لا يخفى أنّ التبليغ الديني مَثَله كمثل سائر العلوم والفنون التي إتسعت آفاقه، وطرأ عليه تطورات كبيرة نقلته من العمل التقليدي المُعتمِدِ على الإملاءِ ونقل المضامين المرويّة إلى عمل يَعتمد على الكثير من الخُبُرات، ويحتاج للعديد من المهارات، وذلك لإتّساع ساحاته، وتنوّع شرائح المُتلقّين واختلاف ثقافتهم، بالإضافة إلى الثقافات المُضادّة الهدّامة التي تستهدف كافة الناس في قيمهم ورسالاتهم بمختلف الأساليب والوسائل. والتي تستدعي عند المبلغ مهارة عالية في تنوّع الأساليب واطّلاع واسع على مضامين ثقافة الأعداء والردود المناسبة، فضلاً عن ضرورة مراعاة ذلك كله لخصوصيات الزمان والمكان والجهة المستهدفة وسوى ذلك. بل إن حجم الهجمة الشرسة اليوم والاستهداف المباشر لقيم الإسلام تفرض على أئمة المساجد والمبلّغين وحَمَلة هذا النور الإلهي أن يقدّموا الأفضل والأحسن وفقاً لقوله تعالى: ﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ وهذا الأحسن لم يعد اليوم أمراً مستحباً أو جائزاً، بل بات أمراً ضرورياً ولازماً وأساسياً في العمل التبليغي، بل وبات التقصير في تحصيله واكتسابه مما ينعكس سلباً على عمل المبلغ والآثار المتوسمة من جهده وحركته. من خلال ذلك كله رأى المركز الإسلامي للتبليغ أن يصدر كتاباً دوريّاً يساهم في نقل عمل التبليغ إلى مصاف العلوم التخصصية وذلك بتضمينه المهارات المطلوبة والخبرة الفاعلة التي تساهم في مؤثريّة العمل التبليغي في الاستقطاب من جانب، وفي ردّ الشبهات من جانب آخر. ونحن لا ندعي أن ما قدّمناه لا شبيه له، بل إننا نعترف معتزّين أننا رأينا تجارب من سبقونا وخطوا على هذا الطريق خطوات مبدعة، فاستفدنا من آثار خطوهم وتبعناها... واستقينا من ذلك الانتاج الرائع... لا سيّما السادة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الذين كانوا في الزمن الحالي روّاداً بل فاتحين.
مؤسسة إسلامية، تعنى بالتبليغ المسجدي والعام، ورعاية شؤون أئمة المساجد والمبلغين.
صفحة الكاتب