المقدمة
المقدمة
أسئلة تدور في خَلَدِ كلّ فتاة، قد تجد لها أجوبة، وقد تلجأ لأمّها أو أختها أو رفيقتها، أو مربّيتها في المدرسة. لكن لعلّها لم تقتنع في الإجابة، ويبقى حبّ المعرفة يدفعها للسؤال أكثر فأكثر.
وربَّ أمّهاتٍ يقفن حائرات عن الإجابة أمام بعض الأسئلة الحرجة.
هذا الكتاب الذي بين يديك أختي الكريمة، مجموعة من الأسئلة الحيّة، فقد قام مركز نون للتأليف والترجمة بالتعاون مع بعض الأخوات الناشطات في العمل الإسلاميّ بالذهاب إلى المدارس الإسلامية وغير الإسلاميّة، وأخذ هذه الأسئلة مباشرة من الفتيات والطالبات، من عمر 12 سنة حتّى آخر المرحلة الثانوية، وقام المركز بتقسيم الأسئلة موضوعيّاً، والإبقاء على بعض الأسئلة مكرّرة ولو بطريقة وأسلوب مختلف، لعموم الفائدة، ولأنّه قد تعتبر بعض الفتيات خصوصيّة لسؤالها تختلف عن السؤال المشابه.
ثمّ حاولنا الإجابة عنها عبر متخصّصين في الحقل الاجتماعيّ، ثمّ قام أحد الأساتذة الكرام في الحوزة العلميّة ببيان الحكم الشرعي لكلّ سؤال.
وفي الختام: نوجّه الشكر لكلّ الذين ساهموا في إخراج هذا الكتاب إلى حيّز الوجود، سائلين الله سبحانه وتعالى أن يتقبّل منهم خالص الأعمال، وينفع بهذا الجهد فتياتنا وأمّهاتنا ومربّياتنا، لحلّ كثير من الشبهات العالقة في أذهانهنّ. على أمل أن يبقى الجميع على تواصل معنا إن كان هناك أسئلة لم يجدوها في الكتاب، ونحن مستعدّون للإجابة عنها في الطبعة الجديدة، أو في كتاب لاحق إن شاء الله تعالى.
مركز نون للتأليف والترجمة
5
1
القسم الأول: التكليف عند الفتاة
1- متى يجب على الفتاة القيام بواجباتها الشرعيّة؟
ج- يجب على الفتاة القيام بواجباتها الشرعيّة عندما تصير مكلّفة من الناحية الشرعيّة، ويتحقّق التكليف إذا تحقّقت ثلاثة شروط:
الأوّل: البلوغ، ويتحقّق عند الفتاة بإكمالها تسع سنوات قمريّة.
الثاني: العقل، فلا تكليف على المجنونة. والعقل يعني القدرة على الإدراك والتمييز.
الثالث: القدرة، فلا يجب الإتيان بالتكاليف التي تعجز الفتاة عن الإتيان بها.
2- ألا يعتبر تكليف الفتاة في هذا السن، أمراً يفوق قدرتها على القيام بواجباتها العباديّة؟
ج- إنّ الشريعة الإسلاميّة سمحاء، والتكاليف فيها تنسجم مع قدرة الفتاة عند سنّ البلوغ.
نعم قد تعجز الفتاة أحياناً عن القيام ببعض واجباتها كالصوم مثلاً فيسقط وجوب الصوم في شهر رمضان، وتقضيه قبل شهر رمضان التالي، فإن عجزت عن القضاء أيضاً يسقط وجوب الصوم عنها، وتكتفي بدفع الفدية فقط، والفدية هي إطعام مسكين واحد عن كلّ يوم ثلاثة أرباع الكيلو، ولا يجب قضاؤه في السنوات الآتية حتّى لو تجدّدت لها القدرة.
أختي العزيزة: إنّ الله تعالى لم يكلّفك بشيء إلّا وهو مقدور عليه، فالصلاة والصيام والخمس والحجّ، والصدق والأمانة، وترك الغيبة والنميمة والسرقة، وغير ذلك هي مقدورة عادة لكلّ مكلّف، ومع عروض العجز فلا تكليف، وقد قال الله تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا...﴾(البقرة: 286)، وقال تعالى: ﴿لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾(الأنعام: 152).
7
2
القسم الأول: التكليف عند الفتاة
3- لماذا يتحقّق البلوغ عند الفتاة قبل الشاب؟ وهل من علاقة لذلك بالتكليف؟
ج- خلق الله سبحانه وتعالى الذّكر والأنثى، وأودع في كلّ منهما خصائص وميزات في التكوين الجسديّ والنفسيّ، يكمّل كلّ منهما الآخر، ولم يجعلهما متشابهين، لأنّ التشابه يتنافى مع كمال المجتمع، ومرحلة البلوغ عند الفتاة تسبق مرحلة البلوغ عند الفتى، وهذا لخصوصيّةٍ عند الفتاة غير موجودة عند الفتى، وعندما تصل إلى سنّ البلوغ تتشرّف بالتكليف، فيجب عليها القيام بوظائفها الشرعيّة. وهذا لا يؤدّي إلى نقيصة فيها، بل البلوغ تشريف لها وتكريم.
أختي العزيزة: لا تربطي تكليفك بتكليف أحد. فكّري كيف تحقّقين كمالك وسعادتك، كما وانتبهي إلى أنّك ستُحشرين وحدك لتحاسَبي وحدك، فأخلصي عملك لله تعالى، واعملي لخلاص نفسك، والله تعالى يقول في سورة الزلزلة: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ...﴾.
8
3
القسم الأول: التكليف عند الفتاة
4- قد يتصوّر بعضهم أنّ تكليف الفتاة في هذا العمر يمثّل ظلماً لها، وربّما يجدونه نقيصة، هل لكم أن تبيّنوا لنا الصورة الحقيقيّّة لهذا التكليف؟
ج- خلق الله تعالى الإنسان، وهيّأ له التشريعات التي تؤدّي إلى كماله وسعادته. وتشتمل هذه التشريعات على واجبات ومحرّمات. وكلّ واجب فيه مصلحة للمكلّف، وكلّ حرام فيه مفسدة. وعندما يصير الإنسان بالغاً عاقلاً قادراً يصير مكلّفاً بهذه التشريعات، ويبدأ سيره نحو الكمال. والتكليف بهذا المعنى هو تشريف للمكلّف، وليس حملاً ثقيلاً.
أختي العزيزة: إعلمي أنّ الله تبارك وتعالى لم يوجب شيئاً عليكِ إلّا وفيه مصلحة لك، ولم يحرّم عليك شيئاً إلّا وفيه مفسدة، فإذا فعلت الواجبات وتركت المحرّمات تكونين قد حقّقت لنفسك المصالح، وأبعدتِ عنها المفاسد، وهذا خير وكرامة، وليس ظلماً ونقيصة. فالتكليف تشريف لك وتكريم، ووصولك إلى البلوغ قبل الفتى يعني أنّك دخلت في عالم التشريف قبله.
9
4
القسم الأول: التكليف عند الفتاة
5- لماذا أودع الله تعالى الغرائز فينا؟ ولماذا يتكامل بعض هذه الغرائز في سنّ البلوغ؟
ج- خلق الله تعالى الإنسان من روح وجسد، وأودع فيه مجموعة من الغرائز، فبعضها يحرّك الإنسان ليأكل ويشرب ويتنفّس وغيرها، وبهذه الأمور يتمّ الحفاظ على الجسد، وبعضها ينمو في مرحلة البلوغ، والهدف منه استمرار النوع الإنسانيّ، وبدون هذه الغرائز لن يحصل الزواج، وبدون الزواج لن تكون ولادات ولا استمرار للبشر، وهكذا ينقطع النسل البشريّ، فوجود هذه الغرائز ضرورة لاستمرار البشر.
أختي العزيزة: عليك أن تتّبعي طريق الحقّ، وتتصرّفي مغ غرائزك ضمن الحدود التي رسمتها الشريعة الإسلاميّة، ولا تتّبعي الهوى والشيطان، فإنّ اتّباع الهوى والشيطان يفسد الفتاة كما ويساهم في إفساد المجتمع، ويوم القيامة تكون العاقبة شديدة.
10
5
القسم الأول: التكليف عند الفتاة
6- لا أعرف ما هي وظائفي الشرعيّة في مرحلة البلوغ، وأستحيي من أن أسأل عن ذلك، فما هو تكليفي؟
ج- يجب على كلّ مكلّف أن يتعلّم الواجبات لينفّذها، وأن يتعلّم المحرّمات ليتركها ويجتنبها. وهناك وسائل عديدة يمكن للمكلّفة من خلالها أن تتعرّف إلى التكاليف الشرعيّة، منها: سؤال الأم، والمتخصّصات في شؤون التربية الدينيّة في المدارس، والهيئات النسائيّة، والكشّافة. ويمكن سؤال عالم الدين ولو عبر الهاتف، وغير ذلك.
وعلى الجميع أن يُدرك أنّ بعض الأمور الشرعيّة ينبغي للإنسان المؤمن أن يسأل عن تكليفه ووظيفته تجاهها، حتّى ولو كان السؤال يعرّضنا للخجل والحياء لأنّ معرفة الأحكام الشرعيّة أهمّ من كلّ شيء في حياتنا.
11
6
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
1- هل يعتبر إظهار العشق معصية؟
ج- العشق هو تعلّق القلب بشخص ما أو بشيء ما، وهو درجة عالية من الحبّ، وقد يرتقي هذا العشق إذا كان مصحوباً بالعفاف والطهارة إلى درجة يصير معها أمراً في غاية القدسيّة، سواء أكان المعشوق هو الله تعالى، أو المخلوق، كأن تعشق المرأة زوجها، وترتقي في عشقها له إلى درجة عالية، وهذا ممّا يدعو إليه الشرع، وفيه سعادة المرأة في الدنيا والآخرة. أمّا إذا خرج العشق من دائرة العفاف والطهارة وتحكّمت به الغريزة الحيوانيّة فيدخل في مصيدة الشيطان وحبائله.
وإذا أرادت الفتاة الزواج من شاب فلا مشكلة في حبّها له إذا كان ضمن الضوابط الشرعيّة، وراعت المسائل التالية: ترك النظر واللمس والكلام بطريقة غرائزيّة محرّمة، مع مراعاة الستر الشرعيّ. وعليها أن تكون محتشمة في علاقاتها معه. إذ إنّه ما دام لم يُجرَ عقد الزواج فهو لا زال كغيره ممّن يجب مراعاة الضوابط الشرعيّة معه.
13
7
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
2- تعرّفت إلى شابّ أصغر منّي بثلاث سنين، ويريدني أن أكون حبيبة له لمدّة معينة، لكنّني أشعر بالذنب، من فضلكم أرشدوني.
ج- الحبّ الحقيقيّ هو رباط مقدّس- إذا كان في محلّه- لا مجال معه لأن يميل قلب الحبيب عن حبيبه. أمّا الحبّ الذي تتحدّث عنه الفتاة فإنما هو شهوة وغريزة، يريد الشاب من خلاله أن يشبع غرائزه مع الفتاة ثمّ يتركها.
زعموا أنّ شّاباً كان يلاحق فتاة، ويبثّها كلمات الحبّ والهيام، وهي تبعده عنها، لعلمها أنّه مخادع، وجلّ ما يريده هو إشباع شهواته ليس إلّا. وفي يوم من الأيّام وعندما كان يعلن عن حبّه لها، أخبرته أنّ شقيقتها أجمل منها، وهي تقف خلفه، فنظر الشّاب وراءه فلم يجد أحداً، فقالت له الفتاة: هل رأيت؟ أنت لا تحبّني، لأنّك لو كنت تحبّني لما اشتغل قلبك عنّي ولو للحظة لكي ترى شقيقتي، وتركته.
لذلك نقول للأخت الكريمة إنّ ما تسأل عنه ليس حبّاً، بل هو شهوة بكلام جميل، فاحذري منه، وإذا كان فعلاً يحبّك فلتكن محبّته عبارة عن الإحترام والتقدير وليس لإشباع الغرائز.
14
8
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
3- ما هو حكم التواصل عبر الإنترنت مع الجنس الآخر؟
ج- الإنترنت هو من وسائل الاتّصال الهامّة في عالم اليوم إذا أحسنت الإستفادة منه، والتواصل من خلاله ليس محرّماً، ولذا يجوز التواصل عبر الإنترنت مع الجنس الآخر، إذا كان ضمن الضوابط الشرعيّة، أي إذا بقي الحديث في دائرة الالتزام والاتّزان والاحتشام. أمّا إذا خرج من هذه الدائرة إلى الكلام الماجن والخلاعيّ، أو أصبح مثيراً للشّهوة أو اللذّة فإنّه يحرم، ويُنهى عن استخدامه في هذا المجال.
15
9
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
4- كيف يمكننا أن نحول دون إيجاد علاقات غير مشروعة بين الجنسين في المجتمع؟
ج- طرح الإسلام جملة من الحلول للحؤول دون حصول هذه المشكلة، منها:
الأوّل: الزواج المبكر، فإنّه يحقّق للشابّين الإشباع الجنسيّ بمقدار يساعد على تجنّب إقامة علاقات غير مشروعة.
الثاني: التحلّي بمكارم الأخلاق، كعامل يساعد على تجنّب الاختلاط الذي يؤدّي إلى إثارة الغرائز، والامتناع عن مشاهدة البرامج المصوّرة التي تثير الشهوات، ورعاية العفّة والاحتشام.
الثالث: الالتزام بالمثل الأعلى وهو الله- تبارك وتعالى-، من خلال الاقتداء بالنبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام وإطاعتهم، والتشبّه بهم، والتحلّي بصفاتهم التي كلّها حسنة.
الرابع: إشغال النفس بأشياء أخرى مفيدة وتجنّب الفراغ.
الخامس: التفكير الدائم بالموت وما بعده، وبيوم الحساب وما بعده.
5- إذا تجاوزت العلاقة بين الشّابّ والفتاة الحدود، وأصبحت تشكّل خطراً عليهما، ما السبيل إلى قطع هذه العلاقة؟
ج- لعلّ الصراحة هي الأسلوب الأنجح في إنهاء هذه العلاقة، ويكون ذلك بذكر المخاطر المترتّبة عليها، فإن تمّت الاستجابة لذلك، وحلّت المسألة بشكل موثوق فيه، كان به، وإلّا فيجب
التعامل معها بحكمة لحلّها، ومسألة الورع عن محارم الله لا تحتمل التأخير.
16
10
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
6- كلمة "عشق" لم ترد في القرآن الكريم، فهل يعني هذا أنّ القرآن لا يولي أهمّيّة للعشق؟
ج- العشق هو شدّة التعلّق والميل إلى شيء آخر، وهو قد يكون ممدوحاً فيما إذا تعلّق بمورد صحيح كعشق الله عزّ وجلّ وأهل البيت عليهم السلام أو الزوج الصالح أو الزوجة الصالحة، وقد يكون مذموماً إذا تعلّق بمورد غير جائز شرعاً كعشق رجل أجنبيّ أو امرأة أجنبيّة، قال الله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ (آل عمران:14)، فحبّ الشهوات من متاع الحياة الدنيا، وهو زائل، وليس ممّا يوصل إلى سعادة الحياة الآخرة.
وإذا كان هناك من وصف لحال الحبّ والوله الذي وصلت معه العلاقة إلى مرتبة عالية من الذوبان في المحبوب الممزوج بالشهوة، فهو الشغف، وهذا حال امرأة العزيز مع النبيّ يوسف عليه السلام، التي أحبّت يوسف إلى درجة أنّها لم تعد تهتمّ إلاّ به، وحاولت اقتراف الزنى معه، قال تعالى: ﴿امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ (يوسف: 30).
17
11
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
7- كيف تتمكّن الفتاة من أن تعرف رأي شخص تحتمل أنّه يحبّها؟
ج- إنّ الحبّ الحقيقي بما أنّه أمر قلبيّ فهو لا يمكن معرفته إلّا من خلال الآثار الناتجة عنه، وذلك من خلال شدّة الاهتمام بالمحبوب، والمعاملة الحسنة معه، والاحترام والتقدير له، ونحو ذلك من الافعال والتصرّفات الكاشفة عنه.
إذا كان فعلاً يحبّها لا بدّ له من أن يقدم على خطوة يبيّن لها فيها ميله تجاهها، وهذا أمر طبيعيّ ومتعارف عليه، أمّا إذا لم يظهر ميوله نحوها، فعليها أن لا تتسرّع وتربط أفكارها به.
أمّا إذا كانت الفتاة مصرّة على معرفة ميوله نحوها، فننصحها بأنْ تطلب المساعدة من أحد الأشخاص الموثوقين، يطمئنّ له ذلك الشخص، مع التشديد على أن يخفي الشخص المساعد هدفه من الفحص والسؤال، وأن لا يُظهر رغبة الفتاة بمعرفة رأي الشخص حتّى لا تَظهر الفتاة بمظهر يُستشعر منه أنّها تعمل على استدراج ذلك الشاب مع ما يعني ذلك من مهانة لها.
8- إذا اطمأنّ شخص بأنّه لا يقع في المعصية، فهل يجب عليه الحدّ من ارتباطه بالجنس المخالف؟
ج- إذا اطمأن الشخص بأنّه لا يقع في المعصية، فهذا لا يعني الانفتاح في العلاقات مع الجنس الآخر بل ينبغي الاقتصار على موارد الحاجة التي لا بد منها، إذ إنّ الإنسان لا يضمن عواقب الأمور، وهو على الأقلّ لا يضمن مشاعر الطرف الآخر.
18
12
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
وقد رسم الله- سبحانه وتعالى- الطريق المشروع في إقامة علاقات بين الجنسين، وأكّد على تجنّب حالات التواصل التي قد يُستشعر منها ولو بنسبة ضئيلة الوقوع في المحذور. نعم لو كانت الفتاة مطمئنّة إلى وضعها في تواصلها مع الجنس الآخر، فيجوز لها التواصل مع الجنس الآخر بشرط التزام الضوابط الشرعيّة. أمّا إذا شعرت الفتاة بأنّ هذا التواصل سيؤدّي بها إلى المعصية فإنّ عليها الاجتناب وقطع علاقتها به دون تردّد.
9- كنت أشعر بنقص عاطفيّ من أسرتي تجاهي، فأقمت علاقة عاطفيّّة بشاب، والآن أحاول أن أتخلّص من هذه المعضلة، أرجوكم أرشدوني إلى كيفيّة الخلاص منها.
ج- إنّ النقص العاطفيّ لا يعوّض من طريق علاقة عابرة وغير شرعيّة بشاب، وهي كمن يستجير من الرمضاء بالنار، فإذا ما انتكست هذه العلاقة فإنّها تكون بمنزلة مصيبة تحلّ على الفتاة، وإذا ما تصاعدت هذه العلاقة فإنّها لا شكّ ستجرّ عليها الوبال أيضاً، وهي في كلّ الأحوال معصية.
ولذا فإنّنا ننصح هذه الفتاة بقطع هذه العلاقة فوراً ودون تأخير. وريثما تتوصّل إلى حلّ لمشكلتها، ننصحها بالتواصل مع صديقة وفيّة، أو أن تشارك في بعض الأنشطة الاجتماعيّة أو الرياضيّة أو الثقافيّة، أي في المجال الذي تسمح به قدراتها وإمكاناتها، أو ما توفّر لها ممّا تسمح به هذه الإمكانات، ولا تنسَي الدعاء والصدقة.
19
13
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
10- ألا يجوز للشاب والفتاة أن يكونا ودودَين أحدهما تجاه الآخر؟ وهل الحبّ جريمة؟
ج- يجب أن نميّز بين نوعين من العلاقة:
أ- علاقة تنتج الحبّ، فإذا كان بهدف الزواج، فهذا أمر مشروع نشجّعه وندعو إليه، بشرط أن تكون العلاقة ضمن الضوابط الشرعيّة.
ب- علاقة تثير الغرائز والشهوات وتؤدّي إلى الوقوع في الحرام وحبائل الشيطان، وهذا ما ندعو إلى الابتعاد عنه.
ولذلك ينبغي على الفتاة والشاب أن يتعرّفا إلى مفهوم الحبّ الحقيقيّ، لقيام علاقة سليمة بينهما، وهو الحبّ المبنيّ على العفاف والطهارة والاحترام.
11- هل من مشكل في أن تنشأ بين الشّاب والفتاة علاقة صداقة، يستطيعان من خلالها مساعدة بعضهما بعضاً في الدراسة- مثلاً-؟ ولماذا يُنظر إلى أيّ علاقة تعاون بينهما سلباً؟
ج- الصّداقة بمفهومها الحقيقيّ تقوم على الاحترام والأمانة والثقة والتعاون والمساعدة للصّديق، ونصحه وإرشاده، وبغير ذلك لا تكون العلاقة بين شخصين صداقة.
وقد مدح الإسلام الصّداقة القائمة على الاحترام والودّ المتبادل، كما في سائر الأديان والمعتقدات، ودعا إلى إنشاء صداقة مع أشخاص جدد، فضلاً عن الحفاظ على الأصدقاء القدامى.
20
14
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
ولذلك نجد أنّ الإسلام في شريعته السمحاء يميّز بين العلاقة القائمة على الشهوة والغريزة، وتلك القائمة على الوفاء والإخلاص، فإذا كانت العلاقة بين الشاب والفتاة هي تلك العلاقة التي يسعى الشاب من خلالها إلى إشباع شهواته وغرائزه الجنسيّة فهذه ليست صداقة، وإنّما هي رفقة سوء، أقام من خلالها علاقة أشبع بها غرائزه، وترك الفتاة لمصيرها، بعد أن عبث بشرفها وعزّتها وكرامتها.
ولذلك يجب أن تُحكَم العلاقة بين الشّاب الأجنبيّ والفتاة بضوابط شرعيّة من عدم اللمس والنظر المحرّمين، ومن عدم الكلام والأفعال المثيرة للشّهوة والغرائز، ومن عدم المخافة في الوقوع في الفتنة والمفسدة ولو في المستقبل. وهذه الضّوابط يصعب تحقيقها في الكثير من العلاقات، فكيف إذا ارتقت العلاقة إلى مرتبة الصّداقة بينهما؟ فإنّ الصّداقة حالة تزداد فيها الروابط بينهما على نحو لا تخلو فيه من حرام من هنا وحرام من هناك. ولو حصلت هكذا صداقة فستفقد الفتاة صفة الصلاح والعفّة وتصير معرّضة للأذى من الفسّاق.
وعليه نقول إنّه لا مانع من التعاون فيما بين الفتاة والشّاب، ولكن في ضمن جوّ من الاحتشام، حيث لا يكون اللقاء في خلوة أو في مكان بعيد عن أعين النّاس، حيث لا يكون الشّيطان ثالثهما، وحيث إغراءات الشيطان أكبر من أن تقاومها فتاة لم تحصّن نفسها بالتقوى، ولا عاشت تجربة تجعلها تعي مصلحتها في الدّنيا والآخرة.
21
15
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
12- شاب في مرحلة المراهقة، أقام علاقة حبّ بفتاة، على أن تنتهي بالزّواج، ما رأيكم بهذه العلاقة؟
ج- عند قيام أيّ علاقة حبّ بين الجنسين، فإنّه ينبغي للشّابّ والفتاة الحذر في هذه العلاقة حتّى ولو كان الهدف منها الوصول إلى الزواج، باعتبار أنّ الشخص في هذه المرحلة تنقصه التجربة والوعي والخبرة في الحياة، وليس محصّناً بالتقوى. أمّا لو حصلت هذه العلاقة بهدف الزواج في أجواء طبيعيّة وهادئة وضمن الضّوابط الشّرعيّة مع الاستفادة من تجارب الآخرين فلا مانع منها، ولكن إذا أخلّت الفتاة أو الشاب بهذه الضّوابط وانصرفت إلى الملامسة المحرّمة أو النّظر المحرّم أو الكلام المثير وما إلى ذلك فإنّها لا شكّ تُدخل نفسها في المعصيّة...
كما ينبغي لنا الالتفات إلى أنّه على الفتاة والشاب أن يكونا حذرين في إقامة العلاقة مع الجنس الآخرحتّى لو كانت هذه العلاقة وفق الضوابط الشرعيّة، وذلك لقلّة تجاربها، وعدم كفاية التحصّن بالتقوى في هذه المرحلة، وإلّا فخوف الوقوع في الأخطاء وفي المحرّمات كبير.
22
16
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
13- هل يجوز للفتاة أن تعجب بالشّاب وتصف جمال وجهه، وعينيه؟
ج- يجوز النظر إلى وجه الشاب إذا لم يكن فيه إثارة شهوة أو تحريك غريزة. وأمّا إذا كان النظر يثير الشهوة أو يحرّك الغريزة فلا يجوز.
أمّا الإعجاب فإنّه إن كان ناشئاً عن إثارة شهوة أو تلذّذ فلا يجوز، وإن لم يكن ناشئاً عن ذلك فيجوز إذا لم يترتّب عليه مفاسد أخرى (كازدراء الفتاة).
14- هل يجوز للفتاة أن تذهب إلى الملاهي مع شاب لتشرب العصير- فقط-، وذلك لتتسلّى قليلاً؟
ج- إنّ وجود الفتاة مع شاب في هكذا أمكنة لا يخلو- غالباً- من مفاسد كإثارة الشهوة أو هتك حرمة الفتاة، فإذا حصل ذلك كان حراماً. وننصح الأخت بأنْ تتسلّى بأمور لا توصلها إلى
المعصية. وإذا كان لا بدّ من لقاء شابّ فلتسعَ بغير هذه الطريقة إلى إقامة علاقة سليمة تنتج زواجاً شرعياً.
23
17
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
15- هل يجوز للفتاة أن تذهب مع الشاب "خطيفة" لأنّ أهلها رفضوا تزويجها منه؟
ج- قبل أن تفكّر الأخت باللجوء إلى "الخطيفة" عليها أن تدرس موضوع العلاقة بهذا الشاب بحكمة ورويّة، فلا تتسرّع لأنّ الإقدام على هذه الخطوة قد ينجم عنه مشاكل أو يعقّد العلاقات، فإمّا أن تقنع أهلها بزواجها أو أن يقنعوها. فإذا كان النقاش مع الأهل غير ممكن فلتطلب المساعدة ممّن تحتمل أنّه يؤثّر فيهم لإيجاد جوّ من الحوار الهادىء والنقاش البنّاء.
ولذلك فإنّ الإقدام على هذه الخطوة فيه من المخاطر ما قد لا يمكنّك من أن تتحمّلي عواقبه، لذلك ننصحك بتجنّب القيام بها، لأنّ كثيرات ممّن ذهبن "خطيفة" ندمن في مستقبل أيامهنّ، لأنّ الفتاة عندما تختلف مع "خاطفه" تكون في موقع ضعيف، وقد يصل بها الحال إلى أن لا تجد ملاذاً لها عند أهلها أو من يحميها، لذلك نقول للأخت العزيزة حاولي أن تكوني عاقلة وحكيمة، ولا تحكّمي الشهوة العابرة على عقلك وحكمتك، حتّى لا تفقدي سعادتك في الدنيا والآخرة.
كما نلفت انتباه الأخت الكريمة إلى أنّ موضوع "الخطيفة" له مترتّباته في مجتمعاتنا، بحيث يؤدّي إلى نزاعات وصراعات بين النّّاس، وربّما يوصل إلى حال من التقاتل، وهي في كلّ
الأحوال- أي "الخطيفة"- تؤدّي إلى علاقات متوتّرة، فإذا أرادت الأخت أن تصل إلى السعادة فأين هي هذه السعادة؟ لا سيّما أنّ أهلها قد يشعرون بالانكسار والمهانة، ما قد يدفعهم إلى ما يسمّى ب-"غسل العار"، وما ينتج عن ذلك من أعمال انتقاميّة وارتكاب للجريمة.
وأمّا من الناحية الشرعيّة ففي المسألة صورتان:
24
18
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
الأولى: إذا لم تكن الفتاة راشدة (إنْ لم تكن تميّز بين الحسن والقبح، وكان إدراكها العقليّ غير مكتمل) فلا يجوز لها العقد بدون إذن وليّها.
الثانية: إذا كانت راشدة وكانت بكراً فالأحوط وجوباً الاستئذان من وليّ أمرها بالإضافة إلى إذنها.
16- هل يجوز للفتاة أن تتخيّل بعض الرجال الذين يعجبونها، كأن يقبّلها أحدهم أو يقترب منها...؟ علماً بأنّ هذا يحدث في الخيال فقط.
ج- إذا كان التخيّل يؤدّي إلى اللذّة والشهوة فيُحرم، لأنّ كلّ ما يحرّك الشّهوة بين غير الزوجين فهو حرام، حتّى لو كان هذا التخيّل من خلال قراءة الكتب، ونحو ذلك.
وهذا التخيّل له مفاسد خطيرة، فإنّه كالشرب من ماء البحر، فكلّما شرب الظمآن منه ازداد عطشاً، وكذلك هذه التخيّلات، فكلما تخيّلت الفتاة صورة شهوانيّة ازدادت رغبتها بذلك، وانشغل فكرها بالمزيد، لأنّ الشيطان يستغلّ هذه الفتاة ليبعدها عن ربّها. لذلك نقول للأخت الكريمة أشغلي فكرك بصورة مفيدة، وابتعدي عن كلّ ما يثير الشهوة عندك.
25
19
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
17- فتاة عندما تتحدّث مع شاب أو تشاهد فيلماً تلفزيونيّاً عن الحبّ تشعر بأنّ هناك شيئاً ما فيزيولوجياً يحدث في داخلها، وهي تشعر برغبة شديدة بمشاهدة هكذا أفلام. هذه الفتاة بكر غير متزوّجة، ما هي نصيحتكم لها؟
ج- إنّ ما يحدث مع هذه الفتاة هو إثارة الشّهوة والّلذة، وهو من النظر المحرّم سواء أكانت الفتاة متزوّجة أم عزباء، وسواء أكانت ثيّباً أم بكراً. وهي مأثومة.
ولذلك ننصحك أختي العزيزة بإشغال وقتك بأمور أخرى. ولا يجوز لك فعل ما يوجب إثارة اللذّة والشهوة، واصبري حتّى يوفّقك الله تعالى للزواج الشرعيّ. وتأمّلي في هذا الكون، وما فيه من عجائب وغرائب، تدلّ على عظمة الخالق، كما تأمّلي في محطّات الحياة الإنسانيّة منذ بدايات مرحلة تكوّن الإنسان، وما يمرّ بها من مراحل، وصولاً إلى مرحلة الموت، وليكن التوقّف مليّاً عند هذه اللحظة وما بعدها في هكذا أوقات، لتساعدي نفسك على الابتعاد عن حبائل الشيطان.
26
20
القسم الثاني: في العلاقات بين الجنسين_العشق- التواصل
18- لماذا لا يجوز للرجل أن يصافح المرأة الأجنبيّة؟
ج- إذا كانت المصافحة بدون ساتر، بأن كانت بملامسة بشرة الرجل لبشرة الفتاة، فهي حرام ومعصية. وأمّا إذا كانت من وراء الساتر (كما لو كان كلاهما أو أحدهما يرتدي قفّازات، مثلاً) فتجوز المصافحة إذا لم يكن فيها شهوة ولا غمز (شدّ)، وإذا كان فيها شهوة أو غمز فلا تجوز.
وهذا التحريم يثبت للرجل وللفتاة احتراماً خاصّاً، فلكلٍّ منهما حرمة واحترام،من حيث هو إنسان ولا يجوز لكلّ منهما فعل ما يُوجب إثارة الشهوة فإنّ الله- تعالى- يقول: ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً﴾ (الإسراء:23)، ولا شكّ أنّ المصافحة من مقدّمات هذه الفاحشة.
27
21
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
1- هل يوجد تاريخ دقيق لارتداء الحجاب؟
ج- منذ أن خلق الله تعالى الإنسان فطره على التستّر، وبما كان يتوافر في الطبيعة، فاقتصر الستر عنده على جزء من الجسد "العورة على الأقلّ"، وربما كان هذا الستر كاملاً وبما ينسجم مع طبيعة حياته وظروف معاشه. وقد تختلف مظاهر هذا الستر بين الستر الكامل والستر الجزئيّ، ففي الوقت الذي كانت فيه المجتمعات الدينيّة تدعو إلى الالتزام بالستر، نجد أنّ المجتمعات غير الدينية، تدعو إلى التزام جزئيّ بالستر. ولكنّ الستر بتفاصيله الحاليّة بدأ من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد هجرته إلى المدينة المنوّرة. والستر الواجب في الإسلام هو الستر الأرقى والأكمل.
2- ما هي فلسفة الحجاب في الإسلام؟
ج- الستر أو الحجاب هو من القضايا التي تزيد من كمال المرأة ومن جمالها المعنويّ، ويحفظها ويصونها من الاعتداء عليها، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ...﴾(الأحزاب: 59). والآية تدلّ على أنّه يجب على المرأة أن تستر جميع بدنها، لأنّه بالستر تصبح أقرب إلى أن تُعرف بأنّها من أهل الستر والصلاح، فإذا عُرفت بذلك فلا يؤذيها أهل الفسق بالتعرّض لها. وهذا ما يجعلها محصّنة من النظر الملوّث لها، ومن عيون السوء، هذا إذا كان حجابها متكاملاً.
وهذا ما يُلمس بوضوح مع وجود النساء المحجّبات في أماكن العمل حيث يساعد الحجاب
29
22
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
على إيجاد جوّ من الأمان من تعرّض غير المحارم لهنّ، وهنّ يقمن بوظائفهنّ، وذلك بخلاف التبرُّج
وترك الحجاب وإلقاء الستر في الأماكن التي تكثر فيها العلائق بين الرجل والمرأة، حيث تبقى المرأة عرضة لسهام النظرات المشبوهة، ما يجعلها في حال من عدم الأمان، وربّما وصل الأمر بها إلى الوقوع في الخطيئة.
وقد أكّدت العديد من الدراسات والاستطلاعات أنّ من الأسباب الأساسيّة لانهيار القيم في بعض المجتمعات هو خروج المرأة بدون حجاب واختلاطها بالرجال، ما أدّى إلى الانجرار إلى الشهوات، حتّى بات إشباعها همّاً أساسيّاً يتقدّم على ما سواه.
أختي العزيزة: يكفي للاقتناع بالحجاب أن تعرفي أنّ الذي فرض الحجاب هو خالقك، وهو من وهبك نعمة الوجود، وهو الذي رزقك هذا الجسد. وإذا كنت تحبّين خالقك فعليك إطاعته، على الأقلّ أطيعيه شكراً على ما أنعمه عليك إن لم يكن خوفاً منه ولا حبّاً له.
3- ما هي الأمور التي يجب أن تراعيها الفتاة في حجابها أو سترها؟ وبالتالي ما هي مواصفات الحجاب الكامل؟
ج- يشترط في الساتر ليكون شرعيّاً ثلاثة أمور:
الأوّل: أن يستر جميع البدن ما عدا الوجه والكفّين.
الثاني: أن لا يكون الساتر بحد نفسه زينة أي ملفتاً لنظر الأجنبيّ، وموجباً للشهوة والتلذّذ.
الثالث: أن لا يكون لباس شهرة، وهو أن لا يكون مخالفاً لما اعتادت النساء على لبسه.
30
23
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
4- هل من الجائز التستّر بالبنطلون أو اللباس الذي يبرز حجم ومفاتن البدن مقابل الأجنبيّ؟
5- هل يعتبر من الستر تحجُّب الفتاة بحجاب الموضة من دون أن تقلّد في أفعالها الأخرى أصحاب الموضة؟
6- ما هو حكم اللباس ذي الألوان الفاقعة والملفت للنّظر أمام الأجانب؟
7- ما هو حكم ارتداء الألبسة الضيّقة أو التي تحرّك الغريزة؟
8- هل يجوز لبس الثياب الرقيقة غير الشفّافة؟
ج- جميع هذه الأسئلة تندرج في إجابة واحدة:
لمّا كان الحجاب لإظهار صلاح المرأة واحترامها فهو ثقافة خاصّة وليس مجرّد ستر للبشرة، فلا يجوز أن يكون ملفتاً أو ذا ألوان فاقعة أو مثيراً للغريزة أو مبرزاً للمفاتن، لأنّ إبراز الّلباس لمفاتن الفتاة لا يشير إلى أنّها من أهل الصلاح، وهو لا يوجب النظرة المحترمة لها، لذلك يجب عليها أن ترتدي الواسع من الثياب الذي يحفظ عفافها وصلاحها واحترامها.
31
24
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
9- لماذا يتقدّم الشباب لخطوبة الفتاة غير المحجّبة في حين يحجمون عن المحجّبة؟
ج- إنّ الكثير من الشباب المتديّنين بل الأكثر يتزوّجون المحجّبات فهناك فرق بين من يريد الزواج من الفتاة وبين من يريد إقامة علاقة غرائزيّة، نعم يوجد بعضهم ممّن يتقدّم من غير المحجّبة لجملة أمور، منها ما يكون بسبب حبّ شهوانيّ ينشأ عن إبراز مفاتن المرأة وحركاتها وكلماتها، ومنها ما يكون بسبب الثّقافة التي يحملها الشاب وإن كان مؤمناً، حيث يعمل لاحقاً على إلباسها الحجاب، وقد يوفّق إلى ذلك وقد لا يوفّق. لذلك فإنّنا ننصح الشابّ المؤمن باختيار المؤمنة المحجّبة.
ولا يعني ذلك أنّ الفتاة المتحلّلة من الحجاب هي غير خلوقة، بل ربما تملك من صفاء السريرة وحسن الخلق ما قد يغيب عن كثير من المحجّبات، ولكنّ الخُلق لا يرقى إلى كماله إلّا بالحجاب، وهو دون ذلك يبقى ناقصاً، وقد ترغب هذه الفتاة بارتداء الحجاب ولكن قد يكون المانع من ارتدائها الحجاب سبباً عائليّاً أو اجتماعيّاً أو ما شاكل ذلك. وعلى كلّ حال فهذا ليس سبباً لتتخلّى الفتاة عن حجابها، والله تعالى هو المستعان على أمورنا وأمورها.
10- ما هو حكم إظهار بعض الشّعر من تحت الحجاب أمام الأجانب؟
ج- يجب ستر تمام البدن ما عدا الوجه والكفّين، ولذا لا يجوز إظهار بعض الشعر أمام الأجنبيّ عمداً، فإنَّ الشعر أحد الجمالين كما ورد في الحديث.
32
25
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
11- لماذا يجب على المرأة أن تستر من بدنها مقداراً أكبر من الرجل؟
ج- إن الرجال أكثر حسّاسيّة من النساء فيما يتعلّق بالمؤثّرات البصريّة، فهم يتأثّرون بجميع أجزاء بدن المرأة، بينما النساء لسنَ كذلك. فنظر الرجل إلى بدن المرأة يؤثّر في غرائزه بشكل كبير، ولهذا نجد النساء يتّجهن نحو تطوير أزيائهنّ بشكل مستمرّ، لمعرفتهنّ بأنّ الرّجال يتأثّرون بسرعة بأجسادهنّ وبما يبرزنه من مفاتن من خلال الألبسة الفاضحة.
ومن هنا أوجب الإسلام على المرأة الحجاب والستر وفرض عليها لباساً خاصّاً.
12- ما حكم مخالطة أفراد العائلات اللواتي لا يلتزمن بالحجاب؟
ج- إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على درجات، لذلك ينبغي مراعاة الظروف وطبيعة الأشخاص الذين نتحدّث إليهم، لنتمكّن من تحديد الطرائق التي نستخدمها مع هذه العوائل:
أوّلاً: إذا تحقّقت شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجب على الأخت أن تأمرهم بالمعروف وتنهاهنّ عن المنكر بالأسلوب المناسب.
ثانياً: إنّ الاختلاط بهذه العائلات جائز في نفسه، وذلك فيما إذا لم يترتّب على الاختلاط مفسدة. مثلاً: إذا كان الاختلاط بهنّ يؤدّي إلى تمسّكهنّ بالسفور أو كان ترك مخالطتهنّ يؤدّي إلى تمسكّهنّ بالحجاب فيصير الاختلاط حراماً. أمّا إذا لم يترتّب على المخالطة شيء من ذلك فلا يكون حراماً.
33
26
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
13- إذا لم تتوفّر شروط النهي عن المنكر بين الأقارب ألا يُسقط ذلك وجوب صلة الرحم؟
ج- إنّ صلة الرحم لا ترتبط بممارسة الواجبات أو ترك المحرّمات، بل هي مطلقة في حالَتيْ الامتثال للتكاليف وعدمها، لذلك ينبغي أن لا تقطعي صلة الرحم في مثل هذه الحالات.
14- أليس من الأفضل أن يكون الحجاب اختياريّاً في بلدنا؟
ج- إنّ الله- سبحانه وتعالى- عندما أوجب الحجاب على المرأة، إنّما أوجبه عليها لكونها إنساناً قبل أن تنتمي إلى هذا البلد أو ذاك. أوجبه لأنّه- سبحانه- يرى لها فيه مصلحة كبيرة.والله تبارك وتعالى يبغض للمؤمنة أن تفعل ما فيه مفسدة شديدة. وإذا كانت الأخت تنظر إلى أنّ بلدنا يتميّز بتنوّع طوائفه ومذاهبه ومشاربه الثقافيّة والفكريّة، فإنّ هذا لا يعفي الفتاة المؤمنة من الالتزام بتعاليم دينها. نعم لا يحمل علماؤنا السيف في بلدنا ليجبروا الفتاة على الحجاب، ولكنّهم يحذّرونها من مخالفة تعاليم الله، ويلفتون نظرها إلى مفاسد السفور ومصالح الحجاب.
34
27
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
15- ألا يُعتبر لبس الشادور الأسود مكروهاً في حال الصلاة؟
ج- يُكره في الصلاه لبس الثوب الأسود للرّجال والنّساء ما عدا الخفّ والعمامة والكساء، ومن هذه الفتوى نفهم أنّ لبس الشادور الأسود ليس مكروهاً، لأنّه كساء، والكساء هو العباءة بأنواعها.
16- أظنّ أنّه لا يُعتنى بي عندما أخرج وأنا محجّبة، كيف تفسّرون ذلك؟
ج- إنّ بعض الرجال – مع الأسف – يهمّهم أن تكون الفتاة سافرة ومتبرّجة كي يمطروها بوابل من سهام نظراتهم الشهوانيّة فهم لا ينظرون إليها باحترام وتقدير بل باستغلال وشهوة. ولكي تحمي الفتاة نفسها ولا تقع فريسة هذه النظرات، أوجب الإسلام عليها الحجاب، ليعرف الفسّاق أنّها صالحة وعفيفة ومضمونة، وبذلك لا يتعرّضون لها بالأذى.
ولذلك فإنّك عندما تخرجين بحجابك ولم تتمكّن عيون هؤلاء الرّجال من ملاحقتك، تكونين بذلك قد قمت بما يرضي الله تعالى، وحقّقت لنفسك صفة الصلاح والعفّة والاحترام، وهذا لا يعني أنّ الناس لا تهتمّ بك.
فالنظر إليك- أختي العزيزة- بشهوة لا يحقّق الصلاح لك، ولا يعني أنّ الناظرين إليك بشهوة يهتمّون بك، بل هدفهم الأساسيّ افتراس جسدك، ولا يعنيهم مَن أنت ومَن تكونين.
35
28
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
17- هل الحجاب من ضروريّات الإسلام؟
ج- لقد ذكر مجموعة من الفقهاء أنّ أصل الحجاب هو من ضروريّات الدين الإسلاميّ الحنيف.
18- هناك العديد من النّساء اللواتي يرتدين العباءة، ولكنّني أرى أنهنّ لا يلقن بها، لأنّهنّ يفتقدن القلب الطاهر والسريرة النقيّة، ما رأيكم في ذلك؟
ج- إنّ الحجاب هو من الواجبات المفروضة على الفتاة المكلّفة، وهو لا يعني بمفرده تمام الشريعة السمحاء، بل المطلوب هو أن تتحلّى كلّ فتاة كما كلّ رجل بطهارة القلب وصفائه وسلامته، والابتعاد عن الوساوس وعمّا حرّم الله تعالى. وارتداء الحجاب وحده دون سائر التكاليف لا يكفي. نعم لو رأينا فتاة محجّبة تقوم بمخالفة الشرع في أمور أخرى، فهذا لا يعني أنّها تخطئ بارتدائها الحجاب، بل هي تخطئ في الأمور الأخرى.
ولذلك نقول للفتاة التي ترتدي الحجاب إنّه يجب عليها المحافظة عليه، ولا تجعل من نفسها عرضة لغضب الله ولألسن الآخرين، هذا إذا كانت حريصة على سمعتها في المجتمع، فضلاً عمّا يخلّفه ذلك من سلبيّات على الوضع الإيمانيّ للملتزمات بشكل خاصّ والمجتمع المتديّن بشكل عامّ. وعليه ننصح أخواتنا بأنْ يظهرن بأحلى صورهنّ الإيمانيّة، سواء في جمال الأخلاق وصفاء السريرة وطهارة القلب، أو بالحجاب، لأنّ في ذلك- كما ذكرنا- حفظاً وحماية لهنّ وللدّين.
وعليه ندعوكنّ- أيتها الفتيات- إلى التمسّك بالأسوة والقدوة الأساسيّة المتمثّلة بالنبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وآله الأطهار. وقدوتكنّ في مسألة الحجاب هي السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام. ولا
36
29
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
تجعلن أخطاء غيركنّ تؤثّر في التزامكنّ الدينيّ، فالوسواس كما يكون من الجِنّة كذلك يكون من الناس، وأخطاء غيركنّ لا تبرّر لكنّ أن تخطئنَ.
19- هل ورد في القرآن الكريم آية تتحدّث عن حجاب الفتيات؟
ج- ورد في القرآن الكريم أكثر من آية حول الحجاب:
ومن هذه الآيات قول الله تعالى: ﴿... قُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ...﴾(النور: 31).
في هذه الآية الكريمة نهيٌ عن إظهار المرأة لمواضع الزينة، فالخُمُر ما تغطّي به المرأة رأسها وينسدل على صدرها، والجيوب هي الصدور، والمعنى: وليلقينَ بأطراف مقانعهنّ على
صدورهنّ ليسترنها بها، بعدما كان كشف الصدور معهوداً، فيما كان ما سوى ذلك معهود الستر، فبيّنت الآية الكريمة وجوب زيادة الستر. وقد ذكر العلاّمة الطباطبائي في تفسيره (الميزان) أنّ سبب النزول هو ما ورد في الرواية التالية:
"استقبل شابّ من الأنصار امرأة بالمدينة، وكان النساء يتقنّعن خلف آذانهنّ، فنظر إليها وهي مقبلة، فلمّا جازت نظر إليها، ودخل في زقاق قد سمّاه ببني فلان، وجعل ينظر خلفها، واعترض وجهه عظمٌ في الحائط أو زجاجة فشقّ وجهه، فلمّا مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فقال: والله لآتينّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأخبرنّه... فأتاه، فلمّا رآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ما هذا؟ فأخبره، فهبط جبرائيل بهذه الآية...".
37
30
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
وقال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ...﴾(الأحزاب: 59). وقد مرّ بعض الكلام عنها.
20- ما حكم ارتداء الألبسة التي تعتبر ترويجاً للثقافة الغربيّة؟
ج- بالنسبة إلى ما يعتبر ترويجاً للثقافة الغربيّة فيه صورتان:
الأولى: إن كان ينشر ثقافة معارضة للثقافة الإسلاميّة فهو حرام.
الثانية: إن لم تكن ثقافته معارضة للثقافة الإسلاميّة ولا يعتبر ترويجاً للكفر فلا يُحرم.
وأمّا تحديد كونه يعارض الثقافة الإسلاميّة، فلا بدّ من الرجوع إلى العرف لفهم المسألة.
21- كيف يكون لباسي شرعيّاً؟
ج- لعلّه من مجموع ما تقدّم يظهر لك حكم اللباس الشرعيّ، أن يستر البدن، ويكون فضفاضاً بحيث لا يحكي حجم أو شكل مفاتن الجسد، وأن لا يكون شفّافاً وتكون الألوان والموديل الذي فيه غير ملفت للنظر، بحيث لا يعدّ زينة بحسب العرف.
38
31
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
22- لماذا لا يجوز وضع مساحيق التجميل (makeup) على الوجه؟ وهل يجوز الصلاة به؟
ج- لا مانع من وضع مساحيق التجميل على الوجه، وإظهارها أمام النّساء وأمام الرّجال المحارم، وقد يكون إظهارها للزوج أمراً حسناً، أمّا ما عدا ذلك فإنّ الأمر حرام، فلا يجوز وضعها بواسطة رجل أجنبيّ "من غير المحارم"، ولا يجوز إظهارها على الوجه أمام الرجال الأجانب. وعليه يمكننا القول ليس هناك مشكلة في وضع هذه المساحيق، بل تكمن المشكلة في إظهارها أمام الأجانب.
أمّا في الصلاة، فإن كانت هذه المساحيق تشكل حائلاً يمنع من وصول الماء إلى البشرة، عندها لا يتحقّق الوضوء، ومن المعروف أنّ الوضوء هو مقدّمة للصلاة، فإذا فسد الوضوء، لا تتحقّق الصلاة، وإن لم تعدّ هذه المساحيق حائلاً أو توضأت قبل وضعها، فيصحّ الوضوء وتصحّ الصلاة أيضاً. وهكذا فإنّ المساحيق ليست مانعاً بحدّ ذاتها من الصّلاة، إن كان الوضوء صحيحاً.
39
32
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
23- أرى بعض المحجّبات والمرتديات للعباءة يكذبن وأخلاقهنّ سيّئة، لذلك أفضّل أن أبقى بدون حجاب وعندي صدق وأخلاق، فهل هذا صحيح؟ وما هو رأيكم؟
ج- أختي العزيزة: المطلوب منك أن يكون عندك صدق وأخلاق فاضلة، وأن ترتدي الحجاب، ولا تكون الأخلاق كاملة بدون الحجاب. وأمّا بعض المحجّبات الفاسدات فلسن القدوة كي تتأثّري بهنّ، بل القدوة الصالحة لك هي السيّدة فاطمة بنت محمّد عليهما السلام.
ومع الأسف نجد بعض المحجّبات يكذبن، فيقدّمن عن المحجّبات صورة سلبيّة تنعكس سلباً على مجتمع المتديّنات، وكذلك فالعديد من غير المحجّبات يكذبن- أيضاً-، ولهنّ أخلاق سيّئة، فكيف قبلت- أختي العزيزة- الاقتداء بهنّ في اللباس؟ فلو كان الكذب وسوء الخلق من بعضهن مانعاً من الاقتداء بهنّ فماذا تفعلين؟ فبعض الكاذبات محجّبات، وبعضهنّ الآخر غير محجّبات، فهل تحجّبين نصف جسدك وتتركين النصف الآخر بلا حجاب؟ فلتكن السيّدة فاطمة عليها السلام قدوتك في الحجاب وفي الصدق وحسن الخلق، واتقي الله.
24- هل يجوز لبس الثياب الرقيقة الشّفافة وغير الشّفافة؟
ج- لا يجوز لبس الثياب الشّفّافة حتّى لو كانت جوارب.
وأمّا الثياب غير الشّفافة فلا يجوز لبس ما كان ملفتاً منها، وما لم يكن ملفتاً وكان ساتراً بشكل صحيح فيجوز.
40
33
القسم الثالث: الستر والحجاب_المواصفات والأحكام
25- هل يجوز للأستاذ أن يقترب منّي ليشرح لي بعض المسائل؟ وقد يقترب منّي حتّى أنّه يلتصق بي أحياناً، فهل هناك مساحة شرعيّة ينبغي أن تكون بين الشاب والفتاة ؟
ج- لا بدّ من وجود مساحة بين الأستاذ أو أيّ شاب وبين الفتاة، وهذه المساحة تسمّى في علم النفس بـ"الحريم"، وهذا يتحدّد من خلال الاختصاصيّ أو من خلال العرف، والمطلوب شرعاً هو عدم حصول ما يثير الأحاسيس والمشاعر الجنسيّة، أو ما يثير الريبة (أي ما يوصل إلى الحرام). والتصاق الأستاذ أو الشاب بالفتاة لا مجال له، لأنّه يتلازم في الأغلب مع الإثارة وهو حرام. ومن خلال الوقائع نعلم أنّ البعض يتعمّد ذلك لإشباع غرائزه الجنسيّّة.
و من المخاطر التي يمكن أن تترتّب على هذا العمل إثارة الشهوات وما ينتج عنها من وساوس قد توصل إلى مقدّمات الزنى، بل قد توصل إلى الزنى نفسه، وبذلك يُغضبان الله تعالى ويفقد الطرفان الثقة فيما بينهما، وتهتزّ صورة الصلاح بينهما، والابتعاد عن العفّة والاحترام.
41
34
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
1- هل يمكن للشاب والفتاة أن يتحدّث أحدهما مع الآخر بشأن الزواج؟
ج- الأحاديث بين الشاب والفتاة على نحوين:
الأوّل: إن كان الحديث لتهيئة أمور الزواج فيجوز، كما لو تحدّثا عن أمور المهر والعقد والبيت والأثاث، أو تحدّثا عن رغبات كلّ منهما وهواياتهما، وعمّا يحبّان وما يكرهان وما شاكل ذلك، أو كان الحديث ليتعرّف كلّ منهما إلى أخلاق وصفات الآخر، فكلّ هذه الأمور تجوز شرعاً إن كانت في أجواء محتشمة خالية من المفاسد والشهوات.
الثاني: إن كانت الأحاديث عاطفيّة تثير الشهوات، وتحقّق اللذّة أو الريبة فهي محرّمة، وهذه الأمور لا تجوز إلّا بعد عقد القران وليس قبله. كما أنّ الخلوة بينهما بدون وجود شخص ثالث هي غير جائزة ولا تخلو من الحرام، ولا مانع من الخلوة إذا كانت على عيون أشخاص موجودين لهم الحرمة والاحترام.
43
35
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
2- ما هي معايير الزوج الصالح بالنسبة إلى الفتيات؟
ج- هناك جملة أمور منها، أن لا يكون:
سيّئ الخلق.
مخنّثاً.
فاسقاً.
شارباً للخمر.
بخيلاً.
وفي المقابل أن يكون خلوقاً، كريماً، ورعاً يخاف الله ويحفظ حدود دينه، وأن يكون مع الإمكان من عائلة مناسبة، وذلك لانتقال أخلاق الأب والأم والأجداد إلى الأولاد...
3- ما هي حدود ولاية وليّ الفتاة عليها؟
ج- الأبّ والجدّ للأبّ لهما ولاية التزويج على البنت البكر الرشيدة "التي تحسن التصرف"، لذلك لا يحقّ لها أن تتزوّج إلّا مع رضاها وإذن أحدهما على الأحوط وجوباً. وما ينبغي الإشارة إليه أنّه لا يكفي إذن الولي وحده، بل لا بدّ من موافقتها.
كما أنّه لا يحقّ للوليّ أن يمنعها من الزواج بالكفؤ شرعاً وعرفاً إلّا مع وجود كفؤ آخر، وذلك لأنّ ولاية الوليّ في الأصل هي لمصلحة الفتاة، وليس للوليّ السعي فيما يفسد أمرها.
44
36
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
4- لماذا كان إذن الأب شرطاً في تزويج البنت دون الشابّ؟
ج- أوّلاً: يشترط في ولاية الأب في التزويج أن لا تكون فيها مفسدة للفتاة. فإذا كان في تصرّف الوليّ مفسدة تسقط ولايته، ولا ولاية له بهذا الاعتبار. ومن ذلك يتبيّن أنّ ولايته في هذا المجال محدودة وليست مطلقة. بل على الوليّ مراعاة وجود المصلحة لابنته.
ثانياً: إنّ الملاحظات المأخوذة من الواقع تثبت أنّ إمكانيّات خداع الفتاة وبأساليب كثيرة موجودة، ولذا كانت الولاية للأبّ والجدّ للأبّ لإعانتها على التزويج، ومساعدتها كي لا تخدع "مع الإمكان".
ثالثاً: إنّ بعض الفتيات يتجلببن بلباس الحياء، وهذا ما قد يمنع الفتاة من اختيار الزوج المناسب فكان الوليّ حلّاً لهذه المشكلة أيضاً.
رابعاً: إنّ الشاب هو الذي يقدم على اختيار الفتاة وبيده أمر طلاقها إذا ظهرت غير صالحة، بينما الفتاة لا يكون الطلاق بيدها، لذلك تحتاج إلى رعاية ونصيحة أبويّتين، حتّى لا تقع فريسة زوج لا يخاف الله تعالى.
خامساً: إنّ تجربة الشاب أعمق في مسألة الزواج منها عند الفتاة، حتّى ولو كانت تجارب بعضهم ضعيفة، ولكن في الإجمال خبرة الشاب الاجتماعيّة في مسألة الزواج غالباً ما تكون أعمق...
45
37
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
5- هل يجوز للفتاة أن تقيم علاقة حبّ وغرام مع شاب بحجّة أنّه سيكون زوجها في المستقبل؟
ج- إنّ إقامة علاقة غرام مع شاب دون عقد زواج تتنافى مع الشرع وعفّة الفتاة وصلاحها واحترامها. وقد نهى الله- سبحانه وتعالى- عن إقامة علاقات غير مشروعة، قال تعالى: ﴿... مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ...﴾(النساء: 25)، والمحصنة هي العفيفة، وقد قيل: إنّ المراد بالسفاح الزنى جهراً، وباتّخاذ الخدن هو الزنى سرّاً، وقد نهى المولى تبارك وتعالى عن الزنى سواء أكان سرّاً أو علناً.
والخِدْن هو الصديق، وقد أتى به المولى- عزَّ وجلَّ- بصيغة الجمع، وذلك للدلالة على الكثرة، فمن يأخذ صديقاً للفحشاء لا يقنع بالواحد والإثنين فيه، لأنّ النفس لا تتوقّف عند حدّ إذا أطيعت فيما تهواه.وهذه العلاقة لا تضمن الوصول إلى الزوجيّة في المستقبل، فقد يتراجع الشاب عن العلاقة مع هذه الفتاة ليقيم علاقة مع أخرى، بل الفتاة نفسها قد تسعى لإقامة علاقة مع الآخرين، فإنّ النفس لأمّارة بالسوء إلاّ ما رحم ربّي، وليس هكذا تُبنى الشخصيّة السليمة، ولا هكذا يُبنى المجتمع السليم.
46
38
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
6- هل يعتبر حضوري درساً لدى استاذ أحبّ الزواج منه معصية؟
ج- إن كانت- الأخت العزيزة- تحضر الدرس بلباس محتشم، وكانت كلماتها وحركاتها وجلستها محتشمة، ولم يكن لديها مشاعر شهوانيّة (كالشهوة واللذّة)، فلا مانع من هذه الجهة من حضور الدرس. فالحبّ مع العفاف لا مشكلة فيه من الناحية الشرعيّة. ومع عدم الاحتشام أو مع خوف الوقوع في الشهوة واللذّة والمفاسد فهو حرام شرعاً.
إذاً المسألة في نفسها ليست حراماً، وإنّما تثبت الحرمة مع وجود اللذّة والشهوة أو خوف الافتتان والوقوع في الحرام.
7- ما هو حكم الزواج من الأقارب؟
ج- لا مانع من الناحية الشرعيّة من حصول الزواج بين الأقارب في نفسه، والخوف إنّما يكون من المترتّبات على هذا الزواج، كأن ينجبا ولداً مشوّهاً- مثلاً-، نعم يُنصح الشاب والفتاة بإجراء فحوصات مخبريّة يمكن من خلالها معرفة صلاحيّة الطرفين للزواج بلحاظ الإنجاب أو عدمه، وهذه الفحوصات مطلوبة حتّى من غير القريبين.
47
39
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
8- ما يجب عليّ فعله حتّى يُفكّ قفل الحظ؟
ج- المطلوب أوّلاً وبشكل جوهريّ الصبر على هذا الواقع واللجوء إلى الله تعالى يقول- تعالى-: ﴿مَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾(الطلاق:2-3). ويمكن إشغال الفكر والبدن بأمور مفيدة،إذ "لعلّ الذي أبطأ عنّي هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور".
وثانياً: هناك أمور مذكورة في كتب الأدعية لعلّها تفيد هذه الفتاة، كالتصدّق، مع كثير من الأوراد والأدعية المطروحة، مع الاعتماد على الله والاستعانة به.
9- هل يجب أخذ إذن الوليّ في الزواج المؤقّت من فتاة فقدت بكارتها من الحرام؟
ج- إذا لم تكن الفتاة راشدة فيجب تحصيل إذن الوليّ، وإن كانت راشدة فالأحوط وجوباً عليها تحصيل إذن الوليّ.
10- لماذا لا تستطيع الفتاة طلب الزواج من الرجل؟
ج- من النّاحية الشرعيّة لا مانع من أن تطلب الفتاة الزواج من الرجل، فهذا الأمر جائز شرعاً في نفسه، ولكنّ المشكلة تكمن في أمرين:
الأوّل: حياء المرأة، فالحياء- غالباً- يمنع الفتاة من الإقدام على هذه الخطوة.
الثاني: نظرة المجتمع، فكثير من المجتمعات لا تتقبّل فكرة أن تطلب الفتاة الزواج من الرجل، وقد يقوم الناس بإهانتها والتقليل من احترامها. وهذه الناحية قد توقع الفتاة في الإشكال لو أقدمت على هذه الخطوة. أمّا شرعاً فلا مانع من الطلب من حيث المبدأ.
11- لماذا يحقّ للرجل الزواج من أربع، ولا يحقّ للمرأة الزواج بأكثر من رجل؟
ج- يمكن إرجاع الموضوع إلى عدّة أسباب، منها:
الأوّل: إنّ الرجل إذا تزوّج أربع نسوة كان الولد منسوباً إليه، من أيّ زوجة من الزوجات الأربع، ولا يضيع النسب. أمّا المرأة فلو كان لها زوجان أو أكثر من ذلك لم يُعرف الولد لمن هو من هؤلاء "الرجال" المشتركين في الزواج بها، وفي ذلك فساد الأنساب والمواريث والمعارف.
الثاني: إنّ النّساء أكثر عدداً من الرّجال عادة، خاصّة في أوقات الحروب، حيث يُقتل الكثير من الرجال فيصير عدد النساء أكثر، ولأجل إيجاد التوازن يسمح للرجل بالزواج بأكثر من إمرأة بحسب قدراته.
12- يشترط إذن الوليّ في تزويج البكر، ألا يعتبر ذلك منافياً لحرّيتها؟
ج- إنّ اشتراط إذن الوليّ هو لمصلحة الفتاة، فإذنه في الأصل والمبدأ ليس للإضرار بها، بل لمساعدتها لبلوغ طريق الصلاح، والابتعاد عن الانخداع. ولو أنّ الوليّ منع الفتاة من الزواج بالكفؤ شرعاً وعرفاً تسقط ولايته إلّا إذا كان يوافق
48
40
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
على خاطب آخر كفؤ شرعاً وعرفاً.
ولكي نحدّد ما إذا كان اشتراط إذن الوليّ يتنافى مع حرّيّة البنت، علينا أن نعرف ما المقصود بالحرّيّة، فهل المقصود بها الانغماس في الشهوات والملذّات بدون ضوابط؟ أم هي تلك التصرّفات والأعمال التي تنطلق من مسؤوليّة؟
فالحرّيّة التي تتغلّب فيها الشهوات والأهواء ليست بحرّيّة، والسعي وراءها ليس من الأهداف
49
41
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
السامية للإنسان بشيء، وإنّما هي رضوخ وعبوديّة للشهوة والرغبات، ممّا يحقّق الفساد للانسان ولمجتمعه. فالحرّيّة الحقيقيّة هي في أن ترسم الفتاة لنفسها هدفاً صالحاً سامياً أو أهدافاً متعدّدة تنطلق نحوها سعياً منها لتحقيقها.
ولذلك ندعوك، أختي العزيزة، إلى أن تحرصي على التفاهم مع والدك أو جدّك لأبيك والتحاور معهما بحكمة وعقلانيّة، ويمكن من خلال ذلك أن تصلي إلى شاطىء الأمان.
13- هل هناك إشكال شرعيّ في الخطوبة بين الشابّ والفتاة قبل الزواج؟
ج- تجوز الخطوبة بدون عقد قبل الزواج بشرط أن يتعامل كلّ منهما مع الآخر معاملة الأجنبيّ، فلا يجوز اللمس مطلقاً ولا النظر إلّا إلى الوجه والكفين من الفتاة، كما لا يجوز الكلام أو الفعل أو ما شاكل ذلك إذا كان يؤدّي للشهوة أو اللذّة أو الوقوع في الحرام والمفسدة.
14- ما العمل إذا أراد أحد الوالدين إجبار ابنتهما على الزواج ممّن لا ترغب؟
ج- لا يجوز لأحد أن يجبر الفتاة على الزواج من أحد، سواء أكان هذا الشخص وليّاً كالأب، أو لم يكن وليّاً كالأمّ. فلا يصحّ تزويج البكر الراشدة إلّا برضاها. ولو أُجبرت على الزواج دون إرادتها فيكون الزواج باطلاً، لأنّه يُشترط في صحّة التزويج عدم الإكراه السالب للإرادة. ولتحاولْ الفتاة أن تستعين بمن يحاول الإصلاح بينها وبين والديها.
50
42
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
15- ما هي السنّ الأنسب للزواج؟
ج- يجوز شرعاً للفتاة الزواج بعد البلوغ حتّى لو كانت في العاشرة أو التاسعة، ولا مانع من ذلك من الناحية الشرعيّة في المبدأ.
نعم المطلوب تهيئة الظروف المناسبة لهكذا زواج، حتّى لا تقع الفتاة فريسة زوج لا يرحم ولا يحترم زوجته. وعلى الوليّ عندما يريد تزويج ابنته الصغيرة أن يضع نصب عينيه تقوى الله والخوف منه تعالى حتّى لا يسبّب لابنته مشاكل لا يمكنها تحمّلها ولا معالجتها.
16- هل يحقّ للشّابّ والشابّة أن يزور كلّ منهما الآخر من أجل التعرّف إلى خصوصيّاته الأخلاقيّة بهدف الزواج؟
ج- يجوز هذا الأمر ضمن الشرطين التاليين:
الأوّل: أن لا يحصل في هذه اللقاءات لمس أو نظر محرّمان، ولا كلام أو فعل أو ما شابه يسبّب إثارة شهوة أو لذّة، أو حصول مفسدة ومحرّم فيما بعد.
الثاني: أن لا يختلي الإثنان في مكان لا يدخله ثالث. ومع مراعاة هذين الشرطين فلا مانع من اللقاء والحديث والتعارف...
51
43
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
17- هل تحتاج الفتاة التي عُقد قرانها ولم تُزفّ إلى بيت زوجها إلى إذن الأب والأم لخروجها من المنزل، أو أنّه يكفي في ذلك إذن الزوج؟
ج- حسب مكتب السيّد القائد ليس له منعها من الخروج ولا تحتاج إلى إذنه، إلّا إذا اشترط عليها في العقد أن لا تخرج إلّا بإذنه، أو تباينا على ذلك أثناء العقد..
وأمّا من ناحية الوالدين فلا بدّ من تحصيل رضاهما وعدم إسخاطهما.
18- أنا فتاة تقدّم لي شباب كُثُر من أجل الزواج، ولم أوافق على أيّ واحد منهم، لا أدري ماذا أفعل.
ج- لم تذكر الأخت العزيزة أسباب رفضها للزواج بكلّ هؤلاء، فإن لم يكن هناك أسباب موضوعيّة لرفض بعضهم فإنّنا نقترح على الأخت أن تطلب مساعدة من بعض مَن يحسنون إدارة الأمور وتوجيهها نحو الأحسن، وأن تناقش معهم شؤون الخاطب، فإذا رأوا أنّ المتقدّم مناسب لها استجابت لرأيهم وأقدمت على الزواج، ولتترك التردّد جانباً. وإن لم تستطع، فالمناسب أن تشكو مشكلتها إلى عالم دين خبير، فإن لم يكن، فإلى اختصاصيّة في شؤون علم النفس. ولعلّ الرجوع إلى الخيرة يكون آخر الحلول، مع الاستعانة بالله تعالى أوّلاً وأخيراً.
52
44
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
19- هل يجوز للفتاة أن تحبّ خارج إطار الحياة الزوجيّة؟ وأنْ تحبّ أكثر من شابّ؟
ج- إذا كانت الفتاة متزوّجة فيكون هذا الأمر غاية في الخطورة، فليس من المقبول أبداً أن ترتبط المتزوّجة برجل آخر، فأين احترام الحياة الزوجيّة؟ بل أين قداستها؟ وهذا الأمر لا يرتّب ضرراً على بيت الزوجيّة فحسب، بل هو يساهم في تفكّك المجتمع، وضعف البنية الأساسيّة فيه، ما يضعف هكذا مجتمع، وقد يصير معرّضاً لسيطرة الأعداء عليه. ومن الناحية الشرعيّة فإنّ علاقة الزوجة مع غير زوجها خطيئة عظيمة. وقد تحدّثت الشريعة الإسلاميّة عن المتزوّجة المحصنة التي تزني. وقد أوجبت الشريعة رجم هكذا امرأة حتّى تُقتل. فأيّ خطيئة أكبر من هذه بالنسبة إلى المرأة؟ فاحذري أختي العزيزة من وساوس الشيطان، ولا تسلّميه نفسك، وإلاّ فيورثك الحسرة والندامة. وإذا لم تكن متزوجة فلا مجال لأي علاقة حبّ لأكثر من شابّ، ولا مجال لعلاقة حبّ مع شابّ واحد إذا كان يترتب على ذلك إثارة الغرائز.
53
45
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
20- تقدّم لخطبتي شاب، فنجلس معاً، ونتحدّث لنتفاهم على تفاصيل الحياة الزوجيّة، وأثناء الكلام يقول لي: حبيبتي، عمري، يعني كلام حبّ، فهل يجوز ذلك؟
ج- إنّ مجرّد البناء على الزواج بين شاب وشابّة لا يبرّر لأيّ منهما ما لا تجوز المحادثة به مع الأجنبيّة، كالكلام المثير للشهوة. وما دام العقد لم يتحقّق بينهما فهي أجنبيّة عنه، ويجب عليه وعليها مراعاة الضوابط الشرعيّة في المحادثة بينهما. وعليك أختي العزيزة بالمحافظة على العفّة والصلاح والاحترام، وبعد الزواج تتكلّمان بما تشاءان.
21- لماذا يتقدّم الشاب دائماً للفتاة الجميلة، ويترك الأخريات ممّن ليس لهنّ حظّ من الجمال؟ ألا يُعتبر هذا ظلماً في حين أنّهنّ من خلق الله؟
ج- إنّ الجمال أمر نسبيّ، فرُبَّ فتاة تكون جميلة بنظر شخص ولكنّها قد تكون غير جميلة بنظر شخص آخر، والقضيّة تتبع مزاج الشابّ ومعيار الجمال عنده. هذا أوّلاً.
وثانياً: في الواقع لو أجريت مقارنة بين الزيجات الحاصلة بين من تعتبرينهنّ جميلات وبين غيرهنّ، لوجدتِ أنّ كثيرات منهنّ لا يتمتعنّ بمقياس الجمال الذي تؤمنين به.
وثالثاً: إنّ من فقدت جمال الجسد "بحسب قناعتك" يمكنها أن تعوّض عنه بجمال الروح، فكم من إمرأة حسناء تربّت في منبت السوء، وهي لا تنفع كزوجة صالحة. ومن كان جمالها الجسديّ فقط هو رصيدها فسيأتي يوم تصبح فيه بلا رصيد، وأمّا جمال الروح فيبقى.
54
46
القسم الرابع: العلاقات الزوجيّة_معايير وشروط إقامة العلاقات
ورابعاً: إنّ كثيراً من الجميلات يتخلّفن عن تحصيل الكمال من الثقافة والعلم والوعي بينما غير الجميلات يحصلن على كمالات أخرى تعوّض بها ما فاتها من جمال الجسد.
22- هل الزواج بيد الله أم الإنسان؟ وما معنى أنّ الزواج قسمة ونصيب؟
ج- الزواج بيد الإنسان، إلّا أنّه لا يمكن لإنسان أن يتصرّف خارج قدرة الله ومشيئته. أمّا أنّ الزواج قسمة ونصيب فمعناه أنّ لكلّ شخص ما قسم الله تعالى له من شؤون الزواج، وأنّ الزواج مسألة حظّ وليست مسألة اختيار. ولكنّ هذا المثل لم يرد في نصّ معتبر، أو من أولياء الله تعالى. ونحن نعتقد أنّ الله تعالى يسّر لعباده أمورهم ما استعانوا به واعتمدوا عليه. وهذا المثل يُضرب في بعض المجتمعات لإسكات بعض النّاس الذين فشلوا في زواجهم، أو لم يتزوّجوا، ولكنّنا نؤمن بأنّ بإمكان الإنسان أن يسعى للوصول إلى الكمال، بمراجعة أهل الخبرة والحكمة، والاستعانة بالله تبارك وتعالى.
55
47
القسم الخامس: العلاقة بين الأمّ وابنتها
1- لماذا لا تقبل أمّي أن أدخّن النرجيلة ما يدفعني إلى الإقدام على تدخينها خفية عنها؟
ج- إنّ نهي الأم عن النرجيلة في محلّه تماماً، وهو واقعيّ، فالنرجيلة أخطر من لفائف التبغ، لأنّها توصل سمومها إلى البدن مع الرطوبة، وهذا ما يسرّع دخول السموم إلى البدن ومضاعفة الخطر. والنرجيلة تسبّب تلوّثاً في البيئة، كما أنّها تسبب أو تساهم في اهتراء الرئة والجهاز التنفّسيّ، وهل من عاقل لبيب يعرف هذا ويواظب عليه؟
كانت النرجيلة هواية فصارت احترافاً، وصار الكثير من النّاس يمضون جلساتهم على لهب النرجيلة ودخانها وسمومها، هذا فضلاً عن الآثار الاجتماعيّة التي تترتّب على فعل الفتاة، باعتبار أنّه يظهرها بمظهر غير لائق بأنوثتها وعفافها وهي تجلس مع الشباب الأجانب تدخّن النرجيلة وتعبّ من دخانها وسمومها.
فإذا لم تقبل الأم بهذا فهي تبحث عن مصلحة ابنتها، ولو قبلت الأمّ به فليس على الفتاة أن تمارسه. فنِعْمَ الأم هي التي تسعى لمصلحة ابنتها، وتحاول أن تبعدها عمّا يضرّها ويفسدها.
57
48
القسم الخامس: العلاقة بين الأمّ وابنتها
2- لماذا لا تقبل أميّ أن ألبس على ذوقي مع أنّ لباسي شرعيّ؟
ج- إذا كان الّلباس ساتراً لتمام البدن، باستثناء الوجه والكفّين، وإذا لم يكن ملفتاً ولا مثيراً، وكان متعارفاً عليه، فلبسه جائز. فإذا كان بهذه الصفات فلا مانع من أن تلبسه الفتاة. وأنصحها بأن تناقش والدتها بالأسلوب الحسن وبالحكمة، لعلّها تصل معها إلى حلّ مناسب لهما.
وننصح الأم بأن تيسّر أمور ابنتها، فإن كان لباس ابنتها محتشماً فلتغضّ النظر، وإن لم يكن محتشماً فعلى الأم نهيها عن المنكر وأمرها بالمعروف.
3- كيف أستطيع أن أكسب رضا أمّي ورضا أبي؟
ج- المطلوب من الأولاد والبنات تجاه الوالدين هو أن يقوموا بمعاملة الوالدين بما يرضي الله تبارك وتعالى، فإذا حصّل الولد رضا الله مع الوالدين، يكون الولد قد قام بما عليه، فإن نجح مع والديه يَشكر، وإن لم يفلح أسلوبه، فيصبر ويستعين بالله تعالى على أموره.
ولذلك نجد أنّ أهمّ أمر يطرحه الإسلام على الأولاد والبنات هو ترك العقوق، فعقوق الوالدين من المحرمات الكبائر، والعقوق هو الإساءة إلى الوالدين. ومن الأمور المهمّة التي ينبغي على كل شاب وفتاة ممارستها مع الوالدَين ما يلي:
58
49
القسم الخامس: العلاقة بين الأمّ وابنتها
يبرّ أمّه وأباه.
يؤثرِ هواهما على هواه.
يطيعهما فيما لا يُغضب الله تعالى.
يستكثر برّهما به وإن كان برّهما قليلاً.
يستقلّ برّه بهما وإن كان برّه كثيراً.
يخفض صوته لهما.
يطيّب لهما كلامه، وذلك بأن يحسّن ويلطّف لهما كلامه، برعاية المروءة والحياء والاحتشام.
يلين لهما عريكته، بأن يسلس لهما خُلُقه.
يجعل قلبه عطوفاً عليهما.
يرفق بهما.
يشفق عليهما.
يغفر لهما أخطاءهما نحوه، بل أن يهب لهما هذه الأخطاء والتقصير.
يحترمهما.
هذه من صفات الكمال ومن أخلاق الأنبياء والأولياء عليهم السلام، فاجتهدي ما أمكنك للالتزام بهذه الصفات، وإن لم تتمكّني منها كلّها فبعضها، وعلى رأسها ترك العقوق.
59
50
القسم الخامس: العلاقة بين الأمّ وابنتها
4- لماذا لا تقبل الأمّ أن تخرج الفتاة إلى بيت عمّها؟
ج- إنّ العمّ من المحارم، ويشجّع الشرع الإسلاميّ الحنيف على التواصل مع المحارم والأرحام، ويحرّم قطع العلاقة معهم. وقد تتحقّق الصلة بالزيارة، وقد تتحقّق بالسؤال وإرسال السلام، ولا يشترط في صلة الرحم أن تكون بالزيارة.
أمّا منع الأم فيحتاج معرفة سببه إلى دراسة الأمر مع الأم مباشرة، فلعلّ هناك مشكلة لا نعرفها، ولذا لا نستطيع أن نحكم على تصرّف الأم، إلّا من خلال دراسة دقيقة للمعطيات. وننصح الأخت العزيزة بأن تناقش الأمر بهدوء مع أبيها وأمّها لتقنع أمّها أو يقنعها والداها. .
5- لماذا تعاقب الأمّ الفتاة؟
ج- تفرض المعاملة السليمة سلّة من الأنظمة والقوانين، بحيث تتحقّق الإثابة في الموارد التي يجب أن تثاب فيها الفتاة على أفعالها، وتتحقّق فيها العقوبات بحيث يكون العقاب المناسب للخطأ المناسب، ولكن بشرط أن تكون العقوبة لأجل التأديب وليس للانتقام، أو أن لا تكون منطلقة من غضب أو من حقد أو انفعال وما شاكل.
وعليه فإنّه ينبغي لنا قبل إصدار الأحكام، معرفة الموارد التي ينبغي فيها العقاب أو التأديب، كما هو الحال في المدرسة، أو في المواقع التي يحتاج فيها المربّي لأن يعاقب. وبعبارة أوضح لا بدّ من وضع مبادىء معيّنة، يتحدّد بموجبها استحقاق العقوبة أو عدمه.
فإنّ الفتاة إذا لم تخطىء أو كانت قاصرة لا يصحّ العقاب ولا يجوز، مثلاً: لو أنّ الفتاة درست جيّداً، ومع ذلك رسبت في الامتحان فلا يجوز معاقبتها، لأنّها لم تقصّر. كما أنّه لا يجوز
60
51
القسم الخامس: العلاقة بين الأمّ وابنتها
الضرب المبرح والإهانات، وكذلك يُكتفى بالأقلّ من التأديب، فإذا كان الولد يرتدع بالأقلّ فلا يجوز الأكثر، وإذا كان يقنع بالكلام فلا يجوز ضربه، كما وأنّه إذا ندم على فعلته فلا يجوز معاقبته، وهكذا.
ولو بلغت الفتاة فلا يجوز ضربها إلّا في مجالات محدودة جدّاً، كما لو أصرّت على فعل الحرام ولم ترتدع إلّا بالضرب فيجوز إذا لم يكن الضرب مبرحاً. ونقول للأم إنّه لا يجوز لها أن تضرب ولدها أو ابنتها إلّا بإذن ولي الأمر.
أختي العزيزة: أحياناً يكون عقاب الأم لمصلحتك فقد يردعك عن الأخطاء. حاولي أن تصلحي أخطاءك واصبري على الأذى، ولكن ناقشي أمّك بحكمة لعلّ الأمور تتحسّن بينكما. وكثيراً ما ترتكبين أخطاءً ولكنك لا تعرفي أنّها خطأ أو لا تعترفين بذلك فانتبهي لنفسك جيّداً، ولو كان عقاب أمّك لك خطأً فسامحيها، فالله تعالى يحبّ المسامحين.
61
52
القسم الخامس: العلاقة بين الأمّ وابنتها
6- أمّي تحفظ أسرار الآخرين ولا تحفظ سرّي.
ج- أختي العزيزة: حاولي أوّلاً أن تكتمي أسرارك ما أمكنك إلى ذلك من سبيل، وما لم تستطيعي كتمه، وأفشته أمّك فكلّميها، فإن لم تقنع، حاولي بالهدوء والحكمة نهيها عن ذلك، بإخبارها أنّ هذا منكر لا يرضاه الله تعالى. وبعض الأمّهات يعتقدن أنّ الإخبار عن بناتهنّ أمر طبيعيّ وعاديّ ولا مشكلة فيه. بيّني لها خطأها، فإن لم يمكن، فعظيها بالحسنى، فإن لم يمكن، فاصبري وحاولي مناقشة ذلك بهدوء مع أمّك وأبيك معاً.
7- تميّز أمّي في المعاملة بين الأولاد، وخاصّة أختي الأصغر منّي. أرشدوني إلى كيفيّة التعامل السليم معها.
ج- المطلوب من الوالدين إظهار الودّ لأولادهما جميعاً، كما عليهما إظهار الرحمة والشفقة على الجميع، وإسباغ الرعاية الحسنة لهم.
وقد حُذّر الوالدان من التمييز بين الأولاد، فإنّ التمييز غالباً ما يخلق مشاكل عند بعض الأولاد، وهذا ما حدّثنا عنه القرآن الكريم في معاملة النبيّ يعقوب عليه السلام لابنه يوسف عليه السلام، حيث كان يُظهر له المحبّة بشكل أكبر من أخوته، ما أدّى إلى ظهور الحسد عند إخوة يوسف عليه السلام مع أنّهم أولاد أنبياء، فكيف بالبيوت العاديّة؟
أختي العزيزة: إن كنت راشدة فعليك التحلّي بالصبر والحكمة، واحملي تصرّفات أمّك على الأحسن، فلعلّها كانت تميّزك كثيراً عندما كنت صغيرة، وهي تحاول- بحسب فهمها- أن تعطي أختك مثلما أعطتك. وحاولي أن تكلّمي والدتك بحبّ وتواضع حول هذا الموضوع، لعلّها
62
53
القسم الخامس: العلاقة بين الأمّ وابنتها
تنتبه وتوازن بين أولادها في تصرّفاتها. وحاولي مع أخواتك كتم أسرارك إلاّ عندما تحتاجين إلى نصيحة.
8- تأتي صديقاتي اللواتي لا أزورهنّ لزيارتي، أحياناً كلّ يوم، وأحياناً أخرى كلّ ثلاثة أيّام. فلا تستقبلهنّ أمّي باحترام، مع العلم بأنهنّ محترمات ولائقات في معاملتهنّ وتصرّفاتهنّ، ولا يذهبنّ إلّا لعندي فقط.
ج- لا بدّ من معرفة سبب تصرّف الأم، فقد يكون انزعاجها من وقت الزيارة، أو من كثرتها، أو لعلّها تخاف على ابنتها من تصرّفات بعض الصديقات، فلا مجال للحكم على هذا التصرّف بدون معرفة السبب. فننصح الأخت العزيزة بمحاولة مناقشة الأم ومعرفة السبب لمعالجته. كما ننصحها بأن تنظّم زيارات صديقاتها بأن لا تكون يوميّة، بل تكون في أوقات تناسب الأم ولا تزعجها.
63
54
القسم السادس: الموسيقى والغناء والرقص
1- ما هو حكم الغناء مع الرقص دون موسيقى، وكانت الفتاة بمفردها؟
ج- الغناء الذي يناسب مجلس أهل الفسق والفجور حرام سواء أكان مع موسيقى أو بدونها، وسواء أكان مع رقص أم لا، وسواء أكانت الفتاة بمفردها أم مع غيرها. وتزداد الحرمة مع الرقص اللهويّ.
2- هل الموالد (مدح أهل البيت عليهم السلام) حرام؟
ج- إذا كانت بنفس كيفيّة الغناء المحرّم فهي حرام، وإن لم تكن بأسلوب الغناء فهي حلال في المبدأ (وقد تصبح حراماً فيما إذا علمت باستماع رجل أجنبيّ لصوتها وكان صوتها مريباً).
3-ما هي أحكام الرقص: للزوج، وأمام النساء، وبالانفراد، وأمام الأجانب؟
ج- رقص الزوجة لزوجها حلال إذا لم يترافق معه ارتكاب محرّم كالغناء والموسيقى اللهويّة، أمّا الرقص أمام النساء أو كانت الفتاة وحدها فهو حلال إلّا إذا كان الرقص بكيفيّة لهويّة، أو كان مستلزماً لفعل محرّم أو لترتّب مفسدة فلا يجوز (سواء أكان مع موسيقى أم لا، وسواء أكان في الأعراس أو الموالد أو غيرها). أمّا الرقص أمام الأجانب فهو حرام على كلّ حال. وحرمة الرقص أمام غير الزوج ناشئة عن إثارة الشهوة، أو لما يترتّب عليه من مفاسد ومحرّمات.
65
55
القسم السادس: الموسيقى والغناء والرقص
4-ما حكم رقص الرجال؟
ج- إذا كان الرقص بكيفيّة تثير الشهوة، أو يستلزم فعلَ محرّم أو مفسدة فيكون حراماً أمام الرجال وأمام النساء الأجنبيّات. ويجوز رقص الرجل لزوجته إذا لم يترافق مع فعل محرّم كالغناء.
5-هل يجوز إلقاء الشعر بنبرة شعريّة أمام الرجال في الاحتفالات؟
6-هل تعلّم ترتيل أو تجويد القرآن الكريم من غير المحرم صحيح ؟
7-ما حكم الإنشاد أو قراءة القرآن للفتيات الطالبات أمام الرجال الأجانب؟
يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة الثلاثة بإجابة واحدة:
ج- يجوز ذلك إذا لم يستلزم إثارة شهوة أو لذّة، أو خوف الوقوع في المفسدة والحرام.
66
56
القسم السادس: الموسيقى والغناء والرقص
8- هل الموسيقى والغناء حلال؟ وما هو حكم الاستماع إليهما عندما يُبثّان من الراديو والتلفزيون؟ وهل يجوز للمرأة أن تستمع لأشرطة الغناء عندما تكون المغنّية إمرأة؟
ج- الموسيقى التي تُعدّ بنظر العرف من الموسيقى اللهويّة المتناسبة مع مجالس الّلهو والباطل هي الموسيقى المحرّمة، مهما كان اسمها أو وصفها. والموسيقى التي ليست كذلك لا بأس بها إن لم ينضمّ إليها محرّم آخر. والموسيقى المحرّمة لا تجوز سواء من جهة العزف أو من جهة الاستماع المباشر أو غير المباشر (على كلّ حال).
والغناء المحرّم هو صوت الإنسان مع الترجيع المناسب لمجالس اللهو والمعصية، أي ما يكون بألحان أهل الّلهو والفسوق، (والمقصود بالترجيع هو ترديد الصوت في الحلق وإدارته وخفضه ورفعه).
ويحرم فعل الغناء، واستماعه والتكسّب به، سواء أكان عبر الراديو أو التلفزيون أو الكاسيت أو مباشراً، أو غير ذلك، وهو حرام بلا فرق في استعماله في كلام حقّ من قراءة القرآن والدعاء والمرثيّة وغيرها، من شعر أو نثر، بل يتضاعف عقابه لو استعمله في ما يطاع به الله تعالى.
67
57
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
1- لماذ إرث البنت نصف إرث الغلام؟ ولماذا يفضَّل الرجال على النساء؟
ج- من المعروف أنّ الإرث يوزّع بين أبناء وبنات الميت على قاعدة للذّكر مثل حظّ الأنثيين. قال الله- تبارك تعالى-: ﴿يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ...﴾ (النساء:11).
والإيصاء هو العهد والأمر. وقد جاء توريث النساء في القرآن الكريم بعدما كانت الجاهليّة تمنع توريثهنّ.
ولكن ما هي الحكمة في جعل نصيب الرجل ضعفَيّْ نصيب المرأة في هذه المسألة؟ ذلك هو ما أشار إليه قوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ...﴾(النساء: 34)، والقوّام من القيام، وهو إدارة المعاش، والمراد بالفضل هو الزيادة في التعقّل، فإنّ حياة الرجل يغلب عليها الطابع العقليّ، بينما يغلب على حياة المرأة العاطفة والإحساس، ولذلك فإنّ ترك زمام المبادرة في التدبير والإنفاق بيد الرجل الذي ينفق من ماله أقرب إلى الصلاح من إعطائه يداً ذات إحساس عاطفيّ.
وفي مقارنة بسيطة في تداول الثروة الموجودة في الدنيا المنتقلة من الجيل الحاضر إلى الجيل التالي نلاحظ أنّ تدبير ثلثَيْ الثروة الموجودة يُسند إلى الرجال، وتدبير ثلثها الباقي يُسند إلى النساء، ولكنّ الله- سبحانه- وبمقتضى حكمته جعل التوازن في العلاقة بين الرجل والمرأة هو الأساس، فأوجب- سبحانه- على الرجل أن يدفع مهراً للمرأة الزوجة، كما أمر الرّجل بالإنفاق على زوجته، فتشاركه فيما حصل عليه من الثلثين، بينما يبقى ثلثها كما هو بل زاد بأخذها المهر، لأنّها ليست بحاجة إلى أن تنفق على نفسها (فيما لو كانت متزوّجة)، فيصير حاصل هذا التشريع أنّ للرجل ثلثي الثروة في الدين، ولكنّ عليه مصرف زوجته
69
58
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
ومهرها، فتقلّ ثروته عن الثلثين، بل قد تصل إلى الثلث. وأنّ ثلث المرأة بقي على ما هو بل زاد، وعليه تكون النتيجة هي العدالة بين الطرفين، ونلاحظ أنّ غلبة روح التعقّل على روح العاطفة في الرجل هي الأنسب والأصلح، والتدبير الماليّ بالحفظ والتبديل والإنتاج والاسترباح أنسب بروح التعقّل. كما ونلاحظ أنّ غلبة العواطف الرقيقة والإحساسات اللطيفة على روح التعقّل في المرأة هي الأنسب والأصلح. وهذا لا يعني أنّها لا تتعقّل، فهي تتعقّل، إلّا أنّ الأنسب لها غلبة العواطف والإحساسات.
أمّا التفضيل فالمراد به- والله العالم- زيادة روح التعقّل بحسب الطبع في الرجل على الأحاسيس والعواطف. وقد جُهّز الرجال- إجمالاً- بالبأس والشدّة والصّلابة والخشونة، وتترتّب على هذه الأمور في المجتمع الإنسانيّ آثار عظيمة في أبواب الدفاع والحفظ والأعمال الشاقّة، وتحمّل الشدائد والمصائب، والثبات والسكينة في الهزاهز والأهوال، وهذه شؤون ضروريّة في الحياة.
كما جهّز الله- سبحانه- النّساء بما يقابل ما عند الرجال بالإحساسات الّلطيفة والعواطف الرقيقة التي لا غنى للمجتمع عنها في حياته، ولها آثار هامّة في أبواب الأنس، والمحبّة، والسكن،
والرحمة، وتحمّل أثقال التناسل والحمل والوضع، والحضانة والتربية والتمريض والخدمة، وما إلى ذلك ممّا لا يصلح شأنه بما ورد عند الرجال من مميّزات.
وبشكل إجماليّ عام نجد في الرجل والمرأة تجهيزين متعادلين، تتعادل بهما كفّتا الحياة في المجتمع المختلط المركّب من الجنسين. وحاشاه- جلّ وعلا- أن يظلم في كلامه أو في حكمه ﴿... وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾(الكهف: 49)، وهو القائل: ﴿... بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ..﴾(آل عمران: 195)،
70
59
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
وقد أشار- سبحانه- إلى هذا الالتئام والبعضيّة بقوله تعالى: ﴿بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾( النساء: 34)..
2- هل هناك تفاوت أساسيّ بين الرجل والمرأة؟
ج- إنّ المرأة في الإسلام ذات شخصيّة تساوي شخصيّة الرجل في حرّية الإرادة والعمل من جميع الجهات، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾(الحجرات:13) ولا يفترق حالها عن حال الرجل إلّا في ما أودعه الله- سبحانه وتعالى- من خصائص جسديّة ونفسيّة وروحيّة تتناسب مع دورها وتتغاير مع المكّونات الأساسيّة للرجل. وقد تقدّم ذلك في الجواب السابق.
71
60
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
3- لماذا لا يحقّ للمرأة أن تصبح قاضية؟ ولا يحقّ لها أن تكون مرجعاً في التقليد؟ ولا يجب عليها المشاركة في الجهاد؟
ج- إنّ هذه الأمور من قضاء ومرجعيّة وجهاد يجب بناؤها على التعقّل، وليس على الإحساس والعاطفة. وهذه الأمور تدابير اجتماعيّة عامّة اختصّ بها الرجال، لكونهم يغلّبون جانب التعقّل على جانب الإحساس والعاطفة. وبما أنّ المرأة تختصّ بقوّة وغلبة الإحساس والعاطفة على قوّة التعقّل كان من المناسب أن تربّى فيما يناسبها من المقاصد والمآرب. فالرّجال بشكل إجماليّ عام ينجحون في الجهاد والقضاء والمرجعيّة... لأنّها تتناسب مع طبيعتهم وما يحملونه من خصائص وطباع. والنّساء ينجحن بشكل إجماليّ عام في ما يتناسب مع طبيعة تكوينهنّ، كالطبّ والنسج والتربية والتمريض... وكما أنّ التعقّل موهبة إلهيّة، فكذلك الإحساس والعاطفة موهبة إلهيّة، والله سبحانه أسقط عنها وجوب الجهاد ولم يحرّمه عليها فلها أن تجاهد إذا شاءت، والنتيجة الأهمّ عند الوقوف بين يدَيّ الله تعالى للحساب، فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّة شراً يره، وهناك لا فرق بين الرجل والمرأة، حيث الموازين القسط، والأساس هو حسن العاقبة.
72
61
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
4- لماذا لا يحقّ للمرأة أن تكون مرجع تقليد؟
ج- يمكن للمرأة أن تصل إلى مرحلة الاجتهاد، كما يمكنها تحصيل درجة العدالة. إلّا أنّ المرجع في التقليد يشترط أن يكون ذكراً، لأن الناس من الخاصّة والعامّة سيراجعونه في أمورهم، وهذا لا يتناسب مع روحيّة النساء في الدنيا، على أساس غلبة عواطف وأحاسيس المرأة على تعقّلها، وعدم مناسبة لقاءاتها بالعامّة والخاصّة حفظاً لمقامها الخاص ودورها المكمّل مع دور الرجل للمجتمع البشريّ.
5- لماذا أُعطيَ حقّ الطّلاق للرّجل دون المرأة؟
ج- الطّلاق هو من الشؤون التدبيريّة التي يجب أن تعتمد على التعقّل، وليس على الأحاسيس والعواطف. وبما أنّ الرجال تغلب عندهم- إجمالاً- صفة التعقّل على الأحاسيس والعاطفة أعطي هذا الحقّ لهم. ولو أعطي هذا الحقّ للمرأة فكم بيتاً تبقى الزوجيّة قائمة فيه؟ فعند الكثير من المشاكل لو أعملت العواطف والأحاسيس لحصل الطلاق فوراً، بينما مع التعقّل يكون التأنّي سيّد الموقف غالباً. والأصلح للمرأة غلبة العواطف والأحاسيس عندها على التعقّل، لتمارس الدور المطلوب منها بشكل سليم ومناسب.
وأيضاً الرجل هو الذي تزوّج ودفع مهراً فالمناسب أن يكون التسريح بيده لا بيد غيره.
73
62
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
1- إذا كانت حقوق المرأة مساوية لحقوق الرّجل فلماذا تعادل شهادة الرّجل شهادة امرأتين؟
ج- أوّلاً: إنّ الرجل يساوي المرأة ويعادلها، ولكنّه لا يشابهها، فلو كان الإثنان متشابهين لكان لدينا جنس واحد وليس جنسان.
فلا فرق بين الرجل والمرأة من الناحية الإنسانيّة، وأيضاً هما من حيث المؤهّلات بدرجة واحدة قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾(الحجرات:13).
ثانياً: إنّ الخصوصيّة الروحانيّة للمرأة في الدنيا تغلب فيها الأحاسيس والعواطف على التعقّل، ولهذا نرى أنّ شهادة المرأة لا تُقبل في بعض الأمور، كما في بعض الشهادات على الدم، في حين أنّه تقبل شهادتها وحدها بدون الرجال في أمور أخرى، كما في مسائل تخصّ النساء.
أمّا حول ما ورد في السؤال فإنّ شهادة الرجل في بعض الموارد تعادل شهادة امرأتين، وذلك لأنّه إن نسيت إحداهما ما شهدته تذكّرها الأخرى. وهذا ليس انتقاصاً لها، بل هو توزيع أدوار ما بين الرجل والمرأة ليكتمل المجتمع الإنسانيّ بهما، ولا يكتمل بجنس واحد، أو بدور واحد للجميع.
74
63
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
7- لماذا يعتبر الإمام علي عليه السلام أنّ النساء نواقص العقول؟
ج- ورد في نهج البلاغة، أنّ الإمام علياً عليه السلام قال: "معاشر الناس، إنّ النّساء... نواقص العقل"، إلى أن قال: "وأمّا نقصان عقولهنّ فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد..". وقد ورد هذا الكلام بعد واقعة الجمل. وقد اشتملت هذه الواقعة على هلاك جمع عظيم من المسلمين، حيث كانت الجيوش المقابلة لخليفة المسلمين وصيّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمام علي عليه السلام تتبع رأي امرأة. وبعد انتهاء المعركة أراد الإمام عليه السلام أن ينبّه إلى وجوه نقصان عقول النّساء وأسبابه، وهذا يشير إلى أنّه عليه السلام كان يقصد من كلامه العقل الاجتماعيّ والإداريّ الدنيويّ، وهذا يعني أنّ الجانب العاطفيّ عند النساء يغلب جانب التعقّل. ونحن نلاحظ أنّ بعض النساء يتفوّقن على بعض الرجال من جهة العقل، وهذا لا يعني غلبة التعقّل على الأحاسيس والعواطف الشديدة، لذلك كانت النّساء نواقص العقول في هذا الجانب بسبب غلبة العواطف، وغلبة العواطف ضرورة لأجل الحمل والوضع والإرضاع والتربية... إلخ.
75
64
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
8-لماذ نهى الإمام علي عليه السلام عن مشورة النّساء؟
ج- ورد في نهج البلاغة، أنّه فيما أوصى به الإمام علي عليه السلام لابنه الإمام الحسن عليه السلام كما قيل: "... وإيّاك ومشاورة النّساء فإنّ رأيهنّ إلى أفْنٍ، وعزمهنّ إلى وهن...". وهذا الكلام يتمحور حول الأمور التي يغلب فيها طابع التعقّل على جانب الأحاسيس والعواطف، حيث يقتضي الأمر في موارد السياسة والحاكميّة مشاورة من له تجربة أدّت إلى الاطمئنان بكمال عقله وعدم تأثره بالعواطف. والمعروف أنّ النساء لا يخضن في هكذا تجارب، لذل-ك قال عليه السلام: "فإنّ رأيهنّ إلى أفن"، أي إلى نقص وزوال، وقال عليه السلام:"وعزمهنّ إلى وهن" أي إلى ضعف. وهذا يعني أنّه ليس لهذه المرأة تجربة أتاحت لها أن تعطي رأياً ثابتاً مستقرّاً وقويّاً. ولكن إذا علم الرجل أنّ لها تجربة كافية فلا مانع من استشارتها. وقد نُقل عن الإمام علي عليه السلام في بحار الأنوار قوله:"إيّاك ومشاورة النساء إلاّ من جرّبت بكمال عقلها".
والنهي عن المشورة لم يقتصر على النساء، بل ورد النهي عن مشاورة الرجل الجبان والبخيل والحريص.
إذاً فالمسألة مرتبطة بدور خاص رُسم للمرأة، وهو غلبة الأحاسيس والعاطفة، وهذا دور يشكّل مع دور الرجل تكاملاً اجتماعيّاً. وهذا ما أشار إليه الإمام علي عليه السلام في نهاية قوله عن عدم المشاورة، بقوله:"فإنّ المرأة ريحانة وليست قهرمانة"، فهي ذات أحاسيس رقيقة ومشاعر وعواطف شديدة، وليست ذات دور كالقهرمانة فهي ليست حاكمة، والحاكميّة لا تناسب عاطفتها.
76
65
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
9- لماذا كانت دية المرأة نصف دية الرجل في الشريعة الإسلاميّة؟
ج- خلق الله- سبحانه وتعالى- الرجل والمرأة، وجعلهما يتكاملان في الحياة، وأوكل لكلّ منهما مهامَّ تنسجم مع طبيعته وتركيبته، وهكذا في ما يتعلّق بالحقوق، بحيث لا يظلم أيّاً منهما، ولذلك لا يظلم الله تعالى المرأة ولا يسلبها حقوقها، فيجازيها بكلّ عمل عملته، فإن عملت خيراً فإنّها تجزى خيراً، وإن فعلت شرّاً يجزيها بمثل ما عملت. ولذلك لا تنتقص مسألة الدية هنا من شأن المرأة وإنسانيّتها، بل كما يتبيّن فإنّ الأمر مرتبط بحال التكامل الاجتماعيّ، وتوزّع الأدوار بين الرجل والمرأة، فالرجال شأنهم الإنفاق والجهاد وبذل المهور، بينما المرأة يُنفَق عليها، ولا يجب عليها الجهاد والإنفاق على الزوج، فالمسؤوليّة الماليّة الملقاة على عاتق الرجل أكبر من مسؤوليّة المرأة، فلذا تخسر العائلة مالياً عندما تفقد رجلاً منها أكثر ممّا تخسر لو فقدت العائلة امرأة منها. وهذا سبب وجيه لتكون دية الرجل ضعف دية المرأة.
ولا بدّ من ملاحظة هنا، وهي أنّه لو قتل الرجل امرأة عمداً جاز لوليّ المرأة قتل الرجل القاتل، ولا يسقط قتله لأنّ المقتول امرأة.
77
66
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
10- لماذا لم يبعث اللّه نساءً أنبياءً وأئمّة للبشريّة؟
ج- لا توجد موانع تحول دون نزول الوحي على النّساء من الناحية المبدئيّة. ولعلّ طبيعة المرأة وخصائص تكوينها لا يساعدان على تأدية الوظائف الموكلة للنبيّ. ومن هنا تتّضح حكمة
اختصاص النبوّة بالرّجال من خلال التدقيق في نوع وظائف النبيّ، فالشخص المكلّف إيصال رسالة السماء إلى الناس يواجه أشخاصاً متعدّدين، وفي ظروف متنوّعة ومختلفة ويتحمّل مشاقَّ كثيرة لا تطيقها المرأة عادة، وعليه أن يعقد الجلسات مع الأفراد البارزين والأساسيّين في المجتمع، ويكون على اتّصال دائم معهم، ويتعهّد الدفاع ضدّ الأعداء. وبشكل عام فالنبوّة تمتلك جانباً يغلب عليه طابع الزعامة والقيادة وتدبير وإدارة المجتمع، وبالتالي فالرجال ومن خلال تكوينهم هم أكثر قدرة على القيام بهذه الأمور.
11- هل التأديب البدنيّ للمرأة جائز في الشريعة الإسلاميّة؟
ج- إنّ الشريعة الإسلاميّة ركّزت على التأديب البدنيّ كعلاج لأخطاء لا يمكن معالجتها بغير التأديب البدنيّ. فلو فعل مكلّف ما سواء كان رجلاً أم امرأة حراماً ولم ينته بالإنكار القلبيّ ولا بالكلام ينتقل الأمر إلى التأديب البدنيّ حتّى يرتدع عن المعصية. ومع إفادة غير التأديب البدنيّ يحرم الانتقال إلى التأديب البدنيّ.
فالمرأة كالرّجل لا يجوز ضربها ابتداء، نعم لو فعلت منكراً وكانت مصرّة على التكرار يجب نهيها عن المنكر بالإنكار القلبيّ، فإن لم ينفع يجب نهيها بالّلسان (طبعاً لا يجوز إهانتها
78
67
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
وسبّها)، فإن لم ينفع يجب نهيها بالضرب غير المبرح، إذا كان احتمال التأثير وارداً، فحالها من هذه الجهة كحال الرّجل بلا فرق. وأمّا ما ورد في قول الله تبارك وتعالى: ﴿... واللّاتي تخافون نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً...﴾(النساء:34) فلها تفسيرها الخاص، وهو:
أوجب الشرع الإسلاميّ على الرجل الزوج أن ينفق من ماله على زوجته، وأوجب على الزوجة أن تطاوع الزوج وتطيعه في ما يرتبط بالاستمتاع والمباشرة، فإن خاف الزوج من زوجته النشوز (أي: العصيان والاستكبار عن الطاعة)، بأن بدت علائم النشوز عليها، فعلى الزوج أن يقوم بوعظ هذه الزوجة، وإن لم ينفع الوعظ ينتقل إلى هجرها في المضجع (كأن يدير لها ظهره في النوم)، فإذا لم ينفع الهجر جاز ضربها بنيّة ردعها عن المنكر، بشرط أن لا يكون الضرب مبرحاً، (أي لا يجوز له أن يسبّب لها الإدماء أو التورّم والكدمات، أو تغيير لون البشرة). وهذه المرتبة (أي الضرب) لا تجوز إذا تحقّق المراد بإحدى المرتبتين السابقتين، بل يجب الترتيب بين هذه المراتب، وبتعبير أوضح لا يجوز له الهجر إذا تحقّق ما يريده بالمرتبة الأولى (الوعظ)، ولا يجوز له الضرب إذا تحقّق الأمر بالمرتبة الثانية (الهجر) وهكذا.
من هذه الآية يتبيّن أنّ التأديب البدنيّ إنّما يجوز مع فعل المنكر وعدم تأثير المرتبتين السابقتين، وبشرط أن لا يكون الضرب مبرحاً، والشرط الأخير يستفاد من أدلّة شرعيّة أخرى.
79
68
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
12- إذا لم يكن من فرق أو تفاوت بين الذكر والأنثى فلماذا ورد عن الأئمّة عليهم السلام بعض الأدعية لطلب الذكر دون الأنثى؟
ج- ورد عن الأئمّة عليهم السلام الكثير من الروايات التي تذكر فضل البنات، منها: ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نعم الولد البنات، مُلْطِفَات، مجهِّزات، مونسات، مبارَكات، مفلّيات".
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "البنات حسنات، والبنون نعمة، فإنّما يُثاب على الحسنات، ويُسأل عن النعمة".
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنّة، فقيل: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واثنتين؟
فقال: واثنتين، فقيل: يا رسول الله: وواحدة؟ فقال: وواحدة".
وهذه الأحاديث واضحة في إبراز فضل البنات، فلا مجال للحديث عن اختصاص الفضل بالذكور.
والأئمّة عليهم السلام كان لهم طلب من الله تعالى للذّكر، ولعلّ سرّ هذا الطلب هو تفكيرهم بالخليفة والإمام من بعدهم. والإمامة عمل إجرائيّ مخصوص بالرّجال، لما لديهم من غلبة التعقّل على العاطفة، ولما هم فيه من شدّة وبأس وما شاكل ذلك.
80
69
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
وطلب الذكر- أيضاً- لا يخلو من طلب شخص يساعد الأب في أعماله ووظائفه، ويخشى بعضهم من مشاكل تعترضه وهو يربّي الفتاة، فإنّ أقلّ ما يخدش الحياء كان يؤثّر في الوالد. والله تعالى العالم.
والمهمّ أنّ الله- تبارك- جعل الذّكر والأنثى في مرتبة واحدة من التكليف والحساب، وإذا كانت الأنثى قد عملت صالحاً فستجازى عليه بالخير ولن تظلم لأنّها أنثى.
13- إذا لم يكن من فرق بين الذكر والأنثى، فلماذا كان الانتساب إلى سلالة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن طريق الأب دون الأمّ؟
ج- إنّ الله تعالى جعل نسل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من فاطمة وهي أنثى، نعم هناك عناوين عرفيّة أقرّها الشرع، وذلك مثل أنّ الهاشميّ هو من ينتسب بالأب لا بالأمّ، ولكن في نهاية الأمر هو ينتسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة الزهراء عليها السلام.
خلق الله- سبحانه وتعالى- الذّكر والأنثى وجعل كلّاً منهما يتميّز عن الآخر بخصائص وميزات أودعها فيه، ليتكاملا في الحياة من خلال ما رسمه لهما من أدوار ومهام ووظائف. هذه الميزات لا تجعل فيها الفضل لأحدهما دون الآخر، إنّما هي تكاليف يقوم بها كلّ منهما حسب مقتضيات دوره، فالتمايز والتفاضل هنا إنّما يكونان في الأدوار وليس في أصل الإنسانيّة، بل جعل- سبحانه- الأفضليّة بين الرجل والمرأة من جهة التقوى والعمل الصالح، حيث يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾(الحجرات: 13)، ويقول تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾(النحل: 97)،
81
70
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
ويقول تعالى: ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾(غافر:40)، ويقول تعالى: ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَ-ئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً﴾(النساء: 24)، وغير ذلك.
وهذا يثبت أنّه لا فرق بين الرّجل والمرأة في الجوهر، وإنّما الفرق في بعض الخصوصّيات، وذلك لأنّ الرّجال يغلب عليهم طابع التعقّل على جانب العواطف والأحاسيس، فلذلك يُعطَوْن أدواراً تتناسب مع هذه الخصوصيّة. ومن هذه الأدوار إدارة البيت وشؤون الزوجة والعائلة، ولذلك ينتسب الولد إلى المدبّر وهو الأب. وهذا لا يعني الانتقاص من دور الأم، فلها دورها الخاص الذي يؤدّي مع دور الرّجل إلى التكامل في الواقع الاجتماعيّ. وإذا لعبت المرأة دورها كاملاً فإنّ الله تعالى وعدها الجنّة، سواء أكانت من سلالة فلان أو غيره.
82
71
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
14- لماذا كان الخطاب القرآنيّ موجّهاً للذكور؟
ج- يتعدّد الخطاب القرآني ويتنوّع بحسب مقتضيات الحاجة، فتارة يكون الخطاب موجّهاً للذكر والأنثى كما في الجواب السابق، وتارة أخرى يتناول الخطاب الناس والإنسان، وهذان لفظان يشملان كلّ أفراد المجتمع الإنسانيّ والبشريّ، وثالثة يتوجّه الخطاب بألفاظ تفيد العموم الشامل للذكر والأنثى. نعم توجد آيات يُختصّ الحديث فيها بالرجال لما لهم من أدوار خاصّة، لا تؤدّي بالضرورة إلى الأفضليّة على المرأة من جهة الجوهر، وإنّما لكلّ فرد سواء أكان ذكراً أو أنثى دور يؤدّيه في هذه الدنيا، وبما ينسجم مع إمكاناته واستعداداته وقابليّاته التي أودعها- سبحانه- فيه.
15- لماذا يقع وجوب قضاء الصلاة والصيام عن الأهل على عاتق الإبن دون البنت؟
ج- قضاء الصلاة والصيام عن الأب يجب على الولد الذّكر الأكبر، ولا يجب على الإناث ولا على باقي الذّكور، فالمسألة ليست مختصّة بالذّكور، بل بالأكبر منهم، والباقون لا يجب عليهم ذلك.
ومن جهة ثانية ذُكر أنّ هذا الوجوب يُقابَلُ بإعطاء الولد الحبوة (يُحبى بمختصّات الأب كسيفه ومصحفه...). ومن جهة ثالثة فهذا الحكم تخفيفيّ على النساء وعلى باقي الذكور. وأخيراً يجوز للأنثى أن تتبرّع بالقضاء عن والديها، ولا مشكلة في ذلك، غاية الأمر أنّه جائز غير واجب.
83
72
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
16- لماذا يجب على المرأة استئذان زوجها دون العكس؟
ج- يجب على الزوج تدبير شؤون زوجته وعائلته، وذلك من خلال تأمين النفقة لها، والحفاظ عليها، ودفع السوء عنها، وهذا الدور مسؤولية الرّجل، وهو تكليف وليس تشريعاً يظلم المرأة ويحيف بها، ومن هنا فإنّ خروجها من المنزل يحتاج إلى تدبير يحفظها ويحميها ويحفظ الأولاد فلو خرجت الزوجة ساعة تشاء وتركت الأولاد فقد يصابون بأذى كما أنّها في خروجها قد تصاب هي بأذى. والرّجل الذي يغلب تعقّله على عواطفه هو المؤهّل لذلك، فتحتاج الزوجة إلى إذنه لتكون حركة خروجها مدروسة من قبل زوجها، ويحاول أن يحميها ويصونها بقراراته إن كان ممّن يخاف الله تعالى.
17- لماذا تهتمّ العائلات بالصبيّ أكثر من اهتمامها بالبنت؟
ج- هذا حديث عن عائلات وليس عن كلّ العائلات، وهو ليس حديثاً عمّا يطلبه الشرع الإسلاميّ، فإنّ العائلة التي تهتمّ بولد أكثر من غيره هي غير ملتزمة بوصايا الإسلام. والاهتمام بالبنت ورد في الكتاب العزيز، كما ورد في الكثير من الروايات الشريفة. وقد كان النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يهتمّ بفاطمة الزهراء عليها السلام أكثر من اهتمام أيّ أب بولده الذّكر. وقد مرّت بعض الروايات. وأقدّم نصيحة لكلّ عائلة لديها ذكور وإناث بأن ترعى الجميع وتحميهم، وتساوي بينهم، وتحفظ حقوقهم، وتساهم في تنشئة الجميع بشكل صالح وسليم.
84
73
القسم السابع: التفاوت بين الرجل والمرأة
18- ما الحكمة من كون صوت المرأة أرقّ من صوت الرجل؟
ج- هذا أمر إيجابيّ وليس سلبيّاً. فالمرأة هي الطرف الرقيق والناعم، وهي صاحبة العواطف الشديدة، خلقها الله- تبارك- ريحانة ووردة، وصوتها الرقيق يناسب رقّتها وعواطفها الشديدة، وهذا من خصائصها. وهو يساعد على تقريب الزوج منها، فالصوت الرقيق يعطي انطباعاً جميلاً لدى الزوج، وهذا من نعم الله تعالى على المرأة.
19- لماذا يجب أن تقف النساء خلف الرجال في الصلاة؟
ج- إذا كان السؤال عن صلاة الفرادى ففيه فهم خاطىء، فيجوز للمرأة أن تصلّي أمام الرّجل أو في محاذاته، بشرط أن يكون بينهما بُعدٌ بمقدار شبر فصاعداً، والأفضل أن يكون موقفها خلف موقفه. وحكمة هذا تأتي في الجواب عمّا إذا كان المقصود بالسؤال عن صلاة الجماعة، فيجب أن تصلي النّساء خلف الرّجال، وذلك ليبقى كلّ مصلّ متوجّهاً إلى الله تعالى، ولا يشغله عن ربّه شيء، ووجود النّساء خلف الرّجال يؤدّي إلى حضور القلب للرّجال، كما وأنّ النّساء يبقين في مأمن من نظرات غير المحارم، وهكذا تتمّ المحافظة على الصّلاة.
85
74
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
1- هل يجوز للطالبات أن يتلقّين العلم من أستاذهنّ في غرفة مغلقة؟
ج- إذا كانت الغرفة مغلقة ولا يمكن لشخص آخر أن يدخلها، فهذا لا يخلو من إثارة أو تلذّذ أو ريبة فيحرم. أمّا لو كانت الغرفة مغلقة، ولكنّها في معرض دخول الناس إليها في أيّ لحظة، فيجوز ذلك مع الأمن من الوقوع في الحرام.
2- هل من إشكال في الاختلاط مع ابن عمي لجهة مساعدته في الدرس؟
ج- إذا لم يكن الإثنان في خلوة فيجوز إذا لم يؤدّ إلى لمس أو نظر محرّمين، ولا إلى ما يثير شهوة أو لذّة، ولا خوف الوقوع في الحرام. فأصل الاختلاط جائز في غير الخلوة إذا لم يؤدّ إلى حرام.
3- هل محادثة المرأة مع الرجل الأجنبيّ بنيّة سليمة محلّ إشكال؟
ج- إذا كان خالياً من النظر واللمس المحرّمين، ولم يؤدّ إلى إثارة الشهوة واللذّة، فيجوز وإن كان يؤدّي إلى حرام أو مفسدة فيصير حراماً.
87
75
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
4- لقد اعتاد ابن خالتي عليّ منذ الطفولة، فمن فضلكم أرشدوني إلى الطريقة التي ينبغي بعد البلوغ أن أتصرّف معه بها لإبعاده من دون أن أجرح مشاعره.
ج- إذا كانت العلاقة ضمن الضوابط الشرعيّة، بحيث لم يوجد لمس ونظر محرّمان، ولا فعل أو قول أو ما شاكل يثير شهوة أو لذّة، فتكون العلاقة جائزة، أمّا مع وجود شيء محرّم وجب قطع العلاقة التي تؤدّي إلى الحرام.
وحاولي- إذا أردت تخفيف العلاقة- أن تظهري الجدّية معه، وعدم اللعب واللهو والمزاح معه، وبالتدريج تنضبط العلاقة. ويمكنك الاستعانة بأمّك لتحديد العلاقة وضبطها بحكمة.
5- كيف ينبغي أن تكون مشية الفتاة وتصرّفاتها في الأماكن العامّة؟
ج- أختي الغالية، إنّ مشية الفتاة وحركاتها بطريقة مريبة- تؤدّي إلى لفت نظر الشاب إليها- لكي يهتمّوا بها إرضاءً لغريزتها، لا يرضي الله سبحانه وتعالى، فعلى الفتاة المؤمنة أن تنتبه إلى مشيتها وتكون رزينة هادئة وقورة، لا تتمايل ولا تتخصور ولا تتمايع في الحركات، كي لا تؤثر على قلوب الشباب، وتفسد دينهم، وتساهم في إضلالهم.
قال تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ...﴾.
88
76
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
6- ما الحكم على تصرّفات الفتاة التي ترقّق صوتها أو تتكلّم بدلع من أجل لفت الانتباه؟
ج- المرأة إنسان تمثّل دوراً أساسيّاً مع الرجل في تكامل المجتمع، وإذا خرجت عن الضوابط فسيؤدّي ذلك إلى الإخلال بالمجتمع السليم، وإيجاد الاضطراب، وبالإمكان أن تساهم في سقوط المجتمع وانهياره. ومن الأمور المطلوبة منها هو إظهار عفافها وصلاحها واحترامها في المجتمع. وترقيق الصوت للفت الأنظار هو خروج عن دورها الصحيح، وهو إخراج للرجل عن دوره من خلال إخراجه عن احتشامه، فالمرأة قادرة على تحريك غرائز الرجل فينساق لرغباته ويترك دوره السليم والصحيح. وقد قال الله- تعالى-: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾(الأحزاب: 3)، وهذا نهي من المولى تبارك وتعالى عن الخضوع في القول، وهو ترقيق الكلام وتليينه مع الرجال، بحيث يدعو إلى الريبة ويثير الشهوة، فيطمع الذي في قلبه مرض، والمرض هو فقدان قوّة الإيمان التي تردعه عن الميل إلى الفحشاء.
7- هل يعتبر من المحارم: الطبيب وزوج الأخت وابن الخالة، وابن الخال، وابن العمّة، وزوج الخالة، وزوج العمّة، والشاب الذي سيكون زوج المستقبل في حال لم تحصل صيغة العقد؟
ج- جميع هؤلاء من الأجانب، يجب التعامل معهم ضمن الاحتشام والضوابط الشرعيّة.
89
77
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
8- ما هو حكم المزاح مع الأجنبيّ؟
ج- إذا كان مع نظر أو لمس محرّمين، أو كان مع إثارة شهوة أو لذّة، أو كان مع خوف افتتان أو مفسدة فلا يجوز. وغالباً ما يؤدّي المزاح مع الأجنبيّ إلى مفسدة.
9- كيف ينبغي أن نتصرّف مع الأجانب؟
10- إلى أي حدّ يجوز التواصل مع الشباب في مقتضيات الأعمال الثقافيّة؟
11- ما هو حكم عمل المرأة في مكان يوجد فيه غير محرم؟
12- كيف ينبغي للفتاة أن تتصرّف في المحيط الذي يوجد فيه أجانب بالنسبة إليها؟
ج- يجب على المرأة أن تعمل وتتصرّف حسب ما ورد في الأسئلة، وفق الشروط التالية:
الأوّل: التزام الحجاب الشرعيّ الكامل.
الثاني: ترك النّظر أو اللمس المحرّمين.
الثالث: ترك القول أو الفعل- أو أيّ حركة- إذا كان يؤدّي إلى إثارة شهوة أو لذّة، أو ريبة وخوف الوقوع في الحرام.
الرابع: عدم الاختلاء في مكان لا يدخل فيه عليهما أحد.
والنصيحة أن تظهر صلاحها وعفافها واحترامها، مع التصرّف الّلائق...
90
78
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
13- هل النّظر إلى الأجنبيّ من أجل فهم ما يقول حرام؟
ج- يجوز النظر إلى وجه وكفّي الأجنبيّ وإلى ما يتعارف كشفه بدون شهوة وخوف الافتتان والوقوع في الحرام والنظر بشهوة ممنوع وحرام. ولا يجوز النظر إلى ما لم يُعتد كشفه حتّى بدون شهوة.
14- هل مدّ اليد إلى الأقارب أو كبار السنّ للتسليم حرام؟
ج- إن كان الرجل من المحارم جازت مصافحته، وإن لم يكن من المحارم (كما لو كان ابن عم أو ابن خال أو ابن الجيران...) فلا تجوز المصافحة المباشرة سواء كان مسنّاً أم لا.
تجوز المصافحة من وراء حجاب (كما لو كان من وراء ثياب) بشرط أن لا يكون معه (شدّ)، فمع الغمز يحرم حتّى لو كان من خلف الثياب، وبشرط أن لا يسبّب إثارة شهوة أو لذّة، أو خوف الوقوع في الحرام أو أيّ مفسدة.
15- هل جلوس الأجنبي بمحاذاة الفتاة في الأماكن العامّة حرام؟
ج- إذا كان مقصود الأخت بالمحاذاة هو الالتصاق فهو حرام. وإن لم يكن المقصود هو الالتصاق فلا مانع من ذلك مع المحافظة على الحجاب الشرعيّ، وعدم النظر واللمس المحرّمين، ويحرم قول أو فعل ما يثير الشهوة أو خوف الوقوع في الحرام أو المفسدة.
91
79
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
16- هل تصوير المرأة أو تظهير صورها عند الأجنبيّ حرام أم حلال؟
ج- إذا كانت المرأة ملتزمة الحجاب الكامل فلا بأس بالتصوير أو التظهير عند الأجنبيّ، أمّا إذا لم تكن ملتزمة الحجاب الكامل، فلا يجوز لها أن تقف أمام الأجنبيّ ليصوّرها. أمّا تظهير صور المحجبة وهي غير محجّبة في الصورة عند الأجنبيّ فإن كان يعرفها فلا يجوز، وإن كان لا يعرفها فيجوز.
17- من هم محارم النساء؟
ج- بالنسب يحرم على المرأة:
الأب والأجداد للأب.
الأجداد للأم.
الابن وأبناء الابن، وأبناء البنت، وأحفادهما وأسباطهما.
الأخ، وأبناؤه وأحفاد وأسباط الأخ والأخت.
العمّ، وعم الأب والأمّ وإن كان عمّاً عالياً (كعمّ الجدّ).
الخال، وخال الأبّ والأمّ وإن كان خالاً عالياً "كخال الجد".
كلّ واحد من هؤلاء- أيضاً إذا كانوا من الرضاعة فهم من المحارم.
92
80
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
بالمصاهرة يحرم على المرأة:
والد الزوج وأجداد الزوج.
أبناء الزوج ولو من امرأة أخرى.
زوج البنت، وأزواج الحفيدات.
زوج الأم (إذا حصل الدخول بالأم) وزوج الجدّة (مع الدخول).
18- ما حكم الإسراع في المشي إذا كان النّاظر أجنبياً؟
ج- يجوز الإسراع في المشي أمام الأجنبيّ، نعم إذا علمت الفتاة أو اطمأنّت بلفت نظر الرجل الأجنبيّ بسبب ذلك فيحرم. فالمشي السريع جائز إذا لم يؤدّ إلى حرام أو مفسدة.
19- جاء في الأحكام الشرعيّة أنّ على المرأة التستّر أمام الصبيّ المميّز، فكيف يُعرف الصبيّ المميّز؟
ج- التمييز هو التفريق، والصبيّ المميّز هو الذي يصير في مرحلة يفرّق فيها بين الرجل والمرأة ولو إجمالاً، فهو في البدء يجهل الفرق بينهما، وعندما يزداد وعيه تحصل المعرفة، فيفرّق بينهما، وهو ما يسمّى تمييزاً،(وبعضهم يعتبر أنّ المميّز هو الذي يميّز بين ما فيه مصلحته وما فيه ضرره).
ولا يجب التستّر أمام الصبيّ المميّز، نعم الأحوط وجوباً ذلك إذا كان التّبرج أمامه يوجب إثارته.
93
81
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
20- تزوّج رجل بامرأة ولها بنت من زوج قبله، فهل هذه البنت من محارم والد الرجل؟
ج- هذه البنت تعتبر أجنبية عن والد زوج أمها، وليست من محارمه.
21- هل من الممكن للأجنبيّين أن يقرءا صيغة الأخوّة ليصبحا محرَمَيْن؟
ج- هذا غير ممكن شرعاً، فلا تصير الفتاة أختاً للأجنبيّ بهذه الصيغة.
22- هل الجلوس على مائدة طعام بحضور الأجنبيّ حرام؟
ج- إذا كانت الجلسة مغلقة بينهما فلا يجوز. وإن كانت الجلسة غير مغلقة فيجوز مع الحجاب الكامل، وعدم النّظر واللمس المحرّمين، وعدم إثارة الشهوة واللذّة، وعدم الخوف من الوقوع في الحرام.
23- هل يعتبر زوج الأخت من محارم أخت الزوجة؟
ج- لا يعتبر زوج الأخت من محارم أخت الزوجة، بل هو أجنبيّ عنها.
24- ما حكم إلقاء السلام من قبل الفتيات على الشباب؟
ج- يجوز إلقاء السلام من الفتاة على الشاب ما لم يستلزم محرّماً أو مفسدة.
94
82
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
25- ما الحكم في التخابر التلفوني بين المرأة والرجل الأجنبيّين؟
ج- يجوز التخابر التلفونيّ بينهما إذا لم يستلزم إثارة شهوة أو لذّة، ولم يحصل خوف من الوقوع في الحرام أو المفسدة.
ولكنّ الغالب في عصرنا هو كثرة إستعمال التلفون بين الشباب والفتيات (الأصدقاء) للّهو والمزاح لذا ننصح أخواتنا الكريمات الإجتناب عن هذه العادة، والابتعاد قدر الإمكان عنها مع عدم وجود ضرورة للتواصل عبر الهاتف.
26- هل مجرّد الخطوبة بدون عقد الزواج يحلّل أحدهما على الآخر؟
ج- الخطوبة بدون عقد تبقي الشاب والشابة أجنبيّين، فيجب الاحتشام بينهما، ومراعاة الستر الكامل، وعدم النظر واللمس المحرّمين، وعدم حصول ما يوجب الشهوة أو اللذّة، أو خوف الوقوع في الحرام.
27- ما الذي يجوز النظر إليه من الرجل بالنسبة إلى الفتاة؟
ج- يجوز للمرأة أن تنظر إلى وجه وكفّي الرجل، وكذا إلى ما يعتاد الرّجال كشفه مع عدم التلذّذ والريبة (خوف الوقوع في الحرام). أمّا ما لا يعتاد الرّجال كشفه، فلا يجوز النّظر إليه حتّى بدون شهوة وريبة...
95
83
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
28- ما هو حكم كتابة الرسائل الغراميّة إلى الطرف المقابل؟
ج- هكذا رسائل لا تجوز إلّا إلى الزوج، فهي رسائل لا تخلو من إثارة لذّة أو مفسدة..
29- هل يجوز للرجل والمرأة أن يجريا صيغة المحرميّة؟
ج- صيغة المحرميّة كما أفهمها في مفروض السؤال، المقصود بها إجراء عقد بين فتاة وشاب، يصبحان بموجبه كأخ وأخته، وهذه الصيغة لا وجود لها في الشرع، ولا أساس لها، وهذه لا توصل إلى محرميّة (أي أن يصبح الشاب من محارم الفتاة).
ولمزيد من التوضيح وخارج نطاق السؤال، فإذا تمّ إجراء عقد زواج دائم أو مؤقّت، فيجوز ذلك مع رضا الفتاة وإذن وليّها على الأحوط وجوباً إذا كانت بكراً (عذراء).
30- ما هو حكم المشي مع غير المحرَم؟
ج- إذا ترتّب على ذلك إثارة شهوة أو لذّة، أو خوف الوقوع في الحرام أو المفسدة فلا يجوز، وإلّا فإنّه يجوز.
31- هل يصحّ وضوء النساء أمام غير المحارم؟
ج- إذا كان مع الستر الكامل وعدم ترتّب مفسدة فيجوز ويصحّ فالواجب هو مراعاة الستر فلو لم تراعِ الستر أثمت. ولكنّ الوضوء يكون صحيحاً مع تحقّق قصد القربة.
96
84
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
32- ما الحكم في خياطة الألبسة النسائيّة عند الخيّاط الرجل؟
ج- يجوز ذلك إذا لم يستلزم النظر أو اللمس المحرّمين، أمّا إذا كان يريد لمسها لتحديد مقاساتها فهو حرام.
33- أنا أعرف أنّه لا يجوز لبس الذهب أمام الرّجل لكنّني ألبس الذهب (العقد والسوار...) أمام الرجال، لأنّي أحبّ ذلك، أرجوكم أن تدلّوني إلى طريقة أتمكّن معها من تغيير قناعاتي.
ج- ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "رأس كلّ خطيئة حبّ الدنيا"، فمنشأ كلّ المفاسد والخطايا هو حبّ الدنيا، والمقصود هو انشداد القلب نحو الدنيا، والتعلّق بها وحبّها، وما حبّ الظهور بالذهب إلّا من حبّ الدنيا. وكلّما كان التعلّق بالدنيا أشدّ كان الحاجز بين القلب وبين الله- سبحانه- أغلظ وأقسى، وهذا يؤدّي إلى استصغار شأن المعصية، والابتعاد عن الله تبارك وتعالى، لذلك يكون علاج هذه المشكلة التفكيرُ بعكسها، فالتفكير بالموت وما يخبّئه قد يساعد على التقرّب من الله- تعالى-، والابتعاد عن الدنيا المذمومة.
والأهمّ في هذه المسألة أن تنظر الأخت إلى من تعصيه وهو الله، لتعرف خطورة هذه المشكلة، فإنّ لحظة سرور قد يستتبعها عذاب خالد، ففكّري بالموت وعواقب الخطيئة والمعصية واستعيني بالله، لعلّ الله أن يوفّقك.
وليكن لديك ثقة بربّك ونفسك، تستطيعين من خلالها الاعتداد بنفسك دون حاجة لتوسّط الذهب ليعطيك ثقة، فإنّ هكذا ثقة ذات منبع ضعيف، لا يُسمن ولا يغني من جوع.
97
85
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
34- ما هو حكم التاتو (الوشم) على الحاجبين والخدّين؟ وهل صحيح أنّه حاجب للوضوء؟
ج- يجوز للمرأة أن تزيّن وجهها، ويجوز لها إظهار زينتها لزوجها، كما ويجوز إظهارها للنساء، وللمحارم من الرّجال، أمّا إظهار هذه الزينة للأجانب من الرجال فلا يجوز.
وأمّا بالنسبة إلى الوضوء، فالتاتو إن كان تحت الجلد فلا يكون حاجباً للوضوء، فيصحّ الوضوء. وإن كان فوق الجلد فإن كان مجرّد لون فلا يضّر بالوضوء، وإن كان جُرْماً (أي: كان حائلاً يمنع من وصول الماء إلى البشرة) فيمنع من صحّة الوضوء، وتجب إزالته لأجل الوضوء.
35- أنا قارئة عزاء يسمع الرجال صوتي في الخارج حين القراءة وهم لا يعرفونني، ولكنّهم يقولون لنسائهم: إنّ لديها صوتاً جميلاً. فهل هذا منافٍ للشريعة؟ وماذا تنصحونني أن أفعل؟
ج- استماع الرجل الأجنبيّ لصوت المرأة ليس حراماً في نفسه، وإنّما تتأتّى الحرمة من عوارض أخرى، فإذا كان الصوت يسبّب إثارة شهوة أو لذّة، أو خوف الوقوع في الحرام أو المفسدة فيكون حراماً، وإذا لم يسبّب ذلك فلا يَحرُم. وأمّا قول بعض الرجال: إنّ صوتها جميل، ففيه احتمالان:
الأوّل: إن كان ذلك من باب اللذّة فيكون استماعهم لصوتها حراماً، ولذا يحرم عليها إسماعهم صوتها، وفي هذه الحال يمكن حلّ هذا الأمر بتحويل مكبّرات الصوت إلى
98
86
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
داخل المكان، وعدم إيصاله إلى أسماع الرجال.
الثاني: إن لم يكن ذلك من باب اللذّة فلا يكون إسماع الصوت حراماً.
وعلى أيّ حال ننصح الأخت الكريمة بأن لا تُخرج صوتها إلى أسماع الرّجال الأجانب، حتّى لا يطمع الذي في قلبه مرض، فبعض النّاس لم يكتمل إيمانهم، ويمكن أن يلفتهم صوتها فيقعون في المعصية.
36- هل يجوز تقبيل صور بعض الشخصيّات التي نحبّها كصورة السيّد مثلاً؟
ج- يجوز تقبيل الصور مع عدم التلذّذ...
37- هل يجوز للمرأة أن تقوم ببعض المهارات في القيادة بهدف لفت نظر الآخرين إليها؟ وهل لذلك آثار سلبيّة؟
ج- السيّارة إنّما صُنعت بهدف الانتقال فيها من مكان إلى آخر، وليس بهدف الافتخار والتباهي وما شاكل. وهذه الحركات لا تتناسب وعفّة الفتاة واحترامها وصلاحها.
99
87
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
38- هل يجوز للفتاة أن تنظّف حاجبيها؟ وهل لذلك أثر على العبادة كالصّلاة والصّوم؟
ج- يجوز ذلك في نفسه، وهو لا يضرّ بالصلاة والصوم.
39- كيف يمكن أن نضبط الصور الخياليّة؟
ج- إنّ الخيال يمكن أن يجلب الكثير من الشقاء، وهو إحدى وسائل الشيطان التي يجعل الإنسان بواسطتها عاجزاً ويدفع به نحو الشقاء.
وعليك أن تصفّي باطنك، وتفرغيه من جنود إبليس، وأن تمسكي بزمام خيالك، وأن لا تسمحي له بأن يحلّق في الخيالات الفاسدة والباطلة، والمعاصي والشيطنة، ووجّهي خيالك دائماً نحو الأمور الشريفة. وهذا الأمر ولو أنّه قد يبدو صعباً في البداية، ويصوّره الشيطان وجنوده لنا وكأنّه أمر عظيم، ولكنّه يصير يسيراً بعد شيء من المراقبة والحذر. وعليك أن تسيطري في البداية على جزء من خيالك، وتنتبهي له جيّداً، فمتى ما بدأ يتوجّه الخيال إلى أمر سيّئ، اصرفيه نحو أمور أخرى، كالمباحات الجائزة أو الأمور المطلوبة الشريفة، فإذا حصلتِ على نتيجة فاشكري الله تعالى على هذا التوفيق، وتابعي سعيك، لعلّ ربّك يفتح لك برحمته الطريق أمامك للخير والصلاح، ويسهّل عليك مهمّة الهداية إلى الصراط المستقيم.
وبعد ذلك سيطري على جزء آخر، وهكذا. واستعيني بالدعاء والتوسّل إلى الله تعالى، واطلبي منه أن يعينك على أمورك، وأن يجعل تخيّلاتك سليمة صحيحة.
100
88
القسم الثامن: الاختلاط والزينة
40- ما هو دور النساء في عصر ظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ وهل يوجد نساء في جيشه؟
ج- إنّ الجهاد يختصّ وجوبه بالرجال، وذلك لغلبة التعقّل والشدّة وما شاكل في حياتهم، بينما تغلب الأحاسيس والعواطف جانب التعقّل عند المرأة، وهذا لا يتناسب مع الجهاد. والأولى أن تبقى عواطفها هي الغالبة لأجل التكامل الاجتماعيّ. ويمكن للمرأة أن تقوم بمهام وأدوار أخرى يمكن أن تؤدّيها، وهي من الأمور التي تساهم في الجهاد ومن مستلزماته، كالاهتمام بالأولاد وتربيتهم على الأخلاق والقيم الإسلاميّة، والمساهمة في المجهود الحربيّ، كأن تداوي الجرحى، وتضمّد جراحاتهم، أو أن تطبخ للجنود وما شاكل ذلك، فإن قامت بأمورها كاملة كان لها الأجر كاملاً.
أما بالنسبة لجيش الإمام المهدي عليه السلام فقد ورد في بعض الروايات وجود بعض النساء في جيشه عليه السلام واللواتي يجاهدن معه.
101
89
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
1- إذا لم يكن للأهل ولد ذكر فهل يجب على البنت الكبرى قضاء الصّلاة والصّوم عنهما؟
ج- لا يجب عليها قضاء الصلاة والصوم عنهما، ولكن بإمكانها أن تأتي بهما على نحو التبرّع، وهو أمر حسن.
2- هل يجوز في المسح أن تستثني الفتاة الإصبع المطليّ بالطلاء؟
ج- يكفي في مسح القدم في الوضوء مسمّى المسح عرضاً، ولذلك لو مسحت على غير الإصبع المطليّ صحّ الوضوء.
3- ما حكم صلاة المرأة المتزيّنة التي تضع الزينة على وجهها؟
ج- لا مانع من التزيّن أثناء الصّلاة، فالزينة ليست من موانع الصّلاة بل يستحبّ للمرأة أن تتزيّن في صلاتها. نعم لو كانت الزينة حائلاً يمنع من وصول الماء إلى البشرة فلا يصّح الوضوء إلّا بإزالتها، أمّا إذا توضّأت قبل وضع الزينة، ثمّ صلّت، فالزينة هنا لا تعتبر مبطلة للصّلاة، بل الصّلاة صحيحة، إذا أقيمت كما ينبغي، وإذا كانت الزينة مجرّد لون فلا تضرّ بالوضوء وبإمكان الفتاة أن تصلّي بشكل عاديّ، وصلاتها صحيحة.
103
90
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
4- لماذا يجب على المرأة الستر أثناء الصلاة؟ مع العلم أنّ الله تعالى يعلم سرائر النفوس؟
ج- الصّلاة عبادة تقرّب الإنسان من الله تعالى، والعبادة تكون بحسب مشيئة المعبود، والله تعالى يُعبد بما يحبّ ويرضى، وهو يحبّ الصلاة من المرأة التي تقوم بالتستّر أثناء الصّلاة.
والستر في الصلاة هو احترام لساحة الربوبيّة المقدّسة، وهو من الآداب التي ترمز إلى العفّة والطهارة، وبهذا الستر تكون المرأة في الّلباس المناسب للعبادة الأرقى. واللباس نعمة من الله يستر بها عورات بني آدم، وهو كرامة أكرم الله بها عباده، وخير اللباس ما لا يحمل على العجب والرياء والمفاخرة والخيلاء، ومع اللبس أطلبي من الله أن يستر عليك ذنوبك.
5-ما حكم شراكة النّساء في صلاة الجماعة؟
ج- لا مانع من مشاركة المرأة في صلاة الجماعة، والواجب أن تكون خلف صفّ الرجال، فلا تحاذيهم ولا تتقدّم عليهم.
104
91
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
6- ما هو تكليف المرأة إذا ظهر شيء من جسدها الواجب ستره أثناء الصّلاة، ولم تلتفت إلّا بعدها؟
ج- تبني على صحّة الصّلاة، ولا يجب عليها إعادتها.
7-هل يمكن للمرأة أن تصبح إمام جماعة؟
ج- يجوز للمرأة أن تكون إمام جماعة للنّساء فقط، على أن تقف في الصفّ الأوّل بين المأمومات. ولا يجوز لها أن تؤمّ الرجال.
8-لماذا يجب على المرأة قضاء ما فاتها أثناء الحيض من الصّوم ولا تقضي ما فاتها من الصّلاة؟
ج- لأنّ الصوم إنّما هو شهر في السنة، بينما الصلاة في كلّ نهار وليل. (والله العالم).
9- لماذا تسقط العبادة أيّام الحيض؟
ج- تسقط أثناء الحيض العبادات المشروطة بالطّهارة "كالصلاة والصوم"، وذلك لأنّ هذه العبادة مشروطة بالطّهارة. ويستحبّ للمرأة الحائض أن تقوم بالأذكار والدّعاء تقرّباً من الله تعالى. وفي مدّة الحيض يُعتبر صبر المرأة على آلام الحيض البدنيّة والنفسيّة عنصر عبادة يقرّب من المولى تبارك وتعالى.
105
92
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
10- ما حكم استعمال الحنّاء الهنديّ على اليدين والحاجبين؟ وما حكم ذلك أثناء الوضوء والغسل؟
ج- يجوز استعمال الحنّاء على اليدين والحاجبين، ولكن إذا عُدّ من الزينة عرفاً، فلا يجوز إظهاره أمام الأجانب. وإذا كان الحنّاء لوناً فلا يؤثّر في الوضوء، والمعروف أنّ الحنّاء لون. ولكن إذا كان بعض الحنّاء مانعاً من وصول الماء إلى البشرة وجبت إزالة الحاجب عن البشرة ليصحّ الوضوء.
11- إذا حصلت الفتاة على مقدار من المال أثناء التحصيل الدراسيّ، فهل يجب عليها تعيين رأس سنة لمالها وإخراج الخمس؟ وإذا ادّخرت من المال لجهازها كعروس، فهل يجب تخميس المال المدّخر لذلك؟
ج- إذا كان المال قد حصل نتيجة عمل من الفتاة فتجعل تاريخ تحصيل أوّل دفعة هو رأس سنتها، فتنتظر إلى نفس تاريخ هذا اليوم من العام القادم، فإن كان قد بقي من هذا المال مع ما حصّلته في مدّة العام فتخمّسه، وإن لم يبق شيء منه فلا يجب عليها الخمس، وإن كان المال من غير العمل (كما لو كان هدية أو جائزة أو ما شاكل) فلا يجب تخميسه. والمال المدّخر لشراء الجهاز يجب تخميسه إن كان من نتاج العمل، ولا يجب تخميسه إن كان هدية أو ما شاكل. نعم لو كانت قد اشترت بالمال شيئاً من الجهاز قبل مضيّ العام، وكانت بحاجة لشراء هذا الجهاز فلا يجب التخميس. إذاً إن كان الباقي إلى رأس السنة الخمسيّة هو عين المال وجب تخميسه، وإن كان الباقي هو من الجهاز فلا يجب تخميسه.
106
93
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
12- ما حكم تعليق صور الماجنات في غرف نوم الفتيات؟
ج- إذا كانت صوراً خلاعيّة فلا تجوز، وإن كانت غير خلاعيّة فإن كان فيها نشر ثقافة معادية لثقافة الإسلام فلا تجوز أيضاً، كما لا يجوز ذلك إذا ترتّب على وجودها أيّ مفسدة من المفاسد.
13- هل يتعلّق الخمس بحساب افتتحه والد لابنته؟
ج- إذا كان الوالد قد وهب أو أهدى ابنته هذا المال، وتمّ الإقباض لها فلا يجب عليها تخميسه، لأنّه هدية ولا يجب تخميس الهدية. وإن لم يكن هديّة أو هبة، بل كان لا يزال على ملك الوالد وقد وضعه شكليّاً- فقط- باسم ابنته وجب على الوالد تخميسه.
14- ما حكم قيادة السيّارات من قبل النساء؟
ج- قيادة المرأة للسيّارة جائز في نفسه، وذلك بشرط مراعاة الحجاب الشرعيّ الكامل، وبشرط أن لا يحصل من خلال قيادتها أيّ مفسدة. وإذا كانت بعض المجتمعات تحرّم على المرأة قيادة السيّارة، فإنّما يعود ذلك إلى العادات والتقاليد ولا ربط له بالدين.
15- هل يجوز للحائض قراءة زيارة عاشوراء ودعاءي كميل والتوسّل؟
ج- يجوز جميع ذلك على رأي الإمام الخامنئي- دام حفظه-.
107
94
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
16- هل يجوز للمرأة إطالة الأظافر؟
ج- يجوز تطويل الأظافر في نفسه. نعم لو كان تطويلها ملفتاً للرجل الأجنبيّ وجب ستر الأظافر أمامه. أمّا لو كان تطويل الأظافر يقصد منه التشبّه بمجتمعات وثقافات معادية لثقافة الإسلام فيحرم من هذه الجهة.
17- هل يجوز للمرأة وضع العطور والخروج من المنزل؟
ج- إذا كان زينة أي ممّا يلفت الرجل الأجنبيّ فيُحرَم.
18- ما هو حكم إنشاد المرأة بمفردها؟
ج- إذا كان الإنشاد بلحن الغناء المتعارف في مجالس اللهو فيكون حراماً، وإن لم يكن بلحن الغناء المتعارف، فيجوز.
19- ما هو حكم دخول الحائض إلى المسجد؟
ج- يحرم على الحائض التواجد والبقاء في المساجد، ويحرم عليها وضع شيء فيها، سواء كان من خارج المسجد أم في حال العبور.
ويجوز لها الدخول بنحو الاجتياز، بأن تدخل من باب وتخرج من آخر، كما يجوز لها أن تأخذ شيئاً من المسجد أثناء الاجتياز، إلا المسجد الحرام ومسجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجوز لها الدخول مطلقاً ولو بنحو الاجتياز.
108
95
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
20- ما هو حكم دخول الحائض إلى مراقد الأئمّة (عليهم السلام)؟
ج- حكم الدخول إلى مراقد الأئمّة عليهم السلام هو نفس حكم المساجد. وأمّا غير المعصومين من أبناء الأئمة عليهم السلام كمقام السيّدة زينب عليها السلام فيجوز لها الدخول والبقاء أيضاً.
21- ما هي كيفيّة غسل الحيض؟
ج- تبدأ بغسل تمام الرأس- ومعه العنق- ثمّ تمام الجانب الأيمن، ثمّ تمام الجانب الأيسر، وهذا ما يسمّى بالغسل الترتيبي. ويشترط فيه أن يكون بنية القربة إلى الله تعالى.
أمّا الغسل الارتماسي، فهو عبارة عن تغطية تمام البدن في الماء، دفعة واحدة، مع النيّة قربة إلى الله تعالى أيضاً.
22- هل غسل الحيض يغني عن الوضوء؟
ج- لا يغني غسل الحيض عن الوضوء- فيجب الوضوء معه- قبله أو بعده.
109
96
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
23- هل يجوز للحائض قراءة القرآن، أو مسّ كتابة القرآن واسم الله تعالى؟
ج- لا يجوز للحائض مسّ كتابة القرآن وأسماء الله الحسنى، ولا فرق بين آياته وكلماته والحروف والمدّ والتشديد وعلامات الإعراب ونحو ذلك.
أمّا قراءة القرآن فتكره لها ولو أقل من سبع آيات، كما يكره حمل المصحف ولو بغلافه، ولمس هامشه وبين سطوره.
نعم يحرم عليها قراءة آية السجدة من سور العزائم الأربعة التي يجب السجود لقراءتها، وهي:
أ- سورة ألم السجدة عند قوله تعالى: (ولا يستكبرون).
ب- سورة حم السجدة عند قوله تعالى: (تعبدون).
ت- وآخر سورة النجم.
ث- وآخر سورة العلق.
110
97
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
24- إذا كانت الأفلام غير الأخلاقيّة لا تترك فيّ أثراً فهل أستطيع مشاهدتها؟
ج- إنّ الشرع نهى عن مشاهدة الأفلام غير الأخلاقيّة والبرامج المشابهة، وذلك لما تترك مشاهدتها من تأثيرات سلبيّة في الإنسان، لا سيّما إذا كانت الفتاة في مقتبل العمر حيث يؤثّر ذلك في قناعاتها وأفكارها، وقد ينقلب ذلك إلى سلوكيّات قد توقع صاحبها في المفاسد والمحرّمات. ومهما بلغت درجة الحصانة عند شخص ما، حتّى مع عدم تركها أيّ أثر من الناحيتين السلوكيّة والنفسيّة، كما تشير صاحبة السؤال، فإنّ مشاهدة هذه الأفلام لا شكّ لها تأثيراتها الاجتماعيّة، حيث إنّ مجرّد معرفة الناس بمشاهدته مثل هذه الأفلام يشكّل له إحراجاً في المجتمع، ولذلك لا يجوز مشاهدتها.
25- هل النظر إلى الأفلام الخلاعيّة من دون تلذّذ جائز للرجال والنساء؟
ج- نظراً إلى أنّ مشاهدة الأفلام الخلاعيّة المثيرة للشهوة لا تنفكّ- غالباً- عن النظر بشهوة، ولذلك تكون مقدّمة لارتكاب الذّنب، فهي حرام.
111
98
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
26- ما حكم ركوب الدرّاجة الناريّة للمرأة؟
ج- ركوب الدرّاجة في نفسه جائز، فيجوز للمرأة أن تركب الدرّاجة الناريّة بعيداً عن الأعين. أمّا ركوبها أمام أعين الناس فيغلب عليه طابع التحريم في بلدنا. وضوابط التحليل أو التحريم تكون ضمن أمور:
الأوّل: أن لا يثير ذلك أمام الرجل الأجنبيّ أيّ شهوة أو لذّة أو ريبة (خوف الوقوع في الحرام)، ولا أيّ مفسدة أخرى، فمع حصول واحدة من هذه النّتائج يحرم الركوب أمام الأجانب.
الثاني: أن لا يسبّب ذلك أيّ هتك لحرمتها في المجتمع الذي تقود فيه الدرّاجة الناريّة، ففي المجتمعات التي لا يعتاد فيها ذلك تنتقص من قيمة المرأة وتهتك حرمتها، فإذا حصل الهتك حرمت القيادة.
الثالث: أن لا يؤدّي ذلك إلى عدم الالتزام بالحجاب الكامل، وإلّا فتحرم القيادة.
وأنصح الأخت العزيزة باجتناب هذه القيادة حرصاً على عفافها، وحفاظاً على كرامتها واحترامها.
27- ما هو حكم الاستفادة من العطور والمراهم، بالأخصّ تلك التي توضع على الشفاه عند الصيام؟
ج- ما لم تتعمّد الأخت ابتلاع هذه الأمور فصومها صحيح، فالعطر في نفسه وكذا المرهم على الشّفاه لا يُبطلان الصّوم، والمبطل هو تعمّد ابتلاع هذه الأمور، وما دامت الأخت تجتنب الابتلاع فالصوم صحيح.
112
99
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
28- ما حكم عرق المرأة الحائض؟
ج- هذا العرق طاهر، وليس نجساً، ولا ينجّس الثياب.
29- هل من الممكن للمرأة أن تغتسل غسل الجمعة أيّام الحيض؟
ج- نعم يمكن ذلك، وهو مستحبّ.
30- هناك العديد من النساء والفتيات ممّن يعتقدن بالحظّ، بالأخصّ عبر قراءة فنجان القهوة أو قراءة الكفّ والطالع، بحيث يحدّدن حياتهنّ على أساسه. فما حكم هذا العمل للنساء اللواتي يقمن به؟
ج- الحديث عن هذه المسألة يتمّ من ناحيتين:
الأوّلى: إنّ الحديث عن المستقبل بنحو التأكيد غير جائز شرعاً، إلّا إذا كان هناك قواعد سديدة ومقدّمات أكيدة توصل إلى اليقين. وما ذُكر في السؤال لا يوصل إلى اليقين. وكلّ تنبّؤ بالمستقبل على نحو التأكيد لا يجوز بدون دليل يقينيّ مؤكّد، وهذا رجم بالغيب، وهو قول بلا علم، وهو منهيّ عنه.
113
100
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
الثانية: إنّ من يمارس قراءة الحظّ يحتاج إلى من يعرّفه حظّه، فهؤلاء يحكمهم الجهل أو المصلحة أو النفاق أو الرياء أو ما شابه ذلك، فأين هم وأين القواعد السديدة؟ وأمّا السبب في متابعة هذه الأمور فهو ضعف الثقة بالنفس، وهو ناشئ عن ضعف الثقة بالله تعالى- فاعملي على بناء واقعك بالعمل بما يرضي الله تعالى، ولا تتركي حياتك لأهواء بعض (البصّارات والمتنبّئات)، بل ثقي بالله لتثقي بنفسك وبمستقبلك، واستعيني بالله تعالى.
31- ما هو حكم المنامات التي يشاهَد فيها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة الأطهار عليهم السلام ؟
ج- يحتاج تأويل أو تفسير ما يُرى في أثناء النّوم إلى اختصاصيّ، حيث يقوم بتشخيص كلّ مشهد على حدة، ويمكن أن يعطي تفسيراً أو تأويلاً مع الاستعانة بالله تعالى. ولم تثبت حجّية النصّ الذي يتحدّث عن أنّ من رأى أحد سادة أهل البيت عليهم السلام فقد رآهم. وإذا طلب أحدهم من رائي الحلم شيئاً من أمور الحقّ فلا مانع من امتثاله برجاء المطلوبيّة. وعلى كلّ حال فالرجوع إلى أهل الاختصاص راجح. ولو فرض أنّ أحدهم أمر النائم بشيء فلا يجب الالتزام به.
114
101
القسم التاسع: مسائل فقهيّة
32- هناك من الأشخاص من لا يرتدع عن أذيّتنا مع أنّنا نتصرّف بشكل لائق في الخارج. فما هو تكليفنا؟
ج- يوجد فاسقون لا يتورّعون عن الأذيّة، وبعضهم يحاول أذيّة المؤمنين والمؤمنات بشتّى الوسائل، قال تعالى: ﴿إنّ الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون﴾(المطفّفين:29)، فمن يحاول أذيّة مؤمن أو مؤمنة فهو مجرم. وعليك أختي العزيزة الاقتداء برسول الله محمّد صلى الله عليه وآله وسلم الذي أوذي كثيراً، ومع ذلك صبر وتحمّل حتّى جزاه الله خير الجزاء. وحاولي أن تحدّثي بعض الفاعلين بما يحدث معك، لعلّهم يسعون مع هؤلاء الأشخاص لإقناعهم أو ردعهم بالحكمة والأسلوب المناسب.
33- هل يجب على الفتاة أن تنفق على والديها؟
ج- إذا كان الوالدان فقيرين، وكانت الفتاة تمتلك ما يفضل عن حاجتها، وجب عليها الإنفاق عليهما. وإن كان الوالدان غنيّين أو كانت الفتاة فقيرة فلا يجب عليها الإنفاق عليهما.
115
102
القسم العاشر: اقتراحات حلول لمشاكل
1- أصلّي لعدّة أيّام ثمّ أقطع الصلاة، وقد تكرّر ذلك مراراً، ماذا تقترحون لحلّ هذه المشكلة؟
ج- تعتبر الصلاة صلة الوصل بين المخلوق وخالقه، فإذا ما تهاون الإنسان في صلاته، فإنّ هذه الصلة تنقطع بالباري- عزّ وجلّ-. وبما أنّ الصلاة هي عمود الدين، وعليها يتوقّف قيامه، نجد أنّه- سبحانه- يحذّر الغافلين عن الصلاة ويتوعّدهم بالعذاب، يقول تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾(الماعون: 4- 5)، الويل هو العذاب أو هو اسم من أسماء جهنّم، وقد أثبت المولى تبارك وتعالى الويل للغافلين الذين لا يهتمّون بالصلاة ولا يبالون بأن تفوتهم في بعض الأوقات.
لذلك ندعوك أختي العزيزة إلى تعميق إيمانك والمواظبة على الصّلاة، واستغفري ربّك على ما فاتك منها، والقيام بقضائها، والله هو المستعان.
وأقترح على الأخت الأمور التالية:
أوّلاً: أن تعرف أهميّة الصلاة فقد ورد أنّه ليس بين المؤمن والكافر إلّا ترك الصلاة.
ثانياً: المشاركة في بعض الأنشطة الثقافيّة الدينيّة.
ثالثاً: تذكّر الموت، فإنّ الموت خير واعظ، وتذكّر ما بعد الموت.
رابعاً: مطالعة كتب واستماع محاضرات عن أهل البيت عليهم السلام والصالحين.
خامساً: المداومة على قراءة القرآن والأدعية، إلخ.
117
103
القسم العاشر: اقتراحات حلول لمشاكل
2- برأيكم ما هو السبب في سوء الخلق عند بعض الفتيات؟
ج- أختي العزيزة: اغتنمي الفرصة ما دام هناك مجال، وما دام في العمر بقيّة، وما دامت قواك تحت تصرّفك، وشبابك موجوداً، فابحثي عن العلاج، واعثري على الدواء لإزالة تلك الأخلاق السيّئة، وتلمّسي سبيلاً لإطفاء نار الشهوة والغضب، وهما سبب سوء الخلق. وأفضل علاج لدفع هذه المفاسد الأخلاقيّة هو أن تأخذي كلّ واحدة من المفاسد القبيحة التي ترينها في نفسك لتعزمي على مخالفة النفس فيها، وأن تعملي عكس ما ترجوه وتطلبه منك تلك الصفة السيّئة. واطلبي التوفيق من الله تعالى لإعانتك.
ومن الأخلاق الذميمة السيّئة التي تسبّب هلاك الإنسان، وتوجب ضغطة القبر، وتعذّب الإنسان في الدنيا والآخرة سوء الخلق مع أهل الدار والجيران أو الزملاء أو أهل السوق والمحلّة. وسوء الخلق سببه الغضب والشهوة، فإذا اعترضك أمر غير مرغوب فيه، حيث تستعر نار الغضب لتحرق الباطن، وتدعوك إلى الخلق السيّئ، فعليك أن تعملي بخلاف النفس الأمّارة بالسوء، وأن تتذكّري سوء عاقبة هذا الخلق ونتيجته القبيحة، وأبْدِي المرونة، والعني الشيطان في الباطن، واستعيذي بالله تعالى منه. وكرّري ذلك عدّة مرّات، فإنّ الخُلُق السيّئ سيتغيّر كلّيّاً، ويحلّ الخُلُق الحسن.
ولكن إذا عملتِ وفق هوى النفس فمن الممكن أن يهلكك. ومن الممكن أن يتجرّأ الإنسان في حالة الغضب على الذات الإلهيّة، فانتبهي لنفسك وتذكّري ساعة موتك وحسابك.
118
104
القسم العاشر: اقتراحات حلول لمشاكل
3- يقوم والدي بمقايستي بالآخرين وهذا يؤذيني، فهل تعدّ هذه الطريقة في التعامل مناسبة؟
ج- مسؤوليّة الأب والأم أن يسعيا لإيصال ابنهما أو ابنتهما إلى النموّ الجسديّ السليم، والنموّ النفسيّ والعقليّ بشكل سويّ. كما عليهما أن يسعيا لإيصال الولد أو البنت إلى الكمال الروحيّ. ومن الواضح من خلال التجارب والملاحظات أنّ مقايسة ولد بآخر لا تنتج نفسيّة سليمة، ولا عقلاً متكاملاً راجحاً، بل يلاحظ أنّ هذه المسألة تنمّي الغيرة والحسد في قلوب بعض الأولاد، وينتج عن ذلك مشاكل جسديّة ونفسيّة وعقليّة وروحيّة، وهذا أمر غير مناسب على الإطلاق، فعلى الأهل الاجتناب عن ذلك.
وينبغي على الفتاة إذا أرادت السعي لاكتمال عقلها، والحفاظ على سلامة نفسها وكمال روحها، أن تتّجه نحو الله تعالى لتستمدّ منه الطاقة، وتحصّل منه الاطمئنان، فمهما كانت التربية قاسية فإنّ ولوج باب الله تعالى يزيل المشكلة، فحاولي أن تصبري على وضعك والسيطرة على تصرّفاتك، فالله تعالى لا تخفى عليه كبيرة ولا صغيرة، ولذلك حاولي أن تجعلي ثقتك بنفسك نابعة من ثقتك بالله تعالى، لا من خلال إطراءات النّاس لك ومدحهم، والله المستعان.
كما وينبغي الإشارة إلى ضرورة إلتفات الأخت إلى نفسها، وعدم إرتكابها بعض الأخطاء التي تؤدّي بوالدها إلى إستعمال مثل هذه الأساليب، وبالتالي عدم وضع والدها في مثل هذه المواقف.
119
105
القسم العاشر: اقتراحات حلول لمشاكل
4- أبي وأمي لا يثقان بي، فكيف الطريق إلى تحصيل ثقتهما؟
ج- أحياناً تشعر الفتاة بأنّ والديها لا يثقان بها، ويكون شعورها خاطئاً، فبعض الأهل لا يستطيعون أحياناً التعبير جيّداً عن مشاعرهم تجاه الفتاة. ومع افتراض أنّهما لا يثقان بالفتاة فلا مجال لطرح الحلّ للمشكلة إلّا من خلال معرفة السبب الذي أدّى بالوالدين إلى عدم الثقة بابنتهما، فقد يكون السبب موجوداً في الوالدين نفسيهما، من خلال بعض التعقيدات التي يعيشانها، وقد يكون السبب من بعض تصرّفات الفتاة التي تُسقط الشعور بالثقة بها لدى الأهل، فبعض الفتيات يتصرّفن بسفاهة (وطيش)، بحيث لا يستطيع الوالدان منحها ثقتهما، بل يمارسان نوعاً من التحفّظ حول تصرّفاتها، فتُمنع من الخروج في أوقات معيّنة، أو إلى مكان معيّن، أو تُمنع من الاختلاط ببعض الناس، ومن حضور بعض البرامج التلفزيونيّة وهكذا. وعلى الفتاة أن تسعى لمنح أهلها الثقة بها من خلال قيامها بأمورها بمسؤوليّة وواقعيّة، بلا (طيش) وسوء تصرّف، وأن تختار الأوقات المناسبة لخروجها، والرفيقات المناسبات، وأن تبتعد في السرّ والعلن عمّا يسيء لعفتّها واحترامها، وأن لا تقوم بأعمال منافية للاحتشام والأخلاق الحسنة. ومداراة الأهل ومسامحتهما على أخطائهما، والنظر إليهما بمودّة ورحمة، وعدم فعل ما يغضبهما يساهم في منحها الثقة لدى والديها. وليكن على رأس أمورك العفّة والاستقامة. ولا تنسي الدعاء.
120
106
القسم العاشر: اقتراحات حلول لمشاكل
5- ألاحظ أنّ حياة المحيطين بي فاشلة، ولذلك أشعر بأنّ حياتي ستكون فاشلة أيضاً، الرجاء إرشادي إلى طريقة أستطيع من خلالها استعادة الثقة بنفسي.
ج- إنّ رأيك بمن حولك قد لا يكون موضوعيّاً، فبعض الناس ولكثرة وجوده مع بعض أقاربه قد يتصوّر أنّهم فاشلون، وفي نفس الوقت يكون هؤلاء الأقارب أو بعضهم من الناجحين بنظر أشخاص آخرين، بل إنّ بعض العظماء كانوا يُعتبرون فاشلين بنظر بعض المحيطين بهم، لذلك فالمطلوب دراسة موضوعيّة لواقع من حولك.
ومع التسليم بأنّ من حولك فاشلون، فهذا لا يبرّر استسلامك للواقع، بل عليك السعي لتعديل ما أنت عليه، والإنسان يتميّز بقدرته على التعديل.
أختي العزيزة: أنظري حولك وتدبّري في الأمور من حولك، فستجدين أنّ شجرة مثمرة مفيدة تنبت بين الأشواك، وتجدين واحة خضراء في وسط الصحراء. وإذا تدبّرت حياة البشر فستجدين عائلة كافرة يخرج منها ولد مسلم، بل قد يكون من الأتقياء والعلماء الصالحين. ولا تنسي أنّه في وسط الظلام يبزغ الفجر لينير أبصار الناظرين المبصرين، فاسعي إلى النجاح مستعينة بالله تعالى الذي لا يعجزه شيء وهو على كلّ شيء قدير. أنظري إلى الأمام برفقة إيمانك وتفاؤلك وتوكلّك على الله، وشقّي لنفسك طريق الأشواك لتغرسي شجرة النجاح، وشقّي عتمة ليلك بضياء الفجر، والله المستعان.
ولا بأس بالإستعانة بأخت مؤمنة لديها الخبرة في الأمور الإسلامية وخاصّة الأحكام الشرعيّة، والصحبة مهمّة في حياة الإنسان.
.
121
107
القسم العاشر: اقتراحات حلول لمشاكل
6- كيف يمكن للفتاة أن تحفظ نفسها من الذّنوب في أوائل شبابها؟
ج- تحتاج الفتاة إلى مساعدة لتحصين نفسها، من هنا نعرف قيمة حضورها للمحاضرات والمواعظ والدروس الدينيّة، وهذا يعطيها مناعة قويّة وحصانة شديدة تدفعها عن الذنوب، وقد يصير لديها ملكة باعثة على ملازمة التقوى من فعل الواجبات وترك المحرّمات.
ويمكن الاستعانة بمطالعة كتب الأخلاق والمواعظ (وخصوصاً) ذكر الموت وما بعده، وتفسير الكتاب العزيز، والتركيز على سيرة النبيّ والأئمّة والصدّيقة الطاهرة (عليهم أفضل الصلاة والسلام). والمطلوب القيام بمحاولة جادّة لترك الاختلاط الموجب لإثارة الشهوة واللذّة، وأن تتجنّب مواقع الشبهة مخافة الوقوع في الحرام، كما وينبغي ترك البرامج التي يحتمل أن تؤدّي إلى الوقوع في المفاسد وحبائل الشيطان. ولا بدّ من اجتناب المزاح "الفاقع" مع الجنس الآخر لما يترتّب عليه من نتائج سلبيّة.
وعلى الفتيات إشغال أوقاتهنّ بما يفيد وينفع، واختيار الصديقة الصالحة. وهذا الموضوع يحتاج إلى تفصيل لا يسعه هذا المختصر.
122
108
القسم العاشر: اقتراحات حلول لمشاكل
7- كيف نتمكّن من التحكّم بالغريزة الجنسيّّة؟
ج- إنّ ما يساهم بتحريك الغريزة الجنسيّّة ينتشر في مجتمعاتنا، لذا وجب التعرّف إلى هذه المثيرات حتّى يجتنبها المؤمن الذي يريد خلاص نفسه في الدّنيا والآخرة، ومن هذه الأمور:
الأوّل: الاختلاط بدون احتشام، وخصوصاً مع المزاح غير الهادىء. وهناك أنواع من الاختلاط، منها ما يساهم في تحريك الغرائز الجنسيّة بشكل سريع، ومنها ما يحرّكها بشكل بطيء بحيث لا ينتبه الشباب إلى أنّ غرائزهم استثيرت من هذه الجلسات.
الثاني: إمعان النظر في الجنس الآخر وخصوصاً إذا كان متأنّقاً ومتعطّراً، ويقوم بحركات ملفتة.
الثالث: حضور برامج تلفزيونيّة ونحوها تحتوي على مشاهد مثيرة، وصور خليعة ماجنة، وقصص حبّ وعاطفة، ومشاهد جميلة للجنس الآخر.
الرابع: قراءة كتب ومجلّات تشتمل على قصص وأخبار تساهم في إثارة الغرائز.
الخامس: قيام بعض الأهل أو الأخوة المتزوّجين بأفعال جنسيّة أمام الأولاد، ما قد يساهم في إثارة غرائزهم. وهكذا في اللباس حيث لا يبالي بعض أفراد العائلة بطريقة لبسهم وذلك يؤدّي إلى التأثير فيمن حوله أحياناً.
123
109
القسم العاشر: اقتراحات حلول لمشاكل
أختي العزيزة: إنّ الارتباط بالله تعالى وبالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام وبالكتاب العزيز وعدم الغفلة عن يوم الحساب يُساهم في ضبط هذه الغرائز، كما أنّ الزواج المبكر مع الوئام والتوافق يُساهم أيضاً في ذلك. وفي الختام الصبر مفتاح الفرج، واستعيني بالله تعالى لدرء الخطر عنك.
8- أحبّ أن أكون حرّة ووالدايْ يقيّدانني بأمور لا أحبّها. فما هو مفهوم الحرّية في الإسلام؟ وما هي حدودها؟ وهل يجوز لي أن أخالف كلّ ما يقوله لي أهلي، لأنّي أحبّ أن أكون حرّة؟
ج- إذا التزم الإنسان دين الإسلام، وآمن بالله تعالى ورسوله والأئمّة (عليهم الصلاة والسلام) والكتاب العزيز واليوم الآخر، فلا شكّ في أنّ هذا الإنسان يعيش عمليّاً حالة العبوديّة لله، فيصير ملزماً باتّباع تعاليم الشريعة. وهذا الأمر يمثّل العبودية لله تعالى. نعم على الإنسان أن يكون حراً أمام الشياطين من الإنس والجنّ، ولا يطيعهم ويقصر طاعته على الله عزّ وجلّ.
والمقصود بالحرّية في الإسلام أن يرسم الإنسان لنفسه هدفاً أو أهدافاً ويسير نحوها لتحقيقها، على أن تكون هذه الأهداف نابعة من الدين الإسلاميّ الحنيف.
وما يتعارف من استعمال لكلمة الحرّية كما نفهم من السؤال هو الفلتان والفساد والفوضى، وذلك بأن يخرج الإنسان من عبوديّته لله- تبارك- ويدخل تحت عبوديّة الهوى والباطل.
124
110
القسم العاشر: اقتراحات حلول لمشاكل
وإذا كان الأهل يضبطون تحرّك الفتاة ضمن الضوابط الشرعيّة فيكون عملهم نعم العمل، أمّا إذا كان مخالفاً للضوابط الشرعيّة فعلى الفتاة أن تسعى لمحاورة أهلها بالحكمة وبالتي هي أحسن. والمهمّ أن لا تخالف البنت أوامر الله تعالى ولا تعصيه.
125
111
القسم الحادي عشر: منوّعات
1- ما هي فلسفة أن تعتدّ المرأة عند الطلاق؟
ج- ينبغي الالتفات عند التحدّث عن موضوع المرأة المطلّقة إلى ثلاث حالات:
الأولى: أن تكون قد بلغت سنّ اليأس، ففي هذه الحالة لا عدّة عليها من الطلاق.
الثانية: إذا لم تكن بالغة فلا عدّة عليها من الطلاق.
الثالثة: أن تكون المطلّقة بالغة غير يائسة، وفيها صورتان:
الأولى: أن لا تكون العلاقة الزوجيّة الكاملة قد جرت بينها وبين زوجها، وفي هذه الحالة لا عدّة عليها من الطلاق.
الثانية: أن تكون العلاقة الكاملة قد حصلت بينهما، وفيها صورتان أيضاً:
الأولى: أن لا تكون حاملاً. وعدّة طلاق الحامل تنتهي عند وضعها. وفلسفة هذه العدّة واضحة، فما دام الجنين موجوداً فالعلاقة مع الزوج المطلِّق لا تزال موجودة، وهذا سبب وجيه. وإن لم تكن حاملاً فعدّتها ثلاثة أطهار. وفلسفة هذه العدّة هي حصول اليقين بأنّ هذه المطلّقة لا تحمل جنيناً أو نطفة من مطلّقها. وهذا حكم عام نوعيّ، فلو أنّ امرأة علمت بأنّها ليست حاملاً وجب عليها هذا الاعتداد، لأنّ الحكم أمر نوعيّ لا بدّ من ممارسته بعد الطّلاق.
أمّا عدّة وفاة الزوج فهي أربعة أشهر وعشرة أيام لغير الحامل، وأبعد الأجلين من الوضع والمدّة للحامل. وفلسفة هذه العدّة إبراز مكانة الزوج في الإسلام، مع إبراز احترام المتوفّى. ويجب أن تقترن العدّة بالحداد من الأرملة. وعدّة الوفاة تجب على كلّ زوجة مات زوجها، سواء أكانت يائسة أو غير بالغة أو غير ذلك.
127
112
القسم الحادي عشر: منوّعات
الثانية: أن تكون حاملاً. ومن علل عدّة الطلاق وجود المهلة لرغبة تحدث، أو لسكون غضب إن وجد، وحرقة المطلقة تسكن في ثلاثة أشهر، وحرقة المتوفّى عنها زوجها بأكثر من ذلك (أربعة أشهر وعشرة أيّام) والله تعالى العالم.
2- لماذا وُصفت المرأة في الروايات بأنّها ريحانة أو وردة؟
ج- المناسب للمرأة أن تمارس الدور الذي يقترحه الدين لها. وهذا الدور يتّسم بخصوصيّة غلبة الأحاسيس والعواطف على التعقّل، حتّى تستطيع القيام بأدوار الزوجة والحامل والأم والمرضعة ونحو ذلك. وهذا الدور يحقّق التكامل في المجتمع مع دور الرّجل. وذُكر في بعض الروايات كما عن الإمام علي عليه السلام أنّ المرأة ريحانة وليست قهرمانة، والقهرمانة الحاكمة، فالمرأة لما فيها من خصائص هي ريحانة وشأن الرياحين أنه يتعامل معها بلطف ورقة، وهذا ما نلحظه في تصرفات النّساء، فإنّ معظمهنّ يمارسن أعمالهنّ بغلبة الأحاسيس والعواطف حتّى لو وصلن إلى أعلى المراكز، فنرى المرأة تهتمّ بزينتها وملابسها ومشيتها وجلستها وطريقة كلامها، إلخ، فهي تقضي الكثير من سنوات عمرها في إبراز كونها ريحانة رقيقة ناعمة إلخ. أمّا الرجل ففيه من الشدة والصلابة وغلبة التعقّل ما يؤهلّه للدور التكامليّ الآخر.
128
113
القسم الحادي عشر: منوّعات
3- ما هو مفهوم السعادة الواقعيّة؟
ج- السعادة الواقعيّة هي في تحقيق الهدف الذي من أجله خُلقَ الإنسان، وليست هي إشباع الغرائز والشهوات.
فالإنسان السعيد هو الذي يلتزم خطّ التوحيد عقائديّاً بكلّ ما للتوحيد من تفصيل، ويلتزم العمل بالجوارح بما يناسب خطّ التوحيد، وذلك بأن يوافق ظاهره باطنه. والسعادة الحقّة هي أن يموت الإنسان وهو على خطّ الاستقامة، وبذلك يحفظ آخرته التي هي الحياة الحقيقيّة، وهذا ما نلاحظه في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي وعده الله تعالى بالجنّة (كما في سورة الإنسان)، ومع ذلك لم يعلن فوزه إلّا عندما استدعى الأمر التأكيد على التزامه التوحيد قلباً وعملاً إلى آخر حياته، فقد نُقل عنه عليه السلام أنّه حين ضربه ابن ملجم (لعنه الله)، قال: "فزت وربّ الكعبة"، فلم يعلن فوزه إلّا عند اقترابه من الاستشهاد وهو على دين التوحيد.
أمّا إشباع الغرائز في الدنيا فلا يحقّق السعادة الحقيقيّة، لأنّ الدنيا دار ممرّ وليست دار مقرّ، وكلّ من ارتبط بخطّ التوحيد كلّ حياته فسينال السعادة الحقّة، قال تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة ُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبَادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾(الفجر27-30)، هذه هي السعادة الحقيقيّة.
129
114
القسم الحادي عشر: منوّعات
4- ما هي شروط الحضور السياسيّ والاجتماعيّ للنساء من وجهة نظر القرآن الكريم؟
ج- توجد شروط عديدة منها:
أ- الالتزام بالحجاب الشرعيّ، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وكان الله غفوراً رحيماً﴾(الأحزاب: 59)، فالمطلوب إظهار العفّة والصّلاح، ويكون ذلك بالحجاب، فإذا خرجت المرأة بالحجاب يعرفها الفاسقون بأنّها عفيفة فلا يتعرّضون لها بالأذيّة.
ب- ترك التبرّج، قال تعالى: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى...﴾(الأحزاب: 33).
ج- عدم النظر المحرّم وعدم إبداء الزينة،... قال تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا...﴾(النور: 33)، وهذا يعني عدم جذب أنظار الرجال الأجانب إليها.
د- عدم الترقيق في الصوت، قال تعالى: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾(الأحزاب: 32). وقد مرّ الحديث عن التفاصيل في الإجابات المتفرّقة.
كما ينبغي للمرأة التي تريد أن تمارس العمل السياسيّ أو أن تثبت حضوراً اجتماعيّاً أن تمتلك مؤهّلات وقدرات ومهارات تؤهّلها لإثبات حضورها كالتواضع والعفّة، والتسلّح بالوعي والحنكة والمرونة، وكلّ ما من شأنه أن يساهم في هذا الشأن، وهي من الأمور التي تشارك فيها الرجل.
130
115
القسم الحادي عشر: منوّعات
5- هل يمكن للإنسان أن يرتكب بعض المحرّمات أيّام شبابه، ومن ثمّ يتوب عندما يكبر في السنّ؟
ج- لا يعلم الإنسان متى يموت، لذلك عليه الالتزام بالدّين في كلّ أيامه، فما يدريك أنّ هذا الإنسان قبل توبته سيموت أم لا؟ فهل يلعب هؤلاء بمصيرهم بحيث يراهنون على أمر غير مضمون؟ أبداً هذا لا ينفع. ويمكن أن ألخّص هذه الفكرة بهذا الكلام: تب إلى الله قبل أن تموت بيوم، وبما أنّك لا تعرف متى تموت فكن تائباً أبداً. هذا أوّلاً.
وثانياً: لو مارس الإنسان الذنوب فإنّ القلب قد يموت، وإذا مات القلب فكيف تتحقّق التوبة؟ ومن خلال نصوص كثيرة، نرى أن الذنوب تؤدّي إلى عواقب عديدة منها:
أ- الذنوب تسلب توفيق الدعاء، فبماذا يستعين ليتوب، وهو لا يوفّق للدعاء؟!
ب- الذنوب تُنسي ذكر الله، فبماذا يستعين ليتوب وهو قد نسي إلى من يتوب؟!
ج- عن الإمام الصادق عليه السلام في أصول الكافي: "إنّ الرجل يذنب الذنب فيحرم صلاة الليل وإنّ العمل السيّئ أسرع في صاحبه من السكين في اللحم"، فبماذا يستعين ليتوب؟!
د- حتّى لو مارس المذنب الدعاء فقد لا يستجاب له، قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾(غافر: 60).
هـ- الذنوب تغيّر النعم وتبيد الأمم، قال تعالى: ﴿أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ
131
116
القسم الحادي عشر: منوّعات
فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ﴾(المؤمن: 21 ) فكيف يتوب ؟!
و- الذنوب تهتك العصم، أي الحجب التي تستر الروح، فكيف يتوب؟!
ز- الذنوب تقطع الرجاء، وتنزل النقم.
ح- الذنوب تؤدّي إلى الكفر. قال تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون﴾(الروم:10).
ط- الذنوب تؤدّي إلى حبط الأعمال الحسنة.
ي- الذنوب تؤدّي إلى قسوة القلب، فكيف يعود إلى التوبة؟
هذا غيض من فيض، فاتقوا الله الذي إليه ترجعون. ولكن لو تاب توبةً نصوحاً فالله تعالى قابل التوبة، ولكن هل يصل إلى التوبة!.
6-ما هو تكليف المرأة عباديّاً أثناء الحيض؟
ج- المرأة الحائض يسقط عنها بعض العبادات "كالصّلاة والصّوم"، ولا تسقط كلّ العبادات. ويمكنها في هذه الحالة أن تقوم بالأذكار والأدعية والزّيارات عن بعد، وما شاكل ذلك. ويستحبّ لها في وقت الصّلاة أن تتوضّأ، وتقعد في مصلّاها ذاكرة الله تعالى ويجوز لها الدعاء وقراءة القرآن باستثناء سور العزائم.
وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين
132
117
القسم الحادي عشر: منوّعات
أختي الغالية
هذه أسئلةٌ كثير من الفتيات، حاولنا قدر استطاعتنا الإجابة عنها، ونرجو منكِ إن لم تجدي مطلوبكِ في هذا الكتاب، وبين هذه الأسئلة أن تراسلينا بكل ما يخطر ببالكِ من تساؤلات، ونحن إن شاء الله نقدّم الإجابة عنها في الطبعة التالية.
133
118
القسم الحادي عشر: منوّعات
يقوم مركز نون للتأليف والترجمة في جمعية المعارف الإسلامية الثقافية بإعداد ونشر الكتب الهادفة التي تتناول أهم المواضيع المتعلّقة بالدين والاجتماع، بالإضافة إلى بعض الكتب المتعلقة بحياة وأقوال العظماء أمثال الإمام الخميني قدس سره، والإمام الخامنئي دام ظله، والشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه، والشهيد مرتضى مطهريّ رضوان الله تعالى عليه وغيرهم. وكثير من الكتيبات في مواضيع علمية وثقافية مختلفة.
134
119