحداث. لو لم يشهد الحرب لربّما لم يفكّر في الكتابة على الإطلاق، لكن، بما أنّ هذا الاستعداد قد تحقّق الآن، حسناً، فلنستفد منه. 
 
هذا الاستعداد الجيّاش الّذي نراه، يصف الحرب ويصوّرها جيّداً. واقعاً، إنّ الصور الموجودة في كتابات هؤلاء السادة، قد بُيّنت بشكل جيّد جدّاً بحيث يلتذّ الإنسان بها، وهذا يشير إلى أنّ استعداداً يتأجّج هنا. فلنوظّف نحن الآن هذا الاستعداد في خدمة كتابة قصّة مجتمعنا. هذا البلد بحاجة إلى كتابة القصّة. أيمكن أن يكون هناك مجتمع من دون كتابة القصّة؟1.
 
القصّة من أجل بيان التاريخ
لا يمكن لأيّ بيان أن يضاهي القصّة في عرض التاريخ. عندما نتكلّم على التاريخ بلغة غير فنّيّة، فكأنّما نلتقط صورةً لمدينة من ارتفاع 10 آلاف قدم. من الطبيعي أن تظهر أبعاد المدينة وشوارعها الرئيسة، لكن ماذا يصنع الناس هناك؟ هل إنّ أوضاعهم جيّدة؟ سيّئة؟ فقراء؟ أغنياء؟ مرتاحون؟ نائمون؟ يتخاصمون؟ لا شيء معلوم على الإطلاق. التاريخ يصوّر مدينةً من ذلك الارتفاع، من عشرة آلاف قدم، ويرينا إيّاها! قد تدخل مدينةً يوماً ما. بالطبع لن تستطيع رؤية جميع طرقات المدينة، لكنّك تقصد زقاقين أو ثلاثة من أزقّتها، تتكلّم مع أهلها، تلتقط صوراً للبيوت، وللغرف، ولألعاب الأطفال، ولأمّ تطبع قبلةً على وجنة ابنها... تصوّر كلّ هذه الأمور وتضعها في صورة أمامنا. بالطبع هو زقاق واحد وشارعان، ليس كلّ المدينة، لكن يمكن التعميم. هذه هي لغة الفنّ حول التاريخ، القصّة هي هذه2.



1  من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في لقاء له بأعضاء مكتب الأدب والفنّ المقاوم التابع للدائرة الفنّيّة في منظّمة الإعلام الإسلاميّ، بتاريخ: 13/7/1992م.
2 من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في لقاء له بوزير الثقافة والإرشاد الإسلاميّ ومسؤولي الوزارة، بتاريخ: 20/5/1996م.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
137

117

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3)  التقرير



أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف أهمّيّة التقرير وأهدافه ومجالاته وخطواته وعناصره ومواصفاته.
2- يعرف كيفيّة التقرير ويتمرّس على عمليّة كتابته.
3- يوظّف هذه المهارة في المجالات العلميّة والإداريّة المختلفة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
139

118

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 تعريف التقرير

هو نوع من أنواع الكتابة الوظيفية، يتضمّن وصفاً، أو عرضاً موجزاً، مركّزاً، لحصيلة عمل فكريّ (مؤتمر، ندوة، دراسة...) أو إداريّ، جرى حدوثه وتوافرت معطياته، أو عرض مقترح عمل، ما زال في طور الدراسة النظريّة.
 
ويكتب التقرير- عادة - شخص مكلّف من قِبَل جهة معيّنة، فيؤخذ بعين الاعتبار: الباعث على العمل، وتحديد الهدف، والتركيز على الموضوع المطلوب.
 
وخلاصة القول: التقرير هو كتابة تتضمّن معلومات وحقائق عن شيء معيّن، بناءً على طلبٍ محدّد، أو وفقاً لغرضٍ مقصود1.
 
أهداف كتابة التقرير
ترمي كتابة التقرير إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أبرزها:
- إطْلاع الجهة المكلّفة على وتيرة العمل في قطاع من قطاعات الإنتاج أو التسويق، وتزويدها بالمعطيات الصحيحة والوقائع الموضوعيّة، تمهيداً لاتّخاذ الإجراء أو الموقف المناسب (التقرير الإداريّ).
 
- إطْلاع القرّاء على حصيلة الندوة الفكريّة أو وقائع المؤتمر، وتغطية ما دار من نقاش وتداول ومداخلات تناولت بحوثاً معيّنة أو محاور في جدول الأعمال، وتغطية ما صدر عن الندوة (أو المؤتمر) من توصيات (التقرير المباشر).
 
- تزويد الجهة المكلّفة بقدر من المعلومات والحقائق الموضوعيّة حول دراسة مشروع تسعى لتنفيذه، بحيث يتضمّن خلاصة النتائج المتأتّية من البحث النظريّ 



1 الشنطي، فن التحرير العربي، م.س، ص139.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
141

119

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 أو الميدانيّ أو من كليهما معاً (التقرير البحثيّ).


- توثيق المعطيات والمعلومات وتقديمها بشكل موضوعيّ، لتكون عنصراً مساعداً في تطوّر الثقافة، أو اقتراح الحلول، أو إيضاح مسائل غامضة.

مجالات التقرير
يتّسع التقرير ليشمل مجالات مختلفة في الحياة، منها:
أ- تقرير يتحدّث عن موضوع معيّن: علميّ، تاريخيّ، اجتماعيّ، اقتصاديّ...
ب- تقرير يتحدّث عن حالة معيّنة: مَرَضيّة، قانونيّة، حادث، ظاهرة علميّة...
ج- تقرير يتحدّث عن شخص معيّن: موظّف، عالم، زعيم، قائد، مُصلِح،...
د- تقرير يقصد به إثبات وضعيّة معيّنة: دَرءاً لشبهة، أو تأكيداً لواقعة، أو بياناً لإنجاز، أو توثيقاً لحادثة معيّنة.

وقد يُكْتَب التقرير بناءً على طلب جهة معيّنة، وهنا ينبغي مراعاة أن تكون المعلومات على قدر الطلب، والإجابات على قدر الأسئلة.

خطوات كتابة التقرير؟
• تحديد المحاور الأساسيّة للموضوع المقصود من التقرير.
• جمع المعلومات، وإحصاؤها، والتحقّق من صحّتها، بالرجوع إلى مصادرها الأصليّة.
• ترتيب المعلومات بعد جمعها وإحصائها، والتحقّق من صحّتها، وتصنيفها تصنيفاً موضوعيّاً، وتحليلها، إذا كان التحليل مطلوباً.
• التمهيد لكتابة التقرير بمقدّمة يُحَدَّد من خلالها الأساسيّات التي جرى الاعتماد عليها في كتابة التقرير، وفقاً لأهمّيتها، وتوثيقها.
• مراعاة الدقّة والموضوعيّة في كتابة التقرير، والتحقّق من صحّة الحقائق وسلامتها.
• كتابة التقرير بنحو منظّم ومرتّب، وتدعيمه بالأدلّة على صحّة المعلومات الواردة فيه، مع وضع رأي المقرِّر في نهاية التقرير.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
142

120

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 بنية التقرير

يتألّف التقرير، من: مقدّمة، وصلب، وخاتمة.

أ- المقدّمة: وتتضمّن الجوانب التوثيقيّة للتقرير، وهي:
- الجهة الداعية إلى الندوة، والزمان والمكان، وهُوية الحضور، والإشارة إلى اتّصال الندوة بما سبق من أعمال مماثلة أو رديفة (تقرير المؤتمر أو الندوة).

- الجهة المكلّفة بالبحث، وملخّص أهداف التكليف، وتاريخ التكليف، وهوية المكلّفين، وحجم التقرير، والأعباء المرافقة، والإشارة إلى حجم البحث النظريّ والبحث الميدانيّ (التقرير البحثيّ).

- تحديد الجهة (المؤسّسة أو الإدارة) الصادر عنها التقرير، والجهة الوارد إليها التقرير، وذِكْر اسم مُعدّ التقرير ومرسله، وتوقيعه، وتحديد المسؤول الذي سيُرفَع إليه التقرير، وموضوع التقرير بشكل واضح وصريح، وذِكْر الإحالة التي استوجبت كتابة التقرير: رقمها، وتاريخها، ومرسلها، وتاريخ صدور التقرير، ومهر التوقيع بختم الإدارة أو المؤسّسة الصادر عنها التقرير، وترقيم صفحات التقرير (التقرير الإداريّ).

ب- صلب التقرير: ويتناول المضمون، أو المعطيات والأفكار، أو خلاصة البحث المدعّم بالوثائق النظريّة والميدانيّة. ويتطلّب عرض المضمون النقاط الآتية:
- التركيز على الموضوع الخاصّ بالتقرير، دون سواه.
- الإحاطة بالموضوع، وعدم إغفال أيّ نقطة رئيسة من نقاطه.
- الاطّلاع الوافي على المعطيات.
- تنظيم الأفكار المعروضة وتبويبها بشكل مترابط ومتدرّج من العامّ إلى الخاصّ، حسب الأولويّة والأهمّيّة.
- وضوح ما تقدّم من أفكار وشروحات، أو ما جاء من رصد وتحليل للمناقشات (التقرير المباشر).
- التجرّد في العرض والصحّة والدقّة في إيراد المعلومات.
- الاقتصار على طرح الأفكار الأساسيّة والمساعدة للإيضاح.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
143

121

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 - الابتعاد عن الأفكار الذاتيّة، أو المتعلّقة بالمصلحة الشخصيّة.
- عدم تقديم الاقتراحات (في حال التقرير الإداريّ، إلّا إذا طُلِبَ ذلك).
- عدم القفز إلى استنتاجات، بعيداً عن التحليل.
- تحديد النتائج (في التقرير البحثيّ) في ضوء المنهج العلميّ القائم على جمع المادّة وتصنيفها، وتحليلها، وصيانتها بموضوعيّة تامّة.
- توزيع المعلومات الرئيسة على فِقَر، تتضمّن كلّ فقرة جانباً من الموضوع، بما يعصم المضمون من عيب التكرار أو التداخل.
- تحليل أسباب الجمود أو الفشل أو الخلل في العمل، في موضوع التقرير (في التقرير الإداريّ).

ج- الخاتمة: وتتضمّن عرضاً لأبرز النقاط (في التقرير المباشر أو البحثيّ)، والاكتفاء بتقديم الشكر وواجب الاحترام (في التقرير الإداريّ).

عناصر التقرير
رغم تعدّد تصنيفات التقارير، وكثرة أنواعها، لكنّها تتّفقُ في أجزائها المكوّنة لها. فالتقارير دوريّة أو غير دوريّة، أخباريّة أو تحليليّة، إحصائيّة أو تفسيريّة، فنّيّة أو أدبيّة... تتكوّن من:
أ- الجزء التمهيديّ:
- الغلاف:
فللتقرير غلافٌ يتضمّنَ:
- موضوعَ التقرير
- اسمُ مُعدِّ التقرير
- اسمُ من سيُرفَع له التقرير (شخص أو جهة) - تاريخُ التقرير

- صفحة الشكر:
وهي صفحة تلي الغلافَ، ويُشار فيها إلى جهد المساهمين في إعداد التقرير، واعتراف
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
144

122

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 بفضلهم دون مغالاة، على أن يكون الشكرُ موجَّهاً لأصحاب الإسهامات القويّة فقط، وليس لكلِّ شخص.


- تقديم التقرير:
ويوجَّه التقديم في صورة خطاب إلى من يعنيهم أمر التقرير (الجهة التي كُلِّفَت وضعه). ويتضمّن خطابُ التقديم-أيضاً- نطاقُ التقرير والغرضَ منه وفترتَه. ويُشَار في خطاب التقديم إلى 
أجزاء التقرير، ومصادر البيانات، مع الإعلان عن الاستعداد لتقديم أيِّ استفسارات حوله.

- قائمة المحتويات:
وتكون في صورة فهرس يعرض الفصولَ والعناصرَ، وأرقامَ صفحاتها. وقد يلي فهرس المحتويات فهارس بالجداول، والأشكال، والرسوم البيانيّة، والملاحق إن وُجِدَت. وتأخذ صفحات 
هذه القوائم أرقاماً تمهيديّة تكون عادة حروفاً أبجديّة (أ، ب، ت...) وتساعد سلامة هذه القوائم وحسن ترتبيها في الاطّلاع على التقرير، ولا سيما إذا كان حجمه كبيراً (أكثر من عشر صفحات).

ب- الجزء الأساس:
وهو الجزء الأكبر من التقرير: يوضّح المشكلةَ، ونطاقَها، وطريقةَ بحثِها، ومصادرَ المعلومات، ويعرض البيانات، والنتائج، والتوصيات.

و يُعدّ هذا الجزء الأساس جسمَ التقرير، ومكوناته ثلاثة، هي:
- المقدّمة:
وهي فاتحة هذا الجزء، ونقطة بدايته، ومدخل اهتمام القارئ بصلب التقرير. وهي تعطي فكرة عن المشكلة وخطورتها، والتقارير السابقة عنها. ويبيّن فيها كاتب التقرير سبب كتابته له، ومدى علاقته بتقارير سابقة، ويعرض فيه الموضوع، وطريقته في جمع بياناته.

ويُشار في المقدّمة إلى الجهة التي طلبت إعداد التقرير، والمشكلات التي واجهت مُعدّ التقرير، والتعريف بالمصطلحات المستخدمة فيه، مع الإشارة إلى نتائج البحث وتوصياته (بإيجاز)، وهيكل تنظيم التقرير.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
145

123

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 وقد تقسم المقدّمة إلى فقرات لها عناوين: الهدف، والإجراءات...


والغرض من المقدّمة هو إثارة الاهتمام، وتهيئة الأذهان لموضوع التقرير.

- العرض والتحليل:
وهو الجزء الأكبر من جسم التقرير، يعرض فيه كاتب التقرير البيانات التي حصل عليها، والأفكار الموجودة وعلاقتها بالمشكلة أو الموضوع.

وتعرض المعلومات والبيانات في جداول لكلّ منها رقم وعنوان، ثمّ تعليق مركّز على أهمّ محتوياته.

وقد تستخدم الرسوم البيانيّة والمنحنيات في حالة الضرورة، لتمثيل هذه البيانات، بما يُسْهِم في زيادة فهم المعلومات.

ويلي عرض البيانات والمعلومات تحليلها، بهدف الإجابة عن الأسئلة.

- النتائج والتوصيات:
تعرض في نهاية جسم التقرير، حيث تلي عرض البيانات وتحليلها. وينبغي أن تُبنى النتائج والتوصيات على التحليل والتفسير المنطقيّ للبيانات التي عُرِضَت في التقرير.

ويمكن عرض النتائج بشكل ملخّص أو تفصيليّ، وقد يُكتفى بالإشارة إليها في نهاية التقرير.

وتنصبّ التوصيات على الإجراءات التي يرى كاتب التقرير ضرورة اتّخاذها، وهي مؤيّدة بالنتائج، وقد تأتي التوصيات منفردة ومتتابعة، وقد يخصّص لكلّ منها فقرة فرعيّة، وفي جميع الأحوال تجيب التوصيات عن الأسئلة الآتية:
ما الذي يجب عمله؟ ومن الذي سيعمله؟ ومتى، وأين، وكيف سيتمّ المطلوب؟

وأحياناً يُشار إلى التوصيات بإيجاز في خطاب التقديم، أو تَرِد في النهاية بعد تهيئة القارئ لها بالمنطق والإقناع.

ج- الجزء الإضافيّ:
وهو جزء مكمّل لسابقيه، ويشكّل جوده ضرورة في أيّ تقرير، وغالباً ما يرجع إليه قارئ التقرير، ليثبت معلومات وردت مجملة في صلب التقرير، ويتضمّن هذا الجزء الآتي:
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
146

124

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 - الخلاصة والملَّخص:

تركّز خلاصة التقرير على موضوعه، ويركّز الملَّخَص على جوهره. والخلاصة أقصر من الملَّخَص، حيث تتراوح ما بين 2- 5% من الأصل، بينما يتراوح الملخَّص ما بين 5- 10% من الأصل.

والخلاصة أو الملخَّص هو عرض موجز للتقرير، يعطي فكرة عن الحقائق الأساسيّة، وتتركز أهمّيّته في كونه هو الذي يُقرَأ دائماً، لعدم وجود الوقت الكافي لقراءة التقرير.

إنّ الغرض الأساس من خلاصة التقرير أو ملخَّصه يكمن في تمكين القارئ المشغول من الإحاطة بما هو مهمّ في التقرير، ولذلك ينبغي أن يتضمّن الملخَّص حقائق موجزة عن: الموضوع، والبيانات، والمعلومات، والنتائج، والتوصيات.

- الملاحق:
وتتضمّن البيانات غير الحيويّة، والجداول التفصيليّة، والاستبيانات، وكلّها مفيدة، لكنّ وجودها في صلب التقرير لا يفيد، بل يشتّت القارئ، ولكلّ ملحق رقم، تبعاً لتسلسل وروده في التقرير، ويبدأ كلّ ملحق في صفحة مستقلّة.

- قائمة المراجع:
وتوضع في صفحة مستقلّة في نهاية التقرير، بحيث تعرض قائمة الكتب والدوريّات وغيرها من المصادر التي استند إليها كاتب التقرير.

مواصفات التقرير الجيّد
التقرير وسيلة اتّصال مهمّة، وأداة تتحوّل خلالها البيانات إلى معلومات، يَعتمِد عليها صانع القرار. ولتحقيق الفعّاليّة المطلوبة من التقرير، لا بدّ من أن يتوافر على مجموعة من الخصائص، أبرزها:
أ- الحداثة: أي أن يُعرَض التقرير فور انتهاء إعداده، حتى يكون حديثاً، ويُنتَفع بما فيه. فالتقرير المُعدّ عن يوم عمل يجب أن يُعرَض في نهاية اليوم نفسه، أو في بداية اليوم التالي. والتقرير المُعّد عن شهر، ينبغي أن يُقدّم في الأسبوع الأوّل من الشهر التالي، وهكذا.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
147

125

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 ب- الحجم المناسب: فلا يكون التقرير أصغرَ من المطلوب، أو أكبرَ منه، ويتحدّد الحجم حسب الفترة التي يغطّيها، والمستوى الإداريّ الموجّه له، وموضوعاته. والعبرة بالفائدة، وليس بكبر الحجم.


ج- دقّة البيانات والتعبيرات: والتأكّد منها، والإشارة إلى مصدرها، وحسن اختيار الألفاظ، والبعد عن العبارات الغامضة، أو التي تحتمل تفسيرات كثيرة.

د- التماسك والترابط: بين الجمل، ليحقّق تماسك الفقرات، وبين الفقرات، ليحقّق ترابط العرض. مع الترتيب المنطقيّ للمعروض، من خلال البدء بالحقائق والوصول إلى النتائج. ومراعاة الترتيب الزمنيّ في عرض الأحداث، طبقاً لتواريخ وقوعها، مع الاستخدام الجيّد لأدوات الربط، وأساليب التأكيد.

هـ- الإيجاز: فيجري حذف كلّ ما هو غير ضروريّ، ويُؤْتى بالمعاني بأقلّ عدد ممكن من الألفاظ. ولا يعني ذلك الكتابة بأسلوب البرقيّات، فيضطر القارئ إلى استنتاج المحذوف، مع احتمال أن يكون استنتاجه خاطئاً.

و- إيجابيّة العبارات والكلمات: يُفضَّل في التقرير أن تنحو عباراته نحو الإيجابيّة، وتتجنّب الكلمات السلبيّة، مثل: نلومكم، من المستحيل، نأسف، لسوء حظّنا...

ز- البعد عن الحشو والإطناب: وذلك بحذف الزائد، من دون الإخلال بالمعنى.

ح- مراعاة الترتيب من الأهمّ فالمهمّ: ويساعد ذلك في اكتشاف ما ليس له صلة بالموضوع، أو ما تكون صلته به ضعيفة، والتركيز على ما هو مهمّ.

ط- الإقناع: بعرض البيانات الحقيقيّة التي يصدّقها القارئ، وتأكيدها بنصوص من قانون أو استشهادات من مواقف. والتقرير المقنع هو الذي يتّصف بالحياد، والاستنتاجات المنطقيّة، والموضوعيّة.

ي- السلامة اللغويّة: من خلال مراعاة صحّة الكتابة الإملائيّة، والالتزام بالقواعد النحويّة، وسلامة التراكيب اللغويّة، وتشكيل ما يُشكَّل، والاستخدام الصحيح لعلامات الترقيم.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
148

126

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 كيفيّة إعداد التقارير

أ- مبادئ عامّة ينبغي مراعاتها أثناء الكتابة:
التقرير وثيقة هدفها نقل معلومات وحقائق، ولكي يتحقّق هذا الهدف لا بدّ من مراعاة الآتي:
- عدم اعتماد أساليب التجميل اللغويّ، فالتقرير عمل إداريّ، وليس عملاً أدبيّاً، وكتابته وظيفيّة وليست إبداعيّة، وهي أكثر تحديداً واختصاراً.

- استعمال ألفاظ ومصطلحات مداليلُها واحدة بالنسبة لكلِّ مَنْ يقرؤها، ولها شكل متعارف عليه بين الموظّفين.

- مراعاة أنّ التقرير-مع كونه عملاً رسميّاً - يُقرأ بإنسانيّة، ويتأثّر فهمه بدوافع قارئه وحاجاته.

- ضرورة التخطيط الجيّد للتقرير قبل كتابته، وضرورة مراجعته بعد كتابته.

- الابتعاد عن التجريد، والكتابة عن أشياء وأناس وحقائق واقعيّة، مع استخدام أسئلة مباشرة، لمساعدة القارئ في الاندماج مع التقرير.

- الحذر من إهانة القارئ أو إحراجه، وتجنّب استخدام ما يعكس ذلك، مثل: من البديهيّ، وعلى عكس ما يُعتَقد، ومعلوم للجميع.

- توقّع ما يمكن أن يثيرَ القارئ، والعمل على تفسيره، أو الإجابة عنه.

- وضع خطوط تحت ما ينبغي التأكيد عليه، لإشعار القارئ بأهمّيّة ذلك.

- استخدام لغة بسيطة وسهلة، وعدم استخدام جمل وتعابير مبهمة وغامضة.

- العمل على خلق ردود أفعال إيجابيّة لدى القارئ، وهذا يتطلّب اللباقة في الكتابة، والإيجابيّة لدى كاتب التقرير.

- عدم تأجيل الأخبار أو القرارات غير السارّة - إذا كان لا بدّ منها - إلى نهاية التقرير، مع ضرورة توضيح أسبابها، وبدائل حلولها، فعلى الكاتب أن يضع نفسه دائماً مكان القارئ، ولا 
يكتب ما لا يرغب أن يقرأه.

- البعد عن صفات المبالغة، مثل: الحلّ المثاليّ، والنظام الممتاز، والخسائر 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
149

127

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 الفادحة...، وعدم استخدام الكلمات المثيرة للمشاعر، مثل: هذا شيء مستحيل، خياليّ، جنونيّ.


- متابعة الكتابة، وعدم التوقّف كثيراً عند كلمة ما، أو معلومة مطلوبة. ومن الممكن الاستمرار مع ترك فراغ يُستَكمل فيما بعد، فإنّ ذلك يساعد في تحديد الشكل النهائيّ للتقرير، واللمسات الأخيرة تكمل الناقص.

- إعادة تنظيم ما كُتِبَ، والتعوّد على المراجعة والتنقيح لتحسين الكتابة، فإنّ الجزء الجيّد من أيّ تقرير هو ما تمّت مراجعته بإتقان. والمراجعة ليست لتصويب الأخطاء فحسب، بل للتجديد والإضافات.

- إجادة كتابة التقرير أمر أساس لتحقيق فعّاليّته، ولا تعني الكتابة مجرّد التحرير، وإنّما التحرير المنظّم ذا الشكل المناسب. ولجودة التنظيم وحسن الإخراج، ينبغي أن يراعي كاتب التقرير الآتي:
• البدء بالفكرة المهمّة أو الرئيسة والانطلاق منها لفرعيّاتها، ويتبع ذلك البدء بالمعلومة المعروفة والانتقال منها إلى المعلومة الجديدة، والبدء بالقاعدة العامّة والانتقال منها إلى المخالف، وعدم إدراج أكثر من فكرة في فقرة واحدة، فإنّ ذلك يسهّل الكتابة، ولا يُجْهد القارئ، بل يجعله مستمتعاً بما يقرأ.

• الابتعاد - ما أمكن - عن المصطلحات الفنّيّة التي يفهمها الكاتب "من تخصّصه"، وقد لا يدرك القارئ المقصود منها، أو يمكن تعريفها حال استخدامها.

• استخدام الرسوم والأشكال التوضيحيّة، لأنّها توضّح الأفكار، وتجنّب الملل، بشرط عدم المبالغة في أيّ منها، وعرضها بكلّ وضوح ودقّة.

• اتّباع الأساليب العلميّة في جميع البيانات، وتصنيفها، وعرضها، سواء أكانت هذه البيانات مأخوذة من مراجع أو مستمدّة من مقابلات واستبيانات، على أن يتمّ العرض عبر جداول منظّمة ودقيقة، أو رسوم بيانيّة ممثّلة وواضحة، أو أعمدة تحقّق سرعة الفهم، أو غيرها من دوائر أو خرائط تنظيميّة.

• مراعاة الأصول الفنّيّة الحديثة في الاقتباس، والتوثيق، وإعداد الفهارس والقوائم، والطباعة والتغليف.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
150

128

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 • الاهتمام بشكل التقرير داخليّاً وخارجيّاً، من حيث: الهوامش، والترقيم، والترتيب، والصفحات المستقلّة، والخلوّ من الأخطاء المطبعيّة، والغلاف.


- اختيار جمل التقرير وترتيبها: لكي يكون التقرير فعّالاً، ينبغي مراعاة الآتي:
• ترتيب جمله وعباراته ترتيباً مناسباً لنوع المعلومات، والبيانات وطبيعتهما، وقد يكون هذا الترتيب منطقيّاً (المعلومات، ثمّ النتائج أو البسيط، ثمّ المعقّد)، أو سيكولوجيّاً ( النتيجة، ثمّ المعلومات التي أدّت إليها، لجذب الانتباه وإثارة الاهتمام)، أو زمنيّاً (حسب تاريخ وقوعها من دون حاجة إلى تحليل بيانات أو استخلاص نتائج).

• استخدام الجمل القصيرة أكثر مع بعض الجمل الطويلة، حتى لا يملّ القارئ.

• استخدام جمل واضحة، وأدوات ربط مناسبة.

• تجنّب الإفراط في سهولة الكتابة، حتى لا يتّسم التقرير بالسطحيّة، ويؤدّي إلى نتائج عكسيّة.

• استخدام لغة بسيطة ومباشرة يسهل قراءتها وفهمها، بعيداً عن سوء الفهم، أو تحريف المعنى.

• تجنّب تكرار استخدام الكلمات نفسها مرّات متعدّدة بمعانٍ مختلفة، لأنّ ذلك قد يُربِك القارئ.

• الابتعاد عن الكلمات المفتوحة، مثل: (الخ)، أو (وأخرى).

• ذِكْر المقابل العربيّ للتعبيرات الأجنبيّة، إذا كان هناك ضرورة لاستخدام الأخيرة.

• تجنّب الكلمات التي تُوحِي بتعالي الكاتب أو تفاخره، وبخاصّة إذا كان التقرير موجّهاً لمستوى أدنى.

• التأكّد من صحّة الرسم الإملائيّ، وسلامة الأداء النحويّ، وحسن استخدام علامات الترقيم.

ب- خطوات الإعداد:
يوجد خطوات عدّة، على مُعدّ التقرير أن يتّبعَها في إعداد تقريره، وقد تستغرق وقتاً 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
151

129

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 قصيراً، إذا كان التقرير مجرّد مذكرة قصيرة، وقد تستغرق وقتاً طويلاً إذا كان التقرير عن مشكلة.


- الخطوة الأولى: لا بدّ من وجود مشكلة يقوم عليها التقرير، تحسّها جهة أو جهات متعدّدة داخل المنظّمة وخارجها لعرضها. وعندما يقتنع المسؤول بصدق هذا الإحساس، يبدأ في العمل على تحديد أبعاد المشكلة، ويطلب من شخص أو قسم إعداد تقرير.

- الخطوة الثانية: تتمثّل في تحديد هدف التقرير: الإخبار، أم التحليل، أم المقارنة، أم الإقناع، أم كلّ هذا، أم بعض هذا، أم... فلا بدّ من تحديد الهدف، وتعريفه، ثمّ التحديد المبدئي لهيكل التقرير، حتى يأتي التقرير منظّماً، ويأخذ كلّ جزء فيه قدراً مناسباً من الاهتمام والجهد والوقت. والهيكل العامّ لا يكون جامداً، بل يكون مرناً، يستوعب الإضافة والحذف. وينبغي مراجعة هذا الهيكل للتأكّد من استيعابه لكلّ البنود.

- الخطوة الثالثة: ويتمّ خلالها تهيئة البيانات، والمعلومات وتنظيمها، وتحديد مصدرها (وثائق، مطبوعات، بحوث...)، ومن ثمّ تفسيرها، وتحليلها. وعلى كاتب التقرير أن يختار طريقته أو طرقه في التعامل مع هذه المصادر: بالقراءة، أو الملاحظة، أو المقابلات الشخصيّة، أو الاستبيانات.

وبعد جمع البيانات يتمّ ترتيبها، وعرضها في رسوم وأشكال وجداول. ويعقب الجمع والعرض تفسير كاتب التقرير لهذه البيانات وتحليله لها، واستنتاج النتائج التي ينبغي أن تكون منطقيّة، وواضحة، ودقيقة، وموضوعيّة، ومؤيَّدة بالوثائق.

- الخطوة الرابعة والأخيرة في كتابة التقرير، وهي كتابة التقرير، وتحديد طريقة عرضه، حيث يضع كاتب التقرير خطّة زمنيّة لإنجاز كلّ جزء منه، ثمّ يبدأ في كتابته ملتزماً بتوفير جميع العناصر التي سبق ذِكْرها. وبعد انتهاء الكتابة ينبغي مراجعة التقرير: محتواه، وصياغته، وشكله العامّ.

- تبصرة: قد يتطلّب الأمر من كاتب التقرير عرضه، وعليه - في هذه الحالة - أن يفكّر في متطلّبات العرض، من الوسائل، والمكان، وطبيعة المستمعين، والوقت المخصّص للعرض.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
152

130

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 الأفكار الرئيسة

1- التقرير هو كتابة تتضمّن معلومات وحقائق عن شيء معيّن، بناء على طلب محدّد، أو وفقاً لغرض مقصود.

2- ترمي كتابة التقرير إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أبرزها: اطلاع الجهة المكلّفة على وتيرة العمل/ اطلاع القرّاء على حصيلة الندوة الفكريّة أو وقائع المؤتمر/تزويد الجهة المكلّفة بقدر من المعلومات والحقائق الموضوعيّة/ توثيق المعطيات والمعلومات...

3- يتّسع التقرير ليشمل مجالات مختلفة في الحياة، منها: موضوع معيّن/ حالة معيّنة/ شخص معيّن/ إثبات وضعيّة معيّنة.

4- خطوات كتابة التقرير: تحديد المحاور الأساسيّة/ جمع المعلومات وإحصاؤها، والتحقّق من صحّتها/ ترتيب المعلومات/ التمهيد بمقدّمة/ مراعاة الدقّة والموضوعيّة والرتيب والتنظيم...

5- يتألّف التقرير من: مقدّمة، وصلب، وخاتمة.

6- عناصر التقرير: الجزء التمهيديّ (الغلاف/صفحة الشكر/تقديم التقرير/قائمة المحتويات)، والجزء الأساس (المقدّمة/العرض والتحليل/ النتائج والتوصيات)، والجزء الإضافيّ (الخلاصة والملخَّص/الملاحق/ قائمة المراجع).

7- مواصفات التقرير الجيّد: الحداثة، والحجم المناسب، ودقّة البيانات والتعبيرات، والتماسك والترابط، والإيجاز، وإيجابيّة العبارات والكلمات، والبعد عن الحشو والإطناب، ومراعاة الترتيب من الأهمّ فالمهمّ، والإقناع، والسلامة اللغويّة.

8- كيفيّة إعداد التقارير: الخطوة الأولى (تحديد المشكلة)/ الخطوة الثانية (تحديد الهدف)/ الخطوة الثالثة (تهيئة البيانات والمعلومات وتنظيمها وتحليلها)/ الخطوة الرابعة (كتابة التقرير)/ الخطوة الخامسة (عرض التقرير).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
153

131

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 فكّر وأجِب


1- تكلّم على التقرير، مبيّناً أهدافه ومجالاته وعناصره ومواصفات التقرير الجيّد؟
2- ما هي عناصر التقرير وخطوات إعداده وضوابطه؟
3- اكتب تقريراً موجزاً عن حالة شخصيّة أو واقعة أو...، مستعيناً بتقنيّات كتابة التقرير؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
154

132

الدرس التاسع: ماذا نكتب؟ (3) التقرير

 مطالعة

 
من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (9)
 
الرواية جامعة لكلّ مواصفات البيان الفنّيّ
من بين أساليب البيان الفنّي، نجد الرواية إجمالاً، هي الأسلوب الّذي يجمع المواصفات المتنوّعة أكثر من غيرها، حتّى أكثر من السينما على سبيل المثال... في الوقت نفسه، الاستنتاج من الفيلم يتفاوت مع الاستنتاج من الرواية، للفيلم محدوديّة لا يمكن معها بيان كلّ الأمور.
 
انظروا، كم فيلماً أُنتج حتّى الآن حول كتاب فيكتور هيغو "البؤساء". في بلدنا إيران، عرض التلفزيون إلى الآن فيلمين أو ثلاثةً عنه. لقد قرأت رواية "البؤساء" عدّة مرّات، وشاهدت أيضاً هذه الأفلام بشوق، لكن شتّان ما بين الرواية وهذه الأفلام؟! لا مجال للمقارنة بينها على الإطلاق1.
 
الرواية تبقى ولا تبور
لا تزال روايات القرن التاسع عشر إلى الآن، أفضل روايات عصرنا. لقد أُلّفت في القرن التاسع عشر روايات لم يُشهد لها نظير. وقد كُتبت روايات في فرنسا، وروسيا، وحتّى في إنكلترا، لم يُؤتَ بمثلها إلى الآن.
 
إذاً، الرواية تبقى، ولها امتدادها، ولها أيضاً بيانٌ وتوصيف استثنائيّ ودقيق. أخبروني، في أيّ فنّ منالفنون الأخرى يمكنكم أن تجدوا هذه الخصائص؟ هذه الخصائص غير موجودة في الموسيقى، ولا في السينما، ولا في المسرح، ولا في الشعر. لا يمكن إيجاد شيء مماثل للرواية على الإطلاق، تُتَرجم، وتنتشر في كلّ مكان، وتبقى، ولا تبور2.
 



1 من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في لقاء له بلجنة أدب الحرب التابعة لمؤسّسة المستضعفين وجرحى الثورة الإسلاميّة، بتاريخ: 17/10/1993م.
2 م.ن.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
155

133

الدرس العاشر: ماذا نكتب؟ (4) المقالة

 الدرس العاشر: ماذا نكتب؟ (4) المقالة



أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف أنواع المقالات وأشكالها وعناصرها وخطوات إعدادها.
2- يتمرّس على خطوات وتقنيات إعداد المقالات.
3- يوظّف هذه المهارة في مجال البحث والكتابات العلميّة والأدبيّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
157

134

الدرس العاشر: ماذا نكتب؟ (4) المقالة

 تعريف المقالة

بحث موجز (في سطور، أو صفحات معدودة) يتناول بالعرض والتوضيح، أو التحليل، أو النقد رأياً خاصّاً، أو فكرة عامّة، أو مسألة اجتماعيّة، أو اقتصاديّة، أو أدبيّة، أو علميّة، أو سياسيّة، فيشرح الكاتب فيه جوانب الرأي أو المسألة، ويؤيّد كلامَه بالبراهين المقنعة للقارئ.

وتتميّز المقالة بالتركيز على المعنى، وبوضوح العَرض، وتنتهي- غالباً - بمحصّلات بارزة ترسخُ في أذهان القرّاء.

ومن خصائص المقالة، على اختلاف أنواعها، تجنّبُ المقدّمات الطويلة التي تستهلك جزءاً من حجمها، ومن قدرة الكاتب والقارئ.

والمقالة هي في أشدّ الحاجة إلى التصميم الهيكليّ، والتنسيق بين أجزائها، وترتيب أفكارها، وعلى الكاتب أن يقسّمها إلى أجزاء متماسكة، أو إلى فِقَر، ولا يجعلها خطراتٍ واستطراداتٍ وأفكاراً مبعثرة، بلا رابط بينها، بل يجعل لها وحدة تضمّ أفكارها الفرعيّة إلى فكرتها، أو أفكارها الرئيسة، فيراعي فيها وحدة الموضوع، وتماسك الأجزاء، وتسلسلها التدريجيّ، من المقدّمة العارضة للفكرة العامّة، إلى الخاتمة التي تكون محصّلة مركّزة لمراحل العرض والتحليل والتعليل، ومعبِّرة عن النتيجة التي يودّ الكاتب الانتهاء إليها، وتثبيتها في ذهن القارئ.

بناء المقالة
تقوم المقالة على ثلاثة عناصر رئيسة، هي: المضمون الفكريّ (أو المادّة)، والخطّة التي ترسم هيكليّة العمل، والأسلوب الذي يختاره الكاتب، أي العبارة اللفظيّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
159

135

الدرس العاشر: ماذا نكتب؟ (4) المقالة

 أ- المادّة، أو المضمون الفكريّ، وهو الرأي الذي يبديه الكاتب أو المفكّر، ويكون معبّراً -عادة- عن موقف، أو عرض مسألة فكريّة ما ترمي إلى التعليم والإقناع، أو تحميل نظريّة جديدة يريد كاتب المقالة أن يبشّر بها، ويروّجها في ثقافة المجتمع...


ومن المُسَلَّم به أن تكون الأفكار المعروضة صحيحة، واضحة، مبرّأة من الخطأ والتناقض، حتى تحقّق الغاية المرجوّة منها، وحتى تبلغ النتيجة المعقولة.

ومن الأمور الواجب مراعاتها: الحيطة والحذر في إطلاق الأحكام غير المعلّلة، أو استباق النتائج قبل عرض المقدّمات المنطقيّة وتحقيق الاستقراء.

ثمّ إنّ الأفكار بقدر ما تحمل من غنىً، تكون قيمة المقالة عالية في نظر القرّاء.

ب- الخطّة، وهي تقسيم الأفكار وتواصلها في نسق تسلسليّ، بحيث تكون كلّ فكرة نتيجة لما قبلها، ومقدّمة لما بعدها، حتى تنتهي الأفكار جميعاً إلى الغاية المقصودة من المقالة.

وتتمثّل الخطّة من حيث التقسيم والترتيب في الآتي:
- المقدّمة، وتتألّف من استهلال يبسّط الفكرة الإجماليّة، ويمهّد للدخول في القضيّة موضوع البحث. وهي مقدّمة واضحة بسيطة، ومثيرة في الوقت نفسه. والإثارة فيها مهمّة لتشويق القارئ ودفعه إلى متابعة القراءة، وهذا يستوجب من الكاتب أن يجعلَ مقدّمته قصيرة، متّصلة مباشرة بالموضوع، مُعينة على فهمه بما تعدّ النفس له، وما تثير فيها من معارف تتّصل به.

- العَرض، وهو لبّ المقالة وصلبها، ومحور البحث، وفيه تستجمع النقاط الرئيسة التي يودّ الكاتب عرضها. وقد يكون العرض قائماً على فكرة رئيسة واحدة، ثمّ تتشعّب هذه الفكرة إلى مجموعة أفكار فرعيّة. وقد يكون العرض قائماً على مجموعة أفكار رئيسة، ثمّ تتشعّب كلّ فكرة من هذه الأفكار الرئيسة إلى أفكار ثانويّة. وسواء انتهت المقالة إلى نتيجة واحدة أم إلى نتائج عدّة، فهي في الواقع ينبغي أن تكون متماسكة ومتّصلة فيما بينها، وخاضعة لموضوع رئيس واحد، أشار إليه الكاتب بدايةً في عنوان المقالة. على أن تُساق الأفكار في صلب المقالة في نسق منطقيّ، معزّز بالأدلّة والبراهين التي تُقْنع القارئ، وتجعله أمام نصّ ممتع ومفيد.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
160

136

الدرس العاشر: ماذا نكتب؟ (4) المقالة

 - الخاتمة، وهي جدوى المقالة، والنقطة المضيئة، الأكثر تألّقاً بين الكاتب والقارئ، لذا لا بدّ أن تكون طبيعيّة منسجمة مع المقدّمة والعرض، واضحة النتائج، ملخّصة العناصر الرئيسة المراد إثباتها وإيصالها إلى القارئ، ولا بدّ أن تتوافر فيها وسائل اليقين، ولا تحتاج، بعدها، إلى كلام آخر ليتحصّل الاقتناع، ففي كلمتها الأخيرة يكون السكوت.


ج- أسلوب المقالة: ومن أبرز مظاهره ومتطلّباته: الوضوح، وسلامة اللغة، وجمال الألفاظ، وسهولة التراكيب.

ومن الطبيعي أن تختلف أساليب كتّاب المقالة، باختلاف نزعاتهم في التعبير والتصوير، وباختلاف الموضوع، وباختلاف أنواع المقالة نفسها.

أنواع المقالة
يستغرق فنّ المقالة ألواناً مختلفة من ضروب الكتابة النثريّة، إنْ من جهة الشكل والأسلوب، وإنْ من جهة الموضوع، فالبحث الاجتماعيّ القصير مقالة، والقطعة الأدبيّة الفنّيّة مقالة -أيضاً-، وكذلك البحث القصير في مسائل العلوم على اختلاف الفروع والتخصّصات، وينسحب هذا القول على البحث القصير، في أسطر، أو صفحة من صحيفة، أو مجلّة. وأبرز أنواع المقالات هو الآتي:
أ- المقالة الأدبيّة: تمتاز بظهور العاطفة قويّة في ثناياها، فهي المحرّك إلى الكتابة، وبسببها يتمثّل الوجدان في العبارة الجميلة، واللفظ المتخيّر والصياغة المتقنة، وفيها تتولّد الصور الخياليّة التي تبرز العاطفة بعفويّتها وصدقها.

ب- المقالة الاجتماعيّة: تمتاز بشغفها الموصول بمعالجة أمراض المجتمع وتشخيص الداء ووصف العلاج، فهي على اتّصال حميم بقضايا الناس، وتنمّي فيهم الوجدان الاجتماعيّ باستمرار، وتثير فيهم عواطف النفور من الخلل والفساد، وتحرّضهم على محاربة العيوب، لذا تتوسّل سلامة الحجج، وربط الأسباب بمسبّباتها، وتعمد إلى الدقّة في التفصيل، وتتوخّى صحّة العبارة، ووضوح الجمل، وترك المبالغة والتهويل.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
161

137

الدرس العاشر: ماذا نكتب؟ (4) المقالة

 ج- المقالة العلميّة: تمتاز باعتماد الحقائق، واللجوء إلى الأرقام والإحصاء، والمشاهدة والتجربة، والتقسيم، والتفصيل، والوضوح، والدقّة في اختيار المفردات، والبعد عن العاطفة والخيال.


د- المقالة الصحفيّة: تمتاز بطبيعة موضوعها الذي يرتبط بالحدث، أو الظرف السياسيّ الراهن، وما يتطلّب ذلك من معالجة سريعة.

وهذا النوع من الكتابة مرتبط بشكل كامل بجمهور القرّاء، على اختلاف مستوياتهم الفكريّة، وتعدّد انتماءاتهم السياسيّة، لذا فالكاتب الصحفيّ يهدف في مقالته إلى أن يخاطب عقول القرّاء، بإقناعم بحجج واقعيّة، وإثارة مشاعرهم بلون من ألوان الاستمالة والتأييد لما يذهب إليه ويعتقد به، ومن أجل هذا، تسلك المقالة الصحفيّة سبيل المنطق في المعالجة والإثارة الشعوريّة في آن واحد.

ويعتمد الصحفيّ أبسط أساليب الكتابة، من حيث بسط الفكرة وتقديمها واضحة إلى القارئ، ومن حيث استخدام الألفاظ السهلة، والتراكيب النحوية الميسّرة، التي تصل في كتابة كثير من الصحفيين إلى مستوى الحديث العاديّ المتداول بين الناس.

خطوات كتابة المقالة؟
تمرّ كتابة المقالة بالخطوات الآتية:
أ- الإلمام بالموضوع الذي يريد الكاتب الكتابة فيه، وجمع المعلومات عنه.
ب- تصنيف المعلومات وترتيبها.
ج- اكتشاف عناصر الموضوع وتدوينها، تمهيداً لدراستها.
د- كتابة المقالة، وتشمل:
- المقدّمة: ويتحدّد من خلالها الهدف من المقالة.
- العرض: ويتناول الكاتب فيه عناصر الموضوع، بالشرح، والتفصيل، مدعّمة بالأدلّة والبراهين.
- الخاتمة: وتشمل استخلاص الموقف العامّ من الموضوع في نهاية المقالة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
162

138

الدرس العاشر: ماذا نكتب؟ (4) المقالة

 من أشكال المقالة

من الأشكال المعروفة والمتداولة للمقالة الآتي:
أ- المقالة الأفقيّة:
وهي تُعنى - عادة - بدراسة ظاهرة أو مسألة، أو قضيّة ما من قضايا الفلك، أو الفلسفة، أو الأدب، أو الاقتصاد، أو التربية...

ويُصار في هذا الشكل من المقالات إلى التركيز على إشكاليّة معيّنة، لها أهمّيّتها ووظيفتها في مجال الاختصاص، وتفيد القارئ، وتزوّده بالمعرفة، وتحثّه على مواصلة البحث في هذا الأمر.

لذا، يعمد كاتب المقالة الأفقيّة إلى تسليط الضوء على ماهيّة الظاهرة، متعقّباً أسبابها ونتائجها في مراحل تطوّرها، ومستعرضاً لأبرز الباحثين في تفاصيلها، ولا يغفل عن ربط الظاهرة بسواها، من حيث التوالد والتنامي والتشابك.

ب- المقالة العموديّة:
وهي تُعنى - عادة - بترجمة أحد أعلام الفكر، في الأدب أو الفلسفة، أو علم النفس، أو الاقتصاد...

ويُصار في هذا الشكل من المقالات إلى التركيز على العَلَم، اسمه، ومولده، ونشأته، وتحصيله العلميّ، ورحلاته، وأساتذته، وتلامذته، واتّجاهه العامّ في التأليف، ولمحة عن مؤلّفاته.

وقد يختار كاتب المقالة التركيز على مسألة دون سواها، في حياة هذا العَلَم، فيعمد إذ ذاك، إلى إيجاز الترجمة، ليسلط الضوء على الجانب المراد، فيُعنى بهذا الجانب، ويُغنيه بالعرض والتحليل والشواهد، كي يخلص إلى محصّلة بارزة، ترسخ في أذهان القرّاء.

ولا بدّ من التفريق بين ترجمتين: الأولى: دراسة عَلَم من أعلام التراث القديم، والثانية: دراسة أحد أعلام الفكر الحديث. ففي الأولى، يُعنى الكاتب بالاسم والمولد والتحصيل العلميّ عناية ملموسة، لأنّ تسليط الضوء على هذه الجوانب يساعد في التعرّف إلى العَلَم موضوع البحث.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
163

139

الدرس العاشر: ماذا نكتب؟ (4) المقالة

 أمّا الترجمة لعَلَم محدث، فإنّ التوسّع في الاسم والمولد وذِكْر الأساتذة والتلامذة والمريدين قد يعرّض المقالة للتطويل، وهو أمر غير ضروريّ، إلّا إذا كان في ذلك تأثير مباشر في مراحل شخصيّة العَلَم.


وهناك استخدام آخر لمصطلح "أفقي" أو "عمودي"، مفاده أنّ الأوّل تأريخيّ تطوّري للظاهرة، والثاني وصفيّ تحليليّ، في زمان ومكان محدّدين.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
164

140

الدرس العاشر: ماذا نكتب؟ (4) المقالة

 الأفكار الرئيسة

1- المقالة بحث موجز يتناول بالعرض والتوضيح، أو التحليل، أو النقد رأياً خاصّاً، أو فكرة عامّة، أو مسألة ما، فيشرح الكاتب فيه جوانب الرأي أو المسألة، ويؤيّد كلامه بالبراهين المقنعة للقارئ.

2- تقوم المقالة على ثلاثة عناصر رئيسة، هي: المضمون الفكريّ (أو المادّة)، والخطّة التي ترسم هيكليّة العمل، والأسلوب الذي يختاره الكاتب، أي العبارة اللفظيّة.

3- أبرز أنواع المقالات هو: المقالة الأدبيّة، والمقالة الاجتماعيّة، والمقالة العلميّة، والمقالة الصحفيّة...

4- تمرّ كتابة المقالة بالخطوات الآتية: الإلمام بالموضوع/ تصنيف المعلومات وترتيبها/ اكتشاف عناصر الموضوع وتدوينها/ كتابة المقالة.

5- من أشكال المقالة: المقالة الأفقيّة، والمقالة العموديّة.


فكّر وأجِب
1- تكلّم على المقالة، مبيّناً أنواعها وأشكالها وعناصرها وخطوات إعدادها؟
2- اكتب مقالة أفقيّة في موضوع ما؟
3- اكتب مقالة عموديّة في موضوع ما؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
165

141

الدرس العاشر: ماذا نكتب؟ (4) المقالة

 مطالعة
 
من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (10)
 
الكتب التي ليست لدينا
أرجو من المفكّرين في بلدنا أن ينظروا إلى مسألة نشر الكتاب الجيّد والمطلوب وإنتاجه، بوصفه حاجة ملحّة وفوريّة لمجتمعهم وبلدهم. إنّنا وإن كان لدينا - بحمد الله - كتب جيّدة في مجتمعنا، لكنّنا نُعاني فراغاً ونقصاً كبيرين. كثير من الكتب غير موجودة عندنا. وهناك الكثير من الموضوعات ليس لدينا شيءٌ عنها، أو إن كان لدينا شيءٌ فهو غير قابل للعرض. في الوقت الّذي يحظى الآخرون في البلدان الأخرى، بعشرات الآلاف من عناوين الكتب والمؤلّفات في المواضيع المختلفة، لا يتجاوز عدد كتبنا حول هذه المواضيع أصابع اليد!... إنّ عدد كتبنا قليل، حتّى في المواضيع الّتي لدينا ريادة وخبرة فيها ومجالات كثيرة من الاطّلاع والعلم.
 
والحقيقة، إنّنا في الماضي لم نقم بعمل لائق في مجال طرح المواضيع اللازمة. وقد نظرنا إلى الكتاب بوصفه أمراً كماليّاً وشكليّاً ومختصّاً بجماعة معيّنة، وليس وسيلة لازمة وضروريّة لكلّ الناس.
 
علينا أن َنجبر هذا النقص، فهناك حملٌ ثقيل ملقىً على الأرض هو في عهدة المؤلّفين والمحقّقين والكتّاب والفنّانين، وأيضاً، هو بعهدة القيّمين على إعداد الكتب وتأليفها ونشرها، والأجهزة الّتي تدعمهم1.



1 من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في المراسم الافتتاحيّة لمعرض طهران الدوليّ الأوّل للكتاب، بتاريخ: 4/11/1987م.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
166

142

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل



أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف أهمّيّة الرسائل وأنواعها وعناصرها.
2- تمرّس على مهارة كتابة الرسائل.
3- يوظّف هذه المهارة في المجالات العلميّة والإداريّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
167

143

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 تعريف الرسائل

الرسالةُ هي "نوعٌ من الكتابة التي يخاطب بها إنسانٌ إنساناً آخر برغم بُعد الزمان والمكان، ليذكرَ له شيئاً معيّناً، أو يُعبّر عن مشاعره تجاهه". وهي فنٌ عربي قديم، ارتبط ببعض الكتابات في العصور المختلفة، وقد حوى كتاب (جمهرة رسائل العرب) طائفة من الرسائل في مختلف العصور العربيّة1.
 
وينبغي أن يُراعى في كتابة الرسالة مجموعة من الأمور، هي:
- أحوال الكاتب.
- أحوال المكتوب إليه.
- نوع العلاقة بينهما.
 
أهمّيّة الرسائل
كانت الرسائلُ مهمّة قديماً، لأنّها الوسيلة الوحيدة للاتّصال بين المتباعدين مكاناً، وقد استمرّت أهمّيّتها في العصر الحديث - برغم وجود وسائلَ أخرى للاتّصال، مثل: الهاتف - لكنّها اتّخذت أشكالاً مختلفة للتوصيل، مثل: الرسائل العاديّة، والمسجّلة، والسريعة، والتلفاكس، والبرقيّات، ولا تقتصر أهمّيّة الرسائل على الأفراد العاديّين، بل هي وسيلة اتّصال مهمّة وأساسيّة بين الدول، لأنّها تمتاز بالسرّيّة، والتوضيح أكثر من غيرها من وسائل الاتّصال الأخرى. وقد ساعدت التقنيّات الحديثة على سرعة وصول الرسائل في أقصر وقتٍ ممكن.



1 صفوت، أحمد زكي: جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهية، القاهرة، مكتبة مصطفى الحلبي، 1971م.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
169

144

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 أنواع الرسائل
تنقسم الرسائل بشكلٍ عامّ إلى نوعين رئيسين، هما:
أ- الرسائل الشخصيّة: وهي نوعان:
الرسائل الأهليّة:
• تعريفها:هي الرسائل المتبادلة بين الأقارب والأصدقاء.
• خصائصها: تتميّز بالخصائص الآتية:
• الحرّيّة التامّة في الكتابة للتعبير عمّا في النفس من مشاعر وأحاسيس.
• بسط الكلام من دون تكلُّفٍ أو قيود.
• قد تتضمّن بعض المطالب العاديّة بين الأقارب.

مجالاتها:
• رسائل الشوق.
• رسائل التعارف قبل اللقاء.
• رسائل التهنئة.
• رسائل التعزية.

الرسائل الأدبيّة:
• تعريفها: هي الرسائل المتبادلة - عادة - بين الأدباء، وأصحاب الفكر.
• خصائصها: تتميّز الرسائل الأدبيّة بالخصائص الآتية:
• تبادل المشاعر الودّيّة.
• استخدام الأسلوب القويّ المرصَّع بالتعبيرات الجميلة والجمل المُوحية.

مجالاتها:
• رسالة لبحث قضيّة أدبيّة.
• رسالة لعرض مسألة نقديّة.
• رسالة لبحث موضوع علميّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
170

145

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 - خصائص الرسائل الشخصيّة بنوعيها:

تتميّز الرسائل الشخصيّة بنوعيها، الأهليّة والأدبيّة، بالخصائص الآتية:
البساطة والوضوح: بمعنى خلوّ الكلام من التعقيد والغموض، وعدم التعمّق في المعاني، بعيداً عن التكلّف والزخرفة المفتعلة.

الملاءمة والإيجاز: بمعنى مناسبة الكلام لمقتضى حال المرسَل إليه في الأسلوب والمعنى، وخلوّ الكلام من الحشو المملّ، والتطويل.

الطلاوة: ويُقصَد بها الجودة في العبارة، والعذوبة في المعاني، والسلامة من الأخطاء، والسلاسة في القول.

أسلوب الرسالة يجب أن يتناسبَ مع مقام المرسَل إليه ومنزلته ومراعاة حاله.

- كيف تُكْتَبُ الرسالة الشخصيّة؟
الرسائل الشخصيّة ليس لها نمطٌ معيّن، ولكن يُراعى فيها - بالإضافة إلى ما سبق - بعض المهارات المتعلّقة بتنظيم الرسالة، وهي:
• استهلال الرسالة بالبسملة، ثمّ ذِكْر اسم المُرسَل إليه، مع استخدام اللقب المناسب له، ثمّ تحيّة السلام، ثمّ كلمة (وبعد)، ثمّ إبراز المشاعر الخاصّة بعبارة رقيقة مصقولة.

• يُؤتَى بالفاء مع بداية الكلام الذي بعد كلمة (بعد)، لأنّها تمثّل أسلوباً شرطيّاً، وبداية الكلام بعدها جواب للشرط، فتدخل عليه الفاء.

• ثمّ مقدّمة للموضوع، ثمّ يتناول الكاتب الموضوع بعرضه عرضاً بسيطاً، مستخدماً لغة سهلة، مع حُسْنِ التخلّص بين أجزاء الرسالة، وصولاً إلى الخاتمة المؤثّرة، ثمّ التوقيع، ثمّ اليوم والتاريخ.

• يُكتَب على المظروف: عنوان المرسل إليه على الجانب الأيمن، ويشمل: اسم الدولة، ثمّ اسم المدينة، ثمّ اسم القرية أو الشارع، ثمّ رقم المنزل (أو بعد اسم المدينة، يُكْتب رقم صندوق البريد والرمز البريديّ) بخطّ واضح. ثمّ يُكْتَب في وسط الرسالة السُفلى اسم المُرسَل إليه ثلاثيّاً، مع ذِكْر اللقب الذي يشتهر به، ويُكتَب على الجانب الأيسر عنوان المُرسِل كاملاً وواضحاً.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
171

146

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 ب- الرسائل الرسميّة:

- تعريفها: هي رسائل متبادلة بين الأفراد والجماعات في الموضوعات الرسميّة، وقد كان لهذه الرسائل تقاليدها ورسومها في العصور القديمة، وتُسمّى: "الرسائل الديوانيّة". وكان لها كتّابها المتخصِّصون، ويماثلهم في عصرنا الحاضر (السكرتاريّون) ومقرّرو اللّجان.

- خصائصها: تتميّز الرسائل الرسميّة بالخصائص الآتية:
• براعة الاستهلال، أي الإيحاء في بداية الرسالة، بما يشير إلى موضوعها، ويُلمّح إليه.
• تنوّع الأسلوب، إيجازاً وإطناباً ومساواةً، ولفظاً وعبارة، بحسب حال المُرْسِل، والمُرْسَل إليه، والموضوع.
• الدقّة في اختيار الكلمات والجمل والعبارات.

- أنواع الرسائل الرسميّة: هناك نوعان رئيسان من الرسائل الرسميّة، هما:
• الرسائل الإداريّة: وهي الرسائل المتعلّقة بالمتطلّبات بين الدوائر الحكوميّة، أو بين الأفراد والمسؤولين.
• الرسائل الدوليّة: وهي الرسائل المتبادلة بين الملوك والرؤساء، والوزراء والزعماء في السياسة والمناسبات.
وسنقصر كلامنا على الرسائل الإداريّة، لأنّها أكثر الأنواع استخداماً في حياتنا العمليّة.

مجالات الرسائل الإداريّة:
• التقدّم بطلب للعمل في وظيفة.
• التقدّم بشكوى لجهة معيّنة.
• التقدّم بطلب للفصل في قضيّة دينيّة أو دنيويّة.
• رسائل لعرض مناقصة تجاريّة.
• رسائل لعرض بيع سلع معيّنة في جهة حكوميّة.
• رسائل لطلب زيارة.
• إعلام موظّف بالتعيين، أو الإنذار، أو الفصل...
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
172

147

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 • إعلام المسؤولين بعقد اجتماع، أو ما شابه ذلك.

• كيف تُكْتَبُ الرسائل الإداريّة؟

تمرّ كتابة الرسائل الإداريّة بالخطوات الآتية:
• اختيار اللقب المناسب الذي يخاطب به المُرسَل إليه، أو الجهة ذات الاختصاص.
• مراعاة المهارات المتعارف عليها في كتابة الرسائل، من البدء بالبسملة، ثمّ الاسم، ثمّ التحيّة الإسلاميّة، ثمّ المقدّمة الممهّدة للموضوع، ثمّ عرض الموضوع، ثمّ الخاتمة والتوقيع، واليوم والتاريخ، وما يكتب على المظروف، كما سبق أن أشرنا إليه في الرسائل الشخصيّة.
• خلوّ الأسلوب من التكلّف والاستعطاف والتذلّل والعبارات المهينة.
• أن يكون سهلاً مؤثّراً، يَنْفَذ إلى وجدان المُرسَل إليه.

عناصر الرسالة الوظيفيّة
للرسالة الوظيفيّة، تجاريّةً كانت أم حكوميّةً، أجزاء رئيسة، وأخرى ثانويّة، ولكلٍّ منها أماكن متعارف عليها.
أ- الأجزاء الرئيسة:
- الترويسة: وتتضمّن اسم المُرسِل، وعنوانه، ورقم الهاتف، وصندوق البريد، واسم المؤسّسة، ومكانها، ونوع العمل، ورقم السجلّ التجاريّ، والشعار الخاصّ.
- التاريخ: ويفضَّل أن يُسجَّل بالحروف لا بالأرقام.
- العنوان الداخليّ: وهو عنوان المُرسَل إليه. يُذكَر فيه: اسمه، ووظيفته، ومؤسّسته، وعنوانها. والمُرسَل إليه قد يكون شخصاً (السيد...)، أو أكثر (السادة...)، أو مؤسّسة (يُذكَر اسمها...).
- التحيّة الافتتاحيّة.
- جسم الرسالة: وهو موضوع الرسالة، ويُعرَض في فقرات، تبدأ الأولى منها بتمهيدٍ أو إشارةٍ إلى موضوع سابق، وتنتهي الأخيرة منها بعبارة مناسبة تتطلّب غالباً الردّ، أو تُعيد التأكيد على أمر... وهكذا.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
173

148

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 - تحيّة الخِتام: وتأتي بعد آخر فقرة، وتكون متوافقةً مع التحيّة الافتتاحيّة.

- التوقيع: ويلي مباشرة تحيّة الختام، ويكتب تحت التوقيع الاسم بوضوح، وقد تكتب الوظيفة.

ب- الأجزاء الثانويّة:
- رموز الأسماء: الحروف الأولى من اسم كاتب الرسالة وطابعها.
- المرفقات: إشارة جانبيّة في أسفل يمين الرسالة إلى الأوراق والوثائق المرفقة بالرسالة.
- الإشارات: إلى المُرسِل، والمُرسَل إليه، لتسهيل الرجوع إلى الرسالة، أو لتنظيم إجراءات حفظها.
- الموضوع: جملة قصيرة تُقدِّم مسبقاً فكرةً عن مضمون الرسالة.
- إشارة إلى الجهات الأخرى - إنْ وُجِدَت - التي أُرسلت إليها الرسالة نفسها.

مهارات كتابة الرسائل الوظيفيّة
لكتابة الرسائل نوعان من المهارات، هما:
أ. مهارات عامّة: وهي مهارات تخدم كتابة الرسائل، وكتابة غيرها من الأعمال الكتبيّة، منها:
- كتابة كلمات العمل المكتوب كتابة إملائيّة صحيحة، تُعِين القارئ على معرفة المقصود منها، وفهمها، وسرعة قراءتها.

- كتابة الجمل (اسميّة، وفعليّة) مكتملة الأركان، لتترابط أجزاؤها، ويكتمل معناها، ويُعْرف مَنِ الفاعل فيها ومَنِ المفعول.

- حُسْن اختيار الألفاظ المناسبة للمعاني المقصودة من دون تعقيد أو خطأ في فهم المعنى، بما يُحقّق جودة التعبير ووضوحه، وتقريب المعاني إلى القرّاء، والبعد عن التعقيد والفهم الخاطئ.

- صياغة العبارات والتراكيب صياغة دقيقة، توضِّح المعنى من دون لَبْس، وتحدّده بدقّة، وتُسْهِم في توصيل المعاني المطلوبة إلى القارئ.

- الإخراج الحسن، شكلاً وتنظيماً، بكتابة كلّ عنصر في مكانه، بشكل جيّد، بما يُعطي أثراً حسناً لدى المتلقّي.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
174

149

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 - ترك هوامش أفقيّة ورأسيّة (فراغات) على اليمين واليسار، وأعلى وأسفل، يمكن أن تُفِيدَ في تدوين تعليقات وإشارات، وفي ترقيم الصفحات، وفي تنظيم الموضوع وتنسيقه.


- كتابة العناوين الرئيسة والفرعيّة في أماكنها الصحيحة: الرئيسة أعلى، والفرعيّة في الجانب الأيمن، وما يتفرّع من الفرعيّة يُكْتَب أسفل الفرعيّة من الداخل، وهذا يساعد في تحديد العناوين، وينظّم عرض الموضوع، ويُبَيِّن تسلسله المنطقيّ.

- مراعاة آداب الذوق واللياقة، بما يَضْمن اتّصالاً جيّداً وفعّالاً، ويترك أثراً حسناً لدى المتلقّين.

ب. مهارات خاصّة: تتّصل مباشرة بأداء كتابة الرسائل الوظيفيّة، وبكتابة الأجزاء الرئيسة للرسالة، وكتابة المظروف المُرسَلة فيه. وهذه المهارات هي:
- كتابة رأس الرسالة:
ويتضمّن في الرسائل التجاريّة:
• اسم المُرسِل: فرد أو مُنْشأة، يُكتَب أعلى الرسالة، جهة اليمين في السطر الأوّل، وشكله القانونيّ في السطر الذي يليه.
• عنوان المُرسِل: على السطر الثالث تحت الاسم.
• بيانات المُرسِل: في مقابل الاسم والعنوان، وتَشْمل السجل التجاريّ، ورقم صندوق البريد، ورقم الهاتف، والبريد الإلكترونيّ، وذلك على التوالي.
• البلد والتاريخ: جهة الرسالة، وتاريخها بدقّة ووضوح على سطر واحد جهة اليمين، تحت اسم المُرسِل وعنوانه.
• المرفقات: يُكتَب يساراً مقابل البلد والتاريخ اسم المستندات المرفقة -إنْ وُجِدَتْ- وعددها ورقمها (أحياناً تُكتَب في آخر الرسالة جهة اليمين).
• الموضوع: تُكْتَب كلمة (بشأن) أو (الموضوع)، ويُشار إلى مضمون الرسالة باختصار، وذلك تحت المرفقات.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
175

150

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 تبصرة

الرسائل الحكوميّة لا تختلف عن الرسائل التجاريّة، إلّا في كونها أقلّ في شكليّاتها، باعتبار أنّ الرسائل التجاريّة تُسْتَثمر للدعاية، ولذلك، فإنّ رأس الرسالة الحكوميّة لا يَتضمّن بياناتٍ كثيرة، لأنّ المؤسّسات معروفة.

كتابة التحيّة الافتتاحيّة
وهدفها: تدعيم الاتّصال، وخلق الودّ، والتشجيع على قراءة الرسالة. وتكون في بداية الفقرة، بنحو مختصر.
وهي في الرسالة الحكوميّة -غالباً- ما تخلو من كلمات الأمنيات التي تركّز عليها الرسائل التجاريّة،
مثال: تحيّة طيّبة وبعد... فقد تَلقَّيْنا شاكرين رسالتكم المتضمّنة تقديركم لجهود شركتنا.
والأفضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد.
ويليهما عبارة تقدمة (وقد تكون بعد التحيّة مباشرة في حالة عدم وجود إشارة).
وهذه العبارة تختلف حسب المستوى.

مثال:
للمستوى الأعلى                  أرجو التكرّم       أتشرّف بإحاطتكم علماً
للمستوى المماثل                 أرجو التفضّل      أُرفق طلب
للمستوى الأدنى                  لُوحِظ أنّ           أوافق على كتابة الموضوع "جسم الرسالة"

ويتضمّن مقدّمة ومتن وخاتمة:
• المقدّمة: فقرة افتتاحيّة، تكون بدايتها عبارة التقدمة التي سَبَقَتِ الإشارة إليها. وتكون المقدّمة مختصرة، ومتّصلة بالموضوع، ومثيرة، وسليمة الصياغة، وفي فقرة مستقلّة، مثال: يسرّنا أن نُرسِل لكم قائمة إصداراتنا الجديدة من الكتب 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
176

151

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 والمطبوعات، وهي إصدارات متنوّعة، تُغطّي معظم المجالات المعرفيّة والقضايا المطروحة.


• الجوهر "المتن": وهو الفكرة الأساسيّة، ويُعْرَض في فقرة أو أكثر تشكِّل وحدة متكاملة. وينبغي أن تَبْرز فيه فكرته الرئيسة أولاً، ثمّ تُرْدَف بأفكار فرعيّة، وتُرَتَّب الأفكار ترتيباً متسلسلاً طبيعيّاً ومنطقيّاً ليسهلَ فهمه، وتُدَّعم بأدلّة وبراهين، ويَحْسن اختيار جملة حسب موضوع الرسالة، وعرض جوهر الموضوع في فقرات، مع استخدامٍ جيّد لعلامات الترقيم وأدوات الربط، مثال: ويسرّنا أن نحيط سعادتكم علماً باستعدادنا لتزويد فرعكم الموقّر بالنسخ التي تطلبونها من كلّ كتاب أو إصدار، ونبلغكم بأنّ أحد مندوبينا سيأتي لزيارتكم خلال الأسبوع الأوّل من الشهر القادم (تحديد الوقت)، لعرض نماذج من هذه الإصدارات، ومعرفة ما تطلبونه منها. وسنرسل لكم في الأسبوع التالي كلّ ما تطلبونه. وفي حال حاجتكم إلى نسخ إضافيّة، يُرجَى مراسلتنا لاتّخاذ الإجراء اللازم.

• والإدارة تمنح الفرع (25%) من ثمن النسخة مقابل التوزيع. ويتمّ ذلك بعد انتهائكم من عمليّة التوزيع لجميع الإصدارات.

• خاتمة الموضوع: وهي جملة مرتبطة بالموضوع، ومختصرة، وطبيعيّة لا تَكَلُّف فيها، مثال: ونرجو أن نكون عند ثقتكم، وحسن ظنّكم، وأن نُسْهِم في تدعيم نشاطكم في نشر العلم والثقافة في مجتمعنا.

ومن عبارات العرض: 
ولا يغيب عن البال 
ويُرجى الإشارة إلى
وأضيف أنّ 
ويُرجى أن يُؤخَذ في الحسبان.

وهي عبارات مرِنة يجب أن تتّفق مع حال المُرسَل إليه، والموضوع، والموقف بصفة عامّة.

- كتابة التحيّة الخِتاميّة:
وتُكتب بعد انتهاء عرض الموضوع، في فقرة جديدة، تحمل التحيّات والأمنيات، مثل:
- وتفضّلوا سعادتكم بقبول فائق الاحترام.
- مع تمنّياتنا لكم بالتوفيق، ولمؤسّستكم بالتقدّم والازدهار.
وهي في الرسائل الحكوميّة أقلّ تنوّعاً وحرارة من الرسائل التجاريّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
177

152

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 - كتابة التوقيع:

التوقيع يحدّد المسؤوليّة، ويقوم به صاحب المؤسّسة، أو المُفوَّض عن الشركة أو الموظَّف المسؤول في الدواوين الحكوميّة.
ويُكتَب التوقيع أسفل الخطاب جهة اليسار، ويتضمّن الوظيفة، والتوقيع، والاسم كاملاً.

وبصفة عامّة، فإنّ كتابة الرسالة الإداريّة تتطلّب:
- الدقّة.
- التقيّد بالمصطلحات الفنّيّة والإداريّة والحكوميّة.
- الإيجاز (اللفظ على قدر المعنى المطلوب).
- البعد عن المبالغة والخيال.
- مراعاة الألقاب المتعارف عليها في الوسط الإداريّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
178

153

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 الأفكار الرئيسة

1- الرسالة هي نوع من الكتابة التي يخاطب بها إنسانٌ إنساناً آخر برغم بُعد الزمان والمكان، ليذكر له شيئاً معيّناً، أو يُعبّر عن مشاعره تجاهه.

2- كانت الرسائل مهمّة قديماً، لأنّها الوسيلة الوحيدة للاتّصال بين المتباعدين مكاناً، وقد استمرّت أهمّيّتها في العصر الحديث.

3- تنقسم الرسائل بشكلٍ عامّ إلى نوعين رئيسين، هما: الرسائل الشخصيّة (الرسائل الأهليّة/ الرسائل الأدبيّة)، والرسائل الرسميّة (الإداريّة/ الدوليّة).

4- عناصر الرسالة الوظيفيّة: الأجزاء الرئيسة (الترويسة/ التاريخ/ العنوان الداخليّ/ التحيّة الافتتاحيّة/جسم الرسالة/ تحيّة الختام/ التوقيع)، والأجزاء الثانويّة (رموز الأسماء/ المرفقات/ الإشارات/الموضوع).

5- لكتابة الرسائل نوعان من المهارات، هما: مهارات عامّة: وهي مهارات تخدم كتابة الرسائل، وكتابة غيرها من الأعمال الكتبيّة، مهارات خاصّة: تتّصل مباشرة بأداء كتابة الرسائل الوظيفيّة، وبكتابة الأجزاء الرئيسة للرسالة، وكتابة المظروف المُرسَلة فيه.


فكّر وأجِب
1- تكلّم على أهمّيّة الرسائل وأنواعها؟
2- عدّد عناصر الرسالة، وتكلّم عليها باختصار مع أمثلة توضيحيّة؟
3- اكتب رسالة ما مستعيناً بمهارات كتابة الرسائل وضوابطها (المهارات العامّة والخاصّة)؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
179

154

الدرس الحادي عشر : ماذا نكتب؟ (5) الرسائل

 مطالعة

 
من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (11)
 
كتب بلا فائدة
في الإحصاءات المتعلّقة بالكتاب أعطوا الاهتمام الأكبر لجودة النوعيّة، حتّى لا تقنعوا بسرعة. يُقال الآن: إنّ كميّة الكتب قد تضاعفت عن الماضي، هذا ما تبيّنه الإحصاءات، والكلّ يتحدث عنه، لكن ما أخشاه أن يكون كثير من هذه الكمّيّات الكبيرة مواضيع لا حاجة لبلدنا فيها، وأن تكون كتباً لا يقرؤها أحد. تَرِدُني كتب كثيرة، ويرسل الناشرون والمؤلّفون إليّ بعض الكتب... وإنّني حتماً أمرّ على هذه الكتب، ولو بتصفُّح أوراقها والاطّلاع على مضامينها. أرى في بعض الكتب الّتي تَرِدُني أنّها غير ذات فائدة. إنّني أضع نفسي مكان أيّ شخص، فأرى أنّ هذا الكتاب غير جذّاب، وهو من الأساس كتاب لا قيمة له ولا فائدة... لقد نُشر عشر مرّات، ثمّ عاد ليُنشر مرّة أخرى1.
 
الكتابات التربويّة الهادفة للأطفال
أنتم أيُّها المربّون الأعزّاء، أنتم الّذين تلتقون بالأطفال في المكتبات، أنتم الّذين تَرْوُون القصص، أنتم الّذين ترسلون الكتب، أنتم الّذين تقرؤون، أنتم الّذين تتوجّهون للأطفال في أعمالكم وإبداعاتكم الفنّيّة، اعلموا أنّكم تسيرون الآن على الطريق الصحيح والمستقيم تماماً. إنّكم تقومون حقّاً، بالعمل الّذي ينبغي أن يُنْجَز2.
 
أعزّائي، ربّوا أولاداً ذوي روحيّة عاليّة. ضعوا هذا الأمر في مشاريع الكتابة، والتخييم، وفي الوصايا للمعلّمين، وفي سلوككم الشخصيّ، ينبغي أن يتحوّل الطفل إلى إنسانٍ مفعمٍ بالأمل3.



1 من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في لقاء له بالقيّمين على إحياء أسبوع الكتاب، بتاريخ: 21/10/1996م.
2 من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في لقاء له بالمدير التنفيذيّ والمسؤولين في مركز التربية الفكريّة للأطفال والناشئة، بتاريخ: 13/5/1998م.
3 من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في مراسم الدورة الخامسة لاختيار كتاب العامّ، بتاريخ: 8/2/1988م.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
180

155

الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)

 الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)



أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف تقنيات كتابة محاضر الاجتماعات والمحاضرات والندوات.
2- يتمرّس على تطبيق هذه التقنيات على نماذج تطبيقيّة.
3- يوظّف هذه المهارة في المجالات العلميّة والإداريّة المختلفة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
181

156

الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)

 كتابة محاضر الاجتماعات


أ- مفهوم محضر الاجتماع:
محضر الاجتماع عملٌ كتبيّ وظيفيّ، يُعدّ توثيقاً للاجتماع الرسميّ الذي تعقده مؤسّسة أو شركة ما، لمناقشة قضيّة أو إصدار قرارات، أو الاطّلاع على أعمال ما.

ويُعدّ محضر الاجتماع:
- تلخيصاً لما دار في الاجتماع من مناقشات (من دون تفصيل أو تركيز على آراء بعينها).
- أو تسجيلاً مفصّلاً لكلّ ما طُرِحَ من أفكار وآراء واعتراضات.
- أو اختصاراً للاجتماع، بذِكْر رؤوس الموضوعات، والقرار المتّخذ في كلّ موضوع.
ويتمّ إعداد محضر الاجتماع بصورته النهائيّة -عادة- بعد نهاية الاجتماع، عن طريق سكرتير القسم، أو من يوكِّله المجتمعون بأمانة الاجتماع.

ب- مراحل إعداد محضر الاجتماع:
- المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل الاجتماع: وتَشْمَل:
• تحديد موعد الاجتماع ومكانه.
• إعداد جدول الاجتماع تحت إشراف الرئيس.
• إعداد الدعوة للاجتماع وإرسالها مرفقةً بصورة محضر الاجتماع السابق - إن وُجِدَ - ونسخة من جدول الاجتماع الحاليّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
183

157

الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)

 - المرحلة الثانية: أثناء الاجتماع: ويتمّ خلالها القيام بالآتي:

• تسجيل الحاضرين، والمعتذّرين، والغائبين.
• اعتماد محضر الاجتماع السابق.
• طرح موضوعات الاجتماع الحاليّ بشكلٍ تفصيليّ، وتسجيل ما يدور فيه من مناقشات، وما يُتَّخذ بشأنه من قرارات.

- المرحلة الثالثة: وهي مرحلة ما بعد الاجتماع:
• كتابة محضر الاجتماع.
• إعلان القرارات، وإرسالها إلى من سينفّذها، أو لمن يهمّه أمرها.
• تنفيذ القرارات، ومتابعة المسؤول ذلك.

ولأنّ محضر الاجتماع عمل توثيقيّ تَرْجِعُ إليه المؤسسة لمعرفة أمر أو الاطلاع على قرار أو استرجاع أحداث، فإنّ مكوّناته تتضمّن بيانات كاملة عن الاجتماع: عنوانه، وزمانه، ومكانه، وحضوره، والغائبين عنه، وجدول أعماله، ومناقشاته، وقراراته، ووقت انتهائه، بكلّ دقّة ووضوح.

ج- عناصر محضر الاجتماع:
لكتابة كلّ عنصر من عناصر محضر الاجتماع مكان شائع في بنية المحضر، وترتيب متعارف عليه، وكيفيّة معلومة. وعلى كاتب محضر الاجتماع، سكرتيراً كان أم غيره، أن يكون على دراية بمكان كلّ عنصر، وترتيبه حتى لا يخرج عن المألوف في كتابة المحاضر. ويمكن - بالطبع - أن يضيف أو يبدّل، بما يجعل المحضر أكثر شمولاً ودقّة ووضوحاً. وفيما يأتي تحديد للمتعارف عليه في كتابة كلّ عنصر من عناصر محضر الاجتماع:
- اسم المؤسّسة: يُكْتَبُ أعلى المحضر، جهة اليمين.

- عنوان المحضر: يُكْتَبُ بعد اسم المؤسّسة في منتصف السطر بخطٍّ بارز، ويُكتَب تحته تاريخ الاجتماع، ويمكن تكرار العنوان في كلّ صفحة من صفحات المحضر.

- زمان الاجتماع ومكانه: تُكْتَبُ هذه البيانات في فقرة مستقلّة، وتتضمّن يوم الاجتماع وتاريخه، وساعته، ومكان انعقاده.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
184

158

الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)

 - كتابة الأسماء: يُكْتَبُ في محضر الاجتماع:

• أسماء الحاضرين.
• أسماء المعتذّرين عن عدم الحضور.
• أسماء الغائبين من دون عذر.

ويُفضَّل - فيما عدا اسم الرئيس - ترتيب أسماء الأشخاص ترتيباً هجائيّاً، وبخاصّة عندما يكون الجميع في مستوى وظيفيّ واحد، وقد ترتّب الأسماء حسب المستوى الوظيفيّ (من الأعلى إلى الأقلّ) في حالة تفاوت درجاتهم الوظيفيّة. ويُكْتَبُ أمام كلّ اسم صفته، مثال:

وقد حضر الاجتماع كل من:
الأستاذ الدكتور/ ................................... عميد الكلية.................................. رئيساً
الأستاذ الدكتور/...................... رئيس قسم................................................ عضواً
الأستاذ الدكتور/.............. رئيس قسم................................................ عضواً
الأستاذ الدكتور/.................................... أمين المجلس

واعتذر عن عدم الحضور كلٌّ من:
الأستاذ الدكتور/............. رئيس قسم................................................
الأستاذ الدكتور/...........................رئيس قسم.......................................

ولم يحضر ولم يعتذر كلٌّ من:
الأستاذ الدكتور/.................. رئيس قسم................................................
الأستاذ الدكتور/.............رئيس قسم................................................

- إثبات صحّة الاجتماع: من الضروريّ الإشارة إلى قانونيّة الاجتماع، بكتابة فقرة مستقلّة تشير إلى عدد الحاضرين (يُكْتَب العدد بالحروف)، مثال:
واعتبر اجتماع المجلس صحيحاً لحضور تسعة أعضاء من إجمالي عدد أعضاء المجلس (ثلاثة عشر عضواً)، وذلك بنسبة70 % ممَّا يؤكّد قانونية الاجتماع.

- عرض المحضر السابق: واتّخاذ القرار الخاصّ به: تُكتَب فقرة تشير إلى عرض
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
185

159

الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)

 المحضر السابق، وطريقة العرض، والقرار الخاصّ به، بالموافقة أو التعديل أو الرفض.


- كتابة جدول الأعمال: يُكتَب في محضر الاجتماع الموضوعات المطروحة للمناقشة، مُرتَّبة حسب عرضها: 1 - 2 - 3 -..........

ويُشار إلى مشروع القرار الخاصّ بكلّ موضوع مع اسم مقدِّمه، ويُكتَب كلّ مشروع قرار في فقرة مستقلّة، بحروف كبيرة، وبوضع خطّ، إذا لزم الأمر، وإذا طُرِحَت تعديلات على المشروع تُسجَّل، ويكتب اسم مقترح هذه التعديلات.

وفي نهاية جدول الأعمال يُسَجَّل ما يستجدّ من موضوعات، مرتّبة حسب طرحها، أو يَكتَب "لم تستجدّ موضوعات".

- كتابة قرارات المجلس: يتمّ كتابة قرارات المجلس حسب ترتيب ورودها في الاجتماع، ويُصاغ القرار صياغة حرفية دقيقة، ويشار إلى عدد الأصوات في كل قرار، ويوضع كلّ قرار بين علامتي تنصيص، وفي فقرة مستقلة وبخطٍّ واضح.

- غلق محضر الاجتماع: يُكتَب في نهاية المحضر، وقت انتهاء الاجتماع، وموعد الاجتماع القادم.

- التوقيعات: بعد كتابة محضر الاجتماع يوقِّع عليه:
أمين المجلس في الناحية اليمين.
رئيس المجلس في الناحية اليسار (في السطر الثاني) مع كتابة تاريخ تحرير المحضر.

د- ضوابط كتابة محضر الاجتماع:
ينبغي مراعاة مجموعة من الضوابط في كتابة محضر الاجتماع، وهي الآتية:
- التعبير عن عقد الاجتماع بضمير الغائب، وصيغة الماضي (تمّ عقد الاجتماع).

- استقصاء جميع القرارات والإجراءات، لأنّ المحضر سجلّ رسميّ لما دار في الاجتماع.

- كتابة الأرقام الواردة في المحضر بالحروف العربيّة، وضبط تمييزها.

- اتّباع نظام الفقرات في الكتابة، كلّ إجراء في فقرة مستقلّة، وكلّ قرار في فقرة 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
186

160

الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)

 مستقلّة... وهكذا.


- الدقّة في الصياغة، والوضوح في الخطّ، وحسن التنسيق في العرض.

- إبراز بعض الألفاظ المهمّة أو الجمل أو القرارات، بوضع خطوط تحتها.

- ترابط العرض، والربط بين أجزائه.

كتابة المحاضرات والندوات
أ- تعريف المحاضرات والندوات:
- المحاضرة: أسلوبٌ تعليميّ يلتقي فيه المحاضر مباشرة مع المستمعين، بحديث مكتوب من قبل، ويكون إلقاؤه مستمرّاً من دون انقطاع، لمدّة معيّنة، في موضوع معيّن، محدِّد العناصر والأفكار.

- الندوة: تجمع الندوة بين المحاضرة والمحاورة في قضيّة معيّنة، مع طرح وجهات النظر المؤيّدة والمعارضة، مُدَعَّمة بالأدلّة والبراهين.

ب- مقوّمات كتابة المحاضرات والندوات:
يحتاج الكاتب في كلا المجالين (المحاضرة والندوة) إلى إعدادٍ مسبق، وجمع المعلومات والأدلّة، وتفنيد الآراء المعارضة، كما يحتاج إلى استخدام أساليب معيّنة تتميّز بالتسلسل والترتيب، وقوّة الحجّة والإقناع، وإثارة العواطف، ومخاطبة العقل. وتُعدّ هذه الأمور من الخصائص الفنّيّة للمحاضرة والندوة.

كتابة التعليق
أ- تعريف التعليق: هو عبارة عن "نصّ نثريّ موجز يتضمّن وجهة نظر معيّنة عن موقف، أو موضوع، أو مشكلة، أو حدث، أو طلب مقدّم، أو قضيّة مُثارة".

ب- الخطوات التي يمرّ بها التعليق:
يمرّ التعليق بالخطوات الآتية:
- استيعاب الموقف أو الموضوع، والإحاطة به.

- رصد نقاط الاتّفاق والاختلاف فيه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
187

161

الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)

 - بلورة الأفكار الرئيسة التي يدور حولها التعليق.


- عرض الموضوع المراد التعليق عليه بإيجاز، وفي نقاط محدّدة.

- عرض جوانب الاتّفاق، وتهيئة المتلقّي لما سَيرِد بعدها من وجهة نظر المعلّق.

- عرض الرأي المراد طرحه عن الموضوع بشكلٍ متماسك ومتكامل، مدعَّمٍ بالأدلّة والحجج.

- ختم التعليق بتأكيد الموقف الرئيس بعبارةٍ مُوْجَزة.

كتابة المذكّرات الشخصيّة
أ- تعريف المذكرات الشخصيّة:
تعدّ كتابة المذكّرات الشخصيّة مجالاً من المجالات الأدبيّة الوظيفيّة، التي تلزم كثيراً من الناس في حياتهم، بحيث يسجّل فيها الإنسان ما يمرّ في حياته من لحظات سرور، أو حزن، أو مفارقات، أو أشياء يريد أن يتذكّرها، أو يبثّ فيها مشاعره وأفكاره وآراءه، أو يُدّوِّن نقاطاً يَبني عليها أموراً فيما بعد.

ولا بدّ أن تُكْتَب المذكّرات الشخصيّة بطريقة معيّنة، حتى تؤدّي الغرض.

ب- مهارات كتابة المذكّرات الشخصيّة:
لكتابة المذكرات الشخصيّة مهارات لازمة، أهمّها:
- دقّة الانتباه والتركيز.
- الإلمام بالفكرة أو الموضوع.
- تحديد الغاية من كلّ شيء مُسَجَّل، وتاريخه، ومكان حدوثه.
- تصنيف المذكّرات بحسب نوعيّاتها، وإبداء الرأي في مواقفها.
- كتابة الأشياء المهمّة والتي لا تتكرّر كثيراً، وترك الأشياء العاديّة المتكرّرة.

ج- ضوابط كتابة المذكّرات الشخصيّة:
ليس لكتابة المذكّرات ضوابط معيّنة، ولكن يُراعى فيها-عادة- الآتي:
• كتابة التاريخ والوقت الذي حدثت فيه الأمور التي ستسجّل.

• مراعاة الإيجاز غير المخلّ، والإشارة إلى الموضوع إشارة زكيّة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
188

162

الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)

 • وضع رموز معيّنة لا يدركها، إلّا كاتب المذكّرات شخصيّاً في بعض الأمور.


• تحديد وقت معيّن كلّ يوم، أو عدّة أيّام، لتسجيل الوقائع والأشياء التي يُراد تسجيلها.

• مراعاة السرّيّة التامّة في الاحتفاظ بهذه المذكّرات، بعيداً عن أيدي العابثين.

كتابة الكلمات الافتتاحيّة والاختتاميّة
أ- تعريف الكلمات الافتتاحيّة والختاميّة:
المقصود بها نوع من التقديم أو التعقيب على مناسبة من المناسبات العامّة أو الخاصّة، مثل: الاحتفالات، والاستقبالات، ومواقف توزيع الجوائز، ووصف الحفل، والتقديم لمحاضر، أو التعقيب على كلامه.

ويحتاج التقديم إلى مهارات خاصّة، وإعداد مسبق، بحيث يستعين مَنْ يقوم بذلك الأمر بكتابة ما يريد من كلام وتعريف في عبارات بسيطة موجزة.

ب- المهارات اللازمة لإعداد الكلمات الافتتاحيّة والاختتاميّة:
- استخدام الجمل القصار المناسبة للمقام.
- انتقاء الكلمات التي تؤدّي المعنى بدقّة ووضوح.
- الإيجاز، بحيث تتضمّن الكلمات الافتتاحيّة أو الاختتاميّة فقرتين أو ثلاث فقرات.
- التنويع في الأسلوب بين الخبر والإنشاء، واستخدام أسلوب التشويق.
- حُسْنُ العرض، وانتقاء الأفكار المناسبة والطريقة المناسبة للتقديم أو الختام.
- دقّة الاستشهادات، وسلامة توظيفها.

ج- خطوات كتابة الكلمات الافتتاحيّة والاختتاميّة:
- معرفة كلّ ما يتعلّق بالمناسبة، والموضوعات، والشخصيات.
- كتابة نبذة مختصرة عن مناسبة الحفل والمشاركين فيه، أو عن المحاضرة.
- استخدام أسلوب التشويق في العرض.
- مراعاة اللباقة وخفّة الروح، والحذر من تكوين انطباع سيّىء عند المستمعين.
- التعقيب على كلّ فقرة بما يناسبها، وإعداد التعقيب كتابة قبل تقديمه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
189

163

الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)

 مِلء الاستمارات

أ- أهمّيّتها: الاستمارات مجال مهمّ من مجالات الكتابة الوظيفيّة التي تلزم معظم الناس في حياتهم.

ب- مجالاتها: من مجالات ملء الاستمارات:
- مِلء استمارات الامتحانات العامّة والخاصّة.
- استمارات المؤسّسات المختلفة.
- استمارات التعاملات في البنوك والشركات.
- استمارات الإعارة من المكتبات.
- استمارات الجوازات والمواني البحريّة والبريّة والجويّة.
- استمارات التقدُّم لطلب وظيفة.

ج- مهارات مِلء الاستمارات: يحتاج ملء الاستمارات إلى مهارات خاصّة، أهمّها:
- مِلء الفراغات الخاصّة بالبيانات الشخصيّة بطريقة صحيحة وواضحة، مثل: المعلومات الخاصّة بالاسم، والعنوان، وتاريخ الميلاد، ومحلّ الميلاد، والمؤهّلات العلميّة... وغيرها.
- الالتزام بالكتابة في حدود الأماكن المخصّصة لكلّ معلومة من دون زيادة أو نقصان.
- معرفة المصطلحات الشائعة في كتابة الاستمارات.
- تنفيذ التعليمات الخاصّة بكلّ استمارة، ومراعاة ما كُتِبَ فيها.

د- كيفيّة مِلء استمارة:
- تحضير استمارة من نوع معيّن.

- قراءة التعليمات الخاصّة بملء الاستمارة. والتي تكون -عادة- في بداية الاستمارة، أو في نهايتها، أو في الجهة الخلفيّة.

- تنفيذ التعليمات بكلّ دقّة، وملء الاستمارة حسب البيانات الموجودة فيها.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
190

164

الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)

 الأفكار الرئيسة

1- محضر الاجتماع عملٌ كتبيّ وظيفيّ، يُعدّ توثيقاً للاجتماع الرسميّ الذي تعقده مؤسّسة أو شركة ما، لمناقشة قضيّة أو إصدار قرارات، أو الاطّلاع على أعمال ما.

2- المحاضرة: أسلوبٌ تعليميّ يلتقي فيه المحاضر مباشرة مع المستمعين، بحديث مكتوب من قبل، ويكون إلقاؤه مستمرّاً من دون انقطاع لمدّة معيّنة، في موضوع معيّن، محدّد العناصر والأفكار. والندوة: تجمع الندوة بين المحاضرة والمحاورة في قضيّة معيّنة، مع طرح وجهات النظر المؤيّدة والمعارضة، مدعّمة بالأدلّة والبراهين.

3- التعليق: عبارة عن "نصّ نثريّ موجز يتضمّن وجهة نظر معيّنة عن موقف، أو موضوع، أو مشكلة، أو حدث، أو طلب مقدّم، أو قضيّة مثارة".

4- المذكّرات الشخصيّة هي مجال من المجالات الأدبيّة الوظيفيّة، التي تلزم كثيراً من الناس في حياتهم، بحيث يسجّل فيها الإنسان ما يمرّ في حياته من لحظات سرور، أو حزن، أو مفارقات، أو أشياء يريد أن يتذكّرها، أو يَبثّ فيها مشاعره وأفكاره وآراءه، أو يُدّوِّن نقاطاً يَبني عليها أموراً فيما بعد.

5- الكلمات الافتتاحيّة والختاميّة هي نوع من التقديم أو التعقيب على مناسبة من المناسبات العامّة أو الخاصّة، مثل: الاحتفالات، والاستقبالات، ومواقف توزيع الجوائز، ووصف الحفل، والتقديم لمحاضر، أو التعقيب على كلامه.

6- الاستمارات مجال مهمّ من مجالات الكتابة الوظيفيّة التي تلزم معظم الناس في حياتهم.


فكّر وأجِب
1- اذكر أبرز الضوابط والمهارات اللازمة في كتابة محاضر الاجتماعات والمحاضرات والندوات والتعليقات؟
2- حدّد الضوابط والمهارات اللازمة في كتابة التعليقات والمذكرات والكلمات الافتتاحية والاختتاميّة وملء الاستمارات؟
3- اُكتب محضراً لاجتماع أو محاضرة أو ندوة؟
4- اُكتب تعليقاً أو مذكرة أو كلمة افتتاحية أو اختتامية؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
191

165

الدرس الثاني عشر: ماذا نكتب؟ (6)

 مطالعة

 
من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (12)
 
كتب الجَيب والأوقات الضائعة
هناك اقتراح، ألا وهو عرض كتب الجيب والكتب الصغيرة. فمن الأمور الرائجة اليوم في العالم، تلخيص الكتب الكبيرة وتبسيط الكتب الصعبة.
 
بالطبع، غالباً ما يقومون بهذا العمل من أجل تعليم اللغات، يبسّطون اللغة، لكنّ الكتاب هو الّذي يُختصر عمليّاً.
 
إنّهم يلخّصون ويختصرون القصص الكبيرة. فعلى سبيل المثال، حوّلوا رواية البؤساء إلى قصّة مؤلّفة من جزء واحد يتراوح بين المئة والمئة وخمسين صفحة، بحيث أصبحت قصّة سلسة يقرؤها الجميع.
 
إذا تيسّر هذا الأمر فهو أمر جيّد.
 
نعم، لقد ظهر كتاب الجيب في العالم من أجل هذا الأمر، وهو أن يصبح الناس من القرّاء، أي إنّهم يضعون الكتاب في جيوبهم، وعندما يستقلّون قطار الأنفاق أو الحافلة يفتحونه ويقرؤون.
 
إذا عُمل بهذا الأمر، سوف تحيا الكثير من الأوقات الميتة1.



1 من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في لقاء له بالقيّمين على إحياء أسبوع الكتاب، بتاريخ: 10/11/1997م.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
192
 

166
قواعد التعبير العربي – قواعد الكتابة