المقدّمة

 ويُبنى الإنسان من كافة الأصعدة.

 ثانياً: ترسيخ قناعته بصوابها وصلاحيتها للعصر الراهن، وإبراز عناصر تفوّقها على العقائد الأُخرى.

 - تعمّدنا التوسعة في مضامين بعض الدروس نظراً لحساسية موضوعاتها وأهميتها، مع العلم أنّ الطلاب ملزمون بمطالعة المادة العلمية للدروس بشكل مفصّل لكي يتمكنّوا من الإجابة عن أسئلة التمارين.

 الدرس الأول

ماهية الذَّنب وأنواعه

 تمهيد

 عن أمير المؤمنين عليه السلام: "جاهد نفسك وحاسبها محاسبة الشريك شريكه، وطالبها بحقوق الله مطالبة الخصم خصمه، فإنّ أسعد الناس من انتدب لمحاسبة نفسه"1.

 الذّنب في القرآن الكريم

 4- السيّئة: ومعناها العمل القبيح والسيّئ الموجب للهوان والذلّة، وتُقابلها الحسنة التي تعني السَّعادة والفلاح، كما في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾¹.

 الصلاح، ويستعمل ذلك في النفس والبدن والأشياء الخارجة عن الاستقامة، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ﴾1.

 14- اللّمم: وهو على وزن قلم بمعنى القرب من الذَّنب، وبمعنى الأشياء القليلة أيضاً. ويستعمل في الذُّنوب الصغيرة، ووردت في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾¹.

 يستفاد من الآية أن الكبائر يقابلها ما هو أدنى منها رتبةً أي الصَّغائر، فالمنهيّ عنها هي المعاصي صغائرَ وكبائرَ، وأمَّا السيِّئات فهي الصَّغائر لمناسبة المقابلة بينها وبين الكبائر. وكبر المعصية إنّما يتحقّق بأهمية النهي عنها إذا قيس إلى النهي المتعلّق بغيرها، ولا يخلو قوله تعالى: ﴿مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ من دلالة على ذلك.

 والدم الذي قد يشمل أكل الحرام والإصرار على المعصية من دون تكفيرها بالتوبة.

 وروي عن الإمام الصادق عليه السلام: "اتّقوا المحقّرات من الذنوب فإنّها لا تغفر"، قلت: (أي الراوي): وما المحقّرات؟ قال: "الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبى لي لم يكن لي غير ذلك"¹. 

 المفاهيم الرئيسة

 الأسئلة والتطبيقات

 5- المحقّرات من الذنوب هي:

 الدَّرس الثَّاني

كبائر الذنوب

 تمهيد

 كبيرة بالنسبة إليها، وإن نقص فهي صغيرة. وواضح أنّ هذه الإضافة غير صحيحة إذ لا تُقارن طاعة بمعصية، ولا يُنسب عقاب إلى ثواب.

 4- كلُّ ذنبٍ يدلُّ على الاستهانة بالدّين واللامبالاة به.

 1- الكبائر السبع:

 12- واليمين الغموس الفاجرة: لأنّ الله عزّ وجلّ يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ﴾¹.

 1- الكبائر المتعلِّقة بالجوارح¹:

 المفاهيم الرئيسة

 الأسئلة والتطبيقات

 ضع إشارة ü أو û في المكان المناسب:

 الدَّرس الثالث

صغائر الذّنوب

 تمهيد

 "الصَّغائر من الذّنوب طرقٌ إلى الكبائر، ومن لم يخَف الله في القليل لم يَخَفْهُ في الكثير..."1.

 فالإصرار لا يُبقي الصَّغيرة على حالها، لأنَّ الإصرار عليها معصيةٌ أخرى تنضمُّ إلى الأولى، فما دام مصرِّاً على ما يفعله توالت المعاصي وتكاثرت وتراكمت حتَّى تغدو كبيرةً، ولا سيّما إذا كان الإصرارُ يتضمَّنُ الاستهانةَ بالله تعالى وأوامره.

 2- الاستهانة بالذَّنب:

 وروي عن الإمام زين العابدين عليه السلام: "إيّاك والابتهاج بالذَّنب، فإن الابتهاج به أعظم من ركوبه"¹. وعنه عليه السلام أيضاً: "حلاوةُ المعصية يفسدُها أليم العقوبة"².

 6- التَّجاهر بالمعصية:

 المفاهيم الرئيسة

 الأسئلة والتطبيقات

 ضع إشارة ü أو û في المكان المناسب:

 الدَّرس الرابع

الأسباب والمناشئ الداخلية للذنوب

 تمهيد

 فالإيمان أمرٌ يقبل الزيادة أو النقصان، والشدّة أو الضعف، فنحن نشاهد في مجتمعنا كثيراً من النَّاس يشكون من قسوة قلوبهم، ومن قلّة خشوعهم في صلاتهم، ونرى من سلوكيَّات بعضهم غلبةَ حرصهم على الدُّنيا ويأسهم وقنوطهم وحزنهم في الظُّروف والمصائب القاسية، بالإضافة إلى الأنانيَّة والغرور والتعصُّب، إلى غيرها من الأمراض المتعدِّدة والتي ترجع إلى سببٍ واحدٍ وهو ضعفُ الإيمان، الذي يزدادُ ويشتدُّ عبر الطاعات وينقص ويضعف بالمعاصي، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾¹. ولا شكّ أنّ هذا الضعف أو القوة في الإيمان لا يولد مع الإنسان ولا يُجبر عليه أحد، فهذا ينافي مبدأ الاختيار وعقيدة "أمر بين أمرين" التي تعني نفي الجبر والتفويض للنّاس، وإثبات اختيارية التكليف التي تؤمن بها مدرسة أهل البيت عليهم السلام.

 وهناك أمور أخرى ذكرت في الروايات يؤدّي فقدانها أو نقصانها إلى ضعف الإيمان ما يدفع بالإنسان إلى ارتكاب المعاصي، ومنها ما روي عن الإمام الصَّادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: "قال أمير المؤمنين عليه السلام: الإيمان له أركان أربعة: التوكُّل على الله، وتفويض الأمر إلى الله، والرضا بقضاء الله، والتسليم بأمر الله عزّ وجلّ"¹.

 2- تفويض الأمر إلى الله تعالى: وذلك في دفع شرِّ الأعداء وكيد الخصماء ومكائد النَّفس ووساوس الشَّيطان.

 وقد ذكر العلماء أنّ للنفس أربع قوى، هي: القوّة الشهوية، القوّة الغضبيّة، القوّة الوهميّة، القوة العاقلة.

 ج- القوّة الوهميّة: وهي القوّة التي من شأنها استكشاف وجوه المكر والحِيَل، والتوصّل إلى الأغراض بالتَّلبيس والخُدَعِ، فهي من أهمّ قوى الإنسان، بل إنّ قواه الأخرى تحت سلطان القوّة الوهميّة، ويمكن القول إنّها القوّة التي تحكم في غير المحسوسات بأحكام تناسبُ المحسوسات. ويضيف بعض العلماء قيد الشيطانية، أي القوّة الوهميّة الشيطانيّة، إشارةً إلى الأهواء النَّفسانيّة، وهي التي تحمل الإنسان على الجدال في الله وصفاته وأفعاله، وهي الباعثة للإنسان على منازعة النَّاس ومجاراتهم والمخاصمة معهم في كلِّ شيءٍ.

 مرض القلب

 روي عن الإمام الباقر عليه السلام: "القلوب ثلاثة: قلبٌ منكوس لا يعي شيئاً من الخير، وهو قلب الكافر، وقلبٌ فيه نكتة سوداء فالخير والشر يعتلجان، فأيّهما كانت منه غلب عليه، وقلبٌ مفتوح فيه مصباح يزهر ولا يطفأ نوره إلى يوم القيامة، وهو قلب المؤمن"1.

 المفاهيم الرئيسية

 الأسئلة والتطبيقات

 ضع إشارة ü أو û في المكان المناسب:

 الدَّرس الخامس

الأسباب والمناشئ الخارجية للذنوب

 مثلّث الشخصية

 وأما البيئة: فلأنّ الإنسان يتأثّر في سلوكه وخلقه بالبيئة التي يعيش فيها¹. ويقصد بالبيئة العامل المؤثّر في الشخصية، والمحيط العام الذي يعيش فيه الإنسان، والذي تتكوَّن فيه الصِّفات الخُلُقية لدى الفرد، سواء عن طريق المنزل أو المدرسة أو المجتمع أو الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعيّ ونحوها...

 وإذا دقّقنا في قضية وقوع الذَّنب من العبد نجده محفوفاً بجهلين:

 والتَّقليد - الأعمى - هو أحد شُعب الجهل، وهو من الأمور التي تهيّئ الأرضية المناسبة لارتكاب الذُّنوب.

 أسباب التقليد الأعمى

 ولكلٍّ من العاملين دوره الخاص وتأثيره في صياغة شخصية الفرد، وتهيئة الأرضية الصَّالحة أو الطَّالحة له.

 يبيّن الله تعالى في هذه الآية أنَّ التَّابعين يتحمّلون المسؤوليّة مهما كان نوع الضَّغط الذي مارسه أولئك عليهم، سواء أكان ضغطاً مادياً أو عاطفياً. فلا شيء يَفرض عليهم أو يَجبرهم على هذا الاتّباع المنحرف. إنّ هذه التَّربية القرآنية تعلّمنا مدى تأثّر الإنسان بالإنسان الآخر، وضرورة أن يلتفت الشَّخص إلى علاقاته وكيفيَّة اختيارها، وأن يتخلَّص من الأجواء الضَّاغطة مهما كان نوعها.

 والإعلام المضلِّل يعمل على محاور عدّة لإبعاد النَّاس عن النهج الحقّ والسلوك السليم. وإذا رجعنا إلى التاريخ لنقرأ الصراع بين الحقّ والباطل، نجد أن ما استخدمه فرعون من طرق إعلامية متعدِّدة في معركته مع النبيّ موسى عليه السلام نموذجاً واضحاً لذلك، ونورد منها:

 القيادة الضالَّة والمُضلَّةُ:

 3- تعليمهم القرآن الكريم، وتأديبهم بآدابه.

 المفاهيم الرئيسة

 الأسئلة والتطبيقات

 ضع إشارة ü أو û في المكان المناسب:

 الدَّرس السَّادس

آثار الذّنوب في الدُّنيا (1)

 المراحل الثلاث للعمل

 فارتباط الإنسان بعمله يمرّ بهذه المراحل الثلاث. والإنسان في أيّ مرحلة كان، فإنّ لعمله ظاهراً وباطناً، فأكل مال اليتيم قد يبدو في ظاهره مصدرَ نفْعٍ لمرتكبه، ولكنّه في باطنه "نارٌ"، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾¹. وإذا افترضنا أنّ هذا الجزاء صار جزءاً من وجود الإنسان فسيكون هو قطعةَ نارٍ وسيدخل النّار خالداً فيها.

 أثر، فلا بدّ من تحديد طبيعة العالَم الذي نتحدّث عنه، فمن آثار الذّنوب في الدُّنيا مثلاً حرمان العلم أو الرِّزق وغيرهما من الأمور التي تتناسب مع طبيعة عالم الدُّنيا، أمّا آثار الذّنوب في عالم البرزخ فإنّها تتناسب مع طبيعة ذلك العالم، كوحشة القبر وظلمته والمساءلة فيه الخ. وأيضاً آثار الذّنوب في الآخرة تتناسب مع طبيعة عالم الآخرة، من غضب الله، والحسرة والندامة، والعمى يوم القيامة الخ.

 ويعلّق العلامة الطباطبائي على الآية الكريمة ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ بالقول: "الحوادث الكونية تتبع الأعمال بعض التبعية، فجري النوع الإنسانيّ على طاعة الله سبحانه وتعالى وسلوكه الطريق الذي يرتضيه يستتبع نزول الخيرات، وانفتاح أبواب البركات، وانحراف هذا النوع عن صراط العبودية وتماديه في الغيّ والضلالة وفساد النيّات وشناعة الأعمال يوجب ظهور الفساد في البرّ والبحر، وهلاك الأمم بفشوّ الظلم وارتفاع الأمن وبروز الحروب وسائر الشرور الراجعة إلى الإنسان وأعماله، وكذا ظهور المصائب والحوادث المبيدة الكونية كالسيل والزلزلة والصاعقة والطوفان وغير ذلك. فالأمّة الظالمة إذا انغمرت في الرذائل والسيئات أذاقها الله وبال أمرها، وآلَ ذلك إلى إهلاكها وإبادتها..."¹.

 كَثِيرٍ﴾¹, وقال تعالى في آية أخرى ﴿وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾².

 ومنها أيضاً ما عذّب الله تعالى به قوم عاد لمّا كفروا بربّهم: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾¹, ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾³,².

 وقد ورد في القرآن الكريم ذنوب متعدِّدة توجب حبط العمل، نذكر منها على سبيل المثال:

 هذا بالإضافة إلى أنّ مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومشاقّته طريق لحبط الأعمال، لأنّ مخالفته هي مخالفة لله تعالى، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ﴾¹.

 قساوة القلب

 ملامسته لرطوبة الهواء، وهي علامة لتلفه، وضياع بريقه وحسن ظاهره. وقيل: ران عليه: غلب عليه، ورين به: وقع في ما لا يستطيع الخروج منه ولا طاقة له به¹.

 المفاهيم الرئيسة

 الأسئلة والتطبيقات

 ضع إشارة ü أو û في المكان المناسب:

 الدَّرس السَّابع

آثار الذّنوب في الدُّنيا (2)

 في سياق ذكر الآثار العامَّة للذُّنوب في الحياة الدُّنيا، نكمل في هذا الدَّرس ذكر بعض الآثار المترتِّبة على اقتراف الذّنوب والمعاصي، فنذكر منها:

 روي عن الإمام علي عليه السلام: "ما زالت نعمةٌ ولا نضارةُ عيشٍ إلّا بذنوب اجترحوا، إنّ الله ليس بظلّامٍ للعبيد، ولو أنّهم استقبلوا ذلك بالدّعاء والإنابة لم تزل"¹.

 وينبغي الالتفات إلى:

 بالذّنوب أكثر ممّن يموت بالآجال، ومن يعيش بالإحسان أكثر ممّن يعيش بالأعمار"¹.

 "هذا يعني أنَّ للذّنوب والأعمال الخارجة عن طور الشَّريعة تأثيراً في سلب الرَّحمة، وذلك لأنّ الفيض الإلهيّ لا بُخْلَ ولا مَنْعَ من قِبَلِه، وإنّما ذلك بحسب عدم الاستعداد، وظاهر أنّ المذنب معرضٌ عنه غير معترض لرحمته، بل مستعدّ لضدّ ذلك أعني سخطه وعذابه، فاستحقّ بذلك أن لا ينال رحمته ويُحرم من الإجابة"¹.

 الحياءُ في الإنسان المؤمن هو من أهمِّ وأفضل الأخلاق وأعظمها قدراً وأكثرها نفعاً، وهو الذي يؤدِّي إلى العفّة والعفاف.

 فنسيان الأعمال الخيّرة هو نسيان النَّفس، وقد عبّر الله تعالى عنه بالخسران: ﴿الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾¹.

 الهوان عند الله تعالى

 وبالتأمّل جيّداً في الآيات والروايات نلاحظ أنَّ الذّنوب سببٌ أساسٌ للوقوع في الغفلة، فهي تورث قساوة القلب، وهي الحالة التي يعبّر عنها القرآن بـ "الرّين" أو "الختم" أو "الغُلف"، وذلك إذا تكاثرت الذّنوب على قلب الإنسان. فالذّنوب تورث الغفلة، والغفلة تورث القسوة، والقسوة تورث البعد من الله، والبعد من الله يورث النّار. وإنّما يتفكّر في هذا الأحياء، أمّا الأموات فإنّهم قد أماتوا أنفسهم بحبّ الدُّنيا.

 فالله تعالى يريد أن يقدّم للمسلمين درساً في غاية الأهميّة والخطورة معاً، ألا وهو أنّ انشغال بعضكم بالدُّنيا وتقاسم الغنائم قبل أوانها وترك المواقع وعدم التقيد بأوامر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدّى إلى الهزيمة، وإلى استشهاد سبعين مجاهداً من صفوة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من بينهم الحمزة (رضوان الله عليه) ومصعب بن عمير (رضوان الله عليه)، ومخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما هو معلوم ذنبٌ، بل ذنب عظيمٌ سرعان ما ظهرت نتائجه الرهيبة في تلك المعركة وحتَّى ما بعدها من أحداثٍ وبيلة عانى منها كيان الأمة الإسلامية¹.

1- حادثة بئر معونة: "أهل بئر معونة: هم سبعون رجلاً من القراء وأصحاب رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم، وأميرهم المنذر بن عمرو، بعثهم رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم إلى بئر معونة في صفر سنة أربع من الهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد ليعلموا الناس القرآن والعلم، فقتلهم جميعاً عامر بن الطفيل". العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج20، ص21، وكذا في غزوة الرجيع: " فقد بعث رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم مرثد بن أبي مرثد الغنوي حليف حمزة وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت بن الأفلج وخبيب بن عدي وزيد بن دثنة وعبد الله بن طارق، وأمير القوم مرثد، لما قدم عليه رهط من عضل والديش، وقالوا: ابعث معنا نفراً من قومك يعلموننا القرآن ويفقهوننا في الدين فخرجوا مع القوم إلى بطن الرجيع وهو ماء لهذيل فقتلهم حي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان، وأصيبوا جميعاً". العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج20، ص150-151.

114

 المفاهيم الرئيسة

 الأسئلة والتطبيقات

 ضع إشارة ü أو û في المكان المناسب:

 الدَّرس الثامن

الآثار البرزخية للذنوب

 حقيقة البرزخ

 إقلاعهم عن ذنوبهم، وأنّ الحاجب بين عالم الدُّنيا وعالم البرزخ هو تعلّق الرُّوح بهذا البدن، وأنّ الحجاب يزول عند انفكاك هذا التعلّق. وهذا ما يصطلح عليه بقبض الرُّوح.

 روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "ما من الشِّيعة عبدٌ يقارف أمراً نهيناه عنه فيموت حتَّى يُبتلى ببليّة تُمحَّصُ بها ذنوبه، إمّا في مالٍ، وإمّا في ولدٍ، وإمّا في نفسه، حتَّى يلقى الله عزّ وجلّ وما له ذنبٌ، وإنّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيُشدَّدُ به عليه عند موته"¹.

 وإنّ لهذا المنزل أهوالاً عظيمة ومنازل ضيّقة ومهولة، يصعب تصوّرها على العقل البشريّ، ولذا شرحها لنا أئمّة أهل البيت عليهم السلام.

 الله، ما رأيت شيئاً قطّ أحسن منك! فيقول: أنا رأيك¹ الحسن الذي كنت عليه، وعملك الصالح الذي كنت تعمله..."².

 3- إتمام الركوع:

 ضغطة القبر

 مفهوم ضغطة القبر واختلاف درجاتها

 وتنبغي الإشارة إلى أن ّضغطة القبر على المؤمن - لو حصلت - فهي من باب تطهيره من الذّنوب المتبقية في عالم الدُّنيا، فيخرج نقياً إلى عالم القيامة. وروي عن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ضغطة القبر للمؤمن كفّارة لما كان منه من تضييع النِّعم"1.

 الأمور المنجية من ضغطة القبر

 سبعين مرة، إلا أُجير من عذاب القبر ومن عذاب النّار، ومُدَّ له في عمره، ووُسِّع عليه في معيشته"¹.

 الثّقلان،... فإذا أُدخل قبره وفارقه النَّاس أتاه منكر ونكير في أهول صورة، فيقيمانه، ثمّ يقولان له: من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ فيتلجلج لسانه، ولا يقدر على‏ الجواب، فيضربانه ضربةً من عذاب الله، يذعر لها كلّ شي‏ء"1.

 المفاهيم الرئيسة

 الأسئلة والتطبيقات

 ضع إشارة ü أو û في المكان المناسب:

 الدَّرس التاسع

الآثار الأخروية للذنوب

 كلّ إنسان حسب عمله، إن خيراً فخير، وإن شرّاً فشرّ. فالله سبحانه وتعالى قد أمر عباده بطاعته ونهاهم عن معصيته، وأرسل إليهم الأنبياء والرسل لهدايتهم إلى طريق الحقّ، وإبعادهم عن طريق الغيّ والضلال. فمن عمل بإرشادات الأنبياء والرسل فقد وعده الله بالجنَّة خالداً فيها، ومن خالف إرشاداتهم فقد توعَّده الله بالنّار. فالله تعالى يثيب الإنسان أو يعاقبه وفقاً لعمله، فإن كان العمل موافقاً لإرادة الله وطاعته ورضاه نُعِّم صاحبه بأنواع النِّعم والكرامات الإلهية، وإن كان موافقاً لنهي الله وسخطه عُذِّب الإنسان بأنواع العذاب، وذلك حسب حاله ومآله، قال تعالى: ﴿وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾¹.

 استحقاق دخول النّار¹

 أهل المعرفة بالله، بدلائل العقول، والكتاب المسطور، والخبر الظَّاهر المشهور"¹.

 وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾¹, فالكافر والمنافق يخلّدان في النّار دون المؤمن كما تقدّم.

 لذا ينبغي للإنسان المؤمن العاقل أن يخافَ أهوالَ ذلك اليومِ العظيمِ، وأنْ يخافَ الفضيحةَ أمامَ الله ورُسله والأمم والنَّاس أجمعين.

 حَامِيَةً﴾¹, أي إنَّ هؤلاء الكُفَّار كانوا يعملون في الدُّنيا بجدٍّ ولكن لغير الله تعالى، فمع كلِّ تعبهم وعنائهم لم يستفيدوا شيئاً من أعمالهم، فتكونُ آثارُ الخيبةِ باديةً على وجوههم يوم القيامة، وزيادةً في بيان حالهم من الذُلّ والهوان يقول الله تعالى: إنّ هذه الوجوه: ﴿تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ أي تقاسي حرّ النّار وتُعذَّب بها، لأنّ أعمالهم في الدُّنيا كانت خاسرةً، غلبها الشرّ وفارقها الخير.

 وقد وصفت الرِّوايات الشَّريفة هذه الحسرةَ بأشكالٍ متعدِّدة، منها "أشدُّ النَّاس حسرةً يوم القيامة"، عن الإمام الباقر عليه السلام: "أشدّ النَّاس حسرة يوم القيامة الذين وصفوا العدل ثم خالفوه، وهو قول الله عزّ وجلّ: ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ﴾¹"².

 تجسّم الأعمال بصورٍ قبيحة

 المفاهيم الرئيسة

 الأسئلة والتطبيقات

 5 - ينبغي أن لا يكون المؤمن في غفلة عن الله بل على استعداد دائم للقائه لأن:

 الدرس العاشر

أصول الكفر (1): (الكِبْر)

 أصول الكفر

 حقيقة الكِبْر

 درجات الكِبْر

 الدُّنيا قبله. إنّ شخصاً هذا شأنه لا يكون من طلاب الحقّ، بل يكون تكبّره أخفى عنه الحقّ، وأعماه تملُّقه لذاك الكبير وأصمَّه. ومثل هذا من يترك تدريس علمٍ أو كتابٍ باعتباره لا يليق به، أو يرفض تدريس أشخاصٍ لا مركزيّة لهم، أو لأنّ عددهم قليل، أو يترك صلاة الجماعة في مسجد صغير...."¹.

 نتنةً، وتغافله عن مثواه الأخير، والعاقبة التي بانتظاره في يوم من الأيام التي لا مفرَّ منها ولا مهربَ، هذا الجهل بحقيقة النَّفس وما ستؤول إليه، هو من الأسباب المهمَّةِ الدَّاعية لتكبّر الإنسان وتعاليه على الآخرين.

 1- التعرّض للمقت الإلهيّ: فالكِبْر يمنع الإنسان من الوصول إلى كمالاته الظاهرية والباطنية، والحظوظ الدنيوية والأخروية، لأنّ المتكبّر يمقته اللهُ ويذلّه، ففي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "يا هشام، إيّاك والكِبْر على أوليائي، والاستطالة بعلمك، فيمقتك الله، فلا تنفعك بعد مقته دنياك ولا آخرتك"¹.

 فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع، ولا تعمر في قلب المتكبّر الجبّار، لأنّ الله جعل التواضع آلة العقل، وجعل التكبّر من آلة الجهل"¹.

 علاج الكِبْر

 وهي المرحلة الأهمّ، بل هي نتيجة التّشخيص والقرار، وهناك أساليب متعدِّدة، منها:

 ما دعي إليه، وإن كان لا يجد إلّا حشف الدقل¹، لا يرفع غداء لعشاء ولا عشاء لغداء، هيّن المقولة، ليّن الخُلقة، كريم الطبيعة، جميل المعاشرة، طلق الوجه، بسّاماً من غير ضحك، محزوناً من غير عبوس، شديداً في غير عنف، متواضعاً في غير مذلَّة، جواداً من غير سرف، رحيماً لكلّ ذي قربى، قريباً من كل ذمّي ومسلم، رقيق القلب..."².

1- حشف الدقل: اليابس الفاسد البالي، والدقل: أردأ التمر.

2- العلامة المجلسي، بحار الأنوار،ج70، ص208.

164

 المفاهيم الرئيسة

 الأسئلة والتطبيقات

 ضع إشارة ü أو û في المكان المناسب:

 الدَّرس الحادي عشر

أصول الكفر (2): (الحِرص، الحسد)

 مفهوم الحِرص

 جذور الحِرص وأنواعه

 ينبغي، وبالحقّ وبغير حقّ، كسائر الصفات النَّفسانية التي هي كريمة ما لزمت حدّ الاعتدال، وإذا انحرفت إلى جانب الإفراط أو التفريط عادت رذيلةً ذميمة"¹.

 5- الوقوع في الحرام: الحِرص يؤدّي إلى الكثير من الذنوب والخطايا والقبائح، ومنها عدم مراعاة الحلال والحرام، وترك احترام الآخرين، والتلوّث بأنواع الظلم والجور والعدوان، فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السلام مالك الأشتر في عهده: "ولا تُدخلنّ في مشورتك... ولا حريصاً يزيّن لك الشره بالجور..."¹.

 والعمدة في علاج هذه الآفة أمران أساسيان¹:

 العيش"¹، وعن الإمام الصادق عليه السلام: "ضمنت لمن اقتصد ألّا يفتقر"².

 إلى الأبد، وقد أمر الله تعالى نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم بالاستعاذة من شرّه، ومن شرّ حاسد إذا حسد، بعد أن استعاذ من الشيطان والساحر وأنزله منزلتهما"¹.

 السّالفة إذ قالوا: ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا﴾¹, فهم تعجّبوا من أن يُنَوّر بشرٌ مثلهم برتبةِ الرّسالة والوحي والقُرب من الله تعالى، فحسدوهم وتمنّوا زوال النبوّة عنهم بغياً وحسداً.

 وهناك علائم كثيرة ذُكرت للحسد، منها:

 - من مفاسد هذا الخُلُق الذميم، أنّه يورث ضيق القبر وضغطته.

 في حياته العملية، وهي النصح وحبّ الخير للآخرين، وذلك بأن يتكلّف الإنسان إظهار المحبّة للمحسود وذلك بعكس ما تهواه نفسه الأمّارة وتطلبه.

 المفاهيم الرئيسة

 الأسئلة والتمارين

 ضع إشارة ü أو û في المكان المناسب:

 الدرس الثاني عشر

موجبات دخول النار

 تمهيد

 الذنوب والمخالفات الكبيرة، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ﴾¹.

 1- الخلود في جهنّم.

 - إبكاءُ الوالدين وتحزينهما بالقول أو الفعل.

 من أهلك ومالك فاخرج لهما، ولا تحزنهما"¹، وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "ملعون ملعون من ضرب والده أو والدته، ملعون ملعون من عقّ والديه"².

 هذا الفعل القبيح، وتوطين النّفس الدّائم على البرّ من خلال المجاهدة الدّائمة للنّفس على ذلك، حتَّى يصبح البرّ في النّفس ملكةً راسخةً، وسجيّةً حميدةً. ومن خلال طاعتهما، والإحسان إليهما، والتلطّف بالكلام، والحذر من نهرهما، ورفع الصوت عليهما، وتجنّب لومهما وتقريعهما، والإصغاء إليهما، والإقبال عليهما بالوجه إذا تحدّثا، وترك مقاطعتهما أو منازعتهما الحديث، ومن خلال التحبّب إليهما، ومن ذلك مبادأتهما بالسلام، وتقبيل أيديهما ورأسيهما، والتَّوسيع لهما في المجلس، فلا يمدُّ يده إلى الطَّعام قبلهما، وأن يمشي خلفهما في النهار، وأمامهما في الليل، وخصوصاً إذا كان الطريق مظلماً أو وعِراً. ومن خلال ترك المنّة عليهما عند الخدمة أو العطيّة، ومساعدتهما في الأعمال، فلا يليق بالولد أن يرى والديه يعملان وهو ينظر إليهما دون مساعدة لهما.

 الإسلاميّ "القذف"، والله تعالى في القرآن قد توعّد مرتكب هذه الكبيرة بأربع عقوبات، ثلاث في الدُّنيا وواحدة في الآخرة.

 وعدواناً، فإنّما يأكلون في بطونهم ناراً تتأجّج، سواءٌ أكانت النّار فعليةً في بطونهم، أو نار الجزاء التي سوف تظهر لهم يوم القيامة.

 فقال: إنّا ندخل على أخٍ لنا في بيت أيتام ومعهم خادم لهم، فنقعد على بساطهم، ونشرب من مائهم، ويخدمنا خادمهم، وربّما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا وفيه من طعامهم، فما ترى في ذلك؟ فقال عليه السلام: "إن كان في دخولكم عليهم منفعةٌ لهم فلا بأس، وإن كان فيه ضرر فلا"، وقال عليه السلام: ﴿بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾¹, فأنتم لا يخفى عليكم، وقد قال الله عزّ وجلّ: ﴿فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾²"³.

 على ترك ما دعوا إليه من الإقرار بالربوبية، وإظهار العدل، وترك الجور، وإماتة الفساد، لما في ذلك من جرأة العدوّ على المسلمين، وما يكون ذلك من السبي والقتل، وإبطال دين الله عزّ وجلّ، وغيره من الفساد"¹، ويستفاد من الرواية أنّ سبب تحريم الفرار من الزحف هو الأمور الآتية: